الاخلاص فوائده اهميته,وكيفية تحقيقه؟ - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الاخلاص فوائده اهميته,وكيفية تحقيقه؟

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2017-09-11, 05:49   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الاخ ياسين السلفي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية الاخ ياسين السلفي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي الاخلاص فوائده اهميته,وكيفية تحقيقه؟

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آل وصحبه وسلم. وبعد:
فأن أعظم الأصول المهمة في دين الإسلام هو تحقيق الإخلاص لله تعالى في كل العبادات، والابتعاد والحذر عن كل ما يضاد الإخلاص وينافيه، كالرياء والسمعة والعجب ونحو ذلك. ورحم الله احد العلماء إذ يقول: "وددت أنه لو كان من الفقهاء من ليس له شغل إلا أن يعلم الناس مقاصدهم في أعمالهم، ويقعد للتدريس في أعمال النيات ليس إلّا، فانه ما أُتىَ على كثير من الناس إلا من تضيع ذلك". أ.هـ

أهمية أعمال القلوب:
إنّ تعريف الإيمان عند أهل السنة هو:
(إقرار باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان، يزيد بالطاعة، وينقص بالعصيان).
ويُعَدُّ الإخلاص أهم أعمال القلوب المندرجة في تعريف الإيمان، وأعظمها قدراً وشأناً، بل إن أعمال القلوب عموماً آكد وأهم من أعمال الجوارح، ويكفي أنّ العمل القلبي هو الفرق بين الإيمان والكفر، فالساجد لله والساجد للصنم كلاهما قام بالعمل نفسه، لكن القصد يختلف، وبناء عليه آمن هذا وكفر هذا.
يقول شيخ الإسلام رحمه الله في بيان أهمية أعمال القلوب: "وهي من أصول الإيمان وقواعد الدين، مثل محبته لله ورسوله، والتوكل على الله، وإخلاص الدين لله، والشكر له والصبر على حكمه، والخوف منه، والرجاء له، وما يتبع ذلك". أ.هـ
فأقول: "هذه الأعمال جميعها واجبة على جميع الخلق باتفاق أئمة الدين، والناس فيها على ثلاث درجات: ظالم لنفسه، ومقتصد، وسابق بالخيرات.
فالظالم لنفسه: العاصي بترك مأمور أو فعل محظور.
والمقتصد: المؤدي للواجبات، والتارك للمحرمات.
والسابق بالخيرات: المتقرّب بما يقدر عليه من فعل واجب ومستحب، والتارك للمحرم والمكروه.
وإن كان كل من المقتصد والسابق قد يكون له ذنوب تُمحى عنه؛ إما بتوبة والله يحب التوابين ويحب المتطهرين، وإما بحسنات ماحيه، وإما بمصائب مكفرة، وإما بغير ذلك". أ.هـ (1).
ويقول ابن القيم رحمه الله: "أعمال القلوب هي الأصل، وأعمال الجوارح تبع ومكملة، وإنّ النيّة بمنزلة الروح، والعمل بمنزلة الجسد للأعضاء، الذي إذا فارق الروح ماتت، فمعرفة أحكام القلوب أهم من معرفة أحكام الجوارح". أ.هـ (2) وقال شيخ الإسلام: "والأعمال الظاهرة لا تكون صالحة مقبولة إلا بتوسّط عمل القلب، فإن القلب ملكٌ، والأعضاء جنوده، فإذا خبث خبثت جنوده، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنّ في الجسد مضغة... الحديث". أ.هـ (3)

تعريف الإخلاص:
قال العز بن عبد السلام : "الإخلاص أن يفعل المكلف الطاعة خالصة لله وحده، لا يريد بها تعظيماً من الناس ولا توقيراً، ولا جلب نفع ديني، ولا دفع ضرر دنيوي". أ.هـ(4).
قال سهل بن عبد الله: "الإخلاص أن يكون سكون العبد وحركاته لله تعالى خاصة". أ.هـ
وقيل: "هو تفريغ القلب لله" أي: صرف الانشغال عمّا سواه، وهذا كمال الإخلاص لله تعالى (5).
وقيل: "الإخلاص تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين".
ويقول الهروي: "الإخلاص تصفية العمل من كل شوب".
ويقول بعضهم: "المخلص هو: الذي لا يبالي لو خرج كل قدر له في قلوب الناس من أجل صلاح قلبه مع الله عز وجل، ولا يحب أن يطلع الناس على مثاقيل الذر من عمله".
سئل التستري: "أي شيء أشد على النفس؟! قال: "الإخلاص؛ لأنه ليس لها فيه نصيب".
ويقول سفيان الثوري: "ما عالجت شيئاً أشد عليّ من نيتي؛ إنها تتقلبُ عليّ". (6) ومدار الإخلاص في كتاب اللغة على الصفاء والتميز عن الأشواب التي تخالط الشيء يقال: هذا الشيء خالص لك: أي لا يشاركك فيه غيرك والخالص من الألوان عندهم ما صفا ونصع. ويقولون خالصة في العشرة: صافاه (7).

منزلة الإخلاص:
الإخلاص هو حقيقة الدين، وهو مضمون دعوة الرسل قال تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء).
وقوله: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ).
قال الفضيل بن عياض في هذه الآية: "أخلصه وأصوبه". قيل: "يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه؟" قال: أن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم تقبل وإذا صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، حتى يكون خالصاً صواباً؛ والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة". أ.هـ(8).
قال تعالى: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) يقول شيخ الإسلام: "الناس لهم في هذه الآية ثلاثة أقوال: طرفان ووسط.
فالخوارج والمعتزلة يقولون: لا يتقبل الله إلا من اتقى الكبائر، وعندهم صاحب الكبيرة لا يقبل منه حسنة بحال.
والمرجئة يقولون: من اتقى الشرك.
والسلف والأئمة يقولون: لا يتقبل إلا ممن اتقاه في ذلك العمل، ففعله كما أمر به خالصاً لوجه الله تعالى".(9)

الإخلاص سبب لعظم الجزاء مع قله العمل:
وقد دلّ على ذلك نصوص النبوية ومنها:
1. عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يستخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاً، كل سجل مثل هذا، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئاً؟! أظلمك كتبتي الحافظون؟! فيقول: لا يا رب. فيقول: أفلك عذر؟! فيقول: لا يا رب. فيقول: بلى، إن لك عندنا حسنة، وإنه لا ظلم عليك اليوم. فيخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. فيقول: يا رب، ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟! فقال: إنك لا تظلم. قال: فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة، ولا يثقل مع اسم الله شيء".(10)

2. وحديث المرأة التي سقت الكلب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغفر لها به".(11)

3. وحديث الرجل الذي أماط الأذى عن الطريق، فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخّره فشكر الله له فغفر له".(12)

يقول شيخ الإسلام معلقاً على حديث البطاقة: "فهذه حال من قالها بإخلاص وصدق كما قالها هذا الشخص، وإلّا فأهل الكبائر الذين دخلوا النار كلهم كانوا يقولون لا اله إلا الله، ولم يترجح قولهم على سيئاتهم كما ترجح قول صاحب البطاقة". أ.هـ (13) ويقول أيضاً حول حديث المرأة التي سقت الكلب والرجل الذي أماط الأذى عن الطريق: "فهذه سقت الكلب بإيمان خالص كان في قلبها فغُفِرَ لها، و إلا ليس كل بغي سقت كلباً يُغفر لها، وكذلك هذا الذي نحّى غصن الشوك عن الطريق فعله إذ ذاك بإيمان خالص وإخلاص قائم بقلبه فغفر له بذلك.
فإن الإيمان يتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والإخلاص"(14). والإخلاص رتبة الثلاثة الذين خلفوا.
وفي السنن عن عمار عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: "إن العبد لينصرف من صلاته ولم يكتب له منها إلا نصفها، إلا ثلثها، إلا ربعها، حتى قال: إلا عشرها".
وقال ابن عباس: "ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها".
و في الحديث: "رب صائم حظه من صيامه العطش ورب قائم حظه من قيامه السهر".
وقيل لبعض السلف: "الحاج كثير" فقال: "الداج كثير، والحاج قليل". أ. هـ(15) فالمَحْوُ والتكفير يقع بما يتقبل من الأعمال، وأكثر الناس يقصرون في الحسنات حتى في نفس صلاتهم، فالسعيد منهم من تكتب له نصفها، وهم يفعلون السيئات كثيراً، فلهذا يكفر بما يتقبل من الصلوات الخمس شيء، وبما يتقبل من الجمعة شيء، وبما يتقبل من صيام رمضان شيء آخر، وكذلك سائر الأعمال(16).
وحديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمته فعرفها، قال: فما عملت فيها؟! قال: قاتلت فيك حتى استشهدت. قال: كذبت؛ ولكنك قاتلت ليُقال: جرئ، فقد قيل. ثم أمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار.
ورجل تعلّم العلم وعلمه، وقرأ القرآن، فأتى به فعرفه نعمته فعرفها فقال: فما عملت؟! قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت القرآن. قال: كذبت، ولكن تعلمت ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال قاري، فقد قيل. ثم أمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار.
ورجل وسّع الله عليه وأعطاه من صنوف المال، فأتى به فعرفه نعمته فعرفها. قال: فما عملت بها؟! قال: ما تركت من سيبل يحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك. قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: جوا، فقد قيل. ثم أمر به على وجهه حتى أُلقي في النار". [رواه مسلم].

درجات الإخلاص:
الدرجة الأولى:
إخراج رؤية العمل عن العمل، والخلاص عن طلب العوض عن العمل، والنزول عن الرضى بالعمل.
فالأولى: يشاهد منة الله تعالى وتوفيقه له على هذا العمل: (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ).
الثانية: ليعلم إنه عبد محض، والعبد لا يستحق على خدمته لسيده عوض.
الثالثة: مطالعته عيوبه وآفاته وتقصيره فيه.

الدرجة الثانية:
الخجل من العمل مع بذل المجهود حيث لا يرى العمل صالحا لله مع بذل المجهود (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ). فالمؤمن جمع إحساناً في مخافة، وسوء ظن بنفسه.

الدرجة الثالثة:
إخلاص العمل بالخلاص من العمل، إلا بنور العلم، فيحكمه في العمل حتى لا يقع في البدعة.(17)

ثمار الإخلاص:
لا بد من أمرين هامين عظيمين أن تتوفرا في كل عمل وإلا لم يقبل:
1- أن يكون صاحبه قد قصد به وجه الله تعالى.
2- أن يكون موافقا لما شرعه الله تعالى في كتابه أو بينه رسوله في سنته.
فإذا اختل واحد من هذين الشرطين لم يكن العمل صالحاً ولا مقبولاً، ويدل على هذا قوله تعالى: (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً).
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: " وهذان ركنا العمل المتقبل؛ لا بد أن يكون خالصًا لله، صواباً على شريعة رسول الله". أ.هـ

ولهذا من ثمار الإخلاص:
1- تفريج الكربات ( قصة الثلاثة – قصة عكرمة – قصة أصحاب الكهف).
2- الانتصار: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ * وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَاللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ).(18)
3- العصمة من الشيطان: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ).(19) (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ). (20)
4- نيل شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم: عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "قلت يا رسول الله؛ من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟! فقال: لقد ظننت يا أبا هريرة، أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك، لما رأيت من حرصك على الحديث. أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصاً من قِبَل نفسه".
5- مغفرة الذنوب ونيل الرضوان: كما في حديث البطاقة، والمرأة البغي التي سقت الكلب، والرجل الذي أزاح الشجرة من الطريق.

السلف والإخلاص:
قصة يوسف عليه السلام (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ).(21) وقصة موسى عليه السلام: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً). (22) قال أبو سليمان الداراني: "طوبى لمن صحت له خطوة واحدة، لا يريد بها إلا الله تعالى".
وقال بعض السلف: "من سلم له في عمره لحظة واحدة خالصة لله تعالى نجا".
ولما مات على بن الحسن وجدوه يعول مائة بيت في المدينة.
وقيل لحمدون بن أحمد: "ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا، قال: لأنهم تكلموا لعز الإسلام، ونجاة النفوس، ورضا الرحمن، ونحن نتكلم لعز النفوس، وطلب الدنيا، ورضا الخلق".
وقال رجل التميم الداري رضي الله عنه: "ما صلاتك بالليل ؟ فغضب غضباً شديداً ثم قال: والله لركعة أصليها في جوف الليل في سرّ أحب إلى من أن أصلي الليل كله، ثم أقصّه على الناس".
وقال أيوب السختياني: "ما صدق عبد قط فأحب الشهرة".
وقال بعض السلف: "إني لأستحب أن يكون لي في كل شيء نية، حتى في أكلي وشربي ونومي ودخولي الخلاء".
وقال الحسن: كان الرجل يكون عنده زوار فيقوم من الليل يصلي ولا يعلم به زواره وكانوا يجتهدون في الدعاء ولا يسمع لهم صوتا.
"وكان الرجل ينام مع امرأته على وسادة فيبكي طول ليلته وهي لا تشعر".
قال الفضيل بن عياض: "ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما".
قال الشافعي رحمه الله: "وددت أن الناس تعلموا هذا العلم يعني كتبه على أن إلا ينسب إلى منه شيء".
عن سفيان قال: "أخبرتني مرية الربيع بن خثيم قالت: "كان عمل الربيع كله سراً، إن كان ليجيء الرجل وقد نشر المصحف فيغطيه بثوبه".
وقال جبير بن نفير: "سمعت أبا الدرداء وهو في آخر صلاته وقد فرغ من التشهد يتعوذ بالله من النفاق، فكرر التعوذ منه، فقلت: مالك يا أبا الدرداء أنت والنفاق؟! فقال: دعنا عنك، دعنا عنك، فوالله، أنّ الرجل ليقلب عن دينه في الساعة الوحدة فيخلع منه".
وقال بشر الحافي: "لأن اطلب الدنيا بمزمار أحب إلى من أن اطلبها بالدين".
وعن يحي بن أبي كثير قال: "تعملوا النية، فإنها ابلغ من العمل".
ولهذا فإنّ إخفاء العبادة وتحقيق الإخلاص يحتاج إلى صبر.
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أن الصبر على الطاعة ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
1- صبر قبل الطاعة.
2- صبر في الطاعة.
3- صبر بعد الطاعة "المن، العجب، السمعة".
قال ابن عقيل: "كان أبو إسحاق الفيروز بادي لا يخرج شيئاً إلى فقير إلا أحضر النية، ولا يتكلم في مسألة إلا قدم الاستعانة بالله وإخلاص القصد في نصرة الحق دون التزيين والتحسين للخلق. ولا صنف مسألة إلا بعد أن صلى ركعتين فلا حرج أن شاع سمه واشتهرت تصانيفه شرقاً وغرباً، وهذه بركات الإخلاص". (23) وللعلامة محمد الأمين الشنقيطي قصة تتعلق بصلاح القصد والنيّة، إذ أن له تآليف عديدة،/ ومنها منظومة في أنساب العرب، وقد ألّفها قبل البلوغ يقول في أولها:

في ذكر أنساب بني عدنان سميته بخالص الجمان

لكنه - رحمه الله - بعد أن بلغ سن الرشد قام بدفن هذه المنظومة، معللاً أنه كان قد نظمها على نية التفوّق على الأقران، وقد لامه بعض مشايخه على ذلك، وقالوا له: "كان من الممكن تحويل النية وتحسينها".
وقد نقل عنه العلامة بكر أبو زيد أنه قال: "إنما ألفته للتفوق به على الأقران، فدفنته لأن تلك كانت نيتي، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لصححت النية ولم أدفنه".(24) يقول العلامة محمد بن إبراهيم يثني على الشنقيطي: "ملئ علماً من رأسه حتى أخمص قدميه".
وقال عنه بكر أبو زيد:"لو كان في هذا الزمان أحد يستحق أن يسمى شيخ لكان هو" (25).
ولأن إخلاص النيّات أمر عظيم فقد قال أيوب السختياني: "تخليص النيات على العمال أشد عليهم من جميع الأعمال".
ومما أثر عن الفاروق رضي الله عنه انه كتب إلى أبي موسى الأشعري: "من خلصت نيته كفاه الله ما بينه وبين الناس".

شعر:
إذا السر والإعلان في المؤمن استوي فقد عز الدارين واستوجب الثنـاء
فان خـالف الإعلان ســرا فما له على سعيد فضل سوى الكد والعنا

يقول الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: "وددت أن الناس تعلموا هذا العلم يعني كتبه على أن إلا ينسب إلى منه شيء".
وقال: "ما ناظرت أحدا قط على الغلبة، وددت إذا ناظرت أحداً أن يظهر الحق على يديه".
وقال: "ما كلمت أحداً إلا وددت أن يسدّد ويعان ويكون عليه رعاية من الله وحفظه".
إنّ هذا الكلمات من هذا الإمام تدل على الإخلاص الذين كان يتحلى به، وتلك علامة من علامات المخلصين: أنهم لا يعملون لأنفسهم، بل مرادهم رضا ربهم، ويودون أن يكفيهم غيهم تعليم الحق وإظهاره، وعندما ما يحاورون لا يكون غاية همهم أن يغلبوا الخصم، بل مرادهم ظهور الحق، ويتمنوا أن يظهر الله الحق على يد الذي يناظرونه.
والمخلص لا يبالي لو خرج له كل قدر في قلوب الناس من أجل صلاح قلبه مع الله عز وجل، ولا يحب أن يطلع الناس على مثاقيل الذر من عمله (26)

أمور يجب التنبيه عنها في مسألة الإخلاص:
1- قصد النعيم الأخروي: بالغ بعض العباد في تجريد القصد إلى الله والتقرب إليه حتى عدوا طلب الثواب الأخروي الذي وعد الله به عباده الصالحين قادحاً في الإخلاص، وهم وإن لم يقولوا ببطلان الأعمال التي قصد أصحابها الثواب الأخروي إلا أنهم كرهوا للناس العمل على هذا النحو، ووصفوا العامل رجاء حظ أخروي بالرعونة، وسموه بأجير السوء.
يقول أحد مشاهير الصوفية: "الإخلاص إلا يريد على عمله عوضاً في الدراين ولا حظاً من الملكين".
ورابعة العدوية – إن صح عنها – تقول: "ما عبدته خوفاً من ناره ولا حباً في جنته، فأكون كأجير السوء، بل عبدته حباً له وشوقا إليه".
وعدّ الهروي الرجاء أضعف منازل المريدين.
وهذا بعيد عما جاءت به نصوص الكتاب والسنة، فقد وصف الله سادات المؤمنين بأنهم كانوا يعبدون الله خائفين راجين: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ). وقال تعالى يصف عباد الرحمن: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً).
وخليل الرحمن إبراهيم يقول في دعائه: (وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ * وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ * وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ{88} إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ).
وقد وصف الله نعيم الجنة في سورة المطففين، ثم حث على التنافس والتسابق في طلبة فقال: (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ).
فكيف يمكن إطلاق هذا القول وقد ثبت أن دين الله تعالى كله دعوة إلى العباد كي يطلبوا الجنة ويهربوا من النار، وأن سادة المؤمنين من الرسل والأنبياء والصديقين والشهداء كلهم يطلبون الجنة ويخافون النار.
أبعد هذا يستقيم قول من زعم أن الذي يعبد الله طلباً للجنة وخوفاً من النار كأجير السوء، أو أن ذلك أضعف مراتب المريدين".(27)

ما يتوهم انه رياء وشرك وليس كذلك:
1- حمد الناس للرجل على عمل الخير، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: "قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه؟! قال: تلك عاجل بشرى المؤمنين".
2- التحدث عن المعاصي لو أن الله يكره ظهور المعاصي ويحب ستره في الحديث: "من ارتكب شيئاً من هذا القاذورات فليستتر بستر الله عز وجل".
3- ترك الطاعات خوفا من الرياء لأن ذلك من مكائد الشيطان قال إبراهيم النخعي: "إذا أتاك الشيطان وأنت في صلاة فقال: إنك مراءٍ، فزدها طولاً".
4- نشاط العبد بالعبادة عند رؤية العابدين: قال المقدسي: "يبيت الرجل مع المتهجدين فيصلون أكثر الليل وعادته قيام ساعة فيوافقهم، أو يصومون ولولاهم ما انبعث هذا النشاط، فربما ظن ظان أنّ هذا رياء وليس كذلك على الإطلاق، بل فيه تفضيل، وهو أن كل مؤمن يرغب في عبادة الله تعالى ولكن تعوقه العوائق وتستهويه الغفلة فربما كانت مشاهدة الغير سبباً لزوال الغفلة". ثم قال: "ويختبر أمره بأن يمثل القوم في مكان لا يراهم ولا يرونه، فان رأي نفسه تسخو بالتعبد فهو لله، وان لم يسخ كان سخاؤها عندهم رياء وقس على هذا"(28) و لا ينبغي أن يؤيس نفسه من الإخلاص بأن يقول: إنما يقدر على الإخلاص الأقوياء وأنا من المخلصين، فيترك المجاهدة في تحصيل الإخلاص لأن المخلط إلى ذلك أحوج(29).
5- عدم التحدث بالذنوب وكتمانها: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف سترة الله". [متفق عليه].
6- اكتساب العبد لشهرة من غير طلبها وترك العمل خوفا أن يكون شركا، قال الفضيل بن عياض: "ترك العمل لأجل الناس رياء والعمل من اجل الناس شرك والإخلاص أن يعافيك الله منه".(30) قال النووي معلقا على كلام الفضيل: "ومعنى كلامه رحمه الله أن من عزم على عبادة وتركها مخافة أن يراه الناس فهو مراء لأنه ترك العمل لأجل الناس إما لو تركها ليصليها في الخلوة فهذا مستحب إلا أن تكون فريضة أو زكاة واجبة أو يكون عالما يقتدى به فالجهر بالعبادة في ذلك أفضل".(31)
7- أن يكون قصده إخفاء الطاعة والإخلاص لله ولكن لما اطلع عليه الخلق علم أن الله أظهر الجميل من أحواله فيسر بحسن صنع الله وستره المعصية فيكون فرحه بذلك لا بحمد الناس ومدحهم وتعظيمهم في زاد مسلم عن أبي ذر قال: "قيل يا رسول الله يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه؟! فقال: تلك عاجل بشرى المؤمن". (32) يقول ابن تيمية رحمه الله: "ومن كان له ورد مشروع من صلاة الضحى أو قيام ليل أو غير ذلك فانه يصليه حيث كان ولا ينبغي له أن يدع ورده المشروع لأجل كونه بين الناس إذا علم الله من قلبه انه يفعله سراً لله مع اجتهاده في سلامته من الرياء ومفسدات الإخلاص. إلى أن قال: "ومن نهى عن أمر مشروع بمجرد زعمه إن ذلك رياء فنهيه مردود عليه من وجوه:
1- إن الأعمال المشروعة لا ينهى عنها خوفا من الرياء بل يؤمر بها وبالإخلاص فيها.
2- إن الإنكار إنما يقع على ما أنكرته الشريعة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس ولا اشق بطونهم".
3- إن تسويغ مثل هذا يفضي إلى أن أهل الشرك والفساد ينكرون على أهل الخير والدين إذ رأوا من يظهر أمراً مشروعاً قالوا: "هذا مراءٍ". فيترك أهل الصدق إظهار الأمور المشروعة حذراً من لمزهم فيتعطّل الخير.
4- إنّ مثل هذا من شعائر المنافقين وهو الطعن على من يظهر الأعمال المشروعة (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ)".(33) ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنّ الرياء ينقسم باعتبار إبطال العبادة إلى قسمين:
الأول: أن يكون في أصل العبادة، فهذا عمله باطل مردود.
الثاني: أن يكون طارئا على العبادة فهذا القسم ينقسم إلى أمرين:
الأول: أن يدافعه فهذا لا يضره.
الثاني: أن يسترسل معه فلا يخلو من حالين:
• الأول: أن يكون أخر العبادة مبنيّاً على أوله كالصلاة فالعابدة باطلة.
• الثاني: أن يكون آخر العبادة منفصلا عنها كالصدقة فما كان خالص قبل وما أشرك فيه رد.(34)

أمور خفية:
الرياء جلي وخفي.
فالجلي: هو الذي يبعث على العمل ويحمل عليه.
والخفي: مثل الرياء الذي لا يبعث على العمل لمجرده، لكن يخفف العمل الذي أريد به وجه الله تعالى، كالذي يعتاد التهجد كل ليلة ويثقل عليه، فإذا نزل عنده ضيف نشط له وسهل عليه.
وأخفي من ذلك ما لا يؤثر في العمل ولا في التسهيل، وأجلي علاماته أنه يسر باطلاع الناس على طاعته، فرب عبد مخلص يخلص العمل ولا يقصد الرياء بل يكرهه، لكن إذا اطلع الناس عليه سره ذلك وارتاح له، وروّح ذلك عن قلبه شدة العبادة، فهذا السرور يدل على رياء خفي.
ومتى لم يكن وجود العبادة كعدمه في كل ما يتعلق بالخلق لم يكن خالياً عن شوب خفي من الرياء.(35) الرياء هي الطاعة التي يظهرها الفاعل كي يراها الناس.(36)

من دقائق الرياء وخفاياه:
قد يخسر الإنسان عمله بسبب انعدام الإخلاص، وذلك أمّا بالرياء والشهرة والشرف والسمعة والعجب.

الرياء:
هو إظهار العبادة لقصد رؤية الناس، فيحمدوا صاحبها، فهو يقصد التعظيم والمدح والرغبة أو الرهبة فيمن يرائيه.

أما السمعة:
فهي العمل لأجل سماع الناس (فالرياء يتعلق بحاسة البصر، والسمعة تتعلق بحاسة السمع).

وأما العجب:
فهو قرين الرياء، وقد فرّق بينهما شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: "الرياء من باب الإشراك بالخلق، والعجب من باب الإشراك بالنفس".(37)

هنا ثلاث أمور دقيقة للرياء على النحو التالي:
o أولها: ما ذكره أبو حامد الغزالي في أحبائه حيث قال أثناء ذكره للرياء الخفي: "وأخفى من ذلك أن يختفي (العاقل بالطاعة) بحيث لا يريد الاطلاع ولا يسر بظهور طاعته، ولكنه مع ذلك إذا رأى الناس أحب أن يبدأوه بالسلام وأن يقابلوه بالبشاشة والتوقير، وأن يثنوا عليه، وأن ينشطوا في قضاء حوائجه كأنه يتقاضى الاحترام مع الطاعة التي أخفاها، ولو لم يفعل ذلك ما استبعد تقصير الناس في حقه".(38) o ثانيها: أن يجعل الإخلاص وسيلة لا غاية وقصداً لأحد المطالب الدنيوية "كالحكمة - كالكرامة - كالحوائج الدنيوية".
o ثالثها: ما أشار إليه ابن رجب بقوله: "وها هنا نكته دقيقة وهي أن يذم الإنسان نفسه بين الناس يريد بذلك أن يرى الناس أنه يتواضع عن نفسه ويرتفع بذلك عنهم ويمدحونها به، وهذا من دقائق أبواب الرياء وقد نبه السلف الصالح"، قال مطرف بن عبد الله ابن الشخير: "كفى بالنفس إطراء أن تذمّها على الملأ كأنك تريد بذمها زينتها، وذلك عند الله سفه". [شرح حديث ما ذئبان جائعان].(39) الصبر على الطاعة ثلاثة أنواع:
صبر قبل الطاعة - وصبر أثناء الطاعة – صبر بعد الطاعة.
o رابعها: ربما كره الرياء ولكنه عندما يتذكر أعماله ويثني عليه لم يقابل ذلك بالكراهية، بل يشعر بالسرور، ويشعر أنّ ذلك روح عنه شيئاً من عناء العبادة فهذا نوع دقيق من أنواع الشرك الخفي.(40)

كيف يتحقق الإخلاص؟! (أو: أمور تعين على تحقيق الإخلاص):
أ‌. أن يعلم المكلف يقيناً بأنّه عبد محض، والعبد لا يستحق على خدمته لسيده عوضاً ولا أجراً، إذ هو يخدمه بمقتضى عبوديته، فما يناله من سيده من الأجر والثواب تفضل منه وإحسان إليه، ولا معاوضة.
ب‌. مشاهدته مِنَّه الله عليه وفضله وتوفيقه، وأنه بالله لا بنفسه، وأنه إنما أوجب عمله مشيئة الله لا مشيئته هو، وكل خير فهو مجرد فضل الله ومنته.
ت‌. مطالعته عيوبه وآفاته وتقصيره منه وما فيه من حظ النفس ونصيب الشيطان، فقلّ عمل من الأعمال إلا وللشيطان فيه نصيب وإن قل، وللنفس فيه حظ، سئل صلى الله عليه وسلم عن التفات الرجل في صلاته؟! فقال: "هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد". فإذا كان هذا التفات طرفه فكيف التفات قلبه إلى ما سوى الله؟!(41) ث‌. تذكير النفس بما أمر الله به من إصلاح القلب وإخلاصه، وحرمان المرائي من التوفيق.
ج‌. الخوف من مقت الله تعالى، إذا اطلع على قلبه وهو منطوٍ على الرياء.
ح‌. الإكثار من العبادات غير المشاهدة وإخفاؤها، كقيام الليل، وصدقة السر والبكاء خالياً من خشية الله.
خ‌. تحقيق تعظيم الله، وذلك بتحقيق التوحيد والتعبّد لله بأسمائه الحسنى وصفاته "العلي العظيم – العليم – الرزاق – الخالق".
د‌. أن يشعر أنه عبد محض لله تعالى.
ذ‌. معرفة أسماء الله وصفاته وتعظيم الله.
ر‌. تذكر الموت وأهواله.
ز‌. الإكثار من الأعمال المخفية.
س‌. أن يرد الرياء بالاقتداء.
ش‌. أن يعلم عاقبة الرياء.
ص‌. الإلحاح على الله بالدعاء، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء والإلحاح على الله.
ض‌. تدبر القرآن.
ط‌. التخلص من حظوظ النفس، فانه لا يجتمع الإخلاص في القلب وحب المدح والثناء والطمع فيما عند الناس إلّا كما يجتمع الماء والنار، فإذا أردت الإخلاص فاقبل على الطمع فاذبحه بسكين اليأس، وقم على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة، حينئذ فقط يسهل عليك الإخلاص، والطمع يسهل ذبحه باليقين أنه ليس من شيء تطمع فيه إلا وبيد الله خزائنه، لا يملكها غيره.
ظ‌. المجاهدة: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).
فالمطلوب منك بذل الجهد في دفع خواطر الرياء وعدم الركون إليها، وكلّما أولى لا بد من قياسها حتى تصل إلى المرحلة التي قال الله تعالى فيها (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ). وهي المرحلة التي تكون النفس فيها مطمئنة بطاعة الله، ساكنة إليها لا تخالجها الشكوك الأثيمة.
ع‌. إخفاء الطاعات وعدم التحدّث بها.
غ‌. عدم الاكتراث بالناس.
ف‌. الخوف من الشرك بنوعيه.
ق‌. الدعاء بكفارة الرياء. ففي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس اتقوا هذا الشرك فانه أخفى من دبيب النمل. قالوا: وكيف نتقيه؟! قال: قولوا: اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئاً نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه".
ك‌. تعاهد النفس بالوعظ ومجالس الذكر ومصاحبة أهل الإخلاص.
ل‌. تذكّر عظم نعمة الله سبحانه على المرء وشكرها، ونسبتها إلى مسببها، والاعتراف بها ظاهراً وباطناً.
م‌. اعتياد الطاعات بحيث تصير جزءاً لا يتجزأ من حياة المرء.

المراجع:
1. مدارج السالكين/ ابن القيم
2. الإخلاص/ العوايشة
3. الإخلاص والشرك بالله/ د. عبد العزيز عبد اللطيف 4. مجموع الفتاوى/ شيخ الإسلام ابن تيمية 5. مختصر منهاج القاصدين/ ابن قدامه المقدسي 6. بدائع الفوائد/ ابن القيم 7. منهاج السنة/ ابن تيمية 8. طبقات النسابين/ بكر أبو زيد تم بحمد الله وفضله









 


رد مع اقتباس
قديم 2017-09-11, 05:49   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الاخ ياسين السلفي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية الاخ ياسين السلفي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مفهوم الإخلاص وأهميته إن الإخلاصَ أمرٌ يتعلق بحياتنا، ويشملها من كل جوانبها، فيكونُ الإخلاص مع الله، ويكونُ الإخلاص مع الناس، فكما أنه يكون مع الله في تطهيرِ القلبِ من الرياء، فيكونُ مع الناس في تركِ نفاقِهم، وعدم التلونِ في التعامل معهم، وكما قال الشاعر: (لا تمش ذا وجهين من بين الورى :: شرٌّ البرية من له وجهان). أما الإخلاص مع الله، فهو أهمُّ المُهِمَّاتِ، وأوجبُ الواجباتِ، وأساسُ الأعمال، ولا يكون العمل إلا به، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الأعمال بالنيات)، فلا يكون العمل مقبولاً إلا بنيةٍ خالصةٍ لله -سبحانه وتعالى-، فأي عبادةٍ لله إذا لم تكن خالصةً لوجهِ اللهِ تعالى، فلا يقبلها الله، ومن هنا تأتي أهمية الإخلاص لله -جلّ وعلا-. والإخلاص أساسُ دعوة الأنبياء والمرسلين، كما قال تعالى: "وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ"، وهذه الآية كأنما تحصِرُ أوامر الله لعباده في الإخلاصِ له ؛ لأنه الأساس والركن والركين، (فأساسُ أعمالِ الورى نياتُهم ::: وعلى الأساسِ قواعِدُ البُنيانِ)، والإخلاصُ هو تصفية القلب من الشوائب التي تكدر النية، وتعكر صفاء القلب، والإخلاص تطهيرٌ للقلب من التعلقِ بغير الله -عز وجل-، وبه تسمو النفوس، وترتفع عن نظرات الناس وإعجابهم، فالمخلص لله -سبحانه وتعالى- لا ينتظر من الناس حمداً ولا شكوراً، ولا ينتظر مدحاً ولا ثناءً ؛ لأن نفسه لا تتوق إلا لمرضاة الله -جل وعلا-، والوصول إلى مغفرته وعفوه. الإخلاصُ في القلب لا يمكن لأي شخصٍ أن يعلم حقيقة النيةِ لدى شخصٍ آخر، فمهما ظهر على المرءِ من علامات الخشوعِ والتعبُّدِ لله -عز وجل-، فلا يُمكِنُنا الجزمُ بحُسنِ نيته ؛ لأن النية مكانها القلب، والإخلاص هو من أعمال القلوب التي لا تظهر أمام الناس ؛ ولذلك فإن إخلاصَ النيةِ أمر متعلقٌ بين العبدِ وربه، فلا يستطيع أحدٌ أن يشقَّ قلبَ أحد فيطلِّعَ عليهِ، فالله وحده الذي يعلم بحقيقة نية الإنسان، ولا يستطيع أحدٌ أن يُزكي نفسه فيزعُمُ إخلاصَ نيتهِ، بل يسعى إلى تصفية نيتهِ لله -جل وعلا-، دون أن يشهدَ لنفسهِ بذلك. وكم من أُناسٍ تَظهرُ فيهم علامات الإيمان والتقوى، لكنهُ لا يكونُ مخلصاً، وإنما همه أن يصِلَ إلى ثناءِ الناس ومدحهم، فإن سمع مدح الناس شعر بالراحة والطمأنينةِ له، وإن سمع ذماً حزِنَ واكتئب، ولربما ترك أبواباً من الخير لا يفتَحُها، لمجردِ أنها لا تُفضِي لمدح الناس، وقد تظهر علامات الإخلاصِ على الإنسانِ من خلال آثار أعماله الخيِّرةِ على الناس، ودون انتظارٍ للشكرِ أو الثناء، فيدل عليه سعيُه وعمله وجِده واجتِهاده في الخير، بما لا يعود بالمصلحة عليه شخصياً، لا مصلحةً ماديةً ولا معنوية، فهذا مما يدل على إخلاصه، مع ملاحظة عدمِ الجزمِ له بذلك، ولكن، وبشكلٍ أساسي، فإن الإخلاص أمرٌ قلبيٌ محض، مع كونهِ الأصلَ الذي تنبني عليه جميعُ الأعمالِ الظاهرةِ والباطنةِ، فلا يكونُ العملُ الظاهرُ مقبولاً إلا بنيةٍ صادقةٍ تدعمهُ وتُكَوِّنُ أساسه. كيفية تحقيق الإخلاص ينبغي الاقتناع بعدة أمورٍ ستُساعدُ الإنسان على تحقيق الإخلاصِ لله -سبحانه وتعالى-: أن يقصد بعبادته وجهَ الله دون سِواه، ويُطَهِّرَ قلبَهُ من الرياءِ و السمعة و الشهرة و السعيِ لمدح الناس، ويحاول أن يُبعِد نفسه عن مَواطِنِ المديح والإعجاب بالنفس. أن يستوي عنده المدح والذم، فيكون سواء عنده ذمَّه الناس أم مدحوه، فلا يُعجبُ بمدحٍ ولا يضيق لذم، ولكن يتساوى عنده الأمران، فلو لم يكن لعملهِ قيمة لدى الناسِ فلا يبالي ؛ لأنه يبحث عن القيمة الحقيقية عند الله -سبحانه وتعالى-، فيُحقق بذلك الإخلاص بمعناه الحقيقي، ويُخَلِّصَ النفس من التدني لانتظارِ مدح الناس وثنائهم، فهذا من أهم ما يساعدُ على الإخلاصِ في القولِ والعمل. لا بدّ أن يعلم الإنسان أن كل أعمالهِ هي بتوفيق الله له، فلو قدَّر الله له ألا يفعلها فلن يستطيع أن يفعل منها شيئاً، فليس للإنسان فضل في أعمالهِ، بل عليه أن يدرك أن الفضل كل الفضل لله -سبحانه وتعالى-، كما كان يقول عبدالله بن رواحة - رضي الله عنه-: (اللهم لولا أنت ما اهتدينا، ولا تصدقنا ولا صلينا)، فقد كان الصحابةُ يعرفون هذا المعنى على الحقيقة، ويُدركون فضل الله عليهم بأن وفقهم لهذه الأعمال، فالأولى بنا أن نكون في ذلك مِثلَهُم، نقتدي بهم، ونقتفي أثرهم. لا بدّ للإنسان أن يدرك أنه عبدٌ لله -سبحانه وتعالى-، ولا ينتظر العبد من سيده ومولاه مقابلاً ولا عِوَضاً لطاعته، وإنما يتكرم ويتشرف لمجرد أنه عبدٌ لله -جل جلاله-، فحقيقةُ تحقيق العبودية لله، هو العمل لله خالصاً دون أن يرجو الإنسان مقابلاً لعمله. أن يعلم الإنسان أنه مقصر بحق الله مهما فعل، فمهما عَمِلَ الإنسان من الطاعات لله، فهو مقصرٌ لم يوَفِ الله حقه، وهذا الشعور يدفعه للإخلاص لله -عز وجل-، ومراجعة نفسهِ مراراً، والسعي أكثر إلى العمل في سبيل الله مُخلِصاً النية لله تعالى. أن يسيء الإنسان الظنَّ بنفسه، فيعتقد أن عملهُ شابه الخلل والنقص، رغم بذله الجهد وسعيه الدؤوب، إلا أنه يرى أنه لم يُحسِنِ العملَ كما يجبُ عليه، فهذا يساعد على تحقيق الإخلاصِ لله -جل وعلا-. أن يخشى الإنسانُ من عذابِ الله ومقته وغضبه، ويتذكر دائماً البعث والحساب، فهذا مما يدفعه إلى تصفيةِ نيته، وتنقيةِ سريرته، فمعرفةُ الإنسان ويقينه بالآخرة، تجعله متعلقاً بمن بيده مصيره إما إلى جنةٍ وإما إلى نار. أن يتذكر الإنسانُ الموت ؛ لأنه أكبر واعظٍ وأهمُّ مُذَكِّرٍ باللهِ -جل وعلا-، فلو وضع الإنسان نصب عينيه الموت مصيراً محتوماً لابد منه، تحقق لديه الإخلاص من قلبه، وترك التعلق بمكاسب دنيويةٍ زائلةٍ، بل يكون التعلق لديه بحياة ما بعد الممات، وهي الحياة الحقيقية. أن يُكثِرَ من الأعمال الخفيةِ التي لا تظهرُ للناس، فذلك أدعى لإخلاصهِ ؛ لأن الناس لا يروه ولا يعلموا به، فلن يلقى منهم مدحا أو ثناء يشوب إخلاصه بشائبة، ولكن على ألا يحدِّثُ الناسَ بعمله مهما كان عظيماً، فلا فائدة من إخفاءِ العمل في الليل والتحديثِ بهِ في النَّهار ؛ لأن الحديث عن العمل يعني البحث عن مدح الناس، وهذا مخالف بلا شك لمعنى الإخلاص. أن يدعو الله -سبحانه وتعالى- أن يرزقه الإخلاص في القول والعمل، فهو السبيلُ إلى كل خيرٍ وإلى كل صلاح، فالدعاءُ سِلاح المؤمن، والدعاءُ يجلِبُ الخيرَ ويُبعِدُ الشَّر، فينبغي للإنسان أن يدعو الله -سبحانه وتعالى- أن يرزقه الإخلاص في كل أقوالهِ وأعمالهِ، وأن يُجَنِّبهُ الرياءَ والسمعة، وأن يَنزِعَ مهابة الناسِ من قلبه، فمهابةُ الناس هي التي تجعله يبحثُ عن مدحهم، فلو لم يكن للمخلوقات مهابةٌ عنده، وكانت المهابة للخالقِ وحده، سيكتفي بتحقيق رِضوانِ اللهِ دون سواه. أن يتعوَّدَ على الطاعة، بحيث تُصبِحُ الطاعاتُ جزءاً من حياة الإنسان، فلا تكون الطاعة لديه أمراً موسمياً، يتغيرُ ويتبدل باختلافِ الحال. خاتمة وفي الختام لابد أن نُدرِك بأن الإخلاص لله سيغير حياتنا إلى الأفضل، وسيظهرُ أثره إيجابياً علينا في كل أمور الدنيا، فنسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، إنه ولي ذلك والقادر عليه. شارك المقالة










رد مع اقتباس
قديم 2017-09-11, 05:50   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الاخ ياسين السلفي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية الاخ ياسين السلفي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مائة فائدة في الإخلاص

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله. صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فيا أيها الأحبة في الله: أسأل الله تبارك وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى الذي جمعنا بكم في هذا المكان الطيب المبارك أن يجمعنا بكم في الجنة وأن يجعلنا وإياكم من أهل الفردوس الأعلى إن الله ولي ذلك والقادر عليه.
مائة فائدة في الإخلاص.... هي عنوان هذه الكلمة:
مقدمة
ثم أهمية الإخلاص
و أثر النية في العمل
وأهميتها
ثم مقاييس الإخلاص وعلاماته
ثم طرق معالجة النقص في الإخلاص أو فقده
ثم ويلات الرياء
ثم حب الجاه والشهرة
ثم موضوعات لها علاقة بالإخلاص
ثم ثمرات الإخلاص
ثم نماذج من سير المخلصين الصالحين
هذه عناصر الموضوع تدخل ضمنها مائة فائدة بإذن الله عز وجل وأكثر من ذلك.
المقدمة:
بالإخلاص والفقه في الدين تُحل مشكلات المسلمين، لأن الإخلاص يدفع المرء إلى العمل ويدفعه إلى اختيار العمل النافع، ويدفعه إلى تمحيص النية الصالحة وإتقان العمل وإلى إتقان العمل وإعطاؤه ما يستحقه من عناية. والفقه في الدين يدفع المرء إلى وجه الصواب في العمل، وإلى التفريق بين الصواب والخطأ في الأعمال والمنكر والمعروف وإلى الأفضل والمفصول وإلى المقبول والمردود من الأعمال في ضوء أدلة الشرع على مراد الشارع. والفقه في الدين يُبصِّر الإنسان في ضوء الأدلة الشرعية... مقاصد الدين... بأنواع الواجب في الحياة الإسلامية من فرض عينٍ وفرض كفاية وواجبٍ موسّعٍ أو واجب مُضيّق وترتيب الأولويات والعناية بما يتعدى العامل نفعه من أعمال الخير وما إلى ذلك مما يتوصل إليه الإنسان ويحققه بالفقه في الدين لنفسه ولأمته ولحياته الدنيا والأخرى كل ذلك يتأتى بدافعٍ من الإخلاص والفقه في الدين.
أقوال السلف في الإخلاص:
تنوّعت عبارات السلف في تعريفه. قيل هو إفراد الحق سبحانه بالقصد في الطاعة، وقيل هو تصفية الفعل عن ملاحقة المخلوقين وقيل هو التوقي عن ملاحظة الخلق حتى عن نفسك، وقيل استواء أعمال العبد في الظاهر والباطن.
وقال الجنيد: الإخلاص سر بين العبد وبين الله لا يعلمه ملك فيكتبه، ولا شيطان فيفسده ولا هوىً فيميله ". وقال بعضهم: تصفية العمل من كل شوْب. وقال الفضيل: العمل من أجل الناس رياء، وترك العمل من أجلهم شرك، والإخلاص أن يعافك الله منهما – أن يعافك الله منهما -.
لكن ما هي دواعي الحرص على الإخلاص:
أولها: العلم بأن الله تعالى يعلم السر والجهر – يعلم السر والجهر – وأنه يعلم ما هو أخفى من السر... يعلم مكنونات الضمائر وما تخفي الصدور، وأن السر والجهر عنده – عز وجل – سواء... [ سواءٌ منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار] وأن أصل معاملة الإنسان لربه لا يرتكز على ظاهر الأعمال وإنما على حقيقة أعمال القلوب - على حقيقة أعمال القلوب – إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم، والحديث عند مسلم: " ولا يقبل الله إلا طيِّبا "
ثانيها: العلم بأن الناس ليس لهم من الأمر شيء، ولا يستطيعون النفع والضرّ إلا بإذن الله تبارك وتعالى. فمن الجهل والسفه أن يتجه الإنسان بعمله إلى من لا يقدر على جزائه عليه لأنه مخلوقٌ مثله. لا يستطيع على ذلك:
أبعين مفتقرٍ إليك نظرت لي فكذبتني وقذفتني من حالقي
لست الملوم.. أنا الملوم لأنني علقّت آمالي بغير الخالقِ
ثالثها: العلم بأن الإنسان سيواجه جزاءه ولا بد وأنه سيحاسب على حقيقة أعماله لا على دعواه ولا بما أظهره لعباد الله. والدعاوى ما لم يُقم عليها أصحابها بينات فهم أدعياء. أثنوا على محمد بن واسع فقال: " وما يُغني عني ثناء الناس إذا أُخذ بيدي ورجلي وأُلقيت في النار.
يا إخوتاه: قولوا لمن لم يكن صادقاً لا يتغنى.
يا إخوتاه: من وجد الله فماذا فقد... ومن فقد الله فماذا وجد...
فليتك تحلو والحياة مريرةُ وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر وليت الذي بيني وبين العالمين خراب
إذا صحّ منك الودُّ فالكلُّ هيِّنٌ وكل الذي فوق التراب تراب
يا إخوتاه: أعربنا في القول ولحنّا في العمل وإخلاصنا يحتاج إلى إخلاص. كان طبيب القلوب الفضيل بن عياض يقول : " إن كان يسأل الصادقين عن صدقهم مثل إسماعيل وعيسى عليهم الصلاة والسلام فكيف بالكذّابين من أمثالنا - فكيف بالكذابين من أمثالنا – والله يقول : [ وما أُمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ] وقال سبحانه : [ إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصاً له الدين . ألا لله الدين الخالص ].
رابعها: استحضار الإنسان عظيم ثواب الله وعظيم عقابه سبحانه ويقينه به ومن علم صفة الجنة وصفة النار ومن علم قدر حب الله ورضاه وقدر سخط الله علم أي شيءٍ يطلب ومن أي شيء يفر - علم أي شيءٍ يطلب ومن أي شيء يفر -:
 أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ(18) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(19) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمْ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ(20)  .
خامسها: العلم بالله بأسمائه وصفاته يورث رجاءه وحده وخوفه وحده ويثبت العدم معه سبحانه أما الجاهلون بالله والمشركون به فكما قال سبحانه عنهم:  وما قدروا الله حق قدره  قال عز من قائل:  إنما يخشى الله من عباده العلماء  وقال سبحانه:  فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ(19) .
سادسها: استعراض آيات الله تعالى وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته وتدبرها وفقه معانيها والعمل بها من أعظم دواعي الإخلاص لله عز وجل. قال تعالى:  وفي الأرض آيات للموقنين. وفي أنفسكم أفلا تبصرون 
ربي ذكـرتك والظـلام مخيم والأُسْدُ تزأرُ في رُبا الصحراء
في وحشةٍ لو غبت عني طرفةً لوجدتني شلـواً من الأشـلاء
أيها المؤمن في هذا الوجـود أنت بالإيمان في الدنيا ملك
فاخلـص النيـة لله الذي من تراب الأرض هذا صوّرك
وافتكر في الكون وانظر وسعـه وتبصـّر يا أخي هذا الفلك
سابعها: كثرة قراءة سيرة المخلصين والعُبّاد والزُهّاد من السلف الصالح فإن النفس تصفو بقراءة أخبار أولئك الأخيار، والحكايات عن سلفنا الصالح جُندٌ من جند الله تعالى يثبت الله بها قلوب أوليائه.
قال أبو حنيفة – رحمه الله – " الحكايات عن العلماء ومحاسنهم أحب إلي من كثير من الفقه لأنها آداب القوم وأخلاقهم.
قال سبحانه  لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب  وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم:  أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده.
قال مالك بن دينار: " الحكايات تُحف الجنة ".
قال بعض المعاصرين: " وخير وسيلة لإشعال العزائم وإثارة الروح الوثابة وقدح المواهب وإذكاء الهمم وتقويم الأخلاق والتسامي إلى معالي الأمور والترفع عن سفاسفها والإقتداء بالأسلاف الأجلاء هو قراءة سير النبلاء الصُلحاء والتملي من اجتلاء مناقب الصالحين الربانيين والاقتراب من العلماء النافعين العاملين فذلك خير طريقة لرفع الهمم وشد العزائم وإنارة القلوب واغتنام الباقيات الصالحات وإصلاح النيات " انتهى كلامه.
إنهم قوم لم تلههم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطاعوا ربهم مخافة عذابه يوم القيامة واستنفروا طاقاتهم في ذات الله. تدور حياتهم على هدف واحد همُّ الواحد منهم كيف يرض عنه الله... كيف يرضي ربه سبحانه وتعالى.
واعلم - حفظك الله – أن من أحبّ شيئاً أكثر من ذكره فهو يتذكره ويذكره ومن عرف قدر شيءٍ وكان عاقلاً فإنه لا يملك إلا أن ينزل ذلك من نفسه حسب قدره إيّاه أيّاً كان حُبّاً أو بغضاً تقديراً وإجلالاً، ومن عرف الله حق معرفته ومن عرف شأن الإخلاص وعاقبته وحقيقة ما يضاده من أعمال القلوب والجوارح وعاقبتها فسوف يطلب الإخلاص وينشغل به ويحاكم نفسه على مقتضياته حتى يدرك مطلوبه منه، و مطلوبه من ورائه في الدنيا والآخرة. فينبغي لنا أن نعلم أن الإخلاص في أعمال الناس عزيز نفيس. إذ ربما – والعياذ بالله – كانت أعمال بعض الناس لا إخلاص فيها وإما أن يكون الإخلاص فيها ناقصاً مشوباً بشيءٍ من حظوظ النفس العاجلة التي لا تخلو في الغالب أن تكون على حساب مرضاة الله تعالى، وإما على حساب حظوظ النفس في الآجلة، وهذا كله يقتضي أن نجتهد وأن يجتهد المرء في أن تكون بضاعته في هذه الحياة ويوم القدوم على مولاه في الدار الآخرة هي الإخلاص.
هو الإخلاص والفقه في الدين والعمل الصالح لا ينفك بعضها عن بعض فإن هذا هو العمل الباقي النفيس الذي يستحق المنافسة وما عداه لا شيء ولا يقبله الله تعالى لأن العمل إذا لم يكن خالصاً لم يُقبل ولو وافق الشرع ظاهراً، ولو كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل. لا بد من الإخلاص والمتابعة.
أهمية الإخلاص:
أولها: يكفي في بيان أهمية الإخلاص أنه شرطٌ لصحة العمل.فلا يقبل الله تعالى عملاً بدونه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.... يوم تبلى السرائر.... يقول الله عز وجل فيمن قدّموا أعمالاً لا إخلاص فيها:  وقدمنا إلى ما عملوا فجعلناه هباءً منثورا  وقال سبحانه  فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا وقال عز من قائل :  ليبلوكم أيكم أحسن عملا  .
قال الفضيل: " أحسنه: يعني أصوبه وأخلصه ".
في صحيح الجامع قال عليه الصلاة والسلام: ما قال عبدٌ لا إله إلا الله مخلصاً من قلبه أو مخلصا إلا فُتحت لها أبواب السماء حتى تفضي إلى العرش ما اجتنب الكبائر "
وفي صحيح الجامع أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم قال: " ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه ثم يقوم فيصلي ركعتين يقبل عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة . ‌ تحقيق الألباني (صحيح) انظر حديث رقم: 5756 في صحيح الجامع.‌
ثانيها:يحين قوله عليه الصلاة والسلام: " إنما الأعمال بالنيات: وعند البخاري وغيره: " من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه " ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله رجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه.
ثانيها: يكفي بياناً لأهمية الإخلاص أنه هو الشيء الوحيد الذي يتأسّف على فقده العاملون ويحزن على فواته المفرطون. قال تعالى  وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ(165) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنْ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوْا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمْ الْأَسْبَابُ(166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمْ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْ النَّارِ(167)  . البقرة.
ثالثها: الإخلاص رقيب على الإنسان.... رقيب على الإنسان من داخله يمنعه من المخالفات ويدفعه إلى فعل الطاعات:
كأنّ رقيباً منك يرعى خواطري وآخر يرعى مسمعي وجناني
وما أبصرت عيناي بعدك منظراً لغيرك إلا قلت قد رمقـاني
ولا بذ من فيَّ بعد لفظك لفـظةً إلا قلــت قـد سمـعـاني
ولا خطرت من ذكر غيرك خطرة على القلب إلا بجناني
في قصة أصحاب الصُخرة والحديث صحيح عنه عليه الصلاة والسلام عن ذلك كل منهم يقول اللهم إن كنت فعلته ابتغاء وجهك.... اللهم إن كنت فعلته ابتغاء وجهك... إن كنت فعلته ابتغاء وجهك... إن كنت فعلته ابتغاء وجهك... الإخلاص رقيب على الإنسان من داخله يمنعه من فعل المخالفات.
يوسف على نبينا وعليه الصلاة والسلام قال الله عنه:  كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ(24)  يوسف. إنه من عبادنا المخلصين. إنه من عبادنا المخلصين.... .
رابعها: إن مقتضى الإخلاص هو استجابة العبد لداعي الإيمان من الغيب كاستجابته لداعي الإيمان بالشهادة أو أشد سواء كان لوحده أو كان بحضرة الناس والاستجابة لحقائق الإيمان بالغيب وتقديم مقتضيات الإيمان به على المصالح المادية أو الصوارف المادية الأخرى لا بد من تقديم ما لله تعالى.
خامسها: الإخلاص يقتضي مراقبة الإنسان لنفسه:
ومحاسبتها في الغيب والشهادة... أي عندما يكون مع الناس وعندما يكون خالياً ومحاسبتها في ضوء حقائق الإيمان ومقتضياته. أبوبكر رضي الله عنه حينما أكل لقمة فقال له خادمه ما سألتني من أين أتيت بالطعام وأنت في العادة تسألني ؟! قال نعم !! فمن أين أتيت به ؟!! قال أناس تكهّنت لهم في الجاهلية فاهدوا لي فاشتريت هذا الطعام !! فما زال رضي الله عنه يحاول إخراج تلك اللقمة ثم شرب ماءً وما زال حتى... يريد إخراجها... قالوا تفعل ذلك من أجل لقمة. قال: والله لو لم تخرج إلا وتخرج نفسي معها لطابت نفسي بذلك. " أيما جسم نما من حرام فالنار أولى به ". إنها مراقبة الحي القيوم. مراقبة الله. كان بعض السلف يقول: " والله لولا خشية الله لكان غير ما ترون " يعلم إن الله رقيب عليه إن كان بين الناس وإن كان لوحده.
أثر النية في العمل وأهميتها:
للنية أثر كبير في العمل من حيث الإخلاص وعدمه وذلك أن النية الصالحة والإخلاص في العمل هما روح العمل يحيا بتوفرهما فيه ويموت إذا فقدا منه، يقبل العمل بالإخلاص إذا وافق الشرع، ويرد على صاحبه إذا فقد الإخلاص.
وللإخلاص آثار في حياة الإنسان، وفي أعماله وفي دنياه وفي أُخراه يمكن أن نذكر بعض منها:
أولها سعادة المرء في الدنيا والآخرة:
المخلص مرتاح لماذا ؟!! لأنه يعمل من أجل الله... ما يهمه الناس ولهذا قيل: " من راقب الناس مات همّاً " غير المخلص همه أن يرضي الناس. لا لو فعلت يغضبون... يسخطون يتكلمون عليّ.يعيروني. أما المخلص لا يهمه ذلك. همه أن ينظر أولاً هل هذا العمل يوافق الشرع أو لا يوافق. هل هذا العمل يرضي الله أو لا يرضي الله. إذاً تطمئن نفسه ويرتاح. يزهد في الدنيا والآخرة يسعد المخلص حتى لو جاءته منيته على غير حساب. حرام بن ملحان لما رأى بريق الرمح في صدره قال: " فُزتُ ورب الكعبة " فُزتُ ورب الكعبة... جائزة من أعظم الجوائز... وخاتمة من أجلّ الخاتمات... لرجل كان يدعو الله عز وجل بحسن الخاتمة... بحسن الخاتمة.
المخلص يشعر بالسعادة. يقول عليه الصلاة والسلام لبلال: " إني سمعت دف نعليك البارحة في الجنة فما هو أرجى عمل عندك ؟ " أقول تخيّل سعادة بلال بهذا الكلام من الرسول عليه الصلاة والسلام !! إن من أعمال السرائر الإخلاص... " ما توضأت وضوءاً إلا صليت ما كتب الله لي... هذا أمر...
الأمر الثاني: مباركة العمل القليل مع الإخلاص:
العمل القليل إذا كان خالصاً بارك الله فيه. حديث صاحب البطاقة.... " رجل يحشر معه تسع وتسعون من السيئات فيرى مصيره أنه من أهل النار فيقال قف لا تقنط لو حسنة فيقول: ما تفعل هذه الحسنة مقابل السيئات... فتوزن تلك الحسنة بتلك السيئات فترجح تلك الحسنة بتلك السيئات. بارك الله فيها... ختم له بـ أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله " قالها موقناً من قلبه: " من قال لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله خالصاً من قلبه دخل الجنة " لإذن مباركة العمل القليل مع الإخلاص.
من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " من قال لا إله الله خالصاً من قلبه دخل الجنة " وكان بعضهم يقول: " رُبَّ عمل قليل كثّرته النية " يقصد بالعمل الصالح، وقال صلى الله عليه وسلم: " إن بالمدينة أقواماً ما قطعتم وادياً ولا سرتم مسيراً إلا شاركوكم في الأجر حبسهم العذر " لكنهم لو تمكنوا من الذهاب معكم لذهبوا إذن حصّلوا ما حصّل الذاهبون. لماذا ؟!! لأنه صلحت نيّاتهم.
ثالثها: أن الإخلاص شرط لصحة العمل:
لا يقبل العمل ما لم يكن خالصاً لله ولهذا قال في الحديث القدسي قال الله: " أنا أغنى الشركاء من الشرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه ".
رابعها: المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
فأتباع الرسول صلى الله عليه وسلم لا يكونون إلا مخلصين " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم "، والإخلاص من جهة أخرى خير دافع لمتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم:
إذا نحن أدلـجنـا وأنت إمـامـــنا كفى بالمطايا طيب ذكراك حاديا
وإن نحن أضللنا الطريق ولم نجد دليلاً كفانا نـور وجـهـك هـاديا
خامسها: أن الأعمال المباحة بالنية الصالحة تتحول إلى عبادة لله عز وجل:
بل حتى الأعمال كلها بالنية الصالحة تكون عبادة لله " إني أحتسب نومتي كما أحتسب قومتي " كما قال معاذ رضي الله عنه، وقال صلى الله عليه وسلم: " وأحدكم يضع اللقمة في فِيِّ أهله تكون له صدقة إذا أحتسب وأراد مرضاة الله... وفي بضع أحدكم صدقة... تبسمك في وجه أخيك صدقة... " إذاً بالنية الصالحة تتحول العادات إلى عبادات.
سادسها: أن الناس جميعاً يبعثون على نياتهم:
يموتون... يهلكون مهلكاً واحداً ويصدرون مصادر شتى على قدر ما علم الله عز وجل من صلاح نياتهم في هذه الحياة.
سابعها: أن هناك أعمالاً لا يفرق بين كونها عبادة أو غير عبادة لله عز وجل إلا بالنية الصالحة فالنية تميز الأعمال... تميز العادات من العبادات.
ثامنها: أن الأعمال الخالصة لله تعالى تشفع لصاحبها في وقت الحاجة وفي وقت الشدة، وحينما يكون محتاجاً إلى ذلك:
الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة توسلوا إلى الله عز وجل بصالح أعمالهم ففرّج الله تعالى عنهم ما هم فيه وقال سبحانه وتعالى عن بعض أنبيائه:
 وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ(87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ(88)  الفاء التي تفيد الترتيب مع التعقيب فوراً مباشرة " فاستجبنا له ونجيناه من الغمم وكذلك ننج المؤمنين.
 وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ(90) .
تاسعها:أن الإخلاص من أهم أسباب ابتعاد المرء عن كثير من أمراض القلوب ومن أمراض الجوارح المهلكة:
فالكذب والحقد والغل والغش ليست من صفات المخلصين... ليست من صفات المخلصين وهم أبعد الناس عن ذلك. لكن عباد الله ما الإخلاص المطلوب ؟
ما هو الإخلاص المطلوب ؟
أولها: إخلاص قبل العمل: يدفع من العمل والحرص عليه إخلاص تفتيش النية مجاهدة النفس ألا يكون العمل إلا لله وحده لا شريك له.
ثانيها: إخلاص في العمل: أيضاً مجاهدة مستمرة... ألا يفتنك الشيطان لا يغرك أغراء الإنسان... أو بعض الكلمات التي تسمعها وأنت تعمل العمل... إخلاص في العمل يدفع إلى إتقان العمل وإعطائه حقه... إخلاص فيه... أنك تعمل لله... وجد الرقيب أم لم يوجد, وجد الرئيس أو لم يوجد... .
ثالثها: إخلاص بعد العمل:
يتمثل في الثبات على النية الخالصة لله. انتهى العمل تسارع إلى عمل جديد. لا تحاول إفساد عملك بالحديث عنه أو بسماع الإطراء والثناء.لا.ا... إخلاص بعده بنسيانه واستتباعه بعمل جديد لا تريد به إلا الله عز وجل.
ما أثر تخلُّف النية الصالحة عن العمل ؟
أعمال الطاعة كلها تفتقر إلى النية الخالصة لله، ولكن أعمال الإنسان إذا خلت من إخلاص النية تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
أولها قسم يزول عنه معنى العبادة: وقد يتحول إلى معصية بسبب خلوه من إخلاص النية لله تعالى ولكن يبقى أثر النفع فيه فينتفع به الناس ولا يكتب لهم به أجر بل يكتب به وزر لأنه لم يقصد وجه الله تعالى. كالصدقة في الظاهر... الصدقة في الظاهر انتفع بها الفقير... حصّل مالاً لكن هو لم يحصل بها أجر لأنه ما أراد بها وجه الله عز وجل.
الإصلاح بين الناس في الظاهر: يريد أن يقولون ما شاء الله... فلان سدّ اللازم... يستطيع أن يملأ المواقف... هو يريد هذا... من علم بهذا ؟ ما علم به إلا الله عز وجل بين الناس بإصلاحهم... أصلح بينهم... لكن هو ليس له من الأجر شيء لأنه ما أراد به وجه الله عز وجل:
 مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ(15)أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(16) . هود.
ثانيها: قسم يزول عنه معنى العبادة:
ولا يؤجر عليه بل يتحول إلى معصية أو شرك ولا ينتفع به صاحبه أو غيره وذلك كما لو صام رياءً أو صلّى رياءً أو ذكر الله عز وجل يقصد بذلك غير الله أو رياءً - إلا أن يظن به غيره خيراً فيقتدي به فينتفع به الغير من هذا الوجه – أنهم ينافسونه في الطاعة وأنه ما استفاد شيئاً لأنه ما أراد به وجه الله والحديث " أنا أغنى الشركاء من الشرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه ".
ثالثها: قسم يزول عنه معنى العبادة:
ولا يؤجر عليه صاحبه ولكنه قد لا يأثم أيضاً مثل الأعمال المباحة: النوم - الأكل – الشرب إذا لم يتجوز فيهما حدود المباح، إن قُرنت بنية صالحة استفاد وأُجر وإن لم تُقرن بنية صالحة فقط لا يؤجر عليها لكنه لا يأثم بتركه.
فالخلل في العمل ينقسم إلى قسمين:
أوله: خللٌ مرده إلى اختلال النية: هذا يحبط العمل يحبط العمل إذا أراد به غير وجه الله عز وجل.
وثانيها: خللٌ ليس مرده إلى النية: وإنما هو نقصٌ في العمل وعدم إعطائه حقه، وهذا قد يكون ثمرة من ثمرات النقص في النية، وقد يكون مجرد تقصير في العمل مع سلامة النية. والإخلاص يقتضي استواء باطن الإنسان وظاهره في إرادة الخير وفي فعله لا يريد إلا الله.
كيف تقيس إخلاصك ؟ :
مقاييس الإخلاص وعلامات الإخلاص إن وجدت في الإنسان عدماً ووجوداً، كمالاً ونقصا. الإخلاص إما أن يكون معدوماً لدى المرء وإما أن يكون موجوداً، ووجوده إما أن يكون على الكمال أو على النقص، ولمعرفة هذا كله مقاييس يستطيع الإنسان أن يتعرف بها عليه، وقبل أن أذكر المقاييس أُقدِّم بذكر هذه النقاط فإنها ضابط للمقاييس التي سوف أذكرها:
أولاً الإخلاص صفة نفسية لا تُعرف إلا بمعرفة آثارها فمن أراد معرفة حقيقة الإخلاص فعليه أن يرجع إلى النصوص الشرعية التي تتناوله.كما أن عليه أن يتعرف على آثار الإخلاص في الواقع... واقع نفسه وواقع الناس مجتمعاً وأفراداً.
 ثانيها الإخلاص ليس صفة تحصل على الدوام ثم تثبت له على الدوام، بل هو صفة تعرض وتزول... تعرض وتزول... تعرض للإنسان عند وجود أسبابها وتزول بوجود أسباب زوالها. فالمرء يحتاج دائماً إلى تحصيل هذه الصفة واكتسابها كما أنه لا بد أن يحرص على ثباتها واستمرارها.
 ثالثها الإخلاص درجات فقد يتم للمرء الاتصاف بصفة الإخلاص على أتمها مع التخلص مما ينافيها أو ما يشوبها في عمل من الأعمال وقد يتصف بالإخلاص مع وجود الصفات المنقصة لتمامه، وقدي خلص في عمل دون عمل آخر، فعلى العاقل أن يراقب نفسه في ذلك.
 رابعها الإخلاص له مجالات متعددة تشمل كل أنشطة الإنسان فهو يستغرق كل مقاصد الإنسان وقلبه وجوارحه وأعماله فينتج عن ذلك أولاً إخلاص النية والقصد والتوجه: " إنما الأعمال بالنيات ". ثانيها إخلاص القول: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت " ربط عليه الصلاة والسلام القول أو الصمت بالإيمان المورث لهذه الصفة من المراقبة وهذه حقيقة الإخلاص. ثالثها إخلاص الأعمال: " أنا أغنى الشركاء من الشرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه ".
أما مقاييس التعرف على الإخلاص عدماً ووجوداً كمالاً ونقصاً التي يمكن أن يطبقها المرء فيعرف بها حقيقة الأمر أو يكاد فمتعددة أذكر أهمها مع ملاحظة أن الأمثلة التي تصلح مقياساً لمعرفة حقيقة الإخلاص لا يشترط أن تكون دائرة بين الإيمان والكفر بل لا مانع أن تكون من باب الفضائل سمها وجهة نظر قد توجد في الإنسان وعنده من الأعمال ما لا يعلمها إلا الله قد يخفق الإنسان في بعضها وعنده أعمال عظيمة لا يعلمها إلا الله فكل هذه وجهة نظر... اقبلوها أسأل الله عز وجل أن يجعلها خالصة لوجهه :
أولاً يمكنك معرفة مدى إخلاصك من خلال معرفتك نيتك في العمل:
إنما الأعمال بالنيات... لماذا فعلت هذا الفعل ؟!! أنت أدرى بنيتك... إن كنت تريد وجه الله فأبشر بالخير وإن كنت إنما تريد الناس وثناء الناس وما عند الناس فابشر إن ذلك حظك من الأجر... هذا مقياس أنت تعلمه لا يعلمه أحد غيرك. هذا أمر أنت أدرى بنيتك... لم وكيف ؟!! لم فعلت وماذا أردت من هذا الفعل... سؤال عن الإخلاص... والثاني كيف... سؤال عن المتابعة... لم عملت وكيف عملت في كل عمل وأنت أدرى بنيتك فيما تعمله من عمل فلتنظر لما عملته وماذا أردت من عملك ذلك. عند أحمد والنسائي والدارمي وصححه ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من غزا في سبيل الله و لم ينو إلا عقالا فله ما نوى " لم ينو إلا عقالا فله ما نوى ‌.
ثانيها الإخلاص يقتضي أن تفعل أشياءً من أجل الله وأن تترك أشياءً من أجل الله:
وبهذا المقياس تستطيع أن تختبر نفسك بالإخلاص عدماً ووجوداً كمالاً ونقصاناً. ليس بشرط أن تحصل كل ما أردت... ليس بشرط أن تنتصر في كل مكان. أبوبكر رضي الله عنه يتبعه عمر وهو خليفة فيدخل داراً ثم يخرج منها فلما تساءل أهل الدار من هذا ؟! من أنتم قالوا أبونا فلان مات في سبيل الله مات في الغزو . من هذا الرجل الذي يأتيكم ؟ قالوا رجل يأتينا باستمرار يومياً يأتي... ينظف دارنا... يعجن عجيننا... ويكنس دارنا ثم ينصرف. من هذا ؟‍‍!!‍‍‍ أبوبكر وهو خليفة. تفعل أشياء من أجل الله كان يتخفى بها أبو بكر رضي الله عنه. من شروط الإخلاص أيضاً أن تترك أشياءً من أجل الله. أن تترك الجدال والمراء حتى وإن كنت مُحِقّاً بعض المجالس ما يخرج منها الإنسان إلا بضيق صدر وقساوة قلب. المخلص يترك ذلك الجدال إن علم أنه سيورث هذه الضغائن حتى وإن كان مُحِقّاً. ليس شرط أن تنتصر لنفسك في كل موقف، أو تدافع عنها في كل أمر. اصبر وأترك شيئاً لله عز وجل اترك شيئاً لله. يوم وزع غنائم حنين عليه الصلاة والسلام قال له رجل من الحاضرين: اعد اعدل هذه قسمة ما نريد بها وجه الله... يقولها لمن ؟!! للمعصوم عليه الصلاة والسلام. فلما همّ به الصحابة قال اتركوه لا يتحدث الناس أن محمداً يُقتِّل أصحابه. اترك أشياء من أجل الله تبارك وتعالى.
ثالثها من مقاييس الإخلاص أن تعرض عملك على قولك وقولك على عملك فتنظر هل يطردان في الخير فذلك من علامة إخلاصك أولا يطردان فذلك خلل في إخلاصك:
يقول إبراهيم التيمي ما عرضت قولي على عملي إلا خشيت أن أكون مكذباً. كل يدعي الدين والإيمان والاستقامة وكل يقول اتق الله وكذا فهل أنت ممن يطبق هذا على نفسه ؟!! وإلا فاعلم أنه علامة من علامات عدم الإخلاص. من علامات عدم الإخلاص عند البخاري في باب الإيمان أو باب خوف المؤمن أن يحبط عمله وهو لا يشعر وأورد كلام ابن أبي مليكة قال: " أدركت ثلاثين من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام كلهم يخشى النفاق على نفسه... كل يخشى النفاق على نفسه... ما منهم ن أحد يقول إيماني على إيمان ميكائيل وجبرائيل... يقول أدركت ثلاثين من أصحاب محمد وأنا أقول قد لا يوجد فينا ثلاثين يخشون على أنفسهم من النفاق لا يوجد ثلاثين - إلا من رحم الله – يخشون على أنفسهم من النفاق. وعمر رضي الله عنه كان يسأل حذيفة يقول: " ناشدتك بالله أسماني رسول الله من المنافقين " عمر رضي الله عنه كان يخشى على نفسه من النفاق أنا وأنت أولى من هذا... ناشدتك بالله أسماني رسول الله من المنافقين.
رابعها من مقاييس الإخلاص أن تسرك حسنتك وأن تسوؤك سيئتك:
تفرح بالحسنة وإذا وقعت في السيئة أن تندم أن تندم لأنك عصيت الله... لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى عظم من عصيت إنك تعصي بها الله عز وجل.
خامسها من علامات الإخلاص أن تتحلى بالمراقبة:
أن تتحلى بالمراقبة والمحاسبة لنفسك أن تعلم أن الله مطلع عليك. كان عمر يقول: " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا وتأهبوا للعرض الأكبر أمام الله  يومئذٍ تعرضون لا تخفى منكم خافية .
هو الذي يرى دبيب الذر في الظلمات فوق صم الصخر
وسامع للجهر والإخفات بسمعه الواسع للأصوات
وعلمه بما بدا وما خفي أحاط علماً بالجلي والخفي
ما يكون من نجوى ثلاثة الا وهو رابعهم ولا خمسة الا وهو سادسهم وما أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا.
" من خاف أدلج " والحديث عند الحافظ وصححه الألباني " من خاف أدلج و من أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة . من خاف أدلج حاسب نفسه ووزن عمله وراقب الله عز وجل في كل ما يأتي وما يذر.
سادسها من مقاييس الإخلاص أن يكون سرورك بالحسنة وبثواب الله تعالى بها أعظم مما تجده في نفسك لو كان لك بتلك الحسنة وبذلك الثواب مبلغاً من المال:
مثلاً صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: " من صلى في يوم اثنتي عشرة ركعة.ماذا. ... بنى الله له بيتا في الجنة : ركعتين قبل الفجر و ركعتين قبل الظهر و ركعتين بعد الظهر و ركعتين قبل العصر و ركعتين بعد المغرب و ركعتين بعد العشاء الآخرة . هذا الكلام عن المعصوم عليه الصلاة والسلام أي لو قيل لك لو صليت اثنتي عشرة ركعة نعطيك أرضية على الشارع العام... من سيتركها !!! بعضهم يقول تكفون خمسين ما تكفي اثني عشر...!!! لكن بيت في الجنة ترى كثير من الناس ينصرف عن فعلها لماذا يا فلان تنصرف قال: " يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها " إنها علامة عدم الإخلاص. عدم حبك للخير.. من صلى.. هل عاقل يترك هذا ؟!!! هل عاقل يفرط في بيت في الجنة يومياً وعطاء ربك أعظم من ذلك. إذاً هذا من علامات الإخلاص.
سابعها من علامات الإخلاص أن تبكي صادقاً من خشية الله:
أن تبكي صادقاً من خشية الله تعالى فيما بينك وبين نفسك فإن تلك اللحظة لحظة صدق وإخلاص فإن استمر أثرها في حياتك... هذه الدمعة... كان لها أثر غيرت مجرى حياتك... تبت إلى الله... تركت المعاصي والآثام... انتهيت من الشيء الذي أبكاك... حاسبت نفسك لوحدك بينك وبين الله فأبكاك ذلك الشيء انتهيت عنه أن استمر أثرها في حياتك وإلا فقد تكون لحظة عارضة وقد تكون لحظة خادعة لك ولغيرك. خدعك بها الشيطان حتى وإن بكيت... ماذا يعني إذا بكيت واستمريت على الإساءة. في حديثه عليه الصلاة والسلام حديث في الصحيح: " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.قال:ال: و رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه... ذكر الله خاليا ففاضت عيناه...
قال ابن الجوزي كان ابن سيرين يتحدث بالنهار ويضحك فإذا جاء الليل كأنه قتل أهل القرية كأنه قتل أهل القرية !!!
نهاري نهار الناس حتى إذا بدا لي الليل هزّتني إليك المضاجع
أُقضي نهاري بالحديث وبالمنى ويجمعني والهم بالليل جامع
ما أثر تلك الدمعة في حياتك. يقول الحسن: كان الرجل يجلس المجلس فتجيئه عبرته فيردها يرجعها فإن خشي أن تسبقه قام إذا خشي أن تسبقه قام... والمنافق يبكي متى شاء ويضحك متى شاء.
قال سفيان: إذا استكمل العبد الفجور ملك عينيه يبكي بهما متى شاء... إذا استكمل العبد الفجور ملك عينيه يبكي بهما متى شاء.
ثامنها من مقاييس الإخلاص أن تعبد الله كأنك تراه:
قال الله تعالى عن المنافقين:
 إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا(142)  يوم حذر عنه عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه نهى عن كلام كعب بنم مالك وصاحبيه يقول كعب: حتى ضاقت عليّ الأرض بما رحبت فتسلق يوماً حائط ابن عمه - أبي قتادة – فما شعر به من كثر المودة ما بينهما إلا وهو معه سلّم عليه فما ردّ عليه السلام. فقال يا أبا قتادة نشدتك بالله أتعلم أني أُحب الله ورسوله ؟ فسكت ... قال نشدتك بالله أتعلم أني أُحب الله ورسوله ؟ فسكت... قال نشدتك بالله أتعلم أني أُحب الله ورسوله ؟ فسكت... قال في الرابعة: الله ورسوله أعلم... الله ورسوله أعلم ما زاد عليها من الذي نهى عن كلام كعب ؟!! إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. أبو قتادة الآن في الحائط معه حبيبه ابن عمه كعب... وكعب كما يصف حاله... ضاقت عليه الأرض بما رحبت... فرصة للمؤانسة أو يقول له اصبر واحتسب لعلها شدة إن شاء الله وتنفرج لكن لا... لأن الرسول أمر... إن غاب رسول الله فالرقيب حاضر... الله موجود معهما يسمع ويرى.انتى.ى . لابد من الالتزام... إن كان الرسول يرى وإن كان لا يرى... إذن أن تعبد الله عز وجل كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. كما قال عليه الصلاة والسلام: " إني لأعلم أقواماً يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيض - بيضاء - فيجعلها الله هباء منثورا... قيل يا رسول الله صفهم لنا... جلهم لنا... قال أما إنهم منكم... من جلدتكم ولهم من الليل مثل ما لكم ولكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها.
تاسعها من علامات الإخلاص رؤية الإنسان تقصيره في حق الله تعالى مهما فعل من الطاعات على أن لا يقع في اليأس والقنوط وإنما يلازم التوبة والاستغفار :
رسول الله صلى الله عليه وسلم قام حتى تورمت قدماه قيل : تفعل ذلك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟! قال: أفلا أكون عبداً شكوراً. يستغفر ويتوب في المجلس سبعين مرة... مائة مرة... ونحن إذا قيل للواحد منا استغفر الله... قال سبحان الله وايش سويت !!! أنا سرقت عشان استغفر... أنا زنيت... أنا فعلت منكر... وبعضهم إذا قيل له استغفر الله قال... أنا استغفر الله قبل أن تولد. سبحان الله ليس هذا من علامات الإخلاص. رسول الله يستغفر ويتوب في اليوم مائة مرة و وأكثر وأنت تقول ما سرقنا ولا زنينا... سبحان الله العظيم.
من علامات الإخلاص أن ترى تقصيرك في حق الله عز وجل مهما عملت من الطاعات:
ترى أنك مقصر وتتهم نفسك إذ ذهب حظ النفس الدنيوي في عمل الخير.. جربت العمل لله. إذا ذهب حظ النفس الدنيوي في عمل الخير جاء الإخلاص... جاء الإخلاص وإذ انضم إليه الصواب اكتمل النصاب...
إخلاص ومتابعة:
أتيناكم نخب السـير خبا ونحمل في حنايا القلب حبا
فهيا سامحونا قـد أسـأنا وهيا فاغفـره يا رب ذنبا
تقرّب غيرنا لسواك جهلاً ونحن لقـربكم نزداد قربا
الموازنة بين موقفك من عالم الغيب وعالم الشهادة:
تستطيع أن تقيس إخلاصك... إن كنت تنظر إلى الآخرة كأنك تراها رأي العين فإنك تراقب الله عز وجل وسوف تعلم أنه يراقب سريرتك ونجواك. بعض الناس إذا خلا لوحده نسي الله... نسي الله تبارك وتعالى:
إن كنت تعلـم أن الله يا بشر يرى ويسـمع ما تأتي وما تـذر
وأنت في غفلة عن ذاك تركب ما نهـاك فأين الخـوف والحذر
تجـاهر الله إقــداماً علـيه ومن حثالة الناس تستحي وتعتذر
بعض الناس لو رآه وما استطاع أن يعصى الله فإذا خلا لوحده فعل الأفاعيل.
الرابع عشر: بالموازنة بين قدر استجابتك للرغبة والخير، للأجر والثواب قدر استجابتك للرغبة في الدنيا تستطيع أن تعرف حقيقة إخلاصك:
إذا عرض لك الفعل لله وفيه الدنيا لك أنت... أيهما تقبل... أيهما ستبدأ به... أيهما سوف تضحي به. إن قيل لك اتق الله وأن قطيعة الأرحام يترتب عليها اللعنة... فإن كنت تريد الله آثرت ما عند الله وصالحته، وإن كنت تريد ما عند نفسك قلت كما قال بعضهم لو يحرقه الله بالنار ما صالح. هذه تفتيش من حقيقة الإخلاص.
الخامس عشر من علامات الإخلاص أن يستوي حالك في العمل لله تعالى عندما تكون خالياً وعندما تكون مع الناس:
بل تكون في الخلوة أكثر اجتهاداً في الخير والطاعة. كان بعض السلف يقول: لو تقوم القيامة غداً ما عندي مستزاد استنفد طاقته في طاعة الله عز وجل... لو تقوم القيامة غداً ما عندي مستزاد.
السادس عشر من علامات الإخلاص أن تنظر إذا عملت طاعة خالياً ثم اطلع عليك بعض الناس هل يسرك ذلك ( افتقاراً ) و شهرة عند الناس أم لا:
بعضهم يعمل طاعات... من أهل قيام الليل... لكن يجيء كل ما جلس يقول والله إني صاح من الساعة أربعة البارح... قمت اصلي واذكر الله واعبد الله إلى أن أذّن الفجر... طيب يا أخي دعها لله... دعها لله... . بعضهم يبدأ يعدد ما فعل من الطاعات. إذن هذا من مقاييس الإخلاص. تتحدث بما فعلت خالياً. عبد الله بن المبارك يقول عنه محمد بن أعين وكان صاحبه في بعض أسفاره قال كنت معه ذات ليلة ونحن في غداة الروم ذهب عبد الله ليضع رأسه ليريني أنه نام فتناومت أنا فلما ظن أني نمت قام فظل يصلي حتى قرب الفجر فلما قرب الفجر عاد ورقد في فراشه كأنه نائم ثم استيقظنا فقام... قمنا جميعاً... فقلت له إني لم أنم... ما نمت البارحة يعني كأنه يقول أنا البارحة رأيتك... كنت تصلي... فيقول ورأيت أنه كره ذلك... ما رأيته بعد ذلك يكلمني... ولا ينبسط إلي بشيء من غزاته كلها كأنه لم يعجبه ذلك مني لما فطنت له من العمل فلم أزل أعرف فيه ذلك حتى مات ولم أر رجل أسرّ بالخير من عبد الله بن المبارك.
السابع عشر من علامات الإخلاص أن يحيك الإثم في نفسك:
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه: " والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس " هذه علامة على هذا الإثم وعلامة على الإخلاص أيضا... لأن كل الناس يحيك في صدره الإثم يمنعه من مقارفته... الإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس.
الثامن عشر من علامات الإخلاص لهذا الدين أن يسعى المرء في تعلم العلم الشرعي وأن يتعلم كل ما يحتاجه الإنسان من علم لدينه ولعبادة ربه:
ليس صحيح أن تكون في كل أمور الدنيا في منتهى العلم وثقافتك ما شاء الله ثم تجهل أمور دينك... هذا ليس من علامات الإخلاص. ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. فالمخلص يتحرى أن تكو عبادته صحيحة يسارع في تعلم ما لا تصح إلا به. قال الذهبي: " ثم العلم ليس هو بكثرة الرواية ولكنه نور يقذفه الله في القلب وشرطه الإتباع والفراغ من الهوى والابتداع ".
العـلم كنز وذخـرٌ لا نفاد له نعم القرين إذا ما صاحبٌ صحبا
وجامع العلـم مغبـوطٌ به أبداً فلا يحاذرن فـوتاً لا ولا هـربا
يا جامع العلم نعم الذخر تجمعه لا تعـدلـن به بـراً ولا ذهـبا
التاسع عشر من علامات الإخلاص في العمل أن تحاسب نفسك على أجرة العمل:
ومتى ما رأيت رجلاً يأخذ الأجرة ولا يحاسب نفسه على ذلك العمل فاعلم أنه غير مخلص. الدوام ثمان ساعات في اليوم مثلاُ ما يأتيك إلا الساعة التاسعة... بعد الظهر لا يقضي عمل مراجع...!! ربما مراجع استأذن وربما جاءه من مكان بعيد فيأتيه لأن مزاجه غير معتدل أو أنه مشغول أو يريد أن يقضي حاجة له فيفرط... إذا أتى الراتب لا يسمح أن يخصم منه ريال... إذا غاب جاء بألف عذر كذباً واحتيالاً حتى لا يخصم ريال.... أما ما ينبغي أن يقوم به في عمله فلا يهمه ذلك... هذا ليس من علامات الإخلاص. ليس من علامات الإخلاص. بإمكانك التعرف على حقيقة إخلاصك في كل حالة من الحالات في هذه الحياة لاسيما في الحالات التالية:
 إذا خلوت... فتش حقيقة إخلاصك في الخلوة عمر رضي الله عنه يمر بدار فإذا بصاحبة الدار تقول:
لقد طال هذا الليل واسودّ جانبه وأرّقـني ألا حبـيبٌ أُلاعبـه
فو الله لولا الله تُخـشى عواقبه لحُرِّك من هذا السرير جوانبه
ولكن تقوى الله عن ذا تصُدُّني وحفظاً لبعلي أن تُنال مـراكبه
إذا خلوت... إذا خلوت يقول الله:  أم يحسبون أنا لا نعلم سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون  بلى ورسلنا لديهم يكتبون !!!
بعض الناس إذا خلا فعل أشياءً تشيب لها الرؤوس... تشيب لها الرؤوس. هذه حالة ما حقيقة إخلاصك في الخلوة ؟!!
 إذا غضبت ما حقيقة إخلاصك عند الغضب اسمعوا هذا الحديث وهو حديث صحيح عن الرسول عليه الصلاة والسلام... هرقل يقول هل أحدً ها هنا ممّن يعرف هذا النبي فجاءوا له بأبي سفيان ومعه بعض التجار كانوا هناك فقال اجلسوا اجلس يا أبا سفيان أمامه ثم أجلسهم من خلفه ثم بدأ يسأله عن النبي عليه الصلاة والسلام. هذا السؤال كان بعد صلح الحديبية... في الهدنة التي كانت بينهم وبينه عليه الصلاة والسلام... بعد غزوة بدر وبعد أحد وبعد الأحزاب ولقد لقي أبو سفيان من النكال والعذاب وعداوته في قمتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم... أبو سفيان في ذلك الوقت يقود راية الكفر يحمل لواء الكفر، ومحمدٌ عليه الصلاة والسلام يدافع عن الحق وهو قائده صلى الله عليه وسلم... الآن ليس مسلم اختلف مع مسلم يسأل عنه لا... عدو سيسأل عن عدوه... كافر يسأل عن مسلم فيسأل عن النبي عليه الصلاة والسلام... أكثر من عشرة أسئلة ما كذب أبو سفيان في سؤال ما كذب في إجابة على رسول الله ما استعتى على رسول الله... أنصف النبي عليه الصلاة والسلام إنصاف تام... قال ما استطعت أن أدخل عليه إلا بكلمة قال هرقل: هل يغدر ؟ قلت لا. لكن بيننا وبينه هدنة لا ندري ما هو صانعٌ بها. هيا تعال اسأل واحد منا عن الثاني متزاعل هو وإياه.. فلان أخذ ما خلق الله الكذاب الخبيث المجرم ... سبحان الله... أنظر إلى عدالة الكافر يوم كان كافر حين سُئل عن النبي صلى الله عليه وسلم كيف كان إنصافه... وأنت مسلم ما تتقي الله عز وجل إذ1 سُئلت عن المسلمين إذا غضبت.... إذا رضيت زكّاه... ما خلق الله مثله... فلان والنعم يسوى ألف من رجاجيل... يختلف هو وإياه يمكن عاد وهو في المحكمة يأتي عند القاضي يكذب نفسه في شهادته وفي تزكيته... لماذا ؟!! هذا ليس من الإخلاص.إعليك.عليك. عليك.عليك ... لك أو عليك... ما حقيقة إخلاصك إذا غضبت ؟!! قال صلى الله عليه وسلم عن المنافق: " إذا خاصم فجر " ... فجر ... طغى ... خرج عن حده وبغى وقال ما لا يقال. هذه ليس من علامات الإخلاص. ليست من علامات الإخلاص. قال:لعابدين حينما أوقع عليه غلامه الإبريق إنكسر على قدمه فنظر إليه بغضب. قال : والكاظمين الغيظ ... قال كظمت غيظي.قال:والعافين عن الناس... قال : عفوت عنك ... قال:والله يحب المحسنين... قال : اذهب فأنت حرٌ لوجه الله . هؤلاء هم المخلصون... اذهب فأنت حرٌ لوجه الله.
إذا غضبت... ثم إذا غضبت إياك والظلم... إذا غضبت إياك والظلم... إذن فتش عن حقيقة إخلاصك إذا غضبت.
 إذا قدرت: فتش عن حقيقة إخلاصك... إذا قدرت... تستطيع الآن أن تعاقب الظالم... فلان أساء إليك وهو في يدك الآن... تستطيع أن توقع عليه عقوبة تستطيع أن تشوه سمعته... تستطيع تشي به... تستطيع أن تفعل ما شئت... ما حقيقة إخلاصك في هذه الحالة:
لا تظلمن إذا ما كنت مقتـدراً فالظلم عقباه ترجع إلى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبـهاً يدعو عليك وعين الله لم تنم
ابن هبيرة الوزير كان جالس بين أصحابه فجاءوا له برجل قد أمسك به رجل فقال مالك ؟ قال هذا قتل أخي ؟ ... قتل أخي... قال أقتلته ؟ قال: نعم. قال أخ المقتول: فدعه لي أقتله فقد اعترف. قال هل تبيعه لي اشتريه... أدفع الدية لأخيك وتتركه لي هذا قال من أجلك نعم. فدفع لهم ستمائة دينار من ذهب ثم أخذ هذا وقال له عفوت عنك. إذهب أنت حر وأعطاه خمسين ديناراً وقال اجلس معنا يزيد في كرامته. ثم قال للجالسين من حوله. أحدٌ منكم يعلم أن عيني اليمنى لا أبصر بها ؟ قالوا لا. قال كنت في يوم من الأيام... أيام الطلب أقرأ في كتاب للفقه ثم جاءني هذا معه سلة فيها فاكهة فقال لي احمل السلة. قلت ليس هذا من شأني... أنا لست حمال. أنا جالس إقرأ فانظر غيري ممن يحملون. قال فترك السلة ثم تناولني وضربني حتى عميت عيني عطبت عيني. يقول أنا الآن أعفو عنه ليعلم أني أعفو حينما أقدر. هل يفعل هذا أحد منا إذا قدر ؟ !! كان يتهيأ له أن يفعل بظالمه ما أراد فليتق الله ويدعها للحي القيوم... يدعها لله عز وجل.
 إذا احتجت كيف حقيقة إخلاصك إذا كنت محتاج فتش لحقيقة إخلاصك... إذا استغنيت عن الناس... رزقك الله... آتاك الله مالاً... بعضهم إذا آتاه الله مالا وكان أيام الفقر وهو يعرف... كان بعضهم يأكل البرسيم الذي تأكله البهائم ثم رزقه الله... فتحفلان.... يا فلان ... لا عندك ريال أنت ريال عندك مليون أنت مليون... ينظر إلى الناس من برج عال... عنده قروش مستغني... إذا احتاجه جماعته في شيء ما التفت إليهم لأنه مستغني... مستغني ينظر إلى الفقراء شذرا. هذا ليس من حقيقة الإخلاص. إذا استغنيت فتش في نفسك... إذا طمعت اكبح نفسك... اكبح جماحها بتقوى الله تبارك وتعالى فإن النفس في هذه الأحوال تعود تلقائياً إلى سجيتها وتنكشف لك حقيقتها فأما المخلص فإن إخلاصه يمنعه من الخروج عن طاعة الله مهما كانت حاله ومهما كانت ظروفه، وأما من فقد الإخلاص أو ضعف عنده فإنه يستجيب لمطالب هذه النفس الأمارة بالسوء ويقع أسير ظروفه والأمر يحتاج إلى إخلاص ومراقبة ومجاهدة.
 من علامات الإخلاص في العمل أن يستوي معه حال العامل المخلص إن رآه من يرجوه أو لا، إن كان حاضراً أو غائبا فلا يختلف نصحاً وزيادةً ونقصاً بوجود المشرف والرقيب ولا بغيابه.
 ومن علامات الإخلاص في العمل ألا يتمنى العامل أن يطلع عليه من له إليه حاجة... يأتيك رئيس الدائرة يقول عندنا زائر اليوم.. سوف يزور... مفتش موجه مشرف... أنظر إلى الاستعداد.. على قدم وساق... على قدم وساق... فلان المدرس يعلم أن المدير سيزوره في هذه الحصة... أو سيأتيه المشرف... بالله كيف الاستعداد ؟!! المخلص لا يكترث... عمله هو إن جاء فلان أو لم يأت فلان بل يسره أن يفعل أفعالاً لا يسره أن يطلع عليها غير الله عز وجل. مسلمة كان يقود جيشاً من الجيوش فتمنع عليهم حصن فجاء رجل فدخل من نقب هناك قد دُلّ عليه ثم قاتل وجالد حتى فتح للمسلمين الباب فدخل المسلمون وفتحوا المدينة فنادى مسلمة ليحضر صاحب النقب ما جاءه أحد، وكرر نداءاته لأيام ليحضر صاحب النقب... ما جاء ... قال قولوا لصاحب النقب أن الأمير يعزم عليه أن يأتي فجاءه رجل قال إني أدلك على صاحب النقب ولكن له شروط قال نعم قال ما شروطه ؟ قال ألا تسألوه عن اسمه ولا تكتبوا باسمه للخليفة وألا يتبعه أحد إذا خرج من هنا قال: له ذلك. قال فأنا صاحب النقب. ثم خرج ما عرفه أحد. مكرمة وفضيلة... كان يسره أن يتحدث الناس عن شجاعته...!! يريدها لله... كان مسلمة يقول: اللهم احشرني مع صاحب النقب... اللهم احشرني مع صاحب النقب... هذا من علامات الإخلاص... أن لا يسرك إطلاع من لك إليه حاجة على عملك إن فعلته لله عز وجل...
 من علامات الإخلاص في أعمال الخير والدعوة أن يستوي عند العامل تحقيق نتائج الأعمال على يديه أو على يد أخيه المسلم لأن هذا هو المقصود... تعبيد الناس لرب العالمين... تعبيد الناس لرب العالمين... اللهم إلا أن يتمنى أن تتحقق على يديه على سبيل الغبطة ومحبة الخير لا غير ذلك... ومن شأن هذا ألا يتأثر تأثراً سلبياً من ظهور النتائج المرجوة على يد غيره من المسلمين وألا يكون عائقاً لظهورها على يد غيره من المسلمين بل يسره أن يحقق الله الخير على يد إخوانه المسلمين. قال الشافعي ما جادلت أحداً إلا وددت أن الله أظهر الحق على لسانه. ونحن إذا جادلنا أحداً قلنا ما رأيت كيف مسحنا به الأرض... ما رأيت كيف أفحمناه وفعلنا به الأفاعيل.... وكان الشافعي عليه رحمة الله يقول: وددت أن الناس تعلموا هذا العلم... فقهوا الفقه... وأنه ما نُسب إليَّ منه شيء. هكذا فليكن الإخلاص. ليس من الإخلاص أن يعمل الإنسان عمل الخير لأجل حمد الناس أو من أجل الشهرة وما إلى ذلك وقد قال صلى الله عليه وسلم " فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " أو لأجل الشهرة وما إلى ذلك. وفي الزهد للإمام أحمد أنه قال: " ما رُؤي الربيع متطوعاً في مسجد قومه قط " يسر بذلك. قال ابن الجوزي: " كان إبراهيم النخعي يقرأ في المصحف فإذا دخل عليه داخل غطاه "... إذا دخل عليه داخل غطاه... .
 من علامات الإخلاص قبول الحق ممن جاء به وعدم رفض الحق لأي سبب من الأسباب وأبو هريرة استفاد من الشيطان، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها.
 قال: إعتراف للآخرين بما فيهم من فضل قالوا للإمام أحمد: أنأخذ من فلان ؟ قال: نعم. قالوا : إنه يطعن فيك ؟! يسبك قال: رجلٌ عصى الله فينا نُطيعُ الله فيه إن لم تأخذوا منه فممن تأخذوا ؟! ... إن لم تأخذوا منه فممن تأخذوا ؟ .
 ليس من الإخلاص أن يعرض الداعي دعوته من خلال الإكثار من الحديث عن إنجازاته الدعوية وتجاربه الطويلة في الدعوة وأعمال الخير من غير مقتضى شرعي لذلك ومرّ قول الشافعي وددت أن الناس تعلموا هذا العلم وأنه ما نُسب إلي منه شيء.
 من علامات عدم الإخلاص عدم مجاهدة النفس في مواجهة الشهوات ومغريات الحياة. قال عليه الصلاة والسلام فمن اتق الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ". لابد أن تحتاط وأن تتق الله عز وجل.
 أيضاً ليس من الإخلاص أن يتطلع العامل والداعية إلى الله عز وجل إلى الريادة والصدارة والرئاسة من غير مقتضى شرعي مؤكد. كان سفيان يقول إن أقبح الرغبة أن تطلب الدنيا بعمل الآخرة. وكان يقول ما رأيت للإنسان خيراً من أن يدخل جحرا " وقال الإمام أحمد كان سفيان إذا رُؤي في المنام يقول: أنا أعرف بنفسي من أهل المنامات, أنا أعرف بنفسي من أهل المنامات, ورسولنا عليه الصلاة والسلام قال: " ما ذئبان جائعان أُرسلا في غنمٍ بأفسد لها من حرص المرء على الشرف والرئاسة لدينه ". قال رجل للعلاء بن زياد العدوي: رأيت كأنك في الجنة فقال له: ويحك أما وجد الشيطان أحدً يسخر به غيري وغيرك. وكان بشر بن الحارث يقول ما اتق الله من أحب الشهرة. ما اتق الله من أحب الشهرة. يقول ابن الجوزي: اشتهر ابن أدهم ببلد فقيل هو في البستان الفلاني فدخل الناس يطوفون ويقولون أين إبراهيم بن أدهم فجعل يطوف معهم ويقول أين إبراهيم ابن أدهم.
ظـناً بـأن يعـلم النـاس الهـوى ولمن وهبت للسـر فيـه لـذة العلن
عرِّض بغيري ودعني في ظنونهم ون قيل من بك يخفي الحق في الظنن
كان إبراهيم النخعي لا يجلس إلى السارية توقياً للشهرة ما يريد أن يعرفه أحد. وهذا ابن محيرز يقول عنه رجاء بن حيوة: إن كنت لأعُدُّ بقاءه أماناً لأهل الأرض. قال بشر بن صالح قال: دخل ابن محيرز حانوتاً بدانة وهو يريد أن يشتري ثوباً فقال رجلٌ لصاحب الحانوت هذا ابن محيرز فأحسن بيعه... يعني الشيخ... توصَّ فيه تراه... الرتغبنه. خير... لا تغبنه ... هذا ابن محيرز فأحسن بيعه... فغضب ابن محيرز وخرج وقال: إنما نشتري بأموالنا لسنا نشتري بديننا. إنما نشتري بأموالنا لسنا نشتري بديننا. وكان ابن محيرز يقول: اللهم إني أسألك ذكراً خاملا.
 أو ليس من الإخلاص إدعاء الإخلاص من غير مقتضى شرعي. والله إني ما أبغى إلا وجه الله... ايش دراك طيب...  فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى  هو أعلم بمن اتقى.
 من علامات الإخلاص أن يحاسب الإنسان نفسه على حقوق الآخرين ومصالحهم وأن لا يسعى في تحقيق مصالحه على حساب الآخرين.
 ومن علامات الإخلاص النصح لكل مسلم وإيثاره على النفس إن أمكن ذلك. جرير بن عبد الله بقول: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أو اشترط عليّ والنصح لكل مسلم... محبة الخير للمسلمين.
 من علامات الإخلاص القيام بالواجب الشرعي فيما يتعلق بنصيحة المسلمين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفق أحكام الشريعة ومصالحها بغض النظر عن رضا الناس وسخطهم أو قربهم وبعدهم.
 ليس من الإخلاص إبداء الرأي بمعارضة فلان بحجة النصيحة والواقع إنما المقصود المجادلة أو المعارضة أو الحرص على الظهور أو إثبات الوجود أو أي سبب من الأسباب. يريد أن يسقطه أن يفضحه كما يزعم هذا ليس من الإخلاص.
 من علامات الإخلاص الخوف من النفاق ومن الرياء: قال ابن مليكة: " أدركت ثلاثين من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام كلهم يخشى النفاق على نفسه... وقال الحسن ما خافه إلا مؤمن – أي النفاق - وما أمنه إلا منافق. صلى بشر بن الحارث وقال في سجوده: اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن الذل أحب إلي من الشرف... اللهم أنك تعلم فوق عرشك أن الفقر أحب إلي من الغنى... اللهم إنك تعلم أني لا أُؤثر على حبك شيئا. فسمعه رجل فأخذه الشهيق والبكاء. فلما سمع الرجل قال: اللهم إنك تعلم أني لو أعلم أن هذا هاهنا ما تكلمت.
أمثلة ومظاهر لفقد الإخلاص أو ضعفه في مجالات مختلفة:
 أولها: من عدم الإخلاص أن لا يحب المرء أن ينجح شخص أو يوفق داعية إلى الله بغياً منه وحسدا... ومر معنا كلام الشافعي... وددت أن الناس تعلموا هذا العلم وأنه ما نُسب إلي منه شيء.
 ثانيها: نظر المسلم إلى عمله أياً كان على أنه عمل رسمي دون احتساب ونية صادقة.
 ثالثها: بقاء الإنسان في حياته جاهلاً بدينه وعبادة ربه على الرغم مما يبذله من جهد ووقت في دنياه. لو ينقص عليه... بوية ... يروح يجيبه على بعد مائة كيلو, لكن يحتاج يتبقى في مسألة أو حلقة علم أو شيء... لا ما يحضر !!! ... مشغول.
 رابعها:عدم سعي الداعية والمسلم بشكل عام إلى استكمال صفات الخير والتحلي بها تامة:
ولم أر في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمام
 خامسها: عدم حرص المدرس مثلاً على إفادة طلابه وحسن تعليمهم وتربيتهم وتهذيب أخلاقهم... همه أن يُنهي المنهج ولكن هل يستفيد منه طلابه... الله أعلم... إن كنت مخلصاً سوف تفعل بإذن الله وهذا الظن بك.
 سادسها: طلب العلم من أجل الشهادة ليس من علامات الإخلاص ومن تعلم علماً مما يُبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به حظاً من الدنيا لا يجد رائحة الجنة يوم القيامة.
 سابعها: تهرب الموظف من عمله وانصرافه منه قبل انتهاء وقت العمل المحدد ليس من علامات الإخلاص إن لم يكن مستأذناً أو إلى مقتضى شرعي يخرج من أجله.
 ثامنها: عدم رغبة الموظف أو العامل في قضاء حاجات مراجعيه وعدم النصح لهم وتقدير وقتهم أو ظروفهم وترك القيام بحقوقهم الواجبة عليه... يأتي فلان معاملته مثلاً في المكتب الفلاني ورأى فلان... أريد كذا... يقول ما ها عندي... فين أحصلها ؟!! ما أدري ؟!ويصه..ه ... لماذا لا تدله ؟!! لماذا لا تتلطف ؟!! لماذا لا تسعى في قضاء حاجته ؟!! أنت لو كنت في مكانه لتمنيت ذلك . فمن علامة الإخلاص مساعدة الناس.
 كذلك من مظاهر عدم الإخلاص لدى الطالب ألا يذاكر دروسه إلا عند قرب الإمتحان. إذن لماذا تذاكر عند الامتحان قرب الامتحان فقط... تريد النجاح فقط... إن كان يصرفك عن ذلك صارف شرعي فالحمد لله وإلا راجع حسابك مع نفسك... .
 حرص الإنسان أن يذكر أعماله أمام الناس حرصاً على مدحهم ليس من علامات الإخلاص.
 الحرص على حضور مجلس شيخ ما والسلام عليه ليقال عنه ذلك ليس من علامات الإخلاص.
 وصف بعض الناس لنفسه أنه متدين أنه مستقيم مباهاةً وفخرا ليس من علامات الإخلاص وصف الرجل صلاته مثلاً بحضرة الناس وترك ذلك في غيابهم... أمام الناس يتقن ويؤدي النافلة ويقرأ الفاتحة وربما يقرأ من طوال السور وقال في الركوع أحد عشر مرة سبحان ربي العظيم وفي السجود مثلها، فإذا قُدِّر له أن يصلي في بيته قرأ الفاتحة وسورة يسيرة – لا اعتراض – لكن ينقر الصلاة نقر الغراب الدم... لماذا أجدت أمام الناس ويوم كنت لوحدك أخفقت في فعل الصلاة. هذا ليس من الإخلاص.
 من عدم الإخلاص أو من عدم الفقه في الدين اقتصار الإنسان على العناية بالسنن الظاهرة وعدم الاهتمام بالباطن أو علاجه... ثيابه نظيفة... ملبسه نظيف... فراشه وطئ... سيارته من أحسن السيارات... وباطنه فيه الغش والحسد والحقد والغل... وفيه من الخزايا ما لا يعلمه إلا الله. لابد من تنقية الباطن مع الظاهر، بل لو نقيت الباطن لكان أولى لأنه إذا تنقى الباطن صلح الظاهر بأمر الله عز وجل.
 طلب العلم الشرعي ليس للعمل به دائماً وإنما لتوصيله للناس فقط أو للتباهي به... يتعلم ليس ليعمل أو ليرفع الجهل عن نفسه.لا. ... ليقال أن عنده كذا... ما شاء الله فلان. ما شاء الله عليه...عنده كذا... عنده وعنده وعنده... ليس لأن يعمل ولكن بقصد التباهي ليس من الإخلاص.
 حرص المرء على الفتوى وتصدر المجالس في الحديث وإيراد أقوال العلماء تعالماً وتظاهراً بالعلم ليس من علامات الإخلاص.
 كثرة الحديث عن نفسه وأعماله من غير مقتضى شرعي ليس من علامات الإخلاص.
 المنافسة غير المشروعة من ذلك الحرص على الدنيا والشح بها لا يجتمعان مع الإخلاص بل لابد أن يغلب القوي الضعيف.
 إقبال الداعية على الدعوة تأثراً بكثرة المستجيبين له وحباً للكثرة ذاتها وتركه للدعوة نظراً لقلة المستجيبين ليس عليك أن يستجيب أحد... عليك أن تُبلِّغ... استجاب أم لم يستجب... هذا ليس من شأنك !! .
 ثم الاستعصاء على النصيحة وعدم الانقياد للحق والإذعان ولا سيما إذا جاءته النصيحة ممن يختلف معه في وجهة النظر أو فيما يسع به الخلاف ليس من الإخلاص.
 السواك.لإخلاص العبادة لله ألا تستحضر نية العبادة عندما تتوجه لأي عمل من العبادات ولا سيما التي كثيراً ما يستعين بها الإنسان حتى أصبحت في حكم العادة... السواك ... الإصلاح بين الناس، الأكل استحضر النية الصالحة حتى تفوز وإلا فاعلم أن في ذلك أمر لابد أن تصححه.
 ليس من الإخلاص أن يرفع الإنسان صوته بالذكر تظاهراً للناس أنه يذكر الله تعالى.
 وليس من إخلاص العمل لله تعالى أن يتظاهر الإنسان بالخوف من الرياء وهو بذلك يريد الرياء ذاته أو يتظاهر بإخفاء العمل عن الناس إخلاصاً وهو إنما يريد الرياء  وما قدروا الله حق قدره  .
 ليس من الإخلاص لله تعالى أن يتظاهر الابن أمام الناس أنه يحترم والده ويقبل يده ورأسه فإذا رجع إلى البيت بارزه بالعقوق... بارزه بالعقوق... ما أكثرها والله.
 مماأمانة.الإخلاص تضييع الأمانة... أي أمانة ... بأي صورة من صور التضييع.
 مما ينافي الإخلاص دفع الفكرة أو الدفاع عنها أو دفع الرأي أو الدفاع عنه أو التدليل على صواب ذلك ليس قناعة بصواب الفكر أو الرأي وليس دفاعاً عن الحق أو الصواب أو دفعاً للخطأ والباطل ولكن دفاعاً عن النفس من طرف خفي... إياك أعني واسمعي يا جارة... ولكن دفاعاً عن النفس من طرف خفي أو تبرئةً لها أو تبريراً لخطئها لذا لابد من مجاهدة النفس ومحاكمتها إلى مقتضيات الإخلاص.
 لا يتفق مع الإخلاص الكذب بمختلف أنواعه وقول الزور... لا تتفق مع الإخلاص
 لا تتفق مع الإخلاص ويلات الرياء... ويلات الرياء كفى به أنه شرك إما أصغر أو أكبر " من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه " الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النملة السوداء على صخرة صماء في ليلة ظلماء. وأنه محبط للعمل  وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورا  وأن صاحبه يحرم الأجر وأنه موجب للعذاب في الآخرة  فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون... الذين هم يراءون ويمنعون الماعون  . هو أيضاً زيادة في الضلال في الدنيا  في قلوبهم مرضٌ فزادهم الله مرضاً  كذلك التهديد بسوء الخاتمة لصاحبه  فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذابٌ أليم  . كذلك الفضيحة على رؤوس الخلائق: " من راءى راءى الله به، ومن سمّع سمّع الله به " ثم أن صاحبه أول الناس عذاباً يوم القيامة. حديث أبو هريرة عند مسلم: " أول ثلاثة تُسعّر بهم النار: أحدهم أنفق أمواله فيما يبدو للناس في سبيل الله فيقال كذبت إنما أردت أن يُقال وقد قيل، وذاك العالم إنما أردت أن يُقال وقد قيل، وذاك المجاهد الذي قتل في سبيل الله فيما يبدو للناس إنما أردت أن يُقال وقد قيل... لكن ما أغنى عنهم ذلك بين يدي الله شيئاً... ما أغنى عنهم بين يدي الله تبارك وتعالى... هذه ويلات الرياء إلى غير ذلك.
طرق معالجة النفس في الإخلاص أو فقده:
أولها: العلم والعناية به:  إنما يخش الله من عباده العلماء.
ثانيها: استعراض النصوص الشرعية ذات العلاقة بالإخلاص وتدبرها.
ثالثها: تذكر الموت والحساب والجزاء:
ليذهب كل إنسان ليأخذ أجره ممن عمل من أجله. ممن عمل من أجله... إذا مت من يملك عنك أن يدفع ضراً أو يأتي ك بنفع أو يدفع عنك عذاب الله عز وجل.
رابعها: استشعار علم الله تعالى وإطلاعه على المرء في الغيب والشهادة:
إن الذي صرفت العمل من أجلهم لا يعلمون وأن الذي تركت العمل من أجله يعلم السر وأخفى.
خامسها: المراقبة والمحاسبة للنفس و إلزامها بالإخلاص في كل شيء وتدريبها وقصرها على ذلك.
سادسها: الدعاء ولا سيما من المأثور بطلب الإخلاص والسلامة من الشرك.
سابعها: الوقوف على ما يوضح هذا الجانب في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأحاديثه.
ثامنها: كثرة القراءة والسماع لسير العباد والمخلصين من السلف الصالح ومجاهدتهم لأنفسهم لتحقيق الإخلاص ولتمحيص أعمالهم لله تبارك وتعالى.
تاسعها: العلم بأن إخلاص العمل من إخلاص العبودية لله تبارك وتعالى:
ومن علم أن معبوده الله فردُ فليفرده بالعبودية ولا يشرك بعبادة ربه أحدا. " تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميلة تعس عبد الخميصة تعس وانتقش وإذا شيك فلا انتقش ". إذن فليتق الله عز وجل.
فيا عبد الله أقبل على حب المدح والثناء واذبحهما بسكين الزهد مما في أيدي الناس. ازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة فإذا استقام لك ذلك سهل عليك الإخلاص في أمر الله تبارك وتعالى.
موضوعات ذات علاقة بالإخلاص
كلمة الإخلاص ومرادفاتها :
الإحسان: يعني ما يعني الإخلاص.
الإيمان: كذلك ليس بالتحلي ولا بالتمني ولكنه ما وقر في القلب وصدقه العمل
اليقين: كذلك يرادفه.
التقوى، الصدق، الأمانة، التوحيد.... .
مما ينافي الإخلاص الرياء، الشرك، الكذب، الخيانة.
من دواعي الإخلاص: العلم بعلم الله عز وجل بكل شيء.
من دواعي الإخلاص: دقة الحساب يوم القيامة.
ثمرات الإخلاص
أولها: أنها تكون سبباً في تحصيل مرضاة الله عز وجل وقبول العمل:
 فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يُشرك بعبادة ربه أحدا . فيمد صاحبها بالقوة التي تعينه على الصلاح  والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين  ...  إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون . من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب.
ومنها أن الله عز وجل ينجي المخلص من المحن والشدائد ويفرج كربه:
هذا نوح ينجيه الله من الغرق  وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمْ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ(14) فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ(15) ...  قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ(48)  وهذا إبراهيم يلقى في النار فتكون برداً وسلاما  قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنتُمْ فَاعِلِينَ(68) قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ(69)وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمْ الْأَخْسَرِينَ  ، وهذا لوط عليه الصلاة والسلام يلجأ إلى الله مخلصاً النية ساعة الشدة قائلاً :  لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ(80)  فيجيبه رب العزة  وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ(33)  وهذا أيوب يهتف من أعماقه  أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين  فيستجيب له ربه ويكشف بلواه  فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين  وهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يمكر به المشركون ليلة الهجرة فينجيه الله تعالى  وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين  .
ومنها الثبات والطمأنينة وسكينة النفس عند نزول المحن والشدائد:
 إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سأُلقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان.
ومنها الظفر بالحكمة ونفاذ البصيرة:
 يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله يجعل لكم فرقاناً..
ومنها حصول فوائد وثمرات العمل حتى لو وقع العمل خطأً ما دام أن الخطأ غير مقصود:
في حديث أبي هريرة في الصحيحين قال رجل لأتصدقن الليلة: تصدق على زانية وعلى غني وعلى سارق، فقيل له: أما صدقتك فقد تُقبلت وأما الغني فكذا... إلى ما ساق من حديثه عليه الصلاة والسلام. وفي حديث آخر: " لك ما نويت يا يزيد ولك ما أخذت يا معن ".
كذلك جريان الأجر والثواب عليه إذا انقطع العمل لعذر:
" إن بالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا شاركوكم في الأجر حبسهم العذر ".
ثم إن الإخلاص يكون سبباً في وحدة الصف وجمع الكلمة:
عند البخاري " طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه ومغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في الساقة كان في الساقة "  وألّف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألّفت بين قلوبهم ولكن الله ألّف بينهم .
أيضاً الإخلاص سبب للتضحية وإخلاص العمل:
المخلص ما يهمه يُضحي يتقن الأعمال أتقن غيره أو لم يتقن. كذلك يحصل على الأجر والاستعلاء على المطامع والشهوات.
كذلك يدفعه إلى قبول النصيحة والنقد بنفس راضية:
المخلص إذا نُصح قال جزاك الله خيراً... والمرائي إذا نُصح سبّ وشتم.
كذلك هو سبب في الستر وعدم الفضيحة:
المخلص إذا رأى ما يكره من الناس ما نشرها ما نشرها.. ولا عاب فلان ولا شهّر به بين الناس وغير المخلص ما يحتاج.. ما يصدق بعثرة... يجعلها حديث المجالس...يُشهِّر به في الآفاق.
كذلك الإخلاص سبب في حصول الأجر والمثوبة على العادات
وكذلك هو سبب في النجاة غداً بين يدي الجبار سبحانه...
كذلك هو سبب من الإنقاذ من الضلال في الدنيا والمعاصي والذنوب.
كذلك بالإخلاص تنصر الأمة كذلك يوضع القبول للمخلص.
ومنها المراقبة والمحتسبة التي يتحلى بها المخلص.
ومنها حُسن الخاتمة.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا وإياكم من المخلصين هذه من ثمرات.
الذي يريد الآخرة لابد أن يسعى لها سعيها فيؤدي تكاليفها وينهض بتبعاتها.
نماذج من سير الصالحين في إخلاصهم وصبرهم ومجاهدتهم لأنفسهم:
 والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين  قال المحاسبي من صحح باطنه بالمراقبة زيّن الله ظاهره بالمجاهدة وإتباع السنة  ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا  الذي يريد الآخرة لابد أن يسعى لها سعيها فيؤدي تكاليفها وينهض بتبعاتها ويقيم سعيه لها على الإيمان. وليس الإيمان بالتمني ولكمن ما وقر في القلب وصدقه العمل. والسعي للآخرة يمد بالبصر إلى آفاق أعلى فلا يكون المتاع في الأرض هو الهدف والغاية ولا ضير بعد ذلك من المتاع حين يملك الإنسان نفسه فلا يكون عبدا لهذا المتاع، وإذا كن الذي يريد العاجلة ينتهي إلى جهنم مذموماً مدحورا، فالذي يريد الآخرة ويسعى إليها سعيها ينتهي إليها مشكورا يتلقى التكريم فيها جزاء السعي الكريم لهذا الهدف الكريم وجزاء التطلع إلى الأفق البعيد الوضئ. إن الحياة بالأرض حياة تليق بالديدان والزواحف والحشرات والهوام والوحوش والأنعام، وأما الحياة في الآخرة فهي الحياة اللائقة بالإنسان الكريم على الله عز وجل الذي خلقه فسواه وأودع روحه ذلك السر الذي يلجأ به إلى الله وإن استقرت في الأرض قدماه . وأما الحياة في الآخرة فهي الحياة اللائقة بالإنسان الكريم على الله الذي خلقه فسواه، أما الذين يقفون عند الحياة الدنيا بما فيها من نقص وهبوط ويرضونها ويستغرقون فيها فلا ينكرون فيها نقصا ولا يدركون أنها لا تصلح أن تكون نهاية البشر فإنها تهبط بهم ثم تهبط لأنهم لا يرفعون رؤوسهم إلى قمة ولا يتطلعون بأبصارهم إلى أفق، إنما يخفضون رؤوسهم وأبصارهم دائماً إلى هذه الأرض وما عليها.  أنظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا  . من شاء التفاوت الحق ومن شاء التفاوت الضخم ومن شاء التفاضل الضخم فهناك في الآخرة هناك في الرقعة الفسيحة والآماد المتطاولة التي لا حدود لها  وفي ذلك فليتنافس المتنافسون  لا في متاع الدنيا القليل الهزيل.
وإليكم نماذج من سير الصالحين في إخلاصهم وصبرهم:
 يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لتلميذه الربيع: " يا أبا يزيد لو رآك رسول الله لأحبك " وكفى بها شهادة من صاحب رسول الله... لو رآك رسول الله لأحبك... . في كتاب الزهد للإمام أحمد: " ما رؤي الربيع متطوعاً في المسجد قط ".
 وفي صفة الصفوة " أن منصور بن المعتمر إذا صلى الغداة أظهر النشاط لأصحابه فيحدثهم ويكثر إليهم ولعله إنما بات قائماً على أطرافه " كل ذلك ليخفي عنهم العمل.
 وهذا داؤود بن أبي هند صام أربعين سنة لا يعلم به أهله ولا أحد من أقاربه وكان خزازاً يحمل معه غدائه فإذا ذهب إلى عمله تصدق به على مسكين فظن أهله أنه تغدى هناك وعاد إلى المساء فأكل عند أهله:
ومستخبر عن سر حبي رددته فأصبح في حبي بغير يقين
يقـولون خبِّـرنا فأنت حبيبه وما أنا إن خبًّرتهـم بأمين
 إمام أهل السنة أحمد بن حنبل يقول عنه تلميذه أبو بكر المروزي: " كنت مع أبي عبد الله نحواً من أربعة أشهر بالعسكر وكان لا يدعي قيام الليل وقراءة النهار فما علمت بختمة ختمها وكان يُسر بكل ذلك وكان الإمام أحمد يقول: " أشتهي ما لا يكون: أشتهي مكاناً لا يكون فيه أحداً من الناس ".
 وفي الحلية أن مسعر بن خدام كما كان يقول عنه ابنه محمد قال: " كان أبي لا ينام حتى يقرأ نصف القرآن فإذا فرغ من ورده لفّ رداءه ثم هجع عليه هجعة خفيفة ثم يثب كما يثب الرجل الذي فُقد منه شيء فهو يطلبه وإنما هو السواك والطهور ثم يستقبل المحراب فكذلك إلى الفجر وكان يجتهد في إخفاء ذلك جدا ".
تأمل في إسرارهم للصدقة... زين العابدين يوم مات فقدت سبعين أسرة من أسر المدينة ما كان يأتيهم بالليل من طعام وشراب. ابن المبارك يقضي دين أحد طلابه ولا يخبره بذلك.
 في الحلية أن الفُضيل تقابل مع سفيان الثوري فتذاكرا فبكيا فقال سفيان: " إني لأرجو أن يكون مجلسنا هذا أعظم مجلس جلسناه بركة. قال الفضيل ترجو لكني أخاف أن يكون أعظم مجلس جلسناه شؤماً.... أليس نظرت إلى أحسن ما عندك فتزينت به لي وتزينت لك فعمدتك وعمدتني.؟ قال فبكى سفيان حتى علا نحيبه ثم قال: أحياك الله كما أحييتني ".
 قال سفيان بن عيينة أصابتني ذات يوم رقة فبكيت فقلت في نفسي لو كان بعض أصحابنا لرقّ معي، ثم غفوت فأتاني آت في منامي فرفسني وقال يا سفيان خذ أجرك ممن أحببت أن يراك... خذ أجرك ممن أحببت أن يراك.
 ثم تأمل بًعدهم عن الشهرة والظهور قال ابن المبارك قال لي سفيان: إياك والشهرة فما أتيت أحد إلا وقد نهاني عن الشهرة ". قال خلف بن تميم: رأيت سفيان الثوري بمكة وقد كثر عليه أصحاب الحديث فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون. أخاف أن يكون الله ضيّع هذه الأمة حينما احتيج إلى مثلي " أورده في الحلية يقول هذا والإمام أحمد يقول عنه: أتدري من الإمام ؟ الإمام سفيان الثوري لا يتقدم أحد في قلبي. وكان رحمه الله لا يترك أحداً يجلس إليه إلا نحو من ثلاثة أنفس فغفل يوماً فرأى الحلقة قد كبرت فقام فزعاً فقال أصبنا والله ما شعرنا. والله لو أدرك أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه مثلي وهو جالس في هذا المجلس لأقامه وقال مثلك لا يصلح لهذا. ". وكان يقول: كل شيء أظهرته من عملي فلا أعده شيئا لعجز أمثالنا عن الإخلاص إذا رآهم الناس. وكان يقول: ما رأيت للإنسان خيراً من أن يدخل جحرا ". وكان يقول: " إذا قيل له إذا رؤي في المنام. أنا أدرى بنفسي من أهل المنامات ".
 انظر إلى تحطيمهم لأنفسهم وازدرائهم بها _ في الحلية – أن الفضيل أخذ بيد سفيان بن عيينة إلى الوادي وقال له: " إن كنت تظن أنه بقي على وجه الأرض شر مني ومنك فبئسما تظن ". وكان محمد بن أسلم الطوسي يقول: " والذي لا إله إلا هو ما رأيت نفساً تُصلي إلى القبلة شراً عندي من نفسي ". وفي الحلية أن السِّرِّي السقطي يقول: " ما أحب أن أموت حيث أُعرى فقيل له: ولم ذاك يا أبا الحسن. قال أخاف ألا يقبلني قبري فأُفتضح ".
 وكان مالك بن دينار يقول: " إذا ذُكر الصالحون فأُفٍّ لي وتب ". وقال الفضيل:خستاني: " إذا ذُكر الصالحون كنت عنهم بمعزل ".وقال الفضيل: " من أراد أن ينظر إلى مُراءٍ فلينظر إليّ ". وقال مُطرِّف لما وقفوا بيقول:" اللهم لا تردهم من أجلي ".وبكر بن عبد الله المزني يقول: "ما أشرفه من مقام وأرجاه لولا أني فيهم ".
 وفي صفة الصفوة أن محمد بن واسع كان يقول: " لو كان يوجد للذنوب ريح ما قدرتم أن تدنوا مني من نتن ريحي ".
أسأل الله عز وجل أن يرزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم وأن يُنقي سرائرنا وباطننا إنه ولي ذلك والقادر عليه. أنا قلت كلاماً فإن أصبت فيه فمن الله والحمد لله وإن أخطأت فيه فمن نفسي ومن الشيطان والله ورسوله بريئان مما أخطأت به. شكر الله عز وجل لكم هذا الحضور ومعذرة على الإطالة ونسأل الله أن يسدد منا ومنكم القول والعمل. والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم.










رد مع اقتباس
قديم 2017-09-17, 16:52   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
brahimdca
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية brahimdca
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا










رد مع اقتباس
قديم 2017-09-21, 14:08   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
Yahiacsc
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا










رد مع اقتباس
قديم 2017-09-23, 12:56   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
abde chakour
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم
بارك الله فيك علي الموضوع
وجعلها في ميزان حسناتك










رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 02:28

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc