مقومات الثبات على الهداية - الصفحة 3 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مقومات الثبات على الهداية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-05-27, 19:55   رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

الخامس: الاقتصاد في الطاعات، وهو مقيد بأمرين:



الأول: أنه في النوافل دون الفرائض.


الثاني: أنه خاص بأصحاب الهمم العالية دون الساقطة.



ولسائل أن يسأل: لماذا الاقتصاد في الطاعات من أعظم أسباب الثبات على الهداية؛ لأن العبد إذا أجهد نفسه فوق طاقتها وحملها من الأعمال ما لا تطيق وأكثر عليها ملَّ وتعب، وترتب على ذلك أن يضيع حقوقًا كثيرة من الواجبات، وتعب وتشوش فكره وسئم ومل، وربما كره العبادة.


ومن هنا لما قال عبد الله بن عمرو: «لأصومن النهار ولأقومن الليل ما عشت» قاله رغبة في الخير، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أنت الذي قلت كذلك؟» قال: نعم، قال: «إنك لن تطيق ذلك»، ثم أمره أن يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، فقال: أطيق أكثر، فأمره يصوم يومًا ويفطر يومين، فقال: أطيق أكثر، فقال: «صم يومًا، وأفطر يومًا»، فقال: أطيق أكثر، قال: «لا أكثر من ذلك، هذا صيام داود»، ولكن لما كبر عبد الله بن عمرو بن العاص شق عليه الصيام فقال: يا ليتني قبلت رخصة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم صار يصوم خمسة عشر يومًا سردًا ويفطر خمسة عشر يومًا سردًا.


ومن هنا: كان الاقتصاد في الطاعات منهجًا ربانيًا نبويًا عظيمًا راعى فيه طبائع النفوس ومصالح الدين والدنيا، وأحوال الناس، وكله من تيسير الدين، ففي الحديث: «إن هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحدٌ إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا» [رواه البخاري عن أبي هريرة].


ولذلك نقول للجميع: اجعل لك برنامجًا في نوافلك مشتقًا من يسر الدين، فقد نظم الشرع حياة الناس، وراعى ترتيب الحقوق حتى يعطي كل ذي حق حقه، ففي البخاري: «لما آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة، فقال: ما شأنك؟ قالت: إن أخاك أبا الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء فصنع طعامًا له، فقال: كُل فإني صائم، قال: لا آكل حتى تأكل، فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، فقال له: نم، فنام ثم ذهب يقوم، فقال له: نم، فلما كان آخر الليل قال سلمان: قم الآن، فصليا جميعًا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقًا، وإن لنفسك عليك حقًا، ولأهلك عليك حقًا، فأعط كل ذي حق حقه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: صدق سلمان».


ففي هذا دليل على أن الإنسان لا يجهد نفسه بالطاعة وكثرة العمل؛ لأنه إذا فعل ذلك أضاع الحقوق الأخرى، وتصور لو قام الليل كله لاضطر إلى نوم النهار، أضف إلى هذا أنه ربما يملّ، وكونه يبقى على العمل قليلاً لكنه لن يستمر إلا ما شاء الله، ولذلك لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة وعندها امرأة فقال: «من هذه؟» قالت: فلانة، وذكرت من صلاتها وأنها تصلي كثيرًا، فقال: «مه، عليكم بما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملوا»، وكان أحب الدين إليه ما داوم صاحبه عليه.


فلئن أصلي ركعتين بحب ونشاط ورغبة أحب إلي من مائة ركعة، وينصرف العبد وقد ملها وسئمها. ومن هنا راعى أصحاب المسلسلات والتمثيليات أن تُنهى الحلقات على أحسن مشهد يشد المشاهد، فإنه لا يزال بشوق لها حتى اليوم الآخر، لكن تصور لو أنهيت بعد أن سئمها الناس هل يمكن أن يكون عندهم شوق؟ الإجابة واضحة.


فالاقتصاد في الطاعات وفي جميع الأمور فيه خير كثير؛ لأنه إن قصر فاته خير كثير، وإن شدد سوف يمل ويعجز، فكان الغلو مذمومًا حتى في الأشياء المحمودة، ولذلك لما جاء ثلاثة نفر يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فكأنهم تقالّوها، فقال أحدهم: أنا أقوم فلا أنام، وقال الآخر: أنا أصوم فلا أفطر، وقال الثالث: أنا لا أتزوج النساء. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنتم الذين تقولون كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، ولكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني» [متفق عليه].


ومن هنا: قال السلف ما سبق أبو بكر الصحابة بكثرة صلاة ولا صيام ولا صدقة، ولكن بشيء وقر في قلبه الإيمان والتقوى، وهي أداء الفرائض والوقوف عند المحارم، فقد تجد إنسانًا عنده كثرة صلاة، ولكنه لا يقف عند حدود الله فيأكل حرامًا وينظر إلى الحرام ويسمع حراما.


فليست التقوى كثرة القيام والصيام ولكنها أداء الفرائض والوقوف عند المحارم، ولهذا تقاّل أولئك النفر عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فأقسم أنه «أخشى الناس لله وأتقاهم له»، وهذا هو الشأن كله، فربَّ رجلٍ عنده صلاة كثيرة ولكنه لا يقف عند حدود الله.









 


رد مع اقتباس
قديم 2015-05-27, 19:57   رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

فالحاصل من هذا كله: كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «القصد القصد تبلغوا»، فيصلي أحدنا نشاطه، ويصوم نشاطه.



واعلم: «أن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل»، «وإياكم والغلو»، فإن العبد قد تحصل له همة عالية فيصلي صلاة طويلة، حتى إنه ربما يذهب إلى الحرم فيحتقر صلاتهم إلى صلاته، ولكن نصحي للجميع بالتدرج في العبادة وعدم الإكثار، اتباعًا للسنة، والحذر من المخالفة، أضف إلى ذلك ذم التشدد وسوء عواقبه، وللإنسان عمل ظاهر كالصلوات المكتوبات، وعمل باطن يعمل بالبيت كالنوافل، «فأفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة»، وبُعدًا عن الرياء والسمعة، فقد كان السلف يجتهدون في الطاعات ويتهمون أنفسهم ويغمطونها غمطًا شديدًا، وإذا أكثر على نفسه فقد لا يستطيع المحافظة على ذلك في المستقبل؛ لأن النفس تكون لها همة عالية ثم تمر بها فترة.










رد مع اقتباس
قديم 2015-05-27, 20:00   رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

السادس: لزوم جماعة المسلمين وإمامهم؛ لأن من فارق الجماعة قيد شبر مات ميتة جاهلية، وفي الصحيح من حديث حذيفة في الفتن: «لزوم جماعة المسلمين وإمامهم».

السابع: مصاحبة الأخياروالابتعاد عن رفقة الأشرار؛ لأن الإنسان لا يستطيع أن يعيش في عزلة، بل لا بد له من مخالطة، وهذه المصاحبة والمجالسة والمخالطة لها أثر سيئ أو طيب حسب نوعية الجليس، وقد أمرنا ربنا بمصاحبة الأخيار، والحذر من مصاحبة الأشرار، قال تعالى: }وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ{[الكهف: 28]. وحذرنا من مجالسة الأشرار }وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ{ [النساء: 140].


وفي مصاحبة الأخيار أخذ بوصية النبي صلى الله عليه وسلم، ففي سنن أبي داود: «لا تصحب إلا مؤمن ولا يأكل طعامك إلا تقي»؛ لأن الصحبة والطعام تورث المودة.


وصحبة الأخيار لها فائدة حتى مع البهائم: كما في قصة أصحاب الكهف، إذ ذكر الله في كتابه كلبًا، وصار له شأنٌ لما صحب الأخيار }وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ{ [الكهف: 18].


ومجالسة الأخيار سببٌ لمغرفة الذنوب، ففي الحديث الصحيح: «هم القوم لا يشقى بهم جليسهم»، بل إن أهل الجنة يتذاكرون مجالسهم في الدنيا وهم على طعام الجنة، فنقل الله لنا خبر مجالسهم.


وفي المقابل إذا صاحب الأشرار أو أهل اللهو كما في حديث: «يغزو جيشٌ الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف الله بأولهم وآخرهم، فقالت عائشة: كيف يخسف بأولهم وآخرهم ومعهم سوقتهم ومن ليس منهم» [رواه البخاري]، فخسف بهم لأنهم صاحبوا الأشرار، ولو كانت نيتهم طيبة وعملهم صالحًا، وكذلك حديث السفينة، وحديث: «ويلٌ للعرب» لما صحبوا الأشرار لحقهم البلاء، إلا إذا أخذوا على أيديهم.


فإن قال قائل: أنا رجلٌ مصلٍّ وعندي خير ولا يضرني صحبة الأشرار، فلهم شرهم ولي خيري. فنقول: ورد في الحديث الصحيح: «إن أول ما ظهر النقص في بني إسرائيل أن الرجل كان يرى أخاه على الذنب فينهاه، فلا يمنعه أن يكون في الغد أكيله وشريبه، ومن أجل ذلك لعن الله بني إسرائيل، وضرب قلوب بعضهم ببعض» [رواه ابن ماجة].










رد مع اقتباس
قديم 2015-05-30, 08:52   رقم المشاركة : 34
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

وإذا تبين لك أهمية الصحبة فإليك – أخي الحبيب -: الأسس التي تُبنى عليها الصداقة والصحبة، وكيف تُختار الزوجة، والزميل في العمل؟


1- الحب في الله: فاجعل مدارك في حب الناس وإكرامهم من أجل الله، فعن معاذ رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يقول الله: وجبت محبتي للمتحابين فيَّ والمتجالسين فيَّ، والمتزاورين فيَّ، والمتباذلين فيَّ» [رواه الإمام مالك]. وجرب صحبة عبد فيه خير وانظر كيف يكون حالك؟ وصحبة عبد فيه شر وانظر كيف يكون حالك؟ وغالب مشاكلنا في هذه الأيام من المصاحبة والمجالسة والمخالطة. ولما جاء أعرابي فقال: يا رسول الله، متى الساعة؟ فقال: «ما أعددت لها؟» قال: ما أعددت لها كثرة صلاة ولا صيام ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله. فقال: «أنت مع من أحببت» [رواه البخاري]، يقول أنس: فما فرحنا بعد الإسلام بشيء أشد من قوله: «أنت مع من أحببت».


يقول الإمام الشوكاني: ومن تأمل حديث المتحابين يستعظم الجزاء مع حقارة العمل، ولكن المتأمل يعلم أن التحاب في الله من أصعب الأمور وأشدها، وهو نادر جدًا، فغالب محبة الناس من أجل الدنيا.


قلت: ينبغي للمسلم أن يبحث عن الشيء الذي يستكمل به إيمانه، ففي الحديث: «أوثق عُرى الإيمان: الحب في الله، والبغض في الله» [رواه أحمد وأبو داود].


2- تختار من صفاته الكمال، الكرم، الوفاء، الصدق، المحب الذي لا يفشي لك سرًا، ولا يكشف لك عورة، وإن رأى خلة سدَّها، أو نقصًا كمَّله، أو رأى عيبًا ستره، وإن رآك على منكر ذكرك بالله، وإن رآك على طاعة ثبتك، وإن رأى عندك نعمة فرح بها، وإن أصابتك مصيبة حزن وشاركك فيها، صادق في قوله وفي عهده وماله ووده.


3- اختر أصحابك وفق هذا الحديث: «إذا أراد الله بالأمير خيرًا جعل له وزير صدق إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه، وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء إن نسي لم يذكره، وإن ذكر لم يعنه» [رواه أبو داود وابن حبان وصححه].


فعلى سبيل المثال: إذا اخترت امرأة صالحة تعينك على برك بوالديك، ودائمًا تذكرك بأهلك وتقصيرك نحوهم، فكم من امرأة صالحة كانت سببًا في بر زوجها لوالديه بعد أن كان عاقًا لهما قبل الزواج!! وكم من امرأة كانت سببًا في عقوق الرجل لوالديه بعد أن كان بارًا بوالديه قبل الزواج!! فكلما أراد أن يصل رحمه تأتي وتذكره بمواقف قديمة، وتقول: ألم يفعلوا كذا يوم كذا، أمك قالت لي كذا، أو أختك فعلت أو قالت، ومن هنا قالوا قديمًا: «المرأة تشعل نار الحرب، أو تشعل نار الحب»، وفي الحديث: «ما بعث الله نبيًا ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، والمعصوم من عصمه الله» [رواه البخاري عن أبي سعيد].


فعلى سبيل المثال: فرعون قالت له بطانة الشر: }أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ{ [الأعراف: 127]، وقالت له بطانة الخير: }أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ{ [غافر: 28]، ومن هنا حذر العلماء من مصاحبة صاحب البدعة؛ لأنك سوف تتأثر بعدها، تقول يومًا من الأيام: }لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا{ [الفرقان: 28].


الثامن: الدعاء: فقد أجمعت نصوص الكتاب والسنة على سؤال الله الهداية، وسؤاله الثبات والعزيمة على الرشد؛ لأنه لا مهتدي إلا من هداه الله، ففي الحديث الصحيح عند مسلم: «يقول الله: كلكم ضالٌّ إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم»، ومعنى الهداية أن يجعل الله قولك لله، وعملك لله، وسعيك لله.


ولذلك لما سئل ابن القيم في كتابه «الجواب الكافي»: ماذا يقول العلماء الربانيون في رجل ابتلي ببلية واستمرت معه وأفسدت عليه دنياه وآخرته؟ فقال: الجواب علاجه بثلاثة أمور:










رد مع اقتباس
قديم 2015-05-30, 09:03   رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي


1- إنما شفاء العي السؤال، كما في حديث صاحب الشجة في رأسه، نام فاحتلم فاستفتى أصحابه في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة. فاغتسل؛ فمات. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذا لم يعلموا، إنما شفاء العي السؤال، كان يكفيه أن يتيمم ويعصب على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر بدنه» [رواه أبو داود].


2- التداوي بالقرآن: }وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا{ [الإسراء: 82]، فحال الناس مع القرآن كحال شارب العسل، فمن كان صحيحًا وليس عنده مرض فإنه يجد طعمه طيبًا، ويكون له شفاء، ولكن إذا كان مريضًا – على سبيل المثال بالسكر – فإنه بمجرد شربه ينعكس عليه ويزداد مرضه، لا لخلل بالعسل ولكن لكونه مريضًا، فالقرآن لا يزيد الظالمين إلا خسارًا.


3- كثرة الدعاء بالثبات على الهداية: ولكن لا تستعجل فتقول: أنا لا يُستجاب لمثلي، وتصل للقنوط من رحمة الله، وما يدريك! لعل الله صرف عنك أضعاف أضعاف ما تدري وما لا يخطر لك ببال!! فثق بالله وقوَّ عزيمتك، فالدعاء من أنفع الأدوية مع الأخذ بأسباب الهداية، فمثلاً لا تدعو ثم تترك الصلاة، وتقع في المحرمات، وإن كنت تقع في المعاصي كرَّات ومرَّات ابحث عن الأسباب، فإذا وجدت أمورًا تحركها فابتعد عنها.


والحاصل: أن العبد إذا اجتمعت له هذه الثلاث: سؤال العلماء؛ لأنهم يدلونك كيف تتوب، كما في قصة قاتل المائة، دله العالم على الداء والدواء، «ومن يحول بينك وبين التوبة، ولكن أرضك أرض سوء، اخرج إلى بلدة كذا، فإن فيها قومًا صالحين»؛ وكذلك قراءة القرآن والإكثار من الدعاء مع الأخذ بالأسباب، فإذا اجتمعت هذه الأمور الثلاثة تأذن الله لك بالهداية }رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا{ [آل عمران: 8].


التاسع: الزهد في الدنيا:لأن حب الدنيا رأس كل خطيئة، وفي هذا يقول الله تعالى: }وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا{ [الإسراء: 83]، وحديث: «والله ما الفقر أخشى عليكم»، وضرب الإمام ابن القيم مثلاً رائعًا بليغًا: «أن رجلاً أراد سفرًا وكان له ثلاثة إخوة، فقال لهم: أنا أريد السفر والسفر طويل، وأحتاج إلى رفيق، فمن منكم يصاحبني؟ فقال الأول: سفرك طويل، وأنا لا أستطيع السفر معك. وقال الآخر: أنا أحبك ولا أستطيع السفر معك، ولكني سأساعدك في سفرك. وقال الآخر: أنا معك طال سفرك أم قصر». فيا ترى: من نختار من هؤلاء الإخوة الثلاثة؟ العجيب أن الناس يختارون غالبًا الأول والثاني، وفي هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يتبع الميت إذا مات ثلاثة: أهله، وماله، وعمله؛ فيرجع اثنان، ويبقى واحد، يرجع ماله وأهله، ويبقى عمله»، وتجد غالب الناس مفرطين في طاعة الله. وقد ذكر الإمام المنذري في (الترغيب) عدة أحاديث صحيحة حول هذا المعنى في باب الزهد ج4.


وقد ضرب نبينا مثلاً رائعًا بليغًا تضمن غاية التحذير من شر الحرص على المال والشرف في الدنيا، وأن حرص المرء على المال والرئاسة والمناصب يفسدان الدين غاية الإفساد، ففي الحديث الذي أخرجه الإمام الطبراني وأبو يعلى بسند جيد: «ما ذئبان ضاريان جائعان باتا في زريبة غنم أغفلها أهلها يفترسان ويأكلان بأسرع فيها فسادًا من حب المال والشرف في دين المرء المسلم»، وعند الإمام الترمذي: «ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه»، وحاصل الحديث أن هذا مثلٌ عظيمٌ وبليغٌ، ضربه النبي صلى الله عليه وسلم لفساد دين المسلم، وأن الحرص على المال والشرف أكثر فسادًا للدين من إفساد الذئبين للغنم، فكما أنه لا يمكن أن يسلم من الغنم إلا القليل، فكذلك حرص العبد على الشرف والمال لا يسلم إلا القليل من دينه؛ والسبب في ذلك أن من حرص على الدنيا تراه مشغولاً معذبًا، لا يتلذذ بجمعه لشغله، ولا يفرغ لآخرته، لشدة حبه لدنياه، وتجعله يتنازل عن كثير من دينه في سبيل الحصول على المناصب أو المال، فصاحب الدنيا لا يسلم من الذنوب ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم: «لكل أمة فتنة، وفتنة أمتي المال» [رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح]، فالدنيا دارُ من لا دار له، ولها يجمع من لا عقل له، وفي هذا يقول الناظم:


أموالنا للميراث نجمعها



ودورنا للخراب نبنيها


والحاصل: أن فتنة المال فتنة عظيمة، قل من ينجو منها، وقد عدَّ العلماء للمال خمس فتن:



1- من ناحية كسبه وتحصيله: فيأخذه من حله وحرامه، كالربا، والرشوة، والغش، وبيع المحرمات، والأيمان الفاجرة، وعدم الوفاء بالعقود.


ولا شك أن بيع المسلم للمسلم لا غش فيه ولا خيانة، ففي الصحيح: «البيّعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما» [رواه البخاري]، ومن علم في بضاعة عيبًا وكتمه فبشره بمحق البركة، ولذلك كان التاجر الصدوق الأمين الذي يتقي الله في كسبه في أعلى المراتب كما في حديث السنن المشهور.


2- ومن فتن المال من ناحية إنفاقه تسأل سؤالين: «من أين؟ وفيم؟».


3- الانشغال بجمعه وتنميته عن طاعة الله: فلا ترى طالب الدنيا إلا معذبًا مشغولاً، فلا يُسر بجمعه، ولا يتلذذ به، ولا يفرغ لطاعة الله، يقول بعض الفضلاء: بعض الناس يعيش في البقالة فيأكل ويشرب وينام ويموت بالبقالة، فلا تراه في طاعة الله إلا نادرًا، وقد وصل الحال ببعض طلاب الدنيا أثناء الاكتتاب في الأسهم أن يؤخروا الصلاة عن وقتها بل تركها بعضهم.


4- منع حقوقه الواجبة والمستحبة: أما الزكاة، فلا يجوز تأخير إخراجها يومًا واحدًا، وقد وصل الحال بالبعض أنه قد يبني مسجدًا كبيرًا وعنده في ماله زكاة لم يخرجها، وكذلك بخل البعض بالصدقة، مع أنه ليس له من ماله: «إلا ما تصدق فأمضى».

5- حمل صاحبه على الطغيان والبطر: }إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى{ [العلق: 6، 7].


وإذا عرف هذا، فتعالوا نرى عقوبات المال الحرام، وهي خمسة:



1- عدم استجابة دعائه: ومن الذي يستغني عن الله طرفة عين؟! فقد يحصل لك مرض أو مشكلة فتدعو فلا يستجاب لك، ففي الحديث: «يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام، وغذي بالحرام؛ أنى يستجاب له».


2- إذا أنفقه على أهله لم يبارك له فيه.


3- إذا تصدق منه لم يقبل منه ولو بنى المسجد الحرام؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا.


4- إذا غذي الحرام أحدث له وهنًا في جسده وقلبه في طاعة الله، فتجده من أكسل الناس في طاعة الله، ومن أجلدهم في اللهو واللعب.


5- أما عقوبة الآخرة: «فأيما لحم نبت من سحت فالنار أولى به».


والحاصل من هذا كله: أن حب الدنيا رأس كل خطيئة، وسبب كل نقص، وتجر للرذيلة والغفلة.


فإن تنجُ منها تنجُ من ذي عظيمة




وإلا فإني لا أخالك ناجيًا





العاشر: طلب العلم الشرعي والعمل به والدعوة إليه: فقد دلت نصوص الكتاب والسنة على شرف العلم والعلماء، يقول الله تعالى: }هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ{ [الزمر: 39]. وهنا }هَلْ{ بمعنى (لا)، أي: لا يستوي.


وفي الحديث: «وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع»، وفي الحديث: «وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب»؛ لأن العبادة نفعها قاصر، والعلم نفعه متعدًّ. وسُئِل الإمام أحمد عن أي شيء أفضل: العلم أم الجهاد؟ فقال: لا شيء يعدل العلم، فالعلم جهاد والعلم عبادة؛ ولذلك جعل الله العلماء ورثة الأنبياء، ووالله لو ركع الراكعون وسجد الساجدون وسبَّح المسبحون فلن يبلغوا فضل العلماء العاملين والهداة المخلصين الذين يقولون بالحق وبه يعدلون، فلا شك أن عظمت منزلته عند الله، ولا يزال العبد يطلب العلم حتى يرفعه الله الدرجات العُلى في الجنة؛ لأن الله يرفع درجات أهل العلم والإيمان في جنته }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ{ [المجادلة: 11]، فوالله ما أمرت بأمر مما بينه الله إلا كان لك مثل أجورهم.


حتى إذا طلب العلم حمل همّ العمل به، ثم حمل همّ البلاغ إذ هي أعظم مراتب الدين، ومن أعظم مقومات الثبات على الهداية؛ لأنه مقام الأنبياء }وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ{ [فصلت: 33]. ولذلك ضرب العلماء لحب الخير والإيمان مثل قلب كلما ازداد إيمانًا ازداد حبًّا للخير؛ لأن القلب مثل إناء، طالما هو ممتلئ يفيض على من حوله، لكن إذا لم يمتلئ لا يمكن أن يفيض، لأنه أول ما يمتلئ الإناء يبدأ يفيض، وعلى قدر اندفاع الماء على من حوله يمتد لأماكن كثيرة وبعيدة، وعليه فطالما العبد لا يحرص على نقل الهداية للغير فلو حلف وأكثر الحلف فإن إيمانه ما كمل، فيوجد أناسٌ ملتزمون لهم عشرات السنين لم يطلبوا العلم، وبدؤوا يعانون من الفتور، ويتحسرون على حلاوة الإيمان التي وجدوها في بداية التزامهم، فنقول لهم: اطلبوا العلم وادعوا إلى الله، فإنك إذا أخذت بيد أحد فإنك سوف تجد الإيمان بقلبك.









رد مع اقتباس
قديم 2015-06-05, 17:55   رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

لكن لماذا؟ الجواب: لأنك تطور نفسك وأنت ما تشعر، فبمجرد أن تهتم بالدعوة ولو بالشريط، أو لا تقرأ أو تسمع حتى تدعو ثم تخاف من المعاصي، فيحرمك الله فتتنزه عن الحرام، ثم تجد نفسك قبل أي موعظة تلهج بالدعاء، وتحرص على قيام الليل، ثم تبحث عن العلم تبلغه للناس، وأثناء بحثك تطلع على علم كثير، الأمر الذي يجعله يزيد من إيمانك، ولم يدع الله نبيه بالزيادة من شيء إلا العلم، فقال تعالى: }وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا{ [طه: 114].


قال شيخنا الطحان حفظه الله ورعاه: ومن أجل أن يكتمل علمك تحرص على آداب طلب العلم، وهي عشرة كاملة، تعمل بستة، وتحذر من أربعة، وهذا لمن أراد أن يتأدب بآداب العلم ويتأسى بصفات أهله، وهذه الآداب أحسن من كتب التربية التي جمعت عن كتب المناحيس أفلاطون ومن لف لفيفه من علماء الهوس والنفس:


أولاً: حسن السكوت: فلا يكثر العبث في مجلس العلم، ولا يعصب ذراعيه، ولا يقرع سنه، ولا يستند إلى حائط، ولا يذكر ما فيه دناءة.
ثانيًا: حسن الاستماع.
ثالثًا: حسن السؤال والاستفسار: لأن العلم خزائن ومفتاحه السؤال، فلا تسأل سؤال اعتراض، ولا تحاول إحراج المعلم ولا إظهار ما عندك، فإذا سألت تقول: أشكل علي كذا، ولا تقل: قال فلان كذا وأنت تقول كذا، فهذا سوء أدب.
رابعًا: حسن الحفظ وتحفظ قليلاً؛ لأن علمًا لا يرحل معك لا ينفعك.
خامسًا: حسن العمل، فليست العبرة بسعة العلم، وإنما العبرة أن ينفعك علمك، فقد تعطى سعة العلم مع قلة العمل، ولكن لا فخر في العلم، فقد تعوذ رسول الله صلى الله عليه وسلم «من علم لا ينفع»، وطلب من الله أن يرزقه علمًا نافعًا.
سادسًا: حسن التعليم: فقد يكون عندك علم، ولكن قد لا يكون عند أسلوب في إيصال العلم للناس، فتحرم خيرًا كثيرًا.


ويحذر من أربعة:



أولاً: ضياع الوقت: فاحرص على وقتك، لأن إضاعة الوقت أشد من الموت، فالموت يقطعك عن الدنيا والوقت يقطعك عن العمل الصالح، فلا تضيع وقتك إلا في علم أو عمل أو دعوة.


ثانيًا: ترك الجدال والقيل والقال والملاحاة: فإنها لا تأتي بخير، جاء رجل في خضم قيل وقال: فسأله بعض الصالحين: كيف صلاتك بالأمس؟ فقال: والله ما خشعت؛ اترك الجدال فإنه يمحق البركة ويقسي القلب، وكم من أناس خذلوا لما طرحوا العلم عند من ليس بأهل له، فقست قلوبهم بالمناقشات مع الجاهلين، فانثر علمك عند من يعرف قدره.


ثالثًا: ترك الوقوع في السلف: فلا خير في هذه الأمة إذا لعن آخرها أولها، يقول الإمام ابن قدامة عن أحد العلماء: وتفكّرت في سبب محق بركة علمه بسبب حبه تخطئة الناس واتباع عيوبهم، قال الإمام مالك: أعرف أناسًا سكتوا عن عيوب الناس، فسكت الناس عن عيوبهم، وأعرف أقوامًا لا عيوب عندهم تكلموا في عيوب الناس فأحدث الناس لهم عيوبًا.


رابعًا: الحذر من مخالطة السلاطين والمترفين: فإن كان فيهم خير اقتربوا منك وقمت بما يجب عليك نحوهم، ومن خالطهم وحضهم بالنصح والصدق ولم يوافقهم على ظلمهم، فلا بأس. انتهى.


فإذا حافظ العبد على هذه الآداب وتلقى العلم بالكيفية الشرعية فعلمه نافعٌ. ويبقى عليه مراعاة هذه الوصايا الثمان.


الأولى: تقوى الله:

لو كان العلم دون التقى شرفًا




لكان أشرف خلق الله إبليس





الثانية: الحرص على ضبط العلم وإتقانه: فما ضر كثيرًا من أهل العلم إلا الشتات والانشغال بالمطولات.
الثالثة: الإخلاص: لأن الرياء أكبر الآفات.
الرابعة: استشعار المسؤولية نحو العلم ونشره والعمل به.
الخامسة: ترك التعصب لبعض المشايخ: فبعضهم يتعصب لشيخه، ففيه يوالي ويعادي، ويستهجن العلماء الآخرين.
السادسة: معرفة قدر العلم: وأفضله علم الشرع لأنك ترث الأنبياء.


قدس العلم واعرف حرمته




لو يعلم المرء قدر العلم لم ينم





السابعة: الحذر من العوائق والمشاغل: فما من عمل صالح إلا جعل الله دونه ابتلاءات وعوائق، وكم من شخص تأخر عن مجالس العلم مرة بعد مرة ويتكاسل حتى حرمه الله!!


الثامنة: احرص على أن تشوب علمك بالعبادة، فكيف يكون الشخص هاديًا وهو ساه لاه.









رد مع اقتباس
قديم 2015-06-05, 18:00   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

الحادي عشر: الحرص على النوافل بعد أداء الفرائض؛لأن من اجتهد بالتقرب إلى الله بالفرائض ثم بالنوافل قربه الله ورقّاه إلى درجة الإحسان، وفيها يقول الله: «ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه» [رواه البخاري]. والنوافل قسمان:



1- ما رغّب فيه الشرع وأكده كالوتر والسنن الرواتب وقيام الليل.


2- والقسم الآخر نوافل مطلقة كالاستكثار من الصلوات عند فراغه، وأفضل النوافل أربعة:



1- قال بعضهم: الوتر لمحافظته صلى الله عليه وسلم عليه سفرًا وحضرًا، ففي الحديث: «إن الله وتر يحب الوتر، فأوتروا يا أهل القرآن» [رواه الترمذي].


وعليه لا ينبغي تركه، قال الإمام أحمد: «من ترك الوتر فهو رجل سوء، ولا ينبغي أن تقبل شهادته»؛ لأن الوتر أقله ركعة، فلا تكلف أحدًا جهدًا أو وقتًا كثيرًا، فالذي يتركها رجل سوء، وأدنى الكمال ثلاثٌ، وورد: خمس، وسبع، وتسع، وإحدى عشرة ركعة، وهو سنة مؤكدة.



2- وقيل: ركعتا الفجر: ففي الحديث: «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها» [رواه مسلم]، وقد تاب رجل بعد سماع هذا الحديث، قال: فتفكرت في بنوك الدنيا وأموالها، فعلمت أن الدنيا وما عليها لا تزن عند الله جناح بعوضة، فضلاً على أن يؤثرها على ما عند الله، وهاتان الركعتان لم يدعهما صلى الله عليه وسلم حضرًا ولا سفرًا، فمن فاتته قبل الصلاة فليصلهما بعدها، أو بعد طلوع الشمس، كله جائز؛ ويكفينا حث النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تتركوها ولو طلبتكم الخيل».


3- السنن الرواتب: فهي من نعم الله أن شرع نوافل يكمل بها الفرائض، وهي اثنتا عشرة ركعة: أربع قبل الظهر، يسلم بين كل ركعتين، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر، ففي الحديث: «ما من عبد مسلم يصلي كل يوم اثنتي عشرة ركعة تطوعًا غير الفريضة، إلا بنى الله له بيتًا في الجنة» [رواه مسلم].


4- وقيل: أربعًا قبل الظهر: لأنه ورد أنها سبب في تحريم العبد على النار، ففي الحديث: «مَن حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار» [رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح]؛ ولأنها ساعة تفتح فيها أبواب الجنة، ففي الحديث: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي أربعًا بعد أن تزول الشمس قبل الظهر، وقال: أنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، فأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح» [رواه الترمذي وقال: حديث حسن].


ومَن فاتته الأربع التي قبل الظهر فليصلها بعد الظهر؛ لأن الراتبة تقضي وصفة القضاء كما في سنن ابن ماجة: «أنه يبدأ أولاً بالسنة البعدية ثم بالسنة القبلية»، قال العلماء: قضاء السنة جائز، فقد قضاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد خروج الوقت كما في صلاة الفجر لما نام حتى طلعت الشمس وهو مسافر.


والراجح في هذه المسألة – والعلم عند الله – أن أفضل النوافل عند الله صلاة الليل وأفضلها الوتر، أما الخاصة بالرواتب، وأفضل السنن الرواتب سنة الفجر، وعليه فتقدم صلاة الليل بالتفضيل المطلق لمكان الإخلاص، ولأنها صلاة خفية وفي وقت الغفلة، وحالات الغفلة في الطاعات أفضل من الانتباه، وكان السلف إذا سافر الرجل يسابق على فراشه، فإذا ناموا قام فصلى وهي ساعة اللذة والراحة، ففي الحديث: «رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته» [رواه أبو داود بإسناد صحيح]، أي أن الله سيرحمه، والعكس كذلك إذا قامت المرأة فأيقظت زوجها؛ لأنهم يؤثرون ما عند الله على الراحة وهوى النفس.



وفُضّل قيام الليل؛ لأنه من أعظم الطاعات التي يراد بها وجه الله، لكن قد يدخلها الرياء، من هنا قال العلماء لما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث ليالٍ وامتنع في الليلة الثالثة، وقال: «صلوا في بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة»؛ فرد الناس للبيوت فجعل أعظم شي في الطاعة من الخير ما جعله في الخفاء، ولذلك ينبغي للمسلم الحرص على صلاة النافلة في البيت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين أنه سيجعل الله خير صلاته في بيته.


وقال بعض العلماء: أن محافظة العبد على نوافله في بيته لها سر عجيبٌ في حصول الخير والسكينة والبركة، وقلة المشاكل، وذهاب شر الشيطان، وذهب جمهور العلماء أن صلاة السنن الرواتب في البيت أفضل سواء القبلية أو البعدية، وهذا على سبيل الندب والاستحباب، لا على سبيل الحتم والإيجاب.


الثاني عشر: تذكر الآخرة:يقول شيخنا محمد المختار: «والله، ما وجدنا أحث على العمل وأرغب في الخير وأبعد الشر مثل ذكر الآخرة، كما قال الله: }الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ{ [البقرة: 46]، ومن أكثر من ذكر الموت والوقوف بين يدي الله دعاه إلى مراقبة الله»، قال الإمام ابن دقيق العيد لما قضى على رجل فقال له: ظلمتني، قال: والله، ما تكلمت منذ أربعين سنة كلمة إلا وأعددت لها جوابًا عند الله.










رد مع اقتباس
قديم 2015-06-05, 18:05   رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

أخرج الإمام الطبراني في الصغير بإسناد حسن عن ابن عمر قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم عاشر عشرة فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، فقال: من أكيس الناس وأحزم الناس ، أي من هو أعقل الناس؟ وقبل أن نسمع الإجابة من النبي صلى الله عليه وسلم، تعالوا نرى من هو أعقل الناس في نظر الناس، إن أعقل الناس عند الناس من عنده وظيفة وسيارة وبيت ومال ومنصب وجاه، وقد ورد في حديث إضاعة الأمانة في البخاري: «يقال له: ما أجلده ما أعقله، ولا يزن عند الله حبة شعيرة».




فتعالوا نسمع إجابة النبي صلى الله عليه وسلم على: من هو أعقل الناس؟ قال: «أكيس الناس: أكثرهم ذكرًا للموت، وأكثرهم استعدادا للموت»، أولئك الأكياس، ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة.


وقال بعض السلف: العاقل من جمع ثلاثًا: مَن ترك الدنيا قبل ما تتركه، وبنى قبره قبل أن يدخله، وأرضى ربه قبل أن يلقاه.


يستكمل العبد ذكر الآخرة بذكر منازلها والقدوم على الله، فكم ملئت القلوب من خشية الله لما تذكرت مضاجع القبور وتذكرت أحوال البعث والنشور ويوم الفزع الأكبر! وكم من قلوب وجلت لما تذكرت موقفها بين يدي الله وسؤاله وحسابه ، حينما تذكرت الحساب ودقته والصراط وزلته!


وكما قال ابن عباس واصفًا أحوال الصحابة لما رأى بعض التخليط في زمن التابعين، قال:« لقد كان أصحاب محمد لهم أعين دامعة وقلوب حزينة، وقالوا: كيف نفرح ونسلى في هذه الدنيا، والموت وراءنا، والقبر أمامنا والقيامة موعدنا، والوقوف بين يدي الله مشهدنا، وعلى الصراط مرورنا؟!» يقول الله تعالى: }وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا{ [مريم: 71، 72].


لا ينجو من النار إلا من أدى فرائض الله ووقف عند محارمه، وقد حذرنا الله من النار فقال: }قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ{ [الحج: 72]، }وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ{ [هود: 17].


ولنا وقفة مع النار:



فإنه قد يتبادر إلى الأذهان بأن جهنم كالنار التي نعرفها في الدنيا ولكنها أشد، فمن أمعن النظر في وصف القرآن لجهنم يعلم أنها تختلف تمامًا عن نار الدنيا، فنار الدنيا إذا ألقيت فيها شيئًا أحرقته فتركته فحمًا، ومن يدخل نار الدنيا يموت فيستريح من ألمها؛ وأما نار جهنم ففيها شجرٌ وماءٌ وفيها ظلٌ، وفيها طعامٌ وشرابٌ، وفيها حياتٌ تعيش فيها، حجمها كالبغال الموكفة، وفيها عقاب، وفيها ثياب، لكن ظلها وطعامها وشرابها كله للتعذيب لا للنعيم، ومن دخلها لا يموت ولا يحيا، فهو في عذاب دائم.


أما شجر النار: فيقول الله تعالى: }شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ{ [الصافات: 64، 65]، وثمر هذه الشجرة قبيح المنظر، ولهذا شبهه برؤوس الشياطين، لأنه استقر في النفوس قبح رؤوسهم؛ ومع خبث هذه الشجرة إلا أن أهل النار يلقى عليهم الجوع فلا يجدون مفرًا من الأكل منها، إلى درجة ملء البطون، فإذا امتلأت بطونهم أخذت تغلي في بطونهم فيجدون لها ألمًا شديدًا، وقال تعالى عن هذه الشجرة في سورة الدخان: }إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ{ [الدخان: 43-46]. ويأكلون من هذه الشجرة الخبيثة حتى تمتلئ بطونهم ولكنه لا يسمن ولا يغني من جوع }فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ{ [الصافات: 66]. فإذا أكلوا من هذه الشجرة الخبيثة اندفعوا إلى الحميم وهو ماء في منتهى الحرارة وفي هذا قال الله: }ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ{ [الصافات: 67].


ووصف القرآن أن شربهم من شدة عطشهم }فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ{ [الواقعة: 55]، أي يشربون شرب الإبل العطاش وهو مرض يصيب الإبل ثم يصب فوق رؤوسهم من هذا الحميم }يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ{ [الحج: 20].


وقد صور لنا رسولنا شناعة الزقوم وفظاعته «لو أن قطرة من زقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معاشهم فكيف بمن يكون طعامه» [رواه الترمذي].


أما ثيابها: ففي جهنم ثياب من نار }قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ{ [الحج: 19].
أما ظلها وظللها: فهي من النار، يقول الله: }وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ{ [الواقعة: 43]، وصفته: }لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ{ [الواقعة: 44]، وهي عاقبة من آثر الدنيا وترفها وأصر على الكفر والمعاصي أما ظللها: }لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ{ [الزمر: 16].


والحاصل: أن الله أخبرنا في كتابه أن الكل سيرد على هذه النار، }وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا{ [مريم: 71]، ثم بين بعدها من ينجو ومن يقع فيها جثيًا، فقال سبحانه: }ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا{ [مريم: 72].


وتقوى الله هي: أداء فرائضه والوقوف عند محارمه، يقول صلى الله عليه وسلم: «إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودًا فلا تنتهكوها» [رواه الدارقطني وغيره].










رد مع اقتباس
قديم 2015-06-05, 18:09   رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

الخاتمــة

بعد معرفة مقومات الثبات على الهداية ماذا يعني أن تكون مهتديًا.


لا شك أن الانتماء للإسلام ليس مجرد شعار يرفع أو قول يقال، إنما هو إيمان وعمل، ففي الأثر: «ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن شيء وقر في القلب وصدقه العمل»، إن الإسلام يفرض علينا أن نعيشه عقيدة وعبادة وأخلاقًا، ويفرض علينا أن نعيشه في نفوسنا وأهلينا وبيوتنا، ويفرض علينا الانتماء له، وإعلان ذلك للناس، كما في قوله تعالى: }إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ{، بعيدًا عن كل المزايدات، متجاوزًا القطريات الضيقة ليجمع المسلمين في كل عصر ومصر بكل ألوانهم وأجناسهم تحت راية التوحيد، لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى.


وقد انقسم الناس إلى ثلاثة أقسام نحو الإسلام:



1- صنف يعيشون فقط للدنيا: فهي أكبر همهم، ومبلغ علمهم، فأصابتهم سكرة العيش وسكرة الغفلة؛ فالدنيا لا تبقى لهم، وليس لهم في الآخرة من خلاق.


2- وصنف يؤمنون بالله وباليوم الآخر ولكنهم ماديون: يحبون الدنيا حبًا جمًا، وقد يمارسون بعض الشعائر الدينية ولكن ليس عندهم انتماء حقيقي للإسلام، لذلك تراهم في وادٍ والإسلام في وادٍ آخر، كما قال الشاعر:



نرقع دنيانا بتمزيق ديننا



فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع


ومن تأمل حياة الصحابة ترى الرجل منهم يسلم ثم يرجع داعية في قومه ويحمل هم الإسلام.


3-وصنف هم المؤمنون حقًا: يدركون حقيقة الحياة، فحققوا الإسلام عقيدة وعبادة وأخلاقًا، في جميع شؤون حياتهم، وعاشوا للإسلام علمًا وعملاً، ودعوة وانتماء، وفيهم يصدق قول الله تعالى: }وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ{ [فصلت: 33]، فعاشوا الإسلام عقيدة وعبادة وأخلاقًا، }وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ{ [فصلت: 34، 35].



أما كيف أكون مسلمًا في عقيدتي؟



أولاً: لا بد أن أؤمن بأن لهذا الكون إلهًا واحدًا خالقًا ورازقًا ومدبرًا حكمًا عدلاً منتقمًا.


ثانيًا: أن أكون مؤمنًا بأن الله لم يخلق الخلق عبثًا، بل خلق الخلق ليعبدوه، وبالإلهية يفردوه.


ثالثًا: أن أكون مؤمنًا بأن الله أرسل الرسل، وأنزل الكتب، ليعرّف الناس بغاية خلقهم ومعادهم.


رابعًا: أن أعرف الله بأسمائه وصفاته، فكل هذا الكون من أرضه إلى عرشه، من آثار أسماء الله وصفاته، فالكل خائف من سطوته وبطشه، ومن عرف الله عظَّمه حق تعظيمه.


خامسًا: أن أحب الله بكل قلبي، }وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ{ [النحل: 53]، فأحبه واذكره واشكره.


سادسًا: أن أتوكل عليه في كل أموري، }فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ{ [هود: 123].


سابعًا: أن أعلم أن الأمر كله لله، وأن الله غالب على أمره، وأن هذا الدين سيبقى ما بقي الليل والنهار، مهما تعاقب الزمان، ومهما كثر أعداء الإسلام، }وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا{ [آل عمران: 120].


أما كيف أكون مسلمًا في عبادتي؟ كما قال الله تعالى: }وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ{ [الذاريات: 56]، ولكن ليس معنى «يعبدون» أي: يصلون فقط، بل معناها: أن تراقب الله في جميع أحوالك، وأعظم واعظ أن تعلم أن الله يعلم جميع أحوالك، فما تقلب ورقة بالمصحف إلا وجدت آية تذكرك بمراقبة الله، فيكون هدفك في الحياة رضى الله فتؤدي فرائضه وتقف عند حدوده.


أما كيف أكون مسلمًا في أخلاقي؟ لا شك أن من أدى حق الله أدى حقوق عباده.


يقول العلماء: إن الإيمان إذا دخل القلب خرج منه جميع أدران الجاهلية، فتجد المؤمن موطأ الكنف، يألف ويؤلف، قريبًا من الناس، سهلاً، كلامه طيب، فلا يلعن، ولا يطعن، ولا يكون فاحشًا، ولا بذيئًا، فتجده تقيًا نقي السريرة، لا حسد، ولا غش، ولا بغضاء، يحب الخير للناس، صدوق اللسان، يفي بعهده ووعده.


أما كيف أكون مسلمًا في بيتي وأهلي؟ فكما قال الله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا{ [التحريم: 6].


من الحقوق الواجبة على المسلم: حقوق الأهل والذرية، فتعلمهم الخير وتأمرهم بالصلاة وطاعة الله، تعلمهم الإسلام وشيم الكرام، وعليك ببذل الأسباب ولا تقل هذا زمان الفتن؛ بل يجب عليك تربيتهم على الخير.


وعليه نقول للجميع: قد ينجو العبد بأولاده، وقد يهلك بسبب أولاده، فكم من إنسان بذل الأسباب في تربية أولاده على الخير حتى وقف في آخر أعتاب الدنيا، وقد أقر الله عينيه بذريته، هنالك يعلم العبد أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، وإذا فرط العبد في تربية أبنائه على الخير يجدهم شذرَ مذرَ، لا يسأل عن أبويه عند المرض، ولا يفرح بهم في حالة الصحة، فيكتوي قلبه بهم، ويرى عاقبة الإهمال والتفريط في تربيتهم، وتعظم حسرته إذا وقف بين يدي الله فيتعلق أولاده برقبته ويقولون: «سله يا رب، رآنا نعصي الله فلم ينهنا، ورآنا لا نحسن الوضوء، فلم يعلمنا، ورآنا نسبُّ ونشتم الناس، ونسهر على المحرمات، فلم ينهرنا؛ خذ حقنا منه»، هنالك يجد المفرط عاقبة الإهمال والتقصير في تربية أولاده على الخير.


هكذا يفرض علينا الإسلام أن نعيشه عقيدة وعبادة وأخلاقًا، نعيشه في أنفسنا وبيوتنا وأهلينا، وفي جميع أمورنا، ويكون انتماؤنا له حبًا وبغضًا، فنوالي من أجل الإسلام، ونعادي من أجله، بعيدًا عن القطرية الضيقة، فلو أسلم رجل من أحد بلاد الكفر يجب عليه بغض بلاده، لأنها بلاد كفر، ووجب عليه حب بلاد الإسلام لأنها بلاد مسلمة، فيكون الحب تبعًا للإسلام وجودًا وعدمًا.


وقد ذكر نحو هذا الكلام الشيخ ابن عثيمين في شرح «رياض الصالحين» في: «باب الإخلاص»، ومن أراد الاستزادة: «كيف أكون مهتديًا؟» فقد ذكر ذلك الشيخ فتحي يكن في كتابه «ماذا يعني أن أكون مسلمًا؟».









رد مع اقتباس
قديم 2015-06-06, 01:54   رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
Lamees DZ
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

يعطيك الصحة










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مقومات, التباث, الهداية


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 00:01

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc