احتلال قريتين
أراد أحد الملوك أن يستولي على قريتين أحدهما كبيرة والأخرى صغيرة. فلما اصبح على مقربة من القرية الكبيرة استشار وزيره في عدد الجنود التي يجب ارسالها للاستيلاء عليها.
فقال الوزير لا يمكنني تعيين عدد الجنود حتى أدخل القرية بنفسي واختبر حالتها. وعليه تنكر الوزير ودخل القرية وجال في شوارعها . ثم شرع يسوم السلع فرأى أن أسعار الصنف الواحد يخالف بعضها عن البعض الآخر ورأى كل واحد من تجارها يمدح بضاعته ويذم بضاعة غيره. وبعد أن درس أحوالها ورأى الاختلافات والمناظرات بين أهلها رجع الى الملك وقال له: أن عدد سكان القرية مئة ألف فنحتاج الى ألف جندي فقط للاستيلاء عليها. فارسل الملك ألفاً من جنوده فافتتحوها حالاً.
ثم لما اصبحوا على مقربة من القرية الصغيرة سأل الملك الوزير عن عدد الجنود التي يحتاج إلى امتلاكها فطلب الوزير ان يسمح له باختبارها أولاً. فتنكر ودخلها واخذ يجول في اسواقها. ولما سام الاصناف فيها وجد اسعارها واحدة. فاشترى من دكان رطلاً من الخبز واراد ان يشتري جبناً منها ايضاً فأبى عليه صاحبها ذلك بقوله لقد فتح الله عليّ ببيع رطل خبز واما جاري فلم يبع شيئاً اليوم فاشتر منه الجبن.
فابتاع الجبن من جاره وطلب منه ان يبيعه عنباً فأبى ذلك وقال له: لقد رزقني المولى بالجبن فالأولى ان تشتري العنب من جاري. وهكذا رأى سكان القرية متكاتفين متضامنين في السراء والضراء. فرجع الى الملك واخبره ان سكان القرية عشرون الفاً فنحتاج الى اربعين الفاً للاستيلاء عليها.
فدهش الملك من كلام الوزير
وقال له: لقد استولينا بألف على قرية سكانها مئة الف نسمة، فكيف تقول اننا بحاجة الى أربعين الفاً لأخذ قرية سكانها عشرون الفاً.
فأجاب الوزير: ان القرية الكبيرة متخاذلة غير متضامنة وهذا هو السر في ضعفها. واما الصغيرة فمتضامنة غير متخاذلة وهذا هو السر في قوتها