محاربة الآفات الإجتماعية ..ليوم الجمعة22 ذوالقعدة 1430ه/13 نوفمبر 2009م - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام > أرشيف القسم الاسلامي العام

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

محاربة الآفات الإجتماعية ..ليوم الجمعة22 ذوالقعدة 1430ه/13 نوفمبر 2009م

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-11-19, 00:00   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عبد الرحمان1980
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عبد الرحمان1980
 

 

 
إحصائية العضو










B10 محاربة الآفات الإجتماعية ..ليوم الجمعة22 ذوالقعدة 1430ه/13 نوفمبر 2009م

ليوم الجمعة22 ذوالقعدة 1430ه/13 نوفمبر 2009م
الموضوع : محاربة الآفات الإجتماعية
الخطبة الأولى :
الحمد لله الذي أنزل علينا كتابه المبين فأرسل به رسوله الأمين ووعد بالنصر والتمكين من اتبع هديه من عباده المؤمنين نحمده تعالى أن هدانا للإسلام وجعلنا من أتباع سيدنا محمد خير الأنام فاللهم صل وسلم على عبدك ورسولك الصادق المصدوق وعلى آله وأصحابه الذين استجابوا لله إذا دعاهم لما يحييهم وعلى أتباعه إلى يوم الدين
أما بعد أيها المؤمنون: فلقد جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام التي تهدف إلى إسعاد البشر وهدايته إلى الصراط المستقيم محذرة أتباعها من كل رذيلة وعمل وخيم محاربة كل سقيم يعود على الأمة بالويل والتحطيم ومنذرة كل من تنكب عن هديها واتبع شهواته التي هي من إملاءات الشيطان الرجيم وتدعوه إلى هدي الإسلام الذي يرشد إلى الإستقامة والبعد عن كل فعل ذميم فقال صلى الله عليه وسلم للرجل الذي سأله عن عمل لا يسأل عنه أحدا غيره قال :" قل آمنت باله ثم استقم" فلإيمان والإستقامة هما جماع كل خير إذا الإيمان بالله يقتضي من المؤمن أن يراقب أعماله وتصرفاته خوفا من الله الذي لا تخفى عليه خافية " لاتدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير " فلا يأتي إلا بما يرضي الله في كل حركاته وسكناته ولا يخشى إلا الله الواحد القهار " ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون " اما الإستقامة فمعناها أن المؤمن يراقب تصرفاته بنفسه فلا يتعرض بالإذاية لأحد لأن الإذاية تخالف الإستقامة ولأن الذين يوذون غيرهم فقد توعدهم الله بالعذاب الأليم فقال تعالى :" والذين يوذون المومنين والمومنات بغر ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا " وأية آفة إجتماعية أكثر فسادا وتخريبا في المجتمع من الذي يسئ إلى الناس بلسانه فيتعرض إليهم بالسب والشتم والرمي بالزور والبهتان وإقطاع حقوق المستضعفين بشهادة الزور التي هي من أكبر الكبائر عند الله فقال صلى الله عليه وسلم "ومن أكبر الكبائر الشرك بالله وعقوق الوالدين إلى أن قال وشهادة الزور وشهادة الزور " وكررها مرارا مع تغير وجهه الشريف وجلوسه بعد أن كان متكئا .أو التعرض إلى اعراضهم بالغيبة والنميمة والسعاية بين الإخوان بغية بث العداوة والبغضاء والشقاق بينهم فقال تعالى :" ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم " فأي شر مستطير يوهن قوى الأمة ويفت في عضدها من هذا الخلق الذميم الذي يحط من شأنها في أعين أعدائها فتنحل وحدتها وتتلاشى قوتها فتركن إلى الكسل والضعف ثم المذلة والإستسلام إلى العبودية والهوان فتكون هدفا لأطماع الأعداء. والإسلام يحذر المؤمنين من التخاذل والفشل والتفرقة فقال تعالى :" واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " وإن الآفات المهلكة التي يعاني منها المجتمع الإسلامي اليوم جاءته من بعد المسلمين عن تعاليم دينهم الحنيف الذي أحل لهم الطيبات وحرم عليهم الخبائث فانقلبت أذواقهم وانغلقت مفاهيمهم وأصبحوا لا يميزون بين ما هو طيب وما هو من الأخباث بل طابت أذواقهم الأخباث وانغلقت مفاهيمهم عن إدراك الصواب فأكلوا المحرمات وأعطوها من الأسماء ما يغري ضعاف العقول ونعتوها بأنها من أفعال المتقدمين والمتنورين الذين لا يعرفون التعصب في الدين وما دروا أن من حارب العصبية الجاهلية ومقت المحسوبية الدينية هو دينهم العظيم الذي جعل ميزان التفاضل بين الناس هو التقوى والإستقامة فقال تعالى :" وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم " كما لم يعلموا أن شر التعصب يقضي على عوامل التقدم والفوز السليم .إن ديننا أيها المسلمون دين العدل والأخوة والوئام ونبذ الشقاق والقضاء على عوامل الفساد ولا يمكن بحال ان يصل المسلمون إلى العزة والتمكين التي وعدهم الله بها إلا إذا تمكنوا من التغلب على عواطفهم وسيطروا على شهواتهم ونزعاتهم وقاموا قومة رجل واحد وغيروا ما بأنفسهم وبدلوا سيرهم وقضوا على كل العوامل الطفيلية في مجتمعاتهم وتلك هي سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " أقول ما تسمعون وأستغفر الله العيم لي ولكم فاستغفروه تجدوه غفورا رحيما
الخطبة الثانية :
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا نحمده تعالى حمدا يكافئ نعمه التي لا تحصى ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله أرسله ربه مبلغا رسالته بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا فاللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الأطهار ومن سلك طريقهم واهتدى بهديهم إلى يوم العرض والإختبار
أما بعد أيها المؤمنون: فلقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من شرور كثيرة ونبهنا إلى ما فيها من المفاسد والقبائح التي تعوق وحدة المؤمنين وتهدم كيان الموحدين فقال صلى الله عليه وسلم :" اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن ؟ قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات " أيها المؤمنون لا شك أن هذه الموبقات من أخبث الآفات الإجتماعية التي تشتت وحدة صف المسلمين فتبث بينهم الكراهية والعداوة وتدفعهم إلى أكل أموال بعضهم بالباطل وتحرضهم على الإعتداء على المستضعفين في الأرض الذين يكونون عرضة لظلم الظالمين وبطش المتجبرين .والتعامل بالربا الذي هو ابتزاز أموال الناس وأكلها بدون وجه شرعي ويؤدي بالتالي إلى تداول الأموال بين فئة قليلة من الناس التي تجرهم إلى احتكار أقوات الناس وبذالك يزداد الفقير فقرا والبائس ابتئاسا قال تعالى :" كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم" فاتقوا الله عباد الله وخافوا يوما لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم واعلموا أنكم ملاقوه يوم القيامة وسائلكم عن أعمالكم فتجزون بصالحها خيرا وبسوءها سوءا فاتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون









 


آخر تعديل عمي صالح 2009-11-19 في 11:03.
قديم 2009-11-21, 18:37   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عبد الرحمان1980
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية عبد الرحمان1980
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد إخواني أريد منكم قراءة الخطبة والرد عليها










قديم 2009-12-01, 13:49   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عمي صالح
مشرف عام
 
الصورة الرمزية عمي صالح
 

 

 
الأوسمة
المشرف المميز **وسام تقدير** وسام أفضل خاطرة المرتبة  الثانية وسام التميز وسام الحضور المميز في منتدى الأسرة و المجتمع وسام الحفظ 
إحصائية العضو










Flower2

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الرحمان1980 مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد إخواني أريد منكم قراءة الخطبة والرد عليها

بسم الله.الرحمن.الرحيم
الحمدلله.رب.العالمين والصلاة والسلام على أشرف.الأنبياء والمرسلين وبعد:
السلام.عليكم و رحمة.الله و بركاته
جازاك.الله. خيرا.على الموضوع القيم.و بارك .الله. فيك
و السلام.عليكم و رحمة.الله و بركاته









قديم 2010-02-04, 18:05   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
الهامل الهامل
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

الأفات الاجتماعية
الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، " يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " [ آل عمران : 102 ] " يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ، وخلق منها زوجها ، وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً ، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً " [ النساء : 1 ] " يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً"[الأحزاب:70 ]
أما بعد: فأوصيكم ـ عباد الله ـ ونفسي بتقوى الله الملك العلام؛ فإن تقواه سبحانه عروة ليس لها انفصام وجذوة تنير القلوب والأفهام، وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ [النساء:1].
معاشر المسلمين، إن المستقرئ للأوضاع الاجتماعية في كثير من المجتمعات الإسلامية ليدرك أنه في خضم المتغيرات الاجتماعية وفي ظل تداعيات النقلة الحضارية وفي دوامة الحياة المادية ومعترك المشاغل الدنيوية حدثت أنواعٌ من السلوكيات والأنماط الخطيرة التي يُخشى أن تؤثر في اختلال نظام الأمة الاجتماعي، ويأتي الانفتاح العالمي والأخطبوط العولمي ليذكي غوار هذه السلوكيات ويشعل هذه السلبيات؛ مما يؤكد أهمية تمسك الأمة بعقيدتها وقيمها الحضارية وأخلاقها الاجتماعية الأصيلة.
فلقد كثرت مشكلاتنا الاجتماعية في حياتنا وبلادنا الإسلامية، وجدّت، وقويت، وتعاظمت في كثيرٍ من مجتمعات المسلمين صورٌ وأنماطٌ وأخلاقٌ، ليست من الإسلام في شيء، وأصبحت تلقي بظلالها على تلك المجتمعات، وتفرض قيمها فيها، وتحكم أوضاعها، وتقوم مسيرتها في كثيرٍ من أحوالها، ولم يكن لكثيرٍ من هذه المجتمعات عهدٌ بمثل هذه المخالفات، ولم يكن لها قبولٌ بينها، بل كانت تعافها القلوب، وتشمئز منها النفوس، وترفضها العقول، وينكرها الصالحون والمصلحون، ولكنها تسللت شيئًا فشيئًا، وبدأت قليلاً ثم صارت كثيرا، وأول الغيث قطرةٌ ثم ينهمر، ومعظم النار من مستصغر الشرر، ولعلنا اليوم لا نحتاج إلى كثير جهدٍ ولا إلى عميق تفكيرٍ لنعدد مثل هذه المشكلات، أو لنضرب الأمثلة عليها، أو لنرى آثارها الوخيمة وأضرارها العظيمة التي تفجرت في مجتمعاتٍ إسلاميةٍ كثيرة.
إهمال الآباء وغياب الأمهات شكوى ظاهرة وصورةٌ واضحة، كم من الأبناء تاه، وكم من الفتيات ضِعن لعدم وجود أبٍ مربٍّ، أو أمٍ راعية. تفلّتت الأسرة عندما غاب عنها قائدها وربانها، فهو المسؤول، وهو القائد، وكم رأينا أيضًا من صورٍ أخرى مقابلة؛ عقوق الأبناء وضياع البنات ناتجٌ من أثر ذلك، وكم رأينا صورًا كثيرةً في خارج دائرة الأسرة، إلى دائرة المجتمع، إلى صورٍ كثيرة، ظلم الرجل، وقهر المرأة، تسلّط المرأة، وغياب الرجولة، غيرةٌ جائرة، أو دياثةٌ فاجِرة، طلاقٌ سريع، أو تصدعٌ مريع، أسرٌ مفكّكة، وأجيالٌ مضيّعة، فراقٌ قاتل، وبطالةٌ آثمة، شهواتٌ ثائرة، وفواحش ظاهرة، أمانةٌ زائلة، وأخلاقٌ زائفة، صورٌ كثيرةٌ مريرةٌ دامية، نراها في واقع كثيرٍ من مجتمعاتنا، لم تعد تلك المجتمعات التي تنعم بالصفاء والسلام، لم تعد تلك الأسر التي تظلّلها المحبة والوئام، لم تعد تلك العلاقة التي تمتد من الأبناء إلى الأباء بالاحترام، ومن الآباء إلى الأبناء بالرعاية والإكرام، لم نعد نرى صور الشباب الذي كان يخوض ميادين العلم ليكون مبرزًا متفوقا، والذي كان يخوض ميادين الجهاد ليكون فارسًا مؤثرا، والذي كان يخوض ميادين الحياة الإنسانية ليكون متقدمًا سابقا، لقد صرنا اليوم نشكو من طفولةٍ ليس لها همٌ إلا اللهو واللعب، ومن شبابٍ ضائعٍ ليس له هدفٌ ولا غاية، وليس له منهج ولا رسالة، وكل ذلك يتفرّع منه كثيرٌ وكثيرٌ من الصور، ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الروم:41]، سنة الله عز وجل، إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد:11]، أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ [آل عمران:165].
عندما غابت هذه السنن لم نفقهها، ولم نحرص على رعايتها، مضت فينا سنة الله، وجرت علينا أقدار الله، فتغيرت القلوب، وتحولت النفوس، وانحرفت السلوكيات، وتغيرت وتبدلت الأخلاقيات، وصرنا نشكو من صورٍ كثيرةٍ ومن أضرارٍ عظيمة، وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30]. ولو أن الله جل وعلا حاسب أمة الإسلام على كل تفريطٍ منها وتقصير وعلى كل جحودٍ ونكود ما ترك على ظهرها من دابّة، ولكنه سبحانه وتعالى يربي الأمة ببعض البلاء، ويربيها بما يقع عليها من أثر مخالفة أمره ومخالفة نهجه سبحانه وتعالى.
إنّ المتأمل يجد هذه الصور، وهي تفرز حقائق واضحة، والذي يدعونا أن نتحدث بمثل هذا الحديث، ونخوض في مثل هذا الموضوع زيادة الظاهرة واتساع الخرق على الواقع، حتى قال أحد الأدباء المربين الذين لهم خبرةٌ عظيمةٌ في مجال التربية والتعليم وفي مجال الأدب والتهذيب معلنًا عن ضخامة هذا الأثر وعن عظم اتساع الخرق، وهو يبين أن مثل قوله وحده وأن مثل كتابته أو خطبته وحده مع نفرٍ قليلٍ لا يجدي نفعا ولا يغير واقعًا، فيقول: "اخطبوا ـ أيها المدرسون ـ ما وسعكم الجهد، واهرؤوا من فسح لكم سبيل الهراء، وقولوا للشباب: كن صيّنًا عفيفًا، إنها لن تجدي عليكم خطبكم، ولا يستقر في نفسه هراؤكم، إنه يخرج فيسمع إبليس يخطب خطبةً بلغة الطبيعة الثائرة، في السوق على لسان المرأة المتبرجة، وفي الساحل على لسان الأجساد العارية، وفي السينما على لسان المناظر المتهتكة المثيرة، وفي المكتبة على لسان الجريدة المصورة، والرواية الخليعة الماجنة، وفي المدرسة على لسان أصحابه الفساق المستهترين، ثم يقول مسلّطًا الضوء على حقيقة الواقع في حياة أكثر المجتمعات الإسلامية إلا ما رحم الله: بناء الأخلاق فيها وسوق الزواج يبور، ونسل الأمة ينقطع، والمخازي والرذائل تعم وتنتشر، وليس هذا مبالغة، وليس هذا خيالا لرجلٍ مريضٍ أو متشائم، وإنما هو رسمٌ لبعض ملامح الواقع الذي تفشّى في مجتمعاتٍ إسلاميةٍ كثيرة".
ولعلنا نذكر أيضًا بعض الحوادث التي دعت إلى مثل هذا الحديث عندما كثر حديث الناس، وكثرت شكواهم، وظهرت بعض الصور التي تهزّنا هزًا، وتدعونا ونحن بحمد الله عز وجل في خيرٍ كثير، ونسلم من شرٍ كثير، لكن الفتنة بدأت تطرق أبوابنا، والمشكلات بدأت تطل علينا برؤوسها، ولعلنا إن لم نخش الله سبحانه وتعالى ونتخذ من أسباب الحيطة والحذر ومن أسباب الوقاية والعلاج ما يلزم فلعلنا نصيح يومًا ونقول: "أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض"، ولعلنا نعضّ أصابع الندم كما يعضّها غيرنا في بلادٍ إسلاميةٍ وغير إسلامية، عندما انفرط الحبل على غاربة، وعندما ضاعت معالم الأخلاق الفاضلة والمبادئ والقيم السامية، فلننظر إلى بعض الآثار الواضحة التي يعاني منها كثيرٌ من الناس وبدأنا نشعر بآثارها، وبدأ يصلنا لفحها ولهيبها، ألسنا نرى همًا في القلوب وحيرةً في النفوس انعدمت معها طمأنينة القلوب وسكينة النفوس؟! أليس ذلك مصداقًا لحديث النبي الذي روي عن حذيفة مرفوعًا: ((تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودًا عودا، فأيما قلبٍ أُشربها نُكت فيه نكتةٌ سوداء، فإن تاب واستغفر صقل منها، وإلا أصبح قلبه أسود مربادًا، كالكوز مجخيًا، لا يعرف معروفًا، ولا ينكر منكرًا، إلا ما أُشرب من هواه))؟! أليس قد أظلمت القلوب واسودت النفوس وتجهمت الوجوه وغاض ماء الحياة فيها؟! ألسنا نرى تلك الفضاضة والغلظة؟! ألسنا نرى ذلك التكدر والتعصب وذلك السوء في الخلق الذي انعكس من أثر ما على القلوب من الهموم وما ران على النفوس من الغموم؟!
إننا نلمح ذلك، ونتلمس أنفسنا، ونحاول أن نقارن بين القمة السامقة التي ينادي بها القرآن الكريم ويدعونا إليها وبين واقع الحال الذي نعيشه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [الأنفال:29]، أي: يجعل لكم من قلوبكم النقية وفطركم السوية ما تميزون به بين الحق والباطل، فتنقبض النفوس وتجزع القلوب من أيّ منكرٍ عارضٍ لو لم يقم عندها عليه دليلٌ من الشرع أو معرفةٌ بحكمٍ من آيةٍ أو حديث، فكيف بنا ونحن نعرف الآيات والحديث؟! لكن القلوب لم تعد منكرة، والنفوس لم تعد متغيرة، بل وإن السلوك أصبح يجاري ويوافق إن لم يمارس ويفعل إن لم يدعُ ويجاهد، نسأل الله عز وجل السلامة.
ألسنا نرى دوامًا في الاضطراب وتزايدًا في القلق؟! ألسنا نرى حال كثير من الناس اليوم لم يعد فيه استقرار؟! وبالتالي فإن كلمةً واحدة كفيلة بأن تفجّر غضبًا، كأنما هو بركانٌ محبوس. إن في النفوس من العلل والأدواء ومن أثر أمراض الشهوات والخروج عن دين الله عز وجل أثرا عظيما أخبرنا الله عز وجل به في شطر آية: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه:124].
إننا عندما نتأمل نجد أيضًا فحشًا في الأقوال وعنفًا في الأفعال، ألسنا نرى اليوم رجالاً يضربون نساءهم كما يضرب الرجل دابته وبهيمته؟! ألسنا نرى آباء يريدون أن ينهجوا نهجًا من التربية يظنونه قويمًا لكنهم قد اختلطت عليهم الأمور والتوت عليهم المسالك، فإذا بهم يجلدون أبناءهم كأنما هم يريدون قتلهم؟! ألسنا نرى تلك الكلمات من قاموس الفحش والسب واللعن والغمز واللمز والغيبة والنميمة حتى صارت هي الشائعة، فلا تكاد الأذن تسمع غيرها، ولا يكاد القلب يتلقى سواها، حتى أصبحت كما قال عروة بن الزبير رحمه الله: "رأيت ألسنتهم لاغية، وآذانهم صاغية، وقلوبهم لاهية، وأديانهم واهية، فخشيت أن تلحقني منهم داهية"، وحسبكم داهيةً بمثل هذه الدواهي؟! ألسنا نرى أيضًا انحلالاً في الخلق واختلالاً في الأمن بدأ يسري إلى مجتمعات المسلمين ويستحكم فيها، فلم تعد ثمة فضيلةٍ يُحرص عليها، ولا أمنٌ يستتب ويشيع، فإذا نحن نرى للفواحش ظهورًا، بل لها في بعض بلاد المسلمين وللأسف قوانين تحميها ودساتير تنظمها، زعموا ذلك حضارة أو تقدمًا، أو زعموه حريةً شخصيةً، أو غير ذلك؟! ألسنا نرى جريمةً تعدّت اليوم الفواحش من زنا ولواط إلى شذوذٍ، بل إلى اغتصابٍ، بل إلى قتلٍ وسرقةٍ ونهبٍ؟! ألسنا نرى المخدرات تفتك بشباب الأمة وشاباتها؟! ألسنا نرى ونرى ونرى آثارا من آثار تلك المشكلات؟! وكذلك غيابٌ في القيم وفسادٌ في الأعراف، ولعلنا لا نريد أن نكثر الشكوى، ولا نريد أن نعدد صور المأساة، ولكننا أيضًا لا نريد أن نكون كالنعامة تدس رأسها في التراب إذا داهمها الخطر، فالخطر يحدق بها وهي لا تراه، وتظن بأنها بذلك تحسن صنعًا.
إنه ليس لنا بحالٍ من الأحوال إلا أن نصارح أنفسنا بما جدّ في واقعنا، وبما ظهر من انحرافٍ في بيئتنا، وأن نتكاتف ونتعاون جميعًا؛ لأنه كما قال ذلك القائل: "فليخطب الخطباء"؛ فإن خطبهم وحدها لا تكفي، لكنها جزءٌ من تربية الآباء مع رعاية الأمهات، ومع دور المدرسين والمدرسات، ومع تكاتف جهود الصحف والجرائد والمجلات، إلى غير ذلك من تكاملٍ، ما لم نأخذ بأسبابه فإننا نخشى أن تصيبنا تلك الداهية، وأن تعمنا تلك البلايا والرزايا التي عمّت كثيرا من المجتمعات، وبدأت تشكو منها.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، أحمده على إحسانه، وأشكره على جزيل توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا وحده لا شريك تعظيمًا لشأنه، واحد في أسمائه وصفاته، واحد في وحدانيته وربوبيته، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهم صل عليه وعلى آله وأصحابه والأنبياء إخوانه، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم يلقونه.
أما بعد: فاتقوا الله يا عباد الله.
ثم اعلموا أنني ـ أيها الإخوة الكرام الأحبة ـ وأنا أطرح مثل هذا الموضوع على أسماعكم لا أريد أن نتّجه به اتجاه الصراخ والدعاء بالويل والثبور وعظائم الأمور ورفع الصوت عما جرى من تهتكٍ في الأخلاق أو تسيبٍ في المعاملات أو غير ذلك، فإن ذلك لا يجدي نفعًا، ولكننا نريد أن نناقش مثل هذه الموضوعات بموضوعيةٍ، نبحث فيها عن الأسباب، ونتلمس فيها العلاج، ونلقي بالمسؤولية على الجميع، كلٌ بحسبه، وندعو أنفسنا جميعًا إلى التعاون والتكاتف وتبادل الآراء والأخذ بالأسباب العملية؛ فإن الأمر يهمنا جميعًا، وإن خيره يغمرنا بإذن الله عز وجل جميعًا، وإن ضرره لا يسلم منه أحدٌ منا وإن لم يقم به ولم يقترفه، فإن الشر يعمّ أثره ويعمّ ضرره وإن كان الإنسان يتوقى منه؛ ولذلك ليس حديثنا هو إشارةٌ للموضوع، وإنما هو بدءٌ بذكر بعض الصور وذكر بعض الآثار والتعريج على بعض الأسباب، حتى نخلص بعد ذلك إلى كل مشكلةٍ على حدة، ونتعاون جميعًا فيما يتعلّق بعرضها ومعرفة أسبابها وعلاجها، ولا يتم ذلك إلا بمثل هذا التعاون والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، وذلك هو سمة الأمة الإسلامية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعاون على البر والتقوى الذي دعانا الله عز وجل إليه، ولست في مقام الإفاضة في الأسباب، ولكنني أذكر أهم الأسباب التي ترجع إليها أكثر المشكلات، وسنعود عند كل مشكلةٍ إلى ذكر أسبابها، وأعظم الأسباب وأهمها:
أولا: ضعف التدين، وهو بداية كل مشكلة وأساس كل انحراف، وذلك يظهر في صورٍ كثيرة، منها: الجهل بالدين، فكثيرٌ لا يعرفون حلالاً وحراما، ولا يعرفون مسؤوليةً وواجبا، وكثيرٌ يجهلون بعض الأحكام والآداب والتوجيهات التي دُعُوا إليها، حتى من كان على مستوى عالٍ من الشهادات العلمية التخصصية؛ فإنه وللأسف تجد كثيرًا منهم لا يعرفون أبسط الأمور من التوجيهات والآداب والسنن النبوية التي رسمها النبي في بناء الأسر وفي تربية الأبناء وفي العلاقات مع المجتمع، حتى أن طبيبًا متخصصًا تدرس ابنته في إحدى المدارس فيعلمونها الأذكار والأدعية الواردة عن خير الخلق عليه الصلاة والسلام عند النوم وعند الاستيقاظ وعند دخول الخلاء وعند الخروج منه وعند ركوب السيارة وعند النزول منها إلى غير ذلك مما ورد عنه عليه الصلاة والسلام، وكانت ابنته الصغيرة تريد أن تدخل إلى بيت الخلاء مرةً ثم خرجت مسرعةً، فارتاب من شأنها فسألها، فقالت له: إني نسيت هذا الدعاء قبل أن أدخل إلى بيت الخلاء، وهو يحكي هذا لزميلٍ له طبيب ويقول له: إنهم يحفّظونهم في المدرسة أذكارًا وأدعية كثيرة، هل هذه كلها قد قالها رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ لم يسمع بها من قبل، ولم يتصوّر أن النبي عليه الصلاة والسلام قد ذكر لنا في كل حالٍ ووضعٍ ذكرًا نتّصل فيه بالله، ونذكر الله سبحانه وتعالى فيه. وليس هذا فقط من ضعف التدين والجهل بالدين، وإنما أيضًا العمل والالتزام، فكم هي الأمور التي نعلمها ويعلمها كثيرٌ من الناس ثم يخالفونها بأفعالهم، ويرتكبون ما يضادّها ويعارضها، وهم يعلمون علم اليقين بحرمتها أو بكراهتها، وليس ذلك فحسب، بل التأثير، فإن بعض الناس قد يعلم وقد يعمل، ولكن يغيب عنه التأثير الإيماني الذي ينبغي أن يكون من أثر العلم والعمل؛ خوف من الله عز وجل، تعلّق بالآخرة، إيثار لها، زهد في الدنيا، مراقبة لله جل وعلا، عندما لا تترسخ هذه المعاني من أثر العلم والعمل يمكن بعد ذلك أن تنحرف.
ثانيا: المرجعية الإسلامية، كثيرٌ من الناس يتصرّفون قبل أن يرد على ذهنه أن يسأل: هل هذا التصرف يوافق الإسلام أم لا يوافقه؟ فهو لم يعد يتصور أن هذه الأمور وأن كثيرًا من تصرفات الحياة يحتاج فيها إلى معرفة حكم الإسلام، قد صار الناس منفلتين يعملون ما يشاؤون، لا يشعرون أنهم في حاجةٍ إلى مرجعيةٍ دينية، وبعد ضعف التدين فساد الفطرة الذي ظهر كما قلنا من ظلمة القلب ومن أهواء النفوس، فنحن اليوم في زمنٍ أكثر أحوال الناس فيه أهواء النفوس التي تتحكم والشهوات هي التي تحكم وتفصل، لم يعد ثمة ضابط، لم يعد ثمة عقلٍ كابح، لم يعد ثمة فطرةٍ تأنف وتعاف، حتى قد كان أهل الجاهلية فيهم من أثر الفطرة بعض خيرٍ ربما غاب وفُقد عند بعض المسلمين، فهذه هند بنت عتبة وقد كانت من هي في كفرها، وهي التي سعت وفرحت بقتل حمزة بن عبد المطلب عم النبي ، عندما جاءت تبايع النبي فبايع النساء على أن لا يزنين، فجفَلت هند بنت عتبة وهي بين الجاهلية وانتقالها إلى الإسلام وقالت صارخةً مستنكرة: أوَتزني الحرّة؟! أمرٌ غير مقبولٍ قبل أن يكون بالدين بالفطرة السوية، بالنفس البشرية الإنسانية التي لا تقبل مثل هذا الوحل، ولا مثل تلك القذارة والنجاسة والدناءة بفطرتها وطبيعتها.
ثالثا: انحلال الخلق، وأعظمه انعدام الحياء، وحسبنا تلك الكلمات الوضيئة العجيبة المعجزة التي قالها الرسول : ((إذا لم تستح فاصنع ما شئت))، وكما قال عليه الصلاة والسلام في الصحيح: ((إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت))، وقال عليه الصلاة والسلام: ((الحياء والإيمان قرناء جميعا، فإذا نزع أحدهما نزع الآخر))، وخص الحياء بالذكر من بين شعب الإيمان كلها عندما قال: ((أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى من الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)). ما هي السمة التي تجمع بين الرجل الديّوث والمرأة المتبرجة والابن العاق وغير هؤلاء؟ إنه انعدام الحياء الذي لا يجعل تحفظًا في عورة، ولا توقفًا في كلامٍ فاحش، ولا إحجامًا عن فعلٍ رذيل، إنه الحياء الذي إذا انهار انهارت معه سدودٌ وسدودٌ وسدود، يعمّ بعدها سيل الفساد الكاسح الذي يغير ويدمّر كل شيء إلا ما أذن الله عز وجل ببقائه بعصمة إيمان والتزام إسلام وفضيلة خلق.
وأمرٌ ثانٍ في شأن انحلال الخلق هو تغير الموازين، أليس اليوم قد صار العري حضارة وتقدمًا وفنًا، وصار الكذب شطارةً وفهلوةً وحذقا، وصارت الخيانة تدبيرًا وإحكامًا وفنًا، وصار الصدق غباءً وبلادةً، وصار العفاف جبنًا وخوفًا، إلى غير ذلك مما انقلبت به الأحوال؟! فأدى ذلك إلى أن صاحب الخلق القويم يجد نفسه محاطًا بمثل هذه المسميات ومثل تلك الموازين المنعكسة المنقلبه.
ولعلنا نجد من الأسباب ما هو أكثر من ذلك، ولكن هذه أسسها وأعظمها؛ فإن ضعف التدين وفسدت الفطرة وانحل الخلق فكل ما وراء ذلك يأتي تبعًا له.
فنسأل الله عز وجل أن يقوي إيماننا، وأن ينقي فطرنا، وأن يقوي أخلاقنا، ونسأله سبحانه وتعالى أن يسلمنا من الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، ونسأله عز وجل أن يحفظ أزواجنا وأبناءنا وبناتنا، وأن يحفظنا بالإسلام قاعدين، وأن يحفظنا بالإسلام في كل أحوالنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ألا وصلوا وسلموا ـ رحمكم الله ـ على النبي المصطفى والرسول المجتبى، كما أمركم بذلك المولى جل وعلا، فقال تعالى قولاً كريمًا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
اللهم صل وسلم على سيد الأولين والآخرين وأفضل الأنبياء والمرسلين نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.










قديم 2010-07-20, 18:23   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
رشيد76
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية رشيد76
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










قديم 2011-01-25, 17:05   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
المصلح
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

الآفات الاجتماعية وتأثيرها على الشباب

إنّ مجتمعاتنا العربية والإسلامية بما تمثل من خصوصية ثقافية واجتماعية تتعرض اليوم لتحديات كثيرة تهدد خصوصيتها الثقافية والاجتماعية . ونرى الكثير من الظواهر المنتشرة التي تفتك بشبابنا وتشكل مصدر تهديد لكل القيم والمبادئ الدينية والأخلاقية والوطنية .
ترى ما هي تلك التحديات؟ أهي تحديات ذاتية نابعة من ذات المجتمع، أم أنها تحديات خارجية آتية من الخارج، أم أنها تأتى من هذا وذاك؟ وما هي يا ترى سبل التغلب على تلك التحديات كي تحقق مجتمعاتنا تنشئة سليمة لأجيالها؟
بداية إذا نحن أقررنا من حيث المبدأ أن لكل مجتمع خصوصيته الثقافية التي تشكل هويته الذاتية، ويسعى جاهدا إلى المحافظة عليها وصيانتها من الاندثار والاندحار تحت وطأة وهيمنة الخصوصيات الثقافية للمجتمعات الأخرى، جاز لنا القول بأن مجتمعاتنا العربية والإسلامية تتعرض اليوم لتحديات كثيرة تهدد خصوصيتها الثقافية.
وعندما نشير إلى خطورة هيمنة الخصوصيات الثقافية للمجتمعات الأخرى على خصوصيتنا الثقافية العربية والإسلامية فلسنا بذلك ندعو إلى الانغلاق أمام بقية الثقافات والتحصن ضدها، ذلك لأن مثل هذا الانغلاق لم يعد ممكنا اليوم، بالإضافة إلى أن مجرد محاولة الانغلاق والانعزال عن بقية الثقافات يعد مخالفة صريحة لحقيقة الاستخلاف الإنساني على الأرض وما يتطلبه هذا الاستخلاف من تفاعل وتعارف وتبادل منافع بين البشر كما في قول المولى عز وجل: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم". ما نود الإشارة إليه هنا هو أننا في خضم ما يحدث اليوم في العالم من عولمة ثقافية واقتصادية وسياسية واجتماعية ذات مرجعية غربية لا يمكن الفكاك من تأثيراتها، وأخذت تهدد الهويات الثقافية المميزة لمعظم المجتمعات المعاصرة، يجب علينا البحث في كيفية المحافظة على هويتنا العربية والإسلامية التي تميزنا عن غيرنا، والتي نقصد بها القيم الدينية والأخلاقية والإجتماعية الموجهة لسلوكنا ونظرتنا للكون والحياة.
هذه المبادئ والقيم تتعرض اليوم إلى جملة من التحديات تهدد وجودها وبقاءها، حيث أصبحت التنشئة الاجتماعية عاجزة عن تكريس تلك المبادئ والقيم في النفوس بفعل تلك التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها مجتمعاتنا المعاصرة.
ومن أهم المبادئ والقيم التي تشكل بعضا من ملامح الخصوصية الثقافية الأصيلة لمجتمعاتنا العربية والإسلامية ما يلي:
1ـ العقيدة الدينية الصحيحة والفهم الصحيح لها وممارسة شعائرها.
2ـ الإيثار والمحبة والتآزر والاحترام بين أفراد المجتمع .
3ـ الابتعاد عن مظاهر الكبر والتكبر والخيلاء والعجب والغضب والحقد والحسد وسوء الظن وتضييع حقوق الآخرين.
4ـ الاتصاف بالتواضع والتراحم والحب ولين الجانب والتسامح وحب الخير للناس أجمعين، وحفظ حقوقهم وحسن الظن بهم والتعاون معهم على البر والتقوى والعمل الصالح.
5ـ البعد عن الظلم والغش والرشوة و"المحسوبية" وإيذاء الناس والغيبة والنميمة والكذب والسخرية والسب واللعن وغيرها من آفات اللسان.
6 ـ الأخذ بالأخلاق الحسنة مثل: العدل والصدق ونصرة الضعيف المظلوم والجرأة في الحق، والشجاعة فيه، وعدم إيذاء الناس في شرفهم وأعراضهم.
7 ـ حب الخير للجميع ونصرة المظلوم والسلام على أفراد المجتمع وتهنئتهم في أفراحهم ومواساتهم في أتراحهم وإجابة دعوتهم وعيادتهم إذا مرضوا إضافة إلى آداب الطعام وآداب السير في الطرقات وأدب المجلس وأدب العالم والمتعلم ..
من المؤكد بطبيعة الحال أن خصوصيتنا الثقافية الأصيلة أوسع من أن نحصرها في تلك النقاط السبعة لكنها تمتد إلى جوانب شتى أبعد من ذلك، وقد حاولنا فقط تحديد بعض ملامح خصوصيتنا الثقافية في تلك النقاط حتى لا يظل هذا المفهوم مفهوما مجردا .

والتحديات التي تواجهها مجتمعاتنا نوعان : أحدهما داخلي (أي نابع من ذات المجتمع) والآخر خارجي (أي من خارج حدود المجتمع).

أولا: التحديات الداخلية:
ما أن تحررت معظم الدول العربية والإسلامية من ربقة الاستعمار وتأسس أو توحد بعضها الآخر حتى بدأت النخب السياسية والثقافية فيها رحلة البحث عن سبل تنمية مجتمعاتها. ولأن تجربة الدول المستعمرة كانت سابقة في هذا المضمار، ونتيجة للصورة المثلى التي رسمها الاستعمار عن تجاربه التحديثية، وانعكاسا لاتجاه النخبة المثقفة في الغرب إلى تقسيم العالم إلى دول متقدمة (إشارة إلى الدول الغربية) ودول متخلفة (إشارة إلى الدول الأفريقية والآسيوية) فقد سارعت النخب السياسية والثقافية في الدول المتحررة حديثا من الاستعمار (بما في ذلك الدول العربية والإسلامية) إلى تمثّل التجربة التنموية والتحديثية في الغرب لأن تكون نبراسا تهتدي بها للوصول إلى مرحلة التقدم كما هي بصورتها الغربية. وكان من الطبيعي أن ينتج عن مثل هذه الاستعارة للتجربة التنموية الغربية مشكلات كثيرة أثرت ولا زالت تؤثر سلبا على عمليات التنشئة الاجتماعية في مجتمعات تلك الدول. وإذا كان هذا يمثل مؤثرا خارجيا إلا أنه أدى إلى انعكاسات سلبية على الواقع الاجتماعي المحلي.
فالأسرة العربية والإسلامية التقليدية بعدما تخلت عن كثير من القيم والمبادئ تعرضت لآثار عكسية نتيجة عمليات التحديث والتغيير الاجتماعي المزعوم ، فكادت الأسرة أن تفقد هويتها ووظائفها الحيوية.
ومن مظاهر تدهور الأسرة العربية والإسلامية انتشار الكثير من الظواهر التي يجب تلافي حدوثها ومنها: ظاهرة المخدرات بين المراهقين والشباب، ظاهرة الإباحية المستمدة من الستلايت والإنترنت ، ظاهرة الانحلال الخلقي ، ظاهرة تقليد الغرب وغيرها من الظواهر .

ثانيا: التحديات الخارجية:
تواجه أمتنا العربية والإسلامية اليوم تحديات عقائدية وثقافية وإعلامية تهدد هويتنا الثقافية، خاصة وأننا نعيش اليوم في عالم متفاوت الاتجاهات والرغبات تتنازعه قوى السيطرة واستعماريات مختلفة الأيديولوجيات تسعى لطمس حضارات وثقافات الشعوب أملا في سيادة حضارة شعوبها وفرضها من واقع الغلبة وقوة التقنية. إذ سعت الدول الكبرى ذات السيادة ولا زالت تسعى إلى السيطرة على منابع الفكر والثقافة في عالمنا العربي والإسلامي، وزرعت في أرضه بذورا غريبة من ثقافات مستوردة لا تمت لأصالتنا بصلة، فاستفحلت هذه البذور وخلطت الحابل بالنابل في عقول أطفالنا وشبابنا .
نحن نعيش في عصر أصبحت فيه أجهزة الاتصال المنزلية وأقمار الفضاء لا تعرف الحدود، وأصبح العالم كله عند أطراف أصابع الملايين وأمام أعينهم على شاشات التلفزيون والكمبيوتر. والقرن القادم يحمل في طيا ته ما هو أخطر من التحديات للمجتمعات العربية والإسلامية على وجه الخصوص، حيث يشهد تاريخ البشرية تحولات جذرية من الحداثة والصناعة .
ومما لا شك فيه أن المجتمعات البشرية تواجه إرهاصات واضحة نحو الذوبان الثقافي والسياسي والمعرفي والانطلاق نحو القرية الكونية الموعودة التي تمثل وحدة العالم المعلوماتي الخاضع لوسائل الاتصال والمواصلات التي تشهد هي الأخرى تحولا جذريا في أساسياتها فضلا عن تشكيلاتها. وهذا يعني أن التميز الذاتي للشخصية الإقليمية أو المحلية يشهد تحديا يعصف بالمعايير وقواعد السلوك والضبط الاجتماعي التي هي جزء لا يتجزأ من عملية التنشئة الاجتماعية.
إن الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام ودور العبادة والجامعة والمؤسسات التربوية والأهلية تمثل أهم الأنساق الاجتماعية المنوط بها مسألة التنشئة الاجتماعية الصحيحة وتساعد على تشكيل الهوية الثقافية للمجتمع المتميز، حيث يصبح المجتمع ذا هيكلية ثقافية تسيطر على سلوكنا من خلال تحديد أبعاد ثقافية موجهة تتحكم بتصرفاتنا وأفعالنا في مختلف الأزمنة والأمكنة.
إن ما نراه اليوم من بث كوني متلفز وشبكات المعلومات والكتب الإلكترونية أصبحت في متناول معظم أجيال الناشئة في العالم الثالث، ماسحة أمامها جذور الأصالة والتميز والتفرد التي كانت دولنا العربية والإسلامية تمتاز بها كما تمتاز بنكهة أطعمتها المتميزة عن أطباق الغرب والشرق الغذائية. ولعل هذا الاندفاع الثقافي العالمي من جهة المرسل إلى جهة المتلقي يجعل من عملية التنشئة الاجتماعية أمرا بالغ الصعوبة في مجتمعات لا تستمد جذورها من الماضي ولا تستطيع الاستقلال باختياريتها في الحاضر.
وأمام هذه التحديات نجد أنفسنا أمام تساؤل هام مفاده: هل من سبيل إلى الخروج؟ وهل من أرضية نضع أقدامنا عليها؟
إننا اليوم مطالبون جميعاً بمواجهة هذه التحديات بكل أبعادها وتجنيب مجتمعاتنا آثارها السلبية المحتملة.
ومن أهم ما نحتاجه اليوم هو تنقية البيئة الأخلاقية بعدما تلوثت بعدد من الأوبئة والأمراض التي ما فتئت تفتك بمجتمعنا فتؤدي إلى الانحلال الخلقي في أوساط الشباب والناشئة .
إن الحاجة تبدو ماسة اليوم أكثر من أي وقت مضى للالتزام بالأخلاق والسلوك النبيل من أجل الخروج بمجتمعاتنا إلى ساحة الإنقاذ بعدما أفسدت الفلسفات الوضعية ذات المنحى المادي القيم في معظم الأمم المعاصرة ، وشوهت صورة الأخلاق مما جعل الناس يتخبطون بما نراه اليوم من فساد ، وانتشار للرذائل ، وانهيار شامل في القيم والمثل .
ولقد جاءت الأديان كلها بالدعوة إلى الإعداد الخلقي للنّاس، وجعلته على قمة أهدافها التوجيهية والتربويّة، وقد أكّد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله هذا المعنى في قوله: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق .
وهنا يحضرني بيتاً من الشعر للشاعر أحمد شوقي :
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتما وعويلا
وأهمية الإعداد الخلقي للشباب أنّ الأخلاق مجالها الحياة كلّها، وسلوك الإنسان كلّه، وعلاقاته بربه وبنفسه وبالآخرين؛ بل وبالمخلوقات كلها.
فالإعداد الخلقي للشباب هو الذي يجعل من الصفات الحسنة، كالصدق والأمانة، والإخلاص والوفاء، والشجاعة والعفة، والمروءة والعدل وغيرها عادات في سلوك الشباب وحركته الدائبة، كما تجعله نافراً في سلوكه اليومي من الصفات السيئة، كالحسد والحقد، والخيانة والكذب، والظلم والغدر وغيرها، وبهذا الإعداد يتجنب الشباب مظاهر غير مرغوبة في السلوك الإنساني، كالتكبّر، والصلف والتهور، والخوف والجزع، وقبول الذل والمهانة، والخشونة والغلظة في معاملة المؤمنين وشرب الخمر وتعاطي المخدرات وغير ذلك ..










قديم 2011-01-25, 20:52   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
بلقاسمي1991
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية بلقاسمي1991
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا جزيلا










قديم 2011-04-23, 10:57   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
alitim
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية alitim
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مشكووووووووووووووووور










قديم 2013-06-24, 07:09   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
sndes39
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا جزيلا










 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 02:50

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc