ذكر ما جاء في الكتب و المتون في شرف بني زيان المصون: - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الأنساب ، القبائل و البطون > منتدى القبائل العربية و البربرية

منتدى القبائل العربية و البربرية دردشة حول أنساب، فروع، و مشجرات قبائل المغرب الأقصى، تونس، ليبيا، مصر، موريتانيا و كذا باقي الدول العربية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

ذكر ما جاء في الكتب و المتون في شرف بني زيان المصون:

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2017-03-03, 15:14   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
اللهب المقدس
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي ذكر ما جاء في الكتب و المتون في شرف بني زيان المصون:


إن من الأوائل الذين أرخوا لبني زيان أبي زكريا يحي ابن خلدون كاتب أسرار سلطانها الأعظم أبي حمو موسى بن يوسف و الذي أرخ لفترة زاهية من تاريخهم، و لا أقول بأنه كان أول من كتب عنهم فقد سبقه إلى ذلك القاضي سعيد العقباني فالخلدونيان كانا من تلامذته، و لكن كتابه ضاع و اندثر، و قد قال الرحالة و المؤرخ المغربي أبي القاسم الزياني في كتابه "الترجمانة الكبرى في أخبار المعمور برا و بحرا" أنه اطلع عليه مع غيره من الكتب حينما زار ضريح الصوفي الشهير الغوث أبي مدين شعيب في العباد، و ذكره "و تاريخ العقباني في دولة بني زيان"، فالعقباني سماه تاريخ دولة بني زيان و ليس بني عبد الواد و الجديد في ذلك و الذي ربما لم ينتبه له بعض المؤرخين هو أن اسم الدولة لم يعرف ببني زيان إلا حينما جاء السلطان أبي حمو موسى الثاني فثبت اسمها نسبة إلى جده زيان بن ثابت و الذي كان استمرار الملك في بنيه دون بني عمومته الآخرين من بني القاسم، فذكرها من طرف القاضي العقباني باسم بني زيان يدل على معرفته بأصولهم الشريفة قبل ذلك الوقت.
و الأمر الآخر الذي أرجحه هو أن صاحب زهر البستان كتب قبل يحي ابن خلدون، فصحيح فقد السفر الأول منه منعنا من الاطلاع على ما فصل فيه في مسألة الشرف ،و لكن ما استقيناه من السفر الثاني في إشاراته لشرفهم المعلوم كفانا، فذكره مجيء يحي إلى بلاط السلطان أبي حمو سفيرا لأبي عبد الله الحفصي أمير بجاية و عدم ذكره لكتابه البغية أو الإشارة إليه أو الاستدلال به مثلما فعل باقي المؤرخين بعده يؤكد ذلك، كما وجب الإشارة هنا لأمر غفله من أراد المس بما قاله يحي ابن خلدون في أنه كتب عن شرفهم و هو في بلاطهم، فالأخير في زيارته المذكورة سلفا مدح أبي حمو موسى بأبيات شعرية تضمنت بيان شرفهم، فقد ذكر ذلك قبل أن يخدم في بلاطهم بحوالي الثلاث سنين و قبل الكتابة عنهم بحوالي العشر سنين، و بالتالي الاستدلال بذلك مردود.
إن يحي ابن خلدون في كتابه "بغية الرواد في ذكر الملوك من بني عبد الواد و ما حازه أمير المسلمين مولانا أبو حمو من الشرف الشاهق الأطواد" في جزئه الأول فصل في شرف بني زيان، و جاء بالحجج و الدلائل و القرائن التي تثبت ذلك، ففي تعريفه بقبيل بني عبد الوادي قال: "و هو فخذان أحدهما بنو عبد الواد، و بهذا الاسم عرف الجميع تغليبا و أصله عابد الوادي رهبانية عرف بها جدهم" و ربطه بسلسلة نسب زناتة، و عدد فرقهم حين قال: "و هم خمس نفر بنو ياتكتن، و بنو وللو، و مصوجة، و بنو تومرت، و بنو ورسطف"و زادهم فصيل سادس في السفر الثاني فرع "بني زردال" لأن عابد الوادي و زردال أخوان، ثم أضاف: "و الفخذ الثاني، الذين هم بنو القاسم من ولد إدريس بن إدريس بن عبد الله الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، قيل هو القاسم بن إدريس، و قيل ابن محمد بن إدريس، و قيل ابن القاسم ابن إدريس، و قيل ابن محمد بن عبد الله بن إدريس و هو أحب إلي لاشتهاره و إجماع المشيخة عليه، و انسب عند اعتبار الزمان لانقضاء دولة الأدارسة" ثم أضاف: "فكان القاسم هذا ممن انضاف إلى قبيل بني عبد الواد، فأكرموه منزله، و مثواه، و عظموا قدره، و شرفوه، و حكموه بينهم في الشرائع، و انقادوا عن آخرهم إلى طاعته، فتزوج فيهم، و نسل بينهم ذرية صالحة كثيرة". ثم ذكر فروعهم الستة فقال: "و كانت شيعتهم شتى، منهم بنو مطهر بن يمل بن يزجن بن القاسم، و بنو غزار بن مسعود بن يكريمن الأكبر بن القاسم، و يضاف اليهم أولاد عمرو و يكريمن الأصغر أخوي وعزان، ثم بنو دلول بن علي بن يمل، و بنو طاع الله بن علي بن يمل، و في عقب محمد بن زيدان بن يندوكسن ابن طاع الله هذا الملك و أولاده من بعده ثلاثة زيان بن ثابت هذا هو والد المولى يغمراسن، ثم جابر بن يوسف المتملك الأول"، انتهى كلام يحي ابن خلدون. فيصبح في بني عبد الوادي تغليبا اثنا عشر فصيلا.
ثم أضاف: "فبنو القاسم هم الذين حازوا الشرف و كرم الأبوة، و فخر الملك القديم و الحادث. قلت و لا يسمع للطعن في هذا النسب الكريم لأنه من الشهرة بالآفاق و الفشو في القبائل و الآباء، بحيث لا يحجبه بعد دار، و لا يجحده لسان عدو، في المشهور من مذهب إمام دار الهجرة رضي الله عنه ثوب الأنساب بمجرد الشهادة من غير معرفة أحوالها، حكى الباجي في منتقاه و غيره من المتأخرين أن شهادة السماع الفاشي المتواتر تفيد العلم إجماعا، قال ابن القاسم: يقطع بالنسب و إن لم يعلم الأصل. و قال بعض قضاة المتكلمين: خبر الواحد إذا حقت به القرائن أفاد العلم فان روعيت في إثبات هذا النسب الشريف الشهادة فلا شهادة أعدل من الأصل لأنه اشتمل على شيب و شبان، و رؤساء و مرؤوسين، و رجال و نساء من بني عبد الواد يعرفون أصلهم، و يدينون بصحة منتماهم الهاشمي، و إن اكتفى فيه بالسماع الفاشي فأمره في المشارق و المغارب مشهور في لسان الولي و العدو و شأنه معروف بحضرة تلمسان دار أولهم، و آخرهم عرفان الشمس، فهو إذا اظهر من أن يخفى و أوضح من أن يجحد".
"و ليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى ليل"
و قد كتب الحافظ التنسي زمن السلطان أبو عبد الله محمد المتوكل كتابا سماه "نظم الدر و العقيان في بيان شرف بني زيان و ذكر ملوكهم الأعيان و من ملك من أسلافهم فيما مضى من الزمان" خلد فيه شرفهم، و عدد فروعهم، و بين الفرق بينهم و بين أخوالهم بني عبد الواد، و ربط سلسلة نسبهم بالقاسم من ولد محمد بن عبد الله ابن إدريس ابن إدريس، كما ذكر اختلاف النسابة في طريق اتصال القاسم بولد عبد الله الكامل، و أورد أمرا جديدا حين قال: "و الذي صححه صاحب ترجمان العبر أنه القاسم بن محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن عبد الله الكامل". فقد أورد كلام عبد الرحمان ابن خلدون على أنه رد بني زيان إلى السليمانيين نسبة إلى سليمان بن عبد الله الكامل و هو تفنيد صريح من التنسي لمن أراد أن يفهم كلام صاحب العبر على أنه نفي لشرفهم.
و هنا وجب التنبيه على أن اليعقوبي في كتابه "البلدان" كان من الأوائل الذين تكلموا عن القاسم من ولد سليمان بن عبد الله الكامل حين قال: "....ثم إلى المدينة العظمى المشهورة بالمغرب التي يقال لها تلمسان، و عليها سور حجارة، و خلفه سور أخر حجارة، و بها خلق عظيم و قصور ومنازل مشيدة، ينزلها رجل منهم يقال له محمد بن القاسم بن محمد بن سليمان". و جاء بعده ابن حزم في "جمهرة أنساب العرب" و قال في ذرية محمد بن سليمان: "و منهم القاسم بن محمد بن القاسم بن أحمد بن محمد ابن سليمان صاحب تلمسان".
و قد سلك العشماوي طريق التنسي في كتابه " السلسلة الوافية و الياقوتة الصافية في أنساب أهل البيت المطهر بنص الكتاب" حين ذكر، أن الخلاف ليس في شرف بني زيان بل الخلاف فيمن تنسلوا منه من ولدي عبد الله الكامل، إدريس أم أخاه سليمان و قال: "و أما بنو زيان أهل مدينة تلمسان، كما نص عليهم التونسي صاحب البرهان، قال المدراوي الدر و العقيان يشبه شرف بنو زيان، و قال الطرطوشي أمر من الحرير و الدروان شرف بني زيان، و قال الطبراني أفضل من اللؤلؤ و الياقوت و المرجان شرف بني زيان، و قال المقري أعلا من الذهب و الفضة و الزبرجد و الدر و العقيان يشرف بنو زيان" و قد رجح مشجر الأدارسة على السليمانيين في آخر كلامه.
كما أن ابن جزي الكلبي حفيد الحفيد صاحب مخطوط "مختصر البيان في نسب آل عدنان" قد فصل أيضا في شرف بني زيان فقال: "و فر إلى بني عبد الواد و تزوج و خلف ذرية مولاي محمد بن زيدان بن طاع الله بن أبي الحسن علي بن أبي القاسم بن محمد بن عبد الله بن إدريس و خلف ابنه ثابت و ترك ابنه مولانا زيان بن ثابت بن محمد الشريف في قبائل بني عبد الواد". ثم نسب بني عبد الوادي إلى عرب قيس بن غيلان، و عدد فرقهم، و بين بأنهم أخوال الشرفاء بني زيان الذين ذكر فروعهم الكريمة حين قال:"الشرفاء هم أولاد مولانا زيان بن ثابت الحسني، و هم بني طاع الله و بني دلول و بني مطهر و بني وعزان و بني معطي و بني جم و بني جوهر".
ثم يذكر ارتفاع نسبة الشرفاء أولاد مولانا زيان بن ثابت الشريف الحسني، و شجرتهم العالية، فيوردها متجاوزا بعض الأسماء ممن ثبتت في مشجر بني زيان، و هدفه التعريف بالألقاب التي عرفوا بها بدءا من السلطان المعاصر: "مولانا أبو عبد الله محمد بن ثابت بن أبي بكر الملقب تاشفين بن أبي زيد عبد الرحمان ابن الأمير المنتصر أبو حمو بن أبي عمران موسى بن أبي يعقوب يوسف بن أبي زيد عبد الرحمان بن الأمير المنتصر أبي زكريا يحي بن الأمير يغمراسن بن مولانا زيان بن ثابت بن محمد بن زيدان الملقب يزكاب بن محمد الملقب يندوكسر عبد الله ابن علي الملقب يزجان بن مولانا أبي القاسم بن محمد بن عبد الله بن إدريس بن إدريس بن عبد الله بن حسن بن الحسن ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنه".
وفي المخطوطات الثلاث "زهرة الأخبار في تعريف أنساب آل بيت النبي المختار" "الأنوار في نسب آل النبي المختار" و "الأنوار و كنز الأسرار في نسب آل النبي المختار" المنسوبة إلى المقري المحمودي و ليس المقري التلمساني صاحب نفح الطيب و أزهار الرياض، فالأول لقب لقراءته و الثاني لقب نسبة إلى بلدة مقرة الحالية من ولاية المسيلة أصل أجداده قبل انتقالهم إلى تلمسان. جاء أن من أولاد عبد الله ابن إدريس بن إدريس المذكور القاسم بن محمد بن عبد الله الذي فر إلى بني عبد الوادي في نكبة الأشراف زمن موسى بن أبي العافية المكناسي، و ذكر أن القاسم هذا هو جد شرفاء بني زيان ملوك تلمسان و جاء بمشجرهم بدءا من زيان بن ثابت بن محمد بن تاشفين بن عبد الرحمان ابن أبي حمو موسى الثاني، و قد بين معنى الأسماء الزناتية الواردة في مشجرهم و ذكر في زهرة الأخبار أنه من فر إلى بني عبد الوادي هو "مولاي علي بن زيان بن أبي القاسم بن محمد بن عبد الله ابن إدريس بن إدريس الحسني"، كما عدد فروع بني عبد الوادي الزناتي الخمسة و ذكر أنهم أصحاب الوظائف و أما السلاطين هم أشراف بني زيان .
و قد ذكر ابن جزي و المقري أن للسيد أحمد بن محمد بن سليمان بن عبد الله الكامل ستة أولاد: منهم السيد القاسم و هو الذي حكم تلمسان عشرين سنة و قد أوصى على بنيه الشيخ الغوث أبي مدين شعيب عند وفاته أهل عين الحوت، و لكن لم يوردا علاقة له بالزيانيين لأنهم اعتبروهم أدارسة.
و أما السيوطي المكناسي في "مخطوطه للأنساب" و هو غير السيوطي جلال الدين المصري، فقد رد بني زيان إلى السليمانيين و عد ثمانية عشر فرقة من الأشراف في تلمسان عشرة فرق أدارسة و ثمانية سليمانيين، و ذكر القبيلة الأولى "أولاد طاع الله سكنوا بيدر و هو طاع الله بن علي بن القاسم بن محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن عبد الله الكامل" و هو نفس كلام عبد الرحمان ابن خلدون في ذكره بني طاع الله بن علي بن القاسم وليس بني طاع الله بن علي بن يمل بن القاسم، و هو تأكيد آخر بأن أغلب المؤرخين و النسابة فهموا كلام ابن خلدون بأنه رد بني زيان إلى السليمانيين و لم ينفي الشرف عنهم بل أخرجه إلى المضنون. و الفرقة الثامنة "بنو طاهر بن علي بن أبي القاسم بن محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن عبد الله الكامل"، و بنو طاهر المقصودين هنا هم بني مطهر.
كما حذا حذو المكناسي في رد بني زيان إلى السليمانيين العلامة مولاي إدريس الفضيلي في كتابه "الدرر البهية و الجواهر النبوية" في جزئه الثاني و ذكر نفس الفرقتين السابقتين من بني سليمان بن عبد الله الكامل، و سار على دربهما صاحب كتاب "مصابيح البشرية في أبناء خير البرية" أحمد الشباني الادريسي، و بعده صاحب "المنتقى في أعقاب الحسن المجتبى" إيهاب بن يعقوب الكتبي، و كذلك مؤرخ الدولة العلوية أبي القاسم الزياني في كتابه "تحفة الهادي المطرب في رفع نسب شرفاء المغرب"، و أيضا عبد الكريم الفيلالي في الجزء الثاني من كتابه "التاريخ السياسي للمغرب العربي الكبير".
و أما العلامة عبد الرحمان الفاسي في ذكره لأخيار الأشراف كما سماهم دوما في كتابه "اثمد الأبصار في الاختصاص بالشرفاء الأخيار" ذكر: "و من أخيار الأشراف أمير المؤمنين و مغني القاصدين أبو حمو ابن يغمراسن جد أشراف بنو زيان"، و أضاف أيضا: "و من أخيار الأشراف السيد زيان المعروف بقائل بني مطهر و هو جد أشراف بني مطهر المسمون بأولاد زيان". ثم زاد: "و من أخيار الأشراف عزيز المنصب عريض المنكب الكبير الشريف بن الشريف السيد طاع الله المعروف بقرية ندرومة و هو جد أشراف أولاد طاع الله".
و قد روى ابن رحمون في "شذور الذهب في خير نسب" الروايتين معا: الأولى نقلا عن التنسي في ردهم للأدارسة حين قال: "و من الباب السابع من كتاب سيدي محمد بن عبد الله بن عبد الجليل المعروف بالتنسي رحمه الله تعالى و رضى عنه في أولاد عبد الله بن إدريس: محمد بن محمد بن أبي ثابت بن أبي تاشفين بن حمو بن يوسف بن عبد الرحمان بن يحي بن يغمراسن بن زيان بن ثابت بن محمد بن زيدان بن يندوكسر بن طاع الله بن علي بن يمل بن يرجز بن القاسم بن محمد بن عبد الله بن إدريس بن إدريس الأكبر".
و الثانية: في ردهم إلى بني سليمان نقلا عن صاحب دلائل الخيرات و أظنه الشيخ الجزولي في مخطوطة "روضة الأزهار في التعريف بآل محمد المختار" المنسوبة للشريف التلمساني، رغم أن المخطوط الأخير يستأنس به فقط و لا يستدل به نظرا للخلط الكبير في الأنساب الموجود فيه. و قبل ذلك نقل أي ابن رحمون عن ابن خلدون مشجر بني سليمان و ذكر منهم السيد القاسم الذي حكم تلمسان.
و من أعلام الجزائر و أبرز مؤرخيها الذين ألفوا في بيان شرف بني زيان فريد عصره و نابغة زمانه الحافظ أبي راس الناصر المعسكري الندرومي، و الذي ألف كتابا في عداد المفقود سماه "فتح الجواد في الفرق بين آل زيان و بني عبد الواد"، لكن فقده لم يمنع من ظهور كتاب آخر له تناول شرف بني زيان و هو مخطوط حقق مؤخرا سماه أبي راس "لقطة العجلان في شرف الشيخ عبد القادر بن زيان و أنه من بني زيان ملوك تلمسان"، ضمنه نبذة عن تواريخهم و بيان شرفهم و الفرق بينهم و بين أخوالهم بني عبد الواد و عدد الفرق من الجانبين خمسة في بني عبد الواد واحدة في ولد أخيه زردال و ستة في ولد القاسم الذي بني زيان من نسله. كما استدل بالتنسي و بيحي ابن خلدون و أكد أنهم أدارسة و ليسوا سليمانيين كما عارض عبد الرحمان ابن خلدون بل و ذكر: "قلت و في ابن خلدون أن السلطان يغمراسن بن زيان، كان يرفع نسبه إلى مولانا إدريس"، و بقوله رد على ما فهم من كلام يغمراسن بن زيان عن شرف الدنيا.
و الكلام عن مخطوطة أبي راس يقودنا إلى كتاب الأغا إسماعيل بن عودة المزاري "طلوع سعد السعود في تاريخ وهران و مخزنها الأسود" و الذي حققه الدكتور يحي بوعزيز رحمه الله. ففي جزئه الأول في فصل دولة بني زيان لا يدع مجالا للشك بأن أبي راس هو من كتب المخطوط سابق الذكر، فيشير إليه صراحة في ذكره لشرف بني زيان و يسميه"العجالة" نسبة لما أبتدئ به المخطوط "هذه العجالة للشيخ العلامة سيدي محمد أبو راس الناصر رحمه الله". و يذكر بأن تسميتهم الزيانيين نسبة لجدهم لأبيهم زيان بن ثابت و يصلهم بالقاسم بن محمد بن عبد الله بن إدريس، و تسميتهم ببني عبد الواد نسبة لجدهم لأمهم عابد الوادي و يصله بزناتة. و يستشهد بأقوال يحي ابن خلدون و التنسي و يذكر الخلاف في نسبتهم أدارسة أم سليمانيون و يستدل بأبي راس في أنهم أدارسة. كما أنه يعدد بعض الكتب التي ألفت في شرفهم.
و أما الذي كتب له أبي راس تلك العجالة فهو "الشيخ عبد القادر بن زيان" و الذي لم يتعرف عليه محقق المخطوط سالف الذكر، فيذكره كتاب الأغا المزاري في جزئه الثاني حين يتكلم عن مقاومة محي الدين والد الأمير عبد القادر و كذلك الأمير نفسه للمستعمر الفرنسي سنة 1832م. و كما نعرف فأبي راس عاش بين 08 صفر 1165ه (27 ديسمبر 1751م) إلى 15 شعبان 1238ه (27 أفريل 1823م)، و مما فهم من الأحداث فعبد القادر بن زيان كان شيخا كبيرا وقتها و بالتالي أبي راس توفي قبل سنة 1832م بحوالي التسع سنوات و منه فالتقاء أبي راس بالشيخ عبد القادر ين زيان في الزمان منطقي، كما أن البعد المكاني هو نفسه حاضرة معسكر.
فمحي الدين والد الأمير عبد القادر استعان بعبد القادر بن زيان في إطفاء نار الفتنة التي كانت بين المسلمين في المنطقة لا سيما بعد الاحتلال الفرنسي لمدينتي وهران والجزائر ثم مشاركتهما معا في معركة "خنق النطاح الأولى بوهران"، و يشير لها الفقيه الحاج عدة بن علي الشريف التحلايتي في عروبيته:
"سيدي محي الدين دبر في ذا الراي و جا امزير
في سيق أنزل يالحاضر هو و المبروك الأفحال بن زيان"
ثم في "معركة رأس العين بوهران" و التي خلدها الحاج عدة سالف الذكر:
"يا سايلني نعيد لك هذا الغيوان يوم انحركوا انجوعنا لبلاد الروم
الأقطاب اثنين جمع في ذا الديوان و انصرهم يالطالب الحي القيوم
حمر اللحيا الشيخ الأفحل بن زيان يبغي الجهاد قدها عز المظيوم
محي الدين الوقيح زيفط للعربان جاته الإسلام كافة تراس و قوم
أمحال قويا التمت يا فرسان لا من يحصي أعدادها هيلات اطموم"
ثم في معركة "خنق النطاح الثانية"، أين كان الشيخ عبد القادر بن زيان و معه قبيل الغرابة في انتظار الأمير عبد القادر بوهران.
و في الجزء الثاني نفسه ورد ذكر لفروع أخرى من بني زيان، كالبلاغة أولاد سيدي عمر البلغي و سلسلة نسبهم و التي قد سبق و أن أشار إليها العشماوي في كتابه السالف الذكر، و كذلك ذكر فرع ابن عوالي الزياني.
الرد على بعض الكتابات:
إن عبد الرحمان ابن خلدون في العبر، لم ينف و لم يثبت شرف بني زيان بل أخرجهم إلى مرتبة المضنون خاصة حين ردهم إلى السليمانيين. و المضنون في علم الأنساب درجة من درجات الإثبات وليس النفي، و كلامه لا يتضمن نفي الشرف عنهم أبدا. هذا على الأقل فهمي و فهم كل من يقرأ كلامه بالمنطق.
ثم لنفترض أن ابن خلدون نفى الشرف عنهم أي عن القاسم الإدريسي الفار إلى بني عبد الواد، حين ذكر في عبره: "إن كان صحيحا فقد فر من مكان سلطانه مستجيرا بهم فكيف تكون الرئاسة عليهم في باديتهم" فنقول له الآتي:
أولا: إذا سلمنا بأن القاسم هو الذي حكم بني عبد الوادي فكيف تمت الرئاسة لإدريس قبله على قبيلة أوربة البربرية في المغرب الأقصى و قد فر إليهم و نصروه و هو ليس من بني جلدتهم.
ثانيا: إن كان القاسم هذا سليمانيا و ليس إدريسيا كما ظن ابن خلدون فقد حكم فيهم و هو ليس غريبا عنهم، فبني سليمان هم من حكموا تلمسان منذ مجيء الأدارسة إلى المغرب إذن فكلامه مردود.
ثالثا: الذي حكم بني عبد الواد ليس القاسم نفسه بل أحفاده من بعده، فبني زيان فرع من فروع ستة لبني القاسم تناسلوا و تصاهروا و اختلطوا ببني عبد الوادي، فيغمراسن بن زيان هو أول من حكم فيهم و هو من السادس والقاسم قبله من الثالث.
هذه ثلاث حجج دامغة تؤكد غلط ابن خلدون انطلاقا من حججه هو و تاريخه هو و قوله هو بظنية نسب بني زيان و ليس نفي الشرف عنهم كما يعتقد الكثير، فالفرق شاسع بين النفي و الظن و الظن إذا ساندته القرائن ارتفع إلى المشهور و المعروف و نسب القاسم مشهور بكلام ابن خلدون نفسه، و هذا الأمر أي الشهرة هو مذهب يحي شقيقه كما ذكرنا سلفا في بغية الرواد.
أضيف أمورا أخرى: ففي تبيان ابن خلدون لفرق بني القاسم قال: "أظهرها فيما يذكرون". من يذكر له، المؤرخين قبله و هو ما لم يحدث قبله تماشيا مع طرحه هو، أو ما يذكره بني القاسم عن أنفسهم و هو المرجح. فكيف به إذا يقبل ما يذكرونه عن فرقهم و لا يقبل ما يذكرونه عن شرفهم.
ثم لماذا لم يتكلم عن شرف بني زيان قبل موت أخيه يحي. إذن فقد كتب من منطلق انتقامي و هذا يكون كفيلا بإسقاط النزاهة العلمية عن كتاباته.
ثم إن ابن خلدون كان صديقا لذي الوزارتين لسان الدين ابن الخطيب و قد راسله مستفسرا عن عدة أمور و تواريخ، و هذا الأخير أي ابن الخطيب قد ذكر شعرا مدح به أبي حمو موسى تضمن بيان شرفه كما أنه قد كتب عن تاريخهم في كتابه "رقم الحلل في نظم الدول"، فلم لم يتكلم ابن خلدون عن ذلك.
ثم إن قيل بأن يحي ابن خلدون كتب عن شرف بني زيان و هو عامل في بلاطهم، أو لم يكتب أخاه عبد الرحمان عن شرفهم و هو عامل في بلاط أعدائهم بني مرين و بني حفص، أو لم يرفع أول نسخة من العبر إلى خزانة أبي العباس الحفصي سلطان تونس و هو الذي كان العدو الأول لبني زيان و قد جهر بعدائه.
ثم إن كان سبب الطعن في كلام يحي هي الظروف التي كتب فيها عن شرف بني زيان، أو ليست هي نفس الظروف التي كتب فيها أخاه عبد الرحمان. فلم نطعن في هذا و نتناسى ذاك.
و من الأمور التي سقط فيها ابن خلدون و هي البعيدة كل البعد عن بني زيان، هو أنه كان يعتبر نظريته في نشأة الدول من منطلق العصبية القبيلة و ليس غير ذلك، و هذا ما أسقطته أمثلة تاريخية عديدة. ضف ما وقع فيه من تناقض في نسبته لقبيلة زواوة البربرية مرة للبتر و مرة للبرانس فكيف يكون ذلك.
و الأمر الذي نزع عنه النزاهة العلمية تماما لمن هو مطلع و الذي غفله من كان يغرف من العبر بدون تمعن، هو أنه نقل جملا و تواريخ و نصوص كاملة في كتابه العبر من "كتاب مفاخر البربر" لمؤلف مجهول الذي ألف سنة 712 هجري أي قبل العبر بحوالي الثمانين سنة، و المصيبة هو أنه لم يشر لا من قريب و لا من بعيد إلى صاحبها الأصلي و كأنه هو من اكتشفها.
إن ما ذكرت عن عبد الرحمان ابن خلدون جاء متدرجا، و لا يمنعني من إنصاف الرجل و القول بأنه متضلع في علم الاجتماع لا في علم الأنساب، و ما جادت به قريحته في المقدمة من معرفته ومعالجته طبائع الناس و أحوالهم تغني دارس علم الاجتماع عن كل شيء. و لكن ما ذكرت سابقا كلها تساؤلات و أمور تجعلنا نعيد النظر في الكثير من كلامه و أن لا يؤخذ كلامه مثلما يفعل البعض و كأنه قرآن منزه و صاحبه مقدس و كأنه معصوم من الخطأ يعرف كل شيء.
و لأن الدكتور محمود آغا بوعياد رحمه الله استدل بكلام عبد الرحمان ابن خلدون عند تحقيقه للفصل السابع من كتاب التنسي السالف الذكر "الدر والعقيان"، ارتأيت أن أبين أنه جانب الصواب و خرج عن التحقيق العلمي المنطقي المنصف. فقد ذكر أن التنسي لم يعرف و لم ينقل من العبر، ولو اطلع عليه لنقل منه. فأقول: أو لم يدر حقيقة أن التنسي نقل منه حرفيا في ثلاث مواقع كان الأدهى و الأمر في ذلك أنه أي بوعياد ذكر مواضع الورقات الثلاث في الهامش، و قال بأن التنسي نقلها من كتاب "ترجمان العبر" زاعما أنه لم يتعرف على هذا الكتاب. ألم يستدل بكلام صاحب العبر في الرد على التنسي. و هو قد استدل به فكيف لم يقرأ ما قاله في بني زيان، هل يجوز ربما أن نقول أنه لم يقرأه إطلاقا. ألم ينتبه بأن ما نقله التنسي هو نسخ حرفي لما جاء في العبر، ثم كيف لمعاصره الذي حقق الفصل السادس من نفس الكتاب (الأدارسة و السليمانيين)، و هو الدكتور عبد الحميد حاجيات يتعرف على الكتاب، و هو العبر هو نفسه ترجمان العبر، ألم يسمع بذلك.
ثم أن المحير فعلا هو أن بوعياد مدح التنسي على جوابه في قضية يهود توات حينما استفتاه "المغيلي"، و بأنه لم يلتفت لا يمينا و لا شمالا و لم يستمع في ذلك لولاة الأمور في فتواه. ثم بعدها ذمه في قضية شرف بني زيان و اتهمه بالتملق لهم. فالقضيتان سيان الاستماع أو عدم الاستماع لولي أمره المتوكل أبي عبد الله محمد. فأين المنطق هنا في كل ما قاله بوعياد.
و أما ما جاء به محمد بن علي السنوسي في كتابه "الدرر السنية في أخبار السلالة الإدريسية" و سايره في ذلك ابن حشلاف فهو التناقض بعينه، فالأول أي السنوسي نقل كلاما لا يقبله العقل عن كتاب لابن خلدون التلمساني يسمى"تحقيق الأصول كما في شرح سلاسل الفصول" يذكر بأن بني زيان التالوتيين (نسبة إلى عين تالوت الغرب و هي عين تاسة الحالية نواحي سيدي بلعباس) حكموا تلمسان بعد انقضاء ملك بني عبد الواد كما سماهم (أي بني زيان بن ثابت والد يغمراسن)، و يذكر بعدها بأن حكمهم كان مع أواخر بني مرين أو مع بداية بني وطاس أو الاثنين معا. ورغم قوله الله أعلم، فكتب التاريخ المختلفة لم تذكر أبدا أنه حكم تلمسان أي زيانيين غير بني زيان من ولد يغمراسن بن زيان لا قبلهم (الموحدين) و لا بعدهم (الدخول التركي) فعن أي بني زيان حكموا تلمسان يتكلم السنوسي.
ثم يستدل بالمقريزي و هو المصري البعيد عن المغرب الأدنى فكيف بالأوسط، و ما هو إلا ناقل لكلام ابن خلدون مجردا حسب تفكيره. ثم بعدها استدل بكتاب "مرآة المحاسن" في ذكر تاريخ قيام و سقوط دولة بني زيان و أول ملوكها يغمراسن بن زيان وآخرهم أحمد بن الأمير عبد الله سنة 953 هجري، و يزيد: "حتى تغلب الترك عليها"، و يورد كلام الونشريسي في استيلاء خير الدين التركي على ملك بني زيان العبد واديين حسبه، و هنا تحديدا: "إن كان يستدل بكل هذا الكلام و يعرفه بل ويذكره، فكيف قال قبل ذلك بصفحة أو صفحتين أن بني زيان التالوتيين حكموا بعد بني زيان بن ثابت العبد واديين. و الله لهو التناقض بعينه".
إذن ما استند عليه السنوسي على كل حال لا يستدل به عند الإثبات و الاحتجاج فضلا عند وجود الخلاف، فمخالفته لمن هو أوثق منه و معارضته لما ثبت في صحيح التواريخ زيادة على نكارة صاحب الكتاب الذي نقل منه و جهالته بل و شذوذه فيما نقله، كل ذلك من شأنه أن يسقط حجته و يضعف أحجيته.
و أما الثاني عبد الله بن حشلاف في كتابه "سلسلة الأصول في شجرة أبناء الرسول" فقد وقع في تناقض يصعب فهمه و ما هو هدفه و مغزاه، فعند نقله لكلام العشماوي قال كلاما لم يذكره العشماوي في كتابه إطلاقا، فمثلا لا حصرا عند ذكره لذرية عبد الله بن إدريس نقل عن العشماوي بعض الفروع من بني زيان و تحاشى ذكر سلسلة النسب و التي تظهر بوضوح نسبتهم لبني زيان ملوك تلمسان، بل و زاد و ربطهم بأولاد دلول أو يلول باسم "يغموس الشاذلي" الذي لم يذكره العشماوي إطلاقا لا في بني زيان و لا في بني دلول، فكيف أضافه لا ندري. و التناقض الفاضح هو أنه نسبه للعشماوي في كلامه.
فإن كان يعترف بشرف الفروع (حتى و أنه أخلطها خلطا و عجنها عجنا) فكيف ينفي الشرف عن الأصول، ثم إن نظرنا إلى ما كتبه في أواخر كتابه من نقل حرفي لكلام السنوسي في شرح لفظة "زيان" لفهمنا بأنه خرج من حفرة ليسقط في أخرى، فقد كتب ما كتب ليتحاشى ذكر سلاسل نسب بني زيان مثلما ذكرها العشماوي و التي تبين أصولهم، و لكنه نسي و ثبت شرف فروعهم فلم يوفقه الله فيما أراد .
و ما شد انتباهي ما جاء في كتاب "تاريخ الجزائر في القديم و الحديث" لشيخ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين مبارك بن محمد الميلي رحمه الله، هو استدلاله بما ذكره أبي راس المعسكري عن تواريخ بني زيان، و لكن عن شرفهم استدل بما فهمه من كلام ابن خلدون، فإن كان أبي راس ليس ذا مصداقية للاستدلال به في شرفهم و هو العالم الحافظ و الناقل لكلام الحافظ الآخر التنسي، فلماذا نستدل به في ذكر تواريخهم و نسبقه على ابن خلدون الذي عاش في عصرهم، فالتاريخ يصح عن المعاصر لهم يعرف أحسن من الناقل عنهم.
أردت أن أنهي فصل شرف بني زيان بأمر و هو أن جل المؤرخين الذين نراهم ينفون الشرف عن بني زيان فعند ذكرهم لبني زيان يذهبون و يفصلون في بني عبد الوادي و نسبتهم الزناتية و كأن الناس لا تعرف بأن بني عبد الوادي من زناتة، و لم يوجدوا و لم يبينوا علاقة تربط بني عبد الوادي و بني زيان مثل علاقة الابن بالوالد إلا القول بأن القاسم بن عبد الوادي و بني وللو بن عابد الوادي و بني تومرت بن عابد الوادي و هكذا.
فأنه لا أحد بمن فيهم صاحب العبر لم يستطع ربط القاسم بعبد الوادي كربط الابن بالوالد فدائما ما يشيرون العبد الوادي كنسبة عامة و ليس والدا للقاسم حتى و لو ذكروا لفظة "ابن"، فإن استطاعوا أن ينفوا كما زعموا أن القاسم ليس بن محمد بن عبد الله بن إدريس أو أي سلسلة أخرى تربطه بالأدارسة أو السليمانيين، فلماذا لم يربطوا بين القاسم و عابد الوادي كربط الابن للأب فدائما القاسم من بني عبد الوادي و فقط. فكيف نفوا الشرف عنه و هم لا يعلمون من هو، فان ذكر غيرهم مثلا أنه بن محمد بن عبد الله بن إدريس نفوا ذلك، فهلا ذكروا لنا من هو.
ثم لماذا لم يذكروا ما قيل عنهم من طرف علماء أجلاء، كإبراهيم التازي، و الشريف التلمساني، و عبد الله العبدوسي، فقد ذكر الدكتور يحي بوعزيز: أن الشيخ إبراهيم التازي لما بعث له السلطان المتوكل يشاوره في أمر، قال لرسوله أبو عبد الله بن عيسى "و الله إني لأحب هذا الملك و أوثره لكونه جمع خصالا من الخير و الدالة على كمال العقل و مناقب من السؤدد لم تتوفر في غيره، و كفاه فضلا و سؤددا انتسابه للجناب العلي، أهل البيت الرسالة و مقر السيادة".
كما ذكر ابن صعد قال لي أبو عبد الله: "فلما سمعت هذا من سيدي إبراهيم، ابتهجت به سرورا و استردته تثبتا، فقال لي لما قفلت من بلاد الشرق و نزلت تونس قصدت شيخنا الإمام سيدي عبد الله العبدوسي و ذكرت له ما عزمت عليه من التوجه لتلمسان، فقال لي سيدي عبد الله أن ملوكها من الشرفاء الحسينيين" و هو يقصد الحسنيين ربما هو تصحيف من الناسخ أو خلط من المحقق.
العلاقة بين بني يلمان و بني زيان:
لقد نصر بني يلمان الدولة الزيانية في أحلك أيامها، بل و ساهموا مساهمة مباشرة في إعادة إحيائها من جديد خاصة وقت أبي حمو موسى الثاني، فالمخطوطات القيمة المكتشفة مؤخرا من طرف ابن العم أستاذي الفاضل الحاج ابن تريعة، تبين كيف أن بني يلمان ساهموا و بالفرسان في دخول تلمسان، فالمخطوطات تذكر حقائق تاريخية مهمة لم يتطرق إليها المؤرخين من قبل، و تعطي تفاصيل عن تاريخ بني زيان غفلها من أرخ لهم، إذن فهي سبق تاريخي هام فيما يخص تاريخ بني زيان وعلاقتهم ببني عمومتهم من ببني يلمان حينذاك.
فالمخطوطات تتكلم عن تاريخ الدولة ككل، و اقتطفنا منها ما يهمنا في مداخلتنا هذه فيما ذكر عن الحاج إسماعيل تريعة من نسل بني زيان ملوك تلمسان، و قبل أن نصل إلى نسبه و ذريته في قصبة بني يلمان، كان لا بد لنا من ذكر ما قيل في تاريخ أجداده و علاقاتهم بأهل القصبة حتى نفهم كيف أحتضن اليلمانيون إخوانهم من بني زيان بعد ذلك.
المعلومة التي أكدتها المخطوطات هي معنى اسم يغمراسن بن زيان، و قد ذكرت أيضا في مشجر الشيخ زروق التريعي و معناها (أن السيد زيان بن طاعة الله ازداد عنده ولد سماه عمر و بالزناتية ينطق يغمر، فلما بلغ الخمس سنين أصبح يفهم كل ما يسمعه و يفهم معانيه، فصارت أمه تفتخر به و تقول ولدي يغمر – أسن أي عمر يفهم).
تذكر المخطوطات أنه بعد أفول نجم الدولة الأول وقت يغمراسن بن زيان توزع و إخوته في الأقطار: فيغمراسن فر هاربا إلى تاوغزوت، و أخاه السنوسي بقي في موضعه في جبال اترارة إلى فقيق، و مثله الطاهر باليعقوبية إلى جبل العمور قرب الشط، و شعيب بن زيان بأغواط أكسال إلى قرب عين الثلاثة. ثم فر يغمراسن بعدها إلى دريد الشابية، و له أربعة أولاد، و تنسلت منهم عدة فرق: فمنهم فرقة بنتيطر بقرب مطماطة، و فرقة بزواوة يقال لهم أولاد أحمد بن زيان، و فرقة منهم بالأهوار يقال لهم الهواورة، و فرقة منهم بتاوغزوت، و غيرهم كثير.
و يذكر المخطوط أن يغمراسن بن زيان مات في الخنقة، و أن يحي ابنه تزوج أسماء بنت السيد محمد الصالح، فولدت عبد الرحمان الذي مات أبوه يحي و دفن في سيدي خالد، و بقي عبد الرحمان في حجر أخواله إلى أن كبر، فانتقل إلى دريد و تزوج بفاطمة البوزيدية، فولدت له يوسف، و حين قصد عبد الرحمان أخواله قتله المزني ببسكرة، و قد رزق ابنه يوسف بولدين من زوجته زينب بنت محمد الأعبيدي، و هما حمو موسى و أخوه أبو جميل (وهنا جد جديد فلم يذكر أبدا أحد قبل هذا أنه يوجد أخ لأبي حمو يسمى أبا جميل). ثم انتقلا معا إلى تونس مع دريد بقرب أولاد راجح (و هم الذين ذكرهم العشماوي و غيره أن فرقة من بني زيان في أولاد راجح هؤلاء) ، ثم دخلوا حزب العرب مع الأتراك فرفعوا قدرهما و أعطوهما سبع فوارس في نفطة، و تتكلم المخطوطات على لسان أبي حمو حين بدأ معركته في استرجاع تلمسان، من الجريد فقسنطينة فميلة ثم كيف دخل بسكرة و قتل المزني لقتله جده، ثم كيف طوع الزاب و دخل طولقة، وأقام فيها عشرة أيام.
و هنا تبرز علاقة بني زيان ببني يلمان، فقد جعل أبي حمو أخاه أبو جميل أميرا على طولقة، و تركه مع والدته زينب بنت محمد الأعبيدي، و زوجته، و أولاده، و أصحابه، و كاتبه اليلماني، و مائة فارس من إخوانه بنو يلمان، و سكن قصبتها و هي القوسة و ما حولها من الديار و النخيل، و قد حاول أبي حمو والدته على الرحيل معه إلى تلمسان فأبت، و تحير حاله على فراقها، و قد تعللت بأنها ستبقى مع أخاه أبو جميل لأنه صغير ولا تقوى على فراقه، فانصرف أبي حمو باكيا و قال شعرا يستأنس به وقت الوحشة:
ودعت صبري بالدموع كوابل يجري على صفحات الخد الذابل
يا ليت شعري هل نطيق فراقكم نار تأجج في الحشا و نازل
من لي برد الوقت يجمع شملنا بديارنا الحسناء تزهى بلابل
يا أخي جميل جال فكري ومهجتي يا طول ليلي من فراقك فاصل
اصبر فلعل الله يجمع شملنا إن لم تعقني منيتي في الأجل
لله يا والدتي الرضا يسبل على موسى و حمو ستره من صايل
فأجابه أخوه أبو جميل، و دموعه تسيل على صفحات الخد:
أقدم إلى ما أنت محاورا فالنصر و العز إليك مجاورا
بادر إلى تلك الديار و أهلها فالشوق يرقص من خلالها ظاهرا
جرد سيوف الدم لا ترحم سوى من طاع تحت الحكم جاء مبادرا
إني بإثرك بالجنود فكن على حذر من الأعداء و دوما ساهرا
و أعزم على الأمر الجميل و دم على بذل العطاء تملك قلوبا زاهرا
ثم دعت له والدته بخير، و رجعت من الدوسن مع ولدها أبو جميل، و جنوده، و طبوله، و نفيره، و أرباب دولته. و في ذلك اليوم قتل عبد الله الأوريسي صاحب المزني و دخل سلطانا عام ستين و سبعمائة.
و في ليلة فتح أبي حمو موسى لتلمسان سنة 760 هجري برز بنو يلمان من جديد، فيقول أبي حمو: "فقدم إلينا أبو جميل بعد أن ترك أمنا في ونوغة قرب القصبة عند إخواننا بنو يلمان"، و كان أبو جميل قد رحل و والدته زينب و من معه من الجنود و الأعيان إلى ونوغة و سكن القصبة عند إخوانه بنو يلمان، و شيد البنيان (و هو يقصد هنا أن أبا جميل شيد قصرا لأمه و أطلال القصر لا زالت قرب القصبة و تعرف اليوم بخربة سلطانة) ، و قد كانوا لهم نعم المدد (يقصد بني يلمان) و أمدوهم بالكثير من العدد و العدد، و وطنهم أي بني يلمان يمتد من دون انقطاع، و ذكرهم سار في الأقطار و كانوا لهم نعم الخلان و الأنصار، فملكوا و تنازلوا لهم أي لبني زيان حبا دون امتنان، و كان قدوم أبو جميل تلمسان في ثلاثة آلاف فارس من بني يلومي الأشراف الكرام بليل، و في الصباح كتب لهم فتح تلمسان و إحياء ملك الأجداد، و قد قال في ذلك أبي حمو قصيدته المشهورة "جرت أدمعي" التي ضمنها المخطوط كاملة من دون نقص.
لقد برز مما ذكر سلفا في مخطوطات بني زيان فضلا عن مكانة بني يلمان في تلك الحقبة اتساع رقعة الأراضي التي كانت تحت نفوذهم و هو الأمر الذي ذكر في مخطوطات أخرى، ذكرت أن بني يلمان ملكوا من جنوب القصبة حتى البحر في زواوة.
و بالعودة إلى الحاج اسماعيل تريعة، فهو من نسل محمد بن المسعود بن عبد الله بن أبي حمو موسى، و قد التجأ عبد الله هذا الذي ملك (من 1399م إلى غاية 1402م) بعد سقوط ملكه إلى جدته زينب بنت محمد الأعبيدي في قصبة بني يلمان الكرام، فخلف ذرية طاهرة ملأت الآفاق و امتزجت مع إخوتهم من بني يلمان الذين كانت لهم صولات و جولات من بعد ذلك حين حموا بني زيان من الأتراك و قت سقوط دولتهم، و مما ذكر في عدة مصادر أنه استعصى على الأتراك دخول ونوغة حتى سنة 1824 و قت الباي عمر.
و قت خلف الحاج اسماعيل تريعة محمد الذي عقب ستة من الأولاد، عقبوا كلهم و سكنوا كلهم ونوغة، و هم: شعيب و الطاهر و أحمد و محمد و الحاج و عبد الرحمان، و محمد عرف بمحمد زيان قيل لشبهه بجده زيان بن طاعة الله. و المشهور أن أحمد عقب إبراهيم الذي عرف بالنفطي و إبراهيم خلف أحمد و أحمد خلف إبراهيم، و علاقتهم بنفطة قوية فأحمد كان يدرس بنفطة و لم تكن له ذرية فنذر نذرا أنه إذا رزق بابن يسميه على المنطقة، فرزق بإبراهيم فسماه إبراهيم النفطي، و قد أسس زاوية في نفطة تعرف باسمه إلى الآن، و هي زاوية "سيدي إبراهيم بن أحمد الشريف" و قد ذكره الشيخ شوشان محمد الطاهر عمارة في مخطوطته الشهيرة التي كتبت بزاويته في نفطة، و أما الحاج فقد خلف بلقاسم و بلقاسم خلف أحمد زروق و أحمد زروق خلف العالم العلامة و البحر الفهامة سيدي امحمد بن تريعة و الذي له كثير المؤلفات و الكتب منها "بلوغ الأرب في شرح شذور الذهب" و الذي في آخره مدح من طرف الشيخ محمد بن عبد اللطيف التليلي لامحمد بن تريعة و محمد بن عبد اللطيف ذكر من الشهود العدول في شجرة الشيخ زروق التريعي و كذلك في مخطوط محمد الطاهر عمارة، و قد توفي العالم امحمد بن تريعة مع صاحبه الشيخ علي بن عمر الطولقي صاحب الزاوية المشهورة في حادثة الصلح الشهيرة، و دفن في مقبرة سيدي قنيفيد بطولقة. و أما محمد الذي عرف بزيان، فقد ولد زيان و عمران و زيان خلف الطيب و موسى و عبد الله و أحمد و الأخير هو جد والد جدي، وجدي هذا سيدي زيان كان من الأعلام و نزل من القصبة من زاويتها الصديقية إلى قرية الصمة المجاورة، فأسس زاويته المشهورة إلى الآن بزاوية "سيدي زيان" سنة 1723 ميلادي، و قد أعيد افتتاحها هذه السنة.
و كما قلت من قبل فقد سكن الجميع ونوغة و نسبوا إلى القصبة و غلب عليهم نسب جدهم يلمان الشريف فصاروا من شرفاء بني يلمان، و انتقل البعض منهم إلى جبل العمور، و البعض إلى طولقة، و البعض إلى أرض التيطري، و البعض سكن زواوة.
أختم بما قاله العالم جدي سيدي أمحمد بن تريعة في المخطوط المذكور، فقد ذكر بأنه يجتنب التقرب من الأتراك حتى لا يعرفوا أصوله التي قال عنها:
"أمي عربية شريفة و الأب من نسل زيان دار الملك و اجباحوا
يدعى بأحمد ابن القاسم المرتضى قد ظهرت منه أبطال و صلاحوا
ابن محمد ابن الفاضل الكامل الذي يدعا تريعة حج البيت و امجاحوا
ابن محمد بن مسعود نجل الرضا عبد الله الذي قد طالتا رماحوا
ابن حمو موسى الأمير العادل المقبل أثر الجدود لقطع العتق سباحوا
أبو جميل له أخ و يوسف أب بن عبد الرحمان بن يحي يا فصاحوا
ابن ليغمور بن زيان حق لهم دار الكمال سليل الكريم لماحوا "


كتبه الباحث / محمد صديقي









 


رد مع اقتباس
قديم 2017-03-05, 01:22   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الهاشمي القرشي
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

ترجمة المؤرخ النسّابة \ هشام عمر هشام العقيلي

هو المؤرخ النسّابة :
هشام عمر هشام العقيلي ، ولد في مدينة حلب بالجمهورية العربية السورية سنة 1965م .

نسبه :
يرجع نسبه إلى بني عقيل بطن من هوازن العدنانية .

مؤلفاته :
• كتاب مُختصر أنساب عشائر الشام .
• وله مقالات وأبحاث في التأريخ والأنساب ، والطوائف والمذاهب والأديان .

وفاته :
إنتقل إلى رحمة الله تعالى يوم الثلاثاء 21 فبراير 2017م ، أثر غارة جوية على مدينة حلب .

المؤرخ النسّابة المرحوم / هشام عمر هشام العقيلي



المؤرخ النسّابة المرحوم / هشام عمر هشام العقيلي



المؤرخ النسّابة المرحوم / هشام عمر هشام العقيلي



المؤرخ النسّابة المرحوم / هشام عمر هشام العقيلي



المؤرخ النسّابة المرحوم / هشام عمر هشام العقيلي










رد مع اقتباس
قديم 2017-03-19, 13:39   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
OUM DOUAA
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك مشكور على الموضوع










رد مع اقتباس
قديم 2023-05-31, 17:59   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
شاكر الكيلاني
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكراً لك .......










رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 21:36

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc