جريمة الإجهاض - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

جريمة الإجهاض

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-04-08, 14:05   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 جريمة الإجهاض

المقدمة
إن الموضوع الإجهاض متشعب الجوانب و متعدد المسائل، أثار نقاش حاد بين مختلف الأنظمة القانونية فهو موضوع يرتبط بموقف الدولة من سلوك الأفراد و مقدار ما تسمح لهم من تصرفات احتراما لحريتهم الفردية، فلو فتحت باب الحريات الفردية بدون أي قيد أو شرط لكنا أمام مجتمع تعمه الفوضى و يحكمه الفساد و العبث و الانحلال لأن هذا الموضوع الخطير مس بالأخلاق و حسن الآداب و قد يلحق الضرر بالمصلحة العامة و أيضا بالمصلحة الفردة، و لهذا كان لا بد على المشرع أن تنظم ساسة جنائية حكمة من خلالها ضمن مصالح الأفراد من جهة و الحفاظ على النظام العام في المجتمع.
و ما نشاهد اليوم في حياتنا اليوميية من تعقد الحياة الاجتماعية و المفاهيم جعلت التشريعات تختلف موافقها اتجاه قضيية الاجهاض فهناك من القوانين من تعترف بإباحة هذا الفعل باسم التقدم و الحرية الشيء الذ دفع بالكثير من الفتات التي حملت سفحا و تريد التخلص من الجنن الذي في أحشائها خشية الفضيحة و العار فترضى أن تجهض نفسها بنفسها أو بواسطة الغير و لهذه الأسباب فإن معظم القوانين اعتبرت هذا الفعل جريمة، فوضحت أركانه، أسبابه، ومونعه، وقررت العقوبة في شأن مرتكبيها، سواء كان بفعله أو بفعل الغير.
و نجد الشريعة الاسلامية شريعة دينية خالصة قد نهت عن الفساد و المنكر و كل ما من شأنه إلحاق الضرر بالشخص و الجماعة، فحرم الله سبحانه و تعالى في العديد من الآيات قتل النفس فيقول جل جلاله: "و لا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق"، لأن إسقاط الجنين هو إهدار لروحه دون وجه حق لكن رغم ذلك نجد الفقه الإسلامي لم يأخذ الحكم على إطلاقه و إنما فسر الوضعية و استنتج أسباب الإباحة، وفق الشرع أخذا بعين الاعتبار الحلال و الحرام و مصلحة الجنين و الأم، كما اقتضتها حكمة الله عز وجل، من هنا حاولنا أن نوضح الفارق بين القوانين و الوضعية و الفقه الإسلامي كنظام قانوني عظيم له طبيعة يسقل و يتميز بها عن سائر النظم القانونية من خلال مختلف المذاهب الشرعية.
و لهذا قمنا في بحثنا هذا بدراسة مقارنة قانونية و شرعية فحددنا أركان الاعتبار الفعل جريمة و أسباب و الموانع و العقوبة في القانون و موقف الشرع اتجاهها.

الفصل الأول : الأركان العامة للإجهاض
يفترض الإجهاض أن يكون هناك حمل حقيقي أي جنين موجود فعلا و أن يقع الإجهاض بفعل يترتب عليه نتيجة معينة هي خروج الجنين قبل موعده الطبيعي، و أن توجد علاقة سببية، بينهما، هذا إلى جانب الركن المعنوي و الذي يتخذ صورة القصد دائما.
و سنتحدث فيما يلي بالتفصيل عن هذه الأركان:
المبحث الأول: محل الإعتداء
محل الإعتداء في الإجهاض هو الحمل، و يطلق الحمل على حالة "المرآة الحامل" و لكن له دلالة أخرى هي المقصودة إذا نظرنا إليه كحمل للإعتداء، و نعني بهذا "الجنين المستكن في الرحم".
و قد تثار في هذا الصدد إشكالية وجود الحمل، من عدمه، إذ أن التشريعات تختلف في نظرتها حول إمكانية أو اعتبار عدم وجود محل الإعتداء، - الجنين- شروعا في الاسقاط، و هذا ما سنوضحه لاحقا فيما يخص العقوبة المقررة للإجهاض.
المطلب الأول: حق المعتدي عليه بالأجهاض
تتفق أغلب التشريعات الجنائية في تحريم إجهاض الحامل لما في ذلك من إعتداء على حق التكوين و النمو بالنسبة للجنين في بطن أمه من ناحية، و تعريض حياة الأم الحامل للخطر من ناحية أخرى.
و من ثمة الشارع لم يحمي حقا واحدا بالعقاب على الإجهاض، و إنما يحمي حقوقا متعددة، أحدهما، رئيسي و بعضها ثانوي، فالحق المقصود بالحماية أصلا هو حق الجنين في الحياة المستقبلية، أي حقه في النمو الطبيعي داخل الرحم حتى ميلاده، كما يحمي القانون كذلك صلاحية أو حق الحامل للإنجاب في المستقبل.
كما اعتنى المشرع في النهاية بحق المجتمع في التكاثر ضمانا لاستمراره و ازهاره. و إجمالا لذلك نجد أن المشرع يحمي ثلاثة حقوق على الترتيب:
• حق الجنين بالدرجة الأولى الحياة
• حق الأم الحامل بالإنجاب
• ثم حق المجتمع بالتكاثر
المطلب الثاني: خصائص حياة الجنين و نهايتها
لقد عالج التشريع الجزائري مسألة حياة الجنين و نهايتها، فعرف الحمل على أنه البويضة الملحقة و عليه يمكن القول بأن الحمل هو البويضة الملحقة منذ التلقيح حتى تتم الولادة الطبيعية، و يتفق هذا التعريف مع النص إذا كان الحمل موجودا فعلا، سواء في أيامه الأولى، أو أنه أصبح جنينا قد اكتمل تكوينه و دبت فيه الروح و تحرك في بطن أمه، أما المقصود من قول من قول المشرع "أو نفترض حملها" فمعناه أن الجريمة تقوم حتى لو كان الحمل غير متقين، و يكون ذلك عادة في الأيام الأولى من تخلف الدورة الشهرية، لدى السيدات، حين ذاك يرجع حدوث الحمل مفترضا أي غير حقيقي.1
و قد ذهب الدكتور "محمد صبحي نجم" إلى القول على أنه "لا يقع الإجهاض إلى على إمرأة حامل في أوقات حملها و الحمل هو البويضة الملقحة منذ التلقيح الذي بين الذكر و الأنثى و التي يتكون منها الجنين شيئا فشيئا إلى أن تتم الولادة الطبيعية".2
و قد أخذ المشرع المصري نفس الفكرة بأن حياة الجنين تبدأ بالإخصاب، أي تلقيح الحيوان المنوي، لبويضة المرأة، فبمجرد اندماج الخليتين المذكرة و المؤنثة، يتكون الجنين، و يستحق الحماية، و تنتهي حياة الجنين لتحل محلها الحياة العادية، حينما تبدأ عملية الولادة الطبيعية أو المبسترة لا حينما تنتهي.
و ينحصر مجال الإجهاض في الفترة ما بين الإخصاب و بداية الولادة فلا إجهاض قبل الإخصاب و لا إجهاض بعد عملية الولادة، ولو كانت لم تنته بعد، و يترتب على هذا التمديد النتائج التالية:
لا تعد إجهاضا جميع الأفعال التي تستهدف الحيلولة دون الإخصاب أي فعال "منع الحمل و لا تفرقة في هذا الشأن بين أفعال، تبتغي منع الحيوان المنوي من الدخول في جسم المرأة"، و أفعال تفترض دخوله، و تستهدف منعه من الوصول إلى البويضة أو منعه من تلقحيه.
و لا تعد إجهاضا جميع الأفعال التي ترتكب بعد بداية عملية الولادة، و لو كان ذلك أثناءه أو تمس حياة المولود أو سلامة جسمه، و إنما تعد قتلا أو جرحا، إذ قد صارت له حياة عادية يحميها الشارع في النطاق المعتاد، و طوال الفترة التي تمتد خلالها حياة الجنين، و يتصور ارتكاب الإجهاض، فلا يشترط أن تمضي مدة معينة على الإخصاب أو أن يبلغ الجنين درجة معينة من النمو، فالأجهاض قد يرتكب و الحمل في ساعاته الأولى و حياة الجنين وقت ارتكاب الإجهاض شرطا لتصوره. 1
و هناك رأي راجح في الفقه الفرنسي مؤبداه إلى أن جريمة الإجهاض تقوم و لو لم يثبت أن الجنين كان حيا أو قابلا للحياة و غني عن البيان أن منع الحمل قبل حدوثه بالفعل لا يعد إجهاضا حتى و لو تم ذلك بعملية جراحية، بل يعد عقما. 2
المطلب الثالث: نطاق الحماية الجنائية للجنين
لقد بسط الشرع الجزائري حمايته على الجنين سواء كان قد اكتمل تكوينه و سارت فيه الروح أو كان في طور التكوين السابق لتلك المرحلة في الشهور الأولى من الحمل، أو حتى لو كانت البويضة مخصبة، أي ملقحة من الأيام الأولى من الحمل، تلك الأيام التي يكون الحمل فيما محتملا و لكنه غير متقين، بل و نلاحظ أن المشرع قد جرم فعل الإجهاض في الحركة التامة و الشروع سواء كان الحمل موجودا أو غير موجود، و قد اعتبر عملية الإجهاض جريمة حتى و لو كانت مستحيلة، استحالة نسبية بسبب الوسيلة المستخدمة، أو استحالة مادية مطلقة إذا كانت هذه الاستحالة راجعة إلى موضوع الجريمة ذاته وهو عدم وجود الحمل سابقا. 1
و لقد حرص التشريع المقارن على تجريم الاعتداء عليه، بل جرم تهديده بالخطر، فاعتبر الإجهاض متحققا بإخراج الجنين من الرحم قبل الموعد الطبيعي لولادته، و لو خرج حيا و قابلا للحياة، فالغالب فيمن يخرجون من الأرحام قبل الموعد الطبيعي أن يكون الموت مصيرهم، و إن كتبت لهم الحياة فهي في الغالب حياة قصيرة، مثقلة بالضعف و المرض، بالإضافة إلى أنه لا يجوز أن يكون الفيصل بين العقاب و عدمه بضع ساعات أو بضع أيام يحياها المولود، عقب خروجه من الرحم.
و قد حمى التشريع المصري الجنين في مواجهة أمه على الرغم من أنها مصدر حياته، و بينهما صلة عضوية وثيقة، فعاقبها إذا أتت فعل الإجهاض2، و لم يجعل من رضائها به سببا لإباحته و استبعد أسباب عديدة لإباحة الإجهاض و قد أكدت محكمة النقض المصرية ذلك، عندما رفضت إباحة إجهاض الجنين الذي لم يتجاوز عمره أربعة أشهر، فاعتبرت الإسقاط جنائيا ولو ارتكب قبل أن يتشكل الجنين أو تدب فيه الحركة، و لا يشترط لتحريم أفعال الإجهاض أن يترتب عليها خروج الجنين ميتا من بطن أمه و إنما يكفي أن يترتب عليها خروج الجنين قبل موعد ولادته الطبيعي، و لو خرج حيا قابلا للحياة، و العلة في ذلك أن المشرع أراد حماية الجنين من أي خطر يهدد حياته، و لأن خرج قابلا للحياة، و العلة في ذلك أن المشرع أراد حماية الجنين من أي خطر يهدد حياته، و لأن الغالب هو أن الجنين الذي يخرج من بطن أمه قبل ولادته الطبيعية يكون الموت مصيره. 3
و رغم أن معظم الدول تقرر الحماية للجنين إلا أنه هناك في بعض الدول في التشريع المقارن، فمنها من أباحت الإجهاض و منها من شجعت عليه – مثل ما فعلت الحكومة الصينية- فما أقره مؤتمر قانون العقوبات الدولي المنعقد في لاهاي عام 1964 و الذي جاء بتوصيات منها، "يجب الإكثار من عدد الحالات التي يباح فيها الإسقاط في الدول التي تعاقب عليه". 1
المبحث الثاني: الركن المادي للإجهاض
هناك ثلاثة عناصر للركن المادي للإجهاض، أولا فعل الإسقاط و النتيجة الإجرامية و المتمثلة في موت الجنين أو خروجه من الرحم قبل الموعد الطبيعي لولادته، و لو خرج حيا و قابلا للحياة، و العلاقة السببية بينهما.
المطلب الأول: فعل الإسقاط
ينشأ فعل الإسقاط في جريمة الإجهاض من استعمال الطرق و الأعمال العنيفة، و أي وسيلة تؤدي إلى اسقاط الجنين و إنزاله، المادة 304 قانون العقوبات الجزائرية: "كل من أجهض ارمأة حاملا أو مفترض حملها بإعطائها مأكولات و مشروبات أو أدوية أو باستعمال طرق أو أعمال عنف أو بأي وسيلة أخرى سواء وافقت على ذلك أو لم توافق أو شرع في ذلك...."، فوسائل الإجهاض كثيرة و متعددة فقد يلجأ الجاني في الإجهاض إلى إعطاء مأكولات و مشروبات أو أدوية و عقاقير طبية، أو حقن طبية أو آلات ميكانكية باستعمال العنف كالقفز من مكان مرتفع أو ممارسة رياضية عنيفة أو حمل الأثقال و التدليك و الحمامات الساخنة أو قد تلجأ المرأة الحامل إلى إجهاض نفسها بارتدائها ملابس ضيقة إو إلى الرقص العنيف 2 و ما إلى ذلك من الوسائل و الطرق، و الأعمال التي تؤدي إلى الإجهاض إلى غير ذلك من الأمثلة فقد تكون الوسائل كيميائية بإعطاء الحامل مادة تحدث تقلصات في عضلات الرحم يكون من شأنها إخراج الجنين.
و الإجهاض في الصورة الأولى "جريمة ضرر" و في الثانية "جريمة خطأ".
و قد ذهبت محكمة النقض المصرية في ذلك أن أركان الجريمة تتوافر و لو ظل الحمل في الرحم الحامل بسبب وفاتها و ليس باستعمال القانون لفظ الإسقاط، ما يفيد أن خروج الحمل من الرحم في مثل هذه الحالة ركن من أركان الجريمة.1
المطلب الثالث: العلاقة السببية
يجب أن تتوفر رابطة السببية بين فعل الإسقاط و موت الجنين أو خروجه قبل موعده الطبيعي للولادة بأن يكون الفعل الذي أتاه المتهم سببا في النتيجة المذكورة فإذا ارتكب المتهم فعل الإجهاض بإيذاء أو غيره و لم تحدث النتيجة، و إنما حدث الإجهاض بعد ذلك نتيجة إصابة الحامل بإصابة سيارة مثلا، فلا تتوفر أركان الجريمة، لعدم توفر علاقة السببية بين فعل المتهم الأول، و إجهاض المجني عليها.
و يخضع تحديد العلاقة السببية للقواعد العامة من حيث توفرها من عدمها للسلطة قاضي الموضوع ولا رقابة عليه من محكمة النقض، في ذلك إلا إذا أخطأ قاضي الموضوع في القول بأن شيئا معينا يصلح بأن يكون نتيجة أو لا يصلح.2
أما عن الشروع فقد نصت عليه المادة 262 قانون العقوبات المصرية بقولها: "أنه لا عقاب على شروع في الإسقاط" و علة ذلك فيما يبدو أن حق الجنين يم ينله اعتداء فتضاءلت بذلك الأهمية الاجتماعية للفعل بالإضافة إلى أن البحث في جرائم الإجهاض يكشف عن أسرار عائلية و أخلاقية من المصلحة المحافظة و التستر عليها إذا لم يحدث الإجهاض فعلا.
و يرى الدكتور نجيب حسني ان المساهمة الجنائية في الإجهاض تقتضي تطبيق القواعد العامة ما لم يرد في القانون نص يقضي بما يخالفها.
أو باعطائها مادة قاتلة للجنين، و قد تكون الوسائل الميكانيكية كالدفع بالآلة أو أداة إلى الرحم تخرج الجنين أو تقتله أو توجيه الأشعة إلى الجسم الحامل يكون من شأنها إخراج الجنين و قتله و فعل الإسقاط قد يصدر عن غير الحامل و قد يصدر عن الحامل نفسها، و قد يرتكب برضائها أو بناء على طلبها أو على الرغم منها، و قد يكون هذا الفعل إيجابيا وهو الصورة المألوفة له و قد يكون سلبيا، متمثلا في امتناع الحامل عن الحيلولة دون اتيان الغير فعل الإجهاض على جسمها، و قد عنى القانون هذه الصورة، حين أثار في المادة 262 من قانون العقوبات المصرية المرأة التي :"مكنت غيرها من استعمال وسائل الاسقاط و ليس من عناصر فعل الإسقاط أن تظل الحامل على قيد الحياة بعد ارتكابها فعل الاسقاط، و بناء على ذلك يرتكب هذا الفعل، بقتل الحامل نفسها، إذ من شأن ذلك القضاء على مصدر حياة الجنين، مما يفضي بالضرورة إلى موته". 1



المطلب الثاني: النتيجة
تطبيقا لنص المادة م 304 قانون العقوبات الجزائري، أن يؤدي فعل الإسقاط إلى تحقيق النتيجة، و هي إنزال الجنين قبل اكتمال مدة الحمل الطبيعية حيا أو ميتا أو لا يؤدي إلى تحقيقها مما يعد شروعا، و حتى إذا لم تكن المرأة حاملا، أي لو كانت الجريمة مستحيلة، تقوم الجريمة بحسب هذا النص.
و تتخذ النتيجة في جريمة الإجهاض إحدى الصورتين:
• موت الجنين في الرحم، و يتحقق بذلك الاعتداء على حقه في الحياة، أما الصورة الثانية فهي خروج الجنين من الرحم قبل الموعد الطبيعي لولادته، و تتحقق هذه الصورة و لو خرج الجنين حيا و قابلا للحياة، إذ يتحقق بذلك الاعتداء على حق الجنين، في النمو الطبيعي و الولادة الطبيعية، و تتشابه الصورتان فإذا قتل الجنين في الرحم فمصيره أن يخرج منه أي أن بقاؤه فيه يهدد صحة الأم، بأشد الأخطار، و من ناحية ثانية فإن الجنين الذي يخرج من الرحم قبل الموعد الطبيعي لولادته نادرا ما يعيش طويلا، فعدم اكتماله لنموه يجعل منه غير معد لمواجهة ظروف الحياة في الخارج.
و يفضي تطبيق هذه القواعد إلى النتائج التالية: "يعتبر فاعلا من يجهض امرأة دون علمها أو دون رضاها، و لا يعتبر من هذا التكييف أن يكون له في جريمته شركاء، أو أن يساهم معه فيها شخص يقوم مثله بدور رئيسي فيها، إذ يتعدد بذلك فاعلو الجريمة، و تعتبر المرأة فاعلة إذا أجهضت نفسها و ذلك تطبيق للقواعد العامة، و لكنها تعتبر كذلك فاعلة إذا سمحت للغير أن يجهضها و هذا الحكم يبرره أن لها السيطرة على المشروع الإجرامي مما يعني توفر نية الفاعل لديها.
و يترتب على اعتبار المرأة فاعلة لجريمة إجهاضها نفسها أنها إذا مكنت طبيبا من إجهاضها فلا يعتبر شريكة له، و لا توقع عليها تبعا لذلك العقوبة المشددة التي تنص عليها المادة 262 قانون العقوبات المصرية و إنما تعتبر فاعلة لجريمة أخرى متميزة.
و إذا كانت المرأة راضية بالإجهاض فإن موقف الغير الذي يساهم معها في جريمتها يتحدد على أساس نوع الأفعال التي صدرت عنه و لهذا فإن الشارع قد وسع من نطاق فكرة الفاعل في الإجهاض، فقد اعتبر من اقتصر نشاطه على دلالة "الحامل" على وسائل الاسقاط فاعلا كما نصت عليه المادة 261 قانون العقوبات المصرية.
و يبرز هذا التوسع أن دلالة الحامل على هذه الوسائل هي المرحلة الصعبة و الأساسية في المشروع الإجرامي مما يقتضي اعتبار القائم بها صاحب الدور الرئيسي فيه، أما استعمال الحامل لها فهو في ذاته أمر يسير.
المبحث الثالث:
تعتبر جرائم الإجهاض من الجرائم العمدية التي يجب أن يتوفر فيها القصد الجنائي العام فلا يقع الإجهاض لمجرد خطأ و لو كان جسيما كما تتطلب جرائم الإجهاض كذلك قصدا خاصا هو تحقيق نتيجة معينة بذاتها تتمثل في موت الجنين أو خروجه قبل موعده الطبيعي.
المطلب الأول: العلم
يجب أن يعلم المتهم أن المرأة الحامل، فإن ارتكب الفعل الذي ترتب عليه إجهاضا جاهلا أنها حامل فلا يتوفر لديه القصد، و يجب أن يتوفر هذا العلم لحظة الفعل، فإن كان جاهلا للحمل وقت الفعل ثم علم به بعد ارتكاب الفعل، فلا يعد القصد متوفر لديه، و تطبيقا لذلك، فإن من ضرب امرأة يجهل أنها حامل أو قذف بها من مكان مرتفع فترتب على ذلك إجهاضا، فلا يسأل عن الإجهاض ولو علم بعد فاعله بالحمل وحصول الإجهاض. و يجب أن يعلم المتهم أن من شأن فعله إحداث الإجهاض فمن أعطى حاملا مادة يعتقد أنها لا تضر بالجنين أو يعتقد أنها تساعد على نموه أو حرضها على ممارسة رياضة عنيفة دون أن يرد إلى خاطره أنها قد تحدث الإجهاض لا يسأل عنه إذا حدث.
و يتعين ان يتوقع وقت فعله حدوث النتيجة الإجرامية و هي موت الجنين أو خروجه من الرحم قبل موعده الطبيعي لولادته، و تطبيقا لذلك لا يتوفر القصد لمن أعطى حاملا مادة لتستعملها كدهان الجلد ولم يكن متوقعا أنها سوف ستتناول بالفم، و يترتب على ذاك إجهاضا لذا يعاقب كل من حرض حاملا على أن تحمل جسما ثقيلا غير متوقع أن يترتب على ذلك إجهاضا.
المطلب الثاني: الإرادة
يتعين أن تتجه إرادة المتهم إلى فعل الإسقاط و إلى قتل الجنين أو إخراجه من الرحم قبل الموعد الطبيعي لولادته، حتى يتولد لديه القصد، و تطبيقا لذلك فإن القصد لا يتوفر لدى من يضرب امرأة لا يعلم أنها حاملا، مريدا مجرد إلامها في بدنها و لا تكون إرادته متجهة إلى إجهاضها، أو من يفض شجارا تشترك فيه امرأة حامل، فتجهض كأثر لفعل عنيف، صدر عنه في سبيل فض هذا الشجار.
و قد ذهب جانب من الفقه إلى أن المشرع يتطلب إلى جانب ذلك لوقوع الإجهاض قصدا خاصا فالقصد العام تقوم به جريمة الضرب أما القصد الخاص فهو اتجاه نية الجاني إلى نتيجة معينة بذاتها و هي طرد الجنين قبل الميعاد، لكن بعض الفقه ينكر ذلك لأن معنى القصد الخاص لا يتحقق في هذه الجريمة، فالفارق بين القصد العام و القصد الخاص أن الأول يقوم بانصراف علم الجاني إلى أركان الجريمة و اتجاه إرادته إلى الفعل و النتيجة باتجاه علم الجاني و إرادته إلى عناصر أو وقائع أخرى خارجة عن نطاق أركان الجريمة، و الفرض في جريمة الإجهاض أن علم الجاني و إرادته قد اتجها إلى النتيجة التي هي عنصر من عناصر الركن المادي، و على ذلك فالقصد في هذه الجريمة قصد عام و خاص.
المطلب الثالث: القصد الإحتمالي
قد يثور التساؤل عما إذا كان القانون يعتد بالقصد الاحتمالي للإجهاض، بمعنى أن يتوقع المتهم النتيجة كأثر ممكن لفعله ويقبلها رغم ذلك و مثيل ذلك المرأة الحامل عندما تزاول رياضة عنيفة و تتوقع أن يؤدي ذلك إلى إجهاضها، و ترحب بهذه النتيجة كأثر للفعل فيحدث الإجهاض؟
و يذهب الرأي السائد في القانون الفرنسي و المصري إلى القول بأن القانون لا يعتد بالقصد الاحتمالي للإجهاض، و يعني هذا الرأي، بالقصد الاحتمالي حالة ما إذا لم يتوقع المتهم الإجهاض و لم يرده تبعا لذلك و لكن كان باستطاعته و من واجبه ذلك التوقع مثال ذلك من يضرب امرأة حامل، مريدا مجرد إيذائها فيترتب على ذلك إجهاضها، و يثبت أنه كان باستطاعته و من واجبه أن يتوقع ذلك و يتسع هذا الوضع لفرضين:
 أن يكون المتهم غير عالم بالحمل، و لكن باستطاعته أن يعلم به،
 و أن يكون عالما غير متوقع الإجهاض، و إنما باستطاعته ذلك التوقع.
و في هذا الصدد وافق الدكتور "محمود نجيب حسني" على ما خلص إليه الفقه، و لكن رفض حجهم : فالمتهم لا يسأل عن الإجهاض و ليس تعليل ذلك أن القصد الاحتمالي قد توفر لديه و هو غير كافي، ليقوم به الركن المعنوي للإجهاض، و إنما التعليل الصحيح انه لم يتوفر لديه القصد الجنائي في أي من صوره، ذلك أن القصد يتطلب في كل الحالات توقع النتيجة و اتجاه الإرادة إليها، و لا تقوم المسؤولية العمدية عن نتيجة لم يتوقعها المتهم، و لم تتجه إليها إرادته تبعا لذلك، غلا إذا وجد نص استثنائي يقرر ذلك ولا وجود لمثل هذا النص.
و لكن إذا توفر القصد الاحتمالي في مدلوله الصحيح فإن جريمة الإجهاض تقوم به، و يفترض القصد الاحتمالي في هذا المدلول، توقع النتيجة كأثر ممكن للفعل ثم قبوله و تطبيقا لذلك. يتوفر القصد لدى الحامل التي تزاول الرياضة العنيفة أو تتعاطى الخمر متوقعة إمكان أن يفضي ذلك إلى جانب إجهاضها، فترحب به لأن الحمل غير مرغوب فيه.
و تمضي في مسلكها فيحدث الإجهاض، و يتوفر القصد كذلك لدى لمن يجري لحامل عملية جراحية دون أن تتوفر لها شروط إباحتها و يتوقع إمكان إجهاضها كأثر للعملية، فيقبل ذلك الإمكان و يمضي في عمله، فيحدث الإجهاض. 1
و قد ذهب رأي آخر إلى عدم الأخذ بنظرية القصد الاحتمالي، فلا تقوم جريمة الإجهاض بضرب امرأة حامل ولو ترتب على الضرب إسقاطها، سواء كان عالما بالحمل أم لا. طالما أنه لم يقصد الإسقاط بالذات، و لا تعدو الواقعة أن تكون ضريا عاديا، إذ أن نظرية القصد الاحتمالي يلزم نص صريح لإمكان الأخذ بها 2، ولا أثر للباعث أي كان نوعه على توفر القصد، فسواء تم الإسقاط بدافع الانتقام أو بدافع مساعدة الحامل على الخلاص من حمل لا ترغب فيه و أن يتم برضائها و بناءا على طلبها، فرضاء المجني عليه لا تأثيرا له على قيام الجريمة.









 


قديم 2011-04-08, 14:06   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 الفصل

الفصل الثاني: عقوبة جريمة الإجهاض أسبابها و موانعها بين الشرع و القانون

نتعرض في هذا الفصل على العقوبة المقررة لجريمة الإجهاض في القانون الجزائري و القوانين الأخرى، و إلى أسباب وموانع العقوبة، كما قسمتها مختلف التشريعات إلى جناية و جنحة، كما سنبحث عن أسبابها و جملة العوامل المؤدية إلى ارتكاب هذا النوع من الجرائم، و علة انتقاء قيام الجريمة في حق مرتكبيها، و كذا موقف الشريعة منها.
المبحث الأول: العقوبة المقررة للجريمة
تختلف العقوبة المقررة لجرائم الإجهاض بين التخفيف و التشديد، كما تتنوع جرائم الإجهاض تبعا للوسائل المستعملة في ارتكاب جريمة الإجهاض أو صفة الجاني في جريمة الإجهاض.
المطلب الأول: جنحة الإجهاض الواقعة من الغير على الحامل
لقد نصت المادة 304 قانون العقوبات الجزائري على أن "كل من أجهض امرأة حاملا أو مفترض حملها بإعطائها مأكولا أو مشروبات أو أدوية أو باستعمال طرق أو أعمال عنف أو بأي وسيلة أخرى، سواء وافقت على ذلك أو لم توافق أو شرع في ذلك، يعاقب بالحبس من 1 سنة إلى 05 سنوات و بغرامة من 500 إلى 000 10دج". كما نصت المادة 261 قانون عقوبات مصري بقولها "كل من أسقط عمدا امرأة حبلى بإعطائها أدوية أو باستعمال الوسائل المؤدية إلى ذلك أو بدلالتها عليها، سواء كان برضاها أو لا، يعاقب بالحبس".
و نصت المادة 317 فقرة 3 من قانون العقوبات الفرنسي على أنه لا أثر لرضاء الأم الحامل على جريمة الإجهاض التي يقوم بتنفيذها الغير بأي حال من الأحوال لأن الإجهاض يكون مجازفة خطيرة على حياة الأم و الجنين وحق الحياة من الحقوق التي لا يجوز التصرف فيها أو التنازل عنها بالرضاء، ويكون الرضاء هما مجرد من كل أثر قانوني و لهذا حرمت المادة المذكورة كل فعل يمس الجنين أو يعرضه إلى الموت أو الهلاك سواء تم فعل الإجهاض برضاء المرأة الحامل أو بدون رضائها.
و اعتبرت المادة 36 من القانون الإنجليزي أن كل شخص يقوم بتنفيذ و إحداث لإجهاض سواء برضاء الحامل أو بدون رضائها يعتبر مرتكبا للجريمة ويتم الإجهاض عمليا بعد مضي 28 أسبوعا على ثبوت الحمل و بعد ذلك بشهرين يولد الجنين حيا فتأتي جريمة قتل الجنين. و إذا رضيت المرأة الحامل للغير أن يقوم بإحداث الإجهاض لها يعتبر هذا الغير فاعل ؟؟؟.1
و وفقا لهذه النصوص تعتبر الجريمة جنحة إذا توفرت الأركان الثلاثة – التي سبق لنا شرحها – و لكنها تتميز عن غيرها من صور جرائم الإجهاض بأمور ثلاثة: أولها وقوعها من غير الحامل، و الثاني وقوعها بأي وسيلة من الوسائل ونحوه من أنواع الإيذاء، و يعني ذلك وقوعها بهدف الإيذاء و الثالث: بأن لا يكون الفاعل طبيبا أو جراحا أو صيدليا أو قابلة.
و يستوي بعد ذلك أن يقع الفعل برضاء الحامل أو بغير رضائها، فرضاء الحامل لا يعتبر سببا لإباحة الفعل إذ يتعلق الاعتداء بحق الجنين في الحياة، وليس للام أن تتصرف فيه.
و قد خرج المشرع عن القواعد العامة في المساهمة في الجريمة إذا اعتبر الجاني فاعلا ؟؟؟؟ في جريمة الإجهاض إذا اقتصر فعله على دلالة الحامل على الوسائل المؤدية للإجهاض، على الرغم من أن هذا الفعل يعتبر وفقا للقواعد العامة مساعدة على الإجهاض، و المساعدة وسيلة من وسائل الاشتراك في الجريمة. 2
و يترتب على اعتبار الجاني فاعلا أصليا في هذه الحالة أن يسأل عن جريمة الإجهاض بمجرد قيامه بدلالة الحامل على الوسائل المجهضة، إذا استعملت الحامل على الوسائل المجهضة، إذا استعملت الحامل هذه الوسائل فانتهى الحمل قبل أوانه.
و يشترط المشرع لهذا الاستثناء أن يدل الجاني الحامل على الوسيلة المؤدية إلى الإجهاض، و يترتب على ذلك أنه إذا دل على شخص يتولى إجهاضها فإن حكم فعله يرتد للقواعد العامة ليصبح اشتراكا في الجريمة، الإجهاض إذا وقعت.
إلا أن المشرع المصري في المادة 261 قانون العقوبات مصري لم يصنف "أعمال العنف" ضمن الوسائل التي حددها لوقوع عملية الإجهاض من طرف الغير، على غرار ما جاء به المشرع الجزائري في المادة 304 و التي أدرج ضمنها أعمال العنف كوسيلة من وسائل الإجهاض و لهذا نرى أن المشرع الجزائري لم يصب حينما أدخل أعمال العنف ضمن الوسائل التي اعتبرها من قبيل الجنح فيما اعتبرها المشرع المصري، أنها ظرفا مشددا في تكيف العقوبة و اعتبارها جناية.
المطلب الثاني: جنحة الإجهاض الواقع من الحامل على نفسها
لقد نصت المادة 309 قانون عقوبات جزائري "تعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبغرامة من 250 إلى 1000دج المرأة التي أجهضت نفسها عمدا أو حاولت ذلك أو وافقت على استعمال الطرق التي أرشدت إليها أو أعطيت لها لهذا الغرض".
كما نصت المادة 262 قانون عقوبات مصري على أن "المرأة التي رضيت بتعاطي الأدوية مع علمها بها، أو رضيت باستعمال الوسائل السالف ذكرها، أو مكنت غيرها من استعمال تلك الوسائل لها و تسبب الإسقاط عن ذلك حقيقة تعاقب بالعقوبة السلفة ذكرها في مادة "261 قانون عقوبات مصري".
كما نصت مادة 302 فقرة 2 من قانون العقوبات الفرنسي على تخفيف عقوبة الأم التي تقوم بإجهاض نفسها أو بالسماح للغير أن يجهضها حتى و لو أدى هذا إلى قتل الطفل بعد ولادته حيا فتوقع على الأم عقوبة أخف من تلك العقوبة التي توقع على الفاعلين الأصليين أو الشركاء بخلاف الأم و كذلك الشأن بالنسبة للأم التي تقوم بقتل جنينها بدافع حب النفس للمحافظة على رشاقتها فتتخلص من هذا الجنين وهو في مرحلة التكوين بعد، فتعاقب الأم بالعقوبة الأخف المقررة لهذه الجريمة و أوضح القانون الإنجليزي هذه الحالة في مادة 36 "كل امرأة حامل قامت بإجهاض نفسها بسوء نية سواء استعملت أي وسيلة أو أداة أو شربت أي مادة أدت إلى إجهاضها. فنص القانون الأردني في مادة 321 على ما يلي "كل امرأة أجهضت نفسها بما استعملته من الوسائل أو رضيت بأن يستعمل لها غيرها من الوسائل تعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات". 1
و لهذا نصت التشريعات كالعادة إلى وجوب توفر الأركان إلى جانب وقوع الفعل من الحامل على نفسها و المعنى المستفاد من صيغة النص ينصرف إلى صورة واحدة تعتبر فيها الحامل فاعلا مع غيرها سواء بفعل إيجابي يتمثل في تعاطي دواء الذي قدمه لها الغير، أو استعمال الوسائل التي عرضها أو دلها عليها، أو بفعل سلبي هو تمكين الغير من استعمال تلك الوسائل.
و لهذه الجريمة صور ثلاث:
 صورة تفترض أن الحامل قد أتت فعل الإسقاط من تلقاء نفسها دون أن يحرضها أو يقترح عليها ذلك أحد، كأن استعملت وسائل الإجهاض دون أن يعرضها شخص عليها.
 وصورة تفترض أنها أتت الفعل 1، و استعملت الوسائل بناءا على اقتراح الغير أو عرضه، وصور تفترض أنها مكنت الغير من إتيان فعل الإسقاط على جسمها و كل التشريعات في هذه النصوص إنما أراد اعتبار الجريمة التي تقع من الحامل على نفسها جنحة انطلاقا من بعض الاعتبارات، لا سيما أنها صاحبة الحمل، و التي قد تتعرض للخطورة بالدرجة الأولى، إلى جانب تدخل إرادة الحامل دون غيرها في إحداث عملية الإجهاض.
المطلب الثالث:
جناية الإجهاض الثانية و التي تنص على ما يلي: "و إذا أفضى الإجهاض إلى الموت فتكون العقوبة السجن المؤقت من 10 سنوات إلى 20 سنة، و في جميع الحالات يجوز الحكم علاوة على ذلك بالمنع من الإقامة" فهنا ظرف التشديد وفاة المجني عليها نتيجة إجهاضها.
كما نصت المادة 260 من قانون عقوبات مصري بقولها: "كل من أسقط عمدا امرأة حبلى بضرب و نحوه من أنواع الإيذاء يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة".
و نصت مادة 36 من قانون العقوبات الإنجليزي على أن يعاقب بعقوبة الموت و السجن مدى الحياة كل شخص يتسبب إجهاض امرأة حامل بسوء نية و بدون رضاها و يؤدي فعله إلى قتل الجنين بعد ولادته حيا يعتبر مرتكب لجريمة قتل الجنين بالعنف 1.
و يفترض المشرع الجزائري لاعتبار جريمة الإجهاض جناية من طرف الغير بأي عمل يفضي إلى وفاة الجنين كإعطائها مأكولات أو مشروبات، أو أدوية مؤدية إلى ذلك. أو أي عمل عنف أو وسيلة أخرى بغض النظر عن موافقتها أو لا.
و تتحقق جريمة الإجهاض عند المشرع المصري باعتبارها جناية بالضرب ونحوه من أنواع الإيذاء كالركل و الدفع و الإلقاء.
اعتداء الجنين و الاعتداء على الحمال في ذات الوقت.
فالنص من ناحية قد جاء مطلقا لا بتوقف التشديد فيه على عدم رضاء الحامل التي أجهضت، و من ناحية أخرى فإن علة التشديد و هي خطورة استعمال العنف تتحقق سواء رضيت به المرأة أو لم ترضى، و من ناحية ثالثة، فإن رضاء المرأة لا يبيح وفقا للقواعد العامة المساس بسلامة جسمها باستعمال الضرب، لذلك نرى أن الفعل يعتبر جناية سواءا رضيت به المرأة بهذه الوسيلة أو لم ترض.
نصت المادة 306 قانون العقوبات جزائري "الأطباء و القابلات أو جراحو الأسنان أو الصيادلة، و كذلك طلبة الطب أو طب الأسنان و طلبة الصيدلة، و مستخدموا الصيدليات و محضرو العقاقير و صانعوا الأربطة الطبية و التجار و الأدوات الجراحية و الممرضون و الممرضات، و المدلكون الذين يرشدون عن طريق إحداث الإجهاض، أو يسهلونه أو يقومون به تطبق عليهم العقوبات المنصوص عليها في المادتين م 304 و م 305 قانون العقوبات جزائري على حسب الأحوال".
و يجوز الحكم على الجناة الحرمان من ممارسة المهنة المنصوص عليها في المادة م 23 فضلا عن جواز الحكم عليهم بالمنع من الإقامة. و تنص المادة 263 قانون العقوبات مصري على هذه الجناية بقولها "إذا كان المسقط طبيبا أو جراحا أو صيدليا أو قابلة يحكم عليه بالأشغال الشاقة المؤقتة"، و قد شدد المشرع الجزائري العقوبة بالنسبة للأطباء و الصيادلة و القوابل لان لدى هؤلاء من المعلومات لفنية ما يسهل لهما ارتكاب الجريمة و إخفاء أمرها مما يشجع على اللجوء إليها. 1
و خطة الشارع العامة هي أن يقابل سهولة ارتكاب الجريمة، بتشديد في العقاب، و بالإضافة إلى ذلك باعث المتهم إلى جريمته، هو الإثراء و ذلك باعث غير اجتماعي، و يغلب أن يكون محترفا، و هذا الاحتراف خطيرا اجتماعيا، فإلى جاني ما يعانيه من تعدد الجرائم أو العود، فهو يتضمن تيسيرا للإجهاض، و تشجيعا عليه، و الشرطان الأخيران من علة التشديد لا يتوفران إذا أجهضت الطبيبة أو من في حكمهما من ذوي الصفة الخاصة نفسها، فلم يبعثها إلى الإجهاض دافع الإثراء، و لا يعتبر فعلها مظهرا للاحتراف.
و المرجع بتحديد صفة الجاني، كطبيب أو جراح أو صيدلي أو قابلة هي القوانين و للوائح التي تحدد اكتساب هذه الصفة و فقدانها، و توفر هذه الصفة كاف بذاته للتشديد، فلا يتطلب القانون عناصر أخرى فيحقق الظرف المشدد، و لو أجرى المتهم الإجهاض دون أجر و كان موقوفا مؤقتا عن ممارسة مهنته أو حرفته و لكن إذا حرم نهائيا من ممارستها فقد زالت عنه الصفقة و لم يعد محل للظروف المشدد.
و صفة الطبيب أو من في حكمه ظرف يغير من الجريمة، و يتأثر به شركاؤه.
- علموا بالصفة وقت ارتكاب الفعل الذي يتحقق الاشتراك به، ولكن لا يتأثر به الفاعلون معه ولا يتأثر بهذا الظرف الحامل التي يجهضها الطبيب برضائها، ذلك أنها لم تساهم معه في جريمته و إنما تعتبر مرتكبة لجريمة مستقلة 1.
و قد حدد القانون المصري للجريمة عند توفر هذا الظرف عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة بين حديها العامين.
و أخيرا نشير إلى تحديد عقوبة التحريض و الشروع و كذا المساهمة في عملية لإجهاض.
فقد نص المشروع الجزائري على عقاب كل من يحرض على عمل الإجهاض أو يدعو إليه في نشرات أو مقالات أو إعلانات أو غير ذلك في المادة 310 ق.ع .جزائري بقوله "يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين و بغرامة من 500 إلى 10000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من حرض على الإجهاض و لو يؤدي تحريضه إلى نتيجة ما و ذلك بأن:
ألقى خطبا في أماكن أو اجتماعات عمومية.
أو باع أو طرح للبيع أو قدم و لو في غير علنية أو عرض أو ألصق في الطريق العمومي أو في الأماكن العمومية أو وزع المنازل كتبا أو كتابات أو مطبوعات أو إعلانات و رسوما أو صورا رمزية أو سلم شيئا من ذلك متعلقا بشرائط أو موضوعات في ظروف مغلقة أو مفتوحة إلى البريد أو إلى عامل توزيع أو نقل.
أو قام بالدعاية في العيادات الطبية الحقيقية أو المزعومة، و إذا كان المشروع الجزائري قد أشار إلى جريمة التحريض بهذا التفصيل فإن المشروع المصري ربطها بجريمة المساهمة إذا اعتبرها أنه "يعد المساهم شريكا إذا اقتصر نشاطه على التحريض أو الإنفاق كمن يعد منزله لتجري فيه عملية الإجهاض يعد شريكا أما إذا اقتصر دور الشريك على مجرد النصيحة فلا يعد ذلك اشتراكا طالما أن ذلك لا يرقى إلى مرتبة التحريض".1
أما فيما يخص "جريمة " عقوبة الشروع في ذلك يعلقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات و بغرامة من 500 إلى 10000 دج و لو وقفت الجريمة عند حد الشروع فالعقوبة هي نفس عقوبة الجريمة التامة لأن الشروع معاقب عليه في القانون كما لو أن الجاني استنفذ كل نشاطه الإجرامي.
كما نص القانون المصري على عقاب الشروع في الإسقط و ذلك بصريح نص المادة م 264 ق.ع. مصري و يختلف في ذلك عن التشرعات الأجنبية التي عاقبت على الشروع كالتشريع الفرنفسي م 317 ق.ع فرنسي، و التشريع الألماني م 208ق.ع فنص المشروع الفرنسي في م 317 ق.ع على أنه: "يعاقب من أجهض أو شرع فيي إجهاض امرأة حامل أو كان يعتقد أنها حامل، و يعني ذلك أن المشروع يعاقب على الشروع ولو كانت الجريمة غيير تامة".2
أما عن عقوبة المساهمة في جريمة الإجهاض فإنه إذا ساهم مع الفاعل في جرائم لأشخاص الآخرين فإنهم يعتبرون فاعلون أو شركاء لدور كلا منهم، فإذا قام المساهم بدور رئيسي كان فاعلا أصليا و يعد المساهم شركا إذا اقتصر نشاطه على التحريض أو الإنفاق .
المبحث الثاني: أسباب و موانع المسؤولية لجرمة الإجهاض
ترد أسباب الإباحة و موانع المسؤولية على جرائم الإجهاض شأنها سائر الجرائم، و لكنها تتسم في جرائم الإجهاض بأهمية خاصة مع طبيعة هذه الجريمة، اجتماعيا و طبيا.
و نتحذث فيما يلي عن الحالات فيها بحث أسباب الإباحة أو موانع المسؤولية في الإجهاض .
المطلب الأول: الحالة الطبية
لقد نصت المادة 308 قانون عقوبات جزائري: "لا عقوبة على الإجهاض إذا استوحبته ضرورة إنقاد حياة الأم من الخطر متى أجراه طبيب أو جراح في غير خفاء و بعد إبلاغه السلطة الإدارية و عليه إذا ثبت أن الحالة الصحية للحامل تقتضي إجهاضها بــأن كون الإجهاض ضرورة لإنقاد الحامل من موت محقق أو محتمل أو أن يكون ضروريا لإنقادها من متاعب صحية، لا تقوى على تحملها أو أن يكون إجهاضها شرط لشفائها من مرض تعاني منه و هنا كون الإجهاض ضروريا لوقاية المرأة من مرض يرجح أن قضي على حياتها إذا استمر حملها، و هنا يكون العمل العلاجي الداع لتخليص الأم من الجنين ضرورة لإنقاذ حياتها من موت محقق أو محتمل بشرط أن كون ذلك على سبيل العلاج الطبي، و أن يجريه الطبيــب، و أن ترخص الأم إجراء هذا العمل العلاجي، فإذا انتفت الإباحة و تعين توقيع العقاب على الطبيب المختص، ولا عبرة بالمتاعب الصحية العادية للحامل، فلا تبيح هذه المتاعب التخلص من الجنين بالإجهاض1.
أما في فرنسا فقد أكد على هذه الحالة الطبية المرسوم المؤرخ في 28/02/1983 و الذي أباح الإجهاض في الحالات الطبية" الإجهاض الإرادي" كما أكد المرسوم على أنه بالرغم من التطور العلمي الملحوظ في المجال الطبي كتوفر موانع الحمل و تفادي هذه العملية – الإجهاض- إلا أنه قد تستدعي في بعض الأحيان إلى إعمال هذه الوسلة، في الضرورة الطبية.
و نظرا لظهور أو التصريح بهذا القرار ظهرت بعض الحركات و المنظمات المنددة لهذه الإباحة و من بينها حركة الفرنسية للتخطيط العائلي و التي نددت بشكل كبير على هذه الإباحة و رفم هذا أكد التشريع الفرنسي و رسميا في 17/01/1975 التصوت و لمدة 05 سنوات عن هذا القرار "الإباحة"، لعود تنظيم هذا الأخيير في سنة 1979 أين ضق نوعا مامن هذه الإباحة.
مما أدى بالحركة إلى التأكيد إلى ضرورة موافقة الحامل، إذا ما اضطر الأمر لهذه العملية ، و كذا وجوب فرض التعويض من طرف الضمان الإجتماع و التأمين على حياة الأم حتى تعطي نوعا من المسؤولية في هذا المجال.
و ابتداء من سنة 1990 زاد نشاط عملية الإجهاض في فرنسا رغم كل هذه التنديدات بروج المسؤولية، ليصوت في الأخير عن قانون سنة 1992 الذ يحدد مدى تطبيق هذه الإباحة و تحديد أسبابها، و موانع المسؤولية لإرتكابها1.

المطلب الثاني: حالة الضرورة
تناول قانون العقوبات الجزائري في المادة 48 منه حكم حالة الضرورة كمانع المسؤولية كقاعدة عامة في جميع الجرائم بقوله :"لا عقوبة على من اضطرته إلى ارتكاب الجريمة قوة لا قبل له بدفعها و بالإضافة إلى ذلك أورد المشرع نصا خاصا ععلى اعتبار أن إنقاد حياة الحامل هو من حالات الضرورة التي لا مسؤولية عنها و بالتالي، لا عقاب عليها لا بالنسبة للطبيب الذي يرتكب فعل الإجهاض و لا بالنسبة للأم التي رضيت بهذا الفعل.2
و ينص المشرع المصري على هذه الحالة في المادة م 61 قانون عقوبات مصري على شروط الضرورة بقوله:"لا عقوبة على من ارتكب جريمة ألجأته إلى ارتكابها ضرورة وقاية نفسه و غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره و لم يكن لإرادته دخل في حلول ولا في قدرته في منعه من طريقة أخرى، فإذا توفرت شروط الضرورة في الإجهاض فإنه يمكن الاستناد إليها، و من أهم شروطها في هذه الحالة أن يهدد الحمل حياة الحامل، أو أن يهدد سلامة جسمها بخطر جسيم، و لايشترط أن يجريه طبيب أو أن ترضى الحامل به و تكون هذه الحالة مانعة من المسؤولية، و لا يحتج بحالة الضرورة لمن كان حملها ثمرة علاقة غير مشروعة – خارج نطاق عقد الزواج- و لما من إرادتها من دخل في حلول الخطر".
المطلب الثالث: الإجهاض برضى المجني عليه
إن الاتفاق العام لدى التشريعات العربية منها أو الغربية هو أن رضاء المجني عليه ليس سببا كافيا لإباحة الإجهاض، و هذا الاتفاق مستمد من خطة الشارع فقد عاقب الحامل إذا جهضت نفسها، و عاقبها إذا رضيت بتعاطي الأدوية أو استعمال الوسائل المؤدية إلى الإجهاض- كما نصت عليه المادة م 304 قانون عقوبات جزائري و كذا م 262 قانون عقوبات مصري و يفسر هذه القاعدة أن الحاق موضوع الحماية ليس للأم حتى يكون لرضائها بالاعتداء عليه ما يبيحه و إنما هو للجنين، فهو غير ذات صفة للتصرف فيه، و بالاضافة إلى ذلك أن للأم رسالة اجتماعية فرضها عليها الشراع، من عناصرها أن تتحمل آلام و متاعب الحمل والولادة، و من ثم لا يكون من حقها أن تتخلى عنها برضائها بالإجهاض.
و في هذا الشأن قد أورد المشرع الأردني العقوبة على من قام بإجهاض امرأة حامل برضاها بقوله: "من أقدم بأي وسيلة كانت على إجهاض امرأة برضاها عوقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات". و كما جاء في نص م 36 من قانون العقوبات الإنجليزي بقوله: "أي شخص يسبب عمدا إجهاض امرأة برضاها بأي وسيلة غير مشروعة أو بإعطائها أي مادة ضارة يعتبر مرتكبا لجريمة الإجهاض" و هذا ما جاء في قانون العقوبات الفرنسي بأنه لا أثر لرضاء الأم إطلاقا في إباحة الإجهاض.
المطلب الرابع: الإجهاض لأسباب أخلاقية و اجتماعية
1) الإجهاض لأسباب أخلاقية:
قد يكون الحمل سفحا فتقدم الأم على الإجهاض إتقاءا للعار و دفاعا عن الشرف فهل هذا يكون سببا لإباحة فعلها؟
يدخل في هذا النطاق أن يكون الحمل ثمرة لجريمة الاغتصاب أو تلقيح صناعي أجري دون رضاء المرأة.
إن سبب الإباحة التي تثيره هذه الحالة التساؤل عن مدى توفر شروطه و الدفاع الشرعي عن الشرف.
نعتقد أن هذه الشروط غير متوفرة لأن الفعل غير موجة إلى من صدر عنه الاعتداء، فقد صدر هذا الاعتداء عن الرجل الذي ارتكب الاغتصاب و لكن الفعل قد وقع عدوانا على حق الجنين، و له في القانون استقلاله عن ذلك الرجل.
و تأبى السياسة الجنائية أن يعترف الشارع بهذا الإجهاض فمن ناحية ليست المرأة بحاجة إليه. فلها حق الدفاع الشرعي ضد الرجل الذي يحاول الاعتداء على عرضها، و لها كذلك الحق في الحيلولة دون الحمل باستعمال الوسائل التي من شأنها ذلك، فإذا ما حصل الحمل كان له الحق في النمو، و الميلاد الطبيعي الذي لا يجوز للحامل الاعتداء عليه، و من ناحية ثانية يخشى أن يؤدي هذا الاعتراف إلى إساءة استعماله حين يكون ثمرة علاقة جنسية، رضيت بها تحفظ. فإذا توفرت لهذا الإجهاض مقتضيات العمل العلاجي، كما لو كانت اللمجني عليها، في الاغتصاب طفلة أو مريضة لا تقوى على احتمال الحمل أو الولادة، أو كان محققا إقدامها على الانتحار أبيح الإجهاض استنادا إلى الاعتبارات الطبية.
2) الاجهاض لأسباب اجتماعية:
و زيادة على ما سبق فإن أسباب الإجهاض تتنوع من أسباب اقتصادية و اجتماعية فنجد أثرها بالنسبة للأسباب الاقتصادية يتحدد انطلاقا من استهداف المركز الاقتصادي للأسرة، كما لو كان عدد الأبناء كبيرا و الدخل قليلا، فيخشى أن يؤدي ميلاد ابن جديد إلى أن يهبط المستوى الاجتماعي للأسرة. إلا أننا نرى أنه لاشك من عدم شرعية هذا الإجهاض، ذلك أنه عند المقارنة بين الأهمية الاجتماعية للمركز الاقتصادي للأسرة و حق الجنين في الحياة يتبين رجحان الثاني "أي حق الجنين" ومن ثم يتعين صيانته بتحريم الاعتداء عليه و لو استند إلى هذه الأسباب و إضافة لهذا أن القول بإباحة الإجهاض يعني الإباحة العامة للإجهاض لدى العائلات الفقيرة دون سواها. لذلك من العسير وضع ضابط يحدد المستوى الاقتصادي الذي يباح الاجهاض محافظة عليه.
أما فيما يخص الأسباب الاجتماعية فهي تتحدد انطلاقا من أثرها في النمو الديموغرافي، كما تؤكد التقارير أن "الصين" كي تحد النسل و فرضت سياسة التعقيم منذ عام 1984م. تحت ذريعة استقرار و النمو السكاني، و تحسين أوضاع الاقليات و إزالة التفاوت الاقتصادي و من أجل ذلك وصل الأمر إلى حد جمع النساء الحوامل من القرى المجاورة و الائي لديهن طفل و أكثر لإجراء عملية الإجهاض لهن و من رفض إجراء العملية تم إجبارها على إجرائها. و أنشئت من أجل هذا الغرض عيادة في كل مستشفى مهمتها مراقبة النساء و تحديد عدد الأطفال.
و قد دفع العديد من النساء و الأطفال حياتهم نتيجة لهذه السياسة كما لم يكتسب الكثير من الأطفال الشرعية حيث تم إنجابهم سرا. و قد حققت هذه الإجراءات التعسفية نجاحا كبيرا في الإقليم، و قد صرح أطباء تحديد النسل الصينيون في الإقليم بأنه في إحدى المدن البالغ عدد سكانها 200 ألف نسمة كان هناك 35 ألف أم تنظر الفحص الحكومي الذي أسفر على إجبار ؟؟؟ سيدة على الخضوع لعملية الإجهاض، و تم إجبار 10708 سيدة أخرى على عمليات التعقيم، و جاء لكي يتم إنجاز نسبة محددة للإجهاض يضطر الإطباء أحيانا لقتل المواليد الجدد للأقليات المسلمة.
و قد استنكر الأمريكيون في العديد من المرات على إباحة الإجهاض حاملين الرايات باللون الأحمر للتذكير بمبادئ التراث و العائلة الملكية كما هو الحال كل عام منذ 22 جانفي 1973 تاريخ صدور قرار المحكمة العليا الذي شرع الإجهاض في الولايات المتحدة الأمريكية من أجل التعبير عن رفضهم المطلق عن الإجهاض.
و الإجهاض من المواضيع التي لا تزال تثير الكثير من الجدل في الويات المتحدة الأمريكية بين مؤيدين و معارضين و لذلك تجمع المتظاهرون القادمون من مختلف أنحاء البلاد رافعين صورا لأجنة ملطخة بالدم و لافتات تندد بالجهاض. 2
و لهذا نجد أن أغلبية القوانين و التشريعات على اختلاف اتجاهاتها و فلسفاتها تتفق على تجريم الإجهاض و تعاقب كل من يقوم به أو يساعد على إحداثه رغم الرضاء و ما يلازمه من ظروف و ملابسات. فحق الحياة حق مقدس للفرد أين ما وجد في أي مكان و زمان نحن نعيش به و لايجوز التصرف به أو إباحة الاعتداء عليه بحجة رضاء المجني عليه أو طلبه.
إلا أننا في الوقت الحاضر نسمع النداء و الاقتراح بإباحة الإجهاض، و نجد أن بعض الدول الأجنبية قد أباحت الإجهاض و رخصت به في كل من السويد، النرويج و هولندا، و طالبت بإباحته كل من ألمانيا، فرنسا، بلجيكا و إيطاليا و ما زال هذا الاقتراح موضوع البحث و الدراسة أما في البلاد العربية طالبت تونس باباحته الإجهاض بصفة مطلقة إلا أنه لم يصدر قانون بذلك للآن، و الرأي الغالب في تونس هو الذي يطالب بإباحة الإجهاض كتبرير لتحديد النسل و كحل للعقبات و الصعوبات الاجتماعية و الاقتصادية.

المبحث الثالث: موقف الشريعة الاسلامية من الإجهاض
بعد ما رأينا موقف التشريعات الوضعية لجريمة الإجهاض، و مدى التقارب بينها في تحديد أركانها و أسباب إباحتها و كذا العقوبة المقررة لها، سنحاول الآن بحث هذا الموضوع من الناحية الشرعية، و التي لاشك أنها عالجت بالتفصيل هذه الجريمة، كما حددت العقوبة "الدية" المقررة لها و هذا باختلاف المذاهب الدينية و لاسيما منها المذهب المالكي، الشافعي و الحنفي، و كذا الظاهري.
المطلب الأول: في المذهب المالكي
جاء في موطأ الإمام أنه قال: "إن فدية الجنين الحرة عشر ديتها، و العشر خمسون دينارا أو ستمائة درهم". و قال :"و لم أسمع أحدا يخالف في أن الجنين لا تكون فيه "الغرة" حتى يزايل بطن أمه و يسقط من بطنها ميتا.
و قال الإمام مالك: "و سمعت أنه إذا خرج الجنين من بطن أمه حيا ثم مات أن فيه الدية كاملة و قال :"و لا حياة للجنين لا بستهلال، فإذا خرج من بطن أمه فاستهل ثم مات ففيه الدية كاملة، ونرى أن في الجنين للآمة عشر ثمن أمه".
و قال الإمام مالك: "و إذا قتلت المرأة رجلا أو امرأة عمدا و التي قتلت حامل لم يقد منها حتى تضع حملها، و إن قتلت المرأة و هي حامل عمدا أو خطأ، فليس على من قتلها في جنينها شيء، فإذا قتلت عمدا الذي قتلها و ليس في جنينها دية، و إن قتلت خطأ فعلى قاتله ديتها و ليس في جنينها دية، و حدث يحي:"أن مالكا سأل عن جنين اليهودية و النصرانية يطرح فقال:"رأى أن فيه عشر دية أمه".
و جاء في "المدونة الكبرى" أنه لو أوصى الرجل لجنين امرأة فاسقطته بعد موت الموصي فيرى:" أبو القاسم أن لا شيء له من الوصية إلى أن يخرج حيا، و يستهل صارخا".
و جاء في "المدونة" أيضا ان البكر الحامل من الزنا يؤخر جلدها حتى تضع حملها، و يجف دمها و تتعالى من نفاسها، و إن كان حدها الرجم تمهل حتى تضع ما في بطنها فإذا وضعت ما في بطنها فإن أصابوا للصبي من يرضعه أقيم عليها الحد و لم تؤخر، و إن لم يصيبو من يرضعه لم يجعل عليها حتى ترضع ولدها. 1
وروى مالك عن ابن شهاب عن سعيد ابن مسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن الجنين يقتل في بطن أمه بـ غرة ...عبد أو ليدة" فقال الذي قضى عليه: طيف أغرم ما لا شرب و لا أكل و لا أسها، و مثل ذلك يطل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن هذا من ؟؟ الكهان". هذا عن الجنين المسلمة، فقال قال صاحب بداية المجتهد، قال مالك: "أن فيه عشر دية أمه".
على من يجب الغرة؟ : يرى مالك و الحسن البصري و البصريون: "تجب في مال الجاني، وروى عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل في الجنين غرة على عائلة الضارب و بأ بزوجها وولدها". أما مالك فقد شبهها بدية العمد إذا كان الضرب عمدا. 2
المطلب الثاني: المذهب الشافعي
جاء في كتاب "الأنوار" أن الموجب في دية الجنين وهو جناية ينفصل منها الجنين ميتا ذو قيود:
القيد الأول: وهو ما يؤثر في الجنين من ضرب و إيجار دواء و تهديد الجديد و شهر السلاح ونحوها و لا آثار للطمة الخفيفة و شبهها.
القيد الثاني: الانفصال فلو ماتت الأم و لم ينفصل الجنين لم يجب الضارب بشيء للجنين، و إن يسمع من البطن طرقا و لو كانت منتفخة البطن فضربها فزاد الانتفاخ أو كانت تجد تحركا في بطنها تزال فكذلك و لا يشترط انفصاله بتمامه، فإذا ضرب بطنها فخرج رأس الجنين و ماتت أمه و لم ينفصل أو خرج رأسه ثم جنى عليها فماتت و جبت الغرة".
القيد الثالث: كونه ميتا، فإذا انفصل حيا و بقي زمانا سالما غير متألما فلا ضمان، و إن مات كما خرج أو بقي متألما حتى مات و جببت دية كاملة على العاقلة استهل أم لا.
و لا يشترط تيقن الحياة لوجوب الدية و لاستقرارها، بل يكفي ما يدل عليها، كالتنفس و امتصاص اللبن، و الحركة القوية كقبض اليد و بسطها و فتح عينيه و تطبيقهما و لا عبرة بمجرد الاختلاج، و لا يشترط بلوغه وقتا يعيش الولد فيه وهو 06 أشهر فما فوقه.
و ماتت المضروبة ثم انفصل ميتا و جبت دية لها و غرة للجنين و انفصل حيا ثم مات و جبيت ديتان ورثت منه إن مات أولا، و يرث منها إن ماتت أولا و لا فرق في وجوب الغرة بين أن يكون الجنين ذكرا، أو أنثى، أو خنثى أو مجهول الحال، كان ثابت النسب أو غيره تام الأعضاء أو ناقصها ولو اشترك اثنان في الضرب قالغرة على عاقلتهما مناصفة، و لو ألقت جنينين و جبت غرتان و لو ألقت حيا أو ميتا فلكل حكمه و لو ألقت يدا أو رجلا أو عينا أو غير ذلك مما يدل على التصور و ماتت و لم ينفصل و جبت غرة، و كذا لو ألقت رأسين أو أربع أيدي أو أربع أرجل، و لو ألقت بيدين و جبت غرتان ولو ألقت يدا أو رجلا ثم انفصل فقيد اليد أو الرجل ميتا بلا اندمال و جبت غرة و إن انفصل حيا فقيدا بلا اندمال و مات و جبت دية كاملة.
و إن عاش فإن قالت القوابل أنها يد من لم تخلق الحياة فيه وجب نصف غرة، و إن قلن أنها يد ممن خلقت فيه الحياة، وجب نصف الدية و كذا إن عرف انفصال اليد بعد وجود الحياة بأن ألقته عقيب الضرب ثم انفصل و إن شك وجب نصف الغرة و إن ألقته بعد اندماله مالم يضمن الجنين حيا كان أو ميتا، أما اليد فإن خرج ميتا وجب نصف الغرة، و إن خرج حيا و مات أو عاش فقيلا و يجب نصف الغرة و قيل يراجع القوابل، و إن انفصل حيا و مات و جبت الدية و إن عاش فحكومة.
و بهذا التفصيل قطع الغزالي، و لو ألقت أولا جنينا كاملا ثم يدا فكذلك الحكم، ولو انفصل بعد الاندمال فلا شيء للجنين.
و تجب الغرة إذا انفصل ما ظهر فيه صورة الآدمي من يد أو إصبع أو ظفر او غيره، و يكفي الظهور بطرف واحد، و لا يشترط في الأطراف كلها، و لم يظهر شيء من ذلك و شهدت القوابل بأن صورة خفية يختص بمعرفتها أهل الخبرة وجبت غرة، و إن قلنا ليست فيه صورة خفية و لكن لو بقي للتصور أو شككنا أنه في أصل آدمي أولا لم تجب الغرة، و ليس في إلقاء العلاقة شيء و لا تجب الغرة القابلة إلا بجنين كامل وهو المحكوم بالاسلام تبعا لأبويه أو أحدهما و بالحرية تبعا لحرية الأم وبسبب آخر مع رقها في نكاح الغرور أو اعتقاق السيد الحمل وحده، فأما المحكوم بالتهود و التنصر تبعا ففيه ثلث غرة المسلم وهو بعير وثلثان فيشتري به غرة إن وجدت و إلا فيعدل إلى قيمة الإبل و المحكوم بالتمجس ففيه ثلثا عشر غرة المسلم وهو ثلث البعير فيشتري به غرة إن وجدت و إلا الإبل أو الدراهم.
و إن كان أحد أبويه يهوديا أو مجوسيا فكجنين الأشرف، ولو جنى على الذمية حبلى من ذمي فأسلم أحدهما ثم أجهضت وجبت غرة كاملة و كذا لو جنى على أمة حبلى فعتقت ثم ألقته ميتا، و للسيد منه الأقل من عشر قيمة الأم و من الغرة، ولو جنى السيد على أمته الحامل الجناية إلى الإجهاض ذكرا كانت أو أنثى. 1
و خلاصة القول قد اشترط الشافعي حالة ما إذا مات في بطن أمه، أن يعلم بأنه قد تخلق و جرى فيه الروح، و فسره بـ:"ما ظهر في وصورة الآدمي من يد و أصبع". و نرجح رأي الشافعي عندما قال أن الأصل براءة الذمة و عدم وجوب الغرة فإذا لم يعلم تخلقه فإنه لا يجب الشيء. و قد أكد الشافعي على أنه تجب الكفارة في الخطأ العمدي.
أما الإمام الغزالي فإنه يرى أن الإجهاض جناية على موجود حاصل قال: "و لها مراتب، أن تقع النطفة في الرحم و تختلط بماء المرأة و تستعد لقبول الحياة، و إفساد ذلك جناية، فإذا صارت مضغة و علقة كانت الجناية أفحش و إن نفخ فيه الروح و استوت الخلقة إزدادت الجناية تفاحشا".
و عن عبد الله قال حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق الصدوق: "إن أحدكم يجمع خلقة في بطم أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم ينفخ فيه الروح و يؤمر بأربع كلمات: يكتب رزقه و أجله و عمله و شقي أو سعيد". 1










قديم 2011-04-10, 19:55   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
zoubour
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية zoubour
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك.










قديم 2011-04-27, 05:41   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
اسماعيل الياس
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










قديم 2011-04-27, 07:55   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
NEWFEL..
عضو فضي
 
الصورة الرمزية NEWFEL..
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










 

الكلمات الدلالية (Tags)
الإجهاض, جريمة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 21:47

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc