|
قسم الخـــواطر قسمٌ مُخصّصٌ لإبداعات الأعضاء النّثريّة. |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2018-01-12, 00:18 | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
#عَقيدَةُ_القَمع ..
#عَقيدَةُ_القَمع ..
أَصَابَ بُنيّتي ميساءُ داءٌ فَأضْعَفَها ، وَ نالَها مِنْهُ عَياءٌ فَأَوْهَنَها . ارْتَفَعَتْ غَيْرَ مُحْتَشِمَةٍ حَرارَتُها ، فَتَعَرَّقَ سَيْلًا جَبِينُها ، وَ احْمَرَّ مُعْتَصِرًا وَجْهُها ، حَدَّ السُّعالُ يَشُقُّ صَدْرَها ، حَتّى اخْتَنَقَتْ مِنْ حِدَّتِهِ أَنْفاسُها ، وَ كادَ الزُكامُ مِنْ شِدَّتِهِ يَقْتَلِعُ أَحْشاءَها . حَمَلْتُها وَ أَسْرَعْتُ بِها إلى " مستشفى الصَّراصيرِ " لأُعالِجَها . أَلْقَيْتُها بينَ يَدَي الطَّبيبِ لِيَفْحَصَها . بارَكَ اللهُ فيهِ عَنّا وَ عَنْها ، شَخِّصَ مِنَ الأَعْراضِ حالَتَها ، وَ طَبَّبَ بِوَصْفَةٍ عِلَّتَها ، وَ تَمَنَّى مُلْتَمِسًا الشِّفاءَ لَها .. لكنْ .. بينَما الطَّبيبُ يُعالِجُ مَرَضَ ميساءِ ، وَ يَفْحَصُ ما بِها مِنْ داءِ ، لَمَحَتْ في رَأْسِهِ آثارَ ضَرْبٍ و اعْتِداءِ ، فَشَظايا المَطارِقِ وَ الهَراواتِ لا زالَتْ آثارُها عَلى رأسِهِ و بَقايا دِماءِ ، وَ كَدَماتٌ ارْتَسَمَتْ على وَجههِ كالتَّضاريسِ شَقَّتْ في البَيْداءِ .. وَ كأَنَّ الْكِلابَ انْتَهَشَتْ مِنهُ الجسَدَ وَ خَمَشَتْ وَجْهَهُ بِمَخالِبَ وَ عُواءِ .. عَقِلَتْ ميساءُ أَنَّ طَبيبَنا وَقَعَ في بَلاءِ ، وَ لمْ يَنْجُ مِنهُ إِلّا بِشِقٍّ وَ عَناءِ . فَاسْتَرَقَتْ بِناظِرَيْها تَسْأَلُني في صَمْتٍ وَ ذَكاءِ .. أَدْرَكَتْ أَنَّ قَدَاسَتَهُ اسْتُبيحَتْ بِكلِّ بَسالَةٍ وَ إباءِ .. فَجنودُ فرعونَ لمْ يَقَصِّروا و انْهالوا عليهِ وَ على غَيرِهِ بِكُلِّ كَرَمٍ وَ سَخَاءِ .. عادتْ بُنَيَّتي وَ إِيَّايَ أَدْراجَها ، وَ الصَّمْتُ يَغْمُرُ دَهْشَتَها ، وَ الحيرةُ تَأْسِرُ أَفكارَها وَ تَحْبِسُ أَنفاسَها .. سأَلتُها : بُنَيَّتي ، يا عُمرَ العُمرِ وَ زَهْرَتي .. ما لكِ محزونَةٌ ، أُسِرْتِ للحزنِ و بناتَ شِفاكِ حَبَسْتِ ؟ قالتْ : هل في وَطني يُقْمَعُ وَ يُضَامُ الطّبيبُ الكادِرُ .. قلتُ : أجل ، مادامَ الآمِرُ للقَمعِ ظالِمٌ وَ جائِرُ .. وَ المَأْمورُ بالْقَمعِ مَاجِنٌ وَ فاجِرُ .. قالتْ : فَتَبًّا لِوَطنٍ فيه يُهانُ الأحرارُ وَ تُهانُ الحَرائِرُ .. قلتُ : ميساءُ فِلِذَّةَ كبِدي .. القمعُ عقيدَةٌ في بلدي .. القمعُ سلاحُ كُلِّ جَبّارٍ .. على كُلّ ثائرٍ وَ مَثارٍ .. على الطّبيبِ وَ اللَّبيبِ .. و العالِمِ وَ المُعَلِّمِ .. على المنتفضِ وَ المُعارِضِ .. للعهدةِ وَ البيعَةِ وَ الرَّافِضِ .. و الآنَ نامي يا قُرَّةَ عيني وَ إيّاكِ تَحلُمينْ .. أَنْ تَصيري مُعلّمَةً أو طَبيبَةً حينَ تَكبُرينْ .. كي لا تَقْصِفَكِ المطارِقُ وَ تُقْمَعينْ .. فالحوتُ الأزرقُ لم يذرْ لكِ ما تَأمَلينْ ..
|
||||
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc