بحث بعنوان مصادر التشريع الاسلامي ومقاصده - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > منتدى الحقوق و الاستشارات القانونية > قسم البحوث العلمية والمذكرات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

بحث بعنوان مصادر التشريع الاسلامي ومقاصده

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-11-08, 09:31   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
سرحاني عبد القادر
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي بحث بعنوان مصادر التشريع الاسلامي ومقاصده

مصادر التشريع الاسلامي ومقاصده خطــة البحـــث


مقـدمــة

المبحث الأول مصادر التشريع الاسلامي

المطلب الأول المصادر الاصلية المتفق عليها
الفرع الأول القران الكريم
الفرع الثاني: السنة النبوية المطهرة
الفرع الثالث: الاجماع
الفرع الرابع: القياس

المطلب الثاني: المصادر الفرعية التبعية المختلف عليها
الفرع الأول الاستحسان
الفرع الثاني: الاستصحاب
الفرع الثالث: سد الذرائع
الفرع الرابع: العرف
الفرع الخامس:المصالح المرسلة
الفرع السادس : شرع من قبلنا

المبحث الثاني: مقاصد التشريع الاسلامي

المطلب الأول معنى المقاصد وطرق اثباتها
الفرع الأول معنى المقاصد
الفرع الثاني: طرق اثباتها
المطلب الثاني: انواع المقاصد
الفرع الأول حفظ الدين
الفرع الثاني حفظ النفس ( النسل )
الفرع الثالث حفظ المال
الفرع الرابع حفظ العقل
الفرع الخامس حفظ العرض
خــــــــــــاتـــــمة





مقـــــدمــــــــــــــة

الانسان مدني بطبعه , ذلك انه يولد في مجتمع ولا يعيش إلا في ظل مجتمع .
فالمجتمع الانساني ضروري كما يقرر ذلك بن خلدون في مقدمته وحتى لا تسود الفوضى في المجتمع وتنقطع الروابط بين الناس فتتردى احوالهم وتسوء حياتهم فيغلب القوي فيهم على الضعيف ويستولي على حقه ,كان لابد للإنسانية من تشريع يحدد علاقتها ومعاملاتها , فيبين للناس حقوقهم ويوضح لهم واجباتهم ويعيين لهم الحدود الفاصلة في النزاع فينصف المظلوم ويعاقب الظالم ويوقف كل واحد منهم عند حده .
وبغية تنظيم المصالح المتباينة المجبولة على حب الذات والأنانية والرغبة في التسلط دعت الضرورة الاجتماعية الى وضع نظم وقوانين وتشريعات تهيمن على العلاقات الاجتماعية وتحد من النزاعات. وبموجب هذه الضرورة عرفت الانسانية تطورا مضطردا في القوانين , ذلك ان قوانينها كانت تتطور تبعا لمتطلبات الحياة .
وإذا كانت المجتمعات البدائية قد عاشت نوعا من الفوضى والشيوع في بداياتها الاولى بسبب انعدام القانون حيث ساد الانتقام والغلبة للقوي واعمل بالثار لتحقيق العدالة , فان المجتمعات التي تلتها عرفت نوع من الظلم المقنن بسبب وجود تشريعات وقوانين نظرات للتسلط وبررت للاستبداد.
فمن تشريع الى اخر ومن قانون الى اخر ظل الانسان يتطلع الى العدالة وينشد المساواة , وفي كل مرة ينقلب على قوانين سنها بنفسه الى اخرى اعتقد في نفسه انها افضل منها.

والدارس للتشريعات الانسانية في العصور القديمة من القوانين الرومانية والفرعونية وقانون حمو رابي وما سبقها وما تلاها يقف حائرا مشدوها ان لجهة تعسف هاته التشريعات وإمعانها في العقاب من جهة, او محدودية صلاحيتها وقصورها على بيئة دون اخرى من جهة ثانية فيتطلع الى العدل المنشود , والمساواة المطلوبة .
وإذ وصلت بعض التشريعات الى حد القداسة فان ذلك لم يمنعها من الانتقاد والتعديل لقصورها وعدم مسايراتها لمجريات الاحداث .
ولما كان الانسان يجهل الكثير من اسرار الكون ولا يعلم شيئا عن الغيب ويعجز عن الاحاطة الكاملة بمتطلبات الحياة مهما كانت درجة ادراكه ونباهته فقد جاءت التشريعات الاسلامية لتبدد كثيرا من الغموض وتزيل كثيرا من الارباك في حياة الناس بالنظر الى مصادر هذه الشريعة والمقاصد التي جاءت من اجلها .
وعليه فان تناول هذا الموضوع بالبحث والدراسة يمكن طالب القانون من الاحاطة بالترسانة القانونية الهائلة التي جاءت بها هذه الشريعة الى جانب القوانين الاخرى التي هي من صلب تخصصه .
كما يمكنه في الوقت نفسه من المقارنة بين هذه الشرائع والشريعة الاسلامية من جهة , ويتعرف بموجبه على مصادر الشريعة الاسلامية ومصادر الشرائع الاخرى من جهة ثانية .
ولان لهذا الموضوع اهمية كبرى في حياة الافراد كأفراد , وحياتهم داخل مجتمعاتهم , فان دراسة هذا الموضوع وتناوله بالبحث يكتسي اهمية بالغة , ذلك انه يحتاج اليه في شتى مناحي الحياة .
وحيث بدأنا البحث في هذا الموضوع فانه لم تعترض سبيلنا اية صعوبة تذكر إلا ما تعلق منها بتشعبه ودقة التفصيل فيه ولمعالجة هذا الموضوع بدا لنا ان طرح الاشكالية التالية:
ما مصادر التشريع الإسلامي ؟ وما مقاصده ؟
وبتفصيل ادق ما المصادر المعتمدة في التشريع الإسلامي وهل هي مصادر نقليه ام عقلية؟
وما المقاصد التي رعاها هذا التشريع في سن القوانين ؟

وقد اعتمدنا في هده الدراسة المنهج التحليلي في عموم الموضوع وتدخلنا بمنهج الاستقراء في خصوص بعض النصوص وللإجابة عن الاشكالية المطروحة سنتناول هذا الموضوع في مبحثين اثنين حيث سنتناول في المبحث الاول مصادر التشريع الاسلامي معرفين بالمصادر الاصلية المتفق عليها والمصادر التبعية
المختلف حولها متطرقين الى المصادر العقلية والنقلية منها مبينين حجية كل منها وسنعرض في المبحث الثاني الى مقاصد التشريع الاسلامي موضحين مفهومها وطرق اثباتها متطرقين الى كل مقصد من المقاصد الخمسة بشيء من التفصيل والله المستعان.



المبحث الاول : مصادرالتشريع الاسلامي

يطلق التشريع الاسلامي على مجموعة من الاحكام الشرعية الاسلامية العلمية المكتسبة من ادلتها النقلية سواء كانت شرعيتها بالنص او الاجماع او الاجتهاد .
ولعل ادق تحديد لمعنى الفقه ( التشريع ) مجموعة الاحكام التي جاء بها الوحي و التي استنبطها الائمة المجتهدون و على الاحكام التي اصدرها المقلدون تخريجا على قواعد الائمة وا وصولهم
ومن هنا جاء حصر بعض العلماء لمنابع و مصادر التشريع الاسلامي و تقسيمها الى مصادر اصلية كالكتاب والسنة و الاجماع و القياس و اخرى تبعية كالاستحسان و الاستصحاب

المطلب الاول
المصادر الاصلية (( المتفق عليها ))

يتفق جمهور علماء فقهاء المسلمين على ان المصادر الاصلية للفقه ( التشريع الاسلامي ) هي التي ذكرنا و يستدلون على ترتيبها التسلسلي بقوله الله تعالى ((﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا(59) ﴾
( سورة النساء )

فقوله تعالى (( أطيعوا الله )) اي امتثلوا اوامره واجتنبوا نواهيه التي جاء بها القران الكريم و قوله ((أطيعوا الرسول)) بمعنى ما جاء به الرسول (ص) وما نقله الصحابة من سنة اما المراد من قوله تعالى (( اولي الامر)) فهم المجتهدون من علماء الامة ، فإذا اتفق هؤلاء كان حكمهم اجماعا اما قوله ((فإذا تنازعتم في شيء )) فمعناه اذا لم تجدوا حكما لحادثة طارئة فردوها الى ما يشبهها في القرآن و السنة فإذا اشتركت في العلة كان ما يعرف بالقياس المتمثل في ما لا نص فيه .
وينص القرءان الكريم صراحة على مصادر التشريع في قوله تعالى ((وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ))الاية 49 سورة المائدة و يشير الى السنة في قوله تعالى ((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)) الاية 7 سورة الحشر كما يعترف بالإجماع في قوله ((وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)) الاية 115 سورة النساء
و القياس لما يقرر بالاجتهاد و الاخذ فيه بالرأي لقوله (( لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ )) الاية 105 النساء
و من احاديث النبي (ص) يتبين لنا صحة و سلامة هذا التسلسل الذي لا يختلف حوله اثنان
روى سعيد بن المسيب عن علي رضي الله عنه انه قال : قلت يا رسول الله الامر ينزل لم ينزل فيه القران ولم تمض فيه منك سنة قال ((اجمعوا العالمين من المؤمنين فاجعلوه شورى بينكم ولا تقضوا فيه برأي واحد ))
و روي عن معاذ ابن جبل ان رسول الله (ص) من لما بعثه الى اليمين قاضيا قال له بما تقضي يا معاذ قال : بكتاب الله قال فان لم تجد قال: بسنة رسول الله قال : فان لم تجد قال :اجتهد برأيي فقال عليه السلام الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضى الهب و رسوله ))
ومن الحدثين نكتشف ان مصادر التشريع الاسلامي هي الكتاب و السنة و الاجتهاد بالرأي الذي يكون بالجماعة فيسمى الاجماع او الاجتهاد الفردي و يدعى القياس لذا فإننا سنعتبر المصادر الاصلية اربعة



01

الــــفـــــــــــــــــــــــــــــــرع الأول

القـــرآن الكـريـــم

تعريفه: هو الدليل الاول والمصدر الأساسي للتشريع الإسلامي وهو روح الاسلام و مادته و هو كلام الله المنزل بالوحي على رسوله بلسان عربي , المنقول إلينا بالتواتر المكتوب في المصحف المتعبد بتلاوته المبدوء بسورة الفاتحة المختوم بسورة الناس المتكفل بحفظه من رب العالمين وهو أشهر من أن يعرف ((الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ)) سورة البقرة الآية (2)

وهو المعجزة الخالدة سحر العقول وتحدى الشعراء والبلغاء في فصاحته او الاتيان بمثله ((قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا)) سورة الاسراء الاية 88 وقد بلغ عدد سوره 114 سورة ومجموع اياته 6235 اية وقد عددت كلماته بـ 77439 ووصل عدد حروفه الى 323015 حرف. وتتمحور جل اياته حول التوحيد والعقيدة ورد عقائد اهل الالحاد والوعد والوعيد وأهوال الآخرة وأخبار الأمم الماضية والوعظ وبيان صفات الله و اسمائه الحسنى وفيما يتعلق بآيات الأحكام فقد عدها بعض العلماء بـ 150 اية على حد قول بن القيم وقال البعض الأخر بأنها 500 أية ويذكر ابن العربي عن بعض شيوخه ان سورة البقرة وحدها اشتملت على 1000نهي و1000 حكم و1000 خبر ولعظيم فقهها فقد اقام ابن عمر08 سنوات في تعلمها .
وإذا كان القسم المكي منه يشكل نسبة 19/30 من القران فان القسم المدني يشكل 11/30 منه
وإذا كان ايات الاحكام فيه وصلت الى 500 فإننا نجد ان ما جاء في التشريع العملي هو 70 اية وفي المسائل الجنائية 30 اية و 20 اية في القضاء و الشهادة .
حجيته: لقد اتفق جميع العلماء المسلمين على حجية القران الكريم ووجوب العمل بمقتضاه و مقتضى كل حكم ورد فيه فهو المرجع الاول الذي يعود اليه المجتهد لمعرفة احكام الله و لا يجوز لأي كان العدول عنه الى غيره إلا عند عدم وجود الحكم فيه و من خصائصه و وجوه اعجازه .
أ ـ نزوله بلسان عربي فصيح " بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ " للآية 195 سورة الشعراء
ب - اشتماله على نظام كامل للدنيا و الدين بما احتواه من تشريعات للفرد و الجماعة
ج - انه نزل متفرقا حسب مقتضيات و حوادث المجتمع الاسلامي
د- انه نقل الينا بالتواتر مشافهة و كتابة و لم يطله تحريف او تعديل حتى صار محفوظا في صدور المسلمين
ه- انه المعجزة البيانية الخالدة حيث عجزالبشر عن تقليده او الاتيان بمثله كما ان اعجازه التشريعي فاق كل التصورات اذ انه اوجد من العدم ترسانة قانونية للأمة الاسلامية و لغيرها من الامم .





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
1- بلحاج العربي المدخل لدراسة التشريع الاسلامي ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر ص 87
2- عبد الفتاح تقية المدخل لدراسة الشريعة الاسلامية مطبعة الكاهنة الجزائر 1992 ص 75
3- بلحاج العربي المدخل لدراسة التشريع الاسلامية مرجع سابق ص 91


02

وقد تناولت اياته انواع من الاحكام وهي كما يلي :
1- احكام اعتقاديه
2- احكام العبادات
3- احكام المعاملات

و قد اتسعت دائرة احكام التشريع الاسلامي ممثلة في في ايات القران الكريم لتمتد الى القانون
الوضعي العام و الخاص و الداخلي و الدولي و قد جاءت اهم قوانين الشريعة كما يلي:
أ‌) الوحدة الإنسانية: يرى القرءان الكريم ان الناس امة وحدة تجمعها وحدة الاصل البشري
و يفاضل بينها بالتقوى لقوله تعالى " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) الاية 13 الحجرات

ب‌) العدل: حثت الشريعة الاسلامية على اقراره و نادت به في الحرب و السلم
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ الاية (8) المائدة


ج ) التسامح كما دعت الشريعة الى دفع العدوان فإنها دعت الى التسامح من غير خضوع
ولا ذلة مع الافراد و الجماعات .
د) المعاملة بالمثل: اقرت الشريعة مبدأ المعاملة بالمثل ومن ذالك ممن يخشى نقضهم للعهود
بعد اعلامهم بذالك.
ولم يقتصر اهتمام الشريعة على هذا بل تعداه ليطال اشخاص القانون الدولي ممثلين في الدولة
ليصنفها الى ثلاثة انواع : هي دار السلام ، و دار الحرب ، و دار العهد " المواعدة "
كما حدد مفهوم السيادة و رعاية الدولة الذي يرتكز على اساس ديني و اقليمي لا على اساس
اقليمي فقط كما هو متعارف عليه في القانون الدولي المعاصر ، حيث يخضع رعايا المسلمين
لأحكام الاسلام اينما كانوا و تطبق احكام اهل الذمة على اهل الذمة و الاحكام الخاصة على المستأمنين .
وامتد التشريع الاسلامي الى القانون الداخلي فشمل القانون الدستوري بما في ذالك نظام الحكم في الدولة
و السلطات العامة و حقوق الافراد السياسية و حرياتهم .
اما القانون الاداري فقد عرضت له كتب الفقه بعنوان السياسة الشريعة او الاحكام السلطانية
و امتدت التشريعات الاسلامية الى قانون المالية حيث فصل الفقهاء الشرعيون في احكام الزكاة
و الخراج والجزية و كل ما يتعلق بحق السائل و المحروم في مال الاغنياء .
- اما القانون الخاص فقد ورد في القران الكريم ما يتعلق منه بالقانون المدني المنظم للأحوال
الشخصية كقانون الزواج و الطلاق و الميراث و الالتزامات و العقود كالبيع و الشراء و الرهن
و الشركة و هدف من وراء ذالك الى تنظيم العلاقات بين الافراد و حفظ الحقوق المالية ,
و تعرضت الشريعة الاسلامية الى الاحكام الجنائية و الجزائية وما يقابلها من عقوبات كحد الزنى
و جزاء السرقة و عقوبة القاتل و قانون المرافعات اي الاحكام الخاصة بالقضاء و الشهادة و
اليمين و الهدف من ذالك تحقيق العدل و المساواة بين الناس


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
1- صالح فركوس تاريخ النظم السياسية والقانونية والاسلامية دار العلوم للنشر والتوزيع عنابة الجزائر طبعة 2001 ص 42
2- صالح فركوس تاريخ النظم السياسية والقانونية والاسلامية مرجع سابق ص 44



03


الــفــــــــــــــــــــــــــــــــــرع الثــــــــانــــــي
السنـة النبويـة الشـريفــة

هي المصدر الثاني من مصادر التشريع في الاسلام و تعرف في اللغة على انها العادة او الطريقة حسنة كانت او سيئة ، و تعرف اصطلاحا على انها ما صدر عن الرسول (ص) من قول وفعل و تقرير.
وحجيتها لا ينكرها مسلم عاقل ذالك انها وردت في نصوص صريحة في القران الكريم منها ((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)) سورة الحشر الاية 7
وتنقسم من حيث سندها الى ثلاثة اقسام هي :
أ- سنة متواترة: وهي ما رواه جمع يستحيل تواطؤه على الكذب لكثرته , و اكثر ذالك السنة الفعلية
ب- سنة مشهورة: وهي ما رواه عدد من الصحابة و لم يبلغ حد التواتر ثم تواتر في عهد التابعين
ج- سنة آحاد وهي ما رواه عدد قليل و لم يبلغ حد التواتر في عهد الصحابة ولا في عهد التابعين ,و الاختلاف قائم بين العلماء في اعتمادها و الاخذ بها
و لأنها المصدر الثاني من مصادر التشريع الاسلامي فانه يمكن تقسيم احكامها الى اربعة هي :
1- احكام مفسرة لما جاء في القرآن مجملا: ( نصوص تطبيقية) و مثال ذالك الاحاديث التي فصلت احكام الصلاة و الصيام و الزكاة و الحج و القصاص وغيرها
2- احكام مؤكدة لأحكام القران: كالنهي عن قول الزور ووجوب الصلاة و حرمة قتل النفس بغير حق
3- احاكم مقيدة او مخصصة: وهي ما جاء منها مقيد لما في القرآن الكريم مطلقا و مخصصا لما جاء فيه عاما ومثال ذالك قوله تعالى ((حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ)) سورة المائدة الاية3 فالتحريم مطلق و عام و لكن السنة استثنت منه ميتة البحر حيث يقول الرسول (ص) " هو الطهور ماؤه الحل ميتته "
4- احكام جديدة سكت القرآن عنها: اي ما لم يتحدث القرآن فيه تفصيلا كميراث الجدة حيث ان احدى الجدات جاءت الى ابي بكر رضي الله عنه تسأله الميراث فقال مالك في كتاب الله من شيء و مالك في سنة الرسول (ص) من شيء ارجعي حتى اسأل الناس فقال المغيرة حضرت رسول الله اعطاها السدس ، فقال : ابو بكر هل مثل غيرك فقال محمد بن مسلمة مثل ما قاله المغيرة فأنفذه ابو بكر رضي الله عنه لها ،
وتحريم كل ذات ناب من السبع و تحريم الجمع بين المرأة و خالتها و عدم ميراث القاتل و الحكم بشاهد و يمين و مع انها المصدر النقلي الثاني بعد القرآن الكريم إلا انه يمكن ان تكون مكملا له لقوله (ص) " الاواني اوتيت القران و مثله معه "





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
1- بلحاج العربي المدخل لدراسة التشريع الاسلامي ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر ص 99
2- عبد الفتاح تقية المدخل لدراسة الشريعة الاسلامية مرجع سابق ص 84
3- بلحاج العربي المدخل لدراسة التشريع الاسلامي مرجع سابق ص 110



04


الـــفـــــــــــــرع الـــثــــــالـــــــث
الإجـمـــــــــــاع
يعرف الاجماع في اللغة على انه العزم على الشيء و التصميم عليه و منه قوله عليه السلام " من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له ، كما يعني الاتفاق على امر من الامور حيث يشير الى ذالك القرآن الكريم في قوله ((فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا سورة طه الآية )) 64 أي صمموا عليه متفقين .
و الاجماع في الاصطلاح عند الاصوليين اتفاق جميع المجتهدين من المسلمين في عصر من العصور على حكم شرعي
و يعد الاجماع المصدر الثالث ودليل من ادلة الاحكام الشرعية و هو مصدر عقلي لا يتحقق إلا باتفاق جميع مجتهد ي الامة الاسلامية .و الاجماع نوعان
الأول: اجماع صريح او قولي وهو ما يكون بإبداء الرأي صراحة في مسالة شرعية معينة
الثاني: اجماع سكوتي (ضمني) وهو ان يسكت بعض المجتهدين عن امر شرعي قال به غيرهم على ان يكون هذا السكوت خاليا من دلائل الانكار فيسمى هذا الاجماع ضمني ومثال ذلك سكوت الصحابة على ما افتى به عثمان بن عفان بوجوب الزكاة من الاموال المدينة للفرد فعلى الدائن ان يدفع عنها ما تستحق من زكاة فهذا السكوت اقرار وقد ذهب جمهور الفقهاء الى ان ذلك لا يعد حجة انطلاقا من القاعدة الاصولية انه لا ينسب الساكت قول بينما ذهب اكثر الحنفية واحمد بن حنبل الى ان الاجماع السكوتي هو حجة قطعية كالإجماع الصريح اذا توافرت الشروط المعروفة من علم المجتهدين بالمسالة المطروحة وانقضاء مدة التأمل والبحث والتروي وكون المسالة من المسائل الاجتهادية المختلف فيها حيث لا نص شرعي يحكمها بينما ذهب الشافعي واغلب المالكية وبعض الاحناف الى عدم حجة الاجماع السكوتي لان السكوت لا يدل على الموافقة دائما،ولا يتحقق الاجماع الا بأربعة اركان هي :
1- ان يكون الاتفاق من جميع المجتهدين بحيث لا يشذ عنه احد على ان يوجد في عصر الحادثة عدد من المجتهدين لان الاتفاق لا يتحقق الا في ظل مجموعة من الاراء فلا يعقد الاجماع برأي او اثنين
2- ان يتفق على الحكم الشرعي كل المجتهدين من المسلمين وان يكون المجتهدون من اهل الاختصاص بصرف النظر عن بلدهم او طائفتهم
3- ان يكون اتفاقهم بإبداء الرأي صراحة وان يكون ذلك بعد وفاة الرسول ( صلى الله عليه وسلم )
4- ان يتحقق الاجماع على مسالة شرعية لا لغوية او دنيوية لان ذلك ليس من الاجماع في شيء ولا يعقد الاجماع بالأكثرية مهما كثر عدد الموافقين وقل عدد المخالفين لاحتمال وجود الخطأ في جانب و وجود الصواب في الجانب الاخر
و حجية الاجماع انه واجب الاتباع والأخذ به ودليل ذلك قول الله تعالى (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) النساء الاية 115
و اول من استدل بهذا الامام الشافعي كما تذكر امهات كتب الاصول
اما دليل وجوب العمل به من السنة قوله ( ص ) " لا تجتمع امتي على ضلالة " " ما راءه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن " و "يد الله مع الجماعة" " ومن خرج عن الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الاسلام من عنقه"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
1- بلحاج العربي المدخل لدراسة التشريع الاسلامي مرجع سابق ص 116
2- بلحاج العربي المدخل لدراسة التشريع الاسلامي مرجع سابق ص117
3- بلحاج العربي المدخل لدراسة التشريع الاسلامية مرجع سابق ص 119


05

الــفــــــــرع الـــــرابــــــــــع
القـيـــــــاس

يعرف القياس في اللغة على انه التقدير للشيء بشيء اخر فيقال قاس الثوب بالمتر اي قدر اجزاءه كما يطلق على التسوية بين شيئين فيقال لا يقاس فلان بفلان اي لا يستوي به وهو في الاصطلاح الحاق واقعه لا نص على حكمها بواقعة ورد نص بحكمها ، في الحكم لتساوي الواقعتين في العلة التي شرع لأجلها الحكم الشرعي و مثاله :
أ) شرب الخمر محرم بالنص في قوله تعالى((إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ)) سورة المائدة الاية90 فكل نبيد مسكر يسوى بالخمر في الحكم الشرعي فهو محرم لتساويه مع الخمر في العلة وهي خاصية الاسكار
ب) قتل الوارث مانع من الارث بالحديث النبوي " لا يرث القاتل " و قيس على ذالك قتل الموصى له للموصي و قتل الموقوف له للواقف لتساوي هذه المسائل في العلة مع المسألة الاولى والتي مظنها استعمال الشئ قبل اوانه و اركان القياس اربعة هي :
1- الاصل: وهو ما ورد يحكمه نص و يسمى المقيس عليه ( المشبه به )
2- الفرع: وهو ما يراد له حكم يسويه بالأصل وهو المقيس او المشبه
3- حكم الأصل وهو الحكم الشرعي الوارد في الاصل و الذي يراد به ان يكون حكما للفرع
4- العلة: وهي الوصف الذي انبنى عليه حكم الاصل و بموجب وجوده في الفرع سوي به
و حجيته القياس انه واجب الاتباع و دليل ذالك من القران الكريم قوله تعالى ((فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ)) الاية 2 من سورة الحشر ، فا الاعتبار هو القياس قال الشوكاني " الاعتبار مشتق من العبور القياس عبور من حكم الاصل الى حكم الفرع فكان داخلا تحت الامر "
و دليل حجيته من السنة روي ان النبي (ص) لما بعث معاذ بن جبل و ابي موسى الاشعري قضاة الى اليمين و انهما لما سئلا قالا : اذا لم نجد في القران ولا في السنة نقيس الامر بالأمر فما كان اقرب الى الحق علمنا به فقال ( ص) اصبتما و شروط صحة القياس يمكن ان تلخص في الاتي :
أ- ان يكون الاصل حكما شرعيا لا لغويا ثابتا غير منسوخ وان يكون ثابتا بالدليل من الكتاب والسنة او مجمعا عليه
ب- يشترط ان تكون علة حكم الاصل في الفرع متحققة فيه مع عدم وجود فارق او مانع يمنع من تعدي حكم الاصل اليه او الحاق به
ج- ان تكون العلة و هي الباعث على الحكم واحدة و مشتركة في الاصل والفرع متعدية مما يستطيع العقل ادراكه ولا يجوز التعليل الا بالوصف الظاهر و المنضبط المشتمل على المعنى المناسب للحكم ومن ثم لا يجوز التعلل بوصف خفي او مضطرب لعدم امكان معرفته .



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
1- فاضلي ادريس المدخل الى تاريخ النظم ديوان المطبوعات الجامعية بن عكنون الجزائر الطبعة الثانية ص 284



06



المطلب الثاني المصادر التبعية المختلف فيها

بالإضافة الى المصادر الاصلية فإن للتشريع الاسلامي مصادر تبعية هي بمثابة المصادر الاحتياطية وقد اختلف علماء المسلمين في الاخذ بها وسنتناولها حسب التسلسل التالي:

الـفــــــــــــــــــــــــــــــــــــرع الأول
الاستـحـســان
و يعرف في اللغة على انه الحسن و هو عد الشيء حسنا كقولنا استحسنت الشيء اي اعتقدته و اعتبرته حسنا و يعني اصطلاحا العدول ، عدول المجتهد عن مقتضى قياس جلي الى مقتضى قياس خفي و من مقتضى حكم كلي الى حكم استثنائي و هو ما يعرف عند الفقهاء بتنازع قياسين في المسألة لدليل رجحه في عقله ومثال ذالك
نص فقهاء الحنفية على ان الواقف اذا اوقف ارضا زراعية يدخل حق المسيل و حق المشرب و حق المرور في الوقف تبعا بدون ذكرها استحسانا و القياس من انها لا تدخل إلا بالنص عليها كالبيع ، ووجه الاستحسان ان المقصود من الوقف انتفاع الموقوف عليهم "
و حجية الاستحسان : انه ومن خلال تعريفه يعتبر مصدر تبعي على مصدر مستقل لأنه في حقيقته استدلال بقياس حفي يرجع على قياس جلي او ترجيع قياس على قياس لوجود دليل شرعي يتمثل في نص او حديث يقتضي ذالك الترجيح .
ودليل حجته من القران الكريم قوله تعالى " وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ " الاية 55 سورة الزمر و قوله جل جلاله " الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ " الاية 18 الزمر وقوله (ص) (ماراه المسلمون حسن فهو عند الله حسن )
والاستحسان ظني الحجة لا قطعيها عند جميع العلماء و هو دليل ضمني في دلالته على الاحكام كالقياس وهو عمل بأقوى الدليلين كما صاغه الامام الشاطبي في موافقاته .

الــــــــــــــفـــــــــــــــــــــــــرع الثـــــــــــــــــــــــــــــاني
المصالح المرسلة " الاستصلاح "

والاستصلاح في اللغة عد الشيء و اعتقاده صالحا .و اصطلاحا هو بناء الاحكام الفقهية على مقتضى المصالح المرسلة و هي جمع مصلحة و يقصد بها جلب المنفعة و دفع الضرر و المرسلة اي المطلقة و المصلحة المرسلة هي التي لم يقيد اعتبارها او الغاؤها بورود نص خاص بعينها و انما اعتبارها جاء في الشريعة من اصول عامة و قواعد كلية من شأنها ان تعتبر المصالح و تحميها بشكل عام و بصورة مطلقة غير مقيدة بنص خاص و مثال المصلحة المرسلة , المصلحة التي شرع لأجلها عمر رضي الله عنه انفاذ الدواوين والسجون ، وجمع القرآن في عهد ابي بكر وهي مصالح لم يرد نص على اعتبارها او الغائها ويكون في اعتبار المصلحة المرسلة جلب المنفعة او دفع الضرر و لقد اشترط الامام مالك الذي حمل لواء الاخذ بالمصالح المرسلة ثلاثة شروط للأخذ بها وهي :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
1- بلحاج العربي المدخل لدراسة التشريع الاسلامي مرجع سابق ص 142
2- عبد الفتاح تقية المدخل لدراسة الشريعة الاسلامية مرجع سابق ص 106
3- بلحاج العربي المدخل لدراسة التشريع الاسلامي مرجع سابق ص 149


07

1- ان يكون في الاخذ بها رفع حرج لازم يقع على الامة فتكون ضرورة على المجتمع
2- ان تكون المصلحة ذاتها معقولة جرت على الاوصاف المناسبة المعقولة بحيث اذا عرضت على اهل العقول تلقتها بالقبول
3- ان لا تتعارض هذه المصلحة مع مقصد من مقاصدها و لا مع دليل من ادلتها المعروفة فان لم تكن كذالك لا يعتمد عليها في تشريع الاحكام
وتنقسم المصالح المرسلة من حيث اعتبار الشريعة او عدم اعتبارها لها الى ثلاثة اقسام
1- المصالح المعتبرة: وهي التي قام الدليل الشرعي على وجوب مراعاة اعتبارها وتتعلق بحفظ الضروريات الخمس ومن امثلتها وجوب القصاص لحفظ النفس وقطع اليد لحفظ المال,وحرمة الخمر لحفظ العقل وتحريم الزنا لحفظ النسل وغيرها من الاحكام التي ورد النص بوجوب مراعاتها .
2- المصالح الملغاة: وهي ما قام الدليل الشرعي على وجوب الغائها ومن امثلتها
- دعوى تحليل الفوائد الربوية (وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) الاية 275 البقرة رغم ان ظاهر الامر فيه مصلحة المقرض بالفائدة والمقترض بالاستفادة من المال لكن الشرع الغى هذه المصلحة وحرم الربا لان هذه المصالح الظاهرة تخفي وراءها مفاسد كبيرة من الاستغلال وتكريس الطبقية في المجتمع.
3- المصالح المرسلة او المطلقة: هي التي لم يقم دليل من الشارع على اعتبارها او إلغائها والأمثلة التي سقناها سابقا كافية للتدليل ذالك
اما حجية المصالح المرسلة فقد شرع الاخذ بها لقوله تعالى (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ) الية 88 هود وقوله(وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا) 56 الاعراف وقوله (فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) هود 115
وقد قسم الشرع المصالح المرسلة الى ضرورية تتوقف عليها حياة الناس وحاجيه يحتاجها الناس لرفع الشدة كإباحة الافطار في رمضان للمسافر والمريض وتحسينية يقصد بها الاخذ بمحاسن العادات والأخلاق كالطهارة ولبس الجديد والرفق والإحسان
يقول الامام الشاطبي( فالمصلحة اذا كانت هي الغالبة عند مناظرتها مع المفسدة في حكم الاعتياد فهي المقصودة شرعا ولتحصيلها وقع الطلب على العباد ليجري قانونها على اقوم طريق واهدى سبيل وكذالك المفسدة اذا كانت هي الغالبة بالنظر الى المصلحة في حكم الاعتياد فرفعها هو المقصود شرعا ولااجله وقع النهي)










ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
1- عبد الفتاح تقية المدخل لدراسة الشريعة الاسلامية مرجع سابق ص 110




08

الـفــــــرع الــثـــــالــــــــــــــث الـعـــرف

لغة يطلق على الشيء المعروف المألوف المستحسن ومعناه في اصل اللغة المعرفة والمعروف ضد المنكر
وفي الاصطلاح ما استقر في النفوس من جهة العقول وتلفته الطباع بالقبول وقد عرفه الفقهاء على انه عادة جمهور قوم في قول او عمل وقد دل عليه قوله (ص) (ما راءه المسلمون حسن فهو عند الله حسن )
وحجيته واضحة فقد اقرت الشريعة الاسلامية العرف في كثير من التصرفات والحقوق المتعارف عليها بين العرب وهذب الاسلام كثيرا منها لقوله تعالى(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) سورة الاعراف الاية 199
والشرط الاساسي في الاعتداد بالعرف هو ألا يخالف دليلا شرعيا ولا قاعدة من القواعد الاساسية ولا حكما ثابتا ولا يحل محرما ولا يبطل واجبا كتعارف الناس على تقسيم المهر الى مقدم ومؤخر وتعارفهم على ان ما يقدمه الخاطب لخطيبته هو هدية وليس من الصداق في شيء ,والعرف الفاسد غير ذلك.
ويتفف الفقهاء المسلمون وفقهاء القانون المعاصرون على أن النصوص لا تغني عن العرف . ذلك أن النصوص لا تستوعب كل التفاصيل والجزئيات كما أن كثير من النصوص مبني على العرف , والمجتهدون المستنبطون للأحكام كثيرا من تأثروا بالوسط الذي يعيشون فيه, وينقسم العرف الى أربعة أقسام رئيسية هي:
العرف اللفظي أو القولي: وهو إنفاق الناس على استعمال لفظ مخالف لمعناه اللغوي لأنه شاع بينهم ع كاتفاقهم على تسمية الولد للمولود الذكر دون الأنثى مع أن المعنى اللغوي يشملهما.
العرف العملي أو الفعلي:وهو اعتياد الناس على الافعال العادية كالتجارة وغيرها ويسمى عاما وقد يكون خاصا كتعارفهم على دفع مبلغ معين من المهر قبل الدخول.
العرف العام: وهو ما الفه الناس واعتادوه في كل البلاد في وقت من الاوقات كتعارفهم على الجلوس في المقاهي وإقامة الولائم.
العرف الخاص: وهو ما يتعارف عليه البعض دون البعض الآخر كتعارف التجار في بعض البلاد على ان العيب منقص للثمن وللآخذ بالعرف لابد من استيفاء هذه الشروط:
1- الاطراد والغلبة في القدم والأسبقية والوجود عند إنشاء التصرف فكلام الموصي والواقف وغيرهما من المتعاقدين يفسر في وقت صدور العقد على ضوء العرف الذي قد يطرأ بعد ذلك, وان لا يخالف نصا شرعيا, وان لا يخالف شرط احد المتعاقدين فالشرط في القانون اقوى من العرف و بذلك نصت المادة 106 من القانون المدني " العقد شريعة المتعاقدين" وقد جاء في المبسوط للسر خسي الحنفي '' كل عرف ورد النص بخلافه فهو غير معتبر''

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
1- عبد الفتاح تقية المدخل لدراسة الشريعة الاسلامية مرجع سابق ص 125







09
الــفـــرع الـــــرابــــــــــــــــــــع
الاستـــصحـــــــاب


الاستصحاب لغة: هو المصاحبة و استمرار الصحبة و طلب المصاحبة و المصاحبة اللازمة بمعنى الملازمة
وفي الاصطلاح : يطلق في عرف الاصوليين على الاستمرار في الحكم الذي يثبت بدليل في زمن سابق قائما في الحاضر حتى يظهر دليل مغاير يلغي الحكم السابق
و حجتيه انه واجب الاتباع ذالك ان جمهور الفقهاء ذهب الى القول بحجيته اذ لم ينهض دليل على منعه لقوله تعالى " قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ "
و الاستصحاب اخر دليل يلجأ اليه المجتهد و هو اخر الفتوى و هو الحكم على الشيء بما كان ثابتا له
انواعه :
1- استصحاب حكم الاباحة الاصلية
2- استصحاب حكم البراءة الاصلية
3- استصحاب اليقين و الثبوت و هو ما دل الشرع على ثبوته
4- استصحاب حكم الاجماع في محل النزاع .
وقد بنيت المبادئ الشرعية الاتية على اساس نظرية الاخذ به
أ) الاصل بقاء ما كان على ما كان حتى يثبت ما يغيره
ب) الاصل في الاشياء الاباحة
ج) اليقين لا يزول بالشك
د) الاصل في الاثبات براءة الذمة
ه) الاصل في الصفات العارضة براءة الذمة
و) ما ثبت بزمان يحكم ببقائه
ك) الاصل في اضافة الحادث الى اقرب اوقاته
و) القديم يترك على قدمه و الضرر لا يكون قديما ومن امثله الاستصحاب
1- استصحاب النص ما لم يوقف على ناسخ له .
2- استصحاب العموم الى ان يرد الخصوص
3- استصحاب حكم دل الشرع على ثبوته كالحكم بتكرار اللزوم اذا تكررت الاسباب كتكرار صوم رمضان بتكرار الشهر




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
1- بلحاج العربي المدخل لدراسة التشريع الاسلامي مرجع سابق ص 169
2- بلحاج العربي المدخل لدراسة التشريع الاسلامي مرجع سابق ص 173 / 174



10

الــفـــرع الــخــــامــــــــــــس
ســـد الــذرائـــع

سد الذرائع: لغة جمع ذريعة و هي الوسيلة و الطريق الى الشيء و في الاصطلاح هي كل ما يفضي الى مصلحة و مفسدة او ما ظاهره مباح و يتوصل اليه بمحرم
والأصل في سد الذرائع هو النظر الى مالأت الافعال فيؤخذ , يتفق على ما يؤول اليه ولا يلتفت الى نية الفاعل بل الى نتيجة الفعل فالنظر مباح و لكنه لما كان داعيا الى محرم هو اقتران الفاحشة صار الاقدام عليه امر محرم وأقسام سد الذرائع مختلف فيها فقد قسمها ابن القيم والشاطبي الى اربعة اقسام وقسمها القرافي الى ثلاثة وهنا نورد تقسيم ابن القيم
1- ذرائع تؤدي دائما الى مفسدة كشرب الخمر المؤدي الى الاسكار و الزنى المفضي الى اختلاط الانساب
2- ذرائع تؤدي غالبا الى مفسدة كبيع السلاح للأفراد وقت الفتن و بيع العنب لمن يوقن ان يعصرها خمرا
3- و ذرائع تؤدي الى المصلحة الراجحة وهي مباحة حسب درجتها في المصلحة كالنظر الى المخطوبة و النطق بكلمة حق عند سلطان جائر
4- ذرائع : ظاهرها مباح قصد بها التوصل الى مفسدة وهي ذرائع يجب منعها لأنها تؤدي الى مفسدة كمن يبيع ليصل الى الربا عن طريق التعاهد و كمن يتزوج قاصد تحليل الزوجة لمطلقها ا و اليكم بعض الاحكام المبينة على اساس سد الذرائع .
1) شهادة احد الزوجين للأخر ففي الاصل هي جائزة لقوله تعالى " وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ ۖ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ " 282 البقرة و ذهب جمهور العلماء الى عدم قبول شهادة احد الزوجين لمصلحة الاخر و دليلهم في ذالك سد الذرائع لأنه ينظر الى تلك الشهادة بأنها جلب للمنفعة
2) قضاء القاضي لأصوله وفروعه وزوجته لا يصح سدا للذرائع

الـفــــرع الـــســــادس مــذهـــب الصــحـــابـــي

الصحابي في اللغة عند علما الحديث هو من لقي النبي (ص) مؤمن به ومات مسلما طالت صحبته ام لم تطل
و عند فقهاء الاصول هو من طالت صحبته لنبئ و كثرت مجالسته له مع التتبع له و الاخذ عنه ، و الصاحبة بهذا المعنى شهدوا التطبيق الصحيح للقران الكريم و عرفوا اسباب النزول و اطلعوا على مقاصد الشريعة و كان منهم من اشتهر بالفقه و استنباط الاحكام من مصادرها .
وحجية قول الصحابي ذهاب جمهور الفقهاء و على رأسهم الحنفية الى ان اجتهاد الصحابة حجة ملزمة و مصدر للتشريع واجب الاتباع و خالفهم البعض في ذالك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
1- بلحاج العربي المدخل لدراسة التشريع الاسلامي مرجع سابق ص 175
2- بلحاج العربي المدخل لدراسة التشريع الاسلامي مرجع سابق ص 177


11
الـفــــــــــرع الســـــــــــــــــابــــــع شـــرع مـن قبـلـنـــا

و المقصود به الاحكام التي شرعها الله تعالى للأمم التي سبقتنا لقوله " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " الاية 183 البقرة وقوله "ص " ضحوا فإنها سنة ابيكم ابراهيم و تنقسم الى احكام منسوخة و باقية كقوله (ص) " احلت لي الغنائم و لم تحل لأحد قبلي "
- احكام وردت في الشرائع السابقة و اقرتها الشريعة الاسلامية و ان اختلفت في كيفية الاداء كالصيام و الاضحية و القصاص

احكام وردت في الكتاب و السنة و لم يرد دليل على بقائها من عدمه كالقصاص و مواطنه وهي شريعة لنا



المبحث الثاني مقاصد الشريعة الاسلامية

اجمع علماء المسلمين ان الله سبحانه ما شرع حكما إلا لمصلحة عباده وأجملوا مقاصد الشريعة الاسلامية في خمس وسنتطرق في هذا المبحث لكل مقصد منها بالتفصيل بعد ان نوضح معناها وطرق اثباتها

المطــــــــلب الأول
معنى لمقاصد وطرق اثباتها


مقاصد الشريعة الاسلامية علم ضروري لاستنباط الاحكام و القضاء عل التوجيه و الارشاد يختلف فقهاء الشريعة في تحديد معنى المقاصد الشرعية وللوقوف على معانيها وتبين طرق اثباتها نورد لذلك اقوال بعض العلماء


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
1- بلحاج العربي المدخل لدراسة التشريع الاسلامي مرجع سابق ص 175



12


الفــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرع الاول معنى مقاصد الشريعة الاسلامية

و المقاصد جمع مقصد ، ومن معانية في اللغة التوسط و عدم الافراط و التفريط في الشيء
يقول الله تعالى وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ " سورة لقمان الاية 19
و قال جابر كنت اصلي مع رسول الله (ص) فكانت صلاته قصدا و خطبته قصدا " اي وسط رواه البخاري
وقد عرفها الشيخ محمد الطاهر بن عاشور بأنها " المعاني و الحكم الملحوظة للشارع في جميع احوال التشريع او معظمها
- اما الشيخ علال الفاسي فقد قال عنها " المراد بمقصد الشريعة الغاية منها و الاشراع التي وضعها الشارع عند كل حكم من احكامها

الـفـــرع الــثـــانــــــي
طرق إثباتها

يمكن الاصطلاح على تسمية هذا المطلب بمسالك الكشف عن المقاصد او سبل اثبات المقاصد او طرق تعيينها او غير ذلك كما يمكن تبيان تلك المسالك ضمن مسلكين كبيرين على ضوء ما قرره الشاطبي وابن عاشور
أولا الاستنباط المباشر من القران والسنة ويستنبط ذلك من خلال مجرد الامر والنهي الابتدائيين الصريحين او من خلال اعتبار علل الامر والنهي
ومثال ذلك: امره تعالى بالصلاة والزكاة والحج وكل تلك الاوامر معللة بحكم مقاصد جلب الخير والنفع ودفع الشر والضرر بالأمر والنهي وهما الطريق الاول لمعرفة المقاصد الشرعية وإثباتها وتقريرها.
او من خلال النصوص التقريرية ومثال هذه النصوص الايات والأحاديث التي اقرت كثير من المقاصد كرفع الحرج الذي اقرته الاية 78 سورة الحج (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) ومقصد العدل والحرية الثابت في قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ) سورة النحل الاية 90 وقوله (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّين) سورة البقرة الاية 256
او من خلال تتبع الادلة بالاستقراء حول علة واحدة مثالها النهي على الاحتكار تيسيرا لرواج الطعام

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
1- عبد القادر بن حرزالله المدخل الى علم المقاصد من الاصول النصية الى الاشكاليات المعاصرة مكتبة الرشيد بيروت لبنان طبعة 2005 ص 16 / 17
2- عمر بن صالح بن عمر مقاصد الشريعة عند الامام العز بن عبد السلام دار النفائس للنشر والتوزيع الاردن الطبعة الاولى 2003 ص 83
3- نور الدين بن مختار الخادمي علم المقاصد الشرعية مكتبة العبيكان الرياض المملكة العربية السعودية الطبعة الاولى 2001 ص 68

13

ثانيا: الاستخراج من المقاصد الاصلية والتابعة
المقاصد الأصلية هي التي شرعت ابتداء وقصد اولا وأساسا ومثالها التناسل واعمار الكون هو المقصد الاساسي للزواج اما المقاصد التابعة فهي التي شرعت بدرجة ثانية بعد الاصلية قصد تقويتها وتأكيدها ومثالها الزواج الاستمتاع بالزوجة والإنس بالذرية والتجمل بما للمراة وتحقيق الراحة النفسية ومثال هذا الاستخراج استخراج مقاصد الانس والسكن من المقصد الاصلي وهو الزواج اما الاستخراج من المقاصد الجزئية فهو يتمثل في العلل الكثيرة الثابتة والواردة وتحديد حكمة واحدة مشتركة فتكون تلك الحكمة بمثابة تحقيق القصد الاصلي ومثال ذلك مقصد الاخوة ودوام العشرة المستخرج من النهي عن الخطبة والسوم على السوم والنهي عن الوقوع في العرض او المال والكرامة بالغيبة والنميمة والغضب والتغرير وغير ذلك.

المطلب الثاني أنواع المقاصد
يفصل فقهاء الشريعة الاسلامية في تصنيف مقاصد الشريعة الاسلامية فيقسمونها الى تحسينية وحاجيه وضرورية والذي يعنينا في هذا المبحث هو ما تعلق منها بالضرورية او الكليات الخمس وهي :
الفرع الأول
حفظ الدين

يعد الدين أكبر الكليات الخمس و ارقاها لان الدين يستجيب لفطرة الانسان وهو مجموع العقائد و العبادات التي شرعها الله لتنظيم علاقة الناس بربهم و علاقاتهم ببغضهم لذا فان الإسلام اوجب حفظه وتثبيت أركانه وإعمال أحكامه في الوجود الإنساني و الحياة الكونية لقوله تعالى:"" وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ "" الذاريات الاية 56 .
ومن اجل حفظ هذا الدين الذي هو الاسلام شرع الايمان و النطق بالشهادتين و الصلاة و الزكاة و الصيام و الحج و سائر الاعمال و الاقوال التي تحقق الدين في النفوس كما شرع
الجهاد بالمال و النفس للدفاع عن الدين وإبعاد المخالفين له من اهل البدع و الكفار الملحدين.
الفرع الثاني
حفظ النفس

ومعناه مراعاة حق النفس في الحياة و الكرامة و السلامة و العزة ,و لان النفس في المرتبة الثانية بعد الدين فان الاسلام قد شرع لحفظها احكام كثيرة منها تحريم القتل و تشريع القصاص و منع التشويه و التمثيل و عدم الالقاء بها الى التهلكة كما شرع التزاوج و التناسل لحفظ النوع البشري و بقائه.
لذلك قال الله تعالى: "" وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ "" الانعام الاية 151
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
1- نور الدين بن مختار الخادمي علم المقاصد الشرعية مرجع سابق ص69
2- اسماعيل محمد السعيدات مقاصة الشريعة الاسلامية عند الامام الغزالي دار النفائس للنشر والتوزيع الاردن الطبعة الاولى 2011 ص 62
3- صلاح الدين حبار المدخل الى تاريخ القانون دار الخلدونية للنشر والتوزيع القبة الجزائر طبعة 2013 ص 101
4- سميح عبد الوهاب الجندي اهمية المقاصد في الشريعة الاسلامية واثارها في فهم النص واستنباط الاحكام دار الايمان للنشر والتوزيع الاسكندرية مصر ص 239


14
الفــرع الـثـالـــــث
حفظ العقل
اقر الاسلام حفظ العقل وأثبته في كثير من المواطن لتكريم الانسان وتمييزه به عن غيره من المخلوقات كما دعا الشرع الى اعماله في التفكير و التدبر و التأمل.
و خاطب الافراد به في كثير من الايات "" إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ "" الشعراء 28
لذا حرم ما يعطله و يعيقه كالخمر و المسكرات و المخدرات و امر بعقاب من يقترب منها حفاظا على سلامة عقله وقد جعل له حدودا لا يتعداها و ذلك لان اطلاقه قد يؤدي الى مفاسد لا تقل خطورة عن مفاسد تعطيله.
الفرع الرابع
حفظ العرض ( النسل و النسب)
لأجل الحفاظ على الاعراض فقد شرع الله التناسل و التكاثر بالزواج الحلال المشروع بعيدا عن الاباحية الشاذة و المتعة المحرمة وبذلك صان الكرامة و العفة و الشرف التي تخرج الانسان من دائرة الحيوانية و البهيمية بما يحفظ للناس انسابهم فحث على الزواج وتخفيف اعبائه ومنع الزنى وسد منافذه كالخلوة و التبرج و نهى عن القذف وهتك الاعراض و الفواحش لذا اوجب حد الزنى و القذف.
يقول الله تعالى: " فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً " سورة النساء الاية 03
وقوله صلى الله عليه وسلم: " تزوجوا الودود الولود فاني مكاثر بكم الامم يوم القيامة"

الفرع الخامس
حفظ المال
لا تستقيم الدنيا ألا بالمال فهو عصب الحياة وشريانها وقد جبل الانسان على حبه و قد شرع الله تعالى الكسب الحلال لجمعه في التجارة وعروضها والبيع وعقوده كلها من موجبات ذلك وقد شرع الله هبات الاموال وزياداتها بالربح المشروع كما حث على الضرب في الأرض والبحث عن الرزق
- يقول تعالى"" وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا "" سورة الفجر الآية 20
- "" وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ ""سورة البقرة الآية 275
- كما أن الله قد نهى عن الكسب الحرام من السرقة والغش والغصب والرشوة والربا وكل وجه من وجوه أكل أموال الناس بالباطل ومنع إتلاف المال ووضعه بين أيدي السفهاء فقال""ولا توتوا السفهاء أموالكم""سورة النساء الاية 5
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
1- سميح عبد الوهاب الجندي اهمية المقاصد في الشريعة الاسلامية واثارها في فهم النص واستنباط الاحكام مرجع سابق ص 248
2- صالح فركوس تاريخ النظم السياسية والقانونية والاسلامية مرجع سابق ص 51
3- سميح عبد الوهاب الجندي اهمية المقاصد في الشريعة الاسلامية واثارها في فهم النص واستنباط الاحكام مرجع سابق ص 264
4- صلاح الدين حبار المدخل الى تاريخ القانون مرجع سابق ص 102
5- سميح عبد الوهاب الجندي اهمية المقاصد في الشريعة الاسلامية واثارها في فهم النص واستنباط الاحكام مرجع سابق ص 285

15

خـاتـمــــة

من خلا ل ما سبق في البحث من التحليل و الاستقراء نستنتج ما يلي :
1) التشريع الاسلامي رباني المصدر و الغاية والمقصد ، فهو يهدف الى بلوغ رضا الله و من ثم فان الاسلام يستمد كل تشريعاته من القران الكريم و السنة النبوية المطهرة ذالك ان هذه الاخيرة مصدرها وحي الله
ومن هذين المصدرين و تأسيسا عليهما ، اشتق العلماء عددا من المصادر الفرعية للتشريع كالعرف و الاجماع و القياس و غيره ..... و الخروج عن هذه المصادر تحاكم الى الهوى ، وكون مصادر هذه الشريعة من الله فأنه يعطيها هبة و سلطنا في النفوس و الضمائر لا توجد في قانون و ضعي غيرها فالناس منقا دون لها بالإيمان الذي يملا قلوبهم
2- التشريع الاسلامي تشريع جزائي وهو ما يميزه عن غيره من القوانين ذالك ان الشريعة الاسلامية هي القانون الوحيد الذي يجازي في الدنيا و الاخرة و للتد ليل اكثر تذكر ان امريكا بتشريعها الانساني حرمت الخمر حينما ادركت مضاره الصحية و الاقتصادية والاجتماعية و بعد سنوات من التغير في الامن والمحاكم و سجن الوف المدنين عليه عادت الى اباحته مع يقينها بما فيه من الفساد ، و لكن قانونها البشري عجز ان يجد له بين الناس قبولا و في مقابل ذالك فان الاسلام حينما حرمه اي الخمر لم يستعن بشرطة او جنود و لم يجد عنتا ولا مشتقه في جعل المجتمع المسلم اطهر المجتمعات الانسانية بابتعاده عن المسكرات ، و ان إعمال هذا التحريم لم يتطلب سوى نزول الاية 90 من سورة المائدة ، ليهرقها المسلمون حتى جرت في مسالك المدينة مع حب يعضهم لها .
3- التشريع الاسلامي عادل ذالك ان العدل اسم من اسماء الله وصفة لازمة له و مظاهر العدل واضحة في التشريع و كثيرة ن فالله لا يحاسب الانسان على ما لا يقدر عليه ولا يؤاخذ الساهي او الناسي فشرائع الله مبنية على اليسر رافعة للمشقة دافعة للحرج
كما ان عدالة الله اقتضت التفريق بين الذكر و الانثى في الاحكام تبعا للطبيعة الجسمية و التركيبة النفسية لكل منها ذالك فان القوانين الوضعية حيثما لم تراعي ذالك وقعت في كثير من الاخطاء .
4- التشريع الاسلامي شامل متوازن فالإسلام بتشريعه الشامل ينظم علاقات الانسان المختلفة من ميلاده و يستمر في الدفاع عنها حتى بعد وفاته
وتلبي الشريعة حاجات الانسان المختلفة ، فهي تعتني بجسده ولا تهمل الاعتناء بروحه ولا تعفل مصالحة
5 ـ التشريع الاسلامي مثالي واقعي ، وذالك ان و واقعيته مبنية على انه سلوك انساني يعيشه الناس يوميا و اما مثاليته ، يحققها كونه يهدف الى اصلاح المجتمع و لا يرضى بالتعايش و المهادنة مع الخطأ و الرذيلة و قد جرب الانسان المثاليات التي لا تتحقق فجمهورية افلاطون الفاضلة لم تتعدى خياله و قلمه و ركون المجتمع الغربي والإذعان للرذيلة وتكييف واقعه معها وسن القوانين لإباحتها افضى الى انتشار الرذيلة بمعدلات لا تقاس و الاسلام حينما شرع القصاص و ضع حد لقتل النفس بغير الحق
6 ـ التشريع الاسلامي :شريف المقصد ذالك انه في مقاصده يهتم بالنفس البشرية و يجعلها اولى اولوياته و يحفظ لها كل ما يمكنها من العيش بكرامة وحرية فقد جاء الاسلام ليحفظ النفس و الدين و المال و العرض و النسب وهي مقاصده و كلياته الخمس
فهو تشريع للبشرية كافة قبل ان يكون تشريع المسلمين خاصة فالسلام اذا شرع بالنقل لم يعطل اعمال العقل
لكنه قيده بالنصوص ففي التشريع الاسلامي لا يظلم احد و فيه لا يطمع بالمحاباة احد
فالعدل لمن ينشد العدل عند الله هو اسرع الحاسبين وهو احكم الحاكمين .





قائمــــة المـراجــع والمــصــــــادر


• القرآن الكريم
1. اسماعيل محمد السعيدات , مقاصد الشريعة الاسلامية عند الامام الغزالي دار النفائس للطبع والتوزيع الاردن الطبعة الاولى 2011
2. بلحاج العربي, المدخل للتشريع الاسلامي " التعريف بالفقه الاسلامي مصادره مقاصده " ديوان المطبوعات الجامعية بن عكنون الجزائر
3. نور الدين بن مختار الخادمي علم المقاصد الشرعية مكتبة العبيكان الرياض المملكة العربية السعودية الطبعة الاولى 2001
4. سميح عبد الوهاب الجندي. اهمية المقاصد في الشريعة الاسلامية واثارها في فهم النص واستنباط الحكم دار الايمان للنشر والتوزيع الاسكندرية مصر
5. عمر بن صالح بن عمر, مقاصد الشريعة عن الامام العز بن عبد السلام, دار النفائس للنشر والتوزيع الاردن الطبعى الاولى 2003
6. عبد القادر تقية. المدخل لدراسة الشريعة الاسلامية مطبعة الكاهنة الجزائر طبعة 1998
7. عبد القادر بن حرزالله, المدخل الى علم المقاصد من الاصول النصية الى الاشكاليات المعاصرة, مكتبة الرشيد بيروت الطبعى الاولى 2005
8. فاضلي ادريس, المدخل الى تاريخ النظم ديوان المطبوعات الجامعية بن عكنون الجزائر الطبعة الثانية
9. صالح فكوس, تاريخ النظم القانونية والاسلامية دار العلوم للنشر والتوزيع عنابة الجزائر طبعة 2001
10.صلاح الدين جبار المدخل الى تاريخ القانون " القوانين القديمة , القوانين الاسلامية , القوانين الجزائرية " دار الخلدونية للنشر والتوزيع القبة الجزائر طبعة 2013








 


رد مع اقتباس
قديم 2014-11-08, 23:19   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
قاصِرَةُ الطّرْف
مشرف قسم التجويد
 
الصورة الرمزية قاصِرَةُ الطّرْف
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2014-11-09, 14:53   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
سرحاني عبد القادر
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة راية العدالة مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك
حياك الله وفي جهودك بارك دمت راية مرفرفة في سماء العدل وقلما يكتب لصالح العدل والعدالة









رد مع اقتباس
قديم 2014-11-10, 14:37   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
seif.eddine.guendouz
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا اخي ولكن انا ابحث عن النظريات الدينية










رد مع اقتباس
قديم 2014-11-12, 21:50   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
سرحاني عبد القادر
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة seif.eddine.guendouz مشاهدة المشاركة
شكرا اخي ولكن انا ابحث عن النظريات الدينية
الشكر كل الشكر لك أخي اذا كنت تقصد النظريات الثيو قراطية في أصل نشأة الدولة فإن البحث فيها يتعلق بالقانون الدستوري ولي فيه بحث بعنوان أصـــل نـــــــــــــشـأة الــــــــدولة والنظريات الدينية ( الثيو قراطية ) مبحث من مباحثه وبكل اسف فهو ليس جاهز للنشر بعد ومع ذالك فاني استطيع خدمتك بهذه المداخلة وللامانة فهي منقولة .................................................. ........هذا ان كنت قد فهمت قصدك وان لم اوفق في ذلك فأ فصح تجد المساعدة عندي او عند غير ي .............................................. .اليك هذا
النظريات الثيوقراطية
ترجع النظريات الثيوقراطية - الدينية - أصل السيادة ومصدر السلطة إلى الله فهو وحده صاحب السيادة واليه ترجع السلطة الآمرة .
ومع اتفاق النظريات الثيوقراطية على إن السيادة لله وحده إلا أنها تختلف في تفسير ذالك وتتمثل هذه النظريات في ثلاث :نظرية الطبيعة الإلهية للحكام ,ونظرية الحق الإلهي المباشر , ونظرية الحق الإلهي الغير مباشر .
:أولا - نظرية الطبيعة الإلهية للحكام

قررت هذه النظرية إن الحاكم من طبيعة , غير طبيعة البشر ,ذلك انه كان يعتبر من طبيعة إلهية .
وبذلك تقوم هذه النظرية على إضفاء وصف الطبيعة الإلهية على الحاكم . فالحاكم (إله) يعيش وسط البشر ويحكمهم . وما دام الأمر كذلك , فانه يجب على الطبقة المحكومة إن تنظر إلى الحاكم نظرة تأليه , وان تعمل على تقديسه وعبادته , باعتباره إله مقدس .
ويترتب على هذا المفهوم , إن هؤلاء الحكام ذوي الطبيعة الإلهية يملكون السيادة المطلقة , والسلطان المقدس الذي لا حدود له على رعاياهم وكان هؤلاء الرعايا يطيعونهم ويخضعون لهم خضوعا كاملا وينفذون أوامرهم المقدسة تنفيذا دقيقا , دون إبداء أدنى اعتراض أو مناقشة لأنهم كانوا ينظرون إليهم بكل تقديس وإجلال باعتبارهم إلهة
وقد وجدة النظرية تطبيقات عديدة في الممالك والإمبراطوريات القديمة ,كاليونان والرومان ومصر والصين .
وفي المدن اليونانية القديمة ,كان الاعتقاد بان أول من قام بشؤون الحكم في اليونان ,كانوا مخلوقات من عنصر أسمى من الإنسان ,لأنها من أصل الهي . كما كان الأمر كذلك بالنسبة لأباطرة الرومان ,فالإمبراطور الروماني , كان يعتبر نفسه إلهاً (
وتعتبر مصر القديمة مثلاً بالغ الوضوح على اعتناق نظرية تالية الحاكم .فكان حكام مصر (الفراعنة) يعتبرون آلهة يعبدون , ويلقبون بلقب : ( حورس ) و( رع ) وهي تعني ( ألآله ) في اللغة المصرية القديمة (وقد أوضح القرآن الكريم في عدة آيات إن الفراعنة كانوا يعتقدون إنهم آلهة , وان طاعتهم واجبة من جانب رعاياهم .من ذلك , قوله تعالى على لسان فرعون , وهو يخاطب قومه : " أنا ربكم الأعلى " ( 1 ), وما جاء في القرآن الكريم وهو يصف خطاب فرعون إلى موسى (عليه السلام ) عندما دعاه لعبادة الله قال : " لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين
وإذا كانت هذه النظرية قد سادت في الإمبراطوريات والممالك القديمة , فانه من الغريب إن تجد لها تطبيقاً عملياً في بعض الدول المتحضرة في العصر الحديث . حيث كان شعب اليابان معتقداً بالطبيعة الإلهية للإمبراطور (الميكادو ) و يعتبره ‘لهاً حياً وتجسد هذا الاعتقاد في نصوص دستور اليابان الصادر عام 1889 والنافذ عام 1890 . حيث أخذ هذا الدستور بنظام الملكية الوراثية القائمة على أساس نظرية الحق الإلهي (ولقد جاء النص على النظام الملكي في المادتين الأولى والثانية . فقررت المادة الأولى أن يملك إمبراطورية اليابان ويحكمها إلى عصور لانهاية لها سلالة من الأباطرة . كما قررت المادة الثانية أن يتولى العرش الإمبراطوري نسل من الذكور الإمبراطوريين وفقا لنصوص قانون القصر الإمبراطوري .
ويلاحظ أن دستور عام 1889 قد دعم نظام الإمبراطور . وفكرة الذات المقدسة له ، وأنه ينحدر من أصلاب الآلهة . وفي هذا الصدد نصت المادة ( 3 ) من الدستور : " أن الإمبراطور مقدس وذاته مصونة " .
وقررت المادة ( 4 ) من الدستور : " أن الإمبراطور هو رأس الإمبراطورية ، يحتفظ لنفسه حقوق السيادة ويمارسها وفقا لشروط الدستور الحالي "
وبذلك يكون دستور عام 1889 يقوم بصفة أساسية على إن الإمبراطور هو مصدر السلطة وصاحب السيادة
وظل هذا الاعتقاد سائدا حتى هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية ، حيث انتهت الصفة الإلهية للإمبراطور .
وبصدور دستور عام 1946 تم هدم فكرة سيادة الإمبراطور التي لازمت السلالة الإمبراطورية والتي حكمت اليابان منذ نشأتها .
وقد نص الدستور في المادة الأولى منه على أن : " الإمبراطور هو رمز الدولة و رمز وحدة الشعب ، ويستمد مركزه من ‘رادة الشعب الذي يكمن فيه حق السيادة " .
ومن ثم فإن المادة الأولى من دستور عام 1946 أنهت النظام القديم للإمبراطور والذي كان بموجبه يملك السيادة ويحوز جميع السلطات العليا للدولة ، كما كانت السلطة إرثاً للإمبراطور من أسلافه الإلهيين .
وحرص الأمريكان على أن يخلعوا عن الإمبراطور طابعه الإلهي المقدس ، فأجبروه على الحديث في الإذاعة لأول مرة في حياته ليقول عبارته المشهورة : " يا شعب اليابان إنني من البشر ، وإنني إنسان عادي مثلي مثلكم ، إنني لا أمت للآلهة بأية صلة " .
ثانياً - نظرية الحق الإلهي المباشر ( 1 ):
يتلخص مضمون هذه النظرية في إن الحاكم – وإن كان من البشر وليس له طبيعة إلهية – إلا إنه يستمد سلطته في الحكم من الله مباشرة ، فهو الذي اختاره دون غيره ، ومنحه السلطة ، وعهد إليه بمهمة الحكم في بلده .
ومادام إن الحاكم يستمد سلطانه من الله دون تدخل من جانب البشر – إذ إن اختياره قد تم خارج نطاق إرادتهم –فقد وجبت طاعته وامتثال أوامره ، لأن معصيتها تعتبر معصية لله .
ويترتب على ذلك ، إن سلطة الحاكم على شعبه مطلقة لا قيود عليها وهو لا يسأل على كل تصرف صدر عنه أمام المحكومين ، إذ إن هذه المسؤولية تكون أمام الله وحده ، الذي وهبه الحكم والسلطان وقد سادت هذه النظرية في أوربا في القرنين السابع عشر والثامن عشر على وجه الخصوص . واعتنقتها الكنيسة ، واستند إليها ملوك فرنسا في تثبيت أقدامهم في الحكم وفرض سلطاتهم على الشعب
فكان اعتقاد ملوك فرنسا إنهم يستمدون سلطانهم من الله . إذ كتب ( لويس الرابع عشر ) في مذكراته أن : " سلطة الملوك مستمدة من تفويض الخالق ، فالله ، لا الشعب مصدرها ، وهم مسؤولين أمام الله وحدة عن كيفية استعمالها " .
كما جاء في مقدمة المرسوم الذي أصدره الملك ( لويس الخامس عشر ) عام 1770 : " إننا لم نتلق التاج إلا من الله ، سلطة عمل القوانين هي من اختصاصنا وحدنا ، لا يشاركنا في ذلك أحد ، و لا نخضع في عملنا لأحد " .
ووجدت النظرية صدى في العصر الحديث ، حيث حاول ملوك أوربا الاستناد إليها لتبرير وتأييد سلطانهم المطلق .
وبقيت النظرية سندا للكثير من الملوك في تأييد سلطانهم المطلق وتبرير استبدادهم لشعوبهم . فاستعان بها إمبراطور ألمانيا ( غليوم الثاني ) إذ جاء في خطابه الذي ألقاه عام 1910 : " إن هذا التاج منحه من الله وحده ... " . وفي خطابه آخر ألقاه عام 1916 جاء فيه : " إن الملك يستمد سلطته من الله ، فهو لا يقدم حساب إلا إليه " .
ومن التطبيقات العملية لنظرية الحق الإلهي المباشر في القرن العشرين ، النظام السياسي الذي أقامه الإمبراطور ( هيلاسي لاسي ) في الحبشة ، والتي تسمى أثيوبيا في الوقت الحاضر . إذ لم يكتف بادعائه إن سلطته مستمدة بتفويض من الله ، بل حرص على تكريس ذلك في صلب الدستور الصادر عام 1931 ، فقررت المادة الأولى من الدستور إن : " شخص الإمبراطور مقدس ، وكرامته مصونة ، وسلطته غير قابلة للشك " .
ثالثاً - نظرية الحق الإلهي غير المباشر
( 1 ):
ومقتضى النظرية إن الله هو مصدر السلطة ، إلا إنه لا يختار الحاكم بطريقة مباشرة ، وإنما يكون الاختيار عن طريق الشعب . ذلك إن العناية الإلهية ترتب الحوادث وتسلسلها وتوجه إرادات الأفراد وتسيرها نحو اختيار شخص معين لحكم الدولة أي إن الشعب ليس إلا سبباً تابعا أو أداة لتنفيذ الإرادة الإلهية .
و وفقا للمفهوم المتقدم ، فإن الله يمنح السلطة للأشخاص يرفعهم إلى مرتبة الحاكم بطرق مختلفة ، كالميلاد والدم ، أو الانتخاب وغير ذلك من الوسائل التي تجعل الأشخاص الذين خصهم لهذه المرتبة يدعون للقيام بأعبائها . فالخالق هو الذي يضع الحكام في مكانهم ، أيا كانت طريقة مجيئهم إلى الحكم ، ومنها وحده يستمدون السلطة . وذلك لأن الإرادة الإلهية القادرة تتحكم في كل التطورات والحوادث المؤدية إلى رفع البعض إلى وظائف الحكم .
والنظرية في هذه الصياغة لا تكاد تختلف عن نظرية الحق الإلهي المباشر إلا في الشكل . فإذا كان للشعب إعطاء نوع من الموافقة أو الرضا بالحاكم ، فليس الشعب هو الذي يمنحه السلطة ، لأن الله وحده هو مصدر السلطة ومانحها . وعلى ذلك فالحكام يمثلون الله ، فهم وزراءه في الأرض مفوضون من قبله في حكم رعاياه . ومن ثم فإن أوامرهم ملزمة لا يجوز الخروج عليها ، ومعصيتها معصية للرب الذي يملك وحده حسابهم ، وليس للشعب أن يحاسبهم . ومن الواضح إن النظرية بذلك تبرر السلطان المطلق للملوك .
-تقدير النظريات الثيوقراطية :
لقد تعرضت النظريات الثيوقراطية لانتقادات متعددة لبعدها عن مجال التقبل العقلي للإنسان . حيث أنها نظريات مصطنعة فقط لخدمة مصالح معينة ولتبرير استبداد السلطة الحاكمة خاصة أثناء الصراع بين السلطة الزمنية والسلطة الدينية في القرون الوسطى وبداية عصر النهضة . حتى إن بعض الفقه نادى بعدم جواز تسمية هذه النظريات بالدينية على أساس أنها لا تستند في جوهرها ومضمونها إلى الدين . .............................................للأمانة فإن هذا النص منقول ................................................









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مصادر, الاسلامي, التشريع, بعنوان, ومقاصده

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 22:04

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc