الشمـائل المحمديـة - الصفحة 3 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > منتدى نصرة الرسول صلى الله عليه و سلم

منتدى نصرة الرسول صلى الله عليه و سلم كل ما يختص بمناقشة وطرح مواضيع نصرة سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم و كذا مواضيع المقاومة و المقاطعة...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الشمـائل المحمديـة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2007-12-16, 18:14   رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2 وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ

[align=center]وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ[/align]

لقد كان بدهياً لمن اصطفاه الله لحمل أعظم رسالة للناس، وفضله على العالمين أن يجمع مكارم الأخلاق، وأن يكون النموذج المثالي الحي للإنسان الكامل، ولا غرابة في ذلك، فالرسول - صلى الله عليه وسلم- الكريم منحة السماء إلى الأرض، ورحمة الله إلى العالمين ربَّاه الله فأحسن تربيته، وأدبه فأحسن تأديبه.

وقد حفل القرآنُ الكريم بالآيات الكريمة التي ترسم لنا صورة مشرقة صادقة لأخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم- وفضائله، وكان واقع سيرته النبوية أعظم شهادة على عظم أخلاقه - صلى الله عليه وسلم-.

فالرسول - صلى الله عليه وسلم- كان الينبوع الزاخر المتدفق للفضائل، حلَّاه بها ربه وبعثه لينشر شذاها بين الناس، ولهذا كان يقول عليه الصلاة والسلام: (إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق) أحمد. وصححه الألباني في " السلسة الصحيحة" رقم (45).

ولقد سُئلت السيدة عائشة مرة عن خلق الرسول - صلى الله عليه وسلم- فقالت: (كان خلقه القرآن)، ولعل أبلغ وصف وأدق تصوير لخلق الرسول الكريم ما وصفه به القرآن بقوله الجامع الموجز: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}(4) سورة القلم وهي شهادة من الله في ميزان الله لعبد الله يقول فيها: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}(4) سورة القلم ومدلول الخلق العظيم هو ما هو عند الله مما لا يبلغ إلى إدراك مداه أحد من العالمين.

ودلالة هذه الكلمة العظيمة على عظمة محمد - صلى الله عليه وسلم- تبرز من نواح شتى: تبرز من كونها كلمة من الله الكبير المتعال، يسجلها ضمير الكون، وتثبت في كيانه، وتتردد في الملأ الأعلى إلى ما شاء الله.

وتبرز من جانب آخر من جانب إطاقة محمد - صلى الله عليه وسلم- لتلقيها، وهو يعلم من ربه هذا، قائل هذه الكلمة. ما هو؟ ما عظمته؟ ما دلالة كلماته؟ ما مداها؟ ما صداها؟ ويعلم من هو إلى جانب هذه العظمة المطلقة التي يدرك منها ما لا يدركه أحد من العالمين.

ولقد رويت عن عظمة خُلقه في السيرة, وعلى لسان أصحابه روايات منوعة كثيرة, وكان واقع سيرته أعظم شهادة من كل ما روي عنه؛ ولكن هذه الكلمة أعظم بدلالتها من كل شيء آخر، أعظم بصدورها عن العلي الكبير، وأعظم بتلقي محمد لها وهو يعلم من هو العلي الكبير، وبقائه بعدها ثابتاً راسخاً مطمئناً، لا يتكبر على العباد، ولا يتعاظم وهو الذي سمع ما سمع من العلي الكبير!

والله أعلم حيث يجعل رسالته، وما كان إلا محمد-صلى الله عليه وسلم-بعظمة نفسه هذه من يحمل هذه الرسالة الأخيرة بكل عظمتها الكونية الكبرى، فيكون كفؤاً لها، كما يكون صورة حيه منها.

إن هذه الرسالة من الكمال, والجمال, والعظمة, والشمول, والصدق, والحق بحيث لا يحتملها إلا الرجل الذي يثني عليه الله هذا الثناء. انظر ظلال القرآن (6/3656).

فقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}(4) سورة القلم، شهادة من الله له-صلى الله عليه وسلم- بأنه على أكمل الأخلاق وأتمها, وأرفعها, وأفضلها، بحيث لا يُدانى فيها بحال من الأحوال.

لقد كان النبي-صلى الله عليه وسلم-يتحلى ويتجمل بأخلاق عظيمة، فكان-صلى الله عليه وسلم- يمتاز بفصاحة اللسان، وبلاغة القول، وكان من ذلك بالمحل الأفضل، والموضع الذي لا يُجهل، سلاسة طبع، ونصاعة لفظ، وجزالة قول، وصحة معان، وقلة تكلف، أُوتي جوامع الكلم، وخُصَّ ببدائع الحكم، وعلم ألسنة العرب، يخاطب كل قبيلة بلسانها، ويحاورها بلغتها، اجتمعت له قوة عارضة البادية وجزالتها، ونصاعة ألفاظ الحاضرة ورونق كلامها، إلى التأييد الإلهي الذي مدده الوحي.

كان - صلى الله عليه وسلم- يغض الطرف فلا يتبع نظره الأشياء، وكان جل نظره الملاحظة فلا يحملق إذا نظر، ونظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، إذا مشى مع أصحابه يسوقهم أمامه فلا يتقدمهم، ويبدأ من لقيه بالسلام، وكان-صلى الله عليه وسلم-لا تُغضبه الدنيا وما كان لها، فإذا تعرض للحق لم يعرفه أحد، ولم يقيم لغضبه شيء حتى ينتصر له، ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه، جُلُّ ضحكه التبسم، ويفتر عن مثل حب الغمام، وإذا تكلم تكلم ثلاثاً، وإذا سلم سلم ثلاثاً، إذا استأذن استأذن ثلاثاً، وذلك ليُعقل عنه، ويُفهم مراده من كلامه نظراً إلى ما وجب عليه من البلاغ، وكان يشارك أصحابه في مباح أحاديثهم، فإذا ذكروا الدنيا ذكرها معهم، وإذا ذكروا الآخرة ذكرها معهم، وإذا ذكروا طعاماً أو شراباً ذكره معهم، وكان لا يعيب طعاماً يُقدَّم إليه أبداً, وإنما إذا أعجبه أكل منه، وإن لم يعجبه تركه). انتهى بتصرف يسير. هذا الحبيب يا محب ص 523-524).

وكان الحلم والاحتمال، والعفو عند المقدرة، والصبر على المكاره، صفاتٌ أدّبه الله بها، وكل حليم قد عُرفت منه زلة، وحُفظت عنه هَفْوَة، ولكنه - صلى الله عليه وسلم- لم يزد مع كثرة الأذى إلا صبراً، وعلى إسراف الجاهل إلا حلماً، وقالت عائشة‏:‏ (ما خُيِّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد الناس عنه، وما انتقم لنفسه إلا أن تُنتهك حرمة الله فينتقم لله بها‏). البخاري - الفتح- كتاب المناقب باب صفة النبي -صلى الله عليه وسلم- (6/654) رقم (3560). وكان أبعد الناس غضباً، وأسرعهم رضاً‏.‏

وكان من صفة الجود والكرم على مالا يُقادر قدره، كان يعطي عطاء من لا يخاف الفقر، قال ابن عباس‏:‏ (كان النبي-صلى الله عليه وسلم-أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن، فالرسول الله - صلى الله عليه وسلم- أجود بالخير من الريح المرسلة).البخاري - الفتح- كتاب المناقب باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم (6/653) رقم (3554).‏ وقال جابر‏:‏ (ما سئل شيئاً قط فقال‏:‏ لا)‏. البخاري - الفتح- كتاب الأدب باب حسن الخلق والسخاء وما يكره من البخل (10/470) رقم (6034).

وكان من الشجاعة والنجدة والبأس بالمكان الذي لا يُجهل، كان أشجع الناس، حضر المواقف الصعبة، وفر عنه الكُماة والأبطال غير مرة، وهو ثابت لا يبرح، ومقبل لا يدبر، ولا يتزحزح، وما شجاع إلا وقد أُحصيت له فَرَّة، وحُفظت عنه جولة سواه، قال علي‏:‏ "كنا إذا حمي البأس واحمرت الحَدَقُ، اتقينا برسول الله -صلى الله عليه وسلم-فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه"‏.‏ قال أنس‏:‏"فزع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق ناس قِبَلَ الصوت، فتلقاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- راجعاً، وقد سبقهم إلى الصوت، وهو على فرس لأبي طلحة عُرْي، في عنقه السيف، وهو يقول‏:‏ ‏(‏لم تُرَاعوا، لم تُرَاعوا‏)‏‏. البخاري - الفتح- كتاب الجهاد والسير باب إذا فزعوا بالليل (6/189) رقم (3040), ومسلم كتاب الفضائل- باب شجاعته عليه السلام وتقدمه في الحرب- (4/1802)- رقم (2307).

وكان أشد الناس حياء وإغضاء، قال أبو سعيد الخدري‏: "كان أشد حياء من العذراء في خِدْرها، وإذا كره شيئاً عُرف في وجهة‏،‏ وكان لا يثبت نظره في وجه أحد، خافض الطرف‏،‏ نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جُلُّ نظره الملاحظة، لا يُشافه أحداً بما يكره حياء وكرم نفس، وكان لا يُسمِّي رجلاً بلغ عنه شيء يكرهه، بل يقول‏.‏ ‏(‏ما بال أقوام يصنعون كذا‏)‏‏ (السلسلة الصحيحة (2064).‏ وكان أحق الناس بقول الفرزدق‏:‏

[align=center]يُغضي حياءً ويُغضى من مهابته ***** فــلا يُكلَّـم إلا حيـن يبتسـمُ[/align]


وكان أعدل الناس، وأعفهم، وأصدقهم لهجة، وأعظمهم أمانة، اعترف له بذلك مجاوروه وأعداؤه، وكان يُسمَّى قبل نبوته الأمين، ويُتَحاكم إليه في الجاهلية قبل الإسلام، روى الترمذي عن علي أن أبا جهل قال له‏:‏ إنا لا نكذبك، ولكن نكذب بما جئت به، فأنزل الله –تعالى- فيهم‏: ‏{فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ}‏الأنعام‏:‏33‏‏‏.‏ وسأل هرقل أبا سفيان: هل تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏

وكان أشد الناس تواضعاً، وأبعدهم عن الكبر، يمنع عن القيام له كما يقومون للملوك، وكان يعود المساكين، ويجالس الفقراء، ويجيب دعوة العبد، ويجلس في أصحابه كأحدهم، قالت عائشة‏:‏ كان يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويعمل بيده كما يعمل أحدكم في بيته، وكان بشراً من البشر يَفْلِي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه‏. مشكاة المصابيح (1/521) السلسلة الصحيحة (671).

وكان أوفى الناس بالعهود، وأوصلهم للرحم، وأعظمهم شفقة ورأفة ورحمة بالناس، أحسن الناس عشرة وأدباً، وأبسط الناس خلقاً، أبعد الناس من سوء الأخلاق، لم يكن فاحشاً، ولا متفحشاً، ولا لعاناً، ولا صخَّاباً في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، وكان لا يدع أحداً يمشي خلفه، وكان لا يترفع على عبيده وإمائه في مأكل ولا ملبس، ويخدم من خَدَمَه، ولم يقل لخادمه أُفٍّ قط، ولم يعاتبه على فعل شيء أو تركه، وكان يحب المساكين ويجالسهم، ويشهد جنائزهم، ولا يحقر فقيراً لفقره‏.‏

كان في بعض أسفاره فأمر بإصلاح شاة، فقال رجل‏:‏ عليَّ ذبحها، وقال آخر‏: عليَّ سلخها، وقال آخر عليَّ طبخها، فقال - صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏وعلي جمع الحطب‏)‏، فقالوا‏:‏ نحن نكفيك‏.‏ فقال‏:‏ ‏(‏قد علمت أنكم تكفوني ولكني أكره أن أتميز عليكم، فإن الله يكره من عبده أن يراه متميزاً بين أصحابه‏)‏، وقام وجمع الحطب‏. مشكاة المصابيح (1/520).‏

ولنترك هند بن أبي هالة يصف لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ؛ قال هند فيما قال‏:‏"كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- متواصل الأحزان، دائم الفكرة، ليست له راحة، ولا يتكلم في غير حاجة، طويل السكوت، يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه - لا بأطراف فمه - ويتكلم بجوامع الكلم، فصلاً، لا فضول فيه ولا تقصير، دمثاً ليس بالجافي ولا بالمهين، يعظم النعمة وإن دقت، لايذمُّ شيئاً، ولم يكن يذم ذواقاً – ما يُطعم - ولا يمدحه، ولا يُقام لغضبه إذا تعرض للحق بشيء حتى ينتصر له، لا يغضب لنفسه، ولا ينتصر لها - سماحة - وإذا أشار أشار بكفه كُلِّها، وإذا تعجب قلبها، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه، جُلَّ ضحكه التبسم، ويفتر عن مثل حب الغمام‏.‏

وكان يخزن لسانه إلا عما يعنيه، يؤلِّف أصحابه ولا يُفرِّقهم، يكرم كريم كل قوم، ويُولِّيه عليهم، ويحذر الناس، ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد منهم بشره‏.‏

يتفقد أصحابه، ويسأل الناس عما في الناس، ويُحسِّن الحسن ويُصوِّبه، ويُقبِّح القبيح ويوهنه، معتدل الأمر، غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا، لكل حال عنده عتاد، لا يقصر عن الحق، ولا يجاوزه إلى غيره‏.

الذين يلونه من الناس خيارهم، وأفضلهم عنده أعمهم نصيحة، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة‏.‏

كان لا يجلس ولا يقوم إلا على ذِكر، ولا يوطن الأماكن - لا يميز لنفسه مكاناً- إذا انتهي إلى القوم جلس حيث ينتهي به المجلس، ويأمر بذلك، ويعطي كل جلسائه نصيبه حتى لا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه، من جالسه أو قاومه لحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول، وقد وسع الناس بسطه وخلقه، فصار لهم أباً، وصاروا عنده في الحق متقاربين، يتفاضلون عنده بالتقوى، مجلسه مجلس حلم, وحياء, وصبر, وأمانة، لا تُرفع فيه الأصوات، ولا تؤبن (من الأبن, وهو العيب والتهمة) فيه الحرم - لا تُخشى فلتاته-، يتعاطفون بالتقوى، يُوقِّرون الكبير، ويرحمون الصغير، ويرفدون ذا الحاجة، ويُؤنسون الغريب‏.‏

كان دائم البِشْرِ، سهل الخُلق، لين الجانب، ليس بفظ، ولا غليظ، ولا صَخَّاب، ولا فَحَّاش، ولا عتاب، ولا مداح، يتغافل عما لا يشتهي، ولا يقنط منه‏،‏ قد ترك نفسه من ثلاث‏:‏ الرياء، والإكثار، وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث‏:‏ لا يذم أحداً، ولا يُعَيِّره، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، إذا تكلم أطرق جلساؤه، كأنما على رؤوسهم الطير، وإذا سكت تكلموا‏.‏ لا يتنازعون عنده الحديث، من تكلم عنده أنصتوا له حتى يفرغ، حديثهم حديث أولهم، يضحك مما يضحكون منه، ويعجب مما يعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في المنطق، يقول‏:‏ إذا رأيتم صاحب الحاجة يطلبها فأرفدوه، ولا يطلب الثناء إلا من مكافئ‏. انظر الشفاء للقاضي عياض (1/121-126).

وقال خارجة بن زيد‏:‏ كان النبي - صلى الله عليه وسلم- أوقر الناس في مجلسه، لا يكاد يخرج شيئاً من أطرافه، وكان كثير السكوت، لا يتكلم في غير حاجة، يعرض عمن تكلم بغير جميل، كان ضحكه تبسماً، وكلامه فصلاً لا فضول ولا تقصير، وكان ضحك أصحابه عنده التبسم توقيراً له واقتداء به‏.‏

ووصفه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- وهو من أعرف الناس به، وأكثرهم عشرة له، وأقدرهم على الوصف والبيان، فقال: لم يكن فاحشاً، ولم متفحشاً، ولا صخَّاباً في الأسواق، ولا يحكي السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح، ما ضرب بيده شيئاً قط، إلا أن يجاهد في سبيل الله، ولا ضرب خادماً ولا امرأة، وما رأيته منتصراً من مظلمة ظلمها قط ما لم ينتهك من محارم الله –تعالى- شيئاً، فإذا انتهك من محارم الله كان من أشدهم غضباً، وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما، وإذا دخل بيته كان بشراً من البشر، يفلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه. السيرة النبوية للندوي (ص484-486).


[align=center]يتبــــــــــع........[/align]









 


رد مع اقتباس
قديم 2007-12-16, 18:22   رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2 النبي (صلى الله عليه وسلم) والنساء

[align=center]النبي (صلى الله عليه وسلم) والنساء[/align]

لا شك أن النساء شقائق الرجال، وبين الفريقين روابط تكوينية من أول وجودهما، أشار لذلك القرآن في أوائل السور المسماة باسمهن -سورة النساء- في قوله –تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} النساء: 1.

فهذا أصل علاقة النساء بالرجال، أن الجميع من أصل واحد هو آدم وزوجه التي خلقت منه، وأن المرأة فرع عن الرجال أبتداء، ثم تناسل الأصل وتكاثر الفرع حتى تواجدت الأمم والشعوب، وظلَّت المرأة شقيقة للرجل في حياته على مدى العصور، حتى لعبت بها الأهواء، وتقاذفتها الأغراض، واختلفت وجهات النظر فيها، حتى أصبحت كالسلعة تباع وتوهب، ويكارم بها. حتى جاءت اليهودية فكانت المرأة مهانة على أمر لم يسعها دفعه، فكان اليهود إذا حاضت فيهم المرأة لم يؤاكلوها ولم يشاربوها. وجاءت النصرانية فقال النصارى: إن المرأة مخلوق نجس لا يحق لها أن تمس الكتاب المقدس، أما المرأة العربية في الجاهلية فكان أمرها مضطرباً مابين تنصيبها ملكة (كبلقيس) في عهد نبي الله سليمان، وبين وأدها حية، أو ميراثها كرهاً عنها، وحرمانها من ميراث والديها وأولادها، وإكراها على الزواج ممن ترضى ومن لم ترض... ولما جاء الإسلام أمر بتكريم المرأة وجعلها جزء من المجتمع وكان تعامل النبي (صلى الله عليه وسلم) تعامل لين ورحمة ومحبة، وهذا ما سنعرفه ويتبين لنا جميعاً وذلك من خلال متابعتنا لهذه النماذج الحية من حياته (صلى الله عليه وسلم):

1. حسن خلقه - صلى الله عليه وسلم- مع النساء:

يقول ابن كثير –رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. النساء: 19

وعاشروهن بالمعروف: أي طيبوا أقوالكم لهنَّ وحسنوا أفعالكم وهيآتكم بحسب قدرتكم كما تحب ذلك منها فافعل أنت بها مثله كما قال –تعالى-: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} البقرة: 128 وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (خيُركم خيُركم لأهله وأنا خيرُكم لأهلي) رواه ابن حبان –باب ذكر البيان بأن من خيار الناس من كان خيرا لامرأته (9/484)، وكان من أخلاقه -صلى الله عليه وسلم- أنه جميل العشرة، دائم البشر، يداعب أهله، ويتلطف بهم، ويوسعهم نفقة، ويضاحك نساءه، حتى إنه كان يسابق عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-، يتودد إليها بذلك، قالت سابقني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسبقته وذلك قبل أن أحمل اللحم، ثم سابقته بعد ما حملت اللحم فسبقني فقال: (هذه بتلك)، ويجتمع نساؤه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان، ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها، وكان ينام مع المرأة من نسائه في شعار واحد، يضع عن كتفيه الرداء، وينام بالإزار، وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله يسمر مع أهله قليلاً قبل أن ينام يؤانسهم بذلك -صلى الله عليه وسلم- وقد قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} الأحزاب: 21 تفسير ابن كثير (1/467).

روى الإمام أحمد وأبو داود عن كلثوم قالت: (كانت زينب تُفلي رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وعنده امرأة عثمان بن مظعون ونساء من المهاجرات، يشكون منازلهن أنهن يخرجن منه ويضيق عليهن فيه، فتكلمت زينب وتركت رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (إنك لست تكلمين بعينك، تكلمي واعملي عملك). رواه أحمد، المسند (6/363)، وروى أبو داود نحوه دون الجزء الأخير كتاب الخراج والإمارة والفيء باب في إحياء الموات، وقال الألباني: صحيح، انظر صحيح أبي داود رقم (2644). وروى النسائي وأبو بكر الشافعي عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: زارتنا سودة يوماً، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بيني وبينها، إحدى رجليه في حجري والأخرى في حجرها، فعملت له حريرة – أو قال خزيرة- فقلت: كلي، فأبت فقلت: لتأكلين أو لألطخنَّ وجهك، فأبت، فأخذتُ من القصعة شيئاً، فلطخت به وجهها، فرفع رسول الله – صلى الله عليه وسلم- رجله من حجرها تستقيد مني، فأخذت من القصعة شيئاً فلطخت به وجهي، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- يضحك... الحديث). سنن النسائي الكبرى كتاب عشرة النساء (5/291)، مجمع الزوائد (4/315) وتحفة الأشراف (12/361). وفي رواية عنها –رضي الله عنه- قالت: (أتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بخزيرة قد طبختها له، فقلت لسودة والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بيني وبينها: كلي، فأبت، فقلت: لتأكلن أو لألطخن وجهك، فأبت. فوضعت يدي في الخزيرة فطليت وجهها، فضحك النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم – فوضع بيده لها وقال لها: (ألطخي وجهها)، فضحك النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم– لها، فمر عمر فقال: يا عبد الله، يا عبد الله، فظن أنه سيدخل فقال: (قوما فاغسلا وجوهكما)، فقالت عائشة: فما زلت أهاب عمر لهيبة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أخرجه أبو يعلى (7/449)، وقال الشيخ مقبل بن هادي الوادعي-رحمه الله-: هذا حديث حسن، انظر الصحيح المسند رقم (1580). وروى النسائي عن النعمان بن بشير- رضي الله تعالى عنه- قال: (استأذن أبو بكر -رصي الله عنه-، على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فسمع صوت عائشة -رضي الله عنها- عالياً، فلما دخل تناولها ليلطمها، وقال: لا أراك ترفعين صوتك على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-! فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يحجزه، وخرج أبو بكر مغضباً، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- حين خرج أبو بكر: (كيف رأيتيني أنقذتك من الرجل!)، قال: فمكث أبو بكر أياماً، ثم استأذن، فوجدهما قد اصطلحا، فقال لهما: أدخلاني في سلمكما كما أدخلتماني في حربكما! فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: (قد فعلنا، قد فعلنا). رواه أبو داود كتاب الأدب باب ما جاء في المزاح (4/300) رقم (4999)، والنسائي في السنن الكبرى كتاب عشرة النساء (5/365)، وأحمد نحوه (4/271-272) ومشكاة المصابيح (4817)، والصحيح المسند رقم (1172).

2. الرفق بالأرامل والإماء:

الأرامل: جمع (أرمل)، (وهو من افتقر وفني زاده) وهو يقع على الرجال والنساء. أساس البلاغة، للزمخشري، ص: (179). يقال رجل أرمل، وامرأة أرملة. ولا يقال ذلك إلا مع الحاجة، والغالب أنه لا يقال ذلك إلا للنساء. امرأة أرملة: محتاجة، أو مسكينه. القاموس المحيط للفيروز آبادي فصل الراء ص: (907) وهي المرأة التي لا زوج لها ينفق عليها. وأما الإماء: جمع (أمة)، وهي ضدُّ الحُرَّة. مختار الصحاح للرازي، باب الهمزة، ص: (51)، وهي المرأة الحقيرة الشأن، وقليلة القدر، وهي المرأة الضعيفة. كان النبي (صلى الله عليه وسلم) من رعايته ورفقه بهما نجده يوليهما اهتماماً خاصاً، وعناية كسائل الضعَفة من المسلمين، بل أكثر، لما يترتب على ذلك من عظيم الأجر، كم دل على ذلك من أقواله وأفعاله (صلى الله عليه وسلم)، وذلك في أمور كثير من أهمها:

- عدم التكبر عليهم:

لقد أولاهم -صلى الله عليه وسلم- كامل رحمته ورفقه، والسماع لشكواهم، فكان (صلى الله عليه وسلم) لا يتكبر على الأرملة ولا يأنف منها. فقد جاء في الحديث: ((... فكان لا يأنف ولا يستكبر أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي له جاجته)) النسائي –كتاب الجمعة-باب: ما يستحب من تقصير الخطبة برقم: (1414)، وهو (عليه الصلاة والسلام) يرى أنهم فئة محتاجة ولا عائل لهم بعد الله إلا هو (صلى الله عليه وسلم)، فلذلك أهتمَّ بأمر الأرامل، وأولاهنَّ العناية الخاصة المناسبة لهن، حيث يتقرب إلى الله -سبحانه وتعالى- بقضاء حاجة المحتاجين، وهم من رعيته، ويُسأل عنهم يوم القيامة. وهو يضع ويوضح الطريق الصحيح والمبدأ التربوي للأمة بهذا التعامل والأسلوب العملي التطبيقي، لكي يقتدي به من يأتي من بعده، ويلي أمراً من أمور المسلمين.

?ب- القيام بحاجة الأرامل والإماء:

فقد شاهد ذلك من النبي (صلى الله عليه وسلم) صحابتُه الكرام في مواقف عدة، وتناقلوها بعدة روايات، وتأثروا بها، وطبقوها في حياتهم. فقال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (إن كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فتنطلق به حيث شاءت) البخاري-كتاب الأدب، باب: الكبر، حديث برقم (5724)، وهذا من تواضع النبي (صلى الله عليه وسلم) ولطفه بالأمه المملوكة التي تحتاج المساعدة والرعاية منه، والرفق، حيث لا تجد من يعولها غيره (صلى الله عليه وسلم) فكسرت حاجز الهيبة بينها وبينه والخوف منه، لما تعرف من خلقه الرفيع، والتعامل الحسن.

والمقصود من الأخذ (باليد) لازمه، وهو الرفق والانقياد، وقد اشتمل على أنواع من المبالغة في التواضع، لذكره المرأة دون الرجل.

وقال في موضع آخر: والأخذ باليد إشارة إلى غاية التصرف، حتى لو كانت حاجتها خارج المدينة، والتمست منه مساعدتها في تلك الحاجة، لساعد على ذلك. فتح الباري، ابن حجر العسقلاني(10/490). وبالإضافة إلى فعله وتطبيقه: الرفق والشفقة بالأرامل، فهو يحث الأمة، ويأمر المسلمين بكفالتهم ويرغب فيه، كما في هذا الموقف.

?ج- السعي على الأرملة والقيام بمصالحها:

عن أبي هريرة (رضي الله عنها) قال: قال النبي (صلى الله عليه وسلم): (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو القائم الليل، الصائم النهار) البخاري-كتاب النفقات-باب فل النفقة على الأهل برقم: (5308).والساعي هو الذي يذهب ويجيء ويتردد في تحصيل ما ينفع الأرملة والمسكين.

إن السعي على الأرامل والمساكين سبب لرحمة الله، ذلك أن الله تعالى جعل ثوابه كثواب المجاهدين في سبيل الله، الذين خرجوا بأموالهم وأنفسهم، وقد لا يرجعون بشيء منها، وأن للمجاهدين أجراً عظيماً، وهو دخول الجنة، فشبه الرسول (صلى الله عليه وسلم) الساعي على مصالح الأرامل والمساكين بثواب المجاهدين كما سبق. إن السعي على مصالحهم فيه أجر كبير، وفيه توطين النفس وتربية للأمة بالتواصي بالحق وعمل الخير، ومساعدة المحتاجين، والرفق بهم، لكي تقوى أواصر المحبة، والأخوة الإيمانية، وصد حاجة المعوزين بامتثال هذا الأمر، وتلمساً للأجر العظيم، وتظهر أواصر التكافل الاجتماعي، مع احتساب الجزاء من الله -سبحانه وتعالى- بأن جعله مساوياً للجهاد، والصيام والقيام في الليل، ومع ذلك فلا جزاء له إلا الجنة. راجع: "مبدأ الرفق في التعامل مع المتعلمين" / صالح بن سليمان المطلق ص: (119-122).

3. ملاطفته - صلى الله عليه وسلم - مع أزواجه:

عن عائشة -رضي الله تعالى- عنها أنها كانت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في سفر فقال: (تعالي حتى أسابقك)، فسابقتُه فسبقتُه. فلما حملتُ من اللحم سابقني فسبقني، فقال: (يا عائشة هذه بتلك) المسند (6/264) وأبو داود في الجهاد باب في السبق على الرجل، وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم (2248).

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- جالساً، فسمعنا لغطاً وصوت صبيان – في رواية ضوضاء النساء والصبيان- فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فإذا الحبشة تزفن – تلعب- في لفظ: يلعبون بحرابهم في المسجد والصبيان حولها – فقال: (يا عائشة تعالي فانظري)، فجئت، فوضعت لحيي على منكب رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فجعلت أنظر إليها ما بين المنكب إلى رأسه. فقال لي: (أما شبعت! أما شبعت!) قالت فجعلت أقول: لا، لأنظر منزلتي عنده. رواه الترمذي كتاب المناقب عن رسول الله باب مناقب عمر بن الخطاب رقم (3691) وصححه الألباني في صحيح الترمذي رقم (2914).

4. استشارة النبي - صلى الله عليه وسلم - زوجته أم سلمة:

روى الإمام أحمد والبخاري عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم -رضي الله عنهما- قالا: (إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صالح أهل مكة، وكتب كتاب الصلح بينه وبينهم، فلما فرغ قال للناس: (قوموا فانحروا، ثم احلقوا). قالا: فوالله ما قام منهم رجل حتى قالها ثلاثاً، فلما لم يقم أحد منهم، ولا تكلم أحد منهم، دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك؟! اخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بُدْنَكَ وتدعوَ حالقك فيحلقك. فخرج ففعل ذلك، فما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضاً حتى يكاد بعضهم يقتل بعضاً. المسند (4/323-326)، والبخاري كتاب الشروط باب الشروط في الجهاد والمصالحة في الحرب رقم (2724).


[align=center]يتبـــــــع......[/align]










رد مع اقتباس
قديم 2007-12-16, 18:24   رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي تـــابع

5. رفقه- صلى الله عليه وسلم- بالنساء:

عن صفية - رضي الله عنه - قالت: حج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنسائه فلما كان ببعض الطريق برك جملي وكنت من أحسرهن - أعياهن- ظهراً فبكيت، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم- وجعل يمسح دموعي بردائه وبيده وجعلت لا أزيد إلا بكاءً وهو - صلى الله عليه وسلم- ينهاني فلما أكثرت زبرني). المسند 6/337-338.

ومن روائع مواقف الرسول - صلى الله عليه وسلم- مع ابنته فاطمة أنها كانت تعيش مع زوجها علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- حياة شاقة، فجرت بالرحى حتى أثرت في يدها، واستقت بالقربة حتى أثرت في نحرها، وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها، وكان زوجها من الفقر بحيث لم يستطع أن يستأجر لها خادماً تعينها في عملها الشاق، ولم يكن يهون عليه أن يراها كادحة مجهدة فكان يساعدها في بعض الأعمال ما أمكن ذلك. وانتهز علي -رضي الله عنه- فرصة مواتية فقال لها ذات يوم، وقد عرف أن أباها النبي - صلى الله عليه وسلم- قد عاد من إحدى غزواته الظافرة بغنائم وسبايا: لقد سنوت يا فاطمة حتى أشتكيت صدري، وقد جاء الله أباك بسبي، فاذهبي فاستخدميه، فقالت: وأنا والله قد طحنت حتى مجلت يداي، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال: (ما جاء بك أي بنية؟) قالت: جئت لأسلم عليك، واستحيت أن تسأله ورجعت، فأتياه جميعاً فذكر له عليُّ حالها. فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم-: (لا والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تطوَ بطونهم، لا أجد ما أنفق عليهم، ولكن أبيع وأنفق عليهم أثمانهم). رواه أحمد ضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب رقم (984). وعادت سيدة نساء أهل الجنة وابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ولم تظفر بشيء مما عند أبيها، فأتاهما – أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وقد دخلا في قطيفتهم- إذا غطيا رؤوسهما بدت أقدامهما، وإذا غطيا أقدامهما انكشفت رؤوسهما. فثارا للقاء النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال: (مكانكما!.. ألا أخبركم بخير ما سألتماني؟) فقالا: بلى، فقال: (كلمات علمنيهن جبريل تسبحان في دبر كل صلاة عشراً وتحمدان عشراً، وتكبران عشراً، وإذ أويتما إلى فراشكما تسبحان ثلاثاً وثلاثين وتحمدان ثلاثاً وثلاثين وتكبران أربعاً وثلاثين. فهو خير لكما من خادم)، فقال علي -رضي الله عنه-: فوالله ما تركتهن منذ علمنيهن، فسأله رجل من أصحابه ولا ليلة صفين؟ فقال: ولا ليلة صفين. الإصابة (8/159) وأصل الحديث في صحيح مسلم وبألفاظ متفاوتة في كتاب الذكر والدعاء باب التسبيح أول النهار عند النوم برقم (2727، 2728).


6. رحمته – صلى الله عليه وسلم - بالنساء:

لما مرض الرسول - صلى الله عليه وسلم- جاءت إليه ابنته فاطمة فلما رآها هش للقائها قائلاً: مرحباً يا بنيتي ثم قبلها وأجلسها على يمينه أو عن شماله، ثم سارها فبكت بكاءً شديداً، فلما رأى جزعها سارّها الثانية فضحكت. فقالت لها عائشة: خصك رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من بين سائر نسائه بالسِّرار ثم أنت تبكين؟ فلما قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم- سألتها: ما قال لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم-؟ قالت: ما كنت لأفشى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- سره. قالت: فلما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قلت: عزمتُ عليك بما لي عليك من الحق، لما حدثتني ما قال لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، قالت: أما الآن فنعم. أما حين سارَّني في المرة الأولى فأخبرني: (أن جبريل كان يعارضه القرآن كل سنة مرة، وأنه عارضه الآن مرتين وإني لا أرى الأجل إلا وقد اقترب، فاتقي الله واصبري، فإنه نعم السلف أنا لكِ) قالت: فبكيت بكائي الذي رأيت. فلما رأى جزعي سارَّني الثانية فقال: (يا فاطمة أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة؟) فضحكت لذلك. البخاري كتاب المناقب باب علامات النبوة في الأسلام (6/726) رقم (3624) ومسلم كتاب فضائل الصحابة باب فضائل فاطمة بنت النبي (4/1904-1906) رقم (2450). وفي رواية لمسلم: (وأنك أول أهلي لحوقاً بي) مسلم كتاب الفضائل باب فضائل فاطمة بنت النبي (4/1905) رقم (2450).

7. سؤال النبيَّ – صلى الله عليه وسلم - عن أمور الدين من قبل النساء:

أسماء بنت يزيد بن السكن خطيبة النساء:

كانت -رضي الله عنها- تنوب عن النساء المسلمين في مخاطبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما يتعلق بهن، وقد أتته ذات مرة فقالت له: يا سول الله إني رسول من ورائي من جماعة نساء المسلمين كلهم، يقلن بقولي وهن على مثل رأيي.. إن الله تعالى بعثك إلى الرجال والنساء، فآمنا بك، واتبعناك، ونحن معاشر النساء مقصورات مخدرات، قواعد بيوت، ومواضع شهوات الرجال، وحاملات أولادهم، وإن الرجال فضلوا بالجمعات وشهود الجنائز، والجهاد، وإذا خرجوا للجهاد حفظنا لهم أموالهم وربينا أولادهم، أفنشاركهم في الأجر يا رسول الله؟ فالتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلى أصحابه فقال: (هل سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤالاً عن دينها من هذه؟) فقالوا: بلى يا رسول الله. فقال رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: (انصرفي يا أسماء وأعلمي من وراءك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها، وطلبها لمرضاته، واتباعها لموافقته، يعدل كل ما ذكرت للرجال) فانصرفت أسماء وهي تهلل وتكبر استبشاراً لما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-. انظر الاستيعاب لابن عبد البر على هامش الإصابة (4/223).

8. مزاحه - صلى الله عليه وسلم - مع النساء:

أم أيمن مولاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وحاضنته:

كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلاطفها ويمازحها وكأنها أمه، وقد جاءته ذات مرة فقالت له: يا رسول الله: احملني فقال -عليه الصلاة والسلام-: (أحملك على ولد الناقة) فقالت: يا رسول الله، إنه لا يطيقني ولا أريده، فقال: (لا أحملك إلا على ولد الناقة). يعني أنه كان يمازحها - صلى الله عليه وسلم-، وكان رسول الله يمزح ولا يقول إلا حقاً، والإبل كلها، ولد النوق. طبقات ابن سعد (8/224).

9. استفتاء النساء لنبي الله - صلى الله عليه وسلم-:

خولة بنت ثعلبة: عندما ظاهر منها زوجها جاءت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجلست بين يديه، فذكرت له ما لقيت من زوجها، وهي بذلك تريد أن تستفتيه، وتجادله في الأمر ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (ما أمرنا في أمرك بشيء… ما أعلمك إلا قد حرمت عليه) والمرأة المؤمنة تعيد الكلام عليه، وتبين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- ما قد يُصيبها وأبناءها إذا افترقت عن زوجها، وفي كل مرة يقول لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (ما أعلمك إلا قد حرمت عليه) ودعت ربها وما كادت أن تفرغ من دعائها حتى نزل قوله -تعالى-: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها.. إلى قوله تعالى: وللكافرين عذابٌ أليم}. (المجادلة: 1-4) رواه أحمد في المسند (1/46)، والحاكم وقال الذهبي: صحيح، المستدرك (2/481).

10. وختاماً نقول:

هذا ما يسَّر الله لنا جمعه في هذا المبحث المتواضع ولا شك أن هناك مواقفٌ كثيرة، غير ما ذكرنا لا يمكن حصرها في مبحث ولا مبحثين ولكن لعلنا نكون قد أشرنا إلى أهم المواقف في حياته -عليه الصلاة والسلام- وعرفنا كيف كان خلقه -بأبي هو وأمي- مع نسائه، ونساء المؤمنين، ومع الأرامل، والإماء...، وعرفنا كيف تعامل معهم وكيف كانت صفاته تجاههنَّ ولا غرابة في تعامل النبي معهن بهذه الصورة لأنه هو القدوة المُثلى والإمامُ الأعظم إنه الذي أرسله الله رحمةً للناس... فنسألُ الله -سبحانه وتعالى- أن يحشرنا معه في الجنة وأن ييسر لنا أمورنا إنه ولي ذلك والقادرُ عليه، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

[align=center]يتبــــــــع........[/align]










رد مع اقتباس
قديم 2007-12-16, 18:36   رقم المشاركة : 34
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2 تـابع للشمائـل المحمـدية

[align=center]04 - الرسـول مع بقية المخلوقات [/align]

أخلاقه (صلى الله عليه وسلم) مع الملائكة


فإن الملائكة عالم غير عالم الإنس وعالم الجن، وهو عالم كريم، كله طهر وصفاء ونقاء، وهم كرام أتقياء، يعبدون الله حق العبادة، ويقومون بتنفيذ ما يأمرهم ، ولا يعصون الله أبداً.

والملك أصله : ألكَ، والمألكة، والمألكُ : الرسالة : ومنه اشتق الملائك؛ لأنهم رسل الله .

وقيل : اشتق من ( لَ أ ك) والملأكة : الرسالة، وألكني إلى فلان، أي بلغه عني، والملأك: الملك؛ لأنه يبلغ عن الله تعالى:

وقال بعض المحققين: ((الملك من الملك. قال: والمتولي من الملائكة شيئاً من السياسات يقال له مَلك , ومن البشر مَلكِ )) بصائر ذوي التمييز , للفيروز آبادي ( 4/ 524).
والإيمان بالملائكة أصل من أصول الإيمان، لا يصح إيمان عبد ما لم يؤمن بهم، قال تعالى: { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله } البقرة: 285.
وقال تعالى : {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب. ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين...} البقرة : 177.
فجعل الله الإيمان هو الإيمان بهذه الجملة. قال تعالى {.... ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيداً} النساء: 136.

وقد أنكر بعضُ الفلاسفة وأهل البدع هذا العالم الغيبي المخلوق. فمذهبهم في ذلك (( أنه ليس في الخارج ذات منفصلة تصعد وتنزل وتذهب وتجيء وترى وتخاطب الرسول. وإنما ذلك عندهم أمور ذهنية لا وجود لها في الأعيان )) انظر : شرح العقيدة الطحاوية ( 297)

وقال بعض الزائغين إن الملائكة عبارة عن قوى الخير الكامنة في المخلوقات. كيف هذا ؟ والله سبحانه وتعالى يقول: { الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع ...} فاطر آية 1.
إذاً الواجب علينا أن نؤمن بعالم الملائكة ونصدق بوجودهم ونؤمن بأنهم خلق من خلق الله مأمورون مكلفون لا يقدرون إلا على ما أقدرهم الله عليه ونؤمن بأنهم يموتون كما يموت باقي الخلق من الجن والإنس. ونؤمن بأن منهم حملة العرش، ومنهم خزنة جهنم، ومنهم خزنة الجنة، ومنهم كتبة الأعمال، ومنهم الذين يسوقون السحاب، ونؤمن بأن للملائكة أسماء كجبريل عليه السلام، وإسرافيل، ومالك، ومنكر، و نكير، وبالجملة نؤمن بكل ما ورد في كتاب الله وسنة رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم عن عالم الملائكة)). راجع كتاب "الملائكة الأبرار للدكتور عمر الأشقر ". وكتاب "أطيب الكلام في معرفة : الملائكة والجان."

وبعد هذه المقدمة المختصرة عن عالم الملائكة, فإننا لن نتكلم عن هذا العالم من حيث خَلقه، ورؤيته، وأعماله وأسمائه، ، وموته، وحياته، وعبادته، وإنما سنتكلم عن خُلُق النبي (صلى الله عليه وسلم) مع هذا العالم( الملائكة) فنبرز جوانب مِن أخلاقه عليه الصلاة والسلام مع الملائكة ولا يخفى على أحد ما كان عليه الحبيب صلوات الله وسلامه عليه من أخلاق عالية ورفيعة. فقد قال تعالى في هذا : { وإنك لعلى خلق عظيم } القلم 4.

ومعنى الآية الشريفة، وإنك لعلى أدب رفيع جم، وخلق سني فاضل ، فقد اجتمعت فيك مناقب وكمالات وسمات حسنة من الحلم والوقار والسكينة والحياء وكثرة العبادة، والصبر على المكاره، والزهد والرحمة، وحسن العشرة وطيب الخلال.

فهذه الآية الكريمة تدل على المستوى الرفيع الذي حازه عليه السلام في الأخلاق، فما من شيء يتعلق بجانب الأخلاق إلا وكان النبي هو القدوة فيه، كيف لا، وقد قال عليه الصلاة والسلام : ( إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق ) مسند أحمد،وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ص(45). فهو القدوة الوحيدة الذي يجب الإقتداء به واتباع سنته، وإن جانب الأخلاق هو من أفضل الأعمال التي تقرب العبد المسلم من الله ورسوله يوم القيامة كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( إن أقربكم مني منزلاً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا ). لهذه المكانة العالية لصاحب الخلق الحسن، ولما كان عليه أفضل الصلاة والسلام من خلق عظيم، رأينا أن نكتب و بعبارة أخرى أن نبرز هذا الخلق العظيم مع الملائكة، لما له من أهمية كبيرة، ولكي يقتدي به الناس فيحسنون التعامل مع الملائكة في الأماكن التي يتواجدون فيها كالمساجد، وعند قراءة القرآن، والصلاة وغيرها من المواطن، فلا يؤذي الملائكة بالرائحة الكريهة، أو بالصور في البيوت أو المزامير أو إدخال الكلاب إلى البيوت، أو رفع الصوت وغير ذلك من الأعمال التي تتأذى منها الملائكة. فهو جانب مهم وخطير غفل عنه أناس كثيرون، فلا يراعون هذا العالم من تجنب أذيتهم. فإليك أخي القارئ بعض هذه الأخلاق.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( أتاني جبريل فقال لي أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل، وكان في البت كلب. فَمُر برأس التمثال الذي في البيت يُقطع فيصير كهيئة الشجرة، ومُرْ بالستر فليقطع فليجعل منه وسادتان منبوذتان تُوطئان، وُمرْ بالكلب فليخرج، ففعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم)...).سنن الترمذي رقم(2806)،كتاب الأدب، باب ما جاء أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب ولا صورة. وصححه الألباني في صحيح أبي داود رقم ( 3504)(2/783).

روى الشيخان من طريق أبي عثمان النهدي قال نبئت أن جبريل أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) وعند ه أم سلمة فجعل يتحدث، ثم قام، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) : ( من هذا ؟ ) قالت : هذا دحية الكلبي ، قالت : ماحسبته إلا إياه حتى سمعت خطبة النبي (صلى الله عليه وسلم)يخبر خبر جبريل قلت لأبي عثمان : ممن سمعت هذا ؟ قال : من أسامة بن زيد. ) البخاري، الفتح، (8/619) رقم(4980) كتاب فضائل القرآن، باب كيف نزول الوحي وأول ما نزل.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يوماً بارزاً للناس فأتاه رجل فقال: ما الإيمان ؟ قال : ( أن تؤمن بالله وملائكته وبكتابه ورسله وتؤمن بالبعث، قال : ما الإسلام ؟ قال : ( أن تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤدي الزكاة، وتصوم رمضان، قال : ما الإحسان؟ قال ( أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) قال: متى الساعة ؟ قال ( ما المسئول عنها بأعلم من السائل، وسأخبرك عن أشراطها؟ إذا ولدت المرأة ربتها وإذا تطاول رعاء الإبل إليهم ( في البينان ) في خمس لا يعلمهن إلا الله ) ثم أدبر فقال : ردُّوه فلم يروا شيئاً فقال : ( هذا جبر يل جاء يعلم الناس دينهم ). البخاري، الفتح،(8/373) رقم(4777)،كتاب تفسير القرآن، باب قوله إن الله عنده علم الساعة.

في هذا الحديث العظيم يتبين لنا الخلق الرفيع والسامي الذي كان عليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مع الملائكة الكرام، حيث حادث جبريل عليه السلام بالإجابة عن الأسئلة وهو يعلم (عليه الصلاة والسلام) أن جبريل أعرف منه بهذه الأسئلة، فلم يخبره بأنه ( أي جبريل) أعلم منه وهو الذي علمه هذا فكيف يسأله وهو أعلم بالإجابة, ولكنه عرف أن جبريل يريد أن يعلم الصحابة رضوان الله عليهم دينهم كما جاء في آخر الحديث.

ثم تتجلى أخلاقه (عليه الصلاة والسلام) في الجلوس مع جبريل حيث أتى إليه فوضع ركبتيه على ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه.فهذا الخلق السامي والرفيع منه عليه الصلاة والسلام مع جميع المخلوقات ومنهم الملائكة عليهم السلام، يبين الخلق العظيم الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذه قصة ملك الجبال عندما أتى إلى رسول الله ليأمره أن يطبق عليهم الأخشبين .

فقد روى البخاري تفصيل القصة. بسنده – عن عروة بن الزبير، أن عائشة -رضي الله عنها- حدثته أنها قالت للنبي (صلى الله عليه وسلم)هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد؟ قال : لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن كلال فلم يجبني إلى ما أرت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي, فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب- وهو المسمى بقرن المنازل – فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني , فنظرت فإذا فيها جبريل, فناداني, فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك, وما ردوا عليك. وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. فناداني ملك الجبال, فسلم علي, ثم قال : يا محمد, ذلك . مما شئت , إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين, أي لفعلت والأخشبان: هما جبلا مكة أبو قبيس والذي يقابله وهو قعيقان- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . بل أرجو أن يخرج الله عزوجل من أصلابهم من يعبد الله عزوجل وحده لا يشرك به شيئاً) البخاري ( 6/ 360) .رقم (3231)كتاب بدء الخلق ، باب ذكر الملائكة.

وفي هذا الجواب الذي أدلى به الرسول- صلى الله عليه وسلم- تتجلى شخصيته الفذة, وما كان عليه من الخلق العظيم الذي لا يدرك غوره . "الرحيق المختوم" ( 114 – 115) .

ومن أخلاقه عليه الصلاة والسلام .

أنه (صلى الله عليه وسلم) أُتى بقدر فيها بقول فوجد لها ريح فقربها إلى بعض أصحابه وقال له كُلْ فإني أناجي من لا تناجي. حديث صحيح.

ومن أخلاقه عليه السلام دعاؤه اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة , أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون , اهدني لما اخُتلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ) صحيح مسلم،(1/534)رقم(770)،كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه.
وعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله(صلى الله عليه وسلم): كان جالساً كاشفاً فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على حاله , ثم استأذن عمر فأذن له وهو على حاله، ثم استأذن عثمان فأرخى عليه ثوبه , فلما قاموا , قالت : يا رسول لله استأذن أبو بكر وعمر فأذنت لهما , وأنت على حالك , فلما استأذن عثمان أرخيت عليك ثيابك فقال : ( يا عائشة ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة ) صحيح مسلم،(4/1866)رقم(2401)،كتاب فضائل الصحابة،باب فضائل عثمان بن عفان.

وقال (عليه الصلاة والسلام) من أكل الثوم والبصل والكراث فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه ابن آدم) سنن النسائي،كتاب المساجد، باب من يمنع من المساجد.وصححه الألباني في صحيح النسائي ص(683).

وقال عليه الصلاة والسلام : ( إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة ). صحيح مسلم،(3/1665)رقم(2106) كتاب اللباس ولزينة ، باب تحريم تصوير صورة الحيوان وتحريم اتخاذ ما فيه.

و عن زيد بن خالد, عن أبي طلحة مرفوعا قال : ( لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا تماثيل ). صحيح مسلم، (3/1666) رقم (2106) كتاب اللباس ولزينة ، باب تحريم تصوير صورة الحيوان وتحريم اتخاذ ما فيه.

وفي صحيح البخاري , عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: أن جبريل عليه السلام قال إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة ). البخاري، الفتح،(6/359) رقم(3227)،كتاب بدء الوحي، باب ذكر الملائكة.



كيف كان يأتي الوحي إلى الرسول ( صلى الله عليه وسلم):

سأل الحارث بن هشام – رضي الله عنه – الرسول (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله , كيف يأتيك الوحي؟ فقال الرسول (صلى الله عليه وسلم): ( قال :كل ذلك، يأتيني الملك أحيانا في مثل صلصلة الجرس، فيفصم عني وقد وعيت ما قال ، وهو أشده على ، ويتمثل لي الملك أحيانا رجلا فيكلمني ، فأعي ما يقول. ). البخاري، الفتح،(6/351) رقم(3215)،كتاب بدء الوحي، باب ذكر الملائكة.

فجبر يل كان يأتي الرسول(صلى الله عليه وسلم)ويتصل به وهو في حالته الملكية, وهذه شديدة على الرسول (صلى الله عليه وسلم), والحالة الثانية كان جبريل ينتقل من حالته الملكية إلى البشرية, وهذه أخف على الرسول (صلى الله عليه وسلم)وقد رأى الرسول (صلى الله عليه وسلم)جبريل على صورته التي خلقه الله عليها مرتين , مرة بعد البعثة بثلاث سنوات كما ثبت ذلك في صحيح البخاري أن الرسول (صلى الله عليه وسلم)قال : ( بينما أنا أمشي, إذ سمعت صوتاً من السماء, فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض, فرعبت منه, فرجعت , فقلت : زمِّلوني ) البخاري،الفتح،(1/37) رقم(4) كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي.

والمرة الثانية رآه عندما عرج به إلى السماء, وهاتان المرتان مذكورتان في سورة النجم قال المولى عزوجل:{عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} (5-17) سورة النجم) . ( سورة النجم / 5- 17).


لا تقتصر مهمة جبريل على تبليغ الوحي:

لم تقتصر مهمة جبريل على تبليغ الوحي من الله تعالى, فقد كان يأتيه في كل عام في رمضان في كل ليلة من لياليه, فيدارسة القرآن . والحديث صحيح , رواه البخاري في صحيحه.

إمامته للرسول:

وقد أم جبريل الرسول (صلى الله عليه وسلم) كي يعلمه الصلاة كما يريدها الله تعالى:

ففي صحيح البخاري أن الرسول(صلى الله عليه وسلم)قال: ( نزل جبريل فأمني فصليت معه, ثم صليت معه, ثمَّ صليت معه, ثم صليت معه, ثم صليت معه, يحسب بأصابعه خمس صلوات ).البخاري، الفتح، (6/352) رقم(3221) كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة.

عن ابن عباس – أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال أمني جبريل عند البيت مرتين, فصلى بي حين زالت الشمس , وكانت قدر الشراك , وصلى بي العصر حين , كان ظل ُّ الشيء مثله, وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم, وصلى بي العشاء حين غاب الشفق, وصلى بي الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم، فلما كان الغد صلى لي الظهر حين كان ظل الشيء مثله , وصلى بي العصر حين كان ظل الشيء مثليه, وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم. وصلى بي العشاء إلى ثلث الليل, وصلى بي الفجر فأسفر. ثمَّ التفت إليَّ وقال : يا محمد : هذا وقت الأنبياء من قبلك , والوقت ما بين هذين الوقتين ).سنن أبي داود،كتاب الصلاة، باب في المواقيت. وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم(377)(1/79).

ولم يعلمه كيفية الصلاة عملياً وأوقاتها فحسب بل علمه الوضوء. ففي مسند أحمد عن زيد بن حارثة أن الرسول(صلى الله عليه وسلم)قال: ( أتاني جبريل في أول ما أوحى إلي, فعلمني الوضوء والصلاة, فلما فرغ من الوضوء, أخذ غرفة من الماء فنضح بها فرجه).مسند أحمد،وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم(841) (2/ 469).


رقيته للرسول ( صلى الله عليه وسلم ):

عن أبي سعيد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ( أتاني جبريل فقال: يا محمد اشتكيت ؟ قلت : نعم , قال : بسم الله أرقيك, من كل شيءٍ يؤذيك, من شرّ كل نفس, أوعين حاسد, الله يشفيك، بسم الله أرقيك.). صحيح مسلم،(4/1718) رقم (2186)،كتاب السلام، باب الطب والمرض والرقى

دورهم في تكوين الإنسان:

عن أبي در- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)يقول: ( إذا مرَّ بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة بعث الله -تعالى- إليها ملكاً, فصورها, وخلق سمعها, وبصرها, وجلدها, ولحمها, وعظامها, ثمَّ قال: أي ربِّ: ذكر أم أنثى ؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك...).صحيح مسلم،(4/2037) رقم(2645) كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله.


[align=center]يتبـــــع......[/align]










رد مع اقتباس
قديم 2007-12-16, 18:37   رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2 تــابع

حراستهم لابن آدم :

قال الله -تعالى- : {سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ } (10- 11) سورة الرعد

وقد بيّن ترجمان القرآن ابن عباس أن المعقبات من الله هم الملائكة جعلهم الله ليحفظون الإنسان من أمامه ومن ورائه. فإذا جاء قدر الله الذي قدَّرَ أن يصل إليه – خلوا عنه.

وقال مجاهد: (( ما من عبد إلا له ملك موكَّل بحفظه في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام, فما منها شيء يأتيه إلا قال له الملك وراءك, إلا شيء أذن الله فيه فيصيبه)).

وقال رجل لعلي بن أبي طالب: إن نفراً من مراد يريدون قتلك, فقال ( أي علي ): ((إن مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يقدر, فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه, إن الأجل جنَّة حصينة)). راجع البداية والنهاية 1/ 54).

والمعقبات المذكورة في آية الرعد هي المرادة بالآية الأخرى {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ} (61) سورة الأنعام فالحفظة الذين يرسلهم الله يحفظون العبد حتى يأتي أجله المقدر له.

يبلغون وحي الله إلى رسله وأنبيائه:

وقد أعلمنا الله أن جبريل يكاد يختص بهذه المهمة : {قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ } (97) سورة البقرة
وقال سبحانه: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ} (193-194) سورة الشعراء

وقد يأتي بالوحي غير جبريل – وهذا قليل- كما في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن ابن عباس قال: ( بينما جبريل قاعد عند النبي -صلى الله عليه وسلم- سمع نقيضاً من فوقه, فرفع رأسه, فقال: هذا باب من السماء فُتح اليوم, لم يفتح قط إلا اليوم, فنزل منه ملك, فقال : هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قطُّ إلا اليوم , فسلَّم وقال : أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة, لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته). صحيح مسلم،(1/554) رقم (806) كتاب الصلاة، باب فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة.

وفي مسند أحمد والترمذي والنسائي عن حذيفة أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال : ( أما رأيت العارض الذي عرض لي قبل ؟ هو ملك من الملائكة لم يهبط إلى الأرض قط قبل هذه الليلة, استأذن ربه – عزوجل- أن يسلم عليَّ, ويبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنَّة, وأن فاطمة سيّدة نساء أهل الجنة). صححه الألباني في "صحيح الجامع" (1/ 419).

عن أبي بن كعب قال : قال النبي (صلى الله عليه وسلم)يا أُبَيُّ إني أقرئتُ القرآن فقيل لي على حرف أو حرفين فقال الملك الذي معى قل على حرفين قلت على حرفين فقيل لي على حرفين أوثلاثة فقال الملك الذي معى قل على ثلاثة قلت على ثلاثة حتى بلغ سبعة أحرف ثم قال ليس منها إلا شافٍ كافٍ إن قلت سميعاً عليماً عزيزاً حكيماً مالم تختم آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب) سنن أبي داود ، كتاب الصلاة- باب أنزل القرآن على سبعة أحرف. وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم(1310)(1/277).


تحريك بواعث الخير في نفوس العباد:

وكلَّ الله بكل إنسان قريناً من الملائكة, وقريناً من الجن, ففي صحيح مسلم عن ابن مسعود قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ( ما منكم من أحد إلا وقد وكلَّ به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة )) قالوا : وإياك يا رسول الله ؟ قال: ( وإياي, ولكن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير )صحيح مسلم،(4/2167)رقم(2814) كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب تحريش لفتنة الناس).

الشيطان وبعثه سراياه ولعلَّ هذا القرين من الملائكة غير الملائكة الذين أمروا بحفظ أعماله, قيضه الله له ليهديه ويرشده.

دعوة العباد إلى فعل الخير:

عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( ما من يوم يصبح فيه العباد إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما : اللهم أعط منفقاً خلفاً, ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكاً تلفاً).صحيح مسلم،(2/700)رقم (1010) ، كتاب الزكاة، باب المنفق والممسك.

الملائكة تنزع روح الإنسان:

اختص الله بعض ملائكته بنزع أرواح العباد عندما تنتهي آجالهم التي قدرها الله لهم , قال تعالى : {قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} (11) سورة السجدة

والذين يقبضون الأرواح أكثر من ملك قال عزَّ مِن قائل: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ} (61) سورة الأنعام.

وتنزع الملائكة أرواح الكفرة والمجرمين نزعاً شديداً عنيفاً بلا رفق ولا هوادة قال الواحد الأحد: { وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} (93) سورة الأنعام

وقال تبارك وتعالى : {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} (27) سورة محمد.

أما المؤمنون فإن الملائكة تنزع أرواحهم نزعاً رفيقاً.

تبشيرهم المؤمنين عند النزع:

وإذا جاء الموت ونزل بالعبد المؤمن فإن الملائكة تتنزل عليه تبشره وتثبته قال الله: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} (30) سورة فصلت

وهي تبشر الكفرة بالنار وغضب الجبار وتقول لهم: {أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} سورة الأنعام 93.

محبتهم للمؤمنين:

عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ( إن الله تبارك وتعالى إذا أحب عبداً نادى جبريل : إن الله قد أحب فلاناً فأحبّه, فيحبه جبريل . ثم ينادي جبريل في السماء : إن الله قد أحب فلاناً فأحبوه, فيحبه أهل السماء, ويُوضع له القبول في الأرض). البخاري- الفتح،(13/469) رقم(7485) كتاب التوحيد ، باب كلام الرب مع جبريل ونداء الله الملائكة

صلاتهم على المؤمنين :

أخبرنا الله أن الملائكة تصلي على الرسول (صلى الله عليه وسلم) : {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (56) سورة الأحزاب وهم يصلون على المؤمنين أيضاً:

وقال الله : {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} (43) سورة الأحزاب

نماذج من الأعمال التي تصلي الملائكة على صاحبها:

معلم الناس الخير :

عن أبي أمامة أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال : ( إن الله وملائكته, حتى النملة في جحرها, وحتى الحوت في البحر, ليصلون على معلم الناس الخير ) سنن الترمذي رقم(2685) كتاب العلم عن رسول الله ، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (2/ 133).

الذين يؤمون المساجد للصلاة :

عن أبو هريرة - رضي الله عنه - :عن رسول الله(صلى الله عليه وسلم) قال صلاة الجميع تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه خمسا وعشرين درجة،فإن أحدكم إذا توضأ فأحسن، وأتى المسجد لا يريد إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعه الله بها درجة، وحط عنه خطيئة، حتى يدخل المسجد.وإذا دخل المسجد كان في صلاة ماكانت تحبسه، وتصلى – تعنى عليه- الملائكة ما دام في مجلسه الذي يصلي فيه:اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ما لم يؤذ يحدث فيه).البخاري،الفتح،(1/672)رقم(477)،كتاب الصلاة،باب الصلاة في مسجد السوق.

الذين يعودون المرضى:

روى ابن حبان في صحيحه بإسناد صحيح عن علي: أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : ( ما من امرئ مسلم يعود مسلماً إلا ابتعث الله سبعين ألف ملك, يصلون عليه في أي ساعات النهار كان, حتى يمسي, وأي ساعات الليل كان,حتى يصبح ) مسند أحمد وصححه الألباني في "صحيح الجامع"( 5/ 159).

استغفار هم للمؤمنين :

أخبرنا الله أن الملائكة يستغفرون لمن في الأرض، قال المولى تبارك وتعالى: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} (90) سورة مريم {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}(5) سورة الشورى


يبلغون عن أمته السلام :

عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: ( إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام).سنن النسائي ،كتاب السهو، باب السلام على النبي. وصححه الألباني في السلسة الصحيحة برقم(2853)(6/842).


وفي معجم الطبراني الكبير بإسناد حسن عن عمار بن ياسر-رضي الله عنه- أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: (إن لله تعالى ملكاً أعطاه سمع العباد, فليس من أحد يصلي علي إلا بلغنيها, وإني سألت ربي أن لا يصلي علي عبد صلاة إلا صلى عليه عشر أمثالها).


يقاتلون مع المؤمنين ويثبتونهم في حروبهم:

وقد أمدَّ الله المؤمنين بأعداد كثيرة من الملائكة في معركة بدر فقال سبحانه: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ} (9) سورة الأنفال وقال: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ } سورة آل عمران 123- 125.

وقد قال الرسول الله (صلى الله عليه وسلم) في يوم بدر: (هذا جبريل آخذ برأس فرسه, عليه أداة الحرب ) البخاري، الفتح، (7/363) رقم(3995)،كتاب المغازي، باب شهود الملائكة بدرا

ويقول الله- تعالى-: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} (12) سورة الأنفال


حمايتهم لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) :

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال أبو جهل : هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قال : فقيل نعم , فقال : واللات والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته أو لأعفرن وجهه في التراب, قال : فأتى رسول الله(صلى الله عليه وسلم) وهو يصلي يزعم ليطأ على رقبته, قال فما فجئهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه, قال : فقيل له مالك, فقال : إن بيني وبينه لخندقاً من نار وهول وأجنحة .فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ( لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً).صحيح مسلم،(4/2154) رقم(2797)، كتاب صفة القيامة الجنة والنار ، باب إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى.

الملائكة تتأذى مما يتأذى منه ابن آدم:

ثبت في الأحاديث الصحيحة أن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم, فهم يتأذون من الرائحة الكريهة, والأقذار والأوساخ، فعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من أكل الثوم والبصل والكراث فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه ابن آدم) سنن النسائي،كتاب المساجد، باب من يمنع من المساجد.وصححه الألباني في صحيح النسائي ص(683).

وقد بلغ الأمر بالرسول (صلى الله عليه وسلم) أن أمر بالذي جاء إلى المسجد ورائحة الثوم أو البصل تنبعث منه – أن يخرج إلى البقيع ( وهذا ثابت).

النهي عن البصق عن اليمين في الصلاة:

نهى الرسول (صلى الله عليه وسلم)عن البصق عن اليمين أثناء الصلاة لأن المصلي إذا قام يصلي يقف عن يمينه ملك, ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : ( إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق عن أمامه فإنه إنما يناجي الله ما دام في مصلاه , ولا عن يمينه فإن عن يمينه ملكاً, وليبصق عن يساره أوتحت قدمه فيدفنها). البخاري، الفتح،(1/610) رقم(416) ،كتاب الصلاة،باب دفن النخامة في المسجد)..

راجع عالم الملائكة الأبرار / لفضيلة الدكتور عمر سليمان الأشقر /دار النفائس / الطبعة السادسة 1412هـ.

والحمد لله رب العالمين

[align=center]يتبــــــع......[/align]










رد مع اقتباس
قديم 2007-12-17, 16:03   رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2 أخلاقه ( صلى الله عليه وسلم ) مع الجمادات

[align=center]أخلاقه ( صلى الله عليه وسلم ) مع الجمادات[/align]


إن النبي (صلى الله عليه سلم) له مواقف مع الجمادات وأحداث كثيرة, فالجذع يحن على فراقه, والحصى يُسبِّح في كفه, والشجر تخط الأرض استجابة لطلبه, الماء ينبع من بين أصابعه, والحجر يُسلِّم عليه, والجبل يثبت من الاضطراب به وبصاحبيه, فهي معجزات, لصاحب الرسالة, وأدلة واضحة على صدق نبوته.

إن الرسول (صلى الله عليه سلم) كان له الخلق السامي الرفيع في التعامل مع جميع البشر والحيوانات, ولم يكتفِ بذلك بل أحسن الخُلق مع الجمادات, ونقل لنا السلفُ الصالح هذه الأحداث والروايات للنبي عليه أفضل الصلاة والسلام مع الجمادات, وإننا في هذا المطلب الصغير سنذكر بعض الأحداث التي وقعت للنبي -صلى الله عليه وسلم- مع الجمادات, لأننا قد ذكرنا أخلاقه ومعاملاته مع الحيوانات والملائكة والجن وفي هذا المطلب مع الجمادات.

عن جابر -رضي الله عنه-, أَنَّ النبي (صلى الله عليه سلم) كان يخطب إلى جذع نخلة, فاتُخذ له منبر, فلمَّا فارق الجذع, وغدا إلى المنبر الذي صُنع له, جزع الجذعُ فحنَّ له كما تحن الناقة, وفي لفظ فخار كخُوار الثور, وفي لفظ : فصاحت النخلة صياح الصبي حتى تصدع وانشق, فنزل النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- فاحتضنه، فجعلت تئن أنينَ الصبي الذي يُسكَّن فسكن، وقال له الرسول (صلى الله عليه سلم): (اختر أَنْ أغرسك في المكان الذي كنت فيه، فتكون كما كنت, وإنْ شئت أَنْ أغرسك في الجنة, فتشرب من أنهارها وعيونها, فيحن نبتك وتثمر فيأكل منك الصالحون, فاختار الآخرة على الدنيا). قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لو لم أحتضنه لحنَّ إلى يوم القيامة) وقال: (لا تلوموه، فإنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم - لا يُفارق شيئاً إلا وجد) أخرجه البخاري (2/ 397) رقم ( 918) وغيره.

ولقد أبدع من قال:



[align=center]وألقى له الرحمن في الجُمـدِ حُبَّهُ **** فكـانت لأهــداءالسـلام لـه يُهـدَا [/align]

[align=center]وفارق جذعاً كان يخطب عنـــده **** فأنَّ أنـينَ الأُمِّ إذ تجـــدُ الفـقـدَا
يحن إليه الجذع يا قـومُ هكـذا **** أما نحـن أولى أن نحنَّ له وَجْدا
إذا كان جذعٌ لم يُطق بُعدَ سـاعـة **** فلـيس وفــاءً أَنْ نطيق له بُعـدا
[/align]

راجع: "سبل الهدى والرشاد" (9/494- 495).

وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: سرنا مع رسول الله (صلى الله عليه سلم) حتى إذا نزلنا وادياً أفيح فذهب رسول الله (صلى الله عليه سلم) يقضي حاجته، فاتبعته بإداوةٍ من ماء, فنظر فلم يرَ شيئاً يستتر به, فإذا شجرتان بشاطئ الوادي, فانطلق رسولُ الله (صلى الله عليه سلم) إلى إحداهما, فأخذ بغصنٍ من أغصانها, فقال: (انقادي علي بإذن الله), فانقادت معه كالبعير المخشوش الذي يصانع قائده حتى أتى إلى الشجرة الأخرى فأخذ بغصن من أغصانها, وقال: (انقادي عليَّ بإذن الله - تعالى -). فانقادت معه كالبعير المخشوش الذي يُصانع قائده كذلك، حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما لأم بينهما (يعني جمعهما): فقال: (التئما عليَّ بإذن الله) فالتأمتا, قال جابر: فخرجتُ أحضر مخافة أن يحس رسول الله (صلى الله عليه سلم)بقربي فيبتعد, وقال محمد ابن عباد فيتبعد فجلست أحدث نفسي, فحانت مني لفتةٌ فإذا أنا برسول الله (صلى الله عليه سلم) مُقبلاً, وإذا الشجرتان قد افترقتا، فقامت كُلُّ واحدة منهما على ساقٍ, فرأيت رسولَ الله (صلى الله عليه سلم) وقف وقفةً, فقال برأسه هكذا يميناً وشمالاً) أخرجه مسلم ( 4/ 2307) (3014) كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وفيه قصة أبي اليسر.

في نزول العذق من الشجرة إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ):

عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: جاء أعرابيٌّ إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال: بم أعرف أنك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ قال: (أرأيتَ إنْ دعوتُ هذا العذقَ من هذه النخلة، أتشهد أني رسول الله). قال: نعم, فدعا العذقَ, فجعل العذق ينزل من النخلة حتى سقط على الأرض, فأقبل إليه, وهو يسجد ويرفع، ويسجد ويرفع، حتى انتهى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال له: (ارجع) فرجع إلى مكانه, فقال: والله لا أكذبك بشيء تقوله بعد أبداً, أشهد أنك رسول الله وآمن) الحاكم في المستدرك (2/676) رقم (4237).


في إعلام الشجرة بمجيء الجن:

وعن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود قال: (سألت مسروقاً من آذن النبي (صلى الله عليه سلم)بالجن ليلة استمعوا القرآن فقال: حدَّثني أبوك, قال: آذنته بهم شجرةٌ) صحيح مسلم (1/333) رقم (450) كتاب الصلاة،باب الجهر بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن.

وروى الإمام أحمد عن يعلى بن مرة - رضي الله عنه - قال: بينما نحن نسير مع رسول الله (صلى الله عليه سلم)فنزلنا منزلاً, فنام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجاءت شجرةٌ استأذنت تشقُّ الأرض حتى غشيته, ثم رجعت إلى مكانها, فلما استيقظ ذكرت له ذلك فقال: (هي شجرة استأذنت ربها – عز وجل - أن تُسلِّم عليَّ فأذن لها) أخرجه أحمد في مسنده (4/ 173).


في تسبيح الحصى في كفه ( صلى الله عليه وسلم ):

عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: (كان بين يدي رسول الله - (صلى الله عليه سلم)سبع حصيات، أو قال: تسعُ حصيات, فأخذهن في كفه, فسبَّحن حتى سمعت لهن حنياً كحنين النحل, ثم وضعهن فخرسن، ثم أخذهن فوضعهن في كف أبي بكر فسبحن، حتى سمعت لهن حنيناً كحنين النحل, ثم وضعهن فخرسن, ثم تناولهن فوضعهن في يد عمر فسبَّحن حتى سمعت لهن حنيناً كحنين النحل, ثم وضعهن فخرسن, ثم تناولهن فوضعهن في يد عثمان فسبَّحن حتى سمعت لهن حنيناً كحنين النحل, ثم وضعهن فخرسن). وقال الهيثمي: رواه البزار بإسنادين ورجال أحدهما ثقات وفي بعضهم ضعف، قلت وقد تقدم في الخلافة له طريق عن أبي ذر أيضا وقال الزهري فيها يعني الخلافة رواه الطبراني في الأوسط وزاد في إحدى طريقيه يسمع تسبيحهن في الحلقة في كل واحدة وقال ثم دفعهن إلينا فلم يسبحن مع أحد منا. مجمع الزوائد (8/299).

في تكثيره ( صلى الله عليه وسلم) الذهب الذي دفعه لسلمان:

روى الإمام أحمد وابن سعد والحاكم من طرق عن سلمان -رضي الله عنه- أَنَّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أتاه رجلٌ من بعض المعادن بمثل بيضة الدجاجة من ذهب, فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (خذ هذه يا سلمان, فأد بها ما عليك) فقلت: يا رسول الله, وأين تقع هذه مما علي؟ قال: (فإنَّ اللهَ سيُؤدِّي بها عنك)، فوا الذي نفسي بيده, لو زنت لهم منها أربعين أوقية فأديتها إليهم وبقي عندي مثل ما أعطيتهم) الحديث. سنن البيهقي الكبرى (10/322).


في تأمين أسكفة الباب وحوائط البيت على دعائه (صلى الله عليه وسلم ):

عن أبي أسيد الساعدي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله (صلى الله عليه سلم) للعباس بن عبد المطلب : (يا أبا الفضل, لا ترم منزلك غداً أنت وبنوك حتى آتيكم فإن لي فيكم حاجة) فانتظروه, حتى جاء بعد ما أضحى, فدخل عليهم, فقال: (السلام عليكم) فقالوا : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته, ثم قال لهم: (تقاربوا يزحف بعضكم إلى بعض) حتى إذا أمكنوه اشتمل عليهم بملاءته وقال : (يا رب, هذا عمي وصنو أبي وهؤلاء أهل بيتي فاسترهم من النار كستري إياهم بملاءتي هذه) قال : فأَمَّنت أسكفة الباب وحوائط البيت فقالت: آمين آمين آمين) مجمع الزوائد(9/270).


في تحرك الجبل فرحاً به ( صلى الله عليه و سلم ) :

عن أنس رضي الله عنه قال : صعد النبيُّ -(صلى الله عليه سلم) أُحُداً ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم فضربه النبيُّ (صلى الله عليه سلم) برجله وقال: (أثبت أحد، فإنما عليك نبيٌّ وصديقٌ وشهيدان) البخاري (7/26) رقم (3675)كتاب المناقب، باب قول النبي (صلى الله عليه سلم) لو كنت متخذاً خليلاً.

الرسول يأمر بأن يقرأ القرآن على الجن:

عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله تعالى: {وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن} قال: ذكر لنا أنهم صرفوا إليه من نينوى وأن النبي (صلى الله عليه سلم) قال: (إني أمرت أن أقرأ على الجن فأيكم يتبعني) فأطرقوا ثم استتبعهم فأطرقوا ثم استتبعهم الثالثة فقال رجل: يا رسول الله! إن ذاك لذو ندبة فأتبعه ابن مسعود - رضي الله عنه - أخو هذيل، قال: فدخل النبي (صلى الله عليه سلم) شعباً يقال له شعب الحجون وخط عليه ابن مسعود -رضي الله عنه- خطاً ليثبته بذلك قال: فجعلت أهال وأرى أمثال النسور تمشي في دفوفها وسمعت لغطا شديدا خفت على نبي الله (صلى الله عليه سلم) ثم أصحهما القرآن، فلما رجع رسول الله (صلى الله عليه سلم) قلت: يا رسول الله! ما اللغط الذي سمعت قال صلى الله عليه وآله وسلم: (اختصموا في قتيل فقضي بينهم بالحق) رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.راجع"تفسير ابن كثير" (4/179).

وعن معن بن عبد الرحمن قال سمعت أبي قالسألت مسروقا: من آذن النبي (صلى الله عليه سلم) بالجن ليلة استمعوا القرآن؟ - أي من أخبره أنه يوجد هنا جن يستمعون القرآن- فقال حدثني أبوك- يعني عبد الله-: أنه آذنت بهم شجرةٌ) البخاري– الفتح(7/208) رقم (3859) كتاب مناقب الأنصار، باب إسلام سعد بن أبي وقاص.

في تنكيس الأصنام حين أشار إليها ( صلى الله عليه وسلم ):

عن ابن مسعود قال: دخل النبي (صلى الله عليه سلم) مكة وحول الكعبة ثلاثمائة وستون نصباً فجعل يطعنها بعود بيده ويقول: {جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} (81) سورة الإسراء. {قُلْ جَاء الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ}(49) سورة سبأ.صحيح مسلم (3/1408) رقم (1781) كتاب الجهاد والسير، باب إزالة الأصنام من حول الكعبة.

في تحرك المنبر حين أمعن في وعظ الناس عليه:

عن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو على المنبر يقول: (يأخذ الجبار سماواته وأرضه بيده ثم يقول: أنا الجبار، أين الجبارون ؟ أين المتكبرون؟)، ويعيد رسول الله (صلى الله عليه سلم) عن يمينه وعن يساره حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه، حتى إني أقول: أساقطٌ هو برسول الله (صلى الله عليه سلم)). سنن ابن ماجه (1/71) رقم (198)،كتاب المقدمة، باب فيما أنكرت الجهمية.

في سلام الأحجار عليه ( صلى الله عليه وسلم ):

عن جابر بن سمرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه سلم): (إني لأعرفُ حجراً كان يُسلِّم عليَّ قبل أن أبُعث، إني لأعرفه الآن) مسلم ( 4/ 1782)رقم(2277)،كتاب الفضائل،باب فضل نسب النبي وتسليم الحجر عليه قبل النبوة .

وعن علي رضي الله عنه قال : (كنا مع رسول الله (صلى الله عليه سلم)بمكة فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله شجر ولا حجر إلا قال: السلام عليك يا رسول الله) مستدرك الحاكم (2/677) رقم(2438) وقال حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

في تعبيره ( صلى الله عليه وسلم ) على حُبه للجمادات:

عن أبي حميد -رضي الله عنه- أقبلنا مع رسول الله (صلى الله عليه سلم) من غزوة تبوك حتى إذا أشرفنا على المدينة قال: (هذه طابة وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه) البخاري، الفتح،(7/731) رقم(4422) كتاب المغازي، باب نزول النبي الحجر.

والحمد لله رب العالمين.


انتهـــــى الموضـوع بعـــون الله










رد مع اقتباس
قديم 2007-12-17, 16:20   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
ليتيم مراد
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم مراد
 

 

 
الأوسمة
المشرف المميز لسنة 2013 وسام التميز وسام التميّز 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك موضوعك يستحق التثبيت











رد مع اقتباس
قديم 2007-12-17, 16:29   رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
حامد 17
قدماء المنتدى
 
الصورة الرمزية حامد 17
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تستاهل التثبيت اخي الكريم مجهود تشكر عليه بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2008-01-04, 20:49   رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
تواتي سماعيل
عضو محترف
 
الصورة الرمزية تواتي سماعيل
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الف الف شكر لك















رد مع اقتباس
قديم 2008-02-16, 15:29   رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
عزالدين
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عزالدين
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مشكور أخي حامد 17 جزاك الله خيرا










رد مع اقتباس
قديم 2008-02-19, 16:04   رقم المشاركة : 41
معلومات العضو
الماسة الزرقاء
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية الماسة الزرقاء
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام الحفظ وسام الحفظ 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته

جزاك الله كل خير على هذا العمل الطيب

و بارك الله فيك و جعله في مزان حسناتك










رد مع اقتباس
قديم 2008-02-21, 07:42   رقم المشاركة : 42
معلومات العضو
b-mohamed
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

(( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما )) الفتح : 29










رد مع اقتباس
قديم 2008-02-29, 10:59   رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
شريط 1975
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

الله يبارك فيك










رد مع اقتباس
قديم 2008-03-18, 14:43   رقم المشاركة : 44
معلومات العضو
ريحانة
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية ريحانة
 

 

 
إحصائية العضو










Thumbs up

جزاك الله عنا كل خير
وثبت اجرك










رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 06:26

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc