واصل الرحم لا يقتصر على يوم العيد فقط - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم النوازل و المناسبات الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

واصل الرحم لا يقتصر على يوم العيد فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016-09-12, 09:27   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أبوا مسلم الجزائري
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي واصل الرحم لا يقتصر على يوم العيد فقط

إن المسلمَ المخلصَ لله في دينه، المتبعَ لسنةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، عنده أعمالٌ التي أُنيطت به يوم العيد؛ فِطْرًا كان أو أضحى، فهو يعملُ بما يعلمُ من هديِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا اليوم، مبتدئًا بالاغتسالِ والتطيُّبِ، والتصبُّحِ على تمراتٍ إن كان عيدَ فطر، قبل الخروج إلى المصلى، والاستعدادُ للخطبةِ وصلاة العيد، واستقبالُ التهاني من المصلين، والرجوعُ إلى بيته، سالكًا غيرَ الطريقِ التي جاء منها، مهنِّئًا أهلَه وأولادَه، ويأكلُ من أضحيته بعد الصلاة إن كان في عيد الأضحى، ويخرجُ زائرا لأرحامه، وأقاربه وجيرانه، وأصحابه ورفاقه، يبتغي بذلك وجهَ الله تعالى، لينالَ رضاه ويفوزَ بالجنة، وليكونَ قدوةً يقتدى به.

فالأعياد جعلها الله سبحانه لهذه الأمّة للتنفيس عنها، ومنحِها شيئا من اللهو المباح في يومين من كل عام، في الفطر والأضحى، وذلك لما ثبت عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: كَانَ لأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ، قَالَ: "كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا، وَقَدْ أَبْدَلَكُمُ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الأَضْحَى" سنن النسائي (1556).

وعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها -، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضي الله عنه - دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنًى "أي أيام عيد الأضحى" تَضْرِبَانِ بِدُفَّيْنِ، وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُسَجّىً عَلَيْهِ بِثَوْبِهِ، فَانْتَهَرَهُمَا، فَكَشَفَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجْهَهُ، فَقَالَ: "دَعْهُنَّ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ". وَقَالَتْ عَائِشَةُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ "أي في يوم عيد"، حَتَّى أَكُونَ أَنَا أَسْأَمُ، فَأَقْعُدُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ، الْحَرِيصَةِ عَلَى اللهْوِ. مسند أحمد (41/ 88، رقم 24541).

(في هذا الحديث من الفوائد: مشروعيةُ التوسعة على العيال في أيام الأعياد؛ بأنواع ما يحصل لهم بسط النفس، وترويح البدن من كلف العبادة، وأن الإعراض عن ذلك أولى، وفيه أن إظهار السرورَ في الأعياد من شعار الدين..) من حاشية مسند أحمد ط الرسالة (41/ 90).

إنه مسلم لا يشغله هذا اللهو عن الواجبات، وتفقُّدِ الأرحام والمساكين واليتامى.

إنه مسلم متمسك بإسلامه وسنة نبيه، لا يقطع أرحامه، طيلة العام؛ فيصلهم في الأعياد فقط، بل صلةُ الرحم عنده بين الفَينة والفَينة، لأنه يقرأ قولَ اللهِ سبحانه: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾. [النساء: 1]، وقوله تعالى: ﴿ وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﴾. [الأنفال: 75]، وهذه وصايا من الله جل جلاله بالأرحام، فاتقى الله جل جلاله فيهم، وجعل لهم الأولويةَ عند الاختيار.

إنه يعلم قولَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ". البخاري (2067)، لذلك هو من الذين وسع الله عليهم في أرزاقهم في الدنيا والآخرة، وبارك لهم في أعمارهم وآجالهم، وكافأهم على صلة أرحامهم.

إنه يخاف من تحذير الله سبحانه من قطيعة الأرحام، وهي موجودة بكثرة في هذا الزمان، فقاطع رحمه من الذين ﴿ يَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾. [البقرة: 27]، فقطيعة الرحم مرتبطة بالفساد والإفساد، فبالإعراض عن دين الله والتولي عن هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينشأ الإفساد وتعمُّ القطيعة، قال سبحانه: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾. [محمد: 22، 23].

ورد (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ لَهُ: مَهْ، قَالَتْ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قَالَ: أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ، قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَذَاكِ"، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ﴾. [محمد: 22]. البخاري (4830).

إنه يعلم صلة الرحم؛ إنها ﴿ الْإِحْسَانُ إِلَى الْأَقَارِبِ عَلَى حَسَبِ حَالِ الْوَاصِلِ وَالْمَوْصُولِ؛ فَتَارَةً تَكُونُ بِالْمَالِ، وَتَارَةً بِالْخِدْمَةِ، وَتَارَةً بِالزِّيَارَةِ وَالسَّلَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ﴾[1].

أما قطيعة الرّحم: هي أن يعقّ الإنسان أُولى رحمه وذوي قرابته فلا يصلهم ببرّه ولا يمدّهم بإحسانه. ويختلف ذلك بحسب حال القاطع والمقطوع، فتارة يكون ذلك بمنع المال، وتارة بحجب الخدمة والزّيارة والسّلام، وغير ذلك. (نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم) (11/ 5330).

من هم الأرحام، وما حكم من يقطع رحمه؟
ج5: ذووا الأرحام هم: كلُّ من تربطُه بك رابطةُ نسب؛ كالأبوين والجدِّ والجدَّة وإن عليا، وكالولد وولد الولد؛ ذكرا كان أو أنثى وإن نزلا، وكالإخوة والأخواتِ وأولادِهم، وكالأعمام والعماتِ وأولادِهم، وقطيعةُ أحدٍ منهم بغير موجب شرعيٍّ كبيرةٌ من كبائر الذنوب؛ لقوله تعالى: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾. [محمد: 22، 23]، وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يدخل الجنة قاطع رحم". رواه مسلم (2556)][2].

(وقد فصل العلماء حكم صلة الرحم فقالوا: إن صلة الرحم الواجبة تكون في الرحم المحرم فقط، فإذا قطعها الإنسان يكون آثماً، وهذه تكون كما ذكرت في الآباء والأمهات، والأجداد والجدات، والأعمام والعمات، والأخوال والخالات، والأخوة والأخوات؛ والأولاد ذكوراً وإناثاً، فهؤلاء تجب صلتهم وتحرم قطيعتهم.
وأما الرحم غير المحرم فهم: الأقارب الذين يجوز التناكح بينهم؛ كبنات الأعمام وبنات العمات، وبنات الأخوال وبنات الخالات وأولادهم. فمن السنة صلتهم ولا تجوز قطيعتهم)[3].

إن صلةَ الرحمِ هي في حقِّ الرجال آكدُ منها في حق النساء، لأن المرأة تحتاج إلى إذن وليِّها في الدخول والخروج، فالزوجة صلة الرحم واجبة عليها؛ لكن لا بُدَّ من إذن الزوج في خروجها، وكذا الأخت والبنت ونحوهما.

وصلة الرحم تكون بطرق شتى، فالاتصال بالهاتف أو عبر الشبكة الالكترونية، أو الزيارة العابرة، ونحوها هذا جزء من صلة الرحم، خصوصا إذا حالت الحدود والسدود بينهم.

أما صاحبنا؛ فصلة الرحم عنده كما أسلفنا أعمُّ من ذلك، فصلة الرحم إحسانٌ إلى الأقربين من ذوي النّسب والأصهار، والعطفُ عليهم، والرّفقُ بهم، والرّعايةُ لأحوالهم، وخدمتُهم وتفقدهم بين الحين والحين، حتى وإن بعدوا أو أساؤا، امتثالا لأمر النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "صِلْ من قطعَك، وأحسنْ إلى من أساء إليك، وقلْ الحقّ ولو على نفسك" صحيح الجامع (3769)[4].

إن صلة الرحم ليست مقصورة على المسلمين؛ بل تتناول الأرحامَ غيرَ المسلمين من المشركين والكفار، فقد قالت أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: أَتَتْنِي أُمِّي رَاغِبَةً، "وهي مشركة" فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -: آصِلُهَا؟ قَالَ: "نَعَمْ!" قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا: ﴿ لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ﴾.[الممتحنة: 8]، البخاري (5978).

وهذا نوعٌ من الإنسانيةِ التي ينادَى بها، بغضِّ النظر عن العِرْقِ أو اللونِ أو الدين، فصلةُ الرحم عندنا -نحن المسلمين- لا يعيقُها ذلك ولا تعرفه. ما دامت هذه الرحمُ غيرَ معاديةٍ أو مقاتلة، كما في الآية السابقة، قال سبحانه: ﴿ لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8].

فكيف إذا أسلموا ودخلوا في دين الله؟! وكانت الرحم موادَّةً مسالمة؟!
وصلة الأرحام تبدأ بخطوتين: العلم والعمل، العلم بالأحكام الشرعية لصلة الأرحام، والعلم بالأرحام عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ، فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الأَهْلِ، مَثْرَاةٌ فِي المَالِ، مَنْسَأَةٌ فِي الأَثَرِ". الترمذي (1979) وقال: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: "مَنْسَأَةٌ فِي الأَثَرِ" يَعْنِي زِيَادَةً فِي الْعُمُرِ[5].

والعمل بهذه الأحكام الذي يورث القدوة الحسنة، فقاطع الرحم قدوة سيئة لغيره.

إن صاحبنا ليس من البخلاء الذي لا يعطون إلا بمقابل، فصلة الرحم عنده ليس فيها مقايضة: إن زرتَني زرتُك، وإلاَّ فلا! بل يزور وإن قاطعته رحمه، لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقَالَ: "لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ =أيْ كَأنَّمَا تُطْعِمُهُمُ الرَّمَادَ الحارَّ= وَلا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ". مسلم (2558). فيصل من وصله، ولا يقطع من قطعه، فقد قال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ الوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا". صحيح البخاري (5991).

فلينتظر قاطعُ الرحم عقوبتَه، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: " "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ". صحيح مسلم (2556)، وعلى الناس هجران من قطع رحمه، (أخرج ابن عساكر عن ميمون بن مهران قال: قال لي عمر بن عبد العزيز: "احْفَظْ عَنِّي أَرْبَعاً: لاَ تَصْحَبَنَّ سُلْطَاناً وَإِنْ أَمَرْتَهُ بِمَعْرُوفٍ وَنَهَيْتَهُ عَنْ مُنْكَرٍ، وَلاَ تَخْلُوَنَّ بِامْرَأَةٍ وَإِنْ أَقْرَأْتَهَا الْقُرْآنَ، وَلاَ تَصِلَنَّ مَنْ قَطعَ رَحِمهُ فَإِنَّهُ لَكَ أَقْطَعُ، وَلاَ تَكَلَّمَنَّ بكَلاَمٍ الْيَوْمَ تَعْتَذِرُ مِنْهُ غَداً")[6].

وعقوبة القاطع معجلة في الدنيا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ تَعَالَى لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الآخِرَةِ مِثْلُ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ". سنن أبي داود (4902)، والترمذي (2511)، وابن ماجه (4211)، الصحيحة (918)
ومن قطع رحمه قطَعه الله الرحمن الرحيم، فـ"الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ: مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللهُ، وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللهُ". صحيح مسلم (2555).

وقطيعة الرحم تمنع استجابة الدعاء، إنه "لا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ، مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ". قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا الاسْتِعْجَالُ؟ قَالَ: يَقُولُ: "قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ". مسلم (2735).

إن صلةَ الرحم لها فوائد عظيمة، وفضائل عميمة، منها: أنها تزيد في الرزق، وتبارك في العمر، وتنتشر بسببها المحبةُ بين الأقارب، للحديث: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ". البخاري (2067).

وفي رواية زادت: "... فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الأَهْلِ، مَثْرَاةٌ فِي المَالِ، مَنْسَأَةٌ فِي الأَثَرِ". سنن الترمذي (1979).

وفي الحديث: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْزَمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهَا: "إِنَّهُ مَنْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ، فَقَدْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ وَحُسْنُ الْجِوَارِ يَعْمُرَانِ الدِّيَارَ، وَيَزِيدَانِ فِي الْأَعْمَارِ". مسند أحمد (42/ 153، رقم 25259)، انظر الصحيحة (519).

الرحم موصولة بالله، فمن وصلها وصله الله، قال النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الرَّحِمَ شَجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ اللَّهُ: مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ". صحيح البخاري (5988، 5989).

وفي صلةِ الرحم تعجيلُ الأجر وسرعةُ الثواب؛ للحديث: "لَيْسَ شَيْءٌ أُطِيعُ اللهَ فِيهِ أَعْجَلَ ثَوَابًا مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ، وَلَيْسَ شَيْءٌ أَعْجَلَ عِقَابًا مِنَ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ، وَالْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ تَدَعُ الدِّيَارَ بَلَاقِعَ".. أخرجه البيهقي في (السنن الكبرى (10/ 62، رقم 19870)[7].

وفي رواية: "ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من قطيعة الرحم والخيانة والكذب، وإن أعجل الطاعة ثوابا لصلة الرحم، حتى إن أهل البيت ليكونوا فجرةً فتنمو أموالهم، ويكثر عددهم إذا تواصلوا". الصحيحة (915، 978).

إذن؛ لصلةِ الرحمِ فوائدَ عظيمة، وأهدافًا ساميةً أُجْمِلُها فيما يلي:
(1) صلة الرحم علامةُ كمالِ الإيمان وحسنِ الإسلام.

(2) تحقّقُ السّعةِ في الأرزاق والبركة في الأعمار.

(3) الفوزُ برضى الخالق، ثمّ محبّةِ الخلق.

(4) تقويةُ أواصر العلاقات الاجتماعيّة بين أفراد الأسرة الواحدة، والأسر المرتبطة بالمصاهرة والنّسب، حتّى يعمّ المجتمعَ كلّه.

(5) استصحابُ معيّة النّصر، والتّأييد من الله القويّ العزيز للواصل.

(6) للأرحام حقّ وإن كانوا كفّارا، أو فجّارا، أو مبتدعة.

(7) تقوّي الصّلةُ بقرب العلاقة وهي للأقرب أقوى منها للأبعد.

أما وقت صلة الرحم وزمانها؛ فهو غيرُ مرتبط بزمن معين، كالمواسم مثلا، بل هي حسب الحاجة، فتكون صلة الرحم واجبة لا تؤجل؛ عندما يحُلُّ بها مصيبة الموت أو المرض، أو الدّيون ونحو ذلك، فيجب المبادرة والإسراع بالزيارة، والمساعدة بالجهد والمال إن احتاج الأمر.

وكذلك إن حلَّت بديارهم الأفراح والسعادة، فلا بد من مشاركتهم في ذلك؛ كأن يحدث عندهم أعراسٌ أو قدومُ غائب، أو شفاءُ مريض، أو رُزِقوا بمولود جديد ونحو ذلك، مما يدل على السرورِ في النفوس، والفرحِ في القلوب.

أما التطوعُ والتنفُّلُ بصلةِ الرحم فحسب حالِ الواصل، فلو كان كلَّ جمعة أو جمعتين، أو كلَّ شهر أو شهرين، ولا يترك أكثر من سنة، ولا يقتصر على الأعياد فقط.

والله تعالى أعلم
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



رابط الموضوع: https://www.alukah.net/spotlight/0/45523/#ixzz4K1oovGqq









 


رد مع اقتباس
قديم 2016-09-12, 16:15   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
jawada22
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

نحن نعيش هذه الحقيقة للاسف الشديد.. اصبحت مشاغلنا تلهينا عن زيارة الاقارب ..و حتى لا نلام اصبحنا نتحجج بالظروف لم تسمح.. لكن العيب فينا.. لان قلوبنا اصابها الجفاء.. وعقولنا التصحر.. للاسف الشديد على زمن نحن فيه.. واسفتاه.. الله يهدينا ويهدي كامل امة محمد صلى الله عليه وسلم..










رد مع اقتباس
قديم 2016-10-13, 20:28   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
almohib
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك على الموضوع القيم










رد مع اقتباس
قديم 2016-10-16, 10:16   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
josef130
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية josef130
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا لك بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2016-10-21, 16:26   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
عبد العزيز 07
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية عبد العزيز 07
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
السلام عليكم

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 23:16

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc