الأحاديث الصحيحة - الصفحة 3 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الأحاديث الصحيحة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-07-04, 04:37   رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بيان الشروط التي يجب أن تتوفر في المفتي حتى يكون من أهل العلم الذين تعتبر أقوالهم

السؤال:

إذا كانت هناك مسألة ما ، وفيها أكثر من فتوى شرعية ، فتوى تقول بالتحليل ، وفتوى تقول بالتحريم ، وفتوى ما بين بين ، فالمسلم أي شيء يختار ، وخاصة في الأمور المستحدثة ، والتي يدخل فيها القياس ، والاجتهاد ، والتي لا نص فيها ، مثل : فوائد البنوك ، أو أياً كانت المسميات التي يسمونها ، بالاستمثار ، أو العائد الاستثماري .

وما موقف ما يقول إنها فتوى عالم ، وهو المسؤول عنها ، وإنها معلقة في رقبته ؟

وما موقف من يتتبع رخص العلماء ، وتسهيلات العلماء ورخصهم ؟

ويقولون إنهم هم هؤلاء أهل العلم والذكر وهذه فتواهم وهم أعلم منا بذلك ، وقد تكون فتواهم معارضة لفتوى شيوخ وعلماء آخرين في نفس الدولة أو في دول أخرى ، فأي منهم نتبع ؟

وكيف لنا السبيل أن نعرف الصحيح وغير الصحيح ؟

مع العلم أن عامة الناس ليس لديهم العلم الكافي للحكم على صحة هذه الفتوى التي تصدر من عالم أو مفتي ويعارضها علماء آخرون .


الجواب :

الحمد لله

قبل الجواب على هذا السؤال الهام ، لا بد أولاً من بيان الشروط التي يجب أن تتوفر في المفتي حتى يكون من أهل العلم الذين تعتبر أقوالهم ، ويعد خلافه خلافا بين العلماء ، وهي شروط كثيرة ، ترجع في النهاية إلى شرطين اثنين وهما :

1. العلم . لأن المفتي سوف يخبر عن حكم الله تعالى ، ولا يمكن أن يخبر عن حكم الله وهو جاهل به .

2. العدالة . بأن يكون مستقيما في أحواله ، ورعا عفيفا عن كل ما يخدش الأمانة . وأجمع العلماء على أن الفاسق لا تقبل منه الفتوى ، ولو كان من أهل العلم . كما صرح بذلك الخطيب البغدادي .

فمن توفر فيه هذان الشرطان فهو العالم الذي يعتبر قوله ، وأما من لم يتوفر فيه هذان الشرطان فليس هو من أهل العلم الذين تعتبر أقوالهم ، فلا عبرة بقول من عُرف بالجهل أو بعدم العدالة .

الخلاف بين العلماء أسبابه وموقفنا منه للشيخ ابن عثيمين ص: 23 .

فما هو موقف المسلم من اختلاف العلماء الذين سبقت صفتهم ؟

إذا كان المسلم عنده من العلم ما يستطيع به أن يقارن بين أقوال العلماء بالأدلة ، والترجيح بينها ، ومعرفة الأصح والأرجح وجب عليه ذلك ، لأن الله تعالى أمر برد المسائل المتنازع فيها إلى الكتاب والسنة

فقال : (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) النساء/59. فيرد المسائل المختلف فيها للكتاب والسنة ، فما ظهر له رجحانه بالدليل أخذ به ، لأن الواجب هو اتباع الدليل ، وأقوال العلماء يستعان بها على فهم الأدلة .

وأما إذا كان المسلم ليس عنده من العلم ما يستطيع به الترجيح بين أقوال العلماء ، فهذا عليه أن يسأل أهل العلم الذين يوثق بعلمهم ودينهم ويعمل بما يفتونه به ، قال الله تعالى : ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) الأنبياء/43 . وقد نص العلماء على أن مذهب العامي مذهب مفتيه .

فإذا اختلفت أقوالهم فإنه يتبع منهم الأوثق والأعلم ، وهذا كما أن الإنسان إذا أصيب بمرض – عافانا الله جميعا – فإنه يبحث عن أوثق الأطباء وأعلمهم ويذهب إليه لأنه يكون أقرب إلى الصواب من غيره ، فأمور الدين أولى بالاحتياط من أمور الدنيا .

ولا يجوز للمسلم أن يأخذ من أقوال العلماء ما يوافق هواه ولو خالف الدليل ، ولا أن يستفتي من يرى أنهم يتساهلون في الفتوى .

بل عليه أن يحتاط لدينه فيسأل من أهل العلم من هو أكثر علماً ، وأشد خشية لله تعالى .

الخلاف بين العلماء للشيخ ابن عثيمين 26 . لقاء منوع من الشيخ صالح الفوزان ص: 25، 26 .

وهل يليق – يا أخي - بالعاقل أن يحتاط لبدنه ويذهب إلى أمهر الأطباء مهما كان بعيدا ، وينفق على ذلك الكثير من الأموال ، ثم يتهاون في أمر دينه ؟! ولا يكون له هَمٌّ إلا أن يتبع هواه ويأخذ بأسهل فتوى ولو خالفت الحق ؟! بل إن من الناس – والعياذ بالله – من يسأل عالماً ، فإذا لم توافق فتواه هواه سأل آخر ، وهكذا حتى يصل إلى شخص يفتيه بما يهوى وما يريد ‍‍!!

وما من عالم من العلماء إلا وله مسائل اجتهد فيها ولم يوفق إلى معرفة الصواب ، وهو في ذلك معذور وله أجر على اجتهاده ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ ) البخاري (7352) ومسلم (1716) .

فلا يجوز لمسلم أن يتتبع زلات العلماء وأخطاءهم ، فإنه بذلك يجتمع فيه الشر كله ، ولهذا قال العلماء : من تتبع ما اختلف فيه العلماء ، وأخذ بالرخص من أقاويلهم ، تزندق ، أو كاد .اهـ . إغاثة اللهفان 1/228 . والزندقة هي النفاق .

نسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا ، ويوفقنا للعلم النافع والعمل الصالح .

وأما ما ذكرته من فوائد البنوك فقد سبق الجواب عنها ، فنرجو مراجعة المعاملات الاسلامية قسم الفقه و اصوله


https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2148944

والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

الشيخ محمد صالح المنجد

اخوة الاسلام

باذن الله سنكمل هذه المواضيع وتفاصيلها في جزء مصطلح الحديث








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-07-04, 04:50   رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم الحديث الوارد في سبب نزول قوله تعالى ( كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم )

السؤال :


أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ وَهُوَ ابْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: أَنْبَأَنَا دَاوُدُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِالشِّرْكِ، ثُمَّ تَنَدَّمَ فَأَرْسَلَ إِلَى قَوْمِهِ، سَلُوا لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَجَاءَ قَوْمُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: إِنَّ فُلَانًا قَدْ نَدِمَ وَإِنَّهُ أَمَرَنَا أَنْ نَسْأَلَكَ:

هَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟

فَنَزَلَتْ: " [كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ] [آل عمران: 86] إِلَى قَوْلِهِ [غَفُورٌ رَحِيمٌ] [البقرة: 173] " فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَأَسْلَم. [حكم الألباني] صحيح الإسناد ارجوا ترجمة رجال هذا الإسناد وكيف يكون صحيح الإسناد وعكرمة قد طعن فيه وداوود كان يهم في أخره؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

قال الإمام النسائي رحمه الله في "سننه الكبرى" (3517) :

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَزِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ وَهُوَ ابْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَسْلَمَ، ثُمَّ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِالشِّرْكِ، ثُمَّ نَدِمَ فَأَرْسَلَ إِلَى قَوْمِهِ : سَلُوا لِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ ؟ فَجَاءَ قَوْمُهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فَقَالُوا: " إِنَّ فُلَانًا نَدِمَ وَإِنَّهُ أَمَرَنَا أَنْ نَسْأَلَكَ : هَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ ؟ فَنَزَلَتْ ( كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ) آل عمران/86 ، إِلَى قَوْلِهِ ( إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) آل عمران/89 ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ ، فَأَسْلَمَ.

وهكذا رواه أحمد (2218)

وابن حبان (4477)

والطبري في "تفسيره" (6/572)

والحاكم (2628) والبيهقي (16830)

والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2869)

من طرق عن داود - وهو ابن أبي هند - به .

وقال الحاكم عقبه : " صحيح الإسناد " ، ووافقه الذهبي

وكذا صححه الألباني في "الصحيحة" (3066) ، وصححه أيضا محققو المسند .

وهذا الإسناد : صحيح ، لا غبار عليه :

- محمد بن عبد الله بن بزيع ، قال أبو حاتم ثقة ، وقال النسائي صالح ، وقال مرة لا بأس به ، وذكره ابن حبان في الثقات. ووثقه مسلمة بن قاسم ، واحتج به مسلم في صحيحه .

"تهذيب التهذيب" (9 /221)









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-04, 04:51   رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


- يزيد بن زريع ، ثقة حافظ ، روى له الجماعة ، قال الإمام أحمد: إليه المنتهى في التثبت بالبصرة ، وقال أبو طالب عن أحمد: ما أتقنه وما أحفظه ... وقال ابن معين يزيد بن زريع الصدوق الثقة المأمون ، وقال معاوية بن صالح قلت لابن معين من أثبت شيوخ البصريين؟ قال يزيد بن زريع ، وقال بشر بن الحكم : كان متقنا حافظا ما أعلم أني رأيت مثله ومثل صحة حديثه ، وقال أبو حاتم : ثقة امام .

"تهذيب التهذيب" (11 /285)

وقد توبع كما تقدمت الإشارة إليه .

- داود بن أبي هند ، ثقة أيضا من رجال مسلم ، وقال الثوري هو من حفاظ البصريين ، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه: ثقة ، ثقة ، وسئل عنه مرة أخرى فقال: مثل داود يسأل عنه ؟! وقال ابن معين ثقة وهو أحب إلي من خالد الحذاء، وقال العجلى بصري ثقة جيد الإسناد رفيع وكان صالحا ، وقال أبو حاتم والنسائي ثقة ، وقال يعقوب بن شيبة ثقة ثبت ، وقال ابن سعد كان ثقة كثير الحديث .

وقال الأثرم عن أحمد: كان كثير الاضطراب والخلاف .

"تهذيب التهذيب" (3 /177)

وقال الحافظ في "التقريب" (ص200) : " ثقة متقن كان يهم بآخرة " .

فالرجل ثقة مطلقا ، ولا يضره أنه ربما أخطأ في بعض حديثه ، فالحافظ المتقن المكثر لا يعيب حديثه ولا يطعن في روايته وحفظه كونه يخطئ أحيانا ، فمثل هذا إذا لم يتبين خطؤه فحديثه صحيح .

والإمام أحمد الذي ذكر أنه كان كثير الاضطراب والاختلاف ، هو الذي وثقه مطلقا بقوله : ثقة ثقة ، وبتعجبه من سؤال السائل عنه كما مر .

وكونه يبين أنه قد يضطرب أحيانا ويختلف عليه حديثه ، فهذا لا يعني الطعن في حفظه ، وإنما يعني أنه إذا خالف من هو أوثق منه ، أو تبين اضطرابه في الرواية : فإنه يجتنب حينئذ حديثه ، أما ما عدا ذلك فحديثه حديث أهل الصدق والحفظ والإتقان .

وينظر للفائدة حول ذلك: ترجمة أبي بكر ابن عياش، من "الثقات" لابن حبان (7/ 669-670)

- عكرمة مولى ابن عباس ، وهو من الحفاظ المتقنين والعلماء المشهود لهم بالعلم والفضل

قال الحافظ رحمه الله :

" احتج به البخاري وأصحاب السنن ، وتركه مسلم فلم يخرج له سوى حديث واحد في الحج مقرونا بسعيد بن جبير ، وإنما تركه مسلم لكلام مالك فيه ، وقد تعقب جماعة من الأئمة ذلك ، وصنفوا في الذب عن عكرمة منهم : أبو جعفر بن جرير الطبري ، ومحمد بن نصر المروزي ، وأبو عبد الله بن منده وأبو حاتم بن حبان وأبو عمر بن عبد البر وغيرهم ، وقد رأيت أن ألخص ما قيل فيه هنا .

فأما أقوال من وهاه ، فمدارها على ثلاثة أشياء : على رميه بالكذب ، وعلى الطعن فيه بأنه كان يرى رأي الخوارج ، وعلى القدح فيه بأنه كان يقبل جوائز الأمراء

فهذه الأوجه الثلاثة يدور عليها جميع ما طعن به فيه ، فأما البدعة فإن ثبتت عليه فلا تضر حديثه لأنه لم يكن داعية مع أنها لم تثبت عليه ، وأما قبول الجوائز فلا يقدح أيضا إلا عند أهل التشديد ، وجمهور أهل العلم على الجواز كما صنف في ذلك ابن عبد البر ، وأما التكذيب فسنبين وجوه رده بعد حكاية أقوالهم وأنه لا يلزم من شيء منه قدح في روايته ... "
ثم شرع في بيان ذلك بما لا مزيد عليه ، ثم قال :

" وإذ فرغنا من الجواب عما طعن عليه به ، فلنذكر ثناء الناس عليه من أهل عصره وهلم جرا :

قال محمد بن فضيل عن عثمان بن حكيم : كنت جالسا مع أبي أمامة بن سهل بن حنيف ، إذ جاء عكرمة فقال : يا أبا أمامة ؛ أذكرك الله ، هل سمعت ابن عباس يقول ما حدثكم عني عكرمة فصدقوه ، فإنه لم يكذب علي ؟

فقال أبو أمامة نعم . وهذا إسناد صحيح

وقال يزيد النحوي عن عكرمة : قال لي ابن عباس انطلق فأفت الناس ، وحكى البخاري عن عمرو بن دينار قال : أعطاني جابر بن زيد صحيفة فيها مسائل عن عكرمة ، فجعلت كأني أتباطأ ، فانتزعها من يدي وقال : هذا عكرمة مولى ابن عباس ، هذا أعلم الناس

وقال الشعبي : ما بقي أحد أعلم بكتاب الله من عكرمة ، وقال البخاري : ليس أحد من أصحابنا إلا احتج بعكرمة ، وقال جعفر الطيالسي عن ابن معين : إذا رأيت إنسانا يقع في عكرمة ، فاتهمه على الإسلام ،

وقال المرزوي : قلت لأحمد بن حنبل يحتج بحديثه؟ قال نعم ،

وقال أبو عبد الله محمد بن نصر المرزوي : أجمع عامة أهل العلم على الاحتجاج بحديث عكرمة ، واتفق على ذلك رؤساء أهل العلم بالحديث من أهل عصرنا

منهم أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو ثور ويحيى بن معين، ولقد سألت إسحاق عن الاحتجاج بحديثه فقال : عكرمة عندنا إمام أهل الدنيا وتعجب من سؤالي إياه . وقال أبو حاتم أصحاب ابن عباس عيال على عكرمة، وقال البزار روى عن عكرمة مائة وثلاثون رجلا من وجوه البلدان ، كلهم رضوا به ،

وقال أبو بكر بن أبي خيثمة : كان عكرمة من أثبت الناس فيما يروي

وقال ابن حبان كان من علماء زمانه بالفقه والقرآن ، ولا أعلم أحدا ذمه بشيء ، يعني يجب قبوله والقطع به

وقال الحاكم أبو أحمد في الكنى : احتج بحديثه الأئمة القدماء

وقال ابن منده أما حال عكرمة في نفسه فقد عدله أمة من التابعين منهم زيادة على سبعين رجلا من خيار التابعين ورفعائهم ، وهذه منزلة لا تكاد توجد منهم لكبير أحد من التابعين ، على أن من جرحه من الأئمة لم يمسك عن الرواية عنه ولم يستغن عن حديثه ، وكان حديثه متلقى بالقبول قرنا بعد قرن إلى زمن الأئمة الذين أخرجوا الصحيح .

انظر : "مقدمة الفتح" (ص424-429)

فتبين بذلك صحة الإسناد وأن رواته كلهم ثقات .

على أن له شواهد من طرق أخرى :

منها ما رواه الطبري في "تفسيره" (6/ 573)

من طريق جعفر بن سليمان

قال، أخبرنا حميد الأعرج، عن مجاهد قال: جاء الحارث بن سُوَيد فأسلم مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم كفر الحارث فرجع إلى قومه، فأنزل الله عز وجل فيه القرآن: ( كيف يَهدي الله قومًا كفروا بعدَ إيمانهم ) إلى ( إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإنّ الله غفورٌ رحيمٌ )

قال: فحملها إليه رجل من قومه فقرأها عليه، فقال الحارث: إنك والله ما علمتُ لصَدُوقٌ، وإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصدقُ منك، وإنّ الله عز وجل لأصدق الثلاثة.

قال: فرجع الحارث ، فأسلم ، فحسن إسلامه.

وهذا مرسل صحيح .
ومنها ما رواه الطبري أيضا (6/ 573) :

حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: ( كيف يهدي الله قومًا كفروا بعد إيمانهم وشهدُوا أنّ الرسول حق )، قال: أنزلت في الحارث بن سُوَيد الأنصاري، كفر بعد إيمانه، فأنزل الله عز وجل فيه هذه الآيات، إلى: ( أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) ثم تاب وأسلم، فنسخها الله عنه، فقال: ( إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإنّ الله غفورٌ رحيمٌ ) .

وهذا مرسل أيضا .

وبالجملة : فالحديث صحيح لا مطعن فيه بوجه .

قال ابن كثير رحمه الله :

" قَوْلُهُ تَعَالَى: ( كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ ) أَيْ قَامَتْ عَلَيْهِمُ الْحُجَجُ وَالْبَرَاهِينُ عَلَى صِدْقِ مَا جَاءَهُمْ بِهِ الرَّسُولُ، وَوَضَحَ لَهُمُ الْأَمْرُ ثُمَّ ارْتَدُّوا إِلَى ظُلْمَةِ الشِّرْكِ، فَكَيْفَ يَسْتَحِقُّ هَؤُلَاءِ الْهِدَايَةَ بَعْدَ مَا تَلَبَّسُوا بِهِ مِنَ الْعَمَايَةِ، ولهذا قال تعالى: ( وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ).

ثُمَّ قَالَ تعالى: ( أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) أَيْ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ، وَيَلْعَنُهُمْ خَلْقُهُ، ( خالِدِينَ فِيها ) أَيْ فِي اللَّعْنَةِ، ( لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ ) ؛ أَيْ : لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ ، وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ سَاعَةً وَاحِدَةً . ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ( إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ، وَهَذَا مِنْ لُطْفِهِ وَبِرِّهِ وَرَأْفَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وعائدته على خلقه : أن من تاب إليه، تاب عليه " انتهى .

"تفسير ابن كثير" (2/ 61)

وقال السعدي رحمه الله :

" يعني: أنه يبعد كل البعد، أن يهدي الله قوما عرفوا الإيمان، ودخلوا فيه، وشهدوا أن الرسول حق، ثم ارتدوا على أعقابهم، ناكصين ناكثين؛ لأنهم عرفوا الحق ، فرفضوه.

ولأن من هذه الحالة وصفه، فإن الله يعاقبه بالانتكاس، وانقلاب القلب جزاء له، إذ عرف الحق فتركه، والباطل فآثره، فولاه الله ما تولى لنفسه.

فهؤلاء : عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خالدين في اللعنة والعذاب، لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ ، إذا جاءهم أمر الله، لأن الله عمرهم ما يتذكر فيه من تذكر، وجاءهم النذير.

ثم إنه تعالى استثنى من هذا الوعيد : التائبين من كفرهم وذنوبهم، المصلحين لعيوبهم، فإن الله يغفر لهم ما قدموه، ويعفو عنهم ما أسلفوه.

ولكن من كفر وأصر على كفره، ولم يزدد إلا كفرا حتى مات على كفره : فهؤلاء هم الضالون عن طريق الهدى، السالكون لطريق الشقاء، وقد استحقوا بهذا العذاب الأليم "

انتهى "تفسير السعدي" (ص 970)

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-04, 04:55   رقم المشاركة : 34
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حديث اقرأ القرآن في كل شهر حديث صحيح

السؤال:


ما صحة هذا الحديث - وقد ذكر فيه الصيام والقيام وعدد أيام قراءة القرآن في الشهر - : حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُغِيرَةِ الضَّبِّىِّ عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : " زَوَّجَنِى أَبِى امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ ، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَىَّ جَعَلْتُ لاَ أَنْحَاشُ لَهَا ، مِمَّا بِى مِنَ الْقُوَّةِ عَلَى الْعِبَادَةِ ، مِنَ الصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ !! فَجَاءَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى كَنَّتِهِ ، حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهَا ، فَقَالَ لَهَا : كَيْفَ وَجَدْتِ بَعْلَكِ ؟

قَالَتْ : خَيْرَ الرِّجَالِ ، أَوْ كَخَيْرِ الْبُعُولَةِ مِنْ رَجُلٍ ؛ لَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفاً ، وَلَمْ يَعْرِفْ لَنَا فِرَاشاً !! فَأَقْبَلَ عَلَىَّ ، فَعَذَمَنِى وَعَضَّنِى بِلِسَانِهِ ، فَقَالَ : أَنْكَحْتُكَ امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ ذَاتَ حَسَبٍ ، فَعَضَلْتَهَا وَفَعَلْتَ وَفَعَلْتَ ؟

! ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَشَكَانِى ؟

فَأَرْسَلَ إِلِىَّ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- فَأَتَيْتُهُ ، فَقَالَ لِى : ( أَتَصُومُ النَّهَارَ ) ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ : ( وَتَقُومُ اللَّيْلَ ) ؟

قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ : ( لَكِنِّى أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّى وَأَنَامُ وَأَمَسُّ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِى فَلَيْسَ مِنِّى ) . قَالَ : ( اقْرَإِ الْقُرْآنَ فِى كُلِّ شَهْرٍ ) . قُلْتُ : إِنِّى أَجِدُنِى أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ . قَالَ ( فَاقْرَأْهُ فِى كُلِّ عَشْرَةِ أَيَّامٍ ) ، قُلْتُ ... الحديث " ؟


الجواب :

الحمد لله

هذا الحديث صحيح ، اتفق على صحته العلماء ، واتفق على تخريجه الشيخان ، البخاري ومسلم ، فقد روياه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بن العاص رضي الله عنهما قَالَ :

" أَنْكَحَنِي أَبِي امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ ، فَكَانَ يَتَعَاهَدُ كَنَّتَهُ ، فَيَسْأَلُهَا عَنْ بَعْلِهَا ، فَتَقُولُ : نِعْمَ الرَّجُلُ مِنْ رَجُلٍ لَمْ يَطَأْ لَنَا فِرَاشًا ، وَلَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفًا مُنْذُ أَتَيْنَاهُ . فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : القَنِي بِهِ ، فَلَقِيتُهُ بَعْدُ ، فَقَالَ : ( كَيْفَ تَصُومُ ؟ ) ، قَالَ : كُلَّ يَوْمٍ ، قَالَ : ( وَكَيْفَ تَخْتِمُ ؟ )

قَالَ : كُلَّ لَيْلَةٍ ، قَالَ : ( صُمْ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثَةً ، وَاقْرَأ القُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ) ، قَالَ : قُلْتُ : أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ : ( صُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فِي الجُمُعَةِ ) ، قُلْتُ : أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ : ( أَفْطِرْ يَوْمَيْنِ وَصُمْ يَوْمًا ) ، قَالَ : قُلْتُ : أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ : ( صُمْ أَفْضَلَ الصَّوْمِ صَوْمَ دَاوُدَ ، صِيَامَ يَوْمٍ وَإِفْطَارَ يَوْمٍ ، وَاقْرَأْ فِي كُلِّ سَبْعِ لَيَالٍ مَرَّةً )

فَلَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَذَاكَ أَنِّي كَبِرْتُ وَضَعُفْتُ ، فَكَانَ يَقْرَأُ عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ السُّبْعَ مِنَ القُرْآنِ بِالنَّهَارِ ، وَالَّذِي يَقْرَؤُهُ يَعْرِضُهُ مِنَ النَّهَارِ ، لِيَكُونَ أَخَفَّ عَلَيْهِ بِاللَّيْلِ ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَقَوَّى أَفْطَرَ أَيَّامًا ، وَأَحْصَى ، وَصَامَ مِثْلَهُنَّ ؛ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتْرُكَ شَيْئًا فَارَقَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ " .

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : " وَقَالَ بَعْضُهُمْ : فِي ثَلاَثٍ ، وَفِي خَمْسٍ ، وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى سَبْعٍ "

رواه البخاري (5052) تحت باب " في كم يقرأ القرآن "

ومسلم (1159) تحت باب " النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به ، أو فوت به حقا ، أو لم يفطر العيدين والتشريق ، وبيان تفضيل صوم يوم ، وإفطار يوم "

والرواية المذكورة في السؤال فيها اختلاف يسير جدا عن رواية الإمام البخاري ومسلم هنا

فقد أخرجها الإمام أحمد في " المسند " (11/8) بسند صحيح

قال عنه المحققون : على شرط الشيخين .

يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" ( لم يفتش لنا كنفا ): هو الستر والجانب ، وأرادت بذلك الكناية عن عدم جماعه لها .

( فلما طال ذلك ) أي : على عمرو ( ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ) وكأنه تأنى في شكواه رجاء أن يتدارك ، فلما تمادى على حاله ، خشي أن يلحقه إثم بتضييع حق الزوجة ، فشكاه .

وعند أبي داود والترمذي مصححا ، من طريق يزيد بن عبد الله بن الشخير عن عبد الله بن عمرو مرفوعا : " لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث " ، وشاهده عند سعيد بن منصور بإسناد صحيح من وجه آخر عن ابن مسعود : " اقرءوا القرآن في سبع ، ولا تقرءوه في أقل من ثلاث " ولأبي عبيد من طريق الطيب بن سلمان ، عن عمرة ، عن عائشة : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يختم القرآن في أقل من ثلاث " .

وهذا اختيار أحمد ، وأبي عبيد ، وإسحاق بن راهويه ، وغيرهم .

وثبت عن كثير من السلف إنهم قرؤوا القرآن في دون ذلك .

قال النووي : والاختيار أن ذلك يختلف بالأشخاص :

فمن كان من أهل الفهم وتدقيق الفكر : استحب له أن يقتصر على القدر الذي لا يختل به المقصود من التدبر واستخراج المعاني ، وكذا من كان له شغل بالعلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة ، يستحب له أن يقتصر منه على القدر الذي لا يخل بما هو فيه .

ومن لم يكن كذلك : فالأولى له الاستكثار ما أمكنه من غير خروج إلى الملل ، ولا يقرؤه هذرمة ، وكأن النهي عن الزيادة ليس على التحريم ، كما أن الأمر في جميع ذلك ليس للوجوب ، وعرف ذلك من قرائن الحال التي أرشد إليها السياق ، وهو النظر إلى عجزه عن سوى ذلك في الحال أو في المآل .

وأغرب بعض الظاهرية فقال يحرم أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث .

وقال النووي : أكثر العلماء على أنه لا تقدير في ذلك ، وإنما هو بحسب النشاط والقوة ، فعلى هذا يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص "

انتهى باختصار من " فتح الباري " (9/ 96-97) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-04, 05:01   رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

شبهة في حديث الجساسة في تردد النبي صلى الله عليه وسلم عندما حدد جهة الدجال

السؤال:

سمعت أحدهم مرة يقول - وهو ينفي صحة حديث الجساسة - إن في آخر حديث الجساسة يقول النبي صلى الله عليه وسلم - فيما يقولون عنه

- عن مكان خروج الدجال ( ألا إنه في بحر الشام أو بحر اليمن . لا ، بل من قبل المشرق ما هو . من قبل المشرق ما هو . من قبل المشرق ما هو . وأومأ بيده إلى المشرق ) . قال عن هذا الجزء من الحديث

: إن كلام النبي صلى الله عليه وسلم محكم ، وهذا الحديث ليس بكلام نبي ؛ لأن النبي مؤيد بالوحي فلا يتخبط بالكلام !! كيف نجيب عن هذه الشبهة ؟


الجواب :


الحمد لله


استشكل بعض العلماء في القديم والحديث ما ورد في حديث الجساسة ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في آخره – في وصف مكان الدجال الحالي - : ( أَلَا إِنَّهُ فِي بَحْرِ الشَّأْمِ ، أَوْ بَحْرِ الْيَمَنِ ، لَا بَلْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ ، مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ . وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَشْرِقِ ) رواه مسلم (2942) .

فقالوا : كيف يقع هذا التردد للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهو معصوم عن الخطأ .

وكان أصرح من اعترض بهذا الاعتراض العلامة الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله فقال :

" إن صح الحديث رواية فهذا التردد من النبي صلى الله عليه وسلم في مكان الجزيرة التي ذكرها تميم الداري في أي البحرين هي ، ثم إضرابه عنهما ، وجزمه بأنه في جهة المشرق إلخ . إشكال آخر في متنه ، ينظر إلى اختلاف الروايات الأخرى في مكان الدجال بعين ، وينظر إلى اختلاف الروايات في ابن صياد بالعين الأخرى ، وينظر بالعينين كلتيهما إلى سبب هذا التردد ومنافاته ؛ لأن يكون كلامه صلوات الله وسلامه عليه في أمر الدجال عن وحي من الله تعالى "

انتهى من " تفسير المنار" (9/412).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" النفس لا تطمئن إلى صحته عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لما في سياق متنه من النكارة ، وقد أنكره الشيخ محمد رشيد رضا في تفسيره إنكاراً عظيماً ؛ لأن سياقه يبعد أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم "

انتهى من " لقاء الباب المفتوح " (8/ 28، بترقيم الشاملة آليا).

ولكن يمكننا الجواب على هذه الإشكالية خاصة بجواب واضح ومباشر ، بأن نقول إنه عليه الصلاة والسلام اجتهد في أول الأمر ، وتردد في اجتهاده ، ثم صوب له الوحي ، أو استقر به الوحي على قوله ( من قبل المشرق هو ).
وهذه مسألة تغيب عن أذهان بعض الناس ، وهي من القضايا الأصولية المهمة

تؤدي بهم إلى مثل هذه الاستشكالات التي نسمعها بين الحين والآخر ، فقد جوز العلماء وقوع النبي صلى الله عليه وسلم في السهو والشك والخطأ ، ولكن الوحي لا يقره على ذلك ، بل سرعان ما يصحح له ليستقر الأمر على الحكم الشرعي الصحيح الذي يريده الله سبحانه . وهذا أمر مقرر في القرآن الكريم ، وفي كتب علماء أصول الفقه .

يقول الله عز وجل : ( وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) الكهف/24، ويقول سبحانه وتعالى : ( سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه ) الأعلى/6-7، وقال عليه الصلاة والسلام : ( إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ، أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ

فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي ) رواه البخاري (401)، ومسلم (572). ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام – في قصة تأبير النخل -: ( إِنِّي إِنَّمَا ظَنَنْتُ ظَنًّا ، فَلَا تُؤَاخِذُونِي بِالظَّنِّ ، وَلَكِنْ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنِ اللهِ شَيْئًا فَخُذُوا بِهِ ، فَإِنِّي لَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ) رواه مسلم (2361).

فإذا كان عليه الصلاة والسلام اجتهد في حكم أسارى بدر ، وفي الصلاة على المنافقين ، وأخطأ في اجتهاده ، وجاء الوحي الصريح ببيان الحكم الشرعي الواضح ، فمن باب أولى أن يقع منه عليه الصلاة والسلام تردد في بعض الجمل والعبارات ، ثم ما يلبث أن يجزم اجتهاده بما يقره عليه الوحي المعصوم .

يقول القرطبي رحمه الله :

" هذا كله كلام ابتداء على الظن ، ثم عرض الشك ، أو قصد الإبهام ، ثم بقي ذلك كله ، وأضرب عنه بالتحقيق ، فقال : لا ! بل من قبل المشرق ، ثم أكد ذلك بـ ( ما ) الزائدة ، وبالتكرار اللفظي . فـ ( ما ) فيه زائدة ، لا نافية .

وهذا لا بعد فيه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بشر يظن ويشك ، كما يسهو وينسى ، إلا أنه لا يتمادى ، ولا يقر على شيء من ذلك ، بل يرشد إلى التحقيق ، ويسلك به سواء الطريق .

والحاصل من هذا أنه صلى الله عليه وسلم ظن أن الدجال المذكور في بحر الشام ؛ لأن تميما إنما ركب في بحر الشام ، ثم عرض له أنه في بحر اليمن ؛ لأنه يتصل ببحر متصل ببحر اليمن ، فيجوز ذلك . ثم أطلعه العليم الخبير على تحقيق ذلك فحقق وأكد "

. انتهى من "المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم" (7/300).

ويقول شرف الدين الطيبي (ت743هـ) رحمه الله :

" ( أو بحر اليمن ) لما حدثهم بقول تميم الداري لم ير أن يبين لهم موطنه ومجلسه كل التبيين ؛ لما رأى في الالتباس من المصلحة ، فرد الأمر فيه إلى التردد بين كونه في بحر الشام أو بحر اليمن ، ولم تكن العرب يومئذ تسافر إلا في هذين البحرين .

ويحتمل أنه أراد ببحر الشام ما يلي الجانب الشامي ، وببحر اليمن ما يلي الجانب اليماني ، والبحر بحر واحد ، وهو الممتد على أحد جوانب جزيرة العرب .

ثم أضرب عن القولين مع حصول اليقين في أحدهما فقال : لا ، بل من قبل المشرق .

[ثم نقل عن الأشرف – أحد العلماء - قوله]: يمكن أنه صلى الله عليه وسلم كان شاكا في موضعه ، وكان في ظنه أنه لا يخلو عن هذه المواضع الثلاثة ، فلما ذكر بحر الشام وبحر اليمن ، تيقن له من جهة الوحي أو غلب على ظنه أنه من قبل المشرق ، فنفى الأولين وأضرب عنهما ، وحقق الثالث "

انتهى من " شرح المشكاة المسمى بالكاشف عن حقائق السنن " (11/ 3465)

ونقل أيضا صاحب " عون المعبود " (11/ 319)

عن كتاب " فتح الودود " قوله : " قيل : هذا شك ، أو ظن منه عليه السلام ، أو قصد الإبهام على السامع ، ثم نفى ذلك ، وأضرب عنه ، فقال : ( لا ، بل من قبل المشرق ) ثم أكد ذلك بقوله ( ما هو ) و ( ما ) زائدة لا نافية ، والمراد إثبات أنه في جهة المشرق " انتهى.

وبهذا فقد أصبح الجواب واضحا على هذا الإشكال ، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم يمكن أن يظن ويجتهد ويخطئ ، ولكن سرعان ما ينسخ الوحي هذا الخطأ ، ويبقى المحكم من الوحي الذي يقرره النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الأمر .

نرجو بذلك أن يكون الإشكال قد زال .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-07, 16:39   رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




أمر الله للشمس أن ترجع من حيث جاءت ، عند قيام الساعة !!

السؤال:

كنت أقرأ كتاب لابن كثير عن يوم القيامة , وذكر فيه حديثا من " صحيح مسلم " (159,205)

أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذرٍّ حين غربت الشمس : ( أتدري أين تذهب ؟ ) ، قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : ( فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش ، فتستأذن ، فيؤذن لها ، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها

وتستأذن فلا يؤذن لها ، يقال : ارجعي من حيث جئت ، فتطلع من مغربها ) أنا أدرك أنّ كل شيء في هذا الكون

يسبح بحمد الله ، وسجود الشمس من ضمن ذلك ، ولكن كيف يمكن للشمس أن تعود ونحن نعلم أنّ الشمس لا تبقى ساكنة ، فهي دائمة الحركة ، ولا تعود إلى أي مكان ؟


الجواب :

الحمد لله


أولا :

نصيحتنا لكل من يخوض في فهم الأحاديث النبوية الشريفة

أو فهم الآيات القرآنية الكريمة

أن لا ينطلق من دعاوى يظنها مسلمات وحقائق كونية

وهو لا يملك عليها أدنى دليل علمي

ولم يوثقها أحد من أهل الاختصاص بالأدلة والبراهين

بل لا بد أن يحرص على الموضوعية

فيأخذ الأمور في جملتها وسياقها الصحيح ،

ويدع عن نفسه وقلبه وسواس التعارض والتناقض، فقد أصبح هذا الأمر هاجسا لدى كثير من الناس

والسبب قلة العلم وضحالة البحث .


فقول السائل في آخر سؤاله هنا

: " ونحن نعلم أن الشمس لا تعود إلى أي مكان "، على فرض التسليم به فلا يتعارض مع الحديث ، ولكننا لا نسلم أصلا بصحته ، فالجزم بأن الشمس لا تعود إلى أي مكان لا يقوى عليه حتى أكابر علماء الفضاء – فيما اطلعنا -

أو على الأقل إطلاق مثل هذه الدعوى ليس بالأمر السهل ، ولا يكون بجرة قلم يريد السائل أن يجعلها مسلمة كي نخوض في الجواب عليها .

وقد أمرنا الله عز وجل بالتحري والتثبت في منهج البحث العلمي ، فليس من اللائق أن نعارض روايات السنة بدعاوى مظنونة .

ومزلق النفي مزلق خطير يقع فيه الكثيرون ، بل هو إحدى أكبر أسباب أخطاء البشر ، النفي المتسرع ، وعدم الاعتراف بضعف الإنسان وجهله بأسرار هذا الكون .

وآية ذلك : أن الشمس نفسها اكتشفت لها في العشرين سنة الأخيرة مجموعة من الحركات والمدارات لم تكن معروفة من قبل ، أذهلت العلماء والباحثين ، وتركت في العقول والقلوب تسليما مطلقا بواسع خلق الله وعظيم صنعه ، الأمر الذي يتعذر معه نفي شيء هو في عالم الغيب ، وليس في عالم الشهادة .

هذه مقدمة لا بد أن تستقر في ذهن السائل الكريم ، ثم نقول له أيضا :

ثانيا :

إذا لم يكن لدينا قاطع علمي على نفي معين ، وبتفاصيل محددة ، وقد جاء في الأخبار ما يفهم من ظاهره : إثبات ذلك أو نفيه ؛ لم يكن من المنطق العلمي في شيء : أن نهدر دلالة النصوص ، أو نستشكلها ، لأجل دليل لم يثبت ولم يتحرر
.
يقول الإمام الخطابي رحمه الله :

" لا ينكر أن يكون لها استقرار تحت العرش ، من حيث لا ندركه ولا نشاهده ، وإنما هو خبر عن غيب ، فلا نكذب به ، ولا نكيفه ؛ لأن علمنا لا يحيط به " .

انتهى من " أعلام الحديث شرح صحيح البخاري " (ص/1893) باختصار.

وإذا كان ذلك مبدءا منطقيا في الأمور التي تجري على السنن المعتاد في حياة الناس ؛ فكيف يكون الأمر ونحن نتحدث عن حالة من أعظم أحوال اختلال السنن الكوني المعتاد من الناس ، وانفراط النظام الذي يجري عليه الكون ؛ إيذانا بذلك الحدث الضخم ، وهو انتهاء أمر الكون والحياة فيه ، وانتقال الناس إلى مواقف القيامة عند رب العالمين ؟

فمثل هذا أمر لا يخضع لقوانين العقل ، ولا حسابات الفلك ، ولا نظر الناس وعقولهم ؛ إنما هي الإرادة التامة ، والقدرة المطلقة لخالق الكون ، رب العالمين .

ومثل هذا يقال عن أشراط الساعة الكبرى ، وأحوال القيامة ، وأهوالها ؛ فهذا كله خارج عن القياس العقلي البشري ، لأنه ليس من حركة الكون المعتادة للناس ، ولا من حركتهم في هذا الكون ، في شيء
.
قال الإمام الحافظ أبو بكر ابن العربي ، رحمه الله :

" وأما طلوع الشمس من مغربها فهو قلب الهيئة وإبطال الدنيا "

انتهى من "عارضة الأحوذي" .

والخلاصة :

أن المراد بـ " رجوع الشمس " من حيث جاءت : هو طلوعها من مغربها ، وهو من أمور الغيب الممكنة ، وقد جاء به الخبر ، وليس في قواطع العلوم ما ينفي ذلك ؛ ثم إن ذلك إنما يكون عند اختلال نظام العالم ، وعلامة على فناء الدنيا ، ومجيء القيامة .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-07, 16:47   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حديث : ( الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللهِ )

السؤال :

المجاهد هو من يجاهد نفسه على طاعة الله " ما مدى صحة هذا الحديث ؟

الجواب :

الحمد لله

روى الإمام أحمد (23958)

وابن حبان (4862)

والطبراني في "المعجم الكبير" (796)

والحاكم (24)

وابن المبارك في "الزهد" (826)

والنسائي في "السنن الكبرى" (11794)

والبيهقي في "الشعب" (10611)

عن فَضَالَة بْن عُبَيْدٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: ( أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالْمُؤْمِنِ؟ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللهِ ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذَّنُوبَ ) .

ورواه الترمذي (1621)

مختصرا ، ولفظه : ( المُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ ) .

ورواه ابن ماجة (3934) مختصرا

ولفظه : (الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبَ) .

وصححه الترمذي والحاكم

وكذا صححه الألباني في "الصحيحة" (549) .

وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 268) مطولا ، وقال :

" رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ بِاخْتِصَارٍ، وَرِجَالُ الْبَزَّارِ ثِقَاتٌ " .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :

" وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وفضالة بْنِ عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِمَا بِإِسْنَادِ جَيِّدٍ ، وَهُوَ فِي " السُّنَنِ " وَبَعْضُهُ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " .

انتهى من "مجموع الفتاوى" (7/ 7) .

وفي معنى الحديث ، قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" ( الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ) فَيُؤْمَرُ بِجِهَادِهَا ، كَمَا يُؤْمَرُ بِجِهَادِ مَنْ يَأْمُرُ بِالْمَعَاصِي وَيَدْعُو إلَيْهَا ، وَهُوَ إلَى جِهَادِ نَفْسِهِ أَحْوَجُ ؛ فَإِنَّ هَذَا فَرْضُ عَيْنٍ ، وَذَاكَ فَرْضُ كِفَايَةٍ ، وَالصَّبْرُ فِي هَذَا مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ ؛ فَإِنَّ هَذَا الْجِهَادَ : حَقِيقَةُ ذَلِكَ الْجِهَادِ ؛ فَمَنْ صَبَرَ عَلَيْهِ ، صَبَرَ عَلَى ذَلِكَ الْجِهَادِ . كَمَا قَالَ: ( وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَاتِ) .

ثُمَّ هَذَا [ يعني : جهاد النفس ] : لَا يَكُونُ مَحْمُودًا فِيهِ إلَّا إذَا غَلَبَ [يعني : إذا غلب هوى نفسه ] ؛ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ ، فَإِنَّهُ مَنْ يُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ : (فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)"

انتهى من "مجموع الفتاوى" (10/ 635) .

وقال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (3/ 6):

" كَانَ جِهَادُ النَّفْسِ مُقَدَّمًا عَلَى جِهَادِ الْعَدُوِّ فِي الْخَارِجِ ، وَأَصْلًا لَهُ ، فَإِنَّهُ مَا لَمْ يُجَاهِدْ نَفْسَهُ أَوَّلًا ، لِتَفْعَلَ مَا أُمِرَتْ بِهِ ، وَتَتْرُكَ مَا نُهِيَتْ عَنْهُ ، وَيُحَارِبهَا فِي اللَّهِ : لَمْ يُمْكِنْهُ جِهَادُ عَدُوِّهِ فِي الْخَارِجِ

فَكَيْفَ يُمْكِنُهُ جِهَادُ عَدُوِّهِ ، وَالِانْتِصَافُ مِنْهُ : وَعَدُوُّهُ الَّذِي بَيْنَ جَنْبَيْهِ قَاهِرٌ لَهُ ، مُتَسَلِّطٌ عَلَيْهِ ، لَمْ يُجَاهِدْهُ ، وَلَمْ يُحَارِبْهُ فِي اللَّهِ ؛ بَلْ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ إِلَى عَدُوِّهِ ، حَتّى يُجَاهِدَ نَفْسَهُ عَلَى الْخُرُوجِ " انتهى .

وقال ابن رجب رحمه الله في "لطائف المعارف" (ص/227):

" النوع الثاني من الجهاد: جهاد النفس في طاعة الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المجاهد من جاهد نفسه في الله) ، وقال بعض الصحابة لمن سأله عن الغزو؟ : " ابدأ بنفسك فاغزها ، وابدأ بنفسك فجاهدها " .

وأعظم مجاهدة النفس على طاعة الله عمارة بيوته بالذكر والطاعة " انتهى .

وقال أيضا :

" فهذا الجهاد يحتاجُ أيضاً إلى صبر، فمن صبر على مجاهدة نفسه وهواه وشيطانه : غلبه ، وحصل له النصر والظفر، وملَكَ نفسه ، فصار عزيزاً ملكاً، ومن جَزِعَ ولم يَصبر على مجاهدة ذلك ، غُلِب وقُهر وأُسر، وصار عبداً ذليلاً أسيراً في يدي شيطانه وهواه ، كما قيل:

إذا المَرءُ لم يَغلِبْ هواهُ أقامه * بمنْزلةٍ فيها العَزيزُ ذَليلُ " .

انتهى من "جامع العلوم والحكم" (2/ 584)

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-07, 16:50   رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الجهاد الأكبر والأصغر

السؤال :

الجهاد الأكبر, أهو مجاهدة النفس, أم الجهاد الفعلي في ساحة القتال؟.


الجواب :


الحمد لله

الحديث الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه لما رجعوا من الغزو : ( رجعنا من الجهاد الأصغر ، إلى الجهاد الأكبر ) ، قالوا : وهل هناك جهاد أعظم من جهاد الكفار ؟ قال : ( نعم . جهاد النفس ) .

هذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم .

ولا ريب أن جهاد النَّفس سابقٌ على جهاد الكفار ، وذلك لأنّ الإنْسَان لا يجاهد الكفار ، إلا بعد مجاهدة نفسه ، لأن القتال مكروه إلى النفس ، قال تعالى : ( كُتِبَ عليكم القِتَالُ وهو كُرْهٌ لَكُمْ وعَسَى أن تكرهوا شيئا وهو خيرٌ لكم وعسى أنْ تحبوا شيئا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) البقرة/216

فالمهم أن جهاد الأعداء لا يتم إلا بعد جهاد النفس عليه ، وتَحْمِيلها هذا الأمر . حتى تَنْقَادَ وتَطْمَئِنّ .

فتاوى منار الإسلام للشيخ ابن عثيمين رحمه الله 2/421 .

قال ابن القيم : " فالجهاد أربع مراتِب : جهاد النفس ، وجهاد الشياطين ، وجهاد الكفار ، وجهاد المنافقين .

وجهاد النفس بأن يُجَاهِدَهَا على تَعَلُّمِ الهُدَى ، والعَمَلِ به بَعْدَ عِلْمِهِ ، والدعوة إليه ، والصبر على مَشَاقّ الدّعوة إلى الله ، وجهاد الشيطان : جهاده على دفع ما يُلْقِي إلى العبد من الشُبُهَاتِ والشّهَوَات ، والشكُوكِ القَادِحة في الإيمان ، وجهاده على ما يُلْقِي إليه من الإرادات الفاسدة والشهوات

وجهاد الكفار والمنافقين بالقلب واللسان والمال والنفس ، وجهاد الكفار أخَصُّ باليَدِ وجهاد المنافقين أخَصُّ باللِّسان ... قال : وأكْمَلُ الخَلْقِ من كَمَّلَ مراتِبَ الجِهَاد كلّها ، والخَلْقُ مُتَفَاوِتُونَ في منازِلِهِمْ عند الله ، تفاوتهم في مراتب الجهاد ... "

ا.هـ. زاد المعاد 3/9-12 ،

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-07, 16:54   رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حديث: (رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر)

السؤال :


هل هذا الحديث صحيح : (رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر)

يعني : جهاد النفس ؟


الجواب:

الحمد لله

"حديث : (رجعنا من الجهاد الأصغر

إلي الجهاد الأكبر) رواه البيهقي بسند ضعيف

قاله الحافظ العراقي في تحقيق أحاديث الإحيا

، نقله عنه العجلوني في كشف الخفاء

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله : هو كلام إبراهيم بن أبي عبلة وليس بحديث

نقله أيضا العجلوني عن الحافظ في الكشف

وهذا ملخص ما ذكره العجلوني ، وفي رواية البيهقي : (قالوا : وما الجهاد الأكبر؟ قال : جهاد القلب)

ورواه الخطيب البغدادي بلفظ : (رجعنا من الجهاد الأصغر إلي الجهاد الأكبر

قالوا : وما الجهاد الأكبر ؟

قال : مجاهدة العبد هواه)

وقد روياه جميعا عن جابر

كذا في كشف الخفاء،

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "الفتاوى" (11/197)

: أما الحديث الذي يرويه بعضهم أنه قال في عزوة تبوك : (رجعنا من الجهاد الأصغر ، إلى الجهاد الأكبر

فلا أصل له) ، ولم يروه أحد من أهل المعرفة بأقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله" انتهى .

"مجموع فتاوى ابن باز" (26/381) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-07, 16:58   رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل تجوز مباهلة من ينكر الحديث الصحيح ؟

السؤال :

هل يجوز مباهلة من ينكر الحديث الصحيح ؟

الجواب :


الحمد لله

أولا :

اتفق أهل العلم على أنَّ مَن أنكر حجية السنة بشكل عام ، أو كذَّبَ حديث النبي صلى الله عليه وسلم - وهو يعلم أنه من كلامه صلى الله عليه وسلم – فهو كافر .
.
ثانيا :

المباهلة مشروعة لإحقاق الحق وإبطال الباطل ، عند إصرار المخالف المعاند على باطله .

قال ابن القيم رحمه الله :

" السُّنَّةَ فِي مُجَادَلَةِ أَهْلِ الْبَاطِلِ إِذَا قَامَتْ عَلَيْهِمْ حُجَّةُ اللَّهِ ، وَلَمْ يَرْجِعُوا ، بَلْ أَصَرُّوا عَلَى الْعِنَادِ : أَنْ يَدْعُوَهُمْ إِلَى الْمُبَاهَلَة ِ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِذَلِكَ رَسُولَهُ ، وَلَمْ يَقُلْ: إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِأُمَّتِكَ مِنْ بَعْدِكَ، وَدَعَا إِلَيْهِ ابْنُ عَمِّهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ لِمَنْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ بَعْضَ مَسَائِلِ الْفُرُوعِ ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ ، وَدَعَا إِلَيْهِ الْأَوْزَاعِيُّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ فِي مَسْأَلَةِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ ، وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَهَذَا مِنْ تَمَامِ الْحُجَّةِ "

انتهى من "زاد المعاد" (3/ 561-562) .

وقال ابن حجر رحمه الله في فوائد قصة أهل نجران :

" وَفِيهَا : مَشْرُوعِيَّةُ مُبَاهَلَةِ الْمُخَالِفِ إِذَا أصر بعد ظُهُور الْحجَّة ، وَقد دَعَا ابن عَبَّاسٍ إِلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ الْأَوْزَاعِيُّ ، وَوَقَعَ ذَلِكَ لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ .

وَمِمَّا عُرِفَ بِالتَّجْرِبَةِ : أَنَّ مَنْ بَاهَلَ وَكَانَ مُبْطِلًا ، لَا تَمْضِي عَلَيْهِ سَنَةٌ مِنْ يَوْمِ الْمُبَاهَلَةِ ، وَوَقَعَ لِي ذَلِكَ مَعَ شَخْصٍ كَانَ يَتَعَصَّبُ لِبَعْضِ الْمَلَاحِدَةِ ، فَلَمْ يَقُمْ بَعْدَهَا غَيْرَ شَهْرَيْنِ " .

انتهى "فتح الباري" (8/ 95) .

لكن ينبغي أن ننتبه إلى عظم ذلك الأمر ، وأن المباهلة ليست من ترف القول أو الفعل ؛ بل هو مقام عظيم ، لا يصلح أن يتصدى له إلا من كان عالما بذلك المقام ، من أهل العلم والدين ، ثم يكون ذلك في أمر مهم ، يرجى من ورائه حصول خير عام ، أو دفع شر وضرر ، أو فتنة ، أو شبهة في الدين .

وإنما الشأن العام : أن يُنصح المخالف ، ويؤتى له بالأدلة ، وبكلام العلماء ، ويُستأنى في أمره ، ويُصبر عليه ، ويُدعى له بالهداية .

ولذلك : لم يحصل هذا الأمر في حياة النبي صلى الله عليه وسلم إلا مرة واحدة ، ولا تكاد تحصل في حياة العالم إلا في القليل النادر ، ومن الأئمة والعلماء والدعاة والمصلحين : من يمر عليهم العمر كله ، ولا تحصل له المباهلة .

فإن كان من ينكر الحديث الصحيح وينكر حجيته من رءوس البدع والضلالة وممن يجالَس ويُسمع له ، ويخشى منه إفساد الشباب ونشر البدعة ، فمثل هذا يجادله العلماء ويخاطبه العقلاء وتقام عليه الحجة

فإن تمادى في غيه ، وخُشي منه على الناس وخاصة الشباب أن يفتنهم ، فرأى العلماء أن دعوته للمباهلة فيها دفع لفساده وحماية للناس من فتنته ، فلهم أن يباهلوه .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-07, 17:03   رقم المشاركة : 41
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شروط المباهلة

السؤال:


ما هي شروط المباهلة ؟

الجواب :


الحمد لله

معنى المباهلة : أَن يجتمع القوم إِذا اختلفوا في شيء فيقولوا : لَعْنَةُ الله على الظالم منا
.
انظر : "لسان العرب" (11 /71) .

وهي مشروعة لإحقاق الحق وإزهاق الباطل ، وإلزام الحجة من أعرض عن الحق بعد قيامها عليه ، والأصل في مشروعيتها آية المباهلة ، وهي قوله تعالى : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) آل عمران / 61 .

قال ابن القيم رحمه الله :

" السُّنَّة فى مجادلة أهل الباطل إذا قامت عليهم حُجَّةُ اللهِ ولم يرجعوا ، بل أصرُّوا على العناد أن يدعوَهم إلى المباهلة ، وقد أمر اللهُ سبحانه بذلك رسولَه ، ولم يقل : إنَّ ذلك ليس لأُمتك مِن بعدك "

انتهى من"زاد المعاد" (3 /643)

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

" ليست المباهلة خاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم مع النصارى ، بل حكمها عام له ولأمته مع النصارى وغيرهم ؛ لأن الأصل في التشريع العموم ، وإن كان الذي وقع منها في زمنه صلى الله عليه وسلم في طلبه المباهلة من نصارى نجران فهذه جزئية تطبيقية لمعنى الآية لا تدل على حصر الحكم فيها "

انتهى من"فتاوى اللجنة الدائمة" (4 /203-204) .

ويشترط للمباهلة شروط ، من أهمها :

- إخلاص النية لله تعالى ؛ وأن يكون الغرض من المباهلة إحقاق الحق ونصرة أهله وإبطال الباطل وخذلان أهله . فلا يكون الغرض منها الرغبة في الغلبة للتشفي وحب الظهور والانتصار للهوى ونحو ذلك .

- أن تكون المباهلة بعد إقامة الحجة على المخالف ، وإظهار الحق له بالأدلة الواضحة والبراهين القاطعة .

- أن يتبين من أمر المخالف إصراره على الباطل وعناده للحق وانتصاره للهوى ؛ فإن المباهلة تسعى بالمبطل إلى لعنة الله وغضبه ، ولا يجوز أن يُدعى بذلك إلا لمن يستحقه من المشاقين المعاندين .

- أن تكون في أمر هامٍّ من أمور الدين ، ويرجى في إقامتها حصول مصلحة للإسلام والمسلمين ، أو دفع شر المخالف ، ولا يجوز أن تكون في المسائل الاجتهادية التي يسوغ فيها الاختلاف .

قال أحمد بن إبراهيم في "شرح قصيدة ابن القيم" (1 /37) :

" وأما حكم المباهلة : فقد كتب بعض العلماء رسالة في شروطها المستنبطة من الكتاب والسنة والآثار وكلام الأئمة ، وحاصل كلامه فيها : أنها لا تجوز إلا في أمر مهم شرعا وقع فيه اشتباه وعناد لا يتيسر دفعه إلا بالمباهلة

فيشترط كونها بعد إقامة الحجة ، والسعي في إزالة الشبه ، وتقديم النصح والإنذار ، وعدم نفع ذلك ، ومساس الضرورة إليها " انتهى .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-07, 17:09   رقم المشاركة : 42
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

استفسار عن رأي شيخ الإسلام في آية المباهلة

السؤال :

ما هو رأي شيخ الإسلام ابن تيميه في آية المباهلة

الجواب :

الحمد لله

أولا :

المباهلة هي الملاعنة ، والمقصود منها أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شيء ، فيقولوا : لعنة الله على الظالم منا.

ينظر : "النهاية في غريب الأثر" (1/439) .

وآية المباهلة هي قوله تعالى : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ * فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ). [آل عمران/59-61]

وكان سبب نزول هذه الآية أن وفد نصارى نجران حين قدموا المدينة جعلوا يُجادلون في نبي الله عيسى عليه السلام ، ويزعمون فيه ما يزعمون من البنوة والإلهية .

وقد تصلبوا على باطلهم ، بعدما أقام عليهم النبي صلى الله عليه وسلم البراهين بأنه عبد الله ورسوله .

فأمره الله تعالى أن يباهلهم .

فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المباهلة ، بأن يحضر هو وأهله وأبناؤه ، وهم يحضرون بأهلهم وأبنائهم ، ثم يدعون الله تعالى أن ينزل عقوبته ولعنته على الكاذبين .

فأحضر النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم ، وقال : هؤلاء أهلي .
فتشاور وفد نجران فيما بينهم : هل يجيبونه إلى ذلك ؟

فاتفق رأيهم أن لا يجيبوه ؛ لأنهم عرفوا أنهم إن باهلوه هلكوا ، هم وأولادهم وأهلوهم ، فصالحوه وبذلوا له الجزية ، وطلبوا منه الموادعة والمهادنة ، فأجابهم صلى الله عليه وسلم لذلك .

ينظر: "تفسير ابن كثير" (2 /49)

"تفسير السعدي" (1 /968) .

ثانياً :

ليس لشيخ الإسلام ابن تيمية رأي خاص في آية المباهلة ، بل كلامه فيها ككلام سائر أهل السنة ، إلا أنه قد بين بعض المفاهيم المغلوطة التي يحاول البعض أخذها من هذه القصة .

ونستطيع أن نلخص كلام شيخ الإسلام في المباهلة في نقاط :

1-إتيان النبي صلى الله عليه وسلم بعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم عند المباهلة ثابت بالأحاديث الصحيحة .

قال شيخ الإسلام: " أما أخذه علياً وفاطمة والحسن والحسين في المباهلة فحديث صحيح رواه مسلم عن سعد بن أبي وقاص ، قال في حديث طويل : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ...) دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَقَالَ : اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي ". انتهى .

"منهاج السنة النبوية" (7 / 123) .

2- ليس في ذلك دلالة على أنهم أفضل هذه الأمة .

قال : " لا دلالة في ذلك على الإمامة ولا على الأفضلية ". انتهى .

"منهاج السنة النبوية" (7/123)

وقال : " ولا يقتضي أن يكون من باهل به أفضل من جميع الصحابة ، كما لم يوجب أن تكون فاطمة وحسن وحسين أفضل من جميع الصحابة ". انتهى .

"منهاج السنة النبوية" (7 /125) .

3- المباهلة إنما يختار لها الإنسان أقرب الناس منه نسباً ، لا أفضلهم عنده .

قال شيخ الإسلام : " وسبب دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لهؤلاء فقط : أن المباهلة إنما تحصل بالأقربين إليه ، وإلا فلو باهلهم بالأبعدين في النسب وان كانوا أفضل عند الله لم يحصل المقصود .. ".

وقال : " وهؤلاء أقرب الناس إلى النبي صلى الله عليه و سلم نسباً ، وإن كان غيرهم أفضل منهم عنده ، فلم يؤمر أن يدعو أفضل أتباعه ؛ لأن المقصود أن يدعو كل واحد منهم أخص الناس به ، لما في جِبِلّة الإنسان من الخوف عليه وعلى ذوي رحمه الأقربين إليه ...

والمباهلة مبناها على العدل ، فأولئك أيضا يحتاجون أن يدعوا أقرب الناس إليهم نسبا ، وهم يخافون عليهم ما لا يخافون على الأجانب ، ولهذا امتنعوا عن المباهلة لعلمهم بأنه على الحق وأنهم إذا باهلوه حقت عليهم بُهْلة الله ، وعلى الأقربين إليهم ". انتهى .

"منهاج السنة النبوية" (5/45)

4- سبب تخصيص علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين بالمباهلة أنهم أخص أهل بيته به في ذلك الوقت .

قال شيخ الإسلام:

" وأما آية المباهلة فليست من الخصائص ، بل دعا علياً وفاطمة وابنيهما ، ولم يكن ذلك لأنهم أفضل الأمة ، بل لأنهم أخص أهل بيته". انتهى .

"مجموع الفتاوى" (4/419)

وقال : " وآية المباهلة نزلت سنة عشر لما قدم وفد نجران ، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قد بقي من أعمامه إلا العباس ، والعباس لم يكن من السابقين الأولين ، ولا كان له به اختصاص كعلي .

وأما بنو عمه فلم يكن فيهم مثل علي ، وكان جعفر قد قتل قبل ذلك ... بمؤتة سنة ثمان ، فتعين علي رضي الله عنه ". انتهى .

"منهاج السنة النبوية" (7/125) .

وقال : " لم يكن عنده إذ ذاك إلا فاطمة ، فإن رقية وأم كلثوم وزينب كنَّ قد توفين قبل ذلك ...

وإنما دعا حسناً وحسيناً ؛ لأنه لم يكن ممن ينسب إليه بالبنوة سواهما ، فإن إبراهيم ، إن كان موجودا إذ ذاك ، فهو طفل لا يُدعى ". انتهى .

"منهاج السنة النبوية" (7/ 129) .

5- ليس في آية المباهلة دليل على أحقية علي بن أبي طالب رضي الله عنه للخلافة والإمامة ، بزعم أن الله جعله مقام نفس الرسول بقوله : ( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ...) ، والاتحاد في النفس محال ، فلم يبق إلا المساواة له في الولاية العامة .

قال شيخ الإسلام

: " لا نسلم أنه لم يبق إلا المساواة ، ولا دليل على ذلك ، بل حمله على ذلك ممتنع ، لأن أحداً لا يساوي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا علياً ولا غيره .

وهذا اللفظ في لغة العرب لا يقتضي المساواة ، قال تعالى في قصة الإفك ( لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا ..) ولم يوجب ذلك أن يكون المؤمنون والمؤمنات متساوين .

وقد قال الله تعالى في قصة بني إسرائيل ( فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ ) أي يقتل بعضكم بعضا ، ولم يوجب ذلك أن يكونوا متساوين ، ولا أن يكون من عبد العجلَ مساوياً لمن لم يعبده .

وكذلك قد قيل في قوله ( وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) أي لا يقتل بعضكم بعضاً ، وان كانوا غير متساوين .

وقال تعالى ( وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ ) أي لا يلمز بعضكم بعضاً ، فيطعن عليه ويعيبه ، وهذا نهي لجميع المؤمنين أن لا يفعل بعضهم ببعض هذا الطعن والعيب ، مع أنهم غير متساوين ، لا في الأحكام ، ولا في الفضيلة ، ولا الظالم كالمظلوم ، ولا الإمام كالمأموم ...

فهذا اللفظ يدل على المجانسة والمشابهة ، والتجانس والمشابهة يكون بالاشتراك في بعض الأمور ، كالاشتراك في الإيمان ". انتهى .

"منهاج السنة النبوية" (7 / 123) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-07, 17:32   رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الرد على تحريف الشيعة لحديث صحيح يريدون الطعن على أم المؤمنين عائشة

السؤال:


لقد عشت أيامًا صعبة في المذهب الشيعي ، ولكني أعملت عقلي بعد ذلك ، وأرجو أن يهديني الله لسواء السبيل ، ويريني الحق حقًا ويرزقني اتباعه

لي سؤال : هل قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ستخرج الردة أو الكفر من بيتي وأشار إلى بيت عائشة رضي الله عنها ) ؟


الجواب :

الحمد لله

لعل من أكثر الإشكالات التي تقيد عقول بعض المسلمين استجرار العقد التاريخية للتأثير على العقائد والأفكار

والتمحور الكامل حول تلك العُقد وكأنها أحداث معاصرة ماثلة للعيان

رغم كونها قضت وانتهت

واستبدلت بأحداث معاصرة جسام

لا تقل خطرا أو شأنا عن ذلك التاريخ

فيبقى ذلك العقل الضعيف أسيرا للماضي

وينسى حاضره وما فيه من آلام وآمال

فيحيا حياة منقوصة

ويؤمن بعقيدة مشوَّهة على قدر ما يشوب التاريخ من تشوهات وأوهام .

هكذا يمكننا أن نلخص الملحظ الذي نرى ضرورة تنبيهك إليه

وعنايتك به

أن لا تجعل التاريخ – حتى لو كان حقيقيا – سببا للغفلة عن مقاصد الإسلام الحنيف التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم ،

فالإسلام منظومة مقاصدية مبنية على أركان عظيمة وجليلة

تتمحور حول توحيد الخالق جل وعلا بالعبادة ضمن أركان الإيمان الستة العظيمة

وحول الأركان العملية الخمسة التي بني عليها الدين

وأيضا حول المقاصد الأخلاقية والقيمية التي بعث النبي صلى الله عليه وسلم ليكملها ويتممها في البشرية كلها

وهي جميعها مدار آيات القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم

بعث لأجلها عليه الصلاة والسلام

يلخص ذلك كله جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه

في كلمته المشهورة بين يدي النجاشي

حيث قال له : ( أَيُّهَا الْمَلِكُ ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ ، يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا ، نَعْرِفُ نَسَبَهُ ، وَصِدْقَهُ ، وَأَمَانَتَهُ ، وَعَفَافَهُ ، فَدَعَانَا إِلَى اللهِ لِنُوَحِّدَهُ ، وَنَعْبُدَهُ

وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنَ الحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ ، وَالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ ، وَالدِّمَاءِ ، وَنَهَانَا عَنِ الْفَوَاحِشِ ، وَقَوْلِ الزُّورِ ، وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَأَمَرَنَا بِالصَّلاةِ ، وَالزَّكَاةِ ، وَالصِّيَامِ

قَالَ: فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلامِ ، فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ ، فَعَبَدْنَا اللهَ وَحْدَهُ ، فَلَمْ نُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا ، وَحَرَّمْنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا ، وَأَحْلَلْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا ) رواه أحمد في " المسند " (3/266) بإسناد حسن .

أليس من الخذلان أن نجعل تلك الحوادث مثار نزاع وافتراق بيننا اليوم ، وقد كفانا الله عز وجل بلاء تلك الأيام ، وسلَّمنا من الفتنة العظيمة التي وقعت بين الصحابة الكرام رضوان الله عليهم

وإذا كان أهل السنة يعتقدون الحق مع معسكر علي بن أبي طالب رضي الله عنهم ، فإنهم مع ذلك لا يختارون خندق الذم أو خندق الانتقاص من الأعراض أو الطعن في الدين والعقيدة

وإنما يدافعون عن حق المحق بالكلمة الطيبة ، ويسألون الله العفو والمغفرة للمخطئ من الصحابة الكرام ، ويحسنون الظن بالجميع ، فقد توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض جميعا

بل قال الله عز وجل : ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) التوبة/100.

وأنت ترى اليوم الكثير من الأحداث العظام التي تقع ولا نتمكن من معرفة حقائق وتفاصيل ما جرى فيها ، رغم وسائل الاتصال الحديثة جدا ، وأساليب التوثيق المتقدمة أيضا

وكثرة الباحثين والمختصين والدارسين المتعمقين في تلك الأحداث ، ومع ذلك لا نتمكن من الوقوف على حقيقة الحادثة وما جرى فيها ، فكيف هو الحال عند دراسة التاريخ القديم في أحداث الفتنة وتفاصيل ما جرى بين الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ، مع ندرة التدوين والتصنيف يومئذ

وكثرة التشويه والتحريف من قبل الرواة والمصنفين بعد ذلك ، وتشابك الأحداث وتداخلها ، فهل من العقل والحكمة أن نجعل تلك الأيام هواجسنا صباحا ومساء ومدارا لتصنيف الناس واستحلال أعراضهم بل ودمائهم لهذا الطرف أو ذاك
.









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-07, 17:34   رقم المشاركة : 44
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثانيا

رغم ذلك كله نقول جوابا على الحوادث المذكورة في السؤال بكل وضوح ، إنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ستخرج الردة أو الكفر من بيتي وأشار إلى بيت عائشة رضي الله عنها )، بل لم يرو ذلك أحد من المحدثين ، ولا يعرف له إسناد ، وكفى بذلك دليلا على بطلانه ورده .

إلا أن الذي وقع أن بعض الناس ممن امتلأت قلوبهم حقدا وغيظا على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قاموا بتحريف معاني بعض الروايات الحديثية

وفهمها فهما مشوَّها ليس له أي حظ من النظر

وكان من تولَّى كِبرَ هذا الإفك مجموعة من كتب الشيعة

مثل " بحار الأنوار " للمجلسي (31/639

ترقيم الشاملة)

وضامن المدني في كتابه " وقعة الجمل " (ص/46)،

وعبدالحسين في كتابه " المراجعات " (ص/424)

والتيجاني السماوي في كتابه " فاسألوا أهل الذكر " (ص/105-106)

وكتابه " ثم اهتديت "، وغيرهم.

وبيان ذلك

أن كتب السنة مليئة بروايات حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا وفِي يَمَنِنَا . قَالُوا : وَفِي نَجْدِنَا ؟

قَالَ : اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا وفِي يَمَنِنَا ، قَالُوا : وَفِي نَجْدِنَا ؟

قَالَ : هُنَاكَ الزَّلاَزِلُ وَالْفِتَنُ ، وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ )

واه البخاري (1037)

ومسلم (2905) واللفظ للبخاري.

وجاءت روايات أخرى صحيحة وصريحة بأن المقصود جهة الشرق ، وهي نجد أو العراق ، وكلها في جهة الشرق بالنسبة إلى المدينة المنورة

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : ( رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشِيرُ إِلَى المَشْرِقِ فَقَالَ : هَا إِنَّ الفِتْنَةَ هَا هُنَا ، إِنَّ الفِتْنَةَ هَا هُنَا ، مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ )

رواه البخاري (3279)

ومسلم (2905) .

وتوسع العلماء وشراح الحديث في بيان معنى الحديث ومقصوده ، وكيف كانت نجد الجزيرة أو نجد العراق مكانا للشرور والفتن ، ففسره بعضهم بأن المقصود خروج مسيلمة الكذاب في البحرين

وفسره آخرون بأن المقصود الفتن التي تقع في العراق والأحداث العظيمة التي يقتل فيها الحسين بن علي وغيره من الصحابة الكرام

وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قائما على المنبر ، مستقبلا أصحابه الكرام ، وأشار بيده إلى جهة المشرق ، فإن حجرة عائشة رضي الله عنها ستكون عن يساره أيضا عليه الصلاة والسلام ، وستكون في جهة المشرق أيضا

فاستغل ذلك بعض الحاقدين المتحاملين ، وحرفوا جميع الروايات الصريحة السابقة ، وقالوا إن المقصود شخص عائشة رضي الله عنها ، وأنها سبب للفتنة والشر الذي يصيب الناس ؛ وزين لهم الشيطان تلك الضلالة برواية لم يفقهوا المراد بها!!

فالحديث مشهور من رواية نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، وأخذه عن نافع جماعة من أصحابه هم : عبد الرحمن بن عطاء ، وعبد الله بن عون ، وعبيد الله بن عمر ، والليث بن سعد ، كلهم يرويه بسياق صريح واضح أن المراد جهة المشرق حيث يطلع قرن الشيطان . ينظر للوقوف على جميع هذه الطرق "

المسند الجامع " (10/789) .

فجاءت رواية أخرى تفرد بها جويرية عن نافع بلفظ : ( قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا ، فَأَشَارَ نَحْوَ مَسْكَنِ عَائِشَةَ ، فَقَالَ : هُنَا الفِتْنَةُ - ثَلاَثًا - مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ )

رواه البخاري (3104) .

فإذا نظر الباحث المنصف الفهم ، علم أن الإشارة المقصودة إنما هي لجهة المشرق ، ولكن لما كانت حجرة عائشة رضي الله عنها إلى جهة المشرق ، عبر الراوي بقوله ( فأشار نحو مسكن عائشة ) يعني يريد جهة المشرق ، وليس شخص أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها خاصة ، ويؤكد ذلك كلمة ( نحو )، أي : جهة ، ولم يقل ( إلى عائشة ).

وقد جاء في رواية عبيد الله بن عمر عن نافع : ( أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَامَ عِنْدَ بَابِ حَفْصَةَ ، فَقَالَ : بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ ) وفي لفظ ( عند باب عائشة فقال بيده نحو المشرق ) كما في " صحيح مسلم " (2905) ، فظهر أن المراد الجهة ، وأما الحجرات فليست مقصودة لذاتها .

وهل من المعقول أن يدعو النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة للشام ولليمن ، ثم يطلب الصحابة الكرام رضوان الله عليهم منه أن يدعو لنجد ، فيجيبهم بأن مسكن عائشة مصدر الفتنة وقرن الشيطان ، أي عقل يقبل هذا الفهم السقيم ، وأي مناسبة بين أول الحديث وآخره تبعا لهذا التحريف الغريب .

هذا وقد روى الحديث أيضا - سوى نافع - جماعة من تلاميذ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، كعبد الله بن دينار ، وسالم بن عبد الله بن عمر ، وبشر بن حرب ، وغيرهم ، كلهم يرويه بلفظ : ( يشير إلى المشرق ) رواه البخاري (3279، 3511) ومسلم (7400) ، ومسند أحمد ، وغيرهما

ينظر " المسند الجامع " (10/833-834) ، " السلسلة الصحيحة " (رقم/2494) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-07, 17:38   رقم المشاركة : 45
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


ألا يتساءل مَن فهم الرواية بهذا الفهم السقيم كيف لم يفهم أحد من الصحابة الكرام جميعهم هذا الوجه المحرف ، رغم أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب به على المنبر الشريف !

وإذا كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مقصود النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الحديث ، فكيف يبقى معها ويموت في حجرها رضي الله عنها وهي أساس الفتن وقرن الشيطان والعياذ بالله !

ألم يكن النبي صلى الله عليه وسلم أشفق الناس على أمته ، وأحرصهم على وقايتها من الشر والفتنة ، فكيف يسكت إذن عما يعلمه مما ستقوم به زوجته أم المؤمنين رضي الله عنها !

بل كيف يسكت الصحابة الكرام – ومنهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم – عن ذلك ، ولم يراجعوه عليه الصلاة والسلام في شأنها ، ولم يستأذنوه في تخليص المسلمين من الفتنة التي تخرج من بيتها !

هل نقل أحد من المؤرخين ، أو المحدثين أن أحدا ممن حضروا تلك الخطبة فهم أن المقصود شخص عائشة رضي الله عنها !

ثم هل يرضى مسلم عاقل أن ينسب إلى خير البرية وسيد البشرية محمد صلى الله عليه وسلم أن يكون بيت زوجته ، وأحب نسائه إليه ، الذي هو بيته هو ، أن يكون مكانا لقرن الشيطان

بدل أن يكون منارا يضيء للبشرية إلى يوم القيامة ، كما كان في واقع أمره ، وهل هناك ما يمكن أن ينتقص به من قدر نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أكثر من ذلك التحريف والتشويه والطعن في بيته وعرضه عليه الصلاة والسلام !!

وقد كان الوحي يتنزل في حجرتها الشريفة رضي الله عنها ، والنبي صلى الله عليه وسلم معها في لحاف واحد ، فهل يعقل أن تغدو تلك الحجرة مطلعا للشيطان ، وبفهم محرف للتاريخ !

ألم يدفن عليه الصلاة والسلام في تلك الحجرة ، وسيبقى جسده الشريف الطاهر فيها إلى يوم البعث ، والأنبياء أحياء في قبورهم ، ورغم ذلك يصف عليه الصلاة والسلام مقره ومستقره في حياته ومماته بأنه مكان الفتن ومطلع قرن الشيطان !!

وكيف يخبر عمار بن ياسر رضي الله عنه – وهو من أبرز مَن قاتل مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه – أن أم المؤمنين عائشة ستكون زوجة نبينا صلى الله عليه وسلم في الجنة

وذلك فيما يرويه البخاري (3772) عَنِ الحَكَمِ قال : ( سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ ، قَالَ : لَمَّا بَعَثَ عَلِيٌّ عَمَّارًا وَالحَسَنَ إِلَى الكُوفَةِ لِيَسْتَنْفِرَهُمْ ، خَطَبَ عَمَّارٌ فَقَالَ : إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَلَكِنَّ اللَّهَ ابْتَلاَكُمْ لِتَتَّبِعُوهُ أَوْ إِيَّاهَا )، فإذا كانت حجرة أم المؤمنين سببا للفتنة فكيف يخبر عمار بن ياسر بأنها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة !

بل إن رواة الحديث عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فهموا الحديث على وجهه الصحيح ، وحملوه على أن المقصود به نجد العراق ، كما روى الإمام مسلم في " صحيحه " (2905) عن سَالِم بْن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ

يَقُولُ : " يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ ! مَا أَسْأَلَكُمْ عَنِ الصَّغِيرَةِ ، وَأَرْكَبَكُمْ لِلْكَبِيرَةِ ! سَمِعْتُ أَبِي عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ الْفِتْنَةَ تَجِيءُ مِنْ هَاهُنَا - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ - مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ ) وَأَنْتُمْ يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ " .

فمن أين أتى هؤلاء المحرِّفون بالمعنى الغريب الذي نسبوه لهذا الحديث ، ولم يَرِد عن أحد من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أحد ممن قاتل مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه في وجه عائشة وطلحة والزبير رضي الله عنهم .
يقول الشيخ الألباني رحمه الله :

" طرق الحديث متضافرة على أن الجهة التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم إنما هي المشرق ، وهي على التحديد العراق ، كما رأيت في بعض الروايات الصريحة

فالحديث علم من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم ، فإن أول الفتن كان من قبل المشرق ، فكان ذلك سببا للفرقة بين المسلمين ، وكذلك البدع نشأت من تلك الجهة كبدعة التشيع والخروج ونحوها

وقد روى البخاري (7 / 77)

وأحمد (2 / 85، 153)

عن ابن أبي نعم قال: " شهدت ابن عمر وسأله رجل من أهل العراق عن مُحرم قتل ذبابا فقال : يا أهل العراق ! تسألوني عن محرم قتل ذبابا ، وقد قتلتم ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هما ريحانتي في الدنيا )

وإن من تلك الفتن طعن الشيعة في كبار الصحابة رضي الله عنهم، كالسيدة عائشة الصديقة بنت الصديق التي نزلت براءتها من السماء ، فقد عقد عبد الحسين الشيعي المتعصب في كتابه " المراجعات " (ص 237) فصولا عدة في الطعن فيها وتكذيبها في حديثها

ورميها بكل واقعة ، بكل جرأة وقلة حياء ، مستندا في ذلك إلى الأحاديث الضعيفة والموضوعة

وقد بينت قسما منها في " الضعيفة " (4963- 4970)

مع تحريفه للأحاديث الصحيحة ، وتحميلها من المعاني ما لا تتحمل ، كهذا الحديث الصحيح ، فإنه حمله - فض فوه وشلت يداه - على السيدة عائشة رضي الله عنها ، زاعما أنها هي الفتنة المذكورة في الحديث ( كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا )

معتمدا في ذلك على الروايتين المتقدمتين : الأولى : رواية البخاري : ( فأشار نحو مسكن عائشة )، والأخرى رواية مسلم : ( خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت عائشة فقال : رأس الكفر من ههنا ) ، فأوهم الخبيث القراء الكرام بأن الإشارة الكريمة إنما هي إلى مسكن عائشة ذاته

وأن المقصود بالفتنة هي عائشة نفسها ! والجواب ، أن هذا هو صنيع اليهود الذين يحرفون الكلم من بعد مواضعه ، فإن قوله في الرواية الأولى : ( فأشار نحو مسكن عائشة )

قد فهمه الشيعي كما لو كان النص بلفظ : ( فأشار إلى مسكن عائشة ) ! فقوله : ( نحو ) دون ( إلى ) نص قاطع في إبطال مقصوده الباطل ، ولاسيما أن أكثر الروايات صرحت بأنه أشار إلى المشرق ، وفي بعضها العراق . والواقع التاريخي يشهد لذلك .

وأما رواية عكرمة فهي شاذة كما سبق ، ولو قيل بصحتها ، فهي مختصرة جدا اختصارا مخلا ، استغله الشيعي استغلالا مرا ، كما يدل عليه مجموع روايات الحديث

فالمعنى : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت عائشة رضي الله عنها ، فصلى الفجر ، ثم قام خطيبا إلى جنب المنبر ( وفي رواية : عند باب عائشة ) فاستقبل مطلع الشمس ، فأشار بيده ، نحو المشرق . ( وفي رواية للبخاري : نحو مسكن عائشة ) وفي أخرى لأحمد : (

يشير بيده يؤم العراق ) فإذا أمعن المنصف المتجرد عن الهوى في هذا المجموع قطع ببطلان ما رمى إليه الشيعي من الطعن في السيدة عائشة رضي الله عنها ، عامله الله بما يستحق "

انتهى من " السلسلة الصحيحة " (رقم/2494) (5/655) .

وقال الشيخ عبد القادر صوفي عن هذا التحريف إنه استدلال باطل :

" يرُدّه أنّه صلى الله عليه وسلم كان واقفًا على منبره الذي يقع غرب بيوت أزواجه رضي الله عنهنّ ، وغرب بيت ابنته فاطمة رضي الله عنها ؛ حيث كانت البيوت كلّها عن يمين المنبر في جهة الشرق

وهو أمرٌ لا يقبل جدالاً أو مراءً ، فكما سوَّغ الرَّافِضَة لأنفسهم أن يفسّروا جهة المشرق ببيت عَائِشَة رضي الله عنها ، قد يسّوغ النواصب أن يُفسّروا الجهة ببيت فاطمة رضي الله عنها ، وهذا حَمَقٌ من الطائفتين" ا

نتهى من كتابه " الصاعقة " (ص/151) .

ويقول الدكتور إبراهيم الرحيلي حفظه الله :

" في بعض الروايات جاء ذكر بعض من يقطن تلك البلاد من القبائل ، ووصف حال أهلها ، فعن أبي مسعود قال : ( أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده نحو اليمن فقال : ألا إن الإيمان ههنا ، وإن القسوة وغلظ القلوب في الفدادين ، عند أصول أذناب الإبل

حيث يطلع قرنا الشيطان في ربيعة ومضر ) فدلت هذه الروايات دلالة قطيعة على بيان مراد النبي - صلى الله عليه وسلم - من قوله : (الفتنة هاهنا) ، وأن المقصود بذلك بلاد المشرق ، حيث جاءت الروايات مصرحة بهذا ،

كما جاء في بعضها وصف أهل تلك البلاد وتعيين بعض قبائلها ، مما يظهر به بطلان ما ادعى الرافضي من أن الإشارة كانت إلى بيت عائشة ، فإن هذا قول باطل ، ورأي ساقط ، لم يفهمه أحد ، وما قال به أحد سوى هذا الرافضي الحاقد "

انتهى من " الانتصار للصحب والآل من افتراءات السماوي الضال " (ص/323) .

ويقول الشيخ شحاتة محمد صقر :

" كلام الشيعة لا يعني إلا أحد شيئين :

إما أن يقولوا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنى بتلك الإشارة عائشة نفسها .

أو يقول أنه صلى الله عليه وآله وسلم قصد مسكنها نفسه .

فإن قالوا الأول فبطلانه واضح من معرفة التراكيب اللغوية التي في الحديث ، وأنها لا تستعمل إلا للإشارة لمكان معين لا لشخص ، كقوله ( مِنْ حَيْثُ ) وقوله ( هَاهُنَا الْفِتْنَة ) يشير إلى مكان تستوطن فيه الفتنة .

وإن قالوا الثاني ، وهو أنه صلى الله عليه وآله وسلم أراد مسكنها نفسه ، فلا يمكن أن يكون كذلك طيلة حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو مقّر السكن فيه ، ويتردد إليه كل يوم فيه نوبة عائشة رضي الله عنها

بل كان يتردد إليه أكثر من بيوت زوجاته الأخريات بمقدار الضعف ، فإن لعائشة رضي الله عنها في القسم يومين ، يومها ويوم سودة بنت زمعة رضي الله عنها التي وهبته لها لعلمها بمحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لها .

وأكثر من ذلك أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان في سكرات موته يحب أن يُمَرّض في بيت عائشة رضي الله عنها دون بيوت سائر زوجاته ، وبقي هناك حتى توفي صلى الله عليه وآله وسلم في بيت عائشة رضي الله عنها ، ودفن فيه رغم أنوف الرافضة .

ولم يبقَ من القول مجال إلا أن يقولوا إنما عنى به مسكن عائشة رضي الله عنها بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهذا إن قالوه فإنما ينادون على أنفسهم بالويل والثبور ، إذ إن مسكن عائشة رضي الله عنها تحول بوفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى قبره الشريف ، ولم يعد بيتا لها حتى ينسب إليها

وكيف يستجيز عاقل أن يرضى الله تعالى لحبيبه وعبده محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن يدفن في مكان هو مطلع الفتنة على حدّ زعم الرافضة !

وإن المرء ليتعجب من آيات الله تعالى أن جعل مسكن عائشة رضي الله عنها مكانا يمرض فيه عبده وحبيبه محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم يجعله مدفنا له وقبرا ، ثم يتم ذلك بأن دفن إلى جواره صاحباه ووزيراه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما .

وهذا القول المفترى من قبل الشيعة لو كان له أي وجه أو احتمال لعلمنا بأحد قاله أو ذكره أو احتج به ممن خالف أم المؤمنين رضي الله عنها ، ممن هو من طبقة التابعين أو بعدهم

أما الصحابة فلا يظن بأحد منهم اعتقاد مثل هذا قطعًا ، فلما لم نجد أحدا قاله علمنا بأنه محض افتراء وبهتان لأم المؤمنين رضي الله عنها من قبل الشيعة ، نظير ما فعله أسلافهم من أصحاب الإفك "

انتهى من " أمنا عائشة " (91-94) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
امي


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:29

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc