مهمة المثقفين في المجتمع العربي - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الثّقافة والأدب > منتدى الثّقافة العامّة

منتدى الثّقافة العامّة منتدى تـثـقـيـفيٌّ عام، يتناول كُلَّ معرفةٍ وعلمٍ نافعٍ، في شتّى مجالات الحياة.

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مهمة المثقفين في المجتمع العربي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2007-12-30, 17:13   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
abla
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية abla
 

 

 
إحصائية العضو










New1 مهمة المثقفين في المجتمع العربي

مهمة المثقفين في المجتمع العربي





إن الحديث عن المثقفين يبقى من المواضيع الحية التي استمر الجدل حولها على مر العصور. فالأزمة بين السياسي والمثقف، هي أزمة تاريخية مستعصية, إن المثقف يرنو بعقله وفكره إلى المستقبل, إنه يدرس الحاضر كي يستخلص منه موقفاً ورؤيةً جديدةً يفترض فيها أن لا تكون معزولة عن الواقع تتجلى أحلى صورها باتجاه تحقيق العدل الاجتماعي, والمثقف أيضا هو الضمير الواعي المعبر عن الأمة, ومهمته بالتالي، هي تقديم إضافات جديدة كل يوم على صعيد العلم والفكر والمعرفة.



دعوني ابدأ مقالتي هذه بمقولتين مشهورتين "الأولى" لأحد المؤرخين الفلاسفة الفرنسيين حيث قال حول علاقة المثقف بالمجتمع وهي " إن المثقفين عندما يصدقون مع أنفسهم يعبرون عن ضمير الشعب". "والثانية" قالها منذ أكثر من قرن ونصف السيد/ رفاعة الطهطاوي أحد رواد النهضة: "ليكن الوطن مكان سعادتنا أجمعين، نبنيه بالحرية والفكر والمصنع". إن هذه المقولة للطهطاوي تكشف الأزمة الحالية التي تعيشها الأوساط الثقافية في العالم العربي بين الحين والآخر، فاقتصار فكرة الوطن على فصيل واحد أو رؤية واحدة وتغييب وطمس بقية الرؤى، وتحويل الخلاف والاختلاف إلى حيز الإيمان والكفر، أو إلى حيز الوطنية والعمالة للخارج، أو إلى حيز العلم والجهل والجمود والتحديث، إلى غير ذلك من المصطلحات التي تعبر عن ثنائية داخل مجتمعنا العربي، كل ذلك من الأمراض التي أصيبت بها حياتنا الثقافية العربية منذ زمن طويل.



بعد هذه المقدمة نلاحظ بالفعل هنا أن المثقفين هم الفئة الوحيدة القادرة على فهم وقول الحقيقة باعتبارهم طلائع الإنقاذ من أي أزمة أو كارثة تعصف بالأمة أو المجتمع وإنهم دائما طلائع التغيير السياسي والاجتماعي, إذا ما سحبنا هذا التعريف على واقعنا العربي المعاصر نستدل منه أن دور ومهمة المثقفين في مجتمعنا العربي تكاد تكون مستحيلة وتواجهها عاصفة وكثير من الإشكاليات والصعوبات والتحديات المعقدة فمنها السياسي والاجتماعي والثقافي والتربوي والاقتصادي المادي, لكن على الرغم منذ ذلك لا يمكننا إنكار ن هناك دورا ونشاطا يمارسه "المثقفون العرب" في محاولة منهم لتغيير هذا الواقع الاجتماعي والسياسي السيئ.



وإذا ما تتبعنا دور المثقفين في مجتمعنا العربي في الماضي والحاضر نستنبط وندرك أن هناك ما يمكن تسميته "«خيانة المثقفين» واعذروني على استخدام هذه المقولة, والتي ببساطة تعني طأطأة رؤوس بعض المثقفين العرب أمام تيار الإغراءات السياسية والمواقف الحزبية والمنافع الشخصية دون أن تستطيع الحواجز المبدئية أو الموانع الأخلاقية الصمود في وجه هذا التيار الكاسح كما تثبت الوقائع والشواهد في كل زمان ومكان في عالمنا العربي, ومن المفارقات العجيبة أيضا في هذه الظاهرة «خيانة المثقفين» إنها تنحدر أو تنتشر بين قوى وتيارات سياسية متضاربة في توجهاتها وميولها الفكرية والسياسية وبين بعضها بعضا, ولكن ما يجمعها فقط هو العداء المشترك والمتأصل- لتغيير هذا الواقع العربي الضعيف, المترهل, المليء بالمتناقضات والجهالة والجمود, هنا لا بد أن أشير إلى أن المثقف العربي قبل 11 سبتمبر/أيلول كان في حال وبعده أصبح في حال آخر، وهذه الصورة تزداد تدهوراً في ظل هذا الميل الأمريكي في تكريس عقلية الإمبراطورية وتكريس الفكر الواحد، والعودة ليس إلى التفكير المحافظ بل إلى التفكير القدري الذي يكتسب طابع النظرة الأحادية.



إن مشكلات المثقف العربي ليست كما كانت قبل عشر سنوات، بل هي أسوأ الآن، وهذا المثقف في وضع لا يحسد عليه، لأنه إما أن يكسر الحائط الفاصل ما بينه وبين المستنير في ثقافته أو أنه سيسقط في الأصولية، فأنت حين تدافع عن الإسلام كثقافة ينبغي أن تمسك بذلك الخيط الرفيع الذي لا يجعل من الناس تتهمك بأنك أصولي. أما إذا أراد أن يكون مثل بقرة سوداء في ليل اسود كما يقول المثل الفرنسي، ويعتبر أن هذا هو خطاب الغرب، وأنه ليس هناك دور له الآن، فأسكت أو أنخرط في القطيع، فتلك كارثة كبرى.



زيادة على ذلك, إن المثقف العربي لم يكرس مؤسسات ثقافية تستطيع أن تحفظ له خط الرجعة وتضمن له أن يقول رأيه بصراحة، بما يعني ذلك من وجود " دور" نشر حرة قادرة على أن تنشر الرأي والرأي الآخر ودون أن يجري تأثيمه، ثم إنه لا توجد مؤسسات ثقافية قادرة على أن يشكل من خلالها المثقف العربي خطا (مع التعدد)، متماسكا وقادر على الدفاع بالمعنى المشروع.



وإذا ما حاولنا بهذه المناسبة هنا تقسيم المثقفين في عالمنا العربي يمكننا القول انه يوجد ثلاثة أنواع من المثقفين العرب, لعب كل منهم دور في الحركة الاجتماعية والتاريخية للمجتمع, وهذه الأنواع الثلاثة هي:



1- المثقف الانتهازي



2- المثقف الغبي



3- المثقف الثوري



1- المثقف الانتهازي: إنسان ذكي يتمتع بمرونة عجيبة. غير مبدئي. لاعب ماهر يجيد كل الأدوار البهلوانية، يكرس قلمه الذي هو رمز العلم لمنافعه الشخصية هو يمسي الجماهير معتمداً على ثقافة كل المعارف الاعتيادية وبالتالي يمارس نشاطه وفق ايديولوجية اعتيادية .إنه أفضل من يقوم بتزييف الحقيقة ويقوم بدور هام وخطير في خداع وتضليل السياسي. يزيف الواقع برمته مقابل مصالح شخصية ويضحي بالمصالح الإستراتيجية للأمة والوطن .



إن المثقف الانتهازي يشبه صناع الموبيليات عندنا. إنهم يحشون بضاعتهم بالكرتون و خشب صناديق الخضرة ثم يطلونها باللون المطلوب ويخفون أعذارهم ببراعة فائقة. ولكن بعد فترة قصيرة يزول الدهان وتظهر الحقيقة.



المثقف الانتهازي يشبه حال نسائنا اليوم، فالسمراوات يصبحن شقراوات. والبيضاوات يصبحن حمراوات. وعند نزول أول قطرة مطر تظهر الحقيقة. المثقف الانتهازي يشبه رجال إعلامنا اليوم يضعون الباروكة على قرعتنا ويقدموننا كشباب وعند هبوب أي نسمة أو تعرضنا لخبطة على رؤوسنا تطير الباروكة وتظهر قرعتنا. وعندها فالانتهازي لا يهمه أي شيء لأنه أخذ الثمن وبنى قصراً وحصل على سيارة فاخرة الخ…



أما 95% من الناس الذين يعيشون تحت خط الفقر والذين ينتظرون من الحقيقة أن ترشدهم إلى الحياة الأفضل فلا يهمه أمرهم على الإطلاق.



2- المثقف الغبي: يمكننا القول بأنه إنسان طيب القلب تلقن العلم نعم ولكن ينطبق عليه المثل الشعبي الذي يقول:" ليس كل من قرا درا ". والمقصود ليس كل من تعلم يستطيع أن يبدع فلا بد من توفر عوامل بيولوجية ونفسية أخرى وهذا ما ينقص المثقف الغبي.



هذا المثقف يتحول إلى ببغاء يقول ما لا يفهم ويفعل ما لا يدركه. ويقول آمين لكل ما يقال له لا يستطيع أن يتفاعل أو يؤثر في الواقع المحيط به. إنه يقرأ ويكتب ولكنه في قراءاته و كتاباته بعيد كل البعد عن قانون المرحلة التاريخية المعاشة وتنطبق عليه الحكمة الكردية التي تقول: " إنه يدري بيدراً بدون حب "



3- المثقف الثوري: هو نقيض الانتهازي تماماً: ناقد متحرك دائماً يبحث عن الحقيقة هدفه الاستراتيجي حياة الأمة والوطن. إنه لا يمكن أن يقول آمين لكل شيء إلا للحقيقة. إنسان مبدئي يتحمل كل شيء في سيبل مبدئه. يريد أن يتوهج نور الحقيقة دائماً لينير الدرب أمام الناس والسير نحو حياة أفضل. لا يقبل الظلم والقهر. لا يبني حياته على شقاء الآخرين. إنساني بطبعه ومبادئه وأفكاره. لا يباع ولا يشتري بالمال ولا بالمناصب. متحرر من الحقيقة المطلقة. إنه إنسان ديالكتيكي يبحث عن نقيضه وهو يدرك تماماً بأنه إذا بَّطل القانون أو أوقف عن الفعل تحولت حياة الأمة إلى صحراء قاحلة لا ماء فيها ولا شجر.



إنه إنسان شجاع يقول الحقيقة كما هي دون طلاء أو فبركة. هو إنسان موضوعي لا يعيش مع الخيال والأساطير والخرافات والعاطفة. يبحث عن الحقيقة دائماً ويعتبر الآخرين جزءاً من الحقيقة. إنه ضد العنف بكافة أشكاله الرسمي أو المعارض لأنه يسبب فقدان الحقيقة.



إذا ما حاولنا تلخيص الأنواع الثلاثة من المثقفين العرب, فإنه يظهر جليا هنا دور المثقفين في الحياة الاجتماعية برمتها. فكلا المثقفين الانتهازي والثوري يلعبان دورين مختلفين في وعي الناس, فإذا برز المثقف الانتهازي وسيطر على الساحة الاجتماعية واستطاع أن يخدع السياسي بآرائه ونظرته المشوهة للواقع عندها ستقع المصيبة على المجتمع بكامله.



إن الحرية هي العامل الحاسم الذي يعيد التوازن للمجتمع. ووجود الحرية يعني وجود مثقف انتهازي ومثقف ثوري وهذا يعني أن مقابل كل إنسان جاهل إنسان واع. وأن مقابل كل إنسان غبي إنسان ذكي. وفي كل زمان ومكان هناك انتهازيون وثوريون، جهلاء وواعين، أغبياء وأذكياء. هذا أمر طبيعي ولكن الغير طبيعي هو أن تكون هناك حرية للانتهازي والجاهل والغبي ومحروم منها الثوري والواعي والذكي.



إذا كان من حق الانتهازي والجاهل والغبي أن يعيش حياته بحرية فمن حق الثوري والواعي والذكي أيضاً أن تكون له كامل الحرية ليعيش حياته الحقيقة.



إن عظمة الإنسان تكمن في حريته. وكل النشاط الإنساني سواء كان المادي أو الروحي خاضع لشرط الحرية, فحرية الانتهازي كحرية الثوري وحرية الجاهل كحرية الواعي وحرية الغبي كحرية الذكي فكل مناخ سياسي أو ثقافي لا يوفر الحرية للكل يعني التخلف.



لا يمكن أن تتطور الحياة والناس والتاريخ دون توفير عامل الحرية, لا يمكن أن يكون كل الناس انتهازيون أو ثوريون أو جهلة أو أغبياء أو أذكياء,إن مجتمعاً خيالياً طوباوياً مثل هذا غير موجود ومخالف للعلم برمته, إن الحياة التاريخية الاجتماعية صراع حاد بين الانتهازي والثوري والجاهل والواعي والذكي والغبي وإن الذي ينظم قانون الصراع هذا هو العامل السياسي.



أما إذا حاولنا تطبيق الشرح السابق على واقع مجتمعاتنا العربية يمكن القول أن المجتمع العربي اليوم يقف على عتبة انتقال جذري من حضارة القرن السادس عشر أو السابع عشر إلى حضارة القرن الحادي والعشرين, لكنه في الوقت ذاته عاجز ذاتيا عن تحقيق هذا الانتقال ,فالتغير الاجتماعي الذي أصبح في متناول يدينا بسبب الطاقات المادية الهائلة التي أصبحت في حياتنا وخاصة هذه الأيام مع ارتفاع أسعار البترول بشكل غير مسبوق,لا يشكل حتمية تاريخية وتحقيق هذا التغير يتطلب أولا وقبل كل شيء إرادة ذاتية قادرة على استيعاب اللحظة التاريخية والعمل بمقتضاها, من هنا هناك رهان حول دور شريحة مثقفي الجيل الجديد بأن يكون حاسما ,إذ أنهم يمثلون القوة الذاتية الوحيدة في المجتمع العربي المعاصر,التي تمتلك الوعي والقدرة على تحقيق هذه المهمة التاريخية الخطيرة والمهمة جدا,أنهم في قدراتهم العقلية والتقنية والعلمية يمثلون قوة المجتمع وطاقته الإنسانية وفي وعيهم يعبرون عن إرادة هذا المجتمع وأهدافه.



إن دورهم لا يقوى الخبراء أو الأخصائيون الأجانب المنتشرين على امتداد أرضنا العربية على تأديته, وإذا بقينا متمسكين بإسناد هذا الدور للأجنبي فمعنى ذلك إننا فقدنا زمام التاريخ ورضخنا لإرادة خارجة عن إرادتنا, ومن جهة أخرى يمكننا القول أن مثقفو الجيل الصاعد أمام اختبار فاصل إما "الاستسلام" كما فعلت أكثرية مثقفي الجيل السبق للقوى والمؤسسات المهيمنة "فامنوا مستقبلهم وقبلوا بدور المستخدم والمستلزم وإما لعب الدور التاريخي ورفض رشوة المستقبل المؤمن ومذلة الاستخدام والاستلام والوقوف إلى جانب جماهير الشعب التي يتوقف عليها في السياق الطويل, مصير المجتمع ومستقبله.



وأخيرا يمكننا تلخيص ما سبق بالقول إن كل الإنجازات الحضارية التي ننعم بها اليوم هي من إبداع المثقف والمثقفون على بقاع الأرض .









 


رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 08:18

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc