شروح الأحاديث - الصفحة 3 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

شروح الأحاديث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-07-05, 03:45   رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



تعوذ الزوج من شر زوجته في ليلة الزفاف، هل فيه إساءة للمرأة؟

السؤال

: يسن للرجل إذا دخل على زوجته أن يأخذ بناصيتها ، وأن يقول ما ورد في الحديث: ( إذا أفاد أحدكم امرأة أو خادما أو دابة فليأخذ بناصيتها ، وليقل: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلت عليه

وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلت عليه ) رواه ابن ماجه ، وحسنه الألباني

سؤالي: هل فقط الزوج يفعل ويقول ما ورد في الحديث دون الزوجة ، مع العلم أن الزوجة أيضا بحاجة لتسأل الله خير زوجها

وأن تعوذ بالله من شره أيضا ، فمن الممكن أن تكون الزوجة صالحة والرجل سيء

فهل من المعقول أن يعوذ بالله هو فقط من شرها ، هذا ليس عدلا ؟

ولماذا قبل الزواج الزوجان يستخيران الله أما في ليلة الزواج هو فقط من يدعو بهذا الدعاء ؟

وأيضا لماذا ذكرت المرأة في الحديث مع الخادم والدابة ؟

أليس هذا تقليل من قيمة المرأة ؟


الجواب:

الحمد لله


أولا :

يجب على المسلم أن يكون معظما لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، مؤدبا معه ومع سنته ، فلا يجوز لمسلم أن يأتي إلى حديث صحيح من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، ويسيء الأدب معه ، فيعترض على ما فيه من حكم ، أو يقول : إن هذا ليس عدلا .. ونحو ذلك من الكلمات التي لا يجوز لمسلم أن يقابل بها سنة النبي صلى الله عليه وسلم .

بل الواجب على كل مسلم – وهو أشد وجوبا على من وصف نفسه بأنه طالب علم شرعي – أن يكون معظما لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، موقرا لها ، مؤدبا معها .

قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله

: "ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين".

سير أعلام النبلاء (6/401) .

فانظري ، يا أمة الله ، إلى هذا التعظيم لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم من هذا الإمام الجليل ، وقارني بينه وبين ما قلتيه في حق سنة النبي صلى الله عليه وسلم .

والواجب عليك أن تستغفري الله ، وتتوبي إليه من هذا الخطأ الجسيم الذي وقعت فيه ، وأن تعزمي على عدم العودة لمثل ذلك مرة أخرى .

وإذا أشكل على المسلم شيء من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وأراد أن يسأل عنه ليزول عنه وجه الإشكال فإنه لا حرج عليه من ذلك .

ولكن يجب عليه أن يعتقد أن ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم حق وصدق ، ولا يتطرق إليه الخطأ أو الزلل أو الظلم بأي حال من الأحوال ، ثم بعد ذلك يسأل المسلم ليتضح له ما لم يكن يعلمه .

أما أن ينصب الإنسان نفسه حاكما على كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ، يعترض عليه ، ويصوب ويخطئ ويعدل : فهذا الخطر العظيم ، والزلل الشنيع ؛ بل الضلال المبين . قال الله تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) 65/النساء .

قال الشوكاني في "فتح القدير" (1/559) :

"أَقْسَمَ سُبْحَانَهُ بِنَفْسِهِ، مُؤَكِّدًا لِهَذَا الْقَسَمِ بِحَرْفِ النَّفْيِ ، بِأَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ، فَنَفَى عَنْهُمُ الْإِيمَانَ الَّذِي هُوَ رَأْسُ مَالِ صَالِحِي عِبَادِ اللَّهِ، حَتَّى تَحْصُلَ لَهُمْ غَايَةٌ، هِيَ:

تَحْكِيمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لَمْ يَكْتَفِ سُبْحَانَهُ بِذَلِكَ حَتَّى قَالَ: (ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ) فَضَمَّ إِلَى التَّحْكِيمِ أَمْرًا آخَرَ، هُوَ عَدَمُ وُجُودِ حَرَجٍ، أَيّ حَرَجٍ، فِي صُدُورِهِمْ

فَلَا يَكُونُ مُجَرَّدُ التَّحْكِيمِ وَالْإِذْعَانِ كَافِيًا ، حَتَّى يَكُونَ مِنْ صَمِيمِ الْقَلْبِ ، عَنْ رِضًا، وَاطْمِئْنَانٍ، وَانْثِلَاجِ قَلْبٍ، وَطِيبِ نَفْسٍ، ثُمَّ لَمْ يَكْتَفِ بِهَذَا كُلِّهِ، بَلْ ضَمَّ إِلَيْهِ قَوْلَهُ: (وَيُسَلِّمُوا) أَيْ: يُذْعِنُوا وَيَنْقَادُوا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، ثُمَّ لَمْ يَكْتَفِ بِذَلِكَ، بَلْ ضَمَّ إِلَيْهِ الْمَصْدَرَ الْمُؤَكِّدَ فَقَالَ: (تَسْلِيماً) !! فَلَا يَثْبُتُ الْإِيمَانُ لِعَبْدٍ حَتَّى يَقَعَ مِنْهُ هَذَا التَّحْكِيمُ، وَلَا يَجِدَ الْحَرَجَ فِي صَدْرِهِ بِمَا قُضِيَ عَلَيْهِ، وَيُسَلِّمُ لِحُكْمِ اللَّهِ وَشَرْعِهِ، تَسْلِيمًا لَا يُخَالِطُهُ رَدٌّ وَلَا تَشُوبُهُ مُخَالَفَةٌ" انتهى .

وقال الرازي في تفسيره "مفاتيح الغيب" (5/268) :

"اعلم أن قوله تعالى : ( فَلاَ وَرَبّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ ) قسم من الله تعالى على أنهم لا يصيرون موصوفين بصفة الإيمان إلا عند حصول شرائط : أولها : قوله تعالى : ( حتى يُحَكّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ) ، وهذا يدل على أن من لم يرض بحكم الرسول لا يكون مؤمنا .

الشرط الثاني : قوله : ( ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِى أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مّمَّا قَضَيْتَ ) .

واعلم أن الراضي بحكم الرسول عليه الصلاة والسلام قد يكون راضيا به في الظاهر دون القلب فبين في هذه الآية أنه لا بد من حصول الرضا به في القلب .

واعلم أن ميل القلب ونفرته شيء خارج عن وسع البشر ، فليس المراد من الآية ذلك ، بل المراد منه أن يحصل الجزم واليقين في القلب بأن الذي يحكم به الرسول هو الحق والصدق .

الشرط الثالث : قوله تعالى : (وَيُسَلّمُواْ تَسْلِيماً) واعلم أن من عرف بقلبه كون ذلك الحكم حقا وصدقا ، قد يتمرد عن قبوله على سبيل العناد ، أو يتوقف في ذلك القبول ، فبين تعالى أنه كما لا بد في الايمان من حصول ذلك اليقين في القلب ؛ فلا بد أيضا من التسليم معه في الظاهر ، فقوله : ( ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِى أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مّمَّا قَضَيْتَ) المراد به الانقياد في الباطن ، وقوله : (وَيُسَلّمُواْ تَسْلِيماً) المراد منه الانقياد في الظاهر . والله أعلم" انتهى باختصار .

نقلنا هذه الأقوال حتى يعلم كل مسلم ما الواجب عليه تجاه سنة النبي صلى الله عليه وسلم من التعظيم والتوقير والأدب معها ، وحتى تعلمي أنك تفوهت بقول عظيم فتبادري بالتوبة من ذلك .

ثانيا :

ليس في الحديث الذي ذكرتيه ظلم ولا تنقص من المرأة ، وحاشا للرسول صلى الله عليه وسلم أن يفعل شيئا من ذلك ، والأمر أيسر من ذلك الوسواس كله ، يا أمة الله .

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( إِذَا أَفَادَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً، أَوْ خَادِمًا، أَوْ دَابَّةً، فَلْيَأْخُذْ بِنَاصِيَتِهَا، وَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ! إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهَا وَخَيْرِ مَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ ) رواه ابن ماجه (1918).

ورواه أبو داود (2160) بلفظ ( إِذَا تَزَوَّجَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً أَوِ اشْتَرَى خَادِمًا، فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ! إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَمِنْ شَرِّ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ، وَإِذَا اشْتَرَى بَعِيرًا فَلْيَأْخُذْ بِذِرْوَةِ سَنَامِهِ وَلْيَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ )، وحسّنه الألباني في "صحيح سنن أبي داود" (2160).

والحديث جاء مخاطبا الرجل لأن الرجل بالنسبة لزوجته هو صاحب القوامة والتوجيه ، وقد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم الزوجة بأنها "أسيرة" عند زوجها ، فالزوج كالمالك لزوجته ، وقد ورد في حديث الواهبة أن الرسول صلى الله عليه وسلم زوجها لأحد أصحابه بقوله : (ملكتكها بما معك من القرآن) رواه مسلم (3553) .

فلما كان الزوج هو صاحب السلطة والقوامة ، وهو كالمالك لزوجته – خوطب هو بهذا الخطاب، وأن يضع يده على ناصيتها .

وأما المرأة ، فهل تدعو بهذا الدعاء هي أيضا ، إذا دخل بها زوجها ليلة الزفاف ؟

قد يقال بذلك ، لأن الأصل عدم الخصوصية ، لا سيما إذا كان ذلك في أمر يشتركان فيه .

وقد سبق تقرير نحو من ذلك في دعاء : ( اللهم جنبنا الشيطان ، وجنب الشيطان ما رزقتنا ) .

وجاري نشره في المشاركة القامة

وينظر أيضا : "الفتاوى الفقهية" لابن حجر الهيتمي (4/107)

"حاشية العبادي على الغرر البهية" (1/104) .

والذي يظهر أيضا : أن المرأة ، إن دعت بذلك ، فإنها لا تضع يدها على ناصية زوجها ، لأن هذا الفعل فيه نوع من السلطة والقيادة وهي لا تليق بالمرأة على زوجها .

ولا يمنع هذا أنه قد تكون بعض الزوجات خيرا من زوجها ، كما أن الرجل يدعو بهذا الدعاء إذا اشترى عبدا ، وقد يكون العبد خير من سيده وأكثر منه تقوى لله تعالى ، ولكن خوطب الرجل بهاذا الخطاب لأنه هو المالك لعبده ، وليس العكس .

ولو دعى العبد بهذا الدعاء أيضا لم يكن عليه من حرج ، فإن المسلم يسأل الله تعالى الخير ويستعيذ به من الشر على سبيل العموم ، وفي سورة الفلق التي أمرنا بقراءتها في مواضع عديدة: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ) الفلق/1-2 .

فهذه استعاذة عامة شاملة لشر جميع المخلوقات ، بما فيها شر نفس الإنسان الداعي نفسه .

وقد يقال : إنه يكفي في ذلك دعاء الرجل ، كما هو ظاهر الحديث ، وليس ذلك تقليلا من شأن المرأة ، أو دفعا للشر عن نفوس الرجال ، فهذا أمر لا وجود له في النص ، ولا وجه لهذا الاحتمال ، إلا من باب الوساوس وخطرات الشيطان .

وإنما الرجل بذلك يطلب الخير والبركة ، له ولامرأته ، وهو الذي يأخذ بناصيتها ، لأنه في سلطانه ، وتحت قوامته .

قال الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله

: " وَيُسْتَحَبُّ لِلزَّوْجِ أَوَّلَ مَا يَلْقَى زَوْجَتَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِنَاصِيَتِهَا وَيَقُولَ بَارَكَ اللَّهُ لِكُلٍّ مِنَّا فِي صَاحِبِهِ وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْجِمَاعِ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتنَا "

انتهى، من "أسنى المطالب" (3/118) .

بل ظاهر ذلك الدعاء : أنه مفتقر إلى الله في طلب الخير لهما ، ودفع الشر عن أن يقع بينهما ، وأنه لا سلطان له بنفسه في جلب نفع ، ولا دفع ضر .

ثالثا :

وأما قرن المرأة مع الخادم والدابة فليس في هذا تقليل من شأن المرأة ، بل جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين هذه الثلاثة لا لأنها متساوية من كل وجه .

بل لأن بينها وجه شبه وهو المراد هنا ، وبُني عليه استحباب أن يقول الرجل هذا الدعاء ، وهو أن هؤلاء الثلاثة يدخلن تحت سلطة الرجل وقيادته ؛ وإلا فالرجل والمرأة والخادم كلهم عبيد لله .

وخيرهم عند الله منزلة هو أتقاهم لله : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) الحجرات/13 .

فقد تكون المرأة خيرا من الرجل ، وقد يكون الخادم خيرا من الاثنين ، ولكن هذا لا يجعل القيادة للخادم على سيده ، ولا للمرأة على زوجها .

وقد يرتكس أحد هؤلاء في حمْأة الضلالة والغي فتكون الدابة خيرا منه .

أخيرا ..

يجب التنبه لأمر خطير ، وهو أن الكثير من المسلمين – نظرًا لكثرة ما سمعوه من شبهات حول الإسلام من أعدائه ، وأن الإسلام قد ظلم المرأة وأهانها- لما سمعوا ذلك بكثرة ولم يكن عندهم من اليقين بصحة الإسلام ولا الفهم الحقيقي لنصوصه ما يقيهم خطر تلك الشبهات ، صار عند الكثير منهم حساسية زائدة خاطئة

فكلما سمع حديثا فيه ذكر للمرأة ، أو بعض الأحكام الخاصة بقوامة الرجل على زوجته ونحو ذلك أثار الشيطان في نفسه تلك الشبهات ، وراح يعترض أو يشكك في تلك النصوص ، التي هي أعدل ما يكون ، وأتم ما يكون من حيث العدل والحكمة والمصلحة ، ولكنه أُتي من ضعف يقينه وسو

فهمه ، ولذلك حذر علماؤنا كثيرا من الاستماع لتلك الشبهات لمن ليس أهلا للرد عليها ، لأنها ستؤثر فيه ولابد ، إن عاجلا أو آجلا ، إن لم يتداركه الله برحمته وفضله .

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-07-05, 03:49   رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يشرع للمرأة أن تقول عند الجماع: اللهم جنبنا الشيطان

السؤال


عندما يهم الرجل بجماع زوجته , فإنه يقول ما وصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اللهم جنبنا الشيطان......)

سؤالي . هل للمرأة قول ذلك أيضا؟


الجواب:

الحمد لله


" هذا الدعاء مشروع في حق الرجل إذا أراد أن يأتي أهله ؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: ( لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان

وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن قضي بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبدا ) متفق عليه ، ورواه أصحاب السنن وغيرهم ، لكن لو دَعتْ به فلا بأس ؛ لأن الأصل عدم الخصوصية .

وبالله التوفيق "

فتاوى اللجنة الدائمة (19/356)

عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. عبد العزيز آل الشيخ.. صالح الفوزان.. عبد الله بن غديان..بكر أبو زيد

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-05, 03:53   رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حول التعارض بين كون خالد بن الوليد سيف من سيوف الله وكون النبي عليه الصلاة والسلام قال يوما فيه " اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد "

السؤال

: أجد صعوبة في فهم حديثين عن النبي صلى الله عليه وسلم ، الأول عندما سمى خالد بن الوليد رضي الله عنه سيف الله المسلول ، والثاني عندما قال فيما معناه اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد

فهل تسمية خالد بن الوليد رضي الله عنه بسيف الله يعني أنه لا يخطئ ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

فإن خالد بن الوليد رضي الله عنه قد صح فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيف من سيوف الله في غير ما حديث .

ومن أشهر هذه الأحاديث وأصحها ما أخرجه البخاري في "صحيحه" (3757)

عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، نَعَى زَيْدًا ، وَجَعْفَرًا ، وَابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ ، قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ ، فَقَالَ « أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ ، فَأُصِيبَ ، ثُمَّ أَخَذَ جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ ، ثُمَّ أَخَذَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ ، وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ حَتَّى أَخَذَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ».

وكذلك قد صح الحديث الذي أشار إليه السائل الكريم ، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن شيء فعله خالد بن الوليد : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ . مَرَّتَيْنِ ).

والحديث له قصة ، وقد أخرجه البخاري في "صحيحه" (4339)

من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال :" قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ ، فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا: أَسْلَمْنَا ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: صَبَأْنَا صَبَأْنَا

فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ مِنْهُمْ وَيَأْسِرُ ، وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمٌ أَمَرَ خَالِدٌ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لاَ أَقْتُلُ أَسِيرِي ، وَلاَ يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِي أَسِيرَهُ ، حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَاهُ ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ فَقَالَ:« اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ مَرَّتَيْنِ » .

ولا تعارض مطلقا بين الحديثين ، وبيان ذلك كما يلي :

أولا : إن معنى قوله صلى الله عليه وسلم في خالد أنه سيف من سيف الله : ليس كما فهم السائل الكريم أنه لا يخطئ ، فهذا المعنى لم يقل به أحد من أهل العلم قط .

وإنما معنى أنه سيف من سيوف الله أنه ذو سيف من سيوف الله ، أو عبارة عن شدة بأسه على أعداء الله ونكايته فيهم .

قال النووي في شرح مسلم (9/188) :

" سَيْفُ اللَّهِ هُوَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْمَخْزُومِيُّ ، سَمَّاهُ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ يَنْكَأُ فِي أَعْدَاءِ اللَّهِ ". انتهى

وقال القاري في "مرقاة المفاتيح" (9/4028)

في شرحه على هذا الحديث :" خَالِدٌ سَيْفٌ " ، أَيْ: كَسَيْفٍ سَلَّهُ اللَّهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ وَسَلَّطَهُ عَلَى الْكَافِرِينَ ، أَوْ ذُو سَيْفٍ . " مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " ، أَيْ حَيْثُ يُقَاتِلُ مُقَاتَلَةً شَدِيدَةً فِي سَبِيلِهِ مَعَ أَعْدَاءِ دِينِهِ ". انتهى

ثانيا : أن خالد بن الوليد رضي الله عنه لم يتعمد الخطأ ، ولم يتعمد قتل هؤلاء بعد أن أسلموا ، وإنما اجتهد فأخطأ ، فهو معذور ، حيث إنهم لم يحسنوا قول " أسلمنا " ، وقالوا " صبأنا " ، فلم يفهم منها خالد أنهم أسلموا ، ولذا عذره النبي صلى الله عليه وسلم .

قال ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (5/352) :

" قال المهلب: ولم يفهم خالد من قوله: " صبأنا " أنهم يريدون به أسلمنا ، ولكن حمل اللفظة على ظاهرها ، وتأولها أنها في معنى الكفر؛ فلذلك قتلهم ، ثم تبين أنهم أرادوا بها أسلمنا ، فجهلوا ، فقالوا: صبأنا.

وإنما قالوا ذلك ؛ لأن قريشًا كانت تقول لمن أسلم مع النبي: صبأ فلان ، حتى صارت هذه اللفظة معروفة عند الكفار ، وعادة جارية ، فقالها هؤلاء القوم ، فتأولها خالد على وجهها ، فعذره النبي بتأويله ، ولم يُقِدْ منه ". انتهى

ومتى كان الأمر عن تأويل يعذر فيه ، أو اجتهاد أخطأ فيه بعد وسعه : لم يكن عليه ، ولا على أمثاله إثم أصلا .

قال ابن بطال أيضا في "شرح صحيح البخاري" (8/262)

:" لم يختلف العلماء أن القاضي إذا قضى بجور ، أو بخلاف أهل العلم فهو مردود .

فإن كان على وجه الاجتهاد والتأويل ، كما صنع خالد : فإن الإثم ساقط عنه ، والضمان لازم في ذلك عند عامة أهل العلم ، إلا أنهم اختلفوا في ضمان ذلك على ما يأتي بيانه.

ووجه موافقة الحديث للترجمة هو قوله:" اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد

" : يدل تبرؤه صلى الله عليه وسلم من قتل خالد للذين قالوا: صبأنا ؛ أن قتله لهم : حكمٌ منه بغير الحق ؛ لأن الله يعلم الألسنة كلها ، ويقبل الإيمان من جميع أهل الملل بألسنتهم ، لكن عذره النبي صلى الله عليه وسلم بالتأويل ؛ إذ كل متأول فلا عقوبة عليه ولا إثم ". انتهى

فإن قيل لماذا تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من فعل خالد ؟

فالجواب : أنه كان يجب على خالد التأني والتثبت ، وعدم التعجل قبل فعله .

قال الخطابي في أعلام الحديث (3/1764)

:" إنما نقِم رسول الله صلى الله عليه وسلم من خالد موضع العَجَلة ، وترك التثبت في أمرهم، إلى أن يتبين المراد من قولهم: صبأنا ، لأن الصبأ معناه الخروج من دين ، يُقال: صبأ الرجل فهو صابئٌ ، إذا خرج من دين كان فيه إلى دين آخر ، ولذلك كان المشركون يدعون رسول الله صلى الله عليه وسلم الصابئ ، وذلك لمخالفته دين قومه .

وقولهم: صبأنا ، كلام يحتمل أن يكون معناه خرجنا من ديننا إلى دين آخر غير الإسلام ، من يهودية أو غيرهما من الأديان والنِّحَل .

فلما لم يكن هذا القول صريحا في الانتقال إلى دين الإسلام نفَّذ خالد الأمر الأول في قتالهم ، إذ لم يوجد شريطة حقن الدم بصريح الاسم.

وقد يحتمل أن يكون خالدٌ إنما لم يكفَّ عن قتالهم بهذا القول ، من قِبَل أنه ظن أنهم عدلوا عن اسم الإسلام إليه ، أنفة من الاستسلام والانقياد ، فلم ير ذلك القول منهم إقرارا بالدين .

وقد روي أن ثمامة بن أثال لما أسلم ودخل مكة معتمرا قال له كفار قريش: صبأت. فقال: لا ، ولكن أسلمت

". انتهى

وقال الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (8/270)

:" فَكَانَ من رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم ما كان من إنْكَارِهِ على خَالِدِ بن الْوَلِيدِ ما كان منه أَنَّهُ قد كان عليه الاِسْتِثْبَاتُ في أُمُورِهِمْ ، وَالْوُقُوفُ على إرَادَتِهِمْ بِقَوْلِهِمْ صَبَأْنَا : هل ذلك إلَى الإِسْلاَمِ ، أو إلَى غَيْرِهِ ؟

فلما لم يَفْعَلْ ذلك ، بَرِئَ إلَى اللهِ عز وجل مِمَّا كان منه ، ولم يَأْخُذْ لهم بِمَا لم يَعْلَمْ يَقِينًا وُجُوبَهُ لهم في قَتْلِ خَالِدٍ إيَّاهُمْ ". انتهى

ومما يصدق كون أن هذا الفعل من خالد رضي الله عنه لم يكن معصية تعمد فعلها ، بل محض خطأ أداه إليه اجتهاده أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعزله بعد ذلك عن قيادة الجيش .

بل ولم يعزله أبو بكر الصديق بعدما تولى الخلافة حتى قال قولته الشهيرة :" لا أشِيمُ سيفا سله الله على المشركين". أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (9412) بإسناد صحيح .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "منهاج السنة النبوية" (4/487)

:" وَمَعَ هَذَا فَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَعْزِلْ خَالِدًا عَنِ الْإِمَارَةِ ، بَلْ مَا زَالَ يُؤَمِّرُهُ وَيُقَدِّمُهُ ؛ لِأَنَّ الْأَمِيرَ إِذَا جَرَى مِنْهُ خَطَأٌ أَوْ ذَنْبٌ ، أُمِرَ بِالرُّجُوعِ عَنْ ذَلِكَ ، وَأُقِرَّ عَلَى وِلَايَتِهِ ، وَلَمْ يَكُنْ خَالِدٌ مُعَانِدًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، بَلْ كَانَ مُطِيعًا لَهُ ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْفِقْهِ وَالدِّينِ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِهِ ، فَخَفِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ ". انتهى

فتبين من ذلك أنه لا تعارض بين وصف النبي صلى الله عليه وسلم لخالد رضي الله عنه بأنه سيف من سيوف الله ، وكونه أخطأ في فعله هذا مجتهدا متأولا رضي الله عنه

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-05, 03:56   رقم المشاركة : 34
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يسأل عن لقب حمزة وخالد بن الوليد رضي الله عنهما ؟

السؤال

: لقب أسد الله لسيدنا حمزة رضي الله عنه هل هو صحيح له ؟

وقول أبي بكر عن خالد بن الوليد بأنه أسد السنة، هل هذا صحيح أيضا ؟


الجواب :


الحمد لله

لم يرد في السنة أن أبا بكر رضي الله عنه لقب خالد ابن الوليد بأنه أسد السنة ، وبعيد أن يلقب أحد بمثل هذا اللقب في ذلك العهد ؛ لأن البدعة لم تكن فشت بعدُ بين المسلمين .

وكيف يعقد اسم يدل على الانتصار للسنة من البدعة ، ولم تكن البدعة موجودة ، ولم تظهر بعدُ ، متمايزة ، منحازة بجانب مقابل للسنة ، وإنما هي آحاد التصرفات ، والأقوال ، والأفعال.

والثابت في الصحيحين وغيرهما أن أبا بكر رضي الله عنه لقب أبا قتادة رضي الله عنه يوم حنين بـ "أسد الله" ، ولم يلقب خالدا . رواه البخاري (3142) ، ومسلم (1751) .

وثبت أن حمزة رضي الله عنه لُقّب بـذلك قبله

وقد بوب ابن أبي شيبة في مصنفه (6/382) :

"فَضْلُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَسَدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ"

ثم ساق طائفة من الأحاديث في فضل حمزة رضي الله عنه ، ومنها :

ما رواه بسنده عن عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ، أَنَّ حَمْزَةُ كان يُقَاتِلُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَيْفَيْنِ وَيَقُولُ: أَنَا أَسَدُ اللَّه .

وأما خالد بن الوليد فقد لقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم بـ "سيف الله" يوم مؤتة .

أخرج البخاري في صحيحه (3757 )

عن أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَعَى زَيْدًا، وَجَعْفَرًا، وَابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ، قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ، فَقَالَ (أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ، فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ، وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ ، حَتَّى أَخَذَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ، حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) .

فالصواب أن لقب خالد بن الوليد : سيف الله المسلول ، وليس أسد السنة ، ولم يلقبه بذلك أبو بكر ، بل رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-05, 04:03   رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يتعارض نزول عيسى عليه السلام مع نصوص ختم النبوة ؟

السؤال

: قال البخاري: - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ فُرَاتٍ القَزَّازِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ ، قَالَ:" قَاعَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ خَمْسَ سِنِينَ، فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ ) قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟

قَالَ: ( فُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ ، أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ ) . أليس هذا مخالف لما صح أن عيسى عليه السلام سيخرج ويقتل الدجال ؟

وإذا قيل: إنه سيحكم بحكم محمد صلى الله عليه وسلم ، قلت له: فلم يضع الجزية ، ويخير الناس بخيارين، الإسلام أو القتل ؟ فهذا تغيير في شرعه صلى الله عليه وسلم ، أو أن ما في البخاري كذب وتناقض ، بل لو سلمنا أن مافيه صحيح لجاء ملحد وطرح مسائل في الدين ما تجعلني أشكك فيه ، أريد الجواب الواضح .


الجواب :

الحمد لله

أولا:

عن أَبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ.

قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟

قَالَ: فُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ، أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ ) .

رواه البخاري (3455) ومسلم (1842).

هذا الحديث متفق على صحته سندا ومعنى؛ ولا يجوز لمسلم أن يتشكك فيه؛ وهو موافق لنص القرآن الكريم؛ حيث قال الله تعالى:

( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ) الأحزاب /40.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" فهذه الآية نص في أنه لا نبي بعده، وإذا كان لا نبي بعده ، فلا رسول بعده بطريق الأولى والأحرى؛ لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة، فإن كل رسول نبي، ولا ينعكس. وبذلك وردت الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث جماعة من الصحابة "

انتهى، من "تفسير ابن كثير" (6 / 428).

قال القاضي عياض رحمه الله

: " أخبر، صلى الله عليه وسلم، أنه خاتم النبيين، لا نبي بعده، وأخبر عن الله تعالى أنه خاتم النبيين، وأنه أرسل كافة للناس، وأجمعت الأمة على حمل هذا الكلام على ظاهره، وأن مفهومه المراد منه دون تأويل و تخصيص"

انتهى، من "الشفاء" (2/271) .

وقال الشهاب الآلوسي ، رحمه الله ، في تفسيره "روح المعاني

": "وكونه ، صلى الله عليه وسلم، خاتم النبيين مما نطق به الكتاب، وصدعت به السنة، وأجمعت عليه الأمة، فيكفر مدعي خلافه، ويقتل إن أصر"

انتهى، من "روح المعاني" (22/32) .

ثانيا:

نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان وقتله للدجال، ثابت بالنصوص الصحيحة؛ ومن ذلك:

عَنِ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ المَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ )

رواه البخاري (2222) ومسلم (155).

وقد تواترت الأحاديث بهذا.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى بعد ذكره لها:

" فهذه أحاديث متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من رواية أبي هريرة، وابن مسعود، وعثمان بن أبي العاص، وأبي أمامة، والنواس بن سمعان، وعبد الله بن عمرو بن العاص، ومجمع بن جارية وأبي سريحة حذيفة بن أسيد، رضي الله عنهم.

وفيها دلالة على صفة نزوله ومكانه ...

فيقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويضع الجزية، فلا يقبل إلا الإسلام كما تقدم في الصحيحين، وهذا إخبار من النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وتقرير ، وتشريع ، وتسويغ له على ذلك ، في ذلك الزمان، حيث تنزاح عللهم، وترتفع شبههم من أنفسهم؛ ولهذا كلهم يدخلون في دين الإسلام متابعة لعيسى، عليه السلام، وعلى يديه، ولهذا قال تعالى: ( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ).

وهذه الآية كقوله تعالى: ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ) وقرئ: "عَلَم" بالتحريك، أي إشارة ودليل على اقتراب الساعة " انتهى،

من "تفسير ابن كثير" (2 / 464 - 465).

وهذا المعتقد اجتمع عليه أهل السنة والجماعة وأئمة العلم.

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:

" وأهل السنة مصدقون بنزول عيسى في الآثار الثابتة بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ... "

انتهى، من "الاستذكار" (26 / 236).

وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى:

" ونزول عيسى المسيح وقتله الدجال : حق صحيح عند أهل السنة؛ لصحيح الآثار الواردة في ذلك؛ ولأنه لم يرد ما يبطله ويضعفه "

انتهى. من "اكمال المعلم" (8 / 492).

فلا يجوز لمسلم أن يردّ هذا الاعتقاد لمجرد أوهام وأهواء.

قال الله تعالى:

( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ) /115.









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-05, 04:04   رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثالثا:

شبهة تعارض نزول عيسى مع حديث ختم النبوة، هي شبهة قديمة، وملحدو هذا الزمان أعادوا إحياءها.

قال القاضي عياض رحمه الله تعالى:

" ونزول عيسى المسيح وقتله الدجال حق صحيح عند أهل السنة؛ لصحيح الآثار الواردة في ذلك؛ ولأنه لم يرد ما يبطله ويضعفه، خلافاً لبعض المعتزلة والجهمية، ومن رأى رأيهم من إنكار ذلك، وزعمهم أن قول الله تعالى عن محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( خَاتَمَ النَّبِيِّينَ )، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لا نبي بعدى )، وإجماع المسلمين على ذلك ، وعلى أن شريعة الإسلام باقية غير منسوخة إلى يوم القيامة - يرد هذه الأحاديث "

انتهى، من "اكمال المعلم" (8 / 492 - 493).

وقد أجاب أهل العلم عن هذا الإشكال ولم يروا تعارضا بين الأحاديث، أو دافعا إلى تضعيف بعضها، وبينوا هذه الشبهة، بأجوبة علمية واضحة، خلاصتها:

1- أن عيسى عليه السلام أرسل ونبّئ سابقا، ونزوله في آخر الزمن ليس إرسالا بشريعة ونبوة، بل ينزل بصفته كما في الحديث " حَكَمًا مُقْسِطًا "؛ أي يحكم بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

قال النووي رحمه الله تعالى:

" وقوله صلى الله عليه وسلم (حَكَمًا) أي ينزل حاكما بهذه الشريعة ، لا ينزل نبيا برسالة مستقلة وشريعة ناسخة؛ بل هو حاكم من حكام هذه الأمة.

والمقسط العادل، يقال: أقسط يقسط إقساطا، فهو مقسط : إذا عدل "

انتهى. من "شرح صحيح مسلم" (2 / 190).

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" قوله: ( حَكَمًا ) أي: حاكما. والمعنى: أنه ينزل حاكما بهذه الشريعة؛ فإن هذه الشريعة باقية لا تنسخ، بل يكون عيسى حاكما من حكام هذه الأمة "

انتهى. من "فتح الباري" (6 / 491).

2- ما ورد في الحديث : ( وَيَضَعَ الجِزْيَةَ ) ، معنى هذه الجملة؛ أنه يخيّر أهل الكتاب بين الإسلام أو القتل، ولا يقبل منهم البقاء على الكفر مقابل دفع الجزية.

قال النووي رحمه الله تعالى:

" (ويضع الجزية) فالصواب في معناه: أنه لا يقبلها ولا يقبل من الكفار إلا الإسلام، ومن بذل منهم الجزية ، لم يكفَّ عنه بها ؛ بل لا يقبل إلا الإسلام أو القتل، هكذا قاله الإمام أبو سليمان الخطابي وغيره من العلماء رحمهم الله تعالى "

انتهى. من "شرح صحيح مسلم" (2 / 190).

والجزية مشروعة في دين الإسلام، كما في قوله تعالى:

( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) التوبة /29.

وفعل عيسى عليه السلام ليس نسخا منه لمشروعية الجزية؛ للآتي:

- أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قد بيّن بهذا الحديث : أن الجزية مشروعيتها مقيدة بزمن؛ وهو إلى وقت نزول عيسى عليه السلام، وبعد ذلك لا تقبل، فيكون عيسى عليه السلام حاكما بهذا الحديث متبعا لنبينا صلى الله عليه وسلم في هذا التقييد.

قال بدر الدين العيني رحمه الله تعالى:

" قوله: (وَيَضَعَ الجِزْيَةَ) ، أي: يتركها فلا يقبلها، بل يأمرهم بالإسلام.

فإن قلت: هذا يخالف حكم الشرع، فإن الكتابي إذا بذل الجزية ، وجب قبولها ، فلا يجوز بعد ذلك إكراهه على الإسلام ولا قتله؟

قلت: هذا الحكم الذي كان بيننا ، ينتهي بنزول عيسى عليه الصلاة والسلام.

فإن قلت: هذا يدل على أن عيسى، عليه الصلاة والسلام، ينسخ الحكم الذي كان في شرعنا، والحال أنه تابع لشرع نبينا صلى الله عليه وسلم.

قلت: ليس هو بناسخ، بل نبينا صلى الله عليه وسلم هو الذي بيّن بالنسخ. وأن عيسى، عليه الصلاة والسلام، يفعل ذلك بأمر نبينا صلى الله عليه وسلم "

انتهى. "عمدة القاري" (13 / 28).

- من قواعد شريعتنا أن "الحكم يدور مع علته زوالا وعدما".

فيحتمل أن الجزية فرضت على أهل الكتاب لشبهة ما بأيديهم من التوراة والإنجيل؛ فإذا نزل عيسى عليه السلام وعاينوه زالت هذه العلة، ولم يبق لهم شبه يتعلقون بها، فلم يبق إلا الإسلام أو القتل.

قال العراقي رحمه الله تعالى:

" ويظهر لي أن قبول الجزية من اليهود والنصارى لشبهة ما بأيديهم من التوراة والإنجيل ، وتعلقهم ـ بزعمهم ـ بشرع قديم ؛ فإذا نزل عيسى ، زالت تلك الشبهة ، لحصول معاينته ؛ فصاروا كعبدة الأوثان في انقطاع شبهتهم ، وانكشاف أمرهم ؛ فعوملوا معاملتهم في أنه لا يقبل منهم إلا الإسلام، والحكم يزول بزوال علته "

انتهى، من "طرح التثريب" (7 / 266 - 267).

فعلى هذا المعنى يكون عيسى عليه السلام حاكما بقواعد شريعتنا في وضعه الجزية.

رابعا:

في مجادلة أهل الباطل، لا يصلح أن نضعِّف حديثا صحيحا ثابتا ، حتى نزيل شبهة هؤلاء المبطلين ونسلم منها، فالشخص الذي يضعِّف حديثا صحيحا هروبا من شبهات أهل الإلحاد؛ هو في الحقيقة مقر بشبهتهم لهذا وافقهم في إبطال نص من الوحي، وهذا تصرف أهل الزيغ والضلال.

قال الله تعالى:

( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ) آل عمران /7.

وأما من رسخ العلم والإيمان في قلبه، فهو لا يجد لهذه الشبهات قوة ولا قيمة، ولهذا نجد أهل العلم الراسخين يقررون بأنه لا يوجد نص من الوحي يعارض العقل السليم، ولا يوجد في الوحي نصوص متعارضة، وإذا ألقي عليهم أي تعارض أزالوه بأدلة واضحة سليمة، وكان بعضهم يقول: " لا أعرف أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثان بإسنادين صحيحين متضادان، فمن كان عنده فليأت به حتى أؤلف بينهما ".

فعلى المسلم أن يرسِّخ العلم والإيمان في قلبه، وإذا كان لا علم عنده فليلزم من له علم فيتعلم منه ويستفسره فيما أشكل عليه؛ كما قال الله تعالى:

( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) النحل /43.

والحاصل :

أن الواجب عليك ، يا عبد الله ، وأنت في هذه السن الصغيرة : أن تحكم أمر نفسك أولا ، وتدعك من الشبهات ، والحوارات ، والمجادلات ، ولا تغرر بنفسك ، ولا توردها الموارد ، وكم ذهب أناس أمثالك ، صغار ، لا بصر عندهم بالأمر ، ولم يحكموا أمر الصيد ، ولم يهيئوا شباكهم ، يظنون أنهم يصطادون في ماء المحاورات ، والشبهات ، والمنتديات العكر : فكانوا هم أول صيد ، وصاروا لقمة سائغة للمشككين ، والمحرفين ، والمبدلين .

قال الله تعالى:

( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ، وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ ) الأنعام (112 – 113).

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

" أكثر أئمة السلف على هذا التحذير، يرون أن القلوب ضعيفة، والشبه خطافة "

انتهى. "سير أعلام النبلاء" (7 / 261).

فانصح لنفسك يا عبد الله ، وألزمها سبيل الهدى ، ومسالك أهل العلم ، ومجالسهم ، ومواقعهم ، ومنتدياتهم ، وكتبهم ، ودعك من الشبهات ، وأهلها ، والمشككين ، وحبالهم .

وعلم نفسك الأدب ، والرفق في الأمر كله ، وانظر إلى ما سطرت يمينك ، وما فيه عليك من المؤاخذة والتبعة ؛ وانج بنفسك ، يا عبد الله ، ولا يضرنك : قيل وقال ، ومن زلَّ ومال !!

عن مُعَاوِيَةَ، قال سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ )

رواه البخاري (71) ومسلم (1037).

وقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه:

( اغْدُ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا، وَلَا تَغْدُ إِمَّعَةً بَيْنَ ذَلِكَ ) رواه ابن عبد البر في "

جامع بيان العلم وفضله" (1 / 143).

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-05, 04:08   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الرجل الذي تقرب للصنم بذباب، وكان مكرها، لماذا لم يعذر ، ودخل النار؟

السؤال :

عن طارق ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( دخل الجنة رجل في ذباب ، ودخل النار رجل في ذباب ....) الحديث . وقال سبحانة وتعالى : (

إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ) ألم يكن الرجل مرغما على أن يتقرب بالذبابة ؟


الجواب :

الحمد لله

هذا الأثر إنما يصح من قول سلمان رضي الله عنه؛ كما رواه الإمام أحمد في "الزهد" (84) قال: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ: ( دَخَلَ رَجُلٌ الْجَنَّةَ فِي ذُبَابٍ، وَدَخَلَ النَّارَ رَجُلٌ فِي ذُبَابٍ.

قَالُوا: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟

قَالَ: مَرَّ رَجُلَانِ عَلَى قَوْمٍ لَهُمْ صَنَمٌ لَا يَجُوزُهُ أَحَدٌ حَتَّى يُقَرِّبَ لَهُ شَيْئًا، فَقَالُوا لِأَحَدِهِمَا: قَرِّبْ! قَالَ: لَيْسَ عِنْدِي شَيْءٌ، فَقَالُوا لَهُ: قَرِّبْ وَلَوْ ذُبَابًا! فَقَرَّبَ ذُبَابًا، فَخَلَّوْا سَبِيلَهُ.

قَالَ: فَدَخَلَ النَّارَ. وَقَالُوا لِلْآخَرِ: قَرِّبْ وَلَوْ ذُبَابًا! قَالَ: مَا كُنْتُ لِأُقَرِّبَ لِأَحَدٍ شَيْئًا دُونَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: فَضَرَبُوا عُنُقَهُ، قَالَ: فَدَخَلَ الْجَنَّةَ ) .

وصححه الألباني موقوفا على سلمان رضي الله عنه

كما في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (12 / 722)؛

حيث قال: " وبالجملة؛ فالحديث صحيح موقوفا على سلمان الفارسي رضي الله عنه " انتهى.

ثانيا:

الأثر يدل على أن من أُكرِه على فعل الكفر يكفر، ولا يعذر بسبب الإكراه؛ وهو حكم يعارض النصوص التي تدل على أن المكره معذور ولا يكفر إذا لم يتعمد ذلك بقلبه؛ ومن ذلك قول الله تعالى:

( مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) النحل /106.

والجواب عن هذا الإشكال على ثلاثة أوجه:

الوجه الأول:

أن الظاهر أن سلمان رضي الله عنه إنما نقله عن أكل الكتاب فقد كان على اطلاع على كتبهم وأخبارهم ، حيث تعلم على أيديهم قبل أن يسلم.

قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:

" إلا أنه يظهر لي أنه من الإسرائيليات التي كان تلقاها عن أسياده حينما كان نصرانيا "

انتهى، من "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (12 / 722).

ففي هذه الحالة؛ هذا الأثر لا يعارض الآية؛ لأن من شرط التعارض أن يكون النص صحيحا ثابت الحجة، وأخبار أهل الكتاب، رغم إذن الشرع بالتحديث بها؛ إلا أنها ليست بحجة؛ لأننا نهينا عن تصديقها أو تكذيبها.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ( كَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالعِبْرَانِيَّةِ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الكِتَابِ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ ، وَقُولُوا: ( آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا ) الآيَةَ. ) رواه البخاري (4485).

وعن ابْنُ أَبِي نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ، وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: آمَنَّا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، فَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ تُكَذِّبُوهُ ) رواه أبوداود (3644)، وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (6 / 712).

الوجه الثاني:

أن عدم العذر بالإكراه ، على فرض صحة هذا الأثر ، وثبوت ذلك في أمة ممن قبلنا : إنما يكون من "شرع من قبلنا"؛ وهو -بالإجماع- ليس بشرع لهذه الأمة؛ إذا جاء في شرعنا ما يخالفه.

قال الشيخ المفسر محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى:

" وحاصل تحرير المقام في مسألة "شرع من قبلنا"، أن لها واسطة وطرفين: ...

وطرف يكون فيه غير شرع لنا إجماعا، وهو أمران:

أحدهما: ما لم يثبت بشرعنا أصلا أنه كان شرعا لمن قبلنا، كالمتلقى من الإسرائيليات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن تصديقهم، وتكذيبهم فيها، وما نهانا صلى الله عليه وسلم عن تصديقه لا يكون مشروعا لنا إجماعا.

والثاني: ما ثبت في شرعنا أنه كان شرعا لمن قبلنا، وبين لنا في شرعنا أنه غير مشروع لنا، كالآصار، والأغلال التي كانت على من قبلنا؛ لأن الله وضعها عنا، كما قال تعالى: ( ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم )، وقد ثبت في صحيح مسلم: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ: ( ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا )، أن الله قال: نعم قد فعلت )... "

انتهى، من "أضواء البيان" (2 / 81 - 82).

فالحاصل؛ أن عدم العذر بالإكراه في هذا الأثر، ليس من شرعنا.

وقال الشيخ الشنقيطي رحمه الله تعالى، أيضا ، في تفسيره لقوله تعالى:

( إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا ) الكهف /20 :

" أخذ بعض العلماء من هذه الآية الكريمة أن العذر بالإكراه من خصائص هذه الأمة؛ لأن قوله عن أصحاب الكهف: ( إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ )، ظاهر في إكراههم على ذلك ، وعدم طواعيتهم، ومع هذا قال عنهم: ( وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا )، فدل ذلك على أن ذلك الإكراه ليس بعذر.

ويشهد لهذا المعنى حديث طارق بن شهاب في الذي دخل النار في ذباب قربه مع الإكراه بالخوف من القتل؛ لأن صاحبه الذي امتنع أن يقرب ولو ذبابا قتلوه ...

أما هذه الأمة فقد صرح الله تعالى بعذرهم بالإكراه في قوله: ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان )، والعلم عند الله تعالى. "

انتهى، من "أضواء البيان" (4 / 96 - 97).

الوجه الثالث:

يحتمل أن هذا الرجل لم يكفر بسبب فعله للشرك مكرها؛ وإنما بسبب أنه لم ينكر هذا الشرك بقلبه وتعمد فعله استخفافا واستهانة به، كما تشير إلى ذلك رواية ابن أبي شيبة في "المصنف" (17 / 537 - 538): عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: ( دَخَلَ رَجُلٌ الْجَنَّةَ فِي ذُبَابٍ، وَدَخَلَ رَجُلٌ النَّارَ فِي ذُبَابٍ: مَرَّ رَجُلَانِ عَلَى قَوْمٍ قَدْ عَكَفُوا عَلَى صَنَمٍ لَهُمْ، وَقَالُوا: لَا يَمُرُّ عَلَيْنَا الْيَوْمَ أَحَدٌ إِلَّا قَدَّمَ شَيْئًا، فَقَالُوا لِأَحَدِهِمَا: قَدِّمْ شَيْئًا! فَأَبَى، فَقُتِلَ، وَقَالُوا لِلْآخَرِ: قَدِّمْ شَيْئًا! قَالَ: لَيْسَ عِنْدي شَيْء، فَقَالُوا: قَدِّمْ وَلَوْ ذُبَابًا، فَقَالَ: وَأَيْشٍ ذُبَابٌ! فَقَدَّمَ ذُبَابًا فَدَخَلَ النَّارَ.

فَقَالَ سَلْمَانُ: فَهَذَا دَخَلَ الْجَنَّةَ فِي ذُبَابٍ، وَدَخَلَ هَذَا النَّارَ فِي ذُبَابٍ ) .

وصحح إسناده الشيخ الألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (12 / 722).

فقوله: ( فَقَالَ: وَأَيْشٍ ذُبَابٌ! )

: تدل على أنه لم يستعظم هذا الشرك، ولم ينكره بقلبه، بل فعله وهو راض به، ومثل هذا لا شك أنه يكفر.

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-05, 04:14   رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كيفية الجمع بين حديث بول النبي صلى الله عليه وسلم في إناء وتركه بالليل ، وحديث نهيه عن نقع البول في الإناء

السؤال :

أشكل علي حديثان ، وأريد الإجابة عن كيفية الجمع بينهما ، وهما قول النبي صلى الله عليه وسلم :( لا ينقع بول في طست في البيت فإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه بول منتقع ولا تبولن في مغتسلك )

"السلسلة الصحيحة" حديث رقم:(2516) . وحديث : "

كان للنبي صلى الله عليه وسلم قدح من عيدان تحت سريره يبول فيه بالليل)

"صحيح الجامع "(4832) .


الجواب :

الحمد لله


أما الحديث الأول :

فقد أخرجه أبو داود في "سننه" (24)

والنسائي في "سننه" (32)

وابن حبان في "صحيحه" (1426)

والحاكم في "المستدرك" (594)

من حديث حُكَيمَةَ بنتِ أُمَيمَةَ بنتُ رُقَيقة عن أُمِّها أنَّها قالت:" كان للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَدَحٌ من عَيْدانٍ تحتَ سَريرِهِ يبولُ فيه باللَّيل ".

والحديث حسنه النووي في "الإيجاز في شرح سنن أبي داود" (ص155)

وصححه الشيخ الألباني في "صحيح أبي داود" (19) .

وأما الحديث الثاني :

فقد أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2077)

من حديث عبد الله بن يزيد ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( لَا يُنْقَعُ بَوْلٌ فِي طَسْتِ فِي الْبَيْتِ ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ بَوْلٌ يُنْقَعُ ، وَلَا تَبُولَنَّ فِي مُغْتَسَلِكَ ) .

والحديث حسنه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (999)

وجود إسناده الحافظ ولي الدين العراقي كما في "حاشية السيوطي على النسائي" (1/14)

وصحح سنده الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2516) .

ولا تعارض بين الحديثين من حيث المعنى :

حيث أن الحديث الأول يدل على جواز البول في الإناء وتركه فترة الليل ، وهذا لا خلاف في جوازه ، وإنما الخلاف في كراهته لغير الحاجة .

قال النووي في "الإيجاز في شرح سنن أبي داود" (ص155)

:" باب: في الرجل يبول بالليل في الإناء ، ثم يضَعُه عنده . يعني: باب جوازه ، وإنما الرجل بمعنى الشخص ، لا للاحتراز من المرأة ، فهي كهو في جوازه ، وسواء في جواز ذلك الليل والنهار ، لكن الأولى اجتنابه بالنهار من غير حاجة ". انتهى

وقال البهوتي في "منتهى الإرادات" (1/35)

:" (وَ) يُكْرَهُ بَوْلُهُ فِي ( إنَاءٍ بِلَا حَاجَةٍ ) نَصًّا ، فَإِنْ كَانَتْ لَمْ يُكْرَهْ ، لِقَوْلِ أُمَيْمَةَ بِنْتِ رَقِيقَةَ عَنْ أُمِّهَا « كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَحٌ مِنْ عَيْدَانٍ تَحْت سَرِيرِهِ يَبُولُ فِيهِ بِاللَّيْلِ » . انتهى.


وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" (1/115)

:" وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ إعْدَادِ الْآنِيَةِ لِلْبَوْلِ فِيهَا بِاللَّيْلِ وَهَذَا مِمَّا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا ". انتهى.

وأما الحديث الثاني : فينهى فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن نقع البول ، ومعناه أن يترك البول في إناء زمنا طويلا ، وعلى هذا فيحمل حديث النهي على النقع وطول المكث ، وبهذا جمع أهل العلم بين الحديثين .

قال ابن حجر الهيتمي في "تحفة المنهاج" (1/172)

:" وَيُسَنُّ اتِّخَاذُ إنَاءٍ لِلْبَوْلِ فِيهِ لَيْلًا ، نَعَمْ « نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَنْ يُنْقَعَ الْبَوْلُ فِي إنَائِهِ » ؛ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ أَيْ الَّذِينَ لِلرَّحَمةِ وَالزِّيَارَةِ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا هُوَ فِيهِ ". اهـ

وقال الشرواني في "حاشيته على تحفة المنهاج" (1/172)

:" وَلَا يُعَارِضُهُ مَا رَوَاهُ الطَّبَرِاني بِسَنَدٍ جَيِّدٍ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - « لَا يُنْقَعُ بَوْلٌ فِي طَسْتٍ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ بَوْلٌ مُنْقَعٌ » لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرَادَ بِالِانْتِقَاعِ طُولُ الْمُكْثِ ، وَمَا جُعِلَ فِي الْإِنَاءِ كَمَا ذُكِرَ لَا يَطُولُ مُكْثُهُ غَالِبًا ، أَوْ أَنَّ النَّهْيَ خَاصٌّ بِالنَّهَارِ وَرُخِّصَ فِيهِ بِاللَّيْلِ ، لِمَا مَرَّ ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ النَّوَوِيِّ : الْأَوْلَى اجْتِنَابُهُ نَهَارًا لِغَيْرِ حَاجَة " انتهى.

وقال المباركفوري في "مرعاة المفاتيح" (2/67)

:" قيل: يعارضه ما رواه الطبراني في الأوسط بسند جيد من حديث عبد الله بن يزيد مرفوعاً :" لا ينقع بول في طست في البيت ، فإن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه بول منتقع ". والجواب لعل المراد بالنقاعة طول مكثه ، وما يجعل في الإناء لا يطول مكثه غالباً. وقال المغلطائي: يحتمل أن يكون أراد كثرة النجاسة في البيت بخلاف القدح فإنه لا يحصل به نجاسة لمكان آخر". انتهى.ـ

فتبين مما سبق أنه لا تعارض بين الحديثين ، وأن النهي محمول على ترك البول في الإناء زمنا طويلا ، وهو المراد بالنقع ، وأما مجرد البول في الإناء ثم رميه بعد ذلك بزمن يسير فلا إشكال فيه .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-05, 04:24   رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شبهة حول تكاثر الشر بمرور الأعصار

السؤال

: في صحيح البخاري (7068) عن الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ : " أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنْ الْحَجَّاجِ ، فَقَالَ : اصْبِرُوا فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ "، فالمعني للحديث حتي يزول الفهم الخاطيء أنه يتعارض مع الحديث الآخر ، عن حذيفة قال : " يا رسول الله كنا في جاهلية وشر ، فجاءنا الله بهذا الخير

فهل بعد هذا الخير من شر ؟

قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( نعم ) ، قال حذيفة : فهل بعد هذا الشر من خير ؟

قال: ( نعم وفيه دخن ) " ، فهنا في حديث حذيفة رضي الله عنه فيه جاء الخير بعد الشر ، وأيضا مثال لدولة العبيديين ، أو الدولة المسماة الفاطمية زورا فقد عاش الناس وقتها في شر وتبديل للدين إلى أن جاء صلاح الدين فأعاد بفضل الله تعالي مصر سنية فصار الزمان الذي جاء بعد الشيعة العبيديين خير من زمانهم فكيف يتم التوفيق بين الحديثين وتعاقب الزمان


الجواب :


الحمد لله

روى البخاري في صحيحه (7068).عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، قَالَ: أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنَ الحَجَّاجِ، فَقَالَ: ( اصْبِرُوا، فَإِنَّهُ لاَ يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ. سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) .

وهذا الحديث يثبت أن كل زمان بعد زمن النبي صلى الله عليه وسلم فيه من الشر أكثر من الزمن الذي سبقه .

وفي مقابل هذا : صحّ أنه بعض الأزمان كان يظهر فيها من الشر أقل من الزمن الذي سبقها، كعهد خلافة عمر بن عبد العزيز مقارنة بالفترة التي سبقته والتي شهدت إمارة الحجاج وما كان فيها من الظلم. وكذلك ما أخبر به الوحي عن فترة المهدي في آخر الزمان، فهي خير من الفترة التي تسبقها.

وقد أجاب أهل العلم عن هذا الإشكال بما حاصله:

أن هذا نص عام، ولا يمنع هذا من وجود أزمان مخصوصة من هذا العموم.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" وقد حمله الحسن البصري على الأكثر الأغلب، فسئل عن وجود عمر بن عبد العزيز بعد الحجاج فقال لا بد للناس من تنفيس "

انتهى، من "فتح الباري" (13 / 21).

وقال ابن الجوزي رحمه الله تعالى:

" إن قال قائل: ما وجه هذا ونحن نعلم أنه جاء بعد الحجاج عمر ابن عبد العزيز، فبسط العدل وصلح الزمان؟

فالجواب: أن الكلام خرج على الغالب، فكل عام تموت سنة وتحيا بدعة، ويقل العلم، ويكثر الجهال، ويضعف اليقين، وما يأتي من الزمان الممدوح نادر قليل "

انتهى، من "كشف المشكل" (3 / 295).

وقال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:

" فهذا الحديث ينبغي أن يفهم على ضوء الأحاديث المتقدمة وغيرها؛ مثل أحاديث

المهدي، ونزول عيسى عليه السلام؛ فإنها تدل على أن هذا الحديث ليس على عمومه؛

بل هو من العام المخصوص، فلا يجوز إفهام الناس أنه على عمومه، فيقعوا في

اليأس الذي لا يصح أن يتصف به المؤمن؛ ( إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ).

أسأل الله أن يجعلنا مؤمنين به حقا "

انتهى، من "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1 / 36).

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

" أما حديث: «لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه » : فهو محمول على الأغلب ؛ فلا يمنع أن يكون في بعض الزمان أحسن مما قبله، كما جرى في زمان عمر بن عبد العزيز ؛ فإن زمانه أحسن من زمان سليمان والوليد، وكما حصل في زمان شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم من ظهور السنة والرد على المبتدعة، وكما جرى في الجزيرة بعد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. "

انتهى، من "مجموع فتاوى ابن باز" (25/104) .

وقيل : إن نسبة الشر ينظر إليها من خلال مجموع العصر، وليس بالنظر إلى بلدة أو جماعة معينة ونحو هذا.

فمجموع عصر الحجاج ابن يوسف ، وإن كان فيه شر وظلم ، فهو خير من مجموع عصر عمر بن عبد العزيز وإن عرف بالعدل، لأن عصر الحجاج من ضمن عصر الصحابة، حيث عاش فيه عدد منهم كعبد الله بن عمر بالخطاب وأنس بن مالك رضوان الله عليهم أجمعين، أما عصر عمر بن عبد العزيز فقد خلا من الصحابة.

والعصر الذي وجدت فيه الدولة الفاطمية فإن مجموع ذلك العصر خير من الذي بعده، فذلك العصر كان فيه من أهل العلم والصالحين الذين يتعلم منهم الناس ، ويقتدون بهم : من لم يوجد مثلهم فيما جاء بعد ذلك من الأعصار، فذهب بذهابهم خير كثير.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" وأجاب بعضهم أن المراد بالتفضيل تفضيل مجموع العصر على مجموع العصر ؛ فإن عصر الحجاج كان فيه كثير من الصحابة في الأحياء ، وفي عصر عمر بن عبد العزيز انقرضوا، والزمان الذي فيه الصحابة خير من الزمان الذي بعده ، لقوله صلى الله عليه وسلم خير القرون قرني وهو في الصحيحين "

انتهى، من "فتح الباري" (13 / 21).

وقال أحمد بن إسماعيل الكوراني رحمه الله تعالى:

" وعندي أن المراد من الزمان ليس نفس الزمان وذلك ظاهر، ولا الأمراء وأرباب الولايات، ولا كل فرد من أفراد الناس، بل الغالب كما أشار إليه بقوله: ( خير القرون قرني ) فإنه أراد الغالب ... في كل قرن كان يزداد من ظهور الزنى وشرب الخمر وأنواع البدع .

والإنسان إذا تأمل من أول عمره إلى آخره يرى تفاوتًا ظاهر في الناس، فإن الغالب فيما رآهم في أول عمره : خير من الذين رآهم آخره "

انتهى، من "الكوثر الجاري" (11 / 14).

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-05, 04:30   رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

التوفيق بين الآية ( كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) وبين صلاة داود عليه السلام

السؤال


: ورد في السنة عن قيام الليل لداود عليه السلام ، وأنه كان وسط نومتين ، فهل يتنافى ذلك مع قوله تعالى : ( كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) ؟


الجواب :

الحمد لله

قد صح أن نبي الله داود عليه السلام كان ينام نصف الليل الأول، ثم يصلي ثلث الليل، ثم ينام سدس الليل، وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على هذا المقدار من الصلاة في الليل ، ونص على أنه أحب الصلاة إلى الله تعالى.

روى البخاري (1131) ومسلم (1159) عن عَبْد اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: ( أَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا ).

وهذا قد يشكل على البعض عند مقارنته بقول الله تعالى: ( كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) الذاريات (17).

والهجوع هو النوم

كما في لسان العرب (6/4621) .

والجواب عن هذا الإشكال؛ أن يقال:

إن المفسرين اختلفوا في تفسير هذه الآية على أقوال، أشهرها قولان اقتصر عليهما ابن كثير رحمه الله تعالى؛ حيث قال:

" ( كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ )، اختلف المفسرون في ذلك على قولين:

أحدهما: أن "مَا" نافية، تقديره: كانوا قليلا من الليل لا يهجعونه. قال ابن عباس: لم تكن تمضي عليهم ليلة إلا يأخذون منها ؛ ولو شيئا.

وقال قتادة، عن مطرف بن عبد الله: قل ليلة تأتي عليهم لا يصلون فيها لله، عز وجل، إما من أولها وإما من أوسطها.

وقال مجاهد: قل ما يرقدون ليلة حتى الصباح لا يتهجدون. وكذا قال قتادة...

والقول الثاني: أن "مَا" مصدرية، تقديره: كانوا قليلا من الليل هجوعهم ونومهم. واختاره ابن جرير "

انتهى. "تفسير ابن كثير" (7 / 416 - 417).

فالقول الأول: وهو أنه قل أن يتركوا قيام الليل، فلا تمضي عليهم ليلة إلا وقد صلوا فيها ما يسر الله لهم. فعلى هذا القول لا إشكال بين الآية والحديث.

وأما القول الثاني: وهو أن نومهم بالليل قليل ، بجنب قيامهم واستغفارهم ، وهذا رجحه الطبري رحمه الله تعالى؛ فقال:

" وأولى الأقوال بالصحة في تأويل قوله: ( كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ). قول من قال: كانوا قليلا من الليل هجوعهم، لأن الله تبارك وتعالى وصفهم بذلك مدحا لهم، وثناء عليهم به، فوصفُهم بكثرة العمل، وسهر الليل، ومكابدته فيما يقربهم منه، ويرضيه عنهم : أولى وأشبه من وصفهم بقلة العمل، وكثرة النوم .

مع أن الذي اخترنا في ذلك هو أغلب المعاني على ظاهر التنزيل "

انتهى. "تفسير الطبري" (21 / 509).

وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى على أنه أصح الأقوال،

ال رحمه الله تعالى:

" وهذا على أصح الأقوال: معناه كانوا يهجعون قليلا ؛ فـ (قَلِيلًا) منصوب بـ (يَهْجَعُونَ) ، و (مَا) مؤكدة ... "

انتهى. "مجموع الفتاوى" (23 / 85).

والجمع بين الحديث وبين الآية على هذا القول؛ هو أن يقال: إن الليل من غروب الشمس شرعا وحسا، ويستمر حتى بعد طلوع الفجر إلى أن تطلع الشمس؛ لأن هذا الوقت ملحق بالليل بالنسبة للنوم ؛ فمن صلى صلاة داود عليه السلام فوقت نومه أقل من وقت استيقاظه وعبادته من الليل

لأن ثلث الليل الذي يصليه يضاف إليه الوقت من غروب الشمس إلى وقت نومه بعد العشاء؛ ففي هذا الوقت صلاتا المغرب والعشاء وما يعقبهما من نوافل وذكر لله تعالى، وهذا وقت كثير، ويضاف إليه أيضا الوقت من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس وما يتخلل هذا الوقت من صلاة وذكر وتسبيح.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" وقيل (مَا) زائدة، وخبر "كان": (يَهْجَعُونَ)، و(قَلِيلًا) منصوب:

إما على المصدرية، أي: هجوعاً قليلاً.

وإما على الظرف، أي زمناً قليلا.

واستشكل هذا بأن نوم نصف الليل وقيام ثلثه، ثم نوم سدسه؛ أحب القيام إلى الله عزّ وجلّ، فيكون وقت الهجوع أكثر من وقت القيام، فكيف يثني عليهم بما الأفضل خلافه؟

وأجيب عن ذلك: بأن من قام هذا القيام فزمن هجوعه أقل من زمن يقظته قطعاً، فإنه مستيقظ من المغرب إلى العشاء، ومن الفجر إلى طلوع الشمس، فيبقى ما بين العشاء إلى طلوع الفجر، فيقومون نصف ذلك الوقت؛ فيكون زمن الهجوع أقل من زمن الاستيقاظ "

انتهى، من "التبيان" (1 / 443 – 444).

وقد روى البيهقي في "الصغرى" (821) عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، أنه قال في هذه الآية (كانوا قليلا من الليل ما يهجعون) ، قال : " كانوا يتيقظون ما بين المغرب والعشاء يصلون ما بينهما " .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-08, 11:24   رقم المشاركة : 41
معلومات العضو
suzuki19
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية suzuki19
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مشكوور اخي بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2018-07-08, 15:54   رقم المشاركة : 42
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة suzuki19 مشاهدة المشاركة
مشكوور اخي بارك الله فيك
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك الطيب مثلك
اسعدك الله بكل ما تحب و ترضي

في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيك
وجزالك الله عني كل خير









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-08, 16:23   رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



وصفت الأحاديث لون عيسى عليه السلام بالحمرة والأدمة، فما الراجح؟

لسؤال

: بخصوص الحديث الذي رواه أبو هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف لأصحابه إبراهيم وموسى وعيسى حين رآهم في ليلة الإسراء ، فقال : ( أما إبراهيم ، فلم أر رجلا أشبه قط بصاحبكم ، ولا صاحبكم أشبه به منه ، وأما موسى فرجل آدم طويل ضرب جعد أقنى كأنه من رجال شنوءة ، وأما عيسى بن مريم

فرجل أحمر ، بين القصير والطويل ، سبط الشعر ، كثير خيلان الوجه ، كأنه خرج من ديماس ، تخال رأسه يقطر ماء ، وليس به ماء ، أشبه رجالكم به عروة بن مسعود الثقفي... فَأُتِيتُ بِثَلَاثَةِ أَقْدَاحٍ قَدَحٌ فِيهِ لَبَنٌ، وَقَدَحٌ فِيهِ عَسَلٌ، وَقَدَحٌ فِيهِ خَمْرٌ، فَأَخَذْتُ الَّذِي فِيهِ اللَّبَنُ فَشَرِبْتُ

فَقِيلَ لِي : أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ أَنْتَ وَأُمَّتُكَ ) . والحديث عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أراني الليلة عند الكعبة ، فرأيت رجلاً آدم ، كأحسن ما أنت راء من أدم الرجال ، له لمّة كأحسن ما أنت راء من اللمم ، قد رجلها فهي تقطر ماء ، متكئا على رجلين ، أو على عواتق رجلين يطوف بالكعبة ، فسألت من هذا ؟

قيل : هذا المسيح ابن مريم ) البخاري (الحديث رقم 3185) أيّ هذين الحديثين صحيحٌ ؛ لأنه يوجد بينهما تناقضٌ بخصوص لون بشرة عيسى عليه السلام ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا:

ثبت في وصف عيسى عليه السلام أنه (آدم) :

فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ، سَبِطُ الشَّعْرِ، بَيْنَ رَجُلَيْنِ يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً - أَوْ يُهَرَاقُ رَأْسُهُ مَاءً - .

قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا ابْنُ مَرْيَمَ .

ثُمَّ ذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ، فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ، جَسِيمٌ، جَعْدُ الرَّأْسِ، أَعْوَرُ الْعَيْنِ، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ .

قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: الدَّجَّالُ، أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ ) .

رواه البخاري (3441) ومسلم (171) .

ورواه البخاري (3440) بلفظ :

( وَأَرَانِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الكَعْبَةِ فِي المَنَامِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ، كَأَحْسَنِ مَا يُرَى مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ تَضْرِبُ لِمَّتُهُ بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ، رَجِلُ الشَّعرِ، يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً، وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلَيْنِ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: هَذَا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ.

ثُمَّ رَأَيْتُ رَجُلًا وَرَاءَهُ جَعْدًا قَطِطًا أَعْوَرَ العَيْنِ اليُمْنَى، كَأَشْبَهِ مَنْ رَأَيْتُ بِابْنِ قَطَنٍ، وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلٍ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: المَسِيحُ الدَّجَّالُ ) .

والأُدْمة: هي السمرة.

قال ابن سيده في " المحكم" (9 / 389):

" والأدمة في الإبل: لون مشرب سوادا أو بياضا، وقيل: هو البياض الواضح، وهي في الظباء: لون مشرب بياضا، وفي الإنسان: السمرة " انتهى.

وقال ابن الأثير رحمه الله تعالى:

" والأدمة في الإبل: البياض مع سواد المقلتين ... وهي في الناس السمرة الشديدة "

انتهى. "النهاية في غريب الحديث" (1 / 32).

وورد في حديث الإسراء أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف عيسى عليه السلام بأنه أحمر اللون:

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي رَأَيْتُ مُوسَى: وَإِذَا هُوَ رَجُلٌ ضَرْبٌ رَجِلٌ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ .

وَرَأَيْتُ عِيسَى، فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ رَبْعَةٌ أَحْمَرُ، كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ - يَعْنِي حَمَّامًا - ... "

رواه البخاري (3394) ومسلم (168).

وقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( رَأَيْتُ عِيسَى ومُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ، فَأَمَّا عِيسَى فَأَحْمَرُ جَعْدٌ عَرِيضُ الصَّدْرِ، وَأَمَّا مُوسَى، فَآدَمُ جَسِيمٌ سَبْطٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ الزُّطِّ ) رواه البخاري (3438).

فالوصفان ثابتان في حديثين متفق على صحتهما.

والواجب عندما يظهر لنا وجود إشكال بين حديثين صحيحين؛ هو أن نحاول أن نجمع بينهما بوجه صحيح، ما أمكن ذلك.

قال الشيخ المفسر محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى:

" والمقرر في علم الأصول وعلم الحديث أنه إذا أمكن الجمع بين الحديثين : وجب الجمع بينهما إجماعا، ولا يرد غير الأقوى منهما بالأقوى؛ لأنهما صادقان، وليسا بمتعارضين، وإنما أجمع أهل العلم على وجوب الجمع بين الدليلين إن أمكن؛ لأن إعمال الدليلين معا أولى من إلغاء أحدهما كما لا يخفى "

انتهى. "أضواء البيان" (5 / 161).

ثانيا :

وجه الجمع بين هذين الحديثين؛ هو أنْ يقال – والله أعلم - أنّ عيسى عليه السلام وُصِف بالأدمة وبالحمرة؛ لأن لون بشرته بينهما ويميل إليهما.

قال النووي رحمه الله تعالى:

" فيجوز أن يُتأول الأحمر على الآدم ، ولا يكون المراد حقيقة الأدمة والحمرة ، بل ما قاربها . والله أعلم " انتهى. "شرح صحيح مسلم" (2 / 233).

وهذا الجمع يتقوى بأمور:

الأمر الأول:

عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي مُوسَى رَجُلًا آدَمَ طُوَالًا جَعْدًا، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَرَأَيْتُ عِيسَى رَجُلًا مَرْبُوعًا، مَرْبُوعَ الخَلْقِ ، إِلَى الحُمْرَةِ وَالبَيَاضِ، سَبِطَ الرَّأْسِ) رواه البخاري (3239) و مسلم (165).

فالحديث نص على أن عيسى عليه السلام ( إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ ): أي يميل إلى الحمرة والبياض.

قال الملا علي القاري رحمه الله تعالى:

" وقوله: (إلى الحمرة والبياض)، حال أي: مائلا لونه إليهما، فلم يكن شديد الحمرة والبياض " انتهى. "مرقاة المفاتيح" (9 / 700).

وهذا يشير إلى أن لونه الغالب ليس الحمرة والبياض، فيكون هو الأدمة والسمرة التي جاءت في الأحاديث الأخرى، فهو أسمر لكن يميل إلى البياض والحمرة ولا يميل إلى شدة السمرة والسواد.

الأمر الثاني:

أن لون عيسى عليه السلام ذكر في كل حديث في مقابلة لون آخر.

ففي حديث المنام ذكر أن عيسى لونه آدم، في مقابلة الدجال الذي لونه أحمر.

( فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ، سَبِطُ الشَّعْرِ، بَيْنَ رَجُلَيْنِ يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً - أَوْ يُهَرَاقُ رَأْسُهُ مَاءً - قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا ابْنُ مَرْيَمَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ، فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ ... ).

وأما في حديث الإسراء، فوصف بالحمرة في مقابلة الأدمة التي في موسى عليه السلام.

( فَأَمَّا عِيسَى فَأَحْمَرُ جَعْدٌ عَرِيضُ الصَّدْرِ، وَأَمَّا مُوسَى، فَآدَمُ جَسِيمٌ ).

وهذا يشير إلى أن لون عيسى عليه السلام بين الأدمة والحمرة ، ويميل إليهما، وغلّب في كل حديث اللون الذي يميّز عيسى عليه السلام عمّن ذكر معه.

الأمر الثالث:

ورد في حديث أبي هريرة السابق : ( وَرَأَيْتُ عِيسَى، فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ رَبْعَةٌ أَحْمَرُ، كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ - يَعْنِي حَمَّامًا - ).

فيحتمل أن تكون الصفة التي من أجلها وصف بالحمرة ، أنه شبّه بالخارج من الحمّام .

قال القاضي عياض رحمه الله تعالى:

" وقوله: فى صفة عيسى من رواية ابن عمر: " آدَم " ومن رواية غيره: " أحمر " وقد تقدَّم. وقد يحتجُّ لكونه أحمر بقوله: " كأنما خَرج من ديماس " يعنى لحُمرته ... "

انتهى. "اكمال المعلم" (1 / 520).

والشخص الأسمر ، الذي ليس بالشديد السمرة : تظهر فيه حمرة السخونة ، فور خروجه من الحمام.

الأمر الرابع:

أُدْمة عيسى عليه السلام وصفت بأنها أحسن ما تكون، كما في حديث ابن عمر الذي سبق ذكره: ( فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ، كَأَحْسَنِ مَا يُرَى مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ ، تَضْرِبُ لِمَّتُهُ بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ، رَجِلُ الشَّعرِ، يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً، وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْ رَجُلَيْنِ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: هَذَا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ).

وهذا يدل على أن الأدمة هنا حسنة ، لعدم شدتها ؛ وعلى ذلك : فسمرته ليست بالشديدة بل تميل إلى البياض والحمرة.

والخلاصة:

أن وصف الأدمة والحمرة كلاهما ثابت لعيسى عليه السلام، وهذا يشير إلى أنّ لونه مائل إليهما وليس هو خالص الأدمة ، ولا خالص الحمرة.

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-08, 16:28   رقم المشاركة : 44
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كان صلى الله عليه وسلم لا يحب أن تزيد غنمه على المائة

السؤال

: قال ابن القيم في زاد المعاد : وكان له مائة شاة ، وكان لا يحب أن تزيد على مائة ، فإذا زادت بهمة ذبح مكانها أخرى (1/153) ، لمَ كان صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك؟

الجواب :


الحمد لله

عَنْ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ، قَالَ: ( كُنْتُ وَافِدَ بَنِي الْمُنْتَفِقِ - أَوْ فِي وَفْدِ بَنِي الْمُنْتَفِقِ - إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ نُصَادِفْهُ فِي مَنْزِلِهِ، وَصَادَفْنَا عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ،

قَالَ: فَأَمَرَتْ لَنَا بِخَزِيرَةٍ فَصُنِعَتْ لَنَا، قَالَ: وَأُتِينَا بِقِنَاعٍ - وَلَمْ يَقُلْ قُتَيْبَةُ (راوي الحديث): الْقِنَاعَ، وَالْقِنَاعُ: الطَّبَقُ فِيهِ تَمْرٌ - ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلْ أَصَبْتُمْ شَيْئًا؟ أَوْ أُمِرَ لَكُمْ بِشَيْءٍ؟

قَالَ: قُلْنَا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَبَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُلُوسٌ، إِذْ دَفَعَ الرَّاعِي غَنَمَهُ إِلَى الْمُرَاحِ، وَمَعَهُ سَخْلَةٌ تَيْعَرُ، فَقَالَ: مَا وَلَّدْتَ يَا فُلَانُ؟

قَالَ: بَهْمَةً، قَالَ: فَاذْبَحْ لَنَا مَكَانَهَا شَاةً، ثُمَّ قَالَ: لَا تَحْسِبَنَّ، وَلَمْ يَقُلْ: لَا تَحْسَبَنَّ، أَنَّا مِنْ أَجْلِكَ ذَبَحْنَاهَا، لَنَا غَنَمٌ مِائَةٌ لَا نُرِيدُ أَنْ تَزِيدَ، فَإِذَا وَلَّدَ الرَّاعِي بَهْمَةً، ذَبَحْنَا مَكَانَهَا شَاةً، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي امْرَأَةً، وَإِنَّ فِي لِسَانِهَا شَيْئًا - يَعْنِي الْبَذَاءَ - قَالَ: فَطَلِّقْهَا إِذًا،

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لَهَا صُحْبَةً، وَلِي مِنْهَا وَلَدٌ، قَالَ: فَمُرْهَا يَقُولُ: عِظْهَا، فَإِنْ يَكُ فِيهَا خَيْرٌ فَسَتَفْعَلْ، وَلَا تَضْرِبْ ظَعِينَتَكَ كَضَرْبِكَ أُمَيَّتَكَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي، عَنِ الْوُضُوءِ،

قَالَ: أَسْبِغِ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا )

رواه أبو داود (142)

والحاكم في "المستدرك" (4 / 110) وقال: "

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ" ووافقه الذهبي

وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود" (142).

وهذا الحديث بيّن أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يملك مجموعة من الغنم، وكان لا يتركها تتكاثر حتى تفوق المائة.

فأمّا عدم تركها تتكاثر؛ فالذي يظهر أنّ سبب ذلك راجع إلى أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان معرضا عن الدنيا، ولم يكن يتملك منها إلا ما له حاجة إليه، وما سوى ذلك ينفقه في سبل الخير.

عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا يَسُرُّنِي أَنْ لاَ يَمُرَّ عَلَيَّ ثَلاَثٌ، وَعِنْدِي مِنْهُ شَيْءٌ، إِلَّا شَيْءٌ أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ ) رواه البخاري (2389) ومسلم (991).

وعن أَبي ذَرٍّ، قَالَ: ( كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرَّةِ المَدِينَةِ عِشَاءً، اسْتَقْبَلَنَا أُحُدٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ! مَا أُحِبُّ أَنَّ أُحُدًا لِي ذَهَبًا، تَأْتِي عَلَيَّ لَيْلَةٌ أَوْ ثَلاَثٌ عِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ إِلَّا أَرْصُدُهُ لِدَيْنٍ، إِلَّا أَنْ أَقُولَ بِهِ فِي عِبَادِ اللَّهِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا - وَأَرَانَا بِيَدِهِ - ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ! قُلْتُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الأَكْثَرُونَ هُمُ الأَقَلُّونَ، إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا ) رواه البخاري (6268).

وأما اقتصاره صلى الله عليه وسلم على العدد مائة؛ فحكمة ذلك علمها عند الله تعالى؛ ويمكن أن يقال: إن هذا العدد غير مقصود لذاته، وإنما هذا العدد كان فيه الكفاية ، ولم يكن محتاجا إلى أكثر من ذلك.

جاء في "المنهل العذب المورود" (2 / 87):

" قوله ( لنا غنم الخ) جملة مستأنفة كالتعليل للذبح؛ أي لا نريد زيادتها على المائة؛ لأن هذا القدر كاف لما تدعو إليه الحاجة ، والزيادة عليه ربما جرت إلى الاشتغال بالدنيا ، وهو صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وإن كان معصوما لكنه مشرّع " انتهى.

وقال العظيم آبادي في "عون المعبود" :

"لأن هذا القدر [يعني المائة] كافٍ لإنجاح حاجتي " انتهى .

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-08, 16:32   رقم المشاركة : 45
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما معنى حديث "الكفر فى العجمة"؟

السؤال :


قرأت نص كتاب لسيدنا عثمان رضي الله عنه يقول : ‏أما بعد، فإنكم إنما بلغتم ما بلغتم بالإقتداء والإتباع ، فلا تلفتنكم الدنيا عن أمركم ، فإن أمر هذه صائر إلى الابتداع بعد اجتماع ثلاث فيكم‏:‏ تكامل النعم

وبلوغ أولادكم من السبايا، وقراءة الأعراب والأعاجم القرآن ، فإن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال‏:‏ ( الكفر في العجمة فإذا استعجم عليهم أمر تكلفوا وابتدعوا‏)‏ فما معنى : (الكفر فى العجمة )؟


الجواب :

الحمد لله

أولا:

هذا الحديث ليس له أصل عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فيما نعلم ، ولم نقف له على إسناد ، ولا ذكر في شيء من الكتب المعتمدة المسندة . فلا يصح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم .

وغاية ما وقفنا على ذكره ، عند الطبري في تاريخه ، بصيغة "قالوا" ، ولم يذكر له إسنادا .

قال الطبري رحمه الله تعالى:

" قالوا: وكان كتابه -أي عثمان - إلى العامة: أما بعد، فإنكم إنما بلغتم ما بلغتم بالاقتداء والاتباع، فلا تلفتنكم الدنيا عن أمركم، فإن أمر هذه الأمة صائر إلى الابتداع بعد اجتماع ثلاث فيكم: تكامل النعم، وبلوغ أولادكم من السبايا، وقراءة الأعراب والأعاجم القرآن، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( الكفر في العجمة )، فإذا استعجم عليهم أمر تكلفوا وابتدعوا "

انتهى. "تاريخ الطبري" (4 / 245).

ثانيا:

هذا المعنى المذكور: له وجه صحيح، في الجملة ، وقد قرره أهل العلم في كتبهم، وتشهد له الوقائع على مرّ التاريخ .

فالعجمة: هي عدم وضوح الشيء.

قال الراغب الأصفهاني رحمه الله تعالى:

" العُجْمَةُ: خلاف الإبانة، والإِعْجَامُ: الإبهام " انتهى. " المفردات" (ص 549).

والمعنى: أن غير العربي الذي لم يتقن العربية كأهلها العالمين بها، ربما مرّ عليه من نصوص الوحي ما لا يستطيع فهمه ولا تبين معناه ، فيتأوله ويفسره من قبل نفسه ، تفسيرا باطلا، من غير علم منه بوجهه الصحيح ، وبيانه ، وهذا سبب من أعظم أسباب الابتداع في الدين ، وتغيير معالمه .

وليس المراد بالعجمة هنا : عجمة النسب ، وأن يكون الرجل من غير أنساب العرب ؛ فكم من أهل العلم والديانة من كان أعجمي الأصل ، إمام في العلم بلغة العرب ، فقيها في دين الله تعالى؛ وإنما المراد بذلك : عجمة اللسان ، وعدم فقهه ، والجهر بتفسير كلام الله تعالى ، وكلام نبيه ، وخفاء وجوه البيان ، وأساليب كلام العرب ، ووجوه لغاتها .

قال الشافعي رحمه الله تعالى:

" وإنما بدأت بما وصفتُ، من أن القُرَآن نزل بلسان العرب دون غيره: لأنه لا يعلم مِن إيضاح جُمَل عِلْم الكتاب أحد، جهِل سَعَة لسان العرب، وكثرةَ وجوهه، وجِماعَ معانيه، وتفرقَها. ومن علِمه انتفَتْ عنه الشُّبَه التي دخلَتْ على من جهِل لسانَها ...

فإنما خاطب الله بكتابه العربَ بلسانها، على ما تَعْرِف مِن معانيها، وكان مما تعرف من معانيها: اتساعُ لسانها، وأنَّ فِطْرَتَه أنْ يخاطِبَ بالشيء منه عامًّا ظاهِرًا يُراد به العام الظاهر، ويُسْتغنى بأوَّل هذا منه عن آخِرِه. وعاماً ظاهراً يراد به العام ويَدْخُلُه الخاصُّ، فيُسْتَدلُّ على هذا ببَعْض ما خوطِبَ به فيه؛ وعاماً ظاهراً يُراد به الخاص. وظاهراً يُعْرَف في سِياقه أنَّه يُراد به غيرُ ظاهره. فكلُّ هذا موجود عِلْمُه في أول الكلام، أوْ وَسَطِهِ، أو آخِرَه.

وتَبْتَدِئ الشيءَ من كلامها يُبِينُ أوَّلُ لفظها فيه عن آخره. وتبتدئ الشيء يبين آخر لفظِها منه عن أوَّلِهِ.

وتكلَّمُ بالشيء تُعَرِّفُه بالمعنى دون الإيضاح باللفظ، كما تعرِّف الإشارةُ، ثم يكون هذا عندها من أعلى كلامها، لانفراد أهل علمها به، دون أهل جَهَالتها.

وتسمِّي الشيءَ الواحد بالأسماء الكثيرة، وتُسمي بالاسم الواحد المعانيَ الكثيرة.

وكانت هذه الوجوه التي وصفْتُ اجتماعَها في معرفة أهل العلم منها به - وإن اختلفت أسباب معرفتها -: مَعْرِفةً واضحة عندها، ومستَنكَراً عند غيرها، ممن جَهِل هذا من لسانها، وبلسانها نزل الكتابُ، وجاءت السنة، فتكلَّف القولَ في علمِها تكلُّفَ ما يَجْهَلُ بعضَه.

ومن تكَلَّفَ ما جهِل، وما لم تُثْبِتْه معرفته: كانت موافقته للصواب - إنْ وافقه من حيث لا يعرفه - غيرَ مَحْمُودة، والله أعلم؛ وكان بِخَطَئِه غيرَ مَعذورٍ، إذا ما نطق فيما لا يحيط علمه بالفرق بيْن الخطأ والصواب فيه " انتهى. "الرسالة" (ص 47 - 53).

فمن جهل لغة العرب، خفيت عليه معاني نصوص الوحي؛ فإذا لم يرجع إلى أهل العلم ، واكتفى بعقله : وقع في الضلال؛ وهذا كان أحد أهم أسباب ظهور المبتدعة من خوارج ومعتزلة وغيرهم.

قال السيوطي رحمه الله تعالى:

" وقد وجدت السلف قبل الشافعي أشاروا إلى ما أشار إليه من أن سبب الابتداع الجهل بلسان العرب ...

وأخرج البخاري في تاريخه الكبير عن الحسن البصري، قال: إنما أهلكتهم – أي أصحاب البدع- العجمة " انتهى. "صون المنطق" (ص 55 - 56).

وقال الشاطبي رحمه الله تعالى:

" ومنها – أهل البدع - تخرصهم على الكلام في القرآن والسنة العربيين، مع العُرُوِّ عن علم العربية الذي به يفهم عن الله ورسوله، فيفتاتون على الشريعة بما فهموا، ويدينون به، ويخالفون الراسخين في العلم، وإنما دخلوا في ذلك من جهة تحسين الظن بأنفسهم، واعتقادهم أنهم من أهل الاجتهاد والاستنباط، وليسوا كذلك ...

وكثيرا ما يوقع الجهل بكلام العرب في مخاز لا يرضى بها عاقل، أعاذنا الله من الجهل والعمل به بفضله.

فمثل هذه الاستدلالات لا يعبأ بها، وتسقط مكالمة أصحابها، ولا يعد خلاف أمثالهم خلافا.

فكل ما استدلوا عليه من الأحكام الفروعية أو الأصولية فهو عين البدعة، إذ هو خروج عن طريقة كلام العرب إلى اتباع الهوى "

انتهى. "الاعتصام" (2 / 47 - 50).

والله أعلم.









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسلة الحديث وعلومه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 14:13

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc