*«•¨*•.¸¸.»منتدى طلبة اللغة العربية و آدابها «•¨*•.¸¸.»* - الصفحة 15 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > منتدى العلوم الإجتماعية و الانسانية > قسم الآدب و اللغات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

*«•¨*•.¸¸.»منتدى طلبة اللغة العربية و آدابها «•¨*•.¸¸.»*

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-01-24, 14:35   رقم المشاركة : 211
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي


4- سيميولوجــــيا الدلالــــــة: يعتبر رولان بارت خير من يمثل هذا الاتجاه، لأن البحث السيميولوجي لديه هو دراسة الأنظمة والأنسقة الدالة. فجميع الوقائع والأشكال الرمزية والأنظمة اللغوية تدل. فهناك من يدل باللغة وهناك من يدل بدون اللغة المعهودة، بيد أن لها لغة خاصة. ومادامت الأنساق والوقائع كلها دالة، فلا عيب من تطبيق المقاييس اللسانية على الوقائع غير اللفظية أي الأنظمة السيميوطيقية غير اللسانية لبناء الطرح الدلالي. وقد انتقد بارت في كتابه " عناصر السيميولوجيا" الأطروحة السوسسيرية التي تدعو إلى إدماج اللسانيات في السيميولوجيا مبينا بأن" اللسانيات ليست فرعا ، ولو كان مميزا، من علم الدلائل، بل السيميولوجيا هي التي تشكل فرعا من اللسانيات".




وبالتالي، تجاوز رولان بارت تصور الوظيفيين الذين ربطوا بين العلامات والمقصدية، وأكد وجود أنساق غير لفظية حيث التواصل غير إرادي، ولكن البعد الدلالي موجود بدرجة كبيرة. وتعتبر اللغة الوسيلة الوحيدة التي تجعل هذه الأنساق والأشياء غير اللفظية دالة. حيث "إن كل المجالات المعرفية ذات العمق السوسيولوجي الحقيقي تفرض علينا مواجهة اللغة، ذلك أن " الأشياء" تحمل دلالات. غير أنه ما كان لها أن تكون أنساقا سيميولوجية أو أنساقا دالة لولا تدخل اللغة ولولا امتزاجها باللغة. فهي، إذاً، تكتسب صفة النسق السيميولوجي من اللغة. وهذا مادفع ببارت إلى أن يرى أنه من الصعب جدا تصور إمكان وجود مدلولات نسق صور أو أشياء خارج اللغة، فلا وجود لمعنى إلا لما هو مسمى، وعالم المدلولات ليس سوى عالم اللغة".




أما عناصر سيمياء الدلالة لدى بارت فقد حددها في كتابه" عناصر السيميولوجيا" ، وهي مستقاة على شكل ثنائيات من الألسنية البنيوية وهي: اللغة والكلام، والدال والمدلول، والمركب والنظام، والتقرير والإيحاء( الدلالة الذاتية والدلالة الإيحائية). وهكذا حاول رولان بارت التسلح باللسانيات لمقاربة الظواهر السيميولوجية كأنظمة الموضة والأساطير والإشهار… الخ ويعني هذا أن رولان بارت عندما يدرس الموضة مثلا يطبق عليها المقاربة اللسانية تفكيكا وتركيبا من خلال استقراء معاني الموضة ودلالات الأزياء وتعيين وحداتها الدالة ومقصدياتها الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والثقافية. ونفس الشيء في قراءته للطبخ والصور الفوتوغرافية والإشهار واللوحات البصرية.




ويمكن إدراج المدارس السيميائية النصية التطبيقية التي تقارب الإبداع الأدبي والفني ضمن سيميولوجيا الدلالة، بينما سيميوطيقا الثقافة التي تبحث عن القصدية والوظيفة داخل الظواهر الثقافية والإثنية البشرية يمكن إدراجها ضمن سيميولوجيا التواصل. ولتبسيط سيميولوجيا الدلالة نقول: إن أزياء الموضة وحدات دالة إذ يمكن أثناء دراسة الألوان والأشكال لسانيا أن نبحث عن دلالاتها الاجتماعية والطبقية والنفسية. كما ينبغي البحث أثناء تحليلنا للنصوص الشعرية عن دلالات الرموز والأساطير ومعاني البحور الشعرية الموظفة ودلالات تشغيل معجم التصوف أو الطبيعة أو أي معجم آخر.









 


رد مع اقتباس
قديم 2013-01-24, 14:36   رقم المشاركة : 212
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي


خاتمــــة:




يتبين لنا من خلال هذا العرض الوجيز أن السيميولوجيا باعتبارها علما للأنظمة اللغوية وغير اللغوية قسمان: سيميولوجيا تهدف إلى الإبلاغ والتواصل من خلال ربط الدليل بالمدلول والوظيفة القصدية. أما سيميولوجيا الدلالة فتربط الدليل بالمدلول أو المعنى. وبعبارة أخرى إن سيميولوجيا الدلالة ثنائية العناصر( ترتكز العلامة على دليل و مدلول أو دلالة)، بينما سيميولوجيا التواصل ثلاثية العناصر( تنبني العلامة على دليل و مدلول ووظيفة قصدية). وإذا كان السيميوطيقيون النصيون يبحثون عن الدلالة والمعنى داخل النص الأدبي والفني، فإن علماء سيميوطيقا الثقافة يبحثون عن المقصديات والوظائف المباشرة وغير المباشرة.










رد مع اقتباس
قديم 2013-01-29, 16:38   رقم المشاركة : 213
معلومات العضو
rimel rimoucha
عضو جديد
 
الصورة الرمزية rimel rimoucha
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

احتاج خاطرة تبين عظمة الخالق ومدى قداسة وعظمة مختوقاته










رد مع اقتباس
قديم 2013-01-31, 01:40   رقم المشاركة : 214
معلومات العضو
omarzant
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

قصيدة مؤثرة للشيخ محمد حسان تبين عظمة الخالق


لله في الآفاق آيات لعلّ أقلها هو ما إليه هداك

و لعل ما في النفس من آياته عجب عجاب لو ترى عيناك

و الكون مشحون بأسرار إذا حاولت تفسيرًا لها أعياك

قل للطبيب تخطفته يد الردى: من يا طبيب بـطـبّه أرداك ؟

قل للمريض نجا و عوفيّ بعدما عجزت فنون الطب: من عافاك ؟

قل للصحيح يموت لا من علة: من بالمنايـا يـا صحيح دهاك ؟

قل للبصير و كان يحذر حفرة، فهوى بها: من ذا الذي أهواك ؟

بل سائل الأعمى خطا بين الزحام بلا اصطدام: من يـقود خطاك ؟

قل للجنين يعيش معزولا بلا راع و مرعى: ما الذي يرعاك ؟

قل للوليد بكى و أجهش بالبكاء لدى الولادة: ما الذي أبكاك ؟

و إذا ترى الثعبان ينفث سمه فسأله: من ذا بالسموم حشاك ؟

و اسأله: كيف تعيش يا ثعبان أو تحيا و هذا السم يملأ فاك ؟

و اسأل بطون النحل كيف تقاطرت شهدا… و قل للشهد: من حلّـاك ؟

بل سائل اللبن المصفى كان بين دم و فرث: ما الذي صفّاك ؟

و إذا رأيت الحيّ يخرج من حنايا ميت فسأله: من يا حيّ قد أحياك ؟

قل للنبات، يجف بعد تعهد و رعاية: من بالجفاف رماك ؟

و إذا رأيت النبت في الصحراء يربو وحده فسأله: من أرباك ؟

و إذا رأيت البدر يسرى ناشرا أنواره فسأله: من أسراك ؟

و اسأل شعاع الشمس يدنو، و هي أبعد كل شيء: ما الذي أدناك ؟

قل للمرير من الثمار: من الذي بالمر من دون الثمار غذاك ؟

و إذا رأيت النخل مشقوق النوى فسأله: من يا نخل شق نواك ؟

و إذا رأيت النار شبّ لهيبها فسأل لهيب النار: من أوراك ؟

و إذا ترى الجبل الأشمّ مناطحا قمم السحاب فسله : من أرساك ؟

و إذا ترى صخرا تفجر بالمياه فسله: من بالماء شق صفاك ؟

و إذا رأيت النهر بالعذب الزلال سرى فسله: من الذي أجراك ؟

و إذا رأيت البحر بالملح الأجاج طغى فسله : من الذي أطغاك ؟

و إذا رأيت الليل يغشى داجيا فسأله: من يا ليل حاك دجاك ؟

و إذا رأيت الصبح يسفر ضاحيا فسأله: من يا صبح صاغ ضحاك ؟

ستجيب ما في الكون من آياته عجب عجاب لو ترى عيناك

ربى لك الحمد العظيم لذاتك… حمدا… و ليس لواحد إلاك

يا مدرك الأبصار و الأبصار لا تدرى لَهُ و لِـكُنهِ إدراكا

إن لم تكن عيني تراك فإنني في كل شئ أستبين علاك

و أرى مُنبِتَ الأزهار عاطرة الشذى … ما خاب يوما من دعا و رجاك

يا مجرى الأنهار عاذبة الندى: ما خاب يوما من دعا و رجاك

يا أيها الإنسان : مهلا ما الذي بالله جلّ جلاله أغراك ؟؟؟










رد مع اقتباس
قديم 2013-01-31, 01:41   رقم المشاركة : 215
معلومات العضو
omarzant
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

قصيدة جميلة في عظمة الخالق سبحانة

رائعة شعريه للشاعر:
"إبراهيم علي بديوي

لله في الآفاق آيات لعـــل * * * أقلهـــا هو ما إليه هداكا
ولعل ما في النفس من آياته * * * عجبٌ عجابٌ لو ترى عيناكا
والكون مشحون بأسرار إذا * * * حاولت تفسيراً لهــا أعياكا
قل للطبيب تخطفته يد الردى * * * من يا طبيـــب بطبه ارداكا
قل للمريض نجا وعوفي بعدما * * * عجزت فنـون الطب من عافاكا
قل للصحيح يموت لا من علة * * * من بالمنـــايا ياصحيح دهاكا
قل للبصير وكان يحذر حفرة * * * فهــوى بها من ذا الذي أهواكا
بل سآئل الأعمى مشى بين الزحـ * * * ـام بلا إصطدام من يقود خطاكا
قل للجنين يعيش معزولا بلا * * * راع ومرعى مالذي يرعاكا
قل للوليد بكى وأجهش بالبكا * * * عند الولادة مالذي أبكاكا
وإذا ترى الثعبان ينفث سمه * * * فاسأله من ذا بالسموم حشاكا
واسأله كيف تعيش يا ثعبان أو * * * تحيا وهذا السم يملأ فاكا
واسأل بطون النحل كيف تقاطرت * * * شهداً وقل للشهد من حلاكا
بل سائل اللبن المصفى كان بين * * * دم وفرث مالذي صفاكا
وإذا رأيت الحي يخرج من حنايا * * * ميت فاسأله من يا حي قد أحياكا
قل للنبات يجف بعد تعهــد * * * ورعايـــــة من بالجفاف رماكا
وإذا رأيت النبت في الصحراء يربو * * * وحده فاساله من أرباكا
وإذا رايت البدر يسري ناشراً * * * أنواره فاساله من أسراكا
واسأل شعاع الشمس يدنو وهي * * * أبعد كل شيء مالذي أدناكا
قل للمرير من الثمار من الذي * * * بالمر من دون الثمار غذاكا
وإذا رأيت النخل مشقوق النوى * * * فاسأله من يانخل شق نواكا
وإذا رأيت النار شب لهيبها * * * فاسأل لهيب النار من أوراكا
وإذا ترى الجبل الأشم مناطحا * * * قمم السحاب فسله من أرساكا
وإذا ترى صخرا تفجر بالمياه * * * فسله من بالماء شق صفاكا
وإذا رأيت النهر بالعذب الزلال * * * سرى فسله من الذي أجراكا
وإذا رايت البحر بالماء الأجاج * * * طغى فسله من الذي اطغاكا
وإذا رأيت الليل يغشى داجياً * * * فاسأله من ياليل حاك دجاكا
وإذا رأيت الصبح يسفر ضاحكاً * * * فاسأله من يا صبح صاغ ضحاكا
ستجيب ما في الكون من آياته * * * عجبٌ عجابٌ لوترى عيناكا
ربي لك الحمد العظيم لذاتك * * * حمداً وليس لواحد إلاكا
يا منبت الأزهار عاطرة الشذى * * * ما خاب يوماً من دعا ورجاكا
يا مجري النهار عاذبة الندى * * * ما خاب يوماً من دعا ورجاكا
يا أيها الإنسان مهلاً مالذي * * * بالله جل جلاله أغراكا










رد مع اقتباس
قديم 2013-02-01, 20:30   رقم المشاركة : 216
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

هذا ملخص لرواية ريح الجنوب لعبد الحميد بن هدوقة تتبعه دراسة حول البينة الدالة في الرواية وجدتها في احد المنتديات فاحببت نقلها اليكم




لقد شهد الأدب الجزائري محاولات قصصية مطولة تنحو منحى روائيا ، وأول عمل من هذا النوع كتبه صاحبه سنة 1849 وهو "حكاية العشاق في الحب والاشتياق" لمحمد بن إبراهيم المدعو الأمير مصطفى ، ثم تبعته محاولات أخرى مثل "غادة أم القرى" لأحمد رضا حوحو، "الطالب المنكوب" لعبد المجيد الشافعي ، " الحريق" لنور الدين بوجدرة ... (1) .

إلا أن النشأة الجادة لرواية فنية ناضجة ارتبطت برواية "ريح الجنوب" ، وقد كتبها عبد الحميد بن هدوقـة في فترة كان فيها الحديث جديا عن الثورة الزراعية فأنجزها في 5/11/1970 ، ثم كان التطبيق الفعلي لهذا المشروع في 8/11/1971 ، فدشن الرئيس هواري بومدين أول تعاونية للثورة الزراعية في قرية خميس الخشنة في 17/06/1972 ، ثم دشنت بعد ذلك أول قرية اشتراكية في عين نحالة بتاريخ 17/06/1975 (2) .

تنطلق الرواية في صباح يوم الجمعة ، - وهو يوم سوق أين يستعد عابـد بن القاضي للذهاب إلى السوق مع ابنه عبد القادر ، فيقف قرب الدار متأملا أراضيه وقطيع الغنم الذي يقوده الراعي رابح ، وعلى صدره هم ينغص راحة باله ، ذلك أن هناك إشاعات بدأت تروج منذ صدور القرارات المتعلقة بالتسيير الذاتي حول الإصلاح الزراعي ، ثم خطرت بباله فكـرة بعثت في نفسه السرور حين نظر من الخارج إلى غرفة ابنته نفيسة ، يتلخص مضمونها في تزويج ابنته إلى مالك شيخ البلدية والذي يقوم بتأميم الأراضي ، في ذلك الوقت كانت نفيسـة داخل غرفتها تعاني الضيق و الشعور بالضجر تقول أكاد أتفجر، أكاد أتفجر في هذه الصحراء (3) ، ثم تضيـف " كل الطلبة يفرحون بعطلهم ، أما أنا فعطلتي أقضيها في منفى " (4) ، و فجأة تهدأ نفيسة من حالة الاضطراب ، عندما تسمع صوت أنغام حزينة كان يعزفها الراعي رابح ، فتطرب ولا يخرجها من ذلك إلا صوت العجوز رحمة منادية على أخيها عبد القادر من بعيد ، معلنة عن قدومها ، كي تذهب مع خيرة والدة نفيسة- إلى المقبرة ، فترغب هذه الأخيرة في الذهاب معهما " أرغب في ذلك يا خالة ! أود أن أرى الدنيا ، إنني اختنقت في هذا السجن" (5) .

بعد أيام تحتفل القرية بتدشين مقبرة لأبناء الشهداء الذين سقطوا أيام حرب التحرير، فيستقبل عابد بن القاضي أهل القرية في بيتـه رغبة منه في التأثير في مالك و إعادة ربط ما بينهما من صلات قديمـة فمالك كان خطيب زليخـة – ابنة عابد بن القاضي- والتي استشهدت أيام الثورة ، حين أعد مالك ورفاقـه من المجاهدين لغما كان من المفترض أن يستهدف قطارا عسكريا ، لكنه خطأ استهدف قطارا مدنيا كانت زليخة من ركابه ، مما أثار غيظ ابن القاضي فوشى بالمجموعة لقوات الاحتلال ، فأثر ذلك في نفس مالك و أصبح يتهرب منه ، وفي هذا اليوم يوم الاحتفال يدعو عابد بن القاضي مالكا لرؤية زوجته خيرة ، لأنها ترجو ذلك منه ، فيقبل دعوتها، وعندما يدخل الغرفة ما إن يقع نظره على نفيسة حتى يبهت لما رأى ، فهي شديدة الشبـه بأختها وخطيبته السابقة زليخة .

ويسعى عابد بن القاضي لإشاعة خبر خطوبة مالك لابنته نفيسة على الرغم من تحفظ مالك ، فتعلن خيرة هذا الخبر لابنتها فترفض بشدة لأنها لا ترغب بالبقاء في القرية ، كما انه لا تريد الزواج بشخص يكبرها سنا ولا تعرفه جيدا وحين يصر الأب على قراره وتفشل في صده ، تستنجد بخالتها التي تسكن في الجزائر فتكتب لها رسالة ، تطلب من رابح أن يحملها إلى القرية المركزية ويضعها في البريد ، فيعجب بها رابح لأنها تكلمت معه بلطف ، وظنها معجبة به ، فقرر زيارتها ليلا، وبالفعل يقوم بذلك، وعندما تجده فجأة أمام سريرها تدفعه وتشتمه: " أخرج من هنا أيها المجرم ! ، أيها القذر أيها الراعي القذر " (6) ، فخرج مطأطأ رأسه حزينا ، وبقيت تلك الكلمة المؤلمة تدوي في سمعه " أيها الراعي القذر " ، ومن يومها يقرر ترك الرعي ويشتغل حطابا.

تمر الأيام ولا يزال الأب مصمما على تزويج ابنتـه لمالك ، فتفكر طويلا في حل لمشكلتـها ، فتفكـر في إدعاء الجنون ثم الانتحار ، وأخيرا يقـع اختيـارها على حل نهائي وهو " الفرار" ، فتضع خطة محكمة للهروب ، وتقرر تنفيذ خطتها يوم الجمعة لأن الرجال يتوجهون إلى السوق بينما النساء يتوجهن إلى المقبرة ، فتخرج متنكرة مرتدية برنس والدها حتى لا يعرفها أحد ، فتتجه إلى المحطة عبر طريق ذا طابع غابي فتظل ويلدغها ثعبان ، فيغمى عليها، ويصادف أن يجدها رابح – الذي أصبح حطابا- فيتعرف عليها ، و يعود بها إلى بيته أين يعيش مع أمه البكماء ، ولا يطلع والدها لأنها لا تريد العودة " دار أبي لن أعود إليها أبدا " (7) ، لكن الخبر يشيع في القرية فيعلم والـدها ، ويعزم على ذبح رابح ، فينطلق إلى بيته ، ويهجم عليـه بقوة شاهرا " موسه البوسعادي " فتنهار قوى رابح ، فتسرع أمه إلى فأس ضاربة عابد بن القاضي على رأسه فتنفجر الدماء من رأسه ومن عنق رابح ، فتنصرف الأم مسعفـة ابنها و البنت مسعفة أباهـا ، ثم قامت الأم ودفعت نفيسة إلى خارج البيت وبدأت تصرخ ، فأقبل الناس فزعين ، واتجهت نفيسة راجعة إلى بيت أبيها، بعد أن فشلت محاولتها في الهرب.


(1) ينظر عمر بن قينة ، في الأدب الجزائري الحديث ، ص 197/198

(2) ينظر عمر بن قينة ، الأدب العربي الحديث ، شركة دار الأمة للطباعة والنشر والتوزيع ، الجزائر ، ط1 ،1999 ص 168

(3) عبد الحميد بن هدوقة ، ريح الجنوب ، المؤسسة الوطنية للكتاب ، الجزائر ، ط5 ، ص10

(4) عبد الحميد بن هدوقة ، ريح الجنوب ، ص10

(5) المصدر السابق ، ص20

(6) عبد الحميد بن هدوقة ، ريح الجنوب ، ص108

(7) المصدر السابق ، ص246















رد مع اقتباس
قديم 2013-02-14, 00:26   رقم المشاركة : 217
معلومات العضو
DJAMEL.DZ17
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي طريقة حساب معدل السداسي للسنة الأول لغة و أدب عربي

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
نشكر القائمين على على قسم اللغة العربية وخاصة صاحبة النشاط ذو العزف المنفرد """ دلال""""
شكرا جزيلا على الخدمة الجليلة
وبقي أن أسالك عن كيفية حساب المعدل للسداسي الأول سنة أولى تخصص لغة وأدب عربي
المطلوب:
1- ماهي وحدات السداسي الأول؟
2- و ما هومعامل كل مادة؟
3-وكيف يحسب المعدل؟










رد مع اقتباس
قديم 2013-02-15, 20:52   رقم المشاركة : 218
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة djamel.dz17 مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
نشكر القائمين على على قسم اللغة العربية وخاصة صاحبة النشاط ذو العزف المنفرد """ دلال""""
شكرا جزيلا على الخدمة الجليلة
وبقي أن أسالك عن كيفية حساب المعدل للسداسي الأول سنة أولى تخصص لغة وأدب عربي
المطلوب:
1- ماهي وحدات السداسي الأول؟
2- و ما هومعامل كل مادة؟
3-وكيف يحسب المعدل؟

انا درست كلاسيك اخي

ولا ادري صراحة ماهي وحدات السداسي الاول لديكم

لكن كنا نحسب المعدل وفق المعامل طبعا كل مادة لديها حصة نظرية وتطبيقية معاملها 2 والباقي 1

تضرب النقظة في المعدل وتقسم على مجموع المعاملات


هذا ما كنا نقوم به

موفق اخي









رد مع اقتباس
قديم 2013-02-15, 21:32   رقم المشاركة : 219
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










Icon24

السيميائية و السميولوجيا عند بيرس و دي سوسير


أجمع النقاد المحدثين على أنَ ( بيرس ) لم يلتقِِ ، أو لم يقرأ عن سوسير والعكس صحيح أيضاً ، إلاَ أنَ معطياتهما تكاد تكون متقاربة ومنسجمة في بعض المواضع ، فكلاهما أسس لعلم نقدي لغوي شامل ، وهو علم السيميائية ( Semiotique ) أو علم العلامات ، وكلاهما انطلق من تأسيس ذلك من خلال الحديث عن معطيات العلامة وتصنيفاتها ومداخلها ، وميادين تنظيرها وتطبيقها ، وكلاهما أسهم في إنعاش الحركة النقدية والمعرفية الأوربية ، وعُدت معطياتهما طرائق يُهتدى بها في السلوك التحليلي الفلسفي والنقدي واللغوي الحديث .
يُعدَ شارل ساندرس بيرس مؤسس المنهج الفلسفي الحديث البراغماتية ( Pragmatism ) أو ما يطلق عليــه : ( الذرائعية ، التداولية ) وهو منهج أكدته النتائج العلمية ، وراهنت على صحته المؤسسات البرجوازية ومفاده : أنَه ليس هناك معرفة أولية في العقل تُستنتج منها نتائج صحيحة ، بل الأمر كله مرهون بنتائج التجربة الفعلية العملية التي تحل للإنسان مشكلاته ، وأنَ الأفكار والنظريات والمعارف والنتائج تشكل بمجموعها وسائل وذرائع دائمة لبلوغ غايات جديدة ، وأنَ معيار صدق الأفكار والآراء هو في قيمة عواقبها العملية ، وأنَ الحقيقة وفقاً لهذا المنهج تُعرف بنجاحها ، وإن الإله ( موجود ) بقدر تعلق الأمر بانتظام المجتمع حسب ، وقد شارك بيرس في تأسيس تلك المعطيات : وليم جيمس (-1910) ، وجون ديوي (-1952) . ( ينظر : البراجماتزم أو مذهب الذرائع ، يعقوب فام ) .
ولقد أطلقت الدوائر الأوربية والأوساط السياسية شعارات ومناهج عمل انطلقت من مبادئ الذرائعية ، ومنها : ( الغاية تبرر الوسيلة ) ، و( الوقت هو المال ) … الخ ، وكان من نتائج ذلك تراجع القيمة الإنسانية ، وتعزيز القيمة الرأسمالية ، فضلاً عن انحسار الأخلاق أو اندحارها ، وكان لهذا السلوك الاجتماعي أثر كبير على مجمل المعطى النقدي والتحليلي .
وأسس بيرس أيضاً الخطوات المنهجية لدراسة العلامة وتقسيماتها وأهمية دراستها ، وتصنيف الحقول التي تسهم العلامة في الاشتغال فيها ، ويمكن القول أنَها تعمل بنشاط في كل ميادين الحياة المختلفة ، وتتسم خطوات بيرس هذه بميزتين


الأولى : أنَها تحليل فلسفي منطقــي .
الثانية : الإيغال في التقسيم والتفصيل .
فيما يتعلق بالنقطة الأولى اتسم تحليل بيرس للعلامات بوصفه تحليلاً فلسفياً منطقياً من حيث استخدام المصطلح الفلسفي ، ثم تصنيف العلامات وفقاً لذلك ، ولا غرابة في هذا لأن
(ش.س. بيرس ) هو فيلسوف ، واشتغاله في الميدان الفلسفي أوسع وأكبر من اشتغاله بالميدان النقدي ، أما فيما يتعلق بالميزة الثانية فقد كانت تقسيمات بيرس للعلامة وفروعها ، تقسيمات ثلاثية حتى قيل : " أن مزاج بيرس ثلاثي التفريع ، أما مزاج سوسير فثنائي التفريع " ( ينظر: بيرس أو سوسير ، جيرار لودال ، ت : عبد الرحمن بو علي ، مجلة العرب والفكر العالمي ، العدد 3 لسنة 1988 : 117 ) .
إنَ المفهوم الأساسيّ لسيميائية بيرس هو : الصيرورة الدلالية أي دلالة لا نهائية ( السيموزيس : Semiosis) التي يعمل بموجبها شيء ما بوصفه دليلاً ، وتحوي هذه الصيرورة على
عوامل ثلاثة : ( الممثل ، والموضوع ، والمؤول ) وهي أقسام العلامة كما صنفها بيرس ، والمهمة الأساسية ـ عنده ـ تكمن في تحليل اشتغال الدليل في الاستعمال الفردي للصيرورة بوصفهه ذات وظيفة دلائلية تواصلية ، وهذه الوظيفة هي خاصية جوهرية للغة محددة بقوانين القواعد ، والوحدات اللسانية ( ينظر : الاتجاهات السيميولوجية المعاصرة ، مارسيلو داسكال ، ت : حميد لحمداني وآخرون ) .
لقد استند التحليل السيميائي عند كل من بيرس وسوسير إلى ميراث فلسفي ينطلق من فجر الطرح الفلسفي مع اليونانيين : أفلاطون وأرسطو (-322 ق.م ) ، والرواقيين ( Stoics ) ، والشكيين ( Scepticum ) مروراً بأوغسطين (- 430 م ) وتوما الأكويني (- 1274 م ) وديكارت (- 1650م ) ، وهيجل (-1831م ) ، ولوك (- 1704 م ) وانتهاءً بأنجلز (- 1895 ) وماركس (-1883م ) ودوركايم ، وقد تحدث تودوروف بشكل مفصل عن ولادة السيميائية الغربية في كتابه : (Theories of the symbol , Tra : C. Porter : 19 ) ، وبيَـن أنَ مسيرة السيميائية ممتدة زمنياً ، ولا يمكن اختصارها ، فمعطياتها متشابكة ، وطرحها الفلسفي والنقدي يلفّ العالم أجمعه ، ويطمح إلى رسم فهم للوجود من خلال تفسير العلامات وتحليلها ، وبيان وظائفها وفاعليتها ومساهمتها في إنشاء التواصل بين مختلف الموجودات .
ومن هذا المنطلق توسعت مباحث السيميائية وشملت مختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بل وحتى النفسية ، ودخلت بشكل كبير ومباشر إلى المعطيات النقدية لما بعد البنيوية ، حتى عُدت ركناً مهماً من أركان التحليل النقدي لما بعد البنيوية ، وقد اتسمت مسيرة السيميائية بالتطور المتنامي المتسارع ، لأنَها شكلت الأداة والمنهجية الدقيقة في تفسير سلوك العلامات وبيان وظائف علاقاتها ، وهذه العلاقات تتسم بقدرتها على التوالد والاستمرار والصيرورة ، إذ بلغت السيميائية مكاناً متميزاً بين المناهج الفلسفية والنقدية العالمية المختلفة ، لقد ابتدأت من تحليل العلامة فقدمت تفسيراً للموجودات ، وفهماً لحركة العالم ، وشرحاً لأنظمة الكون ، وصيغاً لا نهائية لمشاريع مستقبلية تتخذ من سلطان العلامة إطاراً موسوعياً لإبداع رؤى جديدة .
إنَ تنوع الأبحاث السيميائية هو تنوع في أنساب الجوانب الفلسفية التي تريد فهم الموجودات ، والتواصل الحاصل فيها هو تواصل بين الوجود والموجود ، بين النظام والوظيفة ، بين الدلالة والسياق ، بين المادة والماهية ، بين فعل الخَلق وفعل الإنتاج ، إنَ مسيرة السيميائية هي مسيرة التسلسل المعرفي والنقدي الذي يقابل التأمل بالتحليل ، والنسق بالتأويل .
إنَ التحليل السيميائي عند بيرس وسوسير هو : عبارة عن بيان شبكة من العلاقات تستهدف دراسة أوجه النشاطات والفعاليات الإنسانية في مظاهرها الدالة ، ودلالاتها الممكنة ماضياً وحاضراً ومستقبلاً ، ويستهدف معرفة كيفية عمل الأنظمة الدلالية : ( اللسانية وغير اللسانية ) ، لذلك استخدمت المجاميع والمدارس النقدية المختلفة طرائق متباينة لاستعمال التحليل السيميائي ما بين تحليل سيميائي للتواصل ، وآخر للدلالة ، وللثقافة (ينظر: دروس في السيميائيات ، حنون مبارك : 100).
ويتضح الفرق النقدي بين معطيات سوسير عن السيميائية ، ومعطيات بيرس عنها بالنقاط الآتية :
1. إنطلاقة سوسير المنهجية كانت لغوية لسانية - الدال و المدلول- خصوصا ، أما بيرس فمنطلقه فلسفي منطقـي أي أن سيميولوجية سوسير لغوية جزئية و سيميائية بيرس كونية شاملة فهو يرى أن الكون رمز كبير و كل ماتحت قبة هذا الكون الفسيح رمز و أن العلم الوحيد الذي يدرس هذه الرموز هو علم السيميائيات.
2. العلامة عند سوسير ثنائية المبنى تتكون من دال ومدلول ، أي : تجمع بين الصورة العيانية والصورة الذهنية ولا تجمع بين الشيء ومسماه( الإعتباطية) ، في حين أنَ العلامة عند بيرس ثلاثية المبنى تتكون من الممثل (المحمول Interpretant)، والرابطة (الوسيلة Connective )، والموضوع (Object) وهي مبنية على قاعدة رياضية تقول: إنَ كل نظام لابد أن يكون ثلاثياً.
3. أكدَ سوسير بشكل كبير أهمية العلامة داخل نظامها في النص ، دون الارتباط بعالم المرجعية خارج النص ، ودرس اللغة من خلال وصفها نظاماً أجزاؤه مرتبطة فيما بينها، في حين أكدَ بيرس أهمية العلامة في علاقتها بعوالم ثلاثة : (عالم الممكنات ـ المقولة الأولانية ، وعالم الموجودات ـ المقولة الثانيانية ، وعالم الواجبات ـ المقولة الثالثانية) ، وقد استمد بيرس هذه المقولات من مقولات الظاهراتيــة : ( فلسفة الكائن ، ومقولة الوجود ، ومحاولة الفكر لتفسير الظواهر ). ( ينظر: ما هي السيميولوجيا ، برنـار توسان ، ت: محمد نظيف ) .
4. العلامة عند سوسير لغوية - حصراً - وتمتاز بكونها تباينية واعتباطية في علاقة دالها بمدلولها ، أما العلاقة عند بيرس فهي لغوية وغير لغوية .
5. تتحدد العلامة بعلاقة الدال والمدلول ، ويتحدد الرمز بعلاقة المرموز والمرموز له ، ولا تحوي العلامةُ الرمزَ عند سوسير ، أما عند بيرس فالعلامة تتحدد بعلاقةالحامل مع المحمول مع الموضوع ، فضلاً عن علاقة الآيقون والرمز والإشارة ، بمعنى أنَ العلامة عند بيرس تحوي الرمزَ ويشكل جزءاَ منها .
6. علامة سوسير هي أساس السيميولوجيا ( Semiology ) ، وتعدّ جزءاً من علم النفـس (Psychology ) ، أما علامة بيرس فهي أساس السيميوطيقا (Semiotic) ، وتعد جزءاً من علم المنطق ( Logicology ) و .


7. تشكل اللسانيات جزءاً من السيميائية عند سوسير لأن اللغة فعل سيميائي ، في حين تشكل المقولات الفلسفية عن الوجود والعالم صورة التحليل السيميائي عند بيرس .
إنَ السيميائية في معالجتها للعلامات المنبثقة من الأشيـاء والأفعال ، أعطت وحمَلت منهجية ما بعد البنيوية إمكانية السيطرة على الممارسات المعرفية ، من خلال امتلاك إدارة تأويل العلامة ، وتحديث صيغ دلالية يستدعي بعضها البعض من خلال عملية تحول دقيقة تجري بين نظاميّ : (العلامة / النسق ) ، و ( الناقد / المعنى ) ، فغاية الناقد ـ المُؤوِّل بشكل عام ـ تفسير العلامة المُتموضِعة في نسقها للوصول إلى المعنى ، في حين يسعى ناقد ما بعد البنيوية للوصول إلى اختلافات المعنى ، وعدم الاقتناع والتسليم بحدَ معين ، والغاية هي الدخول في لعبة يغيب فيها المدلول ، ويحيل فيها الدال إلى دوال أخرى ، وبهذا اتسم تحليل ما بعد البنيوية بصفة التحليل العدمي ، وبلا نهائية الدلالة ( الدلالة غير محدودة ) .
ومن النتائج المهمة الأخرى التي قدمتها السيميائية للمسار النقدي لما بعد البنيوية هو : ذوبان الإنسان ـ حسب كيلر ـ في سلسلة من الأنظمة ، ومعالجة الثقافات الإنسانية بوصفها علامات ، فضلاً عن دراسة المشاريع المعرفية المستقبلية بوصفها علامات أيضاً ، واكتشاف طبيعة الأبحاث والحقول المختلفة التي تجعل الاتصال الأدبي ممكناً ، وتمييز الاختلافات بين الخطاب الأدبي والخطاب اللاأدبي ، وإحالة الدلالة إلى أنَ الأشكال والمفاهيم لا توجد مستقلة ، بل إنَ دوالها ومدلولاتها هي كيانات علائقية ناتجة من نظم الاختلاف ، وبهذا يمكن للسيميائية أن تقدم فرعاً معرفياً تحليلياً يجمع في منظور شامل ، سلسلة كبيرة من الظواهر تستجيب للمعالجة بطريقة مشتركة عن طريق تفسير العلامات وتحليلها ، ولأجل ذلك كله وُصِفت السيميائية بكونها حركة إمبريالية ( Imperialism ) تتحرك فوق الميادين المعرفية في العلوم الاجتماعية والإنسانية. (ينظر: البحث عن الإشارات، جوناثان كيلر، ت: محمد درويش ، مجلة الرواد ، العدد 1 لسنة 1998 :79 ) .
أما على صعيد تأثير بيرس وسوسير في المدارس والمفاهيم والنقاد ، فقد كانت حصة سوسير هي الأكبر ، وذلك نتيجة للمسوغات اللسانية واللغوية المستخدمة في تحليلاته وكانت هي الأقرب للتوظيف عند النقاد ، لوضوحها وبعدها عن الإيغال في التبويب والتقسيم والمداخلات المنطقية والفلسفية .
ولم يكن الحال كذلك مع بيرس الذي استند في تحليلاته العلامة على التقسيم الفلسفي والمنطقـي ، مما جعل هذا التقسيم بعيداً عن الميدان الالسني ، قريبا من التنظير المنطقي ، ومِن أبرز النقاد الذين تأثروا ببيرس ـ بشكل كبير ـ ناقدين اثنين هما : ( كريماس ، وسيبيوك ) ، أُشتهِر كريماس بتحليلاته السيميائية المنطقية لميدان السرديات ( Narratives ) ، وبتقسيماته الدلالية المتعددة لوحداته ، مستخدما منهجية بيرس في تحليل العلامة ، وتحصيل الدلالة .
وقد ذكر في مقالته : ( نحو سيميائيات للعالم الطبيعي ) ، أنَ السيميائيات لا تمثل إلاَ شبكة من العلاقات ، وأنَ هذه العلاقات هي التي تحدد سمات العالم الطبيعي : (The Natural World) وهي المحرك لتفسير الموجودات ، فضلا عن اعتماد عناصر التواصل الإنساني على الأبعاد الدلالية لتلك العلاقات .
وأكد أيضاً دور الصيرورة ( Semiosis ) في تحديد حركية العلامات بوصفها موجودات في عوالم الدوال ، وإمكانية السيميائية في تمثيل البعد التاريخي للعالم الإنساني ، وعدم الانفصال بشكل كليّ عن مستواه الظاهري . (See: On meaning , selected writings in Semiotic theory, Tra : Paul J. Perren & Frank H. Gollins: 17).
لقد شكلت جدلية ( الصيرورة ) البرنامج الدينامي لتمثل الدوال التي يحيل بعضها على بعض ، والسعي إلى إنتاج المعنى وتحويله من دلالته في الصورة العيانية ، إلى دلالات أخرى تخضع لآلية التأويل ، ويرى كريماس أنَ الخطاب السيميائي هو خطاب إيحائي يتضمن التعبير عن دلالات أيديولوجية ومعرفية وثقافية ، أي أنَ هذا الخطاب يمثل ـ بالضرورة ـ رصيداً معرفياً ، ومعيناً دلالياً مهماً .
وصنَف في الإطار نفسه إمكانية الانفصال إلى حركات عدة : ( الحركة الإسنادية ، والحركة النظامية ، والحركة الإيحائية ، والحركة اللاعبة ، والحركة الاتصالية ) ، وتمثل هذه الحركات ـ حسب كريماس ـ مشاريع ثقافية وخطابات تنظم البنيات الاقتصادية والاجتماعية .
وقد أُشتهِر كريماس بنظريته حول المربع السيميائي : (The Semiotic Sqaure) ، الذي يشير إلى أنَ طبيعة العلامات يمكن أن تُدرك من خلال علاقات التضاد والتناقض ، ويتكون هذا المربع من الأجزاء الآتية :
1. علاقة التناقض بين كل من طرفي التعارض في النص .
2. علاقة الإثبات القائمة في الطرفين المتناقضين المنفيين .
3. علاقة التضاد بين الطرفيين الأولييــن .
ويشير كريماس إلى أنَ العلاقة بين أجزاء ( علاقات الإثبات ) هي علاقات إيجابية ، بمعنى أنَ تحولات العلامات فيها يكون على مستوى الاتصال ، في حين تكون العلامة بين أجزاء ( علاقات التضاد والتناقض ) علاقات سلبية ، بمعنى أن تحولات العلامات فيها يكون على مستوى الانفصال . وبهذا يتكون المربع السيميائي من عناصر ستة هي :
1. القاصــد : Sujet .
2. المقصـود : Objet .
3. المناصـر : Adjudaut .
4. المعارض : Opposant .
5. المؤتي – المانـح : Destinateure .
6. المؤاتي – الممنوح estinataire .

أما سيبيوك فقد أُشتهِر بدراسته لمقاييس الصيرورة ( Criteria of Semiosis ) ، ودراسته النظرية العامة للعلامات عند بيرس ، والأسس المنطقية للسيميائية (Logical Basis of semiotics) ، فضلاً عن علاقة السيميائية بفن العمارة ( Architecture ) والموسيقى ، والتمثيل (Representations) ، والسيرك (Circus) ، والثقافة واللاهوت ، والطب والأدب. (See: Aperfusion of signs , T. A. Sebeok : 22).
وتشكل نظرية العلامات عند بيرس ـ حسب سيبيوك ـ نظرية في التجربة الدلالية ، ونظرية في الوعي ، لأنَها تدرس إمكانيات علاقة البنية مع الفكر من خلال تحليل العلامة ، واكتشاف فاعلية الصيرورة في النظام العلامي الذي يكتنز معلومات دلالية ، وأبعاد معرفية وثقافية.
وقد تدخل السيميائية في علاقتها مع الثقافة إلى اللجوء لعملية السمطقة :
(Semiotization) التي تبين ـ حسب ريفاتير ـ شعرية النص أو أدبيته (See: Text production , Michael Riffaterre , Tra : Terese Lyons : 114) ، وتنعش هذه العملية طاقة العلامات من خلال إخفاء السمة الإيحائية على المعطى الثقافي ، وتحويله إلى نسق منمذج للعالم ، وبهذا يكون المقياس الدلالي للصيرورة الذي تحدث عنه سيبيوك ، هو تحديد فلسفة علامية ، تسند لنفسها تقديم رؤية شمولية للمفاهيم والمقولات .
ويشكل المقياس الدلالي للصيرورة عملية التحول إلى تشكيل العلامات ، وتحول الشيء إلى علامة يعني الدخول في سياق الصيرورة الذي يقتضي أسبقية النظام والبنية على الاستعمال ، وأسبقية اللغة على الكلام ، ويشكل هذا السياق فرضية العمل : ( البراكسيس - Praxies ) ، وحيوية الصيرورة التي يعمل بموجبها شيء ما بوصفه علامة ، ويقترب هذا الإجراء من المعطى النقدي لعملية السمطقة ، ويتم دراسة ذلك كلَه في أحد حقول السيميائية ومكوناتها وهي : التداولية ( Pragmatic ) بوصفها قاعدة السانيات ، وطرقاً لمعالجة العلامة بين العلامات ومستخدميها ، ومعالجة علاقة العلامات بمؤولاتها ، ومعالجة المظاهر الحياتية للصيرورة بطريقة شاملة ، ودراسة الأفعال اللسانية والسياقات التي تتم فيها ، فضلاً عن فهم اللغة الشامل عن طريق استعمال تنسيقات العلامات وتحويلاتها .
أما بالنسبة لتأثير سوسير على المدارس النقدية واللغوية ، فقد كان كبيراً جداً في مجمل الأوساط اللغوية والنقدية والإجتماعية ، انطلاقاً من المدارس البنيوية ، مروراً بمدارس السيميائية واتجاهاتها ، وانتهاءً بنظريات تحليل الخطاب ، ونظريات الاستقبال والتلقي ، ومنهج ما بعد البنيوية ، وحسب ما ذهب إليه تودوروف في مقالته : ( سيميائيات سوسير ) ، فإنَ أثر سوسير في الطرح النقدي ـلاسيما حديثه عن العلامات ـ سيكون له مهمة تكملة نظام التعبير العالمي الشامل ، ويمكن أن تتمثل بالطرح الألسني ، وتكون النموذج المتفرد لجميع فروع اللغة ، والمعين الثرّ للنظام السيميائي العالمي .
وتكمن قيمة سوسير النقدية في ميزان الوسط النقدي لما بعد البنيوية ـ بوصفه أباً ـ بدوره في إرساء قواعد نزع الصفة الجوهرية عن علاقة الدال بالمدلول. ( ينظر: رومان ياكوبسون أو البنيوية الظاهراتية ، المارهو لنشتاين ، ت : عبد الجليل الازدي : 60 ) ، ونعت تلك العلاقة بأنها اعتباطية ، وقد دفع هذا الطرح من توسيع عمليات الفصل بين الدال والمدلول ، بمعنى توسيع عقلنة الدال بوصفه حضوراً ، وعدم ضبط حدود المدلول بوصفه غياباً .
وقد أدى هذا الطرح أيضاً إلى استغلال إمكانية الدال في الإحالة إلى دوال أخرى ، بمعنى تحويل المسار التقليدي للدال بالإحالة إلى المدلول ، إلى مسار معرفي جديد يقتضي إحالة الدال إلى دال آخر ، في عملية ذات قصد عدمي لتغييب المدلول أو تعمد فقدانه ، وقد استثمر ( جاك دريدا ) هذا الطرح موظِفاً إيَاه في مجمل الطرح النقدي لما بعد البنيوية ، إذ أصبحت المؤسسات النقدية تتحدث عن تضايف المعنى ، وليس عن حقيقته ، وأصبحت نظرية اللعب التفكيكية لدريدا مخططاً نقدياً ، وصيغة عقلانية يمكن البرهنة عليها وتبني فاعليتها ، والحكم على منتقديها بالعبث والتطرف .
إنَ تأثير سوسير في الطرح النقدي واللغوي كان شاملاً وممتداً في مختلف المجاميع النقدية العالمية ، ولم تخلُ مدرسة لغوية أو نقدية من التأثير السوسيري ـ ولو كان يسيريسيراً ـ فمدارس الألسنية : الوظيفية : ( Functionalism ) ، والتوزيعية : ( Distributionalism ) ، والتوضيحية : ( Glossematiosm ) ، وما بعد السوسيرية : ( Post – Sausurianism ) ، التي تشمل التوليدية والتحويلية لشومسكي : ( Geneticism and Transformatism ) وغيرها ، كلها وقعت تحت تأثير الطرح اللغوي والنقدي لسوسير ، ويمكن إجمالاً القول أنّ دروس سوسير في اللسانيات أسهمت في مدّ العديد من الاتجاهات والمدارس الألسنية والنقدية والمنهجية بالتمفصلات المعرفية ، والأصول اللغوي.
















رد مع اقتباس
قديم 2013-02-21, 06:56   رقم المشاركة : 220
معلومات العضو
كردادة
عضو جديد
 
إحصائية العضو










B10 عرض خدمات

السلام عليكم؛ اخوكم محمد
اود ان اطرح خدمة نوعية جدا لطلبة الادب العربي بكل فروعه وتخصصاته القديمة والحديثة حتى.
الى كل طالب وباحث علم جاد في بحثه محمب لتخصصه اطرح عليه قائمة ادبية مكونة من
1: اكثر من 2600 كتاب في الادب؛ اغلبها غير متوفر في الساحة التجارية سواء الورقية او الالكترونية.
2: اكثر من 1200 مذكرة في الادب -دكتوراه، ماجستير، ليسانس- منتقاة بشكل علمي متخصص.
3: اكثر من 22000 مقالة ومجلة محكمة ومعتمدة اكاديميا من مختلف ربوع الوطن العربي.
4: العديد من كتب المنهجية المتخصصة.
5: العديد العديد من كتب امهات الكتب والمعاجم والروايات العربية والعالمية.
ملاحظة: جل ما لدي غير متوفر في الانترنت. وممكن ان ارسل القائمة على شكل ملف بي دي اف لمن اراد.
لكل جاد وحريص عل طلب العلم الاتصال على الرقم :
من داخل الجزائر: 0780012237
من خارج الجزائر: 00213780012237










رد مع اقتباس
قديم 2013-02-21, 10:56   رقم المشاركة : 221
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كردادة مشاهدة المشاركة
السلام عليكم؛ اخوكم محمد
اود ان اطرح خدمة نوعية جدا لطلبة الادب العربي بكل فروعه وتخصصاته القديمة والحديثة حتى.
الى كل طالب وباحث علم جاد في بحثه محمب لتخصصه اطرح عليه قائمة ادبية مكونة من
1: اكثر من 2600 كتاب في الادب؛ اغلبها غير متوفر في الساحة التجارية سواء الورقية او الالكترونية.
2: اكثر من 1200 مذكرة في الادب -دكتوراه، ماجستير، ليسانس- منتقاة بشكل علمي متخصص.
3: اكثر من 22000 مقالة ومجلة محكمة ومعتمدة اكاديميا من مختلف ربوع الوطن العربي.
4: العديد من كتب المنهجية المتخصصة.
5: العديد العديد من كتب امهات الكتب والمعاجم والروايات العربية والعالمية.
ملاحظة: جل ما لدي غير متوفر في الانترنت. وممكن ان ارسل القائمة على شكل ملف بي دي اف لمن اراد.
لكل جاد وحريص عل طلب العلم الاتصال على الرقم :
من داخل الجزائر: 0780012237
من خارج الجزائر: 00213780012237

جزااك الله خيرا اخي على ما تقدمه
لكن هلا وضحت اكثر التفاصيل









رد مع اقتباس
قديم 2013-02-22, 13:04   رقم المشاركة : 222
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي


كيف يتعامل الأدب الإسلامي مع قضية القدم والحداثة؟


إن الخصومة بين القديم والحديث، أو بين ما يسمَّى الآن "الأصالة والحداثة"، أو "التراث والمعاصرة"، أو غير ذلك من تسميات - هي قضية قديمة حديثة؛ ففي كل زمان ومكان يوجد مَن يتعصَّب لقديم أو حديث، أو يتعصَّب - في مقابل ذلك - على القديم أو الحديث.



وفي عصرنا مَن فهم الحداثة على أنها "الخروج على جميع ما سلف"، أو أنها التغيير الجذري لكل ما عُرف، أو ما سمي "ألمًا قبل" بتعبير بعضهم؛ فاحتقر التراث العربي الإسلامي جميعه، وعدَّه ساقطًا باليًا، في مقابل إنجازات الحداثة المعاصرة، التي دخلتْ من أوسع الأبواب إلى أدبنا الحديث، وهي - في غالبيتها - إنجازات الحداثة الغربية، وقد صدرتْ عن حضارة أخرى، وعن ثقافة غربية، مخالفة في القيم والتصوراتِ الفكرية والفنية لحضارتنا وثقافتنا.


ويتبنَّى الأدب الإسلامي الذي ندْعو إليه منهجَ الوسطية والاعتدال في التعامل مع هذه القضية المهمة الحاضرة باستمرار، وهذه الوسطية هي من جوهر الإسلام، الذي يقتبس منه الأدب الإسلامي؛ فالإسلام دين الوسطية في كل شأن من شؤون الحياة والكون والإنسان.


إن وسطية الأدب الإسلامي في التعامل مع قضية " القدم والحداثة" تمثلها - في رأينا - مجموعةٌ من التصورات، يمكن إبراز أهمها في النقاط التالية:

1- على حد تعبير ابن قُتَيبة: لم يقصر الله العلم والأدب والثقافة على قومٍ دون قومٍ، ولا خصَّ بها ناسًا دون ناس، من القدماء أو المحدَثين، بل مِن عدلِه أن ذلك حظ مشترك بين الجميع؛ فلا يجوز - بسبب من ذلك - التعصب لقديم أو حديث، أو التعصب على قديم أو حديث لمجرد الزمن وحده؛ فإن مقياس الزمن غير ثابت؛ فالقديم كان حديثًا في يوم من الأيام، والحديث اليوم سيغدو بعد حين قديمًا.



2- وبناءً على ما سبق؛ فإن ما يسمى "الخصومة بين القدم والحداثة" ما هو في حقيقته إلا خصومة بين القيم، بين الحق والباطل، اللذين تضبطهما قواعدُ الدين وأُسس الشرع، وقد يكون كل منهما مع هؤلاء أو أولئك من قدماء ومحدَثين؛ فلا خصومة أو صراع إذًا بين سلف وخلف، أو آباء وأبناء، كما تتمثَّل ذلك بعضُ التصورات الفكرية الحديثة.



3- لا يسعى الأدب الإسلامي وراء التجديد لذاته، شأن الاتجاهات الحداثية التي جعلتْ ذلك وكدها، فأعلتْ من شأن كل جديد لمجرد أنه جديد، وسفَّهتْ من شأن كل قديم لمجرد أنه قديم، ولكنه يسعى إلى الجديد الرشيد، الذي يحمل الحقَّ والخير، ويُغنِي التجرِبة الإنسانية، وهو ينفر من كل جديد أو حديث إذا كان شاذًّا، أو مخالفًا لشرع الله، كما هو شأن كثير مما تحمله بعض الاتجاهات الفكرية المعاصرة.



4- لا يعني التجديدُ الخروجَ المطلقَ على كل تراث أو قديم؛ ففي ثقافتنا ثوابتُ لا يجوز الخروج عليها؛ لأن هذا الخروج يعدُّ خروجًا من الدين، ومروقًا من العقيدة، ولكن التجديد الرشيد - الذي أشرنا إليه - هو في المتغيرات التي لم يَرِدْ فيها نص قطعي الدلالة.



5- يميز الأدبُ الإسلامي بين التجديد في المضمون والتجديد في الشكل؛ فالأشكال الفنية هي - غالبًا - محايدة، ولكن المضامين تمثِّل عقيدة الأمة التي أنتجتْها، فينبغي أن يتعامل معها بحذر، فلا يؤخذ منها إلا ما يتفق مع الإسلام.


6- إن التجديد مطلبٌ حيوي في الأدب الإسلامي؛ فهو نوعٌ من التحسين والتجميل، فيحرص عليه، ويسعى إليه، على أن يكون رشيدًا مفيدًا.


وإن المبدع المسلم مثقَّف ينفتح على ثقافات العصر، ولكن بوعيٍ وبصيرة، وإن الأدب الإسلامي لا يحقق حضورَه وذيوعَه إلا من خلال هذا الانفتاح، مع المحافظة على شخصيته وأصالته.


د. وليد قصاب ... منقووول









رد مع اقتباس
قديم 2013-02-22, 13:07   رقم المشاركة : 223
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

البلاغة في القران والدقة في التعبير و البيان
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله

متى تكون المرأة زوجاً ومتى لا تكون ؟

عند استقراء الآيات القرآنية التي جاء فيها اللفظين ، نلحظ أن لفظ \"زوج\" يُطلق على المرأة إذا كانت الزوجية تامّة بينها وبين زوجها ، وكان التوافق والإقتران والإنسجام تامّاً بينهما ، بدون اختلاف ديني أو نفسي أو جنسي ..

فإن لم يكن التوافق والإنسجام كاملاً ، ولم تكن الزوجية متحقّقة بينهما ، فإن القرآن يطلق عليها \"امرأة\" وليست زوجاً ،
كأن يكون اختلاف ديني عقدي أو جنسي بينهما ..

ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى : \"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ\" ،
وقوله تعالى : \"وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا\" .

وبهذا الإعتبار جعل القرآن حواء زوجاً لآدم ، في قوله تعالى : \"وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ\" .
وبهذا الإعتبار جعل القرآن نساء النبي صلى الله عليه وسلم \"أزواجاً\" له ، في قوله تعالى : \"النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ\" .


فإذا لم يتحقّق الإنسجام والتشابه والتوافق بين الزوجين لمانع من الموانع فإن القرآن يسمّي الأنثى \"امرأة\" وليس \"زوجاً\" .

قال القرآن : امرأة نوح ، وامرأة لوط ، ولم يقل : زوج نوح أو زوج لوط ، وهذا في قوله تعالى : \"ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا\" .
إنهما كافرتان ، مع أن كل واحدة منهما امرأة نبي ، ولكن كفرها لم يحقّق الإنسجام والتوافق بينها وبين بعلها النبي . ولهذا ليست \"زوجاً\" له ، وإنما هي \"امرأة\" .

ولهذا الإعتبار قال القرآن : امرأة فرعون ، في قوله تعالى : \"وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ\" . لأن بينها وبين فرعون مانع من الزوجية ، فهي مؤمنة وهو كافر ، ولذلك لم يتحقّق الإنسجام بينهما ، فهي \"امرأته\" وليست \"زوجه\" .

ومن روائع التعبير القرآني العظيم في التفريق بين \"زوج\" و\"امرأة\" ما جرى في إخبار القرآن عن دعاء زكريا ، عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ، أن يرزقه ولداً يرثه .
فقد كانت امرأته عاقر لا تنجب ، وطمع هو في آية من الله تعالى ، فاستجاب الله له ، وجعل امرأته قادرة على الحمل والولادة .


عندما كانت امرأته عاقراً أطلق عليها القرآن كلمة \"امرأة\" ، قال تعالى على لسان زكريا : \"وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ
وَلِيًّا\" .


عندما كانت امرأته عاقراً أطلق عليها القرآن كلمة \"امرأة\" ، قال تعالى على لسان زكريا : \"وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ
وَلِيًّا\" .

وعندما أخبره الله تعالى أنه استجاب دعاءه ، وأنه سيرزقه بغلام ، أعاد الكلام عن عقم امرأته ، فكيف تلد وهي عاقر ، قال تعالى : \"قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء\" .

وحكمة إطلاق كلمة \"امرأة\" على زوج زكريا عليه السلام أن الزوجية بينهما لم تتحقّق في أتمّ صورها وحالاتها ، رغم أنه نبي ، ورغم أن امرأته كانت مؤمنة ، وكانا على وفاق تامّ من الناحية الدينية الإيمانية .

ولكن عدم التوافق والإنسجام التامّ بينهما ، كان في عدم إنجاب امرأته ، والهدف \"النسلي\" من الزواج هو النسل والذرية ، فإذا وُجد مانع حيوي عند أحد الزوجين يمنعه من الإنجاب ، فإن الزوجية لم تتحقّق بصورة تامّة .

ولأن امرأة زكريا عليه السلام عاقر ، فإن الزوجية بينهما لم تتمّ بصورة متكاملة ، ولذلك أطلق عليها القرآن كلمة \"امرأة\" .
وبعدما زال المانع من الحمل ، وأصلحها الله تعالى ، وولدت لزكريا ابنه يحيى ، فإن القرآن لم يطلق عليها \"امرأة\" ،
وإنما أطلق عليها كلمة \"زوج\" ، لأن الزوجية تحقّقت بينهما على أتمّ صورة . قال تعالى : \"وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ\" .

والخلاصة أن امرأة زكريا عليه السلام قبل ولادتها يحيى هي \"امرأة\" زكريا في القرآن ، لكنها بعد ولادتها يحيى هي \"زوج\" وليست مجرّد امرأته .
وبهذا عرفنا الفرق الدقيق بين \"زوج\" و\"امرأة\" في التعبير القرآني العظيم ، وأنهما ليسا مترادفين










رد مع اقتباس
قديم 2013-02-22, 13:08   رقم المشاركة : 224
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

من جواهر الآمام الشافعي رحمه الله






في كتمان الأسرار
إذا المـَــرء أفشـَى سِـرَّهُ بلســــَــانـه ولامَ عليــــهِ غــَـــيْـرَهُ فهُـوَ أحمَـقُ
إذا ضَـاقَ صَدْرُ المَرْءِ عَنْ سِرِّ نفسِهِ فصَدْرُ الذي يَسْتودِعُ السِّــرَّ أضْيـَقُ


في الأصدقاء
لا خيرَ في ودِّ أمرءٍ متلوِّن إذا الريحُ مَالت، مَال حيثُ تَميـلُ
ومَا أكثـَرَ الإخوانِ حينَ تعدّهم ولكنهـــُـــــم في النائباتِ قليلُ


العيبُ فينا
نعيـبُ زماننا والعيبُ فينا وما لزمانـنا عَيـبٌ سِوانـَــا
ونهجو ذا الزمانِ بغيرِ ذنبٍ ولو نطـَقَ الزمَان لهَجَانا
وليسَ الذئبُ يأكلُ لحمَ ذئبٍ ويأكلُ بعضنا بعضا ًعيانا


شروط الصداقة
إذا المـَرءُ لا يَـرعَــاكَ إلا تكـَلـُّـفـا ، فدَعـْهُ ولا تـُـكـْثـِـر عـَليـْهِ تأسـّـُـفـا
ففي الناسِ إبدالٌ وفي التـَّركِ راحة ٌ وفي القلبِ صَبرٌ للحبيبِ وَلـَوْ جَفـَا
فـــمَا كلُّ من تـهــواهُ يهــواكَ قلبُهُ ولا كلُّ من صَافيتـَه لكَ قــَدْ صَـفــَــا
إذا لــم يـَكـُــنْ صَفـْوُ الوِدادِ طبـيـعَـة ً فـَلا خـيرٌ في خـِلٍّ يجيءُ تـَكَـلـُّـفـَا
ولا خيـرٌ في خـِلٍّ يـخـُـونُ خـليـلـَه ويـلقــَاهُ مِن بعـدِ الموَدَّةِ بالجــَفــَـــا
ويـُـنـْكــِرُ عـَيـْشـاً قـد تـقادَمَ عَهدُهُ ويـظـْهَـرُ سِرّاً كانَ بالأمس في خـَفـَا
سَـلامٌ على الدنيا إذا لم يكـُنُ بـِها صَديقٌ صَدوقٌ صَادِقُ الوَعْدِ مُــنصفـَا


في الدهر
الدّهـْرُ يومَانِ ذا أمْنٍ وذا خـَطـَرِ والعيشُ عيشَانِ ذا صَفـْوٍ وذا كــَدَر ِ
أمـَا تـَرَى البَحْرَ تـَعْـلـو فوقـَه جـِيـَفٌ وتـستـَقـِرُّ بأقصَى قاعه الدٌّرَر ِ
وفي السَّماءِ نـُجومٌ لا عـِدادَ لهَا وليسَ يـُكـْسَفُ إلا الشّمسَ والقـَمَر ِ


في حظوظ البشر
تموتُ الأسُودُ في الغاباتِ جُوعا ً ولحْمُ الضَّأنِ تأكـُلـُهُ الكـِلابُ
وعبـْدٌ قـَدْ ينـَامُ على حَرير ٍ وذو الأنـسَابِ مـفـَارشُـهُ الـتـُّرابُ


الرئيس الحقيقي
إنَّ الفـَقـيهَ هُوَ الفـَقـيهُ بـِفـِعـْلِهِ ... ليسَ الفـقـيهُ بـِنـُطـْقـِهِ ومَقـَالـِــهِ
وكـَذا الرَّئــيسُ هـُوَ الرَّئيسُ بـِخـُلـْقـِهِ ، ليس الرَّئيسُ بقومِهِ ورجَالِهِ
وكــَذا الغـَنـِيُّ هـُوَ الـغـَنـِيُّ بـِحـَالـِهِ ... ليسَ الغـَنـِيُّ بـِمُـلكِـهِ وبمَالــِهِ


الهـُموم والتوكـٌّل على الله
سَهــِرَتْ أعـْــيُــنٌ ونـَامَتْ عـُيـُونٌ في أمـُور ٍ تـكونُ أو لا تَــكـُونُ
فادْرأ الهـَمَّ ما استـَطـَعـْتَ عَنِ النـّفـسِ فـَحِـمْـلانكَ الهُـمـُوم جـُنُونُ
إنَّ ربـَّـكَ كـفـَاكَ بالأمـسِ مَـا كـَانَ سَـيـكـفيـكَ في غــَـدٍ مـا يَـكــُونُ


الرِّزق
تـَوَكـّلـْتُ في رزقي على الله خـَالـقـِي وأيـْقــَـنـْتُ أنَّ الله لا شـَـكَّ رَازقـِي
ومَا يـَكُ مـِنْ رزقٍ فـَليْسَ يـَفـُوتـُني ولوْ كـانَ في قاعِ البـِحَار الـعـَوامـِق ِ
سـَيأتـي بـِه ِالله العـَظــيــمُ بـِفـَضْـلِه ولوْ لمْ يـَكـُنْ مِـنّي اللـسَـانُ بـِنـَاطـِق ِ
فــَفــِي أيّ شَـيءٍ تــذهـَـبُ حـَـسـْـرةً وقـــَد قــَـسَــمَ الــرَّحــْمــَنُ رزقــِي










رد مع اقتباس
قديم 2013-02-26, 21:56   رقم المشاركة : 225
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

أهمية العنوان في العمل الأدبي:
لقد أولت المناهج الحديثة و المعاصرة ، في نظريات القراءة، و سيميائيـات النص وجماليات التلقي، أهمية كبيرة لعنوان النص و مقدمته، و اعتبرتهمـا مكونين أسـاسيين و دالين فقد جعلهما جيرار جينيت (Gérard Génette) من النصوص الموازية Paratextes الدالة التي ترافق النصوص الرئيسة و التي لا يمكن الاستغناء أو التغاضي عنها .و تكمن أهمية هذين المكونين ( العنوان و المقدمة) في كونهما أول المؤشرات التي تدخل في حوار مع المتلقي ، فتثير فيه نوعا من الإغراء، و الفضول العلمي و المعرفـي و إليهما توكل مهمة نجاح الكتاب في إثارة استجابة القارئ بالإقبال عليه و تداوله ، أو النفور منه و استهجانه.
تنبثق أهمية العنوان ، بشكل خاص ، من كونه مكونا نصيا لا يقل أهمية عن المكونات النصية الأخرى، فالعنوان يشكل سلطة النص وواجهته الإعلامية، وهذه السلطة تمارس على المتلقي » إكراها أدبيا ، كما أنه [ أي العنوان ] الجزء الدال من النص و هذا ما يؤهــله للكشف عن طبيعة النص و المساهمة في فك غموضه« بـــل يعين مجموع النص و يظهر معناه، و هذا يعني أن العنوان هو مرآة النسيج النصي، وهو الدافع للقراءة، وهو الشرك الذي ينصب لاقتناص المتلقي، و من ثمة فإن الأهمية التي يحظى بها العنوان نابعة من اعتباره مفتاحا في التعامل مع النص في بعديه الدلالي و الرمزي، بحيث لا يمكن لأي قارئ أن يلج عوالم النص أو الكتاب، و تفكيك بنياته التركيبية و الدلاليـة و استكشاف مدلولاته و مقاصدها التداولية، دون امتلاك المفتاح ، أعني العنوان .
العنوان إذن هو الثريا التي تضيء فضاء النص، و تساعد على استكشاف أغواره، فيكون العنوان بكل ذلك ضرورة كتابية تساعد على اقتحام عوالم النص؛ لأن المتلقي يدخل إلى " العمل " من بوابة " العنوان " متأولا لــه، و موظفا خلفيته المعرفية في استنطاق دواله الفقيرة عددا و قواعد تركيب و سياقا، و كثيرا ما كانت دلالية العمل هي ناتج تأويل عنوانه، أو يمكن اعتبارها كذلك دون إطلاق« كما يأخذ العنوان أهميته من كونه علامة كاملة تحمل دالا و مدلولا.
على الرغم من أن العنوان نص مختصر مقلص فإنه يلعب دورا هاما وحاسما في الأعمال الأدبية خاصة وفي الأعمال الفنية عامة. فهو جزء لا يتجزأ من عملية إبداع الكاتب للعمل .
كما أنه يلعب دورا مركزيا في عملية إنتاج القارئ لمعنى العمل ودلالاته ويقوم بوظائف متعددة ومتنوعة." وتبرز أهمية العنوان في الأدب الحديث بصورة عامة وفي الشعر الحديث بصورة خاصة، اللذين لم يعد فيهما العنوان مجرد مرشد للعمل، يمر عليه القارئ مرورا سريعا متوجها إلى النص، وإنما أصبح جزءا من المبنى الاستراتيجي للنص." (1)
ويعزو "العلاق" ازدياد الوعي بأهمية العنوان إلى" كون علاقته بالنص أصبحت بالغة التعقيد وإلى امتلاكه طاقة توجيهية." (2) وتنبه فيري إلى" أن موقع العنوان فوق النص يمنحه سلطة، لأنه يخبر القارئ الذي لم يقرأ النص شيئا ما عن هذا النص." (3)
وتزداد أهمية العنوان، سواء في النثر أو في الشعر، خلال قراءة النص، وذلك لأن القارئ يتوجه إلى النص وقد علقت في ذهنه إيحاءات العنوان ورموزه، وهو يقوم بربط كل هذا بما يلاقيه أثناء عملية قراءة النص وتأويله. وإذا كان الحديث يدور عن قصيدة بشكل خاص، فإن العنوان يتخذ أهمية أكبر بعد قراءتها، لاتخاذه طبقات من المعنى أكثر عمقا في سياق ثيمات القصيدة المتعددة، هذا بالإضافة إلى أن العنـوان في حـالات كثيـرة يمكنه إعادة خلق قطعة أدبية ما.
لقد بذل الفنانون في الأدب الغربي في القرن التاسع عشر جهودا جمة في اختيار العنوان. وعلى الرغم من هذا فقد وجدت قصائد غير معنونة، لكنها تمكنت من أن تصمد مع عدم وجود عناوين لها. ونطرح سؤالا لا بد منه في هذا السياق: هل يقوم العنوان في الأدب الحديث بدور هام إلى درجة لا يمكننا معها اعتبار عمل أدبي ما كالقصيدة، لأنه لا يحمل عنوانا؟ إن هولاندر (Hollander) وفايسمن لا يوافقان علـى عـدم اعتبـار لوحة ما لوحة، أو قصيدة ما قصيدة، لأنها لا تحوي عنوانا. وتضيف فايسمن إلى هذا، وبشكل أكثر مباشرة من هولاندر، بأنه يمكن للأعمال سواء كانت أدبية أو غيرأدبية أن تصمد دون وجود عناوين لها.
كما ينبه هذان الباحثان إلى" أن العناوين برزت كغرض ضروري في نقطة تاريخية معينة ووفقا لعادة العنونة التي بدأت تسود، ولهذا السبب سعى الكتّاب بشكل دائب إلى وضع عناوين لأعمالهم."(1)
ولا بد أن نشير إلى أن وجود قصائد غير معنونة ليس مقصورا على أدب القرون الوسطى أو القرن التاسع عشر، وذلك لأننا نعثر في عصرنا الحالي على قصائد حديثة غير معنونة، وهي بنظرنا قصائد بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى. ولنأخذ مثالا على ذلك القصيدة التالية للشاعرة السريالية جويس منصور (1928-1986)، والتي هي بضمن أربعين قصيدة، ترجمها عن الفرنسية الشاعر عبد القادر الجنابي،ويستطيع قائل أن يقول بأنه لو حوت هذه القصيدة عنوانا لربما كانت ستبدو أجمل أو أغنى معنى و أكثر إيحاء. ربما! لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال عدم اعتبارها قصيدة لأنها لا تحمل عنوانا، فكلماتها تحوي طاقة شعرية هائلة، تتجلى في الصور الشعرية المبتكرة الموجودة على طول القصيدة. ويجدر بنا أن ننبه إلى أن هناك قصائد من قصائد الشاعرة الأربعين تحوي عناوين، مما يدلنا على أن الشاعرة واعية لقضية العنونة.
وفوق ذلك إن هذا يدلنا على أن وضع عنوان للنص في الشعر الحديث أو عدم وضعه لا يتعلق على الغالب بوعي الشاعر لقضية العنونة، وإنما برغبته واختياره الشخصي.
في الليل شحّاذة أنا في وطن الدماغ
نفسي متمددة فوق قمرٍ من الأسمنت وقد روّضتها الريحُ تتنفسُ
وموسيقى أنصاف المجانين الذين يمضغون شعير المعدن ألق
الذين يطيرون ويطيرون ثم يسقطون على رأسي
بكلّ قواهم
ذا أنا أرقص رقصة الفراغ
أرقص فوق ثلوج التعاظم البيضاء
وأنت خلف نافذتك المحلاة بسكر الغيظ
تلطّخ فراشك بالأحلام انتظارًا لي (1)
لقد اعتبر العنوان إلى وقت قريب هامشا لا قيمة له وملفوظا لغويا لا يقدم شيئا إلى تحليل النص الأدبي؛ لذلك تجاوزه الكتاب إلى النص كما تجاوزوا باقي العتبات الأخرى التي تحيط بالنص.
ولكن ليس العنوان" الذي يتقدم النص ويفتتح مسيرة نموه- يقول علي جعفر العلاق- مجرد اسم يدل على العمل الأدبي: يحدد هويته، ويكرس انتماءه لأب ما. لقد صار أبعد من ذلك بكثير. وأضحت علاقته بالنص بالغة التعقيد. إنه مدخل إلى عمارة النص، وإضاءة بارعة وغامضة لأبهائه وممراته المتشابكة(...) لقد أخذ العنوان يتمرد على إهماله فترات طويلة، وينهض ثانية من رماده الذي حجبه عن فاعليته، وأقصاه إلى ليل من النسيان. ولم يلتفت إلى وظيفة العنوان إلا مؤخرا .(2)
وعلى الرغم من هذا الإهمال فقد التفت إليه بعض الدارسين في الثقافتين: العربية والأجنبية قديما وحديثا، وتنبه إليه الباحثون في مجال السيميـوطيقا وعلم السـرد والمنطـق
وأشاروا إلى مضمونه الإجمـالي في الأدب والسـينما والإشـهار نظرا لوظـائفه المرجعية واللغوية والتأثيرية والأيقونية.
وحرصوا على تمييزه في دراسات معمقة بشرت بعلم جديد ذي استقلالية تامة، ألا وهو علم العنوان(TITROLOGIE) الذي ساهم في صياغته وتأسيسه باحثون غربيون معاصرون منهم: جيرار جنيتG.GENETTE وهنري مترانH.METTERANDولوسيان ﮔولدمانL.GOLDMANN وشارل ﮔريفلCH.GRIVEL وروجر روفرROGER ROFER وليو هويك LEO HOEK الذي يعرف العنوان بكونه" مجموعة من الدلائل اللسانية [...]يمكنها أن تثبت في بداية النص من أجل تعيينه والإشارة إلى مضمونه الإجمالي ومن أجل جذب الجمهور المقصود"(1) هذا وقد نادى لوسيان كولدمان الدارسين والباحثين الغربيين إلى الاهتمام بالعتبات بصفة عامة، والعنوان بصفة خاصة. وأكد في قراءته السوسيولوجية للرواية الفرنسية الجديدة مدى قلة النقاد" الذين تعرضوا إلى مسألة بسيطة مثل العنوان في رواية الرائي le voyeur لذي يشير إلى مضمون الكتاب، ليتفحصوه بما يستحق من عناية "(2)
وتعتبر دراسة( العتبات SEUILS) لجيرار جنيت GERARD GENETTE أهم دراسة علمية ممنهجة في مقاربة العتبات بصفة عامة والعنوان بصفة خاصة؛ لأنها تسترشد بعلم السرد والمقاربة النصية في شكل مساءلة واستقصاء ، وتفرض عنده نوعا من التحليل.(3)
ويبقى ليو هويك LEO HOEK المؤسس الفعلي ( لعلم العنوان) ؛ لأنه قام بدراسة العنونة من منظور مفتوح يستند إلى العمق المنهجي والاطلاع الكبير على اللسانيات ونتائج السيميوطيقا وتاريخ الكتاب والكتابة. فقد رصد العنونة رصدا سيميوطيقيا من خلال التركيز على بناها ودلالاتها ووظائفها.
كما أن النقد الروائي العربي لم يول العنوان أهمية تذكر، بل ظل يمر عليه مر الكرام. لكن الآن بدأ الاهتمام بعتبات النص وصار يندرج" ضمن سياق نظري وتحليلي عام يعتني بإبراز ما للعتبات من وظيفة في فهم خصوصية النص وتحديد جانب أساسي من مقاصده الدلالية، وهو اهتمام أضحى في الوقت الراهن مصدرا لصياغة أسئلة دقيقة تعيد الاعتبار لهذه المحافل النصية المتنوعة الأنساق وقوفا عندما يميزها ويعين طرائق اشتغالها؟ (1)
أهم الدراسات العربية التي انصبت على دراسة العنوان تعريفا وتأريخا وتحليلا وتصنيفا نذكر ما أنجزه الباحثون المغاربة وغيرهم من النقاد العرب الذين كانوا سباقين إلى تعريف القارئ العربي بكيفية الاشتغال على العنوان: تنظيرا وتطبيقا، وهذه الدراسات هي على النحو التالي:
1 - (النص الموازي في الرواية) (إستراتيجية العنوان) ، مقال للدكتور شعيب حليفي منشور في مجلة الكرمل الفلسطينية في واحد وعشرين صفحة، العدد46 سنة 1992.
ويعد من المقالات الهامة التي درست العنوان دراسة تاريخية وبنيوية بطريقة منهجية وأهم مصدر استند إليه الدارسون في حديثهم عن العنوان.
2- مقاربة العنوان في الشعر العربي الحديث والمعاصر للدكتور جميل حمداوي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في الأدب العربي الحديث والمعاصر، تحت إشراف الدكتور محمد الكتاني، نوقشت بجامعة عبد المالك السعدي، كلية الآداب والعلوم الإنسانية ( تطوان) بالمغرب سنة 1996، ويطرح فيها صاحبها منهجية جديدة لدراسة العناوين سماها (المقاربة العنوانية)؛ وتعد أهم دراسة تحليلية شاملة للعنوان في الوطن العربي(562 صفحة من الحجم الكبير)
3- (العنوان في الرواية المغربية)، للدكتور جمال بوطيب، مقال منشور في كتاب الرواية المغربية، أسئلة الحداثة، منشورات دار الثقافة، الدار البيضاء، سنة 1996 ، و يوجد المقال في (12) صفحة؛
4- عتبات النص: البنية والدلالة، للدكتور عبد الفتاح الحجمري، منشورات الرابطة، الدار البيضاء، طبعة 1996، وفيه يدرس صاحبه العنوان على ضوء رواية الضوء الهارب لمحمد برادة في ست صفحات من الحجم المتوسط.
5- ( السميوطيقا والعنونة)، مقال للدكتور جميل حمداوي في33 صفحة، نشر في مجلة عالم الفكر، الكويت، المجلد 25، العدد3، يناير/ مارس، سنة 1997، وكان مصدرا ومرجعا للكثير من الدراسات التي انصبت على دراسة عتبة العنوان .
6- مقاربة النص الموازي في روايات بنسالم حميش، للدكتور جميل حمداوي، أطروحة دكتوراه الدولة ، ناقشها الباحث في 19 يوليوز سنة 2001 بجامعة محمد الأول بوجدة تحت إشراف الدكتور مصطفى رمضاني.
7- (صورة العنوان في الرواية العربية) للدكتور جميل حمداوي، مقال في حوالي 21 صفحة، نشر في التجديد العربي، في 22/07/2006.
8- العنوان وسيميوطيقا الاتصال الأدبي للدكتور محمد فكري الجزار، ، الهيئة المصرية العامة للكتاب،1998 .
9- العنوان في الأدب العربي(النشأة والتطور) للدكتور محمد عويس، ،على نفقة المؤلف،1992.
5- أصناف العنوان:
تصنف الأبحاث الحديثة العناوين من حيث دلالاتها وعلاقتها بمضمون النصوص التي تحملها إلى أنواع كثيرة ويمكن أن تقسم إلى مجموعتين أساسيتين: المجموعة الأولى هي مجموعة العناوين المؤشِّرة، والمجموعة الثانية هي مجموعة العناوين الدلاليّة. وننوي فيما يلي الأصناف التي تدخل في إطار كل مجموعة من المجموعتين مع إيراد شرح لكل منها1.
أ) العناوين المؤشِّرة:1
تشبه هذه العناوين الاسم الذي ندعو به غرضا أو إنسانا، وهدفها الأساسي هو مساعدة القارئ على إيجاد العمل المطلوب في فهرس الكتاب، وتمييز هذا العمل عن أعمال أخرى. كما تكون هذه العناوين قصيرة بصورة عامة، بحيث تتألف من كلمة أو عبارة، وتعرض الموضوع المعالج بشكل موضوعي وحيادي، دون الإفصاح عن رسالة النص، وإن تواجد هذا الصنف من العناوين في الشعر، فإنه يترك القصيدة مفتوحة، ولا يثير توقعات القارئ، وتتوزع هذه العناوين المؤشرة إلى ثلاثة أنواع:2
* "عناوين عبارة عن أرقام عددية أو ترتيبية ("القصيدة الأولى"، "القصيدة الأخيرة")، أو عناوين ذات صلة بمكان الكتابة، أو بتاريخ معيّن، لكن لا توجد لها أية علاقة بما يقال في العمل نفسه".
*"العناوين التي تعتمد على الكلمة الأولى أو القريبة من الأولى أو على مجموعة الكلمات الأولى من العمل".
* "إشارة نجمة أو ثلاث نجمات توضع في رأس العمل".
قد يظن القارئ أن النوعين الأول والثاني يشيران إلى مضمون القصيدة أو جودتها، وذلك لميل القارئ إلى الافتراض بأن العنوان غير اعتباطي، وإنما هو حكم خفي يطلقه الشاعر على قصيدته فالعنوان "القصيدة الأولى" قد يُفسَّر بأن القصيدة هي أفضل أو أهم قصيدة في المجموعة، وكذلك الأمر بالنسبة للعنوان الذي يتألف من مجموعة الكلمات الأولى من النص، فهذه الكلمات قد تُفسَّر بأنها الكلمات الأكثر مركزية، مما يجعل القارئ يبني توقعاته من القصيدة بالاستناد إليها، لكن بعد قراءته لهذه القصيدة يتضح له أن العنوان هو إرشادي وإشاري.
وهنا لا بد من التنبيه إلى أن هذا الأمر ليس صحيحا في كل الحالات، لأن هناك عناوين تبدو لنا مؤشرة لأنها عبارة عن تكرار لكلمات البداية، لكن بعد التعمق في قراءة النص يتضح لنا أن العنوان لا يهدف إلى الإشارة إلى النص، وإنما له هدف دلالي يتعلق بمضمون القصيدة. وهذا ما تؤكد عليه باروخ وفايسمن حين يقولان" بأن هناك مجموعة من العناوين تبدو مؤشرة، لكن عند الوصول إلى نهاية القصيدة تظهر هذه العناوين كعناوين دلالية" (1).
أما كليمان فيعتبر العناوين التي تكرّر السطر الأول من النص عامة أجزاء من التجربة الجمالية (2) . وهو بذلك يناقض فيري التي تقول بأنه" عندما يُملأ فضاء العنوان باقتباس يكرر سطرا أو عبارة من النص، فإنه ليس للكلمات المقتبسة- خاصة إن كانت عبارة عن السطر الأول من النص أو الكلمات الأولى منه- مكانة العنوان. أما إن كانت الاقتباسات من أماكن أخرى من النص فإن الأمر يختلف، لأن هذه الكلمات تبدو على الأقل وكأنها تقول شيئا ما عن القصيدة".(3)
والقول عن عنوان يكرر الكلمات الأولى من النص، بأنه مؤشر أو دلالي يتعلق بمقاصد الكاتب التي يمكن الوقوف عليها خلال قراءة النص. أما النوع الثالث من العناوين المؤشرة فيعتبر بنظر إشكاليا أكثر من سابقيه؛ إذ لا يمكنه الإشارة إلى النص أو التمييز بين نتاج وآخر، مما يعني أنه لا يستطيع القيام حتى بالوظيفة الإشارية.
ب) العناوين الدلاليّة: 1
بالإضافة إلى كون هذه العناوين تقوم بالوظيفة الإشارية، فإنها تهدف أيضا إلى الإشارة إلى مضمون العمل الأدبي، كالقصيدة مثلا، وتوجيه ذهن القارئ إليه بطرق مختلفة. وسنتعرض فيما يلي لكل طريقة من هذه الطرق من خلال الحديث عن كل قسم من أقسام العنوان الدلالي الآتية:
* العنوان الاختصاري: وهو يلخص فكرة العمل الأدبي المركزية، ويحوي بصورة عامة تلخيصا قصيرا للعمل من وجهة نظر الكاتب. وهذا العنوان يثير توقعات في القارئ، ومن ثم يقوم بتحقيقها. وإذا كان الحديث يدور عن عنوان قصيدة فيمكن القول بأنه كلما كانت الروابط بين تفاصيل القصيدة وهذا العنوان أكبر كلما ازدادت قوته الاختصارية. وفي مجال هذا الصنف من العناوين تدخل تلك العناوين التي تحوي أسماء مجردة أو محسوسة، يعتبرها الكاتب محور العمل الأدبي.
* العنوان الساخر: وهو يوجه توقعات القارئ لموضوع معيّن، إلا أن هذه التوقعات تكسر أثناء قراءة النص.
* العنوان المتمِّم: يعتبر هذا العنوان جزءا متمِّما للنص، قد يتضرر بدونه، وقد لا يُفهم على الإطلاق، وذلك لاحتواء العنوان على مركز العمل الأدبي. وغالبا ما يلعب هذا العنوان دور افتتاحية النص، وفي هذه الحالة نجد له ارتباطا مباشرا بالسطر الأول من النص، مما يجعله جزءا لا يتجزأ منه.
* العنوان المُحيط: هذا العنوان يناسب عوامل مختلفة في القصة أو القصيدة، ونجد فيه بعض التعقيد، ينبع من عدم التزامه لمضمون النص. وهو عنوان تعميمي بدرجة كبيرة، بحيث يمكنه أن يخلق جهاز توقعات متنوعا ومتعدد الإمكانيات. وقد يكون ذا علاقة بتفاصيل مختلفة في النتاج، كما قد يوجه القارئ إلى موضوع معيّن، لكنه يمكّنه من تفسير الأمور بأشكال مختلفة. وتكون العناوين المحيطة، بصورة عامة، عبارة عن أسماء (على الغالب أسماء مجردة)، لا تلزم القارئ بأي تأويل، وذلك لأن هذه الأسماء لا تمتلك صفة معيّنة. ومثال ذلك العناوين:
"أساطير"، "ندم" و"فشل". وتتحدث فايسمن عن أربعة طرق يحيط بها العنوان النص (1) :
أ) كلمة تلخص وضعا ما، وتكون بصورة عامة مجردة. مثال: "خطأ"، "كلمات"، "صورة"
ب) أسماء عامة، مثلا: "صديق"، "شاعر"، "فتاة" ج) أسماء شخصية، توجهات وإهداءات. وهناك عناوين تربط الأحداث الحاصلة في النص بشخصية معيّنة. مثلا: "فرعون"، "إلى روبرت فروست" د) أسماء غامضة، كأسماء الإشارة والضمائر التي تدل على الغائب، وتؤدي إلى غموض العنوان.وأهم
* العنوان الاتجاهي: وهو يشير إلى موقف الكاتب فيما يتعلق بموضوع معيّن، ويصاغ بقصد التأثير في رأي الجمهور وبلورته، وذلك من خلال الإقناع، النقد، التحذير، التشويق أو مساندة موقف معيّن.وقد تكون اتجاهية هذا العنوان واضحة، غامضة أو واقعة ما بين الوضوح والغموض.
* العنوان المثير: يهدف إلى جذب القارئ من خلال إبراز الجانب المسلي في النص وذلك بواسطة استخدام التضاد أو التأكيد على أمر شاذ.
* العنوان الموجِّه: وهو مفسر بعض الشيء، وموجه للقارئ. ويمكنه أن يعبر عن موقف، قصد أو ادعاء، أو يلخص مجموعة من الأفكار، أو يطرح سؤالا مبدئيا، أو يثير تداعيات، وهذا العنوان يدخل في إطار العناوين الواضحة في توصيل رسالة النص إلى القارئ.
* العنوان الإهدائي: وهو صنف معروف في الأدب، يُكرس لشرف شخص ما، قد تكون له علاقة بالنص أو لا تكون (2) . إن أغلب هذه العناوين (المؤشرة والدلالية)، يرد في أصناف، تناولت العنوان في الأدب عموما وفي الشعر خصوصا، أم عن أصناف العناوين في الأعمال الفنية (الرسم والموسيقى)، والتي عالجها ليفينسون في مقاله (1) فإن قسما منها يشترك مع بعض الأصناف السابقة في عدد من الميزات، ومع ذلك، نضيف أصنافا أخرى، وذلك لوجود ميزات إضافية ومختلفة فيه.إحدى النقاط التي يؤكد عليها ليفينسون في مقاله هي أنه لا يمكن أبدا أن يكون العنوان خاليا من القدرة الجمالية، التي بفضلها يمتلك قوة معيّنة ويسهم في عملية قراءة العمل (2). ويخوض ليفينسون في هذه القضية من خلال مناقشته لكيفية تأثير الأصناف السبعة الآتية في محتوى العمل (3):
*العناوين المحايدة (neutral titles): وهي تشبه العناوين المؤشرة إلى حد ما، ويعتبرها ليفينسون أبسط أصناف العناوين، لكون اختيارها أوتوماتيكيا عادة، ولكونها تعد هامشية للعمل. وهذه العناوين هي عادة عبارة عن أسماء شخصيات، أغراض وأماكن، تظهر بشكل بارز في جسد العمل. مجموعة أخرى من العناوين المحايدة، والتي قد تتواجد في القصائد، هي تلك العناوين التي تكرر الأسطر الأولى من القصيدة. ومثل هذه العناوين لا يلعب دورا جوهريا على الإطلاق، ولا يغير شيئا في القصيدة، ولا يؤثر في محتوى النص، ويهدف فقط إلى منح العمل اسما، أو السير وفق عادة منح العمل عنوانا.
ويجب التنبيه إلى أن ليفينسون لا يقصد بهذا أن يقول إن هذه العناوين لا تحوي قدرة جمالية ما، لأنه يوضح فيما بعد بأنه إن كان هناك اهتمام بمسألة العنونة فمن الضروري أن تمتلك هذه العناوين طاقة فنية .
* العناوين المشدِّدة (underlining titles): وهذه العناوين، بخلاف السابقة، تعتبر عامة أو جوهرية، لأنها تضيف وزنا إضافيا على لب محتوى العمل، أو تشدد على موضوع يعتبر جزءا منه. كما أن هذه العناوين تشهد على أهمية المسمى، وتؤكد وتثبّت ما يقوله جسد النص بشكل مستقل. وهي بذلك تشبه إلى حد ما العناوين الاختصارية.
* العناوين المركّزة/ المبئّرة (focusing titles): وهذه العناوين تلعب دورا فنيا بشكل أكبر. فالعنوان منها ينتقي موضوعا واحدا من المواضيع الرئيسية التي تكوّن لب محتوى النص ويجعله قائدا للعمل. وحتى نتمكن من اعتبار هذا العنوان مركزا، لا مشددا، يجب أن يكون هناك غنى معيّن في محتوى العمل، يتجلى في وجود عنصرين أو أكثر في داخله يعتبران هامين، وما يفعله العنوان المركز هو اقتراح ثيمة من بين الثيمات المتنازعة وإعطاؤها مكانة مركزية في عملية تأويل العمل. وينبه ليفينسون إلى أن العناوين المركزة لا تقوم بهذه الأمور بشكل مطلق، وإنما بنسبة معينة.
* العناوين المقوِّضة (undermining/ opposing titles): وتشبه إلى حد ما العنوانين الساخر والجزئي. إن ظاهر مضمون هذه العناوين مضاد لما تقصده بالفعل، وهي تناقض التصريح المؤقت بتصريح يميل إلى الاتجاه المعاكس. وعندما تستخدم هذه العناوين في الأعمال المركبة والطويلة، كالروايات والأفلام، فإنها تعتبر ساخرة (ironic)، لأنها تعني عكس ما تصرّح به. وبعض العناوين المقوِّضة لا يستوعب على أنه ساخر، بل كمؤكد من خلال تقويضه على فكاهة، هزة معيّنة أو حيرة.
* العناوين المربكة (mystifying titles): بدل أن تعزز هذه العناوين أو تحصر شيئا ما في جسد النص فإنها تنحرف تماما عن هذا الشيء. هذا الصنف من العناوين يعتبر الحيلة المفضلة عند السرياليين. ومثال ذلك عناوين بعض اللوحات السريالية التي لا توجد بينها وبين اللوحة التي تحملها علاقة واضحة، وتدفع المتأمل إلى اكتشاف أو اختراع صلة بينها وبين هذه اللوحة.
* العناوين غير الملبسة (disambiguating titles): وهي تشبه إلى حد ما العناوين المتممة. فهذا الصنف من العناوين يقوم بتحديد محتوى العمل بشكل أكبر مما كان عليه إن كان هذا العمل يبدو غامضا، ودون مساعدة هذه العناوين يبدو العمل طلسما.
* العناوين التلميحية (allusive titles): تتبع هذه العناوين بشكل غير مباشر لأعمال أخرى، لفنانين آخرين، لأحداث تاريخية وغير ذلك، فهي تربط العمل بأمور خارجية محددة. وبإمكان هذه العناوين أن تعمل على محتوى النص بالطرق الستة المذكورة، فتستطيع أن تشدّد، تبئّر، تقوّض وتخصّص محتوى العمل.
ويصنف الدكتور جميل حمداوي في مقال له (1) العنوان من حيث الشكل والموضع الى عناوين خارجية وعناوين داخلية وأخرى فرعية وفهرسية...
1- العنوان الخارجي:
يتوسط الغلاف الأمامي ويعتبر من أهم عناصر النص الموازي وملحقاته الأساسية. فهو أول عنصر يواجه القارئ أثناء تفاعله مع النص الروائي. ليس العنوان يافطة إشهارية إغرائية تستهدف دغدغة عواطف المتلقي فحسب، " بل هو استدعاء القارئ إلى نار النص، وإذابة عناقيد المعنى بين يديه.إن له طاقة توجيهية هائلة فهو يجسد سلطة النص وواجهته الإعلامية التي تمارس على القارئ إكراها أدبيا، ويمثل أيضا الجزء الدال على النص والرامي إلى إخضاعا لمرسل".(2)
ويقوم العنوان الخارجي بتقديم العمل الإبداعي والتعريف به وتوسيمه دلالة وبناء وتصورا. إنه بمثابة بطاقة ضيافة "carte visite" للنص مثلا، إنه يمنح القارئ مجموعة من الإشارات الضوئية حول مضمون هذا العمل. أي إنه يصف العمل الأدبي ويعكسه كليا أو جزئيا، أو قد لا يعكسه بطريقة مباشرة إذا كان العنوان يحمل أبعادا رمزية وشحنات انزياحية ثرية وهكذا، فالعنونة الخارجية طقس من طقوس التسمية (إعطاء اسم للكتاب).
وقد يتردد الكاتب كثيرا في اختيار اسم من الأسماء الكثيرة التي تراءى له أثناء تثبيت العنوان الخارجي، ينتقي منها في آخر المطاف ما هو ملائم ودال، ويصوغه بدقة وإحكام لأنه هو أول ما سيقرع السمع ويجذب النظر، ولأنه سينزل من الكتاب منزلة الوجه والغرة، وسيضطلع بمهام حاسمة تجعل الجمهور يفتتن به أو يتطير منه،وعليه سيكون العنوان مختارا بدقة معسول اللفظ يثير شهية الجمهور ويدغدغ مشاعره ويحرضه على الإقبال على الكتاب واقتنائه، كما يعتبر بمثابة نواة إخبارية عن محتويات النص وقضاياه المعالجة، ويشير جنيت G.GENETTE إلى "العلاقة الدالة التي تربط العنوان بالنص... العنوان هو اسم الكتاب، ومن حيث هو كذلك، فهو يستخدم لتسميته أي لتعيينه بأكبر قدر ممكن من الدقة مع تفادي أي خطر في الخلط، ولذا من الضروري معرفة تبريرات استخدامه".(3)
ويفرع الدكتور جميل حمداوي العنوان الخارجي إلى عناوين أخرى وذلك من خلال دراسة قارب فيها العنوان في الرواية العربية.1
1.1- العنوان التجنيسي:
يحدد هذا العنوان جنس الإبداع و هويته لذلك نجد مجموعة من الدواوين التجنيسية داخل العنونة الديوانية أو تفريعا عن العنوان الخارجي. فنجد العنوان الخارجي وتحته( غالبا) شعر أو قصة قصيرة أو رواية إشارة إلى جنس الإبداع الأدبي.
2.1- العنوان التشكيلي:
يمتح العنوان التشكيلي وجوده من فن الرسم و التشكيل و التبئير الأيقوني والتنويع في الألوان و الفضاءات الهندسية. وقد يترجم العنوان التشكيلي ملفوظات العنوان الخارجي اللغوي. ونجد هذه اللوحات العنوانية التشكيلية عند كثير من الشعراء الحداثيين مثل: إليوت، و بودلير، و رامبو، و صلاح عبد الصبور، وبدر شاكر السياب، و أمل دنقل، و نازك الملائكة...
3.1-العنوان الإشهاري:
يتخطى هذا العنوان المستوى الفني إلى المستوى التجاري والإشهاري، فيؤشر على مكان إصدار المنتوج و المطبعة التي سهرت على طبع الكتاب و نشره وتوزيعه وعنوان المطبعة و مكتب المؤسسة، بالإضافة إلى ثمن النسخة و شعار مؤسسة النشر أو الوزارة التي تكفلت بالإصدار. وهذا كله يدخل ضمن حيثيات النشر و سوسيولوجيا التسويق والتوزيع.
2- العنوان الداخلي:
1.2-العنوان الأساسي:
يتربع العنوان الأساسي قمة القصيدة و عرشها العلوي، وبالتالي، يحدد دلالات القصيدة وأبعادها الذاتية و الموضوعية.
2.2-العنوان السياقي:
يقصد بالعنوان السياقي ذلك العنوان الذي يحدد سياق القصيدة: تأريخا أو إهداء أو تحديدا لمناسبة القصيــدة، ويساعدنا هذا العنوان في اتســاق النص و خلق انسجامه، وفهم دلالاته و تأويله.
لذلك تذيل معظم القصائد بتاريخ النشر والكتابة ومكان الإبداع بتحديد اليوم أو الشهر أو السنة أو الفصل، علاوة على تحديد مكان النشر سواء خاصا كان أم عاما.
3.2-العنوان المقطعي أو الفرعي :
وهو عنوان مقطعي متفرع من العنوان الأساسي، كأن يتفرع عنوان مقطعي من ديوان شعري
4.2-العنوان الفهرسي أو المفهرس :
وهو إرفاق الدواوين الشعرية والقصص والروايات وأغلب الكتب في جميع المجالات بفهارس معنونة للنصوص الشعرية والعناصر الداخلية المشكلة لبنية النص .وقد صيغت بطريقة دلالية موضوعاتية مبوبة: ترقيما و تصنيفا و تقسيما.










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
*«•¨*•.¸¸.»منتدى, اللغة, العربية, «•¨*•.¸¸.»*, طلبة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 09:02

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc