الفرع الثاني: الجـــــــزاء
قرر المشرع الجزائري في قانون الإعلام عقوبات أصلية وكذا عقوبات تكميلية جوازيه لمرتكب جريمة إهانة رؤساء الدول الأجنبية كما قرر أيضا أحد تدابير الأمن العينية.
أولا:العقوبـات الأصليـة
تنص المادة 97 من قانون الإعلام الجزائري على أن العقوبة المقررة لمرتكب جريمة إهانة رئيس دولة تتمثل في الحبس من شهر إلى سنة، وبغرامة مالية تتراوح ما بين 3000 دج و300.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.
يعتبر قانون الاعلام جريمة اهانة رئيس دولة اجنبية جنحة، ولقد كانت المادة 122 من فانون 82/01 المتعلق بالاعلام الملغى تقرر نفس العقوبة لهذه الجنحة .
ثانيا:المصادرة
لقد نصت المادة 99 من قانون الإعلام الجزائري على انه يمكن للمحكمة أن تأمر في جميع الحالات الواردة في باب الأحكـام الجزائية من قانـون الأعلام بحـجز الأملاك، والمقصود بحـجز الأمــلاك في هذه المـادة هو"المصادرة" ذلك أن مصـطلح حجز الأملاك يقابلـها في النـص الفرنــسي للمـادة 99
confixation des biens » « la بمعنى مصادرة الأملاك و بالتالي فاننا نرجح النص الفرنسي لكونه النص الاصلي، ولقد استعمل المشرع الجزائري نفس المصطلح في النص الفرنسي للمادة 15 من قانون العقوبات التي تعرف المصادرة، بأنها الأيلولة النهائية إلى الدولة لمال معين أو أكثر والتي تنصب على الأشياء التي استعملت أو كانت ستستعمل في تنفيذ الجريمة أو تلك التي تحصلت منها وكذلك الهبات والمنافع التي استعملت لمكافئة مرتكب الجريمة.
وبما ان المادة 97 جاءت تحت باب الاحكام الجزائية فانه اذا ارتكبت جريمة إهانة رئيس دولة أجنبية يجوز للقاضي مصادرة الوسائل التي استعملت أو كانت ستستعمل في تنفيذ هذه الجريمة والتي قد تكون جرائد أو مجلات،أو أشرطة فيديو، وتعتبر المصادرة عقوبة تكميلية جوازيه وللقاضي طبقا للمادة 99 من قانون الإعلام أن يأمر بها أولا.
وبموجب تعديل قانون العقوبات بالقانون رقم 06 /23 (1) استحدثت المادة 15 مكرر 1 والتي نصـت على انه " في حالة الادانة لارتكاب جنحة او مخالفة يؤمر بمصادرة الاشياء ...وجوبا اذا كان القانون ينص صراحة على هذه العقوبة ..." فنلاحظ ان المادة 15 مكرر1 جعلت المصادرة وجوبية فنتساءل عن النص الواجب التطبيق ؟.
فهل نطبق المادة 99 من قانون الاعلام ونعتبر المصادرة عقوبة تكميلية جوازية ونطبق قاعدة الخاص يقيد العام او نطبق المادة 15 مكرر 1 ونعتبر المصادرة عقوبة وجوبية باعتبارها النص الأحدث؟
حسب وجهة نظرنا ان المادة 99 من قانون الاعلام نصت صراحة ان عقوبة المصادرة عقوبة جوازية وعليه فاننا نطبق قاعدة الخاص يقيد العام .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
(1) القانون رقم 06 /23 المؤرخ في 29 ذي القعدة عام 1427 الموافق ل 20 ديسمبر سنة 2006 المعدل والمتمم للأمر رقم 66-156 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق ل 08 يونيو 1966، المتضمن قانون العقوبات.
ثالثا: إغلاق المؤسسات الإعلامية
يعتبر إغلاق المؤسسة تدبير من تدابير الأمن العينية التي نصت عليها المادة 20 من قانون العقوبات، ولقد أجازت المادة 26 أن يأمر بإغلاق المؤسسة نهائيا أو مؤقتا في الحالات وبالشروط المنصوص عليها في القانون.
فالمادة 99 من قانون الإعلام الجزائري أجازت للقاضي أن يأمر بإغلاق المؤسسة الإعلامية نهائيا أو مؤقتا دون أن تحدد هذه المدة و حسب وجهة نظرنا انه تبقى للقاضي السلطة التقديرية لتحديد هذه المدة كون أن مدة الغلق المؤقت غير محددة.
و نشير الى انه بموجب تعديل قانون العقوبات بالقانون رقم 06 /23 استحدثت المادة 16 مكرر01 التي نصت على انه " يترتب على عقوبة غلق المؤسسة منع المحكوم عليه من ان يمارس فيها النشاط الذي ارتكبت الجريمة بمناسبته أو يحكم بهذه العقوبة اما بصفة نهائية...أو لمدة لا تزيد عن خمس سنوات في حالة الإدانة لارتكاب جنحة "
و بالتالي فاذا حكم القاضي بغلق المؤسسة الإعلامية فانه يترتب على ذلك منع المحكوم عليهم من ممارسة نشاطهم كما انه بموجب هذا التعديل تم تحديد مدة الغلق فطبقا لهذه المادة فانه لا يجوز للقاضي ان يحكم بمدة تتجاوز خمس سنوات لارتكاب جنحة اهانة رئيس دولة أجنبية .
المطلب الثالث: قمع جريمة إهانة رئيس بعثة دولية أو أحد أعضائها
نص المشرع الجزائري على اجراءات المتابعة الجزائية و الجزاء المقرر لمرتكب جريمة اهانة رئيس بعثة دولية أو احد أعضائها في قانون 90/07 المتعلق بالإعلام .
الفرع الأول: المتابعة الجزائية
نتناول مسالة الطلب و التقادم والاختصاص ، ثم المتابعة الجزائية للمتدخلين في ارتكاب جريمة اهانة رئيس بعثة دولية أو احد أعضائها.
أولا-الطلــب:
لم يشترط المشرع الجزائري لا في المادة 98 من قانون 90/07 المتعلق بالإعلام، و لا في قانون الاجراءات الجزائية لمتابعة مرتكب جريمة إهانة رئيس بعثة دولية أو أحد أعضائها المعتمدين في الجزائر طلب من وزير العدل ، وبالتالي فان تحريك الدعوى العمومية يخضع لسلطة ملائمة النيابة العامة وحدها في اتخاذ الإجراء المناسب دون توقيف ذلك على طلب وزير العدل.
ثانيا- التقــادم:
لم تنص المادة 98 من قانون الإعلام الجزائري، ولا قانون الإجراءات الجزائية على مدة خاصة لتقادم جريمة إهانة رؤساء البعثات الدولية أو أحد أعضائها مثلها مثل جريمة إهانة رئيس دولة أجنبية .وباعتبار أنها جنحة فإنها تتقادم بمرور ثلاث سنوات كاملة طبقا للمادة 8 ق.ا.ج.
ثالثا- الاختصـاص:
تطبق القواعد العامة للاختصاص المحلي المنصوص عليها في ق.ا.ج على جريمة إهانة رؤساء البـعثات الدولـية أو أحد أعضائها المعتمدين في الجزائر المطبقة على جريمة إهانة رئيس الجمهوريـة أو رؤساء الدول الأجنبية السابق ذكرها.
وباعتبار ان جريمة اهانة رئيس بعثة دولية أو احد أعضائها يشكل جنحة فان المحكمة الناظرة في الجنح هي التي تختص بها طبقا للمادة 328 ق.ا.ج .
رابعا-المتابعة الجزائية للمتدخلين في ارتكاب جريمة اهانة رئيس بعثة دولية أو احد أعضاءها :
نطبق المواد 41 و42 من قانون الإعلام الجزائري إذ يتابع كل من المدير، والكاتب، والناشر، وإذا تعذر متابعتهم فإنه يتابع الطابع، الموزع، البائع، وملصق الإعلانات الحائطية، وذلك على سيبل التتابع طبقا للمادة 43 من قانون الإعلام الجزائري.
الفرع الثاني: الجـــــــــــــــــــزاء
قرر المشرع الجزائري عقوبات أصلية و تكميلية و كذا تدابير امن لجريمة اهانة رئيس بعثة دولية أو احد أعضائها
أولا:العقوبات الأصلية
تعاقب المادة 98 من قانون الإعلام الجزائري مرتكب جريمة إهانة رؤساء البعثات الدولية وأعضائها المعتمدين في الجزائر.
- بالحبس من عشرة أيام إلى سنة.
- و بغرامة مالية تتراوح من 3000 دج إلى 30.000 دج.
و لقد كان قانون 82/01 المتعلق بالإعلام قبل إلغاءه ينص في المادة 123 منه على معاقبة مرتكب جريمة اهانة رؤساء البعثات الدولية أو احد أعضائها بالحبس من عشرة أيام الى سنة و بغرامة من 300دج الى 1000دج أو بإحدى هاتين العقوبتين .
فنلاحظ ان المشرع الجزائري ترك عقوبة الحبس كما كانت الا انه رفع في قيمة الغرامة .
ثانيا: المصـادرة
بالإضافة إلى العقوبات الأصلية يمكن للقاضي طبقا للمادة 99 من قانون الإعلام الجزائري أن يأمر بالمصادرة الوسائل التي استعملت أو كانت ستستعمل في تنفيذ جريمة إهانة رؤساء الدول البعثات الدولية و يبقى للقاضي السلطة التقديرية في ان يأمر بالمصادرة ام لا باعتبار ان هذه الاخيرة تعتبر عقوبة تكميلية جوازية .
ثالثا: إغلاق المؤسسات الإعلامية
كما يجوز أيضا للقاضي أن يأمر بإغلاق المؤسسة الإعلامية مؤقتا أو نهائيا طبقا للمادة 99 من فانون الإعلام الجزائري ولكن بشرط ان لا يتجاوز خمس سنوات اذا قضى باغلاق المؤسسة اعلامية مؤقتا طبقا للمادة 16 مكرر 1 ق.ع .
المبحث الثاني: قمع جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية في القانون المقارن
إذا كان القانون الجزائري قد وضع قواعد مميزة سواء من حيث المتابعة الجزائية أو من حيث الجزاء فإننا نتساءل عن موقف التشريعات الجزائية المقارنة لاسيما التشريع المصري والفرنسي في قمع جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية.
المطلب الأول:قمع جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية في القانون المصري
وضع المشرع المصري نظام خاص للمتابعة الجزائية لمرتكب جريمة اهانة رؤساء الدول و البعثات الدولية وكذلك بالنسبة للجزاء.
الفرع الأول: المتابعة الجزائية
نظــم المــشرع المـصري إجـــراءات المتـابعة الجزائيـة فـــي قانــون الاجـراءات الــجـنائيــة .
اولا- الشكوى و الطلب:
بالنسبة لجريمة إهانة رئيس الجمهورية والمنصوص عليها في المادة 179 من قانون العقوبات المصري فانها لم تنص على اجراءات خاصة للمتابعة الجزائية ولم تقيد تحريك الدعوى العمومية بشكوى المجني عليه.
غير ان المادة 08 من قانون الإجراءات الجنائية المصري نصت على أنه "لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ إجراء فيها إلا بناء على طلب كتابي من وزير العدل في الجرائم المنصوص عليها في المادتين 181 و182 من قانون العقوبات وكذلك في الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون".
وهاتين الجريمتين المشار اليهما في المادة المذكورة هما جريمة العيب في حق ملك أو رئيس دولة أجنبية المعاقب عليها بالمادة 181 والعيب في حق ممثل لدولة أجنبية معتمد في مصر بسبب أمور تتعلق بأداء وظيفته المعاقب عليها بالمادة 182.
ويشترط في الطلب:
- أن يكون كتابي وليس شفوي.
- أن يتقدم من وزير العدل أو من ينوب عنه.
والحكمة المتوخاة من اشتراط طلب كتابي من وزير العدل في هاتين الجريمتين أنهما تمسان بالعلاقات بين مصر والدول الأجنبية.
ثانيا- تقادم الدعوى العمومية:
تخضع جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية إلى القاعدة العامة لجميع الجرائم والمنصوص عليها في نص المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية والتي تنص على "أن الدعوى الجنائية في مواد الجنايات تنقضي بمضي عشرة سنوات من يوم وقوع الجريمة وفي مواد الجنح بمضي ثلاثة سنوات وفي مواد المخالفات بمضي سنة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك".
ورغم أن الفقرة الثانية من هذه المادة تستثني بعض الجرائم الإعلامية من نطاق أحكام تقادم دعوى الجنائية(1) إلا أنها لم تشمل جريمة إهانة رئيس الجمهورية ولا جريمة العيب في حق الملك أو رئيس دولة أجنبية ولا حتى جريمة العيب في حق ممثل دولة أجنبية معتمد في مصر لذا فان تقادم هذه الجرائم يخضع للقواعد العامة للتقادم النصوص عليها في المادة 15 المذكورة أعلاه وباعتبار أن هذه الجرائم تشكل جنح فإنها تتقادم بمضي سنتين.
ثالثا- الاختصـــاص:
وضع المشرع المصري قواعد عامة لتنظيم الاختصاص في المسائل الجزائية مثله مثل المشرع الجزائري.
إلا انه وضع نظام خاص فيما يتعلق بالاختصاص النوعي، إذ خص محكمة الجنايات بالفصل في الجنايات والجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر عدا المضرة بأفراد الناس، إذ تنص المادة 216 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 353 لسنة 1952 على ما يلي:"تحكم محكمة الجنايات في كل فعل يعد بمقتضى القانون جناية وفي الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر عدا الجنح المضرة بأفراد الناس وغيرها من الجرائم الأخرى التي ينص القانون على اختصاصها بها"(2).
وبالتالي فإذا كانت الإهانة مرتكبة بواسطة الصحف وغيرها من وسائل النشر موجهة للمجني عليه بصفته فردا من أفراد الناس يكون الاختصاص لمحكمة الجنح والتي تسمى بالمحكمة الجزئية أما إذا كانت هذه الإهانة موجهة مثلا إلى رئيس الجمهورية فيكون الاختصاص لمحكمة الجنايات.
ويرى الدكتور محسن فؤاد فرج أن جعل الجنح التي تقع بواسطة الصحف وغيرها من وسائل النشر من اختصاص محاكم الجنايات يعد تأكيدا لضمان نزاهة الفصل في هذه النوعية من الجنح الهامة ولكن يرى البعض أن هذا يعد مساسا بحق المحكوم عليه في استـئناف الحـكم على أساس أن أحـكام محاكم الجنايات لا تخضع للاستئناف ، ومن ثم أعتبر هذا التعديل ماسا بحقوق الصحافيين والصحافة بوجه عام لأنه يفوت عليهم درجة هامة من درجات التقاضي(3).
أما بالنسبة للاختصاص المحلي ففي غياب نص خاص يحدد الاختصاص المحلي لجريمة إهانة رئيس الجمهورية المصري أو العيب في حق رئيس دولة أجنبية أو ممثلها، فإنها تخضع للقواعد العامة للاختصاص المحلي المنصوص عليها في المادة 218 من قانون الإجراءات الجنائية المصري "يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم به المتهم،أو الذي يقبض عليه فيه".
رابعا- المتابعة الجزائية في حالة ارتكاب جريمة الإهانة بواسطة المطبوعات
لقد بينت المادتين 195،196 من قانون العقوبات المصري أحكام المسؤولية الجزائية عن الجرائم التي ترتكب عن طريق الصحافة .
وقد أشارت المادة 195 ق.ع إلى المسئولين فيما يتعلق بالمطبوعات الدورية التي تصدر في مصر عن مصدر معلوم أما المسئولين عن المطبوعات الدورية التي تصدر في الخارج أو عن مصدر غير معلوم في مصر والمسئولين عن المطبوعات غير الدورية فقد تناولتهم المادة 196.
1-المؤلـف
لكي يتابع المؤلف يجب توفر شرطين:
- الشرط الأول: أن يكون هذا الشخص هو مصدر الكلام أو المعلومات أو الرسوم ولو لم يكن هو كاتبها أو مبتكرها غير أنه هو الذي قدمها لرئيس التحرير أو للناشر بحساب نفسه لا لحساب صاحبها الأصلي ولكن إذا قدمها هذا الأخير بتفويض منه كان هو المسئول عنها باعتباره مؤلفا.
- الشرط الثاني: أن يكون هذا الشخص قد قدم هذه المعلومات أو الرسم بنفسه أو بواسطة شخص آخر مفوض من طرفه إلى الجريدة فإذا حصل النشر بغير علمه أو بغير رضاه فلا يجوز مساءلته جزائيا.
2-رئيس التحرير:
يتابع رئيس التحرير سواء عرف المؤلف أو لم يعرف ولا يمكن له الدفع بعدم علمه بالنشر أو إثباته أنه كان غائبا وقت النشر.
ولقد ذهبت المحكمة العليا في مصر في قرارها المؤرخ في 17/11/1964 طعن رقم 482 أن "مسؤولية رئيس التحرير مسؤولية مفترضة مبناها صفته ووظيفته في الجريدة فهي تلازمه متى ثبت أنه يباشر عادة وبصورة عامة دوره في الإشراف ولو صادف أنه لم يشرف بالفعل على إصدار هذا العدد أو ذاك من أعداد الجريدة ولا يرفع هذا المسؤولية عن عاتقه أن يكون قد عهد ببعض اختصاصاته لشخص آخر ما دام قد استبقى لنفسه حق الإشراف عليها".
غير أن هناك حالتين يعفى فيهما رئيس التحرير
الحالة الأولى: في حالة ما إذا حصل النشر خلسة ولكن بشرط أن يثبت رئيس التحرير أن المقال قد نشر بدون علمه سواء كان ذلك بسبب عدم عرض المقال عليه أو نتيجة لعدم تنفيذ أمره بمنع نشره، وأن يقدم رئيس التحرير منذ بدأ التحقيق كل ما لديه من المعلومات والأوراق للمساعدة على معرفة المسؤول عما نشره.
الحالة الثانية: في حالة ما إذا رضخ رئيس التحرير لإكراه أدبي وهذه الحالة أخطر من الأولى كون أن رئيس التحرير قد أقدم على نشر المقال المعاقب عليه عن علم تحت تأثير الخوف من فقدان الوظيفة ويشترط لهذا الإعفاء أن يثبت رئيس التحرير أنه اضطر إلى النشر وأنه لو لم يقم به لعرض نفسه لخسارة وظيفته في الجريدة أو لضرر جسيم آخر، وأن يقدم رئيس التحرير أثناء التحقيق كل ما لديه من معلومات لإثبات مسؤولية مرتكب الجريمة والذي هو مصدر المقال أو الخبر أي المؤلف.
3-مالك الجريدة:
لم تشر المادة 195 ق.ع إليه لذلك فانه لا يسأل إلا إذا ثبت فعلا أنه ساهم في تأليف المقال أو الخبر المعاقب عليه أو في نشره غير أنه يسأل مدنيا مع محررها عما يقع بواسطتها مما يستوجب التعويض طبقا لمسئولية المتبوع عن أعمال تابعه.
4-الناشـــر:
فإذا كان الناشر هو كل من يهيمن على نشر مطبوع فانه يعتبر فاعل أصلي للجريمة بدون حاجة لإثبات علمه بما تضمنه المطبوع إذا قام مثلا بنشر كتاب ممنوع ما دام قد ثبت أنه هو الذي حقق هذا النشر بالفعل بما إستلزمه من طبع وإعلان ولصق وتوزيع.
ويعتبر الأشخاص المذكورين أساسين في الجرائم التي ترتكب بالمطبوعات ولكن يسأل الأشخاص الذين لهم دور ثانوي كالطابع مثلا.
5- الطابــع:
يعاقب الطابع بصفته فاعلا أصليا إذا لم يعرف مرتكب الجريمة أي إذا لم يعرف المؤلف أو رئيس التحرير أو الناشر سواء ثبت علمه بمضمون المطبوع أو لم يثبت لأن مسئوليته مادية افترضها القانون ولقد نصت على ذلك المادة 196 من قانون العقوبات المصري.
6- المستورد:
إذا كان المطبوع المتضمن للجريمة قد نشر في الخارج فانه طبقا للمادة 196 ق.ع يعاقب مستورده إلى مصر بصفته فاعلا أصليا وذلك على أساس أن المستورد هو الذي يباشر نشر هذا المطبوع في مصر وطبيعي أن يعتبر فاعلا أصليا للجريمة بغير حاجة لإثبات علمه بمضمون المطبوع.
7- القائمون بالترويج والتداول:
إن المادة 196 ق.ع تنص على عقاب البائعين والموزعين والملصقين في حالة ما إذا تعذر عقاب الطابع باعتباره فاعلا أصليا.ولكي يتحـمل البائع أو الموزع أو الملصق المـسئولية المفترضة لكونهم المروجون للمطبوع ينبغي ألا يتبين من الظــروف عدم استطاعته معرفة مضـــمون المطبوع(1)
الفرع الثاني: الجـــــــــزاء
نص المشرع المصري على الجزاء المقرر لجريمة اهانة رؤساء الدول و البعثات الدولية في قانون العقوبات
أولا: الجزاء المقرر لجريمة اهانة رئيس الجمهورية
1- العقوبات الأصلية:
تنص المادة 179 من قانون العقوبات المصري على ما يلي:"يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين كل من اهان رئيس الجمهورية بواسطة أحد الطرق المتقدم ذكرها"
يعتبر قانون العقوبات المصري جريمة اهانة رئيس الجمهورية جنحة وهي جريمة عمدية ورصد لها عقوبة الحبس مدة لا تزيد عن سنتين مع مراعاة حكم المادة 308 قانون عقوبات والمعدلة بالقانون رقم 112 لسنـة 1957 الـذي أدخـل في نطاق تطبيقها المـادة 179 قانون عقوبات والتي تنص:"إذا تضمن العيب أو الاهانة أو القـذف أو السـب الذي ارتكب بإحدى الطرق المبينة في المادة 181 طعنا في عرض الأفراد أو خدشا لسمعة العائلات يعاقب بالحبس والغرامة معا في الحدود المبينة في المواد179،181،182،303،306،307 "
هذه المادة تقرر حدودا خاصة فيما يتعلق بالعقوبة إذا ارتكبت الجريمة بطريق النشر في إحدى الجرائد أو المطبوعات وبالتالي فيجب ألا يقل الحبس عن ستة شهور إذا تضمن الاهانة الذي ارتكب طعنا في عرض الأفراد أو خدشا لسمعة العائلات(1).
ولقد كانت المادة 179 تعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهور، ولا تزيد على خمس سنين على العيب في حق الملك، وتعاقب بالحبس على العيب في حق الملكة أو ولي العهد أو أحد أوصياء العرش وأنه لما كانت هذه الأحكام تنطوي على عقوبات طابعها الشدة تميزا للأشخاص الذين يمثلون نظام الحكم الملكي وبرروا ذالك النظام وبإقامة الحكم الجمهوري في مصر وضع النص المقترح ليعاقب على إهانة رئيس الجمهورية بالحبس لمدة لا تزيد عن سنتين اتفاقا مع العقوبة المقررة بالمادة 181 من قانون العقوبات المصري إذا وقعت الإهانة في حق رئيس دولة أجنبية(2).
2- العقوبات التكميلية:
قد نصت المادة 200 من قانون العقوبات المصري:"إذا حكم على رئيس تحرير جريدة أو المحرر المسئول أو الناشر أو صاحب الجريدة في جناية ارتكبت بواسطة الجريدة المذكورة أو في جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادتين 179 و308 قضى الحكم بتعطيل الجريدة لمدة شهر بالنسبة للجرائد التي تصدر ثلاث مرات في الأسبوع أو أكثر ولمدة ثلاث أشهر بالنسبة للجرائد الأسبوعية ولمدة سنة في الأحوال الأخرى...".
يعتبر تعطيل الجريدة كعقوبة تكمــيلية وجوبية في حالة ما إذا حـكم على رئيس تحرير الجريدة أو المسؤول أو الناشر أو صاحب الجريدة في الجريمة محل الدراسة ومدة التعطيل:
- شهر بالنسبة للجرائد التي تصدر ثلاث مرات في الأسبوع أو أكثر.
- ثلاث أشهر بالنسبة للجرائد الأسبوعية.
- سنة بالنسبة للأحوال الأخرى أي بالنسبة للجرائد التي تصدر كل أكثر من أسبوع(1)، ونشير إلى أن المشرع المصري نص على مدة تعطيل الجريدة خلافا للمشرع الجزائري والذي لم يحدد مدة غلق المؤسسات الإعلامية.
ثانيا: الجزاء المقرر لجريمة العيب في حق ملك أو رئيس دولة أجنبية
تنص المادة 181 من قانون العقوبات المصري تنص على ما يلي: "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين كل من عاب بإحدى الطرق المتقدم ذكرها في حق ملك أو رئيس دولة أجنبية"
نلاحظ أن العقوبة تتطابق مع عقوبة إهانة رئيس الجمهورية الواردة في المادة 179 المتمثلة في الحبس الذي لا تزيد عن سنتين. ولكن إذا وقعت الجريمة بطريق النشر رفع الحد الأقصى للعقوبة المبينة في هذه المادة إلى ضعفها عملا بنص المادة 307 من قانون العقوبات ومع مراعاة حكم المادة 308 ق.ع التي سبق وأن تعرضنا اليها.
وتنص المادة 307 :"إذا ارتكبت جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المواد من 181 إلى 185. 303. 306 بطريق النشر في إحدى الجرائد أو المطبوعات رفعت الحدود الدنيا والقصوى لعقوبة الغرامة المبينة في المواد المذكورة إلى ضعفها...".
ثالثا: الجزاء المقرر لجريمة العيب في حق ممثل دولة أجنبية
تنص المادة 182 من قانون العقوبات المصري على مايلي :"يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة،وبغرامة لا تقل عن عشرين جنيها ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من عاب بإحدى الطرق المتقدم ذكرها في حق ممثل لدولة أجنبية معتمد في مصر بسبب أمور تتعلق بأداء وظيفته."
فنلاحظ ان العقوبة هي الحبس مدة لاتتجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن عشرين جنيها ولا تزيد عن خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ولكن إذا وقعت الجريمة بطريق النشر رفع الحدين الأدنى والأقصى لعقوبة الغرامة المبينة في هذه المادة إلى ضعفها طبقا للمادة 307 من قانون العقوبات، ومع مراعاة حكم المادة 308 من نفس القانون واللتين سبق التعرض لهما.
أي أنه إذا تضمن العيب طعنا في عرض الأفراد أو خدشا لسمعة العائلات تكون العقوبة الحبس والغرامة معا في الحدود المبينة في المادة 182 قانون العقوبات المصري.
وفي حالة نشر هذه الأمور في إحدى الجرائد أو المطبوعات أوجب القانون ألا تقل الغرامة عن نصف الحد الأقصى وألا يقل الحبس عن ستة شهور هذا ما نصت عليه المادة 308 من قانون العقوبات المصري(2).
المطلب الثاني: قمع جريمة اهانة رؤساء الدول و البعثات الدولية في القانون الفرنسي
وضع المشرع الفرنسي قواعد خاصة للمتابعة الجزائية لمرتكب جريمة اهانة رؤساء الدول و البعثات الدولية كما قرر لهذه الجرائم باعتبارها من جرائم الاعلام جزاء متميز .
الفرع الأول: المتابعة الجزائية
اولا-الشكوى او الطلب :
إذا كانت الاهانة المرتكبة ضد رئيس الجمهورية فان النيابة العامة تتابع مرتكب الجريمة من تلقاء نفسها ودون حاجة للطلب من جهة مختصة أو شكوى من رئيس الجمهورية(1).
غير ان المادة 48 من قانون 29/07/1881 المتضمن قانون الاعلام الفرنسي نصت على أن رفع الشكوى يكون من الأشخاص المؤهلين قانون لذلك، وفي حالة إهانة رئيس دولة أجنبية أو أعضاء بعثة دبلوماسية فالمتابعة لا تكون إلا بناءا على شكوى من المجني عليه أو طلبه الذي يوجهه إلى وزير الخارجية الذي يقوم بدوره بإرسالها إلى وزير العدل، وبالتالي فلا يمكن للنيابة العامة أن تحرك الدعوى العمومية إلا بناءا على شكوى المجني عليه كما أن سحب الشكوى يوقف المتابعة(2).
ثانيا- التقـــادم:
نصت المادة 65 من قانون الاعلام الفرنسي 29/07/1881، على أن تقادم الدعوى العمومية الناشئة عن جناية أو جنحة أو مخالفة منصوص عليها بهذا القانون –أي قانون الصحافة – تتقادم بمرور 3 أشهر ابتداء من يوم ارتكابها(3).
ثالثا- الاختصــاص:
لم يضع المشرع الفرنسي بالنسبة لجريمة اهانة رؤساء الدول والبعثات الدبلوماسية قواعد خاصة للاختصاص وبالتالي يطبق عليها القواعد العامة للاختصاص .
فبالنسبة للاختصاص النوعي فلقد كانت محاكم الجنايات تختص بنظر الجرائم المرتكبة عن طريق الصحافة في فرنسا لضمان حرية الرأي، ولكن الأمر الصادر في 06 ماي 1944 جعل من حق محاكم الجنح نظرها.
ويرى الدكتور عبد الرحيم صدقي أن السبب من وراء ذلك سياسي وهو الزج بالثوار من أصحاب الآراء الحرة في السجون، لأن نظام المحلفين ووجوده في محاكم الجنايات كان يؤدي دائما إلى تبرئة من يتهجم على الحكومة الموالية للاستعمار الفرنسي في فيشي(4).
وبالتالي فان محاكم الجنح هي المختصة للنظر في جرائم الاهانة في حق رؤساء الدول والبعثات الدولية ولو ارتكبت عن طريق الصحافة.
أما فيما يخص الاختصاص المحلي فان المشرع الفرنسي لم يضع لها قواعد خاصة لذا فانه تطبق عليه القواعد العامة المعروفة للاختصاص المحلي.
ولقد حاول الاجتهاد القضائي الفرنسي، وخاصة محكمة النقص الفرنسية إيجاد حلول لمشكلة الاختصاص المحلي إذا ارتكبت الجريمة بواسطة نشرية "لما كانت الجريمة المرتكبة عن طريق النشرية تتجسد أساسا في واقعة النشر فإنها تعد مرتكبة في دائرة كل محكمة يتم نشر كتابة فيها لان النشر هو الذي يشكل الجريمة"(1).
رابعا- الحالة الخاصة بارتكاب جريمة الاهانة عن طريق الصحافة المكتوبة
أخذ المشرع الفرنسي وجميع التشريعات التي أخذت منه كقانون الإعلام الجزائري كما سبق وأن ذكرنا بنظرية المسؤولية المبنية على التتابع .
ويعتبر قانون الاعلام الفرنسي الصادر في 26 يوليو 1881 المدير أول المسئولين بالنسبة للنشرات الدورية فيعد مسؤولا جزائيا عن جرائم النشر التي تقترف بواسطتها، ويعتبر مسؤولا دائما سواء كان حسن النية أو سيئها، وسواء وقع على الصحيفة أو المقال أو لم يوقع ولا يسأل إلا إذا اثبت أنه نتيجة لقوة قاهرة لم يتمكن من الاطلاع على المقال موضوع الجريدة ومنع نشره.
وبصدور الأمر 26 أغسطس 1944 المتعلق بتنظيم الصحافة الفرنسية تم استبدال كلمة مديرGERANT بعبارة مدير النشرDerecteur de publication وعلى هذا الأساس يعتبر مالك الجريدة أو المالك لمعظم رأسمالها أو رئيس مجلس إدارة الشركة التي تملكها أو رئيس الهيئة أو الجمعية التي تملكها فيعتبر بحكم القانون – مديرا للنشر – وبالتالي فمالك الجريدة يعتبر مسئولا جنائيا عما ينشر فيها مما يعاقب عليه القانون.
ولقد أكدت المادة 42 من قانون الاعلام الفرنسي لسنة 1881 على ضرورة مسائلة مدير النشرية والكاتب باعتبار أن المدير يعد مسئولا باعتباره المراقب والمفتش(2).
ولقد نظمت المادتين 42 و43 آلية المسؤولية التتابعية والملاحظ أن المادة 42 حددت بدقة مرتبة الأشخاص المتدخلين، فيسأل الطابع باعتباره فاعلا أصليا عند عدم وجود الكاتب أو المدير(3).
أما البائعون والموزعون والمعلنون فأنهم يسألون باعتبارهم فاعلين عند عدم وجود المدير أو الكاتب أو الطابع مسؤولية لا تدفع إلا بان يقيموا الدليل على حسن نيتهم.
الفرع الثاني: الجـــــزاء
نص المشرع الفرنسي على العقوبات المقررة لجريمة اهانة رؤساء الدول و البعثات الدولية في قانون 29/07 1881 المتعلق بالاعلام.
أولا: الجزاء المقرر لجريمة اهانة رئيس الجمهورية
تعاقب المادة 26 من قانون الاعلام الفرنسي على جريمة اهانة رئيس الجمهورية إذا ارتكبت بواسطة وسيلة من الوسائل المنصوص عليها في المادة 23 بالحبس لمدة عام وغرامة 300000 فرنك أو بواحدة من هذه العقوبات.
ونصت الفقرة الثانية على أن العقوبات المعروضة في الفقرة السابقة تطبق على الاهانة الموجهة للشخص الذي يمارس كل أو بعض امتيازات رئيس الجمهورية.
ونشير إلى أن قانون الاعلام الفرنسي قد نص على إيقاف الجريدة كعقوبة تكميلية، وذلك في المادة 62 منه، إذ يجوز للقاضي أن يأمر بوقف الجريدة لمدة لا تتجاوز 3 أشهر لكن في جرائم صحفية محددة نصت عليها المواد 23،24 ،27 وبذلك لم ينص على إيقاف الجريدة في حالة ارتكاب جريمة اهانة رئيس الجمهورية، أو رئيس دولة أجنبية، أو رؤساء البعثات الدولية.
ثانيا: الجزاء المقرر لجريمة اهانة رؤساء الدول الأجنبية
وردت جريمة الاهانة لرئيس دولة أجنبية في قانون الاعلام الفرنسي في المادة 36 من قانون 29 يوليو 1881 والتي نصت على ما يلي: "تعاقب الاهانة المرتكبة علنا لرؤساء الدول الأجنبية ورؤساء الحكومات الأجنبية ووزراء خارجية إحدى الحكومات الأجنبية بالحبس مدة سنة وبغرامة قدرها 300000 فرنك، أو بإحدى هاتين العقوبتين".
ثم جاء قانون 15 يونيو 2000 والخاص بقرينة البراءة وحقوق المتهمين ليعدل من هذا النص بإلغاء عقوبة الحبس كالآتي: "تعاقب الاهانة المرتكبة علنا لرؤساء الدول الأجنبية ورؤساء الحكومات الأجنبية ووزراء خارجية إحدى الحكومات الأجنبية بغرامة قدرها 45000 أورو "(1).
و بالتالي نلاحظ انه قد تم الغاء عقوبة الحبس بموجب هذا القانون .
ثالثا: الجزاء المقرر لجريمة اهانة البعثات الدولية
تنص المادة 37 من قانون 26 يوليو 1881 على ما يلي: " الاهانة المرتكبة علنا للسفراء، والوزراء المفوضين، المبعوثين أو القائمين بالأعمال أو المعتمدين السياسيين المعتمدين من قبل الحكومة الجمهورية يعاقب عليها بعام حبس أو غرامة 300000 فرنك، أو بإحدى هاتين العقوبتين"(2).
و نلاحظ ان المشرع الفرنسي نص على عقوبة الغرامة و الحبس و هي نفس العقوبة التي قررها المشرع المصري و الجزائري، غير ان هناك بعض التشريعات وضعت عقوبات اخرى كقانون العقوبات السويدي الصادر سنة 1864 الذي قرر عقوبة الاشغال الشاقة لمدة سنتين، كما انه حدث ان حكم في السويد سنة 1728 بالاعدام على شخص لمجرد انه اهان لويس الخامس عشر(3).
ونشير إلى أن مصادرة الكتابات المسيئة أو المهينة مسموح بها طبقا للمادة 51،52،61 من قانون 1881 المعدل بالأمر 13 سبتمبر 1945.
الخـاتمــة:
بهذا يكون بحثنا الذي عالجنا فيه جريمة اهانة رؤساء الدول و البعثات الدولية قد إنتهى، وخلاصة قولنا نفضل أن تكون عبارة عن مجموعة نقاط مختلف فيها بين القانون الجزائري و القانون الفرنسي و المصري فيما يتعلق بهذه الجرائم.
فلقد سبق وأن رأينا أن هذه الجرائم المتميزة قد تناولتها أغلب التشريعات كالمشرع الفرنسي الذي نظم هذه الجرائم في قانون 29 جويلية 1881 المتعلق بالإعلام، و المشرع المصري الذي نص عليها في قانون العقوبات.
أما المشرع الجزائري فقد نص على جريمة إهانة رؤساء الدول الأجنبية و رؤسـاء البـعثات الدولـية و أعضائها في قانون 90/07 المتعلق بالإعلام وبالنسبة لجريمة إهانة رئيس الجمهورية فلقد كان محمي من الإهانة بموجب المادة 97 من قانون الإعلام والتي تعاقب على إهانة رؤساء الدول بصفة عامة سواء كان رئيس الجمهورية أو رئيس دولة أجنبية، في حالة ما إذا ارتكبت الجريمة بإحدى الوسائل الإعلامية، كما أن نص المادة 144 من قانون العقوبات يحمي رئيس الجمهورية من الإهانة بصفته قاضيا حسب ما استقر عليه القضاء الفرنسي بان مفهوم القاضي يشمل رئيس الجمهورية، ورأينا انه بموجب قانون 01/09 المؤرخ في 26 يونيو 2001 المعدل والمتمم لقانون العقوبات تم استحداث المادتين 144 مكرر، و144 مكرر واللتان تعاقبان على إهانة رئيس الجمهورية.
وبهذا فإن المشرع الجزائري لم يتبع خطة معينة بالنسبة لهذه الجرائم، وحسب وجهة نظرنا فان هذه الجرائم مكانها هو قانون العقوبات، ذلك أن هذه الجرائم لا ترتكب فقط بالوسائل الإعلامية أو في مجالها ولكن قد ترتكب خارجها سواء بالفعل أو القول أو الكلام .
كما أن المشرع الجزائري أشار لأول مرة إلى الوسائل الإلكترونية والمعلوماتية التي قد ترتكب بها جريمة اهانة رئيس الجمهورية في المادة 144 مكرر ق.ع وهذا ما لم نلاحظه في القانون المصري والفرنسي.
ونشير إلى أن المشرع الفرنسي قد وسع مجال حماية رؤساء الدول من الأهانة مقارنة مع القانون المصري والقانون الجزائري فبالنسبة لجريمة إهانة رئيس الجمهورية مدد المشرع الفرنسي الحماية إلى الشخص الذي يمارس كـل أو بعـض امـتيازات رئيس الجـمهورية كرئيـس الحكومة المؤقتة خـلافا للمشرع المصري و الجزائري اللذان قصرا الحماية على رئيس الجمهورية.
كذلك الحال بالنسبة لجريمة إهانة رئيس دولة أجنبية فإنه وسع الحماية إلى رؤساء الحكومة و وزراء الخارجية ،غير أن المشرع الجزائري كان يحمي أعضاء الحكومة الأجنبية بموجب المادة 122 من قــانون 82/01 المتعلق بالإعلام الملغى، إلا أنه لم ينص على ذلك في المادة 97 من قانون الإعلام 90/07 المعمول به حاليا.
أما المشرع المصري وسع الحماية بالنسبة للبعثات الدولية وأعضاءها إذ نص في المادة 182 من قانون العقوبات المصري على معاقبة كل من يهين ممثل دولة أجنبية لتشمل بهذه الحماية القناصلة وحتى المستشارين في أي مجال.
كما ان العلانية لا تعتبر شرطا لقيام جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية في القانون الجزائري،وبالتالي فإنه يعاقب على الإهانة سواء ارتكبت في علانية أو غير علانية خلافا للقانون المصري والفرنسي اللذان يشترطان العلانية لقيام هذه الجريمة.
إذا كان كل من المشرع الجزائري والمصري والفرنسي يتفقون حول أن الجرائم محل دراستنا يشترط لقيامها توافر القصد العام بإعتبارها جرائم عمدية إلا أننا تسألنا حول وجوب القصد الجنائي الخاص، فتبين لنا أن القضاء المصري إستقر على أن القصد العام وحده كافي لقيام هذه الجرائم. لكن من خلال ما قضى به القضاء الفرنسي لاحظنا انه اشترط في كل مرة لقيام جريمة إهانة رؤساء الدول والبعثات الدولية توافر القصد الجنائي الخاص.
أما المشرع الجزائري الذي لم ينص صراحة على القصد الجنائي الخاص ، إلا أنه حسب وجهة نظرنا أن علم المتهم بصفة المجني عليه لا يكفي لقيام القصد الجنائي ، وإنما يستلزم نية المساس بشرف وإعتبار المجني عليه، ذلك لأن لكل إنسان الـحق في التعبير طبقا للدستور ولكن بشرط عـدم الإضرار أو المساس بشرف وإعتبار المجني عليه.
ولقد خرج المشرع الجزائري عما هو معمول به في التشريعات المقارنة فيما يتعلق بمسألة الطلب، فلم يقيد تحريك الدعوى العمومية بطلب من وزير العدل في حالة ارتكاب جريمة إهانة رئيس دولة أجـنبية أو رئيس بعثة دولية أو أحد أعضاءها، خلافا للمشرع الفرنسي و المشرع المصري اللذان اشترطا لتحريك الدعوى العمومية طلب من وزير العدل نظرا لأن هذه الجرائم تمس العلاقات بين الدولة والدول الأجنبية حتى يترك تقدير المصلحة في تحريكها أو عدم تحريكها إلى وزير العدل الذي يعتبر أدرى بما تقتضيه المصلحة.
كما أن المشرع الجزائري لم يحدد مدة خاصة لتقادم الدعوى العمومية مثله مثل المشرع المصري غير أن المشرع الفرنسي حدد مدة التقادم بثلاثة أشهر.
وإن المادة 42 من قانون الإعلام الجزائري90/07 لم تعاقب المستورد و إكتفت بذكر كل من البائع والموزع والطابع وملصق الإعلانات، خلافا للمشرع المصري الذي عاقب المستورد بصفته فاعل أصلي لأنه هو الذي يباشر نشر هذا المطبوع في مصر، كما أن المشرع المصري أعفى رئيس التحرير من المسؤولية في حالتين وذلك إذا ما حصل النشر خلسة، وفي حالة ما إذا رضخ رئيس التحرير الاكراه أدبي، غير أن المشرع الجزائري لم يعفى رئيس التحرير واعتبره مسؤولا في كل الحالات بناءا على المسؤولية المفترضة.
ولقد نصت المادة 144 مكرر 1 ق.ع على متابعة المسؤولين عن النشرية وحتى النشرية ذاتها في حالة مااذا كانت هذه الأخيرة هي الوسيلة التي ارتكبت بها الجريمة، وشددت في عقوبة الغرامة وهو ما يراه بعض الصحفيين إجحافا في حقهم و انه فيه مساس بحرية التعبير والإعلام، ولكن سبق وأن وضحنا أن جريمة إهانة رؤساء الدول بصفة عامة، ورئيس الجمهورية بصفة خاصة وجريمة إهانة رؤساء البعثات الدولية تستوجب التشديد لان الأمريتعلق بكرامة هذه الشخصيات الهامة والمركز الذي تحتله، وأن اهانة إحدى هذه الشخصيات ينال من هيبة الدولة وسيادتها ، فما على القاضي إلا مراقبة مدى توافر نية أو قصد الصحفي للمساس بشرفهم و إعتبارهم، مع الإشارة إلى أن القانون الفرنسي عدل المادة 36 من قانون 29 يونيو 1881 بقانون 15 يونيو 2000 الخاص بقرينة البراءة وحقوق المتهمين وبموجب هذا القانون ألغى عقوبة الحبس وأبقى على عقوبة الغرامة فقط.
وأخيـرا أرجـوا أن أكـون قـد وفقـت فـي إضافـة لبـنة تسـدي نفعـا للمكتبـة القانونيـة الـجزائريــة.
المـــــــراجــــــع:
أولا: القوانيــــــن
- دستــور 1989 المعدل بموجب استفتاء 28 نوفمبر 1996.
- القانون رقم 82/01 المؤرخ في 12 ربيع الثاني 1402 الموافق لـ 06 فبراير سنة 1982 المتضمن قانون الإعلام .
- القانون رقـم 90 – 07 المؤرخ في 18 رمضان عام 1410 الموافق لـ 03 أبريل سنة 1990 المتعلق بالإعـلام.
- الأمـر رقـم 66 – 155 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق لـ 08 يونيو سنة 1966 المتضمن قانـون العقـوبات المعـدل والمتمـــم بالقانون رقم 06 / 23 المؤرخ في 29 ذي القعدة عام 1427 الموافق ل 20 ديسمبر 2006 .
- الأمـر رقـم 66 – 156 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق لـ 08 يونيو سنة 1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية، المعدل والمتمم بالقانون رقم 06 / 22 المؤرخ في 29 ذي القعدة عام 1427 الموافق ل 20 ديسمبر 2006 .
ثانيا: المؤلفات
* المؤلفات باللغـــة العربيـــــــة
- الدكتور أبو الهيف على صادق ، القانون الدبلوماسي، منشأة المعارف الإسكندرية.
- الدكتور بوسقيعة أحسن ، الوجيز في القانون الجنائي الخاص، الجزء الأول، دار هومة، الجزائـر 2002.
- الدكتور بوسقيعة أحسن ، الوجيز في القانون الجزائي العام،الطبعة الثالثة، دار هومة للطباعة والنشر2006.
- الدكتور بيومي حجازي عبد الفتاح ،الأحداث والانترنت،دار الفكر الجامعي الاسكندرية،2004
- بغدادي جيلالي، الإجتهاد القضائي في المواد الجزائية، الجزء الأول، المؤسسة الوطنية للإتصال والنشر والإشهار وحدة الطباعة بالرويبة الجزائر 1996.
- جندي عبد الملك، الموسوعة الجنائية، الجزء الثاني، دار العلم للجميع بيروت ، الطبعة الثانية 1932.
- الدكتور جذوب محمد ، القانون الدولي العام، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الخامسة 2004.
- الدكتور الخشن محمد عبد المطلب ، الوضع القانوني لرئيس الدولة في القانون الدولي العام، دار الجامعة الجديدة للنشر، الأسكندارية2005.
- الرومي محمد أمين ، جرائم الكمبيوتر والأنترنت، دار المطبوعات الجامعية 2003.
- زغبي فريد ، الموسوعة الجزائية،دار صادربيروت.1995
- الدكتور سرور طارق ، جرائم النشر والإعلام، دار النهضة العربية، القاهرة 2004.
- الدكتور سند حسن سعد ، الوجيز في الجرائم الصحافة والنشر، دار الفكر الجامعي 2002.
- الدكتور شواربي عبد الحميد ، جرائم الصحافة والنشر، منشأة المعارف الإسكندرية1997.
- الدكتور شواربي عبد الحميد ، جرائم الصحافة والنشر، منشأة المعارف الإسكندرية2004.
- الدكتور شواربي عبد الحميد، التعليق الموضوعي على قانون الإجراءات الجزائية، الكتاب الثاني، منشأة المعارف الإسكندرية2003.
- شوابكة محمد أمين أحمد ، جرائم الحاسوب والأنترنت، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان 2004.
- الدكـتور صـدقي عبد الرحيم ، جرائم الإعـلام والرأي في تـشريعات الإعلام وقانوني العقوبـات، والإجراءات الجنائية، مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي 1987.
- الدكتور فرج محسن فؤاد ، جرائم الفكر والرأي والنشر، الطبعة الثانية، دار الفكر العربي، 1993.
- قارة أمـال، الحماية الجزائية للمعلوماتية في التشريع الجزائري، الطبعة الأولى دار هومة الجزائـر2006.
- الدكتور مرصفاوي حسن صادق ،المرصفاوي في قانون العقوبات تشريعا وقضاءا في مائة عام ،الطبعة الثانية ،منشأة المعارف بالأسكندرية،1994.
* المؤلفات باللغـــة الفرنسيــــــة
- RIPERT Georges. vergé Emmanuel, Nouveau répertoire de droit, Dalloz 1949
- Yves Mayaud, code pénal, nouveau code pénal Ancien code pénal .Dalloz, 1994- 1995.
- Michèle laure Rassat, Droit pénal spécial page 424 édition Dalloz 1997.
- Juris classeur pénal. commentaires fascicule 80 Paris 1996.
ثالثا: المجلات القضائية:
- المجلة القضائية 1990 الصادرة عن قسم الوثائق بالمحكمة العليا، العدد الثالث.
- المجلة القضائية 2002، الاجتهاد القضائي فيالجنح والمخالفات، الصادرة عن قسم الوثائق بالمحكمة العليا، عدد خاص الجزء الأول.
مـلحــــــــــــــق رقم: 01
ملف رقم 125.53 قرار بتاريخ 17/01/1989.
قضية: (م ص) ضـد: (ن ع).
إهانة_ إدانة_ دون إبراز الكلمات الجارية. _ دون تبيان الإشارات التي تعد إهانة_ اسأة في تطبيق القانون.
(المادة 144 من ق ع)
من المقرر قانونا أنه لإثبات جريمة الإهانة لا بد من تبيان نوعية ونموذج الكلمات الجارية الماسة بكرامة وشرف المتعدى عليه أو نوعية الإشارات العصبية المرفقة بالأقوال التي يمكن أن تعد إهانة ومن ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد تطبيقاً سيئاً للقانون.
لما كان قضاة الموضوع _ في قضية الحال _ أدانوا الطاعن بجريمة الإهانة والشتم طبقا للمادة 144 من قانون العقوبات، دون أن يبينوا نوعية الكلمات الجارية أو نوعية الإشارات التي يمكن أن تعد إهانة، فإنهم بقضائهم كما فعلوا أساؤا تطبيق القانون.
ومتى كان كذلك استوجب نقص وإبطال القرار المطعون فيه.
إن المجلـس الأعــلـى
بعد الاستماع إلى المستشار موساوي عبد القادر في تلاوة تقريره وإلى المدعي العام بوفامة عبد القادر في طلباته الرامية إلى الرفض.
فصلاً في الطعن بالنقص المقدم بتاريخ 22/06/1986 من المسمى (م ص) القرار الصادر من مجلس قضاء سطيف (الغرفة الجنائية) في 22 جوان 1986 الذي حكم بتأييده مبدئياً الحكم المتخذ من محكمة الجنح لمدينة سطيف المؤرخ في 27 جوان 1986 الذي حكم على المدعي المتهم الملاحق جنائياً لارتكابه جريمة الإهانة والشتم.
الواقعتان المعاقب عليها بنص المادتين رقم 144 _ و247 من قانون العقوبات وإصدار في شأنه عقوبة ثلاثة (03) أشهر حبسا مع إيقاف التنفيذ وأداء مبلغ ألفي دينار(2000 دج) غرامة أما القرار المطعون فيه فاحتفظ في حق المتهم بعقوبة السجن فقط.
حيث أن الرسم القضائي مسدد والطعن يستوفي الشروط القانونية فهو مقبول شكلاً وتأييداً للطعن قدم نيابة وبإسم المدعي المذكور وكليه الأستاذ هيشور مذكرة تتضمن وجهين:
الوجهان المقترنان: المأخوذ الأول منهما من خرق وأساؤا تطبيق القانون لأن عناصر جريمة الإهانة غير متوفرة وأقوال المدعي في الطعن لا تشكل إهانة.
أما الثاني: المأخوذ من انعدام وقصور الأسباب لعدم ذكر القرار المطعون فيه نموذج من هذه الأقوال المكونة تعابيرها للإهانة.
حيث أسس مجلس قضاء سطيف تقريره العقوبة ضد المدعي في الطعن لكون هذا الأخير وجه لرئيس المجلس الشعبي البلدي الخطاب التالـي: تركنهم يتصرفون فيكم وأردف مجلس القضاء المذكور في الشأن أن هذه الأقوال كانت مرفقة بإشارات غير لائقة.
حيث لا يورد القرار المطعون فيه نوعية ونموذج، الكلمات الجارية الماسة بكرامة وشرف السلطة المتمثلة في مقام المشتكي كرئيس للمجلس الشعبي البلدي ومن جهة أخرى لا يبين القرار المطعون فيه نوعية
الإشارات العصبية المرفقة بالأقوال المنسوبة للمدعي في الطعن أنه تلفظ بها والتي يمكن أن تعد إهانة وعليه فهذان الوجهان مؤسسان مما يترتب عليه نقض وإبطال القرار المطعون فيه.
لهــــذه الأسبـاب
قرار المجلس الأعلى مايلي: قبول الطعن لصحته شكلا والتصريح بتأسيسه موضوعا ونقض وإبطال القرار المطعون فيه الصادر من مجلس قضاء سطيف بتاريخ 22 جوان 1986.
إحالة القضية والأطراف أمام نفس مجلس القضاء المذكور للفصل من جديد وفقا القانون، ترك المصاريف على ذمة الخزينة العامة.
بهذا صدر القرار بالتاريخ المذكور أعلاه من طرف الغرفة الجنائية الثانية القسم الأول للمجلس الأعلى المتركبة من السادة:
مـــراد بن طبـــاق: الرئيــس.
مـوسـاوي عبد القـادر: المستشـار المقـرر.
حســـان السعـيــد: المستشـار.
وبحضور السيـد/ بوفامة عبد القادر المحامي العام وبمساعدة السيد شرابي أحمد كاتب الضبط.
مـلحــــــــــــــق رقم: 02
ملف رقم 187527 قرار بتاريخ 26/04/2000.
قضـية (ب_ ع/ ح _ ج) ضــد (وزارة الصحة والسكن _ النيابة العامة)
الموضـوع: جريمة الإهانة _ إدانة _ عدم تبيان عناصر التهمة_ عدم مناقشة الأقوال التي تعد إهانة _ قصور التعليل _ نقض وإحالة.
المرجــع: المـادة 144 قانون العقوبات.
المبـــدأ: إن القضاء بإدانة المتهمين بجريمة الإهانة دون تبيان عناصرها ومناقشة الأقوال التي تعد إهانة يعد قصوراً في التعليل وتطبيقاً سيئاً للقانون.
إن المحكمة العلـيا
فصلا في الطعن بالنقص الذي رفعه المتهمان (ب _ ع)و(ح _ ج) بواسطة محاميهما يوم 21/01/1997 ضد القرار الصادر عن مجلس قضاء الجزائر العاصمة بتاريخ 20/01/1997 والذي قضي بتأبيد الحكم المستأنف في جميع مقتضياته، هذا الحكم الذي أدان المتهم (ح _ ج) بعد إعادة التكيـيف طبقا للمادة 144 من قانون العقوبات بغرامة نافذة قدرها خمسة آلاف دينار (5000 دج)، و(ب _ ع) بغرامة قدرها 2000 دج مع وقف التنفيذ وذلك طبقا للمادتين 41 و144 من قانون العقوبات والمادة 43 من قانون الإعلام، مع إلزام المحكوم عليهما بدفعهما معا مبلغ عشرة آلاف دينار (10.000 دج) تعويضا عن كافة الأضرار للطرف المدني.
حيث أودع الطاعنان عريضة في الطعن بواسطة الأستاذ محمد بورايو المحامي المعتمد لدى المحكمة العليا أثار فيها أربعة أوجهة للنقض.
عن أوجه الطعـن:
الوجه الأول: المأخوذ من مخالفة أحكام المادة 500/4 من قانون الإجراءات الجزائية والمتضمنة الانعدام والقصور والتناقض في الأسباب.
الوجه الثـاني: عدم تسبيب عناصر التهمة والمؤدي وحده للنقض.
ومفاد ذلك أن قضاة الموضوع لم يسببوا على الإطلاق عناصر التهمة المنسوبة إلى المتهمين المتمثلة في جريمة الإهانة، إذا اكتفوا بعبارة ((أن الوقائع ثابتة)) ضد المتهمين، ذلك أن القانون والاجتهاد القضائي إستقر على إلزامية تحديد العبارات أو الإدعاءات أو التصرفات الماسة بكرامة وشرف المعتدى عليه، أو نوعية الإشارات المرفقة بالأقوال التي يمكن أن تعد إهانة ((قرار المحكمة العليا بتاريخ 17/01/1989، ملف رقم 153125، المجلة القضائية لسنة 1990، العدد الثالث)) وبذلك فإن تحديد وضبط هذه العبارات الإدعاءات والتصرفات هو أمر ضروري لتمكن ممارسة رقابة المحكمة العليا على الأسباب المعتمد عليها من قبل قضاة الموضوع عند إثبات جريمة الإهانة، واعتبارا أنهم لم يفعلوا فإن قرارهم مشوب بالقصور في التسبيب وهو ما يؤدي إلى نقضه وإبطاله.
حيث أنه بالفعل يتضح من قراءة القرار المطعون فيه أنه قد جاء غير معلل وغير مسبب بما فيه الكفاية، فهو قد اعتمد على الحيثية التالية لإدانة الطاعنين: ((وحيث أنه تبين للمجلس من خلال دراسة الملف والمناقشة التي دارت بالجلسة وبعد المداولة بأن الوقائع ثابتة ضد المتهمين)) فهو لم يبين عناصر التهمة المتمثلة في الإهانة والمشاركة طبقا للمادتين 41 و144 من قانون العقوبات والمادة 43 من قانون الأعلام، ولم يناقشها بتبيانه لنوعية الكلمات الجارحة، الماسة بكرامة وشرف المعتدى عليه، أو نوعية الإشارات المرفقة بالأقوال التي يمكن أن تعد إهانة، وهو ما يجعل بالتالي أن ما ينعاه الطاعنان على القرار المطعون فيه في هذا الوجه الثاني كان صائباً وموفقاً، ويتجلى ذلك في القصور الواضح في التعليل والتسبيب، وقضاة الموضوع بتصرفهم هذا يكونوا لم يوفقوا فيما ذهبوا إليه، ولم يطبقوا القانون تطبيقاً سليماً بعدم تعليلهم وتسبيبهم لقرارهم تسبيباً كافياً، وهو ما يعرضه للنقض والبطلان، وهذا الوجه وحده كاف لذلك وبدون حاجة لمناقشة بقية الأوجـه.
لهـذه الأسباب
تقضــي المحكمة العلـيا بالنقض والإحالــة
مـلحــــــــــــــق رقم: 03
جريمة إهانة رئيس دولة أجنبية وفقا للقضاء الفرنسي.
أولا: الوقائع
ارتأت لجنة المجموعات الأوروبية عندما تقدمت إحدى الدول بأوراق ترشيحها للإتحاد الأوروبي أن تحصل على معلومات وافية عن مسألة إنتاج تلك الدولة للقنب، والإجراءات التي اتخذتها لاستئصالهـا، وذلك من أجل تقدير ترشيح تلك الدولة.
فدعا السكرتير العام للجنة مرصد المخدرات الجغرافي السياسي لإجراء دراسة عن إنتاج وتجارة المخدرات في هذه الدولة.
وفي شهر فبراير 1994 قدم مرصد المخدرات الجغرافي السياسي تقريره للجنة المجموعات الأوروبية، وذكر في التقرير أسماء الأشخاص المتورطين في تجارة المخدرات في هذه الدولة.
وطلبت اللجنة من مرصد المخدرات الجغرافي السياسي نسخة جديدة من التقرير محذوفا منه أسماء تجار المخدرات، ونشرت هذه النسخة مع التقرير الأصلي في مؤلف "مخدرات الدول Drogues des états" والذي نشره مرصد المخدرات الجغرافي السياسي في عدده الصادر بتاريخ 25 ماي 1994، والذي خصص فيه فصل كامل لهذا البلد.
أما النسخة الأصلية بقيت سرّية لمدة من الزمن إلى أن بدأت في التداول، ويتكون هذا التقرير في نسخته الأصلية من تسعة فصول عنوانها على التوالي:
1- القنب في ...(اسم الدولة) في مضمونة التاريخي.
2- الانعكاسات الاجتماعية و الاقتصادية ومناطق الإنتاج.
3- امتداد المساحات المزروعة.
4- المغرب أول مصدر عالمي للحشيش.
5- سبـل التجـارة.
6- الشبكــــات.
7- ظهـور مخدرات صلبـة
8- مـآل المخدرات.
9- الحرب ضد المخدرات.
وفي الأربعة الفصول الأولى قيل أنّه خلال عشر سنوات قد تضاعفت أرض الجدود المخصصة لزراعة القنب عشرة أضعاف، وأن أهمية الإنتاج كانت إلى يومنا هذا تجعل من الدولة المطالب الحقيقي للقنب المصدر العالمي الأول للحشيش.
وفي العدد الصادر بتاريخ 03 نوفمبر 1995 عرضت جريدة وهي إحدى الصحف الكبرى هذا التقرير ومقالا منشورا، وقد ظهر المقال في الصفحة الأولى تحت عنوان:
"المـــصـــــدر العالــــمي الأول للـــحشـــــــــيش"
وتحت عنوان فرعي:
"تــــــقرير ســـري يقحــــم حاشــــية...(اسم رئيســـها)"
والمقال كان في حوالي ثلاثين سطرا كان يلخص نصوص تقرير مرصـد المخدرات الجغرافي السياسي.
وفي الصفحة الثانية نشر مقال أكثر توسعا تحت عنوان:
"تـــقرير ســـــري يقحـــم السلـــطة... في تجــــارة الحشـــيش".
وتحت عنوان فرعي:
"طبقا لهذا المستند الذي طلبه الإتحاد الأوروبي من مرصد المخدرات الجغرافي السياسي كان... (اسم الدولة) هو المصدر العالمي الأول والمورد الأول للسوق الأوروبيـة".
وأشار المقال إلى مسؤولية سلطات هذه الدولة المباشرة في هذا النشاط المربح، وكان هذا المقال مختصرا في مقال افتتاحي نصه كالآتي:
"المخدرات – في تقرري سري سلّم في 1994 إلى الإتحـاد الأوروبي"
وقد حصلت الجريدة على نسخة منه والذي ذكر فيها مصدر المخدرات الجغرافي السياسي أن هذه الدولة أصبحت من خلال بضع سنوات المصدر الأول للحشيش والمورد الأول للسوق الأوروبية، وذكر صاحب المقال أن هذه الدراسة تشكك في نوايا سلطة الدولة المذكورة في وضع حد لهذه التجارة، بالرغم من حرب المخدرات التي أطلقتها في خريف 1992 وجاء بالمقال أن الرشوة تضمن لشبكة التجار دعم وحمايـة.
وبعد نشر هذا المقال أرسل رئيس الدولة... في خطابه المؤرخ 23 نوفمبر 1995 إلى وزير الخارجية الفرنسي طلبا رسميا لاتخاذ الإجراءات الجنائية ضد الجريدة، وقد أرسل وزير الخارجية الطلب إلى مستشار وزير العدل الذي رفع الأمر بدوره إلى نيابة باريس طبقا لأحكام المادة 48 فقرة 05 من قانون 29 يوليو 1881 لاتخاذ اللازم قانونا.
فكلف كل من مدير النشر للشركة وصاحب المقال للحضور أمام محكمة جنح باريس بتهمة إهانة رئيس دولة أجنبية وبتاريخ 05 يوليو 1996 أصدرت محكمة أول درجة حكما ببراءة المتهمين استنادا إلى أن الصحفي قد اكتفى بذكر ملخصات من تقرير لاشك في جديته، دون هجوم مقصود ولا تحريف ولا تفسير تعسّفي، وانه بالتالي قد قصد هدفا مشروعا وتصرف بحسن نيـة، وبرأت أيضا مدير النشر من التهمة المنسوبة إليـه.
استأنف رئيس الدولة والنيابة العامة، أمام محكمة استئناف باريس والتي أصدرت حكمها بتاريخ 06 مارس 1997 والذي أدانت فيه المتهمين، على أساس أنه وإن كان إعلام الجمهور عن طريق الصحافة عن موضوع تجارة العقاقير الدولية تعتبر هدفا مشروعا، الا أن رغبة الجريدة في اجتذاب الجمهور نحو مسؤولية حاشية ...(رئيس الدولة) وعن تسامح رئيس الدولة تحمل طابع سوء النية، وان المقالات تتضمن اتهاما بالحيلة والمكر المكوّن لإهانة رئيس دولة أجنبية، لأن الصحفي لم يحاول التأكد من صحة تعليق مرصد المخدرات الجغرافي السياسي، ولكنه اكتفى بالنسخة الوحيدة لهذا المرصد بأن جعل نفسه المتكلم عن أطروحة تتضمن اتهامات خطيرة دون أن يترك مجالا للشك في جدية مصدر المعلومات، كما أن كل هذه الظروف كانت تستبعد حسن النية حسب ما أكدته محكمة الاستئناف:
- أن الصحفي لم يحاول التأكد مما إذا كان البحث الذي تم في سنة 1994 كان مازال ساريا في شهر نوفمبر 1995.
- كما أنه لم يحاول الحصول على تفسير من الشخصيات ومسئولي تلك الدولة بما جاء في مرصد المخدرات الجغرافي السياسي.
- بالإضافة إلى ذلك فقد امتنع الصحفي عن ذكر صدور "الكتاب الأبيض LIVRE BLANC" والذي نشرته سلطات الدولة في شهر نوفمبر 1994 والمتعلق بسياستها العامة المتخذة لمكافحة تجارة المخدرات والتنمية الاقتصادية في أقاليم الشمـال.
وعلى هذا الأساس أصدرت محكمة الإستئناف حكما تدين فيه المتهمين بجريمة إهانة رئيس دولة أجنبية، وصدر حكم على كل منهما بغرامة 5000 فرنك وبأن يدفعوا لرئيس الدولة كمدعى بالحق المدني تعويضا مؤقتاً يقدر بمبلغ 01 فرنك ومبلغ 10.000 فرنك تطبيقا لنص المادة 475/1 من قانون الإجراءات الجنائية، وبأن تنشر الجريدة بيانا يذكر فيه حكم الإدانة.
طعن المتهمان عن طريق النقض في هذا الحكم فأصدرت الدائرة الجنائية بمحكمة النقض حكم بتاريخ 20 أكتوبر 1998 برفض الطـــعن على أساس أن طابع الإهانة في المقال يتمثل في التشكيك في رغبة... رئيس الدولة ذاته في إنهاء تجارة المخدرات في بلده، وتهامة بحديث خبيث، كون أن المقال المذكور قدم الدولة كمصدر عالمي أو للحشيش، وألقي المسؤولية على السلطة وأعضاء عائلة رئيس الدولة عن تجارة المخدرات، وأن هذا الإصدار من الصحفي على جذب إنتباه القارئ على شخص الرئيس كان يحمل طابع سوء النية.