: : مما يدمي قلوب المؤمنين الصادقين ويفطر أكبادهم : : - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > منتدى نُصرة الإسلام و الرّد على الشبهات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

: : مما يدمي قلوب المؤمنين الصادقين ويفطر أكبادهم : :

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-04-22, 18:23   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ابو اكرام فتحون
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ابو اكرام فتحون
 

 

 
الأوسمة
أحسن مشرف العضو المميز 1 
إحصائية العضو










B11 : : مما يدمي قلوب المؤمنين الصادقين ويفطر أكبادهم : :

بسم الله الرحمن الرحيم
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الغزو الفكري
للشيخ ابن باز رحمه الله تعالى

إن مما يدمي قلوب المؤمنين الصادقين ويفطر أكبادهم؛ انتشار ما يسمى بالغزو الفكري وسيطرته على وسائل الإعلام لدى المسلمين، وبثه لسمومه وقذاراته إلى شباب الأمة، حتى استقبلته عقولهم، وتشربته وأحبته قلوبهم، وإنها والله المهلكة العظمى والمحبطة للدنيا والأخرى، ولا مخرج ولا نجاة من هذا كله إلا بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومقاومة هذا الغزو العارم بكل ما أوتينا من قوة، باليد واللسان والسنان.

نعمة إرسال الرسل
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فإن المولى عزَّ وجلَّ بعث الرسل عليهم الصلاة والسلام بما فيه سعادة العالم في العاجل والآجل، وجعلهم رحمة للعباد، وهدى بهم إلى الحق، وأخرج الناس بهم من الظلمات إلى النور، وجعل خاتَمهم وأفضلهم وإمامهم نبينا محمداً عليه الصلاة والسلام.
أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، كما قال جلَّ وعَلا في كتابه المبين: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ} [التوبة:33] .
والهدى: هو ما بعثه الله به من العلوم النافعة، والأخبار الصادقة، والمواعظ التي تحيا بها القلوب، والقصص التي تذكر العباد بما لأصحاب الإيمان من السعادة، وبما لأصحاب الكفر والضلال من الشقاوة والعاقبة الوخيمة.
والدين الحق: هو ما بعثه الله به من الأحكام الشرعية السمحة، والأحكام العادلة، والتعاليم الناجعة المفيدة.
فدعا إلى الله عزَّ وجلَّ، وبشَّر وأنذر، وعلَّم الناس ما فيه سعادتهم، وبلَّغهم البلاغ المبين، فلم يقبضه ربه إلا وقد أكمل هذا الدين على يديه، وأتم به النعمة، عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم.

مفهوم الغزو الفكري
كان موضوع الندوة هذه الليلة هو الغزو الفكري، ولعل أصحاب الفضيلة الذين التزموا بها حصل لهم عارض، ونسأل الله لهم العافية والتوفيق ولنا ولكم وللمسلمين.
والغزو الفكري يُعبِّر به العلماء عما تبثه الإذاعات والصحف والمؤلفات، وكل ما ينشره العالم مما يتعلق بالفكر.
فإن أعداء الإسلام لما غاظهم الإسلام، ورأوا دخول الناس في دين الله أفواجاً، ورأوا أن الغزو العسكري لا يحصل به المقصود من تشكيك الناس في دينهم، وإخراجهم من دينهم، عمدوا إلى أنواعٍ من الغزو الفكري عن طريق وسائل الإعلام، من تلفاز، وإذاعة، وصحافة وغير ذلك مما يكتبه أعداء الإسلام، ويتكلمون به في الصد عن دين الله، وتشكيك الناس في دينهم، ولبس الحق بالباطل، كما ذكره الله عن أعدائه من اليهود، كما قال جلَّ وعَلا: {وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:42] .
فصارت وسائل الإعلام التي يقوم عليها أعداء الإسلام تنفث كل شر وبلاء، وتثبط عن الحق، وتدعو إلى الباطل، وتدس السم في الدسم، وتشكك الناس في الدين؛ لتخرج الناس من نور الله ومن هداه إلى ظلمات الكفر والضلال، ولتصدهم عن الحق، ولتشجعهم على الباطل، ويكفيهم أن يحصل الشك والريب والتثبيط عن الحق أو الشك فيه.
ثم تبعهم في ذلك فساق المسلمين وجهلتهم، الذين ينشرون المقالات الفاسدة، والدعوات المضللة، ويروجون الأباطيل وما يصد عن الحق، كل ذلك مما يدعو إليه الشيطان في قوله جلَّ وعَلا: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر:6] حزبه هم الكفار، وكل من دعا إلى ما يصد الناس عن الحق ويرغبهم في الباطل فقد ساعد حزب الشيطان: - تارة بالدعوة إلى الزنا والفواحش.
- وتارة بنشر صور النساء.
- وتارة بالحث على التبرج وبروز المرأة وظهورها بأحسن صورة؛ ليكون ذلك دافعاً للشباب وغيرهم إلى الفساد.
- وتارة بنشر العقائد الفاسدة التي أبطلها الإسلام.
-وتارة بالتشكيك فيما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام، وبيان الشبه التي تجعل العاقل حيران.
كل ذلك من دعوة أعداء الله، وهم أولياء الشيطان وحزبه.

واجبنا تجاه مقاومة الغزو الفكري
يجب على كل ذي لب، وعلى كل من يريد السلامة أن ينظر في الطريق الذي يبعده عن هذا التيار الفاسد، وعن هذا الغزو المهلك والمشكك، وأن يلزم الطريق الذي به السعادة والنجاة لعله ينجو، ولا سيما في هذا العصر الذي كثرت فيه الدعوات المضللة، وانتشر فيه أنواع الباطل وأنواع الغزو الفاسد والفكر الملحد، وامتلأت الدنيا من الكتابات الصادة عن الحق، وولى أعداء الله الكتبة الذين يصدون عن الحق، فيكتبون في وسائل الإعلام المقروءة، وينشرون في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ما يصد الناس عن الحق، وما يشغلهم عمَّا فيه نفعهم وهدايتهم ليلاً ونهاراً، وكل من له أدنى علم بهذه الوسائل وما ينشره أعداء الله في صحفهم بسائر اللغات يعلم أن البلاد الإسلامية والمسلمين بوجهٍ أخص مغزوُّون بأنواع الباطل، وصنوف الفكر الضال الملحد للصد عن سبيل الله، والدعوة إلى الأخلاق الذميمة، والصفات التي ترضي الشيطان، والأخلاق التي حرمها الله على عباده، وتزهدهم في الأخلاق الكريمة، والصفات الحميدة، والأعمال الصالحة.

>>> يتبع









 


رد مع اقتباس
قديم 2015-04-22, 19:38   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ابو اكرام فتحون
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ابو اكرام فتحون
 

 

 
الأوسمة
أحسن مشرف العضو المميز 1 
إحصائية العضو










افتراضي

الاعتصام والتمسك بالقرآن الكريم
فوجب على كل مؤمن ومؤمنة أن يحذر هذه الوسائل الخبيثة، إلا بالرد عليها، وبيان باطلها، والتحذير منها، ودعوة الناس إلى العناية بكتاب ربهم؛ لأنه أصل السعادة، وينبوع العلم، وهو الحصن الحصين لمن تمسك به، كما قال عزَّ وجلَّ في كتابه العظيم: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء:9] .
وقال سبحانه: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ} [فصلت:44] .
وقال: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص:29] .
وقال سبحانه: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأنعام:155] .
وقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:41-42] .
إلى غير هذا مما أثنى به على كتابه العظيم، الذي جعله هدىً ومنارةً وسعادة البشرية.
فالواجب على أهل الإيمان أن يتمسكوا به، وأن يكثروا من تلاوته وتدبر معانيه، وعلاج أمراض القلوب، وأمراض المجتمع بهذا الكتاب العظيم، كتابةً ونشراً عن طريق الإذاعة والتلفاز، والمؤلفات المفيدة، والرسائل المختصرة الموجزة الدالة على الحق، دفاعاً عن دين الله ونشراً لدين الله، ورداً على تلك المقالات الضالة والكتب المشككة، وما ينشره أعداء الله، ويبثونه من كل طريق.

الاهتمام والعناية بسنة النبي صلى الله عليه وسلم
ثم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم جعلها الله أيضاً هدىً للناس ونوراً لمن تمسك بها، وبياناً لكتاب الله، وإيضاحاً لما قد يخفى من كتاب الله، كما قال عزَّ وجلَّ: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل:44] .
وقال عزَّ وجلَّ: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم:1-3] هو محمد عليه الصلاة والسلام: {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:4] .
و {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ} [النجم:2] أي: محمد عليه الصلاة والسلام، {وَمَا غَوَى} [النجم:2] .
الضال هو: الذي يتكلم على غير هدى على غير علم.
والغاوي هو: الذي يخالف العلم، يعلم ولكنه يخالف العلم، كاليهود وأشباههم، وهكذا علماء السوء، يعرفون الحق ويحيدون عنه إلى الباطل إيثاراً للهوى، وإيثاراً للدنيا والشهوات العاجلة.
فالله نزَّه نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم عن هذا وعن هذا، ليس بضالٍّ ولا غاوٍ، بل هو عالم ورشيد عليه الصلاة والسلام، عرف الحق، ودعا إليه، واستقام عليه، فجعله الله هادياً مهدياً، ورسولاً كريماً، منذراً للناس من الباطل، ومبشراً لهم بالحق: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً} [الأحزاب:45-46] عليه الصلاة والسلام.
فمكث ثلاثاً وعشرين سنة كلها دعوة إلى الله وتعليم وإرشاد بالقول والعمل عليه الصلاة والسلام، كلها جهاد وصبر بالبدن، واللسان، والسلاح.
مكث ثلاث عشرة سنة في مكة دعوةً وإرشاداً، وصبراً على الأذى، وتوجيهاً للناس إلى الخير بقوله وفعله عليه الصلاة والسلام.
ومكث عشر سنين في المدينة، جهاداً بالسيف وباللسان وبالعمل، وتوجيهاً للخير، هو وأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، حتى أكمل الله به الدين، وأتم به النعمة.
فوجب على كل من يريد النجاة، وكل من تعز عليه نفسه، ويحب لها السعادة أن يلزم هذين الوحيين: كتاب الله وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام، وأن يتمسك بهما، وأن يدعو إليهما، وأن يُعنى بحفظهما وتدبرهما، ونشر ما فيهما من العلم، والعمل بذلك، ودعوة الناس إلى ذلك.
وقد مَنَّ الله سبحانه على أصحابه الكرام فالتزموا بذلك، واستقاموا على الكتاب والسنة رضي الله عنهم وأرضاهم، وجاهدوا في سبيل الله، وفتحوا الفتوحات، ومصَّروا الأمصار، وقاتلوا الروم وفارس وسائر دول الكفر وهزموهم، ونشروا الإسلام في بلادهم، وأخذوا الجزية ممن لم يسلم من اليهود والنصارى والمجوس، ودعوا إلى الله قولاً وعملاً، وصبروا على الأذى والجهاد، حتى أعلى الله بهم دينه، ونصر بهم كلمته، ونشر بهم الحق.
هكذا كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن سار على نهجهم، ومن ساعدهم وشاركهم في هذا الجهاد العظيم، والدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ.
ولم يزل أولياء الله وأنصاره في الدعوة إلى الله، والجهاد في سبيله، حتى تغيرت الأحوال، وظهر في الناس من ليس منهم، ومن يدعو إلى الباطل، وحصل ما حصل من الانحسار وظهور أنواع من الباطل، حتى صارت الأحوال إلى ما هي عليه الآن من كثرة الشر، ودعاة الباطل، ونشاط دول الكفر، وضعف دول الإسلام، وعدم تحكيم الشريعة إلا القليل، فأغلبهم رضوا بالقوانين التي وضعها الرجال ووضعها أعداء الله، وزُهِد في شريعة الله، وانتشر في بلادهم الشر والفساد والباطل؛ لأسباب إعراضهم وتكاسلهم وتثاقلهم عن الحق، وعدم صبرهم على نشره والدعوة إليه وجهاد من خالفه، حتى وقع الباطل وانتشر.
فوجبت العودة إلى الأصل الأصيل، إلى كتاب الله وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام، فهذان هما الأصلان اللذان جاهد عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاهد عليهما أصحابه الكرام ومن تبعهم بإحسان.
ولا سبيل إلى السعادة والنجاة من الغزو الفكري وغير الفكري والنصر على الأعداء إلا بالتمسك بهذين الأصلين: - بكتاب الله.
- وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام.
والاجتماع على ذلك، والتعاون في ذلك، قولاً وعملاً وكتابةًَ وجهاداًَ وغير ذلك من أنواع العمل الذي ينصر الحق ويدعو إليه، ويدحض الباطل ويثبط عنه ويفضحه.

يتبع >>>









رد مع اقتباس
قديم 2015-04-22, 19:40   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
ابو اكرام فتحون
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ابو اكرام فتحون
 

 

 
الأوسمة
أحسن مشرف العضو المميز 1 
إحصائية العضو










افتراضي

واجب الدعاة وطلاب العلم والكُتاب

وقد ظهر في المسلمين ولله الحمد في أول هذا القرن، وفي آخر القرن الماضي دعاةٌ كثيرون للحق، ونشاط في سبيل الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ، وظهر شباب صالح حريص على التمسك بكتاب الله وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأيدهم في ذلك أيضاً من المشايخ والعلماء والأخيار شيباً وشباباً حتى ظهر بحمد الله نصرٌ لدين الله، وحياة جديدة ضد الباطل وإن كثر أهل الباطل.
لكن مثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة، لا يضرهم من خذلَهم، ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله) ، وهم بحمد الله الآن في نشاط وزيادة، وقد انتشر في دول العالم وفي أرجاء الدنيا دعاة الحق، وهداة الخلق، من خريجي الجامعات الإسلامية، والمدارس والمعاهد الإسلامية، والحلقات الإسلامية من كل مكان، ليَسْمَعوا الحق ويدعوا إليه ضد أهل الباطل، وقد غاظ هذا أعداء الله، وسبب لهم كثيراً من النشاط في باطلهم، والحيرة مما رأوا.
ولكن نسأل الله أن ينصر دينه، ويعلي كلمته، وأن يوفق المسلمين جميعاً شيباً وشباباً للتكاتف والتعاون في نصر الحق وتأييده، وتأييد القائمين به، ومساعدتهم، وأن ينصرهم جميعاً على أعداء الله، وأن يعينهم على جهاد أعداء الله بالسيف والسنان، وبالحجة والبرهان، وأن يثبت أهل الحق على حقهم، وأن يهدي حكام المسلمين ليقوموا بالحق وينصروه، ويحكِّموا شريعة الله فيما بينهم حتى ينصرهم مولاهم، وحتى يعينهم على أعدائهم، وحتى يثبت لهم ما هم فيه من الخير، وحتى يحميهم من مكائد أعداء الله، إنه عزَّ وجلَّ جواد كريم.
والواجب على كل طالب علم وعلى كل عالم أينما كان أن يبذل وسعَه في نصر الحق، هذا زمانه، وهذا زمان الدعوة، وهذا زمان الجهاد باللسان، ونشر الحق والدعوة إليه، كتابةً ودعوةً وخطابةً وغير ذلك من أنواع الجهاد: بالقلم، واللسان وبالعمل، والتوجيه، والنصائح الفردية والجماعية الخطابية وغيرها، هكذا يكون الجهاد، وهكذا يكون العالم وطالب العلم أينما كان، في بلاده وغير بلاده، ينشر الحق ويدعو إليه صابراً محتسباً، يريد ثواب الله والدار الآخرة، ينشره في وسائل الإعلام حيثما كان، وحسبما يتيسر له مع التثبت والعناية بمعرفة الحق، فإن الكلام في غير بصيرة يضر كثيراً، فلا بد من البصيرة، ولا بد من العلم، كما قال الله سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} [يوسف:108] بل حرم القول عليه بغير علم.
فعلى العلماء والدعاة أن يتبصروا، وأن ينطقوا بالحق، وأن يجتهدوا في هزم الباطل والقضاء عليه، وحماية المسلمين من هذا الغزو الذي نوَّعه أعداء الله عن طريق الإذاعات، والتلفاز، والصحافة، والمؤلفات، والخطب المنبرية، والخطب الجماعية في المحافل إلى غير ذلك.
فالشيء يُحارَب بجنسه، فالباطل يُحارَب بجنسه حسب الطاقة والإمكان، وبذلك يؤدي العالم وطالب العلم والمؤمن البصير بدينه ما أوجب الله عليه، ولا ينبغي لعاقل أن يحقر نفسه، كما جاء في الحديث: (لا يحقرن أحدكم نفسه أن يرى شيئاً لله في مقال فلا يقول) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
لا بد أن يتكلم طالب العلم بما يعلم من الحق الذي هو على بصيرة فيه ولا سيما عند ظهور الباطل في أي مكان، وعند التباس الأمور، الله هو الذي أنزل الكتاب تبياناً لكل شيء جلَّ وعَلا، كما قال سبحانه: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل:89] .
هذا الكتاب العظيم وهو القرآن فيه الحجة والبيان فيه الهدى فيه بيان طريق السعادة فيه دحض الباطل والقضاء عليه والرد عليه.
فلا يجوز للعالم أن يرضى بالسكوت، أو يرضى بدون ما يستطيع في أي مكان، في الغرب والشرق والجنوب والشمال، في السيارة والطائرة والقطار، في أي مكان كان، وعلى أي وجه استطاع أن يدعو إلى الله، ولا ييئس، ولا يقول: هذا لغيري، ولا يقول: الناس ما فيهم خير، ولا يقبلون، لا، كل هذا لا يَقُلْه، كل هذا مما يحبه الشيطان.
ولكن ليتكلم وليقل الحق، وليعمل بقوله سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:125] .
الحكمة: العلم، قال الله وقال رسوله، سمى الله العلم حكمة؛ لأنه يردع الناس، ويوقفهم عند حدهم، وكل كلمة وعَظَتْك، وذَكَّرَتك، ورَدَعَتْك عن الباطل ودَعَتْك إلى الحق فهي حكمة.
ثم مع ذلك الموعظة؛ لأن بعض القلوب قد تكون قاسية تحتاج إلى عِظَة، قد لا يأخذ منها العلم مأخذه، إذا سمعت العلم فتحتاج إلى الموعظة حتى تلين، وحتى تقبل الحق، يذكرها بالله، وبالدار الآخرة، وبالجنة والنار، وأن هذه الدنيا دار الزوال والفناء، وليست دار إقامة، وأن دار الإقامة أمامك إما الجنة وإما النار، ولا بد من الترغيب فيما عند الله من الجزاء، والتحذير مما عند الله من العقوبات لمن حاد عن سبيله، أو دعا إلى ضده، ولهذا يقول جلَّ وعَلا: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت:33] .
فأنت -يا عبد الله- على حسب حالك، العالم الكبير، وطالب العلم، والمؤمن المتبصِّر الذي عنده من البصيرة ما يستطيع به الدعوة إلى سبيل الله، والدفاع عن دينه ما علم، كلٌّ عليه نصيب، وكلٌّ عليه أداء الواجب الذي يستطيعه، مع تحري الحق، ومع الأسلوب الحسن الذي فيه إيصال الحق إلى القلوب من غير تنفير.
فالموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن التي أرشد الله إليها، هو الطريق الذي يوصل الحق إلى القلوب، فالعلم قال الله وقال رسوله وشرح لذلك، وبيان لذلك بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن، والعِظَة الحسنة، وعند الشبه الجدال بالتي هي أحسن، إذا أبدى شكاً وشبهة، وأراد أن يستفيد ما يزيلها، أو أراد الصد عن الحق بها، يجادل بالتي هي أحسن، حتى يتضح الحق للمستمعين، وحتى تزول الشبهة، وحتى يهدي الله بذلك من سبقت له من الله السعادة.
والطرق اليوم غير الطرق بالأمس، الطرق اليوم كثيرة، وسائل الدعوة متعددة والناس مقبلون عليها، فوجب على أهل العلم والإيمان أن يعمروها بالخير، وأن يشغلوها بالحق ضد الباطل، ولو بذلوا الأموال في ذلك، فإن هناك صحفاً في الخارج لا تكتب إلا بالمال، أما هنا فقد يستطيع بحمد الله أن يكتب وينشر لغيره ما يمهله؛ لأنه قد يكون في مكان يحتاج إلى مال، وقد تكون هناك صحف معروفة تحتاج إلى مال، فيعطيها من المال ما يسبب نشر الحق، والدعوة إلى الحق، وهكذا الإذاعات تحتاج إلى مال، وهكذا النقلٌ من لغة إلى لغة مع الترجمة، كل هذا يحتاج إلى البذل في سبيل الله، حتى ينشر الحق، وحتى يدعو إليه حسب طاقته باللغة التي يعرفها، وباللغات الأخرى التي يستطيع أن يبذل المال حتى تحصل الترجمة لمقاله إلى اللغة التي يريد.
والصحافة تحتاج إلى عناية، وكذلك الإذاعة والتلفاز عندنا وعند غيرنا، وعند غيرنا أكثر، فلا بد من العناية، فالقراء هنا والعلماء هنا، واجبهم أن يُعنوا بذلك، وأن يتَّبعوا ما يكون في الصحافة من خطأ بالتنبيه عليه، وما يقع في الإذاعة من خطأ بالتنبيه عليه، وما يقع في التلفاز من خطأ فينبهوا عليه، ولا يجوز لأحد أن يقول: هذا لفلان، أو هذا يلزم فلاناً، هذا خطأ.
على العلماء جميعاً، وعلى الكتَّاب جميعاً الذين لهم قدرة أن يشاركوا في هذا الحق وهذا الخير ضد هذا الغزو الذي قام به أعداء الله ونوابهم، فليس لأحد أن يقول: هذا ليس إليَّ، كل مسلم عليه واجبه.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:7] .
{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً} [فصلت:33] .
{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} [يوسف:108] .
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب:21] الآية.
كل منا عليه واجب، وكذلك كل مسلم في بلاد الله في المشارق والمغارب في جميع أنحاء الدنيا، كل مسلم وكل طالب علم، وكل عالم، وكل مؤمن عليه واجبه من الدعوة إلى دين الله الذي أكرمه الله به ونفي الشُّبه عنه والباطل، والرد على خصومه بالأساليب والطرق التي يراها ناجعة، توصِل إلى الحق، وترغِّب في قبول الحق، وتردع الباطل.

يتبع >>>









رد مع اقتباس
قديم 2015-04-22, 19:41   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
ابو اكرام فتحون
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ابو اكرام فتحون
 

 

 
الأوسمة
أحسن مشرف العضو المميز 1 
إحصائية العضو










افتراضي

خطر التهرب من المسئولية في مقاومة الغزو الفكري

ومن المصائب العظيمة أن يقول الإنسان: أنا لست مسئولاً هذا على غيري، فهذا منكر عظيم لا يقوله العاقل إلا إذا كان في محل كفاه غيره أو أزاله غيره أو باطل نبه عليه غيره، وزال المحظور.
أما ما يتعلق بالرد على خصوم الإسلام، ونشر المقالات المفيدة، وتأليف الرسائل النافعة، والكلام في الإذاعة وفي التلفاز، ونشر ما ينفع في الصحافة، فكلٌّ عليه واجبه، حتى يُنصر الحق على الباطل، وتقوم الحجة على خصوم الإسلام.
أهل الباطل يتكاتفون الآن؛ الشيوعيون والنصارى والملحدون، وسائر أنواع أهل الباطل، كلهم يتكاتفون ضد الحق، ويبذلون الأموال وهم على باطل، فهم دُعاة إلى النار، حتى يذهبوا إلى المحلات النائية والغابات الخطيرة يدعون إلى النار، من الشيوعيين والنصارى والقاديانيين، والبهائيين، وغيرهم من دعاة الباطل، والرافضة الآن تنشر دعوتها إلى الباطل في كل مكان، يسبون دين الله فيما يفعلون من نشر الأباطيل، فإن سبهم لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم واتهامهم لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وغلوهم في أهل البيت كـ علي والحسين والحسن وغيرهم، كل هذا من أنواع الباطل، والصد عن سبيل الله، وهكذا جميع دعاة الباطل، كلهم على هذا المنوال؛ لكن منهم من باطله ظاهر كالنصارى واليهود والشيوعيين وأشباههم، وبعضهم قد يلتبس أمره، كـ الرافضة وسائر أهل البدع، وكـ القاديانية الذين يتظاهرون بالإسلام، وهم يزعمون أن إمامهم ميرزا غلام، نبي يوحى إليه بعد محمد عليه الصلاة والسلام، فيدعون إلى اتباعه، وهكذا سائر صنوف الضلالة.
فالواجب على أهل الإسلام في كل مكان أن ينشروا الحق ضد الباطل الذي عندهم، كل من كان عنده باطل فواجب عليه أن ينشر الحق ضده، وأن يكون نشاطه في صد الباطل الذي عنده أكثر من الباطل الذي هو عنده، حتى يطهر بلاده وقريته وقبيلته من هذا الباطل الذي انتشر فيهم، مع تعليمهم الحق، وإرشادهم إلى الحق والهدى.
فالجهود من أهل العلم يجب أن تكون موزعة، فلما عندهم من الباطل نصيب، ولأنواع الباطل الأخرى نصيب؛ لكن الباطل الذي في بلدهم والذي عندهم يجب أن يكون النشاط في إبعاده والقضاء عليه أكثر، حتى تسلم الأمة عندهم من شره وباطله.
وينبغي أن يكون أهل الحق أنشط من أهل الباطل وأصبر عليه، إذا كان أهل الباطل يصبرون (100%) ، فالواجب على أهل الحق أن يصبروا (300%) و (400%) و (1000%) ، حتى يكونوا أنشط من أهل الباطل؛ لأن أهل الباطل يدعون إلى النار، وأنت تدعو إلى الجنة والسعادة، ولك مضاعفة الأجور، ففرق عظيم.
لكن بعض أهل الباطل نشطوا في باطلهم، ويحسبون أنهم على حق، وأنت تجزم أنك على الحق والحمد لله، قال تعالى في حق أهل الباطل: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأعراف:30] .
فالنصارى وأشباههم من العامة يحسبون أنهم على هدى، ويصبرون على الذهاب إلى الغابات، ومشارق الأرض؛ يدعون إلى النصرانية، إلى النار، ويحسبون أنهم على هدى.
وهكذا من ضل من هذه الأمة، من المتصوفة، وأنواع أهل البدع، أكثرهم يحسب أنه على هدى، وإن كان دعاتُهم وكبارهم قد تكون لهم أغراض، وهم يعرفون أنهم على باطل؛ ولكن لهم أغراض وأهداف يعملون لها في هذه العاجلة، فواجب على أهل الحق أن يكونوا أنشط وأقوى وأصبر في الدعوة إلى الالتزام بكتاب الله وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، والسير على منهج أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولزوم طريق أهل السنة والجماعة بفعل ما أوجب الله، وترك ما حرم الله، والوقوف عند حدود الله، وإرشاد الناس إلى ما يلزمهم من الحق، وتنبيههم على ما عندهم من الباطل حتى يهتدوا.
فالناصح للناس هو الذي يرشدهم إلى الحق، يرشد المبتدع إلى السنة، ويقول: عملك هذا خطأ، فعليك بكذا وكذا، قال الله كذا، قال الرسول عليه الصلاة والسلام كذا، وهكذا سائر أهل البدع، يرشدهم ويدلهم على الحق لعل الله أن يهديهم بسببه من سائر صنوف المبتدعة.
وفي هذا الشهر شهر ربيع الأول هناك بدعة منتشرة في كثير من البلاد الإسلامية بأسباب عدم نشاط أهل العلم في مكافحتها وهي بدعة الموالد، والاحتفال بمولد النبي عليه الصلاة والسلام، وفي بلدان أخرى موالد أخرى يعظمونها، ويحتفلون بها، ويقع بها من الشرك والكفر والضلال ما الله به عليم، وهكذا في مولد النبي عليه الصلاة والسلام يقع فيه بالنسبة إلى بعض الناس من الشرك بالله، والاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم، ودعوته من دون الله، واللَّجَأ إليه ما هو شرك أكبر؛ نعوذ بالله من ذلك، مع ما فيه من البدعة؛ لأن هذه الاحتفالات بالموالد مما أحدثه الناس بعد القرون المفضلة، فما كان الناس يعرفون بدعة الموالد لا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الصحابة، ولا في عهد التابعين، لا في المائة الأولى، ولا المائة الثانية، ولا المائة الثالثة، وإنما وقع في المائة الرابعة وما بعدها، لأسباب الرافضة، وتبعهم غيرهم من جهلة أهل السنة.

جهاد أهل البدع والأهواء باللسان والبنان
الواجب على جميع المسلمين العناية بالدين، والتفقه في دين الله، والتبصر، وسؤال أهل العلم عما أشكل، والإقبال على القرآن والسنة الصحيحة، حتى يَفْهَم طالب العلم دينه ويكون على بصيرة ويُفَهِّمَه الناسَ من الجماعة الذين عنده من العامة في بلده، أو في قريته، في قبيلته بالبادية، وقد انتشر العلم الآن بالنسبة إلى وسائل الإعلام التي وُفِّقت لنشر الحق، كما قد يُنشر مقالات في صحف هذه البلاد وفي غيرها.
وهكذا ما يُنشر من طريق إذاعة القرآن في هذه البلاد، وما يُنشر من طريق برنامج (نور على الدرب) ، يُنشر فيه علم، وقد نفع الله كثيراً من الناس بهذا البرنامج، وبهذه الإذاعة؛ إذاعة القرآن.
وهكذا بالمقالات التي يكتبها العلماء في أماكن كثيرة؛ في مصر، والشام، وبلاد المغرب، وبلاد أوروبا، وبلاد أمريكا -ولله الحمد- بقايا من أهل الحق ينصرون الحق في أماكن كثيرة، وينشرون ذلك في الصحف السيارة المعروفة، وإن كانوا قليلين بالنسبة إلى أعداء الله؛ ولكن الله قد نفع بذلك.
والمطلوب هو الاستكثار من هذا الخير، وأن يتكلم من لا يتكلم، وأن يكتب من لا يكتب من أهل العلم والبصيرة، وألا يكتفي بهؤلاء، بل عليه أن يجاهد كما جاهدوا، وأن يكتب كما كتبوا، وأن يتتبع ما يُنشر من الباطل في الصحف السيارة والمجلات والإذاعات والتلفاز وغير ذلك مما يُذاع ويُنشر؛ يتتبعه، ويرد الباطل، وينشر الحق، ويصبر على الأذى في ذلك؛ وعلى التعب هذا هو الجهاد.
الدعوة إلى الله جهاد، والكتابة في سبيل الله جهاد، والتأليف في ذلك جهاد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم) .
فالدعوة إلى الله جهاد، وكان حسان بن ثابت شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم يهجو المشركين بشعره رضي الله عنه، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اهجهم، والذي نفسي بيده إنه لأشد عليهم من وقع النبل) اللهم صلِّ عليه وسلِّم، ويقول: (اهجهم، فإن روح القدس معك) أي: جبرائيل عليه الصلاة والسلام.
فهجاء المشركين بالكتابة وبالشعر الموافق للحق، وبالكلام في الإذاعات وفي الخطب، كل ذلك مما ينصر الله به الحق، وكانت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم أكثرها كلام خطابة ودعوة، ثم كتب عليه الصلاة والسلام للرؤساء والملوك؛ لكن أكثر دعوته عليه الصلاة والسلام كلها خطب وكلام، في المدينة وفي مكة، وفي غزواته، مع أفعاله التي هي دعوة إلى الله أيضاً؛ لأن فعله دعوة عليه الصلاة والسلام، ويتأسون به عليه الصلاة والسلام في أفعاله، وسيرته، وقيامه وقعوده، ونومه ويقظته.
هكذا يجب على العلماء أن يتأسوا به عليه الصلاة والسلام؛ ولكن الله يسر لهم في العصور الأخيرة هذه الوسائل الجديدة التي تبلغ للناس في كل مكان، هذه الإذاعات، وهذه الصحافة تنتشر في العالم تنقل كلمتك، إن كانت حقاً نفع الله بها ما شاء سبحانه وتعالى في سائر الدنيا، وإن كانت باطلاً تضرر بها الكثير، تكتبها في الرياض، وتُتلى في أمريكا وأوروبا وفي كل مكان، تنشرها في مؤلف يُنقل إلى كل مكان، تقولها في إذاعة أو تلفاز ثم يُنشر إلى كل مكان، ليس من جنس الأول، الأول قد تكون كتابةً محدودةً في بلدك أو ما حولها؛ لكن الآن في اليوم الواحد، أو في الليلة الواحدة، أو في الساعة الواحدة تُقال الكلمة ويسمعها العالم، من هاهنا وهاهنا، فإن كانت في حق فيا لها من نعمة، وإن كانت في باطل فيا لها من جريمة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فالإنسان ينظر لحالة الناس اليوم، يخطب خطيب في أمريكا يسمعه الناس في كل مكان، يخطب خطيب في مصر يسمعه الناس، وفي مكة، وفي الرياض، وفي أماكن أخرى، بحق أو باطل، فيدعو إلى رشد أو إلى ضلالة يُسمع.
وأكثر الخلق مع الضلالة ولا حول ولا قوة إلا بالله أكثر الخلق مع الهوى، {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام:116] {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف:103] وأغلب الخلق مع باطلهم وأهوائهم وشهواتهم، ليسوا مع الحق.
فلا يصبر على الحق إلا أهل البصائر والعقول، وأهل النظر والتبصر والتدبر والتعقل، الذين يؤثرون الحق على الباطل، ويعرفون العواقب عن إيمان وبصيرة.
لكن أكثر الخلق مثلما قال الله جلَّ وعَلا: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} [الفرقان:44] جعلهم أضل من الأنعام، بعض البهائم أهدى من بعض البشر، تنفع الناس، وتسلك طريقها في رعيها وفي غيره ولا تؤذي الناس.
أما أكثر الخلق فهم شر من الأنعام، لا ينفع بل يضر -نسأل الله العافية- وهذا فيه عبرة للعاقل أن يأخذ حذره حتى ينفع ولا يضر، إما أن ينفع الناس بكلامه أو فعاله أو ماله أو جاهه، وإما أن يقف فلا يضر الناس.
ومن البلايا والمصائب أنه قد يعمل، ويحسب أنه على هدى، ويحسب أنه يفيد وينفع وهو يضر الناس، كما قال الله سبحانه: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} [الكهف:103-104] .
هذه الخسارة العظيمة أن تبذل الأموال والأوقات وصنوف العمل فيما يضره ولا ينفعه، وفيما يُغضب الله عليه، ويصد عن الحق، فهذه خسارة عظمى، نسأل الله العافية.

يتبع >>>









رد مع اقتباس
قديم 2015-04-22, 19:42   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
ابو اكرام فتحون
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ابو اكرام فتحون
 

 

 
الأوسمة
أحسن مشرف العضو المميز 1 
إحصائية العضو










افتراضي

دعوة للمحاسبة والمراجعة
فالعاقل يحاسب نفسه ويجاهدها وينظر، ولا يسكت ولا يغفل، بل ينظر ماذا عمل؟! وماذا قدَّم لآخرته؟! كما يقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} [الحشر:18-20] .
فالعاقل ينظر ماذا قدَّم لآخرته! ماذا حصل منه ضد الباطل! ماذا عمل لسعادة أهله وأولاده وجيرانه وجماعته! لا يغفل لا بد أن ينظر دائماً هل هو في خسارة أم في ربح! في سعادة أم في شقاء! في هدى أم في ضلال! ينظر ويحاسب نفسه دائماً، ويلزمها بالحق الذي عرفه؛ بالمحافظة على الصلاة في جماعة، بأداء الزكاة، بر الوالدين، صلة الرحم، صدق الحديث، البعد عن أنواع الفساد، صحبة الأخيار، ترك صحبة الأشرار، هكذا يحاسب نفسه، إن كان يتعاطى مسكرات حاسب نفسه وترك المسكرات، وإن كان يجالس الأشرار حاسب نفسه وابتعد عنهم، ينظر هل يستفيد أم يتضرر! هل هو يعمل لآخرته أم يعمل للنار! يحاسب نفسه.
الوقت وقت خطر عظيم، أينما كنتَ ترى الباطل، وتسمع الباطل في كل مكان، أينما كنتَ فالمذياع حاضر، والتلفاز حاضر، والصحافة حاضرة، فيها من الشر ما لا يعلمه إلا الله، وأنت تسمع بأذنك، وترى ببصرك، وتكتب بقلمك، أو تقرأ، فانظر ماذا حصَّلت منه! وماذا تكسب من سماع الإذاعة ومن مشاهدة التلفاز ومن قراءة الصحف؟! هل أنت تكسب خيراً منها أو تكسب شراً؟ فإذا كنتَ تكسب شراً فاحذر، قف! فإن كنت تكسب خيراً فاحمد الله، واستمر على الخير، واحذر الباطل، ثم لا تقتصر على نفسك، بل انصح أخاك، وزوجتك، وأباك، وأمك، وولدك، وجارك، وصديقك، تنصحه عما ترى وعما تشاهد من الباطل الذي قد يضره كما قد يضرك، والمسلم أخو المسلم.
يقول عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) ويقول صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم) .
إذا كانت النصيحة قبل هذا الوقت وقبل هذه الحوادث واجبة؛ فهي اليوم أوجب وأوجب.
وإذا كانت الدعوة قبل مائة عام أو مائتي عام واجبة؛ فهي اليوم أوجب وأوجب وهكذا.
فالآن طفح الشر وزاد وانتشر، فوجب أن تضاعف الجهود في مضادته ومكافحته، وهذا هو الغزو الفكري الذي يقولون عنه، وهو ما يأتيك من طريق الصحافة والإذاعة والتلفاز والمؤلَّفات، كل هذا وفكري، وإلحادي، فهو غزو ضار إلا ما رحم ربك فأسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، وأن يمنحنا وإياكم الفقه في الدين والثبات عليه، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، وأن يرزقنا جهاد هذه النفس ومحاسبتها؛ حتى تستقيم على الحق، وحتى تَدَعَ الباطل، وأن يرزقنا وإياكم صحبة الأخيار، والبطانة الصالحة، وأن يعيذنا والمسلمين جميعاً من صحبة الأشرار، ومن البطائن الضارة، وأن يوفق علماء المسلمين في كل مكان لنصرة الحق والقيام بما يجب عليهم من الدعوة إليه، والصبر على ذلك، وأن يوفق حكام المسلمين في جميع الدنيا لِما فيه رضاه، وأن يعينهم على نشر الحق، وعلى الحكم بالحق، وعلى قمع الباطل، وعلى جهاد الباطل وأهله أينما كانوا، وأن يعيذهم من طاعة الهوى والشيطان، إنه جلَّ وعَلا جواد كريم.
ونسأله بوجهه الأكرم أن يوفق ولاة أمرنا لكل خير، وأن ينصر بهم الحق، وأن يعينهم على إصلاح وسائل الإعلام؛ حتى يزول منها الشر، وحتى يثبت فيها الخير، وحتى تكون أداة خير وإصلاح من جميع الوجوه، وأن يرفع الله عنا كل بلاء، وأن يوفق علماءنا وعلماء المسلمين في كل مكان لأداء الواجب، ونصر الحق، وأن يوفق عامة المسلمين للتبصر والنظر والثبات على الحق، والسؤال عن الحق وترك الباطل، والتواصي بالحق فيما بينهم، إنه سميع قريب.
وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه.
الشيخ إبن باز رحمه الله تعالى
*- المكتبة الشاملة -*









رد مع اقتباس
قديم 2016-01-05, 12:24   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
ابو اكرام فتحون
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ابو اكرام فتحون
 

 

 
الأوسمة
أحسن مشرف العضو المميز 1 
إحصائية العضو










افتراضي

الإسلام دين شامخ وعزيز إلى قيام الساعة









رد مع اقتباس
قديم 2016-01-17, 19:38   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
أبو خطيب
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك أخي !










رد مع اقتباس
قديم 2016-01-19, 20:13   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
على كيفك
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاكم الله خير










رد مع اقتباس
قديم 2016-02-25, 09:32   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
salah71
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاكم الله كل خير










رد مع اقتباس
قديم 2016-05-26, 23:01   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
business70
بائع مسجل (أ)
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاكم الله كل خير










رد مع اقتباس
قديم 2016-06-01, 13:21   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
der ket
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

نعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــم










رد مع اقتباس
قديم 2016-06-30, 21:47   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
sliman rabeh
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك اللّه فيك









رد مع اقتباس
قديم 2016-07-03, 01:20   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
رَكان
مشرف عـامّ
 
الأوسمة
المشرف المميز **وسام تقدير** وسام المشرف المميّز لسنة 2011 وسام التميز وسام الحضور المميز في منتدى الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو اكرام فتحون مشاهدة المشاركة
الإسلام دين شامخ وعزيز إلى قيام الساعة
نعم هو كان وسيكون كذلك الإسلام بالرغم مما يتلقاه من اساءة وتشويه ممن قد افترض أنهم إليه ينتسبون ...زعموا عن قصد أو غيره ..









رد مع اقتباس
قديم 2016-07-05, 10:33   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
ياسين 05
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ياسين 05
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الله ابارك فيك اخي ابو اكرام على الطرح القيم يرفع للافادة بارك الله فيك واحسن اليك










رد مع اقتباس
قديم 2016-07-10, 03:24   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
بلقاسم 1472
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

موضوع قيّم، جزى الله صاحبه وناقله خير الجزاء
والأمة في حاجة إليه في كل آن، لصد عدوان الغزو الفكري، من تلبيس وتحريف وتزييف ودسائس أهل البدع والزنادقة والمستشرقين، الذين تشربوا شبهات الكفار وصاروا يبثونها في عموم المسلمين باسم التنوير والحداثة والعقلانيّة، بل ثمة زنادقة باطنيين كعدنان إبراهيم وشلة القرآنيين صاروا يوفرون للمستشرقين والحاقدين مقصودهم ومرادهم بالمجان، أو لقاء الإقامة في ديارهم والتمتع بأجور تدفع لهم، وباعوا أنفسهم وضمائرهم للشيطان، وصار لا هم لهم سوى الطعن في الصحابة وأمهات المؤمنين رضي الله عنهم، وفي الحديث الشريف وعلماء الأمة الراسخين من الفقهاء والمحدثين والأصوليين وغيرهم على طريقة أحمد ابن أبي دؤاد الأيادي، الذي تشرب في وقته ثقافة عصره من صابئية ونصرانية ويهودية ويونانية، وحاول بها إعادة مفهمة الدين المجيد. فساءت عاقبته وشله الله وأخزاه.
نسأل الله العلي القدير أن ينصر دينه، وينصر عباده المسلمين المؤمنين، المستمسكين بميراث النبوة الغراء، ظاهرا وباطنا، وأن يجعل كيد الرويبضات والحاقدين في نحورهم، أو يأخذهم أخذ عزيز مقتدر.









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أكبادهم, المؤمنين, الصادقين, يخلي, ويفطر, قلوب

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 00:58

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc