كواليس (الأستاذ "والسيد التلميذ" والإصلاح) - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات إنشغالات الأسرة التربوية > منتدى الانشغالات النقابية واقوال الصحف

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

كواليس (الأستاذ "والسيد التلميذ" والإصلاح)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-08-23, 20:27   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
المخ طار
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية المخ طار
 

 

 
إحصائية العضو










B1 كواليس (الأستاذ "والسيد التلميذ" والإصلاح)

كواليس (الأستاذ "والسيد التلميذ" والإصلاح)

بادئ ذي بدء:
إنَّنا نُسجِّل بمرارة وأسَف أحداثَ التراشُق بالاتهامات بيْن المدرسة والأسرة.

تقول الأولى: أنتِ سبب الفِتن ما ظهَر منها وما بطَن.

وتقول الثانية: أنتِ أصْل المشكلات والمُنكَرات، ما خفِيَ منها وما جَلِي.

الأزمة:
الأزمة واقعة، والأحداث ساخنة، والمشاهدون كُثر، لا يُنكر ذلك إلا متجاهِل، أو خائفٌ أن يُتهم فيُحاسب على الإهمال والتفريط في أمْر لا يَليق فيه التفريطُ شرعًا وعقلاً، وعادةً وأخلاقًا، وصورة الواقع غير خافية، وأخصُّ بالذِّكْر الذي يعيش في الفصل مُدرِّسًا، أو في الإدارة مديرًا أو مُشرفًا، أو مَن يجاور أسوارَ المدرسة فيتعرَّف على الحقائق من خلال ما يرَى ويسمع[1].

ماذا يعني أنْ تكون أستاذاً؟
• أن تكون صبورًا مُتحمِّلاً، قادرًا على ضبط نفسك والتحكُّم فيها.

• "التحكُّم في اليدِ واللسان"؛ فإن اليد تطيش، وقد تفقأ العين أو تَكسِر السن، ويا ويلَكَ إن فعلتَ!

• أن تكون مُتجاهِلاً، مُدرَّبًا على "فنِّ التغافُل"، وحسْن استثماره في المناسبات والمقامات.

• ولا "تقلق" إن سبَّكَ تلميذ أو شتمَك أو تهجَّم عليك أبٌ أو وليُّ أمر بصُحبَة فريق العائلة والجيران.

• نعم؛ يمكن أن تُهاجَم داخل أسوار المؤسَّسة التربوية، أما خارجها فأنصحك أن تغيِّر الطريق مرارًا وتَكرارًا؛ حتى لا تسمع مِن تلامذتك ما لا يرضاه مَن يكون بصحبتِك، أما أنتَ فقد ألفتَ وتعودت، ولست براسمٍ صورة سوداوية، إنما أُحاوِل عكس واقع أليم.

• أن تكون قادرًا على مواجهة نظرات المجتمع التي تنظر إليك باعتبارك سببًا مُباشِرًا في تدهور العملية التعليمية التعلمية.

• وأنك أكثر الناس أجرًا، وأكثرهم بخلاً، وأكثرهم إضرابًا عن العمل... وهلمَّ جرًّا.

• وأنت عمومًا - في نظرهم - سبب المشاكل ما ظهر منها وما بطن.

• ولن تكون بحاجة حتى أُحذِّرك مِن "المنافقين" الذين يُظهرون لك الحب ويضمرون الحقد؛ فذلك مما جرت به العادة وعمَّت به البلوى.

• أن تكون قادرًا على ضبط المجموعة الفصلية - والتي قد تكون مؤلَّفة مِن مجموعة من المُشاكِسين والمشاغبين - بالوسائل التربوية المناسبة، وقد لا تكون مجدية في زمن فسَدت فيه أخلاق الناس، ولم يعد فيه الاتعاظ بالإشارة نافعًا.

• أن تكون مُتمكِّنًا مِن المادة المُدرَّسة، رغم أن تلميذ "مدرسة النجاح"، الغالب فيه أنه لا يُقدِّر الأستاذ الأكفأ، بل "الأعنف"، ولمّا يُدرِك بعدُ معنى الكفاءة.

• الأعنف: ولا ينبغي أن يُفهم عنِّي أن الأساتذة عَنيفون أو يَستهويهم العنف، بل أقصد أن تلميذ "اليوم" لا يَستحيي ويَخشى، وبعضهم لا يَستحيي ولا يَخشى، وتلك هي المُعضِلة والطامة الكُبرى، وبعض مُتعلِّمينا "ليس لديهم شيء يخسرونه"، أنت الخاسر في جميع الحالات؛ فهو "طفل" "تحميه" الجمعيات وتُدافِع عنه، ويُمكن أن تَستقبِل ملفَّه بكل "فرح"، أما أنت فرجل "تربية" يجب عليك أن تُحسِن التعامل معه، وأن لا تشوش عليه، وأن....، وأن...

• ولا يَخفى عليكم أن المتعلِّم "مِحوَر العملية التعليمية التعلمية"، وكل مَن بالمدرسة في خدمة التلميذ، وليُقَسْ ما لم يُقَل، وعندما أدرك المتعلم أنه "محور العملية" طغى وتجبَّر، و"ذبح مُعلمه".

وإذا حدثت حادثة أو وقعت واقعة سمعتَ الأقرَبين قبل الأبعَدِين، يَنصحونك موبِّخين بقولهم:
• كان عليك أن تتفادى.

• ولم يكن عليك أن تفعل.

• والذكي هو الذي يُحسن التصرُّف ويَنجو بنفسه.

• لا يُهمُّ أن تُدرِّسهم، المُهم أن تَحرسهم.

• إن الوزارة لن تنفعك.

• مَن وقف الآن بجانبك وساندك؟

• أنت وحيد تنكَّرت لك الوزارة والجهات الوصية على القطاع.

• لا تتورط مرة أخرى....

• أن تكون قابلاً لتنفيذ التعليمات، التي لم تُساهم في بنائها، تُطبِّقها رغم أنفك.

• أن تكون قابلاً لتقبُّل الرتابة ومواجهَة الملَل، وما أدراك ما المَلَل؟!

• أن تكون حليمًا وحكيمًا، واعلم أن المجتمع لن يرحمك إذا أخطأت؛ كأن تسبقك يدكَ أو لسانك.

سيقولون: انظروا إلى المُربِّي، هل رأيتم ما فعل المربي؟وكأن المربي سطر في "جذاذته اليومية" أنه سيسلخ، ويذبح، ويضرب، ويكسر!

ولا أُنزِّه الأساتذة والمدرسين؛ والمشرفين على الإدارة التربوية؛ فإنه يسري عليهم ما يسري على جميع البشر من خير وشر، ولكني أريد أن أنبِّه إلى بعض الاتهامات الجزافية والمجانية - والتي ساهمت أطراف مُعيَّنة في إشاعتها؛ لتغطي عجزًا مُزمِنًا أصاب أعضاء الآلة التربوية التعليمية - صحيح إن زمننا اليوم زمن الاتهامات، فغدا من الطبعي أن يتَّهم الناس بعضهم بعضًا، ولكن الملاحظ أن الاتهامات التي تُكال لرجال التربية والتعليم قد تجاوزَت حدود الانتقاد الفعال البَنَّاء إلى انتقاد هدام خطير.

• أن تكون قادرًا على التواصل مع المُتعلِّمين والآباء والإدارة.

• أن تكون مرنًا مُتكيفًا مع الوضعيات الطارئة، وما أكثرها.

• أن تكون قابلاً للتجدُّد.

وما أنقمه على بعض إخواني في المهنة أنهم لا يتجدَّدون؛ بل إني أجدهم لا يقبلون التجديد؛ لشيء في أنفسهم لمَّا أفهمْه بعد.

• أن تَمتلك مهارة النقد الذاتي، تُطوِّر أفكارك وتجاربك، وتحيِّنها.
أن تكون منشطًا وضابطًا ومُتحكِّمًا، وحارسًا ومُتفاعلاً، عضوًا في جماعة.

• أن تكون قادرًا على استباق الأحداث، وتُحسن "التوقع" و"التموقع" في المكان والزمن المناسبين.

أن تكون قادرًا على قراءة الرموز والإشارات الصادرة عن المتعلمين، وتحولها إلى تغذية راجعة مفيدة وفعالة.

أن تكون قادرًا على اختيار أقصر الطرق، في دروسك وفي كل أمورك.

أن تكون قادرًا على تَكرار كلامك عشرات المرات، بدون كلل ولا ملل.

أن تقوم بعمل الشرطي والمحقق والمربِّي والقاضي والمُصلح.

ولا تنس أن تحرص على صوتك فإنه نفيس، "ولا يعوض على فقدانه في التغطية الصحية"...

أن تكون قادرًا على الوقوف في الفصل الساعات ذوات العدد.

هل يختار الإنسان أن يكون أستاذًا؟
لا يختار الإنسان - في الغالب - أن يكون أستاذًا؛ لأن المسار المنطقي لبعض الشُّعب والتخصُّصات هو أن تكون أستاذًا أو أستاذًا، لا غير.

حدثنا زملاؤنا في المِهنة أنهم "في أيام زمان" كانوا يختارون وظائفهم؛ لأنَّ المُجتمع كان في حاجة لرجال يشغلون وظائف مُتعدِّدة، أما اليوم فإن المسارات تكاد تكون شبه محسومة سلفًا.

ويتبيَّن مِن هنا أن أغلب الأساتذة لم يَختاروا مِهَنَهم عن طيب نفْس.

إذًا فعامل البحث عن عمل - أي عمل - هو الدافع الجوهري.

سألت مُدرِّسًا سؤالَين:
• هل اخترتَ أن تكون مُدرِّسًا؟
• وهل تحب أن يَمتهِن التدريس أحد من أبنائك؟

1- لم أختر أن أكون مُدرِّسًا، وكذلك معظم الذين أعرفهم مِن جيلي لم يختاروا أن يكونوا مُدرِّسين؛ لأن عامل الفقر والمسار الجامعي الذي اخترته واختاروه، فرض عليَّ أن أكون مُدرِّسًا.

المسار الذي سلكتُه، أو فُرض عليَّ أن أسلكه، إما أن يُفضي بك إلى الفصل الدراسي في أحسن الأحوال، أو إلى الشارع عاطلاً عن العمل، تحمل شهادةً لا تصلح لشيء.

2- ولا أحبُّ أن يَمتهن ابني مهنتي؛ لأنها مهنة الشقاء بامتياز... إنها مِهنَة شريفة، ولكن للأسف... للأسف المرير... ولا أحب أن تتكرَّر المعاناة.

أفتح قوسًا مُهمًّا مُفيدًا:
لماذا لا يُفتح المجال للمدرسين لإتمام دراساتهم الجامعية حسب تخصصاتهم، وأغلبهم على كامل الاستعداد؟!

ولا تنسَ أن رجال التربية والتعليم، مِن أكفأ الأطر، ومُتفوِّقون في دراساتهم، وأنت تعلم ولا يخفى عليك، أنه لا يُقبَل في المِهنة إلا المتفوقون، وقد يُقذَف بهم في مناطق نائية جدًّا، فيَعيش المُدرِّس كالمُشرَّد.

أما إذا كان الأمر يتعلق بالفتاة المُدَرِّسة - المُعلِّمة - وهي في مُقتبَل العمل، فحدِّث ولا حرج عن الوضعية التي تعيشها، بعيدة عن أهلها ومحارمها، ترى الشجر وتتخيَّل أن وراءه بشرًا، وترى الأشباح بالليل والنهار.

وأي جرأة أكبر مِن فتح المجال أمامهن لاستكمال دراستهن؟
وماذا ستخسر الحكومة لو فتحَت لهن المجال، بل ماذا ستربح؟
إنها ستربح كثيرًا، ولن تخسر إلا بضعة دراهم، مقارنة بـ.....وبـ...... وخصوصًا أن الاستثمار في العامل البشري هو الاستثمار الحقيقي.

وكيف سيكون شعورنا لو أن جلَّ أساتذتنا في جميع المستويات، حاصلون على شهادات عُليا في تخصُّصاتهم؟

• إنه لشرف كبير، وفضل عظيم، ومفخرَة للدولة.

ولا ننسَ- أخي القارئ/ أختي القارئة - أن الشهادات ليست محدِّدة للوعي أو الكفاءة؛ أي ليست معيارًا مُنضبطًا؛ وعليه فيجب أن نقرِّب بين الشهادات المحصول عليها، وممارسات الأساتذة في فصول الدراسة؛ بحيث يحوِّلون تعلماتهم الجامعية - المعرفة العالمة- إلى معرفة مدرسية ومهارية نافعة للنشء، وهذا ما يُعرَف بالنقل الديداكتيكي.

وتَجدُر المُلاحظة:
إني لا أمدح الأساتذة ولا أزكيهم؛ فهم ليسوا في حاجة لتزكيتي، وإنما أقول ما أراه حقًّا؛ عسى أن تُستنهَض هِممٌ، ويُعتَنى بأناس يُخْرِجون البشر من الظلمات إلى النور.

بفضل الله ثم المُدرِّسين صار القاضي قاضيًا، والمحامي محاميًا، والمُدرِّس مُدرِّسًا، والطبيب طبيبًا.

ولا أنسى:
ولا أنسى أن أشير إلى مسألة غاية في الأهمية، وهي أنه ينبغي إسناد الفصول الأولى - مِن التعليم الابتدائي - لمُدرِّسين محنَّكين، لهم مِن الكفاءة التربوية و"الصبر" و"الحلم" الشيء الكثير؛ وذلك لأهمية المرحلة وخصوصياتها؛ إذ هي مرحلة بناء الأُسُس، والأساسُ الصلب مُهمٌّ أيَّ أهمية في البناء، وفي بناء الأجيال أَولى.

والجدير بالذكر كذلك أننا نواجه في الفصول الدراسية تلامذة مُتميِّزين؛ إن على المستوى العِلمي، أو المهاري، أو الأدبي والسلوكي القيمي، "لكنهم قِلة قليلة"، ونسبتهم ضعيفة جدًّا مقارنةً بضحايا مدرسة النجاح.... إنهم حقًّا وصِدقًا ضحايا.

مَن هم أجود الأساتذة؟
"الأسرة" هي أجود أستاذ؛ لأن الأسرة هي التي تؤهِّل الطفل المُتعلِّم بالأدوات الأساسية، وتُتابعه وتهتمُّ به وترعاه، إذا لم تكن قد استقالت أو أُقيلَت.

وقد يقول قائل: هناك طفل مُتعلِّم - أَعرِفه - لم يرْعَهُ أحد وتفوَّق في دراسته.
نقول: وهذه المعادلة الصعبة لها حلٌّ، وهو "المشيئة الإلهية"، والتي لا يُنكِرها إلا كافر، وإن كان الأصل وما جرَت به العادة والعُرف أن "الأسرة" هي المدرسة الأولى للطفل، ولا نَظنُّ ذلك يحتاج لبرهان.

فإذا استقالت الأسرة، فصلِّ على المُجتمَع صلاة الجنازة.

ماذا يَنْتَظر؟ وماذا تَنْتَظر؟ وماذا يَنْتَظِر المجتمع؟

ماذا يَنتظر الأب الذي يظلُّ اليوم بأَسرِه مُعلَّقًا فوق كراسي المقاهي؟

ماذا ينتظر مِن المدرسة أو مِن المُدرِّسين؟

فمتابعة الابن ورعايته - معنويًّا وماديًّا - هي الكفيل ببناء الجيل الفعال، الصالح المُصلِح.

وماذا تنتظر الأم التي لا تُفارق الشوارع والأسواق؟
إن المدرسين في الفصول الدراسية يواجهون تلامذة كالقَماقِم الفارغة، وأعي ما أقول، تلميذ / مُتعلِّم كالصفحة البيضاء.

"السيد" التلميذ:
• يغادر "السيد" التلميذ المدرسة، يَستشيط فرحًا، كأنه فارٌّ من جحيم، هذا إذا لم يكن غائبًا.

• يصيح في محيط المدرسة؛ ويسبُّ ويَشتُم.

• يدخل بيته، ويُلقي بمحفظته وكتُبه.

• يأكل ويَشرب، ويَقضي حاجته.

• يَخرج إلى الشارع، يلعَب ويَمرح، يسبُّ ويَشتُم ويَكسر، وقد يتكسَّر.

• يعود إلى البيت، يأكل، يَشرب، ويُشاهد التلفاز، أو يَنزوي في ركن "الحاسوب"؛ حيث الشبكة والأصدقاء واليوتيوب، وال*****، والفيس بوك، والصور والحياة.... والأسرة بعيدة عن الواقع؛ الأب في المقهى، والأم تُشاهد مسلسلها المُفضَّل.

• ما أقبحها حياة!

• النجاح مضمون، والعيش موفور، وهذا ما أُسمِّيه: استقالة الأسرة.

نموذج حيٌّ لاستقالة الأسرة:
• استدعى الحارس العام - الناظر بمؤسَّسة تعليميَّة - أبًا؛ ليُخبره عن إهمال ابنته وتَهاوُنها في دراستها، وسوء أدبها، وانحلال خُلقها، فأطْلَعه على الاختبارات وعلاماتها المُتدنية، وقدَّم له تقريرًا عنها مُفصَّلاً مُوثَّقًا، فقال الأب لابنته: عندما سيَحضُر خالك من الديار الإيطاليَّة، سأُخبره بكلِّ أفعالك ومخالفاتك، فردَّت البنت: "أَخْبِره؛ ذلك لا يُهمني"؛ بدون تعليق.

• وفي سياقٍ آخرَ مُشابه، استدعَت الأستاذة فاطمة أبًا لتلميذٍ، تُخبره عن إهماله وتَهاوُنه، فأخْبَرته، ونصَحته؛ ليَعتني بابنه؛ حتى لا يتعاطى فيُدمن التدخين والمُخدِّرات، فردَّ عليها الأب: ذلك لا يهمُّ، المُهم أن ينجحَ، سنُدخِّن ونَشرب الخمر معًا، يعني: الأب وابنه؛ فلا حول ولا قوة إلاَّ بالله[2]!

للأسف:
"كلُّ المِهن تتطلَّب ترخيصًا وشهادةً لإثبات الكفاءة والصلاحية، إلا تكوين الأسرة، فإنَّه لا يتطلب شهادةً ولا تكوينًا، كُنْ مَن شئتَ وكوِّن أسرةً أو أسرتَين، فالباب مفتوحٌ على مصراعَيه للصَّالح والطَّالح، ومِن النتائج المترتِّبة على هذا الوضع - المأساوي - تفسُّخُ الأُسَر وانهيار المنظومة القيمية"[3].

أنا أعرف أنك حريص على معرفة منهَج التفوُّق في الدراسة، أقصد تريد مِني الوصفة!
خذ عني الوصفة؛ فإنها سهلة غير مُعقَّدة:
• الاستعانة بالله أولاً.

• المراجعة القَبليَّة؛ قبْل الدرس.

• المُراجَعة البعدية؛ بعْد الدرس.

• الاهتمام في الفصل والمشاركة بفعالية؛ بالحوار والنقاش والتحليل، والسؤال والجواب.

• الاستعانة بالقلم للتلخيص والتدوين؛ فلا تُعوِّل على المطالَعة / المراجعة النظرية؛ فإنها قليلة الجدوى إذا ما قورنت بالتعلم مِن خلال الاستعانة بالآلة السِّحرية (القلم).

• ثم لا تنس أن تُمرِّن ابنك / المُتعلِّم على الاعتماد على نفسه.

• أن تساعده ليكتسب "الرغبة"، ويحدد "الهدف"، صناعة الهدف، ويتذوق "حلاوة الدِّراسة"؛ بحيث يتفاعل مع دروسه وواجباته "وكأنَّهُ أستاذٌ مُقبِل على تدريس مُتعلِّمين"، وأن يُحضِّر للدرس تحضيرًا فعالاً.

وهذا مُلخَّص، وستأتي التفاصيل في مقالات لاحقة - إن شاء الله.

يُمكن تشبيه الأستاذ بمُدرِّب كرة القدم، والجدير بالذكر أن المدرب لا يلعَب المُباريات، ومشاركاته تكون من خارج الميدان، بالتوجيهات البعيدة أو عند نهاية الشوط الأول.

طبعي أن أهمية الأستاذ كبيرة؛ إذ لا يمكن الاستغناء عنه، ولن تُعوِّضه الآلات الإلكترونية مهما رقَت وتطوَّر ذكاؤها أو حاكَت العقول البشرية؛ لهذا فلا يحلم مَن يظنُّ أن الاستغناء عن المُدرِّسين مُمكِن.

وهل يؤدي الأساتذة وظائفهم؟
يُمكن القول: "أَعطِني مُتعلِّمًا وظروفًا مناسبة، أُعطِك مُعلِّمًا".

واعلم أن الجهد الذي يُضيِّعه الأساتذة في "الضبط" يفوق كثيرًا المجهودات التي يَبذُلها في التدريس، وجلُّ المجهودات تُبذَل في الأفعال التالية وما تستتبعه:
• اسكت.
• انتبه.
• اقعد.
• اهتم.

حتى لَقَّبَ بعض المُبدِعين مِن المتعلِّمين أساتذتهم بألقاب مما يُكرِّرونهُ في دروسهم.

ولماذا هذه المعاناة؟
• لأن الأسرة لم تؤهِّل طِفلها ليكون "مُتعلِّمًا"؛ وأقصد بذلك استقالة الأسرة.

• لأن دينامية الجماعة مؤثرة؛ أي: "التعلم بالنظير"؛ بحيث "يتأثر" المُنضبِط بالمُشاكِس.

• لأن "المجتمع" لا يَحترم الأستاذ.

• لأن القوانين والتشريعات تُعطي للمتعلم كل الحق، ولو كان ذلك على حساب حقوق المعلم أو هيبة المدرسة.

إذا افترضنا أن الأساتذة لا يؤدون وظائفهم، فإن هنالك فِرَقًا للتفتيش ينبغي أن تقوم بعملها؛ فلسنا في قانون الغاب.

أقولها وأتحمَّل مسؤوليتي كاملة: إن الأغلبية الساحقة تؤدِّي واجباتها، رغم كثرة الإكراهات الموضوعية بالخصوص، وفي الوقت نفسه هنالك فئة مِن رجال التربية والتعليم انتهت مدَّة صلاحيتها، ويجب إحالتهم إلى التقاعُد، أو النظر في صيغة مُعيَّنة للتخلُّص منها، هذه حقيقة.

نعم؛ ينبغي التخلص منهم؛ إذ لكل مُنتَج مدة صلاحية، وهذا ما نغفل عنه عندما نتعامل مع الظواهر البشرية، فللإنسان مراحل نشاط وخمول.

والأمر هنا لا يتعلق بالسن بالدرجة الأولى؛ فقد يكون الشيخ فعالاً والشاب كسولاً، وقد سبق أن قلت: إن الأساتذة لا يَنبغي أن يقضوا في مِهنَة التدريس أكثر مِن عشر سنوات؛ لأسباب وجيهة ذكرتها في مقالٍ سابق.

أستاذ يُسبُّ ويُشتم، وآخَر يُذبح أو يُقتل، الحلُّ في مجموعة مِن النقاط المُتداخِلة:
• اسمحوا لي إن قلتُ: إن غياب وسائل الردع في المدارس هي السبب الأول، ونسمع عن حقوق المُتعلِّم أكثر مما نسمع عن حقوق المدرس، أما "أقصوصة" اليوم العالَمي للمُدرِّس، فحديث ذو شجون.

• الحل في نظري المتواضع "عسكرة المدارس" أو إخضاعها لنظام صارِم.

• الحل ألاَّ ينجح إلا مَن يَستحِقُّ النجاح.

• الحل هو ربط المسؤولية بالمحاسبة، وكل مَن ثبَت تقصيره مِن مُعلِّم أو متعلِّم يعاقب حسب القوانين المنظِّمة للقطاع.

• العنف موجود في المدارس؛ لأن جدران المؤسَّسة غير محصَّنة، وأقصد أن العنف يتسرب من الشارع ويُعشِّش في الداخل.

• وإذا لم يتدخَّل المُتدخِّلون، فسنسمع عن المزيد؛ لأن الجرأة على المدرسة فاقت الحدود المسموح بها.

• إعادة النظر في مسألة "الهيبة"؛ هيبة المدرس، والمدرسة.

• التربية على القِيَم؛ تلك "القيم الجميلة" التي كادَت تُمحى؛ لأسباب لا نجهلها.

• ومن أسباب العنف كذلك: "مدرسة النجاح"؛ بحيث يَنجح مَن لا يَستحق، وهذا "الناجح" لا يفهم ما يقوله الأستاذ، ولا يستطيع التواصل معه، وتجده مُرغمًا على الجلوس في مقعد يرفض الجلوس عليه؛ إنما يحضر للمدرسة إرضاءً لوالده أو والدته، أو خوفًا، وهناك صِنف يَختبئ وراء أسوار المدرسة، ويَعيش اللحظة مع الأصدقاء، فالمدرسة عنده فضاء للمُتعة والنشاط والحيوية.

• والتلميذ، في بعض الأحيان "يفعل" في المدرسة ما لا يستطيع فعله في مكان آخَر.

• بعضهم يتحدث عن أهمية "المُقاربات التربوية"، وأنه لا يَنبغي التفكير في "المُقاربات الأمنية"، وأقول: نحن في حاجة إلى "مُقارَبة أمنية حكيمة"؛ حتى تعود المياه لمَجاريها ولحماية العاملين في الساحة وفي الفصول، ثم مرحبًا بالمُربِّين والمُتخصِّصين؛ ليعالجوا ما يمكن معالجته، وإصلاح ما يمكن إصلاحه، ثم إن الله - سبحانه وتعالى - يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.

• ولقد ساهم الاكتظاظ بحظِّه في العنف الذي تعيشه المؤسسات "التربوية".

• كما ساهمت الوسائل القديمة - جدًّا - المُعتمدة في التدريس، ساهمت في استِفحال الوضع، تجد ركامًا مِن المتعلمين في فصل واحد، يَنظرون إلى رقاب بعضهم، في صفوف مؤلَّفة مِن مقاعد ضيقة لا تسع إلا الأجسام النحيلة والمتوسِّطة.

نظريتي في إصلاح المدرسة المغربية:
أشرتُ لها في مقالات سابقات، أُلخِّصها في ما يلي:
ينبغي استِنساخ التجارِب الناجحة مِن التعليم العمومي أو الخصوصي، وتعميمها على سائر المدارس.

معنى ذلك:
أن هناك مدارس ناجحة - إن على مستوى التسيير أو التدبير والفعالية والمَردودية - فيجب تعميم تجاربها على المدارس الأخرى، مع شرطِ تَبييئها؛ حتى لا يَحصل التنافر بين الواقع والتصوُّر.

وعمْق الإصلاح سياسي بامتياز، والإصلاح الحقيقي إرادة سياسية قبل كل شيء، ويَهِم مِن يظن أنه أفكار وتصوُّرات وبِنى عقلية خالصة خارجة عن "دهاليز السياسة والغُرَف المظلمة".

مِن خلال مَنطِق ماذا نربح؟ وماذا نخسر؟ والبحث عن التوازنات لا باعتبارها خيارًا إستراتيجيًّا، بل "هاجسًا أمنيًّا".

ماذا تعني الإرادة السياسية؟
أن يَنجح مَن يستحقُّ النجاح إرادة سياسية قبل كل شيء، والمنطق العقلي يقتضي أن ينجح من يستحقه فقط، لكن للمَنطِق الإحصائي "المُسيَّس" كلمته الحاسمة؛ لأن كل الإصلاحات مرتبطة بالاقتصاد والميزانيات المرصودة، وبعبارة أخرى مرتبطة بـ"الأولويات"، وتنتهي السياسة بانتهاء تقسيم الميزانيات؛ وتلك هي لحظة الحقيقة، ولا تنسَ أن الحكومة الرشيدة ركن لنجاح أي ميزانية؛ فالأموال المرصودة قد لا تصل إلى الفئات أو المجالات المُستهدَفة.

عموميات في الإصلاح:
• يجب ربط المسؤولية بالمُحاسبة.

• يجب إشراك كل الفاعلين في الإصلاح، وتحميلهم المسؤولية.

• يجب على الأسرة أن تتحمَّل مسؤولياتها.

• يجب على الإعلام أن يتحمَّل مسؤولياته.

• يجب على المدرسة أن تفرض "هيبتها".

• يجب على الإدارة التربوية أن تُواصِل كِفاحها.

• يجب على الأستاذ ألاَّ يَستسلِم للواقع المُرِّ.

• يجب على الشركات وجمعيات المجتمع المدني أن تَنخرِط في هذه الورش الإصلاحية.

ويُخطِئ مَن يرى:
يخطئ مَن يرى أنَّ المدارس كالمستشفيات، يمكن أن تعالَج فيها الأمراض والأوبئة ومختلف العاهات؛ فمدارِسُنا غير مؤهَّلة لذلك؛ فإنها لم تُوفِّر للعاملين بها ما يحتاجونه مِن عتاد ديداكتيكي، ووسائل ومساعدات، بلْه بِنيَة تحتية سليمة، ثم إنَّ العاملين بالمؤسَّسات التربوية مِن أساتذة وإداريِّين، ليسوا أطباءَ ولا كالأطباء، فما تلقَّوْه في المراكز التكوينيَّة لا يُؤهِّلهم لذلك، ولا لأقلَّ منه، وأخشى أن تنتشرَ العدوى من التلاميذ إلى مُدرِّسيهم، فيزداد الوضع سوءًا على سوء[4].


المخ طار تيسمسيلت









 


رد مع اقتباس
قديم 2015-08-23, 20:58   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
محمد رياض
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية محمد رياض
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الأسرة والمدرسة، أية علاقة؟


أ. حنافي جواد


مقالات متعلقة
تاريخ الإضافة: 5/7/2010 ميلادي - 23/7/1431 هجري


المدرسة وحيدة لا تكفي ولن تجدي

وأية علاقة تجمَعُ بينهما؟
إنَّنا نُسجِّل بمرارة وأسَف أحداثَ التراشُق بالاتهامات بيْن المدرسة والأسرة[1]، تقول الأولى: أنتِ سبب الفِتن ما ظهَر منها وما بطَن، وتقول الثانية: أنتِ أصْل المشكلات والمنكرات، ما خفِيَ منها وما جَلِي.

الأزمة واقعة، والأحداث ساخنة، والمشاهدون كُثر، لا يُنكر ذلك إلا متجاهِل، أو خائفٌ أن يُتهم فيُحاسب على الإهمال والتفريط في أمْر لا يَليق فيه التفريطُ شرعًا وعقلاً، وعادةً وأخلاقًا، وصورة الواقع غير خافية، وأخصُّ بالذِّكْر الذي يعيش في الفصل مدرسًا، أو في الإدارة مديرًا أو مشرفًا، أو مَن يجاور أسوارَ المدرسة فيتعرَّف على الحقائق من خلال ما يرَى ويسمع.

ومن الطبيعة الفاسِدة في صفوف المسؤولين أنهم يُروِّجون لمقولة:
"كل شيء على ما يُرَام"[2]، ويَتَّهمون مَن يقول الحقيقةَ أو بعضها بالمتشائم.

ولا يضرُّنا أن نوصَف بالمتشائمين[3]، إذا كنَّا نقول الحقيقة أو أجزاءً من الحقيقة، أو على الأقل ما نظنُّه عن حُسْن نيَّة حقيقةً[4].

أما (المخطِّطون) و(المبرمجون) و(المسؤولون)[5]، فيُغنُّون ويشذُّون خارجَ السرب، يملؤون الوثائقَ والتقارير، ويحرِصون على ذلك كلَّ الحرص.

وفي الذي يلي ستعرِفون - إن شاء الله - بعضًا مِن الإشكال، وأبعاضًا من الحل، فما كان مِن كلامي صوابًا فمِن الله وبفضله، وما كان خطأً فمِن نفسي ومن الشيطان:
• الكَسَل في الصفوف المدرسية وغيرها مرتبطٌ بجرثومة معنويَّة، وقد تكون لها أبعادٌ ومظاهرُ مادية[6]؛ وهي جُرْثومة الكسل والإهمال، فإذا دبَّتِ الجرثومة في ذات التلميذ أو الطالب، ولو كدبيبِ النمل والحلزون، حالتْ دون اجتهاده وتحصيله، وقادتْه إلى الإهمال والتهاون قيادة.

إنَّ جرثومة الكَسَل والإهمال مُعْدِية، قد تنتشر في صفوف التلاميذ انتشارَ النار في الهشيم، وقد وقَع ذلك فعلاً، وتؤثر - بالأثر البالغ - في عقْل التلميذ ونفْسه وقلْبه، فتغيِّر اهتماماتِه وتمثلاته، وخلفياته وأولوياته.

تُعاني مدارسُنا اليوم من آفةِ جراثيم الكسل، الكسل وما أدراك ما الكسل؟ هذه الجراثيم التي غفَل عنها الباحِثون والدَّارسون في المجالات التربويَّة والاجتماعيَّة والنفسيَّة، ممَّن شرِبوا من كأس الثقافة العلمانيَّة، واتجهوا يُطبِّلون ويُزمِّرون، ويدندنون كالسَّكارَى في أمور أُخرَ لا ترتبط بالمسألة إلا ارتباطًا جزئيًّا.

واتَّجهوا تائهين باحثين - بحْثَ حاطب في ليْل حالكٍ ظلامُه كلَيلِ تِهامة - عن أمورٍ أخرَ لا ترتبط بالمشكلة إلا ارتباطًا جزئيًّا، شكليًّا فرعيًّا، فعادوا بالأفاعي والعقارب يحملونها على ظهورِهم يظنُّونها علاجًا للداء، فكانت داءً.

ليس المشكِلُ في المدرسة ذاتها، ولا في المناهج الدراسية؛ إنما المشكل أصلُ الداء، والإشكال في جُرْثومة الكسل، والإهمال والضلال، فإذا استطعْنا أن نقضيَ عليها أو أن نُخفِّف من حِدَّتها وانتشارها، تمكنَّا فترتئذٍ من إرْجاع الناشئة، والكُسَالى من الضالِّين إلى جادَّة الصواب، وطريق الرشاد.

وقد تكون للجُرْثومة جوانبُ وراثية تتكوَّن عبرَ المسالك الثقافية[7]، وهذه آفةٌ خطيرة، فأوَّل خُطوة لإصلاح المدارس هي تشخيصُ الجرثومة التشخيصَ المناسب، وفَهْم طبيعتها وخصائصها الفَهْمَ الملائم، ثم التصدِّي لها بالوسائل المناسبة، والأسلحة الفعَّالة الفتَّاكة.

جُرْثومة الكسل تقتُل في التلميذ الرَّغبة[8] في البحث والمشاركة الفعَّالة المنتِجة، وتبعده عن جادَّة الصواب، فمهما غُيِّرَتِ المقررات والمناهِج والبرامج، ومعايير التقويم والتقييم، وأساليب التدريس والبحْث والتفكير، فلن يُجديَ ذلك نفعًا ما لم نهتمَّ بالأمراض المنتشِرة في صفوفِ التلاميذ بالمدارس، وأصل المرض آتٍ من خارجِ أسوار المدرسة.

ويُخطِئ من يرى أنَّ المدارس كالمستشفيات، يمكن أن تعالَج فيها الأمراض والأوبئة ومختلف العاهات، فمدارِسُنا غير مؤهَّلة لذلك، فإنها لم تُوفِّر للعاملين بها ما يحتاجونه مِن عتاد (ديداكتيكي)، ووسائل ومساعدات، فأسوار مدارسنا - رضي الله عنها - مهدَّمة، ونوافذها مُهشَّمة، والعاملون بها مُحبَطون، ثم إنَّ العاملين بالمؤسَّسات التربوية من أساتذة وإداريِّين، ليسوا أطباءَ ولا كالأطباء، فما تلقَّوْه في المراكز التكوينية لا يُؤهِّلهم لذلك، ولا لأقلَّ منه، وأخشى أن تنتشرَ العدوى من التلاميذ إلى مُدرِّسيهم، فيزداد الوضع سوءًا على سوء.

والجدير بالذِّكْر أنَّ عمليات التشخيص والعلاجِ تحتاج إلى وقتٍ وجهد، وظروف خاصَّة، لم تتوافرْ بعدُ في مدارسنا، ولا يفوتنا أن نقول: إنَّ التشخيص من أصعبِ مراحل التطبيب.

• وكلَّما تقادمتْ جُرْثومة الكسل في الجِسم عسُر التغلُّب عليها، فتستطيع اقتلاعَ الجبال من مواضعها، ولا تستطيع اقتلاعَ العادات المترسِّبة.

• يمكن للأستاذ أن يُسهِم في تثبيت المرض، كما يمكن أن يُخفِّف من وطأته على نحو جزئيٍّ لا كُلي.

• مِفتاح المشكل بيْن يدي أُسرة المريض، وليس مِفتاحًا نهائيًّا؛ لأنَّ هناك عواملَ خارجية تُعرقل أو تشوِّش على عمليات الإصلاح والعلاج، كوسائلِ الإعلام والاتِّصال، والجيران والمجتمع، والأفكار السائدة، والنماذج المروَّج لها، ونوْع القِيَم، وطبيعة الأنظمة السياسية، وأنواع الطموحات، كل ذلك يؤثِّر، وقد يقلُّ تأثيره، وقد يقوى:
أ- يقلُّ تأثيره إذا كانت البرْمَجة الأسريَّة التي تعرَّض لها الطفل قويَّة وفعَّالة.
ب- يَقْوى تأثيرُه إذا كانتِ البرمجة التي تعرَّض لها الطفل هشَّةً غير فعَّالة.

فيجب على أولياء الأمور والأُسر[9] تأهيلُ أبنائها لطلب العِلم والتمدرُّس، والتحصيل المفيد النافع في الدارين، والتفاعُل الإيجابي مع المدرسة ومحيطِها تفاعلاً مثمرًا، أما أن يُهملوا ويتهاونوا، ويُحمِّلوا المدرسة والعاملين بها ما يُطيقونه وما لا يطيقونه، فهذا غيرُ معقول، ولا يتَّفق مع المنقول، فكلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤول عن رعيته، والرِّعاية درجات ومراتب، والأسرة أوْلى بالرِّعاية من المدرسة.

لا يُمكن للمدرسة أن تصنَعَ الرغبة في صفوف مَن فقدوها؛ وجاؤوا مِن بيوتهم إلَيْها أصفارًا، أو كالحُمُر تحمل أسفارًا.

وقد ركَّز المخطِّطون والمبرمجون في مجال المدرسة على المناهج والأساليب والأدوات، فحمَّلوا الإدارةَ التربوية والأساتذةَ مسؤوليةَ ما حدَث ويحدُث، وتناسَوْا عن جهل أو تجاهلٍ الواقعَ الأُسَري للطفل، حيث لا تؤهِّل جلُّ الأُسر أطفالَها ليكونوا تلامذةً؛ من سوء التربية التي تلقَّوْها أو يتلقونها في محيطهم الأُسري والاجتماعي والعالمي بصُور مباشرةٍ، وغيْر مباشرة.

يُمكِن القول: إنَّ الأُسر مغلوبةٌ على أمرها مِن جهة، وتتحمَّل المسؤولية مِن نواحٍ أُخَرَ:
مغلوبة على أمرها: لأنَّ ابنها يتعرَّض لتأثيرات قوية، وحملات عنيفة، توثِّر فيه أبلغَ الأثر؛ بل يُهاجم في عُقْر الدار بأدوات الإعلام ووسائله المختلِفة، المبنيَّة على أفكار صِهْيونيَّة تدميرية، فالتنافر بيْن وسائل الإعلام والمدرسة وقِيَمها، والأسرةِ ومبادئها أوضحُ من الشمس في يوم مشمس[10].

ويتحمَّل المسؤولية: لأنَّه أب أو لأنها أم، فيجب أن يُحصِّنَ ابنه من كل الآفات والشرور، ويلقحه بالمضادات الحيوية الفعَّالة المؤهّلة لصنع الفرد الصالح، وقد جرَتِ العادة أنَّنا نلوم الراعي إذا ضاعتْ منه شاة من الشِّياه؛ ولا نلوم الذِّئْب.

أُحبُّ أن أختمَ بهذه الكلمات المركزات، أوضِّح بهنَّ المشكلات؛ لتنبثق عنها سؤالات، فتسهل الجوابات:
• يوجد محرِّك المدرسة خارجَ أسوارها.
• تتحمَّل الأسر عبئًا ثقيلاً، وتتحمَّل مسؤولية أبنائها.
• وسائل التَّنشِئة الاجتماعية لا تتوافق والمناهجَ المدرسية.
• الأسرة أولاً وثانيًا وثالثًا، والمدرسة أخيرًا.
• نسجِّل بمرارةٍ الإهمالَ الذي طال ظلُّه الأُسَر، فكل إصلاح لم ينطلقْ من الأسرة لن يبوءَ إلا بالفشل.
• إذا لَمْ نربط التعليم والتحصيل بقِيم ثابتة غير القِيَم المادية[11]، فلن يتحقَّق المطلوب، قد يتحقَّق بعضُ المطلوب على غير دوام، أمَّا إذا أردتَ الدوام فارْبطِ التعليم بما لا يتغيَّر مع تغيُّر الزمن، وهذا مِن واجباتِ الأُسرة والمجتمع والإعلام.
• وقِسْ على جرثومة الكسل غيرَها من الجراثيم المنتشِرة في جسم الطفل والأمَّة، كجراثيم الإحْباط والتهاون، والشَّغب[12] وسوء الأدب[13]، وانعدام الرغبة، وضعْف الطموح[14].

لعلِّي أوفَّق في تكثيف مقالي في قولي:
إذا صَلَحتِ الأُسرة[15] صلَحَتِ المدرسة والحياة، وإذا فسدت فسدت، وصلاحُ الأسرة متوقِّف على صلاح النَّسَق الاجتماعي والثقافي، وذلك كلُّه يتوقَّف على الإرادة السياسيَّة الحقيقيَّة الراغبة حقًّا وصدقًا في إنتاج الإنسان الصالح، فإنَّ الله يزَعُ بالسلطان ما لا يَزَعُ بالقرآن[16].

ـــــــــــــــــ
[1] هل الإصلاح يبدأ مِن الأُسرة أو من المدرسة؟ ستعرِف الإجابةَ في المقال.


[2] يقولون ذلك وفقًا لمقتضيات فن الكذب (السياسة)؛ لئلا يُثيروا الفِتنة.


[3] قائل الحقيقة في زمننا يُوصَف بالمتشائم، فلا يَحزُنْك قولُهم.


[4] أمَّا الحقيقة المطلَقة فعِلْمها عند الله.


[5] فربَّما لا يستحقُّون هذا الوصف، ولا ينطبق عليهم.


[6] هناك ترابطٌ بين المادة والمعنى، فبعضهما يؤثر في الآخر، والفصل بينهما تربوي للتعليم والتسهيل.


[7] تورث الثقافة كما يورث لون العينين والشَّعر.


[8] الرغبة أصْل كلِّ نجاح، والرغبة قابلية داخلية ذات أبعاد ثقافية.


[9] تؤول جودة فكر التلميذ وانضباطه واتزانه في الأغلب الأعم إلى والديه والمحيط المحيط بتشكل فكره ووجدانه.


[10] لا يمكن بحال من الأحوال تجاهلُ السلطة الخارجية التي يُسلِّطها المحيط الثقافي والفيزيائي على الأفراد والمجتمعات مِن خلال قنوات متعدِّدة، أمَّا مسألة القابلية الذاتية للتأثُّر والاستجابة، والقدرة على المواجَهة؛ اعتمادًا على قوَّة الذات؛ فلا محلَّ لها عندما تحيط بكَ السُّلطة من كلِّ حدَب وصوب، فتقهرك قهرًا، وتسكن ذاتك وعقلك، على نحو عجيب، فيَسري ذلك في جسدك سريانَ الدم في العروق.


[11] فإذا تحقَّقت المادة غابتِ الغاية مِن طلب العلم والدراسة، ما معنى ذلك؟ معناه: أنَّنا إذا قلنا للناس: من حصل العلم والمعرفة في تخصُّص معيَّن بشروط معينة، حصل على وظيفة توفر له دخلاً محترمًا، تهافتوا متطايرين على المعرفة والتحصيل، أما إذا توفر له المال مِن خلال التجارة أو الصناعة، أو حِرْفة ما، فلن يحصل العلم؛ لأنَّ ما من أجله يتعلَّم الناس ويدرسون (وهو تحصيل الوظيفة - المال) توافر لديه بوسائلَ أخرى، فليست له حاجة تدفعه للعِلم والتمدرس.
أما إذا ربْطنا العلم وطلَب المعرفة بأمرٍ ثابت مثالي لا يتغيَّر، ولا يتحقق بالكلية، فستكون النتائج آنئذٍ إيجابيَّةً ودائمة، وأفضل وأمثل مسألة يجب أن نربط بها طلبَ العلم والمعرفة هي نيْل الأجر والثواب والفوز بالجنان، فطلبُ العِلم واجب وجوبًا عينيًّا في حدود، وكفائيًّا في أخرى، كما أنَّ طلبه - بمواصفات - من العبادات، وبهذا نكون قد حققْنا هدفين دفعةً واحدة: التعبُّد بطلب العلم، الفوائد المادية وغيرها.


[12] من أسباب ظاهرة الشَّغَب في المدارس: ضعْف سلطة المؤسسات التربوية، وغِياب وسائل الردْع المناسبة، وهذا هو السبب الرئيس - ثم التربية الأُسرية - وسائل الإعلام المروِّجة للعنف والصراع - التربية أسرية.


[13] السبب الرئيس لسوء الأدب هو التربية الأُسرية.


[14] وسببهما الرئيس غِيابُ التحفيز المناسِب، أو غموض في الأهداف.


[15] من أين يبدأ التغيير مِن الأسرة أو من المدرسة؟
مدارسنا اليوم في وضعها الحالي غيرُ مؤهَّلة لتستقبل قافلةَ التغيير؛ لتكون نقطة انطلاقها، أما إذا أُهِّلت بالأدوات والوسائل، والأفكار النيرة القابلة للتطبيق، والناشئة في حضن الثقافة المحليَّة أو المستوردة مع شرْط التكييف لتكونَ صالحة، فيمكن آنئذٍ أن تكون صالحةً لاستضافة قافلة التغيير، ولا يُغنينا ذلك عن الأسرة، فمكانتها مهمَّة، وفاعليتها عظيمة، والاستغناء عنها محبِط للعمل.
ولا تكفي المدرسة مفردةً لتكونَ عنصرَ تغييرٍ شامل؛ بل يجب أن تعضدها وتساندها وسائلُ الإعلام والاتصال بنية (سياسية) قويَّة، فستحضر في مشاريع الإصلاح والتغيير في المخطَّطات الإستراتيجية العامَّة والخاصة، حضورًا قويًّا فعَّالاً، فيذيع أمر الإصلاح كما تُذاع بعضُ الأمور التي أرادوها أن تُذاع؛ لتنتشرَ بين الناس صغيرهم وكبيرهم.
وقانون التَّكْرار مفيدٌ في الإبلاغ: مِن خلال وسائل الإعلام المختلفة، وعبرَ القنوات التواصليَّة.
أمَّا عنصر التعزيز المادي والمعنوي، الإيجابي والسَّلْبي، فضروري لنجاح التغيير والإصلاح.


[16] أمَّا من ينتظر التغييرَ التلقائي من غير ترغيب ولا ترهيب، ولا سلطة ولا صَرَامة، فدعْه ينتظر، إنَّ القانون الرئيس المفعِّل للتغيير هو: الصرامة (السلطة الردعية) في تطبيق ما كان فيه صلاحُ الناس. المخ فعلا طار لسرقة مقلات من هنا وهناك السيد النزيه أنت بالغش و لا تنجح










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
"والسيد, (الأستاذ, التلميذ", والإصلاح), كواليس


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 04:21

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc