بسم الله الرحمن الرحيم
الإمام إبن أبي زيد القيرواني
الإمام العلامة القدوة الفقيه ، عالم أهل المغرب ، أبو محمد عبد الله بن أبي زيد ، القيرواني المالكي ، ويقال له : مالك الصغير .
وكان أحد من برز في العلم والعمل .
قال القاضي عياض : حاز رئاسة الدين والدنيا ، ورحل إليه من الأقطار ونجب أصحابه ، وكثر الآخذون عنه ، وهو الذي لخص المذهب ، وملأ البلاد من تواليفه ، تفقه بفقهاء القيروان ، وعول على أبي بكر بن اللباد . وأخذ عن : محمد بن مسرور الحجام ، والعسال ، وحج ، فسمع من أبي سعيد بن الأعرابي ، ومحمد بن الفتح ، والحسن بن نصر السوسي ، ودراس بن إسماعيل ، وغيرهم .
سمع منه خلق كثير منهم : الفقيه عبد الرحيم بن العجوز السبتي ، والفقيه عبد الله بن غالب السبتي وعبد الله بن الوليد بن سعد الأنصاري وأبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الخولاني .
صنف كتاب : " النوادر والزيادات " في نحو المائة جزء ، واختصر " المدونة " ، وعلى هذين الكتابين المعول في الفتيا بالمغرب ، وصنف كتاب " العتبية " على الأبواب ، وكتاب " الاقتداء بمذهب مالك " ، وكتاب " الرسالة " وكتاب " الثقة بالله والتوكل على الله " ، وكتاب " المعرفة والتفسير " وكتاب " إعجاز القرآن " ، وكتاب " النهي عن الجدال " ، ورسالته في الرد على القدرية ، ورسالته في التوحيد ، وكتاب " من تحرك عند القراءة " .
وقيل : إنه صنع " رسالته " المشهورة وله سبع عشرة سنة .
وكان مع عظمته في العلم والعمل ذا بر وإيثار وإنفاق على الطلبة وإحسان .
وقيل : إنه نفذ إلى القاضي عبد الوهاب بن نصر المالكي ألف دينار ، وهذا فيه بعد ؛ فإن عبد الوهاب لم يشتهر إلا بعد زمان أبي محمد .
نعم قد وصل الفقيه يحيى بن عبد العزيز العمري حين قدم القيروان . بمائة وخمسين دينارا ، وجهزت بنت الشيخ أبي الحسن القابسي بأربعمائة دينار من مال ابن أبي زيد .
قلت : وكان - رحمه الله - على طريقة السلف في الأصول ، لا يدري الكلام ، ولا يتأول ، فنسأل الله التوفيق .
وقد حدث عنه بالسيرة النبوية " تهذيب " ابن هشام عبد الله بن الوليد بسماعه من عبد الله بن جعفر بن الورد ، لقيه بمصر .
ولما توفي رثاه عدة من الشعراء .
قال أبو إسحاق الحبال : مات ابن أبي زيد لنصف شعبان سنة تسع وثمانين وثلاثمائة ، وكذا أرخه أبو القاسم بن منده ، وأرخ موته القاضي عياض وغيره في سنة ست وثمانين وثلاثمائة .
سير أعلام النبلاء بتصرف بسيط