التّصوّف ليس علمًا من عُلوم الشّريعة الإسلاميّة - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية

قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية تعرض فيه تاريخ الأمم السابقة ( قصص الأنبياء ) و تاريخ أمتنا من عهد الرسول صلى الله عليه و سلم ... الوقوف على الحضارة الإسلامية، و كذا تراجم الدعاة، المشائخ و العلماء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

التّصوّف ليس علمًا من عُلوم الشّريعة الإسلاميّة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2017-02-15, 20:13   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
سعيد هرماس
كاتب و باحث
 
الصورة الرمزية سعيد هرماس
 

 

 
إحصائية العضو









افتراضي التّصوّف ليس علمًا من عُلوم الشّريعة الإسلاميّة

التّصوّف ليس علمًا من عُلوم الشّريعة الإسلاميّة

الحمد لله حقّ حمده، و الصّلاة و السّلام على من لا نبيّ بعده ؛ سيّدنا مُحمّدٍ، و على آله و أصحابه الجارين على سُنّنه من بعده. و بعد،
لقد عرف أتباع الإسلام، مُنذ نهاية المئة الهجريّة الأولى. بداية المئة الثّامنة النّصرانيّة، تقريبًا، لفيفًا من العُلوم و الفُنون، المُتعلّقة من قريبٍ، أو من بعيدٍ، بقراءة و دراسة المصدرين المعصومين ؛ القُرآن الكريم، و السُّنّة النّبويّة الشّريفة، من كُلّ جوانبهما و مناحيهما و مدلُولاتهما. و من جُملتها ؛ الكلام أو العقائد (السّمعيات و الغيبيات)، و القراءات و أُصول الرّواية، و أحكام القُرآن و تفاسيره، و مُصطلح الحديث و أُصوله و كُتبه، و الفقه و أُصوله و قواعده و مقاصده، و الفرائض، و السّير و التّراجم و التّاريخ، و عُلوم اللّسان العربي جميعها (1)... و شهدت هذه العُلوم، توسّعًا و تطوّرًا، ثُمّ استقرّت جُلّ مبادئها و أُصولها و مُصطلحاتها و مباحثها، بعد القرن الرّابع الهجريّ، و كانت قد قُسّمت إلى قسمين : العُلوم الوسائل، و العُلوم الأهداف، و تسمّت بعُلوم الشّريعة الإسلاميّة.

و بالتّوازي مع ذلك، شهدت الأمّة الإسلاميّة، في نفس الحقبة الزّمنيّة، و بعدها، نشأة الفرق و الطّوائف و النّحل
(2) و المذاهب، و ظهر بينها رُؤوسٌ و دُعاةٌ و مُجتهدون، و كان مدعاة ذلك، اختلاف في تبنّي العقائد (أُصولاً و فُروعًا)، و في منهج التّلقّي، و في اعتبار المرجعيات العلميّة، و في فهم أحكام الفقه (أُصولاً و فُروعًا)، و في اعتماد أوجه اللُّغة العربيّة و ألفاظها و معانيها و أساليبها. و ما إن انصرم القرن الثّالث الهجريّ. القرن التّاسع الميلادي، و أربى عليه القرن الرّابع الهجريّ. القرن العاشر الميلادي، حتّى تبلورت هذه الفرق و المذاهب، و نضجت آراؤها و برزت، و ظهرت دواوينها و استقلّت. و أقول تحديدًا، بالنّسبة للمذاهب، و هي الفقهيّة اصطلاحًا ـ كما لا يخفى ـ استقرّت تماما عند نهاية القرن الثالث الهجريّ(3) ، و اُعتبر ما اُعتبر منها، و أُلغي ما أُلغي منها، و تقلّد السّواد الأعظم من أتباع الإسلام، و هُم أهل السُّنّة و الجماعة ؛ أبا حنيفة و مالكًا و الشّافعيّ و أحمد و داود (داوود) الظّاهريّ، و غيرهم ممّن اندثرت مذاهبهم ؛ كالأوزاعيّ و اللّيث و السّفيانين و ابن أبي ليلى و ابن مهدي و ابن المُبارك و ابن شُبرمة و ابن أبي ذئب و ابن راهويه و أبي ثور و أبي عُبيد و ابن أبي شيبة و ابن خُزيمة و العنبري، و رضوا بهم عبر الأمصار و الأعصار. و كان آخر من عُرف بالاجتهاد المُطلق، عند سواد الأمّة ـ في ما نعلم ـ هُم أبو عبد الله مُحمّد بن نصر المَرْوزي (ت 294 هـ)، و أبو جعفر مُحمّد بن جرير الطّبريّ (ت 310 هـ)، و أبو بكر مُحمّد بن إبراهيم بن المُنذر (ت 319 هـ)(4) .

و تقرّر اتّفاقًا بين عُلماء الأُمّة ؛ أنّه إذا اختلف السّلف، من القُرون الثّلاثة الأولى، في مسألة ما إلى مذهبين أو ثلاثة، فلا يجوز إحداث مذهبٍ ثالثٍ أو رابعٍ ؛ لأنّ في ذلك خُروجًا عليهم و اتّهامهم بعدم الفهم و المعرفة، و حاشاهم من ذلك، ففُهومهم مُقدّرة و مُقدّمة على فُهوم غيرهم، قال الله تعالى : (و من يُشاقق الرّسول من بعد ما تبيّن له الهُدى و يتّبع غير سبيل المُؤمنين نُولّه ما تولّى و نُصله جهنم و ساءت مصيرًا)
(5) ، و عن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه و سلّم) : (خيرُ النّاس قرني، ثمّ الّذين يلُونهم ثمّ الّذين يلُونهم، ثمّ يجيء أقوامٌ تسبق شهادة أحدهم يمينَه و يمينُه شهادتَه)(6، 7).

و أمّا التّصوّف
(8) فهُو نزعةٌ مُستحدثةٌ في الإسلام، و كانت نشأته ببغداد، في النّصف الأخير، من المئة الهجريّة الثّانية. نهاية القرن الثّامن الميلادي. و هُو لا يخلو من الرّطانات الفارسيّة، و له أوصافٌ مُشابهةٌ للتّشيّع، و ظاهر أمره المُبالغة في الزّهد، و مُجاهدة النّفس، و كثرة الاستغفار، و التّبتّل إلى الله، و استدبار الدُّنيا، و استقبال الآخرة، و الانقطاع عن مُخالطة عوام النّاس، و أهل التّرف. و صار له وجهتان ؛ هُما : القصد الّذي يتبنّاه و يُمثّله الإمام أبو القاسم الجُنيد البغدادي (ت 297 هـ) ؛ و هو ظاهر أمر التّصوّف الّذي أشرنا إليه آنفا. و الغُلو الّذي جاء به أبو مُغيثٍ حُسين بن منصور الحلّاج (ت 309 هـ) ؛ القائل بالحُلول و الاتّحاد. و كان لأئمّة التّحقيق من أهل السُّنّة و الجماعة فيه، تفصيلٌ و ميزانٌ، بصريح القُرآن، و صحيح السُّنّة النّبويّة الشّريفة المُطهّرة ؛ فقالوا نقبل من التّصوّف ما يُساير منه المأثور، و لا يُخالف المعروف، من هدي و سَنن النّبيّ مُحمّدٍ (صلّى الله عليه و سلّم)، و صحابته الكرام ؛ فإنّ الدّين قد خُتم بختام الوحيّ، فما لم يكن يومئذٍ دينًا فلا يكون اليوم دينًا، و الزّيادة في الدّين كالنّقص منه، فكلاهما لا يجوز، و كلاهما ممّا يجب إنكاره و دفعه.

و أغلب حاملي نزعة التّصوّف، زعموا أنّ التّصوّف علمًا مُستقلًّا، من عُلوم الشّريعة الإسلاميّة، و وضعوا له قاموسًا خاصًّا لمُصطلحاته، و كتبوا فيه كُتبًا، و جمعوا فيه خُطبًا و دواوين
(9) ، و وضعوه ضمن المُقرّرات العلميّة الّتي تُحفّظ و تُدرّس، في الجوامع و الرّوابط و التّكايا و الزّوايا و المدارس، الّتي تُعنى بالتّعليم العتيق (الأصيل)، في الخافقين، و رفعوا عقيرتهم بعد نهاية القرن السّابع الهجريّ. الثّالث عشر الميلادي، و انتشرت بين أتباعهم الأهواء و الضّلالات و البدع و المعاصي.

و زعمهم هذا مردودٌ ؛ فالتّصوّف أمره مُتعلّقٌ بالمنهج، في السُّلوك، و في الاختيارات النّفسيّة و تذوّقاتها و مواجيدها و أحلامها، فإن اُصطلح عليه تجوّزًا علمًا، فإنّ ماهيته تكون في غير الشّريعة الغرّاء. ثمّ جعلناك على شريعةٍ من الأمر فاتّبعها و لا تتّبع أهواء الّذين لا يعلمون. الجاثية / 18.


و شريعة التّكليف فيها ما يُغني، في ما يخصّ الآداب و الأخلاق، و أعمال القلب و الجوارح، جاء في الحديث : (إنّما بُعثت لأُتمّم مكارم الأخلاق. أو قال بُعثت لأُتمّم صالح الأخلاق)، أخرجه أحمد و البيهقي و الحاكم و وافقه الذّهبيّ، عن ابن عجلان بإسناده عن أبي هُريرة (رضي الله عنه)، عن رسول الله (صلّى الله عليه و سلّم)، و صحّحه الحافظ العراقيّ. و عُلماء المُسلمين كتبوا في مُتعلّقات النُّفوس و أحوالها، و في الرّقائق و أعمال الزُّهد و صنائع الفضل و المعروف، حدًّا تجاوزا فيه قدر الكفاية، و كانت من كتاباتهم و مُؤلّفاتهم في ذلك، نماذج رائعة، مشفوعة بالنُّصوص القُرآنيّة و الحديثيّة، و مُترعة بأقوال و آثار السّلف الصّالح. و من خيرة هؤلاء العُلماء، الإمامان الجهبذان، أبو الفرج عبد الرّحمان بن عليّ بن الجوزي (ت 597 هـ)، و أبو عبد الله مُحمّد بن أبي بكر، المعروف بابن قيّم الجوزيّة (ت 751 هـ).


و أثناء عصر التّدوين و الأئمّة المُجتهدين، لم تُعرف تلك الألفاظ، الّتي صدّع المُتصوّفة بها رُؤوس النّاس ؛ الحقيقة، و الميثاق، و الطّريق، و التّلقين، و الورد، و الوُجد، و الإلهام
(10)، و غيرها... الّتي لم تكن على عهد السّلف، من الصّحابة و التّابعين و الأئمّة المُجتهدين، و جاؤوا ببدع و عادات شوّهت جمال الإسلام.
فالحقيقة هي الشّريعة الّتي جاء بها الإسلام، و هي مناط التّكليف. و الميثاق هو الإيمان بالله و توحيده، و الإيمان بكُتبه و رُسُله و قضائه و اليوم الآخر، و إتيان أوامره و اجتناب نواهيه. و الطّريق هو اتّباع هدي و سَنن و طريقة رسوله و نبيّه مُحمّدٍ المُصطفى (عليه الصّلاة و السّلام).


و الّذين يتغنّون بالتّصوّف اليوم، أغلبهم ابتعدوا عن الرُّسوم الّتي خطّها الأُول، من جيل المُتصوّفة، الّذين كان قصدهم صحيحا شريفا ؛ و هُو تهذيب النُّفوس، و تقويم الأخلاق، و التّرويض على الأعمال الصّالحات، و هداية النّاس، و نشر الخير، و إسعاف الفُقراء و المحرومين، و بثّ العلم و الفضيلة، و مُحاربة البدع و الخُرافة و الرّذيلة، بالبيّنات و الهُدى ؛ كتاب الله، و سُنّة رسوله (صلّى الله عليه و سلّم)، و آثار صحابته المرضيين. و لا نجاة إلّا باتّباع ذلك ؛ فالتّحقّق لا يكون إلّا بمعارف القُرآن و السُّنّة، و التّخلّق لا يصلح إلّا بآدابهما. و قد كثر في أوساطهم، بنو هَنبر لا خَلاق لهم، قومٌ يهرفون بما لا يعرفون، و ينعقون بما لا يسمعون، و يتمسّحون لكسب حُطامٍ زائلٍ، بالمُداراة و التّملّق و المُداهنة. ودّوا لو تُدهن فيدهنون. القلم / 09.


و إذ قبل عُلماء الإسلام هذه النّحلة ؛ المُصطلح عليها التّصوّف، و قبلوا أدراج مُنتسبيها الّذين تسمّوا بالمُتصوّفة، أو بالصُّوفيين، ثمّ صاروا ـ و لا زالوا ـ طرائق قِددًا، تحسبهم جميعًا و قُلُوبهم شتّى. أتواصوا به ؟؟؟. و هُم بذلك يعبثون بتقاسيم وجه الإسلام الجميل و النّاصح، و يُعقّدون قواعده و أصوله و مقاصده، و يُركبون أهلَه الصّعب، على غير مُراد و هدي الشّارع الحكيم ؛ فإنّما قبلوا ما كان منها و منهم مُوافقًا للكتاب و السُّنّة و الإجماع، و قطُّ لم يجعلوا التّصوّف علمًا من عُلوم دين و شريعة الله الإسلام. أبدًا أبدًا أبدًا ؛ فعند انصرام العقد الثّالث الهجريّ. بداية القرن العاشر الميلادي، و بذلك أُفول عُصور التّشريع الإسلامي تماما. عُدّدت هذه العُلوم و الفُنون، و تأكّدت مبانيها و أهدافها، و تماثلت علاقة كُلّ علمٍ منها، بهذا الدّين العظيم، و بهذا الشّريعة الغرّاء، تماثلا مُبينا. أمّا هذا الشّيء المُسمّى التّصوّف، فهو ـ حقيقة ـ دخيلٌ عليها، و قد أراد المُنافحون عنه، أن يُدرجوه ضمنها، و قد جاءوا شيئا إدًّا، و إن كان مُرادهم منه التّربية النّفسيّة و تهذيبها بالسُّنن و الصّفات و الأخلاق و الفضائل النّبويّة، و إلزامها بالذّكر و الورد الشّرعيين، فذاك أمرٌ مطلوبٌ شرعًا، و هو من دواخل و مُخرجات ديننا الحنيف، و هو من مُجمل الآداب و الأخلاق الإسلامية، المُطالب بها الفرد التزامها، و لا علاقة له بتلك الرُّسوم و الخُطط المزعومة منهم، فعليهم أن أن يتخلّوا عن زعمهم هذا، و يُرِيحوا الأمّة ممّا جنوه عليها، بهذه الرّجرجات و السّخافات، و يُلزموا النّاس بالنُّصوص المعصومة، و يسيروا على ما سار عليه سلف هذه الأمّة الأخيار الّذين سبقونا إلى كُلّ خيرٍ، و أن لا يدّعوا مرّة أخرى، و يُلبّسوا على شُداة العلم و المعرفة، أنّ التّصوّف من عُلوم الشّريعة الإسلاميّة ؛ فالّذي استقرّ عند عُلمائنا الأثبات، أنّ العلوم المُتعلّقة بشريعتنا، من قريبٍ أو من بعيدٍ، هي :

01) ـ العقائد، أو التّوحيد، أو الأُصول، أو الكلام، أو الفكر (اصطلاحًا).
02) ـ القراءات و أُصول الرّواية و التّجويد.
03) ـ القُرآن و أحكامه و تفاسيره.
04 ) ـ الحديث النّبويّ و عُلومه و دواوينه و رجاله و أُصوله و مُصطلحه.
05) ـ الفقه و قواعده و مقاصده و مذاهبه.
06) ـ الأحكام و الأقضية و المواثيق.
07) ـ الفرائض، أو التّرائك، أو المواريث.
08) ـ أُصول الفقه و تاريخ التّشريع الإسلامي.
09) ـ السّيرة النّبويّة الشّريفة.
10) ـ الوعظ و الإرشاد و الخطابة.
11) ـ عُلوم اللّسان العربيّ : النّحو و الصّرف و البلاغة (البيان و المعاني و البديع) و العَروض و علم اللّغة و فقهها.
12) ـ المنطق و الجِدال و الحِجاج و المُناظرة.
13) ـ تاريخ الفرق و النّحل و الطّوائف و المذاهب الإسلاميّة.
14) ـ التّراجم و السِّير.
هذا ما أَدين الله به، و هُو المُستعان و عليه التّكلان، و صلّى الله و سلّم على سيّدنا مُحمّدٍ، و على آله و صحبه، في كُلّ وقتٍ و حينٍ.

هوامش



[1] ـ العربيّة هي لسان الشريعة الإسلاميّة، و هي القناة المُوصلة إلىفهم الكتاب و السُّنّة ، فإن سَلمت القناة سَلُم وصلها و فهمها ؛ لذا كانت العناية بها ضروريّة و أكيدة. و من سلامتها معرفة نحو كلامها، و صرف ألفاظها، و بلاغة بيانها و معانيها، و تركيب إنشائها و أُسلوبها، و استقامة نثرها، و توازن قريضها.
[2] ـ هذه المُصطلحات الثّلاثة ( الفرق و الطّوائف و النّحل ) تُطلق على الاختلاف العقدي ؛ أي بمعنى المذاهب العقديّة، الّتي انتشرت بين مُعتنقي الإسلام ؛ كالشّيعة، و الخوارج، و المُعتزلة، و الجهميّة، و القدريّة، و المُرجئة، و الكراميّة، و الأشاعرة ( الأشعريّة )، و الماترديّة، و الكُلّابيّة،... و غيرها، و كُلّ فرقة من ورائها فرقٌ. و تتباين في بينها، في مدى قُربها أو بُعدها، عنأُصول السّواد الأعظم ؛ أهل السّنّة و الجماعة. و هُنالك فرقٌ ظهرت أيضا بين ظهراني الأمّة الإسلاميّة، و خرجت خُروجا واضحا، باجتهاداتها الباطلة، عن أُصول الإسلام .
[3] ـ فقه النّوازل أوالمُستجدّات، هُو فقه الجُزئيّات، و هُو لا ينحصر كما لا يخفى ؛ لأنّ مدارهالزّمان و المكان و الحال. يقول كُبراء الأصول : الفتوى تُقدّر زمانًا و مكانًا وحالاً.
[4] ـ كان هؤلاء الثّلاثة على مذهب الشّوافع، و قد بلغوا رُتبة الاجتهاد المُطلق، و لم يخرجوا عن أُصوله. و يرى آخرون أنّ الّذين بلغوارُتبة الاجتهاد، من أهل السُّنّة و الجماعة، كُثرٌ ؛ منهم مثلا : الفخر الرّازي، و العزّ بن عبد السّلام، و ابن دقيق العيد، و ابن تيميّة، و.....، و عامّة أهل الحديث ؛ من طراز الذّهبي و ابن القيّم و ابن حجر و العيني و القسطلاني و الأنصاريّ و الهيتمي و الصّنعاني و الشّوكاني، و غيرهم، و أنّ باب الاجتهاد مفتوحٌ، إلى قيام السّاعة، بلغه من بلغه، و أنّ الأمّة الإسلاميّة لا يخلو منها أهل الاجتهاد أبدا. و قد تكون قالتهم هذه صحيحة. و اللهأعلى و أعلم. و أقول : لأهل الاجتهاد ـ عند أهل السُّنّة ـ مراتب أربع :
01ـ مُجتهدٌ مُطلقٌ : و هُو الّذي يستطيع أن يستخرج حُكما شرعيّا من الأدلّة الشّرعيّة لأيّ مسألة ما، كحال الأئمّة الأربعة، و سفيان الثّوري، و اللّيث بن سعد، و عبد الرّحمان الأوزاعي، و عبد الله بن المبارك، و أبي بكر بن خُزيمة، و غيرهم ممّن ذكرنا آنفا، في متن المقال .
02 ) ـ مُجتهدٌ مُرجّحٌ : و هُو الّذي يستطيع أن يُرجّح بين الأدلّة و بين الأقوال، و حتّى بين المذاهب في أي مسالة ما، و لا يخرج عن القواعد العامّة لدى المذاهب الفقهيّة المُقرّرة، كحال النّوويّ، و شيخ الإسلام ابن تيميّة ( قدّس الله روحه و أنار ضريحه )، و غيرهما.
03 ) ـ مُجتهدُ مذهبٍ : و هُو الّذي يستطيع أن يستخرج حُكما شرعيّا لأيّ مسألة ما وفق قواعد مذهبه، نذكر على سبيل المثال لا الحصر : الإمام مُحمّد بن الحسن الشّيباني عند الحنفيّة ( الأحناف )، والإمام ابن الماجشون عند المالكيّة ( الموالك )، و الإمام المُزني عند الشّافعية (الشّوافع )، و الإمام ابن عقيل عند الحنابلة.
04 ) ـ مُجتهدُ فتوى : و هُو الّذي ينقل فقط الفتاوى المُعتمدة عند المذهب الّذي يتّبعه ؛ كحال الكثير من الفُقهاء القُدامى و المُعاصرين. و الله أعلى و أعلم.
[5] ـ النِّساء / 115.
[6] ـ رواه البُخاري ومُسلم.
[7] ـ ص 84، من كتابي تذكير العُقلاء بمسائل السُّنّة عند العُلماء.
[8] ـ قال بعضهم : التّصوّف مأخوذ من الصُّفَّة ( بضمٍّ ففتحٍ )، و جمعها صُففٌ و صِفافٌ، نسبة إلى أهل الصُّفَّة، و هُم نفرٌ من فُقراء الصّحّابة المُهاجرين ( رضي الله عنه )، لازموا صُفَّة ( مكان مُظلّل ) مسجد رسول الله (صلّى الله عليه و سلّم ) بالمدينة المُنوّرة، و انقطعوا إلى العبادة و الذّكر. و هذا على غير قياس ؛ فقواعد الصّرف ترفضه. و قال آخرون : التّصّوف من الصّفاء. و هذا أيضا على غير قياس. و قال قومٌ : التّصوّف نسبة إلى لباس الصُّوف ؛ لأنّ المُتصوّفة كانوا يُكثرون من لبسه، حتّى عُرفوا و اُشتهروا به. و هذا ـ في ظنّي ـ أقرب إلى التّفسير الصّحيح للفظة التّصوّف. و الله أعلى و أعلم. جاء في مُعجم لُغة الفُقهاء : التّصوّف مصدر تصوّف إذا صار صُوفيّا. الصّدق مع الله، و التّحرّر من سطوة الدُّنيا، و حُسن التّعامل مع النّاس. هذا هو المشروع منه. و ما أدخله بعضهم من انحرافٍ عن القُرآن و السُّنّة، من وحدة الوُجود، و الحُلول، و سُقوط التّكاليف، و نحوها، فهو كُفرٌ و زيغٌ وضلالٌ. اهـ.
[9] ـ يُقال أنّ أوّل المُتكلّمين بالتّصوّف، على رُؤوس المنابر، ببغداد، هُو أبو حمزة مُحمّد بن إبراهيم البغدادي، المعروف بالصُّوفيّ ( ت 270 هـ/ 883 هـ ). و الله أعلى و أعلم.
[10] ـ لا نقصد من ذلك وضعها اللُّغويّ، إنّما المُراد هو ما تعنيه عندهم ؛ فقد صارت أسماء مُصطلحة على معانٍ تخصّ منهجهم هذا.


و كتب أبو مُحمّد سعيد هَرماس
الجلفة المدينة في 06 جُمادى الأُولى 1438 هـ
المُوافق 03 فيفري 2017 م








 


رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
التّصوف

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 06:54

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc