التهرب الضريبي - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

التهرب الضريبي

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-04-17, 19:48   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 التهرب الضريبي

مقدمــة: - إن الاهتمام بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية أصبح الشغل الشاغل وأحد الاهتمامات والأولويات الرئيسية الكبرى لدول العالم الثالث ومن أسس ومقتضيات الانطلاقة التنموية الشاملة يبرز الجانب التمويلي لها كحجر الزاوية في كل بناء لا يكتمل إلا به ومن أشكال التمويل الذي يعتمد الإمكانيات الذاتية نجد الضريبة، هذه الأخيرة تعد من أهم الموارد المالية لتغطية النفقات العامة وهي اليوم واحدة من أنجع وسائل تحقيق العدالة الاجتماعية إضافة إلى كونها أداة لمعالجة مختلف الظواهر الاقتصادية العامة.
- ومن هنا فإن التهرب الضريبي يعني تملص الشخص طبيعيا كان أو معنويا من أداء واجبه الضريبي والإخلال بالتزاماته الضريبية على أنه لا يخرج عن شكلين: الأول يراد به ما يعمد إليه الأفراد أحيانا من الاستفادة مما وجد في التشريع الجبائي من ثغرات ينفذون منها للتخلص من التزام دفع الضريبة دون مخالفة القانون والنصوص التشريعية، أما الشكل الثاني للتهرب الضريبي هو الذي يضمن المخالفة الصريحة للقوانين والتشريعات الجبائية.
- ومما تقدم يمكن تقسيم التهرب أو التجنب الضريبي إلى نوعين أحدهما مشروع والآخر غير مشروع، إذ أن التجنب الضريبي المشروع يتخذ عدة أوجه تتمثل في لجوء المكلف بالضريبة إلى طرق تمكنه من الاستفادة من الثغرات الموجودة في التشريعات الجبائية أو الضريبية بفعل تعقد النظام الجبائي أو عدم إحكام صياغة قوانينه مما يفسح المجال إلى عديد من التأويلات، فاستفادة المكلف من هذه الثغرات لا يعد مخالفة قانونية مادام يتصرف في إطار قانوني جعله المشرع من خلال سلسلة من الكفاءات والتخفيضات الدائمة أو المؤقتة التي تمس أنشطة اقتصادية أو فروع إنتاجية أو خدمات قد تعود عليه بإنتاج جبائي أكثر امتيازا ومن أمثلته: فرض التشريع الجبائي ضريبة عن الشركات دون إخضاع هيأتها لهذه الضريبة فيقوم المالك بتقسيم أملاكه على الورثة الشرعيين وهو على قيد الحياة على شكل هبات حتى لا يخضع أمواله لضريبة الشركات وكذا ما تفعله شركة المساهمة من توزيع الأرباح على شكل أسهم مجانية لصالح مساهميها وهذا من اجل التخلص من أداء الضريبة على إيرادات القيم المنقولة وذلك بترخيص من القانون التجاري يعتبر تهربا ضريبيا مشروعا.
- أما التجنب الضريبي غير المشرع أو الغش الضريبي فقد تتعدد تعارفه بالنسبة لفقهاء الجباية، فمنهم من يعرفه على أنه المخالفة الصريحة للقانون والتي تهدف إلى الإفلات من الاقتطاع عن طريق تخفيض أساس الضريبة وهو تعريف الفقيه الفرنسي LUCIEN MEHL.
كما عرفه مارجيراز (MARGIRAZ) أنه التخلص من الضريبة وإعطاء عرض خاطئ للواقع أو تفسير مضل ومن خلال هذين التعريفين يمكن القول أن الغش الضريبي هو تخلص المكلف بالضريبة من أدائها و ذلك من خلال المخالفة الصريحة للقوانين والتشريعات الجبائية لتندرج بذلك من خلال طرق الغش والاحتيال وهذه الأخيرة التي تناولها المشرع الجزائري في مادة 303 من قانون الضرائب المباشرة والتي اعتبرها أعمالا تدليسية. هذا ما يجعل كلا منا نوعي التهرب الضريبي يهدفا للوصول إلى غاية واحدة وهي عدم الالتزام بأداء الضريبة والتحاليل على الإدارة والتشريع الجبائي يظهر هذا السلوك من جهة نقصا كبيرا في الترسانة القانونية لمختلف النصوص المنظمة للضريبة ومن جهة أخرى تأخرا في الوعي الضريبي وغياب الالتزام الجماعي وضعف الحس المدني. وعلى إثر المرور بمفهوم التهرب الضريبي وكذلك أشكاله فإن التساؤلات التي يمكن طرحها في هذا المجال تتلخص في: ما هي الأسباب والدوافع التي تفعل ظاهرة التهرب الضريبي؟ ثم ما هي الطرق والوسائل التي يستعملها المكلف بالضريبة ليتملص من أدائها؟ وأخيرا كيف تعامل المشرع الجزائري مع هذه الظاهرة؟
- وللإجابة على الأسئلة المطروحة اتبعنا المنهج الوصفي الذي يظهر من خلال الأمثلة المعطاة وكذا المنهج التحليلي لشرح بعض النصوص القانونية وصولا إلى المنهج الاستنباطي من أجل الخروج ببعض الاقتراحات لمعالجة ظاهرة التهرب الضريبي وعلى هذا الأساس قسمنا بحثنا إلى ثلاثة فصول: تطرقنا في أولها إلى مختلف الأسباب والدوافع الرامية إلى التهرب المكلف بالضريبة من أسباب نفسية واقتصادية وأخرى تشريعية وإدارية، وفي الفصل الثاني تناولنا مختلف أساليب التهرب من تحايل محاسبي إلى الطرق المادية والقانونية له وكذا الآثار التي تترتب عنه، أما في الفصل الثالث فعرجنا على مختلف أشكال الرقابة الجبائية والجزاءات المقررة من جزاءات جبائية إلى جزاءات جزائية، كما كانت لنا وقفة مع الوسائل المقترحة لمكافحة التهرب الضريبي، حيث اعتمدنا على خطة البحث التالية:
خطــة البحـث:
الفصـل الأول: أسباب التهرب الضريبي
المبحـث الأول: الأسباب النفسية والاقتصادية
المطلب الأول: الأسباب النفسية
المطلب الثاني: الأسباب الاقتصادية.

المبحث الثاني: الأسباب التشريعية والإدارية
المطلب الأول: الأسباب التشريعية
المطلب الثاني: الأسباب الإدارية
الفصل الثاني: أساليب التهريب الضريبي وأثاره
المبحث الأول: أساليب التهرب الضريبي
المطلب الأول: التحايل المحاسبي
المطلب الثاني: التهرب بالطرق المادية و القانونية

المبحث الثاني: آثار التهريب الضريبي
المطلب الأول: الآثار المادية والاقتصادية
المطلب الثاني: الآثار الاجتماعية
الفصل الثالث: وسائل مواجهة التهريب الضريبي

المبحث الأول: الرقابة الجبائية والجزاءات المقررة
المطلب الأول: الرقابة الجبائية
المطلب الثاني: الجزاءات التي وضعها المشرع الجزائري

المبحث الثاني: الوسائل المقترحة لمكافحة التهرب الضريبي
المطلب الأول: إعداد نظام جبائي محكم
المطلب الثاني: الإصلاحات المستوجبة على الجهاز الإداري


الفصل الأول: أسباب التهرب الضريبي


إن التهرب الضريبي ظاهرة من الظواهر التي انتشرت في أغلب المجتمعات والتي اقترن وجودها بوجود الضريبة نفسها.
وبحكم الدور الهام الذي تلعبه الضريبة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، إذ تعتبر المصدر الرئيسي لتمويل خزينة الدولة. وفي رسم سياستها التنموية لتحقيق الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي خاصة لدى البلدان السائرة في طريق النمو، لذا وجب البحث عن أسباب استفحال هذا الوباء الذي مثله البعض بأنه سرطان ينخر الجسم الاقتصادي بمهاجمة أهم عناصره والعصب الحيوي فيه ألا وهو المال
ولقد اعتبر البعض "أن التهرب الضريبي نزيف دموي للاقتصاد الوطني" وإذ كان التهرب الضريبي يقوم على هرم من العوامل النفسية والاقتصادية فإن تعيينها وحصرها يختلف باختلاف التشريعات وكذلك يكون التهرب نتيجة لعوامل تشريعية وأخرى إدارية .










المبحـث الأول: الأسباب النفسية والاقتصادية:
من الأسباب المساعدة على تفشي ظاهرة التهرب الضريبي بروز الدوافع النفسية والاجتماعية الموروثة من بعض الاعتقادات الخاطئة عن مفهوم الضريبة، ويرجع البعض ذلك إلى ضعف المستوى الأخلاقي والوعي الضريبي الذي هو أساس كل تهرب يلجأ إليه الفرد.
"وللعوامل النفسية دور كبير في التهرب من الضرائب، فكلما زاد الوعي الضريبي ضعف الباعث النفسي على التهرب ، وبالعكس كلما ضعف الوعي الضريبي كان الباعث النفسي على التهرب من الضرائب قويا وملموسا، كما أنه من الجلي إذا انخفض وعي الأفراد الضريبي سادت مقاومة الضريبة واختفت العقوبة المعنوية التي يوقعها الشعور العام على المتهربين" (1)
والأسباب النفسية التي تؤدي بالمكلف إلى التخلص من الضريبة تمكن أولا في العوامل النفسية الناتجة عن عوامل تاريخية وأخرى عقائدية أو دينية وكذلك في اللامدنية الضريبية.
إلى جانب الأسباب النفسية تبرز الأسباب الاقتصادية التي تلعب دورا هاما في تفاقم ظاهرة التهرب الضريبي.
المطلـب الأول: الأسباب النفسية
للعامل النفسي أهمية بالغة في أداء المكلف لواجباته الجبائية، ويتجلى ذلك في مدى اقتناع كل مكلف وفهمه أن من واجباته الاجتماعية دفع الضريبة ومعرفته لقيمتها التي يتعين عليه سدادها إسهاما منه في تمويل برامج الإنفاق العام للدولة.
إن عدم فهم الكثيرين للدور الذي أصبحت تلعبه الدولة الحديثة إضافة إلى فقدان الثقة في مؤسساتها فتح مجالات للشك في عدم أهمية هذه المساهمة وبالتالي التأثير السلبي على مدى إقبال المكلفين على عدم دفع الضريبة.
فضعف مستوى الوعي الضريبي يتناسب عكسيا مع الشعور الوطني بتحمل المسؤولية وأعباء الدولة إذ يرجع انخفاض الوعي الضريبي للأفراد في الدول المتخلفة إلى عدم اكتمال أجهزتها وأنظمتها الضريبية في غياب لعب وسائل الإعلام لدورها في توعية الأفراد وتبصيرهم بأهمية الضريبة و دور الدولة في السهر على تحقيق رفاهيتهم وتأمين مستقبلهم، ويرجع ذلك أيضا من جهة أخرى إلى بعض الحوافز والاعتقادات النفسية الراسخة في الأذهان والتي يمكن حصرها في ما يلي:
- إن الاعتقاد بأن الضريبة أداة إفقار الشعوب ليأتي التهرب من دفعها في هذه الحالة وجه من أوجه المقاومة، ويرجع هذا الإعتقاد السائد بالنسبة للمجتمع الجزائري إلى أسباب تاريخية بدء من الاستعمار الفرنسي حينما كانت الضريبة الوسيلة الأكثر نجاعة لمصادرة ممتلكاته وخيراته حتى لا يصبح لديه وسائل الدفاع والمقاومة، وهذا الاضطهاد عمر طويلا و انعكس سلبا على سلوكيات الجزائريين تجاه الضريبة وساهم إلى حد كبير في انخفاض درجة وعيهم الضريبي على ما كان عليه من قبل، مورثا بذلك نظرة تتنافى مع مقاصد وأهداف الضريبة.
-إعتقاد البعض أن التهرب من دفع الضرائب المفروضة عليهم لا يعد تصرفا لا أخلاقيا وتبريرهم في ذلك أن تهربهم هذا لا يشكل خسارة لأحد استنادا إلى فكرة " سرقة الدولة لا تعد سرقة ما دامت هذه الأخيرة شخصا معنويا" .


-- د. عبد المنعم فوزي. مالية الدولة . الطبعة الأولى .دار النهضة العربية – بيروت. ص. 123

-سيادة الاعتقاد الديني بعدم شرعية الضريبة ما دامت لا تعتمد على مبادئ عقائدية لتبقى هذه الحجة منفذا للتهرب لكثير من المكلفين ومبررا لهم للإخلال بالتزاماتهم الجبائية.
المحيط الاجتماعي الذي يلعب دورا هاما هو الآخر في رسوخ وتأصل التهرب الضريبي وشيوعه بين أفراد المجتمع الواحد، لأن العقلية أو الذهنية السائدة هي التي تطبع تصرفاتهم تجاه الضريبة باعتبارها أحد قوائم الإحساس بالمسؤولية أمام كل ما يرمي به ارتكاب هذه الأعمال "ويظهر لنا ذلك جليا في حالات التهرب أنه من غير اللائق أن يضبط المكلف من قبل الإدارة الجبائية، لو أن المجتمع يلوم المتهربين بدلا من استحسانهم وتأييدهم" (2)
ومن بين العوامل النفسية التي تدفع بالمكلف إلى التهرب هي اللامدنية الجبائية، إذ تعتبر من بين أحد أهم الأسباب التي تؤدي إلى التهرب الضريبي واللامبالاة بالدور الذي تقوم به الدولة من خلال الاقتطاعات لتحقيق المصلحة والنفع العام بعكس المدينة الجبائية التي يقصد بها الإخلاص والوفاء للنفع العام، لأنه من ضوابط الإنفاق العام عدالة توزيع المنافع المترتبة على هذا الإنفاق وتحقيق التوازن في توزيع النفقات بين مختلف وجوهها وترشيدها.

إن اللامدنية الجبائية تدفع المكلفين إلى تبرير غشهم بان لهم القدرة ما يجعلهم يتصرفون بحكمة ورشاد في أموالهم التي من المفروض أن يدفعوها إلى الدولة في شكل ضرائب، وخاصة الفوائد التي سيجنونها من استثمار هذه الأموال ستعود عليهم بالربح الوفير والنفع وحدهم في حين أنها إذا ما كانت في يد الدولة ستعود على المجتمع أي نفعا عاما.
إضافة إلى دافع آخر مستمد من اللامدنية الضريبية وهو الاعتقاد بغياب العدالة الجبائية بين المكلفين حيث أن المكلف الذي يعتقد بأن الضريبة المحملة عليه منصفة وعادلة نجدها أقل عبء بعكس الذي يعتقد أنها ظلما وأثقالا على عاتقه لعتقه.إضافة إلى التقهقر الذي يصيب ثقة المكلف من مؤسسات الدولة وهذا نتيجة إلى غيابها في كثير من الأحيان عن الساحة تاركة المجال لمختلف أشكال التجاوزات لأن وعي الفرد بهمام الدولة ودورها يحددان وعيه المدني والضريبي ويطبعان معاملاته ومساهماته تجاهها، كما أن الوعي بوجود الدولة والحس اللذان يعتبران من القوى النفسية الأساسية لكل تنظيم وطني وجب أخذهما بعين الاعتبار في رسم السياسات المالية والضريبية.

المطلب الثاني: الأسباب الاقتصادية
إن الأوضاع الاقتصادية العامة إذا كانت متدهورة فإنها تجعل المكلف في وضعية اقتصادية مزرية، وغالبا ما تكون الاقتصادية لها علاقة بالمكلف بالضريبة، وهذا راجع لكون الدولة ترفع من الضرائب لأنها في أزمة مالية مما يجعلها تزيد من الإيرادات، ويرجع هذا سلبا على المكلف بالضريبة وهو ما يجعله يلجأ إلى التهرب. ونستخلص من هذا أن الأسباب الاقتصادية تنقسم إلى قسمين: هما الوضعية الاقتصادية للمكلف، والوضعية الاقتصادية العامة.







الفرع الأول: الوضعية الاقتصادية للمكلف بالضريبة:
في أغلب الأحيان نجد أن الوضعية الاقتصادية للمكلف تكون سببا في لجوء هذا الأخير إلى استعمال طرق احتيالية قصد التهرب من دفع الضرائب المفروضة عليه، ويظهر ذلك جليا في أوقات الكساد والأزمات المالية التي تمر بها المشاريع التجارية والاقتصادية وما يترتب عنها من ضعف في المداخيل وتصبح حينها الضريبة قاسية بعض الشيء، مما يدفع المكلف إلى محاولة تجنب أداء ما عليه من ضرائب للخروج من هذه الوضعية الاقتصادية المزرية والحفاظ على مؤسساته خوفا من إفلاسها مثلا وهذا يبين أن التهرب الضريبي في الدولة المتقدمة منخفض مقارنة بالدول النامية نظرا عائدات.

الفرع الثاني: الوضعية الاقتصادية العامة:
كثيرا ما يكون لطبيعة الأوضاع الاقتصادية العامة في فترة معينة التأثير البالغ على ظاهرة التهرب الضريبي، ففي فترة الازدهار الاقتصادي تزداد مداخل الأفراد ومقدرتهم الشرائية مما يقلل من درجة حساسيتهم لارتفاع الأسعار، الشيء الذي يمكن المكلف من تحمل العبء الضريبي وذلك بإدماجه في ثمن السلع والخدمات المقدمة.
" أما في فترات الركود الاقتصادي حيث تعجز الآلة الإنتاجية عن تلبية الحاجات الضرورية التي تتطلبها حياة الأفراد وسير أنشطتهم نتيجة نقص أو ندرة السلع والمنتجات، وتكون الحكومة مجبرة في مثل هذه الحالات على تنظيم السوق من خلال استيراد ما يلزمها من سلع وخدمات لتغطية النقص الحاصل"(1)
" غير أن التجارب أثبتت في حالات كهذه ورغم ما يتخذ من إجراءات فإنها تأول في مجملها إلى انتشار السوق الموازية أو ما يعرف بالسوق السوداء، أين تفلت الصفات المحققة فيها من مراقبة الإدارة الجبائية" (2)

ولتوضيح ما ذكرناه نأخذ على سبيل المثال الأزمة البترولية سنة1986 والتي أحدثت اضطرابا في الدول البترولية بــ 54.18% من ميزانية الدولة مما سبب اضطرابا في التجارة المحلية الخارجية وتقلصت بالتالي الموارد المالية لتمويل المجال الصناعي والتجاري وحتى الخدمات مما أحدث ركودا في الاقتصاد الوطني.










(1) د. عبد الحميد محمد القاضي. المرجع السابق ص170
(2) د.عبد النعم فوزي. . المرجع السابق ص163
المبحث الثاني : الأسباب التشريعية والإدارية
بعد الإستقلال وجدت الجزائر نفسها في فراغ قانوني هائل في جميع المجلات، سيما في الميدان المالي الأمر الذي جعل من النظام الجنائي الجزائري و يتطابق مع النظام المورث عن الاستعمار رغم تناقضه مع الحقائق الجديدة في البلاد، لذا عمدت الجزائر تدريجيا إلى إحداث تغيرات في التشريعات المورثة وتكييفها مع التحولات التي شهدتها، إلا أن ذلك لم يكن بالأمر السهل "حيث يتميز النظام الجبائي الجزائري قبل التعديلات السارية المفعول بتعقيدات وعدم استقرار مستمر، الشيء الذي جعله غامضا" (1)
المطلب الأول: الأسباب التشريعية
من بين الأسباب التي تجعل المهرب يلجأ إلى التهرب الضريبي هو تعقد التشريع الجبائي لأن هذا الأخير عرف عدة تعديلات، وكذلك تعدد الضرائب الذي يؤدي إلى كثرة المواد الخاضعة لها وهذا التعديل أوالتغيير في الضرائب يخلق عدة مشاكل خاصة في الإدارة، وهذا ما يسمح بزيادة فرص التهرب، وقد يستمد المكلف بالضريبة طرق احتيالية من خلال ما يوجد من تعقيدات في النظام الجبائي من ثغرات في القوانين والتشريعات الجبائية ، ومن هنا نستخلص أن الأسباب التشريعية تنقسم إلى قسمين هما، تعقيد النظام الجبائي وعدم استقرار التشريعات.
الفرع الأول: تعقيد النظام الجبائي
إن تخلف أي نظام جبائي ناتج عن عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي مما يتسبب في تعقيده الشيء الذي ينجم عنه كثرة التعديلات في القوانين والتشريعات لجعلها مواكبة للتطورات الاقتصادية، بغية إحداث موارد مالية كافية لتمويل خزينة الدولة، و اتسم النظام الجبائي الجزائري قبل الإصلاحات الأخيرة سنة 1992 بتعقيدات كثيرة نتيجة المغالاة في عدد الضرائب والمعدلات وطرق الحساب.
إن ما ميز النظام الجبائي الجزائري قبل الإصلاحات لم يكن سمة تخص الجزائر وحدها، كان عاملا مشتركا بين مختلف الدول النامية التي تتصف كذلك بتعقد أنظمتها الجبائية في معظمها، حيث تصعب مهمة إدارتها والامتثال لأحكامها مما يزيد من فرص التهرب.
ولقد حاول المشرع الجزائري التخفيف من حدة هذه التعقيدات من خلال ما جاء به في التعديلات الجبائية التي حملت في طياتها ضرائب جديدة، عد البعض منها بموجب القانون 90-36 المؤرخ في 31/12/1990 المتضمن لقانون المالية لسنة 1991 والذي دخل حيز التنفيذ منذ شهر أفريل 1992، فقد أدخل الرسم على القيمة المضافة كتعويض للرسم على حجم المعاملات شاملا بذلك الرسم الوحيد الإجمالي على تقديم الخدمات (TUGPS0) بغية الوصول إلى شفافية وبساطة أكبر من خلال تخفيض عدد المعدلات وسدا لإمكانيات التسلسل منها والتهرب من تأديتها.
أما في ما يخص الضرائب المباشرة، فقد تم استحداث الضريبة على الدخل الإجمالي(IRG)، حيث تنص المادة من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة على أنه" تؤسس ضريبة سنوية وحيدة على دخل الأشخاص الطبيعيين تسمى ضريبة الدخل وتفرض الضريبة في الدخل الصافي الإجمالي المكلف بالضريبة المحددة وفقا لأحكام المواد من 95 إلى 98"(1)

(1) د. عبد المنعم فوزي – مرجع سابق. ص. 163

وتضم هذه الضريبة مجموع المداخل الصافية المحددة في المادة الثانية من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة التالية:
- الأرباح الصناعية، التجارية، الحرفية.
- أرباح المهن الحرة .
- عائدات المزارع.
- الإيرادات المحققة من إيجار الملكيات المبينة والغير المبينة..
- عائدات رؤوس الأموال المنقولة.
- فوائض القيمة المترتبة عن التنازل بمقابل عن العقارات المبنية أو الغير المبنية المتعلقة بها.
أما في ما يخص الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية والتجارية ( IBIC) فقد أدمجت في الضريبة على الدخل الإجمالي، وتم إنشاء ضريبة جديدة تحل محلها بموجب المادة 135 التي تنص على أنه "تأسس ضريبة إجمالية على مجمل الأرباح والمداخل التي تحققها الشركات وغيرها من الأشخاص المشار إليهم في المادة 163 وتسمى هذه الضريبة بالضريبة على أرباح الشركات(IBS)".
كما جاء في قانون المالية لسنة 1996 حيث استحدث الرسم على النشاط المهني ( TAP) عوضا عن كل من الرسم على النشاط الصناعي والتجاري (TAIC) والرسم على غير التجاري (TANC).

الفرع الثاني: عدم استقرار التشريعات
الإفراط في تعدد القوانين التي تؤدي إلى كثرة التعديلات مما يصعب على المكلفين من جهة مسايرة التغيرات التي تطرأ على النظام والقواعد المعمول بها، ومن جهة أخرى يؤدي إلى خلق حالة من الحساسية الضريبية تدفع بهم إلى كل مشروع للإصلاح الضريبي عن طريق التهرب من أداء ما عليه من ضرائب.
فالتعديلات التي تأتي بها القوانين المالية كل سنة، تخلق بمرور الوقت مشاكل في فهم وتأويل نصوص التشريعات الجبائية وكذلك في تطبيقها، فحيث تكون المادة أقل وضوحا تترك مجالا أكبر لتدخل الإدارة لسد النقص والثغرات الموجودة في النصوص، وتجسد ذلك في عدد هائل من قضايا المنازعات التي تدخل فيها الإدارة الجبائية سنويا مع الممولين ولأخذ صورة حية هذه التغيرات التي تطرأ على القانون الجنائي الجزائري، فعلى سبيل المثال قانون المالية لسنة 1993 جاء بـ45 تغييرا بين تعديل وإلغاء وإتمام:
-27 منها تخص الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة.
- 18 تغييرا بالنسبة للرسوم على القيمة المضافة (TVA) .
أما القانون المالية لسنة 1995 فقد احتوى على 49 تغيير




(1) د. عبد المنعم فوزي – النظم الضريبة.الدار الجامعية- بيروت. 1986 ص.159
- 19 منها مخصوص الرسم على القيمة المضافة.
- 30 بالنسبة للضرائب المباشرة والرسوم المماثلة .
أما بالنسبة لقانون المالية لسنة 1996 احتوى على:
- 37 تغيير في ما يخص الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة.
- 21 تغيير فيما يخص الرسم على القيمة المضافة.
- 30 تغيير فيما يخص حقوق التسجيل والطابع.
- 09 تغيرات في ما يخص الضرائب غير المباشرة من خلال هذه الأرقام لعدد التغيرات التي حدثت في فترة وجيزة بعد الإصلاحات الأخيرة التي تقدر بـ5 سنوات سيتبين لنا مدى الاستقرار في التشريعات الضريبية والدليل على ذلك أن قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة الذي صدر سنة 1992 قد أعيد طبعه من جديد لكثرة التعديلات التي طرأت على معظم مواده.
أما بشأن المعدلات فنذكر على سيل المثال تلك التغيرات التي حدثت في معدلات الرسم على القيمة المضافة فبعد أن كانت 18 معدلا قبل 1992 انتقلت إلى أربعة(4) بعد الإصلاحات لتصل سنة إلى ثلاثة (3) معدلات.
ومن الأسباب التشريعية التي تكون سبب في التهرب والغش الجبائيين الضغط الجبائي الذي له أثر كبير في أداء المكلف بالضريبة وإجابته الجبائية إلا أنه في الواقع كلما ارتفع سعر الضريبة وقيمتها وكلما زاد عبؤها "كلما كان ذلك مدعاة ودافعا قويا للتهرب منها بل الإحساس بحق المقاومة أمام كل هذه الضغوط"(1).وهنا لا بد من الإشارة إلى مفهوم الضغط الجبائي .
فيمكن تعريف الضغط الجبائي بالعلاقة الموجودة بين الاقتطاع الجبائي الذي يخضع له الشخص الطبيعي أو الجماعة الإقليمية والدخل الذي تحوزه هذه الأشخاص أو الجماعة الإقليمية.
يعتبر الضغط الجبائي في الجزائر عاليا نسبيا مما يدفع أكثر للتهرب خاصة في تدني الدخل الوطني وعدم تناسب الأسعار مع القدرات التكلفية للأفراد المحليين الجبائيين بين نوعين من الضغط الجبائي ضغط جبائي خاص والآخر عام فالضغط الجبائي بالنسبة للمكلف هو المقارنة بين مجموع الاقتطاعات التي يتحملها ومجموع المداخل التي يتحصل عليها، فيعبر عنه بالعلاقة التالية:
ض ج = الضغط الجبائي
مـج ض: مجموع الضرائب
مـج د: مجموع المداخل
من العلاقة السالفة الذكر نستنتج وجود علاقة طردية بين ظاهرة التهرب والضغط الجبائي، حيث أنه كلما ارتفع معدل الضغط الجبائي للمكلف هناك ضغط جبائي يقاس على مستوى الدولة يحدد عن طريق المقارنة بين مجموع الاقتطاعات الإجبارية العامة والناتج والوطني الخام الإجمالي المكلف بالضريبة المحددة وفقا لأحكام المواد من 95 إلى 98"(1)



(1)د. عبد المنعم فوزي – مالية الدولة –دار النهضة العربية . بيروت 1972

المطلب الثاني: الأسباب الإدارية
" يتطلب تحقيق الأهداف السياسية الضريبية النظر إلى إمكانيات التطبيق فليس من المجدي الزيادة في الحصيلة الضريبية أو فرض الضرائب الجديدة أو رفع أسعار ضرائب قائمة إذا كانت تفتقر إلى وسائل تنفيذها، فإن ذلك يزيد الأمر تعقيدا بتعدد الضرائب التي تقلل من الحوافز وتدفع إلى التهرب"(1)
إن الإدارة الجبائية في العالم الثالث هي التي تشكل وتغيير تشوه الجبائية ويظهر ذلك في فسح المال لتشجيع وتفشي ظاهرة التهرب الضريبي وهذا من خلال النقص في الإمكانيات المادية والبشرية وتعقد الإجراءات التنظيمية وعدم كفاية الإجراءات الإدارية والعقابية لضمان التحصيل الضريبي على أكمل وجه، ومن هذا نستنتج أن الأسباب الإدارية تنحصر في قسمين هما، الإمكانيات البشرية والمادية والإجراءات التنظيمية والإدارية.

الفرع الأول: الإمكانيات البشرية والمادية
بالنسبة للإمكانيات البشرية فإنها ساهمت بالقسط الوافر في تفشي ظاهرة التهرب الضريبي وهذا ما تعاني منه الكثير من دول العالم الثالث، ومن بينها الجزائر فمن ناحية الإمكانيات البشرية يتجسد ذلك في النقص الكبير من الجانب الكمي من حيث العدد المتواضع من الموظفين وأعوان الجبائية، أما من الجانب النوعي فيرجع إلى الضعف في تأهيل والكفاءة نتيجة نقص المدارس المتخصصة في تكوين الإطارات ذي الكفاءة المهنية، ومن هنا نستخلص أن الإمكانيات البشرية في الإدارة الجبائية الجزائرية تتجسد في مظهرين اثنين، أحدهما الجانب الكمي أو العددي، والآخر لجانب النوعي أو الكيفي.
فمن الناحية الكمية، أمام الانفتاح الاقتصادي الذي عرفته الجزائر في السنوات الأخيرة وما أنجز عنه من زيادة في عدد المشاريع الاقتصادية وفتح الباب لمبادرات الفردية و أصحاب رؤوس الأموال من الاستثمار في شتى الميادين كانت النتيجة الحتمية لذلك أن ارتفاع عدد المكلفين لم تسايرها زيادة مماثلة من الناحية الكمية لأعوان وموظفي الإدارة الجبائية إذ وجدت هذه الأخيرة نفسها أمام مهام متزايدة وضخمة يصعب التحكم فيها، من جهة أخرى إن الإصلاحات الجبائية التي دخلت حيز التطبيق بالإضافة إلى إعادة تنظيم الإدارة الجبائية التي نشأ عنها بموجبها المديريات للضرائب، أصبح الاختلاف واضحا بين وظائف هذه الإدارات وبين إمكانياتها البشرية ولمكافحة الغش والاحتيال والتهرب الضريبي في نظام يعتمد أساسا على التصريح الشخصي وعلى نزاهة المكلف ،غير أن المشكلة الجوهرية التي تعرقل إجراء رقابة دائمة وفعالة تكمن في النقص الكبير لعدد المراقبين الذين هم بحوزة الإدارة الجبائية ،وهذا ما أكدته الإحصائيات لسنة 1992 بان المصالح المختصة في مجال الرقابة الجبائية على مستوى التراب الوطني تتوفر على 700 مراقب لـ 870000 مكلف أي بمعدل 1250 ملف للمراقب الواحد مع ما يحمله كل ملف من بيانات وجداول تستغرق مدة الاطلاع والتحقيق في المعلومات التي يحتويها وقتا لا يستهان به مع إمكانية أو احتمال إجراء دراسة معمقة للملف تختلف المدة الضرورية لها باختلاف النشاط الاقتصادي ومدته ومجالاته.



(1)د. عبد الكريم صادق بركات – النظم الضريبية، الدار الجامعية . بيروت1986.ص284

- ويبقى العامل الأساسي متمثلا في الاعتماد على سياسة ضريبية لا تعطي الكفاءة والمهارة دورها الفعال، فمن بين العوامل المساعدة أيضا عدم اكتمال كفاءة أعوان الإدارة الجبائية ذلك التنظيم الداخلي المتمثل في الفصل بين المصالح التي كان معمولا بها إلى غاية منتصف سنة 1994 هذه الطريقة تدفع بأعوان الإدارة بالتخصص بحسب نوع الضرائب والمصلحة التي يعملون بها،مما أدى إلى جهل الأغلبية الساحقة من الأعوان بأنواع الضرائب الأخرى والقواعد الخاصة بها في غياب دورات أو برامج مسطرة من طرف الإدارة لتمكنهم بالإلمام بمختلف أنواع الضرائب تماشيا مع الظروف الاقتصادية الراهنة والتي تقتضي أن يكون الموظف في الإدارة الجبائية على دراية واسعة بمختلف الضرائب والرسوم والتي يحتويها هيكل النظام الجبائي، كما يرجع هذا الضعف في التأهيل والكفاءة في شقه الثاني إلى غياب سياسة محكمة لتكوين ورسكلة الإطارات ذات الكفاءة نتيجة النقص الفادح في عدد المدارس المتخصصة في هذا المجال إضافة إلى نسبة الإطارات التي تشغل مصالح الإدارة الجبائية قليلة إلى حد كبير.
أيضا النقص النوعي لأعوان الإدارة الجبائية انعدام المحفزات الخاصة المتعلقة بالترقية وكذلك نظام الأجور، إذ تعد أجور الموظفين بالنسبة للإدارة العمومية بالوجه الخصوص من بين الأجور الأكثر تدنيا مقارنة بتلك الممنوحة في قطاعات أخرى للخدمات كالبنوك والتأمين، الشيء الذي ينعكس سلبيا على مرد ودية الموظفين ولا يحفزهم على البحث ومحاولة توسيع خبراتهم، وتأتي الرشوة لتتوج الجانب السلبي للموظف، هذه الظاهرة التي انتشرت في إدارتنا والتي تعتبر أخطر بكثير من الكفاءات.
أما الإمكانيات المادية فهي أهم العراقيل الرئيسية التي تحد من فعالية الإدارة الجبائية، إذ تعد هذه الأخيرة السبب المعرقل في نجاح كل إصلاح جبائي، بالنسبة للمقرات التي يزاول فيها الموظفين مهامهم إن لم تكن كافية من الناحية الكمية، فمعظمهما بنايات قديمة من مخلفات الاستعمار لا يتوفر بعضها على أدنى شروط المساعدة على أداء العمل بفعالية وراحة، كما أن طبيعة مهام بعض مصالح الإدارة الجبائية تتطلب الحركة الدائمة والتنقل المستمر لأعوان هذه المصالح كما هو الحال بالنسبة لمصلحة التحقيقات ومصلحة البحث في المادة الخاضعة للضريبة، ومن المؤسف رغم الأولويات التي تقتضيها هذه المهام من وسائل للتنقل من سيارات وما إلى ذلك أن أغلب مصالح الإدارة الجبائية عبر كامل التراب الوطني المكلفة بهذه المهام لا تتوفر على الوسائل اللازمة لتنقلها إذ يضطر الأعوان المحققون من كثير من الأحيان إلى استعمال وسائل تنقلهم الخاصة وتنعدم في إدارتنا الجبائية أجهزة التسيير الحديثة، وأدنى تقنيات معالجة المعطيات والإحصائيات التي وصل إليها العالم المتقدم.













الفرع الثاني: الإجراءات التنظيمية والإدارية :

- تعقد الإجراءات الإدارية الخاصة بتحصيل الضريبة، فالإجراءات الروتينية المعقدة كثيرا ما روح الكراهية للضريبة، وهو ما يجب على الإدارة الجبائية أن تقوم به وذلك بتسيير إجراءات التحصيل.
- غالبا ما تغرس الإجراءات الروتينية المعقدة روح الكراهية اتجاه الضريبة مما يدفع بالمكلفين إلى اللجوء إلى الغش والتهرب، وهو ما يجب على الإدارة المالية تفاديه بالعمل على تبسيط وتسهيل الإجراءات.
- صعوبة تقدير وعاء الضريبة: " لا شك أن الصعوبات التي تلاقيها الإدارة المالية في تقدير بعض أوعية الضرائب هي مما يشجع الممول على التهرب، وقد تعمد الإدارة إلى ربط الضريبة جزافيا بأقل من القيمة الحقيقية أو بأكثر من قيمتها الحقيقية مما يؤدي إلى إحداث آثار معنوية تشجع على التهرب"(1)
- عدم المساواة في تطبيق الإجراءات: يمكن أن نفرق بين العدالة القانونية والعدالة الفعلية، فقد تكون الضريبة عادلة إلا إذا استوفت ركني العدالة، أي عدالة تقرير الضريبة وعدالة تطبيقها، والإدارة يجب أن تكون عادلة في التطبيق لأن عدم المساواة في التطبيق تضعف الثقة العامة بعدالة الضريبة وتكون من دواعي التهرب منها:
- عدم التشدد على فرض الجزاءات على المتهرب، فالتهاون في تطبيق الجزاءات المنصوص عليها قانونا بشأن المتهربين مما يشجعهم على الاستمرار في ارتكاب أعمال احتيالية للتخلص من أداء الضريبة، كما يشجع غيرهم على اقتراف مثل هذه الأعمال، والملاحظ أن إهمال قطاع حساس كهذا يؤثر سلبا على موارد الدولة وبالتالي يعيق اقتصاد البلاد .















(1)د. عبد المنعم فوزي – المرجع السابق. ص. 236




الفصل الثانـي: أساليب التهرب الضريبي وآثاره


تمهيــد:

بعد دراستنا للفصل الأول، تحليل الأسباب التي تجعل المكلف يلجأ للتخلص من دفع ما عليه من ضرائب، سنحاول في هذا الفصل التطرق إلى الأساليب التي يسلكها من أجل الوصول إلى الغاية الموجودة وبذلك التنصل من التزاماته الجبائية عن طريق العمليات الحسابية التي تعتبر نظام قياس واتصال بين المكلف والإدارة الجبائية، حيث يمكنه مثلا التخفيض من قيمة الإدارات أو التضخيم من قيمة النفقات عن طريق تسجيل نفقات وهمية.
كما يمكن أن يأخذ التهرب الضريبي أسلوب آخر، وذلك بخلق وضعية قانونية مخالفة تماما للوضعية القانونية الحقيقية، وهذه الطريقة تسمى بالتهرب عن طريق عمليات قانونية.



المبحث الأول: أساليب التهرب الضريبي
ما دام القانون الضريبي موافاة الإدارة الجبائية في مواعيد وآجال محددة، بإقرارات الربح الضريبي الذي حققه المكلف خلال السنة المالية فإنه من الطبيعي أن معظم البيانات اللازمة لهذه الإقرارات يوفرها النظام المحاسبي، الذي يعد نظام قياس واتصال يعمل على تسجيل وتبويب وتلخيص العمليات المالية التي تقوم بها المؤسسة وإعطاء بيان دوري للجهات المعنية بنتائج وبحكم افتراض جزء من تضامن الممول اتجاه التصريحات المقدمة، حيث أنه يسعى دوما إلى إدخال بعض التعديلات والتغييرات على ملفه الجبائي خاصة من جانبه المحاسبي والذي اختصره " مارتيناز ( MARTINEZ) في قوله "تتعدد طرق التهرب الضريبي والتي تمتد من التخفيض التافه لمبالغ المبيعات أو الإستراد دون تصريح إلى إهمال تسجيل الإيرادات محاسبيا مرورا بتضخيم الأعباء القابلة للخصم"(1)
المطلب الأول: التحليل المحاسبي:
لقد اختلفت وتعددت طرق التهرب الضريبي مما جعل المكلف يتجاوز كل العقبات باستعماله لشتى الحيل قصد إيجاد ثغرات تسهل عليه عملية التهرب بطريقة أكث دقة وذكاء ألا وهي التحليل المحاسبي، معتمدا على ذلك التخفيض في مبالغ المبيعات أو الشراء (الإستراد) بدون تصريح، وقد تعدى ذلك إلى درجة إهمال تسجيل الإيرادات محاسبيا وأحيانا التخفيض من قيمة هذه الأخيرة مرورا بتضخيم الأعباء القابلة للخصم وهذا ناتج بطبيعة الحال أن طرق التحايل المحاسبي تنقسم إلى قسمين، التخفيض من قيمة الإيرادات والتضخيم من قيمة النفقات.
الفرع الأول: التخفيض من قيمة الإيرادات:
تعتبر هذه الطريقة من الأوجه الأكثر شيوعا لممارسة هذا النوع من المخالفات التي يعمد من خلالها المكلف من أجل تخفيض وتقليص الوعاء الضريبي وتفادي الإقرار والتصريح على جزء كبير من الإيرادات التي تدخل في حساب الربح الخاضع للاقتطاع، وهي طريقة تقتصر على من يملكون ويمسكون سجلات محاسبية، سواء كان هذا إجباريا بموجب رقم أعماله الذي يفرض عليه الدخول في نطاق نظام التصريح الحقيقي أو اختياري بمحض إرادته وإن لم يتوفر على الشرط السابق.
ولقد جاء في نص المادة 29 من القانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة " يجب على المكلفين بالضريبة أن يمسكوا السجلات والأوراق الثبوتية إلى غاية انقطاع السنة الرابعة التالية للسنة التي تم فيها تقييد الإيرادات والنفقات".
فالإيرادات التي لم تسجل في الدفاتر المحاسبية قد تكون ثمن صفقات لبيع سلع أو مبالغ ناتجة عن تخفيضات على رقم الأعمال من طرف الموردين، ومن دون شك أن هذه التخفيضات تتم نقدا من يد إلى يد مما لا يترك أي أثر لوجودها، وبالمقابل فإن هذه المبالغ يتم تقييدها من طرف الموردين في سجلاتهم الخاصة باعتبارها أعباء تتعلق بعملياتهم التجارية، الشيء الذي يحرم خزينة الدولة من موارد هامة. وقد يلجا المكلف إلى تخفيض الإيرادات الناتجة عن المبيعات، ذلك بتفادي تقييدها محاسبيا


(1) د. عبد الكريم صادق بركات. مرجع سابق. ص 298

(البيع دون فواتير) هذه الطريقة تمكنه من إخفاء جزء كبير من رقم أعماله، لكن الأدهى أن يقوم هذا الأخير بتسجيل مبلغ السلع التي اشتراها " والتي سيكون ناتج بيعها محل إخفاء ضمن مصاريف الاستغلال بدء بقيمتها وكذلك مصاريف اقتنائها إما أثناء بيع هذه السلع فجزء كبير من قيمة هذه المبيعات تذهب مباشرة إلى الحساب الخاص للمكلف دون تقييدها في الدفاتر المحاسبية وبذلك يتم تخفيض رقم الأعمال بقيمة مساوية لتلك التي لم تسجل في محاسبة المؤسسة" (1) يبرز هذا التحايل جليا عندما تنخفض قيمة المبيعات دون أن يقابلها تخفيض في قيمة المشتريات خاصة إذا كان هذا التخفيض بدرجة كبيرة يؤدي إلى تباين في الربح الإجمالي وكذلك نسبة هذا الربح بين الحالة الحقيقية والحالة المعدلة المصرح بها، الشيء الذي يلفت انتباه المحقق.
وعلى اختلاف الحالة الأولى ولكي لا يلفت انتباه المحقق يلجأ المكلف إلى طريقة أذكى والمتمثلة في التحايل المحاسبي في قيمة المشتريات وفي نفس الوقت تخفيض جزء من الإيرادات للحصول على نسبة هامش الربح ثابتة عن طريق تكييف سعر التكلفة مع مبلغ المبيعات للحصول على تناسب بينهما ونتج عن ذلك أن يحصل للمكلف في وضعية التي وازنها على نسبة هامش ربح لتلك الموجودة في الحالة الحقيقية.
الفرع الثاني: التضخيم من قيمة النفقات ":
يرى مارتيناز ( MARTINEZ)أن من أبرز مظاهر التهرب وأكثرها شيوعا تلك التي تجسد في التخفيض من قاعدة الاقتطاع من مبالغ الأرباح ومن رقم الأعمال، أو في الزيادة أو في التضخيم من تكاليف ونفقات الخصم". وباعتبار أن الجهاز الجبائي الجزائري يعتمد أساسا على نظام التصريح والإقرار الإداري للمكلفين في تحديد الوعاء الضريبي، وفي هذا الإطار رخص القانون حق خصم بعض الأعباء والتكاليف في نطاق نشاطه، وهذا وفقا لشروط محددة هي:
- أن تكون هذه الأعباء لها علاقة بنشاطات المؤسسة.
- أن تكون هذه الأعباء موظفة في صالح نشاط المؤسسة، وأن تتعلق بالسير العادي لها.
- أن تكون هذه الأعباء مرفقة بمبررات ووثائق رسمية، وأن تتصل بأعباء فعلية.
- أن تعمل على تخفيض الأصول الصافية للمؤسسة.
غير أن المكلف في غالب الأحيان لا يراعي هذه الشروط حيث يسعى دوما إلى التخفيض من ربحه الخاضع للضريبة، وذلك عن طريق التضخيم من قيمة التكاليف والأعباء، فعملية التضخيم هذه تمكن أساسا في ملفات المستخدمين ووظائف وهمية، تسجيل نفقات عامة غير مبررة وكذلك الحساب الخاطئ للإهتلاكات، وأهم أشكال التحايل المحاسبي الذي يقوم به المكلف من أجل التهرب من التزاماته الجبائية والتي تتمثل في التضخيم من قيمة النفقات هو استعماله أساليب عديدة من بينها:




(1)د. عبد الكريم صادق بركات. مرجع سابق.ص 298

1- استعمال مستخدمين وهميين: حيث يتمثل هذا الأسلوب في التسجيل المحاسبي للأجور ومرتبات متعلقة بعمال ومستخدمين وهميين لا وجود لهم على أرض الواقع غير أنهم يحوزون على وثائق محاسبية وإدارية رسمية تخلوا من كل شك، وبتضخيم هذه الأجور والرواتب التي تسمح في النهاية بتخفيض الربح الحقيقي من طرف المؤسسة الخاضعة للضريبة وفي هذه الحالة قد يتم تسجيل هذه الأجور والمرتبات بشكل مفرط لأشخاص يؤدون أعمالا ثانوية أو لا وجود لأي عمل يقومون به لصالح هذه المؤسسة.
2- نفقات ومصاريف غير مبررة: عند كل تحقيق يكتشف بأن النفقات المصرح بها لدى الإدارة الجبائية مبالغ فيها أو أنها غير مبررة لا وجود لأية علاقة لها بنشاط المؤسسة والتي تؤدي بالضرورة إلى تضخيم التكاليف والأعباء المراد خصمها من الربح الخاضع للاقتطاع الضريبي ومن بين هذه الحالات نذكر على سبيل المثال:
- المبالغة والإفراط في تسجيل المكافآت فيمنع التشريع الجنائي للمكلف حق الخصم من ربحه الخاضع للضريبة بعض المصاريف والنفقات التي حددتها المادة 169 من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة " من بينها مختلف المبالغ المتخصصة للإشهار، المالية/ أو تلك المتعلقة بصيانة المباني المتخصصة مباشرة للاستغلال."
وغالبا ما يستغل المكلف هذا الحق الذي أقره له القانون بتضخيم هذه المصاريف إلى درجة مبالغ فيها ومفرطة، كأن يخصص مكافآت عالية تفوق تلك التي كان من المفروض عليه أن بقدمها لمستخدميه.
3- أسلوب تقنيات الإهتلاك: " الإهتلاك المالي هو الإثبات الكتابي الذي يكون على أوراق أو مستندات للنقص الذي يصيب الموجودات الثابتة للمؤسسة بمرور الوقت أو من خلال استغلالها من طرف المؤسسة ويمكن تعريف الإهتلاك على أنه القسط أو القمة التي تفقدها الموجودات الثابتة( الأصول) التي تمتلكها المؤسسة والمتمثلة في العقارات والمباني والتجهيزات، المعدات، الآلات ووسائل النقل...إلخ(1)
ويعتبر الإهتلاك أحد العناصر القابلة للخصم في حساب قاعدة الربح الخاضع بالاقتطاع كونه يدخل ضمن قاعدة الأعباء المنخفضة أو المخصومة من إيرادات المؤسسة مع مراعاة بعض الشروط التي يجب توفرها في الأصل المهتلك ألا وهي:
- أن يصنف الأصل المهتلك ضمن عناصر الأصول الثابتة للمؤسسة والتي تتقادم مع مرور الزمن.
- يجب ألا تتجاوز الإهتلاكات المتراكمة قيمة الأصل المهتلك.
- يجب أن يكون الأصل المستثمر والخاضع للإهتلاك مسجلا محاسبيا، ومن خلال تنوع الأصول المهتلكة وفرة بقائها فالتشريع الجنائي وضع سلما لمعدات الإهتلاك التي وجب على المكلف تطبيقها من أجل تضخيم الأعباء.
وزيادة على هذا فإن الكلف لأجل تضخيم أعباءه فإنه يضيف قيمة إهتلاك أخرى، مثل أصول تم بيعهاويقوم بحسابها ضمن الإهتلاك كما يستفيد المئونات غير المبررة في تخفيض عبئه الضريبي.

(1) د. عبد المنعم فوزي – المرجع السابق. ص. 250


المطلب الثاني: التهرب الضريبي بالطرق المادية والقانونية:
بالإضافة إلى الأسلوب الأول والمتمثل في التحايل المحاسبي المذكور سابقا، هناك أسلوب ثاني آخر متمثل في التهرب بطرق مادية وقانونية وهي الأخرى لا تقل شأنا وضررا عن الأولى كما يعد من أخطر أشكال التهرب الضريبي حيث يصعب مراقبته واكتشافه من طرف المراقبين ومن هذا فإن هذا النوع من التهرب ينقسم إلى قسمين، تهرب عن طريق عمليات مادية وأخرى عن طريق عمليات قانونية.

الفرع الأول: التهرب عن طريق عمليات مادية:
" إن التهرب عن طريق العمليات المادية يعتبر من أخطر أشكال التهرب الضريبي لمساهمته في إرسال مجال للاقتصاد السري والغير الشرعي بعيدا عن كل مراقبة، وقد يكون بمبادرة وجهود فردية يخفي صاحبها جزء من أملاكه من مخزون بضاعته أو مع إعلان عن جلبه لمواد أولية غير كافية ليعاد بعد ذلك بيعها بطريقة غير شرعية حيث نلاحظ ذلك من خلال العمل الذي يتم سريا، من خلال الأسواق السوداء "(1) وهذه الأخيرة هي السوق التي يتم فيها تبادل السلع والمواد بعيدا عن كل مراقبة من طرف الإدارة الجبائية حيث تواجه هذه الأخيرة صعوبات لإخضاع هذه المبادلات للضريبة، أما بالنسبة لحقوق الشركة أين يقوم الوارث بإخفاء جزء من الشركة للتخلص من دفع حقوق الميراث، فمن بين أكثر الإجراءات انتشارا وشيوعا في ميدان التهرب الضريبي عن طريق العمليات المادية تلك التي تستعملها الو رشات التي يمتلكها الخواص، خاصة في ميدان الصناعات النسيجية حيث يصرح أصحاب هذه الو رشات بمعدلات خسارة كبيرة بشأن المخلفات والنفقات الصناعية في حين أن جزء منها يعاد بيعه على شكل مواد أولية تدخل في صناعات أخرى.
- فنجد مثلا أن صانع المشروبات يضع 100 غ السكر عوضا عن 150 غ لصنع لتر واحد من المشروبات، أما 50غ الباقية تكون في الأصل خاضعة للضريبة، تتضاعف وتصبح غير معروفة لدى الإدارة الجبائية.
- ونجد كذلك مثلا ورشة لصناعة الملابس النسيجية تصرح بنسبة خسارة قدرها 90% على شكل فضلات ومهملات في حين أن النسبة العادية هي 10% .
فالفرق إذن يكون محل صفقة بين صاحب الورشة وصاحب الأغطية.

الفرع الثاني: التهرب عن طريق العمليات القانونية:
" إن التهرب عن طريق عمليات قانونية هو خلق حالة قانونية تظهر مخالفة للحالة القانونية على أثر عملية وهمية أو تكييف خاطئ على عمل ما "(2). وتعد هذه الطريقة أكثر تنظيما وأرقى تقنيات من سابقاتها وتمكن في:
- التهرب الضريبي عن طريق عمليات وهمية، والتهرب عن طريق التحايل في تصنيف الحالات القانونية.


(1) د. عبد الكريم صادق بركات. مرجع سابق. ص 307
(2) د. عبد الكريم صادق بركات. مرجع سابق. ص 305

" وسبب انتهاج المكلف هذا الأسلوب هو كون الرقابة التي تتم على مستوى الإدارة الجبائية ترتكز على مطابقة الكتابة الحسابية للوثائق الثبوتية المقدمة" (1). ولأجل ذلك فإن المتهربين أسسوا نظاما قائما على كتابات متناسقة ومتكاملة فيما بينها وتبريراتها الضرورية والمتعارف عليها عالميا مصطلح Taxe أي الرسم لأنها تقوم أساسا على تأليف الرسم هذا الأخير قابل للتعويض وبيعيه للمؤسسات المعنية حيث يعمد إلى تقديم وثائق تجارية سليمة وقانونية لعمليات وهمية باسم مؤسسة وهمية مما يسمح للمعني بالاستفادة:
- من تعويضات رسم لم يدفع أبدا للخزينة.
- تخفيف عبء الربح الخاضع للضريبة بما تحمله الفاتورات الوهمية من مبالغ خيالية.
- تخفيض الرسم على القيمة المضافة الخاصة برقم أعماله قيمة الرسم الوهمي المسجل في الفواتير المزورة.
وستكون بعيدة كل البعد عن خطر المراقبة مادامت تتمتع بالشرعية والقانونية ماسكة فواتير وبيانات تثبت دفعها للمبلغ المطلوب بغض النظر عن هذه الوثائق وصفتها، ومن بين أشكال وصور هذا التهرب:
مؤسسة (أ) تشتري من المؤسسة (ب) بضاعة بدون فواتير وبثمن أقل من الثمن المتداول في السوق بينما تتعامل مع المؤسسة وهمية تمنها فاتورة بأسعار باهظة مع إفراط في تسجيل مبلغ تكاليف النقل والرسوم التي لم تدفع أصلا، بعد ذلك تدفع المؤسسة (أ) صكا بنكيا للمؤسسة الوهمية التي تتقاضى قيمتها شكليا وتعيدها نقدا لمسيري المؤسسة (أ) مقابل حصولها على عمولة.
هذه التلاعبات تسمح للمؤسسة (أ) بتبرير لسعر التكلفة المرتفع لمشترياتها والذي يمكنها من تخفيض ربحها الخاضع للضريبة على أرباح الشركات وأيضا الأرباح المقتطعة الخاصة بضريبة الدخل.

2/ إضافة إلى التهرب عن طريق العمليات الوهمية التي يقوم بها المكلف فإنه يتخذ طريقة أخرى والمتمثلة في التحايل في تصنيف الحالات القانونية وقد يكون هذا الأخير عاملا للتهرب الضريبي وذلك بتمرير حالة قانونية حقيقية خاضعة للضريبة محل حالة أخرى معفاة أو أقل خضوعا للاقتطاع ويظهر ذلك غالبا في جباية حقوق التسجيل حيث تمرر حالة بيع مثلا على أساس أنها هبة.







.
(1) المرجع السابق. نفس الصفحة



المبحث الثانـي: آثار التهرب الضريبي
" تلعب الضريبة في العصر الحالي دورا هاما، إذ تعد من أهم الوسائل التمويلية للدولة والتي تضمن لها إمكانية تغطية نفقاتها العمومية المتزايدة والسير الحسن لمشاريعها وأداتها الأساسية لتحقيق أهدافها الاجتماعية والاقتصادية وذلك بالنظر إلى النقص الملاحظ في المواد التمويلية الأخرى ( الاقتراض)الذي يشكل عبئا ثقيلا على كاهل الدولة " وما كان التهرب الضريبي يقف كحاجزا وعائقا يرم خزينة الدولة من المالية والاقتصادية والاجتماعية فالتهرب الضريبي يقلل من الموارد المالية للدولة، ويحدد إمكانياتها للتدخل في المجال الاقتصادي، من حيث الإخلال بمبدأ المنافسة وكذلك إلى توجيه الاقتصاد وجهة غير صحيحة من خلال عدم إقدام الأفراد على مشاريع الاستثمار ذات النفع العام. أما في المجال الاجتماعي فإن التهرب الضريبي يقضي على مبدأ العدالة الاجتماعية ويعمق الهوة بين طبقات المجتمع الواحد.
المطلب الأول: الآثار المادية والاقتصادية

الفرع الأول: الآثار المادية:
تعتبر مشكلة التمويل من أعقد الأمور التي أضحت تشكل قضية بذاتها تطرح في سياق البحث عن الانطلاقة التنموية والانتعاش الاقتصادي، فلا يمكن الحديث عن الأهداف والإنجازات دون تمويل، فالدولة في مسارها التنموي بحاجة إلى مدا خيل وموارد لتغطية نفقاتها المتزايدة خاصة أمام تراجع المواد الأولية الأساسية المصدرة إلى الأسواق العالمية كالقطن في مصر، وتدهور قيمة الدولار مع انخفاض مرد ودية اللجبائية البترولية بعد أن كانت تغطي جانبا كبيرا من إيرادات الميزانية.
" في ظل هذه المعطيات بات من الضروري البحث عن وسائل تمويلية تعتمد على الإمكانيات الذاتية والتي تتسم بالثبات والاستقرار، هذا ما جعل الدولة تلجأ إلى الجباية العادية كمورد رئيسي لتغذية خزينة الدولة وتنفيذ مشاريعها, وهي الوسيلة من أهم وأنجع الوسائل للتمويل الداخلي للتنمية " (1) .
أمام هذه الأهمية المتوخاة من هذه الأداة المالية , يأتي التهريب الضريبي ليحد بشكل واضح وكبير من دورها ليحرم بذالك خزينة الدولة من موارد مالية هامة هي في أمس الحاجة إليها , ويفوت عليها تنفيذ سياستها المالية لأهدافها وإغراضها التنموية من خلال إحداث ارتباك في سياسة الإنفاق و تعطيل سيرورة مشاريع الخزينة المقررة للسنة المالية .
" فالعجز الذي تسجله الميزانية , يعود في أغلب الأحيان إلى نقص معلوم في مرد ودية الضريبة , في حين تقدر المبالغ المهربة وحجم الخسائر التي أحدثها التهرب الضريبي في الإيرادات الجبائية في السنوات الأخيرة أرقاما مذهلة، إذا قدرت ب16مليار دج عام 1994 , 23مليار دج 1995 ،36.7 مليار دج عام 1996 حسب بعض المصادر , أما في سنة 1998 في ولاية أم البواقي فقدرت ب 250 مليار سنيتم "(2).

1- د. عبد المنعم فوزي .المرجع السابق ص170
2 - جريدة الخبر 06 02 1999 ص7

الفرع الثاني: الآثار الاقتصادية:
كل حقيقة تقوم علي تأثيرات متبادلة، فالتخلف الاقتصادي بإمكانه أن يكون حاجزا دون فعالية تدخل الجباية كما إن الهيكل الجبائي يستطيع بدوره توطيد وتأصيل التأخر الاقتصادي للبلاد، " ونظرا لإمكانية تأثير الجباية على الأقطاب أو المتغيرات الرئيسية للاقتصاد فانه يتجلي ذلك بوضوح في التأثير على الادخار ( جلب رؤوس الأموال ) ,والتحفيز على الاستثمار ( جلب المستثمرين ) إلى غير ذالك من المتغيرات ( الإنتاج , التضخم , الاستهلاك ) فان التهرب الضريبي يؤدي إلى ضعف إمكانية الادخار والاستثمار ومنها التقليل من فرص إتاحة الجو الملائم للتنمية , وكبح أهم محفز اقتصادي وهو روح المنافسة " (1).
فالجزائر في وقت أصبحت فيه الوضعية الاقتصادية والمالية متأزمة للغاية أضحى هاجس التهرب الضريبي خطيرا، لما تشهده مدا خيل الدولة من انخفاض القدرة الشرائية للتسريح الجماعي للعمال،كل هذه المؤشرات تجعل من التهرب من بين قضايا الساعة نظرا للخسائر التي يحدثها التهريب لخزينة الدولة، هذا العجز لا يسمح بالدرجة الأولي من تحقيق ادخار عام يمكن لدولة من التدخل في الحياة الاقتصادية الشيء الذي يعرقل ويحد من مقدرتها علي إنشاء المشاريع الاستثمارية التي تقتضيها أساسيات التنمية , وهذا عندما تكون قمة الادخار المرتقبة عير كافية لتغطية الاستثمار .
حيث نجد أن انخفاض معدلات الادخار يجعل الدولة مضطرة إلى التقليل من نفقاتها أو حتى أحجامها في بعض الأحيان ,خاصة تلك المتعلقة بالإعانات والإعفاءات الممنوحة في إطار ترقية الاستثمار من خلال تحفيز الأعوان الاقتصاديين على إقامة مشاريعهم بتكاليف منخفضة لتكون نتيجة ذالك ركود اقتصادي وما تميزه هذه الوضعية من مصاهر أهمها معدلات مرتفعة للتضخم والبطالة .
ومن جهة أخرى نجد أن التهرب الضريبي يكبح أهم محفز اقتصادي وهو روح المنافسة، حيث تكون المؤسسات المتهربة في درجة امتياز علي تلك التي تؤدي واجباتها الجبائية بأمانة مما يفسح المجال أمام المؤسسات المتهربة من الضريبة مجالات تمويلية واسعة كفيلة بتقوية مكانتها في السوق المنافسة، وتمكينها من توجيه أموالها لرفع إنتاجيتها وتحسين نوعيتها , وهو عكس ما تواجهه المؤسسات الأخرى من استنزاف لمواردها المالية وكبح جهودها من اجل تحسين الإنتاجية في جو يسوده الغش , وذلك أن المتعامل الذي لديه قابلية أو عنده إمكانيات رفع إنتاجه بطرق متقنة ومتحكمة للإنتاج والتسيير , يتردد في اللجوء إلى هذه الوسائل من اللحظة التي يلتمس فيها منفذا له عبر التهرب الضريبي , كما انه ينبغي التركيز على أن هذه الأموال التي يفترض وصولها أو وجودها على مستوى الإدارة الجبائية والموجودة نقدا تساهم في قيام اقتصاد غير رسمي أو ما يعرف بالاقتصاد الخفي économie souterraine والذي يمكن تعريفه بمجموع الإيرادات والمداخل غير المعلنة أو غير المصرح بها للهيئات الجبائية المعينة , كما أن التهرب الضريبي يمكن أن يوجه الاقتصاد وجهه غير طبيعية لا تخدم الصالح العام حيث معظم النشاطات التي يفضل الأعوان الاقتصاديون الاستثمار فيها غالبا ما تكون تلك التي تتيح فرصا ومجالات اكبر للإفلات من الاقتطاعات , هذه الأنشطة نسبة كبيرة منها لا تعود بالنفع العام على الاقتصاد , فبدلا أن توجه طاقات الأمة إلى الميادين الأنشطة التي تخلق الثروة التي هي عماد كل تقدم و حركة تنموية يحدث العكس هذا ما يؤدي إلى ضعف الإنتاجية من الناحية الكمية والنوعية .
.
(1) د.عبد النعم فوزي. المرجع السابق ص 175


المطلب الثاني الآثار الاجتماعية:
إن مساهمة الأفراد في تحمل الأعباء العامة للدولة تتحدد بحسب المقدرة التكلفية والإمكانيات المتاحة لكل فرد وباعتبار أن الضريبة وسيلة من وسائل إعادة توزيع المداخل والثروات على مختلف الشرائح الاجتماعية وبهدف إرساء نوع من التكاليف الاجتماعية من طرف الدولة يكون التهرب الضريبي حائلا دون تحقيق هذه الغاية، ليقض بذالك على مبدأ العدالة أمام الضريبة ويحد من سلطة الدولة، وذالك من خلال تحويل عبئها على عاتق المكلفين النزهاء بفعل لجوء البعض إلى التخلص من دفع ما عليهم من ضرائب.
" إن اثر التهرب الضريبي يتجلى بوضوح عند إعداد الميزانية السنوية، فالعجز الذي تسجله الإدارة الجبائية في تحصيل المداخل الجبائية ناتج عن التهريب، ولتغطية هذا العجز الحاصل تعمد هذه الأخيرة ( الإدارة الجبائية ) إلى الرفع من مستوى معدلات بعض أصناف الضريبة وباستحداث ضرائب جديدة الشيء الذي يزيد في تعميق الهوة بين مختلف الطبقات الاجتماعية مما يولد جو مشحون تسوده الضغينة والخداع بين أفراد المجتمع الواحد " (1)، وفي ظل هذه الظروف، قد يعمد المكلفون النزهاء إلى سلوك نفس الطريق تجنبا للعبء الضريبي الذي هو على عاتقهم، فيكون بذلك الأثر السلبي الذي يترتب عن التهرب فهو ينمي روح اللامدنية ويحفز المكلفين النزهاء بل ويحرضهم على التهرب، وفي هذا الصدد نقول أن نسبة التهرب الضريبي تكزن اكبر كلما كانت معدلات الضرائب مرتفعة جدا.
" ما يلاحظ في اغلب البلدان النامية أن طبيعة مواردها متفاوتة النسب بين مختلف أصناف الضريبة واعتمادها بدرجة الأولى على الضرائب غير المباشرة، هذا النوع من الضرائب الذي يفرض على السلعة الاستهلاكية والخدمات، حيث عادة نجدها بمعدلات مرتفعة لتمس بذلك السواد الا عضم من افراد المجتمع الذين يساهمون بقسط وافر في دعم خزينة الدولة، الشيء الذي ينمي لدهم الإحساس بالقهر والاستغلال من طرف النظام الجبائي" (2)، يتزايد هذا الشعور لدي هذه الفئات بسكوت الدولة على مختلف التجاوزات التي تقترفها أيادي أصحاب النفوذ بتهرب الدائم وهو ما يجعل الجو مضطرب في العلاقات بين أفراد المجتمع وظهور الفوارق اجتماعية وقد يتطور الأمر إلى أبعد من ذلك، وتشتد خطورته وضراوته ( أضراره ) بمخالفة التشريعات الأخرى وفي شتى المجلات ليقزم من دور الدولة ويحد من سلطاتها في غياب العقاب الرادع لمثل هذه المخالفات والجرائم , وأخيرا فالتهرب الضريبي قد يكون سببا في إحداث نوع من فقدان الثقة أثناء المعاملات المالية والتجارية من إبرام الصفقات والعقود وما إلى ذلك من الممارسات القانونية التي تقتضيها مصالح الأفراد .








(1)- د.عبد المنعم فوزي , النظم الضريبية مرجع سابق ص320
(2)- د. عبد المنعم فوزي ,مالية الدولة مرجع السابق ص180


الفصل الثالث: وسائل مواجهة التهرب الضريبي:

بعد أن تعرضنا في الفصل الأول عن أهم الأسباب المؤدية إلى التهرب الضريبي وفي الفصل الثاني عن مختلف الأساليب والوسائل المستعملة في التهرب انتهاء إلى الآثار الوخيمة التي قد تنجر عن هذه الظاهرة، الأمر الذي يستدعي حتمية مجابهة ومكافحة هذا الداء، وللحد من استفحال هذه الظاهرة لا يتوقف الأمر علي مجرد تحديد مفهوم الضريبي والأسباب المساعدة والمؤدية إليه والآثار المترتبة عنه بل يقتضي على السلطات المعنية انتهاج سياسة رشيدة للحد من تفاقم الوضع ولو بدرجة نسبية وذلك من خلال العلاج الردعي المتمثل في الرقابة الجبائية والذي يكون من اختصاص الإدارة الجبائية، حيث تلجا الدولة إلى اتخاذ إجراءات ردعية كفيلة للحد من خطورتها، فالمادة الرابعة من القانون التكميلي لقانون المالية لسنة 1992 اعتبرت التهرب الضريبي جناية، وهذا لبعث الخوف في نفوس الأفراد لتجنب الوقوع فيها وارتكاب مثل هذه التجاوزات .
تتمثل الإجراءات التي تسعى الإدارة الجبائية من خلالها التهرب الضريبي وذلك بتشديد الرقابة، هذه الأخير التي تعتبر حتمية أو ضرورية نظرا لطبيعة النظام الجبائي الذي يقوم أساسه على التصريحات أو الإقرارات المقدمة من طرف المكلفين , لكن في غالب الأحيان ما تكون هذه التصريحات المكتتبة من طرفهم غير صحيحة في كثير من الحالات.


المبحث الأول :الرقابة الجبائية والجزاءات المقررة:

لقد منح المشرع للإدارة الجبائية حقوقا وصلاحيات من شانها أن تسمح لهذه الأخير التحقيق من صحة التصريحات وصدقها وقانونيتها وصولا إلي تصحيح وتقويم الأخطاء المرتكبة غير أن الرقابة التي تتم على مستوى مكاتب مصالح الإدارة الجبائية هي تبقي غير كافية لأجل ضمان صحة وصدق التصريحات, لهذا تعمد الإدارة للقيام بتحقيقات أكثر تعمقا , والمتمثلة في التحقيق المحاسبي أو تحقيق المعمق في مجمل الوضعية الجبائية، إضافة إلى أن الرقابة الجبائية هي وسيلة للكشف عن المخالفات , فإنها تسمح أيضا بإرساء مبدأ أساسي للاقتطاعات والمتمثل في وقوف جميع المكلفين على قدم المساواة أمام الضريبة وكذلك احترام قواعد المنافسة التي تعرقل من طرف المتهربين ولقد فرض المشرع الجبائي الجزائري جملة من العقوبات والجزاءات المتنوعة وذلك حسب طبيعة المخالفة المرتكبة من طرف المكلف وهذا لضمان تحصيل الجبائي.
المطلب الأول: الرقابة الجبائية:
سعيا من طرف القانون لتنظيم عملية الرقابة، رسم المشرع الجزائري إطارا قانونيا ليمكن من خلاله المحققين أو أعوان الجباية الحياد عنه لممارسة أي شكل من إشكال التعسف بحجة تطبيق القانون فاوجب عليهم بذلك إتباع إجراءات معينة لإتمام أو تنفيذ عملية الرقابة .
حيث تتمتع الإدارة بصلاحيات وحقوق تجاه المكلفين أثناء تحقيقها لمهمتها الرقابية , لكن في إطار من الضمانات لحماية المكلف باستبعاد الممارسات التعسفية تجاهه بحجة أدائها لمهمة الرقابة من بين هذه الصلاحيات :
-حق الاطلاع
- حق الزيارة
-حق الرقابة (التحقيق)
-حق استدراك الأخطاء الإدارية
-الضمانات
الفرع الأول : حق الاطلاع :
إن حق الاطلاع يعتبر طريقة قانونية يمارسها أعوان الإدارة الجبائية الذين هم برتبة مراقب على الأقل والملزمين بالسر المهني في أداء مهامهم , بواسطة هذا الحق يمكن لهم الاطلاع على الوثائق الخاصة بالمكلف الذي هو بصدد التحقيق، بحيث تعتبر هذه الوثائق المرجع الرئيسي المساعد في تمكين أعوان الإدارة الجبائية بمهمة التحقيق. إن مجال تطبيق حق الاطلاع يقتصر على الإدارة العمومية والمؤسسات الخاصة، كما نصت عليه المواد 309 الى316 من قانون الضرائب المباشرة و الرسوم المماثلة والمادتين 74و75من القانون الرسم على القيمة المضافة وكذلك فيما يخص البنوك والمؤسسات المالية (1)- جريدة الخبر.يوم 06-01-1999.ص:16 .






ويختلف مجال وطريقة حق الاطلاع باختلاف الجهة والهيئة المعينة الخاضعة لهذا الحق ومن اشكال حق الاطلاع نجد ما يلي :

1- الإطلاع لدى الإدارات العمومية:
طبقا لما ورد في النص المادة 309 من قانون الضرائب المباشرة و الرسوم المماثلة فإنه " لا يمكن في أي حال من الأحوال لإدارات الدولة، الولايات، البلديات، وكذا المؤسسات الخاضعة لمراقبة السلطة الإدارية أن تدفع بالسر المهني أمام أعوان الإدارية المالية الذين هم على الأقل من رتبة المراقب ويطلبون منها الإطلاع على وثائق الخدمة التي توجد في حوزتها "
غير أن المعلومات الفردية ذات الطابع الاقتصادي و المالي المجمعة أثناء التحقيقات الإحصائية، لا يمكن في أي حال من الأحوال لأغراض الرقابة الجبائية.

2- المعلومات المقدمة من طرف مصالح الضمان الاجتماعي :
تتمتع الإدارة الجبائية بحق الإطلاع التلقائي تجاه مصالح الضمان الاجتماعي والتي يتعين عليها موافاة مصالح الإدارة الجبائية سنويا ، بكشف فردي عن كل طبيب أو طبيب أسنان أو مساعد طبي أو قابلة، تبين فيه رقم تسجيل المؤمن له ، و الشهر الذي دفعت فيه الأتعاب و المبالغ الإجمالية لهذه الأتعاب كما هي واردة في وثائق العلاج .

3- المعلومات المقدمة من طرف السلطة القضائية :
بإمكان الإدارة الجبائية الإطلاع على كل المعلومات التي هي بحوزة السلطة القضائية أثناء الدعاوى المدنية و الجزائية و التي من شانها أن تسمح بافتراض غش مرتكب في المجال الجبائي أو في أي منارة كان هدفها الإخلال بالضريبة.
4- حق الإطلاع على لدى المؤسسات الخاصة :
أ- المؤسسات:
طبقا للمادة 312 من قانون الضرائب المباشرة و الرسوم المماثلة فإنه يتعين على جميع الأشخاص الطبيعيين والمعنويين تقديم عند كل طلب من طرف أعوان تحقيق الدفاتر والوثائق و مسندات الإرادات و النفقات الواجب مسكها طبقا لما جاءت به المادة 12 من القانون اتجاري "يجبر القانون التجاري كل المؤسسات أن تحتفظ بكل وثائقها الخاضعة لحق الإطلاع لمدة 10 سنوات".

ب- البنوك:
خول القانون للإدارة الجبائية حق الإطلاع لدى البنوك و جميع الهيئات المعنية على الكشوف والحسابات البنكية للمكلفين ، حيث نصت الفقرة الأولى من المادة 312 من قانون الضرائب المباشرة و الرسوم المماثلة على انه ينبغي على جميع الصيرفيين و المتصرفين في الأموال وغيرهم من التجار الذين تتمثل مهنتهم في دفع إيرادات عن قيم منقولة أن يقدموا عند الطلب من أعوان الضرائب كل الوثائق والدفاتر و المستندات الحسابية و حسابات الزبائن ، ولا يحق لأعوان الضرائب عند ممارسة حق الإطلاع إلزام المصالح المصرفية تقديم بعض الملفات التي تتعلق بالسر المصرفي.

الفرع الثاني: حق الزيارة:
حتى يقوم المحققون بأداء وظيفتهم على أحسن وجه خول المشرع الجبائي لأعوان الضرائب حق الزيارة الميدانية لمقرات المكلفين في إطار مباشرة الرقابة والمتمثلة في المعاينة المادية وذلك بالسماح لهم بموجب هذا الحق التحرك بحرية في المقرات المهنية ، الشيء الذي يمكنهم من متابعة حركة البضائع عبر مختلف مراحل التسويق ومراقبة الصفقات التي تبرم بين المنتجين و المصرفين
- كما يمكن لأعوان الضرائب انتهاج طريقة المراقبة الفجائية إذا اقتضى الأمر ذلك لأنه عند إرسال إشعار بالرقابة أحيانا يفقد التحقيق فاعليته ، فمثلا في حالة وجود محاسبة حقيقية التي يمكن ان يحجبها في حالة استلامه لإشعار الرقابة .
الفرع الثالث: حق الرقابة (التحقيق ):
يتمثل في موجب العمليات التي من شانها التحقق من صحة ونزاهة التصريحات المقدمة من طرف المكلفين من خلال مقارنتها بعناصر و معطيات الخارجية و يأخذ حق الرقابة شكلين الأول يتمثل إما في طلب توضيحات و تبريرات من المكلفين في حالة وجود تناقضات وعدم انسجام بين عناصر الإقرارات و المعلومات المقدمة أو التحقيق في المحاسبات و يستمد هذا النوع أحكامه من نص المادة 190 من فانون الضرائب المباشرة و الرسوم المماثلة .
أما الشكل الثاني من الرقابة في التحقيق المعمق في مجمل الوضعية الجبائية(V.A.S.F.E) و الذي يهدف للكشف عن الفارق الموجود بين المداخل المصرح بها من جانب والوضعية المالية الحقيقية للمكل ، نمط ومستوى معيشته ، ممتلكاته ......، وهذا ما نصت عنه المادة 131 من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة ، كما يمكن استعمال كلتا الطريقتين في آن واحد.

الفرع الرابع : حق استدراك الأخطاء الإدارية :
حق استدراك الأخطاء هوالوسيلة الممنوحة للإدارة لإجراء تقويمات لنفس المدة ونفس الضرائب عندما يقدم لها المكلف عناصر غير كاملة و خاطئة .
يتمثل هذا الحق في الإمكانية الممنوحة للإدارة الجبائية في ‘عادة النظر في الاقتطاع سواء بتعديله أو إنشاء قطاع جديد حيث نصت المادة 327 من قانون الضرائب المباشرة و الرسوم المماثلة على انه " يجوز استدراك كل خطا يترتب سواء من نوع الضريبة أو مكان فرضها بالنسبة لأي كان من الضرائب و الرسوم المؤسسة عن طريق جداول " وقد حدد الأجل القانوني لاستدراك الأخطاء بأربع سنوات ، كما جاء في الفقرة الأولى من المادة 326 من قانون الضرائب المباشر و الرسوم المماثلة:"يحدد الأجل الممنوح للإدارة بأربع سنوات للقيام بتحصيل جداول الضريبة التي يقتضيها إستداراك مكان محل سهو أو نقص في وعاء الضريبة "







الفرع الخامس: الضمانات الممنوحة للمكلف :
نظرا لما تتمتع به الإدارة الجبائية من حقوق تخول لها القيام بمهمة التحقيق فإن المشرع الجبائي قد منح للمكلف بالضريبة ضمانات تحميه من تعسف الإدارة الجبائية عند استخدامها لتلك الحقوق وهذا لخلق نوع من التوازن بين الالتزامات المفروضة على المكلف من جهة و الحقوق التي منحت للإدارة الجبائية من جهة أخرى وهذه الضمانات منها ما هو مرتبط بالتحقيق ومنها ما هو متعلق بإجراءات التقويم ومن بين الضمانات الممنوحة ما يلي :

1- ضمانات التحقيق : يتمتع المكلف بالضريبة بضمانات متعلقة بالتحقيق ، حيث يستوجب على الأعوان المحققين احترامها ، والإخلال بهذه الضمانات يؤدي إلى بطلان إجراءات التحقيق

أ- الإشعار بالتحقيق : فبل الشروع في عملية التحقيق يجب على المحقق أن يعلم المكلف المعني بالأمر وذلك بإرسال إشعار بالتحقيق عن طريق رسالة مضمونة مع وصل استلام ليكون بمثابة فرصة تسمح للمكلف بإعداد نفسه للتحقيق وهذا ما ورد في نص المادة 190 الفقرة الثالثة من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة " لا يمكن إجراء أي تحقيق في المحاسبة دون إشعار المكلف بالضريبة بذلك مسبقا عن طريق إرسال إشعار بالتحقيق أو تسليمه له مع إشعار الاستلام على ان يستفيد من اجل أدنى للتحضير مدته عشرة أيام إبتداءا من تاريخ استلام هذا الإشعار " .
على الدخول الإجمالي أو بالنسبة للتحقيق المحاسبي بصدد الرسم على القيمة المضافة أو الضرائب المباشرة لنفس الفترة المحقق فيها ، وهذا المقياس لا يطبق إلى في حالة انتهاء عملية التحقيق و استثناء من هذا المبدأ يمكن للإدارة الجبائية إجراء تحقيق جديد في حالة ما إذا قدم المكلف بالضريبة معلومات غير كاملة أو غير صحيحة أو إذا استعمل طرق تدليسية أثناء التحقيق وهذا استنادا إلى نصوص المواد:
الفقرة السادسة (06) من المادة 131 مكرر من قانون الضرائب المباشرة الفقرة السابعة (07) من المادة 113 من قانون الرسم على القيمة المضافة.

2- الضمانات المتعلقة بإجراءات التقويم : يجب على الأعوان المحققين إعلام المكلف بنتائج التقويم المتوصل إليها من خلال فحص المحاسبة و ذلك عن طريق إشعاره بالتقويم في رسالة مسجلة مع وصل الاستلام ، و يشترط شرحه و تفصيله بطريقة تمكن المكلف بالضريبة من تشكيل أسس الضريبة من جديد و الإدلاء بملاحظاته أو الإعلان عن قبوله و ذلك في اجل 40 يوم ، يعتبر عدم الرد في حدود هذا الأجل علامة قبول ضمني و هذا استنادا إلى نص الفقرة الخامسة(05) من المادة 131 من قانون الضرائب المباشرة ونفس الفقرة من المادة 113 من قانون الرسم على القيمة المضافة ، و في حالة وجود منازعة في هذا الشأن بين المحقق والمكلف يجوز لهذا الأخير تحويل قضيته إلى السلطات العليا الإدارية المتمثلة في لجان الطعن المحلية ، الولائية ، المركزية ،أو على مستوى السلطة القضائية .




المطلب الثاني : الجزاءات المقررة :
"إن تقديم المادة الخاضعة للضريبة يعتمد على نزاهة المكلف تضامنيا مع الإدارة ، هذا التضامن الذي يبقى موضع شك مما يستوجب إسناد صلاحية المراقبة وتوقيع الجزاء للإدارة تأمينا لمرد ودية الضريبة أمامها " (1)
لقد فرض المشرع الجبائي الجزائري جملة من العقوبات و الجزاءات المتنوعة و ذلك حسب طبيعة المخالفات المرتكبة على كل من يخالف الأحكام و نصوص القانون الجبائي لضمان دقة التقدير وعاء الضريبة و التحصيل الجيد لها و تامين المرد ودية و المساواة أمامها ، وفي هذا الإطار نص القانون الجبائي على نوعين من العقوبات :
- العقوبات الجبائية
- العقوبات الجزائية

الفرع الأول : العقوبات الجبائية :
إن أول غرامة يتعرض لها المكلف قد تتعلق بعدم تقديمه التصريح بالوجود آجاله المحددة ، وذلك بتطبيق غرامة قدرها 30.00 دج وتفرض بصورة تلقائية و مباشرة كتعويض لمخالفة الإجراءات الجبائية ومن بين العقوبات التي يتعرض لها المكلف نجد ما يلي :
1- التصريح بسبب عدم التصريح السنوي : بمقتضى المادة 192 من قانون الضرائب المباشرة و الرسوم المماثلة ، تفرض تلقائيا غرامة جنائية على كل مكلف لم يقدم التصريح السنوي حسب الحالة، إما بصدد الضريبة على الدخل أو الضريبة على أرباح الشركات بمضاعفة المبلغ المفروض عليه بنسبة 25% لتخفيض هذه الزيادة إلى 10 % إلى 20 % ضمن ما هو محدد في المادة 322 إثر تقديم التصريح بعد انقضاء الآجال .
2- الزيادة المطبقة بسبب التأخر في تقيم التصريح : يترتب على الإيداع المتأخر للتصريح عن الأجل المحدد قانونا زيادة على مبلغ الحقوق الواقعة على عاتق المكلف و حسب مدة التأخير كما يلي :
10% إذا كانت لا تتعدى الشهر الواحد
20% إذا لم تتعدى مدة التأخير شهرين
25% إذا لم يقدم التصريح للإدارة في الغضون التي تلي تاريخ التبليغ القاضي بوجوب تقديم التصريح ضمن هذا الأجل .








(1) عبد الكريم صادق بركات . مرجع سابق صفحة 115


أما في مجال الرسم على القيمة المضافة فتقتضي أحكام المادة 115 التي تحدد العقوبات الجبائي ويترتب على الإيداع المتأخر لبيان رقم الأعمال : - تطبيق عقوبات جبائية وفقا للشروط التالية :

-غرامة بمبلغ 100دج في حالة إيداع البيان بين اليوم الخامس و العشرين (25) من الشهر وآخر يوم منه
- غرامة 500دج إذا تم الإيداع بعد آخر يوم منه ، هذا إذا كان البيان بعلامة "لا شيء" " Néant " . أما إذا كان البيان المودع يحتوي على حقوق فإنه :
- تفرض غرامة جبائية بنسبة 15% على مبلغ الرسوم المستحقة فعلا إذا وقع الإيداع خلال الفترة مابين اليوم الخامس و العشرون من شهر استحقاق الضريبة ، وآخر يوم منه
- نسبة 25 % دون أن تقل الغرامة على 500دج إذا تم التصريح بعد آخر يوم من شهر الاستحقاق
3- الزيادة المطبقة بسبب النقص في التصريح : لأن التصريحات المتضمنة الإشارة على العناصر أو القواعد التي تأخذ بعين الاعتبار لتحديد وعاء الضريبة أو تبيان الأرباح الناقصة فإن مبلغ الحقوق المنقوصة أو المغفلة يضاعف كالتالي :
10% إذا لم يتجاوز 15% من مبلغ الحقوق المستحقة فعلا.
15 % كان الحقوق يتراوح ما بين 15 % و 560 % من الحقوق المستحقة فعلا في حالة أعمال الغش ، تطبق زيادة قدرها 100% وبالنسبة للنقص في التصريح في مجال الرسم على القيمة المضافة ، لأنه إذا أشار المدين بالضريبة في تصريحه إلى رقم أعمال غير كافي أو غير صحيح يبن من خلاله الأسس و العناصر الواجب اعتمادها للإقرار أساس الضريبة فيضاعف مبلغ الرسوم المهربة :
بنسبة 10 % إذا كان هذا المبلغ مساوي 100000 دح
نسبة 15% إذا كان هذا المبلغ يزيد عن 100000دج ويقل أو يساوي 200000دج
نسبة 25%إذا مبلغ الرسوم المهربة يزيد عن 200000دج أما إذا استعملت طرق تدليسية فتطبق غرامة بنسبة 200% على مجمل الرسوم.

الفرع الثاني: العقوبات الجزائية :
فيما يتعلق بالضريبة على الدخل الإجمالي و الضريبة على أرباح الشركات فقد نصت المادة 303 من قانون الضرائب المباشرة على انه كل من حاول التخلص أو التملص باستعمال طرق تدليسية في إقرار أساس الضريبة التي يخضع لها أو تصفيتها سواء كليا أو جزئيا فإنه يعاقب بغرامة مالية يتراوح مبلغها بين 5000دج و 20000دج وبحبس لمدة 5 سنوات أو بإحدى العقوبتين ، وتشمل الأعمال التدليسية على وجه الخصوص :
- الإغفال عن قصد تسجيل حسابات أو تسجيلات أخرى غير صحيحة أو صورية في كل من السجل اليومي و السجل الجرد اللذان نصت عليهما المادتين 9و10 من القانون التجاري
- إستعمال فواتير أو الإشارة إلى نتائج تتعلق بعمليات فعلية .

- في حالة ثبوت القصد أثناء القيام بتسجيل تكاليف تتحملها المؤسسة ما تحت عنوان غير صحيح من أجل إخفاء إيراداتها أو أرباحها الخاضعة للضريبة كما تطبق العقوبات السالفة الذكر على الشركاء مرتكبي هذه المخالفات كالمحاسبين المعتمدين أو من لهم دراية بأمور الجباية كالمستشارين الجبائيين أو حتى الوكلاء وباعتبار أن أفعال التهرب من الضريبة تشكل جناية فقد أضاف قانون المالية التكميلي في سنة 1992 بعض الزيادات من بينها :
100% إذا كان المتملص منه يقل أو يساوي 500000 دج
200 % إذا فاق 500000 دج بالنسبة لسنة واحدة
أما بالنسبة لرسم على القيم المضافة فبالإضافة إلى الغرامات الجبائية قد يتعرض المكلف إلى عقوبات جزائية كما جاء في المادة 117 التي تنص على انه من تملص أو حاول التملص بصفة جزئية أو كلية عن طريق استعماله لطرق تدليسية يعاقب بغرامة جزائية مبلغها يتراوح من 5000دج إلى 20000دج وبعقوبة الحبس من سنة إلى 5سنوات و بإحدى العقوبتين .
وتعتبر أعمالا تدليسية علي وجه الخصوص فيما يتعلق بالرسم على القيمة المضافة :
- إخفاء المبالغ أو الحوا صل التي يطبق عليها الرسم من بينها عمليات البيع بدون فواتير .
- تقديم وثائق خاطئة أو غير صحيحة قصد الحصول على تخفيض الرسم .
- سعي مكلف إلى تنظيم عجزه عن الوفاء أو الحيلولة دون تحصيل الضريبة المستحقة.
وأخيرا فانه بإمكان الإدارة الجبائية اللجوء إلى بعض الطرق الأخرى كأسلوب عقابي ومن بينها منع المكلف من مزاولة نشاطه المهني أو غلق بعض مقراته .














-المبحث الثاني : الوسائل المقترحة لمكافحة التهرب الضريبي :
من اجل إرساء أخلاقيات جبائية تبدأ من الجباية نفسها بشطرها المتمثلين في النظام الجبائي والجهاز الإداري . وذلك بإرساء نظام جبائي محكم عادل ومبسط وجعله بعيدا عن كل الغموض والتعقيدات التي تحدث في التشريعات الجبائية وكما يري الكثير من الاقتصاديين أن جانبا هاما من المشكلة التهرب مردها إلى ضعف الكفاءات الإدارية التي تضع حدا لنضام الرقابة وتتيح شيوع
المراوغة والتهرب, مما يستلزم تحسين الإمكانيات البشرية للإدارة عبر برامج التكوين , وتحديثها وتجهيزها من حيث القدرات المالية وذلك بإدخال وسائل تسير الحديثة .ولاشك أن نجاح مهمة الإدارة تستدعي تضامن وتضافر الجهود بينها وبين المكلف من اجل الوصول إلى خلق جو الثقة وتخفيف التوترات الناتجة بسبب تعقد النصوص التشريعية وصعوبتها وكذلك توعية المواطنين بتغيير نظرتهم إلى واجباتهم الجبائية وتوعيتهم وإعلامهم بتنظيم أيام دراسية مفتوحة لخلق وعي لفهم دور الضريبة في التنمية .
المطلب الأول : إعداد نظام جبائي محكم :
كثيرا ما يتردد على الألسنة أن الجهاز الجبائي الكفء لا يمكنه أن يغير ضريبة سيئة إلى ضريبة حسنة ، لكن الجهاز غير الكفء يمكنه أن يحول أحسن الضريبة إلى أسوءها، لذلك كان و لا يزال هدف التشريعات الجبائية إيجاد هيكل ضريبي يتماشى مع النمط الاقتصادي ويحقق في نفس الوقت عدالة اجتماعية مقلصا من الهوة بين طبقات المجتمع.
وذلك بصياغة نظام تشريع بسيط وعادل يتميز بالاستقرار والثبات ، وجعله مرنا متماشيا مع وتيرة النمو الاقتصادي ،وفي هذا السياق عرفت الجزائر في الآونة الأخيرة إصلاحات على مستوى النظام الجبائي التي جاءت للإجابة على العديد من التساؤلات حول كيفية تحقيق نظام جبائي بسيط وعادل و يتميز بالمرونة ، ومن ثمة زيادة في الفعالية و المر دودية الجبائية و كذلك بانتهاج سياسة اجتماعية منصفة ، ودون إلقاء العبء على قطاع دون قطاعات أخرى و كيفية امتصاص العجز الذي تعانيه الخزينة مع منح تسهيلات وتشجيع لبعض القطاعات أو الأنشطة ، لكن هل بإمكاننا الجزم بان هذه الإصلاحات كافية على الأقل للتخفيف من وطأة التهريب و المساعدة على إزالة التشوهات في الحوافز و تخفيض الموارد مع زيادة إيرادات الخزينة وهذا الامتصاص العجز الذي تعاني منه ، من الثابت انه لا يمكن للإصلاح الضريبي أن يحقق النجاح إلا إذا توفرت إرادة قوية و إصرار و التزام سياسي من طرف السلطات المختصة .
الفرع الأول :نظام جبائي بسيط وعادل :
أن ضرورة تبسيط النظام الجبائي يعد أمرا محتما ، ليسهل فهمه لدى جمهور المكلفين ، بعيدا عن كل الغموض و التعقيد الذي تحدثه التشريعات الجبائية المتوالية وصعوبات و عراقيل تطبيقها كما يفترض في النظام الجبائي أن يكون عادلا لتجنب و تفادي ردود الأفعال السلبية للمكلفين تجاه الضريبة ، مع مراعاة مبدأ العدالة في توزيع العبء الضريبي للحد من التفاوت الطبقي ، فلقد اتسم النظام الجبائي الجزائري قبل تطبيق الإصلاحات الجبائية الأخيرة سنة 1992 بتعقيدات كثيرة نتيجة المغالاة و تعدد أنواع الضرائب و ارتفاع مستوى معدلاتها ، خاصة فيما يتعلق بالرسم على القيمة
المضافة ، الذي كان يشمل 18 معدلا ، الشيء الذي جعل النظام الجبائي جد معقد وعسير الفهم من طرف المكلفين غير اللمين بالقواعد الأساسية للمبادئ الجبائية وأسس تقدير الضريبة والإعفاءات الممنوحة لهم ، وكذلك حتى الأعوان الإداريين الذين يواجهون صعوبات في أداء مهامهم على أكمل وجه ، وهذا ما يفسح المجال لدى المكلف للتخلص من دفع الضريبة .
أن التعديلات الجبائية السارية المفعول من خلال الإصلاحات الأخيرة حاولت بقدر الإمكان نزع اللبس و ألغموض الذي يشوب التشريعات ، لان هذه التعديلات تبقى ناقصة وتحتاج إلى انتباه وإمعان كبيرين وذلك ب:
-تبسيط إجراء الرقابة.
-الشفافية في إجراءات فرض الضريبية و تقسيم رقم الأعمال خاصة بالنسبة لنظام التقدير الجزافي .
-تخفيض المعدلات المرتفعة وبالمقابل توسيع نطاق تطبيق الضريبة.
لقد حاول المشرع الجزائري تبسيط النظام الجبائي وهذا من خلال ما جاء به قانون المالية لسنة 1995 حيث الغي المعدل المضاعف للرسم علي القيمة المضافة (40%) وتوسيع مجال تطبيق هذا الرسم وهذا لتخفيف العبء الجبائي على المكلف .
وكما جاء أيضا في قانون المالية لسنة 1996 ببعض الإصلاحات حيث تم تعويض كل من الرسم على النشاط التجاري والصناعي taic وكذا الرسم علي النشاط غير التجاري tanc بالرسم على النشاط المهني tap.
Taic 2.55%
Tanc 605% بينما tap2.55%.
كما يسعي أيضا المشرع الجزائري لضمان العدالة في توزيع العبء الضريبي غير أن ذلك لا يكون إلا على نحو تقريبي (نسبي ) ، حيث تنقصه وسائل التحقيق من تساوي العبء الواقع على كل فرد، خاصة إذا لاحظنا ما يقع من تهرب بعض الممولين من الضريبة ، و ذلك بإلقاء العبء على عاتق المكلفين النزهاء ففي غياب العدالة أمام الضريبة ، الأمر الذي يولد إحساسا بالظلم عند المكلف بالضريبة الشيء الذي يؤثر سلبا على سلوكه و روح المسؤولية في أداء التزاماته الجبائية ليفسح المجال بذلك على تدعيم فرص التهرب الضريبي .
إلا أن التنسيق و الانسجام يفرض تحقيق الأهداف المرجوة من الإصلاحات الجبائية ، وعلى وجه الخصوص مسألة عدالة الضريبة للتخفيف من حدة التهرب ، لتبقى حابسة القدرة على تنفيذها ، لأنه قد تكون الضريبة عادلة من الناحية القانونية غير أن صعوبات تطبيق الضريبة تحول دون تجسيدها ميدانيا .
الفرع الثاني : استقرار في التشريعات و مرونة في القواعد الجبائية :
إضافة إلى ما ذكرنا سابقا عن تبسيط النظام الجبائي وعن مبدأ العدالة الضريبية ، يكون أمرا ضروريا التطرق في هذا المطلب عن استقرار التشريعات الجباتئية ومرونة قوانينها مما يجعلها تتجاوب مع وتيرة الحياة الإقتصادية " حيث أن التغيرات الدائمة والمستمرة التي تحدث في مجال التقنين الجبائي تجعل من النظام الجبائي دوما غامضا بسبب الإفراط في تعدد القوانين " الذي يؤدي إلى كثرة التعديلات مما يصعب على المكلفين من جهة المسايرة ومتابعة التغيرات التي تطرأ على النظام والقواعد المعمول بها ومن جهة أخرى يؤدي إلى خلق حالة من الحساسية الضريبية تدفع بهم إلى رفض كل مشروع للإصلاح الضريبي عن طريق التهرب من أداء ما عليهم من ضرائب .

المطلب الثاني : الإصلاحات المستوجبة على الجهاز الإداري :
"يرى كثير من الاقتصاديون أن كفاءة الإدارة الجبائية غالبا ما تكون الفيصل في إمكانية تطبيق ضريبة ما ، وتحقيق الأهداف السياسية الجبائية أو عدم تحقيقها والتي من أهم مراميها توفير وتسخير ما يحتاجه من أموال لتسيير شؤونه وذلك عن طريق التحصيل الجيد للموارد الجبائية ووضع حد لاتساع مجال المراوغة من أجل التخلص من دفع الالتزامات الواجبة الدفع " (1) ، فغالبا ما قيل أن الجهاز الضريبي الكفء ليس بإمكانه تحويل الضريبة إلى ضريبة حسنة إلى أن الجهاز غير الكفء باستطاعته تحويل ضريبة حسنة إلى ضريبة أسوء منها ، فبالإضافة إلى الإصلاحات الجبائية التي لابد أن يعرفها التشريع الضريبي ، يستلزم كذلك تبني إصلاحات إدارية والتي من شأنها أن تقلل من التباطؤ و التأخر الكبير في تحصيل الموارد المالية لخزينة الدولة ، ذلك أن السبب الرئيسي راجع إلى ضعف الجهاز التنفيذي و المتمثل في الإدارة الجبائية وما تعانيه من تسيب و لا مبالاة بسبب قلة الإمكانيات البشرية في غياب العناصر المؤهلة و ذات الكفاءة و القادرة على أداء المهام الموكلة إليهم بكثير من الوعي و الضمير المهني و ما يتطلبه من حنكة وإتقان في تحديد الوعاء الضريبي بدقة و تحصيل الضرائب على النحو المرغوب فيه ، بالإضافة إلى ذلك النقص الفادح في الإمكانيات المادية و الضرورية للقيام بأداء مهامهم على أحسن وجه وفي المواعيد المحددة مما جعلها تنحرف عن المسار المرسوم لها و ساهم في ارتفاع و استفحال ظاهرة التهرب بقسط وفير من سنة لأخرى كما لا يفوتنا كذلك أن فعالية و درجة توافق كل اقتطاع جبائي مع المتغيرات هما محصلتا من جهة للبيئة الإقتصادية و المالية للنظام الجبائي ومن جهة أخرى للعلاقة التي تربط المكلف و الإدارة و التي تحلل في إطار السلوكات الإجتماعية و النفسية المتمثلة في مقاومة المكلف للضريبة و الوقوف الموظف ضد أشكال التهرب الضريبي .
فالإصلاحات الجبائية الناجحة هي التي تسعى دوما إلى التخفيض من التوترات الحاصلة بين المكلف و الإدارة الجبائية قصد إحداث تجاوب من شأنه أن يقلل من حالات التهرب ومن بين الإصلاحات التي تستوجب القيام بها نجد ما يلي :












(1)- د. عبد الكريم صادق بركات . مرجع سابق ص 134

الفرع الأول : تحسين الإمكانيات البشرية والوسائل المادية :
تعاني الإدارة الجبائية ضعفا في الإمكانيات البشرية والوسائل المادية ، يعيقها على أداء مهمتها على أحسن وجه ، ويرجع ضعف الإدارة إلى حد كبير و فشلها للتصدي لظاهرة التهرب إلى القدرات الإدارية غير المتسمة بالكفاءة و التي تضع نحد النطاق التدخل الضروري و الفعال للإدارة فأما الانفتاح الاقتصادي وما سمح به من توسع و ارتفاع في عدد المتعاملين الاقتصاديين وما ينتج عنه من عدد المكلفين والملفات المعروضة للدراسة وجدت الإدارة نفسها أمام مهام متزايدة وضخمة مع عدد كبير من المكلفين أمام عدد متواضع من الموظفين و أعوان الجباية ، حيث أن الاختلاف أصبح واضحا بين وظائف الإدارة الجبائية وإمكانياتها البشرية، إذ أصبح من أكبر العواق التي تحول دون قيامها بالمهام المخولة لها بصورة جيدة . فبالإضافة إلى ما تفتقر الإدارة الجبائية الجزائرية من إطارات إدارية ذات كفاءة نشيطة ومؤهلة للقيام بواجبها على أكمل وجه بشكل متقن ، فالنقص المسجل من الناحية العددية لأعوان الإدارة الجبائية يمكن إظهاره من خلال عدد الملفات المراقبة سنويا " فإذا علمنا أن عدد المكلفين سنة 1994 قد بلغ 730000 مكلف من بين هذا العدد يوجد حوالي 100000 خاضعين للنظام الحقيقي مع العلم ( إفتراض ) أن عدد الملفات المراقبة سنويا في حدود 5000 ملف ، يكون بذلك حاصل القسمة 100000/5000=20 رقم كهذا يدل على أنه لن يكون بإمكان من البرمجة إعادة التحقيق في ملف من نفس المكلف إلا بعد 20 سنة ، مدة كهذه تؤدي إلى وجود سنوات من نشاط المكلف لن تكون محل مراقبة ، مما يدخلها في التقادم بزيادة 16سنة فوق المدة المحددة له قانونا المتمثلة في 4 سنوات." (1)
هذه الوضعية تضمن للمكلف فرصا كبيرة للإخلال و التهرب من التزاماته الجبائية دون أن يتعرض للمراقبة ، مما يحرم خزينة الدولة من مبالغ هامة ، لهذه الأسباب يتضح لنا مدى النقص الكبير الذي تعاني منه الإدارة الجبائية من ناحية الإمكانيات البشرية . ولسد هذا النقص فقد عمدت الجهات المعنية إلى القيام بمجهودات من أجل تغطية العجز الحاصلة من خلال تطبيق برنامج للتوظيف ، توج بتوظيف 2400 جامعي في الإختصاصات المختلفة لسنة 1990 كحصيلة لسياسة التكوين قصير المدى مع تنظيم ملتقيات دورية لتكوين وتحسين المستوى لجعلها تتماشى ومستجدات الإصلاحات الجبائية الجارية ، وللعلم فقد بلغ عدد العاملين بالإدارة الجبائية سنة 1990 إلى 14803 مستخدما ليصل العدد حسب ما يصبوا إليه البرنامج إلى بلوغ 21500 موظف سنة 1995 أي بنسبة زيادة تقدر 66.97% .أما فيما يخص مجال الرقابة حسب دراسة المفتشية العامة للضرائب فقد قدرت الحاجة إلى 2400 موظف بواقع 3موظفين في كل مفتشية الذين يكلفون عن البحث عن المادة الخاضعة للضريبة ، وهذا يتعلق بالرقابة على الوثائق ، كما أن مشكلة الكفاءة التي تعاني منها الإدارة الجبائية تشكل عائقا كبيرا أمام بلوغ الأهداف المرجوة ، لذا قامت باتخاذ إجراءات كفيلة بالوصول إلى المبتغى المنشود.




(1) التقرير الأولي حول التهرب الضريبي . افريل 1992 ص 21

- تحسين أوضاع الأعوان و الموظفين العاملين بالإدارة الجبائية ، لأن درجة تأثيرها بالغة للغاية على نزاهة وصرامة هؤلاء في تأدية مهامهم على أحسن وجه
- توفير قدر من الحماية و الأمن اللازمين لضمان الأداء الجيد للموظفين للمهام الرقابية التي تمس في بعض الأحيان جوانب شخصية للمكلفين جراء تصحيح بعض الوضعيات الجبائية التي يرون فيها تهديدا .
- وضع نظام سليم لمتابعة صلاحية الأفراد لوظائفهم وتحديد أسس عادلة للترقية و إجراءات الاستغناء أو النقل لمن يثبت عدم صلاحيته للعمل في الإدارة وبالمقابل تسليط أقصى العقوبات لمن يثبت في حقهم سلوك بعض الأعمال غير المشروعة والمنافية لأخلاقيات المهنة ، فالرشوة و الاختلاس مثلا .
" ومن جهة أخرى يعتبر نقص الوسائل المادية من بين العراقيل الرئيسية التي تحد من فعالية الإدارة الجبائية ، وذلك أن طبيعة عملها يتطلب الحركية الدائمة في أداء مهامها سواء العادية المتمثلة في إحصاء المكلفين والبحث عن المادة الخاضعة للضريبة وتحديد وعائها إلى حملات الرقابة في عين المكان " (1) . إذ أن التحقيق في التسيير أو المحاسبة يقتضي التنقل ، لكن الإدارة الجبائية تبقى تفتقر إلى ابسط الوسائل لتأدية مهامها ، مما يؤثر سلبا في غالب الأحيان على إمكانية إجراء حملات الرقابة في المناطق المعزولة ، وعلاوة على ذلك النقص الفادح في المقرات حيث معظمها قديمة من مخلفات الاستعمارية ، بمكاتب ضيقة ووسائل بدائية ، وضعية كهذه تستدعي الإسراع في اتخاذ إجراءات عاجلة لحل هذه المشاكل .
فحسب التقارير الأخيرة لوزارة المالية لسنة 1996 سوف يتم إنشاء وتجهيز 962 بناية جديدة موزعة كما يلي :
- إنشاء 369 قابضة للتحصيل
- إنشاء 510 قابضة لتسيير حسابات القطاعات الصحية و المستشفيات .
إنشاء 542 قابضة لتسيير حسابات الجماعات المحلية من أجل المتابعة الجديدة لملفات المكلفين المتزايدة سنويا و السير الحسن للإدارة الجبائية و لتحليل و حصر المعلومات و المعطيات الخاصة لكل مكلف في أوقات قياسية ضمانا لتحصيل الموارد المالية لخزينة الدولة ، أصبح ضروريا إدخال نظام المعالجة المعلوماتية ( الإعلام الآلي) ، فالكثير يرى أن تعميم الإعلام الآلي في تسيير مختلف أعمال الإدارة الجبائية هو العلاج الناجح و الفعال ضد كل أشكال التهرب و ما يميز المعالجة المعلوماتية تسجيلها لأكبر عدد ممكن من المعطيات و البيانات الخاصة بالمكلفين في مساحات صغيرة سهلة البرمجة و الترتيب ، موفرة للوقت حين الإطلاع و استقصاء المعلومات في هذا الإطار فقد سطرت إدارة الضرائب برنامجا تطويريا بهدف تحسين إمكانياتها ووسائلها المادية لمتطلبات عملها بتجهيز إدارات الضرائب عبر كامل التراب الوطني وقد صرح المدير العام للضرائب أن نفقات عملية تجهيز الإدارة الجبائية التي تمتد من ستة 1996 إلى سنة 1999 تقدر بأكثر من مليارين و 200مليون دج وهذا ما يدل على الأهمية البالغة التي توليها الدولة قصد تحديث الجهاز الإداري الجبائي وجعله يتماشى مع مقتضيات العصر .

(1) د. عبد الكريم صادق بركات . المرجع السابق ص 164


الفرع الثاني : توعية المكلف وتحسين علاقته مع الإدارة :

بالرغم من التعديلات التي طرأت على الهيكل الإداري يبقى الجو مشحونا و مكهربا بينها وبين المكلف ، وهذا الاستمرار النظرة التقليدية للإدارة كوسيلة اغتصاب سبق وأن استعملها الاستعمار و كذلك نظرا لفقدان الموظف لأدنى مبادئ المعاملة لأنه طيلة تكوينه اقتصر على الجانب التشريعي و الاقتصادي و النقدي للتعامل مع الضريبة لتكون العلاقة قائمة على مبدأ من العلاقات الإنسانية موجهة نحو إضفاء روح التعاون و التضامن بين المكلف و الإداري سعيا لإرساء قيم و أخلاق الموظفين مع العدالة الاجتماعية.
" ومن أجل الوصول إلى المكلف يقدر واجبه الجبائي ينبغي إقناعه بأن ما يدفعه من التزامات ما هي إلا مساهمات ضرورية في مالية الدولة التي تتخصص لإنشاء المرافق العامة لتجسيد ذلك على أرض الواقع من خلال انتهاج سياسة رشيدة في الإنشاء للموارد تعيد ثقته في الدولة
ويجرد بنا في هذا المقام المقولة الشهيرة للقاضي الأمريكي هولمز: أحب دفع ضرائبي لأنها ثمن الحياة المدنية المتحضرة"(1).
كما يستوجب على الإدارة أن تشرع في إجراء حملات توعية لمكافحة جمهور المكلفين باختلاف ثقافتهم ومستوياتهم وتقديم كافة الخدمات لتسهيل مهمة المكلف وكسب ثقته واحترامه وأن تزرع في نفوس المواطنين شعور برفض المجتمع لأولئك الذين يتهربون من دفع الضريبة وسد كل الثغرات التي يتسللون منها وتوقيع العقاب الرادع لكل الذين يخالفون القوانين والتشريعات.
لذلك يجب الأخذ بعي الاعتبار مدى أهمية علاقة المكلف بالإدارة وتوعيته وإلا كان عائقا من العوائق التي تقف أمام التحصيل الجيد للموارد المالية، ولذلك فقد أجرت مديرية الدراسات والتشريع الجبائي دراسة تبين فيها علاقة الإدارة الجبائية بالمكلفين من خلال صبر الآراء تضم 1000 مكلف تعددت وجهات نظرهم مقسمين كالآتي:
- 650 أشخاص طبيعيين
- 350 أشخاص معنويين منهم 50 مؤسسة ولائية.
وقد نجد في بعض الأحيان علاقة المكلف بالإدارة الجبائية سيئة وهذا راجع إلى:
- معاملة موظفي الإدارة الجبائي اللاإنسانية.
- نظرة المكلفين للضريبة " السرقة الجبائية ليست سرقة"







(1) د. عبد المنعم فوزي – مالية الدولة. دارا لنهضة العربية . بيروت ص.166

الفرع الثالث: تكوين وإعلان المكلف

يقتضي على الإدارة الجبائية أن تولي عناية وأهمية خاصة بهدف خلق جو من الثقة المتبادلة بينها وبين المكلف والذي هو أساس إرسال روابط متينة من خلال حوار مبني على الصراحة والوفاء ليكون الركيزة الأساسية لتعميم المبادئ الجبائية وجعله في متناول الجميع وكذا تأطير وتكوين المكلفين.
إن نظرة المكلف السيئة للضريبة وذلك من خلال التعاملات المتكررة معه في تحصيل ورقابة تصاريحه" غالبا ما تكون تدخل الإدارة مثيرا لشعور المكلف ويعتبر ذلك مساسا واعتداء على حريته الشخصية، مما يزيد في توتر العلاقة بينهما، بالإضافة إلى المعاملة مع المكلفين"(1)
ولتجاوز السلبيات التي تتسم الإدارة الجبائية تتطلب الاستفادة من تجارب بعض الدول في مجال إصلاح أنظمتها الجبائية، وذلك بإتباع سياسة رشيدة من شأنها إحداث نوع من الدراية والمعرفة بتكوين الملف وإطلاعه ولمالا مساهمة المكلفين بإبداء آرائهم في إعداد وتطبيق الإصلاحات الجبائية، جعل كل ما يتعلق بالجانب الجبائي في متناول الجميع من خلال الصحف
واليوميات كما على الإدارة الجبائية إعلام المكلفين بوضع المذكرات، الكتيبات لتفسير بعض الإجراءات والغموض الذي يكتنف النصوص القانونية إزالة كل التأويلات المستعصية الفهم.
بالإضافة إلى تنظيم أيام دراسية وإعلامية أبواب مفتوحة على كل ما يتعلق بالضريبة وعمل الإدارة عبر مختلف وسائل الإعلام والاتصال العصرية، وأخيرا فإن التهرب الضريبي باعتباره ظاهرة اجتماعية معقدة تبدأ وتنتهي بتكوين المكلف بنية تحويله من معرض من أداء ما عليه بطريقة جادة إلى مكلف ملتزم.
















(1) د.عبد المنعم فوزي-نفس المرجع ص 132


الخاتــمة:

الضريبة اليوم وسيلة لتحقيق التنمية الشاملة، ويبرز الدور الفعال للضريبة باعتبار أنها أنجع وسائل تحقيق عدالة اجتماعية، لارتكازها أساسا على الحد من الفوارق الاجتماعية السائدة عن طريق إعادة توزيع الإرادات والثروات بين أفراد المجتمع، إضافة إلى كونها أداة معالجة لمختلف الظواهر الاقتصادية العامة من تضخيم وركود وتأثيرها على المؤشرات الأخرى التي من بينها الادخار والاستثمار والإنتاج، مما يجعل التهرب من دفعها يضع حدا لأهم عنصر في مالية الدولة، وحائلا دون تحقيق سياستها في شتى المجالات وبذلك عارضا في مسار التنمية.

إن مواجهة ظاهرة التهرب الضريبي ليست بالأمر السهل، وهذا نظرا للأوجه والأشكال التي يتخذها والتقنيات المنتهجة والحيل المستعملة من طرف المكلفين بهدف التخلص من دفع الضريبية.

ولمجابهة هذه الظاهرة كان من الضروري علينا تحليل ظاهرة التهرب الضريبي بجميع جوانبها ن أسباب اجتماعية ونفسية ناتجة عن عقلية متخلفة و متردية وأسباب اقتصادية محيطة بحالة المكلف والحالة العامة للدولة بالإضافة إلى الأسباب التشريعية والأسباب الإدارية.
وقد أخذت ظاهرة التهرب الضريبي في الآونة الأخيرة منعرجا خطيرا، كان له آثاره الوخيمة على المالية العامة وبالدرجة الأولى على الموارد الذاتية، حيث أصبح هاجسا يهدد استقرار الدولة ويقلص من دورها في التدخل في الحياة الاقتصادية نظرا للوضعية المزرية التي تعرفها البلاد اقتصاديا وماليا ومن تدهور في العملة الوطنية، ضعف الإنتاج، مديونية ثقيلة، ضعف الادخار ومحفزات الاستثمار وتضخم...الخ.

رغم كل هذه التحديات وجب على الدولة التصدي لهذه الظاهرة المعقدة ومواجهتها لتخفيف من حدتها بعدما تبين أنه من الصعب جدا القضاء عليها بشكل نهائي .

غير أن الوصول إلى نتائج مشجعة في مجال مواجهة التهرب الضريبي تقتضي بالدرجة الأولى توافر عزيمة جادة من كل الأطراف وعلى جميع المستويات.

إذن أول وسيلة ردعية يمكن من خلالها وضع حد ولو بطريقة مباشرة لهذه المعضلة تلك المتمثلة في الرقابة الجبائية التي هي من اختصاص الإدارة الجبائية، هذه الوسيلة التي تعتبر ضرورية نظرا لطبيعة النظام الجبائي الذي يقوم في أساسه بشأن تحديد مبالغ الاقتطاعات الواجب دفعها من طرف المكلفين على التصريحات التي يكتتبها هؤلاء فالإدارة اليوم ملزمة أكثر من أي وقت مضى بتجسيد نتائجها وتحسين مرد وديتها من خلال دعم إمكانيات التدخل وأساليب العمل الكفيلة لبلوغ هذه الغاية.






يتعلق الأمر بتعزيز الإدارة بالطاقات البشرية والمادية التي تكون في المستوى سواء من حيث الكم والكفاءة التي تؤهلها للقيام بعملها على أحسن ما يرام.

نرى وجوب التركيز على تنمية الوعي الضريبي وإقناع المكلفين بجدوى مساهماتهم وكذا إرجاع الثقة في هياكل ومصالح السلطة العمومية من خلال وسائل الإعلام وذلك بإعطاء و توفير المعلومات الخاصة لدور الضريبة وشرح مستجدات التشريعات الجديدة والإجراءات الإدارية من مواعيد الدفع وتقديم التصريحات.

كما يتوجب على الإدارة القيام بحملات التوعية المواطنين على اختلاف مستوياتهم وتقديم كافة الخدمات لتسهيل مهمة المكلف وكسب ثقته واحترامه من خلال تخصيص مكاتب عبر كامل المصالح الجبائية للإستعلامات تحت إشراف موظفين ذوي لياقة واسعة الثقة بغرض توطيد العلاقة بين الإدارة والمكلف بالضريبة والقضاء على سوء الثقة القائمة بينهما ونبذ كل العوامل البيروقراطية وإضفاء روح التعامل والتضامن وللتشريع الجبائي دور أساسي في مواجهة التهرب الضريبي يمكن في حتمية توافر الوضوح التام لصياغة القواعد التشريعية والبعد عن كل لبس وغموض حتى لا يفسح المجال لكل تأويل واجتهاد يكون بمثابة منافذ للتسلل من الدفع الضريبي وارتفاع نسب التهرب الأمر الذي يقتضي حبكه أكبر للقوانين
الضريبية من خلال تدعيم السلطة التشريعية بكفاءات وخبرات كما يتطلب تبسيط القوانين وجعلها مرنة ومتماشية مع الحركة الاقتصادية.

إن يمكن قوله في ختام هذا البحث هو أن تولي الدولة لظاهرة التهرب الضريبي القدر اللازم للاهتمام لأجل تحسين مرد ودية الموارد المالية التي هي في أمس الحاجة إليها وذلك بتطوير سبل وكيفيات التصدي لها دون إهمال أهم طرف فيها وهو المكلف من خلال توعيته وتكوينه وتحسين علاقته بالإدارة وجعل الضريبة تأخذ المكانة اللائقة بها والدور الحقيقي لها، ولما لا الوصول إلى الحالة المثلى التي اختصرها القاضي الأمريكي هالمز بقوله: " أحب دفع ضرائبي لأنها ثمن الحياة المدنية المتحضرة ".




















قائمة المراجع:


أ)- الكتب:

1.د . عبد الكريم صادق بركات - النظم الضريبية - دار الجامعة بيروت 1986.
2.د. عبد المنعم فوزي - النظم الضريبية - دار النهضة العربية - بيروت 1972.
3. د. عبد المنعم فوزي - مالية الدولة - دار النهضة العربية - بيروت 1972.
4. د. عبد الحميد القاضي - مبادئ المالية العامة - دار الجامعة المصرية 1975.

ب)- النصوص القانونية والتقارير:

1/ قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة، طبعة 1986.
2/ قانون الرسم على القيمة المضافة، 1992.
3/ التقرير الأولي حول التهرب الضريبي. أفريل 1992.

جـ)- المقالات:

1/ جريدة الخبر الصادرة يوم 06/01/1999 ص 14 .
2/ جريدة الخبر الصادرة يوم 08/02/1999 ص 07.














الفهـرس:

الموضوع الصفحة
مقدمة
الفصـل الأول: أسباب التهرب الضريبي .................................................. ......06
* المبحـث الأول: الأسباب النفسية والاقتصادية....................................... .......07
المطلب الأول: الأسباب النفسية .........................................07
المطلب الثاني: الأسباب الاقتصادية.......................................0 8
الفرع الأول: الوضعية الاقتصادية للمكلف بالضريبة.......................................... ....09
الفرع الثاني: الوضعية الاقتصادية العامة............................................ ............09
*المبحث الثاني: الأسباب التشريعية والإدارية......................................... .........10
المطلب الأول: الأسباب التشريعية......................................... 10
الفرع الأول: تعقيد النظام الجنائي........................................... .....................10
الفرع الثاني: عدم استقرار التشريعات .................................................. ........11
المطلب الثاني: الأسباب الإدارية.........................................1 3
الفرع الأول: الأسباب المادية والبشرية.......................................... .................13
الفرع الثاني: الإجراءات الإدارية والتنظيمية........................................ .............15

*الفصل الثاني: أساليب التهريب الضريبي وأثاره............................................ ....16
المبحث الأول: أساليب التهرب الضريبي ........................................17
المطلب الأول: التحليل المحاسبي ........................................17
الفرع الأول: التخفيض من قيمة الإيرادات......................................... ...............17
الفرع الثاني: التضخيم من قيمة النفقات .................................................. .......18
المطلب الثاني: التهرب بالطرق المادية والطرق القانونية.................20
الفرع الأول: التهرب عن طرق عمليات مادية............................................. .......20
الفرع الثاني: التهرب عن طرق عمليات قانونية........................................... .......20
المبحث الثاني: آثار التهريب الضريبي .........................................22
المطلب الأول: الآثار المادية والاقتصادية .................................22
الفرع الأول: الآثار المادية........................................... ............................22
الفرع الثاني: الآثار الاقتصادية........................................ ..........................23
المطلب الثاني: الآثار الاجتماعية........................................ ..24
الفصل الثالث: وسائل مواجهة التهريب الضريبي........................................... ......25
المبحث الأول: الرقابة الجبائية والجزاءات المقررة...............................26
المطلب الأول: الرقابة الجبائية.......................................... ..26
الفرع الأول: حق الإطلاع........................................... .............................26
الفرع الثاني: حق الزيادة........................................... ..............................28
الفرع الثالث: حق الرقابة........................................... ..............................28
الفرع الرابع: التهرب عن طرق عمليات مادية............................................. .......28
الفرع الخامس: الضمانات الممنوحة للمكلف............................................ ..........29
المطلب الثاني: الجزاءات التي وضعها المشرع الجزائري.................30
الفرع الأول: العقوبات الجبائية.......................................... ..........................30
الفرع الثاني: العقوبات الجزائية.......................................... ........................31
المبحث الثاني: الوسائل المقترحة لمكافحة التهرب الضريبي......................33
المطلب الأول: إعداد نظام جبائي محكم....................................33
الفرع الأول: نظام جبائي بسيط وعادل............................................. ...............33
الفرع الثاني: استقرار في التشريعات والمرونة في القواعد الجبائية................................34
المطلب الثاني: الإصلاحات المستوجبة على الجهاز الإداري...............35
الفرع الأول: تحسين الإمكانيات البشرية والوسائل المادية..........................................3 6
الفرع الثاني: توعية المكلف وتحسين علاقته مع الإدارة........................................... 38
الفرع الثالث: تكوين وإعلام المكلف بالضريبة.......................................... ..........39
الخاتمــــة
قائمة المراجع
الفهرس









 


قديم 2011-04-18, 21:52   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
zoubour
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية zoubour
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك أخي ياسين على هذا العمل الممتاز وجعله الله في ميزان حسناتك.










قديم 2011-04-21, 13:07   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
amine 46
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية amine 46
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك أخي










قديم 2011-04-21, 14:52   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
maram8
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم
يخونني تعبيري و تعجز عبارات أحيانا لكن جاء ما يجعلني أكتفي و ها أنا أكتفي لأقول............................................. ........................... شكرا جزيلا










قديم 2011-04-21, 19:09   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










M001 رد

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة maram8 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
يخونني تعبيري و تعجز عبارات أحيانا لكن جاء ما يجعلني أكتفي و ها أنا أكتفي لأقول............................................. ........................... شكرا جزيلا
شكرا على هذا الرد الرائع









قديم 2011-04-21, 21:05   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
لقاء الجنة
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية لقاء الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

......

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك...

لك مني أجمل تحية....











 

الكلمات الدلالية (Tags)
التهرب, الضريبي

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 07:07

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc