تفاصيل اللقاء التاريخي السري بين روزفلت وعبدالعزيز آل سعود
أكثر ما يجعلنا متخاذلين في ذلك الواقع أن نحصر الإسلام ومنهجه في بعض الفتاوى وأحكام الحدود، أو منهج إصلاحي يتصالح مع المنظومة الأمريكية، لنجد صنماً جديداً وصورة مشوهة لمنهج الإسلام، ولا شئ أقرب من السعودية على تلك الصورة المشوهة للإسلام.
السعودية ذلك البلد الذي يعتقد الكثيرون بأنها تقيم الدين والشريعة على أرضها، وتجدها في نفس الوقت على وفاق مع أمريكا التي تعادي إقامة الشريعة وتعتبر من يطالب بها إرهابياً متطرفاً.
علاقة أمريكا بالسعودية من أقوى العلاقات، فأمريكا تحتاج لمن يُسوِق لأفكارها ومنهجها المنعوت بكلمة “إسلامي” في الدول العربية والإسلامية، وما من دولة لها مكانة السعودية الدينية وثقتها في قلوب وعقول المسلمين، وأيضاً موقعها الاستراتيجي والثروات البترولية التي تسيل لعاب الغرب وخاصة السيد الأمريكي؛ لأن النفط يمثل شريان الحياة الرئيسي لأمريكا.
وهذا من ضمن صفقة أمريكا مع السعودية بأن توفر البترول بصورة مستمرة لأمريكا، وفي المقابل توفر أمريكا الدعم السياسي والأمني اللازم للنظام السعودي؛
لذلك في الواقع مكة والمدينة هم أولى المقدسات الدينية التي احتلها النظام العالمي وليس القدس. ويرجع ذلك لمحطات في تاريخ المملكة السعودية، لنمر عليها سريعاً.
الاحتلال البريطاني لبلاد الحرمين
بدأت القصة منذ مطلع القرن السادس عشر والقرون التالية له عندما احتلت بريطانيا كثيراً من أطراف العالم الإسلام، وبدأت فى الخطط الخبيثة منذ مطلع القرن التاسع عشر من أجل السيطرة علي بلاد الحجاز.
وكان الذراع المعاون لها العميل الأكبر “عبد العزيز آل سعود” مؤسس الدولة السعودية الثالثة، وقدمت له المعاونة البريطانية والدعم العسكري.
وتمكنت بريطانيا فيما بعد من إعلان عبد العزيز سلطاناً على المملكة وعقدوا معه صك ضمان تحت المسمى الجديد الذى أطلقته بريطانيا وهو (المملكة العربية السعودية)، حتى اسمها من اختيارهم ونسبة لعميلهم.
وهكذا، وضعت بريطانيا آل سعود كذراع لهم على حكم بلاد الحجاز وضمنت ولائهم، وكانت سيطرتها على بلاد الحرمين كخطوة أولي لبناء دولة يهودية في القدس والسيطرة على بيت المقدس.
وفى عام 1936م قامت الثورة الكبرى التي أشعلها “الشيخ عز الدين القسام”-رحمه الله- في فلسطين، وعجزت بريطانيا عن إخماد الثورة ولكن كيف تعجز وحاكم بلاد الحرمين ذراع لها!
فاستعانت بريطانيا بعميلها “الملك عبد العزيز” الذي أرسل وزير خارجيته “فيصل” ليستجدي عرب فلسطين وزعماء الثورة من أجل إيقافها بعد أن كفل لهم وفاء (صديقتنا بريطانيا) -على حد وصفه- فأوقفت الثورة ثم أخمدت، وكان ذلك أول خطوات ضياع القدس.
وورد في رسالة الملك إلى الرئيس روزفلت –بعد قيام اليهود بعمليات اغتيال لشخصيات بريطانية-:” قام اليهود بشتى الاعتداءات، وكان من أفظعها الاعتداء على الرجل الفذ الذي كان ممتلئاً بالحب والخير لصالح المجتمع، وكان من أشد من يعطف على اليهودية المضطهدة وهو اللورد مورين”.
ومما نُشِر من وثائق تلك المرحلة موافقة “عبد العزيز” على برامج الإنجليز في الهجرة الصهيونية إلى فلسطين وعدم الاعتراض على إعطائها لليهود وموافقته على وعد بلفور الذي كان بداية المأساة.
ومنذ ذلك الحين ومكة والمدينة تحت سيطرة الإنجليز إلى أن جاءت الحرب العالمية الثانية وبدأ تشكيل النظام العالمي الجديد، وبرزت أمريكا والاتحاد السوفييتي كأكبر قوتان في العالم في ذلك الوقت. وتم بالفعل تقسيم العالم فيما بينهما وورث الأمريكان العرش السعودي ونفط جزيرة العرب، وأصبح لهم الحق في الإشراف على مكة والمدينة ضمن ما ورثوه من ممتلكات التاج البريطاني بعد الحرب العالمية الثانية.
منقول