الاستعجال في شؤون الأسرة - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الاستعجال في شؤون الأسرة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-02-12, 19:00   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










New1 الاستعجال في شؤون الأسرة

مقـــــــدمة:
أنشأ المشرع الجزائري نظام القضاء الإستعجالي إلى جانب القضاء العادي لأن الاكتفاء باللجوء إلى القضاء العادي وضرورة إتباع إجراءاته قد تكون غير مجدية في بعض الحالات الخاصة التي تستلزم فيها السرعة ويخشى عليها من فوات الوقت، فأنشأ القضاء المستعجل لاتخاذ إجراءات وقتية سريعة لصيانة مصالح الخصوم دون أن يتعرض هذا القضاء لأصل الحقوق المتنازع عليها .
وقد أورد المشرع القضاء الإستعجالي في قانون الإجراءات المدنية في المواد 183 إلى 190 منه وأوكل الاختصاص فيه لرئيس الجهة القضائية استنادا إلى ولايتة العامة، وقد يؤول الاختصاص إليه بناءا على نص صريح في القوانين الأخرى مثل القانون المدني أو التجاري أو قانون الأسرة أو القوانين الخاصة، كما جعل له اختصاصا متميزا عن اختصاص قاضي الموضوع يتسم ببساطة الإجراءات وسرعتها بقصد حماية عاجلة إلى أن يفصل في أصل النزاع من طرف محكمة الموضوع، ومن أهم فوائد القضاء الإستعجالي هو تمكين الخصوم من إصدار قرارات قضائية مؤقتة وسريعة لا تمس بأصل الحق لكنها ذات أهمية وفائدة كبيرة لهم.
إن فكرة القضاء الإستعجالي وما يتضمنه من اختصار للإجراءات وتقصير للمواعيد وسرعة تنفيذ الأحكام، وغيرها من العناصر المنظمة لهذا القضاء تتناسب وبعض القضايا والمسائل الخاصة بالأسرة، فهو الطريق المناسب الذي يضمن استقرار هذه المسائل ويمنع المساس بتلك الحقوق، ولتحقيق هذه الغاية وجب علينا إعمال مبادئ القضاء الإستعجالي على المسائل متعلقة بالأسرة والتي تتوفر على عنصر الاستعجال،لكن الإشكالات المطروحة هي :
ما هو مفهوم القضاء الاستعجالي ؟
وما هي حالات الاستعجال المتعلقة بشؤون الأسرة والتي تتطلب إعمال قواعد الاستعجال بشأنها؟
ماهي حالات الاستعجال المتعلقة بشؤون الاسرة و التي نص عليها المشرع الجزائري صراحتا بقانون الاسرة؟
لقد أجبنا على كل هذه التساؤلات في بحثنا هذا الذي تضمن دراسة تأصيلية لموضوع "الاستعجال في شؤون الأسرة".
ويرجع اهتمامنا بدراسة هذا الموضوع إلى بروز مشاكل عملية عديدة تثار بمحاكمنا حول هذا الموضوع بسبب عدم وجود قوانين إجرائية تحكم شؤون الأسرة وتنظمها بالإضافة إلى قلة الاجتهاد القضائي في هذا الموضوع.
كذلك لاحظنا أثناء تربصنا الميداني بمحاكمنا وجود اختلاف في الرأي بين القضاة حول مدى تطبيق قواعد الاستعجال في الأمور المتعلقة بالأسرة.
وللإحاطة بهذا الموضوع، قسمنا بحثنا هذا إلى فصلين:
ففي الفصل الأول المعنون بـ" القضاء الإستعجالي وحالات الاستعجال المتعلقة بشؤون الأسرة و التي تدخل بالولاية العامة للقضاء الاستعجالي" تطرقنا إلى عموميات عن القضاء الإستعجالي والمبادئ التي تحكمه (المبحث الأول) ثم تحدثنا عن حالات الاستعجال التي تدخل في الولاية العامة للقضاء الإستعجالي (المبحث الثاني).
أما الفصل الثاني المعنون بـ" حالات الاستعجال المتعلقة بشؤون الأسرة والمنصوص عليها صراحة بقانون الأسرة " فقد تطرقنا إلى دراسة حالات الاستعجال المنصوص عليها صراحة بالمادة 57 مكرر من قانون الأسرة (المبحث الأول) ثم تناولنا حالات الاستعجال المنصوص عليها بالمادتين 182 و88 من قانون الأسرة (المبحث الثاني).
وختمنا بحثنا هذا ببعض الاستنتاجات والاقتراحات التي خرجنا بها من خلال هذه الدراسة.
وبالرغم من أهمية موضوع الاستعجال في الأسرة إلا أن المشرع الجزائري لم يهتم به كثيرا ونص عليها في بعض النصوص فقط، كما أن الاجتهاد القضائي والدراسات الفقهية في هذا المجال جد قليلة فمكتباتنا تفتقر لكتب مرجعية وطنية تعالج هذا الموضوع بصورة دقيقة ووافية،وهو ما جعلنا نواجه صعوبات في انجاز هذا العمل.
لقد اعتمدنا في دراستنا هذه الخطة التالية:
الخطة:
الفصل الأول: القضاء الإستعجالي وحالات الاستعجال المتعلقة بشؤون الأسرة والتي تدخل في الولاية العامة للقضاء الإستعجالي.
المبحث الأول: مفهوم القضاء الإستعجالي
المطلب الأول: تعريف القضاء الإستعجالي.
المطلب الثاني: مميزات وخصائص القضاء الإستعجالي.
المطلب الثالث: شروط اختصاص القضاء الإستعجالي.
المطلب الرابع: الجهة المؤهلة بالفصل في القضايا المستعجلة.
المبحث الثاني: حالات الاستعجال المتعلقة بشؤون الأسرة والتي تدخل في الولاية العامة للقضاء الإستعجالي.
المطلب الأول: الحراسة القضائية.
المطلب الثاني: تسليم الأبناء القصر وكذا تسليم اللباس والأغراض الضرورية.
المطلب الثالث: الإذن بتوقيع الشهادات الإدارية الخاصة بالأبناء القصر وتسلمها وكذا الأمر بإكساء الأحكام الأجنبية بالصيغة التنفيذية.
المطلب الرابع: إلزام الزوجة بالرجوع إلى بيت الزوجية وإشكالات التنفيذ المتعلقة بشؤون الأسرة.
الفصل الثاني: حالات الاستعجال المتعلقة بشؤون الأسرة والمنصوص عليها بقانون الأسرة.
المبحث الأول: حالات الاستعجال المنصوص عليها بالمادة 57 مكرر من قانون الأسرة.
المطلب الأول: النفقة المؤقتة.
المطلب الثاني: الحضانة المؤقتة.
المطلب الثالث: الزيارة المؤقتة.
المطلب الرابع: حق البقاء بمسكن الزوجية.
المبحث الثاني:حالات الاستعجال المنصوص عليها بالمادتين 182 و 88 من قانون الأسرة.
المطلب الأول وضع الأختام ورفعها.
المطلب الثاني: إيداع النقود والأشياء ذات القيمة
المطلب الثالث: منازعات الميراث (تصفية التركة وتوزيعها)
المطلب الرابع: الولاية على أموال القاصر.

الفصل الأول: القضاء الإستعجالي وحالات الاستعجال
المتعلقة بشؤون الأسرة والتي تدخل في الولاية العامة للقضاء الإستعجالي

يختص القاضي الإستعجالي نوعيا بالفصل في الدعوى استنادا إلى ولايته العامة المقررة في المواد 183 و 190 من قانون الإجراءات المدنية في كافة المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت ,فالقضاء الإستعجالي طريق يلجأ إليه المتقاضي لبساطته و لاقتصاد في أتعاب و بالخصوص السرعة التي يتسم بها مما جعله وسيلة مثلى لحل المنازعات بشتى أنواعها.
إن حالات الاستعجال التي تدخل في الولاية العامة للقضاء الإستعجالي متعددة و لا يمكن حصرها لان المشرع الجزائري ترك آمر تقديرها للقاضي الذي يستنبط وصف الاستعجال للحالة المعروضة عليه بعد فحصه لظاهر النزاع دون التطرق لموضوع الحق المتنازع عليه و هو ما سنعرضه في هدا الفصل ,غير انه لابد قبل شرح حالات الاستعجال التي تدخل في الولاية العامة للقضاء الإستعجالي كان لزاما علينا الحديث أولا عن عموميات القضاء الإستعجالي و المبادئ التي تحكمه للوصول إلى فهم موجز و بسيط لهدا القضاء.
لدا قمنا بدراسة القضاء الإستعجالي في المبحث الأول ثم عرضنا حالات الاستعجال التي تدخل بالولاية العامة للقضاء الإستعجالي بشيء من التفصيل في المبحث الثاني.













المبحث الأول:مفهوم القضـــــاء الإســــتعجالي

إن حسن سير جهاز القضاء يستوجب منح الخصوم ضمانات ومواعيد مناسبة لإثبات ما يدعونه، فقد يطول أمد التقاضي ويتأخر الفصل في الدعوى لمماطلة الخصم السيئ النية، بحيث يكون التأخير سببا في الأضرار بمصالح الخصوم، وحتى يتسنى ذلك أنشأ المشرع الجزائري كغيره نظام القضاء المستعجل وأورده في الباب الثالث من الكتاب الرابع لقانون الإجراءات المدنية وبالضبط في المواد 183 إلى 190 منه.
المطلب الأول: تعريف القضاء الإستعجالي:
يعرف الاستعجال لغة بكل ما لا يقبل تأجيله(1) وأما قانونا فإنه لا يوجد تعاريف موحدة وشاملة له,و قد أورده المشرع الجزائري في المواد 183 إلى 190 من قانون الإجراءات المدنية ولم يعرفه كونه يتغير حسب الظروف والأزمنة واكتفى بالقول في نص المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية "في جميع أحوال الاستعجال ...إلخ" دون أن يوضح الحالات التي يتوفر فيها الاستعجال وترك أمر تقديرها لرئيس الجهة القضائية الذي يستنبطها من ظروف المنازعة المطروحة أمامه.
وبالرجوع إلى كتب الفقه نجد أن رجال الفقه والقضاء قد أعطوا مفاهيم مختلفة للقضاء الإستعجالي، حيث يرى جانب من الفقه أن الاستعجال يكون متى كانت المصالح الشخصية المادية منها أو المعنوية مهددة في حالة اللجوء إلى القضاء العادي.
ويرى البعض الآخر أنه الضرورة التي لا تحتمل التأخير والخطر الحقيقي المحدق بالحق المراد المحافظة عليه والذي يلزم درؤه عنه بسرعة لا تكون عادة في التقاضي العادي حتى لو قصرت مواعيده وإجراءاته، ويتوفر في كل حالة متى قصر عن الإجراء المستعجل فيها منع ضرر مؤكد قد يتعذر تعويضه أو إصلاحه إذا حدث كإثبات حالة مادية قد تتغير أو تزول مع الزمن أو المحافظة على أموال متنازع عليها تتأثر حقوق أصحابها أو كل من له مصلحة فيها من استمرار تركها في يد الحائز الفعلي لها.
أما الفقيه جلاسون فإنه يعرف القضاء الإستعجالي على أنه القضاء الذي يحقق ضمانات أساسية إذ يمكن لمن يهدد مصالحه وحقوقه من الحصول على حماية سريعة ضد خطر داهم.(2)
ورغم الممارسات اليومية للقضاء الإستعجالي على مستوى المحاكم والمجالس القضائية فإنه لا يوجود تعريف موحد شامل للاستعجال، إذ كثيرا ما تتجسد المفاهيم على أرض الواقع ويتجلى ذلك من خلال قرار





(1) محمد إبراهيمي- الوجيز في الإجراءات المدنية "الدعوى القضائية- نشاط القاضي- الاختصاص- القضاء الوقتي- الأحكام "الجزء الأول- ديوان المطبوعات الجامعية- الجزائر طبعة 2002 - ص 135.
(2) الفقيه جلاسون- شرح قانون المرافعات المدنية- الجزء الثاني الطبعة الثالثة 1966- ص 13.
المحكمة العليا الصادر في 24/11/1992 والذي جاء في أحد حيثياته " حيث أن وجود دعوى أمام محكمة الموضوع لا يمنع قاضي الاستعجال من اتخاذ إجراءات خاصة أو تدابير تحفظية إذا كان يخشى ضياع حقوق أطراف النزاع عملا بنص المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية ويجب أن تكون إجراءاته هذه مبررة بوجود حالة استعجال أو خطر"(1)
وبرأينا فإن القضاء الإستعجالي هو مجموعة الإجراءات التي ترمي إلى الفصل بصفة مستعجلة وسريعة في حالات الاستعجال أو في الحالات التي تثار بشأنها إشكالات التنفيذ.
والقاعدة الأصلية أن القضاء المستعجل فرع من القضاء المدني ويترتب على ذلك أنه إذا أخرجت المنازعة الموضوعية عن ولاية القضاء العادي فإن شقها المستعجل يخرج أيضا عن اختصاص القضاء المستعجل الذي نحن بصدده، لذلك يمكننا القول بأن القضاء الإستعجالي يستمد ولايته من الجهة التي هو تابع لها، وأن طبيعة الاستعجال تختلف باختلاف الحالة المنظورة أمام المحكمة والحق المطالب به، ومتواجدة في جميع فروع القضاء العادي وأن كيفية استنباطها أمر تقديري منوط بقاضي الاستعجاال خاصة أن الاستعجال حالة مرنة غير محددة وليس لها معيار واحد يمكن تطبيقه في كل الأحوال، بل ظواهر متعددة، قد تبرر في حالة وتختلف في حال أخرى.
ويتصل القضاء الإستعجالي بموضوع الاختصاص النوعي من ناحية أن
إن المنازعات التي يعرض أمرها على القضاء يمكن تقسيمها إلى نوعين كبيرين أولهما يتعلق بالقضايا العادية التي تحتمل السير الطبيعي لإجراءات التقاضي بما يقتضيه هذا السير من بطء عادي بسبب المواعيد المقترنة بتلك الإجراءات، وثانيها متعلق بالقضايا المستعجلة التي لا تحتمل ذلك البطء خشية تلفها وضياع معالم وقائعها وفوات الفرصة المبنية عليها وتشتمل التنظيمات القضائية في كل الدول على علاج لهذه الأحوال العاجلة فمنها ما يجعل هناك قضاءا نوعيا مشتقا للأمور المستعجلة ومنها ما يعطي الاختصاص بهذا القضاء للمحاكم العادية على أن يكون لحالة الاستعجال أثرها في اختصار المواعيد والإجراءات ومنها ما يعطي هذا النوع من القضاء لرئيس كل محكمة يصدر فيه أمرا وقتيا إلى أن يعرض الأمر فيما بعد على المحكمة بتشكيلتها القانونية.
ومهما يكن من أمر تنظيم القضايا المستعجلة بواسطة محكمة خاصة أو الاكتفاء بالإجراءات خاصة لدى المحكمة العادية فإن سلطة المحكمة أو القاضي الذي ينظر الدعوى المستعجلة أقل سعة من سلطتها في القضايا العادية إذ يعتبر الأمر الصادر في قضية مستعجلة أمرا وقتيا وليس أمرا حاسما.
فالقضاء المستعجل يؤدي بصفة عامة إلى تمكين الخصوم من إصدار قرارات مؤقتة وسريعة دون المساس بأصل الحق أي مع بقاء أصل الحق سليما يتأصل فيه ذوره لدى محكمة الموضوع مع الاقتصاد في الوقت والإجراءات.


(1) أخذ عن مجلة الندوة الوطنية للقضاء الإستعجالي- وزارة العدل- مديرية الشؤون المدنية- الجزائر سنة 1995- ص 64.
المطلب الثاني: مميزات وخصائص القضاء الإستعجالي
يتميز القضاء الإستعجالي عن القضاء العادي بعدة خصائص منها ما يتعلق بالنزاع ومنها ما يتعلق بالإجراءات:
1- فيما يتعلق بالنزاع: يجب توافر ركن الاستعجال بمعنى أن تكون المنازعات مما يخشى عليها من فوات الوقت بألا يتعلق الأمر بخطر محدق يهدد المدعي أو بمصالح يراد المحافظة عليها أو تتضمن ضررا قد يتعذر تداركه أو إصلاحه، فإلى جانب عنصر الاستعجال يجب عدم المساس بأصل الحق، فالقاضي الإستعجالي يحكم في النزاع بصفة مؤقتة، فيقضي بتدبير وقتي أو إجراء وقتي لا يعتبر حسما للحق المتنازع عليه، كما ليس له أن يتعمق في فحص ملف الخصوم، وإنما يكتفي بتصفحها ليضمن من يبدو لأول وهلة أنه أجدر بالحماية من الخصوم وليس له أن يجري تحقيقات واسعة عن حقوق الخصوم بما يتنافى مع الاستعجال ويخرجه من نطاق صلاحياته
2- أما فيما يتعلق بالإجراءات: فإن دعوى القضاء المستعجل وعلى الرغم من أنها تتميز عن دعوى القضاء العادي ببعض الخصائص، إلا أن ذلك لا يتعدى أن يكون مسألة وقت وسرعة إذ أن الدعوى المستعجلة تتسم بالسرعة في الإجراءات بحيث يجوز تقديمها في غير الأيام والساعات المحددة لنظر القضايا المستعجلة إذا اقتضت أحوال الاستعجال القصوى إلى قاضي المكلف بنظر القضايا بمقر الجهة القضائية وقبل قيد الدعوى بسجل كتابة الضبط، ويحدد القاضي فورا تاريخ الجلسة، ويمكنه في حال الاستعجال أن يأمر بدعوة الأطراف في الحال والساعة ويجوز له الحكم في الدعوى حتى في أيام العطل، كما يمكن تقصير المهل وفقا لظروف بخصوص التكليف بالحضور كما أنه في ميدان الخبرة إذا تبين للخبير أن الخبرة تجري على وجه السرعة فبإمكانه الاستغناء عن إجراء إخطار الخصوم المنصوص عليه في المادة 53 من قانون الإجراءات المدنية، وكذا المهلة المحددة لحضور الشاهد يجوز الاستغناء عنها إذا وجدت دعوى استعجال حسب مفهوم المادة 67 فقرة الأولى من قانون الإجراءات المدنية.
كما أن المشرع قصر من ميعاد الطعن بالاستئناف في الأمر الصادر في المواد المستعجلة فجعله 15 يوما ( المادة 190 من قانون الإجراءات المدنية) كما أن المادة 188 من قانون الإجراءات المدنية تنص على أن تكون الأوامر الصادرة في المواد المستعجلة معجلة النفاذ بكفالة أو بدونها وهي غير قابلة للمعارضة ولا للاعتراض عن النفاذ المعجل.
يضاف إلى أن أوامر قاضي الأمور المستعجلة تصدر بصفة مؤقتة في طلبات قائمة بطبيعتها على ظروف متغيرة دون أن يستند في حكمه على أسباب تتعلق بأصل الحق فمن الطبيعي أن لا تكون لأحكامه حجية الشيء المقضي فيه عند نظر الدعوى الموضوعية، وإن كانت تحوز الحجية عند رفع الدعوى المستعجلة بطلب تعديله أو إلغائه فلا يجوز ذلك إلا إذا تغيرت الظروف التي يقوم عليها الحكم.


المطلب الثالث: شروط اختصاص القضاء الإستعجالي
إن القضاء الإستعجالي قضاء استثنائي وطارئ تفرضه حالات استعجالية ملحة لا تقبل الانتظار والإرجاء، غاية القضاء الإستعجالي من اتخاذ التدابير الاستعجالية والتحفظية التي من شأنها المحافظة على الحقوق وصيانتها حال التنازع عليها وإلى غاية إصدار الحكم القطعي بشأنها.
وللقضاء الإستعجالي شروط يستمد منها اختصاصه وهذه الشروط تتمثل في حالة الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق. بالإضافة إلى بعض الشروط القانونية التي تتطلبها بعض الحالات مثل الحراسة القضائية وسوف نشرح كل شرط على حدا فيما يلي:
أولا: شرط الاستعجال
يعد هذا الشرط عنصرا جوهريا لإصدار الأوامر الاستعجالية وقد حضي بتعريفات عدة فمنهم من يرى بأنه الضرورة التي لا تحتمل التأخير أو أنه الخطر المباشر الذي لا يكفي في اتقائه رفع الدعوى بالطريق المعتاد حتى مع تقصير المواعيد.
ومنهم من عرفه بأنه الخطر المحدق بالحق والمطلوب رفعه بإجراء وقتي وبسرعة لا تكون عادة في القضاء العادي، وأن حالة الاستعجال تنشأ من طبيعة الحق المطلوب حمايته ومن الظروف المحيطة به، وأن القاضي يستلهمها وينتزع هذا الوصف من تكييف مدعيه وتبيان هذه في عريضة الدعوى أو من بيان الوقائع التي تتكشف بمناقشة طرفي الخصومة وفي عملية إنزال الوصف نكون بصدد مسألة قانونية تخضع لرقابة المحكمة العليا ,أما من حيث ثبوت هده الوقائع فإنها مسألة موضوعية لا تخضع لرقابتها و قد أصدرت المحكمة العليا قرار في 15/12/1977 حاء فيه أن، مجلس قضاء الجزائر قد أحال الأطراف على تنفيذ شرط التحكيم دون أن يبحث عن وجود عنصر الاستعجال فإن حكمه بدون أساس قانوني ويتعين نقضه .
من هذا القرار نستخلص أن المحكمة العليا تعتبر الاستعجال فكرة متصلة بالواقع وهي تترك لقضاة الموضوع السلطة التقديرية للتعامل مع هذه الفكرة رغم أنه من الناحية النظرية ففكرة الاستعجال وردت بنص المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية.(1)
ويعتبر عنصر الاستعجال من النظام العام، فلا يجوز للأطراف الاتفاق على وجوده من عدمه ولا يجوز لقاضي الاستعجال أن يأمر بأي إجراء ما لم يكن هذا الأمر مسببا على أساس توافر عنصر الاستعجال. (2)
وبالتالي إذا توفرت في الدعوى حالة الاستعجال فإن الطلب فيها يكون مستعجلا، وهو اتخاذ إجراء وقتي يبرر خطر داهم أو أمر يتضمن ضررا يتعذر أو يصعب إزالته إذ لجأ إلى المحاكم



(1) قرار رقم 385- 35 مؤرخ في 01/06/1985 المجلة القضائية سنة 1989 عدد 2 ص122.
(2) الأستاذ طاهر حسين- قضاء الاستعجال فقها وقضاءا- دار الخلدونية طبعة 2005- ص11.
بإجراءات الدعوى العادية والاستعجال كشرط الاختصاص بالدعوى فإنه يعد شرطا مستمرا لا يلزم توافره عند رفع الدعوى فحسب، وإنما يلزم وجوده كذلك وقت صدور الحكم ويجوز إثارة عنصر الاستعجال في أي مرحلة تكون عليها الدعوى حتى أمام المجالس القضائية ، ولا يجوز إثارته لأول مرة أمام المحكمة العليا، إذا لم يدفع به الخصم أمام محكمة الموضوع باعتبار أن وجود الاستعجال من عدمه من المسائل الموضوعية.(1)
وبحال انعدام عنصر الاستعجال في قضية ما وعرضت على قاضي الأمور المستعجلة فإن ذلك يجعله غير نختص نوعيا بنظرها وعليه أن يأمر بعدم اختصاصه النوعي وعليه فإن اختصاصه يكون مرهونا بتوفر حالة الاستعجال التي يستخلصها من ملابسات وظروف القضية، فإذا ما عينها فإن عليه أن يأمر باتخاذ تدبير يهدف إلى محافظة على حقوق الأطراف دون المساس بموضوع الحق الذي يخرج عن اختصاصه.
إن حالة الاستعجال قد لا تكتسب خطورة كبيرة وإنما يلجأ إليها من أجل وقف ضرر مؤكد يتعذر تعويضه أو إصلاحه إذا حدث بالنسبة لهذه الحالة فإن الدعوى الاستعجالية ترفع بالطرق العادية لرفع الدعوى استنادا إلى المواد12،23،24 ....إلخ من قانون الإجراءات المدنية غير أنه يفصل في الدعوى على وجه الاستعجال.
وبالرجوع إلى نص المادة 26 من قانون الإجراءات المدني فإن الدعوى ترفع أمام المحكمة بتكليف بالحضور الذي يتضمن العريضة الافتتاحية ومحضر تبليغ الذي يقوم به أحد المحضرين، وأن المدة المحددة للاستدعاء في 10 أيام، ولو تعين الجلسة قبل هذه المدة نكون قد انتهكنا حق من حقوق الدفاع.
وقد تكتسي حالة الاستعجال ضرورة قصوى تستدعي إلى تقديم الدعوى المستعجلة في غير الأيام والساعات المحددة لنظر القضايا المستعجلة المادة 184 من قانون الإجراءات المدنية، فإنه في مثل هذه الحالات تخضع الدعوى لسلسلة من القواعد التي تساعد على تعجيل البث فيها، ومن أجل إزالة هذة العقبة القانونية التي حددتها المادة 26 من قانون الإجراءات المدنية فإنه يستلزم أن يستصدر أمر ولائي ( أمر على ذيل عريضة) طبقا لنص المادة 172 من قانون الإجراءات المدنية من أجل الموافقة على تقصير المواعيد المنصوص عليها في المادة 26 من قانون الإجراءات المدنية السالفة الذكر.
ووجه الاختلاف بين الحالة الأول والثانية هو كون الحالة الثانية يحدد تاريخ جلستها فورا ودعوة الأطراف في الحال والساعة، وأن يحكم في الدعوى حتى في أيام العطل أن اقتضت الضرورة.






(1) الغوثي بن ملحة- قانون القضائي الجزائري- ديوان الوطني للأشغال التربوية- الطبعة الثانية لسنة 2000- ص314.
ثانيا: شرط عدم المساس بأصل الحق
يشترط في اختصاص القضاء الإستعجالي من جهة أخرى أن لا يمس الأمر الصادر موضوع النزاع فالقضاء المستعجل لا يفصل في صميم النزاع وإنما يحكم بصفة مؤقتة فيقضي بتدبير وقائي أو إجراء وقتي لا يعتبر حسما للحق المتنازع عليه في صميمه طبقا لما نصت عليه المادة 186 من قانون الإجراءات المدنية والتي جاء فيها أن "الأوامر التي تصدر في المواد المستعجلة لا تمس بأصل الحق".
والمقصود بأصل الحق الذي يمنع على قاضي الأمور المستعجلة المساس به هو السبب القانوني الذي يحدد الحقوق و الالتزامات كل من الطرفين قبل الآخر، فلا يجوز أن يتناول هذه الحقوق والالتزامات بالتفسير أو التأويل الذي من شأنه المساس بموضوع النزاع القانوني بينهما.(1)
كما ليس له أن يغير أو يعدل من مركز أحد الطرفين القانوني أو أن يعرض في أسباب حكمه إلى الفصل في موضوع النزاع أو يؤسس قضائه في الطلب الوقتي على أسباب تمس بأصل الحق أو أن يتعرض إلى قيمة السندات المقدمة من أحد الطرفين أو يقضي فيها بالصحة أو البطلان أو يأمر باتخاذ إجراء تمهيدي كالإحالة على التحقيق أو ندب خبير أو استجواب الخصوم أو توجيه اليمين لإثبات أصل الحق بل يتعين عليه أن يترك جوهر النزاع سليما ليفصل فيه قاضي الموضوع، وفي هذا الصدد تقول الدكتورة أمينة النمر " ومن مقتضيات إسعاف الخصوم بأحكام سريعة قابلة لتنفيذ الجبري هذه الأحكام تضع الخصوم في مركز مؤقت ريثما يفصل في أصل الحق"(2)
ويعد عدم المساس بأصل الحق أهم شرط لانعقاد اختصاص قاضي الاستعجال ومرد ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى الاختصاص النوعي المقرر له والمتعلق بالنظام العام والذي يمكن للأطراف كما يمكن للقاضي نفسه إثارته في أي مرحلة تكون عليها الدعوى ولا يمكن السكوت عنه ما دام يتمتع بهذه الصفة غير أن الدفع بعدم الاختصاص النوعي لا يعني أنه بمجرد إثارته يحكم القاضي به بل يجب عليه أن يتفحص ظاهر المستندات ويبحث في منازعات الطرفين حتى يتوصل إلى تحديد اختصاصه، ذلك أنه في كثير من الأمور لا يستطيع القاضي الإستعجالي أداء مهمته إلا إذا تناول موضوع الحق نفسه لتقديره، وعندئذ فلا مانع من أن يكون بحثه في الموضوع غير حاسم في موضوع النزاع بين الطرفين، بل مجرد بحث عرضي، فإذا فحص ظاهر المستندات وتبين له أن الحكم في الدعوى يمس بأصل الحق فإنه يقضي بعدم اختصاصه في نظر الدعوى.
وعدم المساس بأصل الحق كشرط من شروط الاختصاص النوعي للقضاء الإستعجالي أورده المشرع الجزائري في المادة 186 من قانون الإجراءات المدنية التي تنص على عدم المساس أصل الحق في الأوامر الاستعجالية


(1) الأستاذ طاهر حسين- قضاء الاستعجال فقها وقضاءا- مرجع سابق- ص12.
(2) الغوثي بن ملحة- مرجع سابق- ص 315.
أي أن قاضي الاستعجال لا يمكن له أن يتطرق إلى موضوع الدعوى، وأثناء نظره بالنزاع يفصل فيه حسب ظاهر المستندات، فلا يجوز له أن يتعمق في بحثها أو أن يقطع بشأنها برأي حاسم، أو أن يقوم بتفسيرها، هذا بالإضافة إلى تسبيب الأمر الإستعجالي فيجب ألا يستند إلى ثبوت الحق أو نفيه بل يجب أن يقتصر على ترجيح الاحتمالات دون أن يقضي برأي في أصل الحق وعلى سبيل المثال وحسب ما هو جاري به العمل فيما يخص الحيثيات فإنها عادة ما تبتدئ بما يلي:
- حيث أنه يبدو... حيث يبدو من ظاهر الأوراق...إلخ فلا يجوز للقاضي الإستعجالي أن يقول مثلا حيث ثبت... لأن ذلك يؤدي إلى المساس بأصل الحق، وذلك الشأن بالنسبة لمنطوق الأمر الإستعجالي فلابد أن يتضمن كلمة مؤقتا لأن وصف النهائية يتعلق بالأحكام الموضوعية الحائزة لقوة الشيء المقضي به.
أما القضاء الإستعجالي ما هو حماية مؤقتة يلجأ إليها لوقف الضرر إلى حين الفصل أصل النزاع وإذا تبين لقاضي الاستعجال أن الدعوى المطروحة أمامه تفتقر إلى عنصر الاستعجال أو تمس بأصل الحق يتعين عليه أن يصرح بعدم اختصاصه للفصل فيها، ومن ثمة لا يختص القضاء الإستعجالي بنظر المنازعة التي تفتقر على ركن الاستعجال حتى ولو كان الإجراء المطلوب فيها وقتيا لا يمس بأصل الحق. كما أنه لا يختص بالفصل بالمنازعة التي تمس الحقوق أو تؤثر في موضوعها مهما أحاط بها من استعجال.
ويجب عدم الخلط بين عدم المساس بأصل الحق والضرر فيسوغ لقاضي الاستعجال اتخاذ كل تدبير يراه صالحا حتى لو كان من المحتمل أن ينتج عنه ضرر لأحد الأطراف، وكل ما عليه إلا أن يترك للجهة القضائية المعتادة حق الفصل في النزاع، وقد يترتب ضرر عن التدابير المتخذة في الاستعجال قد لا يعوض لأحد الخصوم والذي يصعب على المحكمة إزالته بحكم لاحق، وفي هذا الشأن تظهر السلطات الواسعة والخطيرة التي أسندها المشرع لقاضي الأمور المستعجلة الشيء الذي يتطلب منه كل التحفظ في استعمالها، فقد يلجأ إلى تغيير أو تعديل التدبير الذي سبق أن اتخذه إذا طرأت وقائع جديدة(1).
لقد جاء عن المحكمة العليا في قرارها المؤرخ في 23/07/1999 الحامل لرقم 196681 أنه:" ولما ثبت في قضية الحال أن قضاة المجلس لما قضوا بإلزام المؤجر بتسليم مفاتح المحل للمستأجر بتمكينه من مزاولة نشاطه التجاري فإنهم لم يخرقوا المادة 186 من قانون الإجراءات المدنية ولم يمسوا بأصل الحق ما دام أن عقد الإيجار لا زال ساريا وبإمكان المؤجر استعمال الإجراءات المنصوص عليها في المادة 177 من قانون التجاري لاسترجاع محله.
وفي قضية عرضت على مجلس القضاء الجزائر عرض فيها المستأنف أن الزوجين انفصلا بموجب حكم بالطلاق وأن ازدياد الولد الثاني كان بعد صدور الحكم بالطلاق.



(1) محمد الإبراهمي – الوجيز في الإجراءات المدنية- مرجع سابق- ص 140.
وأن الزوجة أقامت دعوى استعجالية تطلب فيها إلزام الزوج بأداء لها مبلغ عشرون ألف دج مقابل نفقة الولدين وقد أصدر القاضي الإستعجالي أمر يقضي على الزوج بدفعه نفقة شهرين للولدين وإثر الطعن بالاستئناف في الأمر المذكور من طرف الزوج قضى المجلس بإلغاء الأمر المستأنف وقضى من جديد بعدم الاختصاص وقد علل المجلس قراره أن تحديد مبلغ النفقة يمس بأصل الموضوع(1)
المطلب الرابع: الجهة المؤهلة بالفصل في القضايا المستعجلة:
رفع الدعوى المستعجلة يمكن أن يتم بطريقتين:
الطريق الأصلي: حيث يتم رفع الدعوى المستعجلة أمام السيد رئيس المحكمة بمقتضى المادتين 172 فقرة الأولى و 183 فقرة الأولى من قانون الإجراءات المدنية الذي يتولى الفصل فيها شخصيا، أو يقوم بتفويض هذه الصلاحية لقاضي ينتدبه لهذا الغرض.
وقد يتم بطريق تبعي، تكون إزاء هذه الحالة عندما تكون الدعوى معروضة أمام محكمة الموضوع الفاصلة في موضوع النزاع الأصلي فهنا يحق لأي من الطرفين في الدعوى أن يطلب من المحكمة الأمر لفائدته
بإجراء مؤقت عملا بالقاعدة الإجرائية التي تنص أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع وكذا تطبيقا لنص للمادة 57 مكرر من قانون الأسرة كأن تكون هناك دعوى طلاق معروضة أمام قسم شؤون الأسرة لدى المحكمة، فإن هذه المحكمة المعروض أمامها دعوى الطلاق يبقى من صلاحياتها أن تأمر بنفقة وقتية للزوجة والأولاد، أو يمنح أحد الأبوين حق الزيارة إذا كان الطفل موجودا عند الطرف الأخر أو بتسليم أحد الزوجين الملابس الضرورية أو الفراش الضروري.
وهذا الطريق هو المطبق في الغالب وحاليا على أكثر دعاوي شؤون الأسرة.
أما عن الاختصاص وبالرجوع إلى المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية التي أنشأت القضاء المستعجل فإن المحاكم الابتدائية كلها مختصة نوعيا بالفصل في المسائل الاستعجالية و لا يخرج عن اختصاصها إلا المسائل المتعلقة بالقضاء المستعجل الإداري المنصوص عليه في المادة 171 من قانون الإجراءات المدنية.
أما محليا فإن الفقرة ما قبل الأخيرة من المادة 08 من قانون الإجراءات المدنية وفي القضايا المستعجلة أمام المحكمة الواقع في دائرة اختصاصها مكان المشكل التنفيذي أو التدبير المطلوب وهو نفس الشيء الذي نصت عليه المادة 40 فقرة 09 من قانون الإجراءات المدنية جديد.
هذا بإيجاز بعض القواعد التي تحكم القضاء المستعجل والتي لها علاقة وطيدة بدعاوي شؤون الأسرة التي ترتبط أكثر بهذا القضاء في بعض مظاهره كما سنرى لاحقا.




(1) مجلس القضاء العاصمة- الغرفة المدنية الأولى- قرار في 07/05/1983 قضية رقم 2007/83.
المبحث الثاني: حــــالات الاســــتعجال المتعلقة بشؤون
الأسرة والتي تدخل في الولاية العمة للقضاء الإستعجالي

في المبحث الأول تطرقنا إلى مفهوم القضاء الإستعجالي وعرضنا شروطه الآن سنعرض في هذا المبحث حالات الاستعجال التي تعتبر من الاختصاص النوعي للقضاء الإستعجالي والتي تدخل في ولايته العامة، والتي تتوفر في كل حالة يقصد فيها لمنع ضرر مؤكد قد يتعذر إصلاحه أو تعويضه إذا حدث.
وتختلف طبيعة الاستعجال باختلاف الحالة المنظورة أمام المحكمة والحق المطالب به لكون المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية جاءت بصفة عامة ومجردة "في جميع أحوال الاستعجال، أو عندما تقتضي البث في تدابير الحراسة القضائية أو أ ي تدبير تحفظي لا تسري عليه نصوص خاصة فإن الطلب يرفع بعريضة إلى رئيس الجهة القضائية للدرجة الأولى المختصة بموضوع الدعوى"
وعليه فإن حالات الاستعجال الغير منصوص عليها قانونا لا يمكن حصرها ومتروك أمر تقديرها للفقه والقضاء، لذا سنحاول عرض بعض الحالات الاستعجالية التي كرسها الفقه والقضاء والتي تدخل في الولاية العامة للقضاء الإستعجالي والمتعلقة بشؤون الأسرة مع تدعيمها ببعض التطبيقات القضائية من جهة ومناقشة بعض الأوامر الصادرة بشأنها من جهة أخرى وهذا وفقا للمطالب التالية:
المطلب الأول: الحراسة القضائية.
المطلب الثاني: تسليم الأبناء القصر وتسليم اللباس والأغراض الضرورية.
المطلب الثالث: الإذن بتوقيع الشهادات الإدارية الخاصة بالأبناء القصر وتسليمها وكذا الأمر بإكساء الأحكام الأجنبية بالصيغة التنفيذية.
المطلب الرابع: إلزام الزوجة بالرجوع إلى بيت الزوجية وإشكالات التنفيذ المتعلقة بشؤون الأسرة.










المطلب الأول: الحراسة القضائية.
بالرجوع إلى الأحكام المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية التي نصت على أنه "في جميع أحوال الاستعجال أو عندما يقتضي البث في تدابير الحراسة القضائية أو أي تدبير تحفظي لا تسري عليه نصوص خاصة يرجع الطلب إلى رئيس الجهة القضائية لدرجة أولى المختصة بموضوع الدعوى" فإننا نجد أن هذه المادة أشارت إلى الحراسة القضائية كحالة من حالات الاستعجال التي تدخل في اختصاص قاضي الأمور المستعجلة.
وقد أورد المشرع الجزائري الحراسة القضائية في المواد 602 حتى611 من القانون المدني، حيث عرفها بأنها إيداع شيء متنازع فيه من طرف شخص أو عدة أشخاص بين أيدي شخص آخر يلتزم بإعادته بعد فض المنازعة إلى الشخص الذي يثبت له الحق فيه.
أي الحراسة هي عقد يعهد طرفان بمقتضاه إلى شخص آخر بمنقول أو عقار أو مجموع من الأموال يقوم في شأنها نزاع ويكون الحق فيها غير ثابت فيتكفل هذا الشخص بحفظه وبإدارته وبرده مع أرباحه إلى من يثبت له الحق فيه.
كما يجوز للقضاء أن يفرض الحراسة على الأشياء حتى لو لم يتفق ذوي الشأن عليها وهذا إذا تجمع لدى صاحب المصلحة من الأسباب المعقولة ما يخشى معه خطرا عاجلا من بقاء المال تحت يد حائزه.
وعليه فإن الحراسة تفرض من القضاء كإجراء وقتي تقتضيه ضرورة المحافظة على حقوق أصحاب الأموال ودفع الخطر عنها، لأن الأصل أن تعين الحارس القضائي لا يدخل في اختصاص قاضي الأمور المستعجلة إلا في الحالات الاستثنائية وهي الحالة التي يخشى فيها من ضياع الشيء محل النزاع أو إلحاق ضرر به، وفي هذا المجال قضت المحكمة العليا بما يلي: من المقرر قانونا وقضاءا أن الحراسة القضائية إجراء تحفظي لا يقام على الشيء إلا إذا خيف عليه الضياع أو الضرر أو خيف عليه التصرف فيه يحرم أصحاب الحق منه ومن ثمة فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد منعدم الأساس القانوني...
إن قضاة المجلس بإلغائهم الأمر المستأنف لديهم ومن جديد أمر و بتعين حارس قضائي على السكن المتنازع عليه بالرغم من أن الخوف عليه مستبعد أضف إلى ذلك النيل من حرية ساكنيه بدخول الحارس المعين عليهم يكونوا بقضائهم كما فصلوا لم يعطوا لقرارهم الأساس القانوني.(1)
إن الأصل في الحراسة القضائية هو أن يعهد للحارس بإدارة المال الموضوع تحت الحراسة حتى تنتهي دواعي النزاع التي سببت فرض الحراسة(2)، ويعين القاضي الإستعجالي الحارس القضائي بحالة وجود نزاع بين الورثة ينصب على ملكية كل منهم في التركة أو وضع يدهم كأن يزعم شخص أنه الوارث الوحيد للمتوفى



(1) غرفة تجارية والبحرية- 30أفريل 1989- ملف رقم 51263- مجلة قضائية للمحكمة العليا السنة 1991- ص141
(2) عبد الحكيم فراج- الحراسة القضائية- الطبعة الثانية ص 56.
وأن الباقين ليسوا ورثة له أو كأن يضع أحدهم يده على التركة ويستأثر بها دون بقية الورثة وينفرد بريعها، أو كأن يختلف الورثة على النصيب الذي يتقضاه أحدهم أو بحقهم في الميراث أو كأن يتقدم أحدهم بوصية بنصيب في التركة فينكر عليه بقية الورثة هذه الوصية أو ينازعوه في صحتها، أو كأن يكون هناك نزاع بين الورثة والغير حول بعض الأموال هل هي داخلة في التركة أم لا، أو بحالة وجود خلاف بين الزوجين بحالة طلاق على الأموال فيدعي أحدهما ملكيتها وينكرها على الأخر ونزاع في نسب أبنائهما، ففي مثل كل هذه الحالات إذا تبين لقاضي الاستعجال جدية المنازعة وتوفر الخطر الحال على التركة أو على النصيب المتنازع عليه وتكاملت بقيت الشروط فإنه يقضي بفرض الحراسة القضائية التي تستمر حتى ينتهي هذا النزاع في الملك أو في النسب مثلا بالفصل فيه من قاضي الموضوع، وحتى يكون قاضي الأمور المستعجلة مختصا نوعيا بنظر دعوى الحراسة القضائية فيجب أن تتوفر أمامه جملة من الشروط، أولها يشترط توفر أركان الحراسة القضائية وأن تتوفر أيضا شرطا اختصاصه من استعجال وعدم مساس بأصل الحق وترتيبا على ذلك فإنه يتعين الانعقاد الاختصاص النوعي بنظر دعوى الحراسة أمام القضاء المستعجل أن تتوفر الشروط الآتية:
1- وجود نزاع جدي حول المال.
2- الخطر الحال جراء بقاء المال تحت يد حائزه.
3- توفر عنصر الاستعجال.
4- عدم المساس بأصل الحق.
5- أن يكون محل الحراسة قابلا لأن يعهد بإدارته إلى الغير.
وسوف نتكلم بشيء من التفصيل على كل هذه الشروط.
1- وجود نزاع جدي حول المال:
ويقصد بالنزاع هو أنه يوجد خلاف ينصب على المنقول أو العقار أو مجموع الأموال تابعة للورثة أو للزوجين يراد وضعها تحت الحراسة أو يوجد نزاع يتصل بهذا المال اتصالا يقضي عدم بقائه في يد حائزه وإن لم يكن منصبا على المال المذكور بالذات فقد نصت المادة 603 من القانون المدني " على أنه يجوز للقاضي أن يأمر بالحراسة، في الأحوال المشار إليها في المادة 602 إذا لم يتفق ذوا الشأن على الحراسة .
- إذا كان صاحب المصلحة في المنقول أو العقار قد تجمع لديه من الأسباب المعقولة ما يخشى معه خطرا عاجلا من بقاء مال تحت يد حائزه.
- في الأحوال الأخرى المنصوص عليها في القانون".
وتجدر بنا الإشارة أن نص هذه المادة تقابله المادة 729 من القانون المدني المصري والتي تشير إلى نفس الحالات السابقة.



ويفهم من النص المذكور أعلاه للمادة 602 أن الحراسة القضائية لا تفرض سبب قيام نزاع ينصب على الأموال المراد فرض الحراسة عليها فقط بل يمكن فرض الحراسة القضائية بسبب نزاع يقوم بين طرفين أو أكثر لكنه لا ينص على هذا المنقول أو العقار أو المال المراد فرض الحراسة عليه بل ينصب على أمر آخر يقضي عدم بقاء ذلك المال تحت يد حائزه.(1)
كما يشترط أن يكون الحق غير ثابت فيتكفل الحارس بحفظه وإدارته وبرده مع أرباحه إلى من يثبت له الحق فيه على أن يشترط في النزاع أن يكون النزاع جديا وعلى أساس من الصحة، يؤكده ظاهر المستندات وظروف الحال فإذا لم تقم المنازعات على أساس جدي، تعين على قاضي الاستعجال أن يحكم بعدم اختصاصه بنظر دعوى الحراسة.
غير أنه لا يشترط لوجود النزاع أن ترفع دعوى أما محكمة الموضوع بل يكفي لقيامه ثبوته من ظاهر المستندات وظروف الحال في دعوى الحراسة وعليه فإن النزاع قد يتوافر رغم عدم رفع دعوى موضوعية بشأنه.
2- وجود خطر حال جراء بقاء المال تحت يد حائزه:
إن دعوى الحراسة القضائية تقتضي أن يكون هناك خطر محدق بالحق المراد المحافظة عليه والذي لا يكفي لدرئه إجراءات التقاضي العادية وقد أشار المشرع الجزائري في الفقرة الثانية من المادة 603 من القانون المدني إلى الخطر بقوله " إذا كان صاحب المصلحة في منقول أو عقار قد تجمع لديه من الأسباب المعقولة ما يخشى معه خطرا عاجلا من بقاء المال تحت يد حائزه ويجب أن يكون الخطر جديا أي قائما على سند من الجد يكشف عنه من ظاهر المستندات وظروف الدعوى، فإذا تبين للقاضي عدم جدية الخطر الذي يزعمه المدعي فإنه يقضي بعدم اختصاصه بنظر الدعوى.
كأن يكون الخطر مفتعل من جانبه بتصرفات أتى بها لخدمة الدعوى، وحالات الخطر الموجبة لفرض الحراسة القضائية لا يمكن حصرها فهي تختلف باختلاف الظروف والأحوال ويترك تقديرها للقاضي الذي ينظر دعوى الحراسة القضائية.
3- توفر عنصر الاستعجال:
ويقصد به أن يكون الخطر المحدق جادا بحيث يلزم درئه بسرعة لا تكون عادة في التقاضي العادي، ووجود الاستعجال من عدمه يتعلق بوقائع الدعوى ومتروك لتقدير القاضي الإستعجالي فهو المختص بتمحيص وجود هذا الشرط من ظاهر المستندات ليتوصل إلى تحديد اختصاصه بنظر دعوى الحراسة من عدمه فإذا تخلف عنصر الاستعجال قضى بعدم اختصاصه للفصل بالدعوى.


(1) محمد علي راتب وآخرون- قضاء الأمور المستعجلة- الطبعة السابعة- الجزء الأول- سنة 1985- ص 474.

4- عدم المساس بأصل الحق:
وهو شرط أساسي في القضاء الإستعجالي ويسري أيضا على دعوى الحراسة القضائية ومن ثمة فإنه يجب على القاضي الإستعجالي أن يحكم بعدم اختصاصه بنظر دعوى الحراسة إذا اتضح له أن المطلوب منه هو طلب موضوعي أو أن الحكم الذي سيصدره بالحراسة من شأنه أن يمس بأصل الحق.
5- قابلية محل الحراسة لأن يعهد بإدارته للغير:
يشترط للحكم بالحراسة أن يكون محلها حالا مما يقبل أن يعهد بإدارته إلى الغير، فإذا كان غير قابل لذلك سواءا بحكم طبيعته أو بحكم الظروف المحيطة به أو بحكم التنظيم القانوني الخاضع له فإن القضاء المستعجل يحكم بعدم اختصاصه بنظر الدعوى فالأموال العامة مثلا لا يجوز فرض الحراسة عليها بحكم وضعها القانوني ومالها من حصانة، فالتنظيم القانوني الذي تخضع له يجعلها غير قابلة لأن تدار بواسطة الغير.
وهناك بعض الأموال لا تقبل وضع الحراسة عليها أيضا وقد نص المشرع الجزائري عليها صراحة وأستقر عليها القضاء الفرنسي والمصري كمكاتب المحامين وعيادات الأطباء وهذا بسبب طبيعتها التي تمنع منح إدارتها للغير جبراً عن المحامي أو الطبيب.
وعليه فإنه إذا كان المال مما يقبل أن يعهد بإدارته إلى الغير فإنه يجوز فرض الحراسة القضائية عليه ويستوي في ذلك أن يكون المال عقارا أو منقولا أو مجموعة أموال.
هناك مثال تطبيقي عن حالة الحراسة القضائية ويتمثل في الأمر على ذيل عريضة صادر من محكمة بومرداس بتاريخ 18/06/07 تحت رقم 306/07 عن السيد رئيس المحكمة من أجل تعيين حارس قضائي على منقول متنازع عليه بين (ح.م) و (ح.ع) وقد قضى هذا الأمر بتعيين الأستاذ المحضر القضائي (ع.س) بضرب حراسة قضائية على الجرار من نوع سيرتا طراز C 6806 يحمل الرقم التسلسلي 87/ 2080783 قوة 15 حصان الذي آل للإخوة (ح) عن طريق الشراء من تعاونية وتوزيع وصيانة العتاد الفلاحي مع تحرير محضر جرد عنه وتعيين حارسا قضائيا على الجرار إلى حين الفصل بموضوع النزاع نهائيا. (أنظر الملحق)










المطلب الثاني: تسليم الأبناء القصر وكذا تسليم اللباس والأغراض الضرورية:
أولا: تسليم الأبناء القصر:
كثيرا ما يحدث أن تتعرض حياة الأبناء القصر إلى مخاطر نتيجة سوء تفاهم بين الوالدين ونتيجة لتصرفات لا يتقبلها العقل فيقوم الزوج بطرد الزوجة من المسكن العائلي وينتزع منها الأبناء وعادة ما يكون سنهم لا يسمح لهم بالعيش في عزلة عن أمهم وخاصة منهم اللذين هم بسن الرضاعة هذا من جهة.
ومن جهة أخرى قد تعرض الأم الأبناء إلى الخطر بتركها لهم دون رعاية نتيجة سوء تفاهم مع زوجها.
ففي الحالة الأولى يمكن للأم المدعية أن ترفع دعوى استعجالية ضد المدعي عليه (الزوج) من أجل تسليم الأبناء القصر لها وخاصة إذا كانوا في سن الرضاع، وهناك أمر استعجالي صادر بهذا الشأن من محكمة سطيف بتاريخ 15/02/1994 تحت رقم 94152 والذي قضى في منطوقه بـ: "بإلزام المدعي عليه (ك.ع) بتسليم الولدين (ل. حسام، أحلام) إلى أمهما إلى غاية الفصل في القضية أمام قاضي الموضوع مع تمكين الأب من زيارتهما كل يوم جمعة وفي الأعياد". (أنظر الملحق)
وهناك أمر استعجالي آخر صادر عن محكمة باتنة بتاريخ 24/11/1993 تحت رقم 1293/93 والذي قضى فيه رئيس المحكمة بـ:"بإلزام المدعي عليه (ن.ش) بتسليم البنتين الصغيرتين( ك و ب) إلى أمهما مؤقتا وذلك إلى حين الفصل في دعوى الموضوع". (أنظر الملحق)
نلاحظ في هذين الأمرين رئيس المحكمة أمر بتسليم الأبناء القصر للأم وذلك لأن حضانة الأبناء هي من حق الأم أولا وفقا للمادة 64 من قانون الأسرة كما أن حرمان الأبناء من حنان أمهم ومن رعايتها يضر بهؤلاء القصر وهو ما شكل حالة استعجال تتطلب التدخل بسرعة إلى جانب أن الأبناء الصغار خاصة هم بحاجة إلى أمهم أكثر من أبيهم في مثل سنهم هذا.
كما أن تسليم الأبناء القصر إلى أمهم هو طلب وقتي و لا يمس بأصل الحق وبالتالي يمكن لرئيس المحكمة الاستجابة له والفصل فيه بسرعة لأنه أمر مستعجل.
بالإضافة للحالة الأولى فهناك حالة أخرى عكسية وهي حالة تعسف الأم وتركها لأبنائها الصغار خاصة الرضيع منهم الذي لا يمكنه العيش بمعزل عنها وهذا بحالة وجود خلاف بينها وبين زوجها يدفعها لترك مقر الزوجية، أو أن وضعية الأب لا تسمح له بالقيام بشؤونه و لا برعاية أبنائه الموجودين معه، فإذا تبين للقاضي الإستعجالي أن حالة الأطفال ومصلحتهم تقتضي أن يسلموا لأمهم فليس هناك من مانع من إصدار أمر بشأن هذه الحالة وفي حالة عدم امتثال الأم للأمر ومخالفتها له تتم متابعتها جزائيا بناءا على عدم امتثال للأحكام قضائية.
وبحالة ما إذا كان الأبناء القصر بخطر حال ومحدق بهم لعدم وجود من يحضنهم أو يتولاهم ويكفلهم خاصة إذا كان الوالدين متوفين أو تخليا عنهم، فإنه يجوز لكل من له مصلحة خاصة من أقاربهم أن يرفع دعوى استعجالية من أجل تسلمهم والاعتناء بهم ومنه إزالة الخطر نهم.


كما أنه بحالة ما إذا كان وجود الأبناء مع الأم يضر بهم خاصة إذا كانت هذه الأم لا ترعاهم ولا تهتم بهم أو أنها على أخلاق سيئة فإنه يمكن لمن له مصلحة سواء الأب أو أحد الأقارب أن يستصدر أمر استعجالي ويطلب تسليم الأبناء له، وهناك أمر استعجالي بهذا الشأن صدر عن محكمة باتنة بتاريخ 02/02/1994 تحت رقم 182/94 والذي قضى في منطوقه بتسليم البنت(ت.م) إلى المدعية وهي جدتها لأب لحضانتها مؤقتا بدلا عن أمها وهذا بسبب فساد أخلاق الأم وهو ما يشكل خطرا محدقا بهذه الصغيرة ويتطلب التدخل على وجه الاستعجال وبما أن هذا الإجراء المطلوب وقتي و لا يمس بأصل الحق فقد أستجيب له من رئيس المحكمة (أنظر الملحق).
ثانيا تسليم اللباس والأغراض الضرورية:
قد يحدث أن ترفع دعوى استعجالية بغرض تسليم اللباس والأغراض الضرورية ممن له مصلحة وعادة تكون الزوجة التي طردت من مسكن الزوجية وهي بحالة خلاف مع الزوج، هذه الأخيرة التي غادرت مقر الزوجية ولم يمكنها زوجها من ملابسها أو ملابس أبنائها وكذا أغراضها الشخصية والتي هي بأمس الحاجة إليها، ونقصد باللباس الضروري هي الملابس تستعملها الزوجة أو أبنائها يوميا لكسوتها وليس الفراش.
ففي هذه الحالة فإن قاضي الاستعجال سواء كان رئيس المحكمة أو رئيس قسم شؤون الأسرة عليه أن يتأكد من وجود عنصر الاستعجال والمتمثل في حالة الضرورة فحرمان المدعية من ملابسها وأغراضها اليومية هي وأبنائها، يتقضي استصدار أمر بتسليمها إليهم هذا بالإضافة إلى كون طلب تسليم الأغراض الشخصية الضرورية لطالبها لا يكون منازعة جدية و لا يمس بأصل الحق حسب ما تقتضيه المادة 186 من قانون الإجراءات المدنية، وعليه فإنه بحالة نكران الزوج (المدعى عليه) لوجود اللباس بمقر الزوجية أو نكرانه ملكية الزوجة له فإن المنازعة تخرج من اختصاص القضاء الإستعجالي وعن حالة الضرورة التي تقضي أخذ تدابير مؤقتة بشأنها تطبيقا لأحكام المادة 57 مكرر من قانون الأسرة مما يجعل القاضي يحكم فيها بعدم الاختصاص.
وقد تمكنا خلال تربصنا الميداني بالمحاكم من الحصول على أوامر بهذا الشأن منها:
- الأمر الإستعجالي الصادر عن محكمة معسكر بتاريخ 10/09/2008 تحت رقم 1733/08 والذي قضى بأمر المدعي عليه (ح.م) بأن يسلم لزوجته المدعية (ب.ف) وابنه ملابسهما وأغراضهما وفي هذا الإطار تعيين محضر قضائي لدى محكمة ومجلس قضاء معسكر، والإسناد إليه مهمة تحرير محضر جرد الأغراض والمتاع الذي يسلمه الزوج لزوجته بمحض إرادته (أنظر الملحق).
- الأمر الصادر عن محكمة باتنة بتاريخ 08/11/1992 تحت رقم 1344/92 والذي قضى بمنطوقه بإلزام المدعي عليه (ل. ك ) بأن يمكن المدعية من الملابس واللوازم التالية: (02) معطفان نوم، (01) قميص نوم،(04) أربع فساتين ، (01) قميص بوليرو، حذاء أسود خف (01)، (02) إزارات، (01) منديل كبير (محرمة)، (01) جلابة، (01) حجاب أسود. (أنظر الملحق)


نلاحظ أن هذين الأمرين صادران عن رئيس المحكمة كأمر استعجالي وهذا تطبيق لأحكام المادتين 183-186 من قانون الإجراءات المدنية و المادة57 مكرر من قانون الأسرة، في حين أنه نجد أن هناك محاكم أخرى تصدر بشأن تسليم الأغراض والملابس الضرورية أمرا على ذيل عريضة وليس أمرا إستعجاليا ومن بين هذه المحاكم: محكمة عين تموشنت التابعة لمجلس القضاء سيدي بلعباس التي أصدرت أمرا على ذيل عريضة بتاريخ 10/02/2008 والذي قضى بتعين الأستاذ (م.ع) المحضر القضائي لدى اختصاص المحكمة بالانتقال رفقة الطالبة (ع.س) إلى المسكن الكائن (بمزرعة بن مبارك محمد) بعين تموشنت من أجل استخراج ملابس الأطفال المتمثلة فيما يلي: (10) عشرة سراويل،+ (09) تسعة أقمصة+ (04) أربعة أحذية+ (02) معطفين وتحرير محضر بذلك (أنظر الملحق).
كذلك محكمة معسكر التابعة لمجلس قضاء معسكر التي أصدرت أمر على ذيل عريضة بتاريخ 15/06/2008 تحت رقم 1176/08 وقضت فيه بإلزام السيد (ب.ي) بتسليم السيدة (ع.س) أغراضها الشخصية الضرورية التي تركتها بالبيت الزوجي والتي يحوزها وهذا إلى غاية صدور حكم في موضوع الدعوى (أنظر الملحق).
باستقراء هذين الأمرين نجد بأن الأمر الأول الصادر عن محكمة عين تموشنت قد أصدره القاضي رئيس المحكمة في أن الأمر الثاني الصادر عن محكمة معسكر قد أصدره القاضي رئيس قسم شؤون الأسرة فكلا الأمرين أمر على ذيل عريضة يتعلقان بتسليم الأغراض والملابس الضرورية لطالبها إلا أنه يوجد اختلاف في الجهة مصدرة الأمر لأن كلى الجهتين مختصة بإصدار هذه الأوامر.
فرئيس المحكمة بصفته صاحب الاختصاص والولاية العامة في الأمور المستعجلة يرى بأنه هو المختص بإصدار الأوامر على ذيل عريضة وهذا تطبيقا لأحكام المادتين 172و183 من قانون الإجراءات المدنية.
في حين أن قاضي شؤون الأسرة يرى بأنه هو صاحب الاختصاص بإصدار الأوامر على ذيل عريضة متعلقة بأمور الأسرة وهذا عملا بأحكام المادة 57 مكرر من قانون الأسرة، لكن بالرجوع لهذه المادة فإننا نجدها قد جاءت غامضة ولم تحدد بوضوح ودقة لمن يعود الاختصاص بالفصل على وجه الاستعجال في التدابير المؤقتة والمتعلقة بشؤون الأسرة و لذا نجد الأوامر متعلقة بحالات الاستعجال في الأسرة في بعض المحاكم يصدرها قضاة شؤون الأسرة وفي البعض الأخر يصدرها رئيس المحكمة وسنتطرق بشيء من التفصيل للمادة 57 مكرر من قانون الأسرة في الفصل الثاني.





المطلب الثالث: الإذن بتوقيع الشهادات الإدارية الخاصة بالأبناء القصر وتسلمها وكذا الأمر بإكساء الأحكام الأجنبية بالصيغة التنفيذية
أولا: الإذن بتوقيع الشهادات الإدارية الخاصة بالأبناء القصر وتسلمها.
قد يحدث أن يغيب الأب عن عائلته كما في حالة فقدانه أو بحالة إهماله الإداري لأسرته فتواجه الأم صعوبات خاصة فيما يتعلق باستخراج شهادات إدارية ذات الطابع المدرسي أو الاجتماعي خاصة المتعلقة بأبنائها مما يجعلها تلجأ للقضاء الإستعجالي لاستصدار أوامر وأحكام تسمح لها بتوقيع تلك الشهادات وتسلمها وقد نص المشرع على هذه الحالة في المادة 63 من قانون الأسرة، هذه المادة الملغاة بموجب الأمر 05/02 والتي تنص على أنه: "في حالة إهمال العائلة من طرف الأب أو فقدانه يجوز للقاضي قبل أن يصدر حكمه أن يسمح للأم بناءا على طلبها بتوقيع كل شهادة إدارية ذات طابع مدرسي أو اجتماعي تتعلق بحالة الطفل داخل التراب الوطني."
وعند قراءتنا لهذه المادة تبين لنا أنها تنطوي على أكثر من تأويل، فبالنسبة للاحتمال الأول هو كون طلب الحصول على إذن يقدم كطلب تبعي لدعوى الأصلية وأن قاضي الموضوع يصدر أمرا يسمح فيه للأم بتوقيع وتسلم الشهادات الإدارية، لكن هذا الإحتمال يبدو أنه غير سليم باعتبار أن مثل هذه الأوامر تدخل في اختصاص رئيس المحكمة استنادا للمادة 172 من قانون الإجراءات المدنية وما يليها، وإذا أصدر قاضي الموضوع فإنه يطرح مشكل تسجيله ورسومه.
أما الإحتمال الثاني، وهو كون الطلب يقدم أثناء المرافعة أي في الدعوى الأصلية وأن الفصل فيه يكون ضمن الحكم القاضي في أصل النزاع، وإذا كان كذلك فإنه إذا وجدت حالة استعجالية فإنه لا يمكن تداركها بإجراءات التقاضي العادية التي تتميز بطول إجراءاتها وبطئها.
وانطلاقا من ذلك يمكننا التساؤل فيما إذا كان مثل هذا الإجراء يدخل في اختصاص قاضي الأمور المستعجلة أم لا؟
وللإجابة عن هذا السؤال يمكن التفريق بين حالتين:
الأولى: هو أن يكون الأب مفقودا، ففي هذه الحالة فإنه يجب تقديم الطلب لرئيس الجهة القضائية من أجل الحصول على أمر على ذيل عريضة طبقا لنص المادة 172 من قانون الإجراءات المدنية يأذن فيه لها بتوقيع وتسليم الشهادات الإدارية، وهناك مثال عن هذه الحالة ويتعلق الأمر الصادر عن محكمة معسكر بتاريخ 20/09/2005 والقاضي بتسليم الوثائق الحالة المدنية للأم.
أما إذا كان موضوع الطلب يتعلق بإهمال العائلة من طرف الأب وليس بفقدانه، ففي هذه الحالة لا بد من منازعة استعجالية من أجل الحصول على إذن ويتم ذلك وفقا للإجراءات العادية المعمول بها قضائيا وقد تمكنا



من الحصول على تطبيق قضائي في هذا الشأن رغم قلة مثل هذه المواضيع بمحاكمنا، ويتعلق بالأمر رقم 133/94 المؤرخ في 08/06/1994 والقاضي في منطوقه بـ: "أمرنا بالسماح للمدعية باعتبارها أما للبنت القاصر (ع.ك) بالتوقيع على كل وثيقة إدارية مطلوبة وتتعلق بحالة البنت المذكورة داخل التراب الوطني" (أنظر الملحق).
وحاليا وخاصة بعد التعديل الأخير لقانون الأسرة بموجب الأمر 05/02 المؤرخ في 27/02/2005 فإنه يمكن للأم أن تلجأ إلى قاضي الشؤون الأسرة وتستصدر أمرا على ذيل عريضة يقضي لها بتوقيع الشهادات الإدارية باعتبار أن هذه المسألة من مسائل الاستعجال التي تتطلب اتخاذ تدابير مؤقتة ومستعجلة بشأنها، ويصدر القاضي أمره على وجه الاستعجال بناء على نص المادة 57 مكرر من قانون الأسرة التي تجيز صراحة ذلك.
ثانيا: اكساء الأحكام الأجنبية بالصيغة التنفيذية
تنص المادة 80 من قانون الإجراءات المدنية في فقرتها 18 على ما يلي: " ويؤول الاختصاص للمحاكم المنعقدة في مقر المجالس القضائية، للفصل دون سواها بموجب حكم قابل للاستئناف أمام مجلس القضائي في المواد التالية: الحجز العقاري، وتسوية قوائم التوزيع وبيع المشاع، وحجز السفن، والطائرات وبيعها قضائيا، وتنفيذ الحكم الأجنبي...إلخ.
من خلال قرأتنا لهذه المادة نلاحظ أن المشرع الجزائري قد منح الاختصاص النوعي للمحاكم التي تقع بمقر المجالس القضائية للفصل في بعض القضايا دون سواها، ومنها ما يتعلق بتنفيذ الحكم الأجنبي بحكم قابل للاستئناف وهذا يعني أن التقاضي فيها يكون أمام قاضي الموضوع.
غير أن ما جرى به العمل في بعض المحاكم يلاحظ أن الدعاوي المتعلقة بإكساء الأحكام الأجنبية بالصيغة التنفيذية ترفع أمام القضاء الإستعجالي غير أنه بالرجوع إلى المادة السالفة الذكر يتضح جليا بأن مثل هذه الدعاوى هي من اختصاص قاضي الموضوع وليس قاضي الاستعجال، باعتبار أن القضاء الإستعجالي لا يمكن له أن يبحث في موضوع الدعوى والقول فيما إذا كان الحكم الأجنبي مخالف أو غير مخالف لنظام العام وللآداب العامة لأن ذلك يؤدي إلى المساس بأصل الحق وأن الأوامر الاستعجالية لا تمس بأصل الحق طبقا لنص المادة 186 من قانون الإجراءات المدنية، مما يؤدي بنا إلى القول بأن مسألة إكساء الأحكام الأجنبية بالصيغة التنفيذية من اختصاص قضاء الموضوع وأن القول بخلاف ذلك يؤدي إلى مخالفة القانون، بخلاف ما قضت به محكمة باتنة في أمرها الصادر بتاريخ 08/06/1994 تحت رقم 799/94 والذي قضى في منطوقه بـ:
"أمرنا بوضع الصيغة التنفيذية للحكم الصادر عن محكمة نيم بفرنسا والصادر بتاريخ 16/12/1992." (أنظر الملحق)




المطلب الرابع: إلزام الزوجة بالرجوع إلى بيت الزوجية وإشكالات التنفيذ المتعلقة بشؤون الأسرة
أولا- إلزام الزوجة بالرجوع إلى البيت الزوجية:
إنه من واجبات الزوجة اتجاه زوجها طاعته ومراعاته باعتباره ربا للعائلة ومن واجباتها الأساسية كذلك أن تسكن معه وأن تتبعه في أي مكان يستقر فيه بحكم عمله أو وظيفته وأما الزوج فإنه ملزم من جانبه بالنفقة الشرعية على زوجته.
وواجب الزوجة بالسكن مع زوجها لم ينص عليه قانون الأسرة الجزائري صراحة ولكن الشريعة الإسلامية والعرف يعتبرانه واجبا أساسيا(1) ومن هنا فإذا غادرت الزوجة بيت الزوجية ورفضت الرجوع إليه فهل يجوز إلزامها بالرجوع إليه عن طريق القضاء الإستعجالي؟ وهي نفس المسألة التي طرحت أمام القضاء الفرنسي ارتكازا على المادة 124 من القانون المدني الفرنسي القديم التي تلزم الزوجة بالسكن مع زوجها وتنص هذه المادة على ما يلي:
« La femme est obligée d’habiter avec le mari et de le suivre partout où il juge à propos de résider le mari est obligé de la recevoir et de lui fournir tout ce qui est nécessaire pour les besoins de la vie, selon ses facultés et ses moyens »
وقد أقرت محكمة النقض الفرنسية مبدأ اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بإلزام الزوجة بالرجوع إلى بيت الزوجية وهذا في قرارها الصادر بتاريخ 09 أوت 1826 في الملف رقم 474126.
وفي نظرنا وباعتبار أن الإقامة ببيت الزوجية من الوجبات الأساسية للزوجة فإنه يجوز اللجوء إلى قاضي الأمور المستعجلة لإلزام الزوجة بالرجوع إلى البيت الزوجية متى توفر عنصر الاستعجال كوجود رضيع بمسكن الزوجية مثلا وهو نفس الرأي الذي أخذ به بعض القضاة
محاكمنا منهم رئيس محكمة معسكر الذي أصدر أمر بذلك بتاريخ 28/05/2008 تحت رقم 1264/08 قضي فيه بأمر المدعي عليه (ب.ع) بإرجاع زوجته إلى مسكن الزوجية الكائن بحي 614 مسكن بمعسكر وهذا تطبيقا لأحكام المادة 57 مكرر من قانون الأسرة الجزائري.
وهناك أمر على ذيل عريضة صدر عن محكمة وهران بتاريخ 20/09/1992 تحت رقم 189/92 ويتعلق بإلزام الزوجة بالرجوع لبيت الزوجية، حيث قضى هذا الأمر في منطوقه بالأمر بعودة السيدة: (ي.ي) إلى مقر الزوجية وهذا عملا بأحكام المادة 78 من قانون الأسرة.



(1) عبد العزيز سعد- الزواج والطلاق في قانون الأسرة الجزائري- دار البعث ص 200.
ومن خلال هذين الأمرين نفهم أن القضاء الجزائري يعتبر مسألة إلزام الزوجة بالرجوع إلى البيت الزوجية من المسائل المستعجلة التي تتطلب أخذ تدابير مؤقتة بشأنها ومنه استصدار أمر بذلك سواءًا أمرا إستعجاليا أو أمر على ذيل عريضة.
ثانيا إشكالات التنفيذ في المسائل المتعلقة بشؤون الأسرة:
إن إشكالات التنفيذ تعتبر بحد ذاتها مظهرا من مظاهر الاستعجال وصورة من صوره لذا ارتأينا التطرق إليها.
إن الإشكالات عبارة عن منازعات وصعوبات تعيق تنفيذ الحكم ويترتب على الحكم فيها أن يصبح التنفيذ جائزا أو غير جائز، صحيحا أو باطلا وقد يترتب وقف السير فيه أو استمرار، وقد يبديها أحد الخصوم في مواجهة الآخر ويبديها الغير في مواجهة الخصوم ومن مميزات إشكالات التنفيذ أنها عقبات قانونية وليست مادية يقصد بها إزاحتها باستخدام القوة العمومية. (1)
ولقد أشار إليها المشرع الجزائري في المادة 183/2 من قانون الإجراءات المدنية بقوله" عندما يتعلق الأمر بالبث مؤقتا في إشكالات التنفيذ المتعلقة بسند تنفيذي أوامر أو حكم أو قرار، فإن القائم بالتنفيذ يحرر محضرا بالإشكال العارض ويخبر الأطراف أن عليهم أن يحضروا أمام قاضي الأمور المستعجلة الذي يفصل فيه.
وتطبيقا لهذا النص وبقياسه على بعض المسائل المتعلقة بشؤون الأسرة يمكن استخراج بعض الأمثلة والقضايا الحية والتي كثيرا ما تقع بالحياة العملية ونفرق بصددها بطائفتين:
الطائفة الأولى تتعلق بالحالات التي يقبل فيها الإشكال، وأهم هذه الحالات:
1- إذا كان التنفيذ بأجرة الحضانة بعد انتهاء مدتها المقررة قانونا بمعني إذا انتهت مدة الحضانة بسبب من أسباب انتهائها، فإن نفقة الحضانة ستتوقف لا محالة لزوال علة قيامها، وبالتالي فإن أي استشكال يثور بهذا الصدد يكون جديا.
2- إذا كان التنفيذ بحكم نفقة زوجية وقد حكم عليها بالرجوع، فتسقط النفقة في هذه الحالة من تاريخ تبليغ الحكم، وهذا إذا لم تقدم الزوجة دليلا على تنفيذ الحكم بالرجوع.
3- إذا كان التنفيذ بحكم نفقة عدة لمدة تزيد عن المدة القانونية.
4- إذا صدر الحكم بالضم ضد والدة الصغير التي سقط حقها في حضانته لزواجها بأجنبي عنه، ولم يختصم أبوه في الدعوى، كان لهذه الأخيرة أن تستشكل في التنفيذ وعلى المحكمة أن تقضي بوقف التنفيذ متى كان الصغير في سن الحضانة، لأن حق الأب أو الجدة لأم لحضانة هذا الصغير في هذه الحالة ينتقل إليهم تلقائيا دون حاجة إلى أية إجراءات، فالمحكمة هي التي تمنح هذا الحق لها بمقتضى القانون وفقا للمواد 64و66 من قانون الأسرة.


(1) أستاذ طاهري حسين- قضاء الاستعجال فقها وقضاءا- دار الخلدونية ص 19.

أما الطائفة الثانية، وتتعلق بالأحوال التي لا يجدي فيها الإشكال فهذه الأحوال غير مؤسسة قانونا، فلا يجوز الاستشكال بصددها، ولا يجوز لقاضي التنفيذ أخذها مأخذ الجد ومن أمثلتها:
1- إذا كان الإشكال مؤسسا على أن الحكم المراد تنفيذه لم يصر نهائيا بعد وكان النفاذ المعجل واجبا بحكم القانون أو مأمورا به في الحكم المستشكل فيه.
2- إذا كان الإشكال مؤسسا على وقوع الطلاق على الإبراء من كافة الحقوق المترتبة على زوجية معينة وكان التنفيذ بحكم النفقة عن زوجته سابقة والإبراء متعلق بزوجته لاحقة، لأن هذا الإبراء لا يمس الزوجية السابقة والحقوق المترتبة عليها.
3- إذا كان الإشكال مؤسسا على حصول طلاق وقع من جانب الزوج وحده ووصفه بأنه قبل الدخول والخلوة، ونازعت المطلقة في هذا الوصف بأن قالت أنه وقع بعد الدخول فلا يترتب عليه وقف تنفيذ حكم النفقة المستشكل فيه.
فهذه الأمثلة وغيرها كثير تمثل جملة من القضايا الاستعجالية التي تقتضي سرعة الفصل فيها وتنفيذها بما يخدم مصلحة الأسرة أولا قبل كل شيء .
بعد أن تطرقنا في هذا الفصل إلى حالات الاستعجال التي تدخل في الولاية العامة للقضاء الإستعجالي والمتعلقة بشؤون الأسرة، سنتطرق إلى حالات الاستعجال المنصوص عليها بنص خاص وصريح في قانون الأسرة وهذا في الفصل الثاني.

الفصل الثاني: حالات الاستعجال المتعلقة
بشؤون الأسرة والمنصوص عليها صراحة بقانون الأسرة

قد يختص القاضي الإستعجالي نوعيا بالفصل في الدعوى بناء على نص صريح في قانون الأسرة والقانون المدني أو أي قانون خاص وهذا ما يطلق عليه اسم الاختصاص النوعي للقضاء المستعجل بنص خاص في القانون. وقد نص المشرع على اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بنصوص تشريعية في مسائل هامة، يرى أنه يجب السرعة للفصل في النزاعات المطروحة بشأنها مضفيا عليها الطابع الإستعجالي، ويفترض توافر الاستعجال في تلك المسألة بقوة القانون وأن الفصل فيها عن طريق الاستعجال يحقق حسن سير العدالة ويقي الأطراف المتخاصمة من الخطر المحدق الذي قد يهدد مصالحهم ويجنبهم الضرر.
إن الاختصاص المخول للقضاء المستعجل بنص صريح في القانون يختلف عن اختصاصه العام في المواد المستعجلة في عدة نقاط:
أ/ إن الاختصاص المخول له بنص صريح في القانون محدود في الحالات المعينة التي نص القانون على اختصاصه بالنظر فيها في مواد متفرقة فيه لا يجوز امتداده إلى أحوال أخرى بطريق القياس عليها.
ب/إن الحالات التي يختص بنظرها بناءا على اختصاصه العام في الأمور المستعجلة عديدة لا يمكن حصرها متروك أمر تقديرها للفقه والقضاء بخلاف الأمور التي تدخل في وظيفته بنص القانون فإنها معينة ومحدودة في النصوص التي أوردها المشروع ونص على اختصاص فيها بذات لا تزيد إلا بقانون جديد ونصوص أخرى جديدة.
جـ/ في المسائل التي يختص بنظرها بنص صريح في القانون، في الأصل لا يشترط توافر شرط الاستعجال ( اللهم إلا إذا كان النص الخاص قد استلزم الاستعجال كشرط لاختصاص القاضي المستعجل)، لأنها حالة افترضها المشرع وأعطى لها الصبغة الاستعجالية وهذا بخلاف الأمور الغير منصوص عليها.
فالأصل في اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بنظر الدعوى أن يتوافر شرط الاستعجال، وإذا كان الشراع قد اتفقوا على أن توافر عنصر الاستعجال غير ضروري في المسائل التي يختص قاضي الأمور المستعجلة بنظرها بنص صريح في القانون فإن ضرورة توفر عنصر عدم المساس بأصل الحق قد فرقهم فمنهم من يؤيد مبدأ وجوب شرط عدم المساس بأصل الحق ومنهم ( من ذهب إلى القول بأن شرط عدم المساس بأصل الحق لا يلزم توافره في بعض المسائل التي يختص بنظرها قاضي الأمور المستعجلة بنص صريح في القانون بخلاف الحال في المسائل الأخرى التي يختص بنظرها استنادا لولايته العامة المقررة في المواد 183 إلى 190 من قانون الإجراءات المدنية. فيما يخصنا فإننا نؤيد الرأي الذي لا يستلزم توفر هذا الشرط وهذا لسبب بسيط
وهو أن المشرع وحينما أقر بنص خاص وصريح اختصاص قاضي الأمور المستعجلة فلأنه أعتبر المسألة التي أدخلها في هذا الاختصاص تتوفر فيها كل شروط الدعوى المستعجلة العادية وهذا طبعا ما لم نستنبطه من النص خلاف ذلك غير أن شرط عدم المساس بأصل الحق مستمد من طبيعة عمل القاضي المستعجل الذي يتخذ
إجراءات وقتية فقط.
لقد نص المشرع الجزائري على حالات الاستعجال في شؤون الأسرة في نصوص متفرقة في قانون الأسرة وهي الحالات التي سنشرحها في فصلنا هذا، حيث سنتطرق إلى حالات الاستعجال التي جاءت في نص المادة 57 مكرر من قانون الأسرة في المبحث الأول أما في المبحث الثاني فنتحدث عن حالات الاستعجال المنصوص عليها في المادتين 182و88 من قانون الأسرة.





















المبحث الأول: القضاء الإستعجالي

لقد أدخل المشرع تعديلات على قانون الأسرة بموجب الأمر رقم 05/02 المؤرخ في 27 فيفري 2005، هذا الأمر أدخل في قانون الأسرة مادة جديدة وهي المادة 57 مكرر التي جاء فيها ما يلي:" يجوز للقاضي الفصل على وجه الاستعجال بموجب أمر على عريضة في جميع التدابير المؤقت و لاسيما ما تعلق منها بالنفقة والحضانة والزيارة والمسكن".(1)
هذه المادة أجازت صراحة للقاضي الفصل على وجه الاستعجال في بعض المواد التي يحكمها قانون الأسرة وهي، النفقة والحضانة والزيارة والمسكن في حين أننا نجد قبل تعديل 2005 أن القضاء عرف تذبذب في أحكامه فيما يتعلق باختصاصه بالفصل المؤقت في هذه الحالات المذكورة بالمادة 57 مكرر من الأمر فجاءت الأوامر الاستعجالية مختلفة من محكمة لأخرى لأن ذلك يدخل ضمن الولاية العامة للقضاء الإستعجالي ولسلطة التقديرية للقاضي في تقدير مدى توفر عنصر الاستعجال أو الخطر المحدق، إلى أن حسم المشرع الأمر في القانون رقم 05/02 المعدل لقانون الأسرة وصارت حالات النفقة، الحضانة، الزيارة والمسكن من حالات الاستعجال بنص القانون وبالتالي تستوجب اتخاذ تدابير مؤقتة بشأنها بموجب أوامر على ذيل عريضة.
وسنشرح في مبحثنا هذا كل حالة من حالات الاستعجال التي نصت عليها المادة 57 مكرر، حيث سندرس النفقة المؤقتة (المطلب الأول) والحضانة المؤقتة (المطلب الثاني) ثم نتطرق إلى الزيارة المؤقتة (المطلب الثالث) وحق البقاء في المسكن الزوجية (المطلب الرابع).












(1) الأمر الموافق عليه بموجب القانون رقم 05/09 المؤرخ في 04 مايو 2005 الجريدة الرسمية رقم 43 الصادرة بتاريخ 22 جوان 2005.
المطلب الأول: النفقة المؤقتة
إن دعاوى النفقة هي من أكثر الدعاوي انتشارا في ساحة القضاء على مستوى أقسام وغرف شؤون الأسرة بمحاكمنا.
والنفقات المقصودة هنا هي النفقات الناجمة عن فك الرابطة الزوجية والتي تعتبر من الآثار المترتبة عنها، فهي من حقوق الزوجة على زوجها طبقا لنص المادة 74 من قانون الأسرة ونعني بالزوجة هنا الزوجة المدخول بها لأن الزوجة المعقود عليها وغير مدخول بها لا نفقة لها إلا إذا تم العقد بصفة رسمية وصحيحة، أي أن نفقة الزوجة واجبة على الزوج سواءً كان معسرا أو ميسرا ما دام عقد الزواج قائما، وبحالة امتناع هذا الأخير عن دفعها ولمدة طويلة من الزمن خاصة بحالة وجود خلاف بينهما تعبيرا منه ضمنيا عن إرادته في فك الرابطة الزوجية فإنه يحق للزوجة رفع دعوى النفقة المؤقتة أمام القضاء المستعجل وتطلب الحكم عليه بالإنفاق عليها.(1)
وهي من حقوق الأبناء على أبائهم كما جاء في نص المادة 75 من قانون الأسرة التي جاء فيها "تجب نفقة الولد على الأب ما لم يكن له مال، فبالنسبة لذكور إلى سن الرشد والإناث إلى الدخول وتستمر في حالة ما إذا كان الولد عاجزاً لآفة عقلية أو بدنية أو مزاولا للدراسة وتسقط بالاستغناء عنها بالكسب"، وهي كذلك من حقوق الأصول على الفروع بمقتضى المادة 77 من قانون الأسرة "يجب نفقة الأصول على الفروع...حسب القدرة والاحتياج ودرجة القرابة في الإرث".
ودعاوى النفقة متعددة وتختلف باختلاف نوع المطلوب وأهمها: دعوى النفقة الزوجية، دعوى نفقة العدة، دعوى نفقة الأولاد...
وتعتبر كل هذه القضايا من صميم القضاء الإستعجالي في ميدان شؤون الأسرة لأنها ذات طبيعة مميزة تتوفر على عنصر الاستعجال حتى أنها أصبحت بمجرد تقديم عريضة تتضمن طلب النفقة تعطى لها الأولوية لنظرها والفصل فيها مؤقتا، وغالبا ما ترفع بطريقة تبعية حين النظر في النزاع القائم بين الأطراف (2)
وقد النص المشرع الجزائري على النفقة في المواد من 74 إلى 80 من قانون الأسرة لكنه لم يعرفها بل أشار فقط في المادة 78 من قانون الأسرة على أنها تشمل الغذاء والكسوة والعلاج والسكن أو أجرته وما يعتبر من الضروريات في العرف والعادة.
وباستقراء المواد المتعلقة بالنفقة نجد أن المشرع لم يشير إلى النفقة كحالة استعجال يمكن أن تطرأ، لكنه تدارك الأمر وأشار إليها في المادة 57 مكرر من قانون الأسرة.


(1) مذكرة تخرج من المدرسة العليا للقضاء - انحلال الزواج وآثاره- سنة 2003-2006 ص 135.
(2) حمليل صالح- إجراءات التقاضي في الزواج والطلاق- رسالة دكتوراه – جامعة الجيلالي اليابس سيدي بلعباس 1998- ص 55
لكن بالموازاة نجد مشرعنا قد اهتم بهذا الموضوع وأورده من قبل في نص المادة 40 من قانون الإجراءات المدنية التي تنص على " يؤمر بالتنفيذ المعجل رغم المعارضة أو الاستئناف في جميع الأحوال التي يحكم فيها بموجب سند رسمي أو وعد معترف به أو حكم سابق نهائي، أو في قضايا النفقة" مما يفيد بطريقة غير مباشرة أن للنفقات مركزا قانونيا مميزا بحيث أصبحت قضايا النفقات الوقتية من خلال تسميتها مرتبطة ارتباطا وثيقا بالقضاء المستعجل فيكون تنفيذ الأوامر الصادرة بصددها معجلا رغم كل معارضة أو استئناف، على أن هذه الأوامر حجية قضائية مؤقتة لأنها قائمة على ظروف متغيرة دون أن تستند إلى أسباب تتعلق بأصل الحق، فمثلا لو صدر أمر مستعجل أثناء نظر دعوى موضوعية بتقرير نفقة مؤقتة لزوجة بحالة إهمال بسبب جدية دعواها ووضوح الأسباب التي استندت عليها وسبب حاجتها العاجلة إلى النفقة ثم قدم الزوج بعد ذلك ما يكاد يثبت أنه قد برأ ذمته من دين النفقة فإن الأمر الأول بتقدير النفقة لا يمنع من استصدار أمر آخر يوقف وقعها.
وإعطاء صبغة النفاذ المعجل لأوامر النفقة يعني أنها من حالات الاستعجال، وأنه لقاضي الموضوع أن يفصل في طلب النفقة عن الطلب الأصلي لدعوى وهذا أصلح لمستحق النفقة.
والاستعجال في قضايا النفقة يتحقق كلما ثبت من الملف أن حاجة طالب النفقة ملحة لانعدام مورد آخر للرزق ولا يستطيع الانتظار دون إنفاق. أما إذا تبين من أوراق الملف أن الزوجة طالبة النفقة لها أو لأبنائها ميسورة الحال ولها من المال ما يكفي فأن الدعوى تكون قد فقدت شرط الاستعجال.(1)
كما يشترط أن يكون الأمر غير ماس بأصل الحق أي أن تكون النفقة وقتية لا دائمة وأن يكون الحق المدعي به والسبب الذي يبني عليه طلب غير متنازع فيه جديا، سواء كان النزاع منصبا على وجود الحق أو على حلول أجل أدائه.
أما إذا ثار نزاع جدي حول عدم استحقاقه كأن تكون الزوجة ناشزا قضى القاضي بعدم اختصاصه، إن القضاء المستعجل يختص بنظر طلبات النفقة الوقتية متى توافر في الدعوى شرطا الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق والاستعجال في هذه الحالة يقتضي قيام حاجة المدعي الملحة إلى هذه المبالغ بانعدام مورد آخر للرزق، وأما عدم المساس بأصل الحق فيقتضي أن تكون النفقة وقتية لا دائمة وأن يكون حق المدعي والسبب الذي يبني عليه طلب غير متنازع فيه جديا
وقد صدر قرار عن المحكمة العليا بتاريخ 19/01/2005 يؤكد اختصاص القضاء الإستعجالي في الفصل في قضايا النفقة حيث جاء فيه:"بعد الاطلاع على الوثائق الملف وخاصة نص المادة 40 من قانون الإجراءات المدنية بين أن قضاء المجلس لما قضوا بتعديل الأمر المستعجل المستأنف فيه، وقضوا بتحديد نفقة



(1) محمد عبد اللطيف – القضاء المستعجل طبعة الرابعة ص 246.


غذائية لأبناء الطاعن، بصفة مستعجلة فإنهم يكونون قضوا بتطبيق القانون... وبالتالي فنعي الطاعن بعدم اختصاص قضاء الاستعجال في مثل هذه القضايا هو نعي في غير محله".(1)
والآن سنتطرق بشيء من التفصيل إلى شروط قبول الحكم بالنفقة المؤقتة:
ا/ثبوت الحاجة الملحة لنفقة المؤقتة :
إن الاستعجال شرط لازم لاختصاص القضاء المستعجل بنظر دعوى النفقة كما هو الشأن في كافة المنازعات التي يخشى عليها من فوات الوقت ويتحقق الاستعجال في دعوى النفقة المؤقتة إذا لم يقيم المدعى عليه دليل جدي على وجود مورد آخر للمدعي يكسب منه ويرفع عنه الحاجة الملحة , ومتى قام الدليل الجدي على وجود هذا المورد الآخر وعلى أن المدعي ليس به حاجة ملحة إلى مبلغ النفقة الذي يطالب به فإن القضاء المستعجل يقضي بعدم اختصاصه بنظر الدعوى، والمدعي غير مكلف بإثبات حاجته وعوزه وانعدام مورد أخر وإنما المدعي عليه هو المكلف بإثبات ثراء المدعي لأن تكليف الأخير بإثبات فقره هو تكليف بإثبات النفي وهو الأمر المستحيل قانونا.(2) وعليه فإنه من يدعي بخلاف الظاهر فعليه أن يثبت ذلك.
ب/ أن تكون النفقة وقتية:
ذلك أن عدم المساس بأصل الحق يقتضي أن يكون الطلب منصبا على نفقة موقوتة بمدة معينة إلى أن يحسم في النزاع الأصلي، أما إذا انصب الطلب على النفقة دائمة فإن الأمر ينقلب إلى طلب موضوعي خارج عن اختصاص القضاء الإستعجالي إذ يصبح صورة من صور الالتزام بوفاء وهو أمر موضوعي محض.
جـ/ أن يكون طلب النفقة غير متنازع فيه وجدي:
الواقع أن دعوى النفقة الوقتية إنما ترفع استنادا إلى حق يدعيه المدعي ويطلب الحكم له بتلك النفقة المؤقتة خصما منه، كأن تطلب الزوجة نفقة مؤقتة من القاضي الإستعجالي أو قاضي الموضوع إلى حين الفصل في دعوى الطلاق (أصل النزاع) في حين يدفع الزوج بأن المدعية ناشز و لا تستحق النفقة... الخ، فالبحث في كون الزوجة تستحق هذه النفقة أمر لا يرجع إلى قاضي الموضوع وما على القضاء الإستعجالي إلا الحكم بعدم الاختصاص طبقا للمادة 186 من قانون الإجراءات المدنية.
وإذا ظهر للقضاء المستعجل أن ذلك الحق الذي يدعيه المدعي غير منكور أو كانت المنازعة في شأنه غير قائمة على سند من الجد ويظهر له أيضا من ظروف الحال أن هذا الحق يحتمل التقدير المؤقت لنفقة وأنه ليس ثمة مانع قانوني من الوفاء فإنه يقضي بالنفقة المؤقتة إذا توافر الاستعجال، وإذا أثير أمام القضاء المستعجل نزاع في شأن من هذه الشؤون، فإنه يختص بتمحيصه من ظاهر المستندات لا يقضي فيه موضوعا بل ليستبين

(1) قرار صادر عن المحكمة العليا في الملف رقم 423033 قرار بتاريخ 19/01/2005- مجلة قضائية لسنة 2005- العدد الأول.
(2) محمد علي راتب وآخرون- مرجع سابق ص 457.
نصيبه من الجد توصلا للحكم في الإجراء المؤقت المطلوب منه، فإذا كان المدعي عليه ينكر وجود أصل الحق كلية كأن ينكر الأب بنوة أطفاله المطالبين بالنفقة أو ينكر العلاقة الزوجية التي تربطه بزوجته، عندئذ يتعين على القضاء المستعجل أن يفحص هذا النزاع من ظاهر المستندات فإذا أتضح له أنه يقوم على أساس من الجد قضى بعدم اختصاصه بنظر الدعوى، أما إذا تبين للقاضي أنه لا يستند إلى سند جدي فإنه يقضي في الدعوى دون أن يأبه له.
ومنه بحالة قيام سبب الاستحقاق وتوافر الشروط المذكورة أنفا يجب على القاضي أن يحكم بالنفقة لطالبها في مدى أسبوعين على الأكثر من تاريخ رفع دعوى النفقة المؤقتة تفي بحاجته الضرورية بحكم غير مسبب وواجب النفاذ فورا إلى حين الحكم النهائي بالنفقة.
وللزوج أن يجري المقاصة بين ما أدى من النفقة المؤقتة وبين النفقة المحكوم بها نهائيا.
كما أن رفع دعوى النفقة المؤقتة أمام قاضي الموضوع حسب المادة 57 مكرر من قانون الأسرة لا يسلب القاضي الإستعجالي اختصاصه بنظر الدعوى المستعجلة عند توافر شرطي الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق، ويستوي في ذلك أن تكون الدعوى الموضوعية قد رفعت قبل الدعوى الاستعجالية أم بعدها.
كما يجوز للقضاء الإستعجالي أن يقضي بإيقاف التنفيذ عن طريق دعوى إشكالات التنفيذ التي تدخل في اختصاص رئيس المحكمة طبقا لنص المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية وهذا إذا تبين من المعطيات القضية أن المحكوم له بالنفقة لا يعيش لدى الحاضن أو في حالة بلوغ السن المنصوص عليها قانونا.
وهناك تطبيقات قضائية في هذا الشأن كالأمر الإستعجالي الصادر بتاريخ 1992 تحت رقم 41/1992 والذي قضى بمنطوقه بوقف تنفيذ مبلغ النفقة المقررة بموجب الحكم المؤرخ في 02/04/1990 المقدرة بمبلغ 2000 د ج للابن وذلك إلى غاية الفصل في مسألة الحضانة (أنظر الملحق) والأمر على ذيل عريضة الصادر عن محكمة عين تموشنت التابعة لمجلس قضاء سيدي بلعباس بتاريخ 20/10/2008 الذي قضى بإعطاء نفقة غذائية مؤقتة لزوجة و الأبناء تسري من تاريخ صدور الأمر إلى غاية الرجوع الفعلي (أنظر الملحق) والأمر على ذيل عريضة الصادر عن محكمة بومرداس بتاريخ 27/10/2007 تحت رقم 572/07 (أنظر الملحق).
لكن بحالة رفع المدعي لدعوى النفقة المؤقتة أمام قاضي الموضوع حسب المادة 57 مكرر هل يمكنه استشكال في تنفيذه أمامه في رأينا أنه لا يمكن لأن الأصل الاستشكال في تنفيذ يكون أمام رئيس المحكمة فهو صاحب الاختصاص وفقا للمواد 183 من قانون الإجراءات المدنية وما بعدها.




المطلب الثاني: الحضانة المؤقتة.
تعتبر الحضانة من تبعات فك الرابطة الزوجية، و قد عرفتها المادة 62 من قانون الأسرة الجزائرية بأنها "رعاية الولد و تعليمه و القيام بتربيته على دين أبيه و السهر على حمايته و حفظه صحتا و خلقا". في حين أن الفقه يعرفها بأنه القيام على شؤون الطفل و كفالته بغرض المحافظة على بدنه و عقله و دينه، و حمايته من عوامل الانحراف و طوارئ الانحلال لما يمكنه من أن يكون فردا صالحا داخل مجتمعه مما يقتضي وضعه تحت أيدي مؤهلة لمثل هذه الواجبات و أن يكون لهم الحق في ذلك وفقا لقواعد الشريعة الإسلامية و القانون في حين أن المشرع المغربي عرفها في المادة 97 من المدونة المغربية للأحوال الشخصية بأنها " حفظ الولد مما قد يضره قدر المستطاع و القيام بتربيته و مصالحه".
و عليه فإنه يتعين على المحكمة عندما تقرر الحكم بالطلاق أو انحلال الرابطة الزوجية لأي سبب أن تفصل في حق الحضانة و أن تراعي كل العناصر المذكورة في نص المادة 62 من قانون الأسرة، و أن تراعي تبعا لذلك حاجيات المحضون و مصلحته الحقيقية التي يجب أن تتوفر له طيلة مدة حضانته ممن يرعى شؤونه.
إن منح حق ممارسة الحضانة يختص به مبدئيا قاضي الموضوع و هذا قبل النطق بالطلاق أو توابعه أو حتى بعد الطلاق فقد يتطلب تدهور حالة الأطفال تدخل حل القاضي لحمايتهم.(1)
فقد يقع مثل حالة حجز طفل رضيع من طرف أبيه و رفض هذا الأخير تسليمه لأمه أثناء دعوة الطلاق أو بالعكس فقد يتعرض الأطفال الموجودين تحت حضانة أمهم للإهمال أو الجوع أو سوء المعاملة، ففي هذه الحالات فإن ضرورة اتخاذ تدابير مستعجلة لحماية المحضونين من الأذى يجعل من الضروري اللجوء إلى قاضي الموضوع أو قاضي الأمور المستعجلة لاستصدار أمر على ذلك عريضة يعطى الحضانة لرافع الدعوة فعنصر الاستعجال يجعل من مسألة الحضانة أمرا مستعجلا يختص به القضاء المستعجل، أي ترفع دعوى إلى القضاء العادي موضوعها قائم على نزاع حول حضانة صغير، و خوفا من إطالة النزاع و مصلحة الصغير جاز لنفس المحكمة أن تصدر أمرا مفاده إسناد الحضانة مؤقتا إلى من يراه أهلا لها في انتظار حسم موضوع النزاع من طرف قاضي الموضوع وفقا للمادة 57 مكرر من قانون الأسرة.
و يرى الدكتور محمد ابراهيمي و تأيدا لما هو مقررا في قانون الأسرة الجزائرية أن شرط الاستعجال في قضايا الحضانة يجب ربطه دوما بمصلحة المحضون و هو معيار جد مناسبا في رأيينا لاختصاص قاضي الأمور المستعجلة الذي يقدر الظروف و يتخذ أفضل السبل و أصلحها للحفاظ على مصلحة المحضون.
و هناك تطبيقات قضائية فيما يخص الحضانة منها:
أمر على ذيل عريضة صادرة عن رئيس محكمة تغنيف بتاريخ 09/11/2008 تحت رقم 889/08 بناءا


(1) محمد ابراهمي - القضاء المستعجل- الجزء الثاني –ديوان مطبوعات الجامعية 2006- ص 122
على المادة 57 مكرر من قانون الأسرة و الذي يقضي بإسناد الحضانة المؤقتة للبنتين (ج.س) وو (ج.أ) لوالدتهما (ع.ر) إلى حين الفصل النهائي في الدعوى المطروحة أمام قسم شؤون الأسرة (أنظر الملحق)
كذلك مثال أمر استعجالي صادر عن رئيس محكمة باتنة بتاريخ 25/02/1994 تحت رقم 182/94 يقضي بإسناد الحضانة المؤقتة للبنت (ت.م) لجدتها لأب (أنظر الملحق)
نلاحظ أن قاضي محكمة باتنة قضى في طلب الحضانة المؤقتة بموجب أمر استعجالي في حين أن قاضي محكمة تغنيف قضى فيه بموجب أمر على ذيل عريضة و هذا بناءا على المادة 57 مكرر من قانون الأسرة و التي أدخلت في التعديل الأخير لقانون الأسرة، هذه المادة التي تعتبر أمر إسناد الحضانة المؤقتة هو من حالات الاستعجال التي يجب الفصل فيها على وجه السرعة و هذا بموجب أمر على ذيل عريضة بدلا من أمر استعجالي كما هو جاري به العمل قبل سنة 2005 أي قبل تعديل قانون الأسرة.
المطلب الثالث: حق الزيارة المؤقتة:
لقد نص المشرع الجزائري على حق الزيارة في الشطر الثاني من المادة 64 من قانون الأسرة على "أنه على القاضي عندما يحكم بإسناد الحضانة أن يحكم بحق الزيارة" و هذا يعني أن القاضي عند حكمه بفك الرابطة الزوجية يحكم أولا بإسناد الحضانة إلى صاحبها سواء أكانت الأم أم غيرها لكن غالبا تكون الأم باعتبارها الأولى رعاية لمصلحة المحضون، بعدها يحكم تلقائيا بحق الزيارة للطرف الأخر حتى ولو لم يطلب منه ذلك فإذا حكم مثلا بإسناد الحضانة إلى الأم يحكم تلقائيا بحق الزيارة للأب لتمكينه من رؤية ابنه المحضون المبعد عنه، و تكون الزيارة لأوقات محددة و بأماكن معينة في نفس الحكم.
غير أن المشرع الجزائري لم يحدد مفهوم الزيارة و لا شروطها و لا حتى الحالات التي تسقط فيها، كما أنه لم يحدد الأشخاص الذين يحق لهم طلب زيارة المحضون فهل هي حق ممنوح للوالدين فقط دون غيرهما كالجد و الأعمام مثلا؟ (1) و قد استقر القضاء على إعطاء حق الزيارة عن طريق القضاء الإستعجالي بصفة مؤقتة إلى أحد الوالدين الذي لا يحضن الولد و هذا راجع إلى تعسف أحدهما في استعمال حق الحضانة و منعه للطرف الأخر من رؤية أبنائه، خاصة أن قضايا الموضوع المتعلقة بالزواج و الطلاق كثيرة، و عادة ما تطول إجراءاتها و تستغرق فترة طويلة الأمر الذي يحول معه دون رؤية الأبناء.
جرى العمل في محاكمنا في قضايا الزيارة المؤقتة أن يفصل فيها قاضي الاستعجال و ذلك بناء على طلب زيارة مؤقتة يرفع أمامه بمقتضى عريضة افتتاحية وفق للأحكام المادة 12 من قانون الإجراءات المدنية و تثور بشأنه منازعة قضائية و بعد تأكد القاضي من صحة الإدعاءات و استنباط عنصر الاستعجال من وقائع



(1) د. فضيل لعيش – شرح وجيز لقانون الأسرة الجديد – طبعة 2007/2008 ص 63.
القضية، فإنه يصدر أمرا إستعجاليا بحق الزيارة المؤقتة إلى حين الفصل في أصل النزاع و هو ما جرى به العمل بمحكمة عين تموشنت التابعة لمجلس قضاء سيدي بلعباس باعتبار أمر الزيارة المؤقتة ليس أمر ولائي و إنما هو أمر قضائي يدخل في اختصاص رئيس المحكمة.
في حين أن بعض المحاكم سلكت طريقا أخر حيث يفصل في قضايا الزيارة المؤقتة قاضي الموضوع و هو قاضي شؤون الأسرة و هذا عمل بنص المادة 57 مكرر من قانون الأسرة التي جاء بها المشرع في التعديل الأخير بموجب الأمر رقم 05/02 المؤرخ في 27 فيفري 2005 المعدل و المتمم لقانون الأسرة الجزائري حيث يصدر هذا الأخير أمرا على ذيل عريضة بناءا على طلب المدعي طالب الزيارة المؤقتة و هو ما يجري به العمل بمحكمة بومرداس منذ 2005 و سوف نعرض بعض التطبيقات القضائية في هذا الخصوص و الصادرة عن المحاكم السالفة الذكر، بعدها نحاول المقارنة بين الأمرين المتعلقين بحق الزيارة المؤقتة. لدينا الأمر الصادر عن محكمة عين تموشنت التابعة لمجلس قضاء سيدي بلعباس بتاريخ 13/02/2008 تحت رقم 13/08، و القاضي بمنح المدعو ( ب.ع) و المدعوة (ي.ن) حق زيارة ابنه المدعو و ذلك كل يوم خميس ابتداء من الساعة 10 صباحا إلى غاية الساعة 11 عشر مساءا مع إرجاعه و تسليمه لأمه عند نهاية كل زيارة.
باستقراء هذا الأمر نجد أنه يصدر عن رئيس المحكمة بصفته قاضي الاستعجال و صاحب الولاية العامة للقضاء الإستعجالي أي أن القاضي هنا يستند إلى المواد 183 و ما بعدها من قانون الإجراءات المدنية التي تعطي له الاختصاص للفصل في قضايا الاستعجال.
فحق الزيارة حق يتمتع به خاصة الوالدين، و في حالة منع أحد الأولياء للأخر من رؤية أبنائه فإن هذا التصرف يؤدي إلى إحداث عقبة مادية لإزالتها لا بد من منازعة قضائية، أي أن طلب الزيارة المؤقتة هو طلب يرفع من قبل أحد الوالدين إلى القضاء الإستعجالي لتمكينه من رؤية و زيارة أبنائه الموجودين لدى الزوج الأخر ريثما يفصل قاضي الموضوع نهائيا في النزاع المرفوع أمامه و هو المبدأ الذي تبناه معظم القضاة في محاكمنا خاصة مع الغموض الوارد في نص المادة 57 مكرر التي لم تبين من هو القاضي المختص بإصدار الأمر على ذيل عريضة في قضايا الزيارة المؤقتة، و قد قررت المحكمة العليا هذا المبدأ في أحد قراراتها.
وقد أقرت المحكمة العليا في أحد قراراتها:
و أولوية الأم و الأب لربط صلة الرحم من أولويات الاستعجال إذا نشأ نزاع بين الطرفين و نتج عنه إشكال حق الزيارة و طرح الأمر على العدالة في شكل طلب مستعجل فالرفض لعلة أنه غير مستعجل هو خطأ في تصنيف الأمور المستعجلة.
و قد ذهبت المحكمة العليا إلى أبعد من ذلك و أكدت بأنه يجوز إصدار أمر استعجالي فيما يخص الزيارة حيث جاء قرارها المؤرخ في 30/04/1990 صادر في الملف رقم 79891 عن غرفة الأحوال الشخصية


المنشور بالمجلة القضائية بالعدد رقم 01/1992 على أنه إذا كان غياب الولد عن أمه يؤتى به عن طريق أمر استعجالي أو عن طريق أمر من وكيل الجمهورية فكيف يرفض طلبها بمقولة عدم الاختصاص في تحديد مكان الزيارة الذي لا علاقة له بالحضانة بل هو مجرد إجراء يرمي إلى تمكين الأم من رؤية ولدها لزمن محدد ثم يرجع الولد لحضانه.
و لدينا كذلك أمر على ذيل عريضة الصادر عن محكمة تغنيف التابعة لمجلس قضاء معسكر بتاريخ 16/11/2008 تحت رقم 914/08 و الذي قضى بإعطاء حق الزيارة المؤقتة لزوج يومي الخميس و الجمعة من الساعة 10 صباحا إلى غاية 18 مساءا إلى حين الفصل في الدعوى المرفوعة أمام قسم شؤون الأسرة تحت رقم 600/08 باستقراء هذا الأمر نجد أنه صادر عن رئيس المحكمة بصفته صاحب الاختصاص في القضاء الإستعجالي و أن الأوامر الولائية تدخل أيضا في اختصاصه كرئيس محكمة استنادا إلى نص المواد 172– 173 الخاصة بالتدابير الاستعجال و استنادا إلى المادة 57 مكرر من قانون الأسرة التي نصت على أنه بإمكان القاضي أن يفصل بموجب أمر على ذيل عريضة في قضية الزيارة المؤقتة فرئيس محكمة تغنيف يرى بأنه هو المختص بإصدار هذا الأمر على ذيل عريضة، و بالمقابل لدينا الأمر على ذيل عريضة صادرة عن قاضي شؤون الأسرة بمحكمة بومرداس هو الأمر رقم 152/08 المؤرخ في 05/03/2008 الذي يقضي بتمكين المدعي من حق زيارة ابنته و ذلك كل يوم خميس و جمعة من الساعة العاشرة صباحا إلى الثانية بعد الزوال إلى غاية الفصل في النزاع الموضوعي المطروح أمام قاضي شؤون الأسرة (أنظر الملحق)، فقاضي شؤون الأسرة بمحكمة بومرداس يرى بأنه هو المختص بناءا على نص المادة 57 مكرر من قانون الأسرة، باعتبار أن هذه المادة مكنة جديدة يضعها المشرع في يد قاضي الموضوع بصفته الأكثر إطلاعا على الملف و بالتالي يسهل الأمور على المتقاضي بسرعة الفصل في الطلب المرفوع أمامه بدلا من تقديمه لرئيس المحكمة الذي يعرف مكتبه عملا و اكتضاض كبير في القضايا، و هو المبدأ الذي تبناه و أيده بعض القضاة على مستوى محاكمنا.
و يجدر بنا في الأخير أن نشير بأنه في حالة إغفال القاضي الفاصل في النزاع الأصلي الفصل في منح حق الزيارة لمن هو أحق بها فإنه يجوز للمتقاضي أن يلجأ إلى قاضي الاستعجال لمنحه و تحديد ميقاته.(1)







(1)الأستاذ طاهري حسين- مرجع سابق– ص 35.
المطلب الرابع: حق البقاء بالمسكن الزوجية.
و يقصد بالمسكن المكان الثابت و المخصص بصفة دائمة لسكن و يعرفه الأستاذ بن رقية بن يوسف أنه ذلك المحل الذي يستعمل في النهار و الليل للسكن و الاستراحة أو الاستحمام و هو المأوى بصفة عامة.
إن للمرأة قانونا حق البقاء و الرجوع في الأمكنة غير أن الواقع العملي خاصة الأعراف التي لها قوة القانون بالتقريب ببلادنا تدفع المرأة إلى ترك المسكن الزوجي بمجرد الطلاق و قبل انقضاء العدة بل حتى المطلقة الحاضنة تطرد من المسكن مع محضونيها.(1)
لقد أوجب ديننا الحنيف على المرأة البقاء ببيت الزوجية طيلة مدة عدتها و حتى أثناء نشوب خلاف بينهما و بين زوجها، فلا يجوز للزوج إخراج زوجته أو مطلقته أثناء العدة من بيت الزوجية بإعتبار أن البيت لازال بيتها عملا بقوله تعالى: " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقهن لعدتهن و أحصوا العدة، و اتقوا الله ربكم و لا تخرجوهن من بيوتهن" صدق الله العظيم (2) ذلك أن الطلاق في الشريعة الإسلامية و القوانين الوضعية لا يعتبر من أول وهلة قطعا للرابطة الزوجية و إنما يعتبر وقفا لها بصفة مؤقتة حتى يتضح حقيقة الأمر، لكن و للأسف فقد أهمل مجتمعنا في هذا الوقت العمل بهذا النص القرآني بل أصبح الأخذ به من المستحيل.
فالمرأة بمجرد نشوب خلاف بينها و بين زوجها أو مجرد سماعها للفظ الطلاق تسارع بالخروج من بيتها و قد يصدر هذا التصرف عنها بمحض إرادتها و هنا ليس ثمة إشكال لكن الإشكال يثور بحالة قيام الزوج بطردها من بيت الزوجية مخرجا إياها رغما عنها و بدون إرادتها و كان ليس لها مأوى تلجأ إليه هي و أبنائها فالسؤال المطروح هل يمكن للزوجة اللجوء إلى القضاء الإستعجالي لإلزام الزوج ليمكنها من البقاء في بيت الزوجية إلى حين الفصل في موضوع النزاع؟
إن الإجابة عن هذا السؤال نجدها في بعض الأحكام الشرعية التي جاء بها ديننا الحنيف و هذا ما جاء به قانون الأسرة الجزائري.
فقد جاء في القرآن الكريم أن الزوجة لا تخرج من بيت الزوجية إلى أن تأتي بفاحشة مبينة.
و قد تبنى المشرع الجزائري هذا المبدأ و جسده في نص المادة 61 من قانون الأسرة التي جاء فيها:"لا تخرج الزوجة المطلقة و لا المتوفى عنها زوجها من السكن العائلي ما دامت في عدة طلاقها أو وفاة زوجها إلا في حالة الفاحشة المبينة و لها الحق في النفقة في عدة الطلاق".
فمن خلال هذا النص يتضح لنا أن بقاء الزوجة بمسكن الزوجية حق من حقوقها، و بحالة تعسف الزوج و قيامه بطردها منه و لم يكن لها ولي يقبل إيوائها أو لم يكن لديها مسكن أخر و خاصة إذا كانت حاضنة، فهنا يوجد خطر عليها و على الأبناء المحضونين، و بالتالي هنا يتوفر عنصر الاستعجال من خطر حال و حالة


(1) مقال الدكتور الطيب لوح- إشكالية تطبيق بعض أحكام قانون الأسرة في غياب الحماية القانونية الجزائية والإجرائية- العدد 3 سنة 2000 ص 261.
(2) الآية الأولي من سورة الطلاق.
ضرورة تجيز للمطلقة اللجوء إلى القاضي الناظر بموضوع النزاع أو قاضي الأمور المستعجلة لاستصدار أمر بإرجاعها إلى مسكن الزوجية إلى حين الفصل في أصل الموضوع.(1)
و هو ما نستشفه من نص المادة 61 من قانون الأسرة الجزائري كالتي تتحدث عن المطلقة و المتوفى عنها زوجها فقط لكن من باب أولى من رأينا أن تستفيد من هذه الحماية القضائية الزوجة التي طردت بمجرد خلاف مع زوجها لم يحسم بعد نهائيا.
و قد أقر المشرع الجزائري في التعديل الأخير لقانون الأسرة بموجب الأمر رقم 05/02 المؤرخ في 27 فيفري2005 قواعد جديدة في مجال أيلولة المسكن الزوجي بحالة فك الرابطة الزوجية عملا بالمادة 72 و المتممة من قانون الأسرة فإنه في حالة الطلاق يجب على الأب أن يوفر لممارسة الحضانة سكنا ملائما للحاضنة و إن تعذر ذلك وجب عليه دفع بدل الإيجار، و تبقى الحاضنة في بيت الزوجية حتى تنفيذ الأب للحكم القضائي المتعلق بالسكن فهذا النص يبين أن مسكن الزوجية يبقى للمطلقة التي استفادت بالحضانة.(2)
على عكس ما جاء بالقانون قبل التعديل في نص المادة 52 من قانون الأسرة منه التي تنص على أنه إذا تبين للقاضي تعسف الزوج في الطلاق حكم للمطلقة بالتعويض عن الضرر اللاحق بها، و إذا كانت حاضنة و لم يكن لها ولي يقبل إيوائها و يضمن حقها في المسكن مع محضونيها
حسب وسع الزوج ستستثنى من القرار بالسكن بمسكن الزوجية إذا كان وحيدا أو تفقد المطلقة حقها في السكن في حالة زواجها أو ثبوت انحرافها.
أي أن المادة 72 من قانون الأسرة المعدلة بالأمر 05/02 جعلت أمر توفير مسكن للمرأة الحاضنة أمرا إلزامي و وجوبي و بحالة عدم قدرة الزوج فعلية دفع بدل الإيجار، فضمان مسكن للحاضنة أمر ضروري و هو من حالات الاستعجال التي تتطلب اتخاذ تدابير مؤقتة و سريعة و بشأنه لقيام عنصر الاستعجال و هو ما أكدته المادة 57 مكرر من قانون الأسرة.
وهناك بعض التطبيقات القضائية في هذا الموضوع غير أنه هناك اختلاف في وجهات النظر من جهة عن الكيفية التي يصدر بها هذا الأمر و الإشكال دائما يدور حول ما إذا كان الأمر الذي يصدر في هذه المسألة هل هو أمر قضائي أم ولائي وهل يصدره رئيس المحكمة أم قاضي الموضوع؟
لقد تمكنا من الحصول على بضعة الأوامر الصادرة عن بعض الجهات القضائية في هذا الشأن و أغلبها يصدر بأمر على ذيل عريضة عمل بالمادة 172 من قانون الإجراءات المدنية و المادة 57 من مكرر من قانون الأسرة.


(1) دكتورة حمليل صالح – مرجع سابق- ص 57.
(2) د. محمد ابراهمي- مرجع سابق- ص 123.

و من أمثلة هذه التطبيقات القضائية مثلا:
الأمر الصادر عن محكمة وهران و هو أمر على ذيل عريضة المؤرخ في 11/09/1992 تحت رقم 180/92
قضى في منطوقه بـ: "بعودة السيد (س.م) إلى مسكنه الكائن بـ: شارع أحمد عبد اللطيف وعلى زوجته (س.ع) و أبنائها بعدم التعرض له في ذلك. (أنظر الملحق)
كذلك هناك الأمر الصادر عن نفس المحكمة بتاريخ 20/09/1992 تحت رقم 189/1992 قضى في منطوقه بـ: "بعودة السيدة (ي.ي) إلى المقر الزوجية. (أنظر الملحق)
نلاحظ أن هذين الأمرين صادران عن رئيس المحكمة بشكل أمر على ذيل عريضة و ليس كأمر استعجالي كما هو جار به العمل في بعض المحاكم قبل التعديل الأخير لقانون الأسرة، لأن المشرع قبل هذا التعديل لم يفرض الفصل في قضايا الرجوع و البقاء في مسكن الزوجية أو مسكن الحضانة بموجب أمر على ذيل عريضة لذا نجد رؤساء المحاكم يصدرون أوامر استعجالية بشأنها. لكن لما جاءت المادة 57 مكرر التي تنص صراحة على الفصل بموجب أمر على ذيل عريضة أصبحت معظم المحاكم تفصل في شأن المسكن بموجب أوامر ولائية، و نأسف لعدم تقديم مثال تطبيقي لذلك لأنه تعذر علينا إيجاد نموذج بالمحاكم التي تربصنا بها.
غير أن بعض القضاة يرون أنه من الأفضل الفصل في القضايا المتعلقة بالرجوع إلى مسكن الزوجية أو مسكن الحضانة بموجب أمر استعجالي لأنه في مثل هذه الأحوال لا بد من منازعة قضائية لأنه هناك عقبة مادية اعترضت حق البقاء في السكن الزوجي و بالتالي فإن الأمر الذي يصدر في هذا الشأن بناء على عريضة (أمر ولائي) هو برأيهم أمر غير وجيه و ينبغي العدول عنه حتى يمكن الأفراد من إبداء دفوعهم و تمكينهم من ممارسة حق الدفاع.
بعدما انتهينا من شرح حالات الاستعجال المذكورة بالمادة 57 مكرر من قانون الأسرة يمكن القول بأن المشرع الجزائري أدخل هذه المادة بموجب التعديلات الأخيرة على قانون الأسرة بموجب الأمر رقم 05/02 المؤرخ في 27 فيفري 2005.(1)
هذه المادة الجديدة التي أجازت صراحة للقاضي الفصل في بعض المواد التي يحكمها قانون الأسرة، حيث جاء فيها ما يلي:
يجوز للقاضي الفصل على وجه الاستعجال بموجب أمر على ذيل عريضة في جميع التدابير المؤقتة و لا سيما ما تعلق منها بالنفقة و الحضانة و الزيارة و السكن.



(1) الأمر الموافق عليه بموجب القانون رقم 05/09 المؤرخ في 04/05/05 بالجريدة الرسمية رقم 43 بتاريخ 22 جوان 2005
يعالج هذا النص صلاحية القاضي النظر و الفصل على وجه الاستعجال بموجب أمر على ذيل عريضة في الأمور المتعلقة بالنفقة و الحضانة أو الزيارة و السكن و في مواد أخرى متعلقة بشؤون الأسرة و التي تتطلب اتخاذ تدابير مؤقتة.
إن المادة 57 مكرر من قانون الأسرة لم تأتي بشيء جديد لأن الاستعجال موجود من قبل في مادة الأحوال الشخصية لكن الذي أتت به هو أن الفصل في الأمور المتعلقة بالحضانة و النفقة و الزيارة و السكن يكون بموجب أمر على ذيل عريضة في حين أنه قبل تعديل كان الفصل فيها بموجب أمر استعجالي في معظم المحاكم.
و الملفت للانتباه أن الأسلوب الذي حررت به المادة هو أسلوب سهل غير أن صياغتها جاءت غير ملائمة و قد تثير إشكالات عند تطبيقها.
فقد استعملت المادة 57 مكرر مصطلحين الأول مصطلح الاستعجال réfère و الثاني مصطلح أمر على ذيل عريضة ordonnance sur requête
فإذا كان المصطلح الأول يحيل إلى اختصاص قاضي الأمور المستعجلة فإن المصطلح الثاني يتصل باختصاص رئيس المحكمة في مجال إصدار الأوامر على ذيل عريضة أي ضمن الأعمال الولائية المخولة له قانونا، فإذا علمنا أن الإجراءات المطبقة أمام قاضي الأمور المستعجلة تختلف جذريا عن تلك المتبعة أمام رئيس قسم شؤون الأسرة فلمن يعود الاختصاص في اتخاذ التدابير المؤقتة هل رئيس الحكمة ضمن الأعمال الولائية المخولة له قانونا أم رئيس قسم شؤون الأسرة؟ لقد أنقسم القضاء إزاء هذه المسألة إلى رأيين.
في الفريق الأول من القضاة يرى بأن الاختصاص حق يعود إلى رئيس المحكمة في حين أن الفريق الثاني يرى بأن الاختصاص يعود لرئيس قسم شؤون الأسرة ولكل فريق أسانيده التي اعتمد عليها فالفريق الأول من القضاة ومن بينهم "المستشار لدى المحكمة العليا" زوده عمر يرى بأن رئيس المحكمة هو المختص دون قاضي شؤون الأسرة للفصل في المواد الواردة بنص المادة 57 مكرر من ق أ، أما إشارة المشرع في هذه المادة إلى أن الفصل يتم بموجب أمر على ذيل عريضة فإنه يرجع فقط إلى خطأ في تقدير المعنى القانوني لهذا المصطلح.
فالمتفق عليه فقها وقضاءًا أن التدابير المتعلقة بالنفقة أو الحضانة أو الزيادة أو المسكن أو التدابير المؤقتة الأخرى المتخذة في مادة شؤون الأسرة هي بطبيعتها تدخل مبدئيا في اختصاص محكمة الموضوع وفي حالات
الاستعجال فقط ينتقل الاختصاص إلى قاضي الأمور المستعجلة إذا اعترف القاضي الأمور على ذيل عريضة الفصل في مثل هذه المواد على وجه الاستعجال فإن ذلك يعني الاستغناء عن الضمانات التي تتسم بها الدعوى القضائية كاحترام مبدأ المواجهة وحق الدفاع لأن الأمر على ذيل عريضة هو قرار ولائي يتخذ في غرفة المشورة دون تكليف الخصم وهذا بدون شك ما لم يقصده المشرع وما يدعم رأيهم باختصاص رئيس المحكمة هو استعمال النص الفرنسي للمادة 57 مكرر لمصطلح réfère الذي يؤدي بمعنى القضاء الإستعجالي.
وقد ذهب في هذا الاتجاه كما ذكرنا سابقا الأستاذ "عمر زودة" مستشار لدى المحكمة العليا الذي يرى بأن المشرع لم يأت بجديد في هذه المادة لأن صاحب الاختصاص بإصدار الأوامر على ذيل عريضة هو رئيس المحكمة وهذا استنادا إلى المواد المذكورة بقانون الإجراءات المدنية .كما أيد هذا الرأي الأستاذ محمد ابراهمي الذي يرى بأن المادة 57 مكرر من قانون الأسرة هي تكريس لقضاء مستقر الذي يعترف لرئيس المحكمة بصلاحية النظر والفصل في الأمور المتعلقة بالنفقة والحضانة والزيارة والمسكن وكذا في المواد الأخرى المتعلقة بشؤون الأسرة.(1)
لذا نجد انه على مستوى العديد من محاكمنا تصدر الأوامر على ذيل عريضة في الحالات المنصوص عليها بالمادة 57 مكرر من قانون الأسرة من رئيس المحكمة وقد قدمنا نماذج تطبيقية على ذلك (أنظر الملحق) في حين أن الفريق الثاني من القضاة يميل إلى تفسير المادة 57 مكرر من قانون الأسرة على أنها تجيز لقاضي شؤون الأسرة الفصل على وجه الاستعجال في الحالات المذكورة بالمادة السالفة الذكر، وهذا بالنظر إلى موضوع الأوامر على ذيل عريضة وإلى كون هذه الأوامر منصوص عليها ضمن قانون الأسرة.
فبرأيهم هذا اختصاص جديد أدخله المشرع الجزائري بموجب التعديل الأخير لقانون الأسرة، لأن قاضي شؤون الأسرة هو الأكثر إلماما ودراية بالملف مما يسهل له الفصل على وجه السرعة فيه.
كما أنه لا يوجد في القانون ما يمنع إصدار الأوامر على ذيل عريضة من قاض آخر غير رئيس المحكمة.
ومن جهة أخرى يرى هؤلاء أن هذا الاختصاص الجديد ينقص من اكتظاظ الملفات بمكتب رئيس المحكمة، ويضمن للمواطن سرعة حصوله على طلبه القضائي، لذا نجد في بعض المحاكم والمجالس القضائية قضاة قسم شؤون الأسرة هم من يصدرون هذه الأوامر الولائية منذ سنة 2005 أي منذ صدور التعديل الأخير لقانون الأسرة الجزائري وقد قدمنا نماذج تطبيقية تبين ذلك (أنظر الملحق).
ويرى الأستاذ فضيل لعيش أن المادة 57 مكرر من قانون الأسرة جاءت بدون موضوع وطرحت إشكالا في الصميم لأنها نصت على الفصل بموجب أمر على ذيل عريضة وهو إجراء تحفظي لا يمس بأصل الحق بينما النفقة والزيارة والمسكن والحضانة كلها من توابع الطلاق مما يجعل هذه المادة تعرف عدة إشكالات في التطبيق وحرم أحد الأطراف المتقاضية من درجات التقاضي المنصوص عليها دستوريا والامتناع عن تطبيق هذا الأمر على ذيل العريضة لا يترتب عنه جزاء و بنتيجة فإن هذه المادة شملت النزاع الجدي والأساسي في قضايا الطلاق وتوابعه ولم تقدم حلول بل قدمت إشكالات يستحال تنفيذها قانونا مما يجعل تدخل المشرع في أول تعديل ضروري لوضع صياغة موضوعية لهذه المادة تماشيا مع روح القانون المنطقي.(2)


(1) محمد ابراهمي- مرجع سابق- ص 119.
(2) د. فضيل لعيش – مرجع سابق- ص 75.
ومن خلال قراءتنا للمادة 57 مكرر من قانون الأسرة نفهم أنها جاءت بجديد في رأينا وأضافت اختصاصا جديدا لرئيس قسم شؤون الأسرة وهو الفصل على وجه الاستعجال وبموجب أمر على ذيل عريضة في مادة النفقة والزيارة والحضانة والسكنى وفي كل الأمور المتعلقة بشؤون الأسرة وما يؤكد توجهنا هذا هو ما جاء به المشرع الجزائري في التعديل الأخير لقانون الإجراءات المدنية والإدارية في المادة 425 التي تنص على أنه "يمارس رئيس قسم شؤون الأسرة الصلاحيات المخولة لقاضي الاستعجال..."
وكذلك المادة 499 منه التي تنص " يجوز لقاضي شؤون الأسرة وعن طريق الاستعجال، أي يتخذ جميع التدابير التحفظية..." (1)
فهاتين المادتين تؤكدان بأن نية المشرع في المادة 57 مكرر من قانون الأسرة قد اتجهت إلى إعطاء الاختصاص بالفصل بموجب أمر على ذيل عريضة لقاضي شؤون الأسرة وليس لرئيس المحكمة وهو التفسير الذي نراه مناسب للمادة 57 مكرر من قانون الأسرة.
ويبقى الاختلاف بين القضاة حول الاختصاص قائما لعدم وضوح النص إلى غاية الفصل فيه من المحكمة العليا التي لم تصدر أي قرار في الموضوع لحد الآن رغم صدور المادة 57 مكرر في سنة 2005.
بالإضافة إلى إشكال الاختصاص الذي فرضته المادة السالفة الذكر فإن هناك أسئلة أخرى يمكن طرحها بعد قراءتها.
فقد ورد بنص المادة 57 مكرر من قانون الأسرة عبارة " لاسيما" مما يجعلنا نتسأل هل الحالات التي ذكرت بهذه المادة وهي النفقة، الحضانة والزيارة والمسكن هي حالات وردت على سبيل الحصر أم على سبيل المثال؟ وهل يمكن الحكم على وجه الاستعجال في حالات أخرى كالكسوة والعلاج وغيرها؟.
إن كلمة لا سيما في اللغة العربية تفيد التخصص، لكن هل المشرع الجزائري عند استعماله هذا اللفظ قصد بها التخصص والحصر؟
باستقراء المادة 57 مكرر من قانون الأسرة نتفهم بأن المشرع ذكر حالة النفقة والحضانة والزيارة على سبيل المثال لا الحصر، ففي كل حالة يرى فيها المتقاضي وجها لاستصدار أمر على ذيل عريضة يتعلق بهذه الحالات أو غيرها من التدابير المؤقتة فإنه يسلك هذا السبيل دون قيد لأن نظام الأوامر على العرائض هو قانون إجرائي ونظام خاص للحصول على الحماية القضائية.
فالمشرع لم يحدد هذه الأحوال والمرجع في ذلك هو وجود الطلب وذلك دون تحديد أو حصر لهذه الأحوال، أما ذكر المشرع للحالات الأربعة فلأنها برأينا هي حالات تكثر بشأنها الدعاوي والطلبات نظرا لضرورتها وأوليتها وما يدعم قولنا هذا هو ذكر عبارة " جميع التدابير المؤقتة" قبل عبارة "لا سيما" بنص


(1) المادة 425و499 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الصادرة بالجريدة الرسمية عدد 21 والصادرة بتاريخ 23 أفريل 2008.
المادة 57 مكرر من قانون الأسرة وتعني هذه العبارة أنه في جميع الأمور المستعجلة والمتعلقة بشؤون الأسرة يمكن للقاضي المختص أن يصدر أمر على ذيل عريضة.
والأمور المستعجلة في شؤون الأسرة متعددة ولا يمكن حصرها في مادة واحدة كما الحال بحالات الاستعجال المذكورة في المادة 172 من قانون الإجراءات المدنية لذلك ترك المشرع أمر تقديرها للقاضي الناظر في الطلب القضائي، فهو يقدر وجود الاستعجال من عدمه فإذا وجده متوفرا أصدر أمره، وهذا ما يجرنا إلى القول بأنه يمكن استصدار أمر على ذيل عريضة من أجل حالات أخرى يتوفر فيها عنصر الاستعجال كحالة الكسوة والعلاج وغيرها من الحالات الأخرى المتعلقة بشؤون الأسرة والتي تكون بطبيعتها مستعجلة.
كذلك هناك سؤال آخر يمكن طرحه وهو، هل يجب تسبيب الأوامر على ذيل عريضة الصادرة في حالات الاستعجال وفقا للمادة 57 مكرر من قانون الأسرة؟
بالرجوع إلى نص المادة 57 مكرر من قانون الأسرة والمادة 172 من قانون الإجراءات المدنية، فإننا نجد أن المشرع لم ينص على وجوب تسبيب الأوامر على ذيل عريضة التي يصدرها القضاة بحالات الاستعجال متعلقة بشؤون الأسرة لذا فالقضاة على مستوى محاكمنا يصدرون هذه الأوامر الولائية بناءا على الطلبات المقدمة إليهم من ذوي الشأن ويصدرونها بغيبتهم وهذا دون تسبيبها لأنها إجراء وقتي وتحفظي لا يمس بأصل الحق المتنازع عليه وينتهي مفعولها بمجرد صدور حكم في الموضوع.(1)
من جهة أخرى فإن المادة 57 مكرر من قانون الأسرة لم يبين لنا هل يمكن استئناف الأمر على ذيل عريضة أم لا في حالة رفضه من القاضي المقدم له الطلب ولكن بالرجوع إلى نص المادة 172 من قانون الإجراءات المدنية نجد أنها إمكانية استئناف الأوامر هذه العريضة التي يصدرها رئيس المحكمة قياسا على ذلك فإننا نقول بأنه يمكن الاستئناف الأوامر الولائية الصادرة بحالات الاستعجال المذكورة في المادة 57 مكرر من ق أ، إلى جانب ما قيل، فإنه هناك سؤال آخر تطرحه المادة 57 مكرر من ق.أ يتعلق بمدى حجية الأوامر الولائية الصادرة حسب هذه المادة؟
إن المشرع الجزائري أغفل الإجابة عن هذا السؤال أيضا لكن بالرجوع للأصل العام للأوامر الولائية وهي المادة 172 من ق.أ.م التي تنص على أن لهذه الأوامر قوة تنفيذية ترقى على درجة السند التنفيذي الذي يخول لصاحبه تنفيذه جبرا وذلك بقوة القانون رغم قابليته التظلم منه، أي أن الأوامر الصادرة في حالات المستعجلة بالأسرة لا يكون له حجية لكنها تتمتع بقوة تنفيذية والعلة في ذلك أنها عمل ولائي لا يؤدي إلى اكتساب الحقوق ولا إلى إهدارها وبالتالي هي تنفذ فورا بمجرد صدورها بدون انتظار آجال التبليغ.
وتجدر بنا الإشارة إلى أن المشرع الجزائري في هذه المادة لم يلزم طالب الأمر بميعاد لتنفيذ تحت طائلة السقوط، ولكن في رأينا أنه يجب تنفيذه بسرعة و لا يجب انتظار فترة طويلة لأنه يفترض بطالب الأمر أنه في

(1) بوبشير محند أمقران – قانون الإجراءات المدنية ديوان المطبوعات الجامعية طبعة 2001 – ص 369.
عجلة من أمره ويخشى خطرا داهما لذا استغاث بالقضاء لاتخاذ إجراء وقتي يبعد عنه ذلك الخطر وعدم تنفيذه للأمر بسرعة والفترة طويلة يدل على أنه لم يكن ثمة عجلة تدعوا لإصداره، كما أن عدم تنفيذه يؤدي إلى احتمال تغير الظروف الداعية لإصداره وزوال الحاجة الملحة والملجئة إليه:
إن المشرع لم يحدد ميعادا لتنفيذ الأمر على ذيل عريضة فإنه لم يحدد أيضا ميعادا لتظلم منه، لكن جرى العمل على تحديد مدة 15 يوما من تاريخ صدوره و إلا سقط، لذا نحن ندعوا إلى وجوب تدخل المشرع لوضع ميعاد لتنفيذ الأوامر الولائية تحت طائلة السقوط على اعتبار أنها من الأمور الاستعجالية.
ومن الأشياء التي أغفلت عنها المادة 57 مكرر من قانون الأسرة هي هل في حالة رفض أو سقوط الأمر هل يمكن استصدار أمر جديد بذات الأساليب والمستندات السابقة؟
في رأينا لا يوجد ما يمنع ذلك خاصة بغياب نص قانوني، وقد لاحظنا هذا في تربصنا الميداني بمحكمة تغينف، إذ يمكن للمتقاضي تقديم طلبه من جديد بعد رفضه بالمرة الأولى لكن يشترط دائما توفر شروط اللازمة لاستصداره وإلا رفض طلبه مرة أخرى.
بالإضافة إلى كل ما ذكر أعلاه فإننا نضيف بأنه يمكن للمتقاضي استصدار أمر على ذيل عريضة وذلك بتقديم الوثائق التالية:
1- عريضة أو طلب يبين فيه طلباته ونوع الأمر الذي يريد الحصول عليه ويكون عليها اسم الخصم الموجه إليه هذا الأمر.
2- عقد زواج يثبت العلاقة الزوجية وشهادة عائلية للأبناء.
3- وصل ونسخة عن العريضة الافتتاحية تثبت وجود دعوى مرفوعة أمام قاضي الموضوع لأنه لاستصدار أمر على ذيل عريضة يشترط أن تكون هناك دعوى في الموضوع قائمة وبحالة عدم إثبات وجودها يرفض الطلب.
4- وصل دفع الرسوم القضائية والمقدرة ب 500 دج.
5- محضر إثبات حالة
بعدها يقدم الطلب والوثائق إلى قاضي شؤون الأسرة أو إلى رئيس المحكمة وهذا حسب ما يجري به العمل بكل محكمة كما شرحنا سابقا.
ثم يصدر القاضي أمره كتابيا مذيلا بتوقيعه وبغيبة الحصول على إحدى نسخ العريضة المقدمة من طالب الأمر وهذا في نفس اليوم تقديم الطلب أو في اليوم الموالي له على الأكثر ثم تحفظ نسخة منه بكتابة الضبط ونسلم نسخة ثانية لصاحب الشأن بمقدم الطلب، وللقاضي في إصداره للأمر السلطة التقديرية الكاملة في قبول الطلب



كلية أو جزئيا أو رفضه على أنه ليس للقاضي قبول الطلب وإصدار الأمر إلا إذا كان هناك خوف من احتمال وقوع ضرر بالحق إذا لم يحصل الطالب على الأمر المطلوب وكان المطلوب بالأمر مجرد إجراء لا يمس بأصل الحق(1)، كما يجوز للقاضي الذي أصدر الأمر أن يتراجع عن موقفه بتعديل الأمر وإصدار أمر جديد مخالف.
وما يمكن أن نستخلصه في الأخير أن المادة 57 مكرر من قانون الأسرة جاءت بصياغة غير واضحة وطرحت عدة إشكالات كما أشرنا سابقا مما جعل القضاة في الميدان يختلفون ويواجهون صعوبتا بتطبيقها مما دفعهم إلى الاجتهاد، وهو الشيء الذي يستدعي تدخل المشرع لتوضيحها أكثر.
بعد أن انهينا هذا المبحث، الآن سنتطرق إلى حالات الاستعجال المنصوص عليها صراحة المادة 182 و المادة88 من قانون الأسرة وهذا في المبحث الثاني من هذا الفصل.



















(1) فتحي والي الوسيط في قانون القضاء المدني- طبعة 1980 ص 884.

المبحث الثاني: حالات الاستعجال متعلقة بشؤون
الأسرة المنصوص عليها بالمادتين 182و 188 من قانون الأسرة

بعدما تطرقنا في المبحث الأول إلى حالات الاستعجال المتعلقة بشؤون الأسرة والمنصوص عليها صراحة بالمادة 57 مكرر من قانون الأسرة الجزائري، الآن نتعرض في مبحثنا هذا إلى حالات الاستعجال المتعلقة بشؤون الأسرة والمنصوص عليها بالمادتين 182 و88 من قانون الأسرة.
بقراءة هاتين المادتين نلاحظ أن المشرع الجزائري قد أعطى أهمية كبرى لبعض الحالات وأولاها بإجراءات خاصة ومستعجلة وخاصة منها القابلة لضياع والمهددة بخطر محدق، وسوف نتطرق إلى هاته الحالات بشيء من التفصيل حيث سنشرح حالة وضع الأختام ورفعها (مطلب الأول) وحالة إيداع النقود والأشياء ذات القيمة (المطلب الثاني) ثم منازعات الميراث (المطلب الثالث) وأخيرا سنتطرق إلى الولاية على أموال القصر
المطلب الأول: حالة وضع الأختام ورفعها.
إن وضع الأختام ورفعها من الإجراءات التحفظية الوقتية التي يلجأ إليها للمحافظة على الأموال والمستندات خشية تبديدها أو التصرف فيها ويحدث ذلك كلما رأى قاضي الأمور المستعجلة أن حالة الضرورة تقتضي ذلك ويستشف ذلك من وقائع الدعوى المطروحة أمامه(1) ومن الأحوال التي تبرر وضع الأختام حسب ما أستقر عليه الفقه والقضاء وهي:
- حالة الوفاة.
- حالة الفقدان أو الغائب.
- حالة الحجر.
- حالة الطلاق وانفصال الزوجين.
أولا: حالة الوفاة
تنص المادة 182 من قانون الأسرة على أنه يختص قاضي الأمور المستعجلة بالحكم بوضع الأختام أو رفعها على المحلات الموجودة فيها أموال ومستندات الشخص المتوفى خاصة إذا كان بين الورثة قاصر باعتبار ذلك من المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت.
ويصدر هذا الأخير حكمه أما بشكل أمر على ذيل عريضة وهذا في حالة عدم وجود منازعة أو على شكل أمر استعجالي لوجود منازعة وفي هذه الحالة يستصدر الأمر بعد رفع دعوى استعجالية ممن له مصلحة


(1) أستاذ محمد علي راتب وآخرون- مرجع سابق- جزء الأول ص 450.
في ذلك كالورثة والموصى إليهم ومن له حقوق على التركة كالدائنون أو بناءا على طلب الأشخاص الذين
كانوا يقيمون مع المتوفى أو الذين كانوا في خدمته، أو بطلب من النيابة العامة إذا غاب الزوج أو غاب الورثة كلهم أو بعضهم أو كان المتوفى لم يترك وارثا معروف أو كان أمينا على الودائع، ومنه فإن لكل ذي مصلحة الحق في طلب وضع الأختام على الأموال تركة المتوفى ويستجيب قاضي الأمور المستعجلة له إذا تحقق شرطي اختصاصه وهما الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق.
كما يختص قاضي الأمور المستعجلة بوضع الأختام على التركة فإنه يختص أيضا برفعها عند زوال الدواعي التي أدت إلى وضعها(1) لكن عليه أن يتحقق من زوال تلك الأسباب التي أدت إلى وضعها فإن استبان جدية القول بذلك قضى برفعها وإلا تعين عليه القضاء بعدم اختصاصه نوعيا لعدم توفر عنصر الاستعجال لزوال أسبابه، وله كذلك أن يقضي برفعها مؤقتا إذا استدعى الأمر ذلك ليتمكن ذو الشأن من الإطلاع على المستندات الخاصة بالمتوفى وإعادة وضع الأختام مرة أخرى كما كانت باعتبار أن ذلك من المسائل الوقتية المستعجلة التي لا تمس بأصل الحق. ويجوز للقضاء المستعجل أيضا عند وجود نزاع بين بعض الورثة بخصوص حقوقهم في الميراث ومقدارها أن يعين حارسا مؤقتا أو مديرا لحين تعيين المصفي من المحكمة المختصة مع الترخيص للمدير بقص الأختام الموجودة وتسليم الأموال بعد جردها وإدارتها على ذمة الجميع وإيداع صافي الربح في خزانة المحكمة حتى يفصل نهائيا في النزاع الخاص بذلك، ولكن إذا أدعى بوجود بعض المستندات المالية أو المستندات ذات قيمة أو منقولات للمتوفى طرف آخر فهل يجوز لقاضي الإستعجالي بهذه الحالة وضع الأختام على تلك المحلات الموجودة بها الأموال حتى لو كانت مملوكة للغير وفي حيازته؟
لقد اختلف الفقه والقضاء في الإجابة عن هذا السؤال، فقد اتجه البعض إلى القول بعدم جواز وضع الأختام احتراما لحرمة المساكن لأنه لا يجوز إجراء أعمال من شأنها التعدي على منازل الغير بناء على طلب شخص ما يدعي وجود مستندات أو منقولات لمورثه بمنزله، في حين يرى البعض الآخر أنه يجوز ذلك لأن حرمة المساكن لا تتعارض مع اتخاذ تدابير تحفظية المقصود منها صيانة الحقوق وبأنه يجب فقط على القاضي المستعجل في هذه الحالة أن يتأكد من أنه يجوز القيام بهذا الإجراء الاستثنائي أو يجوز أو لا يجوز ويجب التذكير أنه بحالة ما إذا كان طالب وضع الأختام هو دائن للمتوفى.
فإن المشرع الجزائري لم يشترط لقبوله طلبه أن يكون دينه معين المقدار أو واجب الأداء حالا بل يكفي أن يثبت الطالب من وقائع الدعوى ومستنداتها ما يفيد جدية دينه قبل المورث مهما كان سببه سواءا نشأ عن عقد أو شبه عقد أو نشأ عن القانون لأن وضع الأختام هو إجراء تحفظي صرف وليس عملا تنفيذيا، أما المشرع المصري فنجده قد اشترط لقبول دعوى وضع الأختام في المادة 954 من قانون المرافعات المدنية و التجارية أن


(1) مصدفى مجدي هرجة- الأحكام الواردة في القضاء المستعجل- ص 571.

يكون بيد الدائن سند تنفيذي أو إذن بالحجر من القاضي ويستوي في ذلك الدائن العادي أو صاحب الامتياز.
وتوضع الأختام بمعرفة المحضر القضائي على الأماكن الموجودة بها الأشياء المطلوب المحافظة عليها في داخل محل سكن المتوفى وتوابعه، ويعمل بذلك محضر يبين به يوم وساعة وضعها مع ضرورة ترك الأماكن الضرورية لسكن ورثة المتوفى ومعيشتهم، وعند رفعها يعمل محضر جرد الأشياء والمستندات وجميع الأوراق ذات القيمة الموجودة داخل الأماكن التي كان مختوما عليها، وإذا نازع شخص في رفع الأختام ومانع في ذلك بحجة حصول ضرر له من رفعها بغرض النزاع على قاضي الاستعجال وتجدر بنا الإشارة إلى أن المشرع الجزائري قد نص في المادة 499 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد على حالة وضع الأختام ورفعها بحالة الوفاة وأجاز لقاضي شؤون الأسرة أن يتخذ جميع التدابير التحفظية بشأنها عن طريق الاستعجال.
ثانيا: حالة المفقود و الغائب:
لقد عرفت المادة 109 من قانون الأسرة الجزائري بأن المفقود "هو الشخص الذي لا يعرف مكانه و لا يعرف حياته أو موته" ولا يعتبر مفقودا إلا بحكم أما الغائب فقد عرفه المشرع الجزائري في المادة 110 من قانون الأسرة بقوله:" بأنه هو الذي منعته الظروف القاهرة من الرجوع إلى محل إقامته أو إدارة شؤونه بنفسه أو بواسطة مدة وتسبب غيابه في ضرر للغير ويعتبر كالمفقود"، يفهم من هذه المادة أن الغائب هو كل شخص كامل الأهلية لكن ليس له محل إقامة ولا موطن معلوم داخل وطنه بحيث سيستحيل عليه أن يتولى شؤونه بنفسه أو أن يشرف على من ينوبه في إدارتها(1) وهذا على عكس المفقود الذي يغلب احتمال وفاته من حياته وهناك
عدة حالات تجعل من الشخص الغائب في مقام المفقود وهذا ما ورد في نص المادة 110 من قانون الأسرة.
ويصدر الحكم بالفقدان أو الغيبة أو بموت المفقود بناء على طلب أحد الورثة أو ممن له مصلحة أو النيابة العامة استناد لنص المادة 114 من قانون الأسرة التي تنص على: " يصدر الحكم بفقدان أو موت المفقود بناءا على طلب أحد الورثة أو من له مصلحة أو النيابة العامة".
ويختص قاضي الأمور المستعجلة بالحكم بوضع الأختام أو رفعها على محلات المختفي أو الغائب أيضا وذلك بناءا على طلب ممن له شأن في ذلك بوضع الأختام على المستندات والأوراق المملوكة للغائب أو المفقود حتى لو انقضت سنة كاملة على غيبته وفق لنص المادة 110 من قانون الأسرة الجزائري وذلك محافظتا عليها من الضياع حتى تحكم محكمة شؤون الأسرة بتعين مقدم من أقاربه أو غيرهم يسير أموال المفقود ويديرها.
وإذا كان الغائب يحمل أيضا نيابة عن غيره كأن يكون مديرا مؤقتا على تركة غيره فيجوز لكل ذي مصلحة اللجوء للقضاء المستعجل إذا توفرت حالة الاستعجال لرفع الأختام الموجودة على محله وبهذه الحالة



(1) الأستاذ محمد نعمان- موجز المدخل للقانون النظرية العامة للقانون والنظرية العامة للحق- دار النهضة- طبعة 1975- ص 231.
يعين القضاء المذكور حارسا ويصرح له بالبحث في مستندات وأوراق الغائب عن سندات وأوراق الغير وتسليم هذه المستندات لأربابها إذا لم يكن هناك نزاع جدي في ملكيتها.
كما يختص قاضي الأمور المستعجلة بالفصل في الإشكالات التي ترفع من الغير في تنفيذ الأوامر، يختص كذلك برفع الأختام كليا إذا زالت الأسباب التي دعت إلى وضعها أو برفع الأختام مؤقتا لتمكين ذي الشأن من الإطلاع على الأوراق والمستندات والأشياء المخلفة عن المتوفى وإعادة وضع الأختام عليها كما كانت.









 


 

الكلمات الدلالية (Tags)
الأسرة, الاستعجال, شؤون

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 23:17

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc