أن ما آل إليه حال مدرستنا الجزائرية اليوم ، لايدع مجالا للشك بأن الوضع قد أصبح خطيرا ويستلزم من الجميع التأمل العميق في المقدمات التي كانت سببا لهذا الوضع كنتيجة أولا ، ثم البحث الدقـيـق والموضوعي عن الحلول الجذرية ، كمخرج ضروري من هذه الوضعية المزرية ثانيا .
فالحكمة الطبية تقول : ’’قبل إعطاء الدواء لابد من تشخيص الداء‘‘ وعليه فإن مدرستنا الجزائرية ـ وبكل مكوناتها ـ تعاني من عدة أمراض ، منها أمراض ذات أعراض إجتماعية عامة ، ومنها أمراض ذات أعراض قطاعية خاصة .
فمن أهم الأمراض الإجتماعية التي أنهكت مدرستنا الجزائرية ، هي تلك النظرة المجتمعية ’’الإحتقارية‘‘ لكل ما يرمز إلى هذه المدرسة ، من (علـــم ومعلـــم ومتعلـــم) ، حيث أصبحت الشعارات المتداولة بين عامة الناس كلها ترمز إلى تلك النظرة الدونية المهمشة لقيمة العلم ، كشعار: ’’ اللي قرا ... قرا بكري ‘‘ و ’’العلم لمواليه‘‘ وكذلك تلك الثقافة الساخرة من المعلم الذي أصبح مضربا للسخرية والتنكيت من طرف العامة كذلك ، وما لهذه الرمزية من أثر سلبي على مكانة وحرمة أهل العلم والتعليم ، إلى درجة أصبح فيها المنتسب إلى التربة والتعليم يحاول إخفاء مهنته كمربي ومعلم ولعل ما قيل من نكت عن المعلمين ، قد لا تسعه موسوعة ولا يستوعبه قاموسا خاصا . كما أصبح المتعلم المجتهد أيضا عرضة للسخرية والتثبيط من طرف زملائه وأترابه الفاشلين في دراستهم ، كشعار : ’’اللي قراو واش داروا‘‘ ’’ متخرجين من الجامعات ويهمبروا فالشانطيات‘‘ ووو...
أما الأمراض القطاعية الخاصة فيمكن تلخيصها في :
ـ قيادة (وصية) فاشلة في كل مخططاتها ومبادراتها...
ـ إصلاحات (خافـقـة) بكل برامجها ومناهجها ووسائلها...
ـ إدارات كلاسيكية (منغلقة) على نمطيتها في التسييروالمعاملة...
ـ معلمين وأساتذة (أشتات) منهم القدماء المبرمجون على نمطية
التدريس القديمة (التدريس بالأهداف) ولم يستطيعوا التخلص منها ، ومنهم الجدد الذين وجدوا أنفسهم أمام الطريقة الجديدة (التدريس بالكفايات) ولم يستطيعوا هم كذلك التحكم فيها ...
ـ تلاميذ متمدرسين(مكدسين) داخل قاعات لساعات وساعات ،
يتم نقلهم من سنة إلى سنة ، ومن طورإلى آخر بمنطق
(الكوطات) لا بمنطق المؤهلات ...
إن هذا التشخيص للمرض الذي ينخر جسم مدرستنا الجزائرية
ماهو إلا تشخيص لقليل من كثير، وبذلك فالسعي إلى إنقاذ هذه
المدرسة مسؤولية المجتمع بكل مكوناته ومؤسساته ، ولا داعي لإلقاء اللوم على جهة دون أخرى ، مادام الأمر يتعلق بمستقل أبنائنا ومصيرهم .
أرجوا إثراء الموضوع