طلباتكم اوامر لأي بحث تريدونه بقدر المستطاع - الصفحة 97 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات التعليم المتوسط > قسم النشاطات الثقافية والبحوث واستفسارات الأعضاء > قسم البحوث و الاستفسارات و طلبات الأعضاء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

طلباتكم اوامر لأي بحث تريدونه بقدر المستطاع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-12-03, 22:59   رقم المشاركة : 1441
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي









 


رد مع اقتباس
قديم 2011-12-03, 23:02   رقم المشاركة : 1442
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي










رد مع اقتباس
قديم 2011-12-07, 19:28   رقم المشاركة : 1443
معلومات العضو
rahaf amel
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية rahaf amel
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










رد مع اقتباس
قديم 2011-12-07, 21:42   رقم المشاركة : 1444
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة rahaf amel مشاهدة المشاركة


جزاكم الله خيرا

رغم انني لم أشاهد اي شيء











رد مع اقتباس
قديم 2011-12-07, 22:22   رقم المشاركة : 1445
معلومات العضو
lionhoussam
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية lionhoussam
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اسم العضو : lionhoussam

الطلب :بحث عن العلوم الانسانية وخصائصها ومعوقات البحث العلمي

المستوى :سنة اولى حقوق

أجل التسليم :3 ايام










رد مع اقتباس
قديم 2011-12-07, 23:42   رقم المشاركة : 1446
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

معوقات الأخذ بنتائج البحوث الاجتماعية في رسم السياسات وصنع القرار في العالم العربي!
محمد كيلاني ( باحث في العلوم الاجتماعية )



مقدمه

الحديث عن أهمية العلم والبحث العلمي، ودورهما في التنمية والتقدم، حديث قديم يضرب بجذوره منذ تاريخ العلم والبحث العلمي، وفي نفس الوقت حديث جديد متجدد عبر الزمان والمكان للدرجة التي أصبح من البديهيات التي لا داعي لتكرارها، والتأكيد عليها، وليس أدل على ذلك من أن موقع أي دوله على سلم التقدم والحضارة مرهون بمدى ودرجة تقدمها في مختلف مجالات العلم والبحث العلمي بشقة الطبيعي والاجتماعي؛ فما نشهده اليوم ونلمس آثاره على كافة الأصعدة والمستويات وفى مختلف الأنشطة والمجالات وليد الثورة العلمية، والتي تترجم لمنجزات تكنولوجية تستخدم وتوظف في شتى مناحي الحياة. فالعلاقة أضحت جدلية، تفاعلية ما بين استخدام وتوظيف نتائج البحث العلمي ــ بغض النظر عن مجاله ــ وبين التقدم البشرى والهيمنة على الطبيعة والتخطيط للحاضر والمستقبل.

وقد حُسم الجدل الدائر حول أهمية العلوم الاجتماعية ــ وفي قلبها علم الاجتماع ــ وعلمية نتائجها في عدد من الكتابات والندوات والمؤتمرات منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي، وخلصت لمدى الحاجة لمثل هذه العلوم وبخاصة مع التحولات والتغيرات الاجتماعية التي يعايشها العالم عامة والوطن العربي خاصة، وأهميتها في تحقيق نقلة نوعية للمجتمعات العربية.

غير أن المطلع على الأدبيات المختلفة التي تطرقت لوضع البحث العلمي بمؤسساته بصفة عامة والبحث الاجتماعي بصفة خاصة في الأقطار العربية، يلاحظ مقولة تشير إليها أو قناعه تؤكدها هذه الكتابات مؤداها أن هناك ما يشبه القطيعة أو الهوة أو "الفجوة" وانعدام الصلة بين المؤسسات العلمية والبحثية بمؤسسات المجتمع الإنتاجية والخدمية من ناحية، وبمؤسسات رسم السياسات العامة، وصنع القرار السياسي من ناحية أخرى.

فالقائمين برسم السياسات وصنع القرار والمشتغلين بالبحث الاجتماعي ــ من وجهه نظر هذا الفريق ــ يمثل كلاً منهما مجتمع قائم بذاته له ثقافته، واهتماماته، وأولوياته وأساليبه، وطرقه الخاصة في التعامل مع القضايا والمشاكل التي تواجهه، وأن المشتغلين بالبحث العلمي مستغرقون ومهتمون بقضايا العلم في حد ذاته (العلم الخالص) أكثر من اهتمامهم بكيفية استخدام هذه المعرفة، بعكس السياسيين الذين يركزون على الجانب العملي التطبيقي للمشكلات، وهناك فجوة تفصل بين القائمين بالبحث العلمي والقائمين برسم السياسات العامة وصنع القرار.

وتمثل الورقة الراهنة إجابة على تساؤل حاول الباحث الإجابة عنه مؤداه: إلى أي درجة تسهم نتائج البحث الاجتماعي بما تحتويه من معلومات وبيانات في ترشيد السياسات الاجتماعية وصنع القرار داخل المجتمع المصري؟ مركزاً على تحليل طبيعة علاقة المؤسسات البحثية بمؤسسات رسم السياسات الاجتماعية وصنع القرار. وتحدد الهدف الأساسي في محاولة التعرف على دور البحث الاجتماعي، بما يحتويه من معلومات وبيانات في ترشيد السياسات الاجتماعية وصنع القرار السياسي والصور المختلفة لهذا الدور، وذلك لرسم صوره لمجالات التطبيق والتوظيف والاستفادة من الإنتاج البحثي في ترشيد السياسات. طارحاً عدد من التساؤلات الفرعية على النحو التالي :

ما مدى فاعلية البحوث الاجتماعية ونتائجها ومدى الأخذ بها والاستفادة منها عند رسم السياسات وصنع القرار؟

2. ما تصورات المشتغلين بالبحث الاجتماعي (منتجي البحوث) لنتائج البحث الاجتماعي من حيث أهميتها وجديتها ودرجة استخدامها والاعتماد عليها في ترشيد السياسات بالمقارنة بتصورات القائمين برسم السياسات وصنع القرار(مستهلكي البحوث)؟

3. ما طبيعة وشكل العلاقة بين المؤسسات والأجهزة البحثية فيما بينها؟ وما علاقتها بمؤسسات رسم السياسات الاجتماعية؟ وما هي قنوات الربط والتفاعل فيما بينها؟

4. مدى وجود نماذج لبحوث ودراسات تم الرجوع إليها والاستناد عليها في صنع السياسات؟ وما خصائصها ونوعيتها؟ وما العوامل المختلفة التي يتوقف عليها تحقيق التفاعل والتعاون والاستفادة من المنتج البحثي؟

ولتحليل هذه الإشكالية طرح الباحث بالنقاش خمس قضايا خاصة بدور ومسئولية كل فريق لتعظيم الانتفاع والتوظيف والاستخدام للمنتج البحثي ومحاولة التعرف على أهم العوامل والمعوقات والأسباب التي تحول دون التعاون الفعال بين الفريقين. والتعرف على دور البحث الاجتماعي كمكون من مكونات أو مُدخل من مُدخلات تشكيل السياسات وصنع القرار.

وركز الباحث على ثلاث مؤسسات بحثية كبري في مصر كدراسة حالة هي: معهد التخطيط القومي، المركز القومي للبحوث التربوية والتنمية، المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية. وثلاث وزارات من المفترض فيها أنها أكثر الجهات السياسية استخداماً واستفادة وتوظيفاً لنتائج البحث الاجتماعي هي: وزارة الشئون الاجتماعية، التربية والتعليم، الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة. وذلك لتحليل طبيعة العلاقة وتشخيص الوضع الراهن. حيث قام الباحث بعرض تصورات وآراء كل فريق على حداً (المشتغلون بالبحث الاجتماعي، القيادات السياسية) وهو ما سوف نعرض نتائجه في الجزء الأخير مع ربط وتحليل الحالة المصرية ومقارنتها بالحالة العربية قدر المستطاع.

أولاً: البحث الاجتماعي في الوطن العربي : إشكالية النشأة

1. الملامح والخصائص العامة.

لاقى تاريخ علم الاجتماع والبحث الاجتماعي في الوطن العربي اهتماماً ملحوظا، ظهر في الدراسات التي قام بها الباحثون العرب، بهدف التعرف على الظروف والمحددات التاريخية التي أحاطت بنشأته في الجامعات ومراكز البحث العربية مقارنة بنشأته في الدول الغربية، وظهر ذلك جليا من خلال كم المؤتمرات والندوات التي ركزت على البحث الاجتماعي. حيث ساد ولا يزال في الخطاب الاجتماعي العربي العديد من الأسئلة، والتي تدور في معظمها حول الأسباب المجتمعية التي أفرزت علم اجتماع، والظروف الموضوعية المصاحبة لهذه النشأة، كذلك طرح البعض أسئلة عن المعوقات التي حالت دون قيام علم اجتماع عربي، ودعا البعض لقيام علم اجتماع عربي، أو علم اجتماع إسلامي، يكون قادر على طرح مقولات نظرية، وإجراءات منهجية تتلاءم وطبيعة ظروف المجتمعات العربية، علم من شأنه أن يقضى على حالات التخلف والتبعية والتجزئة التي يعانى منها الوطن العربي، ويشرح ويفسر بطريقة موضوعية أسباب ومبررات استمرار المشاكل الاجتماعية التي تمزق كيانه ومن هذه الدعاوى "نحو علم اجتماع عربي: علم الاجتماع والمشكلات العربية" (أبو ظبي 1983) "إشكالية العلوم الاجتماعية في الوطن العربي" (القاهرة 1983)"مشكلة المنهج في بحوث العلوم الاجتماعية" (القاهرة 1983) "سياسة العلوم الاجتماعية في العالم العربي" (تونس 1984)، "علم الاجتماع وقضايا الإنسان العربي" (الكويت 1984) وغيرها من الدعاوى التي عبرت عنها الأوراق البحثية.

وكما أن هناك إجماعاً بين الباحثين العرب المشتغلين بعلم الاجتماع (بحثاً وتدريساً) بأنه علم غربي النشأة نظرياً ومنهجياً، جاءت نشأته بفعل عوامل بنائية مرتبطة بالمجتمع الغربي، فهناك أيضا إجماع بأن الظروف والمحددات التاريخية لنشأته في الوطن العربي، كانت ظروف غير طبيعية، بمعنى أن ظهوره ليس نتيجة أزمات أو تغيرات، أو لفض تناقضات مر بها الوطن العربي وحتمت ظهوره على الساحة الفكرية كما في نشأته الغربية.

وإذا كانت النشأة الغربية لعلم الاجتماع تضرب بجذورها التاريخية لعصر النهضة الأوربية والذي بدأ منذ العام (1300م حتى 1600م) ثم بدايات عصر التنوير والذي بدأ في منتصف القرن السابع عشر ووصل ذروته في القرن الثامن عشر الميلادي، فظهوره ونشأته في الوطن العربي لم تكن كذلك، فيشير "أحراشاو الغالى" إلى أن "البحث الإنساني حديث العهد في الأقطار العربية، حيث عرف انطلاقته الأولى بالتقريب في أوائل الخمسينات من هذا القرن بالنسبة لمصر ولبنان، وسوريا، والعراق، وتعرفت عليه دول المغرب العربي، خاصة تونس، الجزائر، المغرب في أواسط الستينيات، بينما لم تكتشف دول الخليج، الكويت، السعودية، البحرين على الخصوص أهميته إلا في بداية السبعينات" ([1])

ويذهب "أحمد زايد" إلى أنه "لا توجد إشارة إلى تأسيس أكاديمي لعلم الاجتماع قبل إنشاء الجامعة المصرية عام 1908، سوى الاهتمام الذي أبداه الشيخ "محمد عبده" في تقديمه لمقدمة ابن خلدون وتدريسها لطلاب دار العلوم. ويعنـــى ذلـك أن التأسيـس الأكاديمـي لعلــم الاجتماع قبل تأسيس الجامعة لم يكن كبيراً، وحتى بعد إنشاء الجامعة الأهلية ظل علم الاجتماع يحتل مكانه ثانوية حتى تحويل الجامعة إلى جامعة حكومية سنة 1920"، ويرى أن "علم الاجتماع هو في الأساس علم غربي، وكان تأسيسه في المجتمعات غير الغربية أحد نواتج الاحتكاك بالثقافة الأوروبية في عصر الاستعمار" ([2])

وطرح "عبد القادر عرابي" مجموعة من التساؤلات عن لماذا لم ينشأ حتى الآن علم اجتماع عربي، ولماذا لم تسفر محاولات المشتغلين فيه عن فلسفة علمية ونظرية اجتماعية عربية، وهل تعود الأسباب إلى المجتمع ؟ وهل هي داخلية أم خارجية؟ أم كلاهما؟ ([3])

كل هذه وغيرها أسئلة حائرة طرحها ولا يزال يطرحها كل المعنيين والمهمومين بعلم الاجتماع والبحث الاجتماعي محاولين تلمس أبعاد الأزمة. ([4])

غير أن الإجابة على كل هذه الأسئلة محزنة، إذا ما راجعنا كل ما كتب عن علم الاجتماع والبحث الاجتماعي على مستوى الوطن العربي أو إذا ما استعرضنا ملامحه وخصائصه، فيرى "مصطفى ناجى" أن "الواقع يدل على أن ظهور علم الاجتماع في العالم العربي، لم يكن تلبيه لحاجة مجتمعية معينة، ولكنه تقليدا للنظام الأكاديمي الغربي، وبالتالي كانت فترة بداية ظهوره تتسم بتطبيق قوالب فكرية ونظرية نمطية مستوردة من المجتمعات الغربية ومبنية على التراث الغربي ووقائعه، وقد أدى ذلك إلى فترة محاكاة وتقليد للدراسات الغربية دون ابتكار أو تجديد"([5])

من هنا يتضح لنا الإجماع التام بين الباحثين العرب، بأن علم الاجتماع إنتاج غير طبيعي ووليد غير شرعي "تمخض عن كيان مشوه" ([6]) وأنه نسق معرفي لا يتوائم أو يتلائم مع طبيعة وخصوصية المجتمعات العربية، حتى عند دخوله فشل في أداء دوره والمهام الملقاة على عاتقه.

من خلال ما سبق نستطيع أن نستخلص عدة أمور بخصوص إشكالية النشأة العربية لعلم الاجتماع والبحث الاجتماعي نجملها في الآتي: ــ

أولها: أن دخول علم الاجتماع والبحث الاجتماعي كنسق فكرى في بنيتنا التعليمية ومؤسساتنا الأكاديمية كان لأسباب داخلية وأخرى خارجية، ويمكن تفنيد أراء الباحثين ([7]) لأسباب دخول علم الاجتماع للوطن العربي في الآتي: ـ

أن دخول علم الاجتماع ارتبط بمشروع الحداثة الذي تبنيه الدولة، ولم يكتمل في تلك الفترة، خاصة مع إنشاء الجامعة الأهلية (1908) جامعة القاهرة فيما بعد، حيث اٌعتبر أحد عناصر مشروع الحداثة الغربي، وعملت المجتمعات العربية على تبنى وتحديث نظمها التعليمية واستحداث نظم وأساليب عصرية على البنية التعليمية السائدة في تلك الفترة (التعليم الديني الأزهري)، فأدخلت العلوم الإنسانية بفروعها المختلفة وكان علم الاجتماع أحد هذه العلوم. ساعد على ذلك، ودعمه في نفس الوقت خلق بورجوازية علمية أو كمبرادوريه تحاول نقل التراث الغربي إلى الوطن العربي، كذلك رغبة هذه الدول في تكريس التبعية والهيمنة الغربية من خلال ربط الباحثين في الأطراف النامية بالمراكز الرأسمالية عن طريق تصدير واستهلاك الفكر الغربي، وتوظيفه في المجتمعات النامية لخدمة مصالحها وأهدافها، مع ضمان ربط اقتصادها وسياساتها وثقافتها بآليات التبعية المختلفة، فكما أن هناك إستدماج للنظم الاقتصادية والسياسية العربية يكون هناك أيضا إستدماج للنظم الثقافية والمعرفية([8]) هذا من جانب, ومن جانب آخر، فإن للوجود الأجنبي خاصة في مصر, وما قام به العلماء الأجانب من تدريس لعلم الاجتماع والبحث الاجتماعي والانثرولوجيا في أعرق الجامعات والمعاهد المصرية أكبر الأثر على بناء المعرفة الاجتماعية وترسيخ علم الاجتماع والبحث الاجتماعي بأدواته وموضوعاته خاصة شقه المثالي.
لم يكتفى الأمر بهذا الحد بل رغب الاستعمار في ربط النظم التعليمية وأسلوب التفكير بالغرب، ولعبت عوامل داخلية دوراً لا يمكن إنكاره حيث عملت على استمرار الأمور بعد الاستقلال، فقد لعبت البعثات للدول الغربية خاصة فرنسا وإنجلترا أولا ثم أمريكا فيما بعد الدور نفسه، والذي أنعكس بصورة واضحة وجلية خاصة على أعمال الرواد الأوائل مثل "عبد العزيز عزت" و"على عبد الواحد وافى" و "منصور فهمى" و "طه حسين" والذين تتلمذوا على يد"أميل دور كايم" أو على يد تلاميذه المباشرين له خاصة "مارسيل موسى" وغيرهم، وترك تأثيرهم بصمات واضحة على إنتاج الجيل الأول فكما يقول "زايد " اهتموا بقضايا متفرقة ذات طابع نظري تختلط فيه الفلسفة بالأخلاق بالتربية، كما هو الحال في المدرسة الفرنسية، فقد كتبوا عن الأسرة واللغة والمسئولية والجزاء والسلطة والجريمة والجمال والتربية. ([9])
حالات التخلف التي تعانى منها بنية المجتمع العربي، وطبيعة نظمه سواء كانت اقتصادية، سياسية، اجتماعية، ثقافية، لا تشجع على الابتكار أو التغير، كذلك انعدام مناخ ثقافي يشجع على العلم والبحث العلمي عامة والبحث الاجتماعي خاصةً.
ما ينطبق على مصر ينطبق بالتبعية على باقي الدول العربية، حيث تجمع كل الكتابات على أن مصر من أوائل الدول العربية التي دخل فيها علم الاجتماع، وعرفت البحث الاجتماعي بشكله المؤسسي منذ الحملة الفرنسية، وقد ازدهر منذ ثلاثينيات القرن العشرين، وأنشأت له مؤسسات رسمية خاصة به في أوائل الخمسينيات مثل المعهد القومي للبحوث الجنائية (1955) والذي تحول إلى المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية عام (1959)، كما كان للباحثين المصريين ولا يزالوا الدور الأكبر في شرح وتوضيح ونقل الجديد في مجال علم الاجتماع والبحث الاجتماعي في الداخل وفي الدول العربية، سواء عن طريق التعليم المباشر أو عن طريق كتبهم المترجمة والمؤلفة. كما وقع على عاتق بعضهم مهمة إنشاء أقسام لعلم الاجتماع والأنثرولوجيا في معظم الدول العربية وخاصة الدول النفطية ووضع مناهجها ورئاستها لعشرات السنوات كما في الكويت الإمارات والسعودية ([10])

ثانيا: هناك أراء متنوعة ومتباينة، وأن كانت تجمع أو تصب في رافد واحد هو عدم قدرة المجتمعات العربية على إفراز علم يفسر ويشرح أوضاعها، وهذا مرده للعديد من الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية .

2. علم الاجتماع والبحث الاجتماعي في مصر:

إذا ما تحدثنا عن البحث الاجتماعي في العالم العربي بشكل عام نجد أن الحالة المصرية تتفرد ببعض الخصائص والسمات على المستوى التاريخي، والكمي، والنوعي سواء من حيث حجم الإنتاج العلمي والبحثي أو عدد المؤسسات البحثية أو الباحثين المنتجين للمعرفة العلمية، فنظرة تاريخية فاحصة لتاريخ مؤسسات وأجهزة البحث الاجتماعي نجد مؤشرات داله على هذا التفرد فمن الناحية التاريخية نجد أن أقدم المؤسسات يعود تاريخها إلى العام (1955م) كما سبق الحديث في الصفحات السابقة وعلى المستوى الكمي نجد مئات رسائل الماجستير والدكتوراه بخاصة في جامعة عين شمس والقاهرة والإسكندرية وبحوث المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ومعهد التخطيط القومي ومركز البحوث الاجتماعية بجامعة القاهرة والمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية، وعشرات المراكز البحثية الخاصة كمركز ابن خلدون ومركز البحوث الاجتماعية بالجامعة الأمريكية، والتي لا يمكن إنكار إنتاجها البحثي مهما اختلفنا مع التوجهات الأيديولوجية لها.

أما فيما يتعلق بالحالة العربية، نجد أن دول مجلس التعاون الخليجي بدأت منذ فترة ليست بالبعيدة وسوف نركز على الحالة السعودية نظراً لضيق الوقت وكنموذج بارز عن باقي دول مجلس التعاون سواء من حيث الكم والكيف لمؤسسات وأجهزة البحث الاجتماعي أو حجم الإنتاج البحثي واهتمامها بهذا الشأن.

3. علم الاجتماع والبحث الاجتماعي في المملكة العربية السعودية:

اهتمت المملكة على المستوى الرسمي بالبحث الاجتماعي وأنشأت أقسام للعلوم الاجتماعية والإنسانية بجامعاتها المختلفة، وبخاصة علم الاجتماع، والخدمة الاجتماعية، وعلم النفس، كذلك وحدات بحثية ذات طابع خاص "كمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية"، "مركز بحوث العلوم الاجتماعية بجامعة أم القرى"، "مركز البحوث والدراسات الاجتماعية بجامعة الملك خالد"، "المركز الوطني لأبحاث الشباب بجامعة الملك سعود"، "مركز الدراسات والبحوث بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية"، "مركز البحوث الاجتماعية والإنسانية بجامعة الملك عبد العزيز"، "مركز البحوث الاجتماعية ودراسات المرأة بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن"، بهدف الوقوف على فهم وتحليل علمي للظواهر والمشاكل الاجتماعية التي تواجهه المجتمع السعودي.

وعلى مدار السنوات الأخيرة أجُري بأقسام العلوم الاجتماعية بالجامعات عشرات رسائل الماجستير والدكتوراه بالإضافة لبحوث أعضاء هيئات التدريس وبحوث ودراسات واستطلاعات رأي ميدانية، أجرتها المراكز والوحدات البحثية المختلفة، والتي لها دور مهم في فهم وتحليل وتفسير العديد من أسباب الظواهر والمشاكل الاجتماعية.

كما شهدت المملكة وبخاصة خلال الخمس عشر سنة ــ وبشكل مكثف خلال الخمس سنوات ــ الأخيرة تأسيس مزيد من المراكز البحثية المستقلة ذات الطابع الخاص التجاري أو الخيري والتي تعطي اهتماماً خاص بالجوانب الاجتماعية والإنسانية مثل مركز اسبار للدراسات والبحوث والإعلام (1994م)، مركز رؤية للدراسات الاجتماعية (2004)، المركز الدولي للأبحاث والدراسات (مداد)، ومركز السلام السعودي للاستشارات والدراسات الاجتماعية (2010)، مركز الاستطلاع وقياس الرأي (قياس) (2009)، مركز واعي للاستشارات الاجتماعية، مركز باحثات لدراسات المرأة، قسم البحوث والدراسات الاجتماعية بمركز التنمية الإنسانية والاستشارات الأسرية التنموية، مركز الأمير سلطان بن عبد العزيز للبحوث، وغيره من المراكز البحثية الأخرى ناهيك عن الكراسي البحثية بكل كلية ــ والتي تولي القضايا الاجتماعية اهتمام خاص ــ وذلك لفهم وتحليل مختلف الظواهر والمشاكل الاجتماعية وتناولها بأسلوب علمي، لمعرفة أسبابها، وعواملها، وطرق علاجها، فنحن إذن بصدد تزايد كمي في عدد مؤسسات وأجهزة البحث الاجتماعي في المملكة خلال السنوات القليلة الماضية، وهو ما يشكل ظاهرة تستدعى دراستها وتسليط الضوء عليها والتعرف على مختلف أبعادها.

ثانياً: طبيعة علاقة المؤسسات البحثية بمؤسسات رسم السياسات وصنع القرار.

عرضنا في الصفحات السابقة لملامح وخصائص علم الاجتماع والبحث الاجتماعي في العالم العربي بالتركيز ــ وبشكل خاص ــ على الحالة المصرية والسعودية، ومن خلال الدراسة التي قام بها الباحث وسبق الإشارة إليها؛ خلصّ من خلال المقابلات الميدانية مع الأطراف المعنية (الباحثون، القيادات السياسية) لعدد من النتائج نجمل أهمها في الآتي:ـ

1. لا توجد قطيعة كلية أو فجوة عميقة تفصل المشتغلين بالبحث الاجتماعي براسمي السياسات؛ وإنما هناك علاقة غير تفاعلية، أحادية الجانب ومن طرف واحد وفى موضوعات تحتاجها مؤسسات رسم السياسات.

2. هناك قنوات اتصال بين المشتغلين بالبحث الاجتماعي وبين قيادات الوزارات المختلفة وأهمها المؤتمرات والندوات وورش العمل التي تجمع الفريقين، وتعمد إليها المؤسسات البحثية بشكل خاص كآلية لمد الجسور بينها وبين مؤسسات رسم السياسات، وتدعوه فيها قيادات العمل التنفيذي والتشريعي على أعلى مستوياته.

3. هناك خبرات ونماذج واقعية تشير بأن الباحثين قد تعاونوا من خلال التكليف ببحوث ودراسات من قبل وزارات وجهات تنفيذية وتشريعية عديدة. وهناك طلب على البحث الاجتماعي تجسد في عدد من الدراسات بتكليف من جهات تنفيذية وتخطيطية.

4. البحوث المكلف بها من قبل جهات سياسية (وزارات) أو المتعاقد عليها أقرب للاسترشاد والاستفادة بها في وضع الخطط والبرامج؛ لأنها بناء على طلب فعلى، ولذا يتم الأخذ بنسبة كبيرة مما تطرحه من توصيات. نتيجة لرغبة الوزارة في التعرف على الآراء والتصورات والحلول المطروحة للمشكلة.

5. لا يوجد أي صيغة إلزامية للجهات السياسية للأخذ بنتائج البحث العلمي حتى لو كلفت بها؛ وهناك أمثلة لبحوث كلف بها وزراء وانتهت الدراسات لنتائج وتوصيات ولم يؤخذ بها ولم توضع في الاعتبار؛ لأسباب وظروف شخصية وأخري مجتمعية.

6. المبادرة والرغبة في استخدام نتائج البحث تأتى من قبل راسمي السياسات وصانعي القرار، فهم الذين بيدهم الأخذ بنتائج البحث العلمي متى أرادوا الاسترشاد، ومتى توافرت الرغبة الجادة فى ذلك.

7. الاستعانة وإشراك المشتغلين بالبحث الاجتماعي في بعض الأحيان قد تكون مسألة شكلية لشرعنة قرارات وبرامج وخطط ، تكون في العادة معدة سلفاً ومتخذة بالفعل من قبل القيادات العليا أكثر من كونها مشاركة فعلية.

8. الأقسام العلمية بالجامعات تفتقر لخطة أو أجنده بحثية محددة مربوطة بقضايا التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والبحوث تجرى وفق اهتمامات الباحثين الذاتية وميولهم الفردية. وهناك فقر في وحدات البحوث الاجتماعية بالوزارات. علاوة على عدم الاتصال والتعاون والتنسيق بين المراكز البحثية المختلفة.

ثالثاً: معوقات الأخذ بنتائج البحث الاجتماعي في رسم السياسات وصنع القرار السياسي:

تنقسم المعوقات التي تحول دون الاستفادة واستخدام نتائج البحث الاجتماعي من قبل مؤسسات رسم السياسات وصنع القرار السياسي إلي: ــ

1. معوقات خاصة بالمشتغلين بالبحث الاجتماعي وتتمثل في الآتي : ــ

غلبة البحوث الجزئية والقطاعية على البحوث الكلية فعدد كبير يركز على قطاع محدد، قرية، مدينة، شريحة والعينات صغيرة الحجم وغير ممثلة في بعض الأحيان مما يصعب التعميم على نتائجها على مستوى الدولة.
صعوبة الحصول والاطلاع على نتائج البحث الاجتماعي وعدم وصولها لمؤسسات رسم السياسات ومعرفة الجهات التنفيذية والتشريعية بها.
كبر وضخامة حجم الدراسة وافتقار عدد من البحوث لطرح البدائل والخيارات والحلول التي يمكن أن يفاضل فيما بينما راسمي السياسات وصانع القرار، حيث تفتقر غالبية البحوث لتقرير واضح يحدد المشكلة وأسبابها وبدائل الحلول والمقترحات، وعدم الاهتمام بكتابه تقارير السياسات وأوراق العمل، كما أن اللغة والخطاب العلمي لعدد كبير من الدراسات لا يراعي احتياجات ومتطلبات الجهات التنفيذية والتشريعية.
الطموح الزائد لدى عدد من الباحثين ومن ثم مثالية التوصيات والنتائج التي تأتى أقرب للينبغيات، ولا تراعى الإمكانيات والظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فالطرح نظري في معظم الأحيان.
بطء إيقاع البحث العلمي في بعض الأوقات وعدم اهتمام الباحثين بتوزيع ونشر وترويج أفكارهم وتسويقها كسلع فكرية.

2. معوقات خاص بالقائمين برسم السياسات وصنع القرار وتتمثل في الآتي : ــ

عدم تفهم كافٍ من قبل بعض المسئولين لأهمية نتائج البحث العلمي واستخدامها، والاستعلاء من جانب البعض، والادعاء بوضوح أسباب المشاكل الاجتماعية.
تفضيل الاعتماد على أصحاب الثقة بدل من أصحاب الخبرة العلمية؛ وضعف المشاركة المجتمعية، وهشاشة دور جماعات الضغط في عملية رسم السياسات ومنهم جماعة المشتغلين بالبحث الاجتماعي.

3. معوقات مجتمعية (خاص بالأوضاع الاقتصاد والاجتماعية) وتتمثل في الآتي:

نقص الموارد المالية وقلة الإمكانيات والاعتمادات المخصصة للمؤسسات التنفيذية المختلفة، حيث تأتى ضمن أهم العقبات التي وردت بشكل واضح وصريح في خطاب قيادات الوزارات الثلاثة وفى شكل ضمني في خطاب المشتغلين بالبحث الاجتماعي. فالإمكانيات الاقتصادية تحول دون تطبيق كل نتائج وتوصيات البحث الاجتماعي من ناحية وتجعل أولويات الجانب السياسي مختلفة عن أولويات واهتمامات المشتغلين بالبحث الاجتماعي في عدد من القضايا والموضوعات.
عدم وجود قاعدة معلومات وبيانات شاملة قومية حول المشكلة وأتاحتها لراسمي السياسات، حيث يتميز الإنتاج البحثي بالتفرق والتشتت حول أكثر من مؤسسة بحثية.
البحث الاجتماعي ليس المنتج البحثي الوحيد الغير مستفاد منه، فتوصيات ونتائج بحوث عديدة لا يؤخذ بها ولا يستفاد منها ــ خاصة المجال الزراعي ــ وبالتالي لا يمكن النظر إلى توظيف البحث الاجتماعي بمعزل عن توظيف واستخدام البحث العلمي بصفة عامة.
هناك وعى بدأ في التزايد للاستفادة من خدمات البحث العلمي؛ وهناك اتجاه بدأ حديثاً يتزايد ورغبة من القيادات العليا بالوزارات من الاستفادة والتوظيف والاستخدام. فالأوضاع في تحسن وهناك مبادرات سياسية تعكس الحاجة لنتائج البحث العلمي في مختلف التخصصات والقطاعات للاستفادة منها والاسترشاد بها.

خاتمة:

يمكن القول بأن وضع البحث الاجتماعي، ودورة، ومدى الاستفادة منه، وتوظيفه في رسم السياسيات وصنع القرار في العالم العربي ليس باستثناء عن الحالة المصرية، فالوضع في الدول العربية ليس بأفضل حالاً، فلا يزال البحث الاجتماعي وتوظيف نتائجه دون المستوي المطلوب حتى الآن، وأن كانت هنالك خصوصية تاريخية ومجتمعية فيما بين دول العالم العربي، إلا أن هناك قسمات ثقافية واجتماعية وسياسية مشتركة تحول دون الاستخدام والتوظيف الأمثل أن لم يكن الإيمان بأهمية ومكانة البحث الاجتماعي ودورة في خدمة قضايا المجتمع بشكل عام ورسم السياسات وصنع القرار بوجه خاص.

محمد كيلاني

باحث في العلوم الاجتماعية



(2) احراشاو الغالى: معوقات التأسيس العلمي للعلوم الإنسانية في الوطن العربي، مجلة الوحدة، السنة الخامسة، العدد (50)، نوفمبر 1988، ص22.

(2) أحمد زايد: سبعون عاما لعلم الاجتماع فى مصر، مجلة كلية الآداب، جامعة القاهرة، مجلد(56) عدد(4)، أكتوبر 1996، صـ2

(4) عبدالقادر عرابى، عبد الله الهمالى: إشكالية علم الاجتماع واستخدامه في الجامعات العربية، المستقبل العربي، السنة الثالثة عشر، العدد 141، نوفمبر 1990 ، صـ 170 راجع أيضا: معن خليل عمر: نحو علم اجتماع عربي، دار الشؤون الثقافية والنشر، سلسة دراسات العدد (361)، العراق، 1982.

(5) راجع فى ذلك معظم الأعمال التى قدمت فى المؤتمرات والندوات سابقة الذكر واشرنا إليها.

(6) مصطفى ناجى: علم الاجتماع فى العالم العربي بين المحلية والدولية، مجلة العلوم الاجتماعية المجلد (15)، العدد (2)، صيف 1987، صـ181. وللمزيد من التعرف على أسباب ظهور ونشـأه علم الاجتماع والظروف والعوامل المجتمعية التي عملت على إفرازه فى الوطن العربي راجع الأعمال الآتية : ـ

ـ حيدر إبراهيم: علم الاجتماع والصراع الأيديولوجي في المجتمع العربي، في: عزت حجازى( وآخرون)، نحو علم اجتماع عربي: علم الاجتماع والمشكلات العربية الراهنة، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1986، صـ120.

ـ حسين شبكة: علم اجتماع أم علم اجتماع عربى، شؤون عربية، العدد 61، مارس 1990، صـ 165.

ـ مجدى حجازى: علم الاجتماع بين تناقض الواقع واغتراب الفكر، دراسة فى أزمة العلاقة بين الباحث ومجتمعه، مجلة كلية الآداب، جامعة القاهرة، المجلد (57)، العدد (4)، أكتوبر 1997، صـ 126 0

ـ سالم سارى: الاجتماعيون العرب ودراسة القضايا المجتمعية العربية: ممارسه نقديه، المستقبل العربى، السنة الثامنة، العدد 75، مايو 1985، صـ 85. وعن معوقات نشأة علم اجتماع عربى انظر: عبد القادر عرابى، عبد الله الهمالى: إشكالية علم الاجتماع واستخدامه فى الجامعات العربية، المستقبل العربي ، السنة الثالثة عشر ، العدد (141) ، نوفمبر 1990 ، ص27 : 28 .

(7) شادية قناوى: المشكلات الاجتماعية وإشكالية اغتراب علم الاجتماع، رؤية من العالم الثالث، دار الثقافة العربية، القاهرة، 1988، صـ181

(8) راجع فى ذلك معظم الكتابات التى تعرضت لنشأة علم الاجتماع والبحث الاجتماعي فى الوطن العربي أهمها ما ورد فى المؤتمرات والندوات وأشرنا له قبل سابق.

(9) عن علم الاجتماع كآلية من آليات التبعية راجع : شادية قناوى، المشكلات الاجتماعية وإشكالية اغتراب علم الاجتماع، مرجع سبق ذكره، صـ181 وعبد الباسط عبد المعطى: فى استشراف مستقبل علم الاجتماع فى الوطن العربي: بيان فى التمرد والالتزام، فى: عزت حجازى (تحرير) وآخرون، نحو علم اجتماع عربي: علم الاجتماع والمشكلات العربية الراهنة، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1986، صـ361 .

(10) عن الأساتذة الأجانب ودورهم في تأسيس علم الاجتماع في الجامعات المصرية وعن الموضوعات التى شغلت الجيل الأول وتأثير المدرسة الفرنسية والإنجليزية على أعمالهم راجع أحمد زايد: سبعون عاما لعلم الاجتماع، مرجع سبق ذكره، سعد الدين إبراهيم: علم الاجتماع "الأحول" في مصر والعالم العربي، مجلة إضافات، العدد الأول، إبريل 1998، صــ 175 .

(11) عن تاريخ علم الاجتماع في مصر، العراق، دول الخليج، شمال إفريقيا، ودور المدرسة المصرية في ذلك راجع: -

ـ عبد القادر عرابي: حول الوضع الراهن لعلم الاجتماع العربي، ترجمة وتعليق محمد الجوهرى، الكتاب السنوي لعلم الاجتماع، العدد الخامس، دار المعارف، القاهرة، أكتوبر 1983، صــ 79 : صـ120 .

ـ فتحي أبو العينين: علم الاجتماع في الأقطار العربية الخليجية، وضعه ودوره في فهم الواقع المتغير، المستقبل العربي، السنة السادسة عشرة، العدد (175 )، سبتمبر1993 .

[1] محمـد كيلاني، باحث في العلوم الاجتماعية، مصر، هذه المقالة تطوير لبعض نتائج أطروحة رسالة ماجستير أجراها الباحث بعنوان "الدولة وواقع البحث الاجتماعي في المجتمع المصري دراسة تحليلية مقارنة لعلاقة البحث العلمي بالسياسات التنفيذية"، قسم الاجتماع، كليه الآداب، جامعة عين شمس منطلقاً من تساؤل رئيس حاول الإجابة عنه مؤداه: إلى أي درجة تسهم نتائج البحث الاجتماعي بما تحتويه من معلومات وبيانات في ترشيد السياسات الاجتماعية وصنع القرار داخل المجتمع المصري؟

(2) احراشاو الغالى: معوقات التأسيس العلمي للعلوم الإنسانية في الوطن العربي، مجلة الوحدة، السنة الخامسة، العدد (50)، نوفمبر 1988، ص22.

(2) أحمد زايد: سبعون عاما لعلم الاجتماع فى مصر، مجلة كلية الآداب، جامعة القاهرة، مجلد(56) عدد(4)، أكتوبر 1996، صـ2

(4) عبدالقادر عرابى، عبد الله الهمالى: إشكالية علم الاجتماع واستخدامه في الجامعات العربية، المستقبل العربي، السنة الثالثة عشر، العدد 141، نوفمبر 1990 ، صـ 170 راجع أيضا: معن خليل عمر: نحو علم اجتماع عربي، دار الشؤون الثقافية والنشر، سلسة دراسات العدد (361)، العراق، 1982.

(5) راجع فى ذلك معظم الأعمال التى قدمت فى المؤتمرات والندوات سابقة الذكر واشرنا إليها.

(6) مصطفى ناجى: علم الاجتماع فى العالم العربي بين المحلية والدولية، مجلة العلوم الاجتماعية المجلد (15)، العدد (2)، صيف 1987، صـ181. وللمزيد من التعرف على أسباب ظهور ونشـأه علم الاجتماع والظروف والعوامل المجتمعية التي عملت على إفرازه فى الوطن العربي راجع الأعمال الآتية : ـ

ـ حيدر إبراهيم: علم الاجتماع والصراع الأيديولوجي في المجتمع العربي، في: عزت حجازى( وآخرون)، نحو علم اجتماع عربي: علم الاجتماع والمشكلات العربية الراهنة، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1986، صـ120.

ـ حسين شبكة: علم اجتماع أم علم اجتماع عربى، شؤون عربية، العدد 61، مارس 1990، صـ 165.

ـ مجدى حجازى: علم الاجتماع بين تناقض الواقع واغتراب الفكر، دراسة فى أزمة العلاقة بين الباحث ومجتمعه، مجلة كلية الآداب، جامعة القاهرة، المجلد (57)، العدد (4)، أكتوبر 1997، صـ 126 0

ـ سالم سارى: الاجتماعيون العرب ودراسة القضايا المجتمعية العربية: ممارسه نقديه، المستقبل العربى، السنة الثامنة، العدد 75، مايو 1985، صـ 85. وعن معوقات نشأة علم اجتماع عربى انظر: عبد القادر عرابى، عبد الله الهمالى: إشكالية علم الاجتماع واستخدامه فى الجامعات العربية، المستقبل العربي ، السنة الثالثة عشر ، العدد (141) ، نوفمبر 1990 ، ص27 : 28 .

(7) شادية قناوى: المشكلات الاجتماعية وإشكالية اغتراب علم الاجتماع، رؤية من العالم الثالث، دار الثقافة العربية، القاهرة، 1988، صـ181

(8) راجع فى ذلك معظم الكتابات التى تعرضت لنشأة علم الاجتماع والبحث الاجتماعي فى الوطن العربي أهمها ما ورد فى المؤتمرات والندوات وأشرنا له قبل سابق.

(9) عن علم الاجتماع كآلية من آليات التبعية راجع : شادية قناوى، المشكلات الاجتماعية وإشكالية اغتراب علم الاجتماع، مرجع سبق ذكره، صـ181 وعبد الباسط عبد المعطى: فى استشراف مستقبل علم الاجتماع فى الوطن العربي: بيان فى التمرد والالتزام، فى: عزت حجازى (تحرير) وآخرون، نحو علم اجتماع عربي: علم الاجتماع والمشكلات العربية الراهنة، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1986، صـ361 .

(10) عن الأساتذة الأجانب ودورهم في تأسيس علم الاجتماع في الجامعات المصرية وعن الموضوعات التى شغلت الجيل الأول وتأثير المدرسة الفرنسية والإنجليزية على أعمالهم راجع أحمد زايد: سبعون عاما لعلم الاجتماع، مرجع سبق ذكره، سعد الدين إبراهيم: علم الاجتماع "الأحول" في مصر والعالم العربي، مجلة إضافات، العدد الأول، إبريل 1998، صــ 175 .

(11) عن تاريخ علم الاجتماع في مصر، العراق، دول الخليج، شمال إفريقيا، ودور المدرسة المصرية في ذلك راجع: -

ـ عبد القادر عرابي: حول الوضع الراهن لعلم الاجتماع العربي، ترجمة وتعليق محمد الجوهرى، الكتاب السنوي لعلم الاجتماع، العدد الخامس، دار المعارف، القاهرة، أكتوبر 1983، صــ 79 : صـ120 .

ـ فتحي أبو العينين: علم الاجتماع في الأقطار العربية الخليجية، وضعه ودوره في فهم الواقع المتغير، المستقبل العربي، السنة السادسة عشرة، العدد (175 )، سبتمبر1993 .










رد مع اقتباس
قديم 2011-12-07, 23:42   رقم المشاركة : 1447
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

معوقات الأخذ بنتائج البحوث الاجتماعية في رسم السياسات وصنع القرار في العالم العربي!
محمد كيلاني ( باحث في العلوم الاجتماعية )



مقدمه

الحديث عن أهمية العلم والبحث العلمي، ودورهما في التنمية والتقدم، حديث قديم يضرب بجذوره منذ تاريخ العلم والبحث العلمي، وفي نفس الوقت حديث جديد متجدد عبر الزمان والمكان للدرجة التي أصبح من البديهيات التي لا داعي لتكرارها، والتأكيد عليها، وليس أدل على ذلك من أن موقع أي دوله على سلم التقدم والحضارة مرهون بمدى ودرجة تقدمها في مختلف مجالات العلم والبحث العلمي بشقة الطبيعي والاجتماعي؛ فما نشهده اليوم ونلمس آثاره على كافة الأصعدة والمستويات وفى مختلف الأنشطة والمجالات وليد الثورة العلمية، والتي تترجم لمنجزات تكنولوجية تستخدم وتوظف في شتى مناحي الحياة. فالعلاقة أضحت جدلية، تفاعلية ما بين استخدام وتوظيف نتائج البحث العلمي ــ بغض النظر عن مجاله ــ وبين التقدم البشرى والهيمنة على الطبيعة والتخطيط للحاضر والمستقبل.

وقد حُسم الجدل الدائر حول أهمية العلوم الاجتماعية ــ وفي قلبها علم الاجتماع ــ وعلمية نتائجها في عدد من الكتابات والندوات والمؤتمرات منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي، وخلصت لمدى الحاجة لمثل هذه العلوم وبخاصة مع التحولات والتغيرات الاجتماعية التي يعايشها العالم عامة والوطن العربي خاصة، وأهميتها في تحقيق نقلة نوعية للمجتمعات العربية.

غير أن المطلع على الأدبيات المختلفة التي تطرقت لوضع البحث العلمي بمؤسساته بصفة عامة والبحث الاجتماعي بصفة خاصة في الأقطار العربية، يلاحظ مقولة تشير إليها أو قناعه تؤكدها هذه الكتابات مؤداها أن هناك ما يشبه القطيعة أو الهوة أو "الفجوة" وانعدام الصلة بين المؤسسات العلمية والبحثية بمؤسسات المجتمع الإنتاجية والخدمية من ناحية، وبمؤسسات رسم السياسات العامة، وصنع القرار السياسي من ناحية أخرى.

فالقائمين برسم السياسات وصنع القرار والمشتغلين بالبحث الاجتماعي ــ من وجهه نظر هذا الفريق ــ يمثل كلاً منهما مجتمع قائم بذاته له ثقافته، واهتماماته، وأولوياته وأساليبه، وطرقه الخاصة في التعامل مع القضايا والمشاكل التي تواجهه، وأن المشتغلين بالبحث العلمي مستغرقون ومهتمون بقضايا العلم في حد ذاته (العلم الخالص) أكثر من اهتمامهم بكيفية استخدام هذه المعرفة، بعكس السياسيين الذين يركزون على الجانب العملي التطبيقي للمشكلات، وهناك فجوة تفصل بين القائمين بالبحث العلمي والقائمين برسم السياسات العامة وصنع القرار.

وتمثل الورقة الراهنة إجابة على تساؤل حاول الباحث الإجابة عنه مؤداه: إلى أي درجة تسهم نتائج البحث الاجتماعي بما تحتويه من معلومات وبيانات في ترشيد السياسات الاجتماعية وصنع القرار داخل المجتمع المصري؟ مركزاً على تحليل طبيعة علاقة المؤسسات البحثية بمؤسسات رسم السياسات الاجتماعية وصنع القرار. وتحدد الهدف الأساسي في محاولة التعرف على دور البحث الاجتماعي، بما يحتويه من معلومات وبيانات في ترشيد السياسات الاجتماعية وصنع القرار السياسي والصور المختلفة لهذا الدور، وذلك لرسم صوره لمجالات التطبيق والتوظيف والاستفادة من الإنتاج البحثي في ترشيد السياسات. طارحاً عدد من التساؤلات الفرعية على النحو التالي :

ما مدى فاعلية البحوث الاجتماعية ونتائجها ومدى الأخذ بها والاستفادة منها عند رسم السياسات وصنع القرار؟

2. ما تصورات المشتغلين بالبحث الاجتماعي (منتجي البحوث) لنتائج البحث الاجتماعي من حيث أهميتها وجديتها ودرجة استخدامها والاعتماد عليها في ترشيد السياسات بالمقارنة بتصورات القائمين برسم السياسات وصنع القرار(مستهلكي البحوث)؟

3. ما طبيعة وشكل العلاقة بين المؤسسات والأجهزة البحثية فيما بينها؟ وما علاقتها بمؤسسات رسم السياسات الاجتماعية؟ وما هي قنوات الربط والتفاعل فيما بينها؟

4. مدى وجود نماذج لبحوث ودراسات تم الرجوع إليها والاستناد عليها في صنع السياسات؟ وما خصائصها ونوعيتها؟ وما العوامل المختلفة التي يتوقف عليها تحقيق التفاعل والتعاون والاستفادة من المنتج البحثي؟

ولتحليل هذه الإشكالية طرح الباحث بالنقاش خمس قضايا خاصة بدور ومسئولية كل فريق لتعظيم الانتفاع والتوظيف والاستخدام للمنتج البحثي ومحاولة التعرف على أهم العوامل والمعوقات والأسباب التي تحول دون التعاون الفعال بين الفريقين. والتعرف على دور البحث الاجتماعي كمكون من مكونات أو مُدخل من مُدخلات تشكيل السياسات وصنع القرار.

وركز الباحث على ثلاث مؤسسات بحثية كبري في مصر كدراسة حالة هي: معهد التخطيط القومي، المركز القومي للبحوث التربوية والتنمية، المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية. وثلاث وزارات من المفترض فيها أنها أكثر الجهات السياسية استخداماً واستفادة وتوظيفاً لنتائج البحث الاجتماعي هي: وزارة الشئون الاجتماعية، التربية والتعليم، الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة. وذلك لتحليل طبيعة العلاقة وتشخيص الوضع الراهن. حيث قام الباحث بعرض تصورات وآراء كل فريق على حداً (المشتغلون بالبحث الاجتماعي، القيادات السياسية) وهو ما سوف نعرض نتائجه في الجزء الأخير مع ربط وتحليل الحالة المصرية ومقارنتها بالحالة العربية قدر المستطاع.

أولاً: البحث الاجتماعي في الوطن العربي : إشكالية النشأة

1. الملامح والخصائص العامة.

لاقى تاريخ علم الاجتماع والبحث الاجتماعي في الوطن العربي اهتماماً ملحوظا، ظهر في الدراسات التي قام بها الباحثون العرب، بهدف التعرف على الظروف والمحددات التاريخية التي أحاطت بنشأته في الجامعات ومراكز البحث العربية مقارنة بنشأته في الدول الغربية، وظهر ذلك جليا من خلال كم المؤتمرات والندوات التي ركزت على البحث الاجتماعي. حيث ساد ولا يزال في الخطاب الاجتماعي العربي العديد من الأسئلة، والتي تدور في معظمها حول الأسباب المجتمعية التي أفرزت علم اجتماع، والظروف الموضوعية المصاحبة لهذه النشأة، كذلك طرح البعض أسئلة عن المعوقات التي حالت دون قيام علم اجتماع عربي، ودعا البعض لقيام علم اجتماع عربي، أو علم اجتماع إسلامي، يكون قادر على طرح مقولات نظرية، وإجراءات منهجية تتلاءم وطبيعة ظروف المجتمعات العربية، علم من شأنه أن يقضى على حالات التخلف والتبعية والتجزئة التي يعانى منها الوطن العربي، ويشرح ويفسر بطريقة موضوعية أسباب ومبررات استمرار المشاكل الاجتماعية التي تمزق كيانه ومن هذه الدعاوى "نحو علم اجتماع عربي: علم الاجتماع والمشكلات العربية" (أبو ظبي 1983) "إشكالية العلوم الاجتماعية في الوطن العربي" (القاهرة 1983)"مشكلة المنهج في بحوث العلوم الاجتماعية" (القاهرة 1983) "سياسة العلوم الاجتماعية في العالم العربي" (تونس 1984)، "علم الاجتماع وقضايا الإنسان العربي" (الكويت 1984) وغيرها من الدعاوى التي عبرت عنها الأوراق البحثية.

وكما أن هناك إجماعاً بين الباحثين العرب المشتغلين بعلم الاجتماع (بحثاً وتدريساً) بأنه علم غربي النشأة نظرياً ومنهجياً، جاءت نشأته بفعل عوامل بنائية مرتبطة بالمجتمع الغربي، فهناك أيضا إجماع بأن الظروف والمحددات التاريخية لنشأته في الوطن العربي، كانت ظروف غير طبيعية، بمعنى أن ظهوره ليس نتيجة أزمات أو تغيرات، أو لفض تناقضات مر بها الوطن العربي وحتمت ظهوره على الساحة الفكرية كما في نشأته الغربية.

وإذا كانت النشأة الغربية لعلم الاجتماع تضرب بجذورها التاريخية لعصر النهضة الأوربية والذي بدأ منذ العام (1300م حتى 1600م) ثم بدايات عصر التنوير والذي بدأ في منتصف القرن السابع عشر ووصل ذروته في القرن الثامن عشر الميلادي، فظهوره ونشأته في الوطن العربي لم تكن كذلك، فيشير "أحراشاو الغالى" إلى أن "البحث الإنساني حديث العهد في الأقطار العربية، حيث عرف انطلاقته الأولى بالتقريب في أوائل الخمسينات من هذا القرن بالنسبة لمصر ولبنان، وسوريا، والعراق، وتعرفت عليه دول المغرب العربي، خاصة تونس، الجزائر، المغرب في أواسط الستينيات، بينما لم تكتشف دول الخليج، الكويت، السعودية، البحرين على الخصوص أهميته إلا في بداية السبعينات" ([1])

ويذهب "أحمد زايد" إلى أنه "لا توجد إشارة إلى تأسيس أكاديمي لعلم الاجتماع قبل إنشاء الجامعة المصرية عام 1908، سوى الاهتمام الذي أبداه الشيخ "محمد عبده" في تقديمه لمقدمة ابن خلدون وتدريسها لطلاب دار العلوم. ويعنـــى ذلـك أن التأسيـس الأكاديمـي لعلــم الاجتماع قبل تأسيس الجامعة لم يكن كبيراً، وحتى بعد إنشاء الجامعة الأهلية ظل علم الاجتماع يحتل مكانه ثانوية حتى تحويل الجامعة إلى جامعة حكومية سنة 1920"، ويرى أن "علم الاجتماع هو في الأساس علم غربي، وكان تأسيسه في المجتمعات غير الغربية أحد نواتج الاحتكاك بالثقافة الأوروبية في عصر الاستعمار" ([2])

وطرح "عبد القادر عرابي" مجموعة من التساؤلات عن لماذا لم ينشأ حتى الآن علم اجتماع عربي، ولماذا لم تسفر محاولات المشتغلين فيه عن فلسفة علمية ونظرية اجتماعية عربية، وهل تعود الأسباب إلى المجتمع ؟ وهل هي داخلية أم خارجية؟ أم كلاهما؟ ([3])

كل هذه وغيرها أسئلة حائرة طرحها ولا يزال يطرحها كل المعنيين والمهمومين بعلم الاجتماع والبحث الاجتماعي محاولين تلمس أبعاد الأزمة. ([4])

غير أن الإجابة على كل هذه الأسئلة محزنة، إذا ما راجعنا كل ما كتب عن علم الاجتماع والبحث الاجتماعي على مستوى الوطن العربي أو إذا ما استعرضنا ملامحه وخصائصه، فيرى "مصطفى ناجى" أن "الواقع يدل على أن ظهور علم الاجتماع في العالم العربي، لم يكن تلبيه لحاجة مجتمعية معينة، ولكنه تقليدا للنظام الأكاديمي الغربي، وبالتالي كانت فترة بداية ظهوره تتسم بتطبيق قوالب فكرية ونظرية نمطية مستوردة من المجتمعات الغربية ومبنية على التراث الغربي ووقائعه، وقد أدى ذلك إلى فترة محاكاة وتقليد للدراسات الغربية دون ابتكار أو تجديد"([5])

من هنا يتضح لنا الإجماع التام بين الباحثين العرب، بأن علم الاجتماع إنتاج غير طبيعي ووليد غير شرعي "تمخض عن كيان مشوه" ([6]) وأنه نسق معرفي لا يتوائم أو يتلائم مع طبيعة وخصوصية المجتمعات العربية، حتى عند دخوله فشل في أداء دوره والمهام الملقاة على عاتقه.

من خلال ما سبق نستطيع أن نستخلص عدة أمور بخصوص إشكالية النشأة العربية لعلم الاجتماع والبحث الاجتماعي نجملها في الآتي: ــ

أولها: أن دخول علم الاجتماع والبحث الاجتماعي كنسق فكرى في بنيتنا التعليمية ومؤسساتنا الأكاديمية كان لأسباب داخلية وأخرى خارجية، ويمكن تفنيد أراء الباحثين ([7]) لأسباب دخول علم الاجتماع للوطن العربي في الآتي: ـ

أن دخول علم الاجتماع ارتبط بمشروع الحداثة الذي تبنيه الدولة، ولم يكتمل في تلك الفترة، خاصة مع إنشاء الجامعة الأهلية (1908) جامعة القاهرة فيما بعد، حيث اٌعتبر أحد عناصر مشروع الحداثة الغربي، وعملت المجتمعات العربية على تبنى وتحديث نظمها التعليمية واستحداث نظم وأساليب عصرية على البنية التعليمية السائدة في تلك الفترة (التعليم الديني الأزهري)، فأدخلت العلوم الإنسانية بفروعها المختلفة وكان علم الاجتماع أحد هذه العلوم. ساعد على ذلك، ودعمه في نفس الوقت خلق بورجوازية علمية أو كمبرادوريه تحاول نقل التراث الغربي إلى الوطن العربي، كذلك رغبة هذه الدول في تكريس التبعية والهيمنة الغربية من خلال ربط الباحثين في الأطراف النامية بالمراكز الرأسمالية عن طريق تصدير واستهلاك الفكر الغربي، وتوظيفه في المجتمعات النامية لخدمة مصالحها وأهدافها، مع ضمان ربط اقتصادها وسياساتها وثقافتها بآليات التبعية المختلفة، فكما أن هناك إستدماج للنظم الاقتصادية والسياسية العربية يكون هناك أيضا إستدماج للنظم الثقافية والمعرفية([8]) هذا من جانب, ومن جانب آخر، فإن للوجود الأجنبي خاصة في مصر, وما قام به العلماء الأجانب من تدريس لعلم الاجتماع والبحث الاجتماعي والانثرولوجيا في أعرق الجامعات والمعاهد المصرية أكبر الأثر على بناء المعرفة الاجتماعية وترسيخ علم الاجتماع والبحث الاجتماعي بأدواته وموضوعاته خاصة شقه المثالي.
لم يكتفى الأمر بهذا الحد بل رغب الاستعمار في ربط النظم التعليمية وأسلوب التفكير بالغرب، ولعبت عوامل داخلية دوراً لا يمكن إنكاره حيث عملت على استمرار الأمور بعد الاستقلال، فقد لعبت البعثات للدول الغربية خاصة فرنسا وإنجلترا أولا ثم أمريكا فيما بعد الدور نفسه، والذي أنعكس بصورة واضحة وجلية خاصة على أعمال الرواد الأوائل مثل "عبد العزيز عزت" و"على عبد الواحد وافى" و "منصور فهمى" و "طه حسين" والذين تتلمذوا على يد"أميل دور كايم" أو على يد تلاميذه المباشرين له خاصة "مارسيل موسى" وغيرهم، وترك تأثيرهم بصمات واضحة على إنتاج الجيل الأول فكما يقول "زايد " اهتموا بقضايا متفرقة ذات طابع نظري تختلط فيه الفلسفة بالأخلاق بالتربية، كما هو الحال في المدرسة الفرنسية، فقد كتبوا عن الأسرة واللغة والمسئولية والجزاء والسلطة والجريمة والجمال والتربية. ([9])
حالات التخلف التي تعانى منها بنية المجتمع العربي، وطبيعة نظمه سواء كانت اقتصادية، سياسية، اجتماعية، ثقافية، لا تشجع على الابتكار أو التغير، كذلك انعدام مناخ ثقافي يشجع على العلم والبحث العلمي عامة والبحث الاجتماعي خاصةً.
ما ينطبق على مصر ينطبق بالتبعية على باقي الدول العربية، حيث تجمع كل الكتابات على أن مصر من أوائل الدول العربية التي دخل فيها علم الاجتماع، وعرفت البحث الاجتماعي بشكله المؤسسي منذ الحملة الفرنسية، وقد ازدهر منذ ثلاثينيات القرن العشرين، وأنشأت له مؤسسات رسمية خاصة به في أوائل الخمسينيات مثل المعهد القومي للبحوث الجنائية (1955) والذي تحول إلى المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية عام (1959)، كما كان للباحثين المصريين ولا يزالوا الدور الأكبر في شرح وتوضيح ونقل الجديد في مجال علم الاجتماع والبحث الاجتماعي في الداخل وفي الدول العربية، سواء عن طريق التعليم المباشر أو عن طريق كتبهم المترجمة والمؤلفة. كما وقع على عاتق بعضهم مهمة إنشاء أقسام لعلم الاجتماع والأنثرولوجيا في معظم الدول العربية وخاصة الدول النفطية ووضع مناهجها ورئاستها لعشرات السنوات كما في الكويت الإمارات والسعودية ([10])

ثانيا: هناك أراء متنوعة ومتباينة، وأن كانت تجمع أو تصب في رافد واحد هو عدم قدرة المجتمعات العربية على إفراز علم يفسر ويشرح أوضاعها، وهذا مرده للعديد من الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية .

2. علم الاجتماع والبحث الاجتماعي في مصر:

إذا ما تحدثنا عن البحث الاجتماعي في العالم العربي بشكل عام نجد أن الحالة المصرية تتفرد ببعض الخصائص والسمات على المستوى التاريخي، والكمي، والنوعي سواء من حيث حجم الإنتاج العلمي والبحثي أو عدد المؤسسات البحثية أو الباحثين المنتجين للمعرفة العلمية، فنظرة تاريخية فاحصة لتاريخ مؤسسات وأجهزة البحث الاجتماعي نجد مؤشرات داله على هذا التفرد فمن الناحية التاريخية نجد أن أقدم المؤسسات يعود تاريخها إلى العام (1955م) كما سبق الحديث في الصفحات السابقة وعلى المستوى الكمي نجد مئات رسائل الماجستير والدكتوراه بخاصة في جامعة عين شمس والقاهرة والإسكندرية وبحوث المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ومعهد التخطيط القومي ومركز البحوث الاجتماعية بجامعة القاهرة والمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية، وعشرات المراكز البحثية الخاصة كمركز ابن خلدون ومركز البحوث الاجتماعية بالجامعة الأمريكية، والتي لا يمكن إنكار إنتاجها البحثي مهما اختلفنا مع التوجهات الأيديولوجية لها.

أما فيما يتعلق بالحالة العربية، نجد أن دول مجلس التعاون الخليجي بدأت منذ فترة ليست بالبعيدة وسوف نركز على الحالة السعودية نظراً لضيق الوقت وكنموذج بارز عن باقي دول مجلس التعاون سواء من حيث الكم والكيف لمؤسسات وأجهزة البحث الاجتماعي أو حجم الإنتاج البحثي واهتمامها بهذا الشأن.

3. علم الاجتماع والبحث الاجتماعي في المملكة العربية السعودية:

اهتمت المملكة على المستوى الرسمي بالبحث الاجتماعي وأنشأت أقسام للعلوم الاجتماعية والإنسانية بجامعاتها المختلفة، وبخاصة علم الاجتماع، والخدمة الاجتماعية، وعلم النفس، كذلك وحدات بحثية ذات طابع خاص "كمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية"، "مركز بحوث العلوم الاجتماعية بجامعة أم القرى"، "مركز البحوث والدراسات الاجتماعية بجامعة الملك خالد"، "المركز الوطني لأبحاث الشباب بجامعة الملك سعود"، "مركز الدراسات والبحوث بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية"، "مركز البحوث الاجتماعية والإنسانية بجامعة الملك عبد العزيز"، "مركز البحوث الاجتماعية ودراسات المرأة بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن"، بهدف الوقوف على فهم وتحليل علمي للظواهر والمشاكل الاجتماعية التي تواجهه المجتمع السعودي.

وعلى مدار السنوات الأخيرة أجُري بأقسام العلوم الاجتماعية بالجامعات عشرات رسائل الماجستير والدكتوراه بالإضافة لبحوث أعضاء هيئات التدريس وبحوث ودراسات واستطلاعات رأي ميدانية، أجرتها المراكز والوحدات البحثية المختلفة، والتي لها دور مهم في فهم وتحليل وتفسير العديد من أسباب الظواهر والمشاكل الاجتماعية.

كما شهدت المملكة وبخاصة خلال الخمس عشر سنة ــ وبشكل مكثف خلال الخمس سنوات ــ الأخيرة تأسيس مزيد من المراكز البحثية المستقلة ذات الطابع الخاص التجاري أو الخيري والتي تعطي اهتماماً خاص بالجوانب الاجتماعية والإنسانية مثل مركز اسبار للدراسات والبحوث والإعلام (1994م)، مركز رؤية للدراسات الاجتماعية (2004)، المركز الدولي للأبحاث والدراسات (مداد)، ومركز السلام السعودي للاستشارات والدراسات الاجتماعية (2010)، مركز الاستطلاع وقياس الرأي (قياس) (2009)، مركز واعي للاستشارات الاجتماعية، مركز باحثات لدراسات المرأة، قسم البحوث والدراسات الاجتماعية بمركز التنمية الإنسانية والاستشارات الأسرية التنموية، مركز الأمير سلطان بن عبد العزيز للبحوث، وغيره من المراكز البحثية الأخرى ناهيك عن الكراسي البحثية بكل كلية ــ والتي تولي القضايا الاجتماعية اهتمام خاص ــ وذلك لفهم وتحليل مختلف الظواهر والمشاكل الاجتماعية وتناولها بأسلوب علمي، لمعرفة أسبابها، وعواملها، وطرق علاجها، فنحن إذن بصدد تزايد كمي في عدد مؤسسات وأجهزة البحث الاجتماعي في المملكة خلال السنوات القليلة الماضية، وهو ما يشكل ظاهرة تستدعى دراستها وتسليط الضوء عليها والتعرف على مختلف أبعادها.

ثانياً: طبيعة علاقة المؤسسات البحثية بمؤسسات رسم السياسات وصنع القرار.

عرضنا في الصفحات السابقة لملامح وخصائص علم الاجتماع والبحث الاجتماعي في العالم العربي بالتركيز ــ وبشكل خاص ــ على الحالة المصرية والسعودية، ومن خلال الدراسة التي قام بها الباحث وسبق الإشارة إليها؛ خلصّ من خلال المقابلات الميدانية مع الأطراف المعنية (الباحثون، القيادات السياسية) لعدد من النتائج نجمل أهمها في الآتي:ـ

1. لا توجد قطيعة كلية أو فجوة عميقة تفصل المشتغلين بالبحث الاجتماعي براسمي السياسات؛ وإنما هناك علاقة غير تفاعلية، أحادية الجانب ومن طرف واحد وفى موضوعات تحتاجها مؤسسات رسم السياسات.

2. هناك قنوات اتصال بين المشتغلين بالبحث الاجتماعي وبين قيادات الوزارات المختلفة وأهمها المؤتمرات والندوات وورش العمل التي تجمع الفريقين، وتعمد إليها المؤسسات البحثية بشكل خاص كآلية لمد الجسور بينها وبين مؤسسات رسم السياسات، وتدعوه فيها قيادات العمل التنفيذي والتشريعي على أعلى مستوياته.

3. هناك خبرات ونماذج واقعية تشير بأن الباحثين قد تعاونوا من خلال التكليف ببحوث ودراسات من قبل وزارات وجهات تنفيذية وتشريعية عديدة. وهناك طلب على البحث الاجتماعي تجسد في عدد من الدراسات بتكليف من جهات تنفيذية وتخطيطية.

4. البحوث المكلف بها من قبل جهات سياسية (وزارات) أو المتعاقد عليها أقرب للاسترشاد والاستفادة بها في وضع الخطط والبرامج؛ لأنها بناء على طلب فعلى، ولذا يتم الأخذ بنسبة كبيرة مما تطرحه من توصيات. نتيجة لرغبة الوزارة في التعرف على الآراء والتصورات والحلول المطروحة للمشكلة.

5. لا يوجد أي صيغة إلزامية للجهات السياسية للأخذ بنتائج البحث العلمي حتى لو كلفت بها؛ وهناك أمثلة لبحوث كلف بها وزراء وانتهت الدراسات لنتائج وتوصيات ولم يؤخذ بها ولم توضع في الاعتبار؛ لأسباب وظروف شخصية وأخري مجتمعية.

6. المبادرة والرغبة في استخدام نتائج البحث تأتى من قبل راسمي السياسات وصانعي القرار، فهم الذين بيدهم الأخذ بنتائج البحث العلمي متى أرادوا الاسترشاد، ومتى توافرت الرغبة الجادة فى ذلك.

7. الاستعانة وإشراك المشتغلين بالبحث الاجتماعي في بعض الأحيان قد تكون مسألة شكلية لشرعنة قرارات وبرامج وخطط ، تكون في العادة معدة سلفاً ومتخذة بالفعل من قبل القيادات العليا أكثر من كونها مشاركة فعلية.

8. الأقسام العلمية بالجامعات تفتقر لخطة أو أجنده بحثية محددة مربوطة بقضايا التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والبحوث تجرى وفق اهتمامات الباحثين الذاتية وميولهم الفردية. وهناك فقر في وحدات البحوث الاجتماعية بالوزارات. علاوة على عدم الاتصال والتعاون والتنسيق بين المراكز البحثية المختلفة.

ثالثاً: معوقات الأخذ بنتائج البحث الاجتماعي في رسم السياسات وصنع القرار السياسي:

تنقسم المعوقات التي تحول دون الاستفادة واستخدام نتائج البحث الاجتماعي من قبل مؤسسات رسم السياسات وصنع القرار السياسي إلي: ــ

1. معوقات خاصة بالمشتغلين بالبحث الاجتماعي وتتمثل في الآتي : ــ

غلبة البحوث الجزئية والقطاعية على البحوث الكلية فعدد كبير يركز على قطاع محدد، قرية، مدينة، شريحة والعينات صغيرة الحجم وغير ممثلة في بعض الأحيان مما يصعب التعميم على نتائجها على مستوى الدولة.
صعوبة الحصول والاطلاع على نتائج البحث الاجتماعي وعدم وصولها لمؤسسات رسم السياسات ومعرفة الجهات التنفيذية والتشريعية بها.
كبر وضخامة حجم الدراسة وافتقار عدد من البحوث لطرح البدائل والخيارات والحلول التي يمكن أن يفاضل فيما بينما راسمي السياسات وصانع القرار، حيث تفتقر غالبية البحوث لتقرير واضح يحدد المشكلة وأسبابها وبدائل الحلول والمقترحات، وعدم الاهتمام بكتابه تقارير السياسات وأوراق العمل، كما أن اللغة والخطاب العلمي لعدد كبير من الدراسات لا يراعي احتياجات ومتطلبات الجهات التنفيذية والتشريعية.
الطموح الزائد لدى عدد من الباحثين ومن ثم مثالية التوصيات والنتائج التي تأتى أقرب للينبغيات، ولا تراعى الإمكانيات والظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فالطرح نظري في معظم الأحيان.
بطء إيقاع البحث العلمي في بعض الأوقات وعدم اهتمام الباحثين بتوزيع ونشر وترويج أفكارهم وتسويقها كسلع فكرية.

2. معوقات خاص بالقائمين برسم السياسات وصنع القرار وتتمثل في الآتي : ــ

عدم تفهم كافٍ من قبل بعض المسئولين لأهمية نتائج البحث العلمي واستخدامها، والاستعلاء من جانب البعض، والادعاء بوضوح أسباب المشاكل الاجتماعية.
تفضيل الاعتماد على أصحاب الثقة بدل من أصحاب الخبرة العلمية؛ وضعف المشاركة المجتمعية، وهشاشة دور جماعات الضغط في عملية رسم السياسات ومنهم جماعة المشتغلين بالبحث الاجتماعي.

3. معوقات مجتمعية (خاص بالأوضاع الاقتصاد والاجتماعية) وتتمثل في الآتي:

نقص الموارد المالية وقلة الإمكانيات والاعتمادات المخصصة للمؤسسات التنفيذية المختلفة، حيث تأتى ضمن أهم العقبات التي وردت بشكل واضح وصريح في خطاب قيادات الوزارات الثلاثة وفى شكل ضمني في خطاب المشتغلين بالبحث الاجتماعي. فالإمكانيات الاقتصادية تحول دون تطبيق كل نتائج وتوصيات البحث الاجتماعي من ناحية وتجعل أولويات الجانب السياسي مختلفة عن أولويات واهتمامات المشتغلين بالبحث الاجتماعي في عدد من القضايا والموضوعات.
عدم وجود قاعدة معلومات وبيانات شاملة قومية حول المشكلة وأتاحتها لراسمي السياسات، حيث يتميز الإنتاج البحثي بالتفرق والتشتت حول أكثر من مؤسسة بحثية.
البحث الاجتماعي ليس المنتج البحثي الوحيد الغير مستفاد منه، فتوصيات ونتائج بحوث عديدة لا يؤخذ بها ولا يستفاد منها ــ خاصة المجال الزراعي ــ وبالتالي لا يمكن النظر إلى توظيف البحث الاجتماعي بمعزل عن توظيف واستخدام البحث العلمي بصفة عامة.
هناك وعى بدأ في التزايد للاستفادة من خدمات البحث العلمي؛ وهناك اتجاه بدأ حديثاً يتزايد ورغبة من القيادات العليا بالوزارات من الاستفادة والتوظيف والاستخدام. فالأوضاع في تحسن وهناك مبادرات سياسية تعكس الحاجة لنتائج البحث العلمي في مختلف التخصصات والقطاعات للاستفادة منها والاسترشاد بها.

خاتمة:

يمكن القول بأن وضع البحث الاجتماعي، ودورة، ومدى الاستفادة منه، وتوظيفه في رسم السياسيات وصنع القرار في العالم العربي ليس باستثناء عن الحالة المصرية، فالوضع في الدول العربية ليس بأفضل حالاً، فلا يزال البحث الاجتماعي وتوظيف نتائجه دون المستوي المطلوب حتى الآن، وأن كانت هنالك خصوصية تاريخية ومجتمعية فيما بين دول العالم العربي، إلا أن هناك قسمات ثقافية واجتماعية وسياسية مشتركة تحول دون الاستخدام والتوظيف الأمثل أن لم يكن الإيمان بأهمية ومكانة البحث الاجتماعي ودورة في خدمة قضايا المجتمع بشكل عام ورسم السياسات وصنع القرار بوجه خاص.

محمد كيلاني

باحث في العلوم الاجتماعية



(2) احراشاو الغالى: معوقات التأسيس العلمي للعلوم الإنسانية في الوطن العربي، مجلة الوحدة، السنة الخامسة، العدد (50)، نوفمبر 1988، ص22.

(2) أحمد زايد: سبعون عاما لعلم الاجتماع فى مصر، مجلة كلية الآداب، جامعة القاهرة، مجلد(56) عدد(4)، أكتوبر 1996، صـ2

(4) عبدالقادر عرابى، عبد الله الهمالى: إشكالية علم الاجتماع واستخدامه في الجامعات العربية، المستقبل العربي، السنة الثالثة عشر، العدد 141، نوفمبر 1990 ، صـ 170 راجع أيضا: معن خليل عمر: نحو علم اجتماع عربي، دار الشؤون الثقافية والنشر، سلسة دراسات العدد (361)، العراق، 1982.

(5) راجع فى ذلك معظم الأعمال التى قدمت فى المؤتمرات والندوات سابقة الذكر واشرنا إليها.

(6) مصطفى ناجى: علم الاجتماع فى العالم العربي بين المحلية والدولية، مجلة العلوم الاجتماعية المجلد (15)، العدد (2)، صيف 1987، صـ181. وللمزيد من التعرف على أسباب ظهور ونشـأه علم الاجتماع والظروف والعوامل المجتمعية التي عملت على إفرازه فى الوطن العربي راجع الأعمال الآتية : ـ

ـ حيدر إبراهيم: علم الاجتماع والصراع الأيديولوجي في المجتمع العربي، في: عزت حجازى( وآخرون)، نحو علم اجتماع عربي: علم الاجتماع والمشكلات العربية الراهنة، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1986، صـ120.

ـ حسين شبكة: علم اجتماع أم علم اجتماع عربى، شؤون عربية، العدد 61، مارس 1990، صـ 165.

ـ مجدى حجازى: علم الاجتماع بين تناقض الواقع واغتراب الفكر، دراسة فى أزمة العلاقة بين الباحث ومجتمعه، مجلة كلية الآداب، جامعة القاهرة، المجلد (57)، العدد (4)، أكتوبر 1997، صـ 126 0

ـ سالم سارى: الاجتماعيون العرب ودراسة القضايا المجتمعية العربية: ممارسه نقديه، المستقبل العربى، السنة الثامنة، العدد 75، مايو 1985، صـ 85. وعن معوقات نشأة علم اجتماع عربى انظر: عبد القادر عرابى، عبد الله الهمالى: إشكالية علم الاجتماع واستخدامه فى الجامعات العربية، المستقبل العربي ، السنة الثالثة عشر ، العدد (141) ، نوفمبر 1990 ، ص27 : 28 .

(7) شادية قناوى: المشكلات الاجتماعية وإشكالية اغتراب علم الاجتماع، رؤية من العالم الثالث، دار الثقافة العربية، القاهرة، 1988، صـ181

(8) راجع فى ذلك معظم الكتابات التى تعرضت لنشأة علم الاجتماع والبحث الاجتماعي فى الوطن العربي أهمها ما ورد فى المؤتمرات والندوات وأشرنا له قبل سابق.

(9) عن علم الاجتماع كآلية من آليات التبعية راجع : شادية قناوى، المشكلات الاجتماعية وإشكالية اغتراب علم الاجتماع، مرجع سبق ذكره، صـ181 وعبد الباسط عبد المعطى: فى استشراف مستقبل علم الاجتماع فى الوطن العربي: بيان فى التمرد والالتزام، فى: عزت حجازى (تحرير) وآخرون، نحو علم اجتماع عربي: علم الاجتماع والمشكلات العربية الراهنة، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1986، صـ361 .

(10) عن الأساتذة الأجانب ودورهم في تأسيس علم الاجتماع في الجامعات المصرية وعن الموضوعات التى شغلت الجيل الأول وتأثير المدرسة الفرنسية والإنجليزية على أعمالهم راجع أحمد زايد: سبعون عاما لعلم الاجتماع، مرجع سبق ذكره، سعد الدين إبراهيم: علم الاجتماع "الأحول" في مصر والعالم العربي، مجلة إضافات، العدد الأول، إبريل 1998، صــ 175 .

(11) عن تاريخ علم الاجتماع في مصر، العراق، دول الخليج، شمال إفريقيا، ودور المدرسة المصرية في ذلك راجع: -

ـ عبد القادر عرابي: حول الوضع الراهن لعلم الاجتماع العربي، ترجمة وتعليق محمد الجوهرى، الكتاب السنوي لعلم الاجتماع، العدد الخامس، دار المعارف، القاهرة، أكتوبر 1983، صــ 79 : صـ120 .

ـ فتحي أبو العينين: علم الاجتماع في الأقطار العربية الخليجية، وضعه ودوره في فهم الواقع المتغير، المستقبل العربي، السنة السادسة عشرة، العدد (175 )، سبتمبر1993 .

[1] محمـد كيلاني، باحث في العلوم الاجتماعية، مصر، هذه المقالة تطوير لبعض نتائج أطروحة رسالة ماجستير أجراها الباحث بعنوان "الدولة وواقع البحث الاجتماعي في المجتمع المصري دراسة تحليلية مقارنة لعلاقة البحث العلمي بالسياسات التنفيذية"، قسم الاجتماع، كليه الآداب، جامعة عين شمس منطلقاً من تساؤل رئيس حاول الإجابة عنه مؤداه: إلى أي درجة تسهم نتائج البحث الاجتماعي بما تحتويه من معلومات وبيانات في ترشيد السياسات الاجتماعية وصنع القرار داخل المجتمع المصري؟

(2) احراشاو الغالى: معوقات التأسيس العلمي للعلوم الإنسانية في الوطن العربي، مجلة الوحدة، السنة الخامسة، العدد (50)، نوفمبر 1988، ص22.

(2) أحمد زايد: سبعون عاما لعلم الاجتماع فى مصر، مجلة كلية الآداب، جامعة القاهرة، مجلد(56) عدد(4)، أكتوبر 1996، صـ2

(4) عبدالقادر عرابى، عبد الله الهمالى: إشكالية علم الاجتماع واستخدامه في الجامعات العربية، المستقبل العربي، السنة الثالثة عشر، العدد 141، نوفمبر 1990 ، صـ 170 راجع أيضا: معن خليل عمر: نحو علم اجتماع عربي، دار الشؤون الثقافية والنشر، سلسة دراسات العدد (361)، العراق، 1982.

(5) راجع فى ذلك معظم الأعمال التى قدمت فى المؤتمرات والندوات سابقة الذكر واشرنا إليها.

(6) مصطفى ناجى: علم الاجتماع فى العالم العربي بين المحلية والدولية، مجلة العلوم الاجتماعية المجلد (15)، العدد (2)، صيف 1987، صـ181. وللمزيد من التعرف على أسباب ظهور ونشـأه علم الاجتماع والظروف والعوامل المجتمعية التي عملت على إفرازه فى الوطن العربي راجع الأعمال الآتية : ـ

ـ حيدر إبراهيم: علم الاجتماع والصراع الأيديولوجي في المجتمع العربي، في: عزت حجازى( وآخرون)، نحو علم اجتماع عربي: علم الاجتماع والمشكلات العربية الراهنة، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1986، صـ120.

ـ حسين شبكة: علم اجتماع أم علم اجتماع عربى، شؤون عربية، العدد 61، مارس 1990، صـ 165.

ـ مجدى حجازى: علم الاجتماع بين تناقض الواقع واغتراب الفكر، دراسة فى أزمة العلاقة بين الباحث ومجتمعه، مجلة كلية الآداب، جامعة القاهرة، المجلد (57)، العدد (4)، أكتوبر 1997، صـ 126 0

ـ سالم سارى: الاجتماعيون العرب ودراسة القضايا المجتمعية العربية: ممارسه نقديه، المستقبل العربى، السنة الثامنة، العدد 75، مايو 1985، صـ 85. وعن معوقات نشأة علم اجتماع عربى انظر: عبد القادر عرابى، عبد الله الهمالى: إشكالية علم الاجتماع واستخدامه فى الجامعات العربية، المستقبل العربي ، السنة الثالثة عشر ، العدد (141) ، نوفمبر 1990 ، ص27 : 28 .

(7) شادية قناوى: المشكلات الاجتماعية وإشكالية اغتراب علم الاجتماع، رؤية من العالم الثالث، دار الثقافة العربية، القاهرة، 1988، صـ181

(8) راجع فى ذلك معظم الكتابات التى تعرضت لنشأة علم الاجتماع والبحث الاجتماعي فى الوطن العربي أهمها ما ورد فى المؤتمرات والندوات وأشرنا له قبل سابق.

(9) عن علم الاجتماع كآلية من آليات التبعية راجع : شادية قناوى، المشكلات الاجتماعية وإشكالية اغتراب علم الاجتماع، مرجع سبق ذكره، صـ181 وعبد الباسط عبد المعطى: فى استشراف مستقبل علم الاجتماع فى الوطن العربي: بيان فى التمرد والالتزام، فى: عزت حجازى (تحرير) وآخرون، نحو علم اجتماع عربي: علم الاجتماع والمشكلات العربية الراهنة، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1986، صـ361 .

(10) عن الأساتذة الأجانب ودورهم في تأسيس علم الاجتماع في الجامعات المصرية وعن الموضوعات التى شغلت الجيل الأول وتأثير المدرسة الفرنسية والإنجليزية على أعمالهم راجع أحمد زايد: سبعون عاما لعلم الاجتماع، مرجع سبق ذكره، سعد الدين إبراهيم: علم الاجتماع "الأحول" في مصر والعالم العربي، مجلة إضافات، العدد الأول، إبريل 1998، صــ 175 .

(11) عن تاريخ علم الاجتماع في مصر، العراق، دول الخليج، شمال إفريقيا، ودور المدرسة المصرية في ذلك راجع: -

ـ عبد القادر عرابي: حول الوضع الراهن لعلم الاجتماع العربي، ترجمة وتعليق محمد الجوهرى، الكتاب السنوي لعلم الاجتماع، العدد الخامس، دار المعارف، القاهرة، أكتوبر 1983، صــ 79 : صـ120 .

ـ فتحي أبو العينين: علم الاجتماع في الأقطار العربية الخليجية، وضعه ودوره في فهم الواقع المتغير، المستقبل العربي، السنة السادسة عشرة، العدد (175 )، سبتمبر1993 .










رد مع اقتباس
قديم 2011-12-07, 23:44   رقم المشاركة : 1448
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

الدراسة الأولى واقع الدراسات والبحوث الاجتماعية في الوطن العربي

توطئة:‏

إذا كان تعدّد المنطلقات النظرية ومناهج البحث في العلوم الاجتماعية الغربيّة، يمثّل نوعاً من الأزمة والفوضى العلمية (باعتراف أغلب المختصين)، فإن المشكلة أشدّ وطأة في البلدان النامية، ومنها وطننا العربي، حيث تجاوز الجدل بين المشتغلين في علم الاجتماع دائرة الاختيار بين علم الاجتماع الوضعي أو الإنساني أو الماركسي.. الخ، واتجه ليطرح بديلاً إضافياً يتمثّل في التطلّع نحو صياغة نظرية سوسيولوجية وطنية، لها طابعها المتميز الناتج عن خصوصية هذه المجتمعات. فلقد ثار جدلٌ طويل بين علماء الاجتماع حول هذه القضية، وطُرح التساؤل التالي: هل ننقل عن المشتغلين بعلم الاجتماع في الغرب أو الشرق، أم نطوّر نظرية جديدة في علم الاجتماع قادرة على خدمة البلدان النامية في معاركها ضد التخلف والفقر والتبعية؟!(1).‏

ومن ناحية أخرى يؤكد أحد الباحثين الاجتماعيين العرب أن كثيراً من العرب المختصين في العلوم الاجتماعية يكرّسون أوقاتاً ثمينة وجهوداً طائلة لاثبات نظريات واتجاهات وُلدت وترعرعت في مجتمعات أخرى وفي ظروف مغايرة، فنراهم يتفانون في تدقيق بعض المصطلحات ويسلّطونها من أعلى على الأوضاع الاجتماعية العربيّة. والحال أنّ تلك المفاهيم وإنْ كانت طريفة في ذات نفسها وجديرة بالاهتمام والدرس والعناية، فإنّها أصلاً وليدة المجتمع المُصنّع الغربي واستخدامها باسم كونية المعرفة العلمية غير وارد وغير مشروع لأنها لم تأخذ بالحسبان كل الأوضاع الممكنة إنسانياً، ولكن بعضاً منها فقط، فنقْلها بتلك السرعة والبساطة إلى المجتمع العربي يكون حجر العثرة في مسيرة البحوث الاجتماعية العربيّة(2).‏

والمُلاحظ أنّ السنوات الأخيرة شهدت ظهور عدد هام من الكتابات، التي تناقش مشروعية استخدام بعض المفاهيم والمصطلحات الاجتماعية الغربيّة. وهي ضرب من الشك المنهجي، القائم على إعادة النظر في الجهاز المعرفي الغربي، دون رفضه بصورة كليّة ونهائية، كما لا تنتهي إلى نسف النزعة الوضعية المؤسّسة له. وإنْ كانت تتساءل حول مفاهيم تُعدّ مركزية في النظريات الاجتماعية الغربية، مطالبة بتوسيع وتحريك وتطوير تلك المفاهيم والمقولات والمناهج، إنقاذاً للعلم والعقلانية والموضوعية من مخاطر الاختصار والهيمنة والاستلاب. وعموماً فإنّ أصحاب هذه النزعة لا يطالبون بقطيعة نهائية مع الغرب، من حيث أنه مصدر معرفة حقيقية ونسبية، وإنما يدعون إلى رفض الأطروحة التي تزعم أنّ الغرب مصدر المعرفة المطلقة.‏

"فهي تدعو إلى التقويم النقدي للجهاز المفاهيمي الغربي، أي إلى إبراز حدوده المعرفية من جهة، وإلى قدراته الكشفية عند التقائه بالواقع اللاغربي من جهة ثانية"(3). وبالمقابل يدعو عدد من الباحثين الاجتماعيين العرب إلى التخلي عن التقوقع على الذات، لأنهم لا ينظرون إلى الجهاز المعرفي الغربي كإنتاج للتاريخ الغربي فقط، وإنما من حيث أنه حصيلة لإسهام الشعوب والثقافات والحضارات الإنسانية كلها. إنّ الاعتراف بالحضور الغربي في شكل ثقافة ذات بعد شمولي يحتّم علينا أن نستغل تلك الثقافة دون شعور بالذنب، دون شعور بالاستلاب، دون شعور باختلاف وحشي -وهمي. ويرى أصحاب هذه النظرة وجوب الإفادة القصوى من الجهاز المعرفي الغربي واستغلاله، واستيعابه كفكر عقلاني وتقدّمي بالمعنى الواسع للكلمة. وهو "يفرض نفسه على جهازنا العقلي، شئنا ذلك أم كرهنا. لقد أصبح يشكل الإطار المرجعي العام"(4). إنّ ما تقدم يقودنا إلى مزيد من التفصيل والتحليل لواقع الدراسات والبحوث الاجتماعية في الوطن العربي، وذلك انطلاقاً من معالجة النقاط التالية:‏

أوّلاً- تصوّرات الاجتماعيين العرب ومساهماتهم:‏

في دراسة إحصائية تهدف لمعرفة تصوّرات علماء الاجتماع العرب، وحجم إسهاماتهم النظرية والتجريبية والميدانية قامت بها جهينة العيسى والسيّد الحسيني تبيّن أنّ الغالبية العُظمى من المشتغلين بعلم الاجتماع في الوطن العربي(82.4 بالمائة) أنجزت بالفعل خلال حياتها الأكاديمية بحثاً امبريقياً واحداً على الأقل في مقابل 17.6 بالمائة لم ينجزوا أي بحث امبيريقي. أمّا بالنسبة لاهتماماتهم الأكاديمية، فمن المُلاحظ أن علم اجتماع التنمية احتلّ المرتبة الأولى. في حين سجّل حوالي ربع أفراد العّينة الأولوية الثانية لعلم الاجتماع الصناعي. ويأتي بعد ذلك (أي في المرتبة الثالثة) علم الاجتماع الريفي والحضري. أمّا بقيّة فروع علم الاجتماع فقد نالت مراتب أقل وأدنى على ساحة "الخريطة الأكاديمية" لعلم الاجتماع في الوطن العربي(5).‏

وقد حاول الباحثان (العيسى والحسيني) التعرّف إلى تصوّرات المشتغلين بعلم الاجتماع في الوطن العربي حول أهم النظريات الاجتماعية شيوعاً وانتشاراً. وتبيّن أنّ النظرية البنائية الوظيفية بشكليها التقليدي والمعدّل تمثّل النظرية الاجتماعية الشائعة في الوطن العربي. أمّا نظرية التفاعل الاجتماعي فتبدو أقلّ انتشاراً، وكذلك النظرية النفسيّة الاجتماعيّة. أمّا أقلّ النظريات الاجتماعية شيوعاً في الوطن العربي في نظر أفراد عيّنة البحث فهي النظرية الايكولوجيّة. ويعتقد 81.48 بالمائة من أفراد المجتمع البحث أنّ علم الاجتماع في الوطن العربي يخضع لسيطرة علم الاجتماع الغربي (أوروّبا الغربية وأمريكا). وفي مقابل ذلك وجدت الدراسة أنّ أقلّ من خُمس أفراد العيّنة بقليل (18.52بالمائة) يعتقد أنّ المادية التاريخية تمثّل واحدة من النظريات الاجتماعية الشائعة في الوطن العربي. وفي كل الأحوال لاحظت الدراسة أنّ أفراد مجتمع البحث يعبّرون عن تبعية علم الاجتماع في الوطن العربي للاتجاهين الفكريّين العالميين في الثمانينات (البنائية الوظيفيّة والماديّة التاريخيّة) اللّذين يمثّلان تعبيراً عن الخبرة التاريخية للمجتمعات الغربيّة(6).‏

ومن ناحية أخرى، فإنه يسود اعتقادٌ بين الباحثين الاجتماعيّين والمُهتّمين بالعلوم الإنسانية والاجتماعية بأنّ علماء الاجتماع العرب لم يساهموا إلى الآن في فهم دقيق وبنّاء لمجتمعاتهم المحليّة وثقافاتها. وبالرغم من أنّ هذا الشعور يشير إلى نوع ضروري من النقد الذاتي، إلاّ أنه يعكس واقعاً حقيقياً، بصرف النظر عن أسبابه وظروفه وملابساته. ونستطيع اليوم أنْ نتفهم مقولات مُتداولة بشكل واسع، مثل "التبعية الفكرية"، و"الاغتراب الثقافي" و"القراءات غير النقديّة" لفكر "الآخر". ومعنى ذلك أنّ ثّمة وعياً متزايداً لدى علماء الاجتماع العرب بأنهم لم يساهموا حتى الآن فيما ينبغي عليهم المساهمة في فهم واقع المجتمعات العربيّة(7).‏

والواقع أنّ علم الاجتماع العربي لم يَعُدْ مقصوراً على نُخبة مُثقفة موصولة بالغرب أو بالشرق (النُخبة السوسيولوجية)، في حين أنّ الواقع يُظهر إنه إذا كانت الترجمات السوسيولوجية تحتلّ الواجهة في المكتبة الاجتماعية العربية وفي الجامعات العربية، وإذا كان هناك اعتماد نسبي على الخبرات الأجنبية، فهناك في المقابل جهود عربية أكاديميّة وبحثية لوضع المصطلح العلمي الاجتماعي، ورصد التحوّلات الاجتماعية العربية رصداً علمياً ودقيقاً، وهناك توجّهات نحو إنشاء المعاهد العلمية الاجتماعيّة التطبيقية ونحو المختبرات الاجتماعية، كما أنّ هناك مجلاّت للعلوم الإنسانية عامة والعلوم الاجتماعية خاصّة.‏

فالتقدم الاجتماعي الذي يقرع أبواب المجتمعات العربية، لا يتحدّاها من الخارج وحسب، بل يتحدّاها من الداخل أيضاً، لا سيما وأنّ الوعي القومي للعرب لا ينفصل عن وعيهم الحضاري، الثقافي، المعرفي، والإسلامي عمقاً. وهذا كلّه يجعلنا نشعر بالحاجة الماسّة إلى التسلّح العلمي بالمناهج والقوانين المجُرّبة والصحيحة(8).‏

وقد لفت انتباه "ديل إيكلمان" أُستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة نيويورك التغيّرات الحاصلة في الدراسات الاجتماعية العربيّة إزاء النظريات والمناهج والمفاهيم الغربيّة قياساً لما كانت عليه منذ عقدين من الزمن. فلم تعد تلك الانتقادات المُعمّمة على كل ما يُنتج في الغرب مُتداولة بالشكل الذي كانت عليه في السابق. وبدلاً من التعميم أصبح الانتقاد ظرفياً وموجّهاً لدراسات بعينها أو لمقاربات نظرية مُحدّدة. بل على العكس، ظهر اهتمام مُجدّد بفهم الأبحاث الغربية في إطارها الأصلي، حتى وإنْ كانت خلفياتها غير مرغوب فيها(9).‏

ولكن تبقى مسألة الصلة الواقعية بين العلوم الاجتماعية وقضايا الإنسان العربي إشكالية، سواء لجهة النتائج أو لجهة الأهمية والحيوية. ففي ندوة عُقدت بقسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية في جامعة الكويت (1984) أكّد الدكتور سعد الدين ابراهيم: "أنّ النمو النوعي في علم الاجتماع لم يتواءم مع جوانب النمو الأخرى في الوظيفة أو الدور الذي يمكن أن يقوم به علم الاجتماع في صياغة الحاضر وفي التمهيد للمستقبل العربي. إذ أنّ المتخصّصين لم يساهموا بالقدر الكافي أو بالدرجة المطلوبة في صياغة مشكلات المجتمع العربي المعاصر وتفسيرها، أو في اقتراح الحلول المطلوبة لهذه المشكلات"(10).‏

أمّا الدكتور عبد الباسط عبد المعطي، فإنه يرى أن القضايا التي يدرسها علم الاجتماع في البلدان العربية معظمها قضايا جزئية، ومنها قضايا مرتبطة بمشكلات اجتماعية غير سويّة من وجهة النظر المجتمعية والضبط الاجتماعي مثل الجريمة وانحراف الأحداث. أما الدراسات السوسيولوجية الحقيقية التي تتناول قضايا التجزئة والوحدة ومسألة التبعية، فهي محدودة جداً، وغالباً ما تتناول القضايا ذات الطابع السلبي أكثر من القضايا ذات الطابع البنائي التي تسهم في عملية التغيير والتخطيط في حين أنّنا بحاجة إلى بحوث حول متطلبات وشروط إقامة مجتمع بنائي أو إحداث تغيرات مُعيّنة في بُنية اجتماعية عربية لها واقع وظروف ولها ثقافة ولها خلفيّة(11).‏

ويعتقد الدكتور سعد الدين إبراهيم أنه لم تظهر مساهمة علمية نظرية يُعتَدّ بها في الوطن العربي.. وربما كان السبب (وفق رأيه) يرجع إلى أن التطوير النظري لم يكن الهدف الأوّل للمشتغلين بهذا الميدان، بينما يزداد الاعتراف بإنتاج المفكرين العرب من الخارج أكثر من داخل الوطن العربي نفسه، خصوصاً أولئك الذي تتبنّاهم الدول الأجنبية، فيعاد تسويق أفكارهم إلى بلدانهم الأصليّة مثلما يتم تسويق الملابس والسلع الأخرى(12).‏

ونحن لا نتفق في هذا السياق مع التقييم السلبي لمجمل "الفكر الشرقي"، والذي يرى أصحابه أنّ دراساتنا الاجتماعية ليست مفيدة، لأنها عبارة عن نقل غير دقيق وغير أمين للفكر الغربي وأنّه " وحتّى عندما يُوّجه النقد إلى الفكر الأجنبي في الوسط العلمي يُنقَل هذا النقد حرفياً، وهذا أُسمّية التبعيّة في النقل والنقد، وهو ما يخفي في الوقت نفسه الضعف المعرفي والضعف الفكري للمشتغلين بعلم الاجتماع في البلاد العربية"(13).‏

الواقع إن وضع الدراسات والبحوث الاجتماعية عموماً ووضع علماء الاجتماع العرب على وجه الخصوص، هو امتداد لوضع الجامعة في الوطن العربي، التي لم ترتبط بعد مع المجتمع ارتباطاً عضوياً في نطاق التغيّرات الكميّة والكيفية. وذلك في جميع التخصّصات الإنسانية والعلمية، ما عدا التخصّصات المهنيّة كالطب والهندسة والمحاماة. بينما نجد أنّ ما يقوم به علماء الاجتماع والأنثربولوجيا في جامعات العالم الصناعي يختلف كثيراً عمّا يجري في مجتمعنا. فمثلاً في جامعات الغرب يقوم علماء الاجتماع بإجراء البحوث والدراسات حول قضايا مجتمعيّة كثيرة في مجال العمل والبطالة والجريمة والأمن الصناعي وتلوث البيئة وتعاطي المخدّرات.. الخ بتمويل من الحكومة أو المؤسّسات المدنيّة أو البلديات، وتُسند تلك الأبحاث والدراسات إلى عدد من ذوي الاختصاص، ثم تجري مناقشة النتائج في أوساط علمية لتفسير وتحليل أبرز مظاهر المشكلة والحلول المُقترحة، وبعد ذلك تُطرح علنياً وعلى نطاق جماهيري واسع، وبذلك يجري ربطٌ عمليّ بين الجامعة ومراكز البحث العلمي والمشكلات التي يبحث المجتمع عن حلول فعّالة لها. والأمر نفسه يحصل في مجالات أخرى كالصناعة والزراعة والتعليم وقضايا الأسرة والمعوقين وكبار السن.. الخ.‏

أمّا بالنسبة إلى الوضع في الوطن العربي، فإنّ الدراسات الاجتماعيّة ما تزال أسيرة الصراعات والمجادلات الأيديولوجية "فحين نتكلم عن قضيّة اجتماعية مُعينة يجري تصنيف الآراء والأفكار المطروحة بأنها يمينّية أو يساريّة أو مع الإسلام أو ضدّ الإسلام.."(14).‏

وبرغم إيماننا بأنّ الأيديولوجيا تُعَدّ من أهم معوقات تحقيق الموضوعية في العلوم الاجتماعية، إلا أننا نرى بالمقابل أنّ محاولات تجنّب الأيديولوجيا من الصعوبة بحيث تكاد أن تصل إلى طريق مسدود. فالأيديولوجيا هي أحد المتغيّرات الهامّة (شئنا ذلك أم لم نشأ) في النظرية الاجتماعية ومن العسير تجنّبها في دراسات علم الاجتماع والأنساق المعرفية المتفرّعة عنه، بدءاً باختيار الموضوع وانتهاء بمحاولات المناقشة والتفسير، وذلك لتمحور الدراسات والبحوث الاجتماعية حول الإنسان وقضاياه المجتمعيّة المختلفة، وهي قضايا تتّسم أيضاً بالنسبية، وترتبط بالقائم بالدراسة وهو الإنسان أيضاً، الذي تتباين رؤيته للأمور وتختلف أيديولوجيته ومعتقداته ومن ثم أحكامه. فالإنسان الباحث يظلّ أسير انتماءاته الاجتماعية والطبقية والقومية والسياسية والدينية والثقافية، وتظلّ محاولات تحرّره أملاً يراود هؤلاء الذين يرون أنّ تحقيق الموضوعية في علم الاجتماع رهنٌ بهذا التحرّر النسبي. ومن المحقّق أن بعض علماء الاجتماع الغربيّين مّمن ينتمون إلى جناح التوازن في علم الاجتماع قد اعترفوا بالدور الذي لعبته وما زالت تلعبه الأيديولوجية في علم الاجتماع، فها هو روبرت ميرتون R.MERTON يعترف بأنّ الولايات المتحدة وحدها تضمّ حوالي خمسة آلاف عالم اجتماع، ولكل واحد منهم علم اجتماع خاص به His own sociology" " وما هذا التعدّد -فيما يرى ميرتون -إلاّ نتيجة لتعدّد التصورات أو بالأحرى كنتيجة لتعدّد الأيديولوجيات(15).‏

وهناك عدد من الباحثين الاجتماعيين، الذين يرون أنّ صراع الأيديولوجيات (الليبرالية -المُحافظة- الراديكالية..) قد ساعد على تطوير النظريات العلمية المتناسقة مع وجهات النظر الأيديولوجية المعنية وطوّر من قدراتها على التفسير والتنبؤ، ولكن من جهة أخرى يمكن القول أنّ التحليل السوسيولوجي المرتبط ارتباطاً أعمى بمنطلق أيديولوجي مُعيّن يُشكّل احتكاراً لقدرات عالم الاجتماع في التفسير وتطويع المعطيات النظرية والمنهجية لتتناسب مع موضوع البحث وخاصيّة الظاهرة(16).‏

ومن ناحية أخرى يبدي بعض الدارسين الاجتماعيين والكُتاب العرب تشاؤماً كبيراً حول مستقبل الدراسات السوسيولوجية في الوطن العربي، نظراً لما يعتقدونه من تبعية مطلقة في كل شيء ينتجه الغرب بشقّيه الرأسمالي والماركسي، حيث أنّ مسألة "المرجعية العلمية" لم تجد لها حّلاً بعد. "فالبُنية المدرسيّة والجامعية المُعاصرة في الوطن العربي والعالم الثالث هي بُنية تُقلّد الغرب بشكل كاريكاتوري، ليس في المسار العام فقط، بل في التفاصيل أيضاً. ولأنّ الكتابات المدرسيّة هي كتابات تاريخية في الأساس، وعلم الاجتماع ببنيته الحالية هو علم غربي، فإنّ هذه الكتابات تأتي على صورة البحوث الغربية في هذا المجال(17).‏

ولكنْ أين تكمن التبعية العربية في ميدان الدراسات والبحوث الاجتماعية، هل في النظرية، أم في المفاهيم، أم في الطرائق؟!‏

الدكتور رضوان السّيد يجزم بأنّ تبعية الدراسات الاجتماعيّة العربيّة، خاصّة في المُصطلح والمجال والاستبيان والرؤية التحليليّة والشاملة للمجتمع. وهو يرى أنّ الامبريقيّين الغربيين وضعوا مصطلحات وطرائق للبحث الحقلي نابعة من مشكلاتهم هم، تلك التي تواجهها مجتمعاتهم أو تبدو فيها. فإذا كان استخدام الرؤية الغربية لدى المؤرخين الاجتماعيين العرب يخرج مجتمعاتنا واهتماماتنا الاجتماعية التاريخية من مجال الرؤية هذه، فإنّ تبعية الميدانيين مُصطلحاً وطرائق للطرائقيّين الغربيّين تجعل منطلقاتهم خطأ، ونتائجهم أقلّ دقّة ومصداقية(18).‏

ويؤكد الدكتور السيّد أنّ الدراسات الميدانية التي تنطلق من مقولة الطبقات الاجتماعية أو تلك التي تنطلق من رؤية تجريبية أو نظرية غربيّة -لعلاقة السّلطة بالمجتمع -ليس بوسعها مهما وجدت جزئيات مؤيّدة أنْ تقدّم كثيراً مفيداً في مجال دراسة مكافحة الظواهر المرضيّة أو المتخلّفة(19).‏

وتلقى النظرة السابقة رواجاً واسعاً في الأوساط الأكاديمية العربية، التي تتحدّث دائماً عن التبعية الفكرية لمناهج الغربيين ونظرياتهم وطرائقهم. و"الاتّهام" الأساسي يتمثل في أنّنا "نكتب عن مجتمعاتنا من خلال ما يكتبه الآخرون في علم الاجتماع أو عن مجتمعاتهم، ونطبّق ما نستطيع تطبيقه على مجتمعاتنا، والمجتمع الذي لا ينتج صناعته وبضائعه وموادّه قلّ أنْ يستطيع إنتاج فكر لا يكون تلفيقياً أو توفيقياً، نأخذ بسهولة ويسر موادّنا ومصنوعاتنا ومنتوجاتنا الاستهلاكية، وذلك عينه هو ما يبدو أنّنا نفعله في الميدان الكتابي أو في ميدان الفكر والتفكير، نفضّل السهل، ونقع في الاستيراد وفي الاستهلاك والمضغ"(20)‏

هذا ويعتقد الدكتور علي زيعور بأنّ تضارب التوجّهات (أو التّيارات) في دراساتنا الاجتماعية، لا يعود إلى تنوّع فكر الباحثين وغنى مناهجهم بل إلى الارتباط الفكري بين الباحث والمدرسة الأجنبية أو السلطة الغربية التي يتبعها بلده، لأننا -كما يقول- "لا ننتمي إلى مدرسة عربية محدّدة في علم الاجتماع أو في علم النفس الاجتماعي أو في الفلسفة، إننا نستهلك، إننا نأخذ المنهج والتوّجه دون أن ننصبّ على إنتاج المنهج المستقل والتوجّه النابع من واقعنا"(21).‏

وقد غالى الدكتور زيعور في وصوفاته السلبية -النفسانيّة للدراسات الاجتماعية العربية، التي تنْظُمُها "التيارات الأميركية المنهج، حيث تجمع بيانات معطيات (في ميادين الفولكلور /خ.ج) لا تقودها نظرية وتؤدي إلى معرفة بلا وظيفة وعديمة المعنى"(22). بل وصل به الأمر إلى حدّ الإعلان: "إنّ علم الاجتماع الأميركي، في الكثرة الكثيرة من أبحاثه، يخدم السياسة الأميركية والنظام الأميركي، ويعمل ضدّ التطور بل وضدّ الإنسانية الساعية لرفع مستويات الإنسان"(23).‏

ونحن بدورنا نرى عدم فائدة التبسيط الشديد للمواقف والاتجاهات والتيارات، وأنّ التعميم في الأوصاف والتقييمات السلبية يوقعنا في تكرار الأخطاء، والرفض المتبادل، وإطلاق الاتهامات المجانيّة، التي تبعدنا عن التدبّر الشامل والدراسات الميدانية للبنية الاجتماعية العربية، وصولاً إلى ملامح نظرية عامّة تحكم تطور مجتمعاتنا وتشكل إطاراً ينظم اتجاهاتها المستقبلية.‏

ثانياً- معوقات التطور والإبداع في الدراسات الاجتماعية العربية:‏

يختلف الباحثون والدارسون الاجتماعيون العرب في تشخيص العوامل والظروف المسبّبة لقلّة الدراسات والبحوث الاجتماعية المبتكرة والأصيلة في البلدان العربيّة. ويصنّفها بعضهم ضمن العوائق التالية(24):‏

1-العائق النظري: ويتمثّل في الضعف النظري لدى الاجتماعيين العرب، حيث أنّ ما يعرفونه عن المدرسة الثقافية الأمريكية -مثلاً- ينبع من قراءات مختصرة ومطالعات سريعة، لمقالات ودراسات انتقائية مُعرّبة. وغالبيتهم لا يطّلعون على النصوص الأساسية (الأصليّة) للنظريات المطروحة، لذلك يواجهون صعوبات حقيقية في الحكم الموضوعي على تلك الآراء والتيارات والاتجاهات.‏

2-العائق المنهجي: يلعب هذا العائق دوراً كبيراً في عرقلة تطوّر العلوم الاجتماعية في الوطن العربي. ويتجسّد في إهمال بعض الاختصاصات الهامة في دراسة مشكلاتنا الاجتماعية (كعلم الاجتماع البدوي والريفي وعلم الاجتماع الديني). كما يتمثّل في بعثرة الجهود المبذولة من الباحثين الاجتماعيين على امتداد الأرض العربية. ويمكن الموافقة هنا جزئياً على الرأي القائل إنّ دراساتنا الاجتماعية تعود إمّا إلى الاتجاه المادي الجدلي والتركيز على الصراعات، أو إلى الاتجاه البُنيوي والوظيفية، أو إلى الاتجاه الذي لا يتقيّد باتجاه ولا يلتزم بنظرية أو منهج، بقدر ما يوفّق ويلفّق عن وعي تارة أو تسهيلاً للدراسة وبدون وضوح تارات أخرى. فالخاصيّة الكبرى لعلم الاجتماع العربي أنّه لا ينتمي إلى اتجاه وحيد، أو إلى منهج معين، أو مدرسة اجتماعية بعينها.‏

بكلمة أخرى، لا توجد مدرسة اجتماعية عربية، بل مجموعة واسعة من الدراسات في علم الاجتماع منها التجزيئي الإقليمي، ومنها الجهوي والمحلّى. وهي مدرسة متأثرة بالأيديولوجيات والتيارات الاجتماعية العالمية. "ويبقى فكرنا يدور في حلقة مفرغة: يأخذ من الأجنبي ويعزّز الأجنبي بذلك الأخذ. ومن هنا أيضاً، كسبب أو كنتيجة معاً، إنّ علم الاجتماع عندنا غير متميز بخصوصيات، ولا يحمل سمات الواقع وتطلّعات المجتمع.. وعلم الاجتماع العربي غير ملتصق بذلك الوجود ولا بمصيرنا، وأعمالنا تطبيقية لمناهج أجنبية، وأخذ ونقل وترجمة، إنها إعداد وليست عملاً نظرياً أو صناعة "أهل النظر" المتخصّصين المكرّسين"(25).‏

وفي الإطار ذاته، يُلاحظ انقسام الباحثين الاجتماعيين العرب إلى فريقين: فريق يناقش الموضوعات المطروحة من منطلق النزعة الشمولية، وفريق آخر ينطلق منن خصوصيات الظواهر والفولكلور والعادات والأعراف المحلّية في البلدان العربية المختلفة. فالشموليون يرون أنّ المجتمع العربي ما يزال وحدة بالمعنى السوسيولوجي رغم تفاقم الاقليمية والقطرية، وتفاقم ظواهر التفتت والانقسام والتناحر، وكثرة الحدود والخلافات والصراعات والصدامات المباشرة وغير المباشرة والقيود على الحركة الاجتماعية.. الخ. أمّا الامبيريقيّون (الميدانيون/ التجريبيّون)، فإنّهم يتمسكون بالأبحاث الأنتروبولوجية والخصوصيات الفولكورية البادية على السطح. ويبدو الوطن العربي أمام ناظر الباحث الاجتماعي ذي النزعة التجزيئية جُزراً معزولة، تحكم كلاً منها قوانين تنتج ظواهر متباينة. رغم أن العرب ما يزالون أمّة واحدة في الثقافة والدين واللغة والتاريخ وأنماط المعيشة.‏

لكن الانصاف يقتضي القول إنّ هذه الاشكالية لا تصدق على الاجتماعيين فقط، بل على الباحثين العرب في تخصّصات أخرى كثيرة.‏

والواقع أنّه رغم ظهور بعض المحاولات التي كانت تهدف إلى إبراز نوع من النظرية الاجتماعية العربية (قسطنطين زريق، ساطع الحصري، عبد العزيز الدوري وغيرهم)، فإنّ من المسلّم به أنه -بخلاف نظرية ابن خلدون -لا توجد إلى الآن نظرية اجتماعية نوعية متكاملة عن المجتمع العربي، غير متشرّبة بالمسائل والأفكار والأطروحات الأيديولوجية.‏

إنّ الارتباكات والاضطرابات والصراعات الحاصلة في الدراسات والمناهج البحثية الاجتماعية العربيّة، تعود -حسب تقدير بعض المختصين- لعوامل عدّة، في طليعتها(26):‏

أ-التعميم والإطلاقية أو المواقف الحدّية كالمبالغة في عمومية المجتمع العربي من جهة، أو في خصوصية مجتمعات أقطاره من جهة أخرى.‏

ب-فقدان الصلة بين التنظير والعمل الميداني الذي أدى إلى اتساع الفجوة بين المنّظرين والممارسين.‏

جـ- اشكالية المنهج وغياب الموضوعية عن الكثير من التحليلات السوسيولوجية. وهو ارتباك يرتبط تارة ارتباطاً مباشراً بأنماط النظرية وتارة أخرى بنوعية الموضوعات المبحوثة. ويُعزى هذا الارتباك المنهجي لعوامل عدة، من بينها: ضعف مستوى التدريب الجامعي في المنطقة في مجالات تصميم البحوث واستعمالات المنهج وطرق البحث الكمية، ندرة الفرص المتاحة لعلماء الاجتماع والمتخّصصين لإجراء بحوث مسحية أو حقلية، ولجوء كثيرين منهم إلى استبدال ذلك النقص بتبنّي مناهج كيفية ونقدية في معظمها، بدائية تقنية البحوث الاجتماعية العربية وبخاصة في مجالات طرق تجميع البيانات وتنسيقها وتبويبها وتحليلها وكذلك في مجالات البحوث التطبيقية.‏

ومن أهم المواقف تجاه إشكالية المنهج في البحث السوسيولوجي العربي، نشير إلى موقفين عريضين:‏

الموقف الأول يحبّذ الاهتمام بالتنظير على حساب المنهج، ويرى البحث السوسيولوجي من منظور مناقشة ومقارنة وتوليف المواقف والمفاهيم الواردة في أفكار الروّاد.‏

أما الموقف الثاني، فإنه يحبّذ الاهتمام بالمنهج على حساب النظرية، ويفضّل تقديم أعمال امبريقية كمية مُبسّطة معتمدة على الدراسات الميدانية والمسحيّة.‏

على صعيد آخر حذّر بعضٌ من دعاة المحلية من استيراد منهجيات بحث غريبة عن المجتمع العربي ومن تطبيقها دون دراسة للأوضاع السائدة. وعبّروا عن ضرورة إعادة النظر في الأساليب المنهجية ومحاولة ابتداع وتطويع أدوات بحثية ومنهجية ملائمة لخصوصية الواقع العربي ومشكلاته (عزّت حجازي، سيكولوجية الإنسان المقهور).‏

بينما يرى الفريق الآخر أنه لا ضرر من الإطلاع على المناهج العلمية المُستعملة في التحليل السوسيولوجي الغربي، وتمثّلها واستعمالها في الحالات المناسبة، وخصوصاً أنها قدمت الأسانيد القاطعة عن قدرتها على التفسير والتطور والتعبير.‏

3-العائق الاجتماعي: حيث يشكو الاجتماعيون العرب من أن المؤسّسات التي يعملون في إطارها لا تشّجعهم على إثارة المشكلات الجديدة والموضوعات الخلافية. فالباحث في البلدان العربية يُصنّف ضمناً أو عُرفاً، الموضوعات إلى "حسّاسة" و"غير حسّاسة". وهو نهجٌ له دور فعّال على صعيد الانتاج السوسيولوجي في البلدان العربية.‏

من تلك الموضوعات "الحسّاسة" يذكر الباحث فردريك معتوق، على سبيل المثال: المرأة ومشكلاتها؛ والدين والجماعات الدينية ودورها الفعلي، في الحياة الاجتماعية والسياسية العربية. ثم إنّ الباحث الاجتماعي يفضّل عدم الخوض في مايسمّيه البعض حقول الألغام الاجتماعية.‏

من هذا الموقف المستسلم، ومن هذه الاستقالة الصامتة والمعّممة تنبع المعالجات الهامشية لواقعنا الاجتماعي، لدرجة أنّ مطالعة بعض الروايات العربية الناجحة أو مشاهدة بعض الأفلام العربية الجريئة والواقعية، تعطينا فكرة أوسع عمّا يجري في الواقع الاجتماعي من الأبحاث والدراسات الاجتماعية(27).‏

ويؤيّد هذه الرؤية الباحث الاجتماعي محمد حافظ دياب، الذي يؤكّد -في معرض دراسته للخطاب السوسيولوجي في الجزائر -أنّ الفعل السوسيولوجي في منطقتنا العربيّة يتخلّف أو يتأخر عن مجمل أفعال التغيير الاجتماعي الجارية فعلاً. بمعنّى آخر، إن تجارب التنمية وإجراءات تحديث البنية الاقتصادية، وصياغة أسس عمليّة لثقافة وطنية، وكل ما تثيره من ردود اجتماعية أسبق من الدراسات والبحوث السوسيولوجية. مثال ذلك، أنّ إعادة هيكلة المنشآت الصناعية التي تمّت في الفترة ما بين عامي 1982 و1985، قد استتبعتها أبحاث سوسيولوجية عديدة، وهو ما قد تبدو معه الممارسة السوسيولوجية كفّعالية تابعة. وما يزال سائداً الاتجاه القائل إنّ مهمة السوسيولوجيا هي الاقتصار على دراسة المعطيات الظاهرة والمباشرة، التي تتفادى الموقف الأصعب، القائم على إعادة هيكلة الواقع، واستخراج قوانينه ودينامياته، عبر تجاوز الظواهر والعلاقات المباشرة إلى البحث عن المحرّكات والعناصر الفاعلة في آلية حركية البُنية الاجتماعية -الاقتصادية. ويأخذ الباحثُ دياب على السوسيولوجيا المُطبقة في الجزائر هروبها من بحث مشكلات البُنية البيروقراطية واختلالاتها الوظيفية في المنشآت الانتاجية والخدمية، ومشكلات الهجرة الداخلية والخارجية، وقضايا بطالة الشباب، وآثار النظام الاقتصادي على البُنية الاجتماعية -الطبقية، ومظاهر الاستهلاك الترفي، وظاهرة المدّ الإسلامي (الأصولي). وكلّها موضوعات لم يستطع البحث السوسيولوجي في الجزائر أن يضعها في صلب اهتماماته بعد(28).‏

4-العائق السياسي: يرى عددٌ كبير من الباحثين العرب أنّ المؤسّسات الرسمية، خصوصاً صاحبة القرار تنظر بحذر بالغ إلى ما يقوم به الباحثون الاجتماعيون من دراسات وغوص في أعماق المجتمع وأنساقه المختلفة. وهناك قطيعة واضحة بين أصحاب القرار والذين يمتلكون ناصية المعارف العلمية- الاجتماعية. وفي هذا السياق يقول الباحث الاجتماعي المعروف سيّد ياسين: "إنّ عملية اتخاذ القرار محتكرة في يد نخبة سياسية لا تؤمن بالمنهج العلمي الإيمان الكافي، وهذا أحد أسباب عدم فاعلية العلوم الاجتماعية في الوطن العربي"(29).‏

هناك إذاً أزمة ثقة بين العلوم الاجتماعية في البلدان العربيّة وبين المؤسّسات الرسمية، بعكس ما يحصل في الدول المتقّدمة صناعياً في العالم. والجدير ملاحظته أن سبب حذر القيّمين على الأمور السياسية، قد يعود إلى عدم اكتشافهم لأهمية الدراسات والبحوث الاجتماعية في ميدان التخطيط الاجتماعي والاقتصادي ودراسات الرأي العام وأساليب التوقّع والتنّبؤ والاستطلاعات الاجتماعية والسياسية والنفسية.. الخ. حيث أن العلوم الاجتماعية تظلّ سلاحاً مزدوجاً، يمكن أن يختار كل طرف يستخدمه ما يتناسب مع مصلحته أو توجهاته وتطلعاته.‏

كما أنّه لا بّد من الإشارة إلى حصر موضوعات البحث والدراسات السياسية، أو بالأحرى موضوعات "علم الاجتماع السياسي" حتى داخل حدود المؤسّسة الجامعية نفسها. ومنها المسائل المتعلقة بطبيعة النُخَب الحاكمة والبيروقراطية وحجم الفساد في المؤسسات الرسمية(30)".‏

وقد توقف عددٌ من الدارسين والمفكّرين والكتّاب العرب عند إشكالية العلاقة بين المثقفّين عموماً والباحثين الاجتماعيين بصفة خاصة والسلطات الرسمية. ونشير في هذا المنحى إلى ما تحدّث به الدكتور رضوان السيّد في أثناء تحليله "لمشكلات البحث الاجتماعي العربي"، حيث يقول: "إنّ السياسيّين العرب في غالبيتهم لا يميلون إلى الدارسين الاجتماعيين، ولا يشجّعون البحوث الاجتماعية بالوطن العربي، وفي ربط كراسي الدراسات الاجتماعية بالنفسّيات والفلسفيات في بلدان عربية متعدّدة. ومن المعروف أنّ الاجتماعي المعاصر شأنه في ذلك شأن الاقتصادي يعتمد على الاحصائيات والبيانات الكمّية التي تُصدرها مؤسّسات الدولة المتخصّصة. لكن هذه الإحصائيات والبيانات الكمية لا تظهر أو لا تُنشر في عدّة بلدان عربية لأسباب مختلفة، فتزيد عمل الدارس صعوبة وعُسراً خصوصاً مع فقدان الدعم أو القرار السياسي الضروريّين لإجراء مثل هذه البحوث"(31).‏

والواقع أنّ المؤسّسات الرسميّة في الوطن العربي ما تزال تتجاهل الدور الحقيقي، الذي يمكن أن يلعبه علم الاجتماع في التأثير الإيجابي في التحولات الجارية في المجتمع. لكنْ من الملاحظ أن هناك محاولات للاستفادة من الفرص التي تقدّمها العلوم الاجتماعية (ولا سيّما علم النفس الاجتماعي أو سيكولوجيا الحشد) في ترسيخ الهيمنة والحفاظ على السيطرة، التي تتمتع بها النخبات الحاكمة، سواء في الميادين السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الإعلاميّة.‏

فالباحث الجزائري العياشي عنصر يرى أنّ أصعب ما يتعرّض له علم الاجتماع الجزائري اليوم، إنّما يتمثّل في سيطرة السلطة السياسية، التي سعت تحت شعار "تأسيس علم اجتماعي ملتزم بقضايا المجتمع" إلى بسط نفوذها على هذا الفرع الهام من فروع المعرفة. وقد قَبِلَ علمُ الاجتماع هذا الدور الامتثالي، مكتفياً بلعب دور الصدى للقراءات والإجراءات السياسيّة، وتبرير سيطرة القوى الاجتماعية التي بيدها الحكم. "لقد أدّى الخلط بين الالتزام والامتثالية إلى فقدان علم الاجتماع في الجزائر لكل مصداقية"(32).‏

وإذا ما اتّجهنا صوب منطقة الخليج العربي، فإنّنا نعثر على أصداء المشكلات ذاتها، التي يثيرها الاجتماعيون العرب دائماً، حيث يُلاحظ "أنّ بعض الاجتماعيين الخليجيينّ مُستهلك للمعرفة السوسيولوجية أكثر من قدرته على تسخير المعرفة لفهم الواقع في الخليج العربي. كما أنّ مراكز البحوث لم تساهم بالقدر الكافي في طرح مشكلات المجتمعات الخليجية وقضاياها، ولم تساهم حتى الآن مساهمة حقيقية في بناء هذه المجتمعات.. وأنّ قصور البحوث الاجتماعية في منطقة الخليج العربي مرتبط بالتخلّف في المجتمع والنظرة العدائية للبحوث الاجتماعية بصفة عامة"(33).‏

ومن خلال دراستها الاستقصائية- التحليلية للبحوث والمؤلفات والدراسات الاجتماعية لمجمل بلدان الخليج العربي على مدى عشر سسنوات (من 1980 إلى 1990) توصّلت الباحثة الاجتماعية/ الأستاذة جُهينة سلطان العيسى إلى أنّ البحث الاجتماعي، في المجتمع الخليجي، قد عجز عن إعطاء حركة المجتمع مفاهيم وتبريرات اجتماعية وسياسيّة بخاصة في الجوانب الآتية(34):‏

1-لم يستطع البحث الاجتماعي تقديم تفسير للظواهر المستّجدة في المجتمع الناتجة عن التطور المادي المتمثّل في استخدام التقانة الغربية، والتطور الاقتصادي الناجم عن الطفرة المادية غير المقترنة بتغيّر إيجابي في السلوك الاجتماعي والثقافي والسياسي.‏

2-عجز البحث الاجتماعي عن إعطاء تفسيرات لحالة الاغتراب التي يعانيها المواطن بصورة أبعدته عن أداء دور المواطنية المسؤولة.‏

3-وقفَ البحث الاجتماعي عاجزاً عن تفسير الظواهر السلطوية، ووقوف المواطن موقف العاجز والمسيّر، والسكوت عن غياب الديمقراطية.‏

4-لم يقم البحث الاجتماعي بدراسة القيم المستّجدة المنتشرة في المجتمع، وهي في أغلبها بعيدة عن قيم المجتمع الأصيلة.‏

5-عجزَ الباحثون والدارسون عن الخروج من دائرة التخلف والقهر، المرتبطين بالتخلف الاجتماعي والقهر السياسي، الأمر الذي دفع دراساتهم إلى الابتعاد إلى المجالات الوصفية، واختيار المداهنة بين فلسفة العلم وفلسفة الدولة. وهو ما يؤهلهم، تحت كل التفسيرات، للخروج من دور المثقف والصفوة إلى أدوار أخرى.‏

إضافة إلى مجموعة عقبات سياسية وثقافية وإدارية تحول دون تقدّم البحوث والدراسات الاجتماعية في الوطن العربي، منها: تبعية السوسولوجيا للسلطات الرسمية، التي تعمل لتلبية حاجات الدولة، وليس تبعاً لاستنتاجات علماء الاجتماع أو الواقع الاجتماعي، وقلّة الإمكانات المادية والفنية اللازمة للبحوث الاجتماعية؛ والقيود المفروضة على اختيار موضوعات البحث، وندرة المصادر الاحصائية الدقيقة الضرورية للبحث، وما يطرأ على هيئات البحوث من تغيّر دائم، وسوى ذلك من عقبات(35).‏

ثالثاً- تصوّرات لتجاوز الأزمة وتطوير الدراسات الاجتماعية العربيّة:‏

الواقع أنّ الاجتماعيّين العرب بسبب عدم اتفاقهم بخصوص مناهج البحث والنظريات الاجتماعية، وأيضاً بسبب الاختلافات الأيديولوجية والرؤى السياسية، لا يتفقون بالتالي على نوعية الأساليب والوسائل والممارسات، التي من شأنها إخراج الدراسات الاجتماعية العربية من جمودها الراهن. فالدكتور محمود عبد الفضيل يعتقد أنّ المخرج يكمن في إثراء وتطويع منهج المادّية التاريخية، وتطبيقه بصورة حيّة وخلاّقة لدراسة الأوضاع والعلاقات الطبقية في المجتمعات العربية. وفي الوقت نفسه يجب الاستفادة من اسهامات ومناهج التحليل التاريخي لدى ابن خلدون حول القبيلة والدولة والعصبية، وكذلك من منهج التحليل الاجتماعي لدى ماكس فيبر حول الدور الذي تحتله "جماعات المكانة"- المرتبطة بالبناء الفوقي للمجتمع -في البنيان الاجتماعي والطبقي للمجتمع، وما تحفل به كتابات التراث العربي والإسلامي عموماً(36).‏

أمّا الدكتور حليم بركات، فإنه يقترح اعتماد المنهج الاجتماعي التحليلي المقارن والنقدي، الذي يشدّد على الدينامية والتناقض وتداخل الظواهر، وذلك من منظور عربي شامل(37). ومع أنّ أطروحة الدكتور بركات تُشدّد بالدرجة الأولى على الأهمية الكبرى للبُنى التحتية، إلا أنها لا تنظر إلى البنى الفوقية الثقافية بوصفها مجرّد نتيجة، بل كفعل أيضاً له مؤثراته على البنية التحتية. وهذا يعني أنّ الثقافة بما تتضّمنه من معتقدات ومبادئ وقيم ونظريات ومقولات وآراء ومفاهيم تتصل اتصالاً وثيقاً بالتناقضات الاجتماعية القائمة. والأهم من ذلك كلّه دراسة المجتمع العربي من منظور قومي التزاماً بقضاياه وفي سبيل تغيير الواقع. ولا بدّ من الاعتماد على علم اجتماع عربي يصرّ في آنٍ واحد على الالتزام وما يتّصل به من معتقدات وقيم ضرورية تقتضيها الموضوعية نفسها(38).‏

ومن ناحيته يرى الدكتور عبد الوهاب بوحديبة أنّ الوطن العربي كسائر البلاد النامية، في حاجة إلى إبراز خصوصياته عن طريق البحث الميداني وعن طريق التنظير أكثر مّما هو في حاجة إلى تجاوز تلك الخصوصيات نحو معرفة في نهاية التجرّد كما تدعونا إلى ذلك البنويّة أو الماركسية. وعلينا ألاّ ننسى أنّ تأخّرنا هو تأخر أيضاً في التعرّف بدقّة على تفاصيل أحوالنا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية(39). لكنّ المنطلق الأساس لإنشاء "علم اجتماع عربي" (وفق رأي الدكتور بوحديبة): ينبغي أن يكون واقع المجتمعات العربية باعتبارها تكوّن وحدة متنوعة "أو إن شئنا تنوعاً في الوحدة"... وأن نرمي إلى مزيد من التعرّف على هذه الخصوصيات وأن نعتبر تجربة كل بلد كجزء من تجربة أوسع ينبغي التعرّف عليها ووضعها تحت تصرف أهل الذكر في البلاد وخاصة أصحاب القرار منهم(40).‏

ويبقى علينا أن نفكك المنهاجيات المتّبعة في الدراسات الغريبة، "حتّى لا تطغى علينا النقدية المفرطة فلا نتقّبل ما يكتبونه عن مجتمعاتنا إلاّ بعين تُميّز بين الاتجاهات وتغربل بين "الحقائق".. ونكسب الامكانيات المنهاجية (الأخرى/ خ.ج) وذلك على شرط أن نحوّلها من "الخارج" إلى "الداخل" ومن "الداخل" إلى "الذاتي" وهذا يتطلّب نقد المفاهيم وتزكية المواقف وضبط الفرضيات وتدقيق الاستنتاجات(41).‏

وإلى نتيجة مماثلة -تقريباً- يصل الدكتور رضوان السيّد، الذي يعتقد أنّ أفضل ردّ على "التبعية" التي تعاني منها الدراسات الاجتماعية العربية، يتمثّل في: "ضرورة قيام علم اجتماع عربي لا يهتم بالتمايز عن الغرب بقدر ما يهتم باستنباط مصطلح وطرائق قادرة على التصديّ لقراءة الظواهر الاجتماعية العربيّة واقتراح الحلول المناسبة لها. ومن هنا تأتي ضرورة تكوين جمعية للدارسين الاجتماعيين العرب على مستوى الوطن العربي تتجاوز اختلافات المدارس الاجتماعيّة الغربيّة للوصول إلى "تطبيقات عربيّة" لميدانية تنطلق من مشكلاتنا نحن؛ وإن لم يكن ضرورياً أنْ تنتهي بهذه المشكلات"(42).‏

وعموماً لا بدّ من توحيد وتنسيق بين الجهود البحثّية والتنظيرية التي يقدّمها المختصّون الاجتماعيون في الوطن العربي، بحيث لا تبقى دراساتهم اقليمية أو جزئية أو مغلقة فاقدة الانفتاح والاتساع والشمولية. كما يجب أن تنفتح في الوقت ذاته على التيّارات الكبرى في الفكر الاجتماعي الإنساني المعاصر، عبر مواكبة فكريّة مستمرة وروح علميّة واعية.‏

إنّ أغلب المشتغلين في حقل الدراسات والبحوث الاجتماعية في الوطن العربي يتفقون على ضرورة أن نفهم حضارتنا وواقعنا وأنفسنا، كما حاولنا فهم حضارة "الآخر" وحفظ مناهجه، واستخدام مصطلحاته العلمية والأيديولوجيّة والقيميّة في دراساتنا الأكاديمية ووسائل الإعلام المختلفة، وذلك بغية تحديد مواقف علمية -موضوعية واعية من "الأنا" و"الآخر". على أنْ ننطلق من النقاط والعموميات التالية"(43):‏

1-لا توجد حضارة بلا تضاريس وتباينات وتناقضات أيديولوجية وفكرية واجتماعية. والحضارات والمجتمعات كلها اشتملت في معظم مراحلها التاريخية على عناصر عقلية وعاطفية، مادية وروحية، عناصر أصيلة -تراثية، وأخرى وافدة ومُستعارة ومُكيّفة، وإنْ تفاوتَ التركيز على هذا العامل أو ذاك، وعلى الكيفية التي تمتزج وتتصل بها هذه الأبعاد والعناصر والاتجاهات.‏

2-إنّ العرب المعاصرين لا يعيشون في جزيرة منعزلة جغرافياً، كما أنّهم لا يعيشون خارج العصر ومتغيّراته ومتطلباته ومستحدثاته. لكن اختلاف التركيبة الاجتماعية العربية عن تلك التي بالغرب المعاصر يجعل مشكلات العصر وقضاياه تنعكس على مجتمعاتنا على شكل أفعال وظواهر وردود أفعال تختلف عن المجتمعات والتطلعات القومية. ومن مقولة "شرعية الاختلاف"- وهي مقولة غير قيمية- تبدو ضرورة الخروج من أشر التبعية في المصطلح والتحليل ومجالات الاهتمام. وليست هذه دعوة للانقطاع عن العالم، بل هي دعوة للدخول في العصر من خلال ثقافتنا المحلّية ومشكلاتنا الخاصّة. وهو ما عبّر عنه بعض الباحثين بمقولة "الاعتماد على الذات علمياً" أو "الممارسة العلمية المستقلّة" حيث تتطلب تنويعاً لمصادر المعرفة، والتعامل معها تعاملاً نقدياً واعياً ومستوعباً، وتحديد ما نريد من تراثنا الغني ومن تراث الشعوب الأخرى.‏

3-إنّ معركة "الاستقلال العلمي" لا تُحسم داخل المؤسّسات العلمية والأكاديمية فقط، بل هي بحاجة إلى تضافر جهود وتنسيق عمليات وخطوات كثيرة على مستويات تعليميّة وإعلامية وثقافية وسياسيّة. وإذا سلّمنا بأهمية هذا المنطلق، فإنّ ثمّة آليّات تمهّد الطريق للتخلّص الجدّي من "التبعية" الفكرية، ومواجهة عناصرها ومفرداتها، ووضع اللبنات القويّة على طريق طويل يمهّد حقيقة لبناء ممارسة علمية عربيّة مأمولة، ولعلّ من بين الآليات والإجراءات العملية المثمرة الخطوات التالية:‏

أ-التخطيط لإجراء دراسات وبحوث واقعية -ميدانيّة حول مظاهر وأشكال التبعية في الأنساق المعرفية المختلفة على أن تستوعب (هذه الدراسات والبحوث) الحالات والمؤسسات العلميّة العربيّة كافّة.‏

ب- تحليل التاريخ الاجتماعي والتراث العربي بصورة منهجية منظمة، لمعرفة ثوابته ومتغيراته، وشروط النهوض ببعض أنساقه وأطروحاته الأصلية.‏

ج- الاهتمام بالأعمال النقدية للتراث الفكري العالمي، على أن تكون مصادره متنوعة ومتعدّدة (من الشرق والغرب، من آسيا وافريقيا، من أمريكا شمالها وجنوبها)، وأن لا يكون التركيز فيه على سؤال "ماذا يوجد؟" كما درج عدد غير قليل من الباحثين عند التعامل مع تراث الآخر، ولكن استكمال التناول بأسئلة من نوع "كيف؟" و"لماذا"؟ و"لمن"؟.‏

د- تشجيع ودعم الجمعيات العلمية الاجتماعية (على صعيد وطني وكذلك على مستوىً قومي) حتى تساعد في الارتقاء بالعلم، وتبادل الخبرات، وإقامة المؤتمرات والندوات العلمية لتطوير الدراسات والبحوث وتبادل الخبرات في معالجة المشكلات المطروحة. والتفكير (كهدف مأمول) بإقامة أكاديمية عربية للدراسات والبحوث الاجتماعية، لتحقيق أهداف ومرامي وصيغة الممارسة العلمية المستقلة، وتعبئة الطاقات والإمكانات البشرية العلمية العربية، على أن يتجاوز إنشاء هذه الأكاديمية النظرة القُطرية، وأن تتوفر سبل حماية تلك الجمعيات والعاملين فيها من "المضايقات" الفكرية والسياسية والمادية، التي تعوق التفرغ للعلم والإبداع. ويرتبط بذلك ضرورة إصدار المزيد من الدوريات المتخصّصة في العلوم الاجتماعية، لتغطية بلدان الوطن العربي كافة، والإسهام في إنضاج الوعي الأكاديمي الاجتماعي السليم، وتشجيع الباحثين الشباب لخوض معترك هذا الميدان الصعب.‏

هـ-العمل على أن تكون موضوعات الأطروحات الاجتماعية للدارسين العرب في البلدان الأجنبية متعلّقة بمشكلاتنا الخاصّة، وأن تجري بمتابعة وتنسيق مع الجمعيات الاجتماعية في البلدان العربية، بحيث يجري الاستفادة من هذه الأطروحات والرسائل الجامعية في الوطن العربي ذاته.‏

و-إنّ المدخل المعقول للتصدّي لأزمة الدراسات الاجتماعية العربية، لا بدّ أن ينطلق من رؤية الاجتماعي والسياسي في سياق مجتمعي مترابط، أي النظر إلى السياسي كجزء من الاجتماعي وليس كبُنية غربية أو مفروضة من خارج. والمدخل المناسب لفهم العامل السياسي، يمكن أن يكون مفهوم "الوظيفة الاجتماعية" أو"الدور" الاجتماعي لهذا العامل الهام والمؤثر جدّاً في واقع الوطن العربي. الأمر الذي يعني أهمية توجيه البحوث والدراسات الاجتماعية نحو القضايا "الساخنة" والحيوية في حياتنا الاجتماعية -السياسيّة الراهنة، سواء بالنسبة للمجتمع أو بالنسبة للسلطة والمؤسّسات الرسمية والتخطيطية والتشريعية والتنفيذية. وذلك من شأنه تأكيد مصداقية علم الاجتماع وواقعيّة. ولا بدّ من التركيز في الوقت ذاته على الدراسات الخاصّة بـ "استشراف المستقبل"، فهي مسألة استراتيجية لا يستغني عنها أي مجتمع مُعاصر، ومن شأنها تنمية "التخطيط الاجتماعي" على أسس علمية تنبؤية احصائية دقيقة، وبالتالي ربط العلم بالمجتمع وبالواقع والمستقبل.‏

الهوامش :‏

1-الدكتورة زينب شاهين، "الاتجاه الاثنوميتودولوجي في علم الاجتماع"، مجلة "الفكر العربي"، السنة السادسة، العددان السابع والثلاثون والثامن والثلاثون، كانون الثاني (يناير)- أيار (مايو)، 1985-ص292.‏

2-عبد الوهاب بوحديبة، "تطوّر مناهج البحث في العلوم الاجتماعية"، مجلّة "عالم الفكر" (الكويت)، المجلد العشرون، العدد الأول، ابريل- مايو- يونيو 1989-ص23.‏

3-الدكتور عبد الصمد الديالمي، "اشكالية الكتابة السوسيولوجية في المغرب"، مجلّة "المستقل العربي"، السنة السابعة، العدد السابع والستّون، أيلول (سبتمبر) 1984، ص31‏

4-المصدر نفسه، ص33‏

5-الدكتورة جهينة سلطان العيسى والدكتور السيّد الحسيني، "علم الاجتماع والواقع العربي: دراسة لتصورات علماء الاجتماع العرب"، مجلة "المستقبل العربي"، السنة الخامسة، العدد الواحد والأربعون، تموز (يوليو) 1982 ص38‏

6-المصدر نفسه، ص40‏

7-المصدر نفسه، ص47‏

8-الدكتور خليل أحمد خليل، "تاريخية علم الاجتماع: اتجاهات وتطوّرات، مجلّة "الفكر العربي"، السنة الثالثة، العدد التاسع عشر، كانون الثاني -شباط (يناير- فبراير) 1981-ص56.‏

9-ديل إيكلمان، "الكتابة الأنثروبولوجية عن الشرق الأوسط"، مجلة "المستقبل العربي"، السنة السابعة، العدد الثاني والسبعون، شباط (فبراير) 1985. ص125.‏

10-مناقشات ندوة "علم الاجتماع وقضايا الإنسان العربي"، مجلّة "المستقبل العربي". السنة السابعة، العدد الثاني والسبعون، شباط (فبراير) 1985، ص125.‏

11-المصدر نفسه، ص127‏

12-المصدر نفسه، ص128‏

13-المصدر نفسه، ص129‏

14-انظر: عبد الباسط عبد المعطي، في المصدر نفسه، ص129‏

15-نقلاً عن: الدكتور نبيل محمد توفيق السمالوطي، الأيديولوجيا وأزمة علم الاجتماع المعاصر: دراسة تحليلية للمشكلات النظرية والمنهجية (الاسكندرية: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1975)، ص115.‏

16-مصطفى ناجي، "علم الاجتماع في العالم العربي بين المحليّة والدولية"، "مجلّة العلوم الاجتماعية" (جامعة الكويت)، العدد الخامس عشر- الثاني لصيف 1987- ص185.‏

17-رضوان السيّد، "مشكلات البحث الاجتماعي العربي"، مجلّة "الفكر العربي"، السنة السادسة، العددان السابع والثلاثون والثامن والثلاثون، كانون الثاني (يناير) -أيار (مايو) 1985- ص7-8.‏

18-المصدر نفسه، ص8‏

19-المصدر نفسه، ص8-9.‏

20-الدكتور علي زيعور، "تيارات متعددة داخل المدرسة العربية في علم الاجتماع"، في المصدر السابق (الفكر العربي)، العددان 37-38 لعام 1985)، ص249.‏

21-المصدر نفسه، ص235‏

22-المصدر نفسه، ص250‏

23-المصدر نفسه، ص250-251‏

24-انظر: الدكتور فردريك معتوق، "علومنا الاجتماعيّة والمسألية المفقودة"، "الفكر العربي"، السنة السادسة، العددان 37-38، كانون الثاني (يناير) -أيار (مايو) 1985- ص264-268.‏

25-الدكتور علي زيعور، "تيارات متعددة داخل المدرسة العربية في علم الاجتماع، في المصدر السابق، ص255-256.‏

26-عالج هذه المسألة بالتفصيل الباحث الاجتماعي مصطفى ناجي في دراسته "علم الاجتماع في العالم العربي بين المحلية والدولية"، مصدر سبق ذكره في هذا البحث، ص182-183.‏

27-فريدريك معتوق، "علومنا الاجتماعية والمسألية المفقودة"، في مصدر سبق ذكره في هذا البحث، ص266.‏

28-محمد حافظ دياب، "علم الاجتماع في الجزائر: الهويّة والسؤال"، مجلّة "المستقبل العربي"، السنة الثانية عشرة، العدد مائة وأربعة وثلاثون، نيسان (ابريل) 1990، ص94‏

29-نقلاً عن فردريك معتوق، "علومنا الاجتماعية والمسألية المفقودة"، في مصدر سبق ذكره، ص267.‏

30-المصدر نفسه.‏

31-الدكتور رضوان السيّد، "مشكلات البحث الاجتماعي العربي" المصدر السابق، ص7.‏

32-العياشي عنصر، "أزمة أم غياب علم الاجتماع" في "المستقبل العربي"،السنة الثالثة عشرة، العدد مائة وسبعة وثلاثون، تموز (يوليو) 1990-ص41.‏

33-جهينة سلطان العيسى، "البحوث الاجتماعية في الخليج العربي: رؤية نقدية"، مجلة "المستقبل العربي"، السنة الثالثة عشرة، العدد مائة وأربعة وأربعون، شباط (فبراير)، ص108-113.‏

34-المصدر نفسه، ص115-117‏

35-جهينة سلطان العيسى والسيّد الحسيني، "علم الاجتماع والواقع العربي: دراسة لتصورات علماء الاجتماع العرب"، مصدر ذكر سابقاً، ص28-51‏

36-الدكتور محمود عبد الفضيل، التشكيلات الاجتماعية والتكوينات الطبقية في الوطن العربي: دراسة تحليلية لأهم التطورات والاتجاهات خلال الفترة 1945 -1985 (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1988)، ص39.‏

37-الدكتور حليم بركات، المجتمع العربي المعاصر: بحث استطلاعي اجتماعي (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الثالثة، 1986)، ص29-32.‏

38-المصدر نفسه، ص29-30‏

39-الدكتور عبد الوهاب بوحديبة، "تطوّر مناهج البحث في العلوم الاجتماعية"، مجلّة "عالم الفكر"، المجد العشرون، العدد الأول، إبريل -مايو- يونيو 1989 ص23.‏

40-المصدر نفسه، ص24-25‏

41-المصدر نفسه، ص24‏

42-الدكتور رضوان السيّد، "مشكلات البحث الاجتماعي العربي"، في مصدر سابق، ص9‏

43-استناداً إلى دراسة الدكتور عبد الباسط عبد المعطي، "التبعية في العلم الاجتماعي: اشكالياتها، مظاهرها، آلياتها ومدخل التحرّر منها". مجلّة "الوحدة" السنة الرابعة، العدد الرابع والخمسون، حزيران (يونيو)، 1988، ص101-113.‏











رد مع اقتباس
قديم 2011-12-07, 23:44   رقم المشاركة : 1449
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

الدراسة الأولى واقع الدراسات والبحوث الاجتماعية في الوطن العربي

توطئة:‏

إذا كان تعدّد المنطلقات النظرية ومناهج البحث في العلوم الاجتماعية الغربيّة، يمثّل نوعاً من الأزمة والفوضى العلمية (باعتراف أغلب المختصين)، فإن المشكلة أشدّ وطأة في البلدان النامية، ومنها وطننا العربي، حيث تجاوز الجدل بين المشتغلين في علم الاجتماع دائرة الاختيار بين علم الاجتماع الوضعي أو الإنساني أو الماركسي.. الخ، واتجه ليطرح بديلاً إضافياً يتمثّل في التطلّع نحو صياغة نظرية سوسيولوجية وطنية، لها طابعها المتميز الناتج عن خصوصية هذه المجتمعات. فلقد ثار جدلٌ طويل بين علماء الاجتماع حول هذه القضية، وطُرح التساؤل التالي: هل ننقل عن المشتغلين بعلم الاجتماع في الغرب أو الشرق، أم نطوّر نظرية جديدة في علم الاجتماع قادرة على خدمة البلدان النامية في معاركها ضد التخلف والفقر والتبعية؟!(1).‏

ومن ناحية أخرى يؤكد أحد الباحثين الاجتماعيين العرب أن كثيراً من العرب المختصين في العلوم الاجتماعية يكرّسون أوقاتاً ثمينة وجهوداً طائلة لاثبات نظريات واتجاهات وُلدت وترعرعت في مجتمعات أخرى وفي ظروف مغايرة، فنراهم يتفانون في تدقيق بعض المصطلحات ويسلّطونها من أعلى على الأوضاع الاجتماعية العربيّة. والحال أنّ تلك المفاهيم وإنْ كانت طريفة في ذات نفسها وجديرة بالاهتمام والدرس والعناية، فإنّها أصلاً وليدة المجتمع المُصنّع الغربي واستخدامها باسم كونية المعرفة العلمية غير وارد وغير مشروع لأنها لم تأخذ بالحسبان كل الأوضاع الممكنة إنسانياً، ولكن بعضاً منها فقط، فنقْلها بتلك السرعة والبساطة إلى المجتمع العربي يكون حجر العثرة في مسيرة البحوث الاجتماعية العربيّة(2).‏

والمُلاحظ أنّ السنوات الأخيرة شهدت ظهور عدد هام من الكتابات، التي تناقش مشروعية استخدام بعض المفاهيم والمصطلحات الاجتماعية الغربيّة. وهي ضرب من الشك المنهجي، القائم على إعادة النظر في الجهاز المعرفي الغربي، دون رفضه بصورة كليّة ونهائية، كما لا تنتهي إلى نسف النزعة الوضعية المؤسّسة له. وإنْ كانت تتساءل حول مفاهيم تُعدّ مركزية في النظريات الاجتماعية الغربية، مطالبة بتوسيع وتحريك وتطوير تلك المفاهيم والمقولات والمناهج، إنقاذاً للعلم والعقلانية والموضوعية من مخاطر الاختصار والهيمنة والاستلاب. وعموماً فإنّ أصحاب هذه النزعة لا يطالبون بقطيعة نهائية مع الغرب، من حيث أنه مصدر معرفة حقيقية ونسبية، وإنما يدعون إلى رفض الأطروحة التي تزعم أنّ الغرب مصدر المعرفة المطلقة.‏

"فهي تدعو إلى التقويم النقدي للجهاز المفاهيمي الغربي، أي إلى إبراز حدوده المعرفية من جهة، وإلى قدراته الكشفية عند التقائه بالواقع اللاغربي من جهة ثانية"(3). وبالمقابل يدعو عدد من الباحثين الاجتماعيين العرب إلى التخلي عن التقوقع على الذات، لأنهم لا ينظرون إلى الجهاز المعرفي الغربي كإنتاج للتاريخ الغربي فقط، وإنما من حيث أنه حصيلة لإسهام الشعوب والثقافات والحضارات الإنسانية كلها. إنّ الاعتراف بالحضور الغربي في شكل ثقافة ذات بعد شمولي يحتّم علينا أن نستغل تلك الثقافة دون شعور بالذنب، دون شعور بالاستلاب، دون شعور باختلاف وحشي -وهمي. ويرى أصحاب هذه النظرة وجوب الإفادة القصوى من الجهاز المعرفي الغربي واستغلاله، واستيعابه كفكر عقلاني وتقدّمي بالمعنى الواسع للكلمة. وهو "يفرض نفسه على جهازنا العقلي، شئنا ذلك أم كرهنا. لقد أصبح يشكل الإطار المرجعي العام"(4). إنّ ما تقدم يقودنا إلى مزيد من التفصيل والتحليل لواقع الدراسات والبحوث الاجتماعية في الوطن العربي، وذلك انطلاقاً من معالجة النقاط التالية:‏

أوّلاً- تصوّرات الاجتماعيين العرب ومساهماتهم:‏

في دراسة إحصائية تهدف لمعرفة تصوّرات علماء الاجتماع العرب، وحجم إسهاماتهم النظرية والتجريبية والميدانية قامت بها جهينة العيسى والسيّد الحسيني تبيّن أنّ الغالبية العُظمى من المشتغلين بعلم الاجتماع في الوطن العربي(82.4 بالمائة) أنجزت بالفعل خلال حياتها الأكاديمية بحثاً امبريقياً واحداً على الأقل في مقابل 17.6 بالمائة لم ينجزوا أي بحث امبيريقي. أمّا بالنسبة لاهتماماتهم الأكاديمية، فمن المُلاحظ أن علم اجتماع التنمية احتلّ المرتبة الأولى. في حين سجّل حوالي ربع أفراد العّينة الأولوية الثانية لعلم الاجتماع الصناعي. ويأتي بعد ذلك (أي في المرتبة الثالثة) علم الاجتماع الريفي والحضري. أمّا بقيّة فروع علم الاجتماع فقد نالت مراتب أقل وأدنى على ساحة "الخريطة الأكاديمية" لعلم الاجتماع في الوطن العربي(5).‏

وقد حاول الباحثان (العيسى والحسيني) التعرّف إلى تصوّرات المشتغلين بعلم الاجتماع في الوطن العربي حول أهم النظريات الاجتماعية شيوعاً وانتشاراً. وتبيّن أنّ النظرية البنائية الوظيفية بشكليها التقليدي والمعدّل تمثّل النظرية الاجتماعية الشائعة في الوطن العربي. أمّا نظرية التفاعل الاجتماعي فتبدو أقلّ انتشاراً، وكذلك النظرية النفسيّة الاجتماعيّة. أمّا أقلّ النظريات الاجتماعية شيوعاً في الوطن العربي في نظر أفراد عيّنة البحث فهي النظرية الايكولوجيّة. ويعتقد 81.48 بالمائة من أفراد المجتمع البحث أنّ علم الاجتماع في الوطن العربي يخضع لسيطرة علم الاجتماع الغربي (أوروّبا الغربية وأمريكا). وفي مقابل ذلك وجدت الدراسة أنّ أقلّ من خُمس أفراد العيّنة بقليل (18.52بالمائة) يعتقد أنّ المادية التاريخية تمثّل واحدة من النظريات الاجتماعية الشائعة في الوطن العربي. وفي كل الأحوال لاحظت الدراسة أنّ أفراد مجتمع البحث يعبّرون عن تبعية علم الاجتماع في الوطن العربي للاتجاهين الفكريّين العالميين في الثمانينات (البنائية الوظيفيّة والماديّة التاريخيّة) اللّذين يمثّلان تعبيراً عن الخبرة التاريخية للمجتمعات الغربيّة(6).‏

ومن ناحية أخرى، فإنه يسود اعتقادٌ بين الباحثين الاجتماعيّين والمُهتّمين بالعلوم الإنسانية والاجتماعية بأنّ علماء الاجتماع العرب لم يساهموا إلى الآن في فهم دقيق وبنّاء لمجتمعاتهم المحليّة وثقافاتها. وبالرغم من أنّ هذا الشعور يشير إلى نوع ضروري من النقد الذاتي، إلاّ أنه يعكس واقعاً حقيقياً، بصرف النظر عن أسبابه وظروفه وملابساته. ونستطيع اليوم أنْ نتفهم مقولات مُتداولة بشكل واسع، مثل "التبعية الفكرية"، و"الاغتراب الثقافي" و"القراءات غير النقديّة" لفكر "الآخر". ومعنى ذلك أنّ ثّمة وعياً متزايداً لدى علماء الاجتماع العرب بأنهم لم يساهموا حتى الآن فيما ينبغي عليهم المساهمة في فهم واقع المجتمعات العربيّة(7).‏

والواقع أنّ علم الاجتماع العربي لم يَعُدْ مقصوراً على نُخبة مُثقفة موصولة بالغرب أو بالشرق (النُخبة السوسيولوجية)، في حين أنّ الواقع يُظهر إنه إذا كانت الترجمات السوسيولوجية تحتلّ الواجهة في المكتبة الاجتماعية العربية وفي الجامعات العربية، وإذا كان هناك اعتماد نسبي على الخبرات الأجنبية، فهناك في المقابل جهود عربية أكاديميّة وبحثية لوضع المصطلح العلمي الاجتماعي، ورصد التحوّلات الاجتماعية العربية رصداً علمياً ودقيقاً، وهناك توجّهات نحو إنشاء المعاهد العلمية الاجتماعيّة التطبيقية ونحو المختبرات الاجتماعية، كما أنّ هناك مجلاّت للعلوم الإنسانية عامة والعلوم الاجتماعية خاصّة.‏

فالتقدم الاجتماعي الذي يقرع أبواب المجتمعات العربية، لا يتحدّاها من الخارج وحسب، بل يتحدّاها من الداخل أيضاً، لا سيما وأنّ الوعي القومي للعرب لا ينفصل عن وعيهم الحضاري، الثقافي، المعرفي، والإسلامي عمقاً. وهذا كلّه يجعلنا نشعر بالحاجة الماسّة إلى التسلّح العلمي بالمناهج والقوانين المجُرّبة والصحيحة(8).‏

وقد لفت انتباه "ديل إيكلمان" أُستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة نيويورك التغيّرات الحاصلة في الدراسات الاجتماعية العربيّة إزاء النظريات والمناهج والمفاهيم الغربيّة قياساً لما كانت عليه منذ عقدين من الزمن. فلم تعد تلك الانتقادات المُعمّمة على كل ما يُنتج في الغرب مُتداولة بالشكل الذي كانت عليه في السابق. وبدلاً من التعميم أصبح الانتقاد ظرفياً وموجّهاً لدراسات بعينها أو لمقاربات نظرية مُحدّدة. بل على العكس، ظهر اهتمام مُجدّد بفهم الأبحاث الغربية في إطارها الأصلي، حتى وإنْ كانت خلفياتها غير مرغوب فيها(9).‏

ولكن تبقى مسألة الصلة الواقعية بين العلوم الاجتماعية وقضايا الإنسان العربي إشكالية، سواء لجهة النتائج أو لجهة الأهمية والحيوية. ففي ندوة عُقدت بقسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية في جامعة الكويت (1984) أكّد الدكتور سعد الدين ابراهيم: "أنّ النمو النوعي في علم الاجتماع لم يتواءم مع جوانب النمو الأخرى في الوظيفة أو الدور الذي يمكن أن يقوم به علم الاجتماع في صياغة الحاضر وفي التمهيد للمستقبل العربي. إذ أنّ المتخصّصين لم يساهموا بالقدر الكافي أو بالدرجة المطلوبة في صياغة مشكلات المجتمع العربي المعاصر وتفسيرها، أو في اقتراح الحلول المطلوبة لهذه المشكلات"(10).‏

أمّا الدكتور عبد الباسط عبد المعطي، فإنه يرى أن القضايا التي يدرسها علم الاجتماع في البلدان العربية معظمها قضايا جزئية، ومنها قضايا مرتبطة بمشكلات اجتماعية غير سويّة من وجهة النظر المجتمعية والضبط الاجتماعي مثل الجريمة وانحراف الأحداث. أما الدراسات السوسيولوجية الحقيقية التي تتناول قضايا التجزئة والوحدة ومسألة التبعية، فهي محدودة جداً، وغالباً ما تتناول القضايا ذات الطابع السلبي أكثر من القضايا ذات الطابع البنائي التي تسهم في عملية التغيير والتخطيط في حين أنّنا بحاجة إلى بحوث حول متطلبات وشروط إقامة مجتمع بنائي أو إحداث تغيرات مُعيّنة في بُنية اجتماعية عربية لها واقع وظروف ولها ثقافة ولها خلفيّة(11).‏

ويعتقد الدكتور سعد الدين إبراهيم أنه لم تظهر مساهمة علمية نظرية يُعتَدّ بها في الوطن العربي.. وربما كان السبب (وفق رأيه) يرجع إلى أن التطوير النظري لم يكن الهدف الأوّل للمشتغلين بهذا الميدان، بينما يزداد الاعتراف بإنتاج المفكرين العرب من الخارج أكثر من داخل الوطن العربي نفسه، خصوصاً أولئك الذي تتبنّاهم الدول الأجنبية، فيعاد تسويق أفكارهم إلى بلدانهم الأصليّة مثلما يتم تسويق الملابس والسلع الأخرى(12).‏

ونحن لا نتفق في هذا السياق مع التقييم السلبي لمجمل "الفكر الشرقي"، والذي يرى أصحابه أنّ دراساتنا الاجتماعية ليست مفيدة، لأنها عبارة عن نقل غير دقيق وغير أمين للفكر الغربي وأنّه " وحتّى عندما يُوّجه النقد إلى الفكر الأجنبي في الوسط العلمي يُنقَل هذا النقد حرفياً، وهذا أُسمّية التبعيّة في النقل والنقد، وهو ما يخفي في الوقت نفسه الضعف المعرفي والضعف الفكري للمشتغلين بعلم الاجتماع في البلاد العربية"(13).‏

الواقع إن وضع الدراسات والبحوث الاجتماعية عموماً ووضع علماء الاجتماع العرب على وجه الخصوص، هو امتداد لوضع الجامعة في الوطن العربي، التي لم ترتبط بعد مع المجتمع ارتباطاً عضوياً في نطاق التغيّرات الكميّة والكيفية. وذلك في جميع التخصّصات الإنسانية والعلمية، ما عدا التخصّصات المهنيّة كالطب والهندسة والمحاماة. بينما نجد أنّ ما يقوم به علماء الاجتماع والأنثربولوجيا في جامعات العالم الصناعي يختلف كثيراً عمّا يجري في مجتمعنا. فمثلاً في جامعات الغرب يقوم علماء الاجتماع بإجراء البحوث والدراسات حول قضايا مجتمعيّة كثيرة في مجال العمل والبطالة والجريمة والأمن الصناعي وتلوث البيئة وتعاطي المخدّرات.. الخ بتمويل من الحكومة أو المؤسّسات المدنيّة أو البلديات، وتُسند تلك الأبحاث والدراسات إلى عدد من ذوي الاختصاص، ثم تجري مناقشة النتائج في أوساط علمية لتفسير وتحليل أبرز مظاهر المشكلة والحلول المُقترحة، وبعد ذلك تُطرح علنياً وعلى نطاق جماهيري واسع، وبذلك يجري ربطٌ عمليّ بين الجامعة ومراكز البحث العلمي والمشكلات التي يبحث المجتمع عن حلول فعّالة لها. والأمر نفسه يحصل في مجالات أخرى كالصناعة والزراعة والتعليم وقضايا الأسرة والمعوقين وكبار السن.. الخ.‏

أمّا بالنسبة إلى الوضع في الوطن العربي، فإنّ الدراسات الاجتماعيّة ما تزال أسيرة الصراعات والمجادلات الأيديولوجية "فحين نتكلم عن قضيّة اجتماعية مُعينة يجري تصنيف الآراء والأفكار المطروحة بأنها يمينّية أو يساريّة أو مع الإسلام أو ضدّ الإسلام.."(14).‏

وبرغم إيماننا بأنّ الأيديولوجيا تُعَدّ من أهم معوقات تحقيق الموضوعية في العلوم الاجتماعية، إلا أننا نرى بالمقابل أنّ محاولات تجنّب الأيديولوجيا من الصعوبة بحيث تكاد أن تصل إلى طريق مسدود. فالأيديولوجيا هي أحد المتغيّرات الهامّة (شئنا ذلك أم لم نشأ) في النظرية الاجتماعية ومن العسير تجنّبها في دراسات علم الاجتماع والأنساق المعرفية المتفرّعة عنه، بدءاً باختيار الموضوع وانتهاء بمحاولات المناقشة والتفسير، وذلك لتمحور الدراسات والبحوث الاجتماعية حول الإنسان وقضاياه المجتمعيّة المختلفة، وهي قضايا تتّسم أيضاً بالنسبية، وترتبط بالقائم بالدراسة وهو الإنسان أيضاً، الذي تتباين رؤيته للأمور وتختلف أيديولوجيته ومعتقداته ومن ثم أحكامه. فالإنسان الباحث يظلّ أسير انتماءاته الاجتماعية والطبقية والقومية والسياسية والدينية والثقافية، وتظلّ محاولات تحرّره أملاً يراود هؤلاء الذين يرون أنّ تحقيق الموضوعية في علم الاجتماع رهنٌ بهذا التحرّر النسبي. ومن المحقّق أن بعض علماء الاجتماع الغربيّين مّمن ينتمون إلى جناح التوازن في علم الاجتماع قد اعترفوا بالدور الذي لعبته وما زالت تلعبه الأيديولوجية في علم الاجتماع، فها هو روبرت ميرتون R.MERTON يعترف بأنّ الولايات المتحدة وحدها تضمّ حوالي خمسة آلاف عالم اجتماع، ولكل واحد منهم علم اجتماع خاص به His own sociology" " وما هذا التعدّد -فيما يرى ميرتون -إلاّ نتيجة لتعدّد التصورات أو بالأحرى كنتيجة لتعدّد الأيديولوجيات(15).‏

وهناك عدد من الباحثين الاجتماعيين، الذين يرون أنّ صراع الأيديولوجيات (الليبرالية -المُحافظة- الراديكالية..) قد ساعد على تطوير النظريات العلمية المتناسقة مع وجهات النظر الأيديولوجية المعنية وطوّر من قدراتها على التفسير والتنبؤ، ولكن من جهة أخرى يمكن القول أنّ التحليل السوسيولوجي المرتبط ارتباطاً أعمى بمنطلق أيديولوجي مُعيّن يُشكّل احتكاراً لقدرات عالم الاجتماع في التفسير وتطويع المعطيات النظرية والمنهجية لتتناسب مع موضوع البحث وخاصيّة الظاهرة(16).‏

ومن ناحية أخرى يبدي بعض الدارسين الاجتماعيين والكُتاب العرب تشاؤماً كبيراً حول مستقبل الدراسات السوسيولوجية في الوطن العربي، نظراً لما يعتقدونه من تبعية مطلقة في كل شيء ينتجه الغرب بشقّيه الرأسمالي والماركسي، حيث أنّ مسألة "المرجعية العلمية" لم تجد لها حّلاً بعد. "فالبُنية المدرسيّة والجامعية المُعاصرة في الوطن العربي والعالم الثالث هي بُنية تُقلّد الغرب بشكل كاريكاتوري، ليس في المسار العام فقط، بل في التفاصيل أيضاً. ولأنّ الكتابات المدرسيّة هي كتابات تاريخية في الأساس، وعلم الاجتماع ببنيته الحالية هو علم غربي، فإنّ هذه الكتابات تأتي على صورة البحوث الغربية في هذا المجال(17).‏

ولكنْ أين تكمن التبعية العربية في ميدان الدراسات والبحوث الاجتماعية، هل في النظرية، أم في المفاهيم، أم في الطرائق؟!‏

الدكتور رضوان السّيد يجزم بأنّ تبعية الدراسات الاجتماعيّة العربيّة، خاصّة في المُصطلح والمجال والاستبيان والرؤية التحليليّة والشاملة للمجتمع. وهو يرى أنّ الامبريقيّين الغربيين وضعوا مصطلحات وطرائق للبحث الحقلي نابعة من مشكلاتهم هم، تلك التي تواجهها مجتمعاتهم أو تبدو فيها. فإذا كان استخدام الرؤية الغربية لدى المؤرخين الاجتماعيين العرب يخرج مجتمعاتنا واهتماماتنا الاجتماعية التاريخية من مجال الرؤية هذه، فإنّ تبعية الميدانيين مُصطلحاً وطرائق للطرائقيّين الغربيّين تجعل منطلقاتهم خطأ، ونتائجهم أقلّ دقّة ومصداقية(18).‏

ويؤكد الدكتور السيّد أنّ الدراسات الميدانية التي تنطلق من مقولة الطبقات الاجتماعية أو تلك التي تنطلق من رؤية تجريبية أو نظرية غربيّة -لعلاقة السّلطة بالمجتمع -ليس بوسعها مهما وجدت جزئيات مؤيّدة أنْ تقدّم كثيراً مفيداً في مجال دراسة مكافحة الظواهر المرضيّة أو المتخلّفة(19).‏

وتلقى النظرة السابقة رواجاً واسعاً في الأوساط الأكاديمية العربية، التي تتحدّث دائماً عن التبعية الفكرية لمناهج الغربيين ونظرياتهم وطرائقهم. و"الاتّهام" الأساسي يتمثل في أنّنا "نكتب عن مجتمعاتنا من خلال ما يكتبه الآخرون في علم الاجتماع أو عن مجتمعاتهم، ونطبّق ما نستطيع تطبيقه على مجتمعاتنا، والمجتمع الذي لا ينتج صناعته وبضائعه وموادّه قلّ أنْ يستطيع إنتاج فكر لا يكون تلفيقياً أو توفيقياً، نأخذ بسهولة ويسر موادّنا ومصنوعاتنا ومنتوجاتنا الاستهلاكية، وذلك عينه هو ما يبدو أنّنا نفعله في الميدان الكتابي أو في ميدان الفكر والتفكير، نفضّل السهل، ونقع في الاستيراد وفي الاستهلاك والمضغ"(20)‏

هذا ويعتقد الدكتور علي زيعور بأنّ تضارب التوجّهات (أو التّيارات) في دراساتنا الاجتماعية، لا يعود إلى تنوّع فكر الباحثين وغنى مناهجهم بل إلى الارتباط الفكري بين الباحث والمدرسة الأجنبية أو السلطة الغربية التي يتبعها بلده، لأننا -كما يقول- "لا ننتمي إلى مدرسة عربية محدّدة في علم الاجتماع أو في علم النفس الاجتماعي أو في الفلسفة، إننا نستهلك، إننا نأخذ المنهج والتوّجه دون أن ننصبّ على إنتاج المنهج المستقل والتوجّه النابع من واقعنا"(21).‏

وقد غالى الدكتور زيعور في وصوفاته السلبية -النفسانيّة للدراسات الاجتماعية العربية، التي تنْظُمُها "التيارات الأميركية المنهج، حيث تجمع بيانات معطيات (في ميادين الفولكلور /خ.ج) لا تقودها نظرية وتؤدي إلى معرفة بلا وظيفة وعديمة المعنى"(22). بل وصل به الأمر إلى حدّ الإعلان: "إنّ علم الاجتماع الأميركي، في الكثرة الكثيرة من أبحاثه، يخدم السياسة الأميركية والنظام الأميركي، ويعمل ضدّ التطور بل وضدّ الإنسانية الساعية لرفع مستويات الإنسان"(23).‏

ونحن بدورنا نرى عدم فائدة التبسيط الشديد للمواقف والاتجاهات والتيارات، وأنّ التعميم في الأوصاف والتقييمات السلبية يوقعنا في تكرار الأخطاء، والرفض المتبادل، وإطلاق الاتهامات المجانيّة، التي تبعدنا عن التدبّر الشامل والدراسات الميدانية للبنية الاجتماعية العربية، وصولاً إلى ملامح نظرية عامّة تحكم تطور مجتمعاتنا وتشكل إطاراً ينظم اتجاهاتها المستقبلية.‏

ثانياً- معوقات التطور والإبداع في الدراسات الاجتماعية العربية:‏

يختلف الباحثون والدارسون الاجتماعيون العرب في تشخيص العوامل والظروف المسبّبة لقلّة الدراسات والبحوث الاجتماعية المبتكرة والأصيلة في البلدان العربيّة. ويصنّفها بعضهم ضمن العوائق التالية(24):‏

1-العائق النظري: ويتمثّل في الضعف النظري لدى الاجتماعيين العرب، حيث أنّ ما يعرفونه عن المدرسة الثقافية الأمريكية -مثلاً- ينبع من قراءات مختصرة ومطالعات سريعة، لمقالات ودراسات انتقائية مُعرّبة. وغالبيتهم لا يطّلعون على النصوص الأساسية (الأصليّة) للنظريات المطروحة، لذلك يواجهون صعوبات حقيقية في الحكم الموضوعي على تلك الآراء والتيارات والاتجاهات.‏

2-العائق المنهجي: يلعب هذا العائق دوراً كبيراً في عرقلة تطوّر العلوم الاجتماعية في الوطن العربي. ويتجسّد في إهمال بعض الاختصاصات الهامة في دراسة مشكلاتنا الاجتماعية (كعلم الاجتماع البدوي والريفي وعلم الاجتماع الديني). كما يتمثّل في بعثرة الجهود المبذولة من الباحثين الاجتماعيين على امتداد الأرض العربية. ويمكن الموافقة هنا جزئياً على الرأي القائل إنّ دراساتنا الاجتماعية تعود إمّا إلى الاتجاه المادي الجدلي والتركيز على الصراعات، أو إلى الاتجاه البُنيوي والوظيفية، أو إلى الاتجاه الذي لا يتقيّد باتجاه ولا يلتزم بنظرية أو منهج، بقدر ما يوفّق ويلفّق عن وعي تارة أو تسهيلاً للدراسة وبدون وضوح تارات أخرى. فالخاصيّة الكبرى لعلم الاجتماع العربي أنّه لا ينتمي إلى اتجاه وحيد، أو إلى منهج معين، أو مدرسة اجتماعية بعينها.‏

بكلمة أخرى، لا توجد مدرسة اجتماعية عربية، بل مجموعة واسعة من الدراسات في علم الاجتماع منها التجزيئي الإقليمي، ومنها الجهوي والمحلّى. وهي مدرسة متأثرة بالأيديولوجيات والتيارات الاجتماعية العالمية. "ويبقى فكرنا يدور في حلقة مفرغة: يأخذ من الأجنبي ويعزّز الأجنبي بذلك الأخذ. ومن هنا أيضاً، كسبب أو كنتيجة معاً، إنّ علم الاجتماع عندنا غير متميز بخصوصيات، ولا يحمل سمات الواقع وتطلّعات المجتمع.. وعلم الاجتماع العربي غير ملتصق بذلك الوجود ولا بمصيرنا، وأعمالنا تطبيقية لمناهج أجنبية، وأخذ ونقل وترجمة، إنها إعداد وليست عملاً نظرياً أو صناعة "أهل النظر" المتخصّصين المكرّسين"(25).‏

وفي الإطار ذاته، يُلاحظ انقسام الباحثين الاجتماعيين العرب إلى فريقين: فريق يناقش الموضوعات المطروحة من منطلق النزعة الشمولية، وفريق آخر ينطلق منن خصوصيات الظواهر والفولكلور والعادات والأعراف المحلّية في البلدان العربية المختلفة. فالشموليون يرون أنّ المجتمع العربي ما يزال وحدة بالمعنى السوسيولوجي رغم تفاقم الاقليمية والقطرية، وتفاقم ظواهر التفتت والانقسام والتناحر، وكثرة الحدود والخلافات والصراعات والصدامات المباشرة وغير المباشرة والقيود على الحركة الاجتماعية.. الخ. أمّا الامبيريقيّون (الميدانيون/ التجريبيّون)، فإنّهم يتمسكون بالأبحاث الأنتروبولوجية والخصوصيات الفولكورية البادية على السطح. ويبدو الوطن العربي أمام ناظر الباحث الاجتماعي ذي النزعة التجزيئية جُزراً معزولة، تحكم كلاً منها قوانين تنتج ظواهر متباينة. رغم أن العرب ما يزالون أمّة واحدة في الثقافة والدين واللغة والتاريخ وأنماط المعيشة.‏

لكن الانصاف يقتضي القول إنّ هذه الاشكالية لا تصدق على الاجتماعيين فقط، بل على الباحثين العرب في تخصّصات أخرى كثيرة.‏

والواقع أنّه رغم ظهور بعض المحاولات التي كانت تهدف إلى إبراز نوع من النظرية الاجتماعية العربية (قسطنطين زريق، ساطع الحصري، عبد العزيز الدوري وغيرهم)، فإنّ من المسلّم به أنه -بخلاف نظرية ابن خلدون -لا توجد إلى الآن نظرية اجتماعية نوعية متكاملة عن المجتمع العربي، غير متشرّبة بالمسائل والأفكار والأطروحات الأيديولوجية.‏

إنّ الارتباكات والاضطرابات والصراعات الحاصلة في الدراسات والمناهج البحثية الاجتماعية العربيّة، تعود -حسب تقدير بعض المختصين- لعوامل عدّة، في طليعتها(26):‏

أ-التعميم والإطلاقية أو المواقف الحدّية كالمبالغة في عمومية المجتمع العربي من جهة، أو في خصوصية مجتمعات أقطاره من جهة أخرى.‏

ب-فقدان الصلة بين التنظير والعمل الميداني الذي أدى إلى اتساع الفجوة بين المنّظرين والممارسين.‏

جـ- اشكالية المنهج وغياب الموضوعية عن الكثير من التحليلات السوسيولوجية. وهو ارتباك يرتبط تارة ارتباطاً مباشراً بأنماط النظرية وتارة أخرى بنوعية الموضوعات المبحوثة. ويُعزى هذا الارتباك المنهجي لعوامل عدة، من بينها: ضعف مستوى التدريب الجامعي في المنطقة في مجالات تصميم البحوث واستعمالات المنهج وطرق البحث الكمية، ندرة الفرص المتاحة لعلماء الاجتماع والمتخّصصين لإجراء بحوث مسحية أو حقلية، ولجوء كثيرين منهم إلى استبدال ذلك النقص بتبنّي مناهج كيفية ونقدية في معظمها، بدائية تقنية البحوث الاجتماعية العربية وبخاصة في مجالات طرق تجميع البيانات وتنسيقها وتبويبها وتحليلها وكذلك في مجالات البحوث التطبيقية.‏

ومن أهم المواقف تجاه إشكالية المنهج في البحث السوسيولوجي العربي، نشير إلى موقفين عريضين:‏

الموقف الأول يحبّذ الاهتمام بالتنظير على حساب المنهج، ويرى البحث السوسيولوجي من منظور مناقشة ومقارنة وتوليف المواقف والمفاهيم الواردة في أفكار الروّاد.‏

أما الموقف الثاني، فإنه يحبّذ الاهتمام بالمنهج على حساب النظرية، ويفضّل تقديم أعمال امبريقية كمية مُبسّطة معتمدة على الدراسات الميدانية والمسحيّة.‏

على صعيد آخر حذّر بعضٌ من دعاة المحلية من استيراد منهجيات بحث غريبة عن المجتمع العربي ومن تطبيقها دون دراسة للأوضاع السائدة. وعبّروا عن ضرورة إعادة النظر في الأساليب المنهجية ومحاولة ابتداع وتطويع أدوات بحثية ومنهجية ملائمة لخصوصية الواقع العربي ومشكلاته (عزّت حجازي، سيكولوجية الإنسان المقهور).‏

بينما يرى الفريق الآخر أنه لا ضرر من الإطلاع على المناهج العلمية المُستعملة في التحليل السوسيولوجي الغربي، وتمثّلها واستعمالها في الحالات المناسبة، وخصوصاً أنها قدمت الأسانيد القاطعة عن قدرتها على التفسير والتطور والتعبير.‏

3-العائق الاجتماعي: حيث يشكو الاجتماعيون العرب من أن المؤسّسات التي يعملون في إطارها لا تشّجعهم على إثارة المشكلات الجديدة والموضوعات الخلافية. فالباحث في البلدان العربية يُصنّف ضمناً أو عُرفاً، الموضوعات إلى "حسّاسة" و"غير حسّاسة". وهو نهجٌ له دور فعّال على صعيد الانتاج السوسيولوجي في البلدان العربية.‏

من تلك الموضوعات "الحسّاسة" يذكر الباحث فردريك معتوق، على سبيل المثال: المرأة ومشكلاتها؛ والدين والجماعات الدينية ودورها الفعلي، في الحياة الاجتماعية والسياسية العربية. ثم إنّ الباحث الاجتماعي يفضّل عدم الخوض في مايسمّيه البعض حقول الألغام الاجتماعية.‏

من هذا الموقف المستسلم، ومن هذه الاستقالة الصامتة والمعّممة تنبع المعالجات الهامشية لواقعنا الاجتماعي، لدرجة أنّ مطالعة بعض الروايات العربية الناجحة أو مشاهدة بعض الأفلام العربية الجريئة والواقعية، تعطينا فكرة أوسع عمّا يجري في الواقع الاجتماعي من الأبحاث والدراسات الاجتماعية(27).‏

ويؤيّد هذه الرؤية الباحث الاجتماعي محمد حافظ دياب، الذي يؤكّد -في معرض دراسته للخطاب السوسيولوجي في الجزائر -أنّ الفعل السوسيولوجي في منطقتنا العربيّة يتخلّف أو يتأخر عن مجمل أفعال التغيير الاجتماعي الجارية فعلاً. بمعنّى آخر، إن تجارب التنمية وإجراءات تحديث البنية الاقتصادية، وصياغة أسس عمليّة لثقافة وطنية، وكل ما تثيره من ردود اجتماعية أسبق من الدراسات والبحوث السوسيولوجية. مثال ذلك، أنّ إعادة هيكلة المنشآت الصناعية التي تمّت في الفترة ما بين عامي 1982 و1985، قد استتبعتها أبحاث سوسيولوجية عديدة، وهو ما قد تبدو معه الممارسة السوسيولوجية كفّعالية تابعة. وما يزال سائداً الاتجاه القائل إنّ مهمة السوسيولوجيا هي الاقتصار على دراسة المعطيات الظاهرة والمباشرة، التي تتفادى الموقف الأصعب، القائم على إعادة هيكلة الواقع، واستخراج قوانينه ودينامياته، عبر تجاوز الظواهر والعلاقات المباشرة إلى البحث عن المحرّكات والعناصر الفاعلة في آلية حركية البُنية الاجتماعية -الاقتصادية. ويأخذ الباحثُ دياب على السوسيولوجيا المُطبقة في الجزائر هروبها من بحث مشكلات البُنية البيروقراطية واختلالاتها الوظيفية في المنشآت الانتاجية والخدمية، ومشكلات الهجرة الداخلية والخارجية، وقضايا بطالة الشباب، وآثار النظام الاقتصادي على البُنية الاجتماعية -الطبقية، ومظاهر الاستهلاك الترفي، وظاهرة المدّ الإسلامي (الأصولي). وكلّها موضوعات لم يستطع البحث السوسيولوجي في الجزائر أن يضعها في صلب اهتماماته بعد(28).‏

4-العائق السياسي: يرى عددٌ كبير من الباحثين العرب أنّ المؤسّسات الرسمية، خصوصاً صاحبة القرار تنظر بحذر بالغ إلى ما يقوم به الباحثون الاجتماعيون من دراسات وغوص في أعماق المجتمع وأنساقه المختلفة. وهناك قطيعة واضحة بين أصحاب القرار والذين يمتلكون ناصية المعارف العلمية- الاجتماعية. وفي هذا السياق يقول الباحث الاجتماعي المعروف سيّد ياسين: "إنّ عملية اتخاذ القرار محتكرة في يد نخبة سياسية لا تؤمن بالمنهج العلمي الإيمان الكافي، وهذا أحد أسباب عدم فاعلية العلوم الاجتماعية في الوطن العربي"(29).‏

هناك إذاً أزمة ثقة بين العلوم الاجتماعية في البلدان العربيّة وبين المؤسّسات الرسمية، بعكس ما يحصل في الدول المتقّدمة صناعياً في العالم. والجدير ملاحظته أن سبب حذر القيّمين على الأمور السياسية، قد يعود إلى عدم اكتشافهم لأهمية الدراسات والبحوث الاجتماعية في ميدان التخطيط الاجتماعي والاقتصادي ودراسات الرأي العام وأساليب التوقّع والتنّبؤ والاستطلاعات الاجتماعية والسياسية والنفسية.. الخ. حيث أن العلوم الاجتماعية تظلّ سلاحاً مزدوجاً، يمكن أن يختار كل طرف يستخدمه ما يتناسب مع مصلحته أو توجهاته وتطلعاته.‏

كما أنّه لا بّد من الإشارة إلى حصر موضوعات البحث والدراسات السياسية، أو بالأحرى موضوعات "علم الاجتماع السياسي" حتى داخل حدود المؤسّسة الجامعية نفسها. ومنها المسائل المتعلقة بطبيعة النُخَب الحاكمة والبيروقراطية وحجم الفساد في المؤسسات الرسمية(30)".‏

وقد توقف عددٌ من الدارسين والمفكّرين والكتّاب العرب عند إشكالية العلاقة بين المثقفّين عموماً والباحثين الاجتماعيين بصفة خاصة والسلطات الرسمية. ونشير في هذا المنحى إلى ما تحدّث به الدكتور رضوان السيّد في أثناء تحليله "لمشكلات البحث الاجتماعي العربي"، حيث يقول: "إنّ السياسيّين العرب في غالبيتهم لا يميلون إلى الدارسين الاجتماعيين، ولا يشجّعون البحوث الاجتماعية بالوطن العربي، وفي ربط كراسي الدراسات الاجتماعية بالنفسّيات والفلسفيات في بلدان عربية متعدّدة. ومن المعروف أنّ الاجتماعي المعاصر شأنه في ذلك شأن الاقتصادي يعتمد على الاحصائيات والبيانات الكمّية التي تُصدرها مؤسّسات الدولة المتخصّصة. لكن هذه الإحصائيات والبيانات الكمية لا تظهر أو لا تُنشر في عدّة بلدان عربية لأسباب مختلفة، فتزيد عمل الدارس صعوبة وعُسراً خصوصاً مع فقدان الدعم أو القرار السياسي الضروريّين لإجراء مثل هذه البحوث"(31).‏

والواقع أنّ المؤسّسات الرسميّة في الوطن العربي ما تزال تتجاهل الدور الحقيقي، الذي يمكن أن يلعبه علم الاجتماع في التأثير الإيجابي في التحولات الجارية في المجتمع. لكنْ من الملاحظ أن هناك محاولات للاستفادة من الفرص التي تقدّمها العلوم الاجتماعية (ولا سيّما علم النفس الاجتماعي أو سيكولوجيا الحشد) في ترسيخ الهيمنة والحفاظ على السيطرة، التي تتمتع بها النخبات الحاكمة، سواء في الميادين السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الإعلاميّة.‏

فالباحث الجزائري العياشي عنصر يرى أنّ أصعب ما يتعرّض له علم الاجتماع الجزائري اليوم، إنّما يتمثّل في سيطرة السلطة السياسية، التي سعت تحت شعار "تأسيس علم اجتماعي ملتزم بقضايا المجتمع" إلى بسط نفوذها على هذا الفرع الهام من فروع المعرفة. وقد قَبِلَ علمُ الاجتماع هذا الدور الامتثالي، مكتفياً بلعب دور الصدى للقراءات والإجراءات السياسيّة، وتبرير سيطرة القوى الاجتماعية التي بيدها الحكم. "لقد أدّى الخلط بين الالتزام والامتثالية إلى فقدان علم الاجتماع في الجزائر لكل مصداقية"(32).‏

وإذا ما اتّجهنا صوب منطقة الخليج العربي، فإنّنا نعثر على أصداء المشكلات ذاتها، التي يثيرها الاجتماعيون العرب دائماً، حيث يُلاحظ "أنّ بعض الاجتماعيين الخليجيينّ مُستهلك للمعرفة السوسيولوجية أكثر من قدرته على تسخير المعرفة لفهم الواقع في الخليج العربي. كما أنّ مراكز البحوث لم تساهم بالقدر الكافي في طرح مشكلات المجتمعات الخليجية وقضاياها، ولم تساهم حتى الآن مساهمة حقيقية في بناء هذه المجتمعات.. وأنّ قصور البحوث الاجتماعية في منطقة الخليج العربي مرتبط بالتخلّف في المجتمع والنظرة العدائية للبحوث الاجتماعية بصفة عامة"(33).‏

ومن خلال دراستها الاستقصائية- التحليلية للبحوث والمؤلفات والدراسات الاجتماعية لمجمل بلدان الخليج العربي على مدى عشر سسنوات (من 1980 إلى 1990) توصّلت الباحثة الاجتماعية/ الأستاذة جُهينة سلطان العيسى إلى أنّ البحث الاجتماعي، في المجتمع الخليجي، قد عجز عن إعطاء حركة المجتمع مفاهيم وتبريرات اجتماعية وسياسيّة بخاصة في الجوانب الآتية(34):‏

1-لم يستطع البحث الاجتماعي تقديم تفسير للظواهر المستّجدة في المجتمع الناتجة عن التطور المادي المتمثّل في استخدام التقانة الغربية، والتطور الاقتصادي الناجم عن الطفرة المادية غير المقترنة بتغيّر إيجابي في السلوك الاجتماعي والثقافي والسياسي.‏

2-عجز البحث الاجتماعي عن إعطاء تفسيرات لحالة الاغتراب التي يعانيها المواطن بصورة أبعدته عن أداء دور المواطنية المسؤولة.‏

3-وقفَ البحث الاجتماعي عاجزاً عن تفسير الظواهر السلطوية، ووقوف المواطن موقف العاجز والمسيّر، والسكوت عن غياب الديمقراطية.‏

4-لم يقم البحث الاجتماعي بدراسة القيم المستّجدة المنتشرة في المجتمع، وهي في أغلبها بعيدة عن قيم المجتمع الأصيلة.‏

5-عجزَ الباحثون والدارسون عن الخروج من دائرة التخلف والقهر، المرتبطين بالتخلف الاجتماعي والقهر السياسي، الأمر الذي دفع دراساتهم إلى الابتعاد إلى المجالات الوصفية، واختيار المداهنة بين فلسفة العلم وفلسفة الدولة. وهو ما يؤهلهم، تحت كل التفسيرات، للخروج من دور المثقف والصفوة إلى أدوار أخرى.‏

إضافة إلى مجموعة عقبات سياسية وثقافية وإدارية تحول دون تقدّم البحوث والدراسات الاجتماعية في الوطن العربي، منها: تبعية السوسولوجيا للسلطات الرسمية، التي تعمل لتلبية حاجات الدولة، وليس تبعاً لاستنتاجات علماء الاجتماع أو الواقع الاجتماعي، وقلّة الإمكانات المادية والفنية اللازمة للبحوث الاجتماعية؛ والقيود المفروضة على اختيار موضوعات البحث، وندرة المصادر الاحصائية الدقيقة الضرورية للبحث، وما يطرأ على هيئات البحوث من تغيّر دائم، وسوى ذلك من عقبات(35).‏

ثالثاً- تصوّرات لتجاوز الأزمة وتطوير الدراسات الاجتماعية العربيّة:‏

الواقع أنّ الاجتماعيّين العرب بسبب عدم اتفاقهم بخصوص مناهج البحث والنظريات الاجتماعية، وأيضاً بسبب الاختلافات الأيديولوجية والرؤى السياسية، لا يتفقون بالتالي على نوعية الأساليب والوسائل والممارسات، التي من شأنها إخراج الدراسات الاجتماعية العربية من جمودها الراهن. فالدكتور محمود عبد الفضيل يعتقد أنّ المخرج يكمن في إثراء وتطويع منهج المادّية التاريخية، وتطبيقه بصورة حيّة وخلاّقة لدراسة الأوضاع والعلاقات الطبقية في المجتمعات العربية. وفي الوقت نفسه يجب الاستفادة من اسهامات ومناهج التحليل التاريخي لدى ابن خلدون حول القبيلة والدولة والعصبية، وكذلك من منهج التحليل الاجتماعي لدى ماكس فيبر حول الدور الذي تحتله "جماعات المكانة"- المرتبطة بالبناء الفوقي للمجتمع -في البنيان الاجتماعي والطبقي للمجتمع، وما تحفل به كتابات التراث العربي والإسلامي عموماً(36).‏

أمّا الدكتور حليم بركات، فإنه يقترح اعتماد المنهج الاجتماعي التحليلي المقارن والنقدي، الذي يشدّد على الدينامية والتناقض وتداخل الظواهر، وذلك من منظور عربي شامل(37). ومع أنّ أطروحة الدكتور بركات تُشدّد بالدرجة الأولى على الأهمية الكبرى للبُنى التحتية، إلا أنها لا تنظر إلى البنى الفوقية الثقافية بوصفها مجرّد نتيجة، بل كفعل أيضاً له مؤثراته على البنية التحتية. وهذا يعني أنّ الثقافة بما تتضّمنه من معتقدات ومبادئ وقيم ونظريات ومقولات وآراء ومفاهيم تتصل اتصالاً وثيقاً بالتناقضات الاجتماعية القائمة. والأهم من ذلك كلّه دراسة المجتمع العربي من منظور قومي التزاماً بقضاياه وفي سبيل تغيير الواقع. ولا بدّ من الاعتماد على علم اجتماع عربي يصرّ في آنٍ واحد على الالتزام وما يتّصل به من معتقدات وقيم ضرورية تقتضيها الموضوعية نفسها(38).‏

ومن ناحيته يرى الدكتور عبد الوهاب بوحديبة أنّ الوطن العربي كسائر البلاد النامية، في حاجة إلى إبراز خصوصياته عن طريق البحث الميداني وعن طريق التنظير أكثر مّما هو في حاجة إلى تجاوز تلك الخصوصيات نحو معرفة في نهاية التجرّد كما تدعونا إلى ذلك البنويّة أو الماركسية. وعلينا ألاّ ننسى أنّ تأخّرنا هو تأخر أيضاً في التعرّف بدقّة على تفاصيل أحوالنا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية(39). لكنّ المنطلق الأساس لإنشاء "علم اجتماع عربي" (وفق رأي الدكتور بوحديبة): ينبغي أن يكون واقع المجتمعات العربية باعتبارها تكوّن وحدة متنوعة "أو إن شئنا تنوعاً في الوحدة"... وأن نرمي إلى مزيد من التعرّف على هذه الخصوصيات وأن نعتبر تجربة كل بلد كجزء من تجربة أوسع ينبغي التعرّف عليها ووضعها تحت تصرف أهل الذكر في البلاد وخاصة أصحاب القرار منهم(40).‏

ويبقى علينا أن نفكك المنهاجيات المتّبعة في الدراسات الغريبة، "حتّى لا تطغى علينا النقدية المفرطة فلا نتقّبل ما يكتبونه عن مجتمعاتنا إلاّ بعين تُميّز بين الاتجاهات وتغربل بين "الحقائق".. ونكسب الامكانيات المنهاجية (الأخرى/ خ.ج) وذلك على شرط أن نحوّلها من "الخارج" إلى "الداخل" ومن "الداخل" إلى "الذاتي" وهذا يتطلّب نقد المفاهيم وتزكية المواقف وضبط الفرضيات وتدقيق الاستنتاجات(41).‏

وإلى نتيجة مماثلة -تقريباً- يصل الدكتور رضوان السيّد، الذي يعتقد أنّ أفضل ردّ على "التبعية" التي تعاني منها الدراسات الاجتماعية العربية، يتمثّل في: "ضرورة قيام علم اجتماع عربي لا يهتم بالتمايز عن الغرب بقدر ما يهتم باستنباط مصطلح وطرائق قادرة على التصديّ لقراءة الظواهر الاجتماعية العربيّة واقتراح الحلول المناسبة لها. ومن هنا تأتي ضرورة تكوين جمعية للدارسين الاجتماعيين العرب على مستوى الوطن العربي تتجاوز اختلافات المدارس الاجتماعيّة الغربيّة للوصول إلى "تطبيقات عربيّة" لميدانية تنطلق من مشكلاتنا نحن؛ وإن لم يكن ضرورياً أنْ تنتهي بهذه المشكلات"(42).‏

وعموماً لا بدّ من توحيد وتنسيق بين الجهود البحثّية والتنظيرية التي يقدّمها المختصّون الاجتماعيون في الوطن العربي، بحيث لا تبقى دراساتهم اقليمية أو جزئية أو مغلقة فاقدة الانفتاح والاتساع والشمولية. كما يجب أن تنفتح في الوقت ذاته على التيّارات الكبرى في الفكر الاجتماعي الإنساني المعاصر، عبر مواكبة فكريّة مستمرة وروح علميّة واعية.‏

إنّ أغلب المشتغلين في حقل الدراسات والبحوث الاجتماعية في الوطن العربي يتفقون على ضرورة أن نفهم حضارتنا وواقعنا وأنفسنا، كما حاولنا فهم حضارة "الآخر" وحفظ مناهجه، واستخدام مصطلحاته العلمية والأيديولوجيّة والقيميّة في دراساتنا الأكاديمية ووسائل الإعلام المختلفة، وذلك بغية تحديد مواقف علمية -موضوعية واعية من "الأنا" و"الآخر". على أنْ ننطلق من النقاط والعموميات التالية"(43):‏

1-لا توجد حضارة بلا تضاريس وتباينات وتناقضات أيديولوجية وفكرية واجتماعية. والحضارات والمجتمعات كلها اشتملت في معظم مراحلها التاريخية على عناصر عقلية وعاطفية، مادية وروحية، عناصر أصيلة -تراثية، وأخرى وافدة ومُستعارة ومُكيّفة، وإنْ تفاوتَ التركيز على هذا العامل أو ذاك، وعلى الكيفية التي تمتزج وتتصل بها هذه الأبعاد والعناصر والاتجاهات.‏

2-إنّ العرب المعاصرين لا يعيشون في جزيرة منعزلة جغرافياً، كما أنّهم لا يعيشون خارج العصر ومتغيّراته ومتطلباته ومستحدثاته. لكن اختلاف التركيبة الاجتماعية العربية عن تلك التي بالغرب المعاصر يجعل مشكلات العصر وقضاياه تنعكس على مجتمعاتنا على شكل أفعال وظواهر وردود أفعال تختلف عن المجتمعات والتطلعات القومية. ومن مقولة "شرعية الاختلاف"- وهي مقولة غير قيمية- تبدو ضرورة الخروج من أشر التبعية في المصطلح والتحليل ومجالات الاهتمام. وليست هذه دعوة للانقطاع عن العالم، بل هي دعوة للدخول في العصر من خلال ثقافتنا المحلّية ومشكلاتنا الخاصّة. وهو ما عبّر عنه بعض الباحثين بمقولة "الاعتماد على الذات علمياً" أو "الممارسة العلمية المستقلّة" حيث تتطلب تنويعاً لمصادر المعرفة، والتعامل معها تعاملاً نقدياً واعياً ومستوعباً، وتحديد ما نريد من تراثنا الغني ومن تراث الشعوب الأخرى.‏

3-إنّ معركة "الاستقلال العلمي" لا تُحسم داخل المؤسّسات العلمية والأكاديمية فقط، بل هي بحاجة إلى تضافر جهود وتنسيق عمليات وخطوات كثيرة على مستويات تعليميّة وإعلامية وثقافية وسياسيّة. وإذا سلّمنا بأهمية هذا المنطلق، فإنّ ثمّة آليّات تمهّد الطريق للتخلّص الجدّي من "التبعية" الفكرية، ومواجهة عناصرها ومفرداتها، ووضع اللبنات القويّة على طريق طويل يمهّد حقيقة لبناء ممارسة علمية عربيّة مأمولة، ولعلّ من بين الآليات والإجراءات العملية المثمرة الخطوات التالية:‏

أ-التخطيط لإجراء دراسات وبحوث واقعية -ميدانيّة حول مظاهر وأشكال التبعية في الأنساق المعرفية المختلفة على أن تستوعب (هذه الدراسات والبحوث) الحالات والمؤسسات العلميّة العربيّة كافّة.‏

ب- تحليل التاريخ الاجتماعي والتراث العربي بصورة منهجية منظمة، لمعرفة ثوابته ومتغيراته، وشروط النهوض ببعض أنساقه وأطروحاته الأصلية.‏

ج- الاهتمام بالأعمال النقدية للتراث الفكري العالمي، على أن تكون مصادره متنوعة ومتعدّدة (من الشرق والغرب، من آسيا وافريقيا، من أمريكا شمالها وجنوبها)، وأن لا يكون التركيز فيه على سؤال "ماذا يوجد؟" كما درج عدد غير قليل من الباحثين عند التعامل مع تراث الآخر، ولكن استكمال التناول بأسئلة من نوع "كيف؟" و"لماذا"؟ و"لمن"؟.‏

د- تشجيع ودعم الجمعيات العلمية الاجتماعية (على صعيد وطني وكذلك على مستوىً قومي) حتى تساعد في الارتقاء بالعلم، وتبادل الخبرات، وإقامة المؤتمرات والندوات العلمية لتطوير الدراسات والبحوث وتبادل الخبرات في معالجة المشكلات المطروحة. والتفكير (كهدف مأمول) بإقامة أكاديمية عربية للدراسات والبحوث الاجتماعية، لتحقيق أهداف ومرامي وصيغة الممارسة العلمية المستقلة، وتعبئة الطاقات والإمكانات البشرية العلمية العربية، على أن يتجاوز إنشاء هذه الأكاديمية النظرة القُطرية، وأن تتوفر سبل حماية تلك الجمعيات والعاملين فيها من "المضايقات" الفكرية والسياسية والمادية، التي تعوق التفرغ للعلم والإبداع. ويرتبط بذلك ضرورة إصدار المزيد من الدوريات المتخصّصة في العلوم الاجتماعية، لتغطية بلدان الوطن العربي كافة، والإسهام في إنضاج الوعي الأكاديمي الاجتماعي السليم، وتشجيع الباحثين الشباب لخوض معترك هذا الميدان الصعب.‏

هـ-العمل على أن تكون موضوعات الأطروحات الاجتماعية للدارسين العرب في البلدان الأجنبية متعلّقة بمشكلاتنا الخاصّة، وأن تجري بمتابعة وتنسيق مع الجمعيات الاجتماعية في البلدان العربية، بحيث يجري الاستفادة من هذه الأطروحات والرسائل الجامعية في الوطن العربي ذاته.‏

و-إنّ المدخل المعقول للتصدّي لأزمة الدراسات الاجتماعية العربية، لا بدّ أن ينطلق من رؤية الاجتماعي والسياسي في سياق مجتمعي مترابط، أي النظر إلى السياسي كجزء من الاجتماعي وليس كبُنية غربية أو مفروضة من خارج. والمدخل المناسب لفهم العامل السياسي، يمكن أن يكون مفهوم "الوظيفة الاجتماعية" أو"الدور" الاجتماعي لهذا العامل الهام والمؤثر جدّاً في واقع الوطن العربي. الأمر الذي يعني أهمية توجيه البحوث والدراسات الاجتماعية نحو القضايا "الساخنة" والحيوية في حياتنا الاجتماعية -السياسيّة الراهنة، سواء بالنسبة للمجتمع أو بالنسبة للسلطة والمؤسّسات الرسمية والتخطيطية والتشريعية والتنفيذية. وذلك من شأنه تأكيد مصداقية علم الاجتماع وواقعيّة. ولا بدّ من التركيز في الوقت ذاته على الدراسات الخاصّة بـ "استشراف المستقبل"، فهي مسألة استراتيجية لا يستغني عنها أي مجتمع مُعاصر، ومن شأنها تنمية "التخطيط الاجتماعي" على أسس علمية تنبؤية احصائية دقيقة، وبالتالي ربط العلم بالمجتمع وبالواقع والمستقبل.‏

الهوامش :‏

1-الدكتورة زينب شاهين، "الاتجاه الاثنوميتودولوجي في علم الاجتماع"، مجلة "الفكر العربي"، السنة السادسة، العددان السابع والثلاثون والثامن والثلاثون، كانون الثاني (يناير)- أيار (مايو)، 1985-ص292.‏

2-عبد الوهاب بوحديبة، "تطوّر مناهج البحث في العلوم الاجتماعية"، مجلّة "عالم الفكر" (الكويت)، المجلد العشرون، العدد الأول، ابريل- مايو- يونيو 1989-ص23.‏

3-الدكتور عبد الصمد الديالمي، "اشكالية الكتابة السوسيولوجية في المغرب"، مجلّة "المستقل العربي"، السنة السابعة، العدد السابع والستّون، أيلول (سبتمبر) 1984، ص31‏

4-المصدر نفسه، ص33‏

5-الدكتورة جهينة سلطان العيسى والدكتور السيّد الحسيني، "علم الاجتماع والواقع العربي: دراسة لتصورات علماء الاجتماع العرب"، مجلة "المستقبل العربي"، السنة الخامسة، العدد الواحد والأربعون، تموز (يوليو) 1982 ص38‏

6-المصدر نفسه، ص40‏

7-المصدر نفسه، ص47‏

8-الدكتور خليل أحمد خليل، "تاريخية علم الاجتماع: اتجاهات وتطوّرات، مجلّة "الفكر العربي"، السنة الثالثة، العدد التاسع عشر، كانون الثاني -شباط (يناير- فبراير) 1981-ص56.‏

9-ديل إيكلمان، "الكتابة الأنثروبولوجية عن الشرق الأوسط"، مجلة "المستقبل العربي"، السنة السابعة، العدد الثاني والسبعون، شباط (فبراير) 1985. ص125.‏

10-مناقشات ندوة "علم الاجتماع وقضايا الإنسان العربي"، مجلّة "المستقبل العربي". السنة السابعة، العدد الثاني والسبعون، شباط (فبراير) 1985، ص125.‏

11-المصدر نفسه، ص127‏

12-المصدر نفسه، ص128‏

13-المصدر نفسه، ص129‏

14-انظر: عبد الباسط عبد المعطي، في المصدر نفسه، ص129‏

15-نقلاً عن: الدكتور نبيل محمد توفيق السمالوطي، الأيديولوجيا وأزمة علم الاجتماع المعاصر: دراسة تحليلية للمشكلات النظرية والمنهجية (الاسكندرية: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1975)، ص115.‏

16-مصطفى ناجي، "علم الاجتماع في العالم العربي بين المحليّة والدولية"، "مجلّة العلوم الاجتماعية" (جامعة الكويت)، العدد الخامس عشر- الثاني لصيف 1987- ص185.‏

17-رضوان السيّد، "مشكلات البحث الاجتماعي العربي"، مجلّة "الفكر العربي"، السنة السادسة، العددان السابع والثلاثون والثامن والثلاثون، كانون الثاني (يناير) -أيار (مايو) 1985- ص7-8.‏

18-المصدر نفسه، ص8‏

19-المصدر نفسه، ص8-9.‏

20-الدكتور علي زيعور، "تيارات متعددة داخل المدرسة العربية في علم الاجتماع"، في المصدر السابق (الفكر العربي)، العددان 37-38 لعام 1985)، ص249.‏

21-المصدر نفسه، ص235‏

22-المصدر نفسه، ص250‏

23-المصدر نفسه، ص250-251‏

24-انظر: الدكتور فردريك معتوق، "علومنا الاجتماعيّة والمسألية المفقودة"، "الفكر العربي"، السنة السادسة، العددان 37-38، كانون الثاني (يناير) -أيار (مايو) 1985- ص264-268.‏

25-الدكتور علي زيعور، "تيارات متعددة داخل المدرسة العربية في علم الاجتماع، في المصدر السابق، ص255-256.‏

26-عالج هذه المسألة بالتفصيل الباحث الاجتماعي مصطفى ناجي في دراسته "علم الاجتماع في العالم العربي بين المحلية والدولية"، مصدر سبق ذكره في هذا البحث، ص182-183.‏

27-فريدريك معتوق، "علومنا الاجتماعية والمسألية المفقودة"، في مصدر سبق ذكره في هذا البحث، ص266.‏

28-محمد حافظ دياب، "علم الاجتماع في الجزائر: الهويّة والسؤال"، مجلّة "المستقبل العربي"، السنة الثانية عشرة، العدد مائة وأربعة وثلاثون، نيسان (ابريل) 1990، ص94‏

29-نقلاً عن فردريك معتوق، "علومنا الاجتماعية والمسألية المفقودة"، في مصدر سبق ذكره، ص267.‏

30-المصدر نفسه.‏

31-الدكتور رضوان السيّد، "مشكلات البحث الاجتماعي العربي" المصدر السابق، ص7.‏

32-العياشي عنصر، "أزمة أم غياب علم الاجتماع" في "المستقبل العربي"،السنة الثالثة عشرة، العدد مائة وسبعة وثلاثون، تموز (يوليو) 1990-ص41.‏

33-جهينة سلطان العيسى، "البحوث الاجتماعية في الخليج العربي: رؤية نقدية"، مجلة "المستقبل العربي"، السنة الثالثة عشرة، العدد مائة وأربعة وأربعون، شباط (فبراير)، ص108-113.‏

34-المصدر نفسه، ص115-117‏

35-جهينة سلطان العيسى والسيّد الحسيني، "علم الاجتماع والواقع العربي: دراسة لتصورات علماء الاجتماع العرب"، مصدر ذكر سابقاً، ص28-51‏

36-الدكتور محمود عبد الفضيل، التشكيلات الاجتماعية والتكوينات الطبقية في الوطن العربي: دراسة تحليلية لأهم التطورات والاتجاهات خلال الفترة 1945 -1985 (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1988)، ص39.‏

37-الدكتور حليم بركات، المجتمع العربي المعاصر: بحث استطلاعي اجتماعي (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الثالثة، 1986)، ص29-32.‏

38-المصدر نفسه، ص29-30‏

39-الدكتور عبد الوهاب بوحديبة، "تطوّر مناهج البحث في العلوم الاجتماعية"، مجلّة "عالم الفكر"، المجد العشرون، العدد الأول، إبريل -مايو- يونيو 1989 ص23.‏

40-المصدر نفسه، ص24-25‏

41-المصدر نفسه، ص24‏

42-الدكتور رضوان السيّد، "مشكلات البحث الاجتماعي العربي"، في مصدر سابق، ص9‏

43-استناداً إلى دراسة الدكتور عبد الباسط عبد المعطي، "التبعية في العلم الاجتماعي: اشكالياتها، مظاهرها، آلياتها ومدخل التحرّر منها". مجلّة "الوحدة" السنة الرابعة، العدد الرابع والخمسون، حزيران (يونيو)، 1988، ص101-113.‏











رد مع اقتباس
قديم 2011-12-09, 20:28   رقم المشاركة : 1450
معلومات العضو
hadil09
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي السلام عليكم

اسم العضو :hadil09

الطلب :كتب حول هجرة الجزائريين نحو بلاد الشام : سوريا, لبنان,الاردن,فلسطين

المستوى :سنة ثانية علم اجتماع

أجل التسليم :.قريبا










رد مع اقتباس
قديم 2011-12-09, 22:40   رقم المشاركة : 1451
معلومات العضو
sérine-s
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية sérine-s
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم
من فضلك أتستطيع أن تضع لي مراجع حول الهاتف النقال وتأثيره في المجتمع
وشكرا










رد مع اقتباس
قديم 2011-12-10, 13:48   رقم المشاركة : 1452
معلومات العضو
hafid14
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

الإسم : hafid14
الطلب: بحث حول التأمين التعاوني و التأمين الإجتماعي
المستوى: السنة الثالثة تأمينات
اجل التسليم : قريبا










رد مع اقتباس
قديم 2011-12-10, 15:47   رقم المشاركة : 1453
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hadil09 مشاهدة المشاركة
اسم العضو :hadil09

الطلب :كتب حول هدرة الجزائريين نحو بلاد الشام : سوريا, لبنان,الاردن,فلسطين

المستوى :سنة ثانية علم اجتماع

أجل التسليم :.قريبا



الهجرة الجزائرية إلى بلاد المشرق العربي



الــمــقـدمــــــة
لقد عرفت الجزائر خلال فترة مابين (1870-1914) موجة عارمة من هجرة سكانها نحو بلاد المشرق العربي لذا تعتبر هاته الهجرة من إحدى القضايا التي لفتت انتباه الباحثين واستأثرت باهتمام علماء الاجتماع والتربية وعلم النفس في الدول الأوروبية الغربية منها والشمالية من خلال إصدار العديد من الكتب والمئات من الدراسات لدراستها في حين أهمل العرب هذا الجانب ، ومما لا شك فيه أيضا أن قرار الهجرة في أساسه الأول قرار شعبي يقف على الأحوال والظروف والمعانات التي عاشها هذا الشعب أثناء فترة الاحتلال وسياسة التعسف التي سلكتها الإدارة الفرنسية ، ولقد اخترنا دور المهاجرين الجزائريين نحو بلاد المشرق العربي موضوعا لبحثنا هذا وما تبين لنا من ندرة الاهتمام بالدور الايجابي الذي لعبوه بالمشرق العربي إبان فترة الاحتلال كما تمكنا من طرح إشكالية لهذا البحث وكانت على النحو التالي :
ما هي الأسباب والدوافع الحقيقية التي في ظلها كانت الهجرة الجزائرية نحو المشرق وما أثرها على الفرد والمجتمع ؟
وللإجابة عنها حاولنا إعطاء لمحة عامة عن الهجرة الجزائرية نحو المشرق وأسبابها فقسمنا بحثنا إلى مقدمة وخاتمة تتوسطهما ثلاثة مباحث نستعرضها كما يلي :
حيث تطرقنا في المبحث الأول إلى تحديد مفهوم الهجرة ومعرفة أسبابها وأما في المبحث الثاني تحدثنا فيه عن اتجاهات الهجرة الجزائرية نحو المشرق وتناولنا في المبحث الثالث تأثير ودور المهاجرين الجزائريين في بلاد المشرق العربي
ولإثراء هذا البحث والإلمام بالمعارف التي تخدمه وتدرس جوانبه أبينا إلا أن نعتمد على بعض المصادر والمراجع منها :
- الهجرة الجزائرية نحو المشرق العربي للدكتورة نادية طرشون .
- تاريخ الجزائر الثقافي الجزء 5 للدكتور أبو القاسم سعد الله .
- أبحاث ودراسات في تاريخ الجزائر المعاصر للدكتور عمار هلال .
كما واجهتنا عدة صعوبات في معالجة هذا الموضوع يرجع بعضها إلى صعوبة وتشعب أفكاره مما صعب علينا التنسيق بينها والبعض الآخر يرجع إلى غياب مصادر متخصصة تعالجه لكن لم تثني من عزيمتنا وإصرارنا على إنجازه بالصورة التي هو عليها الآن ، وفي الأخير نشكر كل من ساعدنا من قريب أو من بعيد كما نتقدم بالشكر الجزيل للأستاذ الفاضل الذي أعطانا فرصة للبحث في هذا المجال المم والحساس
المبحث الأول : تعريف الهجرة وأسبابها
المطلب الأول : تعريف الهجرة
إن التعريف الشرعي للمهاجر يختلف من بلد إلى آخر وذلك حسب المعايير المعتمدة عند كل دولة ، ومن هذه التعاريف تبين مفهوم الهجرة والمهاجرة
حسب المؤتمر الدولي المعقود في روما سنة 1924 فإن المهاجر هو كل أجنبي يصل إلى بلد آخر بحثا عن سبل وفرص العمل أو بقصد الإقامة الدائمة .
أما الهجرة حسب كومار فهي " ترك بلد أو الالتحاق بغيره سواء منذ الميلاد أو منذ مدة طويلة بقصد الإقامة الدائمة وغالبا ما تكون لتحسين الوضعية بالعمل "
وظهرت بمفهوم آخر هي السفر أو النزوح أو هجرة الرجال والنساء سواء كانوا يدرسون في داخل البلاد أو خارجها بمحض إرادتهم أو قصرا وذلك طلبا للعلم أو للاستيطان أو للدراسة هناك وعدو رجوعهم إلى أراضيهم وموطنهم الأصلي إلا بعد إتمام دراستهم .
فالهجرة إذا ترتبط بالبحث والمعرفة والتي ارتبطت بدورها بالعقل البشري أو بتلك الرحلات التي كان يقوم بها الدارسون وغيرهم .
المطلب الثاني : أسباب هجرة الجزائريين إلى بلاد المشرق العربي
لقد كان من الطبيعي أن يتوجه الجزائريون إلى المشرق فرادى وجماعات بعد النكبة التي تعرضوا لها ولاسيما بعد فشل المقاومة ، وذلك لمعرفتهم بهذه البلاد من قبل عن طريق الدين والسياسة والتجارة . ولعل أهم هذه الأسباب هي :
الأسباب السياسية :

الأسباب الاقتصادية :
إن رداءة الواقع الاقتصادي للجزائر خلال الاحتلال الفرنسي ، كان أهم دوافع هجرة الأهالي فرادى وجماعات إلى بلاد المشرق العربي فقد عرف هذا الاقتصاد تدهورا طيلة فترة الاحتلال . لعل أهم هذا الاقتصاد :

• قمع انتفاضات الجزائريين ضد الوجود الفرنسي .
• الحصول على الأراضي التي كان نقصها يعرقل تطور عملية التوسع الاستيطاني كما اعتبرت الإدارة الفرنسية حسب قانون أكتوبر 1844 أن الاحباس والأراضي غير المستغلة والتي لا تثبت ملكيتها قانونيا هي ملك للدولة . هذا ما جعل الأهالي يبيعون ما تبقى لديهم ، ثم الهجرة إلى الخارج .

الأسباب العسكرية :
من الأسباب والدوافع التي دعت إلى الهجرات هو قانون التجنيد الإجباري التي فرضته الإدارة الفرنسية على الشباب الجزائري سنة 1912 تحسبا للحرب العالمية الأولى التي كانت على الأبواب ، وجاء هذا المشروع خصيصا لاستفادة الطاقات البشرية المتبقية من سياسة الإبادة والتشريد ثم كان هدفه أيضا هو مزج المجندين الجزائريين بالفرق العسكرية الفرنسية فيكتسبون بذلك اللغة والعادات وهذا ما يحقق المشروع الاستعماري الهادف إلى جعل الجزائر مملكة عربية تابعة لفرنسا إضافة إلى تزويد فرنسا بقوة عسكرية تستعين بها في أوروبا بعد أن أظهرت فرق القناصة الجزائرية بسالة قتالية أثناء الحرب الروسية الفرنسية ، فكان ذلك تطبيق الخدمة العسكرية الإجبارية على الأهالي من مسلمي الجزائر هو الحل الوحيد لفرنسا الذي يخرجها من أزمتها العسكرية والمالية .
وكان رد فعل الأهالي على هذا المشروع هو رفضهم التام له فقد تعددت أساليب الاحتجاج من مطالبة لتعويضات حقيقية مقابل ضريبة الدم من الجزائريين وهاجر آخرين إلى البلاد الإسلامية كأسلوب من أساليب المقاومة والاحتجاج ، لأن في الأخير انخراط الشباب الجزائري في الجيش الفرنسي سيؤدي إلى ترك فرائضهم الدينية ان لم يؤدي بهم إلى محاربة إخوانهم في الدين ، وهذا ما يرفضونه بشدة .
الأسباب النفسية :
على غرار الأسباب السياسية والاقتصادية والعسكرية فإن الأسباب النفسية تؤدي إلى هجرات طوعية أو اضطرارية ، فالإهانة التي لحقت بالمسلم الذي كان يعتبر نفسه عزيزا وأصبح ذليلا أما الفرنسي "القاوري" واليهودي ، كما أن فشل المقاومة عاملا هاما في توجيه العديد من الأهالي إلى المشرق لطلب الحرية والعيش في أمان ، فقد كان الحجاج ينقلون أخبارا عن المعاملة الحسنة التي كان يلقاها المهاجرون هناك فالمهاجر الجزائري في دول المشرق العربي يشعر بالعزة والكرامة بدل الفقر والحرمان الذي يعيشه في ظل الاحتلال الفرنسي .
الأسباب الدينية والتعليمية :
إن الحديث عن الدوافع التعليمية لهجرة الجزائريين نحو الشرق يقودنا إلى طبيعة السياسة الفرنسية في مجال التعليم ، فقد كانت وضعية التعليم قبيل الاحتلال أحسن بكثير من وضعيته بعد الاحتلال ، إذ وصل عدد الأشخاص الذين يعرفون القراءة والكتابة 40% قبيل الاحتلال واقل من ذلك بعد الاحتلال . بالإضافة إلى هدم المدارس والمؤسسات الثقافية على اعتبار أنها تشكل خطرا كبيرا على أهدافها الثقافية والدينية والاستعمارية التي جاء من اجلها ، وكانت في هذه المرحلة تونس الشقيقة هي أول ما يقصده الجزائريون باعتبارها مركزا إشعاعيا للعلوم الدينية والعلمية المتمثلة في جامع الزيتونة الذي تخرج منه العديد من علماء الجزائر كالعلامة عبد الحميد بن باديس كما أن الواقع الديني للجزائريين كان جد سيئ لما تعرضت له العديد من المساجد والزوايا من هدم أو بيع أو تحويل إلى كنائس أو ثكنات عسكرية أو مخازن للذخيرة أو متاحف ، فتحول مثل جامع القصبة إلى كنيسة كانت تسمى "كنيسة الصليب المقدس" وهدمت مساجد عنابة التي كان عددها 37 مسجدا قبيل الاحتلال وبقي منها إلا مسجد صالح باي فقط بالإضافة إلى القمع والاضطهاد الذي مورس على المشرفين والمعلمين والقيمين على هذه المؤسسات إذ أحيل الكثير منهم إلى المحاكم الفرنسية .
كما أن الإدارة الفرنسية حاولت تنصير الأهالي بطرق متعددة إذ عمدت إلى الإرساليات التبشيرية لتغيير المعتقدات الروحية والمقومات الثقافية للجزائري المسلم إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل ويرجع الفضل في ذلك إلى المشايخ ومقدمو الطرق الصوفية الذين عبروا عن رفضهم الشديد ممن يغير دينه بدين آخر ، هذا ما جعل الجزائريين يهربون بدينهم إلى المشرق أين يحتفظون بمقوماتهم الحضارية .

المبحث الثاني : اتجاهات هجرة الجزائريين
المطلب الأول : هجرة الجزائريين إلى الحجاز وسوريا

كانت الحجاز البلد الأول الذي استقطبت الهجرة إليه باعتبارها المركز الروحي الذي يشدوا إليه المسلمون الرحال من مختلف أنحاء المعمورة لوجود المقدسات (مكنة والمنورة) وموسم الحج لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام إلى أن ما يحكم علي الهجرة أنها اشتدت نحو بلاد الحجاز منذ 1893 حيث سجلت سنة 1895 حوالي 100 عائلة من منطقة سيدي عقبة بالخصوص ببسكرة ، والتي كانت استجابة بالضبط الاستعماري المفروض عليها هروبا من سياسته الضارية بممارسة أبشع صور التعذيب والتنكيل ضد الجزائريين ناهيك عن مصادرة أراضيهم .
ولكد كانت الحجاز مركز وفود العديد من الأهالي السوفيين بحكم أنها كانت مركزا لتحصيل العلم باعتبار أن أكثر المهاجرين هم طلبة أو مثقفي المنطقة وهروبا من سياسة الإدارة الرسمية الظالمة وإذا اتبعنا حركة الهجرة إلي الحجاز قديما تعود إلي ما قبل الاختلال انطلاقا من البقاع المقدسة في إطار رحلة الحج الموسمية التي كانت أصحابها عامل اقتناء الكتب والمجلات بحكم أن الحج مركز أساسي في نشر الثقافة بين أرجاء العالم العربي والإسلامي وعليه كانت الحجاز أهم منطقة من بلاد الحجاز استقطاب أهالي منطقة وادي سوف هاجرو سيرا علي الأقدام بخطي متثاقلة إلي بيت المقدس مرورا بقفصة والإسكندرية والعيش سنة 1908 , وهكذا إن دل على شيء فإنما يدل على رغبة الجزائريين لنشر العلم والتعليم بشكل أو بأخر انطلاقا من قدرتهم الفائقة في التحصيل حيث نجد من هؤلاء الشيخ عمار بن الأزعر الذين نفته السلطات الفرنسية فاستقر بالمدينة المنورة ولم تكن هجرته فردية بل كانت مع عدد من الذين تتلمذوا على يده1


أما عن أسباب الهجرة نحوي سوريا خلال الفترة التي حددناها في بحثنا فلأول وهلة يتبادر للأّذهان أن هذه الحركات مختلفة أهمها هجرة 1888 - 1890 - 1892 - 1898 - 1899 وأخيرا 1911 تنحصر أسبابها في ثلاثة عوامل رئيسية وتكمن في العامل الديني , السياسي والاقتصادي , فهجرة 1911 مثلا قد حصرها الكتاب والمؤرخين الفرنسيين في مدينة تلمسان وأًصبحت تعرف بهجرة تلمسان بالنظر لما سبق فكل حركة من حركات الجزائريين أو مختف هجراتهم نحو سوريا ويجب أن ندرس على حدا بحكم ما خلفته من أثار ومن تراث في داخل البلاد وخارجها في ما يخص هجرة الأهالي من مناطق القبائل نحو سوريا خلال الفترة الممتدة مابين 1847 - 1871 , يمكن إضافة عامل محاولة التنصير للأهالي ويكاد هذا الجزء من هذا الوطن أن ينفرد بهذه الظاهرة الفقيرة التي انتهجتها الإرساليات التبشيرية وقد كان الأمير عبد القادر من الذين أسسوا جريدة خاصة بهم باسم (المهاجر) التي كانت تصدر بالعاصمة السورية دمشق مرة كل أسبوع منددة بالسياسة الاستعمارية التي سلكتها الإدارة الفرنسية في الجزائر مدافعة بذلك لحقوق المهاجرين المغاربة في المشرق العربي ولقد اشرف الأمير عبد القادر شخصيا على شؤونها المالية ومن المحتمل أن يكون هو الأمير عبد القادر الذي أسس هذه الجريدة بماله الخاص وقد تسببت هذه الهجرات الجماعية نحو سوريا في نزح أكثر من200 ألف عائلة من منطقة القبائل وقد ساهمت الجمعيات الدينية بشكل كبير وملحوظ في تشجيع الهجرة نحو الأراضي السورية وتستمر العلاقة الوثيقة بين الطرفين مما جعلها الكثيرين الذين شدوا الرحال إليها وبحكم الوضع الاقتصادي للبلاد المتدهور فما عسى ابن الفلاح أو الخماس أن بحث عن مصدر للعيش في بلد آخر لما آل إليه الجزائريين من بؤس وحرمان جعلهم يفضلون ترك أرض آبائهم وأجدادهم
ولقد كانت سوريا من البلدان التي استقطبت دفاعات من الهجرة الجماعية كهجرة الأسرة الكبيرة من مدينة مليانة سنة1899 فضلا عن هجرة نحو 1200 عائلة من تلمسان 1911 والتي اتجهت نحو سوريا وفي مقابل ذلك تفطنت فرنسا للأمر وامرة بوقف الهجرة وغلق الحدود الجزائرية إلا أن ذلك لم يمنع من تواصل الهجرات التي استمرت رغم انف الاستعمار , وقد قام المهاجرون الجزائريون بدور هام وتولي المناصب العالية وشاركوا في الجيش والإدارة والمدارس وكان عندهم المهندس والطبيب والضابط والكاتب والمؤلف والصحافي وتوج العمل الصحافي بدمشق بإصدار جريدة في دمشق سنة 1912 والتي كانت في محتواها تندد بالسياسة الاستعمارية التي انتهجتها فرنسا بالجزائر وتدافع عن حقوق المهاجرين في المشرق العربي الإسلامي وبقي المهاجرون على اتصال مستمر بوطنهم وساهموا في نشر فكرة الجامعة الإسلامية وعملوا على تعزيز معاني الروح والقيم الوطنية
وهكذا لم تحن الحرب العالمية الأولى حتى كانت حركة الهجرة الجزائرية نحو المشرق العربي وبلغت أوجها وبدأت تأتي كلها وذلك شكل أدوارا قيادية ، وقد زار العديد من العلماء الجزائريين سوريا ورجعوا بأفكار ضلت محفوظة إلى حينها ومن هؤلاء الشيخ "سعيد بن زكري" و "عبد الحليم " بن سماوية " ومحمد سعيد الزواوي فضلا عن الأمير خالد "وعبد الحميد بن باديس واحمد بن عليوة ، ولكل من هؤلاء دوره في تطور الحياة الفكرية والسياسية في الجزائر آنذاك
وتطول بنا القائمة لو حاولنا استقصاء العلماء الذين هاجروا وقضوا حياتهم في المهجر والأسباب كثيرة وعديدة وقد اشرنا إلى أهمها بحكم المغريات العلمية والسياسية التي يجدها المهاجر ، ضف إلى ذلك النكبات الطبيعية التي تركت أثارها على كل الناس وكذلك كانت تترك أثار خطيرة عند فئة العلماء لان عدد العلماء والمثقفين كان قليلا آنذاك

المطلب الثاني :هجرة الجزائريين إلى مصر
منذ الاحتلال استقطبت مصر عدد كبير من المهاجرين الجزائريين الذين كانوا يأتونها بإحدى الطرق الثلاثة ، إما منفيين أو مهاجرين أو حجاجا ، وفضلوا فيها الإقامة بعد أداء فروضهم كما استقطبت العديد من الطلبة متزايدة أعدادهم منذ الحرب العالمية الأولى هدف إلى ذلك بعض السياسيين المغضوب عليهم كما نزلها زوار معجبون بعلومها وصحافتها وآدابها وكانت الإسكندرية تستقطب أعداد من المهاجرين الوافدين إليها من الجزائر ومنهم من أقام وتزوج هناك ، أما في القاهرة فكانت تعج بالجزائريين الذين كانوا يقيمون بحي الأزهر والذي يعد مركزا إشعاعيا وفكريا فضلا عي قوى رواق المغاربة ، ومنذ القديم كانت مصر وجهة إعجاب من قبل الجزائريين ، ويعتبرونها كعبة العلم والحضارة لأنهم كانوا يعرفونها أكثر مما كانوا يعرفون العراق وسوريا بحكم وقوع مصر في طريق الحج ، ومن رجال السياسة الجزائريين الأوائل الذين هاجروا من بلادهم إلى مصر نعرف الباي "حسن بن موسى" باي وهران والذي حملته الإدارة الفرنسية في أوائل 1831 إلى الإسكندرية أما الداي حسين فقد هاجر إلى مصر وحل بالإسكندرية بعد فشل خططه بالرجوع إلى الجزائر ، وقد كان مع الداي حسين صهره قائد جيشه الآغا إبراهيم الذي عجز من مقاومة الفرنسيين في سطوالي أما العلماء فقد حلوا بمصر مهاجرين أو منفيين وكان رائدهم محمد العنابي الذي نفاه كلوزيل سنة 1830 بدعوى انه كان يتآمر لاستعادة كبيرة للحكم الإسلامي إلى الجزائر ، كما استقبلت الحرب العالمية الأولى وقد بلغ عدد الطلبة حسب الإحصائيات في سنة 1916- 29 طالبا وكانوا من مختلف ربوع الجزائر
وقد استمرت الهجرة إلى المشرق في فترات متعددة حيث نجد من بين هؤلاء الطالب "محمد العربي ستو" المولود بوادي سوف خلال سنة 1870 والذي شد الرحال إلى مصر سنة 1908 بعد حفظه للقران الكريم فاشتغل هناك مؤدبا للصبيان بالأزهر ، ثم ما لبث أن زاول دراسته بالأزهر سنة 1916 ، وقد احتل الرتبة الرابعة من المصنفين في قائمة الطلبة الجزائريين بالأزهر من نفس السنة ، تحت اسم محمد العربي السوفي ، وفي هذا الصدد أصبح المشرق مقصد للهجرة نتيجة لأهميته البالغة التي يحظى بها العلم والتعليم هناك
ضف إلى ذلك هجرة الأمير عبد القادر الذي كانت له علاقة بالحركات الإسلامية ونقصد بذلك تلك الهزة التي أحدثها جمال الدين الأفغاني في السبعينات والثمانينات تحت اسم الجامعة الإسلامية وكانت بلاد الشام اقرب فكريا إلى مصر منها إلى فارس وكان الأمير قد حضر شخصيا افتتاح قناة السويس (1869) ولقد التقى محمد عبدوا الذي كان يتنقل بين مصر والشام بالأمير عبد القادر مرات عديدة كما التقى بولديه محمد ومحي الدين
وقد كان الأمير عبد القادر شخصية سياسية رغم تخليه عن السياسة ، فقد زار مصر مرتين على الأقل ، الأولى أثناء الحج سنة 1864 ناهيك عن فتحه لقناة السويس 1896 وكانت هذه الزيارة محط أنظار الكبار ولقد كانت بين الأمير والشيخ محمد عبدوا مودة ومراسلات ، فقد تزامنت ثورة عرابي باشا للاحتلال الانجليزي بمصر مع مرض الأمير خالد وجدنا الأمير ومنذ هذه الفترة أصبحت مصر قبلة الجزائريين ، وبعد الأمير خالد وجدنا الأمير مختار الذي لعب دورا هاما وفعالا في جمع كلمة الجزائريين في المشرق ولاسيما في مصر وهو من أحفاد الأمير عبد القادر
وفي عهد بيجو هاجر الأمير عبد القادر نحو المشرق إلى المدينة المنورة فبعد حادثة الزمالة 1843 وسقوط المدن في أيدي العدو وضياع عاصمة الأمير بالذات هاجر الأمير عبد القادر رفقة مجموعة من الأعيان والعلماء ، كما أرغم على الهجرة "بومعزة"و"حسين ابن عزوز" رفقة عشرات من أتباعه وأقاربه توجهوا نحو الحجاز ، ولم تكن أسرة الأمير وحدها في هذا الميدان فقد ظهرت إلى جانبها أسماء لامعة من
المهاجرين ساهم أصحابها في عدة ميادين تهم القضية العربية نذكر منها الشيخ طاهر بن صالح بالجزائر الذي كان له الفضل الكبير في نشر الفكر والثقافة بالجزائر

المبحث الثالث : تأثير ودور المهاجرين الجزائريين في بلاد المشرق العربي
المطلب الأول : تأثير ودور هجرة الطيب بن سالم والأمير عبد القادر

أول هجرة جماعية وقعت مباشرة بعد توقف المقاومة كانت تلك التي تزعمه احمد الطيب بن سالم خليفة الأمير عبد القادر على القبائل والتي انتهت مقاومته في فبراير 1847 بحوالي عشرة أشهر قبل انتهاء مقاومه الأمير وكان احمد الطيب من أواخر خلفاء الأمير الأقوياء والأوفياء له .
يعزو احمد الطيب بن سالم سبب هجرته إلى الظروف الصعبة التي أحاطت بالمقاومة من كل النواحي سواء العسكرية أو السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية وخصوصا عدم التمكن من إيجاد حليف خارجي يساعد في فك العزلة الداخلية التي فرضتها القوات الاستعمارية تدريجا على حركة المقاومة ويؤكد بهذه الخصوص على النزاع الذي احتدم بين الأمير وسلطان المغرب عبد الرحمان وعندما علمت السلطات الفرنسية باتجاه احمد الطيب بن سالم إلى الصلح أرسلت إليه تطلب شروطه ، فوضع الخليفة ثلاثة شروط :
• إطلاق سراح الأسرى الجزائريين الذين حاربوا فرنسا
• هجرته إلى بلاد الشام
• إعادة أملاكه له ليتصرف بها كما يشاء
وأمام هذا الوضع الجديد لجأ سكان منطقة الباو الأعلى إلى الشيخ المهدي مقدم الطريقة الرحمانية الخلوتية يطلبون النصيحة فأعلمهم انه ينوي الهجرة خارج الجزائر إلى البلاد العربية
وقد لبى نداء الشيخ المهدي السكلاوي عدد كبير من سكان المنطقة وركب هؤلاء المهاجرون السفينة التي أقلت الخليفة احمد الطيب بن سالم من الجزائر يوم 24 سبتمبر 1847 رفقة عائلته والعديد من الشخصيات مثل الشيخ المبارك وسي الحاج عبد الله وبلغ عدد المهاجرين في هذه الرحلة قرابة 560 شخصا بين رجال ونساء وأطفال نزل هؤلاء بميناء بيروت ومنها انتقلوا إلى دمشق وقررت السلطات العثمانية منحهم أراضي وخصصت لهم الحكومة مرتبات شهرية .
واختلفت وضعية هذا الفوج من المهاجرين عن فوج الأمير عبد القادر فكانت حالة الأمير المادية ميسورة بفضل المرتب الذي خصصته له الحكومة الفرنسية على عكس حالة احمد الطيب بن سالم وأتباعه كانت في غاية من الفقر والبؤس .
وقد اهتمت السلطات المحلية في دمشق بوضعية هؤلاء المهاجرين وتلبية طلباتهم ، أما عن توطينهم فقرر المجلس إسكانهم في الداخل لتكون متوافقة مع الهواء الذي كان في بلادهم
أما عن رد فعل السلطات الفرنسية فتمثل في تقرير مجلس حكام عدلية وتدخلت لدى السلطات المحلية أمام هجرة هذه المئات من الجزائريين إلى بلاد الشام ، وقدمت لها كتاب مفاده ... إن المشار إليهم الجزائريين ليسوا سديدي القول بما ذكروه ولا يعتمد على أقوالهم بناءا على علاقاتهم بالفرنسية ، ورغم ذلك ظلت التقارير الفرنسية على التشكيك في نوايا هؤلاء المهاجرين مثال ذلك ما أورده Bardin في كتابه أن القنصل الفرنسي في دمشق Segurs تمكن من استمالة احمد الطيب بن سالم ، لكن المهاجرين قد وعدوا السلطات العثمانية بعد الاتصال بالأجانب وخاصة الفرنسيين وعبروا عن ذلك بقولهم " وأًصبحنّا الآن مستقلين ومحميين وتم توظيف جماعة احمد الطيب بن سالم في لواء عجلون مع تقديم المعونة المالية اللازمة لهم وخصصت لأحمد بن سالم مرتبا شهريا قدره 500 قرشا" .
أما المهاجرين الحرفيين أقاموا حي واحد يدعى باب السويقة ، ونقلوا عاداتهم وتقاليدهم وانشئوا جامعا وزاوية سميت "زاوية المغاربة " .

كثيرا ما يرتبط ذكر بلاد الشام أو دمشق في ذهن الجزائريين بهجرة الأمير عبد القادر هذه الهجرة التي دفعة بالكثير من الجزائريين الذين قرروا الهجرة بعد عام 1855 اختيار بلاد الشام موطنا لهم ولهجرتهم .
والأمير لم يقع اختياره في بداية الأمير على دمشق بل كان قد طلب نقله وأتباعه إلي عكا أو إلي الإسكندرية إلي أن السلطات لم تطمئن لإطلاق سراحه وقد حاولت الكثير من الشخصيات الفرنسية ثني الأمير عن قراره للانتقال إلى المشرق لكنه رفض وفضل إن يموت مع هذا العهد فكان يقول أموت لأجل خزيكم وسيعلم الملوك والشعوب من خلال تجربتي ما مدى الثقة التي يجب أن يمنحوها لعهد قطعه لهم الفرنسيون وصل الأمير إلى بروسه يوم 17 جانفي 1853 واستقر في بيت منحته إياه السلطات العثمانية عينت له مرتبا وبعد استقراره بدأت تتوافد عليه جموع المهاجرين من العلماء وغيرهم ممن هاجروا في صدقات للفقراء وكانت السفارة الفرنسية اسطنبول قد كلفت بمراقبة تحركات الأمير ,انتدب السابق إلي بلاد الشام كما خصصت له الحكومة الفرنسية مرتبا سنويا قدره 100 ألف فرنك فرنسي ينفق منه على عائلته ويوزع جزءا منه علي أتباعه وقواده وجزءا آخر في شكل Bullod (المترجم العسكري ( خصيصا لهذه المهمة وكان يصدر تقارير شبه يومية حيث كان يقرءا مراسلات ويترجما للسفارة ,ورغم الأجواء الطبيعية التي كانت تحيط بالأمير إلى انه لم يكن مرتاحا لوجوده وسط الأتراك واليونانيين خصوصا مع جهله لغتهم وجاءت الفرصة مع الزلزال التي تعرضت له بروسه سنة 1855 وساعتها أعطت السلطة في فرنسا موافقتها للانتقال إلى دمشق وقد صاحبت فكرة انتقال الأمير للإقامة في بلاد الشام فكرة إقامة كيان عربي في سورية تحت رعاية الإمبراطورية الفرنسية .
وعن حوادث الفتنة الطائفية في الشام عن حقيقة موقف الأمير فقد كثرت حولها الآراء وتشعبت منها من يقول أنها مجرد خدمه إنسانية لم يكن الأمير يفكر في أبعادها أو الاستفادة منها وأخرى تقول أن هذا التدخل كان بمباركة وتخطيط من فرنسا فهي التي سلمت الأسلحة للفرنسيين
وهناك أمر آخر عرض له أمرين في دراسة السالفة وهي النية الفرنسية في اتجاه إقامة كيان عربي مستفعل في بلاد الشام يكون على رأسه الأمير عبد القادر وصاحبت هذه النوايا حملة دعاية صحفية كان من بينها صحيفة تصدر في باريس اسمها برغيس باريس صاحبها سوري يدعي رشيد دحداح يرسل منها الكميات الكبيرة في سورية ولم تترك فرصة دون التشهير بالحكم القائم في البلاد العثمانية ومطالبة السلطات بتغيير سياسته والأخذ بالنصائح الطيبة لفرنسا .
ولما كانت محاولة تهيئة الرأي العام الفرنسي لمشروع تعيين الأمير على رأس دولة عربية في بلاد الشام حيث صدر في باريس سنة 1860 ولعل في هذه التسمية تصديا واضحا للسلطات العثمانية حيث يعارض بأنها غبر صحيحة وأكد على ضرورة إيجاد (توازن شرقي ) يتلاءم مع التوازن الأوروبي .... إذ يمكننا أن نجعل من العرب في بلاد الشام إمبراطورية عربية .
- موقف الأمير من المشروع الفرنسي : لم يتوفر لدينا أي رد مباشر للأمير على هذه المقترحات أولها تلك الرسالة التي بعثها الجنرال قائد الحملة إلى الشام في 1860 إلى وزير الحربية الفرنسية التي يقول فيها يأسف لعدم رؤية الأمير وقيل له انه لا يرغب في أي سلطة . وقد يكزن رفض الأمير للمشروع مرده إلى أن فرنسا هي التي وضعته .
- والمشروع الثاني فصل سوريا عن الدولة العثمانية وإقامة دولة عربية يكون الأمير عبد القادر أميرا عليها وقد وافق الأمير على ذلك من حيث المبدأ . وحين عرض عليه المشروع كان رأي الأمير أن يضل الارتباط الروحي قائما بين البلاد الشامية والخلافة العثمانية وأن يبقى الخليفة العثماني خليفة للمسلمين وأن يتم للأمير البيعة من أهل البلاد جميعا .
عندما فرغت السلطات العثمانية من حربها مع روسيا حولت اهتمامها للأمور الداخلية وعندما علمت بمشروع الاستقلال العربي اتخذت الإجراءات الفورية تجاهه وفرت الإقامة الجبرية على زعماء الحركة الأمير واحمد الصلح وضل موقف السلطات حذرا اتجاه الأمير وبرقية بحث كما في 30 ماي 1883 قنصل بريطانيا في دمشق إلى القائم بالأعمال في اسطنبول يقول فيها ... توفي الأمير وحضر ممثلو الدولة الأجنبية مراسيم الدفن والألبسة الرسمية وفي سنة 1863 قرر الأمير التوجه إلى الأراضي المقدسة بنية الاعتكاف وأداء فريضة الحج وأقام بعض الأسابيع في مصر بدعوة من شركة مصر قناة السويس التي كان على رأسها الفرنسي فرديناند دولسبس ، وقام الأمير بزيارة إلى اسطنبول عام 1865 قاصدا زيارة السلطان عبد العزيز وتقدم للسلطان بطلب تسريح أعيان دمشق الذين كانت الدولة قد حكمت عليهم بالنفي إلى قبرص اثر حوادث 1860
وكان من نتائج هذه الحملة الدعائية أكثرت طلبات الهجرة على مكاتب السلطات الفرنسية وسمحت هذه السلطات في شهر ماي عام 1860 بهجرة أولاد سيدي خالد وبني عامر وهم فرع من واد بردي ، هاجر هؤلاء إلى بلاد الشام مخلفين وراءهم 2000 هـ من الأراضي الزراعية ووصل عدد الراغبين في الهجرة من هذه المنطقة إلى 577 شخصا أي بنسبة 72% من سكان المنطقة وكان هناك مجموعة من الجزائريين على الحدود التونسية وكان على رأسهم شخصيتان معروفتان أحدهما من الأغواط وهو ناصر بن شهرة والآخر من منطقة السباو وهو عمر أوحامبشوش وتراجعت السلطات الفرنسية عن منح جوازات السفر للهجرة إلى بلاد الشام ، اثر خروج فرع أولاد خالد وبني عامر بعدما تبين لها أن ذلك يؤكد على انعدام الثقة وبينها الأهالي ، إضافة الى ما ستخلفه هذه الهجرة من أصداء سيئة تمس بسمعة الفرنسيين في المشرق العربي والبلاد الإسلامية عامة .
وكانت تتساهل في أمر الهجرة بقصد توفير الأراضي والأماكن للمستوطنين الذين ازدادت أعدادهم بعد الفراغ من مقاومة الأمير عبد القادر ، وشهد عام 1864 موجة هجرة جديدة حدثت من بلاد القبائل وكان سببها مشاجرة وقعت بين "بني شعيب وبني غبري حول قطعة أرض فتدخلت السلطات الفرنسية وعاقبت سي الحاج العيد حيث دعا أهله وأتباعه إلى الهجرة إلى دمشق وتبعته 200 عائلة وصاحبت هذه الهجرة مراسلة نشطة بين المهاجرين وذويهم في الجزائر .
وإذا كانت الهجرة الجزائرية نحو سوريا قد اتخذت صبغة خاصة قبل استقرار الأمير عبد القادر في دمشق فمنذ سنة 1856 اتخذت طابعا يكاد ينحصر في تشخيص الأمير الذي جلب استقراره في هذه المدينة أنضاره وعيون الجزائريين إليها بالأخص المقربين إليه والذين شاركوا معه في مسيرته النضالية ضد الاستعمار الفرنسي عن قرب أو بعد ، فعندما غادر الأمير مدينة روما متجها إلى سوريا كان متبوعا بحوالي 110 أشخاص من بينهم 27 شخص من أفراد عائلته في الوقت الذي كانت مجموعة أخرى تتكون من حوالي 100 شخص قد شدت الرحال إلى دمشق .
ومن الطبيعي أن العاصمة السورية دمشق قد استوعبت أكثر عدد من هؤلاء المهاجرين الجزائريين من بينهم كثير من الأثرياء ورجال الأعمال والتجار الكبار والملاك فلم يكن الأمير في حاجة إلى بث الدعاية وتوجيه النداءان للجزائريين ليلتحقوا به في سوريا مثل ما فعل احمد بن سالم وغيره فبمجرد وجوده في دمشق جلب أنظار الجزائريين إليه بشكل لم يلقى له مثيل فلو حرض الجزائريين على الهجرة إلى سور يا لاستجابت الجزائر له من أقصاها إلى أدناها ولكن ذلك لم يحدث فعلى الرغم من ذلك نلاحظ ارتكاز هجرة الجزائريين على مدينة دمشق وضواحيها حيث يوجد الأمير فبعد 5 سنوات من استقراره في دمشق حتى حدود 1870 تدخل عن ما يزيد عن 1000 رجل من الجزائريين في الأحداث المؤسفة التي نشبت بها وفي ذلك دلالة قاطعة على وجود أعداد هائلة من الجزائريين في دمشق خلال السنة الأخيرة وقد شكلت تونس الجسر الرابط بين الجزائر وسوريا بحكم أن الجزائريين اتخذوا من تونس معبرا إلى سوريا وقد دفع استقرار الأمير في الشام بكثير من العائلات الجزائرية إلى اتخاذ قرار الهجرة ولوحظ سنة 1860 انتشار بعض الدعاة والمحرضين للهجرة في بلاد القبائل والوسط

المطلب الثاني : تأثير عموم المهاجرين والطلبة الجزائريين في بلاد المشرق العربي
تأثير المهاجرين الجزائريين في بلاد المشرق العربي :
لقد ساهم المهاجرون الجزائريون بشكل بارز في عدة ميادين تخدم القضية العربية ، ومن أبرزهم الشيخ طاهر بن صالح الجزائري المعروف بالطاهر السمعوني فقد كان له الفضل العظيم في بعث الثقافة العربية وتكوين جيل من الأدباء والمفكرين والسياسيين ضف إلى ذلك دوره في حزب اللامركزية وإنشائه وإشرافه على إدارة عدة مؤسسات مثل المكتبة الظاهرية ويعتبر سليم السمعوني من أنبل وأهم قادة الحركة العربية التي كانت تعارض الحكم العثماني فكان جزاءه الشنق على يد جمال باشا المشهور بالسفاح ضمن قائمة طويلة من شهداء القومية العربية أما عائلة المبارك التي هاجرت من دلس فقد اقتصر نشاطها على علوم الدين واللغة فكان منهم أربعة على الأقل من توابع الأدباء واللغويين في ذلك العصر والذين اشتهروا ببحوثهم ومؤلفاتهم وعضويتهم في المجامع اللغوية . وقد ظل دور الأمير البشير الإبراهيمي في سوريا غير واضح ، رغم قصر المدة التي قضاها هناك قبل رجوعه إلى الجزائر وبهذا الصدد تطلعنا بشغف حول علاقة الأمير عبد القادر بالحركة الإسلامية والمقصود بهذا تلك الهزة التي أحدثها جمال الدين الأفغاني في السبعينات والثمانينات تحت اسم الجامعة العربية الإسلامية ، أما بخصوص الحركة العربية فقد أشار الأستاذ خالدي إلى الحركة التي تدعوا إلى إقامة كيان عربي في بلاد الشام تحت زعامة الأمير عبد القادر وكان التجاذب حول شخصية الأمير قويا جدا على المستوى الدولي آنذاك فكل دولة كانت تريد أن تظفر منه بلغـته لتتخذ منه وسيلة لترسيخ نفوذها بالمنطقة ، كما برز الدور القومي للمهاجرين في الأفكار والتوجهات والكتابات والتنظيم من خلال رحلات الجزائريين عبر الزمن والأرض والإيديولوجية والعقائد .
تأثير الطلبة الجزائريين في سوريا :
إذا كانت أنضار الجزائريين وخاصة المثقفين منهم ورجال العلم والتجار الكبار في القرنين 17و 18 قد اتجهت نحو مصر ، ففي القرن 19 لأسباب دينية واجتماعية وثقافية وغيروا اتجاهاتهم نحو بلاد الشام واستقروا حينها بأعداد وافرة يقدرها بعض الباحثين في الموضوع بـ 20000 مهاجر جزائري في سوريا وحدها حتى حدود 1914 ، ومن أبرز أنشطتهم ما يلي :
أ- النشاط النقابي : بالرغم من قلة الطلبة الجزائريين في سوريا فقد شعر بعضهم في الشهور الأولى قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى بغياب هيئة طلابية تجمع شملهم وتوحدت أفكارهم ، وقد عملت هذه المنظمات الطلابية العربية التي أوجدها الطلاب في سوريا منذ ثلاث سنوات دون انقطاع .
ب- النشاط السياسي : عرف النشاط السياسي في سوريا انتعاشا كبيرا من خلال "لجنة الطلبة الجزائريين" ووقع الاتصال بين الطرفين السوري والجزائري في ظروف عادية واتفق الطرفان على مساندة الثورة والتعريف بأهدافها النضالية على جميع المستويات ومن العوامل التي ساعدت على تكاثف النشاط السياسي للطلاب هو أن عددهم تضاعف بشكل كبير وذلك بقدوم عدد من البعثات الطلابية من الجزائر كما كان للمكتب المغربي العربي في دمشق آنذاك دور في النشاط السياسي الذي لعبه الطلبة في سوريا وما يلاحظ على هذا النشاط أنه ارتبط ارتباطا وثيقا بالقضية الوطنية والتعريف بآفاتها وتطور أحداثها على الصعيدين الداخلي والخارجي ولقد نظم الطلبة هناك أمسيات شعرية ونضالية ومجموعة محاضرات وغيرها من الأنشطة ، ولقد نسق الطلاب الجزائريون مع أبناء جلدتهم الفلسطينيون والأردنيون والعراقيون ونظموا أمسيات ثقافية وأدبية بالاشتراك مع هؤلاء .
أما من الناحية الاجتماعية : فعلى الرغم من الإمكانيات المادية المتواضعة التي كانت لدى المكتب الإداري لرابطة الطلاب الجزائريين استطاع هذا المكتب أن يقضي على الكثير من المشاكل التي كان يعاني منها الطلاب في سوريا قصد القضاء على مشكلة السكن التي كانت تواجههم بهذا البلد ، ورغبتهم في جمع ولم شمل الطلبة المهاجرين تحت سقف واحد وأجرت لهم بيتا في سوريا باسم "ار الجزائر" التي ضمت تقريبا كل الطلبة الجزائريين في سوريا .
تأثير الطلبة الجزائريين في مصر :
لقد تحدثنا سابقا عن الهجرة التي كانت لأسباب لا مناص منها بحثا عن مدن أخرى طلبا للعلم أو الحظوة أو الوظيفة وتحسين مستوى الطلبة الثقافي .
وقد ساهمت اندلاع الحرب العالمية الأولى من جهتها في صعوبة ورداءة هذه الظروف التي كان يعيشها الطلاب في مصر ، إذ ليس الطالب مهما كان بعيدا ينشأ منفصلا عن حياة شعبه لا يتأثر ولا يتفاعل بالأحداث التي تجري فوق أرض الوطن والطالب الجزائري أينما كان هو جزء من ذلك الشعب الثائر على الاستعمار الفرنسي وسياسته التعسفية ويعايش الحياة التي يحياها بنو وطنه ويقوم بنفس العمل الذي يقوم به مع اختلاف الوسائل والميادين ومن أبرز نشاطات الطلبة الجزائريين ما يلي :


المحاضرات والندوات : تشكل النشاط النقابي والسياسي بالنسبة للطلاب الجزائريين في مصر المحور الأساسي الذي دارت حوله اهتمامات الطلاب وليس بإمكاننا التطرق إلى هذا الموضوع بكل التفاصيل التي يستحقونها ، فقد كانت المحاضرات والندوات المنظمة من طرف اللجنة النقابية في القاهرة تستضيف من حين إلى آخر أساتذة بارزين في ميدان العلم والثقافة من مصر وغيرها من الأقطار العربية الأخرى ، وقد برز إقدام هؤلاء الأساتذة على نادي الطلاب حدا للتنافس بينهم ، كما كانت الجزائر وثورتها تتمتعان به من شهرة وسمعة طيبة بين كل الأوساط العربية .

خـــاتــمـــــــة
ونخلص في الأخير من هذه الدراسة بان الهجرة الجزائرية نحو المشرق العربي كانت نتيجة لضغط الإدارة الاستعمارية وسياسة التعسف والظلم التي اتبعتها ، تمثلت في مصادرة الأراضي وقتل الآلاف من الجزائريين ، وممارسة أبشع صور التعذيب والإهانة ويمكن الوقوف على ابرز النتائج التي توصلنا إليها من خلال هذا البحث تمثلت فيما يلي :





تلكم هي النتائج المتوصل إليها في هذا البحث ولا تزعموا أننا تمكنا من الإجابة على كل التساؤلات فهذا الميدان لا يزال مفتوحا على مصرعيه أمام الباحثين ونتمنى أنكم قد استفدتم من هذه الدراسة ونسال الله أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم
1- تعتبر هجرة الجزائريين نحو المشرق هي السبيل الوحيد للتخلص من سياسة التعسف الفرنسية .
2- اضطهاد الإدارة الفرنسية للجزائريين من خلال القوانين .
3- تعدد الأسباب المادية والمعنوية والروحية التي ترفض سياسة الإدارة الفرنسية .
4- الأوضاع السيئة التي عاشها الشعب الجزائري إبان فترة الاحتلال من خلال سلب أراضيه وتسليمها للمعمرين الأوربيين .
5- الدور الذي لعبه المهاجرين الجزائريين وخاصة الأمير عبد القادر والطلبة الجزائريين
تلكم هي النتائج المتوصل إليها في هذا البحث ولا تزعموا أننا تمكنا من الإجابة على كل التساؤلات فهذا الميدان لا يزال مفتوحا على مصرعيه أمام الباحثين ونتمنى أنكم قد استفدتم من هذه الدراسة ونسال الله أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم
للباحث بشير سوفى
قائمة المصادر والمراجع:



1- أبو القاسم سعد الله ، أبحاث وآراء في التاريخ الجزائري ج 4 – ط 2 دار الغرب الإسلامي بيروت 2005 . 2- أبو القاسم سعد الله ، تاريخ الجزائر الثقافي من القرن 16- 20 م ج 1 الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ، الجزائر 1981 . 3- أبو القاسم سعد الله ، الحركة الوطنية الجزائرية سنة (1830- 1900) . 4- نادية طرشون ، الهجرة الجزائرية نحو المشرق العربي ، طبعة خاصة من وزارة المجاهدين ، منشورات المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة 1 نوفمبر 1954 مطبعة دار هومه الجزائر . 5- عبد الحميد زوزو ، الهجرة ودورها في الحركة الوطنية الجزائرية بين الحربين ، المؤسسة الوطنية للكتاب ، الجزائر ، 1985 . 6- عمار هلال ، أبحاث ودراسات في تاريخ الجزائر المعاصر 1830- 1962 ، ديوان المطبوعات الجامعية بن عكنون الجزائر 1995 . 7- عمار هلال ، نشاط الطلبة الجزائريين إبان حرب التحرير ، دار هومه للطباعة والنشر ، الجزائر ، طبعة 2004 . 8- صالح فركوس ، المختصر في تاريخ الجزائر ، دار العلوم للنشر والتوزيع .









رد مع اقتباس
قديم 2011-12-10, 15:53   رقم المشاركة : 1454
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sérine-s مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
من فضلك أتستطيع أن تضع لي مراجع حول الهاتف النقال وتأثيره في المجتمع
وشكرا







اثر الموبايل على المخ
تستطيع ان تسلق بيضة بالموبايل

او تحديدا بالاشعة التى تخترق المخ والدم اثناء التحدث

والتى من خلالها استطاعوا سلق بيضة فعلا

هذة التجربة الغريبة تمت عبر اثنان من الصحفيين الروس

فلاديمير لاجوفسكى

واندرية موسينكو

واللذان كتبا موضوعا عن اضرارالموبايل فقاموا بهذة التجربة الغرية عن طريق جهازى الموبايل خاصتهما

وقد قاما بعمل ميكرويف مبسط

كما هو مبين فى الصورة حيث وضعوا موبايل على كل جانب من جوانب البيضة

وقاموا بتشغيل تسجيل صوت واتصلو من الموبايل للاخر حتى لا تغلق الموبايلات وكانك تتحدث فعلا فيها

فوجدوا البيضة قد اصبحت دافئة فى خلال خمسه عشر دقيقة

ووجدوها ساخنة فى خلال خمسة وعشرون دقيقة

ووجدوها ساخنة جدا فى خلال اربعين دقيقة

اما بعد خمسة وستون دقيقة فقد اصبحت البيضة مطهوة تماما
يمكن ان تطهو مخك فقط لو تحدثت ساعتين متواصلتين فى الموبايل







المحصلة

الإشعاع المباشر للجوال كان له التأثير في تغيير بروتينات البيضة. تصوّر ماذا يمكنه إحداثه في بروتينات دماغك عندما تتحدث لفترات طويلة







· بعض الأسئله التي تحتاج الى اجابات .
· شده المجالين الكهربي والمغناطيسي عند استخدام الهاتف النقال .
· الشروط الواجب توافرها لانشاء محطه هوائيه .
· تأثير الهاتف النقال بيولوجيا على الخليه الحية ؟ .
· هل استعمال الهاتف النقال امن على الصحة ؟ .
· بعض الدراسات التي اجريت لدراسه وجود علاقه بين الهاتف النقال وسرطان المخ .
· الهاتف النقال وتاثيره على القلب والاوعيه الدمويه .
· الهاتف النقال وتأثيره غلى الحمض النووي .
· موجات الهاتف النقال والاورام السرطانيه لفئران التجارب .
· تأثير موجات الهاتف النقال على افراز ووظيفه هرمون الميلاتونين .
· العلاقه بين موجات الهاتف النقال والشيخوخه المبكره .
· بعض التجارب المعمليه لتاثير الموجات على خصوبه الفئران .
· الحاجز الدموي للمخ "blood-brain barrier" وموجات الهاتف النقال.
· بعض النصائح الصحيه اللازمه عند استخدام الهاتف النقال .
· بعض الفيديوهات التوضيحيه.
· المراجع والمصادر.





المـقـدمــة :






مما
لاشك فيه ان الهاتف النقال يعتبر الأن الوسيله الرئيسيه للاتصال عن بعد.بل
انه يعتبر الوسيله الوحيده للاتصال عن بعد في اجزاء كثيره من العالم.وفي
الاونه الاخيره اتسع استخدامه حتى صار شعبيا.وتعتبر هذه الظاهره غير
مسبوقه على مدى عقدين ماضيين من الزمن.حتى اصبح ضروره من ضروريات الاتصال
في العمل والتجاره والعلاقات العامه والاجتماعيه.واصبح اعداد مستخدمي
الهاتف النقال في تزايد باستمرار.









بعض الأسئله التي تحتاج الى اجابات :




§ هل هناك جديه وحذر بخصوص وجود مخاطر صحيه نتيجة استعمال الهاتف النقال او التواجد قريبا من محطات الارسال"
BTS" ؟
§ هل لموجات الميكروويف"
microwave" تأثير على الجسم يشابه تأثيرالأشعة المؤينه"ionizing radiation" وأشعة اكس"x-Ray" ؟.
§ ماهو وجه الشبه بين موجات الهاتف النقال والمجال المغناطيسي "EMF" الناتج من كابلات الكهرباء ذات الضغط العالي؟.








شده المجالين الكهربي والمغناطيسي عند استخدام الهاتف


النقال:



عندما يكون الهاتف النقال في حاله ارسال او استقبال ينتج عن الهوائي "
Antenna"
مجال كهربي شدته 400 فولت/متر بقوه 2 وات عندما يكون التردد 900 ميجا
هيرتز على مسافه 2.20 سم من هوائي الهاتف النقال.وعندما يستخدم تردد 1800
ميجا هيرتز يكون المجال 200 فولت /متر بقوه 1 وات.

مع

العلم بأن محطات الارسال تستعمل تردد يقع مابين 825 الى 960 ميجا هيرتز
"الميجا هيرتز = مليون هيرتز" . اما بالنسبه الى المجال المغناطيسي فقيمته
تبلغ الواحد ميكرو تسلا . " د. بيدرسون و د.اندرسون سنه 1999". [IMG]https://knol.google.com/k/-/-/2v9b79m3tuz4z/3my6e9/****head.gif[/IMG]

ونظرا

لانه كلما زاد الطول الموجي كلما زادت قدره الموجه على الاختراق اذا
استعمال الطول الموجي عند تردد 900 ميجا هيرتز تكون الحاجه لمحطات تقويه
اقل منها في حاله استعمال تردد 1800 هيرتز "الطول الموجي يتناسب عكسيا مع
التردد" .

وهناك

دراسه اجريت بواسطه فريق بحث من كليات طب بنها وعلوم القاهره وصيدله قناه
السويس,افادت ان المجال المغناطيسي التاتج عن الهاتف النقال تكون شدته 7.5
جاوس وفي حاله الاتصال يصبح 150 جاوس, وفي حاله استفبال مكالمه يصل الى
300 جاوس.

والموجات الكهرومغناطيسيه نتعرض لها يوميا من خلال وسائل عديده فعلى سبيل المثال:

× فرن الميكروويف ينتج موجات كهرومغناطيسيه يصل ترددها الى 2450 ميجا هيرتز.
× موجات اشعه اكس "
X-ray" تصل الى مليون ميجا هيرتز.
× الراديو ينتج موجات يصل ترددها الى 100 ميجا هيرتز.
× التيار المنزلي ينتج عنه مجال كهرومغناطيسي بتردد حوالي 50 هيرتز فقط,ولكن ليس له تأثير بيولوجي على الخليه الحيه على عكس موجات الهاتف النقال.








الشروط الواجب توافرها لانشاء محطه هوائيه:

· لابد ان يتم بناء محطات الارسال والتقويه على

ارتفاع 50 متر كحد ادنى عن سطح الارض.



· يمنع منعا باتا تواجد العامه والعاملين على بعد يقل 25 متر عن الهوائي.



· يتم تقليل عدد المحطات الهوائيه على قدر الامكان .




· يجب ان تطابق المحطه معايير الامان القياسيه.








تأثير الهاتف النقال بيولوجيا على الخليه الحية؟


نص تقرير
"ستي وارت لسنه 2000 م" وهو احد التقارير الهامه,على انه لم يثبت علميا حدوث سرطان المخ نتيجه استخدام الهاتف النقال او التعرض للموجات الصادره عنه.
ولكن يجب الاخذ في الاعتبار ان هذه الموجات لها تأثير حراري وبيولوجي في شكل (الأرق والصداع وفقدان مؤقت للذاكره "بعض المعلومات") .
وتعتمد هذه التأثيرات على تردد الموجات وقدر الطاقه الممتصه داخل انسجه الجسم بالاضافه الى طول فتره التعرض لهذه الموجات.

رسم توضيحي لتأثير المحمول اثناء النوم







هل استعمال الهاتف النقال امن على الصحة ؟


اجريت

حتى الان اكثر من 6 الاف دراسه على السكان " دراسات ابيدميولوجيه" ولكنها
ليست متوافقه,فبعضهم قال ان موجات الهاتف النقال لا تضاعف من سرطان المخ.
وكذلك في الدراسات المعمليه على الفئران لم يخلصو الى نتيجه مئه بالمئه.
ولكن في
نفس الوقت لم ينكر القائمون على هذه الدراسات امكانيه حدوث سرطان المخ
لاحقا وهذا راجع الى ان المده المطلوبه لحدوث هذا المرض طويله.
ولذلك ينبغي علينا اخذ احتياطاتنا وسبل الوقايه فالوقايه خير من العلاج.







بعض الدراسات التي اجريت لدراسه وجود علاقه بين الهاتف


النقال وسرطان المخ:



لابد

من وجود دراسات جيده التصميم وتكون هذه الدراسات على اعداد كبيره من الناس
للتأكد من وجود علاقه لها مدلول احصائي بين سرطان المخ ومؤثر بيئي. وذالك
راجع الى تعدد المؤثرات التي قد تسبب سرطان المخ.
ففي الولايات المتحده يبلغ معدل انتشار سرطان المخ حوالي 6 حالات لكل 100 الف نسمه.
يوجد نوعان من الدراسات

1- دراسات ابيدميولوجيه "على السكان"
تم اجراء اول دراسه في هذا المجال عام 1996م على 250 الف مستعمل للمحمول قد قام باجراء الدراسه دكتور/ كينث روثمان من مركز الوبائيات لمعهد نيوتن بالولايات المتحده,ولم يتم اثبات اي علاقه بين الهاتف النقال وسرطان المخ.
ولقد نشرت هذه الرساله سنه 1999م بمجله الرابطه الطبيه الامريكيه.
وفي دراسه ابيدميولوجيه اخرى على 209 حاله من سرطان المخ مقابل 245 حاله ضابطه " اجريت في السويد" لم يتم ايضا اثبات العلاقه.
وهنا ينبغي ان نشير الى ان سرطان المخ يحتاج من 10 الى 20 سنه لكي يحدث بصوره ما.
2- دراسات على حيوانات التجارب " animal studies"
تم تعريض فأر الى قدر من الموجات الاشعاعيه حوالي
873 ميجا هيرتز "ما يعادل الموجات الصادره عن الهاتف النقال تقريبا" لم
تؤد فوريا الى حوث سرطان المخ, خصوصا ان عمر الفأر قصير اذا ما قورن بعمر
الانسان.








الهاتف النقال وتاثيره على القلب والاوعيه الدمويه:





انتهى البحث اللذي اجراه
الدكتور بروني وزملاؤه سنه 1998م الى مايلي:
× انه بعد فتره تعرض حوالي 20 دقيقه الى الموجات المنبعثه من الهاتف النقال يحدث نقص مؤقت في عدد ضربات القلب "
Bradycardia"
× يزداد ضغط الدم بمقدار 10 مم زئبق , وذلك لان القلب والاوعيه الدمويه المتصله به حساسان للموجات المنبعثه من الهاتف النقال.
× ومن
ثم يجب على مريض القلب او مريض الأوعيه الدمويه الحذر عند استخدام الهاتف
النقال. والافضل له عدم استعماله الا في الضروره القصوى.






الهاتف النقال وتأثيره غلى الحمض النووي:


رسم توضيحي للحمض النووي DNA

خلصت الابحاث بصوره مؤكده على تعرض الحمض النووي "الموجود داخل نواه الخليه الحيه"
DNA الى
موجات الميكرووويف والتي تعتبر موجات الهاتف النقال احد اشكالها الى حدوث
دمار وتهتكات في كيميائيه الحامض "السلسه الكيميائيه للحامض" وبالخصوص
خلايا المخ.
ولقد جاء ذلك في بحث سنه 1994 م اجراه الدكتور ساركر وزملائه.

وفي بحث اخر في نفس السنه اجراه
الدكتور / دانيال وزملاؤه
عندما قامو بتعريض ديدان النيماتودا الى الموجات الصادره من جهاز" نوكيا
2115" , وجدوا ان خلايا الديدان حصل لها تهتك في الحمض النووي داخل النواه
DNA وكذالك الحمض النووي في السيتوبلازم RNA .

وفي بحث اخر
للدكتور تيسي وزملاؤه سنه 1999م خلصوا الى ان الحمض النووي يتعرض للتهتك عند سقوط الموجات المنبعثه من الهاتف النقال عليه.

وقد

قام الدكتور فيليبس سنه 1999م بالربط بين جرعات التعرض لاشعه الهاتف
النقال وعدد الكسور الناتجه في الحمض النووي, ووجد علاقه طرديه بينهما
فيما يسمى بعلاقه "الاثر بالجرعه".

وفي بحث اخر للدكتور خليل وزملاؤه سنه 1993م
عندما قاموا بتعريض الخلايا البشريه الليمفاويه لجرعه 167 ميجا هيرتز حدث
تغير في الكروموزومات. وتم تأكيد ذلك عام 1997م بجرعه 935.2 ميجا هيرتز
بواسطه دكتور ماسي وزملاؤه.






موجات الهاتف النقال والاورام السرطانيه لفئران التجارب:





× في تجربه على 100 فأر اجريت عام 1992م قام
دكتور كوي وزملاؤه
بتعريض الفئران الى موجات الميكروويف " موجات الهاتف النقال احد اشكالها"
فوجدوا ان عدد الاورام الحميده للغده الكظريه زادت عن العينه الضابطه التي
لم تتعرض.
× اما في عام 1999 م قام الدكتور ادي وزملاؤه
بتعريض مجموعه من فئران التجارب لموجات الميكروويف بالاضافه الى ماده
مسرطنه ومجموعه اخرى من الفئران الى ماده مسرطنه فقط فوجدوا ان نسبه
الاورام السرطانيه فى الجلد تتضاعف 3 مرات للمجموعه الاولى من الفئران.








تأثير موجات الهاتف النقال على افراز ووظيفه هرمون


الميلاتونين:





ماهو هرمون الميلاتونين؟ وما هي وظيفته؟





هو هرمون تقوم بافرازه الغده الصنوبريه وهي غده موجوده بالمخ. وهو مسؤل هن عده وظائف هامه للجسم اهمها:

· مقاومه الشيخوخه والاورام الحميده والخبيثه.
· له وظائف متعلقه بالتكاثر بالنسبه للأنسان والحيوان.
· ينشط مضادات الاكسده في داخل الخلايا.
· وهو بذالك يعطي حمايه نوعيه للخليه من التسرطن.


تأثير موجات الهاتف النقال على هذا الهرمون:



في عام 1998 م تم نشر نتيجه تجربه علميه قام بها كلا
من د/باربر و د/ ليل و د/روز أثبتت ان التعرض لموجات الميكروويف بتردد 60 هيرتز فقط يقلل افراز هرمون الميلاتونين بنسبه 46 في المائه.
وتم تأكيد هذه النتائج سنه 2002 م بواسطه د/نيل.







العلاقه بين موجات الهاتف النقال والشيخوخه المبكره:


اتفق الباحثون على ان الاستعمال المتكرر الغزير للمحمول قد يؤدي الى حدوث ما يعرف بالشيخوخه المبكره "
Premature ageing"
و للدلاله على ذلك تم اجراء دراسه علميه في بريطانيا بجامعه نوتنجهام قسم
مدرسه العلوم البيولوجيه . اوضحت ان الاستعمال الغزير للمحمول لايعطي وقتا
للخلايا لاصلاح ما حدث بها من كسور وخلل وبالاخص التهتكات التي حصلت للحمض
النووي وهذه الاصلاحات تتم تلقائيا فيما يسمى ب"عمليه الاصلاح الطبيعي
Natural rapair process".
وقال الدكتور /ديفيد دي بوميراي . رئيس الفريق ان هذه الخلايا تفقد قدرتها على اصلاح نفسها وهذا يمكن وقوعه في حاله استعمال الهاتف النقال بغزاره.
بالنسبه
للدراسات على الحيوانات فقد وجد ان الديدان قد قصرت اعمارها عندما تعرضت
لموجات كهرومغناطيسيه وان ذلك وارد الحوث في الانسان.






بعض التجارب المعمليه لتاثير الموجات على خصوبه


الفئران:


في سنه
1997م قام الدكتور /مجراس وزميله الدكتور / زينوس
بتعريض خصيتي فأر لموجات شبيهه بموجات الهاتف النقال (900 ميجا هيرتز
المحوله الى 8 هيرتز) في تجربه اثبتت انه حصل نقص في خصوبه ذكر الفأر في
صوره ضمور حصل في انابيب الخصيتين "
Seminiferous tubules"
وتم تأكيد ذلك سنه 1998م في تجربه قام بها د/ كيلاري وزميله اثبتت ان اعداد الحيوانات المنويه في الفأر انخفضت بنسبه لها دلاله احصائيه.






الحاجز الدموي للمخ "blood-brain barrier" وموجات


الهاتف النقال:



يوجد

للمخ قدره على التحكم في نفاذيه المواد منه واليه حيث اانه يسمح بمرور
الاكسجين والمواد الغذائيه وبعض المواد الاخرى ويمنع مرور المواد الضاره
اليه, وهذا النظام يعرف بالحاجز الدموي المخي.
في بحث اجري عام 1994م بواسطه الدكتور / سالفورد وفريقه وجدوا ان ماده الالبيومن "
Albumin" قد زاد تركيزها في المخ بعد التعرض لموجات الميكروويف بجرعه 0.016/ كجم . علما بأن هذه النسبه اقل من جرعه الهاتف النقال.
وقد
تم تأكيد هذه التجربه بواسطه تجربه اخرى لنفس الباحث سنه 1999م اثبت ان
التعرض الى موجات الهاتف النقال بتردد 8 هيرتز ادى الى تغيرات في الحاجز
المخي الدموي.


صوره توضيحيه للشعيرات الدمويه ومعنى الحاجز الدموي للمخ.







بعض النصائح الصحيه اللازمه عند استخدام الهاتف النقال:

1-حاول بقدر الامكان اجتناب حمل الجهاز ملاصقا للجسم وبالاخص قريبا من القلب حيث انه يعتبر حساس
للموجات الصادره عن الهاتف النقال. ينبغي حمل التليفون في حقيبه يدويه بعيده عن الجسم"ما لايقل عن 50 سم"
2-حاول تقليل وقت المكالمه الى اقصر وقت ( من تقارير منظمه الصحه العالميه لسنه 1999م).
لاينبغي استعمال الهاتف النقال في الدردشه او المكالمات الطويله. يستحب ان
لا تزيد مده المكالمه عن دقيقه واحده على اكثر احتمال وان لاتزيد عدد
المكالمات في خلال اليوم عن ثلاثه مكالمات, وينبغي غلق الجهاز عندم النوم.



3- حاول
زياده المسافه الفاصله بين هوائي الهاتف النقال والاذن "مسافه لاتقل عن 2
سم حسب تقارير منظمه الصحه العالميه" فأن ذلك يقلل من خطوره الاشعاع
بمقدار السدس واذا زادت المسافه الى 20 سم تقل الخطوره الى 1/64.




4- استخدم السماعه الملحقه بالجهاز بصفه دائمه فان ذلك يقلل الى حد كبير خطوره الموجات المنبعثه."من
بحث منشور سنه 1997م للدكتور هيز وفريقه"






5- على مرضى القلب والمصابون بارتفاع ضغط الدم,والصرع,وضعف المناعه,والصرع والمرضى النفسيين



الذين يتناولون علاجا كيميائيا "Psychoactive Drugs" تجنب استعمال الهاتف النقال بصفه نهائيه نظرا لتأثيرالموجات على العلاج"من بحث منشور د.يوبيسير سنه 1999م"






6- حسب نقرير منظمه الصحه العالميه لسنه 1999م يمنع الاطفال ممن هم اقل من سن البلوغ من الاستعمال المفتوح للمحمول وذلك لان الاطفال اكثر عرضه للمخاطر المحتمله.












7- يحظر
على المرأه الحامل وضع الهاتف النقال بالقرب من الرحم وبالذات خلال الاشهر
الثلاث الاولى من الحمل نظرا لخطوره الموجات المنبعثه على خلايا الجنين.





8- يجب
اغلاق اجهزه الهاتف النقال في داخل المستشفيات لان الموجات المنبعثه تؤثر
على بعض الاجهزه الطبيه مثل اجهزه تنظيم ضربات القلب واجهزه
السمع......الخ.







9- تجنب استخدام الهاتف النقال تماما اثناء القياده وفي حلات الضروره القصوى استعمل السماعه حتى لاتعوق استخدام اليدين اثناء القياده.


10- تجنب تقريب الهاتف النقال منك اثناء الرنين لانه يؤثر بشده على السمع.



11- تجنب
القاء بطاريه الهاتف النقال الفارغه في صندوق النفايات لانها تحتوي على
الزئبق الملوث للبيئه وانما سلمها للبائع الذي يسلمها للشركه المنتجه
التي تتولى التخلص منها.
12- يمنع على الجمهور منعا باتا الاقتراب من الهوائيات فوق اسطح العمارات مسافه تقل عن 6 امتار. صوره متكرره للهوائيات وسط الاماكن السكانيه مشهد في غايه الخطوره.







مفاعل نووي صغير

ترك اجهزة الموبايل مفتوحة في غرف النوم يسبب الارق

والافراط في استخدامها يؤدي الى تلف في الدماغ وضعف القلب




حذر مخترع رقائق الهاتف المحمول عالم الكيمياء الالماني فرايدلهايم
فولنهورست من مخاطر ترك اجهزة الموبايـل مفتوحة في غرف النوم علي الدماغ
البشري , وقال في لقاء خاص معه في ميونيخ , ان ابقاء تلك الاجهزة او اية
اجهزة ارسال او استقبال فضائي في غرف النوم يسبب حالة من الارق والقلق
وانعدام النوم وتلف في الدماغ مما يؤدي علي المدي الطويل الي
تدميـرجهـازالمنـاعـة في الجسم .

واكد في تصريح صحفي انه توجد قيمتان لتردد الإشعاعات المنبعثة من الموبايل
, الأولي 900 ميجا هرتز والثانية 1.8 ميجا هرتز مما يعرض الجسم البشري الي
مخاطر عديدة مشيرا الي محطات تقوية الهاتف المحمول تعادل في قوتها
الاشعاعات الناجمة عن مفاعل نووي صغير , كما ان الترددات الكهرومغناطيسية
الناتجة من الموبايل اقوي من الاشعة السينية التي تخترق كافة اعضاء الجسم
والمعروفة باشعة " اكس " .

واشار العالم الكيميائي الالماني الذي يعيش وحيدا في شقته بميونيخ ان
الموبايل يمكن أن تنبعث من المحمول طاقة أعلي من المسموح به لأنسجة الرأس
عند كل نبضة يرسلها , حيث ينبعث من التليفون المحمول الرقمي أشعة
كهرومغناطيسية ترددها 900 ميجا هرتز علي نبضات ويصل زمن النبضة الي 546
ميكرو ثانية ومعدل تكرار النبضة 215 هرتز .



واشار بهذا الصدد الي العديد من الظواهر المرضية التي يعاني منها غالبية
مستخدمي الموبايل مثل الصداع وألم وضعف الذاكرة والارق والقلق اثناء النوم
وطنين في الأذن ليلاً كما أن التعرض لجرعات زائدة من هذه الموجات
الكهرومغناطيسية يمكن أن يلحق أضرارا بمخ الإنسان . وفسر طنين الاذن بانه
ناتج عن طاقة زائدة في الجسم البشري وصلت اليه عن طريق التعرض الي المزيد
من الموجات الكهرومغناطيسية .



وقال البروفيسور الذي اخترع رقائق الموبايل اثناء عمله في شركة سيمنس
الالمانية للالكترونيات , ان إشعاعات الهاتف المحمول تضرب خلايا المخ
بحوالي 215 مرة كل ثانية مما ينجم عنه ارتفاع نسبـــــــــة التحول
السرطاني بالجسم 4% عن المعدل الطبيعي .

وحسب منظمة الصحة العالمية فأنه يوجد علي مستوي العالم حوالي 400 مليون تليفون

محمول "موبايل" ويحتمل أن يصل هذا العدد إلي مليار.

واكد عالم الكيمياء فولنهورست الذي نجح ايضا في زيادة سعة رقائق
المعلوماتية الي من واحد الي اربعة غيغابايت واحدث ثوره في صناعة تقنية
المعلومات انه تعرض لمرض سرطان العظام اثناء عمله في هذه الصناعة البالغة
الدقة .

واشار الي انه اضطر للتقاعد والبدء في علاج نفسه بنفسه من سرطان العظام
باستخدام مواد طبيعية مثل بذور المانجو المجففة والثوم المجفف اشار الي
أنه يوجد تأثير ضار علي الصحة العامة في حالة تجاوز حد الأمان طبقاً
للمعايير المعتمدة دولياً لاستخدام المحمول أوصت بإجراء المزيد من
الدراسات لمعرفة إذا كانت هناك تأثيرات ضارة أكثر عند استخدام هذا
التليفون علي المدي الطويل حيث ان القصور في معرفة هذه التأثيرات يؤدي إلي
نتائج خطيرة .

وقال البروفيسور الالماني أن مرض السرطان في الإنسان البالغ والناتج من
تأثير مخاطر البيئة لا يمكن اكتشافه إلا بعد مرور أكثر من عشر سنوات منذ
بداية التعرض ولذلك لابد من ضرورة تنفيذ الدراسات والأبحاث علي المدي
الطويل.

واشار الي ان الاتحاد الاوروبي شرع في اجراء دراسة حول اثار الموبايل علي
الصحة العامة نظرا لأن الشركات التي تنتج وتسوق المحمول لا تعطي أية
بيانات عن تأثيراته عند استخدامه خلال فترات طويلة لأن هذه الدراسات لم
تجر من قبل نظراً لحداثة استخدامه .

غير انه قال انه عادة ما تتحول في جسم الإنسان بعض الخلايا العادية إلي
خلايا سرطانية ولكن يقوم الجهاز المناعي في الجسم إذا كان سليماً بالتخلص
منها وجد أنه عند تعرض خلايا المخ إلي الإشعاعات المنبعثة من الموبايل
فإنه ترتفع نسبة التحول السرطاني في الخلايا من 5% إلي 59% .

واكد انه لم يستخدم الهاتف المحمول في حياته لمعرفته بمخاطره علي الانسان
وقال انه يرفض استخدام اية اجهزة الكترونية في منزله مثل التلفزيون او
الكمبيوتر او الانترنيت نظرا لخطورتها علي الصحة علي المدي الطويل ودعا
الي إبعاد الهاتف المحمول عن غرف النوم او اغلاقة بالكامل بعد الانتهاء من
العمل لتقليل وقت التواجد معه في حيز مغلق لأن تأثيرات الإشعاع تزداد علي
الشخص النائم وخاصة العين والنشاط الكهربي للمخ.

وحذر عالم الكيمياء الالماني في ختام الحوار الذي اجري معه بمقر جمعية
الصداقة البافارية العربية في ميونيخ , حذر من خطورة اجهزة الموبايل او
الالكترونيات عموما علي صحة الأطفال ، وعلى أجهزة الجسم الحساسة بالنسبة
للكبار ، كالمخ والقلب , وقال ان التقنيات الحديثة هي سبب رئيسي في ارتفاع
معدلات الامراض الاكثر شيوعا في الدول المتقدمة .











رد مع اقتباس
قديم 2011-12-10, 15:56   رقم المشاركة : 1455
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hafid14 مشاهدة المشاركة
الإسم : hafid14
الطلب: بحث حول التأمين التعاوني و التأمين الإجتماعي
المستوى: السنة الثالثة تأمينات
اجل التسليم : قريبا





  1. [PDF] بحث في التأمين - الشيخ الدكتور يوسف الشبيلي



    نوع الملف: PDF/Adobe Acrobat
    ﺛﺎﺑﺖ ﻳﻜﻮن اﻟﻤﺆﻣﻦ ﻟﻪ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻦ اﻟﺬي ﻳﺴﻌﻰ داﺋﻤﺎ إﻟﻲ اﻟﺮﺑﺢ، ﺑﺨﻼف اﻟﺘﺄﻣﻴﻦ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻲ اﻟﺬي ﻻ ... واﻟﺘﺄﻣﻴﻦ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ هﻮ ﻣﺎ آﺎن اﻟﻐﺮض ﻣﻨﻪ ﺗﺄﻣﻴﻦ اﻷﻓﺮاد اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺘﻤﺪون ﻓﻲ ﻣﻌﺎﺷ .... وﺑﻌﺪ ﺗﻌﻤﻖ اﻟﺒﺤﺚ ﻓ ﻲ ﺳ ﺎﺋﺮ ﺻ ﻮرﻩ وأﻧﻮا ...









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
المستطاع, اوامر, تريدونه, تقدر, طلباتكم


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 20:00

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc