الاستثمار الأجنبي المباشر - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الاستثمار الأجنبي المباشر

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-05-21, 12:05   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










New1 الاستثمار الأجنبي المباشر

المبحث الأول: ماهية الاستثمار الأجنبي المباشر
المطلب الأول :مفهوم الاستثمار الأجنبي المباشر
الفرع الأول :تعريف الاستثمار الأجنبي المباشر
ينطوي مفهوم الاستثمار الأجنبي المباشر على تملك المستثمر الأجنبي لجزء من الاستثمارات أو كلها في مشروع معين في دولة غير دولته , فضلا عن قيامه بالمشاركة في ادارة المشروع في حالة الاستثمار المشترك أو سيطرته الكاملة على الإدارة والتنظيم في حالة ملكيته المطلقة لمشروع الاستثمار , وبالاضافة إلى قيامه بتحويل موارد مالية , وتقديم مستويات متقدمة من التكنولوجيا والخبرة الفنية في مجال نشاطه , الى الدولة المضيفة .
الفرع الثاني : الفرق بين الاستثمار المباشر الأجنبي والاستثمار في الأوراق المالية
يختلف الاستثمار المباشر الأجنبي عن الاستثمار في الأوراق المالية في أن الأول ينطوي على تملك المستثمر الأجنبي لجزء أو كل الاستثمارات في المشروع المعين , هذا بالإضافة الى قيامه بالمشاركة في ادارة المشروع مع المستثمر الوطني في حالة الاستثمار المشترك Joint venture أو سيطرته الكاملة على الادارة والتنظيم في حالة ملكيته المطلقة للمشروع الاستثماري wholly qwned project .
هذا بالإضافة إلى قيام المستثمر الأجنبي بتمويل كمية من الموارد المالية التكنولوجية فضلا عن نقل الخبرة الفنية في جميع المجالات الى الدولة المضيفة.
أما الاستثمار في الأوراق المالية فهو ينطوي فقط على تملك الأفراد أو الهيئات والشركات على بعض الأوراق المالية دون ممارسة أي نوع من الرقابة أو المشاركة في تنظيم إدارة المشروع الاستثماري , ويعتبر الاستثمار في الأوراق المالية استثمارا قصير الأجل بالمقارنة بالاستثمار الأجنبي المباشر
المطلب الثاني : محددات الاستثمار الأجنبي المباشر
من المعلوم أنه لا يمكن حدوث تدفق للاستثمار الأجنبي المباشر, إلا إذا سمحت الدولة المضيفة له بالدخول و من ثم تقوم المحددات المتعلقة بالدولة المضيفة (المزايا المكانية) (********al advantages) بدور مؤثر في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر و يركز التحليل التالي فقط على عدد من المحددات الأكثر أهمية, بالنسبة للدولة المضيفة من خلال الدراسات التطبيقية الخاصة بتلك المحددات.
الفرع الأول : الناتج المحلي الإجمالي
يعتبر الناتج المحلي الإجمالي محددا أساسيا للشركات المتعددة الجنسيات التي تبحث عن النمو أو النفاذ إلى الأسواق الجديدة أو زيادة نصيبها من أسواق الدول المضيفة و تلائم الدول ذات الناتج المحلي الكبير كثير من الشركات المحلية و الأجنبية, خاصة تلك التي تعمل في الخدمات غير القابلة للإنجاز, ذلك لأن الطريقة الوحيدة لتقديمها لأسواق الدول المضيفة تتم من خلال إقامة فروع لها في تلك الدول, كذلك يساعد كبر حجم الناتج المحلي, الشركات التي تعمل في المنتجات القابلة للإنجاز على تحقيق اقتصاديات الحجم و قد أسفرت بعض الدراسات التطبيقية عن وجود علاقة ارتباط موجبة بين حجم الناتج الكلي بالأرقام الطلقة و بين الاستثمار الأجنبي المباشر. حيث أوضحت دراسة كل من Papamastation and pearce (1990) عن الاستثمار
الأجنبي في بريطانيا, و دراسة كل من Green and cunninghamk (1975) و كذلك دراسة Dunning (1980) عن الاستثمار الأجنبي المباشر للولايات المتحدة الأمريكية, توصلت كل من هذه الدراسات إلى وجود علاقة ارتباط موجبة بين الناتج لمحلي الإجمالي و الاستثمار الأجنبي المباشر و في دراسة للانكتاد (UNCTAD) (1997) عن محددات تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر لـ42 دولة نامية, تبين أهمية الناتج المحلي الإجمالي, كمحدد لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر, حيث بلغت أهمية هذا المحدد أقصاه في عام 1985 ثم تناقصت أهميته بعد ذلك. و يرجع الانخفاض في أهمية الناتج إلى زيادة الأهمية النسبية للمحددات الأخرى لتدفق الاستثمار الأجنبي المباشر كما قام Torrisi (1985) بدراسة محددات الاستثمار الأجنبي المباشر لكولومبيا, و كذلك محددات الاستثمار الأجنبي المباشر الأمريكي في كولومبيا خلال الفترة من 1958 إلى 1980 و استخدام الناتج المحلي الإجمالي للدلالة عل حجم السوق. و توصل على وجود علاقة موجبة بين الناتج المحلي الإجمالي و الاستثمار الأجنبي المباشر.
و في المقابل قام Petrchilas (1984) (1989) بتحليل بيانات سلسلة زمنية للاستثمار الأجنبي المباشر في اليونان عن الفترة من 1955 إلى 1978 و حجم الناتج المحلي الإجمالي, لفترة إبطاء سنة واحدة, و تبين وجود علاقة سلبية.
و يرى Nunnenkamp (1997) أن العولمة أثرت على شكل و هدف الاستثمار الأجنبي المباشر فالتصنيع المنتشر جغرافيا و تكامل الأسواق و المواد من خلال الاستثمار و التجارة أصبح جزءا مهما من الاقتصاد العالمي. و نتيجة لذلك انخفضت أهمية الناتج المحلي الإجمالي كأحد المحددات التقليدية للاستثمار الأجنبي المباشر.
الفرع الثاني : سعر الصرف
كما أوضحت بعض الدراسات التطبيقية أن الشركات متعددة الجنسيات تتفاعل بردود فعل عكسية من تقلبات أسعار الصرف, حيث أوضح Cushman (1985) أن الشركات متعددة الجنسيات تنجذب إلى الدول بعد حدوث تخفيض في قيمة العملة, أو عندما تتوقع تضخم في الدول المضيفة, كما أوضح أن الشركات التابعة تأخذ في الحسبان التوقعات المستقبلية لأسعار الصرف لتحديد التدفقات الاستثمارية, لأن تقلبات أسعار الصرف تؤدي إلى تغيرات سريعة في الربحية النسبية للعوائد الاستثمارية, لأن تقلبات أسعار الصرف تؤدي إلى تغيرات سريعة في الربحية النسبية للعوائد الاستثمارية في الدول المضيفة مقارنة بالبدائل الأخرى الممثلة في تحويلها للخارج أو إعادة توزيعها و في دراسة Caves (1996) وصل إلى وجود ارتباط سلبي بين معدل الصرف الاسمي و الحقيقي و تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى أمريكا. كما أن التقلبات المفاجئة لأسعار الصرف لها تأثير سلبي على المناخ الاستثماري, حيث أن مثل هذه التقلبات تجعل من العسير عمل دراسات الجدوى كما قد تعرض المستثمر لخسارة باهضة غير متوقعة و لا سلطان للمستثمر عليها, علاوة على ذلك فقد أوضحت دراسة Lecraw (1991) تأثر الاستثمار الأجنبي المباشر المتجه نحو التصدير بالتغيرات النسبية لمعدل الصرف.
الفرع الثالث :معدل التضخم
من المعلوم أن لمعدلات التضخم تأثير مباشر على سياسات التسعير, و حجم الأرباح و بالتالي حركة رأس المال. كما تؤثر على تكاليف الانتاج التي تهتم بها الشركات متعددة الجنسيات . كما لارتفاع معدلات التضخم في الدولة المضيفة تبعاته على مدى ربحية السوق .بالاضافة الى فساد المناخ الاستثماري , ذلك أن المستثمر الجنبي في حاجة الى استقرار سعري ويقصد بالمعدلات العالية للتضخم ما يجاوز 10% سنويا . فإذا بلغ 30 أو 40 % أو تجاوز 100% سنويا يدخل منطقة الخطر سواء للاستثمارات الوطنية أو الأجنبية . بالإضافة الى أن التضخم يشوه النمط الاستثماري حيث يتجه المستثمر الى تلك الأنشطة قصيرة الأجل ويبتعد عن الاستثمارات طويلة الأجل وقد أوضح كل من Schneider and frey (1985) في دراسة عن 54 دولة نامية وجود ارتباط سلبي بين معدلات التضخم العالية و الاستثمار الأجنبي المباشر نظرا لأن ذلك يمثل مؤشرا عن ضعف الاقتصاد في الدولة المضيفة ومن ثم يمثل ذلك مخاطر للمستثمرين في شكل توقع سياسات غير مرغوبة.
وقد بين Nunnenkamp (1997) في دراسة عن الاستثمار الأجنبي في أمريكا اللاتينية أن الدول التي تمكن من منع التضخم من أن يتجاوز معدلات تزيد عن 20 % منذ عام 1984 وهي شيلي وكولومبيا وكوستاريكا حققت نجاحا ملحوظا في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر .
الفرع الرابع : الإصلاح الاقتصادي
ينصرف مفهوم الاصلاح الاقتصادي الى ترك ادارة النشاط الاقتصادي الى قوى السوق . وتقليل نطاق التدخل الحكومي بما يكفل تحسين الكفاءة التخصصية لموارد المجتمع فقد أوضحت دراسة Nunnenkamp (1997) ان برامج الاصلاح الاقتصادي في كثير من دول أمريكا اللاتينية , أضعفت حوافز الشركات متعددة الجنسيات
للاستثمار في تلك الدول نظرا لأنه خفض القيود الدولة المضيفة بمنع الشركات متعددة الجنسيات تخفيضات جمركية وحماية حقيقية من الواردات . فان ذلك يؤدي الى نجاح الدولة المضيفة في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر ويسمى هذا النوع من الاستثمار الأجنبي المباشر الذي يتم بهذه السياسة باستثمار << القفز على الضريبة الجمركية>>.
وقد توصل Kamar (1987) الى أن معدل الحماية الفعال محدد لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر للهند في حين بينت دراسة Agoda (1978) أن الحماية ليس لها تأثير معنوي على الاستثمار الأجنبي في افريقيا , بينما أوضحت دراسة Lecraw (1991) أن الاصلاح الاقتصادي كان عاملا ايجابيا لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر , وأن مستويات الضريبة الجمركية تؤثر فقط على معدلات استثمار الشركات متعددة الجنسيات المتجه للسوق المحلي.
الفرع الخامس :الاستقرار السياسي
نذهب بعض الدراسات الى تأثير الاستثمار الأجنبي المباشر بمدى الاستقرار السياسي في الدول المضيفة , فقد أوضح Basi (1963) أن الاستقرار السياسي يعتبر المحدد الأول أو الثاني للاستثمارات الأمريكية في الدول النامية , كذلك توصلت دراسة لكل من Schneider and frey شملت 54 دولة نامية وذلك عن سنوات 1976 و 1979 و 1980 أن عدم الاستقرار السياسي له ارتباط سلبي مع الاستثمار الأجنبي المباشر .
كما قام petrochilas (1984) بدراسة العلاقة بين عدم الاستقرار السياسي والاستثمار الأجنبي المباشر في اليونان خلال الفترة من 1955 الى 1978 واستخدام متغير عدد واحد لفترة الاستقرار , وصفر لفترات عدم الاستقرار السياسي , وكانت العلاقة سالبة وفي دراسة أبو قحف عن العوامل التي تمثل محددات هامة للاستثمار الأجنبي المباشر في مصر , توصل الى أن الاستقرار السياسي يعتبر من أهم تلك المحددات.
المطلب الثالث : عوائق الاستثمار الأجنبي المباشر في الجزائر
إنه لمن الصعب محاولة التقييم فيما إذا تم تحقيق الاستثمارات الأجنبية المصرح بها لدى وكالة ترقية، وتدعيم ومتابعة الاستثمارات بعد قانون النقد والقرض، لهذا يجب التطرق إلى العوائق التي تواجه تحقيق الاستثمارات الأجنبية، والتي يمكن سرد كل منها على حدة، غير أنها تبقى مرتبطة فيما بينها وتتمثل
فيما يلي:
الفرع الأول : العائق القانوني والإداري
رغم أن الإطار القانوني ليس هو المسؤول الأول عن جلب الاستثمار الأجنبي المباشر، إلا أن القانون رقم 93-12 الصادر في 5 أكتوبر 1993 مرت عليه 8 سنوات ولم تكن له إلا أهمية محدودة في جلب الاستثمار الأجنبي المباشر، فهو ليس القانون الأفضل في المنطقة كما انه ليس الأسوأ.
كما يبدو أيضا أن نصوص هذا القانون قد جلبت الفضول أكثر من جلب مستثمرين حقيقيين. كما أن القانون الجزائري يقع في الوسط بين ما يعرض في المنطقة، مثلا القانون الليبي الذي يبدو أنه يمنع الاستثمار الأجنبي المباشر ولا يسمح إلا بمشاركة أجنبية ضعيفة. لذا يجب على الجزائر أن تعرف ما هو معروض في المنطقة حتى تعرض مثله أو تضيف امتيازات عليه ليكون عرضها الأفضـل .
أما المشكلة البيروقراطية فقد صرح MEBTOUL A.قائلا: "… كل عائق بيروقراطي مع عولمة الاقتصاد، يجعل رؤوس الأموال تهرب نحو مناطق أخرى اكثر ملاءمة ".
إذا كانت رؤوس الأموال لا تستثمر في الجزائر، فهناك أسباب رئيسية ويجب رفع العوائق لأن وجود نص قانوني جيد ليس شرطا كافيا ".
كما يقول أيضا سيد علي بوكرامي "توقفوا عن وضع القوانين وتطبيق تلك الموجودة سابقا ".
حيث أن المستثمر يرى أن العائق المرتبط بالمحيط الإداري يمثل أول مؤشر لتقييم نوعية مناخ الاستثمار. فالتأخر في تحقيق الاستثمار الناتج عن هذا العائق غالبا ما يرفع من كلفة الاستثمار التي يكون توقعها أمرا صعبا.
الفرع الثاني :عائـق العقـار
يعتبر الحصول على العقار الصناعي من بين الشروط المسبقة لتحقيق الاستثمار، غير أن الحصول على العقار الصناعي تعترضه عدة مشاكل تتمثل أساسا في:
- طول مدة رد الهيئات المكلفة بتخصيص العقار الصناعي والتي تفوق السنة؛
- نقل الإجراءات وتقديم نفس الملفات أمام هيئات ترقية الاستثمار، هيئات تخصيص العقار ومرة أخرى أمام مسيري العقار؛
- تخصيص الأراضي بتكاليف باهضة تشمل تكاليف التهيئة دون خضوع هذه الأراضي لأية تهيئة أو في مناطق نشاط وهمية لعدم إنشائها بعد، نظرا لوجود نزاع حول ملكيتها.
- عدم توافق طبيعة الأراضي الصناعية المخصصة ونوع النشاط؛
- وأخيرا أمن المنطقة الصناعية؛
إن منح الأراضي الصناعية للمستثمرين يرجع في كل ولاية إلى لجنة تنشيط الاستثمارات، ويتمثل دورها في التنازل على أراضي الأملاك العمومية للمستثمرين المعتمدين من قبل وكالة ترقية الاستثمارات إضافة إلى:
- الإعلام بالعقارات الصناعية المتاحة على مستوى كل ولاية إضافة إلى طرق وإجراءات عقد الصفقات وتحقيقها؛
- تسهيل الإجراءات المرتبطة بالحصول على العقود والتصريحات الواجبة التحضير.
غير أن هذه اللجان أصبحت عقبة إضافية أمام اقتناء الأراضي الصناعية حيث منحت نفسها مهام ليست من صلاحيتها إذ أصبحت تقرر في فرصة المشروع عوض تسهيل تحقيقـه.
لكن هذا يعتبر هينا أمام غياب عقود الملكية لدى المستفيدين من الأراضي الصناعية، فما يقدم لهم هو مجرد عقد إداري لا يعترف بقوته القانونية من قبل البنوك التي ترفض بذلك قبوله كضمان لمنح القروض.
الفرع الثالث : مشكل الموانئ
تعتبر الموانئ إحدى الحلقات الأساسية و الفاعلة في المنظومة التجارية، خاصة حركة السلع من و إلى داخل البلد و إذا كانت نتيجة الاستثمار الخاص بشكل عام (محلي أو أجنبي ) تعتمد أساسا على حركية السلع و المواد من خلال عمليات الاستيراد و التصدير، فإن النشاط الاقتصادي الذي يجب أن تلعبه الموانئ يفرض مقاييس دولية خصوصا في الفترة الحالية، من بين هذه المقاييس: المداومة و عدم التوقف عن العمل ، التسليم في الوقت المحدد للحاويات، توفير البنية التحتية التي تسهل عمل الميناء، التحكم في إرساء السفن.
وإذا كانت إحدى عوامل نجاح استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر تتوقف على مدى احترام و توفير الموانئ للمقاييس الدولية، فإن الموانئ الجزائـرية تعمل دون هذه المقاييس حيث وجهت لها انتقادات من قبل المستثمرين تتعلق بنظام المداومة في العمل الليلي الذي يتوقف نهائيا في الموانئ الجزائرية.
فمثلا يستقبل ميناء الجزائر حوالي 80% من واردات الجزائر، وهو يعرف انتقادات شديدة من قبل المستثمرين الذين يرون في عدم اشتغاله بصفة طبيعية من العوائق التي تحول دون الاستثمار، فضلا عن توقفه عن العمل ليلا .
إن من أهم ما تمت مباشرته منذ 1995 من خلال قانون المالية لهذه السنة هو إرساء نظام المخازن الصناعية للمؤسسات التي أصبح بإمكانها تخزين البضائع في محلاتها في انتظار جمركتها لاحقا من قبل جمركي قاطن في هذه المناطق. لكن هذا النظام يبقى مكلفا وغير ناجع نظرا لكون التشريع الساري حاليا لا يعطي تفسيرا لكيفية إتمام هذه العمليات عندما يكون الجمركي في عطلة.
الفرع الرابع : العائق المالي
إن نوعية المشكل المالي الذي تواجهه المؤسسات منذ 1993 لم يعد حصولها على العملة الصعبة وإنما حصولها على العملة المحلية لتمويل استثماراتها. فالصيرفيون يرجعون السبب إلى كون المشاريع المقدمة ليست قابلة للتمويل، [غياب دراسات جدوى جيدة، غياب أموال خاصة أو ضمانات كافية، ...] ولكن هذا يخفي في الحقيقة غياب الكفاءات البنكية القادرة على تقييم المشاريع وتحديد إمكانية البنك لأخذ المخاطرة.
إن رفض القطاع الخاص لتقديم الضمانات المطلوبة من قبل مسيري البنوك بغرض تبرير قرار منح القروض ناتج عن كونه لا يراه متوافقا والمخاطر المأخوذة من قبل البنك وعليه فإن تمويل عمليات الهندسة المدنية لمشروع استثماري تصبح غير قابلة للتمويل، فالتجهيزات المستوردة تصبح وحدها قابلة للتمويل لاعتبارها رهنا منقولا سهل التحقيق.
إن مودع طلب التمويل في وكالة ما يجب عليه الانتظار حتى يرسل بطلبه إلى المديرية الفرعية التي تقوم بدورها بإرساله إلى المديرية العامة للبث فيه كما هو الحال لدى القرض الشعبي مثلا. وهذا ما يمكن تفسيره من خلال كون قرار منح القروض ممركزا.
يرجع المستثمرون في أغلب الأحيان أسباب تأخير تحقيق استثماراتهم وارتفاع تكاليفها إلى غياب التمويلات فضلا عن اعتبارهم بأن النظام المالي لا يتميز بالفعالية وغير قادر على التأقلم مع متطلباتهم. فحتى العمليات الجارية (تحويل، مسك الحسابات، تحرير الأموال المودعة) تعرف صعوبات، فتحويل صك بنكي مثلا من وكالة إلى أخرى تابعين لنفس البنك وتقعان في نفس المدينة يستغرق شهرا كاملا .
إن المؤسسة الخاصة نادرا ما تحصل على تحويل طويل الأجل، فالحالات النادرة للتمويل على المدى الطويل كانت مغطاة بخطوط قرض مسيرة من طرف البنك الجزائري للتنمية. فالأصل في التمويل كان القروض القصيرة المدى المتميزة بارتفاع تكاليفها، وقصر مدة إمتلاكها، أضف إلى ذلك بعض الإجراءات المصرفية المتسمة بمركزية القرار ونقص المعلومات والمعطيات الكافية حول فرص التمويل المتاحة وغياب الشفافية في منح القروض وضعف المنتجات المالية المقترحة على المستثمرين الخواص.
الفرع الرابع : غياب الاستقرار السياسي
لغياب الاستقرار السياسي أثر فعلي على توافد الاستثمارات الأجنبية المباشرة في القطاعات خارج المحروقات خاصة، رغم وجود بعض المزايا المقارنة للاقتصاد الجزائري. حيث إن العلاقة قوية بين غياب هذا العامل في بلد ما وتحفيز جلب الاستثمارات في هذا البلد.
ونظرا للوضعية الاقتصادية والأمنية التي عرفتها الجزائر خلال التسعينيات، فإن أهم هيئات ضمان الاستثمار وعلى رأسها " الكوفاس " من خلال تقديرها لخطر البلد، قامت بتصنيف الجزائر من بين البلدان ذات الخطر الجد مرتفع. ولهذا قامت برفع علاوات تأمين الاستثمارات ضد المخاطر السياسية ، إلا أن هذه لزيادة لم تكن المحدد الأساسي لغياب الاستثمارات الأجنبية المباشرة عن الجزائر، فالدور الذي لعبته وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية جعلت المستثمر الأجنبي لا يفكر حتى في زيارة الجزائر ناهيك عن الاستثمار فيها.
بالإضافة إلى العوائق التي تواجه المستثمرين الأجانب و حتى المحليين فإن الاقتصاد الجزائري يعاني من بعض الصعوبات.
الفرع الخامس :صعوبات السوق الجزائرية
يمكن تفسير صعوبة السوق الجزائرية من عدة نواحي إلى أنه سيتم الارتكاز على جانبين أساسين هما القدرة الشرائية والبورصة المالية .
وعليه فإن السوق تمثل مؤشرا أساسيا يؤخذ بعين الاعتبار بالنسبة للمستثمرين الأجانب عندما يتعلق الأمر بالدخول إلى السوق الجزائرية ففي أول تقرير له قام مكتب الاستثمارات العربية للاتصالات وصحيفة الشرق الأوسط بصياغته في جوان 2000 الذي يتعلق بحقيقة وضع السوق الجزائرية و الفرص المتاحة في مختلف القطاعات، حيث يؤكد التقرير على أن السوق الجزائرية تمتلك قدرات
كبيرة وتتيح فرص عديدة و هي سوق عرفت تحولات هامة، إلا أن هناك سلبيات ما زالت عالقة، و مرد ذلك أن المحيط الاقتصادي يعاني من مشاكل عديدة بعيدة عن المعايير الدولية المعتمدة علما أن الجزائر بحاجة إلى الاستثمارات الأجنبية لتحسين الإنتاجية .
إن قيمة الصادرات خارج المحروقات لا يتعدى 600 مليونا دولارا سنة 2001، وتظل سوناطراك أول مصدر خارج المحروقات ب 22 % من قيمة الصادرات، و بالمقابل تصل نسبة الإنتاجية في المؤسسات العمومية الصناعية إلى أقل من 50 % في الوقت الذي تخصص 40 % من قيمة الصادرات لخدمة المديونية .
وإذا كان ضعف الإنتاجية يفسر ضعف مستوى التشغيل فإن القدرة الشرائية للسكان تمثل هي الأخرى معيارا تقاس به السوق الجزائرية .
ففي سنة 1999 حجم السوق الجزائرية ( من خلال إجمالي الناتج المحلي ) قدرت بـ 43.8 مليارا دولارا أمريكي لقدرة شرائية مكافئة، وهو ما يفوق ما تمنحه دول المغرب العربي في نفس السنة، حيث أن المغرب تمنح سوقا أقل أهمية يقدر بـ 34.4 مليارا دولارا أمريكي. أما تونس فإنها تمنح سوقا أضعف تقدر بـ 19.4 دولارا أمريكيا .
لقد أصبح الركود الذي تواجهه البورصة يقلق الشركاء و يعود هذا لقلة الشركات العمومية التي دخلت فيها (رياض سطيف، فندق الأوراسي، صيدال ) إضافة إلى عدم تجاوب القطاع الخاص و مرد ذلك أن غالبية الشركات العمومية تعاني من عجز في الخزينة و الموازنة، بل أن ديونها قدرت بأكثر من 500 مليار دينار بعد تطهير أصولها فضلا عن الاختلالات المسجلة في الأصول ورقم الأعمال .
أما المؤسسات الخاصة فهي من حيث بنيتها عبارة عن مؤسسات فردية أو عائلية، ومع المقاييس والشروط الدقيقة التي تتطلبها البورصة في سجل المحاسبة التحليلية و التسيير تطالب كل شركة بأقصى شفافية ممكنة مع تقديم حصيلة سنوية للنشاط الاقتصادي، ومؤشرات دقيقة لرأس المال ورقم الأعمال و شبكة الرواتب والأجور و الأصول، و هو ما تحاول معظم المؤسسات أن تتحاشاه.
إن التنازلات والامتيازات التي قدمتها البورصة لتشجيع المؤسسات على الدخول في البورصة وصلت إلى حد التنديدات من طرف البعض، هكذا يصرح رئيس لجنة التنظيم ومراقبة البورصة " سيد علي بوكرامي " الذي أكد أن مؤسسة مالية تسيير بثلاث مؤسسات (صيدال، رياض سطيف، الأورسي) لا مستقبل لها.
إن بقاء سوق الأوراق المالية على هذه الحالة لن يساعد على إنعاش الادخار المحلي ذلك أن الهدف من إنشاء البورصة هو تشجيع المدخرين الخواص على توفير أمولهم في البورصة، مما يمكن الحصول على الأموال اللازمة لتمويل المؤسسات العمومية بعد انسحاب الدولة من تسيير الاقتصاد.
و إذ كانت عملية الخوصصة عن طريق البورصة لم يحصل بشأنها أي تقدم، بالإضافة إلى رفض المؤسسات الخاصة الانضمام للبورصة لوجود الشفافية التامة، فإن سيادة الذهنية "الريعية" و سيادة ظاهرة الاكتناز اللتين بقيتا سائدتين حتى اليوم ساهمتا إلى حد ما في تخوف الشركاء الأجانب من السوق المالية الجزائرية .
المبحث الثاني :الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مجال المحروقات
المطلب الأول :نظرة عن النفط الجزائري
الفرع الأول :الإمكانيات النفطية الجزائرية
تتطلع الجزائر أن ترسي لنفسها مكانة أساسية كإحدى الدول النفطية الفاعلة، سواء ضمن منظمة الدول المصدرة للبترول أو في إطار السوق العالمية، غير أن دور أي دولة ووزنها يتحدد بما تملكه من إمكانيات نفطية ومزايا تنفرد بها، تجعل الأطراف المتعاملين معها (الزبائن يطمئنون على استمرارالعلاقات الاقتصادية ويقدرون المكاسب التي ستعود عليهم، هذا من جهة ومن جهة ثانية هو مدى أهمية هذه الإمكانيات وقدرة تأثيرها على سوق النفط الدولية. ولذلك، فمن المفيد جدا معرفة الإمكانات النفطية للجزائر من حيث حجم الاحتياطات لكل من البترول والغاز، وشبكة النقل التي تؤمن وصول المنتوجات إلى الزبائن، وميزة الموقع الجغرافي ونوعية البترول وغيرها، وهي كلها عوامل تلعب الدور الأساسي في تجارة النفط في سوق دولية تتسم بالتغير السريع والمنافسة بين عدة منتجين وعدة مستهلكين.
لا بد عند التكلم عن الاحتياطات النفطية أن نعرف
-الاحتياطات المؤكدة أو المبرهنة: وهي الكميات التي قدرت على أساس علمي، وعرف تواجدها، والممكن استخراجها واستغلالها اقتصاديا بالإمكانيات التقنية المتاحة حاليا.
- الاحتياطات المحتملة : وهي الكميات المكتشفة وغير المقدر كمياتها بصورة دقيقة ونهائية. ويعتمد في احتمال وجودها على الطرق الجيولوجية لطبقات الأرض مع إمكانية حفر بئر تجريبي لإثبات تواجدها والتي يتوقف استغلالها على التطور التقني والظروف الاقتصادية المستقبلية.
- الاحتياطات الممكنة : وهي الكميات المتوقع تواجدها لكن لم يحفر أي بئر لإثباتها، وتستند توقعات الإنتاج الممكنة على الخصائص الجيولوجية والجيوفيزيائية لمناطق أخرى مجاورة أو مشابهة لها معروفة بإنتاجها للبترول أو الغاز.
و في تقدير الاحتياطات لأي دولة أو عالميا يتم التغاضي عن الاحتياطات المحتملة والممكنة، ولهذا لا يؤخذ بعين الاعتبار إلا بالاحتياطات الأكيدة.
أما حساب المدة المتوقعة من "عمر" النفط أي مدة الإنتاج، فيختلف حسب جهات التقدير ومستوى الاستهلاك السنوي والاكتشافات الجديدة المحققة سنويا.
كما تقدر الاحتياطات المؤكدة من الغاز الطبيعي في الجزائر في سنة 2004 ب 4580مليار متر والاحتياطات المحتملة تفوق ذلك
أما الإنتاج المسوق فقد وصل في نفس السنة إلى 89.2 مليار م 3،مما يرفع مدة استهلاك احتياطي الغاز إلى 65 سنة.
الفرع الثاني :تطور شبكة نقل المحروقات
ونقصد بها شبكة نقل المحروقات الجزائرية السائلة أو الغازية بواسطة الأنابيب، باعتبارها الوسيلة الرئيسية التي تعتمد عليها الجزائر خاصة في نقل الغاز أكثر من اعتمادها على أسطول النقل البحري ودلك بسبب الوضع الجغرافي المميز القريب من السوق الأوربية.
وتعتبر شبكة الأنابيب القاعدة الهيكلية الأساسية الرابطة بين الجزائر ومناطق التسويق والاستهلاك الرئيسية والتي تضمن وصول المنتجات بصورة مستمرة ومنتظمة، فيتم بواسطتها نقل المحروقات من مناطق الإنتاج أولا إلى المركزين الرئيسيين في الجزائر وهما:
1- مركز حوض الحمراء للبترول والمكثفات: وهو المركز الذي يتلقى الإنتاج البترولي من جميع الآبار (حاسي مسعود، عين أمناس ، الباقل ، بركين ... وغيرها) ليقوم المركز بأعمال القياس (حساب الكميات ورقابة النوعية.
-2 مركز حاسي الرمل للغاز: وهو المركز الذي يتم فيه تجميع وحساب كل كميات الغاز المنتجة من مختلف الحقول( حاسي الرمل، غورد النوس ، السطح، عين صالح .
يتم نقل المحروقات بعد ذلك عبر الأنابيب إلى المصافي ومراكز التخزين بالنسبة للبترول، أو إلى مراكز التمييع بالنسبة للغاز، أو إلى التصدير نحو مناطق الاستهلاك الدولية. ويوجه جزء من إنتاج الغاز الطبيعي إلى الاستهلاك الداخلي بواسطة مؤسسة سونلغاز عبر الشبكة الداخلية. ونقل المحروقات بدأ في العهد الفرنسي في نهاية الخمسينات، وتجسد ذلك في إنجاز الأنبوب الناقل
للبترول الخام برا، والذي يربط حقل حاسي مسعود بميناء بجاية ثم الشحن نحو فرنسا وذلك في 22 نوفمبر 1959، ثم قامت الجزائر بتدشين أول أنبوب نقل للغاز الطبيعي كاميل عام 1964 من حوض الحمراء إلى أرزيو ، وتطورت شبكة الأنابيب للبترول والغاز بعد ذلك.
وتتضمن هذه الشبكة أنبوبين دوليين هامين للغاز الطبيعي أحدهما بطول 550 كم يصل الحدود الجزائرية بإيطاليا عبر تونس وبطاقة تصدير تقدر ب 27 مليار م 3، بدأ العمل به سنة 1986، والأنبوب الثاني موجه إلى اسبانيا عبر المغرب بطول 521 كلم وبطاقة 11 مليار م 3 سنويا، بدأ العمل به 1996.
وتسعى الجزائر إلى توسيع شبكة نقل المحروقات بحدود آفاق 2010 إلى 22516 كم بطاقة 439 مليون طن وذلك بمشروعي أنبوبين آخرين موجهان إلى أوربا، وهما أنبوب غالسي" إلى إيطاليا مباشرة عبر جزيرة سردينيا، يبدأ التصدير بحدود 2009، والثاني "ميد-غاز" يمر إلى اسبانيا مباشرة عبر جزيرة ألميريا، سيبدأ تشغيله في نهاية 2008 و بداية 2009ن ثم هناك المشروع الدولي العملاق لأنبوب الغاز عبر الصحراء TSGP، الذي سينقل الغاز من نيجيريا إلى أوربا مرورا بالنيجر والصحراء الجزائرية إلى ميناء بني صاف ثم أوروبا بطول 4128 كم وطاقة نقل تقدر بحوالي 18 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا.
وتتمثل أهمية تطوير شبكة النقل بالأنابيب إلى أوربا فيما يلي:
- يؤمن الإمداد بالمحروقات بصورة منتظمة وسريعة للزبائن.
- يتيح للجزائر من تقليل نفقات شحن الغاز المسال بواسطة الناقلات ومخاطره.
- يمنحها استفادة من ريع تفضيلي بسبب تقريب منطقة الإنتاج من مناطق الاستهلاك (السوق الأوربية.
الفرع الثالث : مميزات المحروقات الجزائرية
-تتميز بالتكاليف القليلة عند القيام باستخراجها.
-تتميز بالجودة الجيدة وهو ما يجعلها مطلوبة في السوق.
المطلب الثاني :واقع الاستثمارات في مجال المحروقات
قبل الدخول في هذا الموضوع لابد من الحديث عن التحولات الاقتصادية و أثرها على المحروقات، ومن ذلك نجد رغبة الدول الكبرى في توحيد الأسواق و تحرير تنقل حركة السلع و الأموال وهذا كله ناتج عن العولمة، كذلك نجد العولمة الاقتصادية التي يصبح العالم بموجبها بلا حدود اقتصادية و أن النظام العالمي هو نظام واحد تحكمه أسس علمية اقتصادية مشتركة.
نجد أن هذه السياسة المنتهجة)العولمة الاقتصادية أو الاقتصاد العالمي(يمكن الدول الكبرى من التوغل في اقتصاديات الدول النامية دون تدخل حكوماتها أو وضع عارض يعيق تدخلها كأن تخفض قيودها الجمركية أو إزالتها لضمان تحرك السلع بكل سهولة.
كذلك و في الحديث عن هذا الموضوع نجد التكتلات الاقتصادية :مثل الاتحاد الأوروبي الذي تأسس في 25/03/1975و يعتبر من أقوى التكتلات على المستوى الاقتصادي أو السياسي يضم 27 دولة، كذلك نجد تكتل أمريكا الشمالية الذي انشأ باتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية،أما على المستوى العربي فنجد مجلس التعاون الخليجي الذي تأسس في 26/05/1981 و يعتبر من انجح التكتلات الاقتصادية العربية لكن الحروب حالت دون تواصل نجاحه،كذلك اتحاد المغرب العربي الذي حالت الخلافات السياسية على المصالح الاقتصادية على تحقيق أهدافه التي يسعى لتحقيقها، وفي مجال محروقات أنشأت الدول العربية منظمة الدول العربية المصدرة للنفط (oapec) بهدف التعاون و تبادل الخبرات و إنشاء المشاريع المشتركة، غير أن دورها بقي محدود بسبب الخلافات السياسية العربية من جهة و التدخلات العربية من جهة أخرى،بسبب تواجد اغلب الدول العربية في منظمة الأوبك .
و الموضوع الأهم في هذه النقطة هو تحول الاقتصاد الجزائري من الاقتصاد الاشتراكي إلى الاقتصاد الرأسمالي و الذي تم بموجبه فتح باب الاستثمارات الأجنبية في الجزائر، وقد حاولت الجزائر عند تحولها إلى الاقتصاد الرأسمالي أن يكون ذلك بأقل التكاليف حيث قامت بمايلي :
-تحضير الأطر القانونية للنشاط الاقتصادي، وقد نال قطاع المحروقات نصيبه من القوانين.
-جعل المؤسسات العمومية مؤسسات مستقلة اقتصاديا للقضاء على البيروقراطية و اتخاذ القرارات الاقتصادية بكب حرية.
-اعتبار القطاع الخاص إستراتيجية مستقبلية لكن دون التضحية بالقطاع العام.
الفرع الأول : الأطر القانونية الجديدة للمحروقات الجزائرية
استنادا إلى "قاعدة تغير الظروف" التي تعتبر حتمية في تطور الحياة، والتي يعترف بها القانون عند إعادة النظر في الاتفاقات عندما لا تتماشى مع المستجدات، اعتبرت الدولة الجزائرية أنه من الضروري تغيير المراسيم التشريعية واللوائح الإدارية السابقة بما يتناسب
ومفهومها للمصالح الحقيقية للبلاد من جهة، والمستجدات العالمية وتحدياتها من جهة ثانية. وعليه فإن فتح النشاط البترولي للاستثمار الأجنبي يترتب عليه توفير الأطر القانونية التي ستحدد علاقة الدولة والشركة سونطراك بالشركات العالمية.
إن علاقة الدول المضيفة بالشركات الأجنبية تربطها الاتفاقيات البترولية المبرمة بين الطرفين في مجالات البحث وإنتاج وتنمية وصناعته البترول، حيث يترتب على كل طرف مجموعة من الالتزامات يسعى من خلالها الحصول على أكبر المزايا الاقتصادية. وتشكل العقود البترولية الأسلوب المباشر والقانوني لاستغلال الثروات البترولية في البلد المضيف من طرف الشركاء الأجانب، ولذلك يجدر بنا قبل أن نتعرض لأهم البنود في القوانين الجزائرية حول المحروقات، أن نع  رف بأهم أنواع العقود السائدة في المجال البترولي.
1-أهم العقود البترولية
أ-عقود الامتياز
يعتبر عقد الامتياز وسيلة قانونية يبرم بين سلطة عمومية وبين صاحب المشروع غالبا ما يكون أجنبيا، يعطى له الحق في استغلال مرفق بترولي لحسابه الخاص مع حق تملك الآبار التي يكتشفها مقابل جزء من العائدات بالإضافة إلى الرسوم التي يدفعها للدول المضيفة. و كان هذا الشكل من العقود هو الذي ساد في مناطق الإنتاج الرئيسية من قبل الحرب العالمية الأولى، واستمر في كثير من الدول حتى مطلع السبعينات، وقد فرضته الشركات البترولية العالمية حينها مما سمح لها بالاحتفاظ بكثير من المزايا الاقتصادية من أهمها :
- اتساع الرقعة الممنوحة للشركات من أجل التنقيب، واشتراط عدم التخلي الجزئي أو الكلي عن المساحة الممنوحة لها ولا تستطيع الدولة المضيفة أن تمنحها لشركة أخرى.
- طول مدة التعاقد بحيث بلغت في بعض الأحيان 90 سنة.
تنفرد الشركات بالبحث والتنقيب وتتحمل المخاطر والتكاليف لوحدها، ولا تسترد شيئا من النفقات على الاستكشاف إذا لم تعثر على البترول، فإذا عثرت على البترول بكميات تجارية تقوم باستخراجه وتسويقه لحسابها على أن تدفع للدول المضيفة العوائد المتفق عليها.
-الشركة الأجنبية غير ملزمة بتكرير جزء من البترول أو استثمار جزء من أرباحها محليا.
- عدم خضوع الشركة صاحبة الامتياز للقضاء المحلي، أي تجميد السلطة التشريعية في الدولة واستبعاد خضوعها للقانون والقضاء الوطنيين، سواء أكان ذلك صراحة أو ضمنيا، وتشترط اللجوء للقضاء الدولي في حالة الخلاف مع الدولة المضيفة في القضايا الحيوية.
- تنفرد الشركة بتحديد حجم الإنتاج وإعلان السعر الذي يباع به البترول المنتج. وقد كان هذا في صالح الشركات العالمية لأنها تحول البترول المنتج إلى الشركات التابعة لها بسعر منخفض، وتستفيد في النهاية من سعر المنتجات في التوزيع النهائي وتحرم في المقابل الدولة المضيفة من جزء هام من الريع.
- جمود معدل الضريبة وجعله عنصرا ثابتا في العقد ولا تستطيع الدولة المضيفة تعديله دون موافقة الشركات صاحبة الامتياز.
ويتضح من عقود الامتياز أن جلّ المزايا في صالح الشركات، خاصة جانب التملك الفعلي للبترول في جميع مراحله من المنبع إلى المصب، والتصرف في الكميات المنتجة وأسعارها بعيدا عن إرادة الدولة المضيفة.
ب-عقود المشاركة
جاءت عقود المشاركة كبديل عن عقود الامتياز التي فرضتها الشركات الكبرى وذلك بعد سيطرة الدول المنتجة على قطاع المحروقات تأكيدا لقاعدة السيادة الدائمة للدول على ثرواتها الطبيعية، وبعد أن أصبحت للدول المضيفة شركات وطنية تعمل في مجال البترول. وقد انتشرت هذه العقود منذ بداية السبعينات خاصة.
وعقد المشاركة هو " عقد بين حكومة أو إحدى مؤسساتها وبين شركة أجنبية يكون للأخيرة بمقتضاه حق البحث عن البترول في منطقة معينة وزمن معين، فإذا وفقت في اكتشاف البترول يبدأ في تكوين شركة مشتركة بين الطرفين.
ويمكن أن نوضح هنا أهم الملامح العامة التي تتضمنها عقود المشاركة
- الفترة الممنوحة للبحث عن البترول قصيرة نسبيا؛
- يتضمن العقد شرط التخلي عن المساحة المنوحة وفق جدول زمني بالاتفاق.
- يتحمل الشريك الأجنبي مخاطر البحث والاستكشاف ولا يسترد منها شيئا إذا لم يكتشف البترول بكميات تجارية.
- تدخل الدولة شريكا بعد اكتشاف البترول، بحيث تساهم في نفقات التنمية والإنتاج وتحصل على نسبة من البترول غالبا ما تكون 50 %، وتشارك فعليا في إدارة مرفق البترول.
- تحصل الدولة المضيفة على إتاوة (رسم)، وهو الحد الأدنى الذي يجب أن تحصل عليه من دخول الشركات البترولية مجال الاستغلال في أراضيها، وإذا ما حقق الشريك الأجنبي نتائج من اكتشاف البترول، فرضت عليه ضرائب إضافية تصل إلى نسبة 50 كحد أعلى، بحيث يمكن أن تصل حصة الدولة في النهاية إلى نسبة 75 من الربح المحقق.
- البترول المكتشف تؤول ملكيته قانونا إلى الدول المضيفة، وتصبح وحدها صاحبة الحق في التصرف فيه.
- تسترد الشركة الأجنبية في حالة اكتشاف البترول نسبة من النفقات التي تكبدتها على أقساط حسب الاتفاق، ويتم استرداد النفقات حصول الشركة على كميات من البترول المنتج، ويستخدم لحساب قيمة هذه الكميات سعر البترول الذي تحقق في السوق الحرة من تصدير نصيب الشريكين الوطني والأجنبي.
- يعفى الشريك الأجنبي غالبا من ضرائب الدخل التي تتحملها نيابة عنه الشركة الوطنية.
2-أهم ملامح قوانين المحروقات الجزائرية
إن تبني أي سياسة إستراتيجية في مجال البترول ينبغي التحكم في التكنولوجيا، و هذا لا يكون إلا من خلال الشراكة مع الشركات البترولية الكبرى التي تمتلك هذه التكنولوجيا.
و قد وجدت الجزائر نفسها في فترة الثمانينات بأن إنتاجها قد نقص و لذلك أخذت تنتهج سياسة الشراكة مع الشركات البترولية الكبرى و ذلك من خلال القانون 86/14 حيث أعطى هذا القانون الشركات البترولية الخيار في تكوين شركات مختلطة أو وضع اتفاقيات تقاسم الإنتاج لكن يستثني هذا القانون الآبار المكتشفة من قبل.
و نظرا لحاجة الجزائر للسيولة النقدية قامت بتعديل هذا القانون ستة 1991 لتوسيع مجال عمل هذه الشركات لتشمل مجال الآبار المكتشفة من قبل و ذلك من أجل جلب الشركات الأجنبية للاستثمار في الجزائر.
غير أن أهم القوانين في مجال المحروقات هو القانون 05/07 الصادر في 28 أفريل 2005 الذي يهدف إلى تنظيم النشاط البترولي من الجانب القانوني و حقوق وواجبات كل العاملين في هذا القطاع خلال ممارستهم لكل النشاطات في كافة المراحل البترولية و الغازية، بمعنى إنهاء النشاط الاحتكاري لسونطراك و من ثم يمكن بأي متعامل اقتصادي محلي أو أجنبي ممارسة عمل ضمن هذا المجال بكل حرية.
و قد عدل هذا القانون بالقانون 06/10 الصادر في 29 جويلية 2006 و أهم ما جاء فيه
-العودة إلى نظام تقاسم الأرباح بين سونطراك و الشركات البترولية، حيث تتحصل سونطراك على 51 و الشركات البترولية 49.
-التأكيد على أن سونطراك مؤسسة وطنية ذات أسهم و هي صاحبة الامتياز، و هي صاحبة كل الامتيازات المستقبلية.
- تطبيق رسوم على الأرباح الاستثنائية التي يحققها الشركاء الأجانب على حصتهم في الإنتاج عندما يتعدى سعر البترول 30 دولار للبرميل.
3- الأراء المختلفة حول قوانين المحروقات الجديدة
أ-أهم الآراء المعارضة لتحرير قطاع المحروقات
-الشركات العالمية تحرم أصحاب الثروة من التمتع بحقهم الطبيعي، فعائدات البترول تعود كلها لتلك الشركات.
- النظام الرأسمالي الذي تنتمي إليه هذه الشركات يسعى دائما للسيطرة الاقتصادية دون الاهتمام بالفقراء.
- الشركات العالمية تحطم الشركات المحلية وفقا لمبدأ المنافسة الذي يقوم عليه النظام الرأسمالي.
-إفلات السيادة على الثروات المنجمية من يد الدولة خاصة البترول.
-إمكانية حصول تهرب ضريبي بسبب عدم قدرة الدولة على المراقبة المالية.
ب- الآراء المؤيدة التحرير قطاع المحروقات
ذهبت الأنصار الذين ينادون بهذا الرأي أنه لا مناص إلا سلك هذا الطريق، لكن بتوفر عدة شروط هي :
-تكييف التشريعات الوطنية مع التشريعات الدولية.
-تنمية احتياطي البترول بالبحث و التنقيب لضمان مكان في السوق الدولية التي تتميز بالمنافسة.
-توفي مناصب شغل جديدة و تحسين الكفاءة و التأهيل المطلوبين للإطارات و المختصين.
-تمكين سونطراك للتفرغ لمهامها الأصلية و إعادة ترتيب دورها كشركة وطنية بأولوية التسيير الاقتصادي.
الفرع الثاني : تحليل نتائج الاستثمار الأحنبي في المحروقات
1-المكاسب المحققة
ما من شك فإن دخول الشركات العالمية بما تملكه من إمكانيات تكنولوجية وخبرة، حققت للجزائر بعض المكاسب لا يمكن تجاهلها. ومعلوم أن كل اكتشاف جديد للنفط في أي دولة بكميات جيدة، يساهم بطريقة ما في التحول والتعامل معها، وتصبح موضع الاهتمام من طرف الشركات البترولية والدول المستهلكة. ورغم ذلك، فإن رفع طاقة الإنتاج من المحروقات لم تصل بمكانة الجزائر الاقتصادية إلى ما
يتجاوز حدود كونها دولة مصدرة للمحروقات، دون المشاركة في صناعة القرار الاقتصادي والقرارالسياسي على مستوى التجارة العالمية للبترول. إن الإحصائيات المتوفرة توضح أن الجزائر استطاعت فعلا، منذ دخول الشركات الأجنبية ميدان الاستثمار في النشاط البترولي، من تحقيق نتائج ميدانية واضحة، حيث يلاحظ أنه في الفترة بين 2000 إلى 2006 وهي الفترة التي عرفت دخول العديد من الشركات
الأجنبية، سجل قطاع المحروقات إنجازات نذكر منها:
- إمضاء 43 عقدا للاستكشاف والإنتاج في مجال النفط.
- تحقيق 62 اكتشافا لحقول البترول والغاز منها 12 خلال السداسي الأول لسنة 2006.
- استثمار أكثر من 24 مليار دولار منها 13 مليار في إطار الشراكة.
هذه الاكتشافات أدت إلى:
أ- رفع طاقة الإنتاج: ارتفعت القدرات الإنتاجية للجزائر من البترول الخام وخاصة في سنتي 2004/2005 حيث أعادتها إلى مستويات الإنتاج التي كانت عليها في السبعينات حيث وصل الإنتاج سنة 2005 إلى 1.352 مليون برميل يوميا مقابل 796 ألف يوميا ستة 2000.
ب- ارتفاع الاحتياطات لكل من البترول والغاز، مع ملاحظة أن الاحتياطي ظل ثابتا تقريبا خلال السنوات الخمس الأخيرة ولم يتغير إلا في سنة 2005،حيث انتقل احتياطي البترول من 11314مليون برميل خلال سنة 2000إلى 12270 مليون برميل بنسبة 8.4 من البترول، وارتفع احتياطي الغاز من 4523 مليار متر مكعب إلى 5840 مليار متر مكعب من الغاز بنسبة 29 % لنفس الفترة، ويجب التأكيد هنا أن هذه النتائج لم تأت كلها عن طريق الشركات الأجنبية وحدها، بل جانبا منها كان بإمكانيات شركة سونطراك الذاتية.
ج- ارتفاع احتياطي الصرف: لقد عانت الجزائر خلال أزمة انخفض الأسعار من قلة السيولة واحتياطي الصرف من العملة الصعبة، إذ انخفضت إلى أدنى مستوياتها في سنة 1989 بحيث لم يكن بمقدور الاحتياطي تغطية شهر واحد من الواردات والوفاء بتسديد الديون، غير أن الأوضاع المواتية حاليا جعل الجزائر في منأى عن أزمة قلة السيولة، بل مكنها من تسديد ديونها وتكوين احتياطي صرف من العملة الأجنبية بلغ مستويات غير مسبوقة وهو مرشح للارتفاع، مع العلم أن احتياطي الصرف له في الحقيقة سببان:
1- ارتفاع مجمل الصادرات من المحروقات من إنتاج سونطراك و بالشراكة مع الشركات العالمية.
2- الظروف المواتية لارتفاع أسعار البترول بشكل كبير ومستمر في الأسواق العالمية.
هذه العوامل نجم عنها " ثراء نفطي" واضح حيث يمكن المقارنة بين حجم المال المتوفر كاحتياطي الصرف في نهاية 2005 بتضافر عاملي نمو الإنتاج وارتفاع الأسعار مع حجم المال المتوفر سابقا في نهاية الثمانينات. ويمكن الحديث عن هذا الثراء النفطي فقط عند المقارنة بين حجم المال المتوفر في الدول المصدرة للنفط الخام، وأخرى لا تصدره من البلدان النامية، أما الحديث عن ثراء نفطي عند مقارنة هذه العائدات بما يتوفر لدى البلدان الصناعية وأرباح شركاتها فلا مجال للمقارنة.
إن الاستثمارات في قطاع النفط كانت في الحلقات العليا، أي في الاستكشاف والإنتاج وليس في الحلقات الدنيا كالتكرير والتوزيع، مما يجعل هذا الاستثمار الأجنبي لا يتصف بخاصية الديمومة ولا يشارك بصورة مباشرة في تنمية القطاعات الاقتصادية الأخرى، إذ بإمكان هذه الشركات مغادرة البلاد تحت أي ظرف من الظروف فتختفي بذلك أثار هذه الاستثمارات.
لقد عرفت الجزائر هذا الثراء في عشرية السبعينات وبداية الثمانينات، لكن النموذج التنموي الجزائري الذي تبنته آنذاك بالاعتماد على عائدات النفط لم يكن فعالا، وظهر ضعف البنية الإنتاجية الجزائرية بسبب هيمنة اقتصاد الريع واستخدام الثروة البترولية، بينما بقيت القطاعات الاقتصادية الأخرى تنعدم فيها شروط النمو.
إن الجزائر الآن أمام فرصة تاريخية ثانية من أجل تحويل هذا الثراء النفطي إلى نمو حقيقي مجسد للمعارف المتطورة، ضمن إستراتيجية شاملة للنهوض بالاقتصاد الوطني، وعليها أن تعمل على تغيير الصورة السائدة للطبيعة الريعية للاقتصاد حيث لم تتبدل هذه الصورة كثيرا بعد تحرير قطاع المحروقات، وأن هذا الثراء النفطي الذي حققته الجزائر إذا لم يعمل على توفير شروط الإقلاع الاقتصادي، فإنه بدون أدنى شك، سيعمق من تبعية اقتصاد الجزائر لقطاع النفط بأقوى مما كان عليه سابقا.
2- خطر فقدان السيطرة على قطاع المحروقات
يلاحظ أنه حتى بعد أن أعيد الاحتكار من جديد للشركة سونطراك وأصبحت تتحكم في 51من أي نشاط تقوم به أية مؤسسة أجنبية، وتصبح بذلك المالكة القانونية لكل أبار المحروقات وصاحبة القرار، فإن الشركات العالمية تواصل إستراتيجية إبقاء السيطرة على النفط بواسطة العقود، ولو في ظل عقود تقاسم الإنتاج في مقابل الأشغال التي تقوم بها بما تملكه من تكنولوجيا وخبرة، حيث تصبح شريكة لمؤسسة النفط الوطنية للبلد المضيف، وتحصل على نسبة من كميات البترول كأرباح لقاء مشاركتها مع مؤسسة هذا البلد، يضاف إليها كميات البترول في مقابل النفقات التي تكبدتها في الاستكشاف والاستغلال.
بالإضافة إلى ذلك فإن الشركات الأجنبية، بملكيتها للتكنولوجيا المتطورة تقوم بتنمية حقول البترول المكتشفة سابقا، لأن تكلفة استرجاع البترول بها أقل من تكلفة الإنتاج بالحقول الجديدة، ومتوسط تكلفة الإنتاج فيها مرتين أقل، كما أن البترول المستخرج يصبح تحت التصرف مباشرة، بخلاف الاكتشافات الجديدة التي ترتفع تكلفتها بسبب أشغال البحث والتنقيب، وتحتاج إلى وقت طويل حتى يتم تطويرها لما تتطلبه من الأشغال الإضافية الضرورية حتى تكون جاهزة للاستغلال، وهذا يزيد من حصة الشركات العالمية من البترول.
ومن هنا يبقى السؤال مطروحا، حول ما إذا كان مبدأ الملكية القانونية للموارد الإستراتيجية غيرا لمتجددة مثل ثروة النفط) يشكل ضمانا حقيقيا وحماية للثروة الوطنية من الممارسات التي تقوم بها المتعددة الجنسيات القوية، ولو في ظل قانون الشركة 51-49 مثل ما هو قانون المحروقات الجزائري حاليا ؟.
أ- نمو حصة الشركات الأجنبية من البترول
رغم أنه ليست هناك أية مادة في القانون الجديد بعد التعديل تبيح التنازل عن ملكية حقول النفط للأجانب أو عن شركة سونطراك أو أي جزء من أسهمها للقطاع الخاص، لكن الممارسة في الميدان توضح أن نمو الإنتاج عبر الشراكة ستؤدي تدريجيا إلى فقدان الرقابة والسيطرة على جزء هام من نشاط المحروقات في الجزائر وخاصة فيما يتعلق بإنتاج البترول الخام.
ففي مقال نشره الأستاذ أحمد بويعقوب، من جامعة وهران، بعنوان: من يراقب مستوى الإنتاج للبترول الجزائري أوضح فيه تطور حصة شركاء الأجانب لسونطراك في إنتاج المحروقات وخاصة البترول الخام، ومراقبتهم لنسبة واضحة من إنتاج المحروقات ميدانيا، وهو ما أتاح لنا الرجوع إلى التقرير السنوي لنشاطات شركة سونطراك المختلفة لعام 2005 حول تطور الإنتاج من مختلف أنواع المحروقات خلال العشرية الأخيرة)من 1996إلى 2005(ومكننا من استخلاص نتائج مهمة والوقوف على احتمالات فقدان الرقابة الفعلية على حصة معتبرة من مستويات الإنتاج، وتحوله التدريجي إلى أيدي الشركات الأجنبية. هذه الملاحظات نوردها من خلال دراسة الجدول والأشكال البيانية لمختلف المنتجات النفطية خلال هذه الفترة.
ووفقا لأرقام مستخرجة من التقرير السنوي لسونطراك يمكن تبيين مايلي
- أولا: التطور البين في إنتاج المحروقات في العشر سنوات الممتدة من 1996-2005 سجل ارتفاعا في حجم الإنتاج الكلي بنسبة 31.1 %، وهو ما لم يسجله أي قطاع اقتصادي آخر خلال هذه الفترة، عدا إنتاج غاز البترول المميع GPL وهو لا يشكل سوى 4 % من مجمل المحروقات سنة 2005 ، وعرف نسبة النمو الأعلى على الإطلاق في عشر سنوات وصلت إلى 69.2 %، متبوعا بالبترول الخام الذي يشكل 27 % من مجمل المحروقات الجزائرية بنسبة نمو قدرها 65.8 %، ثم إنتاج الغاز الطبيعي الذي تطور بنسبة 23.6 % ويشكل 62 % من مجمل الإنتاج خلال نفس الفترة.
- ثانيا: إن التطور الكلي في إنتاج المحروقات خلال الفترة 1996-2005 إلى 31.1 %لم يأت أساسا عبر مؤسسة سونطراك، كما أن النصيب الذي أنتجته بإمكانياتها الذاتية مر خلال هذه الفترة بمرحلتين أساسيتين:
1- فمن الفترة الأولى وهي من 1996 إلى سنة 2000 ارتفع الإنتاج الكلي لسونطراك من 168مليون طن إلى 184 مليون طن وهذا يعني نسبة نمو 9.5 .%
2- لكن بعد ذلك وفي المرحلة الثانية من سنة 2000 إلى 2005 حدث تطور عكسي في الإنتاج حيث تناقص إنتاجها حتى وصل إلى 167 مليون فقط، أي عاد تقريبا إلى نفس مستوى إنتاجها سنة 1996 بينما ارتفع إنتاج البترول عبر الشراكة الأجنبية إلى أكثر من سبعة أضعاف فمن 9 مليون طن إلى 65 مليون طن في مدة عشر سنوات.
- ثالثا: إن التدني في نصيب إنتاج سونطراك لوحدها تم على حسابها ولصالح الشركات الأجنبية،لأن نصيب الإنتاج لسونطراك بإمكاناتها الذاتية لم يتغير في سنة 2005 عما كان عليه في 1996 فالزيادة التي حققتها سنة 2000 خسرتها بعد ذلك، بينما حافظت على وتيرة نمو الإنتاج عبر الشراكة الأجنبية حتى وصلت نسبة الإنتاج من مجمل المحروقات الجزائرية سنة 2005 إلى 28 % ولم تكن هذه النسبة تتعدى 5.1 % سنة 1996.
- رابعا: إن أهم ما تجدر الإشارة إليه هو ما يتعلق بتطور حصة إنتاج البترول الخام بالشراكة الأجنبية، وهي حصة أعلى بكثير من حصة إنتاج سونطراك بإمكانياتها الذاتية، فقد كان نصيب سونطراك من الإنتاج هو 34 مليون طن مكافئ بترول سنة 1996 مقابل 4 مليون طن مكافئ بترول فقط إنتاج بالشراكة، انخفض إنتاجها سنة 2000 إلى 32 مليون طن مقابل 9 مليون طن بالشراكة. ثم واصل الانخفاض إلى 29 مليون طن لسونطراك مقابل 34 مليون طن عبر الشراكة الأجنبية سنة 2005 ، وهذايمثل تراجعا يقدر ب 14.7 في عشر سنوات، في حين تضاعف الإنتاج عبر الشراكة الأجنبية إلى 8مرات تقريبا، إذ ارتفع من 4 مليون إلى 34 مليون طن خلال نفس الفترة أي أن الإنتاج عبر الشراكة فاق إنتاج سونطراك بإمكانياتها الخاصة في مدة عشر سنوات.
فالتطور كما هو واضح تم على حساب المؤسسة الوطنية سونطراك، فمن نسبة إنتاج 89.5 % من البترول الخام سنة 1996 من طرف سونطراك لوحدها تقهقرت إلى نسبة 46 % فقط سنة 2005 ، وهو تراجع إلى حوالي النصف.
ومن خلال أحد الرسومات البيانية التي تبين انتاج البترول الخام في الجزائر ما بين 1996-2005 يتبين أن انتاج البترول تطور و ارتفع بفضل الشركات الأجنبية فلو لم يكن قانون المحروقات الحالي يضمن 51 % على الأقل من نسبة الإنتاج لشركة سونطراك لتحول كل إنتاج البترول الجزائري المكتشف إلى سيطرة الشركات العالمية.
وعن بترول المكثفات وهو البترول الذي يأتي مصاحبا للغاز، وتعتبر الجزائر من أهم الدول المصدرة له، فقد تطور الإنتاج عبر الشراكة الأجنبية من 1 مليون طن مكافئ بترول تقريبا سنة 1996 إلى 3 ملايين طن، بينما تراجعت حصة إنتاج سونطراك لوحدها من 16 مليون طن سنة 1996إلى 12 مليون طن سنة 2005 أي بفقدانها ربع حصتها من الإنتاج لصالح الإنتاج عبر الشراكة.
ويبدو أن اهتمام الشركات الأجنبية ينصب على البترول الخام أكثر مما ينصب اهتمامها على المنتجات النفطية الأخرى لما تمثله سلعة البترول من أهمية نذكر منها:
- سهولة التخزين، لأن حصتها من الشراكة والتعويضات عن تكاليف الإنتاج تتلقاها في شكل بترول خام.
- الطلب على البترول الخام في ارتفاع مستمر مع سهولة تصريفه عبر السوق الفورية العالمية.
- حاجة الشركات نفسها إلى البترول بما تملكه من مصافي وشبكات التوزيع عبر العالم، مما يزيد من القيمة المضافة التي تجنيها من منتجات البترولية أكثر من غيره من المحروقات الأخرى.
خامسا: بالنسبة للغاز الطبيعي، يتضح أن السيطرة على إنتاج الغاز إجمالا لا تزال بيد مؤسسة سونطراك بنسبة 77.4 % مقابل 22.6 % إنتاج بالشراكة. فقد زاد نصيب إنتاج سونطراك لوحدها من 118 مليار متر مكعب سنة 1996 إلى 129 مليار م 3 سنة 2001 ثم عاد إلى 124 مليار م 3 سنة 2005 ، كما زاد نصيب الإنتاج عبر الشراكة من 5 مليار م 3 إلى 12 مليار م 3، ثم إلى28 مليار م 3 لنفس الفترة.
وبالنسبة لغاز البترول المميع الذي لا يشكل سوى حوالي 4 % من حجم الإنتاج الكلي للمحروقات بمجموع 9 مليون طن سنة 2005 ، فقد زاد إنتاج سونطراك من 5 مليون طن سنة 1996 إلى 7 مليون طن في سنة 2005 . ونصيب إنتاجها بالشراكة من 171 ألف طن إلى 2 مليون طن لنفس الفترة.
ب-تطور التحويلات النقدية للشركات الأجنبية
وغني عن القول أنه بحكم تطور حصة الشركاء الأجانب في مجال إنتاج المحروقات، سينعكس آليا على تطور حصصهم النقدية وتحويلاتهم، وسيشكل زيادة في التدفقات المالية نحو الخارج تفوق حجم الاستثمارات الداخلة إلى الجزائر في مجال النفط، وهو شيء بديهي لأن هذه الشركات جاءت أساسا لتحقيق الأرباح وتحويل الفوائض المالية.
إن تزايد الأرباح وتسهيل التحويلات تشجع المستثمرين الحاليين على زيادة استثماراتهم، وتعتبر أيضا وسيلة جذب لمتعاملين جدد للدخول مجال الاستثمار في الجزائر، مع الإشارة أن نمو الحصص النقدية للشركات الأجنبية لا يتحكم فيها عامل زيادة الإنتاج فقط، وإنما تتأثر بعامل ارتفاع أسعار البترول في السوق العالمية. ومنذ سنة 2000 عرفت أسعار البترول انتعاشا واضحا ومستمرا مما كان في صالح الشركات البترولية والدول المنتجة للبترول.
وحول التحويلات النقدية للشركاء الأجانب، فقد أشار تقرير بنك الجزائر لسنة 2005 ، أن مجموع تحويلات الشركاء الأجانب من سنة 1999 إلى نهاية 2005 بلغت 15.37 مليار دولار، وأن هذه التحويلات بلغت خلال سنة 2005 وحدها حوالي 5.35 مليار دولار من مجموع 45.59 مليار دولارا هي حصيلة الصادرات من المحروقات، ولم تكن تتجاوز هذه التحويلات 660 مليون دولار سنة 1999 حيث تضاعفت بأكثر من 8 مرات في ست سنوات، بمعنى أن نسبة 10.5 % من صادرات المحروقات لسنة 2004 ونسبة 11.7 % لسنة 2005 ذهبت إلى حساب الشركات الأجنبية. هذه الطفرة في الإنتاج وتطور التحويلات حققتها الشركات الأجنبية لما تملكه من قدرات تقنية ومالية من جهة، وما تدره الاستثمارات في مجال البترول من أرباح، أي الريع العالي في قطاع المحروقات الذي يعتبر محركا أساسيا لصناعة البترول عالميا.
3- خطر استنزاف الثروة النفطية
إن قطاع البترول في الجزائر يعتبر قطاعا حيويا للدولة وتعتمد عليه اعتمادا كليا، مما يجعل منه مرفقا عاما، بمعنى أنه مشروع ذو نفع عام يجب أن تهيمن عليه السلطة العمومية. ومع أن النشاط في حد ذاته يعتبر صناعيا وتجاريا ويعمل لتحقيق الربح، لكن واقع الأمرلا يتطلب فقط تحقيق الربح، لكن تحقيق المنفعة العامة أسوة بكل المرافق العامة الأخرى، وعليه يجب أن يخضع في إدارته لسلطة الدولة التي تكون لها الكلمة النهائية في إدارة المشروع، والرأي النهائي خصوصا فيما يتعلق بتنظيمه وحسن تسييره، خلافا للتنظيم الذي يساير المشروعات الخاصة.
أ-حصة الأجيال المقبلة من الثروة النفطية
ومن هذا المنطلق، فإن ثروة النفط وهي ثروة طبيعية هبة من الله تعالى، تعتبر ملك للأجيال الحالية والمستقبلية، يتصرفون فيها بالحسنى وحسب حاجتهم إليها، كما أن تنظيم استغلال هذه الثروة يجب أن يخضع لإستراتيجية واضحة تساعد على الترقية الاقتصادية والاجتماعية للأجيال الحالية، وتحمي كذلك حقوق الأجيال القادمة، إذ أن مفهوم التنمية المستدامة ذاتها يتمثل في عدم الاعتداء على حقوق الأجيال القادمة.
ولذلك فإن الإغراق في الإنتاج الذي يزيد عن الحاجة المشروعة سيؤدي إلى تراكم احتياطي نقدي تتآكل قيمته الحقيقية، وهذا يعني أن الموارد النفطية سوف تنضب بصورة غير مبررة، لأن العائدات المالية المتزايدة الناجمة عن تصدير النفط الخام ليست دخلا حقيقيا توّلد عن نشاطات متكررة، وإنما مقبوضات نقدية ناجمة عن تبادل أصول تتمثل في سلعة أو أصول شبه سائلة وسلعة أكثر سيولة، وبالتالي فإن النفط المخزن في باطن الأرض أفضل من ذلك المصدر خاما عندما تكون الزيادة في الإنتاج غير مبررة - لأن النفط في مكمنه الطبيعي سيحقق في المستقبل سعرا أعلى من الذي تبيعه به الدولة حاليا، كما أن الأجيال المقبلة ستجده بانتظارهم وبشكل يوفر لهم الأمن الاجتماعي
ومتطلبات الاقتصاد عندما تدخل المنطقة عهد التصنيع الكثيف،ومنه يمكن أن نستخلص ما يلي:
- إن النفط في باطن الأرض باعتباره مخزونا، فبديهي أنه كلما زاد الاستهلاك منه اليوم سيقل النصيب المتبقي منه في المستقبل، أي سيقل نصيب الأجيال من الثروة النفطية في شكلها المادي؛
- تشجيع الاستهلاك الحاضر على حساب الاستهلاك المستقبلي سيضر بالحصة المتبقية للأجيال، ويعتبر أيضا ضد المبادئ الأولى في تسيير مصدر ثروة غير متجددة، وفي ذلك ظلم للأجيال المقبلة ما دامت السياسة التنموية عاجزة عن توفير بديل اقتصادي قائم تنوع المصادر الإنتاجية ذو النمو الدائم والمستمر يضمن لها حقها من الرفاه الاجتماعي مستقبلا.
- هذه السياسة ستؤدي إلى استنزاف سريع لحقول النفط بسبب زيادة الاستخراج والتصدير لمواجهة الطلب المتنامي من الواردات الاستهلاكية لما تخلقه الفورة المالية من أساليب استهلاك طفيلية.
- إن عدم مراعاة البديل الاقتصادي للبترول سيعمق التبعية النفطية أكثر وستجد الدولة نفسها في نهاية المطاف وقد قضت على ثروتها الطبيعية في الاستهلاك دون أن تستفيد الأجيال المقبلة من حقها في هذه الثروة الطبيعية، ولذلك فلا بد من مبرر موضوعي لزيادة الطاقة الإنتاجية من البترول.
ربما يكون التساؤل هو أن تبدل التكنولوجيا في المستقبل سيجعل من المحروقات في مكامنها الطبيعية -دون استخراج - أصولا ليس لها سوى قيمة ضئيلة، لكن الملاحظ في هذا المجال أن كل التوقعات المستقبلية ليس منها ما يشير أن البترول والغاز سيصبحان لا لزوم لهما، بل إن التطور الاقتصادي والاجتماعي وصعود دول جديدة وحاجتها إلى الطاقة من المحروقات يؤكد على الأهمية الكبيرة لكل من البترول والغاز ودورهما في الاقتصاد العالمي مستقبلا وبنفس الأهمية أو أكثر من التي يحظيان بها في الحاضر، ولذلك فمن أجل زيادة العائدات من الثروة النفطية لحاجة التنمية يجب التركيز على:
-1 الدفاع على مستوى الأسعار بالتنسيق مع دول الأوبك والدول المصدرة خارج المنظمة بدلا من الزيادة المفرطة في كميات الإنتاج.
-2 ترقية إستراتيجية بديلة عن تصدير النفط الخام إلى تصدير مشتقات البترول ومنتجاته المختلفة.
قد يكون التلويح بنضوب النفط فيه الكثير من التهويل، فقد كانت المعطيات في مطلع السبعينات تعطي سنوات الاستهلاك للنفط تقدر بحوالي عشرين سنة على الأرجح، وكان الكلام عن مرحلة ما بعد النفط من اهتمامات الدولة حيث تبنت حينها سياسة تنموية قائمة على التصنيع تحسبا لهذا الأمر، والتي لم يقدر لها النجاح الكامل، ومع التقدم التكنولوجي سمحت التقنيات الحديثة باكتشافات
بترولية جديدة مما زاد في فترة السماح، وأصبحت تقدر بحوالي 23 سنة إضافية للبترول و 65 سنة أخرى للغاز الطبيعي، ولكن الحقيقة الوحيدة والواضحة ومهما تأجلت، فإن سلعة البترول سائرة نحو الزوال والنضوب أي انتهاء الاحتياطي ووصول الإنتاج إلى "الصفر" كأي سلعة ناضبة ولو على المدى البعيد،و لب القضية أن ذلك ما هو إلا تأجيل لصدور الحكم النهائي، والذي لابد أن تصل إليه الجزائر حتما يوما ما. ولذلك يجب استخدام هذه الثروة بعقلانية لإطالة عمر الاستهلاك بما يفي بحق الأجيال الحالية ويحفظ حقوق الأجيال المقبلة من هذه الثروة الطبيعية غير المتجددة.
ب-حاجة السوق الداخلية من الطاقة
لقد عرف استهلاك الطاقة في الجزائر خلال العقود الثلاثة الماضية تطورا كبيرا، فقد بلغ إجمالي استهلاك الطاقة من المصادر المختلفة بما فيها منتجات البترول والغاز الطبيعي وغاز البترول المميع والكهرباء وغيرها إلى 20.53 مليون سنة 2002 ولم تكن تتعدى 5.4 مليون طن سنة 1976 مع أنها تبقى دون استهلاك الفرد في الدول الأوربية بأربع مرات.
ويرجع النمو المتزايد في استهلاك الطاقة بالجزائر إلى عوامل متعددة منها:
- التطور الاجتماعي، وتزايد استخدام الطاقة الكهربائية بوصول شبكات الكهرباء إلى أغلب المناطق الحضرية منها والريفية.
- النمو الحضري نمو المدن، وتوسع السوق الاستهلاكية، مما أثر على الطلب الداخلي بزيادة استهلاك مشتقات البترول في مجال النقل، وكذلك الغاز الطبيعي والكهرباء لأغراض الاستعمال المنزلي.
- النمو المطرد للسكان، وكانت الجزائر من الدول المعروفة بمعدلات النمو الديمغرافي العالية خلال هذه الفترة.
- متطلبات النشاط الاقتصادي في كافة القطاعات ومنها القطاع الزراعي الذي يعتمد على الطاقة الكهربائية ومشتقات البترول لأغراض الري.
ب-1 : حاجة السوق الداخلية من البترول الخام
وعن استهلاك البترول ومشتقاته خاصة، فقد عرف تطورا واضحا في الاستهلاك بسبب النمو السكاني وتطور حظيرة النقل بشكل كبير.
ونود أن نشير إلى أن استهلاك السوق الداخلية سنة 2005 من المنتجات المكررة بلغت 249.9 ألف برميل يوميا من مجموع طاقة تكرير تقدر ب 462.2 ألف برميل يوميا،بمعنى أن الجزائريين يستهلكون حاليا أكثر من نصف البترول المكرر، وما يزيد عن سدس إنتاج البترول الخام الكلي يقدر ب 11.2 مليون طن من مجموع إنتاج يصل إلى 63 مليون طن بما فيه حصة الشركاء الأجانب. ومن أنواع المشتقات المكررة الأكثر استهلاكا في السوق الجزائرية يأتي المازوت ب 4.8 مليون طن سنويا، ثم من البنزين العادي 1.4 مليون طن، ومن البنزين الممتاز 460 ألف طن والبنزين دون رصاص 40 ألف طن، وتستورد الجزائر كميات من النفط الخام الثقيل لاستخراج مادة القار) الزفت(.
وقد تطور استهلاك المازوت وأصبح يمثل مشكلة للجزائر في مواجهة الطلب المتزايد للسوق الداخلية التي تطور استهلاكها من 3.6 مليون طن سنة 2000 إلى 6.1 مليون طن سنة 2006بنمو قدره 70 % ، ولم تعد المصافي الجزائرية الخمسة قادرة على تغطية الطلب، وستضطر الجزائر إلى اللجوء إلى استيراد ما مقداره 100 ألف طن سنة 2007 لمواجهة الطلب الوطني، حيث يبلغ استهلاك قطاع النقل وحده نسبة49  ،وهذا يعني أن الدولة ستقوم بتدعيم الواردات من النفط بسبب انخفاض سعر اللتر الواحد من المازوت المسوق ب 13.70 دينارا جزائريا في السوق الداخلية، بينما يبلغ سعره أضعاف ذلك في الخارج بأسعار البترول العالمية.
وبالرغم من تطور استهلاك الجزائر من مشتقات البترول، فإن المقارنة مع بعض الدول المصدرة للنفط وخاصة الخليجية، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار حجم السكان، توضح أن استهلاكها يبقى ضعيفا.
ب-2 : التسعير المزدوج للطاقة
تتبع الجزائر فيما يخص المحروقات أسلوب التسعير المزدوج، حيث تقوم بتزويد السوق المحلية وقطاعات الاقتصاد الوطني بحاجياتها من الطاقة بأسعار تقل كثيرا عن مثيلاتها في الأسواق العالمية، وبالتالي، ففي حالة فقدان الدولة سيطرتها على مرفق الإنتاج فإن ذلك سينعكس مباشرة على الأسعارمحليا، لأن الشريك الأجنبي سيختار تصدير البترول للاستفادة من الأسعار العالمية، أو يفرض أسعارا محلية تعادل الأسعار في السوق الدولية.
ونرى أن طلب تحرير أسعار المنتجات البترولية في الآجال المتوسطة، يجب أن يكون ضمن إستراتيجية مدروسة بعناية وتدريجيا، لأن التحرير الكامل للأسعار سيترك آثارا اقتصادية واجتماعية واضحة تصيب قطاع النقل والفلاحة بالخصوص، وسيصيب بالتأكيد القدرة الشرائية للمواطن في ظل انخفاض سعر صرف الدينار ومستويات الدخول الحالية، على أساس أن متوسط أسعار البترول في الأسواق العالمية نهاية سنة 2005 يقدر ب 54.64 دولارا لبرميل النفط الجزائري، ومتوسط سعر صرف الدينار هو 73.3 دينارا للدولار لنفس السنة، وهذا يعني أن اللتر الواحد من البترول الخام يساوي تقريبا 25 دينارا دون حساب تكاليف التكرير والتوزيع والضرائب وغيرها، مما سيضاعف سعره على الأقل في السوق الداخلية، وهو مالا يستطيع المواطن تحمله حاليا، وسيزداد الحال سوءا بعد أن ارتفع سعر البترول عالميا عن هذا الرقم المذكور بكثير.
4- مخاطر أخرى قائمة
أ- نزيف في الكفاءات
رغم غياب الإحصائيات الرسمية عن عدد العمال الذين غادروا المؤسسة نحو الشركات الأجنبية، فإن هناك نزيف في الكفاءات وهروب الإطارات من مؤسسة سونطراك نحو الشركات الأجنبية بسبب الإغراءات المادية، ونعني منها موضوع الأجر بالخصوص، حيث تمنح لها أجورا أعلى بأربع مرات أو أكثر من الأجر الذي تتقاضاه لدى شركة سونطراك، مع العلم أن عمال شركة سونطراك وإطاراتها هم الأفضل من حيث الأجر على المستوى الوطني وفي جميع القطاعات الاقتصادية في الجزائر.
إن موضوع استقطاب الكفاءات لا تقوم به المؤسسات الأجنبية العاملة بالجزائر فقط، وإنما يتعدى إلى الشركات العالمية بالخارج، وأصبح موضوع استقطاب الخبرات يثير الكثير من المخاوف، فيكفي أن نشير حسب مصلحة التوظيف بسونطراك أنه في خلال 2006 غادر المؤسسة 610 إطارا منهم 78 متخصصا في التنقيب وقد يبدو هذا العدد قليل بالمقارنة مع عدد عمال شركة سونطراك، لكن نظرا للخبرة المكتسبة والتكوين فهو رقم مهم، إذ يلزم 10سنوات على الأقل من أجل تكوين إطار كفء في هذا التخصص، وعليه يصبح هذا المشكل مقلقا حقا لشركة سونطراك التي تسعى إلى دراسة البدائل كإعادة النظر في شبكات الأجور للعمالة المختصة والفنية مع تقديم مزايا مادية مختلفة كالسكن وغيره لوقف هذا النزيف.
إن استقطاب الإطارات من الشركات ومؤسسات الدولة لا يخص شركة سونطراك وحدها ولا الجزائر وإنما يدخل ضمن مشكل عالمي ما فتئ يتفاقم، وهو موضوع هجرة الأدمغة من البلدان النامية نحو الدول الصناعية وشركاتها الكبرى.
ب- التهديد الخارجي
في ظروف معينة يتحول النفط الخام من سلاح يستخدمه أصحابه لتحقيق مصالح اقتصادية وسياسية إلى سلاح مسلَّط على مصالحهم وهو في أيديهم، بسبب تداخل المصالح الاقتصادية والمصالح السياسة للدول الكبرى العالمية.
ففي إطار التكامل للاقتصاد العالمي أو "العولمة الاقتصادية" فإن اختيار فتح الأسواق والقبول بقوانينها المسيرة يجعلها في أغلب الأوقات غير قابلة للتراجع، فكيف إذا تعلق الأمر بفتح حقول النفط للشركات المعددة الجنسيات لأن هذه الشركات، وهي في أغلبها أمريكية، لها من النفوذ السياسي ما يجعل المساس بمصالحها هو مساس بمصالح وأمن أمريكا، وأن تواجدها هو تواجد لأمريكا نفسها بسبب تداخل الأوساط السياسية بالأوساط البترولية فيها أكثر من أي بلاد أخرى في العالم، وهي لا تتوانى في التدخل لصالح هذه الشركات بكل ما أوتيت من ثقل سياسي وعسكري، وبذلك يجعل التراجع عن الخطوات المتخذة –بعد تمكين الشركات العالمية من حقوق في مجال البترول- لا يتم دون مخاطرة، وخاصة في ظل القطب الأحادي الحالي، خلافا لما كانت عليه الأمور في السبعينات وعهد التأميم.
كما أن النفط، زيادة على أهميته الإستراتيجية والسياسية، فهو أكثر الأنشطة الاقتصادية المربحة والمدرة للأموال من أي نشاط آخر وأقلها خطورة نسبيا، وفي مرفق البترول الخام خاصة، وسيستمر هذا الوضع لعقود مقبلة، مما يجعل الصراع من أجل السيطرة على منابع النفط وضمان استمرار تدفقه من أولويات وإستراتيجيات الدول الكبرى.
3-إضعاف دور الأوبك
لقد جاءت الانتقادات لمشروع قانون المحروقات الذي يهدف إلى تحريره الكامل للشركات الأجنبية على أنه يرهن فعليا مستقبل الثروة الاقتصادية الأساسية للبلاد، لأنه سيخفض بشكل واضح إنتاج شركة سونطراك ومن حصتها من السوق مستقبلا، وبالتالي من رقم أعمالها وأرباحها، كما أنه لن يعود في مقدور الجزائر التحكم في كميات الإنتاج أو الالتزام بقرارات منظمة الأوبك في توزيع الحصص، مما
سينعكس سلبا على هذه المنظمة التي دافعت في السابق على حقوق أعضائها، وكانت سندا حقيقيا للدول المصدرة في مواجهة الشركات العالمية.
في الظروف الحالية من تزايد الطلب العالمي على البترول، فليس هناك من تأثير واضح على سياسة الأوبك في توزيع الحصص المقررة، لأن أغلب دول الأعضاء تنتج بطاقتها القصوى، ولكن في حالة تراجع الطلب، فإن الجزائر ستجد نفسها - في حالة تحرير قطاع النفط وفقدان مراقبتها القانونية والفعلية على النشاط البترولي- مضطرة إما لتجاوز حصتها من الإنتاج مما سيؤثر على مستوى الأسعار وعلى سياسة منظمة الأوبك، أو تقلل من حصتها من الإنتاج لصالح حصص الشركاء الأجانب، مما سيفقدها جزءا هاما من حصتها في الأسواق العالمية ويؤثر بالتالي على عوائده النفطية.









 


قديم 2010-11-03, 00:32   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
NARIMANE06
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرااااااااااا اخي العزيز و ارجو مساعدتك في تلبية طلبي انا اقوم باعداد مذكرة تخرج حول الاستثمار الاجنبي في الجزائرفهلا ساعدتني ببعض العناوين لمراجع حول هذا الموضوع و شكراااااااااااااا










 

الكلمات الدلالية (Tags)
المباشر, الأجنبي, الاستثمار

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 09:35

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc