الرشوة2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الرشوة2

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-02-21, 11:10   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










New1 الرشوة2

خطة البحث:
المقدمة
الفصل الأول: المقارنة من حيث النظام القانوني لجريمة الرشوة
المبحث الأول: المقارنة من حيث ماهية الرشوة
المطلب الأول: تعريف الرشوة: في التشريعات و الحكمة منها
الفرع الأول: التعريف
الفرع الثاني: الحكمة منها
المطلب الثاني: التكييف القانوني للرشوة و موقف التشريعات منها
الفرع الأول: أنصار الأحادية في الرشوة و التشريعات التي تأخذ بها
الفرع الثاني: أنصار الازدواجية في الرشوة و التشريعات التي تأخذ بها
المبحث الثاني: المقارن من حيث أركان جريمة الرشوة
المطلب الأول: العنصر المفترض للمرتشي- صفة الموظف العام
الفرع الأول: تحديد المدلول
الفرع الثاني: تحديد الاختصاص
المطلب الثاني: الركن المادي
الفرع الأول: محل الرشوة: أ- موضوعها
ب- صور بلوغها
ج- صور المقابل
الفرع الثاني: سبب الرشوة: أ- أداء العمل
ب- الامتناع عنه أو التأخير في القيام
ج- الإخلال بواجبات الوظيفة
المطلب الثالث: الركن المعنوي
الفرع الأول: نوع القصد الجنائي
الفرع الثاني: عناصره
الفرع الثالث: معاصرة القصد الجنائي لماديات الجريمة
الفصل الثاني: النظام الجزئي للرشوة في كل تشريع
المبحث الأول: التشريع الفرنسي
المطلب الأول: عقوبات الرشوة السلبية
المطلب الثاني: عقوبات الرشوة الإيجابية
المبحث الثاني: التشريع المصري
المطلب الأول: رشوة بسيطة
الفرع الأول: أصلية
الفرع الثاني: تكميلية
الفرع الثالث: الإعفاء
المطلب الثاني: رشوة مشددة
الفرع الأول: تشديد راجع للغرض من الرشوة
الفرع الثاني: تشديد متعلق بنوع العمل المطلوب من الموظف
المبحث الثالث: التشريع الجزائري
المطلب الأول: عقوبة الرشوة السلبية
الفرع الأول: عقوبات أصلية
الفرع الثاني: عقوبات تكميلية
المطلب الثاني: عقوبات الرشوة الإيجابية
الفرع الأول: عقوبات أصلية
الفرع الاني: عقوبات تكميلية
المطلب الثالث: عقوبات رشوة الوسيط و المستفيد
الفرع الأول: رشوة الوسيط
الفرع الثاني: رشوة المستفيد
المبحث الرابع: التشريع اللبناني
المطلب الأول: الرشوة البسيطة
الفرع الثاني: عقوبات أصلية
الفرع الثاني: عقوبات إضافية
الفرع الثالث: عقوبات إضافية فرعية
المطلب الثاني:الرشوة المشددة
الفصل الثالث: الجرائم الملحقة بالرشوة
المبحث الأول: رشوة المستخدمين في المشاريع الخاصة
المطلب الأول: الصفة المفترضة للجاني
المطلب الثاني: الركن المادي و المعنوي لجريمة الرشوة في المشاريع الخاصة
الفرع الأول: الركن المادي
الفرع الثاني: الركن المعنوي
المطلب الثالث: عقوبات الرشوة في المشروعات الخاصة
المبحث الثاني: جريمة استغلال النفوذ
المطلب الأول: الركن المادي لجريمة استغلال النفوذ
المطلب الثاني: الركن المعنوي لجريمة استغلال النفوذ
المطلب الثالث: عقوبات جريمة استغلال النفوذ
المبحث الثالث: جريمة الوساطة و الاستفادة في الرشوة
المطلب الأول: جريمة الوساطة
الفرع الأول: الركن المادي
الفرع الثاني: الركن المعنوي
الفرع الثالث: عقوبة جريمة الوساطة
المطلب الثاني: جريمة الاستفادة من الرشوة
الفرع الأول: الركن المادي
الفرع الثاني: الركن المعنوي
الفرع الثالث: عقوبة جريمة الوساطة
الخاتمة
المراجع
الملاحق





المقدمة :

لما قامت الدول اوجبت ضرورة بقائها واستمرارها رعاية مصالح المواطنين في مختلف نواحي حياتهم وتنظيم شؤونهم و وقع هذا اللعب عاتق اولئك الذين قاموا على شؤون الدولة .واذا كان بمقدور الحاكم في العصور الشاقة ان يتولى بنفسه تنظيم تلك المهام .فان نشاة الدولة و اتساع نطاقها وتعدد الافراد فيها وتنوع مصالحهم اقتضى ان توجد الى جوار الحاكم جهات تعاونه في اداء مهمته , ولقد اخذت تلك الجهات تتعدد تبعا لازدياد الأعباء وتنوعها ومع مرور الزمن أكثرت الخدمات التي تقدمها الدولة لرعاياهم وصار من الضروري وجود بعض الأفراد الذين توليهم الدولة بعض سلطاتها تحقيقا لرسالتها وهم الموظفون العموميون , واذا كانت الدولة تمنح بعض سلطاتها لموظفيها فانها تهدف بهذا الى أن تستخدم السلطات في النطاق الذي رسمه القانون تحقيقا للمصلحة التي ترجى وحفاظا على حقوق الأفراد والمساواة بينهم أمام القانون وهي من ناحية أخرى تعطي الموظف مقابلا للعمل الذي يقوم به , وهو الوضع الطبيعي بالنسبة لكل من يحصل من آخر على بعض من خدماته.
و الأصل في الموظف اذا منح سلطانا معينا أن يستعمله في حدود القانون وتحقيقا لما ابتغاه لأن الخروج على تلك الضوابط يؤدي الى الاخلال بالمصلحة التي أراد القانون حمايتها بما قد يترتب على هذا من اضطراب يقع في النظام . وعلى أن اخلال الموظف بواجبات وطبقته قد يصل في بعض الصور الى درجة يضطرب فيها نظام العمل ويفقد أفراد الجمهور الثقة بالموظف وتبعا بالأعمال الحكومية بما يؤدي الى فساد الادارة الحكومية وفي هذه الحالة لا يقف المشرع عند الجزاء الاداري وحده بل يقرر عقوبة جنائية في أجل ذلك الاخلال مهددا بها كل من تسوله نفسه ارتكاب احدى الجرائم التي يحددها وتتصل بعمل الموظف و لا شك في أن من أخطر صور الاخلال بالوظيفة لا تجار بها أي تقاضي المقابل على أية صورة لقاء تحقيق مصلحة لبعض الأفراد ومن هنا كان الأساس في تجريم أفعال الرشوة فالمجتمع يرى فيها ظاهرة خطيرة جديرة بالمكافحة.
ولقد هددت هاته الجريمة عروشا وأسقطت حكومات وتورط في فصائحها الأمير والملك والموظف والمستخدم على حد السواء ولم يعرف التاريخ الحديث فضيحة أكبر من فضيحة لوكهيد وسببها الرشوة التي قدمتها الى عدة شخصيات سياسية في عدد كبير من الدول الأوروبية , كاليابان , وايطاليا , وتركيا , وألمانيا الغربية وهولندا ومن بين نتائجها اعتقال رئيس الوزراء الياباني واستقالة الحكومة .
كما هددت ملكة هولندا بالتخلي عن العرش بسبب الرشوة التي تلقاها زوجها الأمير بيربارد.
ولهذا يرجع اختيارنا لجريمة الرشوة كموضوع لبحثنا نظرا لعدة اعتبارات من بينها أن الرشوة كانت ولازالت من أهم اهتمامات المجتمع في كل الميادين متوخين من الجهات المختصة بتغليض العقاب والضرب بقوة على أيدي المرتشين العابثين بمصالح المجتمع حتى يمكن استئصال هذا المرض ومحاربة البريوقراطية في كل الادارات والمجالات والدول.
وفي هذا السياق قامت كل التنشريعات في العالم على تجريم الرشوة وهذا رغبة منهم في عدم السماح بافلات كل أطراف الجريمة ومنه
فما نظرة التشريعات ( فرنسي , مصري , لبناني وجزائري ) لجريمة الرشوة ؟ وما هي السبيل الموضوعة لمكافحتها ؟ ومدى فعاليتها ؟
ولهذا الصدد اتبعنا في بحثنا على المنهج المقارن وعلى هذا المنهج وضعنا وقسمنا خطة بحثنا الى 3 فصول كل فصل مقسم الى مباحث ومطالب .

بمجرد الفصل الأول : المقارنة من حيث النظام القانوني لجريمة الرشوة
المبحث الأول : المقارنة من حيث ماهية الرشوة
المطلب الأول : تعريف الرشوة والحكمة منها
الفرع الأول : تعريف الرشوة
الرشوة في اللغة , مثلثة الراء : الجعل وما يعطي لقضاء مصلحة وجمعها رشا ورشاً وقال الفيومي : <<الرشوة بالكسر ما يعطيه الشخص للحاكم أو غير ليحكم له أو يحصله على ما يريد >>
وقال ابن الأثير :<<الرشوة الوصلة الى الحاجة بالمصانعة التي هي أن تضع لغيرك شيئا ليضع لك الأجر مقابله >>
وقال أبو العباس :<<الرشوة مأخوذة من رشا الفرخ , اذا مد رأسه الى أمه لتزفه وراشاه حاباه وصانعه وظاهره , وارتشى أخذ رشوة وترشاه أي لابنه واسترشى أي طلب رشوة والراشي من يعطي الذي يعينه على الباطل والمرتشي الأخذ والراش الذي يسعى بينهما ( ).
والرشوة في الاصطلاح : ما يعطي لابطال حق أو لاحقاق باطل . وهو أحض من التعريف اللغوي.
أما التعريفات التي وردت في معظم التشريعات القانونية عرفت الرشوة على أنها << الاتجار بأعمال الوظيفة أو الخدمة وما يؤدي الى أن هذه الجريمة تفترض وجود طرفين أو أكثر.
-الراشي : هو صاحب المصلحة الذي يهدف الى ارتكاب الموظف لعمل من أعمال وظيفته أو الاخلال بها أو الامتناع عن القيام بهذه الأعمال مقابل الرشوة.
-والطرف الثاني هو المرتشي: سواء أكان موظفا عموميا أو مستخدما عموميا يطلب لنفسه أو لغيره أو يأخذ وعدا أو عطية ويمكن أن يكون هنا طرف ثالث وهو الوسيط بينهما .
اذن فتعريف الرشوة بمعناها الواسع هي اتفاق بين شخصين بعرض أحدهما على الأخذ بُعلا أو فائدة ما فيقبلها لأداء عمل أو الامتناع عن عمل يدخل وظيفته أو مأموريته ( ).
ولقد نصت المادة 103 ق ع لبناني على أنه : يعد مرتشيا كل موظفا عمومي قبل وعدا من آخر بشيء ما أو أخذ هدية أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته ولو كان العمل حقا أو لامتناعه عن عمل من الأعمال المذكورة ولو ظهر أنه غير حق >>.
فالأصل في الرشوة الاتجار بالوظيفة ومن أجل ذلك سبق نص المادة 103 ق ع مصري وهو نفس الحكم في قانون العقوبات القديم الصادر في سنة 1883 فقد نصت المادة 89 منه على تعريف للرشوة مطابق لتعريف المادة 103 ق ع مصري الجديد ولذا قالت محكمة النقض المصرية في حكم قديم لها : ان علماء القانون عرفوا الرشوة بانها تجارة المستخدم في سلطته لعمل شيء أو امتناعه عن عمل يكون من خصائص وظيفته وعلى طبق التعريف وردت المادة 89 قانون عقوبات.
وكان الخروج عن هذا الأصل في قانون سنة 1904 ولكن الشارع المصري لم يقف عن هذا الحد بل أنه لدى تعديله قانون العقوبات 1904 أضاف الى باب الرشوة نصا يعتبر الموظفين الخبراء والمحكمين وكل انسان مكلف بخدمة عمومية.
ثم أضاف اليه بالمرسوم بقانون رقم 17 لسنة 1929 نصا آخر يعتبر أن حكم الرشوة أن يقبل أي شخص له صفة نيابية عامة وعدا بشيء ما أو أن يأخذ هدية أو عطية للحصول من احدى السلطات العامة على أمر من الأمور.
وفضلا عن ذلك فقد نص في المادة 189 من قانون سنة 1904 التي أصبحت المادة 222 في القانون الحالي على أن كل طبيب أو جراح (ولو لم يكن موظفا عموميا ) شهد زورا بممرض أو بعاهة تستوجب الاعفاء من أي خدمة عمومية يحكم عليه بالعقوبات المقررة للرشوة اذا سبق الى ذلك بالوعد بشيء ما أو باعطائه هدية أو عطية ( ).
ونص في قانون الانتخاب على عقاب كل من أعطى آخر أو علاض أو التزم بأن يعطيه فائدة لنفسه أو لغيره كي يحمله على التصويت على وجه خاص أو على الامتناع عن التصويت . وكل من فعل أو طلب فائدة من هذا القبيل لنفسه أو لغيره (م 66 من قانون الانتخاب الصادر في 19 ديسمبر سنة 1930).
مع أن الشارع المصري لم يخرج في ذلك كله عن غاية واحدة وهي حماية المصلحة العامة من أضرار الرشوة ولذا وضع أحكام الرشوة في الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون العقوبات وهو الكتاب الخاص لجرائم المضرة بالمصلحة العمومية.
أما مفهوم الرشوة في القانون الانجليزي فقد سبق القانون الفرنس يالى هذا المعنى فمنذ سنة 1902 صدر في انجلترا قانون يعاقب كل عامل (Agent) خادما كان أو مستخدما يقبل عطاء أو هدية لأداء عمل يتعلق بأشغال مخدومة أو للامتناع عن عمل من هذا القبيل أو جزاء على عمل هذا النوع سبق له أداؤه أو لمحاباة شخص له صلة بأشغال مخدومة أو لمعاكسة آخر كذلك . أما في مصر فلا يعاقب على مستخدمي البيوت التجارية أو الصناعية أو المالية اذا قبلوا رشوة لأداء عمل من أعمال وظائفهم أو للامتناع عن عمل من هذا القبيل ( ).
أما عن الرشوة في القانون الفرنسي حيث كان النص الأصلي للمادة 177 من قانون العقوبات المقابلة للمادة 103 عقوبات مصري , قاصرا على الفقرتين الأوليتين الخاصتين بالموظفين العموميين فأضاف اليه القانون الصادر في 13 ماي 1863 فقرة 3 تعاقب الخبراء والمحكمين الذين يقبلون وعدا أو يأخذون هدية أو عطية . لاصدار حكم أو ابداء رأي في مصلحة أحد الخصوم ثم أضاف اليه القانون الصادر في 4 يوليو 1899 فقرة 4 تعاقب أعضاء الهيئات النيابية الذين يتاجرون بنفوذهم لدى السلطات العامة بل ذهب هذا القانون الى أبعد من ذلك اذ عاقب أفراد الناس الذين يتخذون من مثل هذا النفوذ وسيلة رشوة بالنفوذ السياسي , غير أن الشارعالفرنسي اضطر ازاء تطور الأخلاق العامة بعد الحرب العظمى الماضية وشيوع الرشوة في جميع دوائر الأعمال العامة و الخاصة الى وضع حد لهذه المفاسد فأضاف في 16 فبراير 1918 الى الامادة 177 عقوبات فقرة 5 يعاقب مستخدمي المحلات التجارية والصناعية الذين يقبلون أو يأخون بغير علم مخدوميهم وبغير رضاهم وعودا تقتضيه واجباتهم وبذا اصبح العقاب على الرشوة لا يقتصر على الموظفين بل يتناول الأفراد أيضا.
أما عن جريمة الرشوة في القانون الجزائري فلم يكن بعيدا أو يأخذ بغير ما يأخذ به التشريعات الأخرى فلقد جاء معرفا للرشوة بوجه عام في المادة 126 ق ع على أنها الاتجار بأعمال الوظيفة أو الخدمة أو استغلالها بأن يطلب الجاني أو يقبل أو يحصل على عطية أو وعد بها أو أية منفعة أخرى لأداء عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنها . ولقد كانت ظاهرة الرشوة متفشية بكثرة في الفترة الاستعمارية ورجع الفقهاء الفرنسيين هي كيفية تنظيم الجهاز القضائي المؤسس سنة 1854 والى غياب الرقابة على قرارات المجالس (المعروفة بجهات التقاضي التي تمثل السيادة ).
وهذا هو ما يمكن تحليله من جمل المادتين 301 و 302 من قانون العقوبات اللبناني 301 ع لبناني << كل موظف ...التمس أو قبل ...>> , وهذا لأن المشرع يحرم بالرشوة كافة الجرائم التي تقوم على الاتجار بالوظيفة أو الخ\مة ويتعدى فيها على الأعمال و الوظيفة التي يجب أن تؤدي بالتطلع فقط لمقتضيات الصلح العام.
الفرع الثاني : الحكمة من تجريم الرشوة
ان المصلحة القانونية المهدورة بارتكاب جريمة الرشوة هي حسن أداء الوظيفة العامة و بالتالي ضمان نزاهتها و الاتجار في أعمال الوظيفة العامة يهبط بها الى مستوى السلع ويجرها من سموها باعتبارها خدمات تؤديها الدولة لأفراد الشعب , والنتائج المترتبة على ذلك وحتمية العواقب بالنسبة للفرد وبالنسبة للمجتمع على حد السواء :
أ-الرشوة خرق لمبدأ المساواة بين الألإراد المتساويين في المركز القانوني حيث تؤدي خدمات مرافق الدولة الى من يدفع المقابل للموظف العام وتحجب هذه الخدمات أو تعطل عن الأفراد غير القادرين أو العازفين عن أداء ذلك المقابل وتفشي مثل تلك الظاهرة من شأنه أن يهدر ثقة المواطنين الأسوياء في نزاهة الجهاز الاداري للدولة من ناحية و أن يدخل في روع الموطنين غير الأسوياء الاعتقاد بقدرتهم على شراء ذمة الدولة من خلال موظفيها من ناحية أخرى , وذلك من أخطر ما يصيب الأداة الحكومية في دولة من الدول.
ب-الرشوة هي مدخل للانحراف بالوظيفة العامة وفساد موظفيها فهي انحراف بالوظيفة العامة من حيث أنها تجعل الأولوية في أداء الخدمات العامة للأفراد الذين تتوافر فيهم شروط الانتفاع بها.
ج-الروة مدخل لفساد موظفي الدولة لأنها تؤدي الى اثرائهم دون سبب مشروع بينما الأصل أنهم ملزمون بأداء الخدمات للمواطنين دونما مقابل وهكذا يستوي بين الموظفين أنفسهم صنف جديد من صنوف المنافسة القذرة . يصبح فيه الموظف المرتشي بما يحصل عليه من دخل مثالا يهتدي به من غيره من الموظفين وهنا مكمن الخطورة اذ تصبح الوظيفة العامة سلعة رائجة وتلك مقدمات الفساد التي تصب وظائف الدولة الأخرى .
ويمكن اعتبار الرشوة احدى الجرائم التعزيزية في النظام الجنائي الاسلامي و أدلة تجريمها ثابتة بنصوص القرآن والسنة فلا رشوة لا تستقيم مع أي مبادئ الشريعة وتتعارض مع ما يمكن اعتباره قواعد تنظيم علاقة المحكومين بالحكام وعمال الدولة . وفي القانون الروماني كان يعاقب على الرشوة بغرامة تساوي المبلغ الذي أخذه المرتشي ثم خول بعد ذلك القاضي سلطة توقيع عقوبة النفي والاعدام اذا ترتب على الرشوة التضحية بشخص بريء وتتفق القوانين الوضعية على تجريم الرشوة.
ولهذا فظاهرة الرشوة لم تنطور من ناحية الكم فقط بل من ناحية الكيف أيضا.
فالمشاهد في الآونة الأخيرة أن الرشوة لم تعد عملا فرديا يقتصر على الموظف المرتشي بل اتخذت الجريمة صفة التنظيم يساهم فيها عدد كبير من الموظفين الذين تترابط اختصاصاتهم في العمل ببعض مصالح , وهنا وجه آخر من أوجه الخطورة . الأمر الذي يقتضي مكافحة الرشوة ليس فحسب عن طريق تشديد العقوبة . أو ملاحقة كافة من لهم صلة ولو كانت واهبة بمحيط الجريمة ( ).
بل يكون ذلك بربط تلك الظاهرة في شقي السلوك المؤثم والعقوبة المقدرة بظروف الوسط الاقتصادي والاجتماعي والحضاري الذي نشأت فيه الرشوة , ففي هذا الوسط تكمن الأسباب الجنيئة لتفشي تلك الظاهرة والحق أنما في ذلك كاشفة عن آفة مزدوجة فالرشوة من ناحية تفضح بيروقراطية التنظيم الاداري الذي تمت وترعرعت فيه وهي من ناحية ثلانية أخرى تغطي رقعة القصور الحضاري وهو قصور لم يستوعب بالقدر الكافي حتى اليوم فكرة أن الدولة ملتزمة بأن تؤدي للفرد من خلال مرافقها العامة خدماته على النحو الواجب , وفي وقت معقول دونها غير ما يدفعه من ضرائب أو رسوم واذا كانت الحكمة من تجريم الرشوة واحدة وهي حصابة مقومات حسن أداء الوظيفة العامة وبالتالي نزاهة الأداة الحكومية . فقد استدعى ذلك تدخل المشرع بالتجريم والعقاب في دائرة لأفعال عديدة ز دفعها جميعا بوصف الرشوة.
المطلب الثاني : التكليف القانوني للرشوة وموقف التشريعات من التكييف
لقد اختلف الفقه القانوني في اعطاء التكييف القانوني لجريمة الرشوة التامة كجريمة تقتضي اتحاد ارادة شخصين الأول هو دائما صاحب مصلحة يعرض هدية أو عطية على موظف ليحمله على أداء عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عن عمل كذلك . أما الثاني فهو الموظف الذي يقبل عرض الهدية أو العطية ويتاجر لوظيفته ومنه فلقد قسم الفقه هاته الجريمة الى قسمين رشوة ايجابية هي العرض من الراشي ( ).
ورشوة سلبية هي قبول من طرف المرتشي ( )
وبالرغم من هذا التقسييم الا أن الاختلاف الفقهي لانزال قائم في اعتبار هذا أن العنصر أن يكونان جريمة واحدة أو جريمتين ؟ ولقد انقسم الفقهاء ومن بعدها التشريعات في تكييف الرشوة . البعض يرى أن الرشوة هي جريمة واحدة والرأي الثاني يرى أن الجريمة هي متكونة من جريمتين منفصلتين وينتعرض لكل من هذين المذهبين بنوع ممن التفصيل ونجد لكل مذهب منهما بعض التشريعات التي نأخذ بها.
الفرع الأول : مناتصرو أحادية الرشوة والتشريعات التي نأخذ بها :
هذا الاتجاه يغير جريمة الرشوة جريمة la corruption –délit unique واحدة فاعلها الأصلي هو الموظف المرتشي أما صاحب الحاجة (الراشي ) فليس الا شريكا في هذه الجريمة الأصلية , وتقوم هذه النظرية على أن جوهر الرشوة انما يتمثل في الاتجار بأ‘مال الوظيفة و المساس بنزاهتها وهو ما لا يتصور وقوعه الا من جانب الموظف الذي يخون هنا الثقة التي وضعها رب العمل فيه , باستاد أمانة الوظيفة اليه , فالمرتشي اذن هو المعول عليه في مشروع الرشوة . فهو أكثر اجراما من الراشي لأنه بخل بواجبات الأمانة التي تلقيها الوظيفة اليه وهي واجبات لا لاتقيد الراشي في شيء.
ومؤدى مذهب وحدة جريمة الرشوة اذن هو اعتبار الموظف الفاعل الوحيد فيعتبر شريكا , اذا توافرت بين الرشوة الايجابية والرشوة السلبية لا توجد عندئذ امكانية افلات الراشي والمرتشي أحيانا من العقاب.
1-فبصفة عامة يتوقف تقرير المسؤولية الجنائية للراشي وامكانية عقابه على مصير الدعوى الجنائية المرفوعة في مواجهة المرتشي وبالتالي فانقضاء نتلك الدعوى بالتقادم أو العفو أو الوفاة يحول دون مساءلة الراشي . كما أن انتقاء قيام الرشوة عند المرتشي قانونا لانعدام قصده الجنائي أو لأي سبب آخر . بمنع معاقبة الراشي , وتلك أمثلة لأعمال نتائج نظرية اشعار الجريمة التي تقتضيها قواعد الاشتراك الجنائي واعتبار الراشي مجرد شريك للموظف المرتشي يخضع للقاعدة المعروفة في مجال المساهمة الجنائية وهي أن الشريكك ليستعبر اجرامه من الفاعل الأصلي (la criminalité par emprunte ) ويترتب على ذلك أن صاحب الحاجة الذي يعرض الرشوة على الموظف فيرفضها هذا الأخير لا يخضع للمساءلة الجنائية حيث يقتصر دورة في هذا الفرض على مجرد الشروع في الاشتراك والشروع في الاشتراك غير معاقب عليه في القانون الجنائي.
2-يؤدي مذهب الوحدة الى وقوف مساءلة الموظف الذي يطلب الرشوة فيرفض صاحب الحاجة طلب عند حد الشروع فلا يطةن مرتكبا لجريمة تامة..
3-ويبدو من المشكوك فيه أخيرا. امكانية معاقبة شركاء صاحب الحاجة (الراشي ) في ظل مذهب الوحدة , وفقا للقواعد العامة في المساهمة الجنائية فان الاشتراك في الاشتراك غير معاقب عليه La complicité de complicité est impunis sable وهكذا يؤدي مذهب الوحدة الى خروج فرضين يغلب وقوعهما في العمل من دائرة العقاب . عرض الرشوة من صاحب الحاجة حين يرفضه الموظف وطلب الرشوة من الموظف حين لا يستجيب اليه صاحب الحاجة . فلا يعد جريمة تامة يضاف الى ذلك ما وجه في انتقاد الأساس النظرية لهذا المذهب فمن الصعوبة في مجال نظرية الاشتراك اعتبار الراشي مجرد شريك فقي جريمة الرشوة . ذلك أن الشريك لا يساهم في ارتكابها بطريقة أصلية ومباشرة وفي الرشوة على العكس من ذلك يقوم المرتشي و الراشي سويا بدورين رئيسيين في تنفيذهما بدون تدخل من جانب الراشي وتحت وطأة هذه الانتقادات ومن أجل تفادي النتائج السابقة التي تؤدي اليها مبدأ الوحدة يستمد مذهب ثنائية الرشوة مبرر وجوده ( ).
ومن التشريعات التي تأخذ بمبدأ وحدة الرشوة –التشريع اللبناني , المصري , الليبي , الدانماركي والقانون الايطالي .


الفرع الثاني : مناصرو ازدواجية الرشوة والتشريعات التي نأخذ بها
أو ما يسمى مبدأ ثنائية الرشوة (la corruption deux délits distincts ) وهو مذهب تعتنقه معظم التشريعات الجنائية وفيه لا يغعتبر الراشي صاحب الحاجة مجرد شريك في الجريمة وانما يعتبر مثل المرتشي الموظف فاعلا أصليا في جريمة سلبية هي جريمة الموظف والمرتشي وجريمة ايجابية لصاحب الحاجة الراشي.
وتجزئه الرشوة الى جريمتين يعكس بهذا الاختلاف الذي يميز السلوك الإجرامي لكل من المرتشي والراشي .
ويرتب مذهب الثنائية أو الازدواج Le dualisme في جريمة الرشوة مجموعة آثار قانونية معايرة لتلك التي تعرضنا لها بشأن مذهب الوحدة وهي آثار ترمي في مجموعها الى تشديد حلفة العقاب على كل من المرتشي والراشي على حد السواء .
1-يسمح ذلك المذهب باستقلال جريمتي المرتشي والراشي في المسؤولية والعقاب وهكذا يتصور وقوع احدى الجريمتين دون وقوع الأخرى بالضرورة ولعل أهم نتائج ذلك الاستقلال امكانية مساءلة صاحب الحاجة عن جريمة عرض الرشوة التي يرفضها صاحب الحاجة الاستجابة الى طلبه وهاتان نتيجتان ما كان يمكن الوصول اليهما في ظل الأخذ بنظرية الوحدة للرشوة ( ) .
2- مؤدي مذهب الثنائيةأن يتولد نوع من الاستقلال الموضوعي بين أركان كل من جريمتي الرشوة الاايجابية والرشوة والرشوة السلبية . وهكذا فمن المتصور من ناحية أولى أن يكون لكل من الراشي والمرتشي شركاء في جريمة غير شركاء الطرف الآخر , ومن ناحية أولى أن يكون لكل من الراشي و المرتشي شركاء في جريمة غير شركاء الطرف الاخر , ومن ناحية ثانية يصبح من الممكن معاقبة شركاء الراشي وباعتباره هنا فاعلا اصليا لجريمة مستقلة وهو ماكان غير ممكن في ظل نظرية وحدة الرشوة حيث كان الراشي مجرد شريك المرتشي و الاشتراك في الاشتراك غير معاقب عليه كما ذكرنا ,ورغم ان ذلك لا يرى البعض وفقا لمذهب الثنائية محلا لحضور الشروع في الرشوة بنوعيها طالما ان الجريمة تقع تامة بمجرد البدء في تنفيذ الفعل المكون لها سواء بالطلب أو العرض.
3-ان الاستقلال الموضوعي بين الدعوتين المرفوعتين عن كل منهما وبالتالي فليس من المحتم مباشرة اجراءات متزامنة بهدف تحريك الدعوى الجنائية في نفس الوقت ضد الموظف المرتشي وصاحب المصلحة الراشي . بل يصبح من الجائز رفع دعوى بين منفصلين قبل كل منها ومن الممكن تبرئة الراشي وادانة المرتشي أو العكس . كما أن العفو الصادر في حق الفاعلين لا يمتد آثاره الى المرتشي . فلا يجوز ولا يستفيد من هذا العفو سوى من تقرر لصالحه فقط بالاضافة الى ذلك فان انقضاء الدعوى الجنائية في مواجهة أحد الفاعلين بالوفاة مثلا لا يمنع نظرنا دون تحريك الدعوى في مواجهة الفعال الآخر.
ويرتب الاستقلال الاجرائي بين الجريمتين أخيرا , نتيجة هامة تتعلق بعقوبة الغرامة النسبية والتي يقررها ضمن عقوبات الرشوة, فالقاعدة أن الغرامة النسبية واحدة لا تتعدد بتعدد المسؤولين عن الجريمة من فاعلين وشركاء فهي عقوبة واحدة يشترك جميع المساهمين في الجريمة في دفعها على وجه التضامن ( ).
ورغم ذلك فمؤدي الأخذ بنظام ثنائية الرشوة الحكم على كل من الراشي والمرتشي بغرامة مستقلة وهو ما يخالف الأحكام العامة من هذا الشأن.
وبهذه النتائج فالكثير من التشريعات نأخذ بهذا المبدأ أي ثنائية جريمة الرشوة ومن أهم التشريعات والقوانين التي أخذت بهذا الرأي ومنهم التشريع الفرنسي و الألماني والنمساوي والسوداني وعلى غرار هذه التشريعات أخذ المشرع الجزائري بهذا المبدأ وهذا راجع أن مجمل أحكام و القوانين الجزائرية متأثرة بما جاء في التشريع الفرنسي.
المبحث الثاني : المقارنة من حيث أركان جريمة الرشوة
يتطلب جريمة الرشوة توافر أركان ثلاثة لقيامها وهم ركن مادي ومعنوي وبالاضافة الى شرط أو ركن مفترض هو الصفة لأنها من جرائم ذوي الصفة.
المطلب الأول : العنصر المفترض للمرتشي
أو ما يسمى بالصفة المفترضة المرتشي ويفترض لتوافر الرشوة أن يكون المرتشي ذا صفة ويعد عنصرا اساسيا ورئيسيا لقيام مسؤولية الموظف جنائيا ذلك أنه لا يخفى ما لتحديد صفة الجاني من أهمية خاصة . حينما يستلزم المشرع وقوع السلوك الاجرامي ممن يتمتع بتلك الصفة وبانتفاعها لا تقوم الجريمة وينبغي بالاضافة لذلك أن يكون الموظف مختصا بالعمل الذي تلقى المقابل من أجل القيام به وهكذا ينطوي الشرط المفترض اللازم لقيام الرشوة على عنصرين.
-أن يكون الفاعل موظفا عاما حقيقة أو حكما وثابتا أن يثبت في حقه الاختصاص بالعميل الذي من أجله طلب المقابل.
ورغم بساطة هذين العنصرين فان نطيقها وتحديدهما في العمل لا يخلو أحيانا من اشارة بعض الصعوبات ولعل مرجع ذلك أن تعريف الموظف العام وتحديد فكرة الاختصاص في مجال الوظيفة أمران لم ينظمهما قانون العقوبات بل هما أصلا من مواضيع القانون الاداري.
الفرع الأول : تحديد المدلول
التعريف الاداري :
نظرا لعدم ورود تعريف محدد للموظف العام في القانون الجنائي ولا في القوانين الخاصة بالموظفين في كل التشريعات فان الفقه والقضاء الاداري تصديا للبحث عن التعريف المناسب للموظف العام.
ولقد اسفر القضاء الاداري في مصر على تعريف معين وجد قبولا في الفقه وهذا ما أوردته المحكمة الادارية العليا لمجلس الدولة المصري في أحكامها , اذ قررت << ان المقومات الأساسية التي تقوم عليها فكرة الموظف العام تخلص في أن تكون تعيين الموظف بأداة قانونية لأداء عمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام >>.
وهذا ما يمكن استخلاصه من نص المادة الأولى من المرسوم الاشتراكي اللبناني رقم 112 الصادر بتاريخ يوليو 1959 ويقرر هذا المرسوم في شأن الموظفين العموميين ما يلي:<< ينقسم الموظفون الى دائمين ....ويفسر أجيرا كل شخص في خدمة الدولة لا ينتسب الى احدى الفئتين في الفقرتين 2-3 من هذه المادة >>.
ويعرف القضاء الاداري الفرنسي الموظف العام بأنه << الشخص الذي يعهد اليه بوظيفة دائمة داخلة ضمن كادر الوظائف الخاصة بمرفق عام>>.
ولقد جاء في المادة 1 من الأمر رقم66 –133 المؤرخ في 1966 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية الجزائري ما يلي :<< يعتبر موظفين الأشخاص المعنيون في وظيفة دائمة الذين رسما في درجة التسلسل في الادارات المركزية التابعة للدولة والمصالح الخارجة التابعة لهذه الادارات والجماعات المحلية , وكذلك المؤسسات والهيئات العمومية حسب كيفيات تحدد بمرسوم...>>.
ويبدو من هذه المادة أن المشرع الجزائري لم يعرف الموظف العام بل هو تعداد للأشخاص الذي سري عليهم قانون الوظيفة العامة.
وهذا ما حذا به المشرع الفرنسي الذي هو بدوره لم يرد فيه نص يتضمن تعريفا شاملا للموظفين الا أن القانون الصادر في عهد حكومة فيشي 1941 حاول تعداد الطوائف المختلفة للموظفين.
ويتضح من استعراص كل التعاريف الفقهية والقضائية وجود قصور في تعريف وتحديد مدلول الموظف العام ولا يمكن الأخذ بها في قانون العقوبات.
التعريف الجنائي :
يشترط لتوافر جريمة الرشوة صفة الموظف وقد حددت المادة 111 قانون عقوبات مصري بانهم << المستخدمون في المصالح التابعة للحكومة أو الموضوعة تحت رقابتها و أعضاء المجالس النيابية العامة أو المحلية سواء كانوا منتخبين ...>>
أما القانون اللبناني لم يذكر الأشخاص الذين يعتبرون منتصبن لطائفة الموظفين العموميين في المادتين 301-302 << ... العمال أو المستخدمون في الدولة في ادارة عامة... ضباط السلطة المدنية أو العسكرية ...المكلفون بخدمة عامة ... معاونو القضاة...>>
أما المشرع الجزائري استخدم عدة مصطلحات للتعبير عن الموظف العام في قانون العقوبات مستمدة من القانون الاداري كالموظف العمومي في المواد 108-109 –110 –120-121 وغيرهاما كما استخدم مصطلحات أخرى.
أما المادة 49 عقوبات جزائري تضمنت ما يلي : << يعتبر موظفا بالنسبة لقانون العقوبات كل شخص تحت أي تسمية و بأي وضع كان بأية وظيفة أو مهمة ولو مؤقتة ذات أجرا أو بغير أجر ... أو أي خدمة ذات مصلحة عمومية >>.
وبهذا نستنتج أن المشرع الجزائري قد سلك مسلك التشريعات الجنائية التي تطبق قاعدة النظرية الشخصية بصفة نسبية في قانون العقوبات.
ويتضح من النصوص السابقة أن مدلول الموظف العام في جريمة الرشوة يتسع ليشمل الفئات التالية
أ-الموظف العام الحقيقي
ب-الموظف العام الحكمي
أ-الموظف العام الحقيقي :
تعدد الصيغ الفقهية والقضائية التي تعرف الموظف العام وان كانت لا تختلف كثيرا في مضمونها ولعل أكثر هذه الصيغ قولا هي التي يمكن استخلاصها من حكم للمحكمة الادارية العليا تقضي فيه بأنه صفة الموظف العام لا تقوم بالشخص . ولا تجري عليه أحكام الوظيفة العامة الا اذا كان معينا في عمل دائم وفي خدمة مرفق عام تديره الدولة أو السلطات الادارية بطريق مباشر ومنه فان فكرة الموظف العام الحقيقي يجب أن تقوم ثلاثة شروط لابد من توافرها لكي يكتسب هذا الشخص الصفة وبهذا الحكم القضائي أصبح ملزما وهذا ما أفصح عنه المرسوم الأساسي من الوظيفة العامة الصادر في 02 سونيو 1966 المادة 1 منه << يعتبر موظفين عموميين الأشخاص المعينون في وظيفة دائمة الذين رسموا في درجة من درجات التدرج الوظيفي في الادارة المركزية للدولة وفي المصالح الخارجية التابعة للادارات المركزية وفي الجماعات المحلية وكذلك في المجالس والهيئات العامة حسب كيفيات تحدد بمرسوم >د واستنادا لهذا نلاحظ أن كل التشريعات تقريبا أخذت بهذا التعريف وعلى أنه يقوم على ثلاث شروط :
*العمل في احدى الادارات المركزية التابعة للدولة والمصالح التابعة لها والوحدات :
فالعبرة هنا بخضوع الشخص لسلطة عامة ادارية يستوي في هذا أن تكون هذه السلطة مركزية أو بسلطة مجلس أو مصلحية ( ).
وهكذا يعد\ موظفا عاما من يعمل في وزارات الحكومة ومصالحها و الأجهزة التي لها موازنه خاصة بها وكل من يعمل في وحدات الحكم المحلي وكذلك في خدمة الهيئات العامة وبصفة عامة كافة أعضاء الادارة بغض النظر عن مكانتهم الوظيفية أو تدرجهم في السلم الوظيفي أو نطاق اختصاصهم لأن هؤلاء إلا الوظيف شخاص جميعا يلعبون دورا هاما في نطاق وظائفهم . قد سباء استغلالهم لها الغيابات مخالفة لواجب الموضوعية والنزاهة الذي نفرضه الوظيفة عليهم
*دائمة الوظيفة ك
وهناك من لا يعتبره شرط أساسي فلا فرق بين الموظف الدائم والموظف المؤقت حيث يجب قيام الرشوة بموجب عمل يؤديه وبمناسبة الوظيفة ولو كان العمل المعهود اليه عملا عارضا .
*مشروعية التحاق الشخص بالمرفق العام الذي يعمل به :
ويقصد به التحاق الشخص بالمرفق و الوظيفة وتعيينه يتم بطريقة مشروعة وفقا للطرق القانونية وبقرار من السلطة المختصة بالتعيين .
ويثار السؤال حول جريمة الموظف الذي يقبل الرشوة اذا كان موظفا فعليا ويكونا كذلك في الحالتين :
الحالة الأولى : اذا لم يصدر قرار بتعيينه أو صدر هذا القرار وكان مشوبا بأي عيب يؤدي الى بطلانه
الحالة الثانية : تتوافر حين يتصدى أحد الأشخاص لادارة الشؤون العامة كما هو الحال اذا عجزت السلطات الشرعية عن القيام بهذه المهمة وذلك في حالة احتلال العدو جزءا من الاقليم مثلا أو امتنع الاتصال بجزء من الاقليم بسبب الفياضانات والاضطربات تطبق على الموظف أحكام جريمة الرشوة أم لا ؟ وهنا لابد من التفرقة بين رأيين.
أ/ اذا كان النقض أو الخطأ مما يعند به أو كان غير معروفا للناس حيث لم يفقد الموظف بسببه شيئا من مظاهر السلطة التي تخولها له وظيفته فهنا نطبق على الراشي والمرتشي أحكام جريمة الرشوة وكذلك الحال بالنسبة للحالة الثانية.
ب/ أما اذا كان النقص على درجة الأهمية بحيث يمتنع معه قيام الموظف بأعمال وظيفته أو اذا انتحل الموظف صفة لم تكن له أو كانت له ثم زالت عنه بعزل أو استقالة فلا يمكن أن تطبق جريمة الرشوة عليه لانعدام الصفة التي هي ركن للجريمة ويعاقب على انتحال الصفة الكاذبة للحصول بعقوبة النصب.
ب- الموظف الفعلي :
هناك من الأشخاص من اعتبرتهم التشريعات في حكم الموظفين العموميين.
وهذا ما جاء في المادة 111 عقوبات مصري والمادة 301-302 لبناني و أما الفرنسي وعلى غراره المشرع في مادته 126-127 فلقد كان المشرع الفرنسي يحصر في بداية الأمر الموظفين فقط ثم مددت للخبراء والمحكمين 1863 ثم الى المستخدمين و أجراء للمؤسسات الصناعية والتجارية 1919 ثم الى الأطباء 1928 فالمكلفين بخدمة عامة 1943 و أخيرا امتدت الى المنتخبين وكل العمال والمستخدمين في 1945( ) , وهذا ما جاء في المادتين 126-127 ق ع الجزائري ومنه سوف نشرح بايجاز هؤلاء الموظفين.
القضاة :
ان كل التشريعات تفصل بين السلطة التشريعية والسلطة القضائية وبالرغم من هذا الفصل فان القاضي في حكم الموظف يخضعان لنفس الأحكام التي يشدد فيها القانون في عقوبة القاضي نظرا الأهمية وخطورة المنصب وعلى هذا يدخل في حكم الموظف والمأمورين طبقا للمادتين 103 و 104 قانون مصري.
وبالرجوع للقانون الأساسي للقضاء الجزائري الصادر بالأمر 69/27 وتعدلاته اللاحقة يمكننا أن تحدد رجال القضاء على أنهم قضاة الحكم والنيابة العامة والمجلس الأعلى والمجالس القضائية والمحاكم والذين يعينون بموجب مرسوم يتخذ باقتراح من وزير العدل حافظ الأختام يعد استطلاع رأي المجلس الأعلى للقضاء ( ).
أعضاء المجالس النيابية :
وهم أعضاء الهيئات العامة ذات الصفة التمثيلية أي الذين ينوبون عن مجموع المواطنين أو عن جماعة منهم في التعبير عن ارادتهم في الشؤون العامة سواء كانوا أعضاء المجالس الشعبية العامة كالمجلس الشعبي الوطني أو مجلس الأمة أو أ‘ضاء المجالس الشعبية المحلية الولائية.
والحكمة من ضم هؤلاء الى الأشخاص المعتبرون في حكم الموظفين العامين تكمن في وجوب تأكيد نزاهة وظيفة التمثيل النيابي اذ تعهد لهم أعمال هي غاية الأهمية فهم يمارسون الاختصاص التشريعي للدولة ومراقبة أعمال السلطة التنفيذية للدولة . فيعد مرتكبا لجريمة الرشوة النائب الذي يصوت قرار معين أو يدافع لصالح مشروع قانون معين وثبت أن تصويته أو دفاعه كان مقابل رشوة حصل عليها.
الحكم الخبير . المحلف و العضو في جهة قضائية :
وهم الأشخاص الذين يعاونون القضاة في ممارسة اختصاصهم , ويؤدون أعملا تمهيدية ومنمة العمل .
القاضي ويمارسون بذلك بعضا من صلاحيات القضاء ولذا اعتبر في حكم الموظفين وملزمون بالنزاهة التي تقتضيها وظيفة القضاء. والتزام الأمانة في تأدية واجبهم وعدم خيانة الثقة التي منحت لهم ويكون هؤلاء مرتكبين لجريمة الرسوة اذا أصدرو اقرارا أو أبدوا رأيا لمصلحة احد الأطراف أو ضده تحت تأثير ما نالوه من منفعة ثمنا لموقفهم هذا ويقع هذا الالتزام اتزانا الخبير والمحكم سواء تم تعيينه من طرف السلطة الادارية أو القضائية أو من طرف الأطراف أنفسهم.
الطبيب الجراح –طبيب الاسنان والقابلة ك
هم ليسوا خاضعين لتعريف الموظف العام اذي سبق الاشارة اليه ذلك اذا كان موظفا سارت عليه نصوص الرشوة كما تسري على سائر الموظفين وقد علق التشريع تطبيقه لنصوص الرشوة في هذا المجال على توافر شرطين اولهما أن يكون الغرض من المقابل الذي يطلبه أو يقبل الوعد به أو يأخذه هو اعطاء شهادة أو بيان مزور . وثانيهما أن تكون هذه الشهادة أو البيان في شأن حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة , ويعني ذلك أنه لا محل لتطبيق نصوص الرشوة اذا كان الغرض من الفعل الاجرامي هو اعطاء شهادة أو بيان صحيح أو كان معلقا بأمر آخر غير الحمل أو العاهة أو المرض أو الوفاة كتقدير السن ويتعين بالاضافة الى ذلك أن تتوافر سائر أركان الرشوة أي الأخذ أو القبول أو الطلب والقصد الجنائي.
عمال القطاع الخاص:
ان مجال تجريم الرشوة لم يقف عند القطاع العام فقط بل توسع على القطاع الخاص فمن الثابت أن العلاقات التي تنشأ بحكم العمل أو المصلحة الخاصة بين العامل ورب العمل في القطاع الخاص تخلق نوعا من الرابطة المشتركة المبينة على أساس الثقة المتبادلة ونعرض وجود نظام مهني لا يجوز للعامل الشذوذ عنه أو الاخلال به اذ أنه في حالة العكس من جراء تصرف هذا الأخير لا يليق مع أدبية وخلقية العمل الشريف يختل التوازن على عاتقه الفردي على مسؤولياته الجزائية ويؤكد العلماء ان الأشياء أو الأسرار التي تحيط ببعض المهن والمصالح الخاصة هي آخذة في الازدياد والتكرار , وتزداد معها المنافسة غير المشروعة التي تعتمد الطرق الملتوية لنيل الأطماع المالية , كرشوة المستخدمين لنقل أسرارهم مؤسسة أخرى مما يسبب الخسارة للمؤسسة التي يعمل فيها.
والفقه والتشريع على اختلافهم أرادوا من وراء تجريم هاته الأفعال على المستخدمين أرادوا التشديد على أهمية المؤسسات الفردية التي تساوي من حيث طبيعتها مؤسسات الدولة نفسها , فيقتضي حمايتها من الاعتداء عليها الأشخاص الذين يعملون فيها.
الفرع الثاني : تحديد اختصاص الموظف العام :
لا يكفي توافر صفة الموظف العام بالتحديد السابق وانما يجب أن يكون هذا الموظف مختصا بالعمل الذي يطلبه منه صاحب الحاجة . ومصدر الاختصاص نصوصا لائحية أو تنظيمية كما يمكن أن يكون قرارا فرديا صادرا عن رئيس مختص ولا يشترط في هذه الحالة أن يكون شفويا . بل من الجائز أن يحدد الاختصاص بناء على العرف وهذا ما أشارت اليه محكمة النقض المصرية الى أنه << اذا كان العمل قد جرى في المحاكم على أن يقوم الكتاب الأول بأمر رؤسائهم بتحديد الجلسات حتى ينتظم العمل في دوائر المحاكم المتعددة وحتى توزع القضايا توزيعا عادلا . فان هذا العرف يعد مصدرا لاختصاص الكاتب الأول في المحكمة بتحديد الجلسة التي تنظر فيها الدعوى >>, ولقد توسع التشريع أيضا في تحديد اختصاص الموظف العام في صدد جريمة الرشوة كما فعل في تحديد الموظف العام فلم يشترط أن يكون مختصا بكل العمل كما سوى بين الاختصاص والادعاء بالاختصاص أو زعمه كل من القانون المصري 103 والقانون اللبناني 301-302 ( ), وهذا ما لم يبينه المشرع الفرنسي والجزائري في قانونيهما ولكن القضاء يعمل على التدقيق والتمييز بين الرشوة والاحتيال.
وخلاصة القول أن لتحقق العنصر المفترض في الركن المادي للجريمة لابد من أن تتوافر في الفاعل صفة الموظف العام المختص بالتحديد السابق وقت ارتكاب النشاط الاجرامي , فلا يرتكب جريمة الرشوة تطبيقا لذلك ومن ينتحل احدى الصفات السابقة وان كان قد يتوافر في شأنه جنحة الاحتيال إذا توافرت.
المطلب الثاني : الركن المادي
يمكن تشبيه الرشوة في صورتها **** بالعقد غير المشروع الذي طرفاه الموظف المرتشي من ناحية وصاحب المصلحة الراشي من ناحية ثانية ورضا اطراف مشروع الرشوة الاجرامي مفترض اذ ينصب على الاتجار بالوظيفة من جانب الموظف مقابل منفعة يؤديها لصاحب الحاجة وكل عقد لابد له من محل وسبب ومحل مشروع الرشوة الاجرامي يتمثل في طلب الموظف أو أخذه عطية أو قبوله الوعد . فاذا ما تحقق محل الرشوة على هذا النحو من توافر وسائل بلوغه وورود هذه الوسائل على موضوع معين , هو العطية أو الوعد كان لابد من البحث عن سبب الرشوة والمتمثل سببها في إحدى مظاهر السلوك التي يقترفها الموظف وهي أداء عمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو الاخلال باحدى واجبات الوظيفة ومن هنا سنحت على النوالب محل الرشوة ثم سببها ببعض من التفصيل في القوانين التي نحن بصدد مقارنتها.
الفرع الأول: محل الرشوة: يمكن أن نرى في محل الرشوة موضوعا يسعى إليه الموظف المرتشي على وجه الخصوص و هو المنفعة (العملية أو الوعد بها) و هي تمثل ابتداء بالباعث على ارتكاب الجريمة لكنها ايضا نهاية المطاف في هذا المشروع المؤكد فهي ثمرة الاتجار بالوظيفة او الخدمة.
أ‌- موضوع الرشوة: ينبغي أن ينصب النشاط الإجرامي للرشوة على عملية أو الوعد بها و هو ما يستخلص من المادة 103 من ق العقوبات المصري. فالفقه يجمع على أنها الفائدة التي يحصل عليها الموظف المرتشي من جراء الاتجار في عمله الوظيفي و قد نص المشرع على الفائدة كموضوع جريمة الرشوة في م 107 ع مصري بقوله:" يكون من قبيل الوعد أو العملية كل فائدة يحصل عليها المرتشي أو الشخص الذي عينه لذلك أو علم به و وافق عليه أيا كان اسمها أو نوعها فسواء كانت هذه الفائدة مادية أو غير مادية.
و هكذا فالمقابل في جريمة الرشوة و إن عبر عنه المشرع بألفاظ الوعد أو العملية أو الفائدة قد تكون مالا او منفعة و المال هو كل شيء يمكن تقويمه فلا ينصرف اللفظ إلى النقود وحدها بل يندرج تحته كافة أنواع الهدايا المختلفة لأنها جميعا ممل يمكن تقويمها( ).
و قد توسع الفقه في فهم الفائدة كمقابل في جريمة الرشوة حيث يرى فيها مطلق المنفعة سواء كانت عاجلة أم آجلة و سواء كانت ظاهرة أو خفية أو مادية أم معنوية, و هذا ما نصت عليه المادة 301 لبناني أي عبر عنها المشرع بلفظي الهدية أو المنفعة. و بناء على ذلك تتحقق جريمة الرشوة بإحدى الصورتين الأولى قبول الموظف وعدا من آخر بشيء ما و الثانية أخذه هدية أو عطية عرضها عليه آخر.
و الغالب أن يأخذ الموظف عطية أو هدية لأنه يقتضي عادة جزاء قيامه بالعمل أو امتناعه عنه. و لا يهم نوع العطاء الذي قدم للموظف فكما يكون العطاء نقودا يصح أن يكون عروضا أو أوراقا مالية أو مجوهرات أو مأكولات أو أي شيء آخر ذي قيمة على أنه ليس بلازم لأن يأخذ الموظف عطية أو هدية بل يكفي أن يقبل وعدا من آخر بشيء ما ذلك انه لا يشترط اتمام الرشوة أو يكون الموظف قد تقاضى ثمن العمل المطلوب بل يقوم بمجرد الاتفاق الذي ييتم بينهما و لايشترط لتحقيق الجريمة من جانب الراشي أن يكون قد قام بفعل العرض أو الاعطاء متى ثبت أنه قصد ارثاء الموظف ( ), فكثيرا اما يقدم الشوة داخل مظروف على صورة حطاب أو في محفظة على اعتبار أنها تتضمن أوراقا أو مستندات أو غيرها.
وكذلك لا يشترط لقيام الجريمة من جانب المرشي أن يكون قبوله صريحا بل يصح أن يستنتج القبول في ظروف الأحوال و الأمر الذي يمكن أن تنشأ عنه صعوبات في العمل هو اثبات ذلك الاتفاق أو التعاقد الحاصل بين الراشي والمرتشي غير أنه اذا قبض الوظف العطاء يجعل من السهل اقامة الدليل على هذا الاتفاق .
والمادة 177 من القانون الفرنسي لم تخرج عن هذا السياق نصت أن محل الرشوة يكون اما وعدا أو العطية أو الأخذ.<<Sollicité ou agrée des offres où promesses Sollicité où reçu des dons où présents…>> ( ).
والمشرع الجزائري قد نص في المادتين 127 و 128 ق ع على جريمة الرشوة والتي يستفاد منها على أن أركان جريمة المرتشي ثلاثة –صفة المرشي وطلب أو قبول عطية أو هدية أو أي منفعة أخرى و أن يكون الغرض من العطية أو الهدية جعل المرتشي على أداء عمل يدخل في اختصاصه أو خارجا عنها ومن شأن وظيفته أن تسهل آداءها فصفة المرتشي هي عنصر مفترض في الجاني نص عليه المشرعه في المادتين 126 و 127 ق ع جزائري( ).
أما الركن المادي فيتحقق بطلب الجاني أو قبوله عطية أو وعد أو تلقى هبة أو هدية أو أي منفعة أخرى نظير قيامه بعمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنه.
ب-صور بلوغ الرشوة :
لقد حددت نفس المواد في التشريعات السالفة الذكر موضوع المقارنة وسائل بلوغ الرشوة وهب الطلب والقبول والأخذ.
1/ الطلب :
هو تعبير عن ارادة منفردة من جانب الموظف ومنهجة للحصول على مقابل نظير أداء العمل الوظيفي , وتنص الرشوة بمجرد الطلب ولو يستجب له صاحب الحاجة بل ولو رفضه وسارع الى ابلاغ السلطات العامة فالرشوة في هذه الصورة هي سلوك الموظف دون اعتبار سلوك صاحب الحاجة وعلة اعتبار الطلب المجرد كافيا لتمام الرشوة أن الموظف قد عرض بذلك العمل الوظيفي للاتجار فأخل نزاهة وظيفته والثقة في الدولة وهناك عناصر ضرورية لابد أن ينطوي عليها طلب الرشوة حتى يكون معاقيا عليه هي أن يكون الطلب اراديا أي صادر عن الموظف ومعبرا عن ارادته الجادة في الحصول على مقابل نظيرا العمل المراد منه كما يلزم لطلب الرشوة أن يصل الى علم من يوجه اليه فالرشوة باعتيبارها عقد غير مشروع يتطلب تلاقي ارادتي كل من الموظف المرتشي وصاحب الحاجة الراشي . فان لم يعبر الموظف عن ارادته في مواجهة صاحب الحاجة نفسه بتجرد الطلب من قيمة وفي هذا الصدد نطرح اشكالية الشروع في طلب الرشوة نفسها فهل يعاقب على الشروع في طلب الرشوة أم لا ؟
ان امكانية الشروع في طلب الرشوة أمر مختلف فيه في الفقه . فالبعض يراه ممكنا مثل أن بحور الموظف خطابا يبدي فيه قبول الوعد الذي يعرضه صاحب المصلحة ويرسل اليه عن طريق البريد فيضبط الجواب أو الخطاب أو أن يقدم الراشي ظرفا للراشي الى المرتشي ولا يوجد به أوراق نقدية بل أوراق بيضاء بينما يرى البعض الآخر أن القبول سلوك غير قابل للتجزئة وبالتالي لا يتصور فيه المشروع وهو قول لا يتفق مع صحيح ما استقر عليه القضاء في أنه في القبول ينحصر مبدأ التنفيذ ونهايته , فالقبول اما أن يقع تاما أي عبر الموظف بارادة غير مشكوك فيها على استجابته لعرض الرشوة واما لا تقع الرشوة على الأخلاق.
ولا يشترط لطلب الموظف شكل خاص فقد يكون شفاهة أو كتابة كما قد يكون صراحة أو ضمنيا ويسوي أن يطلب الموظف المقابل لنفسه أو لغيره فتقوم جريمة الرشوة في حالة طلب الموظف المقابل المنفعة شخص آخر وتطبيقا لذلك قضى بأنه لايصلح دفاعا أن يدعي المرتشي أنه لم يطلب الرشوة لنفسه وانما طلبها لغيره ( )
2 / القبول :
يفترض القبول من جانب الموظف المرتشي أي هناك ايجابا أو غرضا من صاحب الحاجة : يعبر فيه عن ارادته بتعهده بتقديم الهدية أو المنفعة اذا ما قضى له مصلحته والقبول هو تعبير عن ارادة منهجه الى تلقي المقابل في المستقبل نظير القيام بالعمل الوظيفي وبصدر القبول عن الموظف ويفترض عرضا أو ايجابا من صاحب الحاجة وبالقبول الذي صادف العرض ينعقد الاتفاق الذي تتمثل فيه ماديات الرشوة في هذه الصورة ولا تقدم الرشوة على العرض الهازل حتى وان قبل الموظف هذا العرض والقبول يكون صريحا أو ضمنيا.
ومن صور التعبير الضمني لقبول الموظف أن ينصرف ضمنيا للقيام بالعمل بعد عرض صاحب الحاجة وهذا صعب الاثبات ومتروك للسلطة التقديرية للقاضي كما يجوز أن يكون القبول معلقا على شرط.
3/ الأخذ:
الأخذ او التلقي هو الصورة الغالبة في الرشوة واحظرها اذ يكون الموظف قد قبل فعله ثمن اتجاره بوظيفته واستغلالها وبتميز فعل الأخذ عن باقي صور الركن المادي بأنها ترد مباشرة على العطية سواء سبغها وعد بالرشوة أو لم يسبقها هذا الوعد ولا عبرة بنوع التسليم أو الصورة أو الهيئة التي قدمت بها العطية.
ولاثبات الأخذ في جريمة الرشوة جائز بكافة الوسائل و الطرق منها البينة والقرائن ويستوي أن يكون الأخذ هو لنفس الموظف أو المعني فأخذ العطية كمقابل للعمل الوظيفي هو الذي به تتحقق الرشوة بغض النظر عن الشخص المستفيد من العمل ولكن اذا كان الأخذ لمصلحة الغير فيلزم أن تكون للموظف مصلحة شخصية في حصول الغير على العطية والا انتفت صفة المقابل اللازم لقيام الرشوة.
ج- صور المقابل في الرشوة :
لقد حصل فقهاء الشرع والقانون من دائرة مقابل الرشوة دائرة واسعة وتختلف المقابل في شكله ونوعه وطبيعته والمهم أنه يفيض من طرف االمرتشي أو أي شخص آخر تربطه بالمرتشي علاقة من نوع خاص وهذا ما اعتمده الشارع المصري ونص عليه في المادة 107 ق ع مصري << يكون من قبيل الوعد أو العطية كل فائدة يحصل عليها المرتشي أو الذي عينه لذلك أو علم به ووافق عليه أبا كان اسمها أو نوعها وسواء هذه الفائدة ما دية أو غير مادية >> وقد بين المشرع اللبناني محل الرشوة أو موضوع النشاط بأنها هدية أو وعد بها أو أي منفعة أخرى للموظف المرتشي نفسه أو لغيره 301 و 302 وهكذا توسع المشرع اللبناني في تحديد المنفعة سواء من ناحية الطبيعية أو الشخص الذي يتلقاها.
وتقابل هاته المواد في القانون الفرنسي المادة 177 التي تنص على أن عدم امكانية حصر نوعه ولا شكله وذكرت أنواع الصور على سبيل المثال لا على سبيل الحصر ونص المادة هو << ....Sollcité où agrée des offres où promesses ..>>( ).
أما في التشريع الجزائري أن تشكل الفائدة التي تسعى الموظف المرتشي الى تحقيقها موضوع النشاط الاجرامي في الرشوة السلبية وهذا ما أفصح عنه المشرع الجزائري عن توسعه لتحديد مقابل الرشوة في المادة 126 ق ع جزائري ق ع جزائري بقوله << ...يعد مرتشيا أو يعاقب ...كل من يطلب أو يقبل عطية أو وعدا أو يطلب أو يتلقى هبة أو هدية أو أية منافع أخرى >>.
ومنه نلاحظ أن كل التشريعات لم يحدد مقابل الرشوة على سبيل الحصر بل على سبيل المنال وفسحت الباب للقاضي في معرفة نوع المقابل و أعطاه العقوبة.
ومنه فان الفائدة أو المقابل الذي يتقاظاه الموظف اما يكون مادي كالمال أو الوعد به أو الهديا المادية ظاهرة عينا أو مستنره وقد تكون الفائدة للمرتشي نفسه وقد تكون لغيره , كأن يشترط المرتشي أن يمنح شخصا فائدة مادية مقابل الاتجار بالوظيفة .
ويستوي أن تكون الفائدة أو المقابل مشروعة أو غير مشروعة في ذاتها ولقد اختلف الفقه في هذا المبدأ حول المواقعة الجنسية ان كان يمكن اعتبارها من قبيل القائدة أم لا وانتهى الرأي الى اعتبار جريمة الزنا من قبيل الفوائد أو المقابل لجريمة الرشوة ( )
وما يجدر الاشارة اليه أنه يجب اثبات التناسب والتلازم بين المنفعة و أهمية العمل الذي يقوم به الموظف لأن تضاؤل هذه القيمة قد يبلغ الدرجة التي تنتفي عنها صفة المنفعة في جريمة الرشوة والتلازم متروك اثباته وتقديره للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع و الأصل العام في تقديم المقابل يكون من طرف الراشي الى المرتشي نفسه أي الموظف وقد يتم اعطاء المقابل الى شخص آخر قد يتم تعيينه مسبقا.
الفرع الثاني : سبب الرشوة
يتمثل سبب الرشوة في قيام الموظف بالاتجار بوظيفته عبر احدى هذه الصور أداء عمل من أعمال الوظيفة أو الامتناع عن القيام به أو في صورة الاخلال بواجباته أو اتيان عمل زعم الموظف أنه من اختصاصه أو يمتنع عن القيام به وكل التشريعات اتفقت على تضمين نصوصها ثلاث صور أساسية أداء العمل الوظيفي الامتناع عنه أو التأخير في القيام به و الاخلال بواجيات الوظيفية .
أ/ أداء عمل :
تتحقق هذه الصورة اذا كان الموظف العمومي قد عرض الاتجار في الوظيفة في صورة أداء عمل هو أصله من اختصاصه ومنوط به أداؤه وقد يزعم الموظف أن العمل المطلوب منه اتيانه في مقابل الرشوة من اختصاصه وهو في الحقيقة من اختصاص غيره , وتقع جريمة الرشوة في هذه الحالة أيضا لقيام سببها بالاضافة الى الغش والاحتيال على الراشي . وحسب التشريع المصري فانه يكفي لقيام الرشوة مقابل العمل أن يكون للمرتشي نصيب من الاختصاص بالعمل . كما يجب اثبات الاختصاص عند المنازعة فيه كما لا يهم أن يكون تأدية العمل بحق أو بدون حق وقد نص على جريمة الرشوة مقابل أداء العمل في القانون المصري في المادة 103 وما يليها في قوله <<...لأداء عمل من أعمال وظيفته ولو كان العمل حقا ...>> مما يستفاد منه أن القانون يعاقب في الرشوة الاتجار بالوظيفة نفسها لا على الاتجار بالنفوذ الذي نسبغه الوظيفة على صاحبها أو على حد جارو الرشوة هي جريمة وظيفة أكثر من كونها جريمة موظف ( ).
كما يشترط القانون اللبناني أن يكون الغرض من الرشوة هو أداء عمل من أعمال الوظيفة أو الامتناع عنه أو الاخلال بواجباتها وذلك في المواد 301 و 302 عقوبات ويعاقب على الاتجار بالوظيفة نفسها فيعتبر أداء العمل الوظيفي أو الامتناع عنه الصورة الغالبة لتحقق الغرض من الرشوة . فأداء عمل معين يفيد قيام الموظف بسلوك ايجابي تتحقق به مصلحة صاحب الحجاجة كأن يأخذ رجل البوليس مالا وهدية ليحرر محضرا من الواجب تحريره. أو اصدار القاضي حكما مطابقا للقانون نظير حصوله على منفعة معينة وقد يتلقى الموظف فائدة نظير صرف شهادة ليس صرفها من اختصاصه وانما زعم أنه مختص بذلك أما التشريع الجزائري فقد نص على ذلك في المادة 126 ق ع فقرة 1 بقولها << ليقوم بصفته موظفا أو ذا ولاية نيابية بأداء عمل من أعمال وظيفته غير مقرر له أجر سواء كان مشروعا أو بالامتناع عن أدائه أو بأداء عمل وان كان خارجا عن اختصاصاته الشخصية ...>>.
ويقصد بأعمال الوظيفة بأداء عمل من أعمال وظيفته كل عمل يدخل في اختصاص الموظف طبقا لما تحدده القوانين واللوائح والتعليمات و الأوامر المعمول بها وهو المجال العادي لعقوبة الرشوة فكل عمل يستطيع الموظف مباشرته لدخوله في اختصاص وظيفته من قبيل الأعمال الوظيفية الموكل بها .
كما نص عن أداء العمل كسبب للرشوة في القانون الفرنسي في المادة 177 وقد توسع القضاء الفرنسي كثيرا في تبيان الأعمال التي تسهل وظيفة المرتشي للقيام بها , و هو ما يطلق عليهم بعضهم شبه الرشوة وقد استخدم جارسون عبارة قابلية الشراء بالمال للدلالة عن عبارة تشبيه الرشوة كما قضت محكمة النقض الفرنسية في حكم لها بتاريخ 31-03-1127 في قضية مشهورة باسم قضية كلود أنتوان روز تتخلص وقائعها أن المتهم روز هو من الخبراء . هدد فردا بتحرير محضر له لمخالفة ارتكبها في منطقة خارجة عن الدائرة التي حلف اليمين للعمل فيها ان اعترض عن دفع المبلغ فدفع الأخير ما طلب منه ولما قدم الخبير الى محكمة الجنايات صاوون حكم عليه بجريمة نصب لا رشوة . وذلك بعدم توافر ركن الاختصاص في الوظيفة الا أن محكمة النقض نقضت الحكم المذكور على أساس أن الموظف المرتشي اعتقد أنه مختص به. أو ادعاه لأنه في كلتا الحالتين . يتاجر بوظيفة وصفته و أحالت الدعوى لمحكمة الجنايات التي حكمت ان الواقعة نصبا لا رشوة , فأبرمت الرأي الثاني .
وقضت أن روز امتنع عن تحرير محضر لم يكن له الحق في تحريره . و وفررت بتوافر أركان النصب المقررة في 455 ق ع فرنسي وبذلك اثار تكييف الجريمة ناشا فقهيا في قضية معينة عندما يخطئ القضاء في ذلك .
ب/الامتناع عن العمل او التأخير في القيام به :
إن الشارع اللبناني قد نص على دلك في نفس المادتين السالفتين الذكر إد قد يكون العمل الذي ينتظره صاحب الحاجة عبارة عن سلوك سلبي من جانب الموظف بان يتخذ صورة الامتناع عن أداء العمل الوظيفي ويتحقق الامتناع ولو كان العمل في نطاق السلطة التقديرية للموظف طالما أن الامتناع كان نظير فائدة أو منفعة
ولا يشترط أن يكون الامتناع تاما فقد يكون جزئيا متخذا صورة التأخير في القيام بالعمل أي الامتناع عن أدائه في الوقت المحدد له وذلك حين تقتضي مصلحة صاحب الحاجة مثل هذا التأخير . ومن أمثلة الرشوة عن طريق الامتناع ( )أن يقبل ساعي البريد نظير هدية نظير امتناعه عن تسليمه رسالة الى الشخص المرسل اليه أو ان يتقلى موظف الرائب هدية نظير أن يرسل استمارة للمطالبة بضريبة مستحقة.
وكذا الأمر في القانون المصري فقد تم النص على الامتناع عن العمل أو التأخير في القيام به في المادة 103 و 103 مكرر فقد يكون المطلوب من الموظف أن يمتنع عن القيام باحدى أعماله الوظيفية في مقابل الرشوة سواء كان المطلوب من الموظف كان امتناعه تاما أو تأخيرا القيام به وقد يزعم الموظف أن من اختصاصه العمل الوظيفي المراد الامتناع عن القيام به في مقابل جعل يتقاضاه فتتحقق في هذه الصورة جريمة الرشوة أيضا وحسب ما جاء في قضاء النقض المصري ( ) , أنه متى كان ما أثبته الحكم عن واقعه وكان لا يؤثر في قيام هذه الجريمة بثبوت جريمة توافر جريمة حيازة الشيء غير المعبأ طبقا لقرار وزير أو عدم توافرها ما دام أن القانون يؤاخذ على جريمة الرشوة بغض النظر عما اذا كان العمل أو الامتناع المطلوب من الموظف حقا أو غير حق ...>>.
وفي القانون الجزائري توقع نفس العقوبة في م 126 ق ع اذا كان الامتناع عن العمل يوجبه القانون مثال ذلك توقيع العقوبة على حارس السجن الذي يسلم خطابا من احد المسجونين متعلقا بطلب سجائر له من خارج السجن مقابل مبلغ معين من النقود لذلك كما يتحقق الامتناع عن العمل الذي يعد سبب للرشوة بأحجام الموظف عن اتيان عمل يوجب القانون عليه أداؤه أو بمغه سلطة تقديرية تخول له القيام بهذا العمل أو الامتناع عنه فيؤثر الموظف الامتناع عنه ويفسر الفقه الامتناع عن العمل تفسيرا موسعا فهو يشتمل ليس فقط الأحجام التام و القاطع عن أداء العمل الوظيفي بل أيضا مجرد التأخير في القيام بالعمل أي امتناع الموظف عن أدائه في الوقت المحدد له ويعد من قبيل التأخير في تنفيذ العمل بسبب الرشوة عدم القيام به في الوقت المناسب لكي تترتب عليه آثاره ولو لم يترتب على التأخير بطلان العمل وهذا ما أورده الشارع الفرنسي في المادة 177.
ج/ الاخلال بواجبات الوظيفة
لقد أوجبت المادة 26 من ق اجراءات جنائية المصرية على أن كل موظف أو مكلف بخدمة عامة , أثناء تأدية عمل أو بسبب تأديته بوقوع جريمة من الجرائم التي يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب أو أن يبلغ عنها فورا النيابة العامة أو أقرب مأمور من مأموري الضبط الجنائي وامتنع الموظف أو المكلف بخدمة عامة عن أداء واجب التبليغ عن جريمة تعتبر اخلال خطير بواجباته الوظيفية أو الخدمة العامة وهي الحالة التي يعمد فيها الموظف العمومي الى العبث سواء كان مختصا بالقيام بها أو زاعما ذلك ( ) , والاخلال بواجبات الوظيفة عدة صور منها اتيان العمل الوظيفي على نحو مخالف بما ألزمت به قوانين الوظيفة ولوائحها وقد يكون الاخلال في صورة وسوء استغلال السلطة التقديرية مقابل جعل الرشوة . وقد تكون في صورة الاعتداء على اختصاص الموظفين الآخرين بالخروج عن نطاق اختصاص الموظف مقابل مبلغ الرشوة . وقد تكون في صورة خيانة الأمانة التي تفترض في الموظف العمومي ز المنوط به بحكم وظيفة المحافظة على الأسرار أو المعلومات التي تصل اليه بحكم وظيفته.
أما بالنسبة للاخلال بواجبات الوظيفة لدى الشارع اللبناني فامتناع الموظف عن أداء عمل من أعمال وظيفته فيعد اخلال بهذه الوظيفة كما أنه يعد كذلك أداؤه لعمل من أعمال وظيفته على نحو مخالف للقانون ولكن للاخلال بواجبات الوظيفة معين أوسع من ذلك بحيث يتجاوز أعمال الوظيفة ليشمل أمانتها الوظيفية ذاتها ويكون كل انحرف عن واجب من تلك الواجبات أو الامتناع عن القيام به سرى عليه وصف الاخلال بواجبات الوظيفة ( ), فالموظف الذي يعهد اليه بسبب وظيفته حفظ أوراق معينة ثم ينتزعها من مكانها وموظف النيابية الذي يسرق احدى القضايا بسبب عملة الذي يقتضي نقل القضايا , ما بن الموظفين كل هؤلاء أخوا بأمانة الوظيفة ويعد سلوكهم هذا مكونا لجريمة الرشوة . ولقد نص المشرع اللبناني عن صورة الاخلال بواجبات الوظيفة في م 302 ع بالعمل المنافي للوظيفة ومن أمثلته الذي نص عليها الاهمال في العمل أو تأخيره أو الادعاء بأنه داخل وظيفته.
ويلاحظ أن الغرض من الرشوة في مجال القطاع الخاص اما أن يكون كشف أسرار أو معلومات شيء الى العمل واما القيام بعمل أو الامتناع عن عمل بقصد الحاق ضرر مادي أو المعنوي بصالح العمل وهو ما تفترض أن صاحب العمل لا يعلم ولا يوافق على ما يقوم به الحامل أو المستخدم.
اما الاخلال بواجبات الوظيفة في التشريع الجزائري وعلى غراره الفرنسي هذه الفكرة كاحدى صور العمل الوظيفي مقابل الرشوة تتسم بالعمومية والاتساع اذ أنه لم بنص المشرع الجزائري شأنه شأن المشرع الفرنسي على حالة الزعم بالاختصاص المنصوص عليها في القانونين السابقين اذا لم يعتبر هذه الصورة داخلة ضمن أحكام الرشوة بل هي ذات صلة يبجرائم أخرى لا سيما منها جريمة النصب المادة 372 ع ج ان توافرت أركانها.
المطلب الثالث : الركن المعنوي
الرشوة في جميع في جميع حالاتها جريمة عمدية أي بالأحرى جريمة قصدية يتحذر ركنها المعنوي صورة القصد الجنائي أو الجرمي المقصود هنا قصد الموظف المرتشي باعتباره الفاعل في جريمة الرشوة أما قصد الراشي أو الوسيط فهو قصد تدخل في الجريمة فحسب ومتى توافرت لدى أي منهما عناصر التدخل.
الفرع الأول : نوع القصد الجنائي
يثار التساؤل في الفقه حول ما اذا كان القصد الجنائي في جريمة الرشوة يتمثل في مجرد القصد العام لدى الموظف أم لابد من ضرورة توافر القصد الخاص ومارد التساؤل الى أن المشرع المصري قد حرص في نص المادة 104 مكرر عقوبات على تأكيد قيام الجريمة حتى ولو كان المرتشي يقصد عدم تنفيذ العمل المطلوب.
ويرى معظم الفقه قيام القصد الجنائي لدى الموظف وبالتالي توافر جريمة الرشوة قانونا استنادا الى محض القصد العام لا الخاص . فالموظف يرتكب الجريمة كما هي وارادة في النموذج القانوني بمجرد طلبه أو قبوله أو أخذه فائدة غير مستحقة ولو لم تتوافر لديه نية الاتجار بالوظيفة وهو رأي يبدو منسقا مع ظاهر مفهوم نص المادة 104 ع مصري وفقا للرأي السابق فلا يمكن اعتبار نية الاتجار بالوظيفة مقصدا خاصا ولا ينبغي اقاعها , بالتالي في الركن المعنوي للجريمة وانما هي علة تجريم أفعال الرشوة أو هي الحكمة من وراء ذلك بينما يرى جانب فهي آخر أن القصد الجنائي في جريمة الرشوة يتطلب بالاضافة للقصد العام قصدا خاصا مضمونه اتجاه نية الموظف الى الاتجار بأعمال الوظيفة أو استغلالها فالقانون وفقا لهذا الرأي لا يعاقب على مجرد تلقي الفائدة لذاته وانما باعتباره مقابلا للعمل الوظيفي فجريمة الرشوة اذن من جرائم القصد الجنائي الخاص التي يتطلب القانون بشأنها الى جواز القصد العام بنية الاتجار بأعمال الوظيفة أو بنية استغلالها, ويترتب على ذلك عدم قيام الجريمة قانونا اذا تظاهر الموظف بقبول الرشوة المقدمة اليه للعبث بأعمال وظيفته لتمكين السلطات من القبض على الراشي لانتقاء نية الاتجار في نية الاستغلال عنده وانتقاء القصد الجنائي ( ).
1في العمال فكرة القصد الجنائي لدى المرتشي : أعمال فكرة القصد الجنائي مثلما سبق تحليلها يعني وضعها موضع التطبيق وفي هذا يثار شوالين
أولا وقت الاعتداء بالقصد الجنائي لدى المرتشي : القاعدة في الجرائم الوقتية هي تقدير القصد الجنائي فمدى توافره لحظة ارتكاب السلوك المادي المكون للجريمة ففي هذه اللحظة التي يستنفذ فيها البنيان القانون للجريمة مظاهره المادية اما أن يقوم القصد الجنائي لدى الفاعل فتقوم في حقه الجريمة واما أن تنتفي هذا القصد فتنتفي الجريمة اما في الجرائم المستمرة فالعبرة في تقرير القصد الجنائي لا يكون فقط بمدى توافر عمله لحظة اتيان السلوك وانما يتحقق هذا العلم في أي وقت لاحق على بدء السلوك.
وقد أثير التساؤل في خصوص جريمة الرشوة حول الوقت الذي يجب الاعتداء فيه بتوافر ركن العلم لدى الموظف المرتشي فهل يتوافر القصد الجنائي لدى الموظف المرتشي فهل يتوافر القصد الجنائي لدى هذا الأخير اذا تسلم عطية أو هدية معتقدا أنها سداد لدين سابق أو مرسله اليه من أحد اقاربه ثم اكتشف فيما بعد أنها مقابل العمل الوظيفي فقرر الابقاء عليها رغم ذلك؟
وقد تنازع الاجابة عن هذا السؤال رايان فههيان أو لهما يرى انتقاء جريمة الرشوة لعدم معاصرة القصد الجنائي للركن المادي وتأنبهما بطالب على العكس أو بقيام الرشوة اذ يصعب اهمال علم الموظف ولو كان لاحقا على السلوك في قيام قصده الجنائي . موفقا للرأي الأول لا تقوم الرشوة الا اذا كان الموظف لحظة تسلمه العطية بكونها مقابلا لعمله الوظيفي وذلك استنادا الى أحد المبادئ المعروفة في القصد الجنائي وهو مبدأ معاصرة القصد للنشاط المادي المكون للجريمة وتظل الجريمة منتفية على هذا النحو ولو علم الموظف في ما بعد بوصف العطية وبأنها ثمن عمله الوظيفي وذلك لانتقاء نية الاتجار أو الاستغلال لديه لحظة اتيانه للسلوك المادي أما الرأي الثاني فهو يرى أن الموظف الذي تسلم هذه العطية جاهلتا صفتها لحظة تلقيه اياها ثم بعلم فيقرر الاحتفاظ بها فمثله يعتبر مرتكبا لجريمة الرشوة لتوافر القصد الجنائي لديه وهذا الرأي استخلص النية الاجرامية لدى الموظف من واقعه استمراره في حيازة العطية أو الهدية رغم عمله اللاحق بسببه.
ويبدو أن الرأي الثاني في النتيجة التي يخلص اليها يعتبر سلوك الموظف في هذا الغرض مخلا بالواجب العام الملقى على عاتق سائر الموظفين بالالتزام بالأمانة والصدق والمحافظة على كرامة الوظيفة ويذهب البعض الى حد الاعتقاد بأن تطبيق مبدأ معاصرة القصد لما دبات السلوك في شأنه أن يطبق من نطاق جريمة الرشوة ويتنافى بالتالي مع السياسة التشريعية التي تهدف الى الاحاطة بكل صور العبث بالوظيفة بكل صور العبث بالوظيفة العامة .
ويمكننا العثور في أسانيد هذا الرأي على حجتين لا يخلو ظاهرهما من المنطق أو لها أنه اذا كان المشرع بغير قبول العطية أو الهدية بعد تمام العمل أو الامتناع او الاخلال بواجبات الوظيفة جريمة يعاقب مرتكبها بالسجن والغرامة ولو كان ذلك بغير اتفاق سابق فانه يكون من غير السائغ نفي الجريمة عن الموظف الذي يتلقى قبل قيامه بالعمل المطلوب هدية يعتقد أن الغرض منها بريء ثم بعد اككتشافه للغرض الحقيقي منها يقوم على العمل المطلوب بناء عليها ونظيرا لاحتفاظ بها وثانيهما ان المعاصرة لا تنعدم بين فعل الأخذ والقصد الجنائي في هذا القرض الذي نحن بصدده الحق أن وقت تقدير القصد الجنائي لدى الموظف المرتشي هو لحظة ارتكاب السلوك المادي حسب ما يستخلص من نص التجريم وهنو الطلب أو القبول أو الأخذ أو وعد بها وفي هذا انتحاز الى الرأي يؤكد على معاصرة القصد الجنائي لماديات الجريمة وتحتم هذه الخلاصة بحجج ثلاث .
1/ ان البحث في وقت الاعتداد يتوافر القصد وفنية و أخرى مستمرة والرشوة جريمة وقتية فيكون الاعتداء بالقصد الجنائي لدى فاعلها هو في لحظة ارتكاب سلوك الطلب أو القبول أو الأخذ والقول , انما على حيازة ما تم الحصول علىه أو الابقاء على قبول ماتم الوعد به.
2/ ان القياس على جريمة المكافأة اللاحقة حين يعاقب المشرع على قبول الموظف لعطية أو هبةة بعد تمام العمل أو الامتناع أو الاخلال بواجبات الوظيفة ولو كان ذلك دون اتفاق سابق على صاحب المصلحة هو قياس مع الفارق فمن ناحية الأولى تختلف طبيعة كل من الجريمتين فثمة جريمة الرشوة بمعناه الدقيق وهي الجريمة الأم على محض صورة خاصة في صورها ومن ناحية ثانية فجريمة المكافأة اللاحقة والعقاب عليها هو دليل من باب أولى على ضرورة مبدأ معاصرة القصد الجنائي للسلوك المادي والخروج على ذلك يتطلب نصا خاصا.
3/ ان اقحام سلك الموظف الشائن اذ يقبل الاحتفاظ بالعمل رغم علمه اللاحق بصلتها بعمله الوظيفي في فكرة القصد الجنائي هو أمر يستقيم مع منطق التحليل القانوني فالجريمة من حيث بنيانها القانوني وما يدخل فيه من عناصر شتى و الزج بأوصاف اجتماعية أو بمسالك شائنة للفاعل شيئا آخر , فتكلما أمران لا ينبغي الخلط بينهما وان جاز اعتبار سلوك الموظف ماسا . بكرامة وظيفته ونزاهتها فقد يصلح ذلك لمساءلة عن مخالفة تأديبية عن جريمة تفتقد لأحد العناصر.
-2-كيفية اثبات القصد الجنائي لدى المرتشي :
يعتبر اثبات القصد الجنائي لدى مرتكب أي جريمة من المسائل الموضوعية التي يقررها قضاة الموضوع حسب ما يستخلص من ظروف وملابسات كل قضية ولا تخضع محكمة الموضوع في تقديرها لتوافر القصد من عدمه لرقابة المحكمة العليا متى كان ذلك التقدير مستندا الى أسباب منطقية مستخلصة من أوراق الدعوى.
ويكون اثبات القصد الجنائي في الرشوة وفقا للقواعد العامة في الاثبات في المواد الجنائية فهو يكون بالاقرار من طرف المرتشي أو بالقرائن لكن خصوصية جريمة الرشوة يجعل الظروف والملابسات المحيطة بالفعل المادي للرشوة دورا كبيرا لاستجلاء ركن العمد لدى الفاعل وباعتبار الرشوة من جرائم القصد الخاص . فلا بد من اثبات توافر قصد الاتجار بالوظيفة أو قصد استغلالها . ولعل أهم ما يثير اثبات القصد الجنائي ضرورة قيام الارتباط الغائي بين سلوك الموظف وبين سبب الرشوة فالأصل العام في الرشوة اثبات المكافأة غير المستحقة بسببها اتيان عمل من الأعمال الكاشفة عن نية الاتجار في الوظيفة وهو ما يستدل عليه من ظروف الحال.
وهكذا تقوم جريمة الرشوة بالاتفاق الذي بين المرتشي والراشي ولا تبقى بعد ذلك الى اقامة الدليل على هذا الاتفاق وتنفيذ مقتضاه تسليم المبلغ أما اذا ثبت انتقاء كل صلة بين الفائدة التي حصل عليها أو وعد بها الموظف وبين عمله الوظيفي فلا يمكن مساءلة الموظف جنائيا فقد تكون الفائدة بسبب أواصر القرابة والصداقة التي تربط الموظف وصاحب المصلحة أو تكون الفائدة تنفيذا لعلاقة عق\ية مثبتة الصلة تماما بالعمل الوظيفي واثبات ذلك بكون من خلال الظروف والقرائن والملابسات الخاصة بكل حالة على حدى.
ويثار سؤال على المستوى الاجرائي لمعرفة مدى سلامة اجراءات ضبط الرشوة ان كانت نتيجة تدبير وتحريض من رجال الشرطة فهل مكن اثبات توافر القصد الجنائي لدى الموظف الذي تم تحريضه صوريا على ارتكاب الجريمة ؟ وينبغي هنا التفرقة بين فرضيتين.
1/ أنه لا يؤثر قيام أركان جريمة الرشوة وقوعها نتيجة تدبير يقوم به الراشي لكي يسهل لرجال السلطة العامة ضبط الجريمة وبالتالي يقيد بقبول أو حصول الموظف على الفائدة حتى ولو لم يكن الراشي جادا في ما عرضه على الموظف متى كان عرضه للرشوة جديا في ظاهره وكان الموظف قد قبله على أنه جدي ناويا العبث بمقتضيات وظيفته لمصلحة الراشي أو لمصلحة غيره.
2/ اذا كان ضبط الجريمة قد تم على محض تحريض رجال السلطة العامة تقع هذه الاجراءات الى الضبط بالبطلان وهو بطلان لا يمنع من اثبات الجريمة بطرق أخرى . ولما كان القصد الجاني مسألة باطنية تقوم في نفس الجاني مفصحا عنها اما بصورة صريحة أو بصورة ضمنية فليس ثمة ما يحول دون استظهار هذا القصد من الامارات الدالة عليه وتطبيقا لهذا المعنى فانه لا يشترط قانونا لقيام جناية عرض الرشوة أن يصرح الراشي للموظف بقصده من هذا الغرض وبأنه يريد شراء ذهنه بل يكفي أن تدل ظروف الحال على توافر هذا القصد ذلك بأن الركن المعنوي لهذه الجناية شأنه شأن الركن المعنوي لأنه جريمة أخرى قد يقوم في نفس الجاني وغالبا ما ***ولقاضي الموضوع اذا لم يفصح الراشي عن قصده بالقول أو الكتابة أن يستدل علة توافره بكافة طرق الاثبات وبظروف العطاء وملابساته ومحكمة الموضوع أن يأخذ بما تطمئن اليه من أدلة ثبوت الجريمة ولها أن تصرح مالا يستقيم مع اقناعها وفي هذه الحالة الأخيرة لا تترتب على قضاة الموضوع ان لم يأخذوا بالتسجيلات الهاتفية كدليل لثبوت الرشوة حتى ولو لم تطلب المحكمة الاستعانة لخبير لفحص هذه التسجيلات.
الفرع الثاني : مكونات وعناصر القصد الجنائي
تقتضي دراسة القصد الجنائي التحليلية الوقوف على مكونات هذه الفكرة لتي بدونها لا يكفي الركن المادي وحده تحقيق البنيان القانوني للجريمة وتتمثل هذه المكونات في عنصري العلم في تشكيل النموذج القانوني للجريمة ورغم أن الفقه متفق على ضرورة توافر هذين العنصرين فالخلاف يثور حول ما اذا كان القصد الجنائي يتطلب بالاضافة الى القصد العام لدى المرتشي توافر قصد الخاص هكذا تتعرض الى مكونات القصد الجنائي , لأن الرشوة جريمة عهدية فلا بد لقيامها من توافر القصد الجنائي وما يطلق عليه الفقه أحيانا ركن العمد في الجريمة أو ركن الخطأ العمدي و أيا ما كانت التسمية التي نطلقها فالمهم هو استبعاد قيام الرشوة غير العمدية أو الرشوة عن طريق الخطأ أو الاهمال ويتحقق القصد الجنائي لدى المشرع المصري بتوافر عنصري.
1-ارادة السلوك المادي المكون للجريمة:
يلزم لقيام الرشوة قانونا أن تتجه ارادة الفاعل الى اتيان أحد المظاهر السلوكية التي تنص عليها المشرع وهي طلب أو قبول أو أخذ العطية أو الوعد بها ويجب بالاضافة لارادة السلوك انصراف نية الفاعل الى الاتسيلاء على العطية بقصد التملك أو الانتفاع.
حيث يترتب على مسبق تخلف القصد الجنائي لدى الموظف في كل مرة تنتفي فيها ارادته السلوك الصادر عنه ويتحقق ذلك فيما لو دس صاحب المصلحة مبلغا من المال في جيب موظف أو أسقطه في درج مكتبه دون أن تنصرف ارادة هذا الأخير الى أخذ هذا المبلغ.
كما لا يصح أحيانا اعتباره قبول الموظف إراديا لوعد بعطية صادر عن صاحب المصلحة . فالقبول الصوري من جانب الموظف أو مجرد تظاهره بقبول الوعد اذا كان الهدف منه الايقاع بالراشي وتسهيل ضبطه متلبسا لا يقيم القصد الجنائي لديه وينتفي بالتالي في حقه جريمة الرشوة.
وارادة السلوك التي يعتد بها قانونا في هذا الشأن هي تلك الصادرة عن وعي واختيار حيث أن م 62 ف 1 من ق العقوبات التي تقرر عدم عقاب من يكون فاقد الشعور أو الاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل كما تنتفي ارادته سلوك الموظف اذ طلب أو قبل أو أخذ عطية أو الوعد بها , وكان بذلك واقعا تحت اكراه أو كان معتبرا في حالة ضرورة فاذا ما احتج الفاعل بكونه مكرها أو مضطرا لارتكاب الرشوة امتنعت مسؤولية الجنائية متى توافرت في حقه كافة الشروط التي يتطلبها نص القانون م 61 ق ع وقد نصت م 104 مكرر من ق ع مصري على أنه <<كل موظف عمومي طلب لنفسه ....يعقب بعقوبة الرشوة المنصوص عليها في المواد الثلاث السابقة حسب الأحوال حق ولو كان بقصد عدم القيام بذلك العمل أو عدم الامتناع عنه أو عدم الاخلال بواجبات الوظيفة >>( )
أما عن الارادة لدى المشرع الجزائري فقد تجسد نافي الجريمة السلبية والجريمة الايجابية فعنصر الارادة في الرشوة السلبية يتمثل في علم لموظف بأركان الجريمة ومع ذلك أرادها بأن اتجه الى الطرف الآخر بالطلب أو القبول أو الأخذ قامت الجريمة وعليه فلا تقوم الجريمة اذا علم الموظف بأركان الجريمة ولكنه لم يردها ولكنه تظاهر بأنه يريدها فاتجه الى الطرف الآخر بالقبول . أو الطلب أو الأخذ للايقاع بالراشي.
كما يشترط أن يتوافر القصد للجاني لحظة تنفيذه لركن المادي لهذه الجريمة أي معاصرة القصد للركن المادي , ويشير المشرع الجزائري الى أن صورة القصد الجاني هنا . هو القصد الجناني الخاص و القائم على نية الاتجار بالوظيفة العمومية واستغلالها ولكن الرأي الراجح في الفقه يرى أن القصد الجنائي لجريمة الرشوة هو قصد عام باعتبار لأن قيام الموظف بالعمل ليس من ماديات الجريمة فالجريمة تقوم سواء قام الموظف بالعمل ام أحجم عنه فالقانون لا يشترط ضرورة قيام الموظف بالعمل المطلوب وعلى ذلك فالجريمة تعد قائمة ولو اتجهت نية الجاني الى قبول الرشوة وعدم تنفيذ ما طلب منه ولو كان القصد خاصا لا يشترط القانون وجوب اتجاه ارادة الموظف الى تنفي العمل الوظيفي ولكن المشرع لم يفعل ذلك مما يؤكد أن القصد هنا قصد عام . في حين أن ارادة الراشي في الرشوة السلبية يهدف من ورائها الى تحقيق مصلحة يبتغيها لنفسه أو لغيره . فغرض الراشي هو أساس الركن المعنوي الذي تتجه ارادته لتحقيقه وبالتالي فلا يعد راشيا اذا انتفى لديه الغرض من عمله . اذ يجب أن يعلم أنه بوجه افعاله (الترغيب والترهيب )الى موظف عام أو في حكمة لحمله على القيام بالعمل الذي يبتغيه في حدود وظيفته فقصده بهذا المفهوم قصد جنائي خاص( ).
2-العلم بالعناصر الواقعية التي يشملها نص تحريم الرشوة :
يلزم لقيام القصد الجنائي لدى الفاعل بصفة عامة حسب المشرع أن القانون المصري علمه بكافة العناصر الواقعية الداخلة في تشكيل البنيان المادي للجريمة وتحليل القصد الجاني في نصوص جريمة الرشوة لا يشتد عن هذا الأصل فلا يدمن علم الموظف المرتشي بكافة العناصر الواقعية المستخلصة من نص تحريم الرشوة , على أن هذا العلم لا ينصرف بطبيعة الحال الى العلم بالصفة غير مشروعة الفعل . أي يكون الفعل يشكل جريمة معاقب عليها اذ هذا العلم مفترض في كافة الأحوال تطبيقا لقاعدة افتراض العلم القانوني (Nul n’est cencé ignoré la loi ) . وعلى هذا فلا يقبل من الموظف المتهم زعمه بأنه كان يجهل أن الوظيفة التي يباشر أعمالها تدخل ضمن الوظائف التي يغبر شاغلوها من الموظفين العموميين في تطبيق نصوص الرشوة كما لا يجوز لعضو المجلس أو لمحكم أو لحارس قضائي ممن ورد ذكرهم في نص م 111 ق ع مصري الدفع بجهلهم بصفة الموظف العام الحكمي التي يضيفها عليهم ق العقوبات في نصوص تطبيق أحكام الرشوة اذ الجهل هنا منصب على عنصر قانوني و الأصل افتراض علم المخاطبين بأحكام القانون به . وبالاضافة الى العلم بالعناصر الواقعية المكونة لصفة الموظف العام فلابد من توافر علم هذا الأخير بان ما يطلبه أو يقبله أو يأخذه من فائدة انما لأداء عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنه أو الاخلال بواجبات هذه الوظيفة فعلم الموظف بالارتباط الغائي بين موضوع الرشوة وبين سببها ضروري لقيام قصده الجنائي والا تختلف نية الاجرامية وانتفى قيام الجريمة قانون في حقه . وأمثلة انتقاء العلم بهذه الصلة متعددة . فالموظف الذي يقبل هدية لنفسه أو لغيره ظنا منه مرسلة اليه من أحد أقاربه أو أحد أصدقائه ثم يكتشف فيما بعد أن مرسلها ليس الا أحد أصحاب المصلحة في أمر يخص عمله الوظيفي . لا يمكن اعتباره مرتشيا لانتفاء ركن العلم لديه حتى ولو لم يقم برد الهدية لأن الرشوة من الجرائم الوقتية التي يتم فيها تقدير قيام القصد الجنائي لحظة تحقيق السلوك المادي وهو ما يعرف بمعاصرة القصد لماديات الجريمة.
وقد عرضت محكمة النقض على تأصيل ركن العلم على هذا النحو بقولها << من المقرر أن القصد الجنائي في الرشوة يتوافر بمجرد على المرتشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو للاخلال بواجباته وأنه ثمن الاتجار بوظيفته أو استغلالها >>.ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الاخلال بواجبات الوظيفة ولما كان الحكم للمطعون فيه قد دلل على أن العطية قدمت للطاعن تنفيذا للاتفاق السابق الذي انعقد بينه وبين المجني عليه مما يتحقق معه معنى الاتجار بالوظيفة ويتوافر به القصد الجنائي كما هو معروف به في القانون فان ما يثيره الطاعن من أنه أخذ المبلغ كوهبة لا يكون مقبولا.

الفصل الثاني النظام الجزائي للرشوة في كل تشريع
في بادئ الأمر يجب الاشارة الى شيء مهم هو أن الشريعة الاسلامية تعبير الرشوة حرام بلا خراف وهي من الكبائر لقوله تعالى << سماعون للكذب أكالون للسحت >>. وقوله أيضا << ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها الى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس وبالاثم و أ،تم تعلمون >>
وروى عبد اله بن عمر وقال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لعن رسول الله صلى الله عليه وسلة الراشي والمرتشي " وفي رواية ريادة الرائش.
ومنه نلاحظ أن الشريعة الاسلامية تعتبر الرشوة من جرائم التعزير أي الجرائم التي لم يقدر لها الإسلام عقوبات مقدرة ومحددة كالحد والقصاص بل يترك تقدير عقوبتها لولي الأمر أو القاضي المجتهد وذلك حسب كل مكان وزمان وحسب تغير وتبدل مصالح الناس و أحكامهم التي يسيرون عليها فيضع لها العقوبة المناسبة والرادعة.
وبهذا أقام كل تشريع على تجريم الرشوة ووضع العقوبة المناسبة لها واختلفت العقوبات حسب اختلاف تكييفهم للرشوة فمن يأخذ بها على أنها جريمة واحدة أو جريمة مزدوجة. ولهذا يجب أن نبحث العقوبات لكل تشريع على حدى.
المبحث الأول : عقوبات التشريع الفرنسي
1/ المطل الأول ك عقوبات الرشوة السلبية
المشرع الفرنسي يعتبر الرشوة التي يقوم بها الموظف جنحة ويعاققب عليها بالحبس من سنتين الى 10 سنوات وبغرامة مضعفة لقيمة الوعد أو العطية المأخوذة ولا يجب أن تتعدى هذه االغرامة 1500 فرنك هذا ما جاء في المادة 177.( )
وفي حالة تسهل عمل من أعمال الوظيفة الرشوة مما يعاقب عليها بالحبس من عام الى 5 سنوات وبغرامة مالية من 600 الى 15000 فرنك وفي كلتا الحالتين المتهم يحرم من كل الحقوق المنصوص عليها في المادة 42 ع فرنسي الفترة من 5 الى 10 سنوات.
وتتبع هذه العقوبات عقوبة مصادرة الأشياء و تؤخذ الى الخزينة العامة وهذا ما جاء في المادة 180 الفقرتين 3-4 .
« dans tout les cas le coupable pourra être privé des droits de l’art 42 pour une durée de 5 à 10 ans. et les choses livrées ne seront pas restituées. Mais confisquées au profit du trésor (art 180 at 3 et 4) ( ).
والمادة 18 في فقرتها الأولى تضع ظروف تشد\يد للعقوبة أن الرشوة الغرض منها ارتكاب عمل اجرامي أو القاضي الذي يقيض رشوة ففعله الاجرامي يصبح جناية ويعاقب بالسجن من 5 سنوات الى 10 سنوات أو بعقوبة أشد حسب نوع الرشوة وتأثيرها المادة 182.
استغلال النفوذ أدرجه المشرع الفرنسي ضمن جريمة الرشوة ويعاقب عليه من سنة الى 5 سنوات وبالغرامة المنصوص عليها في المادة 177 ع السالفة الذكر ويعاقب بالحبس من سنتين الى 10 سنوات اذا كان من الأشخاص المنصوص عليهم في المادة 177 ويعاقب على استغلال النفوذ بما يعاقب عليه الموظف الراشي ( ).
المطلب الثاني : عقوبة الرشوة الايجابية :
<< الحبس من سنة الى خمس سنوات وبغرامة مضعفة للوعود أو الانشاء المطلوبة ولا يجب أن تقل عن 1500 >>( ).
المشرع الفرنسي يعتبر جريمة الراشي جريمة مستقلة عن جريمة المرتشي ويعاقب عليها بعقوبة الجنحة ولقد أدرجها مع عقوبة استغلال النفوذ في المادة 179 لأنها تحرم استعمال الوسائل غير المشروعة << الحصول على فعل أو الامتناع عنه كانت مزيات أو امتيازات نصت عليها المواد 177-178>>.
وبالرغم من كونها جنحة مميزة الرشوة الايجابية تبقى مرتبطة بشكل ضيق بالرشوة السلبية واستغلال النفوذ في عناصرها المكونة لها وفي العقوبة المقررة من جهة نظرا لعقوبة المشرع تبني نظام العقوبة المرجعية وتعاقب المرتشي بنفس العقوبات المنصوص عليها في المكواد 177-178 وهذا ما يؤدي الى تطبيق العقوبات التكميلية والظروف المشددة الواردة في المادة 180 الى 182 فالرشوة الايجابية تعاقب الذي يقبل التماسات لم يبادر هو لها والعنصر المتميز في الرشوة الايجابية هو في تجريم الاعتداء والتهديد التي يمكن للمذنب استعمالها للحصول على المزايا والامتيازات ولكن هذا الامتداد يبدل طبيعة الجنحة . فهل يمكننا أن نتحدث في هذه الحالة على الرشوة عندما يقبلها الموظف أمام التهديد والاكراه ؟
أن هذا يؤدي الى تنازع في التكييف مع عنف للقاضي أو عون القوة العمومية المادة 228 وما يتبعها أو مع التهديد المعاقب عليه بنص المادة 305 وما يتبعها . والمادة 179 يعاقب الراشي << يتحقق آثار الرشوة أو الاكراه أو عدم تحقق هذه الآثار بمعنى الاستقلال عن نتائج فعله . عروض ووعود لم يقبلها الموظف وهذا الحل يمكن من العقاب لجنحة لم تكتمل . ان مجرد المحاولة للرشوة التي لم يعد يعاقب عليها بهذا الوصف من وقت تحول المخالفة الى جنحة .
ويجب ملاحظة ان النظام التوي مرتشي وراتي ليسا .
كشركاء في التشريع الفرنسي . ولكن كجريمتين في جنحتين مختلفتين لا يمنع من المتابعة بالاشتراك في القانون والخبر الذي حصر وسهل وفرع جنحة الرشوة الايجابية وهذا أمثاله الذي يسلم للراشي نفوذا موجهة لرشوة مفتش الضرائب المباشرة ( ).
المبحث الثاني : عقوبات المشرع المصري
لقد حدد الشارع المصري عقوبة الرشوة في صورتها البسيطة م 103 ق ع وتوقع هذه العقوبة على الراشي والوسيط مذلك م 107 مكرر ق ع ونص بعد ذلك على حالتين شد فيهما عقوبة الرشوة المادتان 107 و 104 ق ع.
المطلب الأول : عقوبة الرشوة البسيطة
نص المشرع على عقوبة أصلية للرشوة ثم أضاف اليها عقوبتين تكميلتين وثمة عقوبات تبعية تقتضي بها القواعد العامة وقد أعقب ذلك النص على سببين للاعفاء من العقوبات.
أ-العقوبة الأصلية للرشوة :
العقوبة الأصلية هي الأشغال الشاقة المؤيدة م 103 ق ع ولم يخطر الشارع تطبيق الظروف المخففة وعلى الرغم من أن الشارع . قد نص على هذه العقوبة بالنسبة للمرتشي فنها توقع كذلك على الراشي والمتوسط بينهما باعتبارهما شريكين في الرشوة والقاعدة أن من << اشتراك في جريمة فعلية عقوبتها >>. م 41 ق ع مصري وعلى الرغم من وضوح هذه القاعدة فقد آثر الشارع أن يبالغ في التوضيح فردد هذه القاعدة في م 107 مكرر التي نصت على ان يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي.
كما أن تعدد الفاعلين متصور في الرشوة ومحل ذلك أن يتعدد الموظفون المختصون بالعمل ويقدم اليهم المقابل بالاشتراك ( ), وتوقع على كل فاعل ذات عقوبة المرتشي اذ لم يجعل الشارع من ذلك التعدد ظرفا مشددا للرشوة.
أما في حالة الشروع فيعاقب الموظف بالمادة 108 مع المادتين 45. 446 ويعاقب الراشي بالمادة 111 أما الوسيط فيختلف عقابه بحسب ما اذا كان وسيطا للراشي والمرتشي .
ب- العقوبات التكميلية:
1/الغرامة المالية :
قرر الشارع للرشوة عقوبة الغرامة التي لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطى الموظف أو وعد به , والغرامة على هذا النحو غرامة نسبية اذ هي محددة بقدر مقابل الرشوة أي الكسب الحرام . الذي حصل عليه المرتشي أو كان محتمل حوصله عليه ولكنها غرامة نسبية ناقصة باعتبار أي تناسبها مقيد بحد أدنى هو ألف جنيه وهي عقوبة وجوبية فليس للقاضي سلطة الاعفاء منها وهي كعقوبة تكميلية لا يجوز الاكتفاء . وتخضع هذه الغرامة لجميع أحكام الغرامات النسبية ومن أهم هذه الأحكام أنها لا تتعدد المحكوم عليهم بل يحكم عليهم بغرامة واحدة ويلتزمون بها قبل الدولة بالتضامن م 44 ق ج واذا عومل المحكوم عليه بالرأفة وخففت العقوبة السالبة للحرية التي حكم بها عليه فان هذا التخفيف لا يسري على الغرامة واذا تعذر تحددي قيمة مقابل الرشوة كما لو كان فائدة ذات طبيعة معنوية قضى بالغرامة في حدها الأدنى وهو ألف جنيه.
المصادر كعوقبة تكميلية :
نص الشارع على مصادرة مقابل الرشوة في المادة 110 ق ع التي قضت بأن << يحكم في جميع الأحوال بمصادرة ما يدفعه الراشي أو الوسيط على سبيل الرشوة طبقا للمواد السابقة >> ولا يقتصر موضوع المصادرة على النقود وانما يتسع لكل شيء اذا نصت المادة 30 ع بصفة عامة الحكم بمصادرة الأشياء المضبوطة التي تحصلت من الجريمة والمحاكم المصرية تطبق هذه المادة على جريمة الرشوة وتقضي بمصادر النقود أو الأشياء الأخرى المضبوطة التي قدمت على سبيل الرشوة ( ).
الا ما نص الشارع على على استثنائه منها أو قضت بذلك طبيعة الأشياء فمن أهم ما تتقيد به هذه المصادرة أنها لا ترد الا على مال مضبوط ويقتضي ذلك أن يكون ثمة مال سلمه الراشي أو الوسيط الي المرتشي ويكفي التسليم الرمزي والتسليم الحكمي فوضع المال تحت تصرف المرتشي ليستولي عليه حينما يشاء بعد تسليمها كافيا ولكن التسليم كما لو اقتصرت الرشوة على وعد أو طلب فلا محل كذلك للمصادرة وتخضع هذه المصادرة للقواعد العامة من حيث تقييدها باحترام حقوق الغير حسن النية . وبعد الغير حسن النية اذا كان غير مسؤول عن الرشوة أي كان أجنبيا عن الجريمة.
ج- العقوبات التبعية والتكميلية الأخرى في الرشوة
تلحق المحكوم عليه بعقوبة جنائية من أجل الرشوة جميع العقوبات التكميلية التي نصت عليها م 25 من ق ع . عهلى أنه اذا حكم على الموظف المرتشي أو من في حكمه بعقوبة السجن المنصوص عليها في م 108 ع فيترتب على هذا الحكم عزله من وظيفته اذا كان موظف وحرمانه من القبول في أي خدمة في الحكومة فاذا كان عضوا في أحد المجالس الحزبية أو النيابية أو مجالس المديريات أو المجالس البلدية أو المحلية فيترتب على هذا الحكم زوال العضوية . وكل موظف ارتكب جناية الرشوة فعومل بالرأفة وحكم عليه بالحبس طبقا للمادة 17 يحكم عليه أيضا بالعزل مدة لا تنقص عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها عليه .
د-الاعفاء من العقوبة
نص الشارع على سببين الاعفاء من العقوبة في المادة 107 مكرر من ق ع في قوله << ومع ذلك يعفي الراشي أو الوسيط من العقوبة اذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها >> وسبب الاعفاء هما الاخبار والاعتراف والاستفادة منهما مقتصرة على الراشي والوسيط فالشارع قد استبعد المرتشي من نطاق الاعفاء.
وعلة الاعفاء من العقاب أن الرشوة جريمة ت. في تحقيقها وتعق مرتكبيها ومحاكمتهم اقامة الدليل عليهم أمرا عسيرا ولذلك فان المعترف يقدم المجتمع خدمة يستحق أن يكافأ عليها بالاعفاء من العقاب وتفسيرا استبعاد المرتشي من نطاق الاعفاء . ان علته غير متحققة فالراشي أو الوسيط يكافأ بالاعفاء لأنه كشف للسلطات عن الموظف الذي أخل بثقة الناس في نزاهة الدولة . فاذا كانت قد اكتشفت أمر هذا الموظف وتوافرت لديها الأدلة عليه فان ما صدر عنه من نشاط بعد ذلك لا تقوم به خدمة للمجتمع يستحق أن يكافأ عليها.
وينبغي أن يتوافر الاعتراف أو الابلاغ على شرطان هما الاخلاص والتفصيل . فيجب أن يكون صادرا بنية اعانة السلطات في الكشف عن الجريمة وادانة مرتكبها ويقتضي ذلك أن يكون صادقا مطابقا للحقيقة وتطبيقا لذلك فان الابلاغ أو الاعتراف الذي ينطوي على ما يخالف الحقيقة فلا يستحق صاحب الاعفاء . وكذلك يجب أن يكون الابلاغ مفصلا متضمنا جميع عناصر الجريمة وظروفها و الأدلة عليها طالما كان المتهم عالما بها . وتطبيقا لذلك فان الاعتراف المجمل الذي لا يفيد السلطات في شيء لا يصلح أن يكون سببا للاعفاء من العقوبة.
كما أن الاعتراف لا ينتج أثره في الاعفاء الا اذا اصدر أمام محكمة الموضوع وقبل اقفال باب المرافعة لديها على أنه اذا صدر لأول مرة بعد اقفال باب المرافعة أو من باب أولى أمام محكمة النقض فلا يصلح سبب للاستفادة . لكن اذا أنكر المهم أمام سلطات التحقيق ثم اعترف لدى محكمة الموضوع استفاد من الاعفاء.
ويقتصر تأثير الاعفاء على العقوبة السالبة للحرية والغرامة فلا يمتد الى المصادرة ذلك أن حيازة الرشوة مخالفة للنظام العام كما لا يمتد نطاق الاعفاء الى جريمة عرض الرشوة.
المطلب الثاني : عقوبة الرشوة المشددة
نص الشارع المصري على سببين لتشديد عقوبة الرشوة فالأول موضوعه أن يكون الغرض من الرشوة ارتكاب فعل يعاقب عليه القانون بعقوبة أشد من عقوبة الرشوة امتناع المرتشي عن عمل من أعمال وظيفته أو الاخلال بواجباتها.
الفرع الأول : كون الغرض من الرشوة ارتكاب فعل يعاقب عليه القانون بعفوية أشد من عقوبة الرشوة
نصت على هذا السبب التشديد المادة 108 ق ع في قولها << اذا كان الغرض من الرشوة ارتكاب فعل يعاقب عليه القانون بعقوية أشد من العقوبة المقررة للرشوة فيعاقب الراشي والمرتشي والوسيط بالعقوبة المقررة لذلك الفعل مع الغرامة المقررة للرشوة ويعفى الراشي أو الوسيط من العقوبة اذا أخبر السلطات بالجريمة طبقا لنص الفقرة الأخيرة من المادة 48 من هذا القانون >>.
وهذا السبب للتشديد يدعو طبيعة نفسية اذ يقوم بمجرد استهداف غرض اجرامي معين من الرشوة فمجرد اتجاه الارادة الى هذا الغرض كاف للتشديد ولا يشترط تنفيذه فعلا . بل ان استحالة ذلك التنفيذ سواء لأسباب كانت قائمة وقت الرشوة ولكن محمولة من أطرافها لكلهم أو بعضهم أو لأسباب طرأت بعد الرشوة لا يجوز دون توافر هذا الظرف المشدد وبذلك يمكن القول أن هذه الرشوة المشددة تفرض قصدا خاصا باعتبار أنها تتطلب اتجاه الارادة الى فعل اجرامي ليس في ذاته من ماديات الرشوة.
وعلة التشديد الخطورة السالفة لهذه الرشوة: فهي ليست مجرد هدية تلقاها الموظف أو مجرد عزم على الاخلال بواجبات الوظيفة . وانما ثمة عزم على ارتكاب جريمة بالغة الخطورة والمجال المتصور لهذه الرشوة المشددة هي أن يكون الغرض منها ارتكاب جريمة يعاقب عليها بالعدام . وترتكب الرشوة المشددة بمجرد أخذ المقابل أو قبول الوعد بدأو طلبه ولا يحول دون توقيع العقوبة المشددة . عدول الجناة باختيارهم عن الغرض الاجرامي الذي استهدفوه بالرشوة . ذلك أنه عدول لاحق على تمام الجريمة ومجرد تبعا لذلك الأثر.
والقواعد التي أخضع لها القانون هذه الرشوة المشددة تشدد على القواعد العامة بل انها تشدد على قواعد الرشوة وخاصة من حيث أحكام امتناع العقاب : فالجناة توقع عليهم عقوبة جريمة لم يرتكبها لمجرد عقدهم العزم عليها أو لمجرد اتجاه نية شخص واحد اليها وتمثل هذه القواعد شذوذا على أحكام تعدد الجرائم فتوقيع عقوبة الجريمة الأشد من بين الجرائم المرتبطة بوحدة الغرض منوط بتنفيذها تنفيذا كامل . والغرض في هذه الحالة أنها لم تنفذ وحين تجنتمع الرشوة والاتفاق الجنائي على الجريمة , ذات العقوبة الأشد . فان القواعد العامة تقتضي لتوقيع العقوبة الأشد من بين عقوبتين الرشوة والاتفاق . ولكن الشارع يستبعدها معا . ويقرر توقيع عقوبة الجريمة التي استهدفتها الرشوة وخرج في هذه الرشوة على أحكام الاعفاء الخاصة بالرشوة كما حددت المادة 107 مكرر 1 ق ع فاستبعدها و أحل محلها قواعد الاعفاء الخاصة بالاتفاق الجنائي كما حددتها الفقرة الأخيرة من م 48 ق ع . ويقضي هذا المعنى بأن : يعفي من العقوبات المقرروة في هذه المادة كل من بادر من الجناة بأخبار الحكومة بوجود اتفاق جنائي ولمن اشترك بنية قبل وقوع أية جناية أو جنحة وقبل بحث وتفتيش الحكومة عن أول الجناة فاذا حصل الاخبار الى ضبط الجناة الآخرين.
والاستفادة من هذا الاعفاء مقتصرة على الراشي والوسيط فلا يستفيد منه المرتشي ( ).
الفرع الثاني : الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو الاخلال بواجباتها
نص الشارع على هذا السبب للتشديد في م 104 ق ع في قوله كل موظف عمومي طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدا أو عطية لامتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو للاخلال بواجباتها أو لمكافأنه على ما وقع منه . ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وضعف الغرامة المذكورة في المادة 103 من هذا القانون , ونطاق التشديد مستمد من نوع العمل الوظيفي الذي يعد الموظف المرتشي القيام به . نظير مقابل الرشوة الذي أخذه أو طلبه أو قبل الوعد به ويفترض أنم هذا العمل اتخذ صورة الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو صورة الاخلال بواجبات الوظيفة ويعني ذلك أن تخرج من نطاق التشديد حالة ما اذا كان موضوع الرشوة عمل ايجابيا أما الإخلال بواجبات الوظيفة فيعني ذلك المدلول العام الذي سلف توضيحه والذي يتسع لكل اخلال بأمانة الوظيفة ذاتها.
ويتصرف تشديد العقوبة الى الغرامة فقط فيرتفع بها الى الضعف ويمتد هذا التشديد الى حديها على السواء , فتصير منحصرة بين ألفين من الجنيهات كحد أدنى وضعف مقابل الرشوة كحد أقصى أما العقوبة السالبة للحرية والمصادرة فتظل أحكامها دون تعديل.
المبحث الثالث : عقوبات المشرع الجزائري
لقد أخذ المشرع الجزائري بنظام ثنائية الرشوة على غرار القانون الفرنسي باعتباره مصدرا تاريخيا له فقد حافظ على نفس الترتيب ونفس المحتوى أو مضمون المواد بل نجده أحيانا يقرر نفس العقوبة المماثلة للمواد المنصوص عليها في قانون الفرنسي ولم يغير المشرع الجزائري منذ صدوره للأمر رقم 66-156 المؤرخ في 08 يونيو 1966 والمتضمن قانون العقوبات الجزائري الأحكام الواردة في المواد 126- 134 ع جزائري والمتعلقة بعقوبة الرشوة في حين قام بتعديلات هامة
والمشرع الجزائري قد اصطلح على تسمية الجريمة الأولى السلبية بالرشوة السلبية من جانب الموظف العام ومن في حكمه.
وأما الثانية ايجابية من جانب صاحب المصلحة وقد اصطلح على تسميتها الرشوة الايجابية حيث أن الجريمتان مستقلتان عن بعضهما في التجريم والعقاب اذ لا يعتبر سلوك الراشي اشتراكا في جريمة المرتشي وانما سلوك كل منهما مستقل في جريمته بحيث يتصور أن يكون لكل من الراشي والمرتشي شركاء في جريمته غير شركاء الآخر كما يتصور كذلك أن تتوافر احدى الجريمتين دون الأخرى أو أن يكون لكل منهما صور شروع خاصة بها.
المطلب الثاني : عقوبة الرشوة السلبية
بادئ بدء يجب علينا ملاحظة أن الشريعة الاسلامية تعتبر الرشوة من جرائم القزيز ( ), وهي الجرائم التي لم يقرر لها الاسلام عقوبات مقدرة ومحددة كالحد والقصاص , بل يترك تقدير عقوبتها لولي الأمر أو القاضي المجتهد . يتقرر في شأنها عقوبة جنايات أو جنح أو مخالفات وذلك حسب كل زمان ومكان وحسب تغير وتبدل مصالح الناس وأحكامهم التي يسيرون عليها فيضع لها العقوبة المناسبة والرادعة .
أما المشرع الجزائري فقد قسم العقوبات على جريمة الرشوة الى أصلية وتكميلية دون الاخلال بالعقوبات التأديبية التي توقع على الموطن في قطاع وظيفته .
الفرع الثالث : العقوبات الأصلية
اذا ارتكب الموظف العام أم من في حكمه المذكورين في م 126 قانون العقوبات جريمة الرشوة مستكملة لبنياتها القانوني على النحو الذي أوضحناه في ما سلف . كل مستحق للعقوبة الأصلية التي قررتهعا المادة نفسها والمتمثلة في الحبس من نستين الى عشر سنوات . ونلاحظ أنم هذه العقوبة تفوق العقوبة التي قررها المشرع اللبناني والمقدرة بالحبس من ثلاث أشهر الى ثلاث سنوات . كما أنها تقل عن العقوبة التي قررها المشرع المصري والمتمثلة في الأشغال الشاقة المؤبدة. وتتساوى مع العقوبة المقررة في التنشريع الفرنسي .
1-تشديد العقوبة الأصلية
تشدد عقوبة الرشوة في ق العقوبات الجزائري بالنظر الى صفة الجاني أو الغرض من الرشوة أو نتيجتها التشديد اذا كان الجاني قاضيا أو كاتب ضبط.
فنظرا لخطورة دور القاضي شدد قانون العقوبات العقوبة في م 126 مكرر 1 والمضافة بموجب القانون رقم 90-15 المؤرخ في 14 يوليو 1990 فهنا يعاقب القاضي بالسجن المؤقت من 5 سنوات الى 20 سنة وغرامة من 3000 الى 30.000 أما اذا كان مرتكب الرشوة كاتب ضبط فيعاقب بالسجن المؤقت من 5 سنوات الى 10 سنوات وغرامة من 3000 الى 30.000 م 126 مكرر 2.
أما في حالة ما اذا كان غرض الرشوة ارتكاب جناية فقد نصت م 130 ق ع على أنه في حالة ما اذا كان الغرض من الرشوة أو استغلال النفوذ هو أداء فعل بصفة القانون بأنه جناية فان العقوبة المقررة لهذه الجناية هي التي تطبق على مرتكب الرشوة أو لاستغلال النفوذ .
واذا ارتكب موظف جريمة رشوة من أجل ارتكاب الجناية التي يعاقب عليها م 61 ق ع بالاعدام فتكون العقوبة الاعدام هذه هي التي تطبق على هذا الموظف.
أما اذا ترتب على الرشوة الحكم بعقوبة جناية فقرر المشرع في م 131 من ق ع تشديد العقوبة على القاضي أو العضو المحلف أو عضوان لهيئة قضائية الذي يرتكب جريمة الرشوة ويترتب على ذلك الحكم بعقوبة جناية ضد أحد المتهمين فيطبق العقوبة المقررة لهذه الجناية على مرتكب الرشوة.
2-تخفيف العقوبة
لا تطبق العقوبة الأصلية المقررة على الموظف العام أو من في حكمه على مرتكب الرشوة في القطاع الخاص وذلك لأن الرشوة في هذا القطاع نقل خطورة عن الرشوة في القطاع العام فقرر لها المشرع في م 127 عقوبة الحبس من سنة الى 5 سنوات.









 


قديم 2011-02-21, 11:11   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










New1 اضافة

الفرع الثاني : العقوبات التكميلية:

الى جانب العقوبة الأصلية قرر المشرع عقوبات تكميلية هي الغرامة والمصادرة والحرمان من الحقوق الوطنية.
1-الغرامة : الغرامة عقوبة تكميلية وجوبية يقضي بها في جميع الأحوال ولهذه الغرامة كما تقتضي م 126 من ق ع حد أدنى ثابت خمسمائة (500)دينار جزائري أيضا يقدر بـ خمسة آلاف (5000 ) دينار جزائري وتطبق هذه الغرامة أيضا على المرتشي من القطاع الخاص .
أما عن تشديد عقوبة الغرامة فحسب نص م 126 مكرر ا ق عقوبات تشدد الغرامة لتصبح 5000 دج كحد أدنى و خمسون ألف (50.000) دينار جزائري كحد أقصىاذا كان مرتكب الرشوة قاضيا . كما تشدد الغرامة لتصل الى قيمة ثلاثة آلاف 3000دج كحد أدنى وثلاثون ألف 30.000 دج كحد أقصى اذا كان مرتكب الرشوة كاتب ضبط.
والملاحظة أن تشديد الغرامة متعلق بصفة الجاني وخطورة المهام المناطة بكل من القاضي وكاتب الضبط , وحسن فعل المشرع الجزائري رغم أن مقدار الغرامة المشدد لم يفرق بعد الى الحد الذي يردع المرتشين.
2-المصادر
وهي عقوبة تكميلية يجب على القاضي الحكم بها في جميع الأحوال وتنص م 133 عقوبات بأنه << لا يقضي مطلقا بأن ترد الى الراشي الأشياء التي يسلمها أو تؤدي له قيمتها بل يجب أن يقضي في الحكم بمصادرتها وباعتبارها حقا مكتسبا للخزينة >>.
وتقع المصادرة كعقوبة تكميلية على ما دفعه الراشي أو الوسيط الى المرتشي من فائدة مادية تقبل الحكم بمصادرتها كالنقود أو المجوهرات أو غير ذلك. وبصفة عامة تشتمل المصادرة كافة صور الأموال << أيا كان نوعها أو طبيعتها >> التي يكون الراشي قد سلمها الى المرتشي يسوي في ذلك أن يكون التسليم قد تم للموظف المرتشي نفسه أم شخص آخر عينه لذلك أو اذا كان التسليم قد تم حقيقة أم بصورة رمزية , وجاء على ذلك فلا محل للمصادرة في الأحوال التالية :
*/ اذا كانت الرشوة محض فائدة يصعب تقويمها بالمال أو اذا كانت ذات طبيعة مادية لكنها استهلكت أو هلكت.
*/ لا محل للمصادرة منطقا ان لم يكن ثمة شيء الى الموظف . كقبول الأخير بوعد عطية أو طلبه شيئا كذلك.
*/ لا مجال للمصادرة اذا كان الحكم بها يشكل اخلالا محقوق الغيرب حسني النية . كأن يكون موضوع الرشوة سيارة مسروقة قدمت الى المراشي لا تصح مصادرتها . بل يكون لمالكها حق استرادها حتى اعتبر من قبيل الغير حسن النية . وهو يكون كذلك حتى كان أجنبيا عن مشروع الرشوة ولم يساهم فيه ( ).
3-الحرمان من الحقوق الوطنية
تنص المادة 134 عقوبات على أنه في حالة التي يقضي فيها بعقوبة جنحة فقط بمقتضى احدى مواد هذا القسم فانه يجوز علاوة على ذلك أن يحكم على الجاني بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الواردة في م 14 من هذا القانون لمدة سنة على الأقل وخمس سنوات على الأكثر.
فعقوبة الحرمان من الحقوق الوطنية في جريمة الرشوة هي عقوبة تكميلية لعقوبة أصلية هي عقوبة الجنحة فقط فلا يمكن تطبيقها في الحالات التي يقضي فيها بعقوبة جناية.
واذا عدنا للمادة 14 نجدها تنص على أنه يجوز للمحكمة عند قضائها في الجنحة وفي الحالات التي يحددها القانون أن تخطر على المحكوم عليه ممارسة حق أو أكثر من الحقوق المشار اليها في م 08 لمدة لا تتجاوز 5 سنوات.
فالمادة 14 تحيلنا الى م 08 والتي تنص على أن : الحرمان من الحقوق الوطنية ينحصر في : عزل المحكوم عليه وطرده من جميع الوظائف والمناصب السامية في الحزب أو الدولة وكذا جميع الخدمات التي لها علاقة بالجريمة , الحرمان من حق الانتخابات والترشيح وعلى العموم كل الحقوق الوطنية وفق حمل أي وسام.
المطلب الثاني : عقوبة الرشوة الايجابية
تنص م 129 عقوبات على أنه كل من يلجأ الى التعدي أو التهديد أو الى الوعد أو العطايا أو الهبات أو الهديا ...يعاقب بذات العقوبات المقررة في تلك المواد ضد المرتشي المشرع الجزائري اذا قرر الرشوة الايجابية نفس العقوبة التي قررها للرشوة السلبية لهذا سوف تتم الاشارة الى العقوبة بايجاز لسبق تناولها في جريمة الرشوة السلبية ( ).
الفرع الأول : العقوبة الأصلية
اذا ارتكب صاحب المصلحة أو الراشي جريمة الرشوة الايجابية مستكملة لأركانها على النحو الذي أوضحناه سلفا . كان مستحقا للعقوبة الأصلية التي أشارت اليها م 129 عقوبات والتي هي عقوبة المرتشي نفسها . وبالرجوع الى عقوبة المرتشي نفسها و وبالرجوع الى عقوبة المرتشي الأصلية نجد م 126 تنص على أنها الحبس من سنتين الى عشر سنوات.
1-تشديد العقوبة الأصلية
تشدد العقوبة الأصلية للرشوة الايجابية للأسباب نفسها التي تشدد بها العقوبة الأصلية للرشوة السلبية وهي :
أولا : اذا كان الراشي قبل أو هدف الى رشوة قاضي أو كاتب ضبط فيعاقب بنفس العقوبة المقررة على القاضي المرتشي وكاتب الضبط المرتشي بموجب م 126 مكرر وهي السجن من خمس سنوات الى عشرين سنة اذا كان من عرضت عليه الرشوة أو من قبل الراشي عرضة للرشوة قاضيا
أما اذا كان كاتب الضبط فيعاقب الراشي بالسجن من خمس سنوات الى عشر سنوات.
ثانيا : اذا كان الغرض من الرشوة هو أداء فعل بصيغة القانون بأنه جناية فان العقوبة المقررة لهذه الجناية هي التي تطبق على الراشي وهذا ما قضت به م 130 ق ع .
ثالث : اذا ترتب على الرشوة القاضي أو العضو المحلف أو عضو هيئة قضائية صدور حكم بعقوبة جناية هذا أحد المتهمين فان هذه العقوبة تطبق على الراشي أنظر م 131 ق ع .2-تخفيف العقوبة الأصلية
اذا هدف الراشي الى رشوة عامل أو مستخدم أو مندوب بأجر أو راتب أو قبل عرض هذا الأخير برشوة يعاقب بذات العقوبة على المرتشي وهي الحبس من سنة الى خمس سنوات .
الفرغ الثاني : العقوبات التكميلية :
هي ذاتها المطبقة على المرتشي وهي الغرامة والمصادرة الا أن العقوبة التأديبية التي يتعرض لها الموظف المرتشي أو من قطاع عمله لا تلحق الراشي.
أ-الغرامة :اذا كان المرتشي او من قبل الراشي عرضه للرشوة من الاشخاص المذكورين بالمادة 126 كانت المقدرة على الراشي تتراوح بين خمسمائة 500 دينار جزائري و خمسة الاف 5000 دج .
تشديد عقوبة الغرامة :تشدد الغرامة لتصل الى خمسة الاف 5000 دينارج لحد ادنى و خمسين الاف 50000 دينار جزائري لحد اقصى اذا كان من عرضت عليه الرشوة او من قبل الراشي عرضه للرشوة اعتبر من قبيل الغير حسن النية. و هو يكون كذلك حتى قاضيا .
واذا كان كاتب ضبط تشدد العقوبة ايضا لتصل الى قيمة ثلاث الاف 3000دج لحد اقصى .
ب-المصادرة :نصت م 133 من ق العقوبات :لا يقضي مطلقا بان ترد الى الراشي الاشياء التي سلمها او تؤدى لها قيمتها بل يجب ان يقضى في الحكم بمصادرتها و اعتبارها حقا مكتسبا للخزينة و ينطبق على المصادرة هنا ما قيل عنها عند الحديث عن عقوبة المرتشي .
ج-الحرمان من الحقوق الوطنية :تنص م134 ق ع في الحالة التي يقضي فيها بعقوبة جنحة فقط لمقتضى احدى مواد هاذا القسم فانه يجوز علاوة على ذلك ان يحكم على الجاني بالحرمان من حق او اكثر من الحقوق الواردة في م 14 من هاذا القانون لمدة سنة على الاقل و خمس سنوات على الاكثر و يطبق في هاذا الشان ما قيل عن المرتشي .
مطلب 3: العقوبات التاديبية :
جريمة الرشوة هي جريمة جنائية و جريمة تاديبية في الوقت نفسه فقد نص عليها ق العقوبات كما انها تمثل اخلالا بواجبات الوظيفة وينطوي عليه من سلوك مخالف للفعاليات الواجب مراعاتها .وما تجدر الاشارة اليه ان الجرائم التاديبية لا يمكن حصرها و تحديدها لكن لها ركنان :سنلاحظ انهما ينطبقان على جريمة الرشوة
الركن المادي :و يظهر في العمل الذي يرتكبه الموظف او الامتناع من جانبه عن اداء العمل الذي يدخل في اطار وظيفته و يجب ان يكون لهاذا السلوك ظاهر ملموس لا مجرد تفكير و النوايا و الملاحظ ان هاذا الركن ينطبق على الركن المادي لجريمة الرشوة
الركن المعنوي :و يتمثل الادارة الائمة و ادراك الخطا او المخالفة و القصد بين (التعمد في احداث الفعل )و هو قصد عام فيكفي ان يتم العمل الموجب للمسؤولية عن ادارة واعية يصرف النظر عما اذل كان الفاعل قد قصد ما ترتب على هذا العمل من نتائج و بصرف النظر عما اذا كانت نيته اتجهت الي الاضرار والاساءة و هذا ينطبق على جريمة الرشوة .
العقوبة التاديبية :
لقد حصر المشرع الاداري العقوبات التاديبية و ترك السلطة المختصة لتوقيع الجزاء تقدير ملائمة الجزاء المناسب على الفعل المكون للجريمة التأديبية و هذه العقوبات :
1- عقوبات من الدرجة الأولى ك الانذار والتوبيخ.
2-عقوبات من الدرجة الثانية : الشطب من قائمة الترقية , التنزيل من درجة الى ثلاث درجات , النقل التلقائي , التنزيل في الرتبة الاحالة على التقاعد تلقائيا , العزل دون الغاء الحقوق في المعاش.
وعقوبات الدرجة الأولى يتم اتخاذها بموجب قرار مسبب دون استشارة اللجنة متساوية الأعضاء.
وعقوبات الدرجة الثانية : تتخذ بموجب قرار مسبب بعد أخذ اللجنة المذكورة . أما العزل فلا يمكن أن يقرر البناء على رأي موافق من تلك اللجنة أي أن العزل لا يتم الا اذا وافقت اللجنة متساوية الأعضاء عليه فاذا رفضت فلا يجوز عزل الموظف . وقد أصدر الوزير المشرف على ادارة الوظيفة العامة . وزير الداخلية – القرار رقم 08 لسنة 1969 الصادر في 01 مايو 1969 تضمن بعض الأفعال التي ارتكبها الموظف لسلطته , اختلاس الأموال العامة , القيام بأعمال تجارية غير مشروعة , التزوير في الأوراق الرسمية , الاحصول على الرشوة , و أي فعل يكون جريمة جنائية بمفهوم قانون العقوبات.

فاذا كان الفعل الذي أوقف الموظف من أجله يكون جريمة جنائية تمتد مدة الوقف الى أن يفصل القضاء في الموضوع.
فاذا فصل بادانة الموظف بهذه الجريمة يتم عزله نهائيا عن العمل.
المطلب الثالث: رشوة الوسيط و المستفيد الى القواعد العامة ولم يخصص لها نصا ضمن أحكام الرشوة المصورة في م (126-134 ق ع ج) فجريمة الرشوة تتحقق أيضا عن طريق أطراف أخرى الى جانب الراشي والمرتشي كالوسيط الذي يلعب دور الرسول لأحد الأطراف أو للطرفين الاثنين معا. من أجل تقريب وجهات نظر كل من الراشي والمرتشي فيقوم بهذا الدور مقابل منفعة أو خدمة أو عمولة يتقاضاها باتفاق من يخدم مصلحته.
الفرع الأول : دفتر الشروط:
يعد الوسيط رسولا في جريمة الرشوة فيتدخل اما لصالح المرتشي أو الراشي أو كلاهما معا ويطلق عليه لفظ " الرائش " أحيانا.
وقد ورد اسم الوسيط عرضا في م 127 مما يحملنا التساؤل : جعل أغفل قانون العقوبات جريمة الوسيط في الرشوة ؟ علما أن دور الوسيط في الحياة في الحياة العملية أصبح اليوم خطيرا جدا لما له من تأثير مباشر على عقد صفقات الرشوة وتقريب وجهات النظر بين الجناة كما وقد يتخذه الموظف العام ستارا له يتعامل باسمه ولحسابه مع الراشين فاذا لم تسعفنا النصوص بهذا الشأن ولابد من تطبيق المبادئ العامة.
فطبقا للمبادئ العامة والاجتهادات الفقهية يعتبر الوسيط شريكا لمن تعامل مع , فهو شريك للمرتشي اذا كان تعامله مع الراشي ( ). ولقد أحسن صنعا في ذلك اذ أن الوسيط في الواقع ليس من عمل مستقل فهو شريك لمن كلفه بالوساطة وبالتالي يخضع لأحكام الاشتراك طبقا للمادة 42 ع ج و 127 ع ج . وفي نفس الوقت تطبيق لمسلك المشرع فيما يتعلق بالاشتراك كاحدى النتائج المترتبة عن عدم أخذه بنظرية استعارة التجريم , فدور الوسيط في الواقع هو القيام بدور المساعدة أو المعاونة لأحد أطراف الجريمة سواء كان الراشي أو المرتشي وبمعنى آخر يعد شريك بالمساعدة.
وقد عرفت الفقرة الثالثة من المادة 42 ع ج الشريك بالمساعدة بأنه كل من ساعد بكافة الطرق أو عاون أو الفاعلين على ارتكاب الأفعال التحضيرية او المسهلة أو المنفذة لها مع علمه بذلك.
ولم تحدد الفقرة الثالثة من م المذكورة طرق المساعدة وهذا يعني أنا تقع بأية طريقة من طرف المساعدة أو المعاونة.
ويترتب على ذلك ليصح تجريم الوسيط بعقوبة الرشوة أن يقوم : بفعل ايجابي يتمثل في العمل على التوفيق بين الطرفين بغرض تنفيذ الرشوة.
ويثور التساؤل حول ما اذا كان الوسيط رسولا صاحب الحاجة الى الموظف عارضا عليه العطية أو الهبة أو الهدية أو أية منفعة أخرى ورفض الموظف هذا العرض بعد عملية التبليغ فما هو الأساس الذي بموجبه يتحدد به عقاب الوسيط في هذه الحالة؟
لقد اختلفت وجهات نظر الفقهاء نظر الفقهاء في ذلك وانقسموا الى قسمين فالبعض يعتبره فاعلا أصليا . والبعض الآخر يرى أنه ماهو الا شريك بالمساعدة . وأساس الاختلاف يمكن من حيث أن الوسيط لا يمكن القول بأنه فاعل أصلي استنادا الى حجتين اثنين هما :
أ-أن جريمة الرشوة لم تقم في الوجود برفض الموظف قبول الهدية أو الهبة ...الخ.
ب-لايمكن القول بأنه فاعل أصلي في جريمة تحريض موظف على الرشوة لأن الفعل الوحيد المكون للجريمة وهو عرض أو اعطاء الهدية أو العطية صدر من الراشي وانحصر دور الوسيط في تبليغ هذا العرض فحسب.
وتأسيسا على ذلك اعتبر البعض عمل الوسيط اشتراكا في الجريمة بالمساعدة ومن ثم يتعين عقابه وفقا للقواعد العامة في الاشتراك . في حين اعتبر البعض الآخر عمل الوسيط فاعلا أصليا في هذه الحالة وتثور هذه المسألة في ظل قانون العقوبات الجزائري بصورة خاصة نظر المضمون م 42/2 التي تقتصر على أن الشروع في الاشتراك معاقب عليه في حالة التحريض فقط دون الصور الأخرى بمعنى دون الاشتراك الوارد في الفقرة الثانية من م 42 ع ج
ولم ينشأ المشرع الجزائري أن يفرق أثناء تقريره للعقوبة المقررة للوسيط ما اذا كان وسيط للمرتشي أو للراشي . اذ أحال م 129 ع ج والمتعلقة بالرشوة الايجابية الى العقوبة الواردة في م 126 ع ج
لكن تختلف العقوبة المقررة للوسيط في جريمة الرشوة ما اذا كان توسط في رشوة ضمن نطاق الوظيفة العامة أو ضمن نطاق الرشوة في القطاع الخاص . ففي الحالة الأخيرة يعاقب بعقوبة جنحة مخففة (بخلاف الأولى ) وهي الحبس من سنة الى 5 سنوات وبغرامة من 500 الى 50.000دج هذا فضلا عن عقةوبة المصادرة التي يجب الحكم بها طبقا للمادة 132 وبعقوبة تكميلية تتمثل بحرمانه من أحد الحقوق الواردة في م14ع ج طبقا لنص م 134 ع ج.
الفرع الثاني : رشوة المستفيد :
جاء ق العقوبات الجزائري من النص على جريمة المستفيد من الرشوة على غرار جريمة الوسيط ويستفاد من ذلك ان المشرع ترك أمر إجرامه الى القواعد العامة ويعد المستفيد طبقا للقواعد العامة شريكا بالمساعدة أو المعاونة طبقا لنص فقرة 2 من م 42 ق ع . وقد سبق أن أوضحنا قصور المادة 46 ع ج والى ما انتهينا اليه من تحليل فقرة 2 من م 42 ع ج , بأن الشروع في الاشتراك معاقب عليه الى جانب الشروع في التحريض الذي نص عليه قانون العقوبات صراحة.
ويتحقق الركن المادي في هذه الجريمة بمجرد أخذ الفائدة أو الدية التي قدمها الراشي اليه بحيث يستوي أن يكون المرتشي قد عين المستفيد باتفاق مع الراشي , وهي الصورة الغالية عملا.
وتحقق جريمة رشوة المستفيد دون الموظف كأخذ زوجة الموظف الفائدة وهو يجهل فعل زوجته أو يعلم به ولكنه لا يقره . فان تلقت الزوجة الهدية عالمة بسببها ولم تخبر زوجها بذلك أو أخبرته فلم يوافق على تصرفها . فتعاقب الزوجة وحدها بعقوبة الرشوة في هذه الحالة في حين لا يعاقب زوجها لأنه لم يصدر منه أو يقع فعل الارتشاء فلا يسند اليه أي تصرف اجرامي وعليه يمكن تصور قيام اجرام المستفيد مستقلا بمجرد تسلمه العطية أو الفائدة من الراشي مع علمه بالسبب.
ويتعين لقيام جريمة المستفيد\ توافر القصد الجنائي لديه . والقصد المطلوب هو القصد العام بحيث يكون المستفيد قد أخذ الفائدة عالما بالسبب الذي من أجله بذلت وهو شراء ذمة الأشخاص الواردين في م 126 ع ج ومن في حكمهم على الاتجار بأعمال الوظيفة أو الخدمة.
وان اثبات هذا القصد مسألة موضوعية متعلقة بالوقائع فان جهل المستفيد بالسبب الذي من أجله قدمت له الفائدة أو العطية فلا يعاقب لو عوقب الموظف اذا كانت جميع أركان جريمته متوافرة.
ونفس العقوبة المقررة للوسيط هي ذاتها مقررة له طبقا لنص م 44 ع ج فضلا عن المصادرة أن كان محل لذلك م 133 ع ج والحرمان من التمتع بحق أو أكثر من الحقوق الواردة في م 14 عملا بالمادة 134 ع ج.
المبحث الثالث : عقوبات التشريع اللبناني :
ويقضي بيان عقوبة الرشوة أن نتعرض لعقوبة الرشوة في صورها البسيط ثم لعقوباتا في صورتها المشددة وقد يتداخل جريمة الرشوة في حق الراشي او الوسيط مما يستدعي التعرض لعقوبة المتدخل في جريمة الرشوة.
المطلب الأول : عقوبة الرشوة البسيطة
لقد نص المشرع اللبناني في عقوبة الرشوة البسيطة الى عقوبات أصلية وأخرى اضافية وعقوبات فرعية وهي التي تقررها القواعد العامة.
الفرع الأول ك العقوبة الأصلية
حددت المادة 301 ع لبناني هذه العقوبة بالحبس من ثلاثة أشهر الى ثلاثة سنوات ويستحق هذه العقوبة الموظف المرتشي الذي يقوم بعمل شرعي من أعمال وظيفته وهي تطبق على المرتشي فاعل الجريمة سواء كان واحد أو متعددا فمن المتصور أن يتعدد الفاعلون في مقابل قيامة بالعمل , وفي هذه الحالة توقع على كل منهم عقوبة المرتشي . أي الحبس من ثلاثة أشهر الى ثلاث سنوات.
ويلاحظ أن المشرع لم يجعل من ذلك التعداد ظرفا مشددا وعقوبة الرشوة في مجال القطاع الخاص هي الحبس من شهرين الى سنتين والغرامة من ألف الى مائتين ألف ليرة ويجوز للقاضي أن يستخدم السلطة التقديرية المخولة له في حالة توافر طرف مخفف للعقاب المادة 203 عقوبات ذلك أن المشرع لم يخطر عليه تطبيق الأسباب المخففة بصدد جريمة الرشوة.
وبالنظر الى العقوبة المقررة لجريمة الرشوة في صورتها البسيطة فانها توصف بوصف الجنحة.
الفرع الثاني : العقوبات الاضافية لجريمة الرشوة
وهذه العقوبة النسبية وهي عقوبة اضافية وجوبية فهي اضافية أي أنها ثانوية لا توقع بمفردها وانما مع العقوبة الأصلية وترتبط بجريمة الرشوة وهي وجوبية اذ يجب على القاضي أن ينطق بها في حكم والا كان الحكم غير صحيح مما يوجب تصحيحه بالنص عليها فيه.
وقد بينت المادة 301 ع لبناني مقدرا هذه الغرامة بألا يقل مقدارها عن :
<< ضعف قيمة ما أخذ أو قبل به >> ويطلق على الغرامة التي قررها المشرع هنا بالغرامة النسبية وذلك لتناسبها مع الفائدة أو المقابل الذي يحصل عليه المرتشي أو الذي كان محتملا أن يحصل عليه عن طريق الوعد به . ولكنها غرامة نسبية ناقصة لأن المشرع قيد حدها الأدنى بضعفي ما أخذ الموظف المرتشي أو قبل به . وهي في كل الأحوال لها صفة العقوبة لا صفة التعويض وهذه الغرامة قاصرة على رشوة الموظف العام أو من في حكمه فلا يخضع لها عمال ومستخدمي القطاع الخاص.
الفرع الثالث : العقوبات الاضافية والفرعية الأخرى التي تقررها القواعد العامة
وهي لم ينص عليها الشارع اللبناني صراحة وانما تقررها القواعد العامة كعقوبة المصادرة وقد نصت المادة 29 عقوبات على مصادرة جميع الأشياء التي نتجت عن جناية أو جنحة مقصودة أو التي استعملت أو كانت معدة للاقترافها أما العقوبات الفرعية كعقوبة الحرمان من بعض الحقوق المدنية وهذا ما جاء في المادة 25 كل محكوم << عليه بالحبس أو الاقامة الجبرية في قضايا الجنح يحرم طوال تنفيذ عقوبته من ممارسة حقوقه المدنية...>>
المطلب الثاني : عقوبة الرشوة المشددةك
وهو ما جاء في نص المادة 302 ع لبناني أي وجود التشديد المرتبط بالخروج عن الحدود الشرعية للوظيفة أي اذا كان العمل الوظيفي غير شرعي أي مخالف لواجبات ومقتضيات الوظيفة أو تمثل في اهمال أو تأخير ما كان يجب عمله على الموظف تصبح الجريمة جناية . وتشدد العقوبة ويكون الجزاء الأشغال الشاقة المؤقتة وكذلك الغرامة التي لا تقل عن ثلاثة أضعاف قيمة ما أخذه الموظف أو قبل به وهي عقوبة اضافية وجوبية.
وبالاضافة الى العقوبات السابة للحرية والغرامة النسبية فان هناك عقوبات أخرى يمكن تطبيقها بمقتضى القواعد كعقوبة المصادرة التي تنص عليها م 29 ق ع لبناني وعقوبة الحرمان من بعض الحقوق المدنية التي تقررها م 25 ع لبناني .
أما عن عقوبة الراشي باعتباره فاعلا آخر في الرشوة نصت لمادة 303 ع عقاب الراشي بذات عقوبة المرتشي.
ولقد حرص المشرع اللبناني في نص المادة 302 فقرة 02 على تطبيق المرتشي على المحامي الذي يطلب أو يقبل فائدة لأداء عمل مخالف بمقتضيات المهمة أو ليهمل أو يؤخر ما كان عمله واجبا عليه وهو تشديد قائم على نوع العمل المطلوب منه. ونفس المادة 303 ق 2 ع لبناني تنص على اعفاء الراشي أو المتدخل من العقوبة اذا اباح بالأمر للسلطة ذات الصلاحية أو اعترف به قبل احالة القضية للمحكمة و الموظف لا يجوز أبدا اعفاؤه من العقوبة لأنه قد يستجمع سلوكه كامل الجرم في مشروع الرشوة ( ).
ويتحقق اعفاء الراشي أو الوسيط من العقاب في حالتين
1-الاخبار عن الجريمة للسلطات العامة ويؤدي بالأخبار عنها الى كشفها وضبط مرتكبها ولا يستفيد الراشي أو الوسيط من الاعفاء اذا وصل العلم لجريمة الرشوة لعلم السلطات من جهة أخرى ويشترط أن يكون الراشي أو الوسيط صادقا وشاملا مختلفا عناصر الجريمة . على النحو الذي يحدد الأشخاص من المساهمين فيها . ولم يحدد المشرع اللبناني للسلطات الواجب الأخبار فيها عن الجريمة وذلك لفتح المجال أمام المبلغ عن الجريمة في اية مرحلة من مراحل الاجراءات ليستفيد من الاعفاء ويكفي أن يتقدم بالبلاغ أمام السلطة المختصة أي كل جهة يمكنها إجراءالضبط أو التحقيق أو رفع الدعوى الجنائية وغيرها.
2- الاعتراف بالجريمة : أي يكون صادقا كاملا يعطي جميع وقائع الرشوة التي ارتكبها الراشي الوسيط .دون نقص أو تحريف وأن يكون حاصلا لد\ى جهة الحكم حتى يتحقق فائدته فان حصل الاعتراف أو لدى جهة تم عدل عنه لجى المحكمة . فلا يمكن أن ينتج عنه الاعفاء , ويكون أثر الاعتراف منتجا بصرف النظر عن قوته كدليل من أدلة الاثبات ويستوي في هذا أن يكون الاعتراف تلقائيا من جانب الراشي أو الوسيط أو بعد تضيق الخناق عليه بالأسئلة .
ويعد كل من الأخبار أو البوح في جريمة الرشوة سببان للاعفاء من العقوبة في العقوبات السالبة للحرية والغرامة دون أن يمتد أثره الى الاعفاء من عقوبة المصادرة لأن حيازة مقابل الرشوة يعد مخالفا للنظام العام.
الفصل الثالث: الجرائم الملحقة بالرشوة
إن جريمة الرشوة في صورتها العادية تفترض وجود طرفين هما:
الموظف المرتشي و صاحب المصلحة الراشي, و بالإضافة إلى ذلك, يجب لقيام هذه الصورة من الرشوة توافر أركان معينة, إذا تخلف إحداها امتنع العقاب على الرشوة, و رغم ما قد يمثله السلوك من إخلال بالثقة في الوظيفة العامة و المساس بنزاهتها و وحدة من يقومون عليها. من أجل لك نص القانون على تجدي صور أخرى للرشوة بجانب الصورة الأساسية لها. كما ألحق بجريمة الرشوة بعض الجرائم التي تشبه بها و تشكل مثلها عدوانا على نزهة الوظيفة و أمانتها. و هذه الجرائم هي: استغلال النفوذ, و عرض الرشوة, المكافأة اللاحقة, الرجاء أو التوصية أو الوساطة, التوسط في أخذ العطية أو الفائدة, و عرض أو قبول الوساطة في الرشوة يضاف على ذلك أن المشرع عاقب على الرشوة في نطاق المشروعات الخاصة.
المبحث الأول: رشوة المستخدمين في المشاريع الخاصة
علة تجريم رشوة المستخدمين في المشروعات الخاصة هي للأهمية الاقتصادية و الاجتماعية الكبة التي بلغتها هاته المشروعات الخاصة أو بعضها على الأقل في المجتمع الحديث, و هذه الأهمية فرضت على المشرعين الحرص على نزاهة أعمالها و عمالها تمكينا لها من أداء دورها الاجتماعي الحيوي و تشترك هذه الرشوة مع الرشوة العادية في أغلب أركانها و لهذا فسوف تدرس رشوة المستخدمين في المشروعات الخاصة بشيء من التفصيل في التشريعات محل المقارنة و تبيان أهم نقاط الاختلاف بين هاته الرشوة و الرشوة العامة.
المطلب الأول: الصفة المفترضة للجاني
لقد جرم كل من القوانين و نصت على هذه الجريمة فالمشرع المصري نص في مادته 106" كل مستخدم طلب لنفسه..." و المادة 177ع المتعلقة بالرشوة السلبية و المشرع الجزائري خصص لجريمة الرشوة في القطاع الخاص بنص خاص مستقل عن الجريمة الواردة في المادة 126ع و مختلف في ذلك عن مصدره التاريخي القانون الفرنسي الذي نص على الجريمة ضمن المادة 177 كما ذكرنا سالفا و المادة 127 نصت " يعد مرتشيا و يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات و بغرامة من 500 إلى 5000 دج كل عامل أو مستخدم أو مندوب بأجر أو مرتب على أية صورة كانت..."
أو بطريق مباشر أو عن طريق وسيط وبغير علم مخدوميه أو رضائه وذلك للقيام بأداء عمل من أعمال وظيفته أو بالامتناع عنه أو بأداء عمل و إن كان خارجا عن اختصاصه الشخصية إلا أن من شأن وظيفته أن تستعمل له أداء أدائه أو كان من الممكن تسهيله له.
و لقد استخدم كل من المشرعين السالفي الذكر لفظ مستخدم بحيث أن مدلول العبارة الأخيرة يتسع ليشمل كل شخص تربطه بصاحب رب العمل علاقة تبعية قانونية للعمل في مشروع خاص و لا يصدق وصف المشروع الخاص على المشاريع التي تساهم الدولة بنصيب في رأسمالها بأية صفة كانت فمثل هذه المشروعات بغي العمال فيها من قبيل الموظفين العموميين الذي تسري عليهم أحكام الرشوة العادية.
و بمجرد انعقاد علاقة العمل تتولد حالة من التبعية بين العامل و صاحب العمل.
و المشرع المصري اشترط شرطان أساسيان لتوافر صفة المستخدم في مشروع خاص. و الأول هو قيام علاقة تبعية بين المستخدم وصاحب العمل و لا عبرة أن تكون هذه العلاقة دائمة أو مؤقتة كما لا أهمية لطبيعة نوع العمل الذي يؤديه المستخدم. فاللفظ عام يتسع لكبار المستخدمين و لصغارهم و هذا ما أكده أيضا المشرع الجزائري أن تكون الصلة التبعية مستمرة إذ قد تكون مؤقتة لبضع ساعات أو يومية فمتى ثبت ذلك فالعلاقة قائمة و الجريمة ثابتة. كما أن جارسون أكد على أنه ليس من الضروري أن تكون بين المرتشي و التاجر أو جل الصناعة أو الأعمال في شكل عقد إيجار أو خدمات بل يكفي مجرد وكالة ما دامت بمقابل و على أي شكل كانت و لقد قضت الغرفة المدنية بمحكمة النقض الفرنسية بتوافر صفة الجاني في عدة قرارات و في قضايا مختلفة على مستخدمين في شركات متنوعة.
و الشرط الثاني أن يكون العمل الذي يؤديه المستخدم مأجورا عنه فإن كان العمل تطوعيا بالتالي تنتفي صفة المستخدم و هذا ما أخذ به المشرع إذ بتوافر صفة المستخدم فلا أهمية بعد ذلك بنوع أو شكل الأجر الذي يتقاضاه الأخير فقد يكون مرتبا يدفع شهريا أو يوميا أو نصيبا من الأرباح و سواء كانت نقودا أو أشياء عينية و هذا يعني أنه قد يكون غير محدد المقدار و هو ما يعنيه المشرع الجزائري في م 127 بقوله:".. مندوب بأجر أو مرتب على أية صورة كانت..."
و منه جب توافر هذه الصفة حتى تقوم جريمة الرشوة في المشروعات الخاصة .
المطلب الثاني: الركن المادي و المعنوي لجريمة الرشوة في المشروعات الخاصة
لا تختلف الأركان المادية و المعنوية في هذه الجريمة عنه في جريمة الرشوة العادية للموظف العام و من في حكمه فلا تزيد و لا تقل.
الفرع الأول: الركن المادي
لا تزيد صور الركن المادي و لا تقل في جريمة الرشوة في المشروعات الخاصة عن أركن جريمة الرشوة العادية فقوام الركن المادي هو طلب المستخدم أو قبوله أو أخذه عطية أو وعدا لأداء عمل من العمال المكلف بها أو للامتناع عنه بغير علم و رضاء رب العمل و نلاحظ بعض الفروق بين الجريمتين:
1- ضرورة توافر اختصاص المستخدم الحقيقي بالعمل مقابل الرشوة و هو ما يستفاد من قول المشرع المصري:"... لأداء عمل من الأعمال المكلف بها..." و مؤدى ذلك استبعاد حالة الاختصاص المزعوم و المتوهم من نطا ق التجريم.
2- أن يتم طلب المستخدم او قبوله أو أخذه الفائدة غير المستحقة دون علم رب العمل و دون رضاه فإن وافر علم رب العمل بذلك انتفت الجريمة في حق المستخدم و يصبح المقابل و كأن العطية أو المكافأة في هذه الحالة تصبح نوعا من الهبات التي تعطى للمستخدم و ما يسميها العامة و المصريين أكثر بالبقشيش و لكن يشرط في علم المستخدم أن يكون معاصر الفعل المستخدم المرتشي بالطلب أو القبول أو غير ذلك,. إذ لا عبرة بفعله اللاحق بعد تمام الفعل المقترن بهذا الطرف لأن الجريمة تكون قد تمت حينئذ و هذا ماجاء في عبارة " بمجرد الأخذ" في المادة 127 ع جزائري و ليس بعد ذلك. و يجب لقيام هاته الرشوة أن تكون المكافأة التي يتحصل عليها المستخدم لها صفة الخفاء "occulte" .
و لقد قضي في فرنسا بتطبيق الفقرة 2 من المادة 177 على مستخدم في محل لبيع الألبان اتفق مع زبائن على تسلم عمولة بدون علم و رضاء رب العمل مع العلم أن هاته العمولة ليست مقررة لهم لنصيب من أجورهم و هي زيادة على الهبة التي تقدم على سبيل الامتنان من قبل الزبائن
و منه فهذه الرشوة بمعناها الدقيق تستوجب أن يكون المستخدم أو العامل المرتشي قد قام بعمل أو امتنع عن عمل يدخل في نطاق عمله إلا أن هذا المعنى من شأنه أن يبرر عدم معاقبة الأخير إن قام بتصرف لا يحمل أصلا ضمن الأعمال الموكولة له في حين أنها سهلت له القيام بذلك و لهذا رؤى معاقبته في الحالة الأخيرة لمحاربة هذا النوع من الاتجار الذي يضر بالمخدوم أو رب العمل حماية لمصالحه.
و هذا يدل على أن التشريعات قد توسعت في نطاق الرشوة في المشاريع الخاصة و اختلفت عقوباتهم.
و انطلاقا من هذا المبدأ في توسيع دائرة تجريم الفعل و المستخدم فإن من بين الأعمال التي تدخل ضمن واجبات الأخير أثناء مدة التعاقد ما دامت الرابطة قائمة عدم إفشاء أسرار المهنة و بهذا قضت محكمة النقض الفرنسية في حكم لها ضد مستخدم تقاضى رشوة من أجل إعطاء معلومات تتعلق بمهنته إلى محل منافس للمحل الذي يزاول فيه عمله و لا يهم بعد ذلك أن يسبب العمل أو الامتناع عنه ضررا للمخدوم إن القانون لم يتطلب توافر ركن الضرر الذي يحدث لرب العمل أو المستخدم من أفعال المرتشي حتى يمكن مساءلته جنائيا و الواقع أنه في جميع الحالات لا بد أن يحدث ضرر للمخدوم أو على الأقل تحقق ضررا معنويا له.
و يجب دائما أن نذكر أن التشريع المصري في هذه الرشوة ميز بين الرشوة في المشروعات الخاصة البسيطة و أخرى جريمة مشددة و التشديد واردة في م 06 مكرر (م) ق ع مصر " كل عضو بمجلس المساهمة أو إحدى الجمعيات التعاونية أو النقابات المنشأة طبقا للقواعد المقررة قانونا بإحدى المؤسسات أو الجمعيات المعتبرة قانونا ذات نفع عام. و كذلك كل مدير أو مستخدم في إحداها طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدا أو عطية لأداء عمل من اعمال وظيفية أو يزعم أنه من أعمال وظيفته أو للإخلال بواجباتها يعد مرتشيا و يعاقب بالسجن لمدة لا تزيد على 7 سنين و غرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه و لا تزيد على ما أعطى أو وعد به و لو كان الجاني يقصد عدم القيام بالعمل للامتناع عنه أو عدم الإخلال بواجبات الوظيفة و يعاقب الجاني بالعقوبة دائما إذا كان الطلب أو القبول أو الأخذ لاحقا لأداء العمل أو بالامتناع عنه للإخلال بواجبات الوظيفة و كان يقصد المكافأة علم ذلك و بغير اتفاق ذلك".
و علة التشديد هي أن هذه الهيئات التي أشار إليها المشرع في هذا النص هي أشخاص معنوية خاصة و لا تخضع لوصايتها الإدارية و هي من ناحية ثانية لست من هيئات القطاع العام إذ لا تساهم الدولة في رأسمالها بنصيب ما أي أناه لم تخضع لتأميم كلي أو جزئي و لولا هذا النص لاعتبرت مشروعات خاصة و طبقت عليها المادة 12 ق ع لكن التنازع أعطى أهمية لهذه لهيئات و ذلك لما تلعبه من دور أساسي في بناء المجتمع و أركان هذه الجريمة أقرب إلى أركان الرشوة العادية منها إلى أركان رشوة المستخدمين في المشروعات الخاصة. فيتعين أن تتوافر صفة خاصة للجاني إذ يجب أن يكون موظفا مختصا في إحدى الهيئات التي أشار النص إليها كما يتبين أن يكون مختصا بالعمل أو بالامتناع الذي يتلقى مقابل الرشوة نظيرة و تتطلب هذه الجريمة ركنا ماديا تتحدد عناصره وفقا لذات القواعد التي تخضع لها في الرشوة العادية و بهذا تتوصل أن الركن المادي في جريمة رشوة المشروعات الخاصة هي نفسها في الجريمة العادية
الفرع الثاني: الركن المعنوي
إن هذه الجريمة عملية يتطلب قيامها توافر القصد الجنائي لدى المستخدم فلا بد من إرادية السلوك أي اتجاه إرادة المستخدم إلى طلب الرشوة أو قبولها أو أخذها و لا بد ان يكون عالما بأن ذلك مقابل العمل أو الامتناع عن العمل دون علم أو رضاء رب العمل.
و يتطلب الركن المعنوي بالإضافة إلى ذلك نية خاصة (القصد الخاص) أي علم المستخدم بأنه يتلقى الفائدة أو يطلبها أو يقبلها بهدف الاتجار بأعمال خدمته المكلف بها. فلا بد إذن لقيام القصد الجنائي أن يكون منتوبا إلى تنفيذ ما يطلب لها. و هذا أيضا مظهر آخر لتميز هذه الجريمة عن جريمة رشوة الموظف و لو كان الأخير لا ينوي حقيقة تنفيذ العمل و علة ذلك أن نص التحريم يساوي بين الاختصاص الحقيقي و الاختصاص المزعوم أو المتوهم من جانب الموظف أم فيما يتعلق برشوة المستخدم في المشروع الخاص فلأنه لا بد من اختصاصه الحقيقي بالعمل المكلف به كان منطقيا اشتراط قصد الاتجار بهذا العمل
و هذا ما أخذ به المشرع المصري في المادة 06 . أما في كل من التشريع الجزائري و الفرنسي أن القصد في الرشوة في المشاريع الخاصة لا يخرج عن القصد في الرشوة السلبية في نطاق الوظيفة العامة في المادتين 126ع جزائري و المادة 177 فقرة 1 ع فرنسي فتقوم جريمة المستخدم إن كان قصده من الطلب أو القبول أو الوعد... لأداء عمل من الأعمال المكلف القيام بها أو الامتناع عنها.
فمتى توافرت النية الإجرامية المعنية أي قصد الجاني إذا كان مرتشيا للاتجار بأعمال وظيفته و إذا كان مرتشيا انطوت نيته إلى شراء ذمة المستخدم و هو ما يسمىبالقصد الجنائي الخاص الذي يتعين توافره لدى كليهما.
و هنا يمكن إثبات الرشوة بكافة وسائل الإثبات و من بينها البينة و القرائن.

المطلب الثالث: عقوبات الرشوة في المشروعات الخاصة
لم تختلف التشريعات في تكيف هذه الرشوة على انها جنحة و لكنها اختلفت في العقوبات المقدرة من تشري لآخر. فالمشرع المصري نصت في 110 ع علىأن جريمة الرشوة المستخدمين ف المشروعات الخاصة الفردية جنحة عقوبتها الحبس مدة لا تزيد على عامين و غرامة لا تقل عن 200 جنيه و لا تزيد على 500 جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين فضلا عن وجوب مصادرة ما دفعه الراشي أو الوسيط و يستفيدان من الإعفاء بالاعتراف أو الإخبار تطبيقا للمادة 107 مكرر فرعمصري. و لا يعاقب على الشروع هنا لأننا بصدد جنحة ولم يرد نص يقرر العقاب على الشروع فيها.
- كما أنه سيري على هذه الجريمة عند المشرع المصري ظرف التشديد المنصوص عليه في م 108 أي إذا كان الغرض من الرشوة ارتكاب فعل يعاقب عليه القانون بعقوبة أشد عوقب المستخدم بالعقوبة المقررة لهذا الفعل غرامة لا تفل عن ألف جنيه و لا تزيد على قيمة ما أعطى أو وعد.
و المشرع المصري يعاقب كل من الراشي و الوسيط باعتبارهما شريكين للمستخدم طبقا للقواعد العامة للاشتراك المادة 41 ع و يعفي كل منهما من العقاب بالإخبار أو الاعتراف و الشروع في هذه الرشوة المشددة معاقب عليه لأننا بصدد جناية
أما عقوبات هذه الجريمة في الق الجزائري حددت في المادة سالفة الذكر 127 ق ع " عقوبة رشوة العامل أو المستخدم بالحبس من سنة إلى 5 سنوات و غرامة من 500 إلى 1000 دج..." و بقليل من التمعن نلاحظ أن هذه العقوبة مختلفة عن عقوبة الجريمة في م 126 فهنا هي جنحة مخففة و لكن مبلغ الغرامة واحد للجريمتين.
و التخفيف له ما يبرره إذ المصلحة المعتدي عليها تختلف عن المصلحة المحمية التي تقع في دائرة جريمة الرشوة في إطار الوظيفة العامة.
و قد جعل المشرع الجزائري عقوبة الحبس و الغرامة وجوبيتين و لم يتبع طريقة المشرع الفرنسي في المادة 177 ف2 و المصري في م 110 في جعلهما العقوبتين تقديريتين تخضعان لسلطة القاضي الذي يملك الخيار في تقدير العقوبة إن شاء قررهما معا أو حكم بعقوبة واحدة دون الأخرى و حدد ق العقوبات في نص المادة 127 ع ج على قرار العقوبة الواردة في كل من المادتين 126 و 128 ع ج سواء قام العامل أو المستخدم المرتشي بعمل يدخل ضمن وظيفته أو امتنع عن القيام بها أو كان العمل خارجا عن اختصاصه إلا أن من شأن وظيفته أن سهلت له أداء حاجة الراشي في حين أن القانون الفرنسي خفف عقوبة الغرامة في الحالة الخيرة بالنسبة للعامل المرتشي على غرار العقوبة المقررة في نطاق الوظيفة العامة.
فهنا التشديد عند المشرع الجزائري هو كضمان كافي لأرباب العمل غير المستغلين من أجل توظيف أموالهم في النشاطات الاقتصادية المختلفة و حماية لمصالحهم من عبث عمالهم و مخدوميهم.
و يطبق الظرف المشدد الوارد في المادة 13 ع جزائري بدوره بالنسبة لرشوة المستخدم أو العامل على غرار الموظف العمومي و من في حكمه فإذا كان الغرض من الرشوة هو أداء فعل بصفة القانون بأنه جناية فإن العقوبة المقررة لهذه الجناية هي التي تطبق على مرتكب الرشوة.
و تتبع هذه العقوبات مصادرة الأنباء التي ما زالت في عهذه المرتشي و لا ترد إلى الراشي و اعتبارها حقا مكتبيا للخزينة العامة المادة 133 ع ج.
و لا يتصور المشرع الجزائري حدوث الشروع لأن اعتبر مجرد حصول الطلب من المرتشي أو العامل جريمة تامة و المادة 128 ع جزائري صؤيحة في ذلك " يعد مرتشيا كل عامل أو مستخدم أو مندوب بأجر أو مرتب على أية صورة كانت طلب..." و هذا أيضا على غرار م 126 ق ع ج.
و عقوبات المشرع الفرنسي جاءت في م 177 ف 1 و التي تعاقب العامل بالحبس من عام إلى 3 سنوات و بغرامة مالية من 900 إلى 9000 فرنك أو بإحدى هاتين العقوبتين و إذا كان الغرض من الجريمة هو أداء فعل يسهل أعمال وظيفته يعاقب بالحبس من 6 أشهر إلى عامين و بغرامة من 300 إلى 6000 فرنك أو بإحدى العقوبتين المادة127ف3.
و في كلتا الحالتين يجوز منع المتهم من ممارسة حقوقه المنصوص عليها في المادة 42 لمدة من 5 سنوات إلى 10 سنوات و مع مصادرة الأشياء المادة 180 فقرة 3 و 4 و المشرع الفرنسي وضع أيضا على غرار التشريعات الأخرى ظرف التشديد الذي مؤداه إذا كان الغرض من الرشوة أداء فعل إجرامي هنا يحكم عليه بعقوبة الجناية لهاته الجريمة.
المادة 180 ق1




المبحث الثاني: جريمة استغلال النفوذ
لقد نصت على جريمة استغلال النفوذ المادة 106 مكرر من قانون العقوبات المصري التي تنص:" كل من طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدا أو عطية لاستعمال نفوذ حقيقي أو مزعوم للحصول أو محاولة الحصول من أية سلطة عامة على أعمال او أوامر أو أحكام أو قرارات أو بناشين أو التزام أو تراخيص أو اتفاق على توريد أو مقاولة أو على وظيفة أو خدمة أ وأية مزية من أية نوع يعد في حكم المرتشي و يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 104 من هذا القانون أن كان موظفا عموميا و الحبس بغرامة مالية لا تقل عن مائتي جنه و لا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط في الأحوال الأخرى و يعتبر في حكم السلطة العامة كل جهة خاضعة لإشرافها".
و بهذا النص نلاحظ أن المشرع المصري أخذ هذه الجريمة على أنها صورة من الرشوة الحكمية و لذلك اعتبر المشرع الموظف المستغل لنفوذه في حكم المرتشي و إن كان قد قرر له عقوبة الرشوة في صورتها المشددة المنصوص عليها في م 104 ق ع مصري.
أما المشرع الجزائري فلقد اعتبر جريمة استغلال النفوذ في حكم الرشوة و نص على عقابها في المادة 128 ع ج و هذا نظرا لما يلحق نزاهة الوظيفة من مضار.
إن استعمل الشخص نفوذه الحقيقي أو المفترض و المشرع الفرنسي نص على جريمة استغلال النفوذ ضمن نفس المادة التي تنص فيها على جريمة الرشوة المادة 177 و فصل فيها أكثر في م 177 يجدر بنا الإشارة إلى لافرق بين الرشوة العادية و استغلال النفوذ عموما هو من حيث ناحيتين:
الحالة1: أن الفاعل في جريمة استغلال النفوذ لا يهدف من وراء تلقيه الفائدة غير المستحقة إلى القيام بنفسه بعمل أو الامتناع عن عمل أو الإخلال بأحد واجبات وظيفته كما يقرضه نموذج جريمة الرشوة و لذلك لا تشار في جريمة استغلال النفوذ. يهدف مستغل النفوذ إلى استعمال نفوذ الحقيقي أو المزعوم لكي يحمل الموظف العام أو السلطات العامة على القيام بعمل معين لصالح المصلحة.
الحالة2: إن جريمة استغلال النفوذ ليست من جرائم ذوي الصفة كالرشوة فيجوز بالتالي أن يكون مستغل النفوذ فردا عاديا من احاد الناس و مع ذلك فقد جعل المشرع من صفة الموظف العام طرفا مشددا لجريمة استغلال النفوذ يترتب عليه تشديد عقوبة الفاعل و تغييره وصف الفعل من جنحة إلى جناية.
و فيما عدا هذين الفارقين فإن الجريمتين تشتركان في سائر الأركان من حيث صور الفعل المادي كما أنهما جريمتان عمديتان فضلا عن اتحادهما من حيث خطورتهما على سمعة الإدارة العامة لدى الأفراد.
و من هنا سوف نقوم بدراسة تحليلية لهذه الجريمة و نبين فيها نقاط الاختلاف أكثر في التشريعات.
و يجب أن نقول أولا أن جريمة استغلال النفوذ ليست من جرائم ذو الصفة و منها هذه الجريمة تقوم على ركنين ركن مادي و ركن معنوي.
المطلب الأول: الركن المادي لجريمة استغلال النفوذ
لا يختلف الفعل المادي في جريمة الرشوة سواء بالنسبة للمتجر بنفوذه أو بالنسبة لصاحب الحاجة أو الضحية.
و يتحقق الركن المادي إذا قام الجاني بطلب أو قبول عطية او وعدا أو يطلب أو يتلقى هدية أو أية منافع أخرى مقابل استعماله النفوذ الحقيقي أو المفترض لدى السلطات العامة أو الجهة الخاضعة لإشرافها للحصول أو محاولة الحصول على مزية من أي نوع فمجرد طلب الشخص وعدا أو عطية لاستغلال نفوذ و رفض صاحب الحاجة طلبه تقوم به جريمة تامة لا مجرد شروع.
و يلاحظ انه لا قيام لجريمة استغلال النفوذ إذا كان مقابل الفائدة حصل عليها الجاني هو استعمال نفوذه لدى هيأة خاصة لا تخضع لإشراف السلطة العامة.
و يجب كذلك أن تكون صور الركن المادي (الطلب- القبول..) بقصد تحقيق غرض من الأغراض التي نصت عليها مختلف التشريعات و الجزائري في م 128و م 106 مكرر من ق العقوبات المصري والمادة 177 ق ع فرنسي و هو الحصول على أوسمة او ميزات أو مكافآت أو مركز أو خدمات أو بناشين كما ذكرت المادة المصرية أو تراخيص أو اتفاقت توريد أو مقاولات... أو أي ميزة من أي نوع يعد في حكم المرتشي.
و معظم هذه النصوص وضعت عبارات عامة موسعة كالوظائف الخدمات و المراكز و يجب عند تفسيرها التوسع في مدلولها و هي تغيير في نفس الوقت عن إرادة المشرع بأنه يعاقب الجاني و لو استغل نفوذه في وظائف وضيعة.
و كذلك التوسع في مدلول عبارة مزايا الواردة تتضمن كل قرار إيجاني من السلطة العمومية يحصل عليها صاحب الحاجة عن طريق نفوذ الجاني بدلا من حصولها بالطرق المشروعة أو القانونية. و هو ما استقر عليه قضاء محكمة النقض الفرنسية إذ فسرت لفظ بناشين و أنواط تفسيرا موسعا و أدخلت ضمن مدلولها البناشين الأجنبية كنيشان الافتخار تدخل ضمن عبارة المزايا العفو الذي يصدره رئيس الجمهورية بصدد الحكم و بهذا فإن كل هاته الأفعال في الركن المادي هي واردة في كل التشريعات على سبيل المثال لا على سبيل الحصر.
و رغم التوسع في تحديد معنى المزية فثمة قيدان يردان عليها فيشرط ان تكون سلطته وطينة بحيث يخرج من نطاق النص استغلال النفوذ للحصول عل مزية من سلطة أجنبية
فهذا الشرط يقتضي إذن أن تكون السلطة التي تعهد الجاني بال لديها سلطة وطنية و لا يكون هناك جريمة إذا كان مقابل الفائدة التي تلقاها الجاني هو التذرع بنفوذه لحصول على مزية من سلطة أجنبية كإحدى السفارات و ليس بشرط ان تكون السلطة جزءا من الحكومة المركزية و إنما يجوز أن تكون "جهة خاضعة لإشرافها".
أما الشرط الثاني و هو أن تكون المزية التي يستهدفها الزاعم بالنفوذ هي مزية ممكنة التحقيق و ان تكون للسلطة التي يفترض فيها تحويل هذه المزية وجود حقيقي بحيث يخرج من نطاق النص كل من يوهم آخر بأنه ارتكب جريمة و أنه يستعمل على حفظ التحقيق فيها مثلا إذ تدخل هذه الجريمة و مساببها إذا توافرت أركانها تحت جريمة النصب لا استغلال النفوذ .
و لا يشترط لتحقيق هذه الجريمة أن يكون الجاني قد قام بمساعيه لدى الجهة التي ادعى بأن له نفوذ فيها . و ذلك ليبعث في اعتقاد صاحب المصلحة ان له نفوذا إذ لا يلزم لتوافر الجريمة أن يتذرع الفاعل بنفوذه لدى السلطة العامة نفسها بل يكفي أن ينسب لنفسه نوفذا لدى جهة خاضعة لإشراف السلطة العامة متى كانت المزية مطلوبا الحصول عليها من هذه الجهة.
و بهذا فمتى توافرت هذه الشروط كلها تمت الجريمة سواء تحقق الغرض المطلوب أو لم يتحقق و سواء حاول الفاعل الحصول على المزيد المطلوب أو لم يحاول على المزيد المطلوب .
المطلب الثاني: الركن المعنوي
جريمة استغلال النفوذ هي جريمة عمدية لا بد لقيامها من توفر القصد الجنائي و القصد المتطلب لقيامها هو القصد العام الذي يتحقق بالعلم و الإرادة و بتوافر العلم إذا كان المتهم يعلم بوجود النفوذ الحقيقي أو كذب الإدعاء بالنفوذ و يعلم بنوع المزية التي يعد صاحب الحاجة بالحصول عليها. و يعد كذلك بأنها من سلطة عامة وطنية كما ينبغي اتجاه إرادة المتهم إلى طلب أو أخذ العطية أو قبول الوعد بها و يقع العبء في الإثبات توافر القصد بعنصريه على سلطة الاتهام تطبيقا للقواعد العامة.
و إذا توافر القصد الجنائي فلا غيره بنية المتهم تجاه ما وعد به صاحب المصلحة على ما وعد به أو أن تكون متجهة منذ البداية إلى عدم بذل أي جهد في سبيل ذلك. و إنما كان يستهدف فقط مجرد الاستيلاء على مال من بعد, باستغلال نفوذه لتحقيق مصلحته و تقترب جريمة استغلال النفوذ في هذا الخصوص من جريمة الرشوة التي تقوم رغم اتجاه قصد الموظف إلى عدم القيام بما وعد به صاحي المصلحة .
و قد قضى في فرنسا بتطبيق جريمة استغلال النفوذ على أحد الأعضاء بمجلس الشيوخ الفرنسي كان يجمع إلى جانب صفته النيابية صفته كمحامي ينتمي إلى نقابة المحامين بباريس تسلم مبلغا من المال من نصاب شهير لكي يتوصل إلى الحصول له على أمر بالإفراج المؤقت من وكيل الجمهورية و قد دفع المتهم بأنه قبل هذا المبلغ الذي تسلمه يتجاوز مستوى الاتعاب المقررة في التسعيرة الخاصة المحددة لأتعاب المحامين ومن بين ما أوردته المحكمة لتعليل الحكم أن القصد الجنائي بتدخله هذا لم يكن إلا بقصد استعمال نفوذه كعضو بمجلس الشيوخ و كوزير سابق
و استنادا إلى ذلك فإن التصرف الذي يعاقب عليه القانون هو إذا ما قدم أو أنجز الشخص العمل بمقابل.
فإذا كانت المساعي التي لجا إليها الموظف لتحقيق حاجة أحد الأفراد مجانا و قام بها على سبيل الامتنان أو اعتقد أن في إمكانه مساعدته نظرا لأنها قضية عادلة و بدون مساعيه لن يتحصل الأخير عن مطلوبه من الجهة الإدارية بسبب الروتين الإداري ... الخ في مثل هذه الحالة لا تتحقق جريمة النفوذ مطلقا.
و كذلك لا تتحقق جريمة استغلال النفوذ إذا تحققت النتيجة التي اتبعاها الشخص و اعترافا منه بالجميل قدم هدية لشخص الذي استخدم نفوذه فإن تصرفه غي معاقب عليه قانونا بشرط ألا يكون ثمة اتفاق مسبق بين الطرفين.
المطلب الثالث: عقوبات استغلال النفوذ
لقد قرر المشرع المصري في صدد تحديد عقوبة جريمة استغلال النفوذ بين فرضين:
الأولى: أن يكون مستغل النفوذ موظفا عاما و تطبق عليه العقوبة المنصوص عليها م 104 ق ع و هي الاستغلال المؤبد و ضعف الغرامة المقررة لجريمة الرشوة.
و هذه التفرقة في العقاب لأن الموظف العام يحمل أمانة السهر على ثقة الجمهور في الوظيفة العامة فإن صدر الإخلال منه كان وزره أشد.
الثانية: أن يكون غير الموظف, و في هذه الحالة فتعتبر جريمته جنحة يعاقب عليها بالحبس و بغرامة لا تقل عن مائتي جنيه و لا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط و عله التخفيف هنا لأن غير الموظف لا يحمل أمانة وظيفة عامة و لا يلزم بما يلتزم به الموظف العام من واجبات. و من ثم كان جرمه أخف و أقل في خطورته على المجتمع و يضاف إلى هذه العقوبات الأصلية عقوبات تكميلية و هي مصادرة ما يدفع لمستغل النفوذ لأن نص م 110 قررت لذلك و يعاقب الموظف العام المستغل للنفوذ بالعقوبات النيعية المنصوص عليها في م 25 لأن الجريمة له هي جناية و يعاقب أيضا صاحب المصلحة باعتباره شريكا بالعقوبات ذاتها و يمكن الإعفاء من هذه العقوبات عند الإخبار أو الاعتراف .
أما المشرع الجزائري فلقد نص على عقوبات هاته الجريمة في م 128 بعقوبة الحبس من سنة إلى 5 سنوات و بغرامة من 500 إلى 5000 كعقوبة اصلية.
و تضمنت الفقرة الثانية من نفس المادة ظرفا مشددا فنصت " إذا كان الجاني قاضيا أو موظفا عموميا أو ذا وكالة نيابية تضاعف العقوبات المقررة". و هذا النفوذ ينطوي على خطورة أكبر من الشخص العادي بسبب الصفة التي يتمتع بها أو بحكم الوظيفة التي يشغلها ويجب أن يكون الشخص موظفا أو من في حكمه عند اقترافه لجرمه بحيث تصبح العقوبة ذاتها الواردة في م 126 ع ج أي الحبس من سنتين إلى 10 سنوات و هذا الظرف يمتد حتى بعد إحالة الموظف على المعاش.
و إلى جانب هذه العقوبة فإنه يحكم على الجاني بعقوبة أخرى تكميلية وجوبية هي مصادرة الأنباء أو المبالغ مهما كان نوعها أو شكلها إلى الخزينة العامة طبقا لنص م 124 ع ج.
بينما في القانون الفرنسي فلقد عاقب على جريمة استغلال النفوذ بالحبس من سنة إلى خمس سنوات و بغرامة مالية لا تتعدى 1500 فرنك و الجريمة تصبح مشددة بالحبس من سنتين إلى 10 سنوات إذا كان من الأشخاص المنصوص عليها في م 177 فقرة 1 و يعاقب في كلتا الحالتين بالعقوبات التكميلية المنصوص عليها في م 180 ع ج الفقرتين 3و 4
المبحث الثالث:
لقد نصت على هاته الجريمة المادة 108 مكرر 109 من ق العقوبات المصري أم المشرع الجزائري فلقد نص على هاتين الجريمتين ضمن الرشوة العادية و لم يخص لهما نصا خاصا ضمن أحكام الرشوة المحصورة في المواد (126-134ع) فالرشوة يمكن ان تتحقق عن طريق أطراف أخرى إلى جانب الأطراف الأصليين الراشي و المرتشي كالوسيط الذي يلعب دور الرسول لأحد الأطراف أو للطرفين الاثنين معا. من أجل تقريب وجهات نظر كل من الراشي و المرتشي فيقوم بهذا الدور مقابل منفعة أو خدمة أو عمولة يتقاضاها باتفاق من يخدم مصلحته.
و يزداد دور الوسطاء كلما كان موضوع الرشوة ذات اهمية خاصة أو متميزة أو ذات خطورة.
و علة تجريم فعل المستفيد من الرشوة الذي يعين لأخذ العطية أو الفائدة سواء باتفاق بين المرتشي و الراشي باختيار من الأخير يوافق عليه المرتشي بعد ان يعلم به فقد يسهل مشروع الرشوة و يزيل عقبة من العقبات التي تعترض تنفيذها و قد تحول دون وقوعها.
المطلب الأول: رشوة الوسيط
تمكين أن يتوسط بين الموظف و المرتشي و بين صاحب المصلحة الراشي شخص ثالث يضطلع بدور الممثل لأحد الطرفين أو المقاوض عن كليهما معا يسمى الوسيط أو الرائس و دور هذا الشخص في غاية الأهمية إذ أنه قد يزيل الكثير من العقبات.
و المشرع المصري نص على هاته الجريمة في المادة 109 مكرر أما المشرع الجزائري فلم ينص عليها كجريمة بل ذكره عند تعرضه لجريمة الرشوة في القطاع الخاص المادة 127 " يعد مرتشيا... كل من طلب أو قبل عطية أو وعدا أو طلب أن يتلقى هبة أو هدية أو حجلا أو خصما أو مكافأة بطريق مباشر أو عن طريق وسيط" و يفهم من هذا أن المشرع الجزائري قد أحال فيما يتعلق بإجرام الوسيط إلى القواعد العامة في ق العقوبات فهو شريك لمن كلفه بالوساطة.
و هكذا أراد المشرع بهذه الجريمة ملاحقة الرشوة في مهدها و قطع الطريق على دابر كل من سهل مشروع الرشوة. فالجريمة ليس معاقب عليها لذاتها و إنما باعتبارها وسيلة قد تؤدي إلى ارتكاب جريمة ارشوة الأصلية و هي على هذا النحو تعد من قبيل جرائم الوسيلة un défit d obstacleالتي تهدف إلى الوقاية من ارتكاب جريمة أخرى.

الفرع الأول: الركن المادي يتحقق الركن المادي لهذه الجريمة بأحد المسلكين عرض الوساطة في رشوة قبول الوساطة عند عرضها من الغير.
1- عرض الوساطة في رشوة: يكون عرض الوساطة في الرشوة بتعبير إرادي يصدر عن الوسيط يبدي فيه استعداده للقيام بدور الوساطة و لا أهمية لما إذا كانت الوساطة لحساب الموظف أم لحساب صاحب المصلحة. كما قد تكون الوساطة موجهة إلى شخص ثالث على اتصال بأحدهما.
و لذلك يجب أن يقال أن العرض في هذه الجريمة ينصب على الوساطة دائما لا على الرشوة و تتحقق هذه الجريمة بتقدم الجاني إلى صاحب الحاجة عارضا عليه التوسط لمصلحة لدى الغر في الارتشاء.
و لقد عرفت الفقرة الثالثة من المادة 42 ع جزائري الشريك بالمساعدة بأنه كل من " ساعد بكافة الطرق أو عاون الفاعل أو الفاعلين على ارتكاب الأفعال التحضيرية أو المسماة أو المنفذة لها مع علمه بذلك" و لم تحدد الفقرة 3 م المادة طرق المساعدة و هذا لا يعني أنها تقع بأية طريقة من طرق المساعدة أو المعاونة و يجب أن يقوم بفعل الجاني يتمثل في التوفيق بين الطرفين بغرض تنفيذ الرشوة.
و بهذا نلاحظ ان هناك اختلاف فقهي و قانوني في اعتبار الوسيط فاعلا اصليا أو شريكا.
2- قبول الوساطة عند عرضها من الغير: تتحقق هذه الصورة الثابتة للركن المادي للجريمة حين يعرض أحد الطرفين على الجاني أن يتوسط باسمه لدى الطرف الآخر لإتمام الرشوة فيقبل الوسيط و في هذه الحالة تقع الجريمة بمجرد هذا القبول و لو لم يتبعه الوسط نشاط إجرامي آخر.
و تتحقق جريمة قبول الوساطة حتى و لو لم يقم الجاني بعد ذلك بأي عمل إيجابي إضافي لتنفيذ ما قبل الوساطة بشأنه بل إن الجريمة تقوم على هذا النحو و لو عدل المتهم عن قبوله السابق. فالعدول في هذا الفرض يكون جريمة في حالة طلب الوساطة من قبل صاحب المصلحة أو الموظف حين لا يصادف ذلك الطلب قبولا من الوسيط؟.
و يتفق الفقه و القضاء على أنه يجب تحديد الركن المادي لعرض الوساطة أو قبولها في ضوء التنظيم القانوني لجريمة الرشوة مع الأخذ بعين الاعتبار كافة النصوص المحرمة في هذا الصدد و بالتالي فإذا عرضت الوساطة على موظف عام أو قبلت الوساطة منه وجب أن يكون مختصا بالعمل أو الامتناع عنه أو قد زعم الاختصاص أو اعتقد خطأ توافره.
و كل القوانين لم تتطلب صفة خاصة في مرتكب هذه الجريمة فقد يكون موظفا عاما و كما قد يكون فردا عاديا. و بالرغم من ذلك فإن صفة مرتكب الجريمة تجعل لها القوانين دورا في تحديد العقوبة التي سوف تشدد إن كان الجاني موظفا عاما و لا يتطلب تحقق الركن المادي للجريمة اكثر من عرض أو قبول الوساطة و من ثم لا أهمية للوسيلة التي يتم بها العرض أو القبول طالما ثبت صدور أحد الفعلين عن المتهم.
الفرع الثاني: الركن المعنوي
جريمة الوساطة هي من الجرائم العمدية , يتخذ ركنها المعنوي صوره القصد الجنائي و طبيعة هذه الجريمة نشر التساؤل عن نوع القصد المتطلب لقيامها. و نعتقد أن القصد اللازم هنا هو القصد الخاص. إذ الجريمة تفترض أن هناك رشوة إجمالية تستهدف الجاني بعرضه أو قبوله الوساطة فيها إتمامها. و لو لم يتعد عمله بالفعل مجرد العرض أو القبول فالنية منعقدة لدى الجاني عند عرض الوساطة أو قبولها على الاستمرار في مشروع الرشوة و لا يهم بعد ذلك إن كان قد واصل مسيرته أو توقف عمله عند مجرد العرض أو القبول و من ثم لزم في الأقل أن تتوافر لديه نية خاصة عند عرض الوساطة أو قبولها. و هي نية بذل المساعي المساهمة في إتمام جريمة الرشوة التي عرض الوساطة فيها أو قبل طلب اضطر فيها بالوساطة .
و منه يجب توفر قصد عام يقوم بالعلم و الإرادة و قصد خاص بتحقق انعقاد نية من يعرض أو يقبل الوساطة في رشوة على القيام بدور الوسيط.
و بهذا تنتفي جريمة الوساطة لانتفاء القصد الجنائي في حق من يعرض أو يقبل الوساطة على سبيل الهزل.
الفرع الثالث: العقوبة في جريمة الوساطة
المشرع المصري أدرج عقوبة هذه الجريمة مراحل ثلاث. فالجريمة في أبسط صورها يعاقب عليها بالسجن و بغرامة لا تقل عن مائتي جنيه و لا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين و هنا الوسيط هو شخص عادي. أما إذا كان الوسيط موظف عام أو من في حكمه فيعاقب الجاني في هذه الحالة العقوبة المنصوص عليها في المادة 104 عقوبات و هي الأشغال الشاقة المؤبدة و الغرامة التي لا تقل عن ألفي جنيه و لا تزيد على قيمة ما أعطى أو وعد بإعطائه.
- و هناك ظرف مشدد ثاني هو عند عرض أو قبول الوساطة يقصد التوسط لدى موظف عام و في هذه الحالة يعاقب الجاني بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 105 مكرر من ق العقوبات و هي السجن و الغرامة التي لا تقل عن مائتي جنيه و لا تزيد على خمسمائة جنيه.
أما المشرع الجزائري: فيعاقب الوسيط باعتباره شريكا بالمساعدة بالعقوبة المقررة في المادة 126 أي الحبس من سنتين على 10 سنوات و بغرامة من 500 إلى 5000 دج تطبيقا لنص المادة 44 فقرة 1 ق ع ج " يعاقب الشريك في جناية أو جنحة بالعقوبة المقررة للجناية أو الجنحة".
و يجب التنبيه إلى أن هذا لا عني وجود استعارة في التجريم التي لم يأخذ بها قانون العقوبات الجزائري فيعاقب الوسيط بنفس عقوبة المرتشي (الفاعل الأصلي) يعد تطبيقا لنظرية استعارة العقوبة لا استعارة التحريم.
و لم يشأ المشرع الجزائري أن يفرق أثناء تقريره للعقوبة المقرة للوسيط ما إذا كان وسيط للمرتشي أو للراشي إذ أحال في المادة 129 ع ج و المتعلقة بالرشوة الإيجابية إلى العقوبة الواردةفي المادة 126 ع ج.
و لكن تختلف العقوبة المقررة للوسيط في جريمة الرشوة ما إذا كان توسط في رشوة ضمن نطاق الوظيفة العامة أو ضمن نطاق الرشوة في القطاع الخاص في الحالة الأخيرة يعاقب بعقوبة جنحة مخففة بخلاف الحالة الأولى و هي الحبس من سنة إلى 5 سنوات و بغرامة من 500 إلى 5000 دج. هذا فضلا عن عقوبة المصادرة التي يجب الحكم بها طبقا للمادة 133 و بعقوبة تكميلية بحرمانه من الحقوق الواردة في المادة 14 ع ج طبقا للمادة 134 ع ج

المطلب الثاني: جريمة الاستفادة من الرشوة
كما سلف الإشارة إليه أن جريمة الاستفادة من الرشوة في القانون المصري نص عليها صراحة في المادة 108 مكرر من ق العقوبات و جاء مضمونها " كل شخص عين لأخذ العطية أو الفائدة أو علم به و وافق عليه المرتشي أو أخذا أو قبل من ذلك مع علمه بسببه يعاقب..."
أما ق العقوبات الجزائري فقد خلى من النص على جريمة المستفيد من الرشوة على غرار جريمة الوسيط و يستفاد من ذلك أن المشرع ترك أمر إجرامه إلى القواعد العامة.
و لقد قصد بتجريم فعل المستفيد تفادي إفلات المستفيد من الرشوة من العقاب حين لا يكون ممكنا ملاحقته يوصف الشريك مع فاعل الرشوة الأصلي. ذلك أننا عرضنا في صدد جريمة الرشوة الأصلية لإمكانية معاقبة الشخص الذي يتلقى الفائدة من صاحب الحاجة باعتباره شريكا في الجريمة متى كان هناك اتفاق بينه و بين الموظف يعاقب المستفيد من هذه الحالة على هذا النحو إذا كان الموظف قد عينه لتلقي الرشوة أو إذا كان هو نفسه قد تلقى الرشوة الأصلية ستحق عقوبة الفاعل الأصلي و هذا طبقا للقواعد العامة .
فالمستفيد من الرشوة هو الشخص الذي عينه المرتشي ابتداء للحصول الفائدة أو هو الشخص الذي يكون الراشي قد اختاره لتلقي الفائدة ثم علم به المرتشي و وافق عليه فإن لم يتحقق شيء من ذلك فلا عقاب على من تلقى الفائدة و لو كان عالما بسببها و بالتالي فإذا علم الموظف بتقاضي المستفيد للرشوة فلم يقر الراشي على ذلك فلا تقع أي من جريمتي الرشوة أو الاستفادة . و تتحقق جريمة رشوة المستفيد دون الموظف كأخذ زوجة الموظف المذكور الفائدة و هو يجهل فعل زوجته أو يعلم به و لكن لا يقره. فإن تلقت الزوجة هدية عالمة بسببها و لم تخبر زوجها بذلك أو اخبرته فلم وافق على تصرفها فتعقب الزوجة وحدها بعقوبة الشوة في هذه الحالة في حين لا يعاقب زوجها لأنه لم يصدر منه أو يقع فعل الارتشاء فلا يسند إليه أي تصرف إجرامي و هذا يندرج بتفصيل هذه الجريمة.
الفرع الأول: الركن المادي
قوام الركن المادي لجريمة الاستفادة من الرشوة تتمثل في أخذ المستفيد العطية أو قبول الوعد بها و بالتالي فإن اقتصر دوره على طلب هذه العطية فلا يكفي هذا لتحقيق الركن المادي إن لم يصادف هذا الطلب قبولا من صاحب الحاجة و من غير الممكن اعتبار صورة الطلب في هذا الفرض شروعا في جريمة الاستفادة من الرشوة إذ أن وصف هذه الجريمة جنحة و القاعدة أنه لا عقاب على الشروع في الجنح ما لم يقرر المشرع ذلك صراحة بنص خاص.
و الاختلاف الواضح بين التشريعات في الركن المادي فهناك من يأخذ جريمة المستفيد كجريمة مستقلة و لا يعتبر المستفيد فاعلا أصليا و هذا كالمشرع المصري كما سلف الذكر و في المقابل المشرع الجزائري يأخذ على أن المستفيد هو شريك لمن توسط إليه.
و لا بد أن ينصب الأخذ أو القبول على عطية أو وعد بها فالرشوة هنا هي الفائدة غير المستحقة التي يحصل عليها المستفيد أو يوعد بها و يستوي ان تكون هذه الفائدة مادية أو معنوية و لا يختلف تفصيل ذلك عما سبق أن تعرضنا له عند دراسة جريمة الرشوة .
الفرع الثاني: الركن المعنوي
يتعين لقيام جريمة المستفيد توافر القصد الجنائي لديه و القصد المطلوب هو القصد العام . بحيث يكون المستفيد قد اخذ الفائدة عالما بالسبب الذي من أجله بذلت و هو شراء ذمة الأشخاص الواردين في المادة 126 ع ج و من في حكمهم على الاتجار باعمال الوظيفة أو الخدمة و المادة و يترتب على ذلك أنه إذا وقع المستفيد في غلط يتعلق بسبب الفائدة التي يحصل عليها لا تقوم الجريمة في حقه و مثال ذلك أن تتلقى زوجة الموظف هدية معتقدة أنها لسبب آخر غير الاتجار بعمل وظيفة زوجها.
كما يلزم أن تنصرف إرادة المستفيد إلى فعل الأخذ أو القبول.
و إن إثبات هذا القصد مسألة موضوعية متعلقة بالوقائع فإن جهل المستفيد بالسبب الذي من أجله قدمت له الفائدة أو العطية فلا يعاقب لو عوقب الموظف إذا كانت جميع أركان جريمته متوافرة.
و مثال ذلك أن يكون الموظف قد اتفق مع الراشي على العمل المطلوب و كلفه مقابل ذلك أن يشتري آلة تصوير لا نية لديه فيأخذ الخير الآلة معتقدا أنها هدية فالابن لا يعاقب لانتفاء القصد الجنائي لديه في حين يعاقب والده بجريمة الرشوة السلبية .
الفرع الثالث: عقوبة جريمة الاستفادة من الرشوة
العقوبات المقررة لهذه الجريمة في ق المصري هي الحبس مدة لا تقل عن سنة و الغرامة المساوية هي ما أعطي أو وعد به المستفيد بالإضافة إلى عقوبة المصادرة وفقا لنص المادة 110 ق ع مصري.
و يشترط لتطبيق هذه العقوبة أن يقتصر مسلك الجاني على تلقي الفائدة أو قبولها فإن تجاوز ذلك إلى القيام بدور الوسيط تغير وصف فعله إلى عرض أو قبول الوساطة في رشوة و عوقب بالعقوبة المقررة لهذه الجريمة و هذا ما نصت عليه المادة 109 مكرر فقرة 2 ع مصري.
أما العقوبات التي قررها المشرع الجزائري هي ذاتها المقررة للوسيط طبقا لنص المادة 44 ق ع ج فضلا عن المصادرة إن كان محل لذلك المادة 133 ع ج و الحرمان من التمتع بحق أو أكثر من الحقوق الواردة في المادة 14 عملا بالمادة 134 ع ج.


الخاتمة:
بعد هذه الجولة الطويـــــــــــــــــــــلة في البحث حول موضوع الرشوة في كافة ورها حول التشريعات نستطيع الخروج باستنتاج و نقد لما سبق أن تناولناه . على أننا نلخص بعضا من الشيء إلى ما توصلنا إليه .
و من بين ما توصلنا إليه من استنتاجات أن هناك عدة عوامل في جميع التشريعات و بالرغم من اختلافها الجذري و النوعي و في المصدر ساعدت على انتشار الرشوة بين الموظفين و من في حكمهم فالجانب الاقتصادي يلعب دورا رئيسيا في هذا الموضوع ذلك أن ارتفاع تكاليف المعيشة و اظطرابه بالمقارنة مع عدم زيادة أو تجميد مرتبات الموظفين أو أجو ر المستخدمين من العوامل الأساسية التي يلجا إليها هؤلاء إلى طلب أو أخذ الرشوة.
لكن هذا لا يعني أن أصحاب الدخول المحدودة هم أكثر الفئات التي ترتشي بل العكس صحيح على ما نعتقد في معظم الحالات و هو العامل النفسي كالطمع و حب المال.
و تعتبر البيروقراطية و الروتين الإداري من الحوافز المشجعة التي تساعد على انتشار الرشوة . حيث يضفي عليها البيروقراطي صفة المشروعية و بهذا يصل بنا المطاف إلى إلزامية الإجابة على التساؤل و الإشكال المطروح في المقدمة ألا و هو الوسيلة التي يمكن عن طريقها محاربة الرشوة؟ و هل العقاب كافي لتأصيل هذ الجريمة لدى الموظفين خاصة و المجتمع عامة؟
نرى نحن الدارسين لهذه الجريمة أنه لا فائدة ترجى من تشديد و قسوة العقاب لمحاربة الرشوة بل الأمر لا يعدو عن كونه مسألة تنظيمية و اقتصادية و أخلاقية. تتطلب سياسة وقائية جماعية و عالمية أكثر للقضاء عليها.
و أول هذه السبل هي القضاء على البيروقراطية عن طريق التنظيم للجهاز الإداري و هذا بتجسد اللامركزية أكثر لأنها تقرب الإدارة بالمواطن و البت في الأمور في مكانها و وقتها. و لا يسمح هذا الأمر للموظفين أن يستغلوا ظروف التباطؤ الإداري فيتاجرون بوظائفهم نظرا للإجراءات التي تتطلبها المركزية الإدارية و على الدولة أن تعمل على رفع مرتبات الموظفين و زيادة أجور العمال و محاربة ارتفاع الأسعار بالقدر الذي يضمن مستوى معيشة كريمة لموظفيها في ظل استقرار وظيفي حتى يمكنهم أن يستغنوا عن الرشوة. و يحافظوا على كرامتهم الاجتماعية و الوظيفية بدون مراقب و لا رقيب.
و لا تقل النواحي الأخلاقية في نظرنا عن النواحي السالفة الذكر لمحاربة هذه الآفة في المجتمع في إطار التعليم يجب تكثيف الجهود بإعلان حملة قوية ضد الجهل مصدر معظم الأمراض التي يعاني منها المجتمع.
- تقديم د المساعدة للسلطات لخلق ضغينة و شن حرب عدوانية إن صح التعبير لدى الرأي العام ضد الرشوة.
و لهذه الأسباب تتكاتف كل الدول و قوانينها إلى تأصيل هذه الآفة القانونية و الاجتماعية بتعاونها في إطار الاتفاقيات و المعاهدات الدولية على محاربة هذا النوع من الجرائم خاصة و بعد دخول مصطلح الرشوة في إطار الجريمة المنظمة التي تمس العالم كله و تهدده و لهذا تناسق الدول بين تشريعاتها حتى لا يفلت الجاني من جريمته بإفلاته إلى دول لا يوجد مع دولته معاهدة تسليم المجرمين و هذا ما نوقش أخيرا في الجزائر.
و هذا لخطورة الجريمة , إضافة إلى هذا فالجزائر على المستوى الداخلي تشهد منذ 5 سنوات حركية كبيرة و جهود مكثفة حول هذا المشكل المطروح و قد أنشأت المرصد الوطني لمراقبة الرشوة و الوقاية منها الصادر بالمرسوم الرئاسي رقم 96-233 المؤرخ في 16 صفر عام 1417هـ الموافق 2 يوليو 1996 المحرر بالجزائر تحت فخامة رئيس الجمهورية السابق اليمين زروال المتضمن على 21 مادة.
و لقد تم أيضا إصدار القانون رقم 04-14 المؤرخ في 27 رمضان 1425 الموافق 10 نوفمبر 2004 يعدل و يتمم المر رقم 66-155 المؤرخ في 18 صفر 1386 الموافق 6 يونيو 1966 و المتضمن قانون الإجراءات الجزائية. بعد مصادقة البرلمان ف الجريدة الرسمية 71
المادة 8 مكرر: لا تنقضي الدعوى العمومية بالتقادم في الجنايات و الجنح الموصوفة بأفعال إرهابية و تخريبية و تلك المتعلقة بالجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية أو الرشوة أو اختلاس الأموال العمومية..." و بهذا فالمشرع يحذو نحو القضاء على هذه الجريمة بعدم إفلات الجاني حتى بعد مرور فترة طويلة من ارتكاب جريمته.
المراجع:
1- د. محمد زكي أبو عامر و د. سليمان عبد المنعم : قانون العقوبات الخاص. المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع. ط 1999.
2- د. سليمان عبد المنعم: قانون العقوبات الخاص (الجرائم الماسة بالمصلحة العامة). الجامعة الجديدة للنشر. 1993.
3- د.محمد زكي أبو عامر و د.سليمان عبد المنعم: قانون العقوبات الخاص 2003 منشورات الحلبي الحقوقية.
4- حيذي عبد الملك: الموسوعة الجنائية (رشوة ظروف). الطبعة الثانية. الجزء الرابع.دار العلم للجميع. بيروت.لبنان.
5- د. لحسن بوسقيعة: الوجيز في الجنائي الخاص. الجزء الثاني.2003.دار هومه للنشر و التوزيع الجزائر.
6- المستشار الدكتور عبد الحكم فودة: الموسوعة الجنائية الحديثة. التعليق على قانون العقوبات.المجلد الأول من المادة الأولى 113. دار الفكر و القانون المصورة.
7- علي عبد القادر القهوجي: قانون العقوبات. القسم الخاص 2002.منشورات الحلبي الحقوقية. بيروت.لبنان.
8- عبد الله سليمان: دروس في شرح قانون العقوبات الجزائري.قسم خاص. ديوان المطبوعات الجامعية. ط1998.
9- عبد الغني بسيوني عبد الله: القانون الإداري دراسة مقارنة. منشأة المعارف. الاسكندرية. ط 1990
10- د. محمود نجيب حسني: شرح قانون العقوبات قسم خاص (الرشوة و اختلاس الأموال....).دار النهضة العربية 1972. القاهرة. مصر.
11- Michel Veron : droit penal (imprimerie de l’independant 53.200 château. Gontier.masson. paris. 1976)
12- شكري تليلي و محمد خليفة: مذكرة نخرج في جريمة الرشوة في التشريع الجزائري. 2001-2002 تحت إشراف الأستاذ محمد الطاهر. جامعة باجي مختار. عنابة.
13- عبد الرزاق زونية: مذكرة لنيل الدراسات العليا. فرع العلوم الجنائية في جريمة الرشوة في قانون العقوبات الجزائري. الأستاذ المشرف د. أحمد مطاطلة. جامعة الجزائر معهد الحقوق.
- كل القوانين
- الجريد الرسمية 71 المنظمة الأمر 04-14 المعدل و المتمم. المتضمن الإجراءات الجزائرية + قانون العقوبات.
-










قديم 2011-02-21, 22:02   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
zoubour
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية zoubour
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله كل خير










 

الكلمات الدلالية (Tags)
الرشوة2

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 03:29

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc