بحث كامل حول سعر الصرف - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

بحث كامل حول سعر الصرف

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-07-14, 15:59   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
حافظة الزهراوين
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية حافظة الزهراوين
 

 

 
إحصائية العضو










B10 بحث كامل حول سعر الصرف

[center][/

خطـة البحــث

مـقــدمــة
المبحث الأول: ماهية سعر الصرف
• المطلب 01: مفهوم سعر الصرف
• المطلب 02: أنواع سعر الصرف
• المطلب 03: العوامل المؤثرة في سعر الصرف
• المطلب 04: كيفية تحديد سعر الصرف
المبحث الثاني : محددات سعر الصرف و نظمه
• المطلب 01: سعر الصرف و التضخم
• المطلب 02: سعر الصرف ومعدل الفائدة
• المطلب 03: سعر الصرف وميزان المدفوعات
• المطلب 04: نظم سعر الصرف
المبحث الثالث : النظريات المفسرة لسعر الصرف
• المطلب 01: نظرية تعادل القدرة الشرائية
• المطلب 02: نظرية تعادل أسعار الفائدة
• المطلب 03: نظرية كفاءة السوق
• المطلب 04: نظرية الأرصدة
خـــــاتـمـة








المقــدمـة

تعتبر آلية سعر الصرف العنصر المحوري في اقتصاد المالية الدولية ،وهذه الأهمية مصدرها تعقد مشاكل التمويل على المستوى الداخلي والخارجي، خاصة بالنسبة للبلاد السائرة في طريق النمو والتي تتميز بانحصار إمكانيات التمويل الذاتي بصفة خاصة والتمويل الداخلي بصفة عامة.
إن آلية سعر الصرف تعتبر العنصر الأهم في التفكير المالي الحديث نظرا لما تكتسبه من أهمية بالغة في تعديل وتسوية ميزان المدفوعات للبلاد السائرة في طريق النمو، والتي تتميز بوجود عجز هيكلي مزمن تبعا للسياسات الاقتصادية الكلية في مجال التنمية المتبعة، حيث ينظر إلى حركة رأس المال الأجنبي كمحرك أساسي في عملية تمويل الاستثمارات وكذا الاستهلاك الخاص بقطاع العائلات والمشاريع.
وقد أصبحت أنظمة أسعار الصرف المتعارف عليها، كسعر الصرف العائم الثابت عاجزة عن إيجاد فعالية التوازن في ميزان المدفوعات للبلدان النامية، وبالنظر إلى سياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية الغير متوازنة والمتكافئة تعرف ثقل المديونية الداخلية والخارجية المتزايدة، والمنظمات المالية والنقدية الدولية تقترح التخفيض في حجم هذه المديونية، وتبعا لذلك التحكم في ميكانيزمات أسعار الصرف لإيجاد حلول ناجحة لعملية التنمية.
ونبني هذا الموضوع على طرح الإشكاليات التالية:
• ما هو سعر الصرف وكيف يتم تحديده؟
• ما هي الآليات المعتمدة في تنظيم سعر الصرف وتبادل العملات؟
• ما هي أهم النظريات المفسرة لسعر الصرف؟






















المبحث الأول
مـاهية سعـر الصـرف
 المطلب 01 : مفهوم سعر الصرف

هناك تعاريف عديدة لسعر الصرف لنذكر منها ما يلي:
- يعرف سعر الصرف بأنه النسبة التي يحصل على أساسها مبادلة النقد الأجنبي بالنقد الوطني أو هو ما يدفع من وحدات النقد الوطني للحصول على وحدة أو عدد معين من وحدات النقد الأجنبي(1)
- سعر الصرف هو الأداة الرئيسية ذات التأثير المباشر على العلاقة بين الأسعار المحلية والأسعار الخارجية وكثيرا ما يكون الأداة الأكثر فاعلية عندما يقتضي الأمر تشجيع الصادرات وتوفير الواردات(2)
- هو عدد الوحدات النقدية التي تبدل به وحدة من العملة المحلية إلى أخرى أجنبية وهو بهذا يجسد الربط بين الاقتصاد المحلي وباقي الاقتصاديات(3)
- هو وسيلة هامة للتأثير على تخصيص الموارد بين القطاعات الاقتصادية وعلى ربحية الصناعات التصديرية وتكلفة الموارد المستوردة
- هو أداة ربط بين أسعار السلع في الاقتصاد المحلي وأسعارها في السوق العالمي (4)
- يمكن تعريف سعر الصرف على أنه عدد الوحدات من العملة الواجب دفعها للحصول على وحدة واحدة من عملة أخرى، وفي الواقع هناك طريقتان لتسعير العملات وهما:
1) التسعير المباشر: هو عدد الوحدات من العملة الأجنبية التي يجب دفعها من أجل الحصول على وحدة واحدة من العملة الوطنية، وفي الوقت الراهن قليل من الدول تستعمل طريقة التسعير المباشر، وأهم الدول التي تستعمل هذه الطريقة هي بريطانيا العظمى، حيث في المركز المالي بلندن يقاس الجنيه الإسترليني كما يلي:
1جنيه إسترليني = 3.476 فرنك فرنسي
2) التسعير الغير مباشر : هو عدد الوحدات من العملة الوطنية الواجب دفعها للحصول على وحدة واحدة من العملة الأجنبية، ومعظم الدول في العالم تستعمل هذه الطريقة في التسعير بما في ذلك الجزائر، حيث في هذه الأخيرة يقاس $ الأمريكي بعدد من الوحدات من الدينار الجزائري كما يلي:
1$ = 59.67 دج








ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
(1)- د/شمعون شمعون_ البورصة (بورصة الجزائر)_ دار الأطلس للنشر والتوزيع_ 1994_ ص139
(2)- محمود حميدات_ مدخل للتحليل النقدي_ ديوان المطبوعات الجامعية.الجزائر._ 1966_ ص105
(3)- د/عبد المجيد قدي_ مدخل إلى السياسات النقدية الكلية_ ديوان المطبوعات الجامعية.الجزائر._ 2003 / 2004_ ص103
(4)- د/الطاهر الأطرش_ تقنيات البنوك_ ديوان المطبوعات الجامعية.الجزائر._2005_الطبعة الخامسة_ص 96

 المطلب 02 : أنواع سعر الصرف

عادة ما يتم التمييز بين عدة أنواع من سعر الصرف: (1)
1. سعر الصرف الاسمي: هو مقياس عملة إحدى البلدان التي يمكن تبادلها بقيمة عملة بلد آخر، حيث يتم تبادل العملات أو شراء وبيع العملات حسب أسعارها فيما بينها، ويتم تحديد سعر الصرف الاسمي لعملة ما تبعا للطلب والعرض عليها في سوق الصرف في لحظة زمنية معينة، ولهذا يمكن لسعر الصرف أن يتغير تبعا لتغير الطلب والعرض، و بدلالة نظام الصرف المعتمد في البلد، فارتفاع سعر عملة ما يؤثر على الامتياز بالنسبة للعملات الأخرى. وينقسم سعر الصرف الاسمي إلى سعر الصرف الرسمي أي المعمول به فيما يخص المبادلات الجارية الرسمية، وسعر الصرف الموازي أي السعر المعمول به في الأسواق الموازية وهذا يعني إمكانية وجود أكثر من سعر صرف اسمي في نفس الوقت لنفس العملة في نفس البلد.
2. سعر الصرف الحقيقي: يعبر هذا النوع عن عدد الوحدات من السلع الأجنبية اللازمة لشراء وحدة واحدة من السلع المحلية، وبالتالي يقيس القدرة على المنافسة وهو يفيد المتعاملين الاقتصاديين في اتخاذ قراراتهم، فمثلا ارتفاع مداخيل الصادرات بالتزامن مع ارتفاع تكاليف إنتاج المواد المصدرة بنفس المعدل لا يدفع إلى التفكير في زيادة الصادرات، لأن هذا الارتفاع في العوائد لم يؤد إلى أي تغيير في أرباح المصدرين وان ارتفعت مداخيلهم الاسمية بنسبة عالية.
3. سعر الصرف الفعلي: يعبر سعر الصرف الفعلي عن المؤشر الذي يقيس متوسط التغير في سعر صرف عملة بالنسبة لعدة عملات أخرى في فترة زمنية ما وبالتالي مؤشر سعر الصرف الفعلي يساوي متوسط عدة أسعار صرف ثنائية وهو يدل على مدى تحسن أو تطور عملة بلد ما بالنسبة لمجموعة من العملات الأخرى ويمكن قياسه باستخدام مؤشرلاسبيرز للأرقام القياسية.
4. سعر الصرف الفعلي الحقيقي: الواقع أن سعر الصرف الفعلي هو سعر اسمي لأنه عبارة عن متوسط لعدة أسعار صرف ثنائية ومن أجفل أن يكون هذا المؤشر ذا دلالة ملائمة على تنافسية البلد تجاه الخارج، لابد أن يخضع هذا المعدل الاسمي إلى التصحيح بإزالة أثر تغيرات الأسعار النسبية.



















ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
(1)- د/عبد المجيد قدي- مرجع سبق ذكره- ص 103/106
 المطلب 03 : العوامل المؤثرة في سعر الصرف
توجد هناك مجموعة من العوامل الرئيسية التي تؤثر في سعر الصرف وهي مستويات الأسعار النسبية و التعريفات الجمركية والحصص، تفضيل السلع الأجنبية على المحلية والإنتاجية. وسنبين الآن كيف يؤثر كل عامل من هذه العوامل على سعر الصرف مع افتراض بقاء العوامل الأخرى على حالها:
وسنفرض أن أي شيء يؤدي إلى زيادة الطلب على السلع المحلية بالنسبة للسلع الأجنبية يؤدي إلى رفع قيمة العملة المحلية لان السلع المحلية سوف يستمر بيعها جدا حتى عندما تكون قيمة العملة المحلية مرتفعة وبالمثل أي شيء يؤدي إلى زيادة الطلب إلى انخفاض قيمة العملة المحلية لان السلع المحلية سيستمر بيعها إلا إذا كانت قيمة العملة المحلية منخفضة.
 الفرع الاول : مستويات الأسعار النسبية
حسب نظرية تعادل القوة الشرائية، عندما ترتفع أسعار السلع المحلية (مع بقاء أسعار السلع الأجنبية ثابتة) ينخفض الطلب على السلع المحلية ويتجه سعر العملة الوطنية نحو الانخفاض حيث يمكن الاستمرار في بيع السلع المحلية بطريقة جيدة، وعلى العكس إذا ارتفعت أسعار السلع الأجنبية بحيث أن السعر النسبي للسلع المحلية ينخفض والطلب على السلع المحلية يزداد فيمثل قيمة العملة الوطنية نحو الارتفاع لأن السلع المحلية سيستمر بيعها حتى مع ارتفاع قيمة العملة المحلية، وفي الفترة الطويلة فان ارتفاع مستوى الأسعار في دولة ما ( بالنسبة إلى مستوى السعر الأجنبي) تسبب في انخفاض قيمة عملتها وانخفاض مستوى الأسعار النسبية مما يتسبب في ارتفاع قيمة عملتها.(1)
 الفرع الثاني : التعريفات الجمركية والحصص
إن الحواجز على التجارة الحرة مثل التعريفات الجمركية (الضرائب على السلع المستوردة مثلا) والحصص (القيود على كمية السلع التي يمكن استيرادها) يمكن أن تؤثر في سعر الصرف.
 الفرع الثالث : تفضيل السلع الأجنبية على السلع المحلية
إن الزيادة في الطلب على صادرات دولة ما يتسبب في ارتفاع عملتها في الفترة الطويلة، وعلى العكس فان زيادة الطلب على الواردات تتسبب في انخفاض قيمة العملة المحلية.
 الفرع الرابع : الإنتاجية
إذا أصبحت دولة أكثر إنتاجية أكثر من غيرها من الدول الأخرى فان منظمات الأعمال في هذه الدول يمكن أن تخفض أسعار السلع المحلية، بالنسبة الأسعار السلع الأجنبية وتظل تحقق أرباحا، والنتيجة هي زيادة الطلب على السلع المحلية وميل سعر العملة المحلية إلى الارتفاع لان السلع المحلية سيستمر بيعها أكثر من القيمة المرتفعة للعملة، ومع ذلك فإذا تقهقرت إنتاجية الدولة بالنسبة للدول الأخرى فان السلع التي تنتجها تصبح نسبيا غالية الثمن وتميل قيمة عملة الدولة إلى الانخفاض، ففي الفترة الطويلة كلما زادت إنتاجية دولة ما بالنسبة إلى الدول الأخرى ترتفع قيمة عملتها.
وآخر ما نصل إليه انه إذا أدى عامل من العوامل السابقة إلى زيادة الطلب على السلع المحلية بالنسبة للسلع الأجنبية، فان العملة المحلية ستزداد قيمتها وإذا أدى أي عامل منها إلى انخفاض الطلب النسبي على السلع المحلية، فان العملة المحلية ستنخفض قيمتها.(2)








ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- د/عبد المجيد قدي- نفس المرجع السابق- ص136 _137
(2)- د/محمود حميدات- نفس المرجع السابق- ص111



 المطلب 04 : كيفية تحديد أسعار الصرف
نميز ثلاث حالات:
1) الحالة الأولى: وهي حالة العملات التي يتم تحديد سعر صرفها عن طريق الارتباط المباشر بعملة التدخل، فهذه العملات تظل أسعارها ثابتة عبر الزمن باتجاه العملة المرتبطة بها مادامت السلطات النقدية للبلد المعني لم تحدث أي تغيير في سعر الارتباط المركزي للعملة.
2) الحالة الثانية: هي حالة التعويم الحر دون أي ارتباط، ويتم هنا تحديد سعر صرف عملة البلد في سوق الصرف الحرة باستمرار، فليس هناك سعر صرف ثابت بين هذه العملة و عملة التدخل وإنما يتغير السعر بسوق الصرف يوميا حسب تقلبات العرض والطلب، تتأثر هذه التقلبات بدورها بالتوقعات والحاجيات المختلفة للمتعاملين في السوق من جهة وبالمؤشرات الاقتصادية والنقدية للبلد من جهة أخرى، وقد تتدخل السلطات النقدية أحيانا وعند الضرورة للحيلولة دون المبالغة في المضاربات والحفاظ على النظام في المعاملات المصرفية داخل السوق.
3) الحالة الثالثة: هي حالة الارتباط بسلة من العملات، وهنا إما أن تربط الدول عملتها بحقوق السحب الخاصة التي هي عبارة عن سلة يصدرها صندوق النقد الدولي من خمس عملات لكل منها وزن معين، ونشير هنا إلى أن سعر الارتباط ودقة الهوامش تختلف حسب الأقطار أو تربط هذه الدول عملتها بسلة من العملات على شكل سلة حقوق السحب الخاصة، تعكس أوزانها نسب التوزيع الجغرافي لتجارتها الخارجية، كما تعتمد الدول أيضا عملة للتدخل (غالبا الدولار الأمريكي) يتم بها إرساء القيمة المحددة يوميا في سوق الصرف للعملة الوطنية.(1)


















ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- د/محمود حميدات- المرجع السابق- ص 109/ 110
المبحث الثاني
محددات سعر الصرف ونظمه
تمهيد
في ظل النظام الذهبي تتحدد أسعار صرف العملات انطلاقا من العلاقة بين المحتوى الذهبي للعملة بالمقارنة مع العملات الأخرى، وأسعار الصرف تتمتع بقدر كبير من الثبات حيث أن تقلباتها تنحصر ضمن حدود ضيقة، وهذا الثبات النسبي في أسعار الصرف يحقق بدوره درجة كبيرة من الاستقرار في المعاملات النقدية الدولية.

 المطلب 01 : سعر الصرف والتضخم
تستند هذه العلاقة على نظرية القدرة الشرائية، حيث أن قيمة العملة تتحدد على أساس قدرتها الشرائية ومن ثم فإن سعر الصرف التوازني يجب أن يعبر عن تساوي القدرة الشرائية الحقيقية للعملتين المعنيتين، وهذا النموذج أثبت قدرة كبيرة على التنبؤ بأسعار الصرف في المدى الطويل.(1)

 المطلب 02 : سعر الصرف ومعدل الفائدة
بافتراض عدم وجود حواجز جمركية فإن مردودية التوظيف في دولتين مختلفتين يجب أن تتساوى، وهذا ما يضمن أن الفرق في معدل الفائدة بين اقتصاد ما وباقي الاقتصاديات يساوي معدل ارتفاع أو انخفاض قيمة العملة في المستقبل، بمعنى آخر إذا كان معدل الفائدة على العملة a أكبر من المعدل المطبق على العملة b فإن قيمة هذه الأخيرة سوف تتحسن بالمقارنة مع قيمة العملة a حتى يتم إلغاء فروقات الفائدة بفروقات الصرف،لأن بقاء الفروقات في المردودية من الناحية النظرية سوف يؤدي إلى حدوث عمليات تحكيم فيما بين العملتين.
 المطلب 03 : سعر الصرف وميزان المدفوعات
تعتبر أهم أرصدة ميزان المدفوعات - سواء تعلق الأمر برصيد التجارة الخارجية أو رصيد المعاملات الجارية أو رصيد ميزان القاعدة- عوامل مفسرة لتغير سعر الصرف في المدى المتوسط، فحدوث عجز في الميزان التجاري يؤدي بالضرورة إلى انخفاض سعر الصرف، والأثر المعاكس نلاحظه في حالة انخفاض عجز ميزان المعاملات الجارية، وأهمية هذه الأرصدة تزيد باعتبار أن لها علاقة مع التضخم ومعدلات الفائدة، فالملاحظ أن الدولة التي تتميز بمعدل تضخم مرتفع تجد صعوبات كبيرة في تصدير منتجاتها إلى تأثير الميزان التجاري، والعكس في حالة معدل تضخم منخفض.
كما أن معدلات الفائدة هي التي تحكم حركة تدفق رؤوس الأموال في المدى الطويل والقصير وهي محتواة في ميزان المدفوعات.
فللقيام بعملية التنبؤ المستندة على الأرصدة المذكورة سابقا فإنه يجب مراقبة مجموعة من المؤشرات المرتبطة بالحسابات الخارجية والتي يمكن إجمالها في خمسة معدلات:
 معدل ارتفاع وانخفاض الاحتياطات الرسمية للدولة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
(1)- د/عبد المجيد قدي- المرجع السابق- ص126/127

 معدل تغطية الصادرات للواردات.
 معدل زيادة عرض النقود.
 معدل حزمة اليدين.
فبتتبع مختلف هذه المؤشرات من الممكن أن نستخلص مجموعة من المنبهات والدلالات على تغيير مرتقب لسعر الصرف.(1)

 المطلب 04 : نظم سعر الصرف
سبق أن ذكرنا أن سعر الصرف يتحدد بالطلب والعرض للصرف الأجنبي ،ويتحدد ثمن التوازن عندما يتساوى الطلب مع العرض ،ومن الممكن أن يتحدد التوازن بينهما دون تدخل جهاز الثمن إذا تدخلت الدولة بإجراءات أخرى من شأنها أن تؤثر في ظروف الطلب أو ظروف العرض بما يحقق التسوية بينهما دون الاعتماد على سعر الصرف ،وهذا ما يعرف باسم مبدأ الرقابة على الصرف ،ومنه يمكن تقسيم نظم الصرف إلى الآتي :
1) نظام سعر الصرف الثابت : يتحقق هذا النظام في حالة الدول التي تأخذ بقاعدة الذهب ،حيث تربط قيمة عملتها الوطنية بوزن معين من الذهب ،ويترتب على احتفاظ كل دولة بسعر للذهب أن يظل سعر العملات المختلفة ثابتا، ولذلك فإنه في ظل قاعدة الذهب لا يتغير سعر الصرف بل يظل ثابتا، لأنه إذا ارتفع ثمن إحدى العملات يكفي أن يقوم الأفراد بشراء الذهب ثم بيعه لدولة هذه العملة بسعر التعادل مما يعود بثمن العملة إلى الأصل، ومع ذلك فإن هذا الثبات المطلق لسعر الصرف لا يتحقق دائما، وتكون هناك في الواقع حدود يتغير خلالها سعر الصرف، وهذه الحدود ما تعرف بنقطة خروج ونقطة دخول الذهب، ويتضح من ذلك أن بيع وشراء الذهب يتم وفق سعر صرف عملة كل دولة أي يصدر إلى الدولة التي يرتفع فيها سعر صرف عملتها ويستورد من الدولة التي ينخفض فيها سعر صرف عملتها، وهذه الحدود البسيطة التي يتغير داخلها سعر الصرف تتمثل في نفقات الدولة المصدرة للذهب من نفقات نقل وتأمين وغيرها وهذا ما يؤدي بسعر الصرف إلى الاختلاف عن سعر التعادل بحدود صغيرة دون أن تؤدي حركات الذهب إلى العودة لهذا السعر، وعلى ذلك فإنه في ظل قاعدة الذهب تتقلب قيمة العملة الأجنبية بالنسبة للعملة الوطنية بين حدين، حد أعلى يتحدد بنقطة خروج الذهب وحد أدنى يتحدد بنقطة دخول الذهب، ونلاحظ بصفة عامة أن قاعدة الذهب كانت سائدة في أوربا طوال القرن 19م وحتى قيام الح.الع.1 ولكن بين عامي 1924/1930 بدأت بعض الدول تخرج عن سيطرة هذه القاعدة واليوم لا توجد دولة في العالم تسير عليها، رغم وجود عدد لا يستهان به من الاقتصاديين مازالو غير راضين عن التخلي عن هذه القاعدة، ولكن الأغلبية العظمى من الاقتصاديين يرجعون التخلي عن هذه القاعدة إلى النتائج السيئة التي حققتها.
2) نظام سعر الصرف المتقلب : إذا هجرت الدولة قاعدة الذهب ولم تلجأ إلى التدخل المباشر لتنظيم سوق الصرف، فإنها تعتمد على تقلبات أسعار الصرف لتحقيق التوازن فيه شأنه شأن غيره من الأسواق، وفي هذه الحالة تتغير أسعار الصرف طبقا لظروف الطلب والعرض بما يؤدي إلى تحقيق المساواة بين طلب وعرض الصرف الأجنبي، فيتحقق التوازن بين طلب وعرض الصرف الأجنبي في المدى القصير، كما يتحقق الوازن في العلاقات الدولية في المدى الطويل عن طريق التغير في أثمان السلع الداخلية في التجارة الدولية، فزيادة سعر الصرف الأجنبي (انخفاض قيمة العملة الوطنية) يؤدي إلى تشجيع قيمة الصادرات نظا لانخفاض قيمتها وإاة الحد من الواردات نظرا لارتفاع قيمتها، ويحدث العكس في حالة انخفاض سعر الصرف الأجنبي (ارتفاع قيمة العملة الوطنية)، وهكذا نرى أن سعر الصرف في ظل هذا النظام قابل للتغير والتقلب حتى يصل إلى السعر الذ يحقق التوازن في المدى القصير والمدى الطويل، وقد ظهرت هذه القاعدة عند خروج الدول الواحدة تلو الأخرى عن قاعدة الذهب وأوقفت قابلية أوراقها النقدية للصرف وأخذت بقاعدة أخرى وهي قاعدة العملة الورقية الإلزامية، وفي ظل هذه القاعدة نجد أن سعر الصرف يتوازن عند نقطة تلاقي المنحيين، و يكون كل مستوى أعلى من ذلك سوف يؤدي إلى حركة نزولية أ انخفاض سعر الصرف، زكل مستوى أقل من ذلك يدي إلى حركة صعودية أي اتفاع سعر الصرف، زما هذا إلا تطبيقا لنظرية الطلب والعرض في تحدد أسعار السلع.
3) نظام الرقابة على الصرف : لجأت الكثير من الدول نتيجة للحرب العالمية والأزمات الاقتصادية وخاصة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
(1)- د/عبد المجيد قدي- نفس المرجع السابق- 128/129
فيما بين الحربين وبعد الح.الع.2 إلى فرض رقابة مباشرة على سعر الصرف، وفي ظل هذا النظام تتحقق المساواة بين الصادرات والواردات، أي بين طلب وعرض الصرف الأجنبي عن طريق تدخل الدولة بتحديد قيمة الواردات والرقابة على حركات رؤوس الأموال، فالتوازن في سوق الصرف لايتحقق في ظل هذا النظام عن طريق حركات الذهب كما في نظام سعر الصرف الثابت، ولا عن طريق تقلبات أسعار الصرف كما في نظا سعر الصرف التقلب، ولكن عن طريق التدخل المباشر للدولة في ظروف الطلب والعرض، وجوهر نظام الرقابة على الصرف هو توزيع الكمية التي تحصل عليها الدولة من الصرف الأجنبي على وجوه الطلب الممكنة، وكذلك هذا النظام يعتمد في الواقع على التمييز الاقتصادي سواء بين الدول أو بين السلع.





















المبحـث الثالـث
النظريات المفسرة لسعر الصرف
تحاول الكثير من النظريات الاقتصادية تفسر اختلاف أسعار الصرف بين الدول، وأهم هذه النظريات ما يلي:

 المطلب 01 : نظرية تعادل القدرة الشرائية
أول من صاغ هذه انظرية هو ريكاردو، ثم قام بتطويرها الاقتصادي السويدي غوستلف كاسل في أوائل العشرينات من القرن العشرين، وتنطلق الفكرة الأساسية لهذه انظرية من كون أن القيمة التوازنية للعملة ف المدى الطويل تتحدد بالنسبة للأسعار المحلية والأسعار الخارجية، بمعنى أن سعر الصرف لعملة ما يتحدد على أساس ما يمكن أن تشتريه هذه العملة من الداخل والخارج، ومن هنا فإن تكلفة شراء سلع ما على سبيل المثال في الولايات المتحدة الأمرييكية لابد أن تكون مساوية لتكلفة شرائها في بريطانيا، وهذا يعني أنه إذا كانت دولة d تعرف معدل تضخم أعلى من ذلك السائد في الدولة e فإن الدولة d تسعى إلى رفع وارداتها من منتجات الدولة e لأن الأسعار هناك تكون أقل ارتفاعا، ومن نتيجة ذلك ظهور عجز تجاري للدولة d وهذا ما يؤدي إلى اتجاهها نحو تخفيض عملتها مقارنة بعملة الدولة e وتحقيق قيمة تعادل جديدة.
وقد تم اختيار هذه النظرية لأنها ذات دلالة في المدى الطويل أكثر منها فيالمدى القصير، كما أن العملات الأقل أهمية في حركة رؤوس الأموال الدولية أقل استجابة لنظرية القدرة الشرائية.
إلا أنها تطرح بعض القضايا العالقة منها:
 اختلاف أساليب قياس التضخم حسب نوع الأسعار المعتبرة، إما أسعار استهلاك أو أسعار انتاج أو، أسعار الصادرات والواردات...إلخ
 هذه النظرية لاتتعلق إلا بميزان العمليات الجارية وليس بكامل ميزان المدفوعات.
 تعتقد هذه النظية أنه يمكننا تقدير معدل التضخم في كل ابلدان، بغض النظر عن تطور الأنظمة الإحصائية والإعلامية.
 هناك مشكل في تمييز المتغير التابع المستقل، ذلك أن النظرية تفرض في مستوى الأسعار متغير مستقل، وسعر الصرف هو المتغير التابع.
ويتوقف نجاح تعادل القدرة الشرائية على:
 سيادة حرية التجارة الدولية، ذلك أن وجود القيود من شأنه تسوية الأسعار.
 سيادة حرة تحويل النقود من دولة إلى أخرى ودم إخضاع ذلك لنظم المراقبة.(1)
 المطلب 02 : نظرية تعادل أسعار الفائدة
حسب هذه النظرية لايمكن للمستثمرين الحصول على معدلات مردودية مرتفعة في الخارج عن تلك الممكن تحقيقها في السوق المحلي، لأن الفرق بين معدلات الفائدة يتم تعويضه بالفارق بين سعر الصرف الآني وسعر الصرف الآجل، وتسمحهذه النظرية بربط الأسواق النقدية الوطنية بأسواق الصرف.(2)


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
(1)- د/عبد المجيد قدي- المرجع السابق-ص119/120
(2)- نفس المرجع-ص121/122

 المطلب 03 : نظرية كفاءة السوق
السوق الكفء هو ذلك السوق الذي تعكس فيه الأسعار كل المعلومات المتاحة وهذا بفرض أن كل المتعاملين في السوق يمكن وصولهم إلى معلومات، سواء تعلق الأمر بالمعلومات الاقتصادية الحالية أو الماضةظن مثل إعلان عجز أو فائض ميزان المدفوعات، العجز التوازني، معدل التضخم...إلخ
وفي السوق الكفء نجد أن:
 كل المعلومات الجديدة تجد تأثيرها الآني على أسعار الصرف الآنية والآجلة.
 تكاليف المعاملات ضعيفة.
 تغيرات أسعار الصرف عشوائية.
وهذا يؤدي إلى النتائج التالية:
 لا يمكن لأي مضارب ظان يحقق باستمرار مكاسب.
 التسعيرة الآجلة يمكن اعتبارها كمؤشر من دون مضاربة على السعر الآني المستقبلي(نقدا).
إلا أن هناك جدالا قائما اليوم بخصوص ما إذا كانت أسواق الصرف الحالة كفئة نسبيا، وهذا ما أدى إلى القيام بعدة اعتبارات لإثبات ذلك، أظهر بعضها (مثل اختبارات جيدي وديفي على التوالي في 1975-1976) كفاءة السوق، في حين أن البعض الآخر(دراسات هانت 1986، ودراسات كيرني وماك دولاند في 1989) تأكيد عدم كفاءة سوق الصرف نسبيا في الوقت الذي سيعتقد فيه الممارسون أن هناك عدم كفاءة نسبية في أسواق الصرف.(1)
 المطلب 04 : نظرية الأرصدة
تقوم هذه النظرية على اعتبار القيمة الخارجية للعملة تتحدد على أساس ما يطرأ على أرصدة ميزان المدفوعات من تغيرن فإذا حقق ميزان المدفوعات لدولة ما فائضا فإن ذلك يعني زيادة الطلب على العملة الوطنية، وهو ما يقود إلى ارتفاع قيمتها الخارجية، ويحدث العكس عند حدوث عجز في ميزان المدفوعات والذي يدل على زيادة العرض من العملة الوطنية بما يقود إلى انخفاض قيمتها الخارجية، ويعتبر بعض الاقتصاديين أن فترة الحرب العالمية كانت مؤشرا على صحة هذه النظرية، وذلك لكون قيمة المارك الألملني لم يتلأثر آنذاك، رغم الزيادة الكبيرة في كمية النقود ومعدل دورانها وارتفاع مستوى الأسعار، والسبب في ذلك هو توازن الميزان الحسابي الألماني بالشكل الذي لم يسمح لها بزيادة وارداتهاعن صادراتها، بمعنى أنه لم يكن هناك رصيد دائن أو مدين في ميزان المدفوعات يؤثر على القيزة الخارجية للعملة.(2)











ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
(1)- د/عبد المجيد
center]









 


قديم 2010-07-14, 16:03   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
حافظة الزهراوين
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية حافظة الزهراوين
 

 

 
إحصائية العضو










M001 بحث كانل حول نظام بريتن وودز والنظام الجديد

[I][/مقدمـــــة:


إن تمويل التجارة الدولية و البحث عن الاستقرار النقدي الدولي، كان و لا يزال الاهتمام السائد في مجال العلاقات الدولية.

و من خلال المسح التاريخي للعلاقات الاقتصادية الدولية، يمكن أن نحدد ثلاثة نظم نقدية مختلفة شهدها العالم الحديث، كان أولها نظام قاعدة الذهب خلال نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين، ونتيجة للعيوب السالف ذكرها كان لازما التفكير في إرساء قواعد جديدة تحكم نظام النقد الدولي لتفادي الفوضى النقدية السائدة بين الحربين، فنشأ نظام بريتن وودز الذي استمر من نهاية الحرب العالمية الثانية حتى بداية السبعينات، ثم نظام التعويم المدار .

- فما هو نظام بريتن وودز؟ وكيف تم الانتقال إلى النظام الجديد ؟

ومن أجل الإلمام بالموضوع قسمنا البحث إلى مبحثين، تطرقنا في المبحث الأول إلى نظام بريتن وودز من نشأته إلى انهياره مرورا بنص الاتفاقية وأسباب التخلي عنه.
أما المبحث الثاني فقد خص لدراسة نظام التعويم الذي قام على أنقاض نظام بريتن وودز، وتم التطرق إليه بمختلف مراحله واتفاقياته.


















المبحث الأول: النظام النقدي الدولي في ظل نظام بريتن وودز.(*)

تمهيــــــد:
شهد العالم خلال الثلاثينات ظروف عدم استقرار غير عادية حيث اتجهت أسعار صرف العملات الدولية للتقلب الشديد فضلا عن اتجاه الدول إلى تخفيض قيمة عملتها و تقييد التجارة الدولية مما أدى إلى تقلص حجم التجارة الخارجية إلى النصف.
ولكي لا يبقى العالم في مثل هذه الظروف و قبل انتهاء الحرب العالمية الثانية بدأت كثير من الدول في البحث عن نظام نقدي جديد يكون أساسا للعلاقات بين الدول لما بعد الحرب.

المطلب الأول: تبني نظام بريتن وودز.
أولا: مخططات إصلاح و تنظيم السيولة الدولية:
يرجع أهم ما قدم من اقتراحات إلى كل من المخطط البريطاني عن طريق ممثل الاقتصاد البريطاني "جون مينار كينز" و المخطط الأمريكي الذي اقترح على لسان موظف الخزينة الأمريكية "هاري دكستر وايت".
كانت منطلقات كينز تتمثل في أن النظام النقدي الجديد يجب أن يكفل عدم التدخل في السياسات الداخلية للدول، إلا ما كان له أثر هام في العلاقات الاقتصادية الدولية و بشرط أن تكون تلك العلاقات متساوية في المزايا بين الدول و أن يحقق النظام المصلحة العامة لكل الدول المشاركة.(1)
وقد ذهب كينز في مشروعه إلى أن إدارة و ضبط النظام الجديد يتطلبان تكوين مؤسسة دولية ذات طابع مركزي عالمي، و يكون لكل دولة مشتركة حصة تحدد مسؤولياتها في إدارة شؤون هذه المؤسسة، و قد قصد كينز بتلك المؤسسة تكوين "إتحاد المقاصة الدولية" تكون مهمته كمهمة البنك المركزي في النظام النقدي المحلي.(2)
وما يميز مشروع كينز هو موقفه من الدور الذي سيلعبه الذهب في النظام الجديد، فهو يرى أن عالم ما بعد الحرب في حاجة إلى تلك الكميات من النقود و الاحتياطات الدولية التي لن تتناسب مع كمية الذهب في العالم، و يجب أن تتحدد كمية النقد الدولي العالمي لا على أساس إنتاج الذهب و تكاليفه و لا على أساس الاحتياطي الموجود منه، و إنما على أساس حجم التجارة الدولية، و في ضوء هذه الحاجة يمكن للعالم أن يزيد أو ينقص من كمية النقود الدولية لمواجهة أحوال التضخم أو الانكماش في العالم، و قد اقترح أن يكون النظام الجديد مرتكزا على عملة دولية لا تخضع لسيادة أي بلد و أطلق على هذه العملة مصطلح "البانكورBancor" و هي عبارة عن وحدة حسابية قياسية نقدية تستخدم في تسوية المدفوعات الدولية بعد أن توافق الدول على استخدامها و تكون قيمتها مرتبطة بالذهب و لكنها قابلة للتغير حسب الأحوال و على أن يكون كمية المصدر منها متناسبة مع حاجة التجارة الدولية بطريقة منتظمة.
و هنا يتعين على الدول المشتركة في النظام أن تحدد سعر الصرف عملتها "بالبانكور"Bancor وهو ما يعني أن تكون قيمة عملتها مربوطة بوزن معين من الذهب، و لا يجوز تغيير هذا السعر إلا بموافقة إتحاد المقاصة الدولي، فالهدف يجب أن يكون هو ثبات أسعار الصرف.


)*(: و الواقع أن هذه التسمية أطلقها الأنجلوساكسون و جرى عليها العمل رغم ما يشير إليه البعض بحق أن تسمية هذا النظام باسم قاعدة العملة و الذهب Etalon devise or بدلا من قاعدة الصرف بالذهب.
(1) زينب حسين عوض الله، الاقتصاد الدولي، الدار الجامعية للنشر، مصر، 1998، ص152.
(2) Michel Bialés ; Remi Leunion ; et les autres : Notion Fondamentales d’économie, Edition Foucher, Paris, 1998. P254.


وقد اقترح كينز أن يقوم إتحاد المقاصة الدولي بفتح حسابات دائنة و مدينة للدول المشتركة و يجري عمليات المقاصة بينها، بحيث تتساوى في النهاية الأرصدة الدائنة و المدينة، و لكن إذا أسفر الحساب لدولة ما عن رصيد دائن فإنه يبقى داخل الإتحاد كعرض مقدم من الدولة الدائنة.(1)
والواقع أن هذا المشروع كان يحاول إلغاء دائنية و مديونية الدول تجاه بعضها البعض، وهو في هذا كان يدافع عن مصلحة بريطانيا المدينة، و يحاول أن يعيد مركز الاقتصاد البريطاني.
أما مشروع "هاري وايت" فلم يكن يهدف إلى إيجاد سلطة نقدية دولية تحل مكان السلطة النقدية المحلية، بل تصوّر إمكان التعاون بين هذه السلطات، وكان جوهر اقتراحه يتلخص في أن النظام النقدي الدولي الجديد يجب أن يستهدف العمل على استقرار أسعار الصرف و محاربة مختلف أشكال القيود على المدفوعات الخارجية التي تحد من حرية التجارة و حرية انتقال رؤوس الأموال و قد اقترح لذلك تكوين صندوق دولي لتثبيت قيمة العملات للدول الأعضاء المشتركة فيه، كما اقترح أن تكون وحدة التعامل الدولي هي " اليونيتاس" Unitas التي ترتبط قيمتها بوزن معين من الذهب، و على الدول الأعضاء أن تحدد قيمة عملتها بالذهب أو باليونيتاس، وليس لها الحق في تغيير هذه القيمة إلا بعد موافقة أربعة أخماس أصوات الدول الأعضاء في الصندوق(2)، و سوف يفتح في الصندوق حسابات دائنة و مدينة تقيّد فيها الأرصدة باليونيتاس و يمكن سحب العملة بالذهب أو بالعملات الأخرى، و يقتصر دور الذهب في عمليات
التسوية على دفع الفائض في الحساب الجاري للدول الأعضاء، و في حالة حدوث اختلال جوهري في ميزان المدفوعات تكون مهمة الصندوق هي السعي لتثبيت قيمة العملات من خلال الائتمان المتبادل بين الأعضاء، كما اقترح "هاري وايت" أن يكون حجم الحصة لأي دولة على أساس حجم ما في حوزة الدولة من ذهب و نقد أجنبي و حجم دخلها القومي، و هو بهذا الشكل كان يعبّر عن مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تملك آنذاك أكبر كمية من الذهب العالمي و تحقق أعلى دخل في العالم.
و في آخر المطاف اتفق المؤتمرون على تبني المشروع الأمريكي نظرا لقوة الدولار من جهة و قوة الولايات المتحدة اقتصاديا و عسكريا من جهة أخرى، فضلا عن مساندة دول أمريكا اللاتينية للمشروع(3)، كما تمّ تعيين "هاري وايت" على رأس صندوق النقد الدولي باقتراح من الرئيس "روزفلت".

ثانيا : محتوى اتفاقية "بريتن وودز "
في 20 جويلية 1944، تم التوقيع على جملة الاتفاقيات في بريتن وودز و بالضبط في الضفة الشرقية للولايات المتحدة الأمريكية في "نيوهامبشير New Hampshire "(4) حيث اجتمع ممثلو الولايات المتحدة الأمريكية و انجلترا بالإضافة إلى ممثلي اثني و أربعين دولة أخرى، و توصلوا إلى نظام صرف بالذهب حيث أصبح للدولار دورا أساسيا في الحفاظ عليه و ذلك من خلال تعهد الولايات المتحدة الأمريكية بتلبية أي طلب لتحويل الدولار إلى الذهب عند سعر ثابت 35 دولار للأوقية بدون حدود أو قيود، أما باقي عملات دول العالم فيتم تثبيت قيمتها بمقابل الدولار و بالتبعية تصبح مثبتة في مواجهة الذهب أيضا.(5)
(1) زينب حسين عوض الله: مرجع سبق ذكره، ص154.
(2) Michel Bialés ; Remi Leunion ; et les autres; Op.cit. .P 255.
(3) ضياء مجيد الموسوي: مرجع سبق ذكره، ص304.



(4) Patrick Lenain : Le FMI, Casbah édition, janvier1999.P09
(5) محمد سيد عابد: التجارة الدولية، قسم علوم الاقتصاد، كلية التجارة، جامعة الإسكندرية، مكتبة و مطبعة الإشعاع الفنية، 2001، ص 430.




شكل رقم (1-1): نظام النقد الدولي بعد 1944.(1)
نظام الصرف بالذهب




المارك الجنيه الفرنك


و يمكن تلخيص خصائص هذا النظام في النقاط التالية:
1- ربط أسعار عملات الدول إلى الدولار و بالتبعية إلى الذهب
2- التزام كل دولة بالتدخل في سوق الصرف الأجنبي للحفاظ على سعر الصرف في حدود 1% و ارتفاعا و انخفاضا عند سعر التعادل في مواجهة الدولار
3- يمكن للدول أن تموّل عجزها المؤقت في ميزان مدفوعاتها باستخدام احتياطاتها الدولية و بالاقتراض من صندوق النقد الدولي، أما في حالة وجود اختلال هيكلي، أي وجود عجز أو فائض بشكل كبير و مستمر في ميزان المدفوعات، فإنه يسمح للدولة بأن تغير السعر الاسمي لعملتها في حدود 10% دون اشتراط الموافقة المسبقة للصندوق؛(2)
4- استخدام الدول لما لديها من أرصدة الدولار لشراء عملتها المحلية عندما تميل قيمتها للتدهور بأكثر من 1% من سعر التعادل أو التدخل ببيع عملتها و شراء الدولار عندما تتحسن قيمتها بما يفوق 1% من سعر التعادل؛
5- فرض القيود على تحركات رؤوس الأموال قصيرة الأجل و ذلك لتفادي تأثيرها على نظام أسعار الصرف الثابتة.
و تعتبر هذه الأفكار بمثابة الأهداف الأساسية التي خرج بها مؤتمر "بريتن وودز" و التي أوكلت مهمة الإشراف على تطبيقها لصندوق النقد الدولي الذي انبثق عن المؤتمر المذكور و كذلك البنك الدولي للإنشاء و التعمير، الذي أصبح يعرف باسم البنك الدولي.

المطلب الثاني: مراحل سير نظام بريتن وودز.

أولا: مرحلة الازدهار "القوة".
لقد تركت الحرب العالمية الثانية أوروبا و اليابان في حالة دمار اقتصادي، و لم تستطع أوروبا تزويد نفسها بالسلع الاستهلاكية بالإضافة إلى السلع الرأسمالية الضرورية لإعادة البناء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) ضياء مجيد الموسوي، مرجع مذكور سابقا، ص 312
(2) محمد سيد عابد، مرجع سبق ذكره، ص 420



وفي ضوء هذه الظروف، كان من الضروري استيراد العديد من السلع لأوروبا و كانت المشكلة تكمن في الحاجة إلى العملة الصعبة و خاصة الدولار الأمريكي للدفع مقابل الواردات، إذ لم تكن لأوروبا طاقة تصديرية تستطيع من خلالها الحصول على العملة الصعبة، كما احتياطاتها الدولية غير كافية، ونظرا لكون الولايات المتحدة الأمريكية المصدر الأساسي للسلع الإنتاجية، فقد كان نقص السلع في أوروبا يمثل نقصا في الواردات، وللمساعدة في تخفيف وطأة نقص الدولارات، قامت الولايات المتحدة الأمريكية و كندا و عدد من المنظمات الدولية بمنح عدد من القروض و المنح لأوروبا، شملت برنامج الانتعاش الأوروبي، و المعروف بمخطط "مارشال" حيث قامت الولايات المتحدة الأمريكية بمنح 13 مليار دولار11,6 مليار دولار في شكل منح و الباقي في شكل قروض، و في مقابل ذلك طلبت من الدول المستفيدة إعطاء الأولوية لإعادة التعمير و التقدم الاقتصادي في سياستها الاقتصادية و النقدية و تشجيع تصدير منتجاتها إلى منطقة الدولار.
ومن هنا ظهرت فكرة "الفترة الانتقالية" التي أتاحت لدول أوروبا تشجيع صادراتها عن طريق تخفيض أسعار صرف عملاتها، بالرغم من الآثار التي يمكن أن يحدثها هذا الإجراء، و الذي يؤثر سلبا على صادرات الولايات المتحدة الأمريكية اتجاه أوروبا.
و مما سبق، نستطيع القول أن معظم دول العالم كانت في حاجة ماسة للاقتصاد الأمريكي، و هذا يعني أنها في حاجة للدولار الأمريكي، مما جعل الدول تجري وراءه، و بالتالي أصبح بمثابة النقد الذي يستعمل في تسوية المدفوعات الدولية.
فخلال الفترة الممتدة من 1946إلى 1949 حققت الولايات المتحدة الأمريكية فائضا ضخما في ميزان مدفوعاتها مع أوروبا، إلا أنه منذ عام 1950 بدأت أوروبا تستعيد مستواها الاقتصادي و هذا ما ساعد كل من أوروبا و اليابان في تكوين أرصدة دولارية مما تسبب في ندرة الدولار، كما تحول فائض ميزان المدفوعات الإجمالي الأمريكي -المحقق سابقا- إلى عجز منذ 1950.
وكان هذا الوضع بمثابة مؤشر لبداية العجز الدائم في ميزان المدفوعات الأمريكي، و الذي كان محورا دارت حوله الأحداث الدولية النقدية و الأزمات.
ثانيا: مرحلة الضعف.
إن الإجراء المعتمد من طرف الدول الأوروبية و المتمثل في تخفيض أسعار صرف عملاتها، شجع على زيادة الصادرات لهذه الدول، و رفع من القدرة الإنتاجية للقطاع الصناعي من الفترة الممتدة من 1950إلى 1960 بحوالي 60%.
فالتحسن الذي طرأ على موازين المدفوعات الأوروبية في عام 1958، سمح لها بتكوين احتياطات نقدية كبيرة، مما جعلها تعلن إعادة عملاتها للتحويل، الأمر الذي نتج عنه دخول رؤوس الأموال الأمريكية إلى الدول الأوروبية.(1)
و في مقابل ذلك و في نفس السنة 1958 زاد العجز في ميزان المدفوعات الأمريكي بشدة بمتوسط 3 مليار دولار سنويا، و لعل هذا العجز كان راجعا إلى تدفق الاستثمارات الأمريكية في أوروبا و التضخم الأمريكي الناتج عن تمويل حرب الفيتنام من خلال زيادة العرض النقدي و إصدار مزيد من الدولارات.
فأصبح ما يحتفظ به الأجانب من دولارات هو 40 مليار دولار بينما كان 13 مليار فقط في عام 1949، و في نفس الوقت فإن القطاع الخاص كان يحتفظ بقدر أكبر من ذلك و هو ما يمثل في جملته دين على الحكومة الأمريكية أو التزام على ما لديها من ذهب الذي انخفض مستواه من 25 مليار دولار في عام 1949 إلى 11 مليار دولار فقط في عام 1970 معنى ذلك أن الولايات المتحدة كانت تواجه التزامات بالذهب أكبر من رصيدها الفعلي منه.

(1) ساخي بوبكر، اليورو موقعه من العملات الدولية، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير، جامعة الجزائر، 2001، ص24.

ولقد امتنعت الولايات المتحدة الأمريكية خلال هذه الفترة عن تخفيض قيمة الدولار لمواجهة العجز في ميزان المدفوعات و لجأت إلى بعض السياسات الأخرى لمنع خروج رؤوس الأموال مثل زيادة أسعار الفائدة المحلية قصيرة الأجل و الحفاظ على سعر الفائدة طويلة الأجل منخفض نسبيا لتشجيع النمو الاقتصادي المحلي.
ومع فشل كل هذه الإجراءات لوقف العجز المستمر في ميزان المدفوعات الأمريكي فإن رصيدها قد تضاءل بحيث أصبح غير كافي لسد العجز الأمريكي، و في محاولة أخيرة لامتصاص فائض السيولة الدولارية على المستوى الدولي و وقف محاولات الدول مبادلة ما لديهم من دولارات مقابل الذهب، أصدرت الحكومة الأمريكية سندات حكومية مضمونة و متوسطة الأجل تصدر بالدولار و بسعر صرف مضمون(1) إلا أن هذه السياسة لم تفلح في وقف تدهور الأرصدة الذهبية حتى وصل الرصيد الذهبي الأمريكي إلى ¼ العجز الحكومي فقط ( أي أن العجز الحكومي أصبح أربع أمثال الأرصدة الذهبية).
وفي هذه الحالة كان ضروريا أن يتغير سعر التعادل أو تكافؤ العملات، حيث في 05 ماي 1971، توقفت ألمانيا، هولندا و سويسرا عن التدخل في سوق الصرف الأجنبي و في 09 ماي 1971 رفعت كل من سويسرا و النسا قيمة عملتيهما بنسبة 7,1% و 6,1 % على التوالي، بينما قررت ألمانيا و هولندا تعويم عملتيهما.(2)
و بات مؤكدا أن أمريكا سوف تخفض قيمة الدولار، و في ظل تكامل أسواق رأس المال، فإنّ هذا التوقع قد تسبب في اندفاع حاد للتخلص من الدولار قبل أن تنخفض قيمته و الاتجاه إلى العملات الأخرى القوية مثل المارك و الفرنك السويسري و الين.
ثالثا: إيقاف التحويل بين الذهب و الدولار.
كل تلك الأوضاع السالفة الذكر نجمت عنها زعزعة الثقة في الدولار، إذ تأكد بذلك عدم قدرة الولايات المتحدة الأمريكية على الالتزام بتحويل الدولار إلى الذهب، مما أدى إلى زيادة الطلب على الذهب و ما نتج من مضاربات على الدولار.
و في يوم الأحد 15 أوت 1971 أعلنت الحكومة الأمريكية على لسان رئيسها "ريتشارد نيكسون" عن إيقاف التحويل بين الذهب و الدولار، و هكذا أغلقت نافذة التحويل إلى الذهب و معها انهارت دعامة نظام بريتن وودز، كما صاحب هذا القرار مجموعة من الإجراءات الانكماشية الداخلية:
- فرض رسم إضافي قدره %10 على السلع المستوردة و الهدف منه هو استعماله كوسيلة ضغط على الدول الأخرى لإجبارها على المساهمة في علاج العجز المتزايد في ميزان المدفوعات للولايات المتحدة؛
- تجميد الأجور و الأسعار لمدة 10 أيام، القصد من هذا هو مواجهة التضخم في الداخل؛
- إعفاء الاستثمارات الخاصة بإنتاج المعدات الوطنية من الضرائب بنسبة 10% لمدة سنة لتشجيع الاستثمار في الداخل؛
- إلغاء ضريبة الإنتاج المقدرة بـ7% على صناعة السيارات الأمريكية و الهدف من هذا الإلغاء هو إنعاش هذه الصناعة و جعلها أكثر تنافسية؛
- تخفيض الإنفاق الحكومي و المساعدات الاقتصادية الخارجية بنسبة 10%.









(1) Michel Dupuy : Le Dollar, Dunod, Paris1999.P23.
(2) مدحت صادق، النقود الدولية وعمليات الصرف الأجنبي، دار غريب للنشر والتوزيع، القاهرة، الطبعة الأولى، 1997، ص37.
المطلب الثالث: تقييم النظام
إن عمل النظام النقدي الولي الذي تمخض عن مؤتمر بريتن وودز، له مؤيدوه الذين يقفون عند محاسنه ، كما له معارضون يعدون عيوبه.
أولا: مزايا النظام
تتمثل محاسن نظام بريتن وودز في النقاط التالية:
 تجنب التذبذبات النقدية الكبرى، كالتي حدثت خلال الحربين من خلال تدخل البنوك المركزية على مستوى أسواق الصرف لبيع وشراء عملاتها مقابل العملات الأجنبية، وبالتالي بقاء أسعار العملة المحلية ضمن مجال التقلبات المسموح بها، ومنه تفادي الكثير من الإختلالات الاقتصادية التي تعيق المبادلات الدولية.
 هو نظام يجمع بين نظام ثبات الصرف من خلال تثبيت العملة بوزن معين من الذهب، ونظام حرية الصرف من خلال تعديل سعر الصرف وفق أوضاع ميزان المدفوعات، مع منع التغيرات المتتالية لأسعار الصرف.
 يسمح نظام الصرف الثابت بالعمل العادي للمبادلات الخارجية، حيث وفر للمصدرين والموردين إمكانية عقد اتفاقيات تجارية مستقبلية على المدى المتوسط أو الطويل بالنظر إلى عامل الاستقرار الذي تتميز به أسعار الصرف وكذا الثقة الممنوحة لعملات البلدان.
 كما يسمح نظام بريتن وودز بالرفع من الإنتاج العالمي وكذا التجارة الدولية بوتيرة سريعة مقارنة بالأنظمة التي سادت قبله.
ثانيا: عيوب النظام
تكمن عيوب النظام في الآتي:
 إن ارتكاز العملات الرئيسية على قاعدة الدولار يتطلب احتفاظ الولايات المتحدة الأمريكية باحتياطات ضخمة من الذهب، لكن في الواقع منذ مطلع الستينات تناقص الاحتياطي الذهبي ولم يعد يغطي الدولارات الموجودة على مستوى الدول، فازدادت الشكوك ف عدم قدرة الولايات المتحدة الأمريكية الوفاء بتعهداتها، فانعدمت الثقة في الدولار وكثرت المضاربة ضده.
 لم يكن يسمح هذا النظام بالتعديلات اللازمة في الأوقات المناسبة وبالسرعة المطلوبة على مستوى أسعار صرف العملات، مما أدى إلى عدم فعالية التعديل.
 ظهور مشكلة السيولة الدولية من خلال عدم قدرة الدولار بصفته مسيلة من وسائل الدفع الدولية بالوفاء باحتياجات العالم المتزايدة، إذ ظهرت الإختلالات بين حجم التبادل الدولي وحجم وسائل الدفع.
 إن اعتبار الدولار الأمريكي كعملة احتياطية قد يعمل على نقل التضخم من الولايات المتحدة الأمريكية إلى بقية العالم.
المطلب الرابع: انهيار و زوال نظام بريتن وودز.
أولا: أسباب انهيار نظام بريتن وودز.
كان نظام بريتن وودز يقوم - كما أسلفنا القول- على ركيزة رئيسية هي التزام الخزانة الأمريكية ببيع الذهب بسعر الأوقية 35 دولارا إلى البنوك المركزية و المؤسسات النقدية في العالم، و من ثم فقد كان من الضروري الربط بين مقدار ما هو متوفر من مخزون ذهبي لدى الولايات الأمريكية و بين الالتزامات قصيرة الأجل المترتبة عليها. فإذا ما زادت هذه الالتزامات دون زيادة في كمية الذهب كان ذلك تعبيرا عن حقيقة معينة هي عجز ميزان المدفوعات الأمريكي.(1)
(1) مجدي محمود شهاب، الوحدة النقدية الأوروبية، دار الجامعة الجديدة للنشر والتوزيع، مصر، 1998، ص51.

فمنذ الخمسينات بدأ ميزان المدفوعات الأمريكي يحقق عجزا كبيرا و مستمرا الأمر الذي قلّص بشدة من احتياطات الذهب في الخزانة الأمريكية، و ساد اليقين بضرورة تعديل أسعار تعادل العملات، و إزاء فشل الولايات المتحدة الأمريكية في إقناع الدول التي حققت موازين مدفوعاتها فوائض ضخمة، و بصفة خاصة ألمانيا و اليابان، برفع سعر صرف عملاتها، أصبح من المعترف به ضرورة لجوء الولايات المتحدة الأمريكية إلى تخفيض قيمة الدولار.في ذلك الوقت أصبحت الأسواق الدولية لرأس المال مرتبطة ببعضها بشكل كبير من خلال أسواق العملات الأوروبية، و بدأت كميات ضخمة من رؤوس الأموال الأمريكية في الهروب للخارج، و بدأت التحويلات الكثيفة من الدولار الأمريكي إلى العملات القوية الأخرى، وبصفة خاصة المارك الألماني و الين الياباني و الفرنك السويسري، الأمر الذي أدى إلى حدوث مزيد من الإختلالات في ميزان المدفوعات الأمريكي.
وهنا اضطر رئيس الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك "ريتشارد نيكسون" تعليق قابلية تحويل الدولار الأمريكي إلى ذهب، معلنا بذلك عن نهاية نظام بريتن وودز.
بالإضافة إلى هذا، هناك أسباب أخرى لا تقل أهمية و المتمثلة فيما يلي:
- توقعات انخفاض قيمة الدولار التي أدت إلى تدفق رؤوس الأموال قصيرة الأجل إلى خارج الولايات المتحدة.
- تخلي الدول الأوروبية و اليابان عن التزامها بالتدخل في سوق الصرف الأجنبي لتدعيم الدولار.
- عدم كفاية السيولة الدولية، وقد تم إنشاء وحدات السحب الخاصة (*) للتغلب على هذه المشكلة و لكنها لم تكن كافية نظرا لأن إصدارها و توزيعها لم يكن وفقا لاحتياج الدول الأعضاء و إنما وفقا لحجم كل دولة و أهميتها النسبية في التجارة الدولية، فمن المعروف أن السيولة الدولية هامة لكي تساعد في تمويل العجز المؤقت في موازين المدفوعات دون اللجوء إلى إجراءات تقييدية أو انكماشية مما يسمح لآلية التصحيح بأن تأخذ وقتها الكافي لاستعادة التوازن، فالنقص في السيولة الدولية يقلل من أو يعوّق التجارة الدولية، في نفس الوقت زيادة السيولة الدولية تؤدي إلى ظهور الضغوط التضخمية العالمية (1).

ولقد عبر الاقتصادي R.Triffin عن أزمة خلق السيولة في نظام بريتن وودز قائلا: أن زيادة السيولة قد أتت في ظل هذا النظام من خلال العجز في ميزان المدفوعات الأمريكي و ليس من آلية مرتبطة باحتياجات الدول الفعلية للسيولة، معنى ذلك أنه كلما زاد حجم السيولة كلما قلت الثقة في الدولار و قيمته لأن السيولة أتت من خلال العجز في ميزان المدفوعات الأمريكي.
وكما ذكرنا من قبل فإن صندوق النقد الدولي قد حاول أن يواجه مشكلة السيولة الدولية من خلال إصدار حقوق السحب الخاصة، وهي نقود اعتبارية يتم تبادلها بين الدول الأعضاء في الصندوق و ليس بين الأفراد، حيث تم إصدار ما قيمته 9,5 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة في عام 1969 (2). ومن الغريب أيضا أن إصدارات حقوق السحب الخاصة خلال الفترة 1970-1972 قد واكبت فترة تزايد المعروض من الدولار كنتيجة للعجز في ميزان المدفوعات الأمريكي.






(*):سنعود إلى شرح وحدات حقوق السحب الخاصة بكثير من التفصيل لاحقا.
(1) محمد سيد عابد:مرجع سبق ذكره، ص438.
(2) Michel Dupuy : Op.Cit.P24.

ثانيا: اتفاقية سيميثونيان
في ديسمبر من عام 1971 اجتمع ممثلو عشر دول (*) في معهد "السيميثونيان" بواشنطن في مقاطعة كولومبيا، لدراسة الوضع الجديد بعد انهيار بريتن وودز و وافقوا على رفع سعر أوقية الذهب من 35 دولار إلى 38 دولار أمريكي للأوقية، هذا ما يعني تخفيض قيمة الدولار الأمريكي بنسبة 7,89%(1) كما ارتفعت قيمة بعض العملات، مثل الين الياباني بنسبة 14% و المارك الألماني بنسبة 17%.
كما تضمنت هذه الاتفاقية توسيع هوامش تقلبات أسعار الصرف إلى 2,25% ارتفاعا و انخفاضا عن سعر التعادل، بدلا من1 %، و هذا يعني أنه يمكن لسعر صرف أي عملة بخلاف الدولار أن يتقلب في حدود 4.5 % ارتفاعا و انخفاضا، بالمقارنة مع سعر صرف أي عملة أخرى، وذلك في حالة زيادة قيمة إحداها بنسبة 2.25 % عن سعر تعادلها بالدولار، و انخفاض قيمة العملة الأخرى بنسبة 2.25 % عن سعر تعادلها بالدولار.
كما وافقت الولايات المتحدة الأمريكية في المقابل بإلغاء الرسوم الجمركية و المقدرة بـ 10 % التي فرضتها على الواردات.
ثالثا: التطورات النقدية بعد اتفاقية سيميثونيان
بالرغم من الأمل الذي كان معلقا على اتفاقية "سيميثونيان" لكي تلغي حواجز المضاربة في المستقبل، إلا أنها لم تحقق النتائج المرجوة و المنتظرة في مجال السيولة الدولية.
فبنهاية سنة 1971 دخل العالم في فوضى نقدية، حيث واجه النظام خلالها مشكلة الدولار المتبقي، الذي حصلت عليه البنوك المركزية الأجنبية محاولة منها لدعم الدولار خلال أزمات عام 1971، فارتفع مجموع احتياطات البنوك المركزية الأجنبية من الدولارات إلى 62 بليون دولار، و لن تستبدل هذه الأخيرة بالذهب أبدا.
فبالرغم من ذلك - عدم قابلية الدولار للتحويل إلى ذهب - فإنها تشكل خطرا على استقرار نظام النقد الدولي، إذا ما ألقت البنوك المركزية بتلك الدولارات في سوق العملات الأجنبية، ولقد كان من الأجدر بهم دفع المضاربين الأفراد إلى شراء الدولارات بكميات كبيرة كي تعطي للبنوك المركزية الفرصة للتخلص من الدولارات الزائدة، إلاّ أنه في حقيقة الأمر لم يحدث شيء من هذا القبيل، حيث زاد مجموع الاحتياطات من الدولارات في عام 1972 إلى 81 بليون دولار (2).
وخلال هذه الفترة، شجعت فوارق أسعار الفائدة على ترك أرصدة خارج البلاد و أكثر من هذا، فقد اقتنع السوق إلى حد بعيد بأن تخفيض الدولار أصبح أمرا واردا.
فلقد أحدث عجز الولايات المتحدة الأمريكية مضاربة عنيفة ضد الدولار و ذلك في جانفي 1973، وأدى هذا إلى تخفيض آخر في قيمة الدولار بنسبة 10% و منه ارتفعت قيمة الأوقية الواحدة من الذهب إلى 42.2% دولار. و لما احتدمت المضاربة ضد الدولار مرة ثانية في مارس 1973، قرر وزراء المالية للبلدان الأوروبية ترك أسعار الصرف حرة لتعوّم باستثناء التدخل الرسمي، و هو ما يطلق عليه بمصطلح التعويم القذر.
في الواقع هذا التخفيض أفقد الدولار الأمريكي مكانته الأساسية كنقطة ارتكاز في ظل النظام النقدي الدولي الذي أقرته و أقامته "بريتن وودز".





(*):هذه الدول هي: الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، بريطانيا، بلجيكا، هولندا، إيطاليا، السويد، كندا و اليابان،وسويسرا.
(1): لقد كان هذا التخفيض الثالث منذ سنة1972.
(2) جون هدرسون: العلاقات الاقتصادية الدولية، دار المريخ للنشر، السعودية، 1987، ص 801-802.

المبحث الثالث: نظام التعويم المدار و النظام النقدي الأوربي

تمهيـــــــد:
إن نظام التعويم المدار الذي عرفه العالم بعد انهيار نظام بريتن وودز، لا يعني نشأة نظام جديد بشكل جديد، وإنما هو تغيير في منهج تسيير النظام الأول، حيث أن المؤسسات المالية و النقدية أصبحت تسيّر على أساس عائم- تبني صرف عائم - فهو عبارة عن نظام قائم على أساس مؤسسات موجودة من قبل إذ لم يكن هدفه إزالتها و إنما إدخال عليها بعض التعديلات.
وعليه سوف نتطرق في المطلب الأول إلى مفهوم و ظروف نشأة نظام تعويم أسعار صرف العملات، و في المطلب الثاني نحاول إبراز أهم التعديلات التي مست المؤسسات المالية و النقدية، و في المطلب الثالث و الأخير نذكر و لو بصورة موجزة النظام النقدي الأوروبي.

المطلب الأول: مفهوم و ظروف نشأة نظام التعويم المدار لأسعار الصرف.
يقوم النظام النقدي الدولي منذ عام 1973 على قاعدة التعويم المدار لأسعار الصرف. و وفقا لهذه القاعدة تضطلع السلطات النقدية في كل دولة بمسؤولية التدخل في أسواق الصرف الأجنبي للحد من آثار التقلبات قصيرة الأجل لأسعار الصرف، دون محاولة التأثير على اتجاهات أسعار الصرف في المدى الطويل، و لكل سلطة نقدية حرية اختيار أية سياسة للتدخل و حرية تغيير تلك السياسة في أي وقت تشاء دون موافقة خارجية.
و في حالة ما إذا لم تتدخل السلطات النقدية على الإطلاق في سوق الصرف الأجنبي، فإنها تكون قد تركت أسعار صرف حرة، و ذلك باعتقادها أن التوازن في ميزان المدفوعات يتحقق بصورة تلقائية، و ذلك بترك عملاتها تتحدد بحرية وفقا لقوى السوق من خلال العرض و الطلب عليها، شأنها شأن بقية السلع الموجودة في السوق، حيث ينخفض سعرها إذا ما انخفض الطلب على العرض، و يرتفع سعرها إذا ما زاد الطلب على العرض.
إلا أنه نوّد أن نشير أن معظم الدول لم تكن مستعدة لترك أسعار الصرف حرة تتحدد في سوق الصرف الأجنبي عن طريق قوى العرض و الطلب، بل اعتمدت سياسة التعويم المدار، من خلال تدخل سلطاتها النقدية في سوق الصرف الأجنبي.
و الواقع أن نظام تعويم العملات لم يقصد أحد اختياره، بل فرض نفسه عقب انهيار نظام "بريتن وودز" أي انهيار نظام أسعار الصرف الثابتة، و من ثم كانت الرؤى لنظام تعويم أسعار الصرف بمثابة علاج مؤقت لأزمة عارضة، و بالتالي ترك الحرية لكل دولة في الاختيار بين نظم أسعار الصرف التي ترى أنها تخدمها.
و مع بداية 1998 أصبح ثلثي أعضاء الصندوق البالغ عددهم 181 دولة يطبق نظام أسعار الصرف المرنة، و هذا العدد يتضمن كل الدول الصناعية الكبرى و العديد من الدول النامية، و يمثل هذا العدد 5/3 حجم التجارة العالمية التي تتم الآن في ظل أسعار الصرف المرنة سواء كان هذا التعويم تعويما مستقلا أو تعويما متسقا كما هو الحال في ظل نظام الإتحاد الأوروبي.
أما بقية الدول و التي تمثل ثلث الأعضاء فإنهم يربطون عملاتهم إما للدولار أو الفرنك أو حقوق السحب الخاصة أو إلى سلة عملات، و الجدول التالي يبيّن ترتيبات نظام الصرف الأجنبي لأعضاء الصندوق في عام 1997.




جدول رقم (1-1): ترتيبات نظام الصرف لأعضاء الصندوق في عام1979
نظــام الصــرف عـــدد الــدول
1- العملات التي تربط إلى:
- الدولار
- الفرنك
- عملات أخرى
- حقوق السحب الخاصة
- سلة أخرى
عدد العملات التي تربط
2- العملات التي تعوّم:
- ترتيبات التعويم المتسق
- التعويم المدار وفقا لبعض المؤشرات
- التعويم المدار
- التعويم الحر
- التعويم المحدود في مواجهة الدولار
عدد العملات التي تعوّم
20
14
09
02
20
65

10
02
46
54
04
116


المصـدر: مجلة صندوق النقد الدولي، الإحصاءات المالية الدولية، جانفي عام 1998، ص 08.

المطلب الثاني: تعديل اتفاقية صندوق النقد الدولي.
لم يكن قرار الولايات المتحدة الأمريكية يوم 15 أوت 1971 بإنهاء قابلية الدولار للتحويل إلى ذهب هو نقطة البداية في أزمة النظام النقدي الدولي في السبعينات من هذا القرن فحسب، بل كان هو أيضا نقطة البداية في تحرك الصندوق في اتجاه إدخال تعديلات على اتفاق إنشائه بهدف مراعاة الواقع الجديد في العلاقات النقدية الدولية بعد أن أخذ هذا الواقع يبعد شيئا فشيئا و بسرعة متزايدة عن أحكام هذا الاتفاق،
وبالفعل فقد انتهى الأمر في الفاتح من أفريل 1978 بإقرار عدد من التعديلات التي أدخلت على اتفاق الصندوق مكوّنة التعديل الثاني لأحكامه، و كان التعديل الأول قد تم في 28 جويلية 1969 عندما أنشئت حقوق السحب الخاصة.
أولا: حقوق السحب الخاصة.
كان نظام السحب العادي محدودا بالنسبة للدول الفقيرة تبعا لحجم حصتها الضئيلة في رأس مال الصندوق و القيود العديدة الموضوعة في هذا الشأن، وهذا عكس ما كانت تتمتع به الدول الغنية المتقدمة التي استأثرت بالنصيب الأكبر من حقوق السحب العادية نظرا لكبر حصصها بالصندوق.
ومن هنا توفرت للصندوق موارد، حال دون استخدامها الاتفاقية المنشئة له، حتى و لو كانت إمكانياته تسمح به، لذلك جاء نظام استحدث حقوق السحب الخاصة، كمصدر جديد من مصادر السيولة الدولية، و إن كان هذا المصدر يختلف اختلافا جوهريا عن نظام حقوق السحب العادية، رغم وحدة الأسس التي يقوم عليها كل منها.
وتعتبر حقوق السحب الخاصة نوعا جديدا من الأصول الدولية التي يمكن للدولة أن تستخدمها في تسوية مدفوعاتها الدولية، فهي وحدات نقدية و حسابية و دفترية، تتمتع بقوة شرائية و تقبل من كل الأعضاء والمشاركين في الصندوق كعملة قابلة للتحويل، وذلك في حدود مقدار معين لا يتجاوز ثلاثة أضعاف الحصة التي تقررت للعضو في حقوق السحب الخاصة (1).


(1) أحمد رمزي: التاريخ النقدي، دار النهضة العربية، بيروت، الطبعة7، ص 110-111.

وتستمد هذه الحقوق قيمتها القانونية من مجرد التزام الدول الأعضاء في الصندوق بأن تقبلها في أي وقت، ومن أية دولة في حدود قيمة إجمالية محددة، و يتم توزيع وحدات حقوق السحب الخاصة على الدول الأعضاء بنسب حصصهم، و تستخدم هذه الحقوق، مثلها مثل حقوق السحب العادية في تسوية العجز المؤقت في ميزان المدفوعات، ولا يتجاوز استخدامها لتمويل أغراض أخرى.
وقد قدرت قيمة الوحدة من حقوق السحب الخاصة في شكل وزن محدد من الذهب النقي ما يعادل0,888671 غرام أي ما يساوي القيمة الرسمية للدولار الأمريكي وقت خلق هذه الحقوق و قبل تخفيضه عام 1971.
واعتبارا من أول جويلية 1974 أصبحت قيمة الوحدة من حقوق السحب الخاصة تعلن يوميا على أساس محصلة التغير في أسعار صرف عملات بعض الدول في مقابل الدولار، وبالتالي فقد حلّت تلك العملات في مجموعها محل الذهب في تحديد قيمة الوحدة من حقوق السحب الخاصة معبرا عنها بالدولار الأمريكي.
ولكل عضو في حقوق السحب الخاصة حق غير مشروط في أن يستخدم المقدار المخصص له منها، وذلك دون حاجة إلى أخذ موافقة مسبقة من الصندوق أو من باقي المشتركين في الحساب على هذا الاستخدام. و يتمثل استخدام المشترك لحقوق السحب الخاصة المقررة له في طلب تحويلها، كلها أو بعضها، إلى قيمة مساوية لها من العملات القابلة للتحويل في الواقع، وهي عملات يلتزم بدفعها المشتركون الذين يعيّنهم الصندوق لهذا الغرض، وبهذا تعد حقوق السحب الخاصة، إلى جانب الاحتياطات النقدية التقليدية أداة حقيقية من أدوات السيولة الدولية.
وعلى ذلك فإن الصندوق لا يقوم بتقديم أية عملات من موارده في مقابل حقوق السحب الخاصة التي يرغب المشترك مالكها في التخلي عنها في مقابل عملات قابلة للتحويل و إنما يتولى باقي المشتركين تقديم هذه العملات، ويقتصر دور الصندوق على تعيين هؤلاء المشتركين و رقابة حركة العملية كلها.
والجدير بالذكر أنه إذا كان تقرير حصة في حقوق السحب الخاصة إنما يقتصر على الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي الذين يقبلون الاشتراك في نظام هذه الحقوق فإنه يمكن، على العكس، أن يتسع مجال المستخدمين لهذه الحقوق و أن يشمل غيرهم.
و في مقابل استفادة الدول المشتركة بنظام حقوق السحب الخاصة فهناك عدة التزامات يجب مراعاتها و هي:
- أن يقوم العضو المشترك في هذه الحقوق بتقديم عملات قابلة للتحويل، في حالة تعيينه من قبل الصندوق لهذا الغرض، إلى مشترك آخر في مقابل تلقيه لقيمة مماثلة من حقوق السحب الخاصة التي يتخلى عنها هذا الأخير. وهناك حد أقصى لما يلتزم المشترك بتقديمه من عملات قابلة للتحويل، هي مثل حصته المقررة من حقوق السحب الخاصة، ويخضع تعيين الصندوق المشترك الذي يلتزم بتقديم عملات قابلة للتحويل في مقابل تلقيه لحقوق سحب خاصة مساوية لها في قيمتها لقواعد معقدة للغاية.وبصفة عامة، فإن المشتركين الذين يتمتعون بموازين مدفوعات واحتياطات قوية بما فيه الكفاية هم الذين يعيّنون لتقديم تلك العملات القابلة للتحويل إلى مشتركين آخرين في مقابل حقوق السحب الخاصة.
- أن يقوم العضو المشترك بإعادة تكوين حيازته من حقوق السحب الخاصة بحيث تتماشى مع قواعد إعادة التكوين التي ينتهجها الصندوق وفقا للقانون الأساسي له.
- أن تقوم الدولة المستفيدة بتسديد أو رد ما سبق استخدامه من حقوق السحب الخاصة المملوكة لها و ذلك بتحويلها إلى عملات قابلة للتحويل، بمعنى أن تقدم عملات قابلة للتحويل في الواقع في مقابل حقوق سحب خاصة تتلقاها مرة أخرى، بما يحقق توازن بين حيازتها من حقوق السحب الخاصة و غيرها من الأصول التي تستخدم كاحتياطات.غير أن هذا الالتزام لا ينصرف إلا ما يزيد عن 80 % من قيمة حقوق السحب الخاصة المملوكة للدولة المستفيدة و في خلال الفترة الأساسية و قدرها خمس سنوات، و بمعنى آخر فإن التزام العضو بالسداد أو الرد لا يتجاوز 30 % من قيمة هذه الحقوق، كما يتعين على الدولة المستفيدة أن تدفع فائدة مقابل استخدامها لحقوق السحب الخاصة عادة ما تقل عن سعر الفائدة العالمي على الأصول الاحتياطية الأخرى، وإن كانت قد اتجهت نحو التزايد ابتداء من عام 1974 و يتم تعديلها وفقا لأسعار الفائدة السائدة في الأسواق العالمية
- لا يجوز للعضو المشترك أن يستخدم حقوقه إلا في حالة الضرورة، وذلك بغرض مواجهة عجز ميزان مدفوعاته أو لتطور الوضع الخاص باحتياطاته النقدية، وعلى هذا لا يجوز للمشترك أن يستخدم حقوقه بغرض تغيير التكوين الداخلي لاحتياطاته؛
- يمكن للصندوق أن يوقف كل استخدام لاحق للمشترك في نظام حقوق السحب الخاصة لحقوقه المقررة له و ذلك في حالة عدم تنفيذه لالتزاماته التي يتحمل بها وفقا لهذا النظام، غير أن هذا الوقف لا يعفي المشترك من الالتزام بتقديم العملات القابلة للتحويل إلى مشترك آخر في حالة تعيينه لهذا الغرض من قبل الصندوق. و ليس لوقف استخدام العضو لحقوقه في نظام حقوق السحب الخاصة أي تأثير على حقه في الالتجاء إلى موارد الصندوق، وفقا لأحكام اتفاق إنشائه، أي على حقه في استخدام الحساب العام الذي يحتفظ به الصندوق.
والعكس صحيح، فإنه في حالة حرمان العضو من حقه في الالتجاء إلى موارد الصندوق، فإنه يستطيع أن يستخدم بكل حرية حقوق السحب الخاصة المملوكة له، أي حقوقه في حساب السحب الخاص الذي يحتفظ به الصندوق.
وفي الأخير، يمكن القول أن حقوق السحب الخاصة أصبحت تلعب دور فعال في مجال التعاون النقدي بالرغم من حداثة وجودها مقارنة بالأصول الاحتياطية الأخرى. و قد أعتبر خلق و إنشاء حقوق السحب الخاصة من الأحداث البارزة في تاريخ العلاقات النقدية الدولية، و التي أطلق على تسميتها البعض من الكتاب اسم " الذهب الورقي"(1).

ثانيا: اتفاقية جامايكا.
لكي تصبح اتفاقيات صندوق النقد الدولي تساير الأوضاع النقدية الجديدة المتمثلة في تعويم العملات الرئيسية، ورغبة في تدعيم حقوق السحب الخاصة لتصبح الأصل الاحتياطي في النظام، كان لا بد من إدخال بعض التعديلات على أحكام الصندوق و طبيعة الوظائف التي يتعيّن عليه القيام بها، ولقد تجسد ذلك بتشكيل لجنة مؤقتة بقرار من مجلس محافظي صندوق النقد الدولي و ذلك في عام 1972، وتتكون هذه الأخيرة من عشرين عضوا يمثلون الدول التي يحق لها أن تعيّن عضوا، والذي هو بمثابة مدير تنفيذي في الصندوق.
ولقد عقدت هذه اللجنة عدة اجتماعات، آخرها في مدينة "كينجستون" بجمايكا في 07 و 08 فيفري من عام 1976.
فنتيجة لما أدى إليه مؤتمر جمايكا من تعديل ثان لاتفاق صندوق النقد الدولي، أدخل تعديل جوهري على النظام النقدي الدولي، ألا وهو تحديد أسعار صرف عملات الدول وفقا لنظام استقرار سعر الصرف أو لنظام أسعار التعادل، أما النظام الجديد لتحديد أسعار الصرف فقد كان على العكس من النظام السابق تماما، إذ سمح الصندوق بنظام حرية سعر الصرف، أو نظام تعويم المدار سواء كان فرديا أم مشتركا.و الواقع أن ذلك لم يكن من قبل الصندوق إلا قرارا لأمر واقع أخذت به الدول الأعضاء، و جدير بالذكر أنه على الرغم من حق الدول الأعضاء في اختيار نظام الصرف الملائم لها، بما في ذلك التعويم، فإن هذا التعديل يحظر على الدول الأعضاء محاولة الحصول على أي مزايا تنافسية غير عادلة في مواجهة الأعضاء الآخرين عن طريق التخفيض المتتالي في سعر الصرف.




(1) مدحت صادق: مرجع سبق ذكره، ص66.


ويظل لصندوق النقد الدولي الإشراف الدقيق على سياسات الدول الأعضاء بالنسبة لسعر الصرف، مع التزامه بمبادئ محددة في مجال إرشاد هذه الدول إزاء هذه السياسات، و إذا كان استقرار أسعار صرف العملات الذي يهدف إليه اتفاق بريتن وودز قبل التعديل، يعتمد بصفة أساسية على تدخل البنك المركزي للدولة في سوق العملات الأجنبية، فإن التعديل الثاني ينصرف إلى قيام الدولة بإحداث نفس الأثر عن طريق كفاءة أداء اقتصادها المحلي أكثر منه عن طريق التدخل الحكومي المباشر أو اللجوء إلى فرض القيود على التجارة الخارجية و المدفوعات.
ومن ناحية ثانية تضمن هذا التعديل الثاني إجراء تخفيض تدريجي في دور الذهب بالنسبة للنظام النقدي الدولي، كإلغاء السعر الرسمي للذهب و تقرير حرية الدول الأعضاء في التعامل به في السوق ما بين بعضها البعض دون الاستناد إلى أي سعر رسمي له، و إنهاء وظيفة الذهب كوحدة لتقويم حقوق السحب الخاصة، و عدم إمكان اتخاذه كأساس لتقويم مختلف العملات للدول الأعضاء في الصندوق (1).
ومن ناحية ثالثة، أتاح التعديل الثاني للمشتركين في حقوق السحب الخاصة التحرر من كثير من الالتزامات تجاه الصندوق بالنسبة لتلك الحقوق، كما أتاح الصندوق سلطة السماح للمشتركين باستخدام حقوق السحب في عمليات غير تلك التي تنص عليها رسميا مواد اتفاقية الصندوق.
ومن ناحية رابعة، أتاح التعديل الثاني لصندوق النقد الدولي إمكانية توسيع قاعدة العملات المستخدمة في عملياته، كما ألقى على عاتق الأعضاء ضرورة القيام بمبادلات لعملاتهم، في ظروف معينة، حتى يكون الصندوق هو الذي باعها بموجب هذه السياسة. هذا مع التزام الأعضاء بضرورة توفير عملاتهم للأعضاء الآخرين بغرض قيامهم بإعادة الشراء.و يقبل الصندوق حاليا جميع العملات من حيث المبدأ مما أدى إلى توسيع نطاق العملات التي يمكن استعمالها في الأنشطة التي تتم من خلال حساب الأرصدة العامة وتحسين السيولة لدى الصندوق و لقد استحدث هذا التعديل الثاني مفهوما جديدا هو مفهوم عملات الاستعمال الحر بدلا من تعبير العملة القابلة للتحويل الذي بدأ يتلاشى.
وقد جاء تعريف عملة الاستعمال الحر بأنها عملة عضو من الأعضاء التي يقر الصندوق بأنها تستخدم على نطاق واسع في أسواق الصرف الرئيسية، و تقوم هذه العملات بدور خاص في كل من حساب الموارد العامة للصندوق، و كذلك حساب حقوق السحب الخاصة.

المطلب الثالث: النظام النقدي الأوربي

في مارس 1979 قام الإتحاد الأوربي بوضع النظام النقدي الأوربي كخطوة في الطريق نحو تحقيق التكامل النقدي بين كافة الدول الأوربية أعضاء الإتحاد.
ووفقا لهذا النظام تم خلق وحدة نقدية أوربية جديدة والمعروفة باسم "إيكو"مع التعويم المشترك مقابل السماح لعملات الدول الأعضاء بالتغير في حدود 2،25% فوق أو تحت سعر التعادل مع الإيكو ،والتعويم المشترك مقابل الدولار وغيره من العملات .
كما تم إنشاء صندوق التعاون النقدي الأوربي لمساعدة الدول الأعضاء في حالة اختلال موازين مدفوعاتها في المدى القصير والمتوسط.
وتبعا لمعاهدة ماسترخت في 1991 وافقت الدول الأعضاء على أن يتم انجاز الوحدة النقدية الأوربية على ثلاث مراحل تنتهي في 1999 بحيث تكون هناك وحدة نقدية واحدة وهي اليورو وبنك أوربي .
وبالفعل حل اليورو محل 12 عملة في اثني عشر دولة من دول الإتحاد الأوربي ابتدءا من مارس 2001 .(2)

(1)زينب حسين عوض الله: مرجع سبق ذكره، ص174.
(2)أحمد فريد مصطفى: السياسات النقدية والبعد الدولي لليورو، مؤسسات شباب الجامعة، مصر،2000، ص38


الخـــاتـمـــــة



لقد عرف العالم ثلاثة نظم نقدية مختلفة، بداية من نظام قاعدة الذهب والتي من خلالها عرف نظام النقد الدولي ازدهار اقتصادي و استقرار نقدي من خلال التجارة الحرة نسبيا و حركة رؤوس الأموال غير المقيّدة، إلاّ أن هذا النظام انهار و تلاشى مع بداية الحرب العالمية الأولى.
وبانتهاء الحرب العالمية الثانية ،وكبديل لنظام قاعدة الذهب ،تم تبني نظام نقدي عالمي جديد ،بإيعاز من الولايات المتحدة الأمريكية ،والذي يعرف بنظام "بريتن وودز"، فمن خلال هذا النظام تمّ إعطاء الدولار الدور القيادي في النظام النقدي الدولي ،كما تمّ إنشاء صندوق النقد الدولي الذي كان الهدف منه تحقيق استقرار أسعار الصرف و مساعدة الدول العضوة فيه ،التي تعاني من إختلالات في موازين مدفوعاتها.
إلا أن الدولار الأمريكي عاش فترات ضغط - مضاربة و انخفاض مستمر لقيمته- جعلته يعيش أزمة عرفت بأزمة الدولار ،و هذا ما أدى بموازين المدفوعات الأوروبية إلى التحسن و تسجل فوائض بداية من عام 1958.
ونتيجة لهذا الوضع المتأزم، قررت السلطات الأمريكية، و على لسان رئيسها "ر.نيكسون" قي 15 أوت 1975، إيقاف تحويل الدولار إلى ذهب، و هو ما يعني نهاية النظام القائم على اتفاقية "بريتن وودز".
ومع بداية عام 1973 تركت الدول سعر صرف عملاتها حرة، لتأتي اتفاقية جامايكا في عام 1978 و التي اعتبرت بمثابة قوانين تسيّر أوضاع التمويل النقدي و السيولة الدولية عن طريق التعديل في أحكام صندوق النقد الدولي.
وفي مقابل كل هذه التغيّرات، كانت أوروبا تبحث عن آليات للمحافظة على استقرار أسعار الصرف لعملاتها تجاه بعضها البعض، فأنشأت نظام لاستقرار أسعار الصرف كخطوة أولى عرف بـ "الثعبان داخل النفق" ثم استبدل بـ "النظام النقدي الأوروبي" وصولا إلى الوحدة النقدية و الاقتصادية.















قـــائمـة المـراجــع

 أحمد فريد مصطفى – السياسات النقدية والبعد الدولي لليورو – مؤسسات شباب الجامعة – مصر – 2000 .
 أحمد رمزي زكي – التاريخ النقدي – دار النهضة العربية – لبنان - الطبعة السابعة.
 جون هدرسون – العلاقات الاقتصادية الدولية – دار المريخ للنشر والتوزيع – السعودية – الطبعة الرابعة – 1987 .
 زينب حسين عوض الله – الاقتصاد الدولي – الدار الجامعية للنشر – مصر – 1998 .
 ساخي بوبكر – اليورو وموقعه من العملات الدولية – رسالة ماجستير غير منشورة – كلية العلوم الاقتصادية – الجزائر – 2001 .
 ضياء مجيد الموسوي – الاقتصاد النقدي – مؤسسات شباب الجامعة – الإسكندرية – 1998 .
 مجدي محمود شهاب – الوحدة النقدية الأوربية – دار الجامعة الجديدة لنشر – مصر – 1998.
 محمد سيد عابد – التجارة الدولية – قسم العلوم الاقتصادية – جامعة الإسكندرية – مطبعة الإشعاع الفنية – 2001.
 مدحت صادق – النقود الدولية وعمليات الصرف الأجنبية – دار غريب للنشر – القاهرة – الطبعة الأولى – 197.


 Michel Bialés ; Remi Leunion ; et les autres; Op.cit.
 Michel Dupuy : Le Dollar, Dunod, Paris1999.
 Patrick Lenain : Le FMI, Casbah édition, janvier1999
















الخــــــــطـة

المقدمة
المبحث الأول: النظام النقدي الدولي ف ظل نظام بريتن وودز
المبحث 01: تبني نظام بريتن وودز
المبحث 02: مراحل سير النظام
المبحث 03: تقييم النظام
المبحث 04: انهيار وزوال نظام بريتن وودز

المبحث الثاني: نظام التعويم المدار والنظام النقدي الأوربي
المطلب 01: مفهوم وظروف نشأة نظام التعويم المدار
المطلب 02: تعديل اتفاقية صندوق النقد الدولي
المطلب 03: النظام النقدي الأوربي


الخاتمة
I]









قديم 2010-07-14, 16:05   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
حافظة الزهراوين
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية حافظة الزهراوين
 

 

 
إحصائية العضو










M001 بحث كامل حول نظام بريتن وودز والنظام الجديد

[I][/مقدمـــــة:


إن تمويل التجارة الدولية و البحث عن الاستقرار النقدي الدولي، كان و لا يزال الاهتمام السائد في مجال العلاقات الدولية.

و من خلال المسح التاريخي للعلاقات الاقتصادية الدولية، يمكن أن نحدد ثلاثة نظم نقدية مختلفة شهدها العالم الحديث، كان أولها نظام قاعدة الذهب خلال نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين، ونتيجة للعيوب السالف ذكرها كان لازما التفكير في إرساء قواعد جديدة تحكم نظام النقد الدولي لتفادي الفوضى النقدية السائدة بين الحربين، فنشأ نظام بريتن وودز الذي استمر من نهاية الحرب العالمية الثانية حتى بداية السبعينات، ثم نظام التعويم المدار .

- فما هو نظام بريتن وودز؟ وكيف تم الانتقال إلى النظام الجديد ؟

ومن أجل الإلمام بالموضوع قسمنا البحث إلى مبحثين، تطرقنا في المبحث الأول إلى نظام بريتن وودز من نشأته إلى انهياره مرورا بنص الاتفاقية وأسباب التخلي عنه.
أما المبحث الثاني فقد خص لدراسة نظام التعويم الذي قام على أنقاض نظام بريتن وودز، وتم التطرق إليه بمختلف مراحله واتفاقياته.


















المبحث الأول: النظام النقدي الدولي في ظل نظام بريتن وودز.(*)

تمهيــــــد:
شهد العالم خلال الثلاثينات ظروف عدم استقرار غير عادية حيث اتجهت أسعار صرف العملات الدولية للتقلب الشديد فضلا عن اتجاه الدول إلى تخفيض قيمة عملتها و تقييد التجارة الدولية مما أدى إلى تقلص حجم التجارة الخارجية إلى النصف.
ولكي لا يبقى العالم في مثل هذه الظروف و قبل انتهاء الحرب العالمية الثانية بدأت كثير من الدول في البحث عن نظام نقدي جديد يكون أساسا للعلاقات بين الدول لما بعد الحرب.

المطلب الأول: تبني نظام بريتن وودز.
أولا: مخططات إصلاح و تنظيم السيولة الدولية:
يرجع أهم ما قدم من اقتراحات إلى كل من المخطط البريطاني عن طريق ممثل الاقتصاد البريطاني "جون مينار كينز" و المخطط الأمريكي الذي اقترح على لسان موظف الخزينة الأمريكية "هاري دكستر وايت".
كانت منطلقات كينز تتمثل في أن النظام النقدي الجديد يجب أن يكفل عدم التدخل في السياسات الداخلية للدول، إلا ما كان له أثر هام في العلاقات الاقتصادية الدولية و بشرط أن تكون تلك العلاقات متساوية في المزايا بين الدول و أن يحقق النظام المصلحة العامة لكل الدول المشاركة.(1)
وقد ذهب كينز في مشروعه إلى أن إدارة و ضبط النظام الجديد يتطلبان تكوين مؤسسة دولية ذات طابع مركزي عالمي، و يكون لكل دولة مشتركة حصة تحدد مسؤولياتها في إدارة شؤون هذه المؤسسة، و قد قصد كينز بتلك المؤسسة تكوين "إتحاد المقاصة الدولية" تكون مهمته كمهمة البنك المركزي في النظام النقدي المحلي.(2)
وما يميز مشروع كينز هو موقفه من الدور الذي سيلعبه الذهب في النظام الجديد، فهو يرى أن عالم ما بعد الحرب في حاجة إلى تلك الكميات من النقود و الاحتياطات الدولية التي لن تتناسب مع كمية الذهب في العالم، و يجب أن تتحدد كمية النقد الدولي العالمي لا على أساس إنتاج الذهب و تكاليفه و لا على أساس الاحتياطي الموجود منه، و إنما على أساس حجم التجارة الدولية، و في ضوء هذه الحاجة يمكن للعالم أن يزيد أو ينقص من كمية النقود الدولية لمواجهة أحوال التضخم أو الانكماش في العالم، و قد اقترح أن يكون النظام الجديد مرتكزا على عملة دولية لا تخضع لسيادة أي بلد و أطلق على هذه العملة مصطلح "البانكورBancor" و هي عبارة عن وحدة حسابية قياسية نقدية تستخدم في تسوية المدفوعات الدولية بعد أن توافق الدول على استخدامها و تكون قيمتها مرتبطة بالذهب و لكنها قابلة للتغير حسب الأحوال و على أن يكون كمية المصدر منها متناسبة مع حاجة التجارة الدولية بطريقة منتظمة.
و هنا يتعين على الدول المشتركة في النظام أن تحدد سعر الصرف عملتها "بالبانكور"Bancor وهو ما يعني أن تكون قيمة عملتها مربوطة بوزن معين من الذهب، و لا يجوز تغيير هذا السعر إلا بموافقة إتحاد المقاصة الدولي، فالهدف يجب أن يكون هو ثبات أسعار الصرف.


)*(: و الواقع أن هذه التسمية أطلقها الأنجلوساكسون و جرى عليها العمل رغم ما يشير إليه البعض بحق أن تسمية هذا النظام باسم قاعدة العملة و الذهب Etalon devise or بدلا من قاعدة الصرف بالذهب.
(1) زينب حسين عوض الله، الاقتصاد الدولي، الدار الجامعية للنشر، مصر، 1998، ص152.
(2) Michel Bialés ; Remi Leunion ; et les autres : Notion Fondamentales d’économie, Edition Foucher, Paris, 1998. P254.


وقد اقترح كينز أن يقوم إتحاد المقاصة الدولي بفتح حسابات دائنة و مدينة للدول المشتركة و يجري عمليات المقاصة بينها، بحيث تتساوى في النهاية الأرصدة الدائنة و المدينة، و لكن إذا أسفر الحساب لدولة ما عن رصيد دائن فإنه يبقى داخل الإتحاد كعرض مقدم من الدولة الدائنة.(1)
والواقع أن هذا المشروع كان يحاول إلغاء دائنية و مديونية الدول تجاه بعضها البعض، وهو في هذا كان يدافع عن مصلحة بريطانيا المدينة، و يحاول أن يعيد مركز الاقتصاد البريطاني.
أما مشروع "هاري وايت" فلم يكن يهدف إلى إيجاد سلطة نقدية دولية تحل مكان السلطة النقدية المحلية، بل تصوّر إمكان التعاون بين هذه السلطات، وكان جوهر اقتراحه يتلخص في أن النظام النقدي الدولي الجديد يجب أن يستهدف العمل على استقرار أسعار الصرف و محاربة مختلف أشكال القيود على المدفوعات الخارجية التي تحد من حرية التجارة و حرية انتقال رؤوس الأموال و قد اقترح لذلك تكوين صندوق دولي لتثبيت قيمة العملات للدول الأعضاء المشتركة فيه، كما اقترح أن تكون وحدة التعامل الدولي هي " اليونيتاس" Unitas التي ترتبط قيمتها بوزن معين من الذهب، و على الدول الأعضاء أن تحدد قيمة عملتها بالذهب أو باليونيتاس، وليس لها الحق في تغيير هذه القيمة إلا بعد موافقة أربعة أخماس أصوات الدول الأعضاء في الصندوق(2)، و سوف يفتح في الصندوق حسابات دائنة و مدينة تقيّد فيها الأرصدة باليونيتاس و يمكن سحب العملة بالذهب أو بالعملات الأخرى، و يقتصر دور الذهب في عمليات
التسوية على دفع الفائض في الحساب الجاري للدول الأعضاء، و في حالة حدوث اختلال جوهري في ميزان المدفوعات تكون مهمة الصندوق هي السعي لتثبيت قيمة العملات من خلال الائتمان المتبادل بين الأعضاء، كما اقترح "هاري وايت" أن يكون حجم الحصة لأي دولة على أساس حجم ما في حوزة الدولة من ذهب و نقد أجنبي و حجم دخلها القومي، و هو بهذا الشكل كان يعبّر عن مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تملك آنذاك أكبر كمية من الذهب العالمي و تحقق أعلى دخل في العالم.
و في آخر المطاف اتفق المؤتمرون على تبني المشروع الأمريكي نظرا لقوة الدولار من جهة و قوة الولايات المتحدة اقتصاديا و عسكريا من جهة أخرى، فضلا عن مساندة دول أمريكا اللاتينية للمشروع(3)، كما تمّ تعيين "هاري وايت" على رأس صندوق النقد الدولي باقتراح من الرئيس "روزفلت".

ثانيا : محتوى اتفاقية "بريتن وودز "
في 20 جويلية 1944، تم التوقيع على جملة الاتفاقيات في بريتن وودز و بالضبط في الضفة الشرقية للولايات المتحدة الأمريكية في "نيوهامبشير New Hampshire "(4) حيث اجتمع ممثلو الولايات المتحدة الأمريكية و انجلترا بالإضافة إلى ممثلي اثني و أربعين دولة أخرى، و توصلوا إلى نظام صرف بالذهب حيث أصبح للدولار دورا أساسيا في الحفاظ عليه و ذلك من خلال تعهد الولايات المتحدة الأمريكية بتلبية أي طلب لتحويل الدولار إلى الذهب عند سعر ثابت 35 دولار للأوقية بدون حدود أو قيود، أما باقي عملات دول العالم فيتم تثبيت قيمتها بمقابل الدولار و بالتبعية تصبح مثبتة في مواجهة الذهب أيضا.(5)
(1) زينب حسين عوض الله: مرجع سبق ذكره، ص154.
(2) Michel Bialés ; Remi Leunion ; et les autres; Op.cit. .P 255.
(3) ضياء مجيد الموسوي: مرجع سبق ذكره، ص304.



(4) Patrick Lenain : Le FMI, Casbah édition, janvier1999.P09
(5) محمد سيد عابد: التجارة الدولية، قسم علوم الاقتصاد، كلية التجارة، جامعة الإسكندرية، مكتبة و مطبعة الإشعاع الفنية، 2001، ص 430.




شكل رقم (1-1): نظام النقد الدولي بعد 1944.(1)
نظام الصرف بالذهب




المارك الجنيه الفرنك


و يمكن تلخيص خصائص هذا النظام في النقاط التالية:
1- ربط أسعار عملات الدول إلى الدولار و بالتبعية إلى الذهب
2- التزام كل دولة بالتدخل في سوق الصرف الأجنبي للحفاظ على سعر الصرف في حدود 1% و ارتفاعا و انخفاضا عند سعر التعادل في مواجهة الدولار
3- يمكن للدول أن تموّل عجزها المؤقت في ميزان مدفوعاتها باستخدام احتياطاتها الدولية و بالاقتراض من صندوق النقد الدولي، أما في حالة وجود اختلال هيكلي، أي وجود عجز أو فائض بشكل كبير و مستمر في ميزان المدفوعات، فإنه يسمح للدولة بأن تغير السعر الاسمي لعملتها في حدود 10% دون اشتراط الموافقة المسبقة للصندوق؛(2)
4- استخدام الدول لما لديها من أرصدة الدولار لشراء عملتها المحلية عندما تميل قيمتها للتدهور بأكثر من 1% من سعر التعادل أو التدخل ببيع عملتها و شراء الدولار عندما تتحسن قيمتها بما يفوق 1% من سعر التعادل؛
5- فرض القيود على تحركات رؤوس الأموال قصيرة الأجل و ذلك لتفادي تأثيرها على نظام أسعار الصرف الثابتة.
و تعتبر هذه الأفكار بمثابة الأهداف الأساسية التي خرج بها مؤتمر "بريتن وودز" و التي أوكلت مهمة الإشراف على تطبيقها لصندوق النقد الدولي الذي انبثق عن المؤتمر المذكور و كذلك البنك الدولي للإنشاء و التعمير، الذي أصبح يعرف باسم البنك الدولي.

المطلب الثاني: مراحل سير نظام بريتن وودز.

أولا: مرحلة الازدهار "القوة".
لقد تركت الحرب العالمية الثانية أوروبا و اليابان في حالة دمار اقتصادي، و لم تستطع أوروبا تزويد نفسها بالسلع الاستهلاكية بالإضافة إلى السلع الرأسمالية الضرورية لإعادة البناء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) ضياء مجيد الموسوي، مرجع مذكور سابقا، ص 312
(2) محمد سيد عابد، مرجع سبق ذكره، ص 420



وفي ضوء هذه الظروف، كان من الضروري استيراد العديد من السلع لأوروبا و كانت المشكلة تكمن في الحاجة إلى العملة الصعبة و خاصة الدولار الأمريكي للدفع مقابل الواردات، إذ لم تكن لأوروبا طاقة تصديرية تستطيع من خلالها الحصول على العملة الصعبة، كما احتياطاتها الدولية غير كافية، ونظرا لكون الولايات المتحدة الأمريكية المصدر الأساسي للسلع الإنتاجية، فقد كان نقص السلع في أوروبا يمثل نقصا في الواردات، وللمساعدة في تخفيف وطأة نقص الدولارات، قامت الولايات المتحدة الأمريكية و كندا و عدد من المنظمات الدولية بمنح عدد من القروض و المنح لأوروبا، شملت برنامج الانتعاش الأوروبي، و المعروف بمخطط "مارشال" حيث قامت الولايات المتحدة الأمريكية بمنح 13 مليار دولار11,6 مليار دولار في شكل منح و الباقي في شكل قروض، و في مقابل ذلك طلبت من الدول المستفيدة إعطاء الأولوية لإعادة التعمير و التقدم الاقتصادي في سياستها الاقتصادية و النقدية و تشجيع تصدير منتجاتها إلى منطقة الدولار.
ومن هنا ظهرت فكرة "الفترة الانتقالية" التي أتاحت لدول أوروبا تشجيع صادراتها عن طريق تخفيض أسعار صرف عملاتها، بالرغم من الآثار التي يمكن أن يحدثها هذا الإجراء، و الذي يؤثر سلبا على صادرات الولايات المتحدة الأمريكية اتجاه أوروبا.
و مما سبق، نستطيع القول أن معظم دول العالم كانت في حاجة ماسة للاقتصاد الأمريكي، و هذا يعني أنها في حاجة للدولار الأمريكي، مما جعل الدول تجري وراءه، و بالتالي أصبح بمثابة النقد الذي يستعمل في تسوية المدفوعات الدولية.
فخلال الفترة الممتدة من 1946إلى 1949 حققت الولايات المتحدة الأمريكية فائضا ضخما في ميزان مدفوعاتها مع أوروبا، إلا أنه منذ عام 1950 بدأت أوروبا تستعيد مستواها الاقتصادي و هذا ما ساعد كل من أوروبا و اليابان في تكوين أرصدة دولارية مما تسبب في ندرة الدولار، كما تحول فائض ميزان المدفوعات الإجمالي الأمريكي -المحقق سابقا- إلى عجز منذ 1950.
وكان هذا الوضع بمثابة مؤشر لبداية العجز الدائم في ميزان المدفوعات الأمريكي، و الذي كان محورا دارت حوله الأحداث الدولية النقدية و الأزمات.
ثانيا: مرحلة الضعف.
إن الإجراء المعتمد من طرف الدول الأوروبية و المتمثل في تخفيض أسعار صرف عملاتها، شجع على زيادة الصادرات لهذه الدول، و رفع من القدرة الإنتاجية للقطاع الصناعي من الفترة الممتدة من 1950إلى 1960 بحوالي 60%.
فالتحسن الذي طرأ على موازين المدفوعات الأوروبية في عام 1958، سمح لها بتكوين احتياطات نقدية كبيرة، مما جعلها تعلن إعادة عملاتها للتحويل، الأمر الذي نتج عنه دخول رؤوس الأموال الأمريكية إلى الدول الأوروبية.(1)
و في مقابل ذلك و في نفس السنة 1958 زاد العجز في ميزان المدفوعات الأمريكي بشدة بمتوسط 3 مليار دولار سنويا، و لعل هذا العجز كان راجعا إلى تدفق الاستثمارات الأمريكية في أوروبا و التضخم الأمريكي الناتج عن تمويل حرب الفيتنام من خلال زيادة العرض النقدي و إصدار مزيد من الدولارات.
فأصبح ما يحتفظ به الأجانب من دولارات هو 40 مليار دولار بينما كان 13 مليار فقط في عام 1949، و في نفس الوقت فإن القطاع الخاص كان يحتفظ بقدر أكبر من ذلك و هو ما يمثل في جملته دين على الحكومة الأمريكية أو التزام على ما لديها من ذهب الذي انخفض مستواه من 25 مليار دولار في عام 1949 إلى 11 مليار دولار فقط في عام 1970 معنى ذلك أن الولايات المتحدة كانت تواجه التزامات بالذهب أكبر من رصيدها الفعلي منه.

(1) ساخي بوبكر، اليورو موقعه من العملات الدولية، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير، جامعة الجزائر، 2001، ص24.

ولقد امتنعت الولايات المتحدة الأمريكية خلال هذه الفترة عن تخفيض قيمة الدولار لمواجهة العجز في ميزان المدفوعات و لجأت إلى بعض السياسات الأخرى لمنع خروج رؤوس الأموال مثل زيادة أسعار الفائدة المحلية قصيرة الأجل و الحفاظ على سعر الفائدة طويلة الأجل منخفض نسبيا لتشجيع النمو الاقتصادي المحلي.
ومع فشل كل هذه الإجراءات لوقف العجز المستمر في ميزان المدفوعات الأمريكي فإن رصيدها قد تضاءل بحيث أصبح غير كافي لسد العجز الأمريكي، و في محاولة أخيرة لامتصاص فائض السيولة الدولارية على المستوى الدولي و وقف محاولات الدول مبادلة ما لديهم من دولارات مقابل الذهب، أصدرت الحكومة الأمريكية سندات حكومية مضمونة و متوسطة الأجل تصدر بالدولار و بسعر صرف مضمون(1) إلا أن هذه السياسة لم تفلح في وقف تدهور الأرصدة الذهبية حتى وصل الرصيد الذهبي الأمريكي إلى ¼ العجز الحكومي فقط ( أي أن العجز الحكومي أصبح أربع أمثال الأرصدة الذهبية).
وفي هذه الحالة كان ضروريا أن يتغير سعر التعادل أو تكافؤ العملات، حيث في 05 ماي 1971، توقفت ألمانيا، هولندا و سويسرا عن التدخل في سوق الصرف الأجنبي و في 09 ماي 1971 رفعت كل من سويسرا و النسا قيمة عملتيهما بنسبة 7,1% و 6,1 % على التوالي، بينما قررت ألمانيا و هولندا تعويم عملتيهما.(2)
و بات مؤكدا أن أمريكا سوف تخفض قيمة الدولار، و في ظل تكامل أسواق رأس المال، فإنّ هذا التوقع قد تسبب في اندفاع حاد للتخلص من الدولار قبل أن تنخفض قيمته و الاتجاه إلى العملات الأخرى القوية مثل المارك و الفرنك السويسري و الين.
ثالثا: إيقاف التحويل بين الذهب و الدولار.
كل تلك الأوضاع السالفة الذكر نجمت عنها زعزعة الثقة في الدولار، إذ تأكد بذلك عدم قدرة الولايات المتحدة الأمريكية على الالتزام بتحويل الدولار إلى الذهب، مما أدى إلى زيادة الطلب على الذهب و ما نتج من مضاربات على الدولار.
و في يوم الأحد 15 أوت 1971 أعلنت الحكومة الأمريكية على لسان رئيسها "ريتشارد نيكسون" عن إيقاف التحويل بين الذهب و الدولار، و هكذا أغلقت نافذة التحويل إلى الذهب و معها انهارت دعامة نظام بريتن وودز، كما صاحب هذا القرار مجموعة من الإجراءات الانكماشية الداخلية:
- فرض رسم إضافي قدره %10 على السلع المستوردة و الهدف منه هو استعماله كوسيلة ضغط على الدول الأخرى لإجبارها على المساهمة في علاج العجز المتزايد في ميزان المدفوعات للولايات المتحدة؛
- تجميد الأجور و الأسعار لمدة 10 أيام، القصد من هذا هو مواجهة التضخم في الداخل؛
- إعفاء الاستثمارات الخاصة بإنتاج المعدات الوطنية من الضرائب بنسبة 10% لمدة سنة لتشجيع الاستثمار في الداخل؛
- إلغاء ضريبة الإنتاج المقدرة بـ7% على صناعة السيارات الأمريكية و الهدف من هذا الإلغاء هو إنعاش هذه الصناعة و جعلها أكثر تنافسية؛
- تخفيض الإنفاق الحكومي و المساعدات الاقتصادية الخارجية بنسبة 10%.









(1) Michel Dupuy : Le Dollar, Dunod, Paris1999.P23.
(2) مدحت صادق، النقود الدولية وعمليات الصرف الأجنبي، دار غريب للنشر والتوزيع، القاهرة، الطبعة الأولى، 1997، ص37.
المطلب الثالث: تقييم النظام
إن عمل النظام النقدي الولي الذي تمخض عن مؤتمر بريتن وودز، له مؤيدوه الذين يقفون عند محاسنه ، كما له معارضون يعدون عيوبه.
أولا: مزايا النظام
تتمثل محاسن نظام بريتن وودز في النقاط التالية:
 تجنب التذبذبات النقدية الكبرى، كالتي حدثت خلال الحربين من خلال تدخل البنوك المركزية على مستوى أسواق الصرف لبيع وشراء عملاتها مقابل العملات الأجنبية، وبالتالي بقاء أسعار العملة المحلية ضمن مجال التقلبات المسموح بها، ومنه تفادي الكثير من الإختلالات الاقتصادية التي تعيق المبادلات الدولية.
 هو نظام يجمع بين نظام ثبات الصرف من خلال تثبيت العملة بوزن معين من الذهب، ونظام حرية الصرف من خلال تعديل سعر الصرف وفق أوضاع ميزان المدفوعات، مع منع التغيرات المتتالية لأسعار الصرف.
 يسمح نظام الصرف الثابت بالعمل العادي للمبادلات الخارجية، حيث وفر للمصدرين والموردين إمكانية عقد اتفاقيات تجارية مستقبلية على المدى المتوسط أو الطويل بالنظر إلى عامل الاستقرار الذي تتميز به أسعار الصرف وكذا الثقة الممنوحة لعملات البلدان.
 كما يسمح نظام بريتن وودز بالرفع من الإنتاج العالمي وكذا التجارة الدولية بوتيرة سريعة مقارنة بالأنظمة التي سادت قبله.
ثانيا: عيوب النظام
تكمن عيوب النظام في الآتي:
 إن ارتكاز العملات الرئيسية على قاعدة الدولار يتطلب احتفاظ الولايات المتحدة الأمريكية باحتياطات ضخمة من الذهب، لكن في الواقع منذ مطلع الستينات تناقص الاحتياطي الذهبي ولم يعد يغطي الدولارات الموجودة على مستوى الدول، فازدادت الشكوك ف عدم قدرة الولايات المتحدة الأمريكية الوفاء بتعهداتها، فانعدمت الثقة في الدولار وكثرت المضاربة ضده.
 لم يكن يسمح هذا النظام بالتعديلات اللازمة في الأوقات المناسبة وبالسرعة المطلوبة على مستوى أسعار صرف العملات، مما أدى إلى عدم فعالية التعديل.
 ظهور مشكلة السيولة الدولية من خلال عدم قدرة الدولار بصفته مسيلة من وسائل الدفع الدولية بالوفاء باحتياجات العالم المتزايدة، إذ ظهرت الإختلالات بين حجم التبادل الدولي وحجم وسائل الدفع.
 إن اعتبار الدولار الأمريكي كعملة احتياطية قد يعمل على نقل التضخم من الولايات المتحدة الأمريكية إلى بقية العالم.
المطلب الرابع: انهيار و زوال نظام بريتن وودز.
أولا: أسباب انهيار نظام بريتن وودز.
كان نظام بريتن وودز يقوم - كما أسلفنا القول- على ركيزة رئيسية هي التزام الخزانة الأمريكية ببيع الذهب بسعر الأوقية 35 دولارا إلى البنوك المركزية و المؤسسات النقدية في العالم، و من ثم فقد كان من الضروري الربط بين مقدار ما هو متوفر من مخزون ذهبي لدى الولايات الأمريكية و بين الالتزامات قصيرة الأجل المترتبة عليها. فإذا ما زادت هذه الالتزامات دون زيادة في كمية الذهب كان ذلك تعبيرا عن حقيقة معينة هي عجز ميزان المدفوعات الأمريكي.(1)
(1) مجدي محمود شهاب، الوحدة النقدية الأوروبية، دار الجامعة الجديدة للنشر والتوزيع، مصر، 1998، ص51.

فمنذ الخمسينات بدأ ميزان المدفوعات الأمريكي يحقق عجزا كبيرا و مستمرا الأمر الذي قلّص بشدة من احتياطات الذهب في الخزانة الأمريكية، و ساد اليقين بضرورة تعديل أسعار تعادل العملات، و إزاء فشل الولايات المتحدة الأمريكية في إقناع الدول التي حققت موازين مدفوعاتها فوائض ضخمة، و بصفة خاصة ألمانيا و اليابان، برفع سعر صرف عملاتها، أصبح من المعترف به ضرورة لجوء الولايات المتحدة الأمريكية إلى تخفيض قيمة الدولار.في ذلك الوقت أصبحت الأسواق الدولية لرأس المال مرتبطة ببعضها بشكل كبير من خلال أسواق العملات الأوروبية، و بدأت كميات ضخمة من رؤوس الأموال الأمريكية في الهروب للخارج، و بدأت التحويلات الكثيفة من الدولار الأمريكي إلى العملات القوية الأخرى، وبصفة خاصة المارك الألماني و الين الياباني و الفرنك السويسري، الأمر الذي أدى إلى حدوث مزيد من الإختلالات في ميزان المدفوعات الأمريكي.
وهنا اضطر رئيس الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك "ريتشارد نيكسون" تعليق قابلية تحويل الدولار الأمريكي إلى ذهب، معلنا بذلك عن نهاية نظام بريتن وودز.
بالإضافة إلى هذا، هناك أسباب أخرى لا تقل أهمية و المتمثلة فيما يلي:
- توقعات انخفاض قيمة الدولار التي أدت إلى تدفق رؤوس الأموال قصيرة الأجل إلى خارج الولايات المتحدة.
- تخلي الدول الأوروبية و اليابان عن التزامها بالتدخل في سوق الصرف الأجنبي لتدعيم الدولار.
- عدم كفاية السيولة الدولية، وقد تم إنشاء وحدات السحب الخاصة (*) للتغلب على هذه المشكلة و لكنها لم تكن كافية نظرا لأن إصدارها و توزيعها لم يكن وفقا لاحتياج الدول الأعضاء و إنما وفقا لحجم كل دولة و أهميتها النسبية في التجارة الدولية، فمن المعروف أن السيولة الدولية هامة لكي تساعد في تمويل العجز المؤقت في موازين المدفوعات دون اللجوء إلى إجراءات تقييدية أو انكماشية مما يسمح لآلية التصحيح بأن تأخذ وقتها الكافي لاستعادة التوازن، فالنقص في السيولة الدولية يقلل من أو يعوّق التجارة الدولية، في نفس الوقت زيادة السيولة الدولية تؤدي إلى ظهور الضغوط التضخمية العالمية (1).

ولقد عبر الاقتصادي R.Triffin عن أزمة خلق السيولة في نظام بريتن وودز قائلا: أن زيادة السيولة قد أتت في ظل هذا النظام من خلال العجز في ميزان المدفوعات الأمريكي و ليس من آلية مرتبطة باحتياجات الدول الفعلية للسيولة، معنى ذلك أنه كلما زاد حجم السيولة كلما قلت الثقة في الدولار و قيمته لأن السيولة أتت من خلال العجز في ميزان المدفوعات الأمريكي.
وكما ذكرنا من قبل فإن صندوق النقد الدولي قد حاول أن يواجه مشكلة السيولة الدولية من خلال إصدار حقوق السحب الخاصة، وهي نقود اعتبارية يتم تبادلها بين الدول الأعضاء في الصندوق و ليس بين الأفراد، حيث تم إصدار ما قيمته 9,5 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة في عام 1969 (2). ومن الغريب أيضا أن إصدارات حقوق السحب الخاصة خلال الفترة 1970-1972 قد واكبت فترة تزايد المعروض من الدولار كنتيجة للعجز في ميزان المدفوعات الأمريكي.






(*):سنعود إلى شرح وحدات حقوق السحب الخاصة بكثير من التفصيل لاحقا.
(1) محمد سيد عابد:مرجع سبق ذكره، ص438.
(2) Michel Dupuy : Op.Cit.P24.

ثانيا: اتفاقية سيميثونيان
في ديسمبر من عام 1971 اجتمع ممثلو عشر دول (*) في معهد "السيميثونيان" بواشنطن في مقاطعة كولومبيا، لدراسة الوضع الجديد بعد انهيار بريتن وودز و وافقوا على رفع سعر أوقية الذهب من 35 دولار إلى 38 دولار أمريكي للأوقية، هذا ما يعني تخفيض قيمة الدولار الأمريكي بنسبة 7,89%(1) كما ارتفعت قيمة بعض العملات، مثل الين الياباني بنسبة 14% و المارك الألماني بنسبة 17%.
كما تضمنت هذه الاتفاقية توسيع هوامش تقلبات أسعار الصرف إلى 2,25% ارتفاعا و انخفاضا عن سعر التعادل، بدلا من1 %، و هذا يعني أنه يمكن لسعر صرف أي عملة بخلاف الدولار أن يتقلب في حدود 4.5 % ارتفاعا و انخفاضا، بالمقارنة مع سعر صرف أي عملة أخرى، وذلك في حالة زيادة قيمة إحداها بنسبة 2.25 % عن سعر تعادلها بالدولار، و انخفاض قيمة العملة الأخرى بنسبة 2.25 % عن سعر تعادلها بالدولار.
كما وافقت الولايات المتحدة الأمريكية في المقابل بإلغاء الرسوم الجمركية و المقدرة بـ 10 % التي فرضتها على الواردات.
ثالثا: التطورات النقدية بعد اتفاقية سيميثونيان
بالرغم من الأمل الذي كان معلقا على اتفاقية "سيميثونيان" لكي تلغي حواجز المضاربة في المستقبل، إلا أنها لم تحقق النتائج المرجوة و المنتظرة في مجال السيولة الدولية.
فبنهاية سنة 1971 دخل العالم في فوضى نقدية، حيث واجه النظام خلالها مشكلة الدولار المتبقي، الذي حصلت عليه البنوك المركزية الأجنبية محاولة منها لدعم الدولار خلال أزمات عام 1971، فارتفع مجموع احتياطات البنوك المركزية الأجنبية من الدولارات إلى 62 بليون دولار، و لن تستبدل هذه الأخيرة بالذهب أبدا.
فبالرغم من ذلك - عدم قابلية الدولار للتحويل إلى ذهب - فإنها تشكل خطرا على استقرار نظام النقد الدولي، إذا ما ألقت البنوك المركزية بتلك الدولارات في سوق العملات الأجنبية، ولقد كان من الأجدر بهم دفع المضاربين الأفراد إلى شراء الدولارات بكميات كبيرة كي تعطي للبنوك المركزية الفرصة للتخلص من الدولارات الزائدة، إلاّ أنه في حقيقة الأمر لم يحدث شيء من هذا القبيل، حيث زاد مجموع الاحتياطات من الدولارات في عام 1972 إلى 81 بليون دولار (2).
وخلال هذه الفترة، شجعت فوارق أسعار الفائدة على ترك أرصدة خارج البلاد و أكثر من هذا، فقد اقتنع السوق إلى حد بعيد بأن تخفيض الدولار أصبح أمرا واردا.
فلقد أحدث عجز الولايات المتحدة الأمريكية مضاربة عنيفة ضد الدولار و ذلك في جانفي 1973، وأدى هذا إلى تخفيض آخر في قيمة الدولار بنسبة 10% و منه ارتفعت قيمة الأوقية الواحدة من الذهب إلى 42.2% دولار. و لما احتدمت المضاربة ضد الدولار مرة ثانية في مارس 1973، قرر وزراء المالية للبلدان الأوروبية ترك أسعار الصرف حرة لتعوّم باستثناء التدخل الرسمي، و هو ما يطلق عليه بمصطلح التعويم القذر.
في الواقع هذا التخفيض أفقد الدولار الأمريكي مكانته الأساسية كنقطة ارتكاز في ظل النظام النقدي الدولي الذي أقرته و أقامته "بريتن وودز".





(*):هذه الدول هي: الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، بريطانيا، بلجيكا، هولندا، إيطاليا، السويد، كندا و اليابان،وسويسرا.
(1): لقد كان هذا التخفيض الثالث منذ سنة1972.
(2) جون هدرسون: العلاقات الاقتصادية الدولية، دار المريخ للنشر، السعودية، 1987، ص 801-802.

المبحث الثالث: نظام التعويم المدار و النظام النقدي الأوربي

تمهيـــــــد:
إن نظام التعويم المدار الذي عرفه العالم بعد انهيار نظام بريتن وودز، لا يعني نشأة نظام جديد بشكل جديد، وإنما هو تغيير في منهج تسيير النظام الأول، حيث أن المؤسسات المالية و النقدية أصبحت تسيّر على أساس عائم- تبني صرف عائم - فهو عبارة عن نظام قائم على أساس مؤسسات موجودة من قبل إذ لم يكن هدفه إزالتها و إنما إدخال عليها بعض التعديلات.
وعليه سوف نتطرق في المطلب الأول إلى مفهوم و ظروف نشأة نظام تعويم أسعار صرف العملات، و في المطلب الثاني نحاول إبراز أهم التعديلات التي مست المؤسسات المالية و النقدية، و في المطلب الثالث و الأخير نذكر و لو بصورة موجزة النظام النقدي الأوروبي.

المطلب الأول: مفهوم و ظروف نشأة نظام التعويم المدار لأسعار الصرف.
يقوم النظام النقدي الدولي منذ عام 1973 على قاعدة التعويم المدار لأسعار الصرف. و وفقا لهذه القاعدة تضطلع السلطات النقدية في كل دولة بمسؤولية التدخل في أسواق الصرف الأجنبي للحد من آثار التقلبات قصيرة الأجل لأسعار الصرف، دون محاولة التأثير على اتجاهات أسعار الصرف في المدى الطويل، و لكل سلطة نقدية حرية اختيار أية سياسة للتدخل و حرية تغيير تلك السياسة في أي وقت تشاء دون موافقة خارجية.
و في حالة ما إذا لم تتدخل السلطات النقدية على الإطلاق في سوق الصرف الأجنبي، فإنها تكون قد تركت أسعار صرف حرة، و ذلك باعتقادها أن التوازن في ميزان المدفوعات يتحقق بصورة تلقائية، و ذلك بترك عملاتها تتحدد بحرية وفقا لقوى السوق من خلال العرض و الطلب عليها، شأنها شأن بقية السلع الموجودة في السوق، حيث ينخفض سعرها إذا ما انخفض الطلب على العرض، و يرتفع سعرها إذا ما زاد الطلب على العرض.
إلا أنه نوّد أن نشير أن معظم الدول لم تكن مستعدة لترك أسعار الصرف حرة تتحدد في سوق الصرف الأجنبي عن طريق قوى العرض و الطلب، بل اعتمدت سياسة التعويم المدار، من خلال تدخل سلطاتها النقدية في سوق الصرف الأجنبي.
و الواقع أن نظام تعويم العملات لم يقصد أحد اختياره، بل فرض نفسه عقب انهيار نظام "بريتن وودز" أي انهيار نظام أسعار الصرف الثابتة، و من ثم كانت الرؤى لنظام تعويم أسعار الصرف بمثابة علاج مؤقت لأزمة عارضة، و بالتالي ترك الحرية لكل دولة في الاختيار بين نظم أسعار الصرف التي ترى أنها تخدمها.
و مع بداية 1998 أصبح ثلثي أعضاء الصندوق البالغ عددهم 181 دولة يطبق نظام أسعار الصرف المرنة، و هذا العدد يتضمن كل الدول الصناعية الكبرى و العديد من الدول النامية، و يمثل هذا العدد 5/3 حجم التجارة العالمية التي تتم الآن في ظل أسعار الصرف المرنة سواء كان هذا التعويم تعويما مستقلا أو تعويما متسقا كما هو الحال في ظل نظام الإتحاد الأوروبي.
أما بقية الدول و التي تمثل ثلث الأعضاء فإنهم يربطون عملاتهم إما للدولار أو الفرنك أو حقوق السحب الخاصة أو إلى سلة عملات، و الجدول التالي يبيّن ترتيبات نظام الصرف الأجنبي لأعضاء الصندوق في عام 1997.




جدول رقم (1-1): ترتيبات نظام الصرف لأعضاء الصندوق في عام1979
نظــام الصــرف عـــدد الــدول
1- العملات التي تربط إلى:
- الدولار
- الفرنك
- عملات أخرى
- حقوق السحب الخاصة
- سلة أخرى
عدد العملات التي تربط
2- العملات التي تعوّم:
- ترتيبات التعويم المتسق
- التعويم المدار وفقا لبعض المؤشرات
- التعويم المدار
- التعويم الحر
- التعويم المحدود في مواجهة الدولار
عدد العملات التي تعوّم
20
14
09
02
20
65

10
02
46
54
04
116


المصـدر: مجلة صندوق النقد الدولي، الإحصاءات المالية الدولية، جانفي عام 1998، ص 08.

المطلب الثاني: تعديل اتفاقية صندوق النقد الدولي.
لم يكن قرار الولايات المتحدة الأمريكية يوم 15 أوت 1971 بإنهاء قابلية الدولار للتحويل إلى ذهب هو نقطة البداية في أزمة النظام النقدي الدولي في السبعينات من هذا القرن فحسب، بل كان هو أيضا نقطة البداية في تحرك الصندوق في اتجاه إدخال تعديلات على اتفاق إنشائه بهدف مراعاة الواقع الجديد في العلاقات النقدية الدولية بعد أن أخذ هذا الواقع يبعد شيئا فشيئا و بسرعة متزايدة عن أحكام هذا الاتفاق،
وبالفعل فقد انتهى الأمر في الفاتح من أفريل 1978 بإقرار عدد من التعديلات التي أدخلت على اتفاق الصندوق مكوّنة التعديل الثاني لأحكامه، و كان التعديل الأول قد تم في 28 جويلية 1969 عندما أنشئت حقوق السحب الخاصة.
أولا: حقوق السحب الخاصة.
كان نظام السحب العادي محدودا بالنسبة للدول الفقيرة تبعا لحجم حصتها الضئيلة في رأس مال الصندوق و القيود العديدة الموضوعة في هذا الشأن، وهذا عكس ما كانت تتمتع به الدول الغنية المتقدمة التي استأثرت بالنصيب الأكبر من حقوق السحب العادية نظرا لكبر حصصها بالصندوق.
ومن هنا توفرت للصندوق موارد، حال دون استخدامها الاتفاقية المنشئة له، حتى و لو كانت إمكانياته تسمح به، لذلك جاء نظام استحدث حقوق السحب الخاصة، كمصدر جديد من مصادر السيولة الدولية، و إن كان هذا المصدر يختلف اختلافا جوهريا عن نظام حقوق السحب العادية، رغم وحدة الأسس التي يقوم عليها كل منها.
وتعتبر حقوق السحب الخاصة نوعا جديدا من الأصول الدولية التي يمكن للدولة أن تستخدمها في تسوية مدفوعاتها الدولية، فهي وحدات نقدية و حسابية و دفترية، تتمتع بقوة شرائية و تقبل من كل الأعضاء والمشاركين في الصندوق كعملة قابلة للتحويل، وذلك في حدود مقدار معين لا يتجاوز ثلاثة أضعاف الحصة التي تقررت للعضو في حقوق السحب الخاصة (1).


(1) أحمد رمزي: التاريخ النقدي، دار النهضة العربية، بيروت، الطبعة7، ص 110-111.

وتستمد هذه الحقوق قيمتها القانونية من مجرد التزام الدول الأعضاء في الصندوق بأن تقبلها في أي وقت، ومن أية دولة في حدود قيمة إجمالية محددة، و يتم توزيع وحدات حقوق السحب الخاصة على الدول الأعضاء بنسب حصصهم، و تستخدم هذه الحقوق، مثلها مثل حقوق السحب العادية في تسوية العجز المؤقت في ميزان المدفوعات، ولا يتجاوز استخدامها لتمويل أغراض أخرى.
وقد قدرت قيمة الوحدة من حقوق السحب الخاصة في شكل وزن محدد من الذهب النقي ما يعادل0,888671 غرام أي ما يساوي القيمة الرسمية للدولار الأمريكي وقت خلق هذه الحقوق و قبل تخفيضه عام 1971.
واعتبارا من أول جويلية 1974 أصبحت قيمة الوحدة من حقوق السحب الخاصة تعلن يوميا على أساس محصلة التغير في أسعار صرف عملات بعض الدول في مقابل الدولار، وبالتالي فقد حلّت تلك العملات في مجموعها محل الذهب في تحديد قيمة الوحدة من حقوق السحب الخاصة معبرا عنها بالدولار الأمريكي.
ولكل عضو في حقوق السحب الخاصة حق غير مشروط في أن يستخدم المقدار المخصص له منها، وذلك دون حاجة إلى أخذ موافقة مسبقة من الصندوق أو من باقي المشتركين في الحساب على هذا الاستخدام. و يتمثل استخدام المشترك لحقوق السحب الخاصة المقررة له في طلب تحويلها، كلها أو بعضها، إلى قيمة مساوية لها من العملات القابلة للتحويل في الواقع، وهي عملات يلتزم بدفعها المشتركون الذين يعيّنهم الصندوق لهذا الغرض، وبهذا تعد حقوق السحب الخاصة، إلى جانب الاحتياطات النقدية التقليدية أداة حقيقية من أدوات السيولة الدولية.
وعلى ذلك فإن الصندوق لا يقوم بتقديم أية عملات من موارده في مقابل حقوق السحب الخاصة التي يرغب المشترك مالكها في التخلي عنها في مقابل عملات قابلة للتحويل و إنما يتولى باقي المشتركين تقديم هذه العملات، ويقتصر دور الصندوق على تعيين هؤلاء المشتركين و رقابة حركة العملية كلها.
والجدير بالذكر أنه إذا كان تقرير حصة في حقوق السحب الخاصة إنما يقتصر على الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي الذين يقبلون الاشتراك في نظام هذه الحقوق فإنه يمكن، على العكس، أن يتسع مجال المستخدمين لهذه الحقوق و أن يشمل غيرهم.
و في مقابل استفادة الدول المشتركة بنظام حقوق السحب الخاصة فهناك عدة التزامات يجب مراعاتها و هي:
- أن يقوم العضو المشترك في هذه الحقوق بتقديم عملات قابلة للتحويل، في حالة تعيينه من قبل الصندوق لهذا الغرض، إلى مشترك آخر في مقابل تلقيه لقيمة مماثلة من حقوق السحب الخاصة التي يتخلى عنها هذا الأخير. وهناك حد أقصى لما يلتزم المشترك بتقديمه من عملات قابلة للتحويل، هي مثل حصته المقررة من حقوق السحب الخاصة، ويخضع تعيين الصندوق المشترك الذي يلتزم بتقديم عملات قابلة للتحويل في مقابل تلقيه لحقوق سحب خاصة مساوية لها في قيمتها لقواعد معقدة للغاية.وبصفة عامة، فإن المشتركين الذين يتمتعون بموازين مدفوعات واحتياطات قوية بما فيه الكفاية هم الذين يعيّنون لتقديم تلك العملات القابلة للتحويل إلى مشتركين آخرين في مقابل حقوق السحب الخاصة.
- أن يقوم العضو المشترك بإعادة تكوين حيازته من حقوق السحب الخاصة بحيث تتماشى مع قواعد إعادة التكوين التي ينتهجها الصندوق وفقا للقانون الأساسي له.
- أن تقوم الدولة المستفيدة بتسديد أو رد ما سبق استخدامه من حقوق السحب الخاصة المملوكة لها و ذلك بتحويلها إلى عملات قابلة للتحويل، بمعنى أن تقدم عملات قابلة للتحويل في الواقع في مقابل حقوق سحب خاصة تتلقاها مرة أخرى، بما يحقق توازن بين حيازتها من حقوق السحب الخاصة و غيرها من الأصول التي تستخدم كاحتياطات.غير أن هذا الالتزام لا ينصرف إلا ما يزيد عن 80 % من قيمة حقوق السحب الخاصة المملوكة للدولة المستفيدة و في خلال الفترة الأساسية و قدرها خمس سنوات، و بمعنى آخر فإن التزام العضو بالسداد أو الرد لا يتجاوز 30 % من قيمة هذه الحقوق، كما يتعين على الدولة المستفيدة أن تدفع فائدة مقابل استخدامها لحقوق السحب الخاصة عادة ما تقل عن سعر الفائدة العالمي على الأصول الاحتياطية الأخرى، وإن كانت قد اتجهت نحو التزايد ابتداء من عام 1974 و يتم تعديلها وفقا لأسعار الفائدة السائدة في الأسواق العالمية
- لا يجوز للعضو المشترك أن يستخدم حقوقه إلا في حالة الضرورة، وذلك بغرض مواجهة عجز ميزان مدفوعاته أو لتطور الوضع الخاص باحتياطاته النقدية، وعلى هذا لا يجوز للمشترك أن يستخدم حقوقه بغرض تغيير التكوين الداخلي لاحتياطاته؛
- يمكن للصندوق أن يوقف كل استخدام لاحق للمشترك في نظام حقوق السحب الخاصة لحقوقه المقررة له و ذلك في حالة عدم تنفيذه لالتزاماته التي يتحمل بها وفقا لهذا النظام، غير أن هذا الوقف لا يعفي المشترك من الالتزام بتقديم العملات القابلة للتحويل إلى مشترك آخر في حالة تعيينه لهذا الغرض من قبل الصندوق. و ليس لوقف استخدام العضو لحقوقه في نظام حقوق السحب الخاصة أي تأثير على حقه في الالتجاء إلى موارد الصندوق، وفقا لأحكام اتفاق إنشائه، أي على حقه في استخدام الحساب العام الذي يحتفظ به الصندوق.
والعكس صحيح، فإنه في حالة حرمان العضو من حقه في الالتجاء إلى موارد الصندوق، فإنه يستطيع أن يستخدم بكل حرية حقوق السحب الخاصة المملوكة له، أي حقوقه في حساب السحب الخاص الذي يحتفظ به الصندوق.
وفي الأخير، يمكن القول أن حقوق السحب الخاصة أصبحت تلعب دور فعال في مجال التعاون النقدي بالرغم من حداثة وجودها مقارنة بالأصول الاحتياطية الأخرى. و قد أعتبر خلق و إنشاء حقوق السحب الخاصة من الأحداث البارزة في تاريخ العلاقات النقدية الدولية، و التي أطلق على تسميتها البعض من الكتاب اسم " الذهب الورقي"(1).

ثانيا: اتفاقية جامايكا.
لكي تصبح اتفاقيات صندوق النقد الدولي تساير الأوضاع النقدية الجديدة المتمثلة في تعويم العملات الرئيسية، ورغبة في تدعيم حقوق السحب الخاصة لتصبح الأصل الاحتياطي في النظام، كان لا بد من إدخال بعض التعديلات على أحكام الصندوق و طبيعة الوظائف التي يتعيّن عليه القيام بها، ولقد تجسد ذلك بتشكيل لجنة مؤقتة بقرار من مجلس محافظي صندوق النقد الدولي و ذلك في عام 1972، وتتكون هذه الأخيرة من عشرين عضوا يمثلون الدول التي يحق لها أن تعيّن عضوا، والذي هو بمثابة مدير تنفيذي في الصندوق.
ولقد عقدت هذه اللجنة عدة اجتماعات، آخرها في مدينة "كينجستون" بجمايكا في 07 و 08 فيفري من عام 1976.
فنتيجة لما أدى إليه مؤتمر جمايكا من تعديل ثان لاتفاق صندوق النقد الدولي، أدخل تعديل جوهري على النظام النقدي الدولي، ألا وهو تحديد أسعار صرف عملات الدول وفقا لنظام استقرار سعر الصرف أو لنظام أسعار التعادل، أما النظام الجديد لتحديد أسعار الصرف فقد كان على العكس من النظام السابق تماما، إذ سمح الصندوق بنظام حرية سعر الصرف، أو نظام تعويم المدار سواء كان فرديا أم مشتركا.و الواقع أن ذلك لم يكن من قبل الصندوق إلا قرارا لأمر واقع أخذت به الدول الأعضاء، و جدير بالذكر أنه على الرغم من حق الدول الأعضاء في اختيار نظام الصرف الملائم لها، بما في ذلك التعويم، فإن هذا التعديل يحظر على الدول الأعضاء محاولة الحصول على أي مزايا تنافسية غير عادلة في مواجهة الأعضاء الآخرين عن طريق التخفيض المتتالي في سعر الصرف.




(1) مدحت صادق: مرجع سبق ذكره، ص66.


ويظل لصندوق النقد الدولي الإشراف الدقيق على سياسات الدول الأعضاء بالنسبة لسعر الصرف، مع التزامه بمبادئ محددة في مجال إرشاد هذه الدول إزاء هذه السياسات، و إذا كان استقرار أسعار صرف العملات الذي يهدف إليه اتفاق بريتن وودز قبل التعديل، يعتمد بصفة أساسية على تدخل البنك المركزي للدولة في سوق العملات الأجنبية، فإن التعديل الثاني ينصرف إلى قيام الدولة بإحداث نفس الأثر عن طريق كفاءة أداء اقتصادها المحلي أكثر منه عن طريق التدخل الحكومي المباشر أو اللجوء إلى فرض القيود على التجارة الخارجية و المدفوعات.
ومن ناحية ثانية تضمن هذا التعديل الثاني إجراء تخفيض تدريجي في دور الذهب بالنسبة للنظام النقدي الدولي، كإلغاء السعر الرسمي للذهب و تقرير حرية الدول الأعضاء في التعامل به في السوق ما بين بعضها البعض دون الاستناد إلى أي سعر رسمي له، و إنهاء وظيفة الذهب كوحدة لتقويم حقوق السحب الخاصة، و عدم إمكان اتخاذه كأساس لتقويم مختلف العملات للدول الأعضاء في الصندوق (1).
ومن ناحية ثالثة، أتاح التعديل الثاني للمشتركين في حقوق السحب الخاصة التحرر من كثير من الالتزامات تجاه الصندوق بالنسبة لتلك الحقوق، كما أتاح الصندوق سلطة السماح للمشتركين باستخدام حقوق السحب في عمليات غير تلك التي تنص عليها رسميا مواد اتفاقية الصندوق.
ومن ناحية رابعة، أتاح التعديل الثاني لصندوق النقد الدولي إمكانية توسيع قاعدة العملات المستخدمة في عملياته، كما ألقى على عاتق الأعضاء ضرورة القيام بمبادلات لعملاتهم، في ظروف معينة، حتى يكون الصندوق هو الذي باعها بموجب هذه السياسة. هذا مع التزام الأعضاء بضرورة توفير عملاتهم للأعضاء الآخرين بغرض قيامهم بإعادة الشراء.و يقبل الصندوق حاليا جميع العملات من حيث المبدأ مما أدى إلى توسيع نطاق العملات التي يمكن استعمالها في الأنشطة التي تتم من خلال حساب الأرصدة العامة وتحسين السيولة لدى الصندوق و لقد استحدث هذا التعديل الثاني مفهوما جديدا هو مفهوم عملات الاستعمال الحر بدلا من تعبير العملة القابلة للتحويل الذي بدأ يتلاشى.
وقد جاء تعريف عملة الاستعمال الحر بأنها عملة عضو من الأعضاء التي يقر الصندوق بأنها تستخدم على نطاق واسع في أسواق الصرف الرئيسية، و تقوم هذه العملات بدور خاص في كل من حساب الموارد العامة للصندوق، و كذلك حساب حقوق السحب الخاصة.

المطلب الثالث: النظام النقدي الأوربي

في مارس 1979 قام الإتحاد الأوربي بوضع النظام النقدي الأوربي كخطوة في الطريق نحو تحقيق التكامل النقدي بين كافة الدول الأوربية أعضاء الإتحاد.
ووفقا لهذا النظام تم خلق وحدة نقدية أوربية جديدة والمعروفة باسم "إيكو"مع التعويم المشترك مقابل السماح لعملات الدول الأعضاء بالتغير في حدود 2،25% فوق أو تحت سعر التعادل مع الإيكو ،والتعويم المشترك مقابل الدولار وغيره من العملات .
كما تم إنشاء صندوق التعاون النقدي الأوربي لمساعدة الدول الأعضاء في حالة اختلال موازين مدفوعاتها في المدى القصير والمتوسط.
وتبعا لمعاهدة ماسترخت في 1991 وافقت الدول الأعضاء على أن يتم انجاز الوحدة النقدية الأوربية على ثلاث مراحل تنتهي في 1999 بحيث تكون هناك وحدة نقدية واحدة وهي اليورو وبنك أوربي .
وبالفعل حل اليورو محل 12 عملة في اثني عشر دولة من دول الإتحاد الأوربي ابتدءا من مارس 2001 .(2)

(1)زينب حسين عوض الله: مرجع سبق ذكره، ص174.
(2)أحمد فريد مصطفى: السياسات النقدية والبعد الدولي لليورو، مؤسسات شباب الجامعة، مصر،2000، ص38


الخـــاتـمـــــة



لقد عرف العالم ثلاثة نظم نقدية مختلفة، بداية من نظام قاعدة الذهب والتي من خلالها عرف نظام النقد الدولي ازدهار اقتصادي و استقرار نقدي من خلال التجارة الحرة نسبيا و حركة رؤوس الأموال غير المقيّدة، إلاّ أن هذا النظام انهار و تلاشى مع بداية الحرب العالمية الأولى.
وبانتهاء الحرب العالمية الثانية ،وكبديل لنظام قاعدة الذهب ،تم تبني نظام نقدي عالمي جديد ،بإيعاز من الولايات المتحدة الأمريكية ،والذي يعرف بنظام "بريتن وودز"، فمن خلال هذا النظام تمّ إعطاء الدولار الدور القيادي في النظام النقدي الدولي ،كما تمّ إنشاء صندوق النقد الدولي الذي كان الهدف منه تحقيق استقرار أسعار الصرف و مساعدة الدول العضوة فيه ،التي تعاني من إختلالات في موازين مدفوعاتها.
إلا أن الدولار الأمريكي عاش فترات ضغط - مضاربة و انخفاض مستمر لقيمته- جعلته يعيش أزمة عرفت بأزمة الدولار ،و هذا ما أدى بموازين المدفوعات الأوروبية إلى التحسن و تسجل فوائض بداية من عام 1958.
ونتيجة لهذا الوضع المتأزم، قررت السلطات الأمريكية، و على لسان رئيسها "ر.نيكسون" قي 15 أوت 1975، إيقاف تحويل الدولار إلى ذهب، و هو ما يعني نهاية النظام القائم على اتفاقية "بريتن وودز".
ومع بداية عام 1973 تركت الدول سعر صرف عملاتها حرة، لتأتي اتفاقية جامايكا في عام 1978 و التي اعتبرت بمثابة قوانين تسيّر أوضاع التمويل النقدي و السيولة الدولية عن طريق التعديل في أحكام صندوق النقد الدولي.
وفي مقابل كل هذه التغيّرات، كانت أوروبا تبحث عن آليات للمحافظة على استقرار أسعار الصرف لعملاتها تجاه بعضها البعض، فأنشأت نظام لاستقرار أسعار الصرف كخطوة أولى عرف بـ "الثعبان داخل النفق" ثم استبدل بـ "النظام النقدي الأوروبي" وصولا إلى الوحدة النقدية و الاقتصادية.















قـــائمـة المـراجــع

 أحمد فريد مصطفى – السياسات النقدية والبعد الدولي لليورو – مؤسسات شباب الجامعة – مصر – 2000 .
 أحمد رمزي زكي – التاريخ النقدي – دار النهضة العربية – لبنان - الطبعة السابعة.
 جون هدرسون – العلاقات الاقتصادية الدولية – دار المريخ للنشر والتوزيع – السعودية – الطبعة الرابعة – 1987 .
 زينب حسين عوض الله – الاقتصاد الدولي – الدار الجامعية للنشر – مصر – 1998 .
 ساخي بوبكر – اليورو وموقعه من العملات الدولية – رسالة ماجستير غير منشورة – كلية العلوم الاقتصادية – الجزائر – 2001 .
 ضياء مجيد الموسوي – الاقتصاد النقدي – مؤسسات شباب الجامعة – الإسكندرية – 1998 .
 مجدي محمود شهاب – الوحدة النقدية الأوربية – دار الجامعة الجديدة لنشر – مصر – 1998.
 محمد سيد عابد – التجارة الدولية – قسم العلوم الاقتصادية – جامعة الإسكندرية – مطبعة الإشعاع الفنية – 2001.
 مدحت صادق – النقود الدولية وعمليات الصرف الأجنبية – دار غريب للنشر – القاهرة – الطبعة الأولى – 197.


 Michel Bialés ; Remi Leunion ; et les autres; Op.cit.
 Michel Dupuy : Le Dollar, Dunod, Paris1999.
 Patrick Lenain : Le FMI, Casbah édition, janvier1999
















الخــــــــطـة

المقدمة
المبحث الأول: النظام النقدي الدولي ف ظل نظام بريتن وودز
المبحث 01: تبني نظام بريتن وودز
المبحث 02: مراحل سير النظام
المبحث 03: تقييم النظام
المبحث 04: انهيار وزوال نظام بريتن وودز

المبحث الثاني: نظام التعويم المدار والنظام النقدي الأوربي
المطلب 01: مفهوم وظروف نشأة نظام التعويم المدار
المطلب 02: تعديل اتفاقية صندوق النقد الدولي
المطلب 03: النظام النقدي الأوربي


الخاتمة
I]









قديم 2011-01-08, 18:36   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
مشتاقة للجنان
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية مشتاقة للجنان
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا على مجهوداتكم
بارك الله فيك واثابك










قديم 2011-01-08, 20:21   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
zoubour
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية zoubour
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا لكم جزيل الشكر و العرفان على هذه البحوث القيمة










قديم 2011-01-15, 19:21   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
michou22
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي



خطـة البحــث

مـقــدمــة
المبحث الأول: ماهية سعر الصرف
• المطلب 01: مفهوم سعر الصرف
• المطلب 02: أنواع سعر الصرف
• المطلب 03: العوامل المؤثرة في سعر الصرف
• المطلب 04: كيفية تحديد سعر الصرف
المبحث الثاني : محددات سعر الصرف و نظمه
• المطلب 01: سعر الصرف و التضخم
• المطلب 02: سعر الصرف ومعدل الفائدة
• المطلب 03: سعر الصرف وميزان المدفوعات
• المطلب 04: نظم سعر الصرف
المبحث الثالث : النظريات المفسرة لسعر الصرف
• المطلب 01: نظرية تعادل القدرة الشرائية
• المطلب 02: نظرية تعادل أسعار الفائدة
• المطلب 03: نظرية كفاءة السوق
• المطلب 04: نظرية الأرصدة
خـــــاتـمـة








المقــدمـة

تعتبر آلية سعر الصرف العنصر المحوري في اقتصاد المالية الدولية ،وهذه الأهمية مصدرها تعقد مشاكل التمويل على المستوى الداخلي والخارجي، خاصة بالنسبة للبلاد السائرة في طريق النمو والتي تتميز بانحصار إمكانيات التمويل الذاتي بصفة خاصة والتمويل الداخلي بصفة عامة.
إن آلية سعر الصرف تعتبر العنصر الأهم في التفكير المالي الحديث نظرا لما تكتسبه من أهمية بالغة في تعديل وتسوية ميزان المدفوعات للبلاد السائرة في طريق النمو، والتي تتميز بوجود عجز هيكلي مزمن تبعا للسياسات الاقتصادية الكلية في مجال التنمية المتبعة، حيث ينظر إلى حركة رأس المال الأجنبي كمحرك أساسي في عملية تمويل الاستثمارات وكذا الاستهلاك الخاص بقطاع العائلات والمشاريع.
وقد أصبحت أنظمة أسعار الصرف المتعارف عليها، كسعر الصرف العائم الثابت عاجزة عن إيجاد فعالية التوازن في ميزان المدفوعات للبلدان النامية، وبالنظر إلى سياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية الغير متوازنة والمتكافئة تعرف ثقل المديونية الداخلية والخارجية المتزايدة، والمنظمات المالية والنقدية الدولية تقترح التخفيض في حجم هذه المديونية، وتبعا لذلك التحكم في ميكانيزمات أسعار الصرف لإيجاد حلول ناجحة لعملية التنمية.
ونبني هذا الموضوع على طرح الإشكاليات التالية:
• ما هو سعر الصرف وكيف يتم تحديده؟
• ما هي الآليات المعتمدة في تنظيم سعر الصرف وتبادل العملات؟
• ما هي أهم النظريات المفسرة لسعر الصرف؟






















المبحث الأول
مـاهية سعـر الصـرف
 المطلب 01 : مفهوم سعر الصرف

هناك تعاريف عديدة لسعر الصرف لنذكر منها ما يلي:
- يعرف سعر الصرف بأنه النسبة التي يحصل على أساسها مبادلة النقد الأجنبي بالنقد الوطني أو هو ما يدفع من وحدات النقد الوطني للحصول على وحدة أو عدد معين من وحدات النقد الأجنبي(1)
- سعر الصرف هو الأداة الرئيسية ذات التأثير المباشر على العلاقة بين الأسعار المحلية والأسعار الخارجية وكثيرا ما يكون الأداة الأكثر فاعلية عندما يقتضي الأمر تشجيع الصادرات وتوفير الواردات(2)
- هو عدد الوحدات النقدية التي تبدل به وحدة من العملة المحلية إلى أخرى أجنبية وهو بهذا يجسد الربط بين الاقتصاد المحلي وباقي الاقتصاديات(3)
- هو وسيلة هامة للتأثير على تخصيص الموارد بين القطاعات الاقتصادية وعلى ربحية الصناعات التصديرية وتكلفة الموارد المستوردة
- هو أداة ربط بين أسعار السلع في الاقتصاد المحلي وأسعارها في السوق العالمي (4)
- يمكن تعريف سعر الصرف على أنه عدد الوحدات من العملة الواجب دفعها للحصول على وحدة واحدة من عملة أخرى، وفي الواقع هناك طريقتان لتسعير العملات وهما:
1) التسعير المباشر: هو عدد الوحدات من العملة الأجنبية التي يجب دفعها من أجل الحصول على وحدة واحدة من العملة الوطنية، وفي الوقت الراهن قليل من الدول تستعمل طريقة التسعير المباشر، وأهم الدول التي تستعمل هذه الطريقة هي بريطانيا العظمى، حيث في المركز المالي بلندن يقاس الجنيه الإسترليني كما يلي:
1جنيه إسترليني = 3.476 فرنك فرنسي
2) التسعير الغير مباشر : هو عدد الوحدات من العملة الوطنية الواجب دفعها للحصول على وحدة واحدة من العملة الأجنبية، ومعظم الدول في العالم تستعمل هذه الطريقة في التسعير بما في ذلك الجزائر، حيث في هذه الأخيرة يقاس $ الأمريكي بعدد من الوحدات من الدينار الجزائري كما يلي:
1$ = 59.67 دج








ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
(1)- د/شمعون شمعون_ البورصة (بورصة الجزائر)_ دار الأطلس للنشر والتوزيع_ 1994_ ص139
(2)- محمود حميدات_ مدخل للتحليل النقدي_ ديوان المطبوعات الجامعية.الجزائر._ 1966_ ص105
(3)- د/عبد المجيد قدي_ مدخل إلى السياسات النقدية الكلية_ ديوان المطبوعات الجامعية.الجزائر._ 2003 / 2004_ ص103
(4)- د/الطاهر الأطرش_ تقنيات البنوك_ ديوان المطبوعات الجامعية.الجزائر._2005_الطبعة الخامسة_ص 96

 المطلب 02 : أنواع سعر الصرف

عادة ما يتم التمييز بين عدة أنواع من سعر الصرف: (1)
1. سعر الصرف الاسمي: هو مقياس عملة إحدى البلدان التي يمكن تبادلها بقيمة عملة بلد آخر، حيث يتم تبادل العملات أو شراء وبيع العملات حسب أسعارها فيما بينها، ويتم تحديد سعر الصرف الاسمي لعملة ما تبعا للطلب والعرض عليها في سوق الصرف في لحظة زمنية معينة، ولهذا يمكن لسعر الصرف أن يتغير تبعا لتغير الطلب والعرض، و بدلالة نظام الصرف المعتمد في البلد، فارتفاع سعر عملة ما يؤثر على الامتياز بالنسبة للعملات الأخرى. وينقسم سعر الصرف الاسمي إلى سعر الصرف الرسمي أي المعمول به فيما يخص المبادلات الجارية الرسمية، وسعر الصرف الموازي أي السعر المعمول به في الأسواق الموازية وهذا يعني إمكانية وجود أكثر من سعر صرف اسمي في نفس الوقت لنفس العملة في نفس البلد.
2. سعر الصرف الحقيقي: يعبر هذا النوع عن عدد الوحدات من السلع الأجنبية اللازمة لشراء وحدة واحدة من السلع المحلية، وبالتالي يقيس القدرة على المنافسة وهو يفيد المتعاملين الاقتصاديين في اتخاذ قراراتهم، فمثلا ارتفاع مداخيل الصادرات بالتزامن مع ارتفاع تكاليف إنتاج المواد المصدرة بنفس المعدل لا يدفع إلى التفكير في زيادة الصادرات، لأن هذا الارتفاع في العوائد لم يؤد إلى أي تغيير في أرباح المصدرين وان ارتفعت مداخيلهم الاسمية بنسبة عالية.
3. سعر الصرف الفعلي: يعبر سعر الصرف الفعلي عن المؤشر الذي يقيس متوسط التغير في سعر صرف عملة بالنسبة لعدة عملات أخرى في فترة زمنية ما وبالتالي مؤشر سعر الصرف الفعلي يساوي متوسط عدة أسعار صرف ثنائية وهو يدل على مدى تحسن أو تطور عملة بلد ما بالنسبة لمجموعة من العملات الأخرى ويمكن قياسه باستخدام مؤشرلاسبيرز للأرقام القياسية.
4. سعر الصرف الفعلي الحقيقي: الواقع أن سعر الصرف الفعلي هو سعر اسمي لأنه عبارة عن متوسط لعدة أسعار صرف ثنائية ومن أجفل أن يكون هذا المؤشر ذا دلالة ملائمة على تنافسية البلد تجاه الخارج، لابد أن يخضع هذا المعدل الاسمي إلى التصحيح بإزالة أثر تغيرات الأسعار النسبية.



















ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
(1)- د/عبد المجيد قدي- مرجع سبق ذكره- ص 103/106
 المطلب 03 : العوامل المؤثرة في سعر الصرف
توجد هناك مجموعة من العوامل الرئيسية التي تؤثر في سعر الصرف وهي مستويات الأسعار النسبية و التعريفات الجمركية والحصص، تفضيل السلع الأجنبية على المحلية والإنتاجية. وسنبين الآن كيف يؤثر كل عامل من هذه العوامل على سعر الصرف مع افتراض بقاء العوامل الأخرى على حالها:
وسنفرض أن أي شيء يؤدي إلى زيادة الطلب على السلع المحلية بالنسبة للسلع الأجنبية يؤدي إلى رفع قيمة العملة المحلية لان السلع المحلية سوف يستمر بيعها جدا حتى عندما تكون قيمة العملة المحلية مرتفعة وبالمثل أي شيء يؤدي إلى زيادة الطلب إلى انخفاض قيمة العملة المحلية لان السلع المحلية سيستمر بيعها إلا إذا كانت قيمة العملة المحلية منخفضة.
 الفرع الاول : مستويات الأسعار النسبية
حسب نظرية تعادل القوة الشرائية، عندما ترتفع أسعار السلع المحلية (مع بقاء أسعار السلع الأجنبية ثابتة) ينخفض الطلب على السلع المحلية ويتجه سعر العملة الوطنية نحو الانخفاض حيث يمكن الاستمرار في بيع السلع المحلية بطريقة جيدة، وعلى العكس إذا ارتفعت أسعار السلع الأجنبية بحيث أن السعر النسبي للسلع المحلية ينخفض والطلب على السلع المحلية يزداد فيمثل قيمة العملة الوطنية نحو الارتفاع لأن السلع المحلية سيستمر بيعها حتى مع ارتفاع قيمة العملة المحلية، وفي الفترة الطويلة فان ارتفاع مستوى الأسعار في دولة ما ( بالنسبة إلى مستوى السعر الأجنبي) تسبب في انخفاض قيمة عملتها وانخفاض مستوى الأسعار النسبية مما يتسبب في ارتفاع قيمة عملتها.(1)
 الفرع الثاني : التعريفات الجمركية والحصص
إن الحواجز على التجارة الحرة مثل التعريفات الجمركية (الضرائب على السلع المستوردة مثلا) والحصص (القيود على كمية السلع التي يمكن استيرادها) يمكن أن تؤثر في سعر الصرف.
 الفرع الثالث : تفضيل السلع الأجنبية على السلع المحلية
إن الزيادة في الطلب على صادرات دولة ما يتسبب في ارتفاع عملتها في الفترة الطويلة، وعلى العكس فان زيادة الطلب على الواردات تتسبب في انخفاض قيمة العملة المحلية.
 الفرع الرابع : الإنتاجية
إذا أصبحت دولة أكثر إنتاجية أكثر من غيرها من الدول الأخرى فان منظمات الأعمال في هذه الدول يمكن أن تخفض أسعار السلع المحلية، بالنسبة الأسعار السلع الأجنبية وتظل تحقق أرباحا، والنتيجة هي زيادة الطلب على السلع المحلية وميل سعر العملة المحلية إلى الارتفاع لان السلع المحلية سيستمر بيعها أكثر من القيمة المرتفعة للعملة، ومع ذلك فإذا تقهقرت إنتاجية الدولة بالنسبة للدول الأخرى فان السلع التي تنتجها تصبح نسبيا غالية الثمن وتميل قيمة عملة الدولة إلى الانخفاض، ففي الفترة الطويلة كلما زادت إنتاجية دولة ما بالنسبة إلى الدول الأخرى ترتفع قيمة عملتها.
وآخر ما نصل إليه انه إذا أدى عامل من العوامل السابقة إلى زيادة الطلب على السلع المحلية بالنسبة للسلع الأجنبية، فان العملة المحلية ستزداد قيمتها وإذا أدى أي عامل منها إلى انخفاض الطلب النسبي على السلع المحلية، فان العملة المحلية ستنخفض قيمتها.(2)








ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- د/عبد المجيد قدي- نفس المرجع السابق- ص136 _137
(2)- د/محمود حميدات- نفس المرجع السابق- ص111



 المطلب 04 : كيفية تحديد أسعار الصرف
نميز ثلاث حالات:
1) الحالة الأولى: وهي حالة العملات التي يتم تحديد سعر صرفها عن طريق الارتباط المباشر بعملة التدخل، فهذه العملات تظل أسعارها ثابتة عبر الزمن باتجاه العملة المرتبطة بها مادامت السلطات النقدية للبلد المعني لم تحدث أي تغيير في سعر الارتباط المركزي للعملة.
2) الحالة الثانية: هي حالة التعويم الحر دون أي ارتباط، ويتم هنا تحديد سعر صرف عملة البلد في سوق الصرف الحرة باستمرار، فليس هناك سعر صرف ثابت بين هذه العملة و عملة التدخل وإنما يتغير السعر بسوق الصرف يوميا حسب تقلبات العرض والطلب، تتأثر هذه التقلبات بدورها بالتوقعات والحاجيات المختلفة للمتعاملين في السوق من جهة وبالمؤشرات الاقتصادية والنقدية للبلد من جهة أخرى، وقد تتدخل السلطات النقدية أحيانا وعند الضرورة للحيلولة دون المبالغة في المضاربات والحفاظ على النظام في المعاملات المصرفية داخل السوق.
3) الحالة الثالثة: هي حالة الارتباط بسلة من العملات، وهنا إما أن تربط الدول عملتها بحقوق السحب الخاصة التي هي عبارة عن سلة يصدرها صندوق النقد الدولي من خمس عملات لكل منها وزن معين، ونشير هنا إلى أن سعر الارتباط ودقة الهوامش تختلف حسب الأقطار أو تربط هذه الدول عملتها بسلة من العملات على شكل سلة حقوق السحب الخاصة، تعكس أوزانها نسب التوزيع الجغرافي لتجارتها الخارجية، كما تعتمد الدول أيضا عملة للتدخل (غالبا الدولار الأمريكي) يتم بها إرساء القيمة المحددة يوميا في سوق الصرف للعملة الوطنية.(1)


















ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- د/محمود حميدات- المرجع السابق- ص 109/ 110
المبحث الثاني
محددات سعر الصرف ونظمه
تمهيد
في ظل النظام الذهبي تتحدد أسعار صرف العملات انطلاقا من العلاقة بين المحتوى الذهبي للعملة بالمقارنة مع العملات الأخرى، وأسعار الصرف تتمتع بقدر كبير من الثبات حيث أن تقلباتها تنحصر ضمن حدود ضيقة، وهذا الثبات النسبي في أسعار الصرف يحقق بدوره درجة كبيرة من الاستقرار في المعاملات النقدية الدولية.

 المطلب 01 : سعر الصرف والتضخم
تستند هذه العلاقة على نظرية القدرة الشرائية، حيث أن قيمة العملة تتحدد على أساس قدرتها الشرائية ومن ثم فإن سعر الصرف التوازني يجب أن يعبر عن تساوي القدرة الشرائية الحقيقية للعملتين المعنيتين، وهذا النموذج أثبت قدرة كبيرة على التنبؤ بأسعار الصرف في المدى الطويل.(1)

 المطلب 02 : سعر الصرف ومعدل الفائدة
بافتراض عدم وجود حواجز جمركية فإن مردودية التوظيف في دولتين مختلفتين يجب أن تتساوى، وهذا ما يضمن أن الفرق في معدل الفائدة بين اقتصاد ما وباقي الاقتصاديات يساوي معدل ارتفاع أو انخفاض قيمة العملة في المستقبل، بمعنى آخر إذا كان معدل الفائدة على العملة a أكبر من المعدل المطبق على العملة b فإن قيمة هذه الأخيرة سوف تتحسن بالمقارنة مع قيمة العملة a حتى يتم إلغاء فروقات الفائدة بفروقات الصرف،لأن بقاء الفروقات في المردودية من الناحية النظرية سوف يؤدي إلى حدوث عمليات تحكيم فيما بين العملتين.
 المطلب 03 : سعر الصرف وميزان المدفوعات
تعتبر أهم أرصدة ميزان المدفوعات - سواء تعلق الأمر برصيد التجارة الخارجية أو رصيد المعاملات الجارية أو رصيد ميزان القاعدة- عوامل مفسرة لتغير سعر الصرف في المدى المتوسط، فحدوث عجز في الميزان التجاري يؤدي بالضرورة إلى انخفاض سعر الصرف، والأثر المعاكس نلاحظه في حالة انخفاض عجز ميزان المعاملات الجارية، وأهمية هذه الأرصدة تزيد باعتبار أن لها علاقة مع التضخم ومعدلات الفائدة، فالملاحظ أن الدولة التي تتميز بمعدل تضخم مرتفع تجد صعوبات كبيرة في تصدير منتجاتها إلى تأثير الميزان التجاري، والعكس في حالة معدل تضخم منخفض.
كما أن معدلات الفائدة هي التي تحكم حركة تدفق رؤوس الأموال في المدى الطويل والقصير وهي محتواة في ميزان المدفوعات.
فللقيام بعملية التنبؤ المستندة على الأرصدة المذكورة سابقا فإنه يجب مراقبة مجموعة من المؤشرات المرتبطة بالحسابات الخارجية والتي يمكن إجمالها في خمسة معدلات:
 معدل ارتفاع وانخفاض الاحتياطات الرسمية للدولة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
(1)- د/عبد المجيد قدي- المرجع السابق- ص126/127

 معدل تغطية الصادرات للواردات.
 معدل زيادة عرض النقود.
 معدل حزمة اليدين.
فبتتبع مختلف هذه المؤشرات من الممكن أن نستخلص مجموعة من المنبهات والدلالات على تغيير مرتقب لسعر الصرف.(1)

 المطلب 04 : نظم سعر الصرف
سبق أن ذكرنا أن سعر الصرف يتحدد بالطلب والعرض للصرف الأجنبي ،ويتحدد ثمن التوازن عندما يتساوى الطلب مع العرض ،ومن الممكن أن يتحدد التوازن بينهما دون تدخل جهاز الثمن إذا تدخلت الدولة بإجراءات أخرى من شأنها أن تؤثر في ظروف الطلب أو ظروف العرض بما يحقق التسوية بينهما دون الاعتماد على سعر الصرف ،وهذا ما يعرف باسم مبدأ الرقابة على الصرف ،ومنه يمكن تقسيم نظم الصرف إلى الآتي :
1) نظام سعر الصرف الثابت : يتحقق هذا النظام في حالة الدول التي تأخذ بقاعدة الذهب ،حيث تربط قيمة عملتها الوطنية بوزن معين من الذهب ،ويترتب على احتفاظ كل دولة بسعر للذهب أن يظل سعر العملات المختلفة ثابتا، ولذلك فإنه في ظل قاعدة الذهب لا يتغير سعر الصرف بل يظل ثابتا، لأنه إذا ارتفع ثمن إحدى العملات يكفي أن يقوم الأفراد بشراء الذهب ثم بيعه لدولة هذه العملة بسعر التعادل مما يعود بثمن العملة إلى الأصل، ومع ذلك فإن هذا الثبات المطلق لسعر الصرف لا يتحقق دائما، وتكون هناك في الواقع حدود يتغير خلالها سعر الصرف، وهذه الحدود ما تعرف بنقطة خروج ونقطة دخول الذهب، ويتضح من ذلك أن بيع وشراء الذهب يتم وفق سعر صرف عملة كل دولة أي يصدر إلى الدولة التي يرتفع فيها سعر صرف عملتها ويستورد من الدولة التي ينخفض فيها سعر صرف عملتها، وهذه الحدود البسيطة التي يتغير داخلها سعر الصرف تتمثل في نفقات الدولة المصدرة للذهب من نفقات نقل وتأمين وغيرها وهذا ما يؤدي بسعر الصرف إلى الاختلاف عن سعر التعادل بحدود صغيرة دون أن تؤدي حركات الذهب إلى العودة لهذا السعر، وعلى ذلك فإنه في ظل قاعدة الذهب تتقلب قيمة العملة الأجنبية بالنسبة للعملة الوطنية بين حدين، حد أعلى يتحدد بنقطة خروج الذهب وحد أدنى يتحدد بنقطة دخول الذهب، ونلاحظ بصفة عامة أن قاعدة الذهب كانت سائدة في أوربا طوال القرن 19م وحتى قيام الح.الع.1 ولكن بين عامي 1924/1930 بدأت بعض الدول تخرج عن سيطرة هذه القاعدة واليوم لا توجد دولة في العالم تسير عليها، رغم وجود عدد لا يستهان به من الاقتصاديين مازالو غير راضين عن التخلي عن هذه القاعدة، ولكن الأغلبية العظمى من الاقتصاديين يرجعون التخلي عن هذه القاعدة إلى النتائج السيئة التي حققتها.
2) نظام سعر الصرف المتقلب : إذا هجرت الدولة قاعدة الذهب ولم تلجأ إلى التدخل المباشر لتنظيم سوق الصرف، فإنها تعتمد على تقلبات أسعار الصرف لتحقيق التوازن فيه شأنه شأن غيره من الأسواق، وفي هذه الحالة تتغير أسعار الصرف طبقا لظروف الطلب والعرض بما يؤدي إلى تحقيق المساواة بين طلب وعرض الصرف الأجنبي، فيتحقق التوازن بين طلب وعرض الصرف الأجنبي في المدى القصير، كما يتحقق الوازن في العلاقات الدولية في المدى الطويل عن طريق التغير في أثمان السلع الداخلية في التجارة الدولية، فزيادة سعر الصرف الأجنبي (انخفاض قيمة العملة الوطنية) يؤدي إلى تشجيع قيمة الصادرات نظا لانخفاض قيمتها وإاة الحد من الواردات نظرا لارتفاع قيمتها، ويحدث العكس في حالة انخفاض سعر الصرف الأجنبي (ارتفاع قيمة العملة الوطنية)، وهكذا نرى أن سعر الصرف في ظل هذا النظام قابل للتغير والتقلب حتى يصل إلى السعر الذ يحقق التوازن في المدى القصير والمدى الطويل، وقد ظهرت هذه القاعدة عند خروج الدول الواحدة تلو الأخرى عن قاعدة الذهب وأوقفت قابلية أوراقها النقدية للصرف وأخذت بقاعدة أخرى وهي قاعدة العملة الورقية الإلزامية، وفي ظل هذه القاعدة نجد أن سعر الصرف يتوازن عند نقطة تلاقي المنحيين، و يكون كل مستوى أعلى من ذلك سوف يؤدي إلى حركة نزولية أ انخفاض سعر الصرف، زكل مستوى أقل من ذلك يدي إلى حركة صعودية أي اتفاع سعر الصرف، زما هذا إلا تطبيقا لنظرية الطلب والعرض في تحدد أسعار السلع.
3) نظام الرقابة على الصرف : لجأت الكثير من الدول نتيجة للحرب العالمية والأزمات الاقتصادية وخاصة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
(1)- د/عبد المجيد قدي- نفس المرجع السابق- 128/129
فيما بين الحربين وبعد الح.الع.2 إلى فرض رقابة مباشرة على سعر الصرف، وفي ظل هذا النظام تتحقق المساواة بين الصادرات والواردات، أي بين طلب وعرض الصرف الأجنبي عن طريق تدخل الدولة بتحديد قيمة الواردات والرقابة على حركات رؤوس الأموال، فالتوازن في سوق الصرف لايتحقق في ظل هذا النظام عن طريق حركات الذهب كما في نظام سعر الصرف الثابت، ولا عن طريق تقلبات أسعار الصرف كما في نظا سعر الصرف التقلب، ولكن عن طريق التدخل المباشر للدولة في ظروف الطلب والعرض، وجوهر نظام الرقابة على الصرف هو توزيع الكمية التي تحصل عليها الدولة من الصرف الأجنبي على وجوه الطلب الممكنة، وكذلك هذا النظام يعتمد في الواقع على التمييز الاقتصادي سواء بين الدول أو بين السلع.





















المبحـث الثالـث
النظريات المفسرة لسعر الصرف
تحاول الكثير من النظريات الاقتصادية تفسر اختلاف أسعار الصرف بين الدول، وأهم هذه النظريات ما يلي:

 المطلب 01 : نظرية تعادل القدرة الشرائية
أول من صاغ هذه انظرية هو ريكاردو، ثم قام بتطويرها الاقتصادي السويدي غوستلف كاسل في أوائل العشرينات من القرن العشرين، وتنطلق الفكرة الأساسية لهذه انظرية من كون أن القيمة التوازنية للعملة ف المدى الطويل تتحدد بالنسبة للأسعار المحلية والأسعار الخارجية، بمعنى أن سعر الصرف لعملة ما يتحدد على أساس ما يمكن أن تشتريه هذه العملة من الداخل والخارج، ومن هنا فإن تكلفة شراء سلع ما على سبيل المثال في الولايات المتحدة الأمرييكية لابد أن تكون مساوية لتكلفة شرائها في بريطانيا، وهذا يعني أنه إذا كانت دولة d تعرف معدل تضخم أعلى من ذلك السائد في الدولة e فإن الدولة d تسعى إلى رفع وارداتها من منتجات الدولة e لأن الأسعار هناك تكون أقل ارتفاعا، ومن نتيجة ذلك ظهور عجز تجاري للدولة d وهذا ما يؤدي إلى اتجاهها نحو تخفيض عملتها مقارنة بعملة الدولة e وتحقيق قيمة تعادل جديدة.
وقد تم اختيار هذه النظرية لأنها ذات دلالة في المدى الطويل أكثر منها فيالمدى القصير، كما أن العملات الأقل أهمية في حركة رؤوس الأموال الدولية أقل استجابة لنظرية القدرة الشرائية.
إلا أنها تطرح بعض القضايا العالقة منها:
 اختلاف أساليب قياس التضخم حسب نوع الأسعار المعتبرة، إما أسعار استهلاك أو أسعار انتاج أو، أسعار الصادرات والواردات...إلخ
 هذه النظرية لاتتعلق إلا بميزان العمليات الجارية وليس بكامل ميزان المدفوعات.
 تعتقد هذه النظية أنه يمكننا تقدير معدل التضخم في كل ابلدان، بغض النظر عن تطور الأنظمة الإحصائية والإعلامية.
 هناك مشكل في تمييز المتغير التابع المستقل، ذلك أن النظرية تفرض في مستوى الأسعار متغير مستقل، وسعر الصرف هو المتغير التابع.
ويتوقف نجاح تعادل القدرة الشرائية على:
 سيادة حرية التجارة الدولية، ذلك أن وجود القيود من شأنه تسوية الأسعار.
 سيادة حرة تحويل النقود من دولة إلى أخرى ودم إخضاع ذلك لنظم المراقبة.(1)
 المطلب 02 : نظرية تعادل أسعار الفائدة
حسب هذه النظرية لايمكن للمستثمرين الحصول على معدلات مردودية مرتفعة في الخارج عن تلك الممكن تحقيقها في السوق المحلي، لأن الفرق بين معدلات الفائدة يتم تعويضه بالفارق بين سعر الصرف الآني وسعر الصرف الآجل، وتسمحهذه النظرية بربط الأسواق النقدية الوطنية بأسواق الصرف.(2)


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
(1)- د/عبد المجيد قدي- المرجع السابق-ص119/120
(2)- نفس المرجع-ص121/122

 المطلب 03 : نظرية كفاءة السوق
السوق الكفء هو ذلك السوق الذي تعكس فيه الأسعار كل المعلومات المتاحة وهذا بفرض أن كل المتعاملين في السوق يمكن وصولهم إلى معلومات، سواء تعلق الأمر بالمعلومات الاقتصادية الحالية أو الماضةظن مثل إعلان عجز أو فائض ميزان المدفوعات، العجز التوازني، معدل التضخم...إلخ
وفي السوق الكفء نجد أن:
 كل المعلومات الجديدة تجد تأثيرها الآني على أسعار الصرف الآنية والآجلة.
 تكاليف المعاملات ضعيفة.
 تغيرات أسعار الصرف عشوائية.
وهذا يؤدي إلى النتائج التالية:
 لا يمكن لأي مضارب ظان يحقق باستمرار مكاسب.
 التسعيرة الآجلة يمكن اعتبارها كمؤشر من دون مضاربة على السعر الآني المستقبلي(نقدا).
إلا أن هناك جدالا قائما اليوم بخصوص ما إذا كانت أسواق الصرف الحالة كفئة نسبيا، وهذا ما أدى إلى القيام بعدة اعتبارات لإثبات ذلك، أظهر بعضها (مثل اختبارات جيدي وديفي على التوالي في 1975-1976) كفاءة السوق، في حين أن البعض الآخر(دراسات هانت 1986، ودراسات كيرني وماك دولاند في 1989) تأكيد عدم كفاءة سوق الصرف نسبيا في الوقت الذي سيعتقد فيه الممارسون أن هناك عدم كفاءة نسبية في أسواق الصرف.(1)
 المطلب 04 : نظرية الأرصدة
تقوم هذه النظرية على اعتبار القيمة الخارجية للعملة تتحدد على أساس ما يطرأ على أرصدة ميزان المدفوعات من تغيرن فإذا حقق ميزان المدفوعات لدولة ما فائضا فإن ذلك يعني زيادة الطلب على العملة الوطنية، وهو ما يقود إلى ارتفاع قيمتها الخارجية، ويحدث العكس عند حدوث عجز في ميزان المدفوعات والذي يدل على زيادة العرض من العملة الوطنية بما يقود إلى انخفاض قيمتها الخارجية، ويعتبر بعض الاقتصاديين أن فترة الحرب العالمية كانت مؤشرا على صحة هذه النظرية، وذلك لكون قيمة المارك الألملني لم يتلأثر آنذاك، رغم الزيادة الكبيرة في كمية النقود ومعدل دورانها وارتفاع مستوى الأسعار، والسبب في ذلك هو توازن الميزان الحسابي الألماني بالشكل الذي لم يسمح لها بزيادة وارداتهاعن صادراتها، بمعنى أنه لم يكن هناك رصيد دائن أو مدين في ميزان المدفوعات يؤثر على القيزة الخارجية للعملة.(2)











ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
(1)- د/عبد المجيد
center]
[/QUOTE]









قديم 2011-01-23, 20:30   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
لقاء الجنة
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية لقاء الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










قديم 2011-02-07, 13:38   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
salibra
عضو جديد
 
الصورة الرمزية salibra
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الف شكـــــــــــــــــــــــــــــــــر اخي










 

الكلمات الدلالية (Tags)
الصرف, كامل


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 16:26

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc