حركة بلونيس مؤامرة فرنسية خبيثة لضرب الثورة وتشويه ابناء المنطقة 3 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجزائر > تاريخ الجزائر

تاريخ الجزائر من الأزل إلى ثورة التحرير ...إلى ثورة البناء ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

حركة بلونيس مؤامرة فرنسية خبيثة لضرب الثورة وتشويه ابناء المنطقة 3

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-11-27, 08:56   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
karimzakaria
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










B9 حركة بلونيس مؤامرة فرنسية خبيثة لضرب الثورة وتشويه ابناء المنطقة 3

[IMG][/IMG]
[/IMG [/IMG] حركة بلونيس الخيانية مؤامرة للقضاء على الثورة وتشويه أبناء المنطقة الثالثة.

تناول الدكتور عبد الحميد عباسي في بحثه الذي تضمنه كتابه المشار إليه هنا قضية من أخطر القضايا التي تعرضت لها الثورة وكادت تقضي عليها ،وقد حاول المؤلف جاهدا وبالأدلة الدامغة أن يفضح هذه المؤامرة الفرنسية الخبيثة ويبرئ بعض أعراش المنطقة من دنسها.

[COLOR="Red"] البــحــــــث[/COLOR]


الأوضاع العامة بالمنطقة الثالثة.. ومؤامرة بلونيس

كنت أشرت في مكان آخر من هذا البحث إلى أن المنطقة الثالثة الجديدة بحكم موقعها الجغرافي المهم على خارطة الولاية السادسة ، باتت تشكل بؤرة للأطماع والدسائس والمؤامرات الاستعمارية التي عرفتها الولاية السادسة لاحقا بالنظر إلى أهميتها السياسية والاقتصادية والبشرية والإستراتيجية، فهي تقع بين شمال البلاد جنوبها، ومن هنا فقد كانت هذه المنطقة تمثل بؤرة الاهتمام والتركيز الأولى في خطط السلطات الاستعمارية الفرنسية، ففيها توجد الثروات المنجمية من بترول وغاز وغيرهما مما أسال لعاب فرنسا وجعلها تسعى بشتى الوسائل والطرق لفصل الصحراء عن باقي التراب الجزائري،وفيها أيضا مقر قيادة الثورة، و تتركز القوة الضاربة لجيش التحرير بمراكز قيادتها وتموينها يحميها ويسندها فضاء جغرافي صعب مشكّل في الأساس من سلسلة جبال الأطلس الصحراوي وجبال أولاد نائل وبعض الواحات، يضاف إلى ذلك عامل الكثافة السكانية المناسبة التي توفر بيئة مثالية للاحتضان والدعم والإسناد.
وقد كانت المنطقة الثالثة _ منذ البداية _ رأس الحربة في التصدي لخطط العدو ومؤامراته وإفشالها الواحدة تلو الأخرى، بدءا من زرع حركة بلونيس الخيانية في جسم المنطقة وانتهاء بمشروع فصل الصحراء الذي لاقى مواجهة قوية من قبل قيادة الولاية السادسة ، وقد سمعت فرنسا بوضوح رد العقيد شعباني الصارم و الحاسم على مسألة فصل الصحراء بمقال نشرته مجلة "صدى الجبال" في عددها الثاني الصادر في 1961 عنوانه "مهزلة المهازل" ،وجاءت ترجمته سريعة على الأرض من خلال المعارك العسكرية الشديدة التي احتضنتها جبال المنطقة الثالثة ،كما دعت قيادة الثورة في هذه المنطقة إلى مقاطعة الانتخابات والاستفتاءات المزيفة ، وإفشال الاجتماع المقرر عقده بورقلة للإعلان عن الحكومة الصحراوية المزعومة ، مهددة كل من يشارك في هذه المؤامرة بالإعدام ووصمه بالخيانة الوطنية إلى أبد الآبدين.


إن ما فعلته فرنسا بهذه المنطقة يمكن أن أشبه بما يجري اليوم في الحروب البيولوجية والالكترونية ،حيث لجأت فرنسا إلى خبرائها العسكريين و مخابرها السرية وعُلبها السوداء لتستمد منهم الدعم والنصح والإرشاد وإمدادها بما يقضي على الثورة في هذه المنطقة الحيوية ، فأشاروا عليها وأمدوها بجرثومة خبيثة و زودوها بفيروس مدمر قاتل اسمه "بلونيس" فقامت على الفور بزرعه في جسم هذه المنطقة وعملت على رعايته ومده بكل أسباب الفتك والتدمير، فكانت مؤامرة الخائن " محمد بلونيس" هذه أخطر مؤامرة واجهتها الثورة في هذه الولاية وتحديدا بالمنطقة الثالثة، ولنا أن نتصور ما كان يمكن أن يكون من نتائج وآثار مدمرة على الثورة على امتداد الساحة الوطنية لو قُدّر لهذه المؤامرة أن تنجح وتتجذر.
1. تمرد بلونيس.. أخطر مؤامرة على الثورة وعلى الولاية السادسة:
لم يكن هناك ما هو أسوأ على أبناء المنطقة الثالثة من ذلك اليوم المشؤوم الذي وطئت فيه أقدام الخائن بلونيس أرض الولاية السادسة التي دخلها هاربا مع حفنة من أتباعه قادما من الشمال على اثر الضربات القوية الموجعة التي سددها له العقيد عميروش ولحركته التمردية بنوحي وادي الصومام بالولاية الثالثة حيث هلك معظم أتباعه واستسلم البعض الآخر للثورة فقرر الخائن الهروب جنوبا ، وقد وصل إلى منطقة الجلفة مع نهاية سنة 1956 قبيل استشهاد القائد زيان عاشور بأشهر قليلة ، وفور وصوله حاول فتح قناة اتصال مع سي زيان عاشور مستغلا معرفته القديمة به منذ أيام نضالهما القديم في حزب مصالي الحاج وحركة انتصار الحريات الديمقراطية M.T.L.D ، وكان سي زيان يومئذ قائدا على تلك المنطقة ،طالبا منه الدعم والحماية مدعيا أنه تعرض لمشاكل ومضايقات لأنه من أتباع مصالي الحاج ومن المؤمنين بأفكاره وبرنامجه ، فاستجاب لطلبه قاصرا دعمه له ببعض المؤونة فقط بحسب بعض الروايات .
لكن سي زيان سرعان ما تخلى عنه بعد أن بلغته أنباء عن سلوكه المشين والفظائع والانتهاكات التي ارتكبها أتباعه في أوساط البدو وسكان الخيم، فأمر زيان نائبه عمر إدريس بضرورة طرده خارج حدود المنطقة ،بل و محاربته والتصدي له واستئصال شأفته من المنطقة نهائيا.
غير أن استشهاد سي زيان في 7/11/56 واشتغال الناس بفقدان الزعيم الروحي للمنطقة الذي ترك جيشا يفوق الألف مقاتل تناسوا أمر بلونيس وانشغلوا عنه بموت زيان ، فاستغل هذا الأخير ذلك واستثمر الفراغ الكبير الذي تركه القائد زيان في المنطقة وراح يصطاد السذج والغافلين والمغفلين تحت عباءة الأب الروحي للحركة الوطنية مصالي الحاج، وشرع يبني لنفسه مجدا مزيفا خادعا بين سكان تلك المناطق التي كانت يومئذ تحت قيادة خليفة القائد سي زيان الرائد الشهيد عمر إدريس، وباتت الثورة وجيش التحرير في هذه المنطقة بالفعل بين مطرقة فرنسا وسندان بلونيس.
ولمواجهة الخطر الذي كانت تمثله هذه الحركة الخيانية والتصدي لها والقضاء عليها في مهدها فقد قررت قيادة الثورة بالولاية وضع خطة مُحكمة من شقين أحدهما سياسي والآخر عسكري واتخاذ ما يلزم من إجراءات وتدابير ،وتوفير ما يمكن من مال وسلاح ورجال ،ويقوم الشق الأول من هذه الخطة على:
ـ تكثيف العمل السياسي والإكثار من حملات التوعية في أوساط الأعراش، ورفع معنويات السكان وحثهم على مقاومة هذه الحركة المارقة، وإشاعة روح التنافس بين القبائل للتصدي لها.
ـ العمل على تجديد خلايا الاتصال وتجنيد عناصر جديدة مناضلة غير معروفة للحركة.
ـ اختراق صفوف الحركة، والسعي لدى رؤساء القبائل وأصحاب النفوذ لسحب أبنائهم من صفوف الخائن و محاولة العودة بهم إلى جادة الطريق.
ـ التركيز على الحملات الإعلامية المضادة لفضح الخونة وأعوانهم و وكشف أهدافهم.
ـالعمل على استثمار الانتصارات التي حققها جيش التحرير الوطني على فلول بلونيس وإذاعتها للناس في إذاعة "الجزائر الحرة"، وقد كان لمعركة الزرقا التي وقعت في 25 جانفي 1958 وانتصر فيها جيش التحرير انتصارا ساحقا على الخونة الأثر الطيب على معنويات المواطنين،وقوّى إيمانهم بالثورة و بجيش وجبهة التحرير .
أما الشق الثاني العسكري من الخطة فقد تكفل به وباشر بتنفيذه كل من الرائد عمر إدريس العائد لتوّه من المغرب أواخر 1957 بكتيبتين من الولاية الخامسة، والمتمركز في الجهة الغربية للولاية السادسة ، وسي الحواس المتمركز في الجنوب الشرقي منها بحيث باتت فلول بلونيس بين فكي كماشة ، وقد أعطت هذه الخطة ثمارها ، وظهرت للعيان نتائج تعاون الطرفين لصد المؤامرة، حيث شهدت المنطقة معارك طاحنة مع بلونيس في كامل المنطقة كتلك التي جرت في الفترة بين25 نوفمبر 1957 ، و27 مارس 1958 في مناعة . بوكحيل.المقسم. الزعفرانية.الميمونة.
النسينيسة.جبل امساعد. بوديرين. الجب ، قرون الكبش.. وكانت الزعفرانية وسفوح جبل مساعد مسرحا لأشهر وأعنف هذه المعارك.
ويتذكر المجاهد الطاهر لعجال كيف تمركز بلونيس سنة 1957 في قرية الجب (أولاد سليمان حاليا) في (دار العربي ) بقصد الزحف شرقا نحو الأوراس ،فتمركز جيش التحرير بقيادة علي بن المسعود قريبا من عناصر بلونيس المتمركزة بمنطقة السباعية ودخل الطرفان في اشتباكات عنيفة لمدة ثلاثة أيام انتهت بالقضاء على بلونيس و طرده واستئصال شأفته من تلك المنطقة نهائيا ، ويجدر بالذكر أن بلونيس حاول أثناء إقامتــه القصيــرة بالجب استعمال كل الوسائل الشيطانية لاصطياد ضحاياه والإيقاع بهم في مستنقع الخيانة ، لكـــن حذر المواطنين ويقظتهم وتعاونهم أسقطت خططه وأفشلت حيله، وكدليل على ذلك أذكر هنا روايتين لاثنين من مجاهدي المنطقة نستدل من خلالهما على وعي أبناء هذه المنطقة ويقظتهم و تصديهم الحازم للخائن بلونيس،ومواجهتهم لخططه وأساليبه.
يقول الملازم أول علي مهيري : في آخر سنة 1957 حط جيش الخائن رحاله ونصب خيمه في منطقة بوملال (وادي الشعير)، وما إن أرخى الليل سدوله على المكان حتى تسلل المواطنون إلى تلك الخيم والأمتعة وأمعنوا فيها حرقا ونهبا، فما كان من جيش الخائن إلا الرحيل عن المنطقة في اليوم التالي بعد أن شتم السكان ونعتهم بمختــلف النعوت ،فكان ردهم " ارحلوا عنا فنحن لا نريد المرتدين بيننا" فوقعت هذه العبارة على أسماعهم وقع الصاعقة ، ثم تداولت الصحافة هذا الوصف بعد ذلك، وكان ذلك أول وصف يوصف به جيش بلونيس حسب رأي المجاهد على مهيري.
واستمعت بإمعان إلى رواية طويلة أخرى رواها لي المجاهد(عبد الرحمن عباسي ) - وكان وقتها يعمل مسبلا قبل التحاقه بالجيش - ملخصها أنه دخل ذات يوم إلى مقهى بوادي الشعير يتحسس الأخبار :" فطلبت فنجان قهوة وجلست بالقرب من شخصين وإذا بأحدهما يخبر الثـاني بأن مبعوثا لبلونيس جاء من الجب يحمل رسالتين لكل من (م.ع) و(م.م)،فاتصلت على الفــور بمخلوف بن غضاب نائب محمد قنتار بالزعفرانية وحكيت له ما سمعت ،واقترحت عليه أن يمهلني حتى أتحقق من الخبر رفقة زميلي المجاهد ناصر عبد الحميد الذي وجدته معه لأن أحد المذكورين من معارفه ،فأذن لنا وانطلقنا ليلا نستطلع الأمر حتى وصلنا إلى أحد المعنيين برسالة بلونيس، وكان يثق بنا ثقة تامة ، فحاولنا استدراجه للحديث عن قصة الرسالة بهدوء و بطريقة ذكية، وبعد أخذ ورد اعترف بالواقعة مبديا عدم اكتراثه و تجاوبه مع دعوة بلونيس، فطلبنا منه تمكيننا من رؤية هذه الرسالة على سبيل الفضول فقط ، فأعطانا إياها وكانت ممضاة من طرف بلونيس شخصيا، فأخذناها على الفور وانطلقنا إلى مقر القيادة بالزعفرانية وسلمناها إلى سي مخلوف شخصيا ، و شرحنا له حقيقة الشخصين وإخلاصهما للثورة وأنهما وقعا في أحابيل الخائن عن جهل وسذاجة منهما بدليل أنهما يسددان اشتراكهما بانتظام ويلتزمان بتعليمات وقوانين الجبهة، وبعد بضعة أيام اتصلت بنا قيادة الجيش وأمرتنا بحجز المعنيين في مكان آمن ومنعهما من الحركة ريثما يعود الجيش الذي كان في مهمة خارج مركز القيادة ، وفور عودة الجيش من مهمته داهم ليلا المكان المسمى "عين بيت أمحمد" متنكرا بلباس جيش بلونيس ، وبعد عملية تفتيش وتحقيق أخذ المشتبه فيهما ،غير أن اللجنة البلدية تدخلت و ضمنت فيهما بعد تغريم اللجنة التي ينتميان إليها مبلغا قدره 30 ألف فرنك فرنسي.
هذه هي حقيقة وجود الخائن بلونيس في المنطقة الثالثة وبناحية بوسعادة تحديدا، فحتى وان توفـرت له ولأنصاره بعض موطـئ قدم مؤقتة في بعض أنحاء هذه المنطقة التاريخية ، إلاّ أن جنود جيش التحرير ومن ورائهم سكان المنطقة، ظلوا يطاردونه ويقضون مضاجعه ويكشفون مخططاته ويلحقون به وبفلوله الهزائم تلو الهزائم حتى قضوا عليه و استأصلوا وجوده من المنطقة تماما ، وعلى الذين يريدون الإيحاء بين الحين والآخر إلى قصة " الخائن بلونيس" محاولين تلطيخ جهاد أبناء هذه المنطقة بدنـس بلونيس أن لا ينسوا أو يتناسوا حقيقة أن هذا الخائن طارئ على المنطقة وليس من أبنائها ،و أن نهايتة المحتومة ونهاية مؤامرته قد تمـّا على تراب المنطقة الثالثة، وعلى أيدي أبنائها، وأعتقد أنه لم يعد مقبولا اليوم بأي شكل من الأشكال وتحت أي مبرر من المبررات والبلاد تسلخ أكثر من خمسين سنة من استقلالها الوطني أن تظل لعنة بلونيس وأحداث "زمرة " وغيرها تطارد الأبرياء من عرشي أولاد عامر وأولاد أحمد بن يحي وغيرهما من أعراش المنطقة إلى أبد الآبدين، فهذا الوضع لا تقره قوانين الأرض ولا شرائع السماء ، فربنا عز وجل يقول"ولا تزر وازرة وزر أخرى " ، والقانون الوضعي يقول بمبدأ شخصية الجريمة ومن ثمة شخصية العقوبة في نطاق مسؤولية الجاني حصرا ولا يمكن أن تصيب غيره ، والأمر ذاته ينسحب على قضايا ومآسي مشابهة مثل أحداث" ملوزة " أوبني يلمان التي مازال أبرياء هذه المناطق ممن لم يعايشوا هذه الأحداث أصلا تنوء كواهلهم بثقلها ويتجرعون مرارتها وتبعاتها حتى اليوم ، وكل ما يتطلعون إليه هو اعتراف صحيح صريح وموثق عن حقيقة ما جرى لأسلافهم حتى تهدأ خواطرهم وتطمئن نفوسهم ، وعلينا أن نرتقي بأنفسنا ونؤسس لواقع جديد بمفاهيم ورؤى جديدة ونتجاوز ذلك الشعار الجاهلي القديم "بالجريرة تؤخذ العشيرة"ونعفي أجيال المستقبل من حمْل وزر قضايا لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
2.سقوط المؤامـرة ونهاية الخائن
لم يكن بمقدور بلونيس أن يرسخ أقدامه في المنطقة لو لم تكن هناك غفلة واسترخاء في بادئ الأمر من جانب عمر إدريس لما كان يخطط له جنرال الشر وأتباعه، فبمجرد أن غادر عمر إدريس إلى المغرب في مهمة عاجلة لجلب السلاح حتى أطلق بعض المندسين (العربي مزيــان "القبائلي" ورفاقه) إشاعة اغتيال إدريس من طرف الجبهة، فحاول بلونيس استمالة قادة الكتائب جيش التحرير الغاضبين ليرتب انقلابــا على جيش التحرير الوطني الذي كان تحت قيادة الرائد عبد الرحمن حاشي الخليفـة الذي تركه الرائد عمر إدريس وراءه على رأس قيادة الجيش وتدبير مداهمـة مــــركز "قعيقع"وإلقاء القبض على الرائد حاشي نائب إدريس وأخذ ختم القيادة منه وشرع في استدعاء اجتماع مفبرك ومفخخ للقيادة، وما إن حضــر المدعوون حتى أجهز رجال بلونيس على حوالي 100منهم بين ضابط ومسؤول لم ينج منهم إلا الضابط محمــد بن الهادي المنتمي لعرش الحراكتة، ورغم تعهد بلونيس بضمان حياة هذا الضابط الاّ أنه خان العهد ونقض الوعد وأعدمه في الساحة العامة أمام أعين الأهالي وشيوخ القبائل الذين أبدوا تذمرهم وانزعاجهم وعدم قبولهم لما جرى أمام أعينهم، فما كان من المتمرد بلونيس إلا أن أمر جنوده بنزع عمائم الحاضرين وتعرية رؤوسهم إمعانا في إذلالهم وتماديا في إهانة منطقتهم ، وكانت هذه الحادثة المروعة إيذانا ببداية نهاية مشروع الخيانة وسقوط عرش الخائن وأتباعه وطي تلك الصفحة الخيانية السوداء إلى الأبد ، وهنا ثارت ثائرة جنوده وضباطه من أبناء القبائل المجاورة(عبد القادر الأطرش.بلقاسم نويجم. مفتاح ) تضامنا مع عرش الحراكتة وقرروا إنهاء قصة بلونيس نهائيا وزحفوا إلى وكر الخائن في حوش النعاس ،غير أن المحاولة باءت بالفشل بسبب تفطن الحراس وتصدي ابنة بلونيس "زينب" وحارسته الشخصية للمهاجمين وتمكنها من قتل عبد القادر الأطرش، واستطاع بلونيس الفرار متنكرا في زي امرأة وهو يدرك يقينا أنه أصبح غير مرغوب فيه في معسكره ناهيك عن المنطقة التي عاث فيها فسادا و نهبا وسفكا للدماء، وجلل شرفها وشرف أبنائها بالعار ، وحط الرحال للمرة الأخيرة في سيدي عامر التي كانت مقبرته النهائية ، وهناك ساقه حظه العاثر ، وأجله المحتوم إلى حيث مقتله إذ تفطن لوجوده احد الرعاة _حسب إحدى الروايات_ الذي ظنه سارقا أو قاطع طرق متنكـرا في زي امرأة فأجهز عليه وقتله، وهناك رواية أخرى مفادها أن الذي قتله هو حارسه الذي فر واسمه عمر بن رمضان وهو ما يتقاطع مع رواية زوجة بلونيس التي أشارت فيها "إلى أنه ليلة مقتله كان قد نظّم اجتماعا مع جنوده في منطقة أولاد عامر ، وعقب يوم واحد تأكدوا أن أحد الحراس توارى عن الأنظار واتهم على أنه هو من قتله" وقد يكون هذا الرأي أقرب إلى حقيقة قاتله الفعلي في تصوري، وإذا صحت رواية مصرعه مصادِفة ليوم 14 جويلية 1958 تكون فرنسا قد تلقت هدية غالية ذات رمزية ودلالة بمناسبة احتفالها بيومها الوطني" 14 جويلية " تاريخ انتصارها على الجيوش النازية.
وبمصرع بلونيس انتهت نهائيا أسطورة ذلك الخائن الذي طعن وطنه وشعبه وجللهما بعار الخيانة فاستحق لعنة الله عز وجل " والملائكة والناس أجمعين" ، وبسقوطه سقط مشروع العار والغدر الذي كان يمثله إلى غير رجعة، وأدركت فرنسا وعتاة جنرالاتها rober LACOSTE و SALAN l raoul و JACQUES SOUSTELLE أنها كانت تراهن على جواد خاسر، وأن الورقة التي عولت عليها لضرب الثورة من الداخل قد انتهت بنهاية بلونيس واندحاره وانكسار شوكته"، وانتهى لاكوست وقادته إلى الاقتناع بفشل الحركة، وأصبح هدف القوات الفرنسية هو العمل دون تمكين جيش التحرير من الأسلحة التي زودوا بها جنرالهم المهزوم" وكان الرابح من هذا الاندحار في نهاية المطاف هو الثورة ورجالها وأبناء المنطقة التي عاث فيها الخائن فسادا ودمارا وعربدة ،ويمكن اعتبار سنة 1958 والنصف الأول من سنة 1959
نهاية لقصة بلونيس وهزيمة لقوته العسكرية التي " لم تبق منها الا فلول محتمية بمراكز العدو" و قد شكلت هزيمة بلونيس نصرا سياسيا ومعنويا للثورة التي قويت شوكتها واشتد ساعدها في الداخل، وازداد دعم ومساندة الأشقاء والأصدقاء لها في الخارج،فقد حذرت الحكومة المؤقتة الجزائرية في تصريح لرئيسها سنة 1959 الحكومة الفرنسية من مغبة أي مساس بموارد الصحراء واعتبرت الاتفاقيات المتعلقة باستثمار موارد الصحراء لاغية ،كما انحاز مؤتمر عدم الانحياز المنعقد في القاهرة سنة 1961 إلى دعم موقف الحكومة المؤقتة هذا من قضية الصحراء ، واشتاط العدو الفرنسي غيظا وحقدا وحنقا على الثورة بسبب الانتصارات العسكرية في الداخل و نتيجة للانتصارات الديبلوماسية وللدعم المادي والسياسي الذي تتلقاه من الخارج، فقرر معاقبة الأشقاء في تونس بضرب قرية ساقية سيدي يوسف التونسية ،ودك المناطق الحدودية بالطيران والمدفعية، وإقامة المزيد من الأسلاك الشائكة على طول الحدود لخنق الثورة وعزلها عن عمقها الشعبي الوطني والعربي.
بعد هذا كله نقول..إن بعض الجوانب من قضية بلونيس ظلت غامضة ومعقدة وقد تضاربت فيها الآراء وتعددت بشأنها التحليلات وإن كان الثابت فيها دائما وأبدا هو صفتا الغدر والخيانة، وأيا كانت هذه الآراء والتحليلات ، فالتاريخ لا يجامل أحدا والخيانة خيانة وليست وجهة نظر قابلة للنقاش، وحتى يتسنى للباحث عن الحقيقة أن يجلي طلاسم الغموض فيها سعيا إلى الوقوف على حقيقتها، ينبغي عليه ألاّ ينساق وراء التحليلات المغرضة والمواقف العاطفية المتسرعة ،بل عليه أن يسعى لأخذ المعلومة من أفواه صانعيها ، وهل هناك من هو أصدق حديثا وأدق تعليلا وأعمق تحليلا من قادة الولاية السادسة التاريخية الذين جابهوا وتصدوا بأنفسهم لفلول هذا العميل وجها لوجه إلى أن تم دحره والقضاء عليه، وكانت نهايته ونهاية حركته على أيديهم؟، ومن هؤلاء الرائد عمر صخري أحد قادة الولاية السادسة الذي تناول هذه القضية بشيء من التفصيل في محاضرة له حول تاريخ منطقة بوسعادة .وعن حقيقة هذه الشخصية العميلة الخائنة يقول الرائد صخري : إن التحقيقات التي أجرتها الثورة حول التمرد الذي قام به هذا العميل ،"بينت أن بلونيس تم تجنيده من طرف رئيس دائرة برج منايل ، وهي المنطقة التي وُلد وترعرع فيها بلونيس وقام بتزويده ب 70 بندقية.،" وعن علاقة بلونيس بمصالي الحاج كما يدعي ، يؤكد الرائد صخري أن " الشائع عن بلونيس هو إما أنه من رجالات مصالي الحاج أو من الخونة الذين جندتهم المخابرات الفرنسية لمحاربـــة الثورة ،لكنني أرجح الفرضية الثانية.." ولم يتردد الرائد صخري في اتهام بلونيس صراحة باغتيال العقيدين "ودور جيش العميل في استشهاد القائدين الكبيرين عميروش وسي الحواس في جبل ثامر بالقرب من منطقة بوسعادة" ويبدو واضحا من سرد هذه الآراء أن بلونيس هو صناعة فرنسية مئة بالمائة ، وقد أوجدته لينوب عنها في محاربة الثورة و ليخدم
مصالحها الإستراتيجية الآنية والمستقبلية في الصحراء الجزائرية بكل تأكيد ، وهذا ليس رأي الرائد صخري فقط بل يشاركه في هذا الطرح محللون وباحثون ومؤرخون آخرون على قدر كبير من الدراية وسعة الاطلاع،ذلك أن منطقة الصحراء قد شكلت هاجسا بالغ الأهمية بالنسبة للساسة الفرنسيين و للسياسة الفرنسية في جوانبها الإستراتيجية والاقتصادية ، وسعت بكل الوسائل أن تجعل من الصحراء شيئا لا علاقة له بالأرض والإنسان في الجزائر بل أحالتها إلى حقل لتجاربها العسكرية النووية. وقد تأكد لدى هؤلاء أن هناك اتفاقية مبرمة بين" بلونيس ولاكوست" هدفها تحقيق مطامع فرنسا ومآربها في الصحراء من جهة ، و تفجير الثورة من الداخل وجعل سلاح الجزائريين يرتد إلى صدور بعضهم البعض من جهة أخرى، ولتحقيق ذلك الهدف الخبيث فقد طلب السفاح la coste وبمبادرة من وزير الصحراء .ماكس لوجون. MAX le jeune في الأول من مارس 1957 من الحكومة الفرنسية رصد مبلغ 110 مليار فرنك لإعداد الجيش وشراء الأسلحة والمعدات الكفيلة بالقضاء على الثورة وتأمين الشركات العاملة في الصحراء ، وقد اعتبرت فرنسا بلونيس فرس رهانها وورقتها الرابحة، وأعطته اسم أوليفي olivier، وعمدت إلى تزويده بالسلاح ودعمته بمستشارين و بضباط لهم دراية و تجربة في حرب العصابات اكتسبوها من حربهم في الهند الصينية مثل الضابط "ايمز" والنقيب "ريكول" و " بوبيير" وتم اختيار منطقة "حوش النعاس" القريبة من المطار العسكري كمقر استراتيجي لجيشه بما يحقق أهداف المستعمر المتمثلة في التضييق على الثورة المشتعلة في هذه النواحي واختراق صفوفها والقضاء عليها من جهة، وتأمين خط المواصلات البرية التي تربط حقول البترول المكتشفة حديثا بالصحراء وموانئ التصدير في الشمال من جهة أخرى.
وبخصوص أتباع بلونيس ..وبعد الهزيمة المرة القاسية التي لحقت بهم بموت قائدهم ، فقد حاولوا لملمة شتاتهم وتنظيم صفوفهم من جديد تحت قيادة جماعية مشكلة من :عبد الله السلمي، عبد القادر بن دقمان ،محاد بلعلمي،عبد الرحمن نوي، بشير لغواطي، وكان على هؤلاء الاستمرار في القتال و المواجهة ضد أكثر من جبهة مناوئة : الزيانيون (نسبة إلى القائد زيان عاشور)، جبهة التحرير،فرنسا... الخ، وقد حاولت قيادة جبهة التحرير بأمر من العقيد شعباني ، في الفترة التي تزامنت مع توقيف القتال، إطلاق نداء تدعو من خلاله أتباع بلونيس للانضمام إلى الثورة و استيعابهم داخل صفوف جيش التحرير الوطني مع إمكانية تقلّدهم لرتب و مسؤوليات ، و يروى أن العقيد شعباني استقبل بالفعل عددا محدودا من هؤلاء الجنود بمركز الزعفرانية ومنحهم ألبسة وأسلحة ،وقلد اثنين منهم رتبا عسكرية وهما عبد الله السلمي ، والبداري، وخيّرهم بين الانضمام إلى جيش التحرير أو العودة إلى ديارهم فاختارت الأكثرية منهم العودة إلى ديارهم، لكن بعض المجاهدين لم يهضموا فكرة انضمام بقايا بلونيس إلى جيش التحرير بعد كل الذي جرى،ويذكر المجاهد خليفة محمد المعروف" بحمة طاهر" حادثة عين "الدابة" التي أعدم فيها عبد الحميد خباش عددا منهم دون علم شعباني.

مصدر الدراسة: كتاب منطقة بن سرور..جهاد متصل من الحركة الوطنية الى ثورة التحرير) لمؤلفه:الدكتور عبد الحميد عباسي.









 


رد مع اقتباس
قديم 2015-11-29, 21:00   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
karimzakaria
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










B9 حركة بلونيس مؤامرة فرنسية لتشويه أبناء المنطقة 3

حركة بلونيس الخيانية مؤامرة فرنسية لضرب الثورة وتشويه أبناء المنطقة الثالثة

هذا هو التصور الذي خرج به الدكتور عبد الحميد عباسي في بحثه لقضية بلونيس والضرر الذي نتج عنها بالنسبة للثورة ولسكان المنطقة الثالثة.
الأوضاع العامة بالمنطقة الثالثة.. ومؤامرة بلونيس

من المعروف أن المنطقة الثالثة بحكم موقعها الجغرافي المهم على خارطة الولاية السادسة ، باتت تشكل بؤرة للأطماع والدسائس والمؤامرات الاستعمارية التي عرفتها الولاية السادسة لاحقا بالنظر إلى أهميتها السياسية والاقتصادية والبشرية والإستراتيجية، فهي تقع بين شمال البلاد جنوبها، ومن هنا فقد كانت هذه المنطقة تمثل بؤرة الاهتمام والتركيز الأولى في خطط السلطات الاستعمارية الفرنسية، ففيها توجد الثروات المنجمية من بترول وغاز وغيرهما مما أسال لعاب فرنسا وجعلها تسعى بشتى الوسائل والطرق لفصل الصحراء عن باقي التراب الجزائري،وفيها أيضا مقر قيادة الثورة، و تتركز القوة الضاربة لجيش التحرير بمراكز قيادتها وتموينها يحميها ويسندها فضاء جغرافي صعب مشكّل في الأساس من سلسلة جبال الأطلس الصحراوي وجبال أولاد نائل وبعض الواحات، يضاف إلى ذلك عامل الكثافة السكانية المناسبة التي توفر بيئة مثالية للاحتضان والدعم والإسناد.
وقد كانت المنطقة الثالثة _ منذ البداية _ رأس الحربة في التصدي لخطط العدو ومؤامراته وإفشالها الواحدة تلو الأخرى، بدءا من زرع حركة بلونيس الخيانية في جسم المنطقة وانتهاء بمشروع فصل الصحراء الذي لاقى مواجهة قوية من قبل قيادة الولاية السادسة ، وقد سمعت فرنسا بوضوح رد العقيد شعباني الصارم و الحاسم على مسألة فصل الصحراء بمقال نشرته مجلة "صدى الجبال" في عددها الثاني الصادر في 1961 عنوانه "مهزلة المهازل" ،وجاءت ترجمته سريعة على الأرض من خلال المعارك العسكرية الشديدة التي احتضنتها جبال المنطقة الثالثة ،كما دعت قيادة الثورة في هذه المنطقة إلى مقاطعة الانتخابات والاستفتاءات المزيفة ، وإفشال الاجتماع المقرر عقده بورقلة للإعلان عن الحكومة الصحراوية المزعومة ، مهددة كل من يشارك في هذه المؤامرة بالإعدام ووصمه بالخيانة الوطنية إلى أبد الآبدين.


إن ما فعلته فرنسا بهذه المنطقة يمكن أن أشبه بما يجري اليوم في الحروب البيولوجية والالكترونية ،حيث لجأت فرنسا إلى خبرائها العسكريين و مخابرها السرية وعُلبها السوداء لتستمد منهم الدعم والنصح والإرشاد وإمدادها بما يقضي على الثورة في هذه المنطقة الحيوية ، فأشاروا عليها وأمدوها بجرثومة خبيثة و زودوها بفيروس مدمر قاتل اسمه "بلونيس" فقامت على الفور بزرعه في جسم هذه المنطقة وعملت على رعايته ومده بكل أسباب الفتك والتدمير، فكانت مؤامرة الخائن " محمد بلونيس" هذه أخطر مؤامرة واجهتها الثورة في هذه الولاية وتحديدا بالمنطقة الثالثة، ولنا أن نتصور ما كان يمكن أن يكون من نتائج وآثار مدمرة على الثورة على امتداد الساحة الوطنية لو قُدّر لهذه المؤامرة أن تنجح وتتجذر.
1. تمرد بلونيس.. أخطر مؤامرة على الثورة وعلى الولاية السادسة:
لم يكن هناك ما هو أسوأ على أبناء المنطقة الثالثة من ذلك اليوم المشؤوم الذي وطئت فيه أقدام الخائن بلونيس أرض الولاية السادسة التي دخلها هاربا مع حفنة من أتباعه قادما من الشمال على اثر الضربات القوية الموجعة التي سددها له العقيد عميروش ولحركته التمردية بنوحي وادي الصومام بالولاية الثالثة حيث هلك معظم أتباعه واستسلم البعض الآخر للثورة فقرر الخائن الهروب جنوبا ، وقد وصل إلى منطقة الجلفة مع نهاية سنة 1956 قبيل استشهاد القائد زيان عاشور بأشهر قليلة ، وفور وصوله حاول فتح قناة اتصال مع سي زيان عاشور مستغلا معرفته القديمة به منذ أيام نضالهما القديم في حزب مصالي الحاج وحركة انتصار الحريات الديمقراطية M.T.L.D ، وكان سي زيان يومئذ قائدا على تلك المنطقة ،طالبا منه الدعم والحماية مدعيا أنه تعرض لمشاكل ومضايقات لأنه من أتباع مصالي الحاج ومن المؤمنين بأفكاره وبرنامجه ، فاستجاب لطلبه قاصرا دعمه له ببعض المؤونة فقط بحسب بعض الروايات .
لكن سي زيان سرعان ما تخلى عنه بعد أن بلغته أنباء عن سلوكه المشين والفظائع والانتهاكات التي ارتكبها أتباعه في أوساط البدو وسكان الخيم، فأمر زيان نائبه عمر إدريس بضرورة طرده خارج حدود المنطقة ،بل و محاربته والتصدي له واستئصال شأفته من المنطقة نهائيا.
غير أن استشهاد سي زيان في 7/11/56 واشتغال الناس بفقدان الزعيم الروحي للمنطقة الذي ترك جيشا يفوق الألف مقاتل تناسوا أمر بلونيس وانشغلوا عنه بموت زيان ، فاستغل هذا الأخير ذلك واستثمر الفراغ الكبير الذي تركه القائد زيان في المنطقة وراح يصطاد السذج والغافلين والمغفلين تحت عباءة الأب الروحي للحركة الوطنية مصالي الحاج، وشرع يبني لنفسه مجدا مزيفا خادعا بين سكان تلك المناطق التي كانت يومئذ تحت قيادة خليفة القائد سي زيان الرائد الشهيد عمر إدريس، وباتت الثورة وجيش التحرير في هذه المنطقة بالفعل بين مطرقة فرنسا وسندان بلونيس.
ولمواجهة الخطر الذي كانت تمثله هذه الحركة الخيانية والتصدي لها والقضاء عليها في مهدها فقد قررت قيادة الثورة بالولاية وضع خطة مُحكمة من شقين أحدهما سياسي والآخر عسكري واتخاذ ما يلزم من إجراءات وتدابير ،وتوفير ما يمكن من مال وسلاح ورجال ،ويقوم الشق الأول من هذه الخطة على:
ـ تكثيف العمل السياسي والإكثار من حملات التوعية في أوساط الأعراش، ورفع معنويات السكان وحثهم على مقاومة هذه الحركة المارقة، وإشاعة روح التنافس بين القبائل للتصدي لها.
ـ العمل على تجديد خلايا الاتصال وتجنيد عناصر جديدة مناضلة غير معروفة للحركة.
ـ اختراق صفوف الحركة، والسعي لدى رؤساء القبائل وأصحاب النفوذ لسحب أبنائهم من صفوف الخائن و محاولة العودة بهم إلى جادة الطريق.
ـ التركيز على الحملات الإعلامية المضادة لفضح الخونة وأعوانهم و وكشف أهدافهم.
ـالعمل على استثمار الانتصارات التي حققها جيش التحرير الوطني على فلول بلونيس وإذاعتها للناس في إذاعة "الجزائر الحرة"، وقد كان لمعركة الزرقا التي وقعت في 25 جانفي 1958 وانتصر فيها جيش التحرير انتصارا ساحقا على الخونة الأثر الطيب على معنويات المواطنين،وقوّى إيمانهم بالثورة و بجيش وجبهة التحرير .
أما الشق الثاني العسكري من الخطة فقد تكفل به وباشر بتنفيذه كل من الرائد عمر إدريس العائد لتوّه من المغرب أواخر 1957 بكتيبتين من الولاية الخامسة، والمتمركز في الجهة الغربية للولاية السادسة ، وسي الحواس المتمركز في الجنوب الشرقي منها بحيث باتت فلول بلونيس بين فكي كماشة ، وقد أعطت هذه الخطة ثمارها ، وظهرت للعيان نتائج تعاون الطرفين لصد المؤامرة، حيث شهدت المنطقة معارك طاحنة مع بلونيس في كامل المنطقة كتلك التي جرت في الفترة بين25 نوفمبر 1957 ، و27 مارس 1958 في مناعة . بوكحيل.المقسم. الزعفرانية.الميمونة.
النسينيسة.جبل امساعد. بوديرين. الجب ، قرون الكبش.. وكانت الزعفرانية وسفوح جبل مساعد مسرحا لأشهر وأعنف هذه المعارك.
ويتذكر المجاهد الطاهر لعجال كيف تمركز بلونيس سنة 1957 في قرية الجب (أولاد سليمان حاليا) في (دار العربي ) بقصد الزحف شرقا نحو الأوراس ،فتمركز جيش التحرير بقيادة علي بن المسعود قريبا من عناصر بلونيس المتمركزة بمنطقة السباعية ودخل الطرفان في اشتباكات عنيفة لمدة ثلاثة أيام انتهت بالقضاء على بلونيس و طرده واستئصال شأفته من تلك المنطقة نهائيا ، ويجدر بالذكر أن بلونيس حاول أثناء إقامتــه القصيــرة بالجب استعمال كل الوسائل الشيطانية لاصطياد ضحاياه والإيقاع بهم في مستنقع الخيانة ، لكـــن حذر المواطنين ويقظتهم وتعاونهم أسقطت خططه وأفشلت حيله، وكدليل على ذلك أذكر هنا روايتين لاثنين من مجاهدي المنطقة نستدل من خلالهما على وعي أبناء هذه المنطقة ويقظتهم و تصديهم الحازم للخائن بلونيس،ومواجهتهم لخططه وأساليبه.
يقول الملازم أول علي مهيري : في آخر سنة 1957 حط جيش الخائن رحاله ونصب خيمه في منطقة بوملال (وادي الشعير)، وما إن أرخى الليل سدوله على المكان حتى تسلل المواطنون إلى تلك الخيم والأمتعة وأمعنوا فيها حرقا ونهبا، فما كان من جيش الخائن إلا الرحيل عن المنطقة في اليوم التالي بعد أن شتم السكان ونعتهم بمختــلف النعوت ،فكان ردهم " ارحلوا عنا فنحن لا نريد المرتدين بيننا" فوقعت هذه العبارة على أسماعهم وقع الصاعقة ، ثم تداولت الصحافة هذا الوصف بعد ذلك، وكان ذلك أول وصف يوصف به جيش بلونيس حسب رأي المجاهد على مهيري.
واستمعت بإمعان إلى رواية طويلة أخرى رواها لي المجاهد(عبد الرحمن عباسي ) - وكان وقتها يعمل مسبلا قبل التحاقه بالجيش - ملخصها أنه دخل ذات يوم إلى مقهى بوادي الشعير يتحسس الأخبار :" فطلبت فنجان قهوة وجلست بالقرب من شخصين وإذا بأحدهما يخبر الثـاني بأن مبعوثا لبلونيس جاء من الجب يحمل رسالتين لكل من (م.ع) و(م.م)،فاتصلت على الفــور بمخلوف بن غضاب نائب محمد قنتار بالزعفرانية وحكيت له ما سمعت ،واقترحت عليه أن يمهلني حتى أتحقق من الخبر رفقة زميلي المجاهد ناصر عبد الحميد الذي وجدته معه لأن أحد المذكورين من معارفه ،فأذن لنا وانطلقنا ليلا نستطلع الأمر حتى وصلنا إلى أحد المعنيين برسالة بلونيس، وكان يثق بنا ثقة تامة ، فحاولنا استدراجه للحديث عن قصة الرسالة بهدوء و بطريقة ذكية، وبعد أخذ ورد اعترف بالواقعة مبديا عدم اكتراثه و تجاوبه مع دعوة بلونيس، فطلبنا منه تمكيننا من رؤية هذه الرسالة على سبيل الفضول فقط ، فأعطانا إياها وكانت ممضاة من طرف بلونيس شخصيا، فأخذناها على الفور وانطلقنا إلى مقر القيادة بالزعفرانية وسلمناها إلى سي مخلوف شخصيا ، و شرحنا له حقيقة الشخصين وإخلاصهما للثورة وأنهما وقعا في أحابيل الخائن عن جهل وسذاجة منهما بدليل أنهما يسددان اشتراكهما بانتظام ويلتزمان بتعليمات وقوانين الجبهة، وبعد بضعة أيام اتصلت بنا قيادة الجيش وأمرتنا بحجز المعنيين في مكان آمن ومنعهما من الحركة ريثما يعود الجيش الذي كان في مهمة خارج مركز القيادة ، وفور عودة الجيش من مهمته داهم ليلا المكان المسمى "عين بيت أمحمد" متنكرا بلباس جيش بلونيس ، وبعد عملية تفتيش وتحقيق أخذ المشتبه فيهما ،غير أن اللجنة البلدية تدخلت و ضمنت فيهما بعد تغريم اللجنة التي ينتميان إليها مبلغا قدره 30 ألف فرنك فرنسي.
هذه هي حقيقة وجود الخائن بلونيس في المنطقة الثالثة وبناحية بوسعادة تحديدا، فحتى وان توفـرت له ولأنصاره بعض موطـئ قدم مؤقتة في بعض أنحاء هذه المنطقة التاريخية ، إلاّ أن جنود جيش التحرير ومن ورائهم سكان المنطقة، ظلوا يطاردونه ويقضون مضاجعه ويكشفون مخططاته ويلحقون به وبفلوله الهزائم تلو الهزائم حتى قضوا عليه و استأصلوا وجوده من المنطقة تماما ، وعلى الذين يريدون الإيحاء بين الحين والآخر إلى قصة " الخائن بلونيس" محاولين تلطيخ جهاد أبناء هذه المنطقة بدنـس بلونيس أن لا ينسوا أو يتناسوا حقيقة أن هذا الخائن طارئ على المنطقة وليس من أبنائها ،و أن نهايتة المحتومة ونهاية مؤامرته قد تمـّا على تراب المنطقة الثالثة، وعلى أيدي أبنائها، وأعتقد أنه لم يعد مقبولا اليوم بأي شكل من الأشكال وتحت أي مبرر من المبررات والبلاد تسلخ أكثر من خمسين سنة من استقلالها الوطني أن تظل لعنة بلونيس وأحداث "زمرة " وغيرها تطارد الأبرياء من عرشي أولاد عامر وأولاد أحمد بن يحي وغيرهما من أعراش المنطقة إلى أبد الآبدين، فهذا الوضع لا تقره قوانين الأرض ولا شرائع السماء ، فربنا عز وجل يقول"ولا تزر وازرة وزر أخرى " ، والقانون الوضعي يقول بمبدأ شخصية الجريمة ومن ثمة شخصية العقوبة في نطاق مسؤولية الجاني حصرا ولا يمكن أن تصيب غيره ، والأمر ذاته ينسحب على قضايا ومآسي مشابهة مثل أحداث" ملوزة " أوبني يلمان التي مازال أبرياء هذه المناطق ممن لم يعايشوا هذه الأحداث أصلا تنوء كواهلهم بثقلها ويتجرعون مرارتها وتبعاتها حتى اليوم ، وكل ما يتطلعون إليه هو اعتراف صحيح صريح وموثق عن حقيقة ما جرى لأسلافهم حتى تهدأ خواطرهم وتطمئن نفوسهم ، وعلينا أن نرتقي بأنفسنا ونؤسس لواقع جديد بمفاهيم ورؤى جديدة ونتجاوز ذلك الشعار الجاهلي القديم "بالجريرة تؤخذ العشيرة"ونعفي أجيال المستقبل من حمْل وزر قضايا لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
2.سقوط المؤامـرة ونهاية الخائن
لم يكن بمقدور بلونيس أن يرسخ أقدامه في المنطقة لو لم تكن هناك غفلة واسترخاء في بادئ الأمر من جانب عمر إدريس لما كان يخطط له جنرال الشر وأتباعه، فبمجرد أن غادر عمر إدريس إلى المغرب في مهمة عاجلة لجلب السلاح حتى أطلق بعض المندسين (العربي مزيــان "القبائلي" ورفاقه) إشاعة اغتيال إدريس من طرف الجبهة، فحاول بلونيس استمالة قادة الكتائب جيش التحرير الغاضبين ليرتب انقلابــا على جيش التحرير الوطني الذي كان تحت قيادة الرائد عبد الرحمن حاشي الخليفـة الذي تركه الرائد عمر إدريس وراءه على رأس قيادة الجيش وتدبير مداهمـة مــــركز "قعيقع"وإلقاء القبض على الرائد حاشي نائب إدريس وأخذ ختم القيادة منه وشرع في استدعاء اجتماع مفبرك ومفخخ للقيادة، وما إن حضــر المدعوون حتى أجهز رجال بلونيس على حوالي 100منهم بين ضابط ومسؤول لم ينج منهم إلا الضابط محمــد بن الهادي المنتمي لعرش الحراكتة، ورغم تعهد بلونيس بضمان حياة هذا الضابط الاّ أنه خان العهد ونقض الوعد وأعدمه في الساحة العامة أمام أعين الأهالي وشيوخ القبائل الذين أبدوا تذمرهم وانزعاجهم وعدم قبولهم لما جرى أمام أعينهم، فما كان من المتمرد بلونيس إلا أن أمر جنوده بنزع عمائم الحاضرين وتعرية رؤوسهم إمعانا في إذلالهم وتماديا في إهانة منطقتهم ، وكانت هذه الحادثة المروعة إيذانا ببداية نهاية مشروع الخيانة وسقوط عرش الخائن وأتباعه وطي تلك الصفحة الخيانية السوداء إلى الأبد ، وهنا ثارت ثائرة جنوده وضباطه من أبناء القبائل المجاورة(عبد القادر الأطرش.بلقاسم نويجم. مفتاح ) تضامنا مع عرش الحراكتة وقرروا إنهاء قصة بلونيس نهائيا وزحفوا إلى وكر الخائن في حوش النعاس ،غير أن المحاولة باءت بالفشل بسبب تفطن الحراس وتصدي ابنة بلونيس "زينب" وحارسته الشخصية للمهاجمين وتمكنها من قتل عبد القادر الأطرش، واستطاع بلونيس الفرار متنكرا في زي امرأة وهو يدرك يقينا أنه أصبح غير مرغوب فيه في معسكره ناهيك عن المنطقة التي عاث فيها فسادا و نهبا وسفكا للدماء، وجلل شرفها وشرف أبنائها بالعار ، وحط الرحال للمرة الأخيرة في سيدي عامر التي كانت مقبرته النهائية ، وهناك ساقه حظه العاثر ، وأجله المحتوم إلى حيث مقتله إذ تفطن لوجوده احد الرعاة _حسب إحدى الروايات_ الذي ظنه سارقا أو قاطع طرق متنكـرا في زي امرأة فأجهز عليه وقتله، وهناك رواية أخرى مفادها أن الذي قتله هو حارسه الذي فر واسمه عمر بن رمضان وهو ما يتقاطع مع رواية زوجة بلونيس التي أشارت فيها "إلى أنه ليلة مقتله كان قد نظّم اجتماعا مع جنوده في منطقة أولاد عامر ، وعقب يوم واحد تأكدوا أن أحد الحراس توارى عن الأنظار واتهم على أنه هو من قتله" وقد يكون هذا الرأي أقرب إلى حقيقة قاتله الفعلي في تصوري، وإذا صحت رواية مصرعه مصادِفة ليوم 14 جويلية 1958 تكون فرنسا قد تلقت هدية غالية ذات رمزية ودلالة بمناسبة احتفالها بيومها الوطني" 14 جويلية " تاريخ انتصارها على الجيوش النازية.
وبمصرع بلونيس انتهت نهائيا أسطورة ذلك الخائن الذي طعن وطنه وشعبه وجللهما بعار الخيانة فاستحق لعنة الله عز وجل " والملائكة والناس أجمعين" ، وبسقوطه سقط مشروع العار والغدر الذي كان يمثله إلى غير رجعة، وأدركت فرنسا وعتاة جنرالاتها rober LACOSTE و SALAN l raoul و JACQUES SOUSTELLE أنها كانت تراهن على جواد خاسر، وأن الورقة التي عولت عليها لضرب الثورة من الداخل قد انتهت بنهاية بلونيس واندحاره وانكسار شوكته"، وانتهى لاكوست وقادته إلى الاقتناع بفشل الحركة، وأصبح هدف القوات الفرنسية هو العمل دون تمكين جيش التحرير من الأسلحة التي زودوا بها جنرالهم المهزوم" وكان الرابح من هذا الاندحار في نهاية المطاف هو الثورة ورجالها وأبناء المنطقة التي عاث فيها الخائن فسادا ودمارا وعربدة ،ويمكن اعتبار سنة 1958 والنصف الأول من سنة 1959
نهاية لقصة بلونيس وهزيمة لقوته العسكرية التي " لم تبق منها الا فلول محتمية بمراكز العدو" و قد شكلت هزيمة بلونيس نصرا سياسيا ومعنويا للثورة التي قويت شوكتها واشتد ساعدها في الداخل، وازداد دعم ومساندة الأشقاء والأصدقاء لها في الخارج،فقد حذرت الحكومة المؤقتة الجزائرية في تصريح لرئيسها سنة 1959 الحكومة الفرنسية من مغبة أي مساس بموارد الصحراء واعتبرت الاتفاقيات المتعلقة باستثمار موارد الصحراء لاغية ،كما انحاز مؤتمر عدم الانحياز المنعقد في القاهرة سنة 1961 إلى دعم موقف الحكومة المؤقتة هذا من قضية الصحراء ، واشتاط العدو الفرنسي غيظا وحقدا وحنقا على الثورة بسبب الانتصارات العسكرية في الداخل و نتيجة للانتصارات الديبلوماسية وللدعم المادي والسياسي الذي تتلقاه من الخارج، فقرر معاقبة الأشقاء في تونس بضرب قرية ساقية سيدي يوسف التونسية ،ودك المناطق الحدودية بالطيران والمدفعية، وإقامة المزيد من الأسلاك الشائكة على طول الحدود لخنق الثورة وعزلها عن عمقها الشعبي الوطني والعربي.
بعد هذا كله نقول..إن بعض الجوانب من قضية بلونيس ظلت غامضة ومعقدة وقد تضاربت فيها الآراء وتعددت بشأنها التحليلات وإن كان الثابت فيها دائما وأبدا هو صفتا الغدر والخيانة، وأيا كانت هذه الآراء والتحليلات ، فالتاريخ لا يجامل أحدا والخيانة خيانة وليست وجهة نظر قابلة للنقاش، وحتى يتسنى للباحث عن الحقيقة أن يجلي طلاسم الغموض فيها سعيا إلى الوقوف على حقيقتها، ينبغي عليه ألاّ ينساق وراء التحليلات المغرضة والمواقف العاطفية المتسرعة ،بل عليه أن يسعى لأخذ المعلومة من أفواه صانعيها ، وهل هناك من هو أصدق حديثا وأدق تعليلا وأعمق تحليلا من قادة الولاية السادسة التاريخية الذين جابهوا وتصدوا بأنفسهم لفلول هذا العميل وجها لوجه إلى أن تم دحره والقضاء عليه، وكانت نهايته ونهاية حركته على أيديهم؟، ومن هؤلاء الرائد عمر صخري أحد قادة الولاية السادسة الذي تناول هذه القضية بشيء من التفصيل في محاضرة له حول تاريخ منطقة بوسعادة .وعن حقيقة هذه الشخصية العميلة الخائنة يقول الرائد صخري : إن التحقيقات التي أجرتها الثورة حول التمرد الذي قام به هذا العميل ،"بينت أن بلونيس تم تجنيده من طرف رئيس دائرة برج منايل ، وهي المنطقة التي وُلد وترعرع فيها بلونيس وقام بتزويده ب 70 بندقية.،" وعن علاقة بلونيس بمصالي الحاج كما يدعي ، يؤكد الرائد صخري أن " الشائع عن بلونيس هو إما أنه من رجالات مصالي الحاج أو من الخونة الذين جندتهم المخابرات الفرنسية لمحاربـــة الثورة ،لكنني أرجح الفرضية الثانية.." ولم يتردد الرائد صخري في اتهام بلونيس صراحة باغتيال العقيدين "ودور جيش العميل في استشهاد القائدين الكبيرين عميروش وسي الحواس في جبل ثامر بالقرب من منطقة بوسعادة" ويبدو واضحا من سرد هذه الآراء أن بلونيس هو صناعة فرنسية مئة بالمائة ، وقد أوجدته لينوب عنها في محاربة الثورة و ليخدم
مصالحها الإستراتيجية الآنية والمستقبلية في الصحراء الجزائرية بكل تأكيد ، وهذا ليس رأي الرائد صخري فقط بل يشاركه في هذا الطرح محللون وباحثون ومؤرخون آخرون على قدر كبير من الدراية وسعة الاطلاع،ذلك أن منطقة الصحراء قد شكلت هاجسا بالغ الأهمية بالنسبة للساسة الفرنسيين و للسياسة الفرنسية في جوانبها الإستراتيجية والاقتصادية ، وسعت بكل الوسائل أن تجعل من الصحراء شيئا لا علاقة له بالأرض والإنسان في الجزائر بل أحالتها إلى حقل لتجاربها العسكرية النووية. وقد تأكد لدى هؤلاء أن هناك اتفاقية مبرمة بين" بلونيس ولاكوست" هدفها تحقيق مطامع فرنسا ومآربها في الصحراء من جهة ، و تفجير الثورة من الداخل وجعل سلاح الجزائريين يرتد إلى صدور بعضهم البعض من جهة أخرى، ولتحقيق ذلك الهدف الخبيث فقد طلب السفاح la coste وبمبادرة من وزير الصحراء .ماكس لوجون. MAX le jeune في الأول من مارس 1957 من الحكومة الفرنسية رصد مبلغ 110 مليار فرنك لإعداد الجيش وشراء الأسلحة والمعدات الكفيلة بالقضاء على الثورة وتأمين الشركات العاملة في الصحراء ، وقد اعتبرت فرنسا بلونيس فرس رهانها وورقتها الرابحة، وأعطته اسم أوليفي olivier، وعمدت إلى تزويده بالسلاح ودعمته بمستشارين و بضباط لهم دراية و تجربة في حرب العصابات اكتسبوها من حربهم في الهند الصينية مثل الضابط "ايمز" والنقيب "ريكول" و " بوبيير" وتم اختيار منطقة "حوش النعاس" القريبة من المطار العسكري كمقر استراتيجي لجيشه بما يحقق أهداف المستعمر المتمثلة في التضييق على الثورة المشتعلة في هذه النواحي واختراق صفوفها والقضاء عليها من جهة، وتأمين خط المواصلات البرية التي تربط حقول البترول المكتشفة حديثا بالصحراء وموانئ التصدير في الشمال من جهة أخرى.
وبخصوص أتباع بلونيس ..وبعد الهزيمة المرة القاسية التي لحقت بهم بموت قائدهم ، فقد حاولوا لملمة شتاتهم وتنظيم صفوفهم من جديد تحت قيادة جماعية مشكلة من :عبد الله السلمي، عبد القادر بن دقمان ،محاد بلعلمي،عبد الرحمن نوي، بشير لغواطي، وكان على هؤلاء الاستمرار في القتال و المواجهة ضد أكثر من جبهة مناوئة : الزيانيون (نسبة إلى القائد زيان عاشور)، جبهة التحرير،فرنسا... الخ، وقد حاولت قيادة جبهة التحرير بأمر من العقيد شعباني ، في الفترة التي تزامنت مع توقيف القتال، إطلاق نداء تدعو من خلاله أتباع بلونيس للانضمام إلى الثورة و استيعابهم داخل صفوف جيش التحرير الوطني مع إمكانية تقلّدهم لرتب و مسؤوليات ، و يروى أن العقيد شعباني استقبل بالفعل عددا محدودا من هؤلاء الجنود بمركز الزعفرانية ومنحهم ألبسة وأسلحة ،وقلد اثنين منهم رتبا عسكرية وهما عبد الله السلمي ، والبداري، وخيّرهم بين الانضمام إلى جيش التحرير أو العودة إلى ديارهم فاختارت الأكثرية منهم العودة إلى ديارهم، لكن بعض المجاهدين لم يهضموا فكرة انضمام بقايا بلونيس إلى جيش التحرير بعد كل الذي جرى،ويذكر المجاهد خليفة محمد المعروف" بحمة طاهر" حادثة عين "الدابة" التي أعدم فيها عبد الحميد خباش عددا منهم دون علم شعباني.

مصدر الدراسة: كتاب منطقة بن سرور..جهاد متصل من الحركة الوطنية الى ثورة التحرير) لمؤلفه:الدكتور عبد الحميد عباسي.










رد مع اقتباس
قديم 2015-11-30, 19:17   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
karimzakaria
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










B10 حركة بلونيس مؤامرة فرنسية لتشويه أبناء المنطقة 3

[IMG][/IMG]

رأي للأستاذ الجامعي الدكتور عبد الحميد عباسي حول قضية بلونيس

حركة بلونيس الخيانية مؤامرة فرنسية لضرب الثورة وتشويه أبناء المنطقة الثالثة

الأوضاع العامة بالمنطقة الثالثة.. ومؤامرة بلونيس

من المعروف أن المنطقة الثالثة بحكم موقعها الجغرافي المهم على خارطة الولاية السادسة ، باتت تشكل بؤرة للأطماع والدسائس والمؤامرات الاستعمارية التي عرفتها الولاية السادسة لاحقا بالنظر إلى أهميتها السياسية والاقتصادية والبشرية والإستراتيجية، فهي تقع بين شمال البلاد جنوبها، ومن هنا فقد كانت هذه المنطقة تمثل بؤرة الاهتمام والتركيز الأولى في خطط السلطات الاستعمارية الفرنسية، ففيها توجد الثروات المنجمية من بترول وغاز وغيرهما مما أسال لعاب فرنسا وجعلها تسعى بشتى الوسائل والطرق لفصل الصحراء عن باقي التراب الجزائري،وفيها أيضا مقر قيادة الثورة، و تتركز القوة الضاربة لجيش التحرير بمراكز قيادتها وتموينها يحميها ويسندها فضاء جغرافي صعب مشكّل في الأساس من سلسلة جبال الأطلس الصحراوي وجبال أولاد نائل وبعض الواحات، يضاف إلى ذلك عامل الكثافة السكانية المناسبة التي توفر بيئة مثالية للاحتضان والدعم والإسناد.
وقد كانت المنطقة الثالثة _ منذ البداية _ رأس الحربة في التصدي لخطط العدو ومؤامراته وإفشالها الواحدة تلو الأخرى، بدءا من زرع حركة بلونيس الخيانية في جسم المنطقة وانتهاء بمشروع فصل الصحراء الذي لاقى مواجهة قوية من قبل قيادة الولاية السادسة ، وقد سمعت فرنسا بوضوح رد العقيد شعباني الصارم و الحاسم على مسألة فصل الصحراء بمقال نشرته مجلة "صدى الجبال" في عددها الثاني الصادر في 1961 عنوانه "مهزلة المهازل" ،وجاءت ترجمته سريعة على الأرض من خلال المعارك العسكرية الشديدة التي احتضنتها جبال المنطقة الثالثة ،كما دعت قيادة الثورة في هذه المنطقة إلى مقاطعة الانتخابات والاستفتاءات المزيفة ، وإفشال الاجتماع المقرر عقده بورقلة للإعلان عن الحكومة الصحراوية المزعومة ، مهددة كل من يشارك في هذه المؤامرة بالإعدام ووصمه بالخيانة الوطنية إلى أبد الآبدين.


إن ما فعلته فرنسا بهذه المنطقة يمكن أن أشبه بما يجري اليوم في الحروب البيولوجية والالكترونية ،حيث لجأت فرنسا إلى خبرائها العسكريين و مخابرها السرية وعُلبها السوداء لتستمد منهم الدعم والنصح والإرشاد وإمدادها بما يقضي على الثورة في هذه المنطقة الحيوية ، فأشاروا عليها وأمدوها بجرثومة خبيثة و زودوها بفيروس مدمر قاتل اسمه "بلونيس" فقامت على الفور بزرعه في جسم هذه المنطقة وعملت على رعايته ومده بكل أسباب الفتك والتدمير، فكانت مؤامرة الخائن " محمد بلونيس" هذه أخطر مؤامرة واجهتها الثورة في هذه الولاية وتحديدا بالمنطقة الثالثة، ولنا أن نتصور ما كان يمكن أن يكون من نتائج وآثار مدمرة على الثورة على امتداد الساحة الوطنية لو قُدّر لهذه المؤامرة أن تنجح وتتجذر.
1. تمرد بلونيس.. أخطر مؤامرة على الثورة وعلى الولاية السادسة:
لم يكن هناك ما هو أسوأ على أبناء المنطقة الثالثة من ذلك اليوم المشؤوم الذي وطئت فيه أقدام الخائن بلونيس أرض الولاية السادسة التي دخلها هاربا مع حفنة من أتباعه قادما من الشمال على اثر الضربات القوية الموجعة التي سددها له العقيد عميروش ولحركته التمردية بنوحي وادي الصومام بالولاية الثالثة حيث هلك معظم أتباعه واستسلم البعض الآخر للثورة فقرر الخائن الهروب جنوبا ، وقد وصل إلى منطقة الجلفة مع نهاية سنة 1956 قبيل استشهاد القائد زيان عاشور بأشهر قليلة ، وفور وصوله حاول فتح قناة اتصال مع سي زيان عاشور مستغلا معرفته القديمة به منذ أيام نضالهما القديم في حزب مصالي الحاج وحركة انتصار الحريات الديمقراطية M.T.L.D ، وكان سي زيان يومئذ قائدا على تلك المنطقة ،طالبا منه الدعم والحماية مدعيا أنه تعرض لمشاكل ومضايقات لأنه من أتباع مصالي الحاج ومن المؤمنين بأفكاره وبرنامجه ، فاستجاب لطلبه قاصرا دعمه له ببعض المؤونة فقط بحسب بعض الروايات .
لكن سي زيان سرعان ما تخلى عنه بعد أن بلغته أنباء عن سلوكه المشين والفظائع والانتهاكات التي ارتكبها أتباعه في أوساط البدو وسكان الخيم، فأمر زيان نائبه عمر إدريس بضرورة طرده خارج حدود المنطقة ،بل و محاربته والتصدي له واستئصال شأفته من المنطقة نهائيا.
غير أن استشهاد سي زيان في 7/11/56 واشتغال الناس بفقدان الزعيم الروحي للمنطقة الذي ترك جيشا يفوق الألف مقاتل تناسوا أمر بلونيس وانشغلوا عنه بموت زيان ، فاستغل هذا الأخير ذلك واستثمر الفراغ الكبير الذي تركه القائد زيان في المنطقة وراح يصطاد السذج والغافلين والمغفلين تحت عباءة الأب الروحي للحركة الوطنية مصالي الحاج، وشرع يبني لنفسه مجدا مزيفا خادعا بين سكان تلك المناطق التي كانت يومئذ تحت قيادة خليفة القائد سي زيان الرائد الشهيد عمر إدريس، وباتت الثورة وجيش التحرير في هذه المنطقة بالفعل بين مطرقة فرنسا وسندان بلونيس.
ولمواجهة الخطر الذي كانت تمثله هذه الحركة الخيانية والتصدي لها والقضاء عليها في مهدها فقد قررت قيادة الثورة بالولاية وضع خطة مُحكمة من شقين أحدهما سياسي والآخر عسكري واتخاذ ما يلزم من إجراءات وتدابير ،وتوفير ما يمكن من مال وسلاح ورجال ،ويقوم الشق الأول من هذه الخطة على:
ـ تكثيف العمل السياسي والإكثار من حملات التوعية في أوساط الأعراش، ورفع معنويات السكان وحثهم على مقاومة هذه الحركة المارقة، وإشاعة روح التنافس بين القبائل للتصدي لها.
ـ العمل على تجديد خلايا الاتصال وتجنيد عناصر جديدة مناضلة غير معروفة للحركة.
ـ اختراق صفوف الحركة، والسعي لدى رؤساء القبائل وأصحاب النفوذ لسحب أبنائهم من صفوف الخائن و محاولة العودة بهم إلى جادة الطريق.
ـ التركيز على الحملات الإعلامية المضادة لفضح الخونة وأعوانهم و وكشف أهدافهم.
ـالعمل على استثمار الانتصارات التي حققها جيش التحرير الوطني على فلول بلونيس وإذاعتها للناس في إذاعة "الجزائر الحرة"، وقد كان لمعركة الزرقا التي وقعت في 25 جانفي 1958 وانتصر فيها جيش التحرير انتصارا ساحقا على الخونة الأثر الطيب على معنويات المواطنين،وقوّى إيمانهم بالثورة و بجيش وجبهة التحرير .
أما الشق الثاني العسكري من الخطة فقد تكفل به وباشر بتنفيذه كل من الرائد عمر إدريس العائد لتوّه من المغرب أواخر 1957 بكتيبتين من الولاية الخامسة، والمتمركز في الجهة الغربية للولاية السادسة ، وسي الحواس المتمركز في الجنوب الشرقي منها بحيث باتت فلول بلونيس بين فكي كماشة ، وقد أعطت هذه الخطة ثمارها ، وظهرت للعيان نتائج تعاون الطرفين لصد المؤامرة، حيث شهدت المنطقة معارك طاحنة مع بلونيس في كامل المنطقة كتلك التي جرت في الفترة بين25 نوفمبر 1957 ، و27 مارس 1958 في مناعة . بوكحيل.المقسم. الزعفرانية.الميمونة.
النسينيسة.جبل امساعد. بوديرين. الجب ، قرون الكبش.. وكانت الزعفرانية وسفوح جبل مساعد مسرحا لأشهر وأعنف هذه المعارك.
ويتذكر المجاهد الطاهر لعجال كيف تمركز بلونيس سنة 1957 في قرية الجب (أولاد سليمان حاليا) في (دار العربي ) بقصد الزحف شرقا نحو الأوراس ،فتمركز جيش التحرير بقيادة علي بن المسعود قريبا من عناصر بلونيس المتمركزة بمنطقة السباعية ودخل الطرفان في اشتباكات عنيفة لمدة ثلاثة أيام انتهت بالقضاء على بلونيس و طرده واستئصال شأفته من تلك المنطقة نهائيا ، ويجدر بالذكر أن بلونيس حاول أثناء إقامتــه القصيــرة بالجب استعمال كل الوسائل الشيطانية لاصطياد ضحاياه والإيقاع بهم في مستنقع الخيانة ، لكـــن حذر المواطنين ويقظتهم وتعاونهم أسقطت خططه وأفشلت حيله، وكدليل على ذلك أذكر هنا روايتين لاثنين من مجاهدي المنطقة نستدل من خلالهما على وعي أبناء هذه المنطقة ويقظتهم و تصديهم الحازم للخائن بلونيس،ومواجهتهم لخططه وأساليبه.
يقول الملازم أول علي مهيري : في آخر سنة 1957 حط جيش الخائن رحاله ونصب خيمه في منطقة بوملال (وادي الشعير)، وما إن أرخى الليل سدوله على المكان حتى تسلل المواطنون إلى تلك الخيم والأمتعة وأمعنوا فيها حرقا ونهبا، فما كان من جيش الخائن إلا الرحيل عن المنطقة في اليوم التالي بعد أن شتم السكان ونعتهم بمختــلف النعوت ،فكان ردهم " ارحلوا عنا فنحن لا نريد المرتدين بيننا" فوقعت هذه العبارة على أسماعهم وقع الصاعقة ، ثم تداولت الصحافة هذا الوصف بعد ذلك، وكان ذلك أول وصف يوصف به جيش بلونيس حسب رأي المجاهد على مهيري.
واستمعت بإمعان إلى رواية طويلة أخرى رواها لي المجاهد(عبد الرحمن عباسي ) - وكان وقتها يعمل مسبلا قبل التحاقه بالجيش - ملخصها أنه دخل ذات يوم إلى مقهى بوادي الشعير يتحسس الأخبار :" فطلبت فنجان قهوة وجلست بالقرب من شخصين وإذا بأحدهما يخبر الثـاني بأن مبعوثا لبلونيس جاء من الجب يحمل رسالتين لكل من (م.ع) و(م.م)،فاتصلت على الفــور بمخلوف بن غضاب نائب محمد قنتار بالزعفرانية وحكيت له ما سمعت ،واقترحت عليه أن يمهلني حتى أتحقق من الخبر رفقة زميلي المجاهد ناصر عبد الحميد الذي وجدته معه لأن أحد المذكورين من معارفه ،فأذن لنا وانطلقنا ليلا نستطلع الأمر حتى وصلنا إلى أحد المعنيين برسالة بلونيس، وكان يثق بنا ثقة تامة ، فحاولنا استدراجه للحديث عن قصة الرسالة بهدوء و بطريقة ذكية، وبعد أخذ ورد اعترف بالواقعة مبديا عدم اكتراثه و تجاوبه مع دعوة بلونيس، فطلبنا منه تمكيننا من رؤية هذه الرسالة على سبيل الفضول فقط ، فأعطانا إياها وكانت ممضاة من طرف بلونيس شخصيا، فأخذناها على الفور وانطلقنا إلى مقر القيادة بالزعفرانية وسلمناها إلى سي مخلوف شخصيا ، و شرحنا له حقيقة الشخصين وإخلاصهما للثورة وأنهما وقعا في أحابيل الخائن عن جهل وسذاجة منهما بدليل أنهما يسددان اشتراكهما بانتظام ويلتزمان بتعليمات وقوانين الجبهة، وبعد بضعة أيام اتصلت بنا قيادة الجيش وأمرتنا بحجز المعنيين في مكان آمن ومنعهما من الحركة ريثما يعود الجيش الذي كان في مهمة خارج مركز القيادة ، وفور عودة الجيش من مهمته داهم ليلا المكان المسمى "عين بيت أمحمد" متنكرا بلباس جيش بلونيس ، وبعد عملية تفتيش وتحقيق أخذ المشتبه فيهما ،غير أن اللجنة البلدية تدخلت و ضمنت فيهما بعد تغريم اللجنة التي ينتميان إليها مبلغا قدره 30 ألف فرنك فرنسي.
هذه هي حقيقة وجود الخائن بلونيس في المنطقة الثالثة وبناحية بوسعادة تحديدا، فحتى وان توفـرت له ولأنصاره بعض موطـئ قدم مؤقتة في بعض أنحاء هذه المنطقة التاريخية ، إلاّ أن جنود جيش التحرير ومن ورائهم سكان المنطقة، ظلوا يطاردونه ويقضون مضاجعه ويكشفون مخططاته ويلحقون به وبفلوله الهزائم تلو الهزائم حتى قضوا عليه و استأصلوا وجوده من المنطقة تماما ، وعلى الذين يريدون الإيحاء بين الحين والآخر إلى قصة " الخائن بلونيس" محاولين تلطيخ جهاد أبناء هذه المنطقة بدنـس بلونيس أن لا ينسوا أو يتناسوا حقيقة أن هذا الخائن طارئ على المنطقة وليس من أبنائها ،و أن نهايتة المحتومة ونهاية مؤامرته قد تمـّا على تراب المنطقة الثالثة، وعلى أيدي أبنائها، وأعتقد أنه لم يعد مقبولا اليوم بأي شكل من الأشكال وتحت أي مبرر من المبررات والبلاد تسلخ أكثر من خمسين سنة من استقلالها الوطني أن تظل لعنة بلونيس وأحداث "زمرة " وغيرها تطارد الأبرياء من عرشي أولاد عامر وأولاد أحمد بن يحي وغيرهما من أعراش المنطقة إلى أبد الآبدين، فهذا الوضع لا تقره قوانين الأرض ولا شرائع السماء ، فربنا عز وجل يقول"ولا تزر وازرة وزر أخرى " ، والقانون الوضعي يقول بمبدأ شخصية الجريمة ومن ثمة شخصية العقوبة في نطاق مسؤولية الجاني حصرا ولا يمكن أن تصيب غيره ، والأمر ذاته ينسحب على قضايا ومآسي مشابهة مثل أحداث" ملوزة " أوبني يلمان التي مازال أبرياء هذه المناطق ممن لم يعايشوا هذه الأحداث أصلا تنوء كواهلهم بثقلها ويتجرعون مرارتها وتبعاتها حتى اليوم ، وكل ما يتطلعون إليه هو اعتراف صحيح صريح وموثق عن حقيقة ما جرى لأسلافهم حتى تهدأ خواطرهم وتطمئن نفوسهم ، وعلينا أن نرتقي بأنفسنا ونؤسس لواقع جديد بمفاهيم ورؤى جديدة ونتجاوز ذلك الشعار الجاهلي القديم "بالجريرة تؤخذ العشيرة"ونعفي أجيال المستقبل من حمْل وزر قضايا لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
2.سقوط المؤامـرة ونهاية الخائن
لم يكن بمقدور بلونيس أن يرسخ أقدامه في المنطقة لو لم تكن هناك غفلة واسترخاء في بادئ الأمر من جانب عمر إدريس لما كان يخطط له جنرال الشر وأتباعه، فبمجرد أن غادر عمر إدريس إلى المغرب في مهمة عاجلة لجلب السلاح حتى أطلق بعض المندسين (العربي مزيــان "القبائلي" ورفاقه) إشاعة اغتيال إدريس من طرف الجبهة، فحاول بلونيس استمالة قادة الكتائب جيش التحرير الغاضبين ليرتب انقلابــا على جيش التحرير الوطني الذي كان تحت قيادة الرائد عبد الرحمن حاشي الخليفـة الذي تركه الرائد عمر إدريس وراءه على رأس قيادة الجيش وتدبير مداهمـة مــــركز "قعيقع"وإلقاء القبض على الرائد حاشي نائب إدريس وأخذ ختم القيادة منه وشرع في استدعاء اجتماع مفبرك ومفخخ للقيادة، وما إن حضــر المدعوون حتى أجهز رجال بلونيس على حوالي 100منهم بين ضابط ومسؤول لم ينج منهم إلا الضابط محمــد بن الهادي المنتمي لعرش الحراكتة، ورغم تعهد بلونيس بضمان حياة هذا الضابط الاّ أنه خان العهد ونقض الوعد وأعدمه في الساحة العامة أمام أعين الأهالي وشيوخ القبائل الذين أبدوا تذمرهم وانزعاجهم وعدم قبولهم لما جرى أمام أعينهم، فما كان من المتمرد بلونيس إلا أن أمر جنوده بنزع عمائم الحاضرين وتعرية رؤوسهم إمعانا في إذلالهم وتماديا في إهانة منطقتهم ، وكانت هذه الحادثة المروعة إيذانا ببداية نهاية مشروع الخيانة وسقوط عرش الخائن وأتباعه وطي تلك الصفحة الخيانية السوداء إلى الأبد ، وهنا ثارت ثائرة جنوده وضباطه من أبناء القبائل المجاورة(عبد القادر الأطرش.بلقاسم نويجم. مفتاح ) تضامنا مع عرش الحراكتة وقرروا إنهاء قصة بلونيس نهائيا وزحفوا إلى وكر الخائن في حوش النعاس ،غير أن المحاولة باءت بالفشل بسبب تفطن الحراس وتصدي ابنة بلونيس "زينب" وحارسته الشخصية للمهاجمين وتمكنها من قتل عبد القادر الأطرش، واستطاع بلونيس الفرار متنكرا في زي امرأة وهو يدرك يقينا أنه أصبح غير مرغوب فيه في معسكره ناهيك عن المنطقة التي عاث فيها فسادا و نهبا وسفكا للدماء، وجلل شرفها وشرف أبنائها بالعار ، وحط الرحال للمرة الأخيرة في سيدي عامر التي كانت مقبرته النهائية ، وهناك ساقه حظه العاثر ، وأجله المحتوم إلى حيث مقتله إذ تفطن لوجوده احد الرعاة _حسب إحدى الروايات_ الذي ظنه سارقا أو قاطع طرق متنكـرا في زي امرأة فأجهز عليه وقتله، وهناك رواية أخرى مفادها أن الذي قتله هو حارسه الذي فر واسمه عمر بن رمضان وهو ما يتقاطع مع رواية زوجة بلونيس التي أشارت فيها "إلى أنه ليلة مقتله كان قد نظّم اجتماعا مع جنوده في منطقة أولاد عامر ، وعقب يوم واحد تأكدوا أن أحد الحراس توارى عن الأنظار واتهم على أنه هو من قتله" وقد يكون هذا الرأي أقرب إلى حقيقة قاتله الفعلي في تصوري، وإذا صحت رواية مصرعه مصادِفة ليوم 14 جويلية 1958 تكون فرنسا قد تلقت هدية غالية ذات رمزية ودلالة بمناسبة احتفالها بيومها الوطني" 14 جويلية " تاريخ انتصارها على الجيوش النازية.
وبمصرع بلونيس انتهت نهائيا أسطورة ذلك الخائن الذي طعن وطنه وشعبه وجللهما بعار الخيانة فاستحق لعنة الله عز وجل " والملائكة والناس أجمعين" ، وبسقوطه سقط مشروع العار والغدر الذي كان يمثله إلى غير رجعة، وأدركت فرنسا وعتاة جنرالاتها rober LACOSTE و SALAN l raoul و JACQUES SOUSTELLE أنها كانت تراهن على جواد خاسر، وأن الورقة التي عولت عليها لضرب الثورة من الداخل قد انتهت بنهاية بلونيس واندحاره وانكسار شوكته"، وانتهى لاكوست وقادته إلى الاقتناع بفشل الحركة، وأصبح هدف القوات الفرنسية هو العمل دون تمكين جيش التحرير من الأسلحة التي زودوا بها جنرالهم المهزوم" وكان الرابح من هذا الاندحار في نهاية المطاف هو الثورة ورجالها وأبناء المنطقة التي عاث فيها الخائن فسادا ودمارا وعربدة ،ويمكن اعتبار سنة 1958 والنصف الأول من سنة 1959
نهاية لقصة بلونيس وهزيمة لقوته العسكرية التي " لم تبق منها الا فلول محتمية بمراكز العدو" و قد شكلت هزيمة بلونيس نصرا سياسيا ومعنويا للثورة التي قويت شوكتها واشتد ساعدها في الداخل، وازداد دعم ومساندة الأشقاء والأصدقاء لها في الخارج،فقد حذرت الحكومة المؤقتة الجزائرية في تصريح لرئيسها سنة 1959 الحكومة الفرنسية من مغبة أي مساس بموارد الصحراء واعتبرت الاتفاقيات المتعلقة باستثمار موارد الصحراء لاغية ،كما انحاز مؤتمر عدم الانحياز المنعقد في القاهرة سنة 1961 إلى دعم موقف الحكومة المؤقتة هذا من قضية الصحراء ، واشتاط العدو الفرنسي غيظا وحقدا وحنقا على الثورة بسبب الانتصارات العسكرية في الداخل و نتيجة للانتصارات الديبلوماسية وللدعم المادي والسياسي الذي تتلقاه من الخارج، فقرر معاقبة الأشقاء في تونس بضرب قرية ساقية سيدي يوسف التونسية ،ودك المناطق الحدودية بالطيران والمدفعية، وإقامة المزيد من الأسلاك الشائكة على طول الحدود لخنق الثورة وعزلها عن عمقها الشعبي الوطني والعربي.
بعد هذا كله نقول..إن بعض الجوانب من قضية بلونيس ظلت غامضة ومعقدة وقد تضاربت فيها الآراء وتعددت بشأنها التحليلات وإن كان الثابت فيها دائما وأبدا هو صفتا الغدر والخيانة، وأيا كانت هذه الآراء والتحليلات ، فالتاريخ لا يجامل أحدا والخيانة خيانة وليست وجهة نظر قابلة للنقاش، وحتى يتسنى للباحث عن الحقيقة أن يجلي طلاسم الغموض فيها سعيا إلى الوقوف على حقيقتها، ينبغي عليه ألاّ ينساق وراء التحليلات المغرضة والمواقف العاطفية المتسرعة ،بل عليه أن يسعى لأخذ المعلومة من أفواه صانعيها ، وهل هناك من هو أصدق حديثا وأدق تعليلا وأعمق تحليلا من قادة الولاية السادسة التاريخية الذين جابهوا وتصدوا بأنفسهم لفلول هذا العميل وجها لوجه إلى أن تم دحره والقضاء عليه، وكانت نهايته ونهاية حركته على أيديهم؟، ومن هؤلاء الرائد عمر صخري أحد قادة الولاية السادسة الذي تناول هذه القضية بشيء من التفصيل في محاضرة له حول تاريخ منطقة بوسعادة .وعن حقيقة هذه الشخصية العميلة الخائنة يقول الرائد صخري : إن التحقيقات التي أجرتها الثورة حول التمرد الذي قام به هذا العميل ،"بينت أن بلونيس تم تجنيده من طرف رئيس دائرة برج منايل ، وهي المنطقة التي وُلد وترعرع فيها بلونيس وقام بتزويده ب 70 بندقية.،" وعن علاقة بلونيس بمصالي الحاج كما يدعي ، يؤكد الرائد صخري أن " الشائع عن بلونيس هو إما أنه من رجالات مصالي الحاج أو من الخونة الذين جندتهم المخابرات الفرنسية لمحاربـــة الثورة ،لكنني أرجح الفرضية الثانية.." ولم يتردد الرائد صخري في اتهام بلونيس صراحة باغتيال العقيدين "ودور جيش العميل في استشهاد القائدين الكبيرين عميروش وسي الحواس في جبل ثامر بالقرب من منطقة بوسعادة" ويبدو واضحا من سرد هذه الآراء أن بلونيس هو صناعة فرنسية مئة بالمائة ، وقد أوجدته لينوب عنها في محاربة الثورة و ليخدم
مصالحها الإستراتيجية الآنية والمستقبلية في الصحراء الجزائرية بكل تأكيد ، وهذا ليس رأي الرائد صخري فقط بل يشاركه في هذا الطرح محللون وباحثون ومؤرخون آخرون على قدر كبير من الدراية وسعة الاطلاع،ذلك أن منطقة الصحراء قد شكلت هاجسا بالغ الأهمية بالنسبة للساسة الفرنسيين و للسياسة الفرنسية في جوانبها الإستراتيجية والاقتصادية ، وسعت بكل الوسائل أن تجعل من الصحراء شيئا لا علاقة له بالأرض والإنسان في الجزائر بل أحالتها إلى حقل لتجاربها العسكرية النووية. وقد تأكد لدى هؤلاء أن هناك اتفاقية مبرمة بين" بلونيس ولاكوست" هدفها تحقيق مطامع فرنسا ومآربها في الصحراء من جهة ، و تفجير الثورة من الداخل وجعل سلاح الجزائريين يرتد إلى صدور بعضهم البعض من جهة أخرى، ولتحقيق ذلك الهدف الخبيث فقد طلب السفاح la coste وبمبادرة من وزير الصحراء .ماكس لوجون. MAX le jeune في الأول من مارس 1957 من الحكومة الفرنسية رصد مبلغ 110 مليار فرنك لإعداد الجيش وشراء الأسلحة والمعدات الكفيلة بالقضاء على الثورة وتأمين الشركات العاملة في الصحراء ، وقد اعتبرت فرنسا بلونيس فرس رهانها وورقتها الرابحة، وأعطته اسم أوليفي olivier، وعمدت إلى تزويده بالسلاح ودعمته بمستشارين و بضباط لهم دراية و تجربة في حرب العصابات اكتسبوها من حربهم في الهند الصينية مثل الضابط "ايمز" والنقيب "ريكول" و " بوبيير" وتم اختيار منطقة "حوش النعاس" القريبة من المطار العسكري كمقر استراتيجي لجيشه بما يحقق أهداف المستعمر المتمثلة في التضييق على الثورة المشتعلة في هذه النواحي واختراق صفوفها والقضاء عليها من جهة، وتأمين خط المواصلات البرية التي تربط حقول البترول المكتشفة حديثا بالصحراء وموانئ التصدير في الشمال من جهة أخرى.
وبخصوص أتباع بلونيس ..وبعد الهزيمة المرة القاسية التي لحقت بهم بموت قائدهم ، فقد حاولوا لملمة شتاتهم وتنظيم صفوفهم من جديد تحت قيادة جماعية مشكلة من :عبد الله السلمي، عبد القادر بن دقمان ،محاد بلعلمي،عبد الرحمن نوي، بشير لغواطي، وكان على هؤلاء الاستمرار في القتال و المواجهة ضد أكثر من جبهة مناوئة : الزيانيون (نسبة إلى القائد زيان عاشور)، جبهة التحرير،فرنسا... الخ، وقد حاولت قيادة جبهة التحرير بأمر من العقيد شعباني ، في الفترة التي تزامنت مع توقيف القتال، إطلاق نداء تدعو من خلاله أتباع بلونيس للانضمام إلى الثورة و استيعابهم داخل صفوف جيش التحرير الوطني مع إمكانية تقلّدهم لرتب و مسؤوليات ، و يروى أن العقيد شعباني استقبل بالفعل عددا محدودا من هؤلاء الجنود بمركز الزعفرانية ومنحهم ألبسة وأسلحة ،وقلد اثنين منهم رتبا عسكرية وهما عبد الله السلمي ، والبداري، وخيّرهم بين الانضمام إلى جيش التحرير أو العودة إلى ديارهم فاختارت الأكثرية منهم العودة إلى ديارهم، لكن بعض المجاهدين لم يهضموا فكرة انضمام بقايا بلونيس إلى جيش التحرير بعد كل الذي جرى،ويذكر المجاهد خليفة محمد المعروف" بحمة طاهر" حادثة عين "الدابة" التي أعدم فيها عبد الحميد خباش عددا منهم دون علم شعباني.

مصدر الدراسة: كتاب منطقة بن سرور..جهاد متصل من الحركة الوطنية الى ثورة التحرير) لمؤلفه:الدكتور عبد الحميد عباسي.










رد مع اقتباس
قديم 2015-12-31, 23:55   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
omar merr
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

عام سعيد للجميع










رد مع اقتباس
قديم 2016-01-02, 18:49   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
ــ جعفر كريستيانو ــ
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية ــ جعفر كريستيانو ــ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا

لقد أبدعت في كتابة الموضوع وأتمنى أن ينال أحسن موضوع










رد مع اقتباس
قديم 2016-12-22, 21:59   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
أصيل الـمـسـلـم
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا

لقد أبدعت في كتابة الموضوع










رد مع اقتباس
قديم 2017-04-07, 20:32   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
katkoutb
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته









رد مع اقتباس
قديم 2017-04-09, 14:57   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
satboxin
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم









رد مع اقتباس
قديم 2017-04-09, 22:52   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
مراد الجزائري
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم










رد مع اقتباس
قديم 2017-04-11, 10:51   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
الأمبراطورية
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم









رد مع اقتباس
قديم 2017-04-12, 11:15   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
الأستاذ علي علي
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم









رد مع اقتباس
قديم 2017-04-12, 19:49   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
السيد الجزائري 1
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم









رد مع اقتباس
قديم 2017-04-13, 11:55   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
rahniaziz
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم









رد مع اقتباس
قديم 2017-04-16, 21:55   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
rahma.Iinda
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم









رد مع اقتباس
قديم 2017-09-06, 23:12   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
محمد 7411
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية محمد 7411
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا لك على الموضوع










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
لتشويه, أثناء, مؤامرة, مؤامرة، بلونيس, المنطقة, بلونيس, حركة, فرنسية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 07:31

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc