الى الأخت maram8 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الى الأخت maram8

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-10-15, 10:51   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










M001 الى الأخت maram8

السلام عليكم مرحبا يا اخت مرام لقد عدت الى المنزل لكن لفترة قصيرة و كما وعدت سوف اضع لك ما يمكنني وضعه الىن لأن الوقت قصير و ساعاود الرجوع الى مكان العمل
1- مذكرة تخرج اجراءات تاديب ابلموظف في القانون الجزائري


















يتفق الرأي الراجح في الفقه والقضاء أنّ الموظف العام هو ذلك الشخص الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أي أحد أشخاص القانون العام، عن طريق الاستغلال المباشر ضمن تسلسل وضيفي معيّن، وتكون مساهمته في ذلك العمل عن طريق إسناد مشروع وضيفة ينطوي على قرار بالتعيين من جانب الإدارة، وعلى قبول لهذا التعيين من جانب صاحب الشأن، وذلك عن طريق شغله بصفة دائمة منصبا يدخل في التنظيم، الإداري لذلك المرفق، ولا يهم بعد ذلك طبيعة النشاط الذي يقوم به هذا الأخير هل هو مادي أو قانوني، ولا لمرتبته في التدرج الإداري، ولا لكونه يتقاضى مرتبا أو لا يتقاضى، أي لاحترام بكون الموظف يشغل الوظيفة بمقابل أو بدون مقابل. وفي هذا الصدد قد يعتمد هؤلاء الموظفين إلى ارتكاب أخطاء ومخالفات أثناء قيامهم بوظيفتهم تسمى هذه الأخطاء والمخالفات بالأخطاء التأديبية.
إنّ عملية تأديب الموظف العام عن خطئه التأديبي ليست عملية انتقامية ولا قهرية بل بالعكس، هي عملية قانونية يهدف من ورائها إلى إصلاح الموظف وتحذير باقي الموظفين، حفاظا على حسن سير المرافق العامة.
والسلطة المختصة بالتأديب تقوم بذلك وفق مراحل وإجراءات، حماية لحقوق الموظفين، العاملين ولمنع الإدارة عن التعسف في استعمال سلطتها الرئاسية التأديبية وهي في ضمنها ضمانات معترف بها للموظف العام، وقد نصت بها الدساتير والنصوص القانونية والتشريعات وهو ما فعله المشرع بإصداره للقانون الأساسي العام للوظيفة العمومية وتعديله بموجب الأمر رقم 06-03، المؤرخ في 19 جمادي الثانية عام 1427 الموافق 15 يوليو سنة 2006، ثم القانون النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية والمراسيم والتعليمات الخاصة بموضوع التأديب.
ولقد نظم المشرع الجزائري القواعد القانونية الإجرائية المتعلقة بتأديب الموظف العام المخطئ تأديبا من خلال المرسوم رقم 85/59 المؤرخ في 23/03/1985 والمتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية المستنبط أساسا من القانون الأساسي العام للعامل الصادر بموجب القانون رقم 78/12 المؤرخ في 05/08/1978 وهذا قبل إلغاء العمل بالأمر رقم 66/133 المؤرخ في 02/06/1966 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، وكذا من خلال ما تبعها من مراسيم وتعليمات خاصة تتعلق بموضوع التأديب، ومن مجموع هذه القواعد التشريعية يتكون القانون التأديبي لموظفي الدولة.
وتتجلّى أهمية هذا الموضوع بالنسبة لرجال القانون بصفة عامة، من المحامين والقضاة، والذين يتعرضون للمنازعات القانونية التي تترتب عن هذا النوع من القضايا، سواء المتعلقة بشرعية العقاب التأديبي أو مصير الموظف العام المتابع جزائيا في حالة إدانته من القضاء، أو معاقبته تأديبيا بصفة عامة، والبحث عن الطرق والدفوع القانونية التي يمكن من خلالها الدفاع عن هذا الموظف العام المعاقب تأديبيا ظلما وتعسفا، وكذا تجاوزا للسلطة من قبل السلطة الرئاسية التأديبية. وفي هذا الصدد لا بدّ التطرق إلى الإشكالية التي يطرحها هذا الموضوع بصفة عامة وهي ما هي إجراءات تأديب الموظف العام في التشريع الوظيفي الجزائري؟. وللإجابة على هذه الإشكالية سوف نقترح الخطة التالية:












الخــطـــة
مقدمة

الفصل الأول: ماهية الخطأ التأديبي والجهة المختصة في تأديب الموظف العام
المبحث الأول: ماهية الخطأ التأديبي والعقوبة المقررة له
المطلب الأول: ماهية الخطأ التأديبي
الفرع الأول: مفهوم الخطأ التأديبي
أولا- تعريف الخطأ التأديبي
ثانيا- طبيعة الخطأ التأديبي
ثالثا- أركان (عناصر) الخطأ التأديبي
رابعًا- مقياس الخطأ التأديبي
خامسًا- أنواع الخطأ التأديبي
الفرع الثاني: التفرقة بين الخطأ التأديبي وكلا من الجريمة الجنائية والخطأ المدني
المطلب الثاني: المسؤولية التأديبية للموظف العام والجنائية والمدنية من خلال الخطأ التأديبي
الفرع الأوّل: المسؤولية التأديبية للموظف العام
الفرع الثاني: المسؤولية الجنائية للموظف العام
الفرع الثالث: المسؤولية المدنية للموظف العمومي
المطلب الثالث: عقوبة الموظف العام التأديبية وكذا الجنائية والمدنية المقررة للخطأ التأديبي
الفــرع الأول: العقــــوبـــة التأديبيـــة
أولاً- مفهوم وخصائص العقوبة التأديبية وأهدافها
ثانيا- الطبيعة القانونية للعقوبة التأديبية
الفرع الثاني: العقوبة التأديبية والجنائية
المبحث الثاني: الجهة القضائية المختصة في تأديب الموظف العام
المطلب الأول: الأنواع المختلفة للجهة المختصة في تأديب الموظف العام
الفرع الأول: الأنظمة المختلفة
أولا: النظام القضائي
ثانيا: النظام الشبه القضائي
ثالثا: النظام الرئاسي
الفرع الثاني: موقف المشرع الجزائري
المطلب الثاني: السلطة المختصة بإصدار قرار التأديب
الفرع الأول: السلطة التأديبية الرئاسية (السلطة الإدارية)
الفرع الثاني: مجالس التأديب
أولا- من حيث تشكيل مجالس التأديب وتنظيمها وعملها
ثانيا: من حيث اختصاصات وصلاحيات مجالس التأديب
المطلب الثالث: الجهة المختصة بالحكم بالمسؤولية والتعويض
الفرع الأول: الجهة الملزمة بتحديد المسؤولية
الفرع الثاني: الجهة الملزمة بتقديم التعويض
أولا: تحمل الدولة التعويض بصفة نهائية
ثانيا: مشاركة الدولة للموظف عبئ التعويض

الفصل الثاني: ماهية الإجراءات التأديبية والمراحل الإجرائية التأديبية في قانون الوظيفة العمومية
المبحث الأول: ماهية الإجراءات التأديبية للموظف العام
المطلب الأول: مفهوم الإجراءات التأديبية و طبيعتها القانونية
الفرع الأول: مفهوم الإجراءات التأديبية
الفرع الثاني: الطبيعة القانونية للإجراءات التأديبية
أولا: القاعدة الإجرائية التأديبية
ثانيا: مصادر القاعدة الإجرائية التأديبية
ثالثا: خصائص القواعد الإجرائية التأديبية
المطلب الثاني: الخصائص العامة للإجراءات التأديبية
الفرع الأول: الإجراءات التأديبية ومنطق الضمان
الفرع الثاني: قصور النصوص في مجال الإجراءات
المبحث الثاني: مراحل الإجراء التأديبي والضمانات المقررة للموظف العام
المطلب الأول: مراحل الإجراء التأديبي
الفرع الأول: مرحلة التحقيق والمداولة
أولا: مــرحـلــة التحقيــق
ثانيا: مرحلة المداولة والاقتراع
الفرع الثاني: مرحلة اتخاذ القرار التأديبي
أولا: صدور القرار التأديبي بعقوبات الدرجتين الأولى والثانية
ثانيا: صدور العقوبات التأديبية من الدرجة الثالثة
ثالثا: صدور العقوبات التأديبية من الدرجة الرابعة
المطلب الثاني: الضمانات المقررة للموظف العام
الفرع الأول: الضمانات المقررة للموظف العام قبل صدور القرار التأديبي
أولا: حق الدفاع
ثانيا:عدم توقيف الموظف إلا لمصلحة التحقيق
ثالثا: رأي اللجنة المتساوية الأعضاء
رابعا: تسبيب القرار الإداري
الفرع الثاني: الضمانات المقررة للموظف العام بعد صدور القرار التأديبي
أولا: التظلّم الإداري




إذا ما ارتكب الموظف العام خطأ تأديبيا أو اقترف ذنبا وظيفيا يشكل هدرا لكرامة هذه الوظيفة وسمعتها، فإنّ السلطة التأديبية تملك سلاح تشهره بوجه من سولت له نفسه الانحراف عمّا تقتضيه الواجبات الوظيفية.

المبحث الأول
ماهية الخطأ التأديبي والعقوبة المقررة له
يعتبر الخطأ التأديبي الأساس أو نقطة الارتكاز الذي تدور حوله أيّ دراسة متعلقة بالأديب في مجال الوظيفة العامة ، كما يخضع أيضا لنوعين مختلفين من المسؤولية بصفته فردا في المجتمع وهما المسؤوليتان الجنائية والمدنية .
ونتطرق في هذا المبحث إلى ماهية الخطأ التأديبي الصادر عن الموظف العام من خلال المطلب الأول وإلى العقوبة التأديبية المقدرة له من خلال المطلب الثاني.

المطلب الأول
ماهية الخطأ التأديبي
يطلق الفقه والقضاء الإداري تسميات مختلفة على النشاط المنحرف الذي يصدر عن الموظف ويكون موضوعا للمؤاخذة، ويتمثل في قيام الموظف العام بعمل محظور عليه أو امتناعه عن عمل واجب عليه أو ما يصدر عنه من إخلال بواجبات وظيفية، ويتمثل الإخلال بالواجب هنا في الإهمال أو التراخي أو الخطأ في أدائه فيسميها معظم الفقهاء "بالحركية التأديبية".
وفي الجزائر وبالرجوع إلى المرسوم رقم (85/59) والمؤرخ في 01 رجب عام 1405 الموافق ل 23 مارس 1985، المتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية والذي ...من خلال نفس المادة (122) في الباب السابع منه والمعنون بالعقوبات التأديبية إلى الأحكام التشريعية والتنظيمية المعمول بها والمنصوص عليها في المواد من (61 إلى 76) من المرسوم رقم (82/382) المؤرخ في 23 ذي القعدة عام 1402، الموافق ل 11 سبتمبر 1982 والمتعلق بكيفيات تطبيق الأحكام التشريعية الخاصة بعلاقات العمل الفردية بحيث أنّ المشرع الجزائري قد عنون الفصل الثاني في الباب الرابع من هذا المرسوم، ب "الأخطاء المهنية"، وبذلك نجد أنّ التشريع الوظيفي الجزائري قد استعمل مصطلح "الخطأ المهني" .
الفرع الأول
مفهوم الخطأ التأديبي
تقوم المسؤولية التأديبية للموظف العام بمجرّد وقوع الخطأ التأديبي أي الإخلال بالواجب الوظيفي ولو لم يتبع ضرر فعلي، ذلك أنّ الضرر مفترض تأثر للإخلال بالواجبات الوظيفية باعتباره إخلالا بالصالح العام ويعتبر مفترضا فرضا غير قابل لإثبات العكس. والخطأ التأديبي ليس محددا أو محصورا في أفعال محددة كما هو الحال في المجال الجنائي، حيث يتولى قانون العقوبات تحديد الخطأ الذي يعتبر جوهر الجرائم الجنائية، كما يحدّد أيضا أركان الخطأ وأوصافه.
إنّ مفهوم الخطأ التأديبي يتصرف طبقا للقواعد التأديبية ليس فقط إلى كل تصرف مخالف لواجبات الوظيفة ولكنه يشمل أيضا كل تصرف أو فعل يقع خارج الوظيفة ويكون منافيا لكرامتها.
أولا- تعريف الخطأ التأديبي:
لقد وردت أغلب التشريعات كالتشريع الجزائري أو الفرنسي أو المصري وغيرها من التشريعات الأخرى خالية من أيّ تعريف للخطأ التأديبي الذي لا يمكن صده لعدّة اعتبارات تكمن في الوظيفة في حدّ ذاتها، وذلك عكس الجريمة الجنائية، ولقد خشي الشارع إن هو أورد تعريفا للخطأ التأديبي أن يرد هذا التعريف قاصرا عن أن يطبق على كافة الأخطاء التأديبية بل اكتفى بإيراد حكم عام.
ولم يشر المشرع الجزائري إلى ذلك، فلم يعرف الخطأ التأديبي، شأن في ذلك شأن معظم التشريعات إن لم نقل كل التشريعات، إذ أنّ المرسوم رقم (85/59) المؤرخ في 23 مارس 1985، المتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمّال المؤسسات والإدارات العمومية والذي من خلال نص مادته (122) في الباب السابع منه والمعنون بالعقوبات التأديبية إلى الأحكام التشريعية والتنظيمية المعمول بها والمنصوص عليها في المواد من (61 إلى 76) من المرسوم رقم (82/302)، المؤرخ في 11 سبتمبر 1982 ، والمتعلق بكيفيات تطبيق الأحكام التشريعية الخاصة بعلاقات العمل الفردية. ونشير إلى نصّ المادة 20 من المرسوم رقم (85/59)، والتي تنصّ: " يتعرض الموظف لعقوبات تأديبية دون المساس، بتطبيق القانون الجزائي،إن اقتضى الأمر" إذا صدر منه أيّ إخلال بواجباته المهنية أو أيّ مساس صارخ بالانضباط، أو ارتكب أيّ خطأ خلال ممارسة مهامه أو بمناسبة هذه الممارسة. والواقع أنّ الخطأ التأديبي يمكن تعريفه بأنّه "إخلال بالتزام قانوني"، ويؤخذ القانون هنا بالمعنى الواسع بحيث يشمل أيضا القواعد الخلقية. "فالموظف العام ملزم باحترام جميع القواعد سواءا كانت مكتوبة أو غير مكتوبة ولاسيما المبادئ الخلقية منها.
أمّا القضاء الإداري فلم يعرف الخطأ التأديبي غنّما اكتفى بإعطاء صور لأفعال تعد أخطاء تأديبية تستوجب المؤاخذة والعقاب التأديبي وذلك من خلال ما قرره مجلس الدولة الفرنسي وقضاء المحكمة الإدارية للمحكمة العليا سابقا، مجلس الدولة حاليا.
ثانيا- طبيعة الخطأ التأديبي:
لكي تتخذ الإجراءات التأديبية ضدّ موظف عام لابدّ يشبّ إليه خطأ أو ذنب إداري يستوجب، العقاب ولما كانت، القاعدة المسلم بها في مجال قانون العقوبات أنه: "لا جريمة إلاّ بنص"، فقد يخطر على البال الأخذ بذات المبدأ في مجال التأديب.
لكن حيث أن الخطأ التأديبي مستقل بذاته ويتميز عن غيره من الأخطاء بأنه ذو طبيعة خاصة، فهو في الأصل لا يخضع لمبدأ "لا جريمة بغير نص"، أي مبدأ الشرعية المعمول به بالنسبة للجرائم الجنائية، وأن مبدأ النوعية يأخذ في مجال الخطأ التأديبي طابعا آخر يتفق وطبيعته.
1- مبدأ الشرعية: إذا كان مبدأ الشرعية بشقيه (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص) يحيط بالجريمة الجنائية بكل جوانبها، فسواء من حيث الأركان أو من حيث التلازم بين الجريمة والعقوبة المقررة لها أو من حيث عدم إمكانية السلطة القضائية خلق أوصاف الجريمة الجنائية، فالقانون هو مصدر التجريم الوحيد فيما يتعلق بالجريمة الجنائية، فإن الأخطاء التأديبية كقاعدة عامة، لا تخضع لمبدأ "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص" بل يعد خطأ تأديبيا يستوجب العقاب التأديبي كل مخالفة للقوانين أو اللوائح أو الإخلال بالواجبات الوظيفية سواء تم هذا الإخلال أثناء الوظيفة أو خارجه وبالتالي فإن القانون والفقه والقضاء الإداريين لم يحددوا السلوك أو الأفعال التي تعد خروجا على مقتضى الواجب الوظيفي، وتشكل خطأ تأديبيا، ولم يبينوها على سبيل الحصر، وإنما ما قد نص عليه فهو على سبيل المثال، وبالتالي يصعب القول أن الخطأ التأديبي لا يخضع لمبدأ الشرعية.
ويتجلّى وبوضوح بأن الأخطاء التأديبية لا يمكن حصرها أي عدم خضوعها لمبدأ "لا جريمة إلا بنص" لتعارض ذلك مع السلطة التقديرية المقررة للإدارة.
II- تقنين الأخطاء التأديبية:
يقصد بتقنين الأخطاء التأديبية وضع تعداد للأخطاء التي يعاقب عليها تأديبيا ويذهب العميد الأستاذ د/ سليمان الطماوي، إلى اعتبار "أن ما يميز الجرائم التأديبية عن الجرائم الجنائية أنها غير محددة على سبيل الحصر، ومعنى ذلك أن الإدارة تمارس في هذا المجال نوعا من التعزير المعروف في الشريعة الإسلامية والذي لا شك فيه أن ذلك يعتبر خروجا على مبدأ شرعية الجريمة والعقوبة المقررة في قانون العقوبات".
وأن طبيعة الأخطاء التأديبية وإن كانت تستعصي على التحديد الجامع المانع، إلا أن تقنين أهم الواجبات الوظيفية وأكثرها ارتباطا بالمرفق العام، كما فعل مشرعنا الجزائري في نص المواد (68، 69، 70، 71) من المرسوم رقم (82/302) والذي تحيل إليه المادة (122) من المرسوم (85/59) في الفصل الثاني "الأخطاء المهنية" يعد من حسن السياسة التأديبية والتي لا تخدم الموظف فحسب بل وحتى في صالح الإدارة.
ثالثا- أركان (عناصر) الخطأ التأديبي:
استقر جانب من الباحثين في موضوع تأديب الموظف العام في الجزائر إلى تحديد أركان الخطأ التأديبي في ثلاث أركان أساسية:
1- موظف ينسب إليه الخطأ التأديبي.
2- فعل إيجابي أو سلبي صادر عن ذلك الموظف.
3- أن يستند الفعل الإيجابي أو السلبي إلى عدم احتياط وإهمال إرادة آثمة:
I- الركن الأول: موظف ينسب إليه الخطأ التأديبي:
وهذا بالرجوع إلى نص المادة (17) من الأمر رقم (66/133) الملغى وكذا نص المادة (74) من المرسوم رقم (82/302) وأيضا نص المادة (122) من المرسوم رقم (85/59).
II- الركن الثاني: فعل إيجابي أو سلبي صادر عن ذلك الموظف (الركن المادي):
إذا كان الفعل من الأركان الأساسية فإنه لا بد أن يكون محددا حتى يتوافر هذا الركن بكامله إذ أن توجيه الاتهام دون تحديد الفعل أو الأفعال لا يكون هذا الركن، وذلك تطبيقا لأحكام نص المادة (02) من المرسوم (66/152) المؤرخ في 02 جوان 1966، وأيضا من خلال أحكام نص المادتين (125) و (126) من المرسوم (85/59).
III- الركن الثالث: أن يستند الفعل الإيجابي أو السلبي إلى عدم احتياط وإهمال أو إلى إرادة آثمة (الركن المعنوي):
1- عدم الاحتياط أو الإهمال: الموظف الذي يقصر في أداء بعض واجبات وظيفته لأنه لا يدرك أنه مكلف بها، ذلك يكفي أن يُسند الفعل الخاطئ إليه حتى تتحقق المسؤولية قبله ومن هنا يمكن التقرير بأن الخطأ التأديبي لا يلزم لقيامه، كما يرى بعض الفقهاء توفر الإرادة الآثمة دائما إنما يجب أن يكون الخطأ قد أرتكب دون عذر شرعي.
الإرادة الآثمة: وهذا ما نصت عليه المادة (74) من المرسوم رقم (82/302)، بتوافر القصد يكون الفعل عمديا، يستوي في ذلك أن يكون هذا الفعل قد ظهر في المسلك الإيجابي أو السلبي، والإرادة الآثمة بتوافرها تؤدي إلى تشديد العقوبة عند تقديرها باعتبار أن الموظف قصد من وراء فعله المساس بكرامة الوظيفة وبالتالي كرامة الدولة.
رابعًا- مقياس الخطأ التأديبي:
لم يضع المشرع الجزائري شأنه شأن التشريعات المقارنة الأخرى معيارًا للتفرقة ما بين الخطأ التأديبي والخطأ المصلحي وإن كان قد اعترف بالخطأين "الشخصي والمصلحي" في نص المادة (129) من القانون المدني ونص المادة (136) من ذات القانون، حيث يتضح لنا من خلال النصوص القانونية تلك، أن المشرع الجزائري أخذ بمفهوم الخطأ الشخصي والخطأ المصلحي وأقر بالتالي بإمكانية قيام مسؤولية الإدارة عن أعمال موظفيها.
خامسًا- أنواع الخطأ التأديبي:
وجاء هذا في الفصل الثاني "الأخطاء المهنية" من الباب الرابع "العقوبات التأديبية" من المرسوم رقم (82/302) المؤرخ في 11 سبتمبر 1982 والمتعلق بكيفيات تطبيق الأحكام التشريعية الخاصة بعلاقات العمل الفردية من خلال نصوص مواده (من 68 إلى 73) و المحال إليه بموجب نص المادة (122) في الباب السابع "العقوبات التأديبية" من المرسوم (85/59) المؤرخ في 23 مارس 1985، المتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية، حيث نصت المادة (68) منه وبموجب ذلك على "أنه تحدد هذه الأحكام مختلف حالات الأخطاء المهنية (التأديبية)، وتبينها عند الحاجة القوانين الأساسية النموذجية الخاصة بقطاعات النشاط وتصنف الأخطاء المهنية (التأديبية) دون المساس بوصفها الجنائي إلى:
- أخطاء تأديبية من الدرجة الأولى (المادة 69).
- أخطاء تأديبية من الدرجة الثانية (المادة 70).
- أخطاء تأديبية من الدرجة الثانية (المادة 71).
1- الأخطاء التأديبية من الدرجة الأولى:
هذا النوع من الأخطاء التأديبية نصت عليه المادة (69) من المرسوم (82/302) على سبيل المثال لا الحصر وذلك بنصها:
"تعد الأعمال التي يمس بها الموظف الانضباط العام أخطاء من الدرجة الأولى، كما ينص على تشريع القوانين الأساسية النموذجية والتنظيم الداخلي للهيئة المستخدمة".
II- الأخطاء التأديبية من الدرجة الثانية:
لقد نصت عليها المادة (70) من المرسوم (82/302) على سبيل المثال لا الحصر بنصها "تعد الأعمال التي يرتكبها العامل (الموظف) نتيجة غفلة منه أو اهمال، أخطاء من الدرجة الثانية، وتصنف في أخطاء الدرجة الثانية الأعمال التي يتسبب فيها العامل (الموظف) فيما يأتي:
- إلحاق ضرر بأمن المستخدمين أو بممتلكات الهيئة المستخدمة بسبب الغفلة أو الإهمال.
- إلحاق خسائر مادية بالمباني والمنشآت والماكينات والأدوات والمواد الأولية والأشياء الأخرى التي تشتمل عليها الهيئة المستخدمة بسبب الغفلة أو الإهمال.
III- الأخطاء التأديبية من الدرجة الثالثة:
نص عليها المشرع وعددها من خلال نص المادة (71) من المرسوم (82/302).

الفرع الثاني
التفرقة بين الخطأ التأديبي وكلا من الجريمة الجنائية والخطأ المدني
إن الجريمة الجنائية التي هي أساس المسؤولية الجنائية تختلف عن الخطأ التأديبي الذي هو أساس المسؤولية التأديبية، رغم الطبيعة العقابية للخطأ التأديبي حتى في الأحوال التي يكون فيها الخطأ الواحد الذي يرتكبه الموظف جريمة جنائية وخطأ تأديبيا في الوقت ذاته، ولكنّهما يضلان مستقلان كل الاستقلال في الوصف والأركان وفي التكييف القانوني، ومن حيث الجهة القضائية المختصة بالنظر في كل منهما ولهذا فإن وجود الجريمة الجنائية لا يترتب عليه حتما وجود الخطأ التأديبي.
ومن جهة أخرى فالخطأ التأديبي يختلف عن الخطأ المدني، فالخطأ التأديبي لا يجازي فاعله، إن كان الإثبات قاصرا على القرائن، لأن القرينة لا تكفي لإثبات التهمة إذا لم تعضد بدليل آخر في حين أن الخطأ المدني،إما أن يكون منسوبًا و هو الذي يمكن إثارته أمام المحاكم الجنائية للمطالبة بالتعويض المدني بصفة فرعية لدعوى عمومية تقام ضد الفاعل، أما الخطأ المفروض فهو من اختصاص المحاكم المدنية ذلك أن المضرور أمام المحاكم الجنائية ، ومن هذا يمكن القول أن الخطأ المدني يختلف عن الخطأ التأديبي من حيث الطبيعة القانونية ومن حيث النظام القانوني الذي يحكم كلا منهما.

المطلب الثاني
المسؤولية التأديبية للموظف العام والجنائية والمدنية من خلال الخطأ التأديبي
إن القاضي يستوجب عليه تحديد نوع الخطأ الذي ارتكبه الموظف العمومي أثناء قيامه بوظيفته أو بسببها أو بمناسبتها، إذ بتحديد نوع الخطأ يتحدد لنا الاختصاص وتترتب بموجبه المسؤولية.
الفرع الأوّل
المسؤولية التأديبية للموظف العام
إن المسؤولية التأديبية بشكل عام هي إخلال الموظف بواجبات وظيفته إيجابا أو سلبا أو إتيانه عمل من الأعمال المحرمة عليه.
وإن هدف الجزاء من هذه المسؤولية التأديبية هي تقويم الموظف المخطئ وفصل من لا أمل في تقويمه، والتنبؤ إلى ما قد يحدث من مخالفات تأديبية في المستقبل، فالهدف الأساسي للعقوبة التأديبية هو الوقاية، والمسؤولية التأديبية هذه هدفها هو ردع الموظف العمومي المرتكب للخطأ التأديبي ومنعه من مواصلة الخطأ عن طريق العقوبة التأديبية. وإن السلطة الرئاسية لها دور هام في تأثيم سلوك الموظف العمومي وتصرفه، وهي تملك الحق في تحريك الدعوى التأديبية وتقدير مدى الاعتداء على النظام الوظيفي الحاصل من التصرف المنسوب للموظف العمومي والمدان على إثره، وكذلك هي صاحبة الاختصاص في إنزال العقوبة التأديبية مع اللجنة المتساوية الأعضاء كجهة استشارية في العقوبة من الدرجة الثانية، ويشترط المشرع موافقتها في العقوبة من الدرجة الثالثة، وعليه فهي تعتبر مجلس تأديبي في هذه العقوبة والأساس القانوني لهذه المسؤولية هو الخطأ التأديبي للموظف العمومي المتمثل بالإخلال بواجباته الوظيفية مما يؤدي إلى عرقلة السير الحسن للمرافق العامة. وإن المشرع حدد أربع عقوبات في مجال الخطأ التأديبي (الدرجة الأولى، والثانية، والثالثة، والرابعة المضافة في التعديل الأخير بموجب الأمر رقم 06-03، وإن هذه العقوبات تتناسب مع الخطأ المرتكب وإن السلطة التي تقوم بتقدير درجة الخطأ هي السلطة الرئاسية والتي هي كذلك صاحبة الولاية في التعيين بمشاركة اللجنة متساوية الأعضاء، علما أن هذه الأخطاء غير مقننة مثلها مثل الأخطاء في المسؤولية المدنية، وفيما يخص مهلة التقادم فقد حددها المشرع في نص المادة 46 من المرسوم رقم: 82/302 وهي تنص على ما يلي: "لا يمكن أن تسلط العقوبة التأديبية على العامل بعد مرور أكثر من 03 أشهر على معاقبة الخطأ المرتكب".
الفرع الثاني
المسؤولية الجنائية للموظف العام
تعرف المسؤولية الجنائية على أنها المسؤولية الواقعة على الفرد الذي قام بفعل، أو الامتناع عن القيام به، وأنّ كلا التصرفين مجرم قانونا مما يستلزم توقيع العقوبة الجزائية عليه، وتعرف أيضا على أنها الجزاء على فعل موجه ضد المجتمع والمسؤولية الجنائية هذه مؤسسة عن الفعل الضار "الخطأ الجنائي" الذي يصيب المجتمع ويظهر بالجريمة الجنائية، وجزاء هذه المسؤولية توقيع عقوبة مقررة مسبقا في قانون العقوبات وقانون الفساد الذي عرّف الموظف في المادة 02/ب منه على المجرم الذي يخل بأحد واجباته تجاه المجتمع، وأن النيابة العامة هي التي تطالب بتسليطها باعتبارها ممثلة عن المجتمع ونائبة عنه، وأن الصلح أو التنازل لا يجوز في مثل هذه الجرائم لأنها تمس بالمجتمع ككل ويصبح الحق في العقوبة حق عام يعود للمجتمع.
وإن نطاق المسؤولية الجنائية محدد حصرا بأفعال مجرمة بنص القانون طبقا للقاعدة العامة القائلة في القانون الجنائي "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص" المادة 01 ق. ع. ج. ومن ثم فإن قيام المسؤولية لا يتم إلا ضمن الحالات التي قننت ونص عليها القانون من حيث التجريم والعقوبة، والمسؤولية الجنائية هنا مرتبطة بالمسؤولية المدنية من حيث التقادم، فما دانت المسؤولية الجنائية قائمة فإن المسؤولية المدنية للموظف العمومي لا تتقادم، والعكس غير صحيح إذا ما تقادمت المسؤولية الجزائية (المادة 07-08-09 ق. إ. ج) فلا يمكن أن تعود من جديد إلى الوجود حيثما أن الدعوى المدنية ما زالت لم تتقادم، وقد تحدثت عليها المادة 10 ق. إ.ج عن تقادم الدعوى المدنية وفق أحكام القانون المدني.
الفرع الثالث
المسؤولية المدنية للموظف العمومي
المسؤولية المدنية للموظف باعتبارها مسؤولية قانونية وهي تلك المسؤولية التي تنجم عن الأعمال الضارة من طرف الموظف العمومي، أو هي الحالة القانونية التي يلتزم فيها الموظف العمومي بدفع التعويض عن الضرر أو الأضرار التي سببها للغير بفعل أعماله الضارة وذلك على أساس الخطأ الشخصي الذي ارتكبه. ويجمع الفقه القانوني على أن المسؤولية المدنية للموظف العمومي لا يمكن أن تقوم أو تتولد عنها الآثار إلا إذا تم تأسيسها على فكرة الخطأ، لذلك أصبح علينا لزاما أن نبحث عن مدلول الخطأ لبيان طبيعة الخطأ الذي تؤسس عليه المسؤولية المدنية للموظف العمومي. وبالرجوع إلى القضاء نجد أن المحكمة العليا الغرفة الإدارية قد استندت إلى المادة 124 من القانون المدني في مسؤولية المستشفى إذ أنها في قرارها الصادر في: 13/01/1991 قضية المركز الاستشفائي الجامعي ضد فريق "ك" ومن معهم (المجلة القضائية العدد 2/96 ص127)، والذي جاء في إحدى حيثياته (حيث أن المسؤولية المترتبة على المستشفى هي تعويض الضحية طبقا للمادة 124 من القانون المدني كما جاء في القرار المستأنف ما دام يوجد تهاون وتقصير من طرف عمال المستشفى، انجر عنه وفاة الضحية لذا، فاستبعاد هذه المادة في غير محلها).
ولكن انتقد هذا القرار من طرف الأستاذ رشيد خلوفي على أساس ما هو الداعي إلى عدم الاستناد للقواعد الخاصة لمسؤولية المستشفى الناتجة عن طبيعة النشاطات المختلفة والمواكبة للتطورات العلمية المستمرة.
وعليه فإن الموظف العمومي يكون مسؤولا عندما يرتكب خطأ يسبب به أضرار للغير، على أن يكون هذا الخطأ شخصيًّا لا مرفقيا، فإن كان مرفقيا فلا يسأل عليه بل الإدارة هي التي تكون مسؤولة وتلزم بالتعويض عن الأضرار التي ألحقت بالغير، وبالتالي فمسؤولية الموظف تكون دائما مبنية على أساس الخطأ.
وفي رأينا بأن مدلول الخطأ المدني في التشريعات يتطابق مع مدلول الخطأ في المسؤولية المدنية للموظف العمومي، إذ بالرجوع إلى مدلول الخطأ في القواعد العامة في التشريعات المدنية والذي يعرف بأن إخلال بالتزام سابق فإنه ينطبق أيضا على مدلول الخطأ للموظف العمومي، زد على ذلك وأن مدلول الخطأ هو واحد سواء كان للموظف أو غير الموظف، ولكن يجب علينا أن نفرق بين الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي، فالأول تترتب عليه مسؤولية الموظف العمومي وهو من يلزم بالتعويض، أما الثاني فإن الإدارة هي التي تكون مسؤولة عن الأضرار التي أصابت الغير من جراء أخطاء موظفيها وهي من تلزم بالتعويض.
ولكن الإشكال الذي يطرح هنا هل المسؤولية المدنية للموظف العمومي مسؤولية عقدية أم تقصيرية؟
بالرجوع إلى التشريع والقضاء الجزائري نجده قد عرف المسؤولية العقدية بأنها جزاء الإخلال بالتزام عقدي، أما المسؤولية التقصيرية فقد عرفها المشرع الجزائري بأنها جزاء الانحراف عن تصرف سلوك الرجل العادي وليس له رابطة بالعلاقة العقدية وبما أن الموظف العمومي في طريقة تعيينه وعلاقته مع الإدارة العمومية تربطه معها علاقة تنظيمية لائحية قانونية وليست عقدية، كون أن المشرع الجزائري لم يحدد العلاقة بين الموظف العمومي والإدارة إلا على أساس تنظيمي، لائحي.
أما علاقة الموظف العمومي بالجمهور تحددها اللوائح والقوانين أيضا، وحيث أن ارتكاب الموظف لأخطاء أثناء قيامه بعمله الوظيفي أو بمناسبة الوظيفة مسؤولية الإدارة القانونية. ولكن في حالة حدوث ضرر للغير نتيجة هذا الخطأ فتقام المسؤولية المدنية للموظف العمومي، وبما أنه لا توجد علاقة تعاقدية بين المضرور والموظف العمومي هذا الأخير الذي يخضع للوائح والقوانين الداخلية فقط في الوظيفة العامة، وبذلك فلا تقام المسؤولية العقدية للموظف العمومي بل تقام المسؤولية التقصيرية، ومنه يكون مسؤولاً مدنيا أمام من تعرض إلى ضرر من الجمهور نتيجة خطئه الشخصي سواء كان هذا الخطأ متوقع أو غير متوقع، وهذه هي صفات المسؤولية التقصيرية.

المطلب الثالث
عقوبة الموظف العام التأديبية وكذا الجنائية والمدنية المقررة للخطأ التأديبي
إن الموظف العام معرّض لعقوبات مختلفة بحسب الأخطاء أو الخطأ الذي ارتكبه سواءا خطأ مدنيا، أو تأديبيًا أو جزائيًا، وهذا ما نتعرض إليه فيما يأتي:
الفــرع الأول
العقــــوبـــة التأديبيـــة
العقوبة التأديبية أو الجزاء التأديبي حسب القاعدة المستقرة في هذا الشأن هو العقوبة التي تمس الموظف في حياته الوظيفية وفي مزاياه التنظيمية ولما كان النظام التأديبي يقترب في بعض النواحي من النظام الجنائي، فإن مبدأ شرعية العقوبات قد وجد له تطبيقات في المجال التأديبي كذلك، فالعقوبات التأديبية نص عليها المشرع وعددها على سبيل الحصر، لا على سبيل المثال على عكس الخطأ التأديبي والذي أورده المشرع على سبيل المثال لا الحصر مثل ما سبق وأن رأينا. وتجدر الإشارة إلى أن اختيار العقوبة التأديبية المناسبة متروك أمرها إلى تقدير السلطة الإدارية المباشرة للسلطة التأديبية.
1- الأساس القانوني للعقوبة التأديبية:
إن العقوبة التأديبية من أهم وأخطر عناصر التأديب الوظيفي بما لها من تأثير سلبي على المركز القانوني للموظف وعلاقته الإدارية والمالية بالدولة، والعقوبة التأديبية محددة على سبيل الحصر خلافا للخطأ التأديبي، وعليه فهي تتشابه مع العقوبة الجنائية في هذه الصفة وتخضع بالتالي لمبدأ الشرعية (لا عقوبة إلا بنص) فضلاً عن تأثرها ببعض المبادئ والأفكار التي تحكم العقوبة الجنائية، وعلى الرغم من ذلك فالعقوبة التأديبية لها مفهومها الخاص وأساسها الذي يميزها عن غيرها من العقوبات، وأخيرا تخضع العقوبة التأديبية لمبادئ عامة أساسية تكفل عدالتها وتحقق غاياتها.
أولاً- مفهوم وخصائص العقوبة التأديبية وأهدافها:
I- مفهوم العقوبة التأديبية:
ترتبط العقوبة التأديبية ارتباط مباشر بوجود علاقة وظيفية بين الموظف والمرفق العام ولهذا تضع هذه الحقيقة أول نقاط تحديد مفهوم وجوهر العقوبة التأديبية ومدى توافقها أو اختلافها عن العقوبة الجنائية، والمتأمل في التشريع المقارن سيلاحظ بأنه لم يورد تعريفا للعقوبة التأديبية، وهذا ليس عيبا أو نقصا في التشريع فالتعاريف ليست من مهام المشرع بل من مهام الفقه كما قد يتولاها أحيانًا القضاء، و المشرع الجزائري شأنه شأن المشرع الفرنسي والمصري لم يعرف العقوبة التأديبية و لكنه حددها بدءا بأخفها منتهيا بأشدها، تاركا
الحرية للسلطة التأديبية في توقيع أي من العقوبات التي تراها مناسبا للخطأ التأديبي المرتكب من طرف الموظف العام.
ويمكن تعريف العقوبة التأديبية، بصفة عامة: "بأنها جزاء يمس الموظف المخطئ في مركزه الوظيفي، أي في حياته ومقدراته الوظيفية"، وظاهر من هذا التعريف، أن الأصل في العقوبة التأديبية أنها لا تمس سوى الحقوق والمزايا، ولكن العقوبة التأديبية لا تمس شخص الموظف ولا ملكه الشخصي.
والمشرع الجزائري قد نص على الأحكام والنصوص القانونية المتعلقة بالعقوبات التأديبية في نص المادة 163 من الباب السابع "النظام التأديبي في فصله الأول والثاني من الأمر رقم (06/03) المؤرخ في 15 يوليو سنة 2006، المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومي، ثم في نصوص المواد (124، 125، 126، 127، 128، 130، 131) في الباب السابع "العقوبات التأديبية" من المرسوم رقم (85/59) المؤرخ في 23 مارس 1985 والمتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية.
II- خصائص العقوبة التأديبية:
أهم خاصية للعقوبة التأديبية هي مرونتها، وهذه الخاصية تمكن سلطة التأديب من التصدي للأفعال التي تحل بواجبات الوظيفة ومقتضياتها وتوقيع الجزاء العادل والمناسب الذي ينسجم مع أوضاع المرفق وبالطبع فإن هذه المرونة مقيدة بقواعد وإجراءات معينة وتخضع لرقابة القضاء، والخاصية الأخرى اتسامها بالطائفية، بمعنى أنها لا تفرض إلا على فئة معينة من أفراد المجتمع لها نظامها وأهدافها الخاصة بها.
وأخيرا تتسم العقوبة التأديبية بأنها تمس مزايا الوظيفة المادية والمعنوية، بمعنى أنها تقتصر فقط على المساس بحقوق الوظيفة ومزاياها، ولا تمس الموظف في حياته أو ممتلكاته.
III- أهداف العقوبة التأديبية:
إن الهدف الإيجابي للتأديب يكمن بصفة عامة في الأساس الذي يرتكز عليه، وهو مساعدة الموظف وتشجيعه على تبني القيم الأخلاقية والارتقاء بمستوى مهارته إلى المستوى المطلوب من خلال إتباع تعليمات وأوامر الإدارة في إخلاص وروح عالية، أما هدف العقوبة التأديبية يكمن أساسا في كفالة انتظام سير المرفق العام والتقويم والإصلاح والردع، فولاية سلطات التأديب إنما شرعت لأحكام الرقابة على الموظفين في قيامهم على تنفيذ القوانين وأداء واجبات وظائفهم على نحو يكفل تحقيق الصالح العام وأخذ المقصر من هؤلاء الموظفين بجرمه، تأكيدا لاحترام القانون واستهدافا لإصلاح الجهاز الإداري وتأمنيا لانتظام المرافق العامة وحسن سيرها.
فالعقوبة التأديبية الهدف منها هو تقويم الموظف المخالف وزجره ليكون عبرة لغيره كي يلتزم كل موظف بواجبات الوظيفة ومقتضياتها بما يحق المصلحة العامة وصالح المرفق، ولهذا فقد قضى بأن مشروعية العقاب إنما تقوم على الزجر لمرتكب الفعل ولغيره، وأن الغاية منه هي الحرص على حسن سير الوظيفة بانتظام واطراد.
والخلاصة أن العقوبة التأديبية كإجراء عقابي، مفهوما خاصا ساهمت في بلورته طبيعة المجتمع الوظيفي وظروفه الخاصة به، فالعقوبة التأديبية محصورة في إطار النظام العام للمرافق وهي في حقيقتها وسيلة في يد السلطة لحماية النظام الداخلي للمرفق وحماية المصلحة العامة وكفالة ما تتطلبه من هيبة وتوقير واحترام.
ثانيا- الطبيعة القانونية للعقوبة التأديبية:
نتيجة لكون المشرع الجزائري قد أخذ بفكرة العلاقة التنظيمية اللائحية، فإن السلطة التأديبية المقررة للدولة على الموظف العام تستند على مركزه باعتباره مركزا تنظيميا لائحيا يفرض عليه التزامات عديدة، وأن السلطة التأديبية باعتبارها فرعا من السلطة الرئاسية فإنه لا يمكنها أن تفرض فاعليتها إلاّ عن طريق العقاب.
ويبرز الفرق والاختلاف ما بين العقوبة التأديبية والعقوبة الجنائية من جهة والقرار التأديبي والحكم القضائي من جهة ثانية والإجراء التأديبي والإجراء الإداري من جهة ثالثة.

الفرع الثاني
العقوبة التأديبية والجنائية
1- من حيث مبدأ شرعية العقوبة: من المقرر أنه "لا عقوبة إلا بنص" أي بناء على قانون، وهذا يسري في المجال العقابي سواء كان جنائيا أو تأديبيا، ولذلك فقد نص المشرع على العقوبات الجنائية وحددها على سبيل الحصر، وهو ما فعله المشرع أيضا بالنسبة للعقوبات التأديبية حيث نص عليها وحددها حصرا ومن ثم فلا يجوز توقيع عقوبة لم ينص عليها المشرع، ويلاحظ مع هذا أن المشرع في المجال الجنائي قد حدد عقوبة معينة لكل جريمة أو لكل نوع من الجرائم الجنائية، أما في المجال التأديبي فإن التشريع الجزائري –كغالبية التشريعات – لم يحدد لكل خطأ تأديبي أو لكل نوع من الأخطاء التأديبية، عقوبة تأديبية معينة، وذلك لأنه لم يحدد أصلا جميع الأخطاء التأديبية وبالتالي فإن السلطة التأديبية لا تتقيد بتوقيع عقوبة معينة وإنما تقدر العقوبة التي تراها مناسبة للخطأ التأديبي و هذا بحسب الأصل العام، ومع ذلك فإن المشرع أخذ يقرب بين المجالين الجنائي والتأديبي، فما يتعلق بمبدأ الشرعية ومداه وآية ذلك أنه حدد لبعض الأخطاء التأديبية العقوبة التي توقع بالنسبة لكل منها.
2- من حيث الهدف أو الغاية من العقوبة: يقول البعض أن الغاية من العقاب الجنائي هو الحفاظ على النظام العام للمجتمع بأسره والدفاع عنه، أما العقوبة التأديبية وإن كانت تستهدف أساسا صالح المرفق إلا أنها تستهدف أيضا الصالح العام للمرافق العامة والمصلحة العامة.
3- من حيث طبيعة العقوبة وموضوعها: يرى غالبية الفقه أن العقوبتين الجنائية والتأديبية تختلفان من حيث هذين الجانبين، فالعقوبة الجنائية قد تصيب الشخص في حياته كعقوبة الإعدام، وقد تنال من حريته بصفة مؤقتة أو مؤبدة كالعقوبات المقيدة للحرية، وقد تصيبه في ماله وقد تحرمه من حقوق سياسية وقد تصيب العقوبة الجنائية الشخص في شرفه واعتباره أما العقوبات التأديبية فهي تصيب الموظف في نطاق وظيفته ومزاياه القانونية فحسب.
4- من حيث الطابع الشخصي للعقوبة: يغلب الطابع الشخصي في العقاب الجنائي عليه في العقاب التأديبي على اعتبار أن العقاب الجنائي ينظر أساسا إلى شخص المتهم، فهو لا ينظر إلى العمل الإجرامي فحسب وإنما يدخل في تقديره واعتباره عناصر شخصية، أما العقاب التأديبي فيغلب عليه الطابع الموضوعي، فالسلطة التأديبية تنظر أساسا إلى الخطأ التأديبي موضوع المؤاخذة.
5- من حيث كون العقوبة جزاء، وليست تعويضا: إن العقوبتين الجنائية والتأديبية تتشابهان في هذا فعلتاهما لا يقصد بها التعويض كما هو الحال في المسؤولية المدنية وإنما توقع كل منهما بوصفها جزاءا يستهدف ردع الجاني أو الموظف المخطئ تأديبيا وزجر غيره.
6- من حيث رد الاعتبار ومحو العقوبة: إن العقوبة الجنائية تخضع لنظام رد الاعتبار، كما تخضع العقوبة التأديبية لنظام المحو.
7- من حيث مجال كل من العقوبتين الجنائية والتأديبية، وس**ها والسلطة المختصة بتوقيعها: إن العقوبة الجنائية توقع بسبب جريمة جنائية تختلف في مقوماتها وأوصافها عن الخطأ التأديبي الذي توقع من أجلها العقوبة التأديبية كما أن السلطة المختصة بتوقيع العقوبة الجنائية وهي - المحاكم الجنائية – تختلف عن السلطات المختصة بتوقيع العقوبة التأديبية، هاته الأخيرة التي قد تصدر من السلطة التأديبية الرئاسية أي الإدارية مثل ما هو معمول به في التشريع الوظيفي الجزائري وقد يصدر من المجالس أو المحاكم التأديبية مثل ما هو معمول به في التشريع الوظيفي المصري.
إن الموظف العام الذي يرتكب خطأ أو جرما مخالفا لقانون الوظيفة العامة وقانون العقوبات لا يسأل أما جهة معينة واحدة، بل يسأل تأديبيا أمام السلطة الإدارية باعتباره مرتكب لخطأ تأديبي مخالف لقانون الوظيفة العامة ويسأل أيضا أمام القضاء الجنائي باعتباره مرتكبا لجريمة منصوص عليها في قانون العقوبات، وأن قرار أي جهة لا يؤدي إلى ربط الجهة الأخرى أو تقييد احدهما بالأخرى، غير أن مفهوم هذه الفكرة لا بد أن يكون محددا، ومع ذلك فإن هذه السلطة التأديبية ليست مقيدة بالحكم الصادر من القاضي الجنائي بالبراءة والعفو عن الموظف في حالة الشك.
II- الإجراء التأديبي والإجراء الإداري:
إن من المعلوم أن الإجراء التأديبي لا يعد عملا قضائيا من ناحية الشكل وبالتالي فإنه يدخل ضمن الأعمال الإدارية إلاّ أنه يحتل ضمن هذه الأعمال مكانة خاصة ولهذا السبب يختلف الإجراء التأديبي عن الإجراء الإداري خاصة من ناحية الهدف، فالإجراء الإداري الخاص بنقل موظف الهدف منه ضمان حسن سير المرفق أو المصلحة الإدارية، بينما الإجراء التأديبي الخاص بالنقل الإجباري للموظف فهدفه أولا وأخيرًا هو معاقبته عن الخطأ التأديبي الذي ارتكبه وإن كان الإجراءان يلتقيان في الموضوع والفاعلية وهما النقل والأثر.
III- القرار التأديبي والحكم القضائي:
إن القرار التأديبي لا يختلف بهدفه فقط عن الحكم القضائي في المواد الجنائية، وإنما يستقل عنه باعتباره عملا إداريا بعيدا كل البعد عن الأحكام القضائية ويتجلى ذلك في ما يلي:
1- إن القاضي الإداري عندما يراقب مشروعية الإجراء التأديبي فإنه لا يفعل ذلك نتيجة طلب نقض وإنما نتيجة طعن لسبب تجاوز السلطة.
2- إن الإدارة يمكن أن تطالب بتعويض عن الأضرار الناشئة عن العقوبات التأديبية غير المشروعة، بعكس الحال في الوظيفة القضائية.
3- إن الدعوى الجنائية والدعوى التأديبية مستقلتان عن بعضهما، وأنه بالإمكان توقع قيام جريمة يعاقب عليها مقترفها جنائيا وتأديبيا.
4- إن تأجيل القضية الجنائية لا يؤثر في سير الإجراءات التأديبية.
5- إن القرار التأديبي لا يؤثر في الدعوى الجنائية.
6- إن البراءة الجنائية لا توقف العقوبة التأديبية إلا في أحوال نادرة.
كما نشير إلى أنه العقوبة التأديبية تخضع عند توقيعها لنفس المبادئ التي تخضع لها العقوبة الجنائية منها، مبدأ الشرعية، مبدأ عدم رجعيةّ العقوبة التأديبية، مبدأ تسبيب القرار أو العقاب التأديبي، مبدأ وحدة العقاب (عدم تعدد العقاب)، مبدأ شخصية العقوبة التأديبية، مبدأ تناسب العقاب التأديبي مع الخطأ التأديبي وأخيرًا مبدأ المساواة في العقوبة.
وفيما يخص العقوبات التأديبية علينا نشير إلى أنواعها وذلك من خلال المرسوم رقم (85/59) المؤرخ في 23 مارس 1985 والمتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية.
بعد صدور المرسوم رقم (85/59) المؤرخ في 23 مارس 1985 والسالف الذكر وإلغاء الأمر (66/133) المؤرخ في 02 جوان 1966 المتضمن القانون الأساسي للوظيفة العمومية بموجب نص المادة (148) منه، نص المشرع الجزائري من خلال المادة (124) من ذات المرسوم في الباب السابع المعنون "بالعقوبات التأديبية" على تصنيفات وأنواع العقوبات التي يمكن أن يعاقب بها الموظفون العامون تبعا لخطورة الأخطاء التأديبية المرتكبة في ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: - الإنذار الشفوي ، الإنذار الكتابي، التوبيخ، الإيقاف عن العمل من يوم إل
الدرجة الثانية: - الإيقاف عن العمل من أربعة أيام إلى ثمانية أيام، الشطب من جدول الترقية،
الدرجة الثالثة: - التنزيل ، التسريح دون الإشعار المسبق و التعويضات، التسريح دون
الإشعار المسبق و من غير و التعويضات .
I- عقوبات الدرجة الأولى (وهي عقوبات الانضباط العام):
1- الإنذار: وقد أخذ به كعقوبة تأديبية، علاوة على المشرع الجزائري كل من المشرع المصري والفرنسي، وينطوي الإنذار على تحذير للموظف المخطئ تأديبيا، بعدم العودة للإخلال بالواجب الوظيفي وضرورة ترشيد سلوكه، والأخطاء التأديبية البسيطة لا تنطوي على خطورة تهدد كيان الوظيفة أو حسن سير المرفق العام.
والإنذار نوعان:
أ- إنذار شفوي: هو إنذار الموظف المخطئ وتحذيره وكذا توجيهه شفويا لتحسين سلوكه الوظيفي.
ب- إنذار كتابي: وهو إنذار الموظف المخطئ وتحذيره كتابيا عن طريق إشعار الموظف تحريريا بالخطأ التأديبي الذي ارتكبه وتوجيهه كتابيا لتحسين سلوكه الوظيفي.
2- التوبيخ: وينطوي على لوم الموظف المخطئ تأديبيا وتأنيبه على ما أرتكبه من أخطاء تأديبية تعتبر أخطاء من الدرجة الأولى يمس من خلالها الموظف بالانضباط العام.
3- الإيقاف عن العمل من (01) يوم إلى (03) ثلاثة أيام: ويقصد به إيقاف الموظف المخطئ تأديبيا عن أداء وظيفته من (01) يوم إلى (03) ثلاثة أيام، عقابا له عما ارتكبه من أخطاء تأديبية من الدرجة الأولى تمس بالانضباط العام .
II- عقوبات الدرجة الثانية: وهي العقوبات التي توقع على الأخطاء التأديبية من الدرجة الثانية والتي قد نصت عليها المادة (70) من المرسوم رقم (82/302) المؤرخ في 12 سبتمبر 1982 والمتعلق بكيفيات تطبيق الأحكام التشريعية الخاصة بعلاقات العمل الفردية وهي الأخطاء التأديبية التي يرتكبها الموظف نتيجة غفلة منه أو إهمال وهي:
1- الإيقاف عن العمل من (04) أربعة أيام إلى (08) ثمانية أيام: ويقصد به إيقاف الموظف المخطئ عن أداء وظيفته و التي يترتب عنها توقيف مرتبه تلقائيا خلال هذه المدة من (04) أربعة أيام إلى (08) أيام عقابا له ارتكبه من أخطاء تأديبية من الدرجة الثانية .
2- الشطب من جدول الترقية: وهي عقوبة تأديبية تصيب الموظف المرتكب لخطأ تأديبي من الدرجة الثانية والناتج عن غفلة وإهمال منه لحقه في الترقية.
III- عقوبات الدرجة الثالثة: (وهي العقوبات التي توقع على الأخطاء التأديبية من الدرجة الثالثة) والتي نصت عليها المادة (71) من المرسوم رقم (82/302)، المؤرخ في 12 سبتمبر 1982 والمتعلق بكيفيات تطبيق الأحكام التشريعية الخاصة بعلاقات العمل الفردية وهي:
1- النقل الإجباري: ومفاد هذه العقوبة التأديبية هو نقل الموظف المخطئ تأديبيا إجباريا إلى مكان آخر في غير المكان الذي كان يعمل فيه، وتعتبر هذه العقوبة ردعا للموظف من الناحية النفسية والأخلاقية .
2- التنزيل: وهي عقوبة تؤدي إلى تنزيل الموظف من الرتبة التي يحتلها إلى الرتبة الأقل منها بمعنى أن تنزيله لا يتجاوز رتبة واحدة.
3- التسريح من الوظيفة: وهي عقوبة تأديبية مقررة لمواجهة الأخطاء التأديبية شديدة الجسامة والتي تؤكد عن عدم صلاحية الموظف الوظيفة وهذه العقوبة تنهي العلاقة بين الموظف والإدارة وهي على نوعان:
أ‌- التسريح مع الإشعار المسبق والتعويضات: ويقصد به إنهاء علاقة الموظف بالوظيفة بعد إشعاره المسبق بخطئه التأديبي وبالعقوبة التأديبية التي سوف توقع عليه، مع إعطاءه ومنحه جميع التعويضات ذات الطابع العائلي.
ب‌- التسريح دون الإشعار المسبق ومن غير التعويضات: ويقصد بها إنهاء علاقة الموظف بالوظيفة دون إشعاره المسبق بخطاءه التأديبي والعقوبة التأديبية المقررة له يسببه دون منحه التعويضات ذات الطابع العائلي.
تبقى الإشارة فقط إلى أنه و زيادة على العقوبات المذكورة بدرجاتها الثلاثة، هناك عقوبات أخرى من الدرجتين الأولى والثانية تتناسب وطبيعة الوظيفة في المؤسسات والإدارات العمومية مثل العقوبات المقررة لموظفي قطاع التربية أو قطاع الصحة أو قطاع المالية، وهو ما نصت عليه الفقرة (02) من المادة (124) من المرسوم (85/59).
أما المادة (136) من ذات المرسوم (85/59) في بابه الثامن فقد نصت على إجراء "العزل" في الباب السابع المتعلق "بالعقوبات التأديبية".
العزل: والذي قد نصت عليه المادة (136) بأن "كل توقف عن الخدمة يخالف أحكام المواد من (132) إلى (135) أعلاه والمتعلقة بانتهاء علاقة العمل .
هو إجراء بمجرد توقيعه على الموظف المتوقف عن الخدمة يفقد صفة الموظف العام ولا يبقى له مكان في الوظيفة التي كان يشغلها ويعتبر كأن لم يكن قد تولى وظيفته في الإدارة التي عزل منها، و عليه فالموظف الذي يترك وظيفته دون إذن أو لم يعد إليها بعد المدة التي أذن له بها، أو يترك وظيفته قبل قبول استقالته أو لم يلتحق بالوظيفة التي نقل إليها يمكن أن يوقع عليه إجراء العزل، وقد يترتب على ذلك أيضًا حرمانه من تولي الوظائف العامة الخاضعة للأحكام قانون الوظيفة العامة.
- الوقف الاحتياطي:
قد تسند إلى الموظف تهم جد خطيرة، لا يصح معها أن يستمد في مزاولة أعباء وظيفته بل يقتضي الصالح العام إبعاده مؤقتًا من وظيفته حتى ينجلي أمره، وعلى ذلك ضمان صالح الإدارة يقتضي إعطاءها حق وقف الموظف احتياطيا عن عمله مقابل الضمانات التي منحت له والقيود التي فرضت على الإدارة قبل البث في أمر الموظف بتبرئته أو توقيع العقاب عليه، لذلك فإن وقف الموظف احتياطيا هو حق طبيعي للجهة الإدارية في مختلف التشريعات ومن بينها التشريع الجزائري.
إنه يمكن القول بأن الوقف الاحتياطي، هو "إجراء تحفظي يسمح للسلطة الإدارية بإبعاد الموظف مؤقتا عن وظيفته إذا أتهم بارتكاب خطأ جسيم".
والوقف ليست له أي صيغة تأديبية ولا يقاس عليه القرار الإداري أو الحكم الجنائي الذي قد يأتي فيما بعد، فالموقوف يحتفظ بحقوقه في الترقية والمعاش ويبقى تابعا للسلطة الرئاسية ولا يجوز له وهو في هذه الحالة مباشرة أي نشاط خاص يدر عليه ربحًا.
I- شروط الوقف الاحتياطي: بسبب تنوع الأفعال التي يمكن أن تكون مبررا لتوقيع عقوبة تأديبية فإنه من غير الممكن بل ومن المستحيل وضع قائمة لتحديد الوقائع التي تكون سببا في تقرير وقف الموظف المخطئ.
وهذا الإجراء أي الوقف الاحتياطي نص عليه المشرع أيضا من خلال نص المادة من قانون الوظيفة العمومي الحالي والصادر بموجب المرسوم (85/59) المؤرخ في 23 مارس 1985 والسالف الذكر، ويقصد المشرع بذلك بأن خطورة وجسامة الخطأ المهني الذي يرتكبه الموظف العام ويؤدي إلى توقيفه يمكن أن يترتب وينجر عنه عقابه بعقوبة من الدرجة الثالثة في حدها الأقصى ألاّ وهو التسريح من الوظيفة العامة.
كما أن الوقف الاحتياطي يمكن أن يتقرر أيضا، إذا تبين للإدارة أن الإبقاء على الموظف في منصبه من شأنه أن يعرقل سير التحريات الأولية أو يكون سببًا في تواطئ وإتلاف نتائج هذه التحريات.
ويشترط في قرار الوقف هذا، أن يصدر من السلطة التي لها حق التعيين بناء على ملاحظتها أو يطلب من الرؤساء المباشرين للموظف المخطئ، وفي الحالة الأخيرة يتطلب تقديم تقرير معلل بجانب طلب الوقف يبين فيه الخطأ المرتكب.
II- آثار الوقف الاحتياطي: إن الأثر الأساسي للوقف الاحتياطي هو الإبعاد العاجل الموظف المخطئ من منصبه، فيتولى مسؤولوه المباشرون استرجاع جميع الوسائل التي كانت ممنوحة له للممارسة مهامه كالأوراق الرسمية والأختام، وبعدما كان الوقف الاحتياطي يرتب أثاره على الموظف العام المخطئ متبوعا باقتطاع حصة من مرتبه على أن لا تتجاوز نصف مرتبه، وتلتزم خلالها السلطة التي لها حق التعيين بأخطاء الموظف المعني بالحصة المقتطعة.
وبالنسبة لعلاقة الموظف الموقوف بالإدارة فإنها تبقى على ما هي عليه قبل الوقف وعليه فإن وقفه هذا لا يترتب عليه انقسام العلاقة التي تربطه بالإدارة وإن كان هذا الوقف يؤثر فيه من ناحية الإبعاد عن وظيفته وتوقيف مرتبه وعدم جواز ترقيته خلال مدة الإيقاف.
III- مدة الوقف الاحتياطي: إن مدة الوقف تختلف باختلاف موضوع المتابعة، حيث نميز هنا بين حالتين:
1- إذا لم يكن الموظف العام المخطئ تأديبيا موضوع متابعات جزائية:
فإن الإدارة وطبقا لنص المادة (60) من القانون الأساسي للوظيفة العمومية (66/133) تلتزم بتسوية وضعيته نهائيا من الناحية التأديبية خلال 06 (ستة أشهر) على الأكثر ابتداء من يوم سريان مفعول قرار الإيقاف، هذا في قانون (66/133) .
ولكن بعد إلغاؤه وصدور المرسوم (85/59) المؤرخ في 23/03/1985 والسالف الذكر، ومن خلال نص مادته (130) في فقرتها الثالثة، والتي حددت أقصى أجل تلتزم فيه السلطة الإدارية التي لها حق التعيين بتسوية وضعية الموظف العام الموقف احتياطيا في أجل ((02) شهرين) على الأكثر ابتداء من اليوم الذي صدر فيه مقرر توقيفه وعليه فالسلطة التأديبية هنا تكون أمام حلين، إما أن تتخلى عن متابعته تأديبيا، أو توقع عليه عقوبة تأديبية في خلال هذا الأجل بعد أن تطلب موافقة مجلس التأديب على ذلك، وفي حالة ما إذا لم تتخذ أي من الحلين، أو في حالة ما إذا عارض مجلس التأديب التسريح (عقوبة الدرجة الثالثة) أو في حالة ما لم يجتمع المجلس في الأجل المذكور، أو لم يبلغ مقرره للمعني الموظف المخطئ فإن الموظف يبدأ في تقاضي مرتبه من جديد وبالكامل.
2- إذا كان الموظف العام المخطئ تأديبيا موضوع متابعات جزائية:
و طبقا لنص المادة 131 فقرة 1 من المرسوم 85/59 السالف الذكر أنه إذا كان الموظف المخطئ موضوع متابعات جزائية وأوقف احتياطيا تبعا لذلك يجب أن تطبق عليه العقوبة التأديبية خلال ستة (06) أشهر على الأكثر يبقى يتقاضى خلالها جزء من مرتبة الأساسي لا يتجاوز ثلاثة أرباعه، يبدأها به من تاريخ بتبليغ السلطة الإدارية التأديبية الموظف المخطئ بقرار الوقف، وغير أن وكاستثناء وفي حالة ارتكاب الموظف المخطئ والموقف احتياطيا خطأ مهنيا جسيما يمكن أن ينجر عنه التسريح (عقوبة الدرجة الثالثة) فإنه لا يتقاضى مرتبه كاملا .
ومما تجدر الإشارة إليه أن الموظف العام بمجرد ارتكابه لجرم معاقب عليه جزائيا، ويتعرض لمتابعات جزائية تتولى الجهة القضائية المحركة للدعوى العمومية (النيابة العامة) أخطار سلطته الإدارية التي تتولى بدورها إيقافه احتياطيا ولا تسوى له وضعيته نهائيا إلاّ بعد أن يصبح القرار القضائي نهائيا وبذلك يوقف الموظف العام المرتكب بجرم جزائي تأديبيا وذلك احتياطيا بحسب الإجراءات التالية:
1- مرحلة الإخطار من قبل الجهات القضائية المختصة.
2- مرحلة الوقف الاحتياطي. ولدينا في هذا الصدد، حالة تطبيقية:
حيث تورد هذه الحالة التطبيقية على سبيل المنال لا الحصر:
فبتاريخ 11/04/1998 تقدم الضحية (ي، م) بشكوى إلى نيابة الجمهورية بمحكمة الجنح بالوادي ضد المسمى (ب، م، ع) مفادها بأنه يشتغل وظيفة مساعد تربوي مكلف بالاستشارة التربوية باكمالية النخيل الشرقية بالوادي، وبأنه قد تعرض للاعتداء بالضرب والجرح داخل مكتبه من قبل المتهم (ب، م، ع) مساعد تربوي بنفس المؤسسة، وقد أدى ذلك به إلى الإغماد والجرح العمدي وذلك بدوره أدى به إلى عجز عن العمل لمدة (35 يوما) حسب الشهادات الطبية المرفقة، وقد أحيل المتهم (ب، م، ع) على محكمة الجنح عن طريق إجراءات التلبس الصادر عن السيد وكيل الجمهورية بمحكمة دائرة الاختصاص بتهمة جنحة الضرب والجرم العمدي الفعل المنسوب والمنصوص وكذا المعاقب عليه بموجب أحكام نص المادة (264 من قانون العقوبات).
1- مرحلة الاخطار من قبل الجهات القضائية المختصة:
حيث أنه وبتاريخ 06 ماي 1998 وبموجب إرساله من وكيل الجمهورية لدى محكمة الوادي إلى السيد النائب العام لدى مجلس قضاء بسكرة والمتضمن موضوعها إخطاره بإجراء متابعة قضائية ضد المتهم (ب، م، ع) بتهمة جنحة الضرب والجرح العمدي وقد تم إرسال نسخة من هذا الإخطار من نيابة الجمهورية إلى السلطة الرئاسية الإدارية للمتهم (ب، م، ع) مديرية التربية بالوادي ممثلة أساسا في شخص مدير التربية بالوادي.
ولقد حددت جلسة المحاكمة بمحكمة الجنح بالوادي من قبل النيابة العامة بعد تكيفها للوقائع على أساس أنها تشكل جرم جنحة الضرب والجرح العمدي الفعل المعاقب عليه بنص المادة (264 من ق، ع) وبعد جدولتها لجلسة المحاكمة في تاريخ 10/05/1998 أجلت لجلسة 17/05/1998.
2- مرحلة الوقف الاحتياطي:
حيث أن مدير التربية بصفته يمثل السلطة الرئاسية الإدارية للمتهم (ب، م، ع) بمجرد إخطاره من قبل نيابة الجمهورية بمحكمة الجنح بالوادي، وبتاريخ 11/05/1998 وتطبيقا لنص المادة (131) من المرسوم (85/59) والسالف الذكر من خلال فقرتها الأولى قام بإيقاف المتهم (ب، م، ع) عن وظيفته كمساعد تربوي بإكمالية النخيل الشرقية بالوادي ابتداء من 06/05/1998 على أن لا يتقاضى راتبه ابتداء من نفس التاريخ ويحتفظ له بالمنح ذات الطابع العائلي.

المبحث الثاني
الجهة القضائية المختصة في تأديب الموظف العام
من المسلم به أنّ سلطة التأديب تعدّ السلاح القوي الفعال في يد الإدارة لكي تردع به الموظفين عند حدوث تقصير من جانبهم أثناء أداء واجباتهم الوظيفية، إذا كان القانون قد أعطى الإدارة مثل هذه السلطة الأخيرة في أمور الموظفين لكي تقوم على حسن سير المرافق العمومية، فإنّه من ناحية أخرى حريص على أن تكون ممارسة هذا الحق وفقا لقواعد وأحكام ضمنها في نصوصه، وهذه الأحكام تتناول نواحي التأديب المختلفة من ضمنها السلطة القائمة على أمر التأديب .
ويمكنها كذلك من المقدرة على فهم جوانب الخطأ التأديبي وأبعاده والعوامل التي أحاطت به، ومن ثم يمكنها من سرعة اتخاذ الجزاء أو العقاب العادل والرادع في ذات الوقت، فهناك إذن ارتياب كامل بين فاعلية العقاب وبين السلطة المختصة بتوقيعه .
وسوف لن يتسنى لنا معرفة ماهية السلطة المختصة بتوقيع العقوبة التأديبية المقررة للخطأ التأديبي إلاّ من خلال التطرق إلى:
- الأنظمة المختلفة للجهة المختصة في تأديب الموظف العام وذلك من خلال المطلب الأول.
- السلطة المختصة بإصدار قرار التأديب من خلال المطلب الثاني من هذا المبحث.
المطلب الأول
الأنواع المختلفة للجهة المختصة في تأديب الموظف العام
تختلف الأنظمة التشريعية الوظيفية فيما بينها اختلافا بينا، في تحديد السلطة المختصة بالتأديب بحيث يتعذر القول بوجود تطابق كامل بين نظام معمول به في دولة ونظام مطبق في دولة أخرى ، وعلى الرغم من اختلاف قوانين الدول فيما يتعلق بالسلطة المختصة بتوقيع السلطة التأديبية، إلا و أنها تدور عادة بين أنظمة ثلاثة وهي النظام الرئاسي والنظام القضائي وكذا النظام شبه القضائي . والتي يمكن عرضها كما يلي:
الفرع الأول
الأنظمة المختلفة
أولا: النظام القضائي
يتميز النظام القضائي في التأديب باقتراب الدعوى التأديبية من الدعوى الجنائية وجعل نظام التأديب نظاما قضائيا بالمعنى الصحيح، وذلك بفصل سلطتي التحقيق والاهتمام من جهة والسلطة الرئاسية من جهة أخرى ويبقى دورها مقتصرا كسلطة للتأديب على العقوبات البسيطة .
ويقتصر دور السلطة الرئاسية في هذا النظام على توجيه الاهتمام إلى الموظف المخطئ، كما أنّ المشرع قد ينشأ هيأة خاصة تتولى القيام برفع الدعوى التأديبية، وتتولى الإدعاء أمام هذه المحاكم وتدعى )النيابة الإدارية) وتأخذ بهذا النظام كقاعدة عامة عدة دول منها ألمانيا والنمسا ومصر .
ووجود مثل هذا النظام يتطلب بالضرورة وجود إجراءات تأديبية محددة، توفر للموظفين أقصى ما يمكن من ضمانات الحياة والطمأنينة في متابعة الدعوى الـتأديبية، ويقوم على تخصص قضائي تخرج بناءا عليه الدعاوى التأديبية من اختصاص المحاكم الإدارية والعادية .
وينفرد النظام القضائي في التأديب بعدة خصائص ومميزات نذكر منها ما يلي :
1- يحقق النظام القضائي مبدأ العدالة والموضوعية في التأديب، حيث تكون السلطة التأديبية في ظله بعيدة كل البعد عن مساوئ كل من النفوذ السياسي والإداري.
2- أنه نظام كفيل بمنع استبداد أو انحراف السلطات الرئاسية فيما لو باشرت الاختصاص التأديبي.
3- إنّ نظام التأديب أقرب في حقيقته إلى الوظيفة القضائية منه إلى الوظيفة الإدارية.
ومع ذلك لم يسلم النظام القضائي منها :
1- المحاكم التأديبية تؤدي إلى البطئ والروتين، لذلك من الأفضل أن توضع سلطة التأديب في يد شخص واحد يكون ممثلا للسلطة الرئاسية.
2- إنّ المحاكم التأديبية تتبع إجراءات قضائية مطولة وتخضع لشكليات كثيرة الأمر الذي يؤدي إلى تأخير توقيع العقاب.
3- إنّ القول بأنّ التأديب أقرب إلى وظائف القضاء منه إلى وظائف الإدارة، قول يتضمن الخلط بين رسالة التأديب وعمل القاضي، فالتأديب في واقع الأمر من أخص أعمال الرئيس الإداري فهو نوع من سلطته الرئاسية.
ثانيا: النظام الشبه القضائي
هو نظام رئاسي في جوهره، فدور السلطة الرئاسية في توقيع العقوبة مازال قائما وعلى الأقل ظاهرا، إلاّ أنّ بعضا من التعديلات تدخل على النظام الرئاسي لا تأثر في هيكله، وإن كانت تغير من ملامحه فتهدف في مجموعها إلى تأمين قدر من الضمانات الجوهرية للموظف العام وأهم هذه التعديلات هي :
1- التزام السلطة الرئاسية بأخذ رأي هيأة معينة قبل توقيع العقوبة التأديبية، وهي إن كانت لا تلتزم بنتيجة هذا الرأي.
2- وفي حالات أخرى ينشأ المشرع مجالس تأديب يغلب فيها العنصر الإداري، تختص بتوقيع العقوبات التأديبية عل الموظفين العموميين وتأخذ بهذا النظام عدة دول .
ولهذا النظام في الواقع مبررات ومزايا عديدة من بينها :
1- إنه يحقق للموظفين قدرا أكبر من الضمان، حيث يقيد إلى حد ما من السلطة التقديرية للإدارة وبالتالي إمكانية إشراك هيئات أخرى معها في هذا المجال.
2- يحاول النظام شبه القضائي التوفيق بيت المصلحة العامة المتمثلة في ضرورة تمتع الإدارة بقدر من الاستقلال وحرية التقدير، وبين مصلحة الأفراد المتمثلة في حماية الحقوق والحريات العامة. وذلك بالتزام الإدارة بمبدأ المشروعية.
3- إنه نظام يعمل على إقامة فصل تدريجي بين سلطة الاتهام وسلطة الحكم بتنظيم تدخل الهيئات الاستشارية المكلفة بإبداء الرأي قبل صدور الحكم من السلطات الرئاسية.
وأي كان الأمر، فإنّ نظام التأديب شبه القضائي يقوم على تشكيل مجالس تأديبية غالبية أعضائها من رجال الإدارة مع وجود عنصر قضائي في تشكيلها، وتصدر هذه المجالس قرارات نهائية و ليس مجرد رأي أو مشورة، وهذه المجالس تعتبر فعلا هيئات شبه قضائية أو هيئات إدارية ذات اختصاص قضائي .
هذا وقد أخذ على هذا النظام أنه يضعف من السلطة الرئاسية تجاه المرؤوسين طالما أنّ هذه السلطة لا تملك بمفردها حق توقيع العقاب على هؤلاء المرؤوسين في حالة اقترافهم لأفعال منافية لحسن سير وانتظام المرفق، ويأخذ على هذا النظام أيضا تعسفه في استعمال السلطة الرئاسية في النظام الرئاسي، وطول الإجراءات التي تطلبها المحاكمة في النظام القضائي وبعد القاضي عن الواقع .
ومما يجدر الإشارة إليه أنّ البعض قد أطلق على النظام شبه القضائي تسمية النظام المختلط استنادا إلى قيام الجزاء أو العقاب الرئاسي في هذا النظام على إجراءات إدارية والجزاء أو العقاب القضائي منه على أساس إجراءات قضائية .
ثالثا: النظام الرئاسي
النظام الرئاسي هو النظام الذي تستقل فيه السلطة الرئاسية دون غيرها بحق فرض كافة العقوبات التأديبية باختلاف درجاتها على الموظفين العموميين في الدولة، ويعد النظام الرئاسي في التأديب أقدم صور الأنظمة التأديبية المعروفة حاليا ويرتبط ظهوره بظهور الوظيفة العامة ذاتها منذ بداية عهد الدولة الحارسة وحتى مفهوم الدولة في العصر الحديث .
ويكون للسلطة الرئاسية في هذا النظام الحق بمفردها في توقيع كافة العقوبات التأديبية (البسيطة والجسيمة) على الموظفين العموميين دون الأخذ برأي هيأة معينة .
ويعتبر من صور هذا النظام، أن تأخذ السلطة التأديبية الرئاسية-قبل توقيعها العقاب- رأي هيأة أو مجلس ولكن لا تلتزم السلطة المذكورة بهذا الرأي، غير أنه ومن التشريعات ما يجعل هذا الرأي ملزما للسلطة الرئاسية وإن كان لها حق تعديله لصالح الموظف .
ولا شك أنّ النظام الرئاسي يجعل الغلبة لمبدأ الفعالية في مجال أو نطاق الإدارة على حساب مبدأ الضمان الذي يسود نظام التأديب القضائي، وقد تم تغليب هذه الفعالية بغرض تسيير المرافق العامة بانتظام وإضطراد وأنّ ذلك لن يتحقق إلاّ إذا تزودت الجهات الإدارية أو الرئاسية بسلطة التأديب، ويذهب البعض إلى أنّ إسناد التأديب للسلطة الرئاسية يؤدي إلى نوع من الردع المعنوي للموظفين لإدراكهم أنّ السلطة الرئاسية تملك الحق في إيقاع العقوبات التأديبية عليهم إذا ما أخلو بواجباتهم الوظيفية .
ومن تطبيقات النظام الرئاسي في التأديب، النظام الانجليزي والأمريكي، حيث تباشر السلطة التأديبية في كل هذه الأنظمة من خلال السلطة الرئاسية وعلى رأسها الوزير المختص والذي تكون له الكلمة الأخيرة والنهائية في كافة القرارات التأديبية والتي تصدر في حق الموظفين التابعين لقضائه .
والجدير بالذكر أنّ فرنسا كانت تأخذ بالنظام الرئاسي في التأديب في بادئ الأمر إلاّ أنها اتجهت إلى الأخذ بالنظام شبه القضائي وكان ذلك بسبب الانتقادات الشديدة التي وجهت للنظام الرئاسي في مجال التأديب وتتمثل هذه الانتقادات أساسا فيما يلي :
1- إنّ السلطة الرئاسية تخشى أحيانا توقيع العقاب التأديبي خوفا من أن تكون هذه العقوبات محلا لمناقشة لاحقة من الرئيس الأعلى أو الرأي العام أو ربما البرلمان.
2- قد تتأثر السلطة الرئاسية في اتخاذ الإجراءات التأديبية بضغط النقابات أو الهيئات السياسية مما يجعل السلطة الرئاسية وهي التي تملك نظريا حق توقيع العقاب.
وقد رد على هذه الانتقادات بما يلي :
1- أنّ مباشرة السلطة التأديبية يخضع للرقابة القضائية.
2- أنّ النظام الرئاسي له مميزات خاصة لكون الرئيس الإداري أدى في تقدير الظروف والملابسات التي ارتكب فيها الخطأ.
3- أنّ الرئيس الإداري أدى من غيره بسيرة الموظف باعتباره المسؤول عن حسن سير المرفق أو المصلحة التي يشرف عليها .
4- أنّ حق التأديب شأنه شأن التشجيع، والتقدير يعتبر من الأمور الضرورية للتسيير.
ومما سبق يتضح ويتبين لنا أنّ النظام التأديبي الأمثل لسلطة العقاب هو النظام الذي يقوم على نوع من الموازنة ما بين مقتضيات الضمان (القانون) وبين الفاعلية )الإدارة العامة
فالنظام الرئاسي في التأديب يفتقر لعنصر الضمان، وعلى العكس منه النظام القضائي يفتقر لعنصر الفاعلية لحساب الضمان وتأسيسا على هذه المعطيات فإنّ بعض التشريعات المقارنة لا تحبذ اعتناق أي من النظامين الإداري والقضائي البحت، بل ترى هذه التشريعات بأنّ النظام الأجدر بالإتباع هو ذلك المتسم بالصفة المختلطة بين النظامين الإداري والقضائي وهو ما يطلق عليه (النظام الشبه القضائي) القائم على نوع من الموازنة بين الفاعلية والضمان، والذي يجمع بين خصائص النظام الإداري (الرئاسي) والنظام القضائي بغية تلاقي العيوب الشائعة في مجال العقاب التأديبي، محققا الهدف النهائي للتأديب الوظيفي، مع مراعاة المصالح العامة والخاصة.
الفرع الثاني
موقف المشرع الجزائري
لقد حاول المشرع الجزائري الأخذ بمميزات كل من النظامين الرئاسي والشبه القضائي وتجنب عيوب كل منهما، ويتجلى ذلك في إعطاء سلطة توقيع عقوبات الدرجة الأولى للسلطة الرئاسية التي لها صلاحية التعيين والتي تنفرد بتوقيعها وذلك بمقرر مبين الأسباب، دون استشارة التأديب مقدما وهو ما نصت عليه المادة (56) من الأمر(66/133) والمؤرخ في 02 جوان 1966 والمتضمن القانون الأساسي للوظيف العمومي ونص المادة (125) من المرسوم (85/59) المؤرخ في 23 مارس 1985 والمتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية كما منح المشرع السلطة الرئاسية أيضا سلطة توقيع عقوبات الدرجة الثانية لكنه خيرها باستشارة مجلس التأديب مقدما.
أما عقوبات الدرجة الثالثة فقد خولها المشرع أيضا للسلطة التأديبية الرئاسية ومنحها سلطة توقيعها لكنه قيدها بإلزامية وضرورة استشارتها لمجلس التأديب إجباريا بعد أخذ رأيه وموافقته وإتباع إجراءات قانونية محددة في ذلك، وإلا اعتبر قرارها بتوقيع العقوبة التأديبية قرارا باطلا نظرا للإجبارية الأخذ بالرأي مجلس التأديب، وهو ما نصت عليه المادة (56) في فقرتها الثالثة من الأمر (66/133) ونص المادة (127) من المرسوم (85/59)، السالفي الذكر.
ومن ذلك يتبين أن النظام المتبع في الجزائر هو نظام رئاسي وشبه قضائي، حيث نجد المشرع منح مهمة التأديب للسلطة الرئاسية وأنشأ بجانبها لجنة على مستوى كل هيئة أو سلك إداري تدعى "اللجنة المتساوية الأعضاء" وتختص بالنظر في المسائل الفردية الخاصة بالموظفين والتي من بينها مسألة التأديب فتجتمع في مجلس للتأديب، وتدلي برأيها الاستشاري غير الملزم والاختياري في عقوبات الدرجة الثانية والإلزامي الإجباري في عقوبات الدرجة الثالثة والتي تتطلب لتوقيعها موافقتها ..

المطلب الثاني
السلطة المختصة بإصدار قرار التأديب
ينصرف اصطلاح السلطة المختصة بإصدار قرار العقوبة التأديبية إلى الجهة (فردا أو هيئة) التي تختص قانونا بإصدار القرار بتوقيع العقوبة التأديبية على الموظفين الذين يقترفون الخطأ التأديبي وتنبع تلك السلطة من حاجة الإدارة إلى تحقيق النظام داخل المرافق العامة بما يكفل سيرها بانتظام وإطراد .
ولقد عرف الأستاذ (Waline) السلطة التأديبية بأنها تلك "السلطة التي توقع العقوبات على الموظف العام بحيث تمسه في حياته الوظيفية أو تحرمه من مزايا وظيفية، وذلك إذا ارتكب خطأ يتنافى مع واجبات وظيفته "، والأصل في الجزائر أن نظام التأديب يجمع بين النظامين الرئاسي والشبه القضائي، أما السلطة التأديبية المختصة فهي من اختصاص السلطة التي لها حق التعيين وتمارسها عند اللزوم، بعد أخذ رأي اللجنة المتساوية الأعضاء والتي تعقد جلساتها في مجلس للتأديب، وما نصت عليه أيضا المادة (123) من المرسوم (85/59) المؤرخ في 23 مارس 1985 والمتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية بنصها "تختص السلطة التي لها صلاحية التعيين أو السلطة المخولة، إن اقتضى الأمر، بالسلطة التأديبية، وتمارس هذه السلطة بعد استشارة لجنة الموظفين التي تجتمع في مجلس تأديبي".
وبذلك يكون المشرع الجزائري قد أناط الاختصاص في إصدار القرار التأديبي بتوقيع العقوبات التأديبية لجهتين هما:
الرئيس الفرد (السلطة الرئاسية (الإدارية)) ومجلس التأديب.
الفرع الأول
السلطة التأديبية الرئاسية (السلطة الإدارية)
إذا كان القانون النافذ رقم (634) لسنة 1983 والمعدل بالقانون الصادر سنة 1984 في النظام التأديبي الفرنسي، قد حصر السلطة التأديبية في السلطة الرئاسية بوصفها السلطة الأصلية في التأديب إضافة إلى بعض الاختصاصات التأديبية الممنوحة للجان الاستشارية المسماة اللجان الإدارية المشتركة أو مجالس التأديب، فإن المادة (19) قد حددت السلطة التأديبية أنها تلك السلطة التي تمتلك سلطة التعيين وتصدر العقوبات التأديبية ولا تملك توقيع غيرها من العقوبات إلا بعد الاستشارة المسبقة لهيئة مجتمعة في مجلس تأديبي. فالقاعدة العامة في فرنسا هي أن السلطة الرئاسية هي صاحبة الاختصاص في تأديب الموظفين وتوقيع العقوبات التأديبية عليهم .
وإذا كان المشرع في مصر أيضا قد ميز في نص المادة (82) من قانون العاملين المدنيين رقم (47) لسنة 1978م بين نوعين من السلطات الرئاسية التي منحهما الاختصاص التأديبي وهما:
النوع الأول: شاغلوا الوظائف العليا وهم وفقا للمادتين الأولى والثالثة من القانون رقم (117) لسنة 1982 م المعدل للقانون الأصلي رقم (47) لسنة 1978 م:
1) وكيل الوزارة 2) الدرجة الممتازة 3) الدرجة العليا.
النوع الثاني: السلطة المختصة، حيث حدد المشرع المصري السلطة المختصة في المادة الثانية من القانون رقم (47) لسنة 1978 بما يلي:
1) الوزير المختص 2) المحافظ المختص بالنسبة لوحدات الحكم المحلي 3) رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة المختص .
أما بالنسبة لمشرعنا وفي نظامنا التأديبي الجزائري للوظيف العمومي، فإن السلطة التأديبية هي من اختصاص السلطة التي لها حق التعيين وهو ما نصت عليه المادة *** في 02 جوان 1966 المتضمن القانون الأساسي للوظيف العمومي، ونص المادة (123) من المرسوم (85/59) المؤرخ في 23 مارس 1985 والمتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية .
وهكذا يتضح ويظهر جليا ومن خلال النصوص القانونية الآنفة الذكر والمتعلقة بسلطة الاختصاص في تأديب الموظف العام، وكذا المرسوم التنفيذي رقم (90/99) المؤرخ في أول رمضان عام 1410 الموافق ل 27 مارس سنة 1990 المتعلق بسلطة التعيين والتسيير الإداري بالنسبة للموظفين وأعوان الإدارة المركزية والولايات والبلديات والمؤسسات ذات الطابع الإداري ، أنّ السلطة التأديبية (السلطة الإدارية) في النظام الـتأديبي التشريعي الوظيفي في الجزائر تتمثل أساسا في:
- الرئيس المباشر (مسؤول المصلحة) للموظف العام المخطئ تأديبيا.
- مسؤول المؤسسة العمومية ذات الطابع الإداري في ما يخص مستخدمي المؤسسة المرتكبين لخطأ تأديبي.
- رئيس المجلس الشعبي البلدي، فيما يخص مستخدمي البلدية المخطئين تأديبيا.
- الوالي فيما يخص مستخدمي الولاية المرتكبين لخطأ تأديبي.
- الوزير فيما يخص مستخدمي الإدارة المركزية المخطئين تأديبيا.
ومن ذلك وعلى سبيل المثال، لدينا القرار المؤرخ في 07 نوفمبر 1992 والمتضمن منح تفويض سلطة التعيين والتسيير الإداري من وزير التربية الوطنية إلى مفتش أكاديمية الجزائر ومديري التربية بالولايات .
الفرع الثاني
مجالس التأديب
لقد أنشأ المشرع الجزائري إلى جانب السلطة الرئاسية التأديبية مجلسا استشاريا يسمى قانونا مجلس التأديب إذا تعلق نطاق عمله، اختصاصه في مجال الـتأديب، أما إذا تعلق نطاق عمله اختصاصاته الأخرى خارج مجال التأديب كالترقية، التثبيت، النقل، الاستقالة، العزل، قيسمى باللجنة المتساوية الأعضاء أو لجنة الموظفين. فتطبيقا وتجسيدا للأمر (66/133) المؤرخ في 02 جوان 1966 المتضمن القانون الأساسي للوظيف العمومي والذي جاء في ديباجيته تحت عنوان "الهيئات الاستشارية":
ب- اللجان المتساوية الأعضاء واللجان التقنية المتساوية الأعضاء، ولقد نصت عليها المادة (13) من نفس الأمر في الفصل الثاني من الباب الأول المعنون ب" أحكام عامة" من خلال فقرتها الثالثة والأخيرة....يحدد اختصاص وتشكيل وتنظيم وسير اللجان المتساوية الأعضاء واللجان التقنية المتساوية الأعضاء بموجب مراسيم... الأمر الذي استوجب إعادة تنظيم اللجان المتساوية الأعضاء مع ما يتلاءم ومقتضيات الواقع الجديد .
- المرسوم رقم (84/11) المؤرخ في 11 ربيع الثاني عام 1404 الموافق ل 14 جانفي سنة 1984 والمحددة لكيفيات تعيين ممثلين عن الموظفين في اللجان المتساوية الأعضاء .
- القرار المؤرخ في 07 رجب عام 1404 الموافق ل 09 أفريل سنة 1984 الموضح لكيفيات تطبيق المادة(23) من المرسوم رقم (84/10) المؤرخ في 11 ربيع الثاني عام 1404 الموافق ل 14 جانفي سنة 1984 المحدد لاختصاص اللجان المتساوية الأعضاء وتشكيلها وتنظيمها وعملها .
- القرار المؤرخ في 07 رجب عام 1404 الموافق ل 09 أفريل سنة 1984 المحدد لعدد الأعضاء في اللجان المتساوية الأعضاء .
- التعليمة رقم (20) المؤرخة في 26 جوان 1984 المتعلقة بتنظيم وتسيير اللجان المتساوية الأعضاء ولجان الطعن .
- المرسوم (85/59) المؤرخ في أول رجب عام 1405 الموافق ل 23مارس سنة 1985 والمتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية من خلال ما نصت عليه المادة (14) منه بنصها " تحدد بمرسوم اختصاصات لجان الموظفين ولجان الطعن المنصوص عليها في المواد (11،12،13) أعلاه وتشكيلها وتنظيمها وعملها مع مراعاة الأحكام التشريعية المتعلقة بممارسة الحق النقابي" .
- المنشور رقم (01/86) المؤرخ في 27 فيفري 1986 والمتعلق بتطبيق التعليمة رقم (20) المؤرخة في 26/06/ 1984.
- التعليمة رقم (02) المؤرخة في 07 أفريل 1990 والمتعلقة بإنشاء وتجديد اللجان المتساوية الأعضاء .
- المنشور المؤرخ في 06 نوفمبر 1991 والمتعلقة بلجان المستخدمين في بعض الرتب الجديدة .
- المنشور (1640/1996) المؤرخ في 27 أكتوبر 1996 والمتعلق بإنشاء وتجديد اللجان المتساوية الأعضاء .
- المنشور رقم (67/99) المؤرخ في 09 فيفري 1999 والمتعلق بإنشاء وتجديد وتمديد فترة اللجان المتساوية الأعضاء ولجان الطعن .
- المنشور رقم (174/2000) المرسل إلى السيد رئيس مفتشية الوظيف العمومي لولاية الأغواط بتاريخ 29 أوت 2000 والمتضمن تمديد عهدة اللجان المتساوية الأعضاء .
- المنشور رقم (229/2000) المرسل إلى السيد رئيس مفتشية الوظيف العمومي لولاية غليزان بتاريخ 29أوت 2000 والمتضمن تمديد اللجان المتساوية الأعضاء .
ومن ثم لابد التطرق إلى تشكيلة مجالس التأديب ومن ثم التطرق إلى اختصاصاتها حيث يستشف من دراسة النصوص القانونية السالفة الذكر أنه
والتي تجمع في مجلس تأديبي إذا ما تعلق الأمر باختصاصاتها في تقديم الاستشارة أو الرأي الملزم أو الإجباري إلى السلطة الرئاسية التأدبية في مجال تأديب موظفها العام المرتكب لخطأ تأديبي معاقب عليه بعقوبة من عقوبات الدرجة الثانية والثالثة وتسمى حينها " بالمجلس التأديبي" ما يلي:
أولا- من حيث تشكيل مجالس التأديب وتنظيمها وعملها:
1- إنشاء وإحداث مجالس التأديب:
تتكون مجالس التأديب في الإدارات المركزية والولايات والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية والتي يخضع موظفوها لأحكام قانون الوظيفة العمومية، وهي المؤسسات ذات الطابع الإداري والبلديات وكذا المصالح الغير الممركزة (المادة 01 من المرسوم (84/10)).
يمكن أن تكون مجالس التأديب حسب كل سلك أو مجموعة من الأسلاك ويؤخذ بعين الاعتبار في جميع الأسلاك والضوابط الآتية:
قطاع النشاط، طبيعة الوظائف، عدد الموظفين، المستوى السلمي للسلك، ضغوط المصلحة وتنظيمها الخاص، ويوضع كل مجلس للتأديب لدى السلطة المكلفة بتسيير المستخدمين من المعنيين، لاسيما المكلفة بجميع الملفات الفردية مركزيا ومسكها (المادة 02 من المرسوم (84/10)).
تنشأ وتحدث مجالس التأديب الخاصة بالإدارة المركزية أو المؤسسات العامة ذات الطابع الإداري والبلديات والمصالح غير الممركزة بموجب قرار يتخذه الوزير المعني بعد الأخذ برأي السلطة المكلفة بالوظيف العمومي ولإصلاح الإداري (الوزارة المنتدبة المكلفة بالوظيف العمومي ولإصلاح الإداري حاليا) ) (المادة(27) من المرسوم (84/10) والتعليمة رقم (20) المؤرخة في 26 جوان 1984) .
تنشأ وتحدث مجالس التأديب الخاصة بالولايات وكذا اللجان التي تنعقد على مستوى مدير التنفيذ والمؤسسات العمومية الولائية، أو المؤسسات الوطنية والمحلية كيفما كان سلك التعيين والهيئة المسيرة بموجب ومقتضى قرار من الوالي، أخذ رأي واستشارة السلطة المكلفة بالوظيف العمومي وتكون هذه المجالس لدى مدير المجلس التنفيذي المعني، تختص كل واحدة منها بسلك من الأسلاك الموظفين وإذا كان عدد الموظفين لا يسوغ تكوين مجلس لكل سلك تعين جميع هذه الأسلاك تطبيقا لأحكام المادة (02) من المرسوم (84/10).
وتلتزم المديرية العامة للوظيف العمومي بالرد بنفس الطريقة خلال خمسة عشرة يوما (15 يوما) من تلقي الطلب، ويعتبر عدم رد المديرية العامة للوظيف العمومي في هذا المجال بمثابة قبول مكتتب وهو ما أكدته نصوص المواد (29، 30) من القانون (84/10)، والتعليمة رقم (20) المؤرخة في 26 جوان 1984 .
ولكن مما تجدر الإشارة إليه بأن منشور (67/99) الصادر بتاريخ 09/02/1999 والمتضمن إنشاء، تجديد وتمديد فترة اللجان المتساوية الأعضاء ولجان الطعن فقد جاء محددا بصفة دقيقة لمسألة إنشاؤها وأعطى الإجابة المحددة للتساؤل والإشكال الذي تطرحه المؤسسات والإدارات العمومية بلجوئها إلى المصالح المركزية للوظيف العمومي لمعرفة على أي مستوى مؤسساتي من الإدارة يتم إنشاء اللجان المتساوية الأعضاء والمسماة مجالس التأديب، وتنشأ هذه اللجان (مجالس التأديب) طبقا للمادة (02) من المرسوم رقم (84/10) المؤرخ في 14 جانفي 1984 السالف الذكر، لدى السلطة التي لها صلاحيات التعيين .
2- تعيين أعضاء مجالس التأديب:
تشمل وتضم مجالس التأديب عددا متساويا من ممثلي الإدارة والممثلين الذين ينتخبهم الموظفون (المادة (03) من المرسوم (84/10)) والتعليمة رقم (20) المؤرخ في 26 جوان 1984.
تتكون مجالس التأديب من أعضاء دائمين وأعضاء إضافيين يتساوون في العدد مع الدائمين ولا يشارك الأعضاء الإضافيون في الاجتماعات إلا إذ خلفوا أعضاء دائمين متغيبين (المادة (04) من المرسوم (84/10)).
يعين أعضاء مجالس التأديب لمدة (03 سنوات) ويمكن تجديد عضويتهم (المادة (05) من المرسوم (84/10)) .
II- في تنظيم مجالس التأديب:
تطبيقا لأحكام المرسوم (84/10) والتعليمة رقم (20) المؤرخة في 26 جوان 1984 وكذا المنشور (67/99) المؤرخ في 09 فيفري 1999 السالفي الذكر، تنظم مجالس التأديب على مستوى الإدارات المركزية وعلى مستوى الولايات وكذا على مستوى المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري الوطنية والمحلية وفي البلديات وكذا المصالح الغير الممركزة .
هذا التنظيم القانوني المعتمد للمجالس التأديبية يأخذ بعين الاعتبار السلطات المخولة للسلطة الإدارية التأديبية للوزير والوالي، والمديرين التنفيذيين للولاية، وكذا مديري المؤسسات العامة ذات الطابع الإداري ورؤساء البلديات ورؤساء المصالح الغير الممركزة في مجال تأديب موظفيهم المرتكبين لأخطاء تأديبية أثناء تأديتهم لوظائفهم أو بمناسبتها.
ويهدف هذا التنظيم أساسا إلى تقريب هذه الهياكل من السلطة الرئاسية والتي تتمتع حقيقة بسلطات التأديب، والسماح بالمتابعة الحسنة لمراحل وإجراءات تأديب الموظف العام المخطئ تأدبيا.
III- في عمل مجالس التأديب:
يعين أعضاء مجالس التأديب لمدة ثلاثة (03) سنوات ويمكن تجديد عضويتهم مثلما سبق وأن رأينا (المادة 5/01).
يترأس مجالس التأديب السلطة التي تنصب لديها، غير أنه يمكن للرئيس في حالة وقوع مانع له أن ينيب عنه ممثل الإدارة الأكثر أقدمية في أعلى وظيفة حسب الترتيب السلمي (المادة 11).
يعد كل مجلس للتأديب نظامه الداخلي ثم يعرضه على الوزير أو الوالي المعني للموافقة عليه، ويتولى كتابة المجلس ممثل على الإدارة غير عضو فيها، ويمكن للمجلس أن يعين أحد ممثلي الموظفين فيه لممارسة مهام كاتب مساعد، ويحرر محضر إثر كل اجتماع (المادة 12).
يعرض رئيس كل مجلس للتأديب جميع المسائل الداخلة في اختصاصه، كما تعرض هذه المسائل عليه بطلب مكتوب يوقعه على الأقل (2/1) نصف عدد الموظفين أو بطلب من الإدارة أو المعينين أنفسهم، ويبدي رأيه بأغلبية الأعضاء الحاضرين.
اجتماعات مجالس التأديب ليست علنية (المادة 15).
لا تجتمع مجالس التأديب في جمعية عامة إذا عرضت عليها اقتراحات عقوبات الدرجة الثانية أو الثالثة الصادرة عن السلطة الإدارية الرئاسية التأديبية والمنصوص عليها في المواد (124، 126، 127) من المرسوم (85/59) السالف الذكر، فإنه لا يتداول في شأنها إلى الأعضاء الدائمون، وإن اقتضى الأمر إخلافهم الذين يمثلون السلك الذي ينتمي إليه الموظف المعني وكذلك العدد المساوي من ممثلي الإدارة (المادة 16).
يجب على الإدارات أن توفر لمجالس التأديب جميع الوسائل المادية والوثائق والأوراق اللازمة لممارسة مهامها قانونيا، ويجب على أعضاء مجالس التأديب أن يلتزموا باحترام السر المهني ، وكل مخالفة لهذا الواجب يترتب عليها إبعادهم من مجالس التأديب.
لا تصح مداولات مجالس التأديب إلا إذا التزمت بقواعد تشكيلها وعملها وكذا اختصاصها (المادة 19) يتعين أن يحضر اجتماعات مجالس التأديب (4/3) ثلاثة أرباع عدد أعضاؤها على الأقل، وإذا لم يبلغ هذا النصاب يستدعى من جديد أعضاء المجلس التأديبي خلال (08) ثمانية أيام الموالية، وعندئذ يصح اجتماعها إذا حضر (2/1) نصف عدد أعضائها (المادة 19).
يمكن حل إحدى مجالس التأديب بالكيفية التي تم بها تكوينها (المادة 20).

ثانيا: من حيث اختصاصات وصلاحيات مجالس التأديب:
تختص مجالس التأديب بتقديم الآراء والاستشارة للسلطة الرئاسية التأديبية والتي لها حق وسلطة التعيين، حول مقترحاتها بتوقيع إحدى العقوبات من الدرجة الثانية أو الدرجة الثالثة للموظف العام المرتكب لخطأ تأديبي أثناء قيامه بوظيفته أو بسببها.
وهكذا فإن رأيها الاستشاري اختياري للسلطة الرئاسية التأديبية إذا كان الخطأ التأديبي المرتكب من الموظف العام يستوجب توقيع إحدى عقوبات الدرجة الثانية.
أما في عقوبات الدرجة الثالثة فإن رأي مجالس التأديب إلزامي وإجباري للسلطة الرئاسية التأديبية لتوقيع العقوبة التأديبية على موظفها المرتكب لخطأ تأديبي وعليها أن تأخذ به إجباريا.
وبصفة عامة، فإن من مهام واختصاص مجالس التأديب، إبداء رأيها قبل توقيع العقوبات التأديبية وللسلطة الرئاسية التأديبية (السلطة الإدارية) الأخذ به اختياريا في عقوبات الدرجة الثانية وإلزاميا إجباريا لها الأخذ به في عقوبات الدرجة الثالثة.
وهكذا يتضح ويتبين لنا جليا مما سبق أنه وفي النظام القانوني الوظيفي الجزائري وفي مجال تأديب الموظف العام المرتكب لخطأ تأديبي أثناء ممارسته لوظيفته أو بمناسبتها فإن القرار التأديبي المتضمن تأديب الموظف العام يصدر:
1- من السلطة الإدارية الرئاسية التأديبية من دون استشارة أو أخذ رأي المجلس التأديبي مقدما في عقوبات الدرجة الأولى، وتقوم بتوقيع هذا القرار التأديبي هي في حد ذاتها مباشرة على موظفها المخطئ تأديبيا.
2- من السلطة الإدارية الرئاسية التأديبية بعد استشارة أو أخذ رأي المجلس التأديبي مقدما في عقوبات الدرجة الثانية، ورأيه واستشارته في ذلك رأي اختياري فقط غير ملزم لها .
3- من السلطة الإدارية الرئاسية التأديبية بعد أخذ رأي المجلس التأديبي مقدما في عقوبات الدرجة الثالثة إلزاميا وإجباريا.

المطلب الثالث
الجهة المختصة بالحكم بالمسؤولية والتعويض
إنّ كل شخص طبيعي مسؤول عن أعماله وتصرفاته طبقا للقاعدة التي تنص على أنّ كل شخص يسبب ضررا للغير عن طريق عمل يلزم بالتعويض، وعلى غرار الأفراد فقد سبب للإدارة (السلطة العامة)، أضرارا للغير نتيجة للأعمال التي تقوم بها أو بصفة أدى نتيجة أعمال موظفيها، وبالتالي نكون الإدارة مسؤولة اتجاه الغير من جراء الأضرار التي ألحقها الموظفين بهم وذلك بدفع مبلغ، التعويض من ذمتها. وعلى هذا سنتطرق إلى نقطتين، ألا وهي الجهة الملزمة بتحديد المسؤولية، وهذا في الفرع الأول وفي الفرع الثاني، سوف نتطرق إلى الجهة الملزمة بتحديد التعويض.
الفرع الأول
الجهة الملزمة بتحديد المسؤولية
يقع عبئ الإثبات على المدعي، فهو مطالب بإثبات ما أصاب من ضرر، ولا يستطيع أن يخطو خطوة قبل أن يثبت ذلك، كذلك يقع عليه إثبات الخطأ في المسؤولية عن الأفعال الشخصية، أما في المسؤولية المفترضة فالخطأ مفترض لا يحتاج إلى إثبات من قبل المدعي مثل مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعة ومثل حارس الحيوان، ومالك البناء، وحارس الشيء.
أما الخطأ فيمكن إثباته بشهادة الشهود، أو المعاينة والانتقال إلى مكان الواقعة إلاّ أنّه ومن ناحية أخرى فإنّ الإدارة لا تتعامل مع المواطنين إلاّ بأوامر وتصرفات مكتوبة مما يجعل الكتابة دلالا ذو أهمية بالغة في المنازعات، وعليه فإنّ عبئ الإثبات أمام القضاء الإداري يتوزع حسب الكيفية الآتية:
1- يتحمل المدعي أول أمر عبئ الإثبات للوقائع الإدارية التي يستند إليها مدعما إدعاءه بملفات أو وثائق إدارية.
2- تقوم هيأة المحكمة بتكليف الجهة الإدارية بتقديم الوثائق المتعلقة بالدعوى.
3- يجب على الإدارة أن تقدم الأوراق المطلوبة، لأنّ رفضها يعتبر تسليما منها بما يدعيه المدعي من بيانات، إذا أدعى فرد واقعة غير إدارية كان عليه إثباتها طبقا للقواعد العامة.
الفرع الثاني
الجهة الملزمة بتقديم التعويض
تتحمل الدولة التعويض نتيجة خطأ الموظف، وقد تشترك معه في التعويض وأخيرا قد يقع الخطأ من الموظف فتلتزم الإدارة بتعويض الغير احتياطيا لتقوم بالرجوع على الموظف فيما بعد، فتكون الدولة في القانون المدني مسؤولة باستمرار عن خطأ موظفيها نتيجة للضرر المرتبط حدوثه بالوظيفة ما هو شخصي وما هو مرفقي.
وقد تتحمل الدولة تعويض الضرر الذي أصاب الغير نتيجة خطأ الموظف وتشترك معه في التعويض، وأخيرا قد تكون المسؤولية والتعويض كاملين على عاتق الموظف، دون تدخل الدولة، لكن ما يهمنا هو تعويض الدولة عن تصرفات موظفيها.
وسنحاول استعراض هذه الحالات فيما يلي:
أولا: تحمل الدولة التعويض بصفة نهائية
إنّ الدولة تتحمل كل التعويض وبشكل نهائي أي لا تعود بذلك، التعويض على موظفيها في حالة حدوث الخطأ المرفقي، أي لا دخل للخطأ الشخصي في هذه المسؤولية المسببة للتعويض، ومن ذلك فإنّ المسؤولية تكون على عاتق الإدارة وحدها، وبالتالي فالدولة هي الجهة يحكم عليها التعويض نهائيا وكليا.
ثانيا: مشاركة الدولة للموظف عبئ التعويض
إنّ الدولة تشارك الموظف في تحمل أعباء التعويض في حالة توافر خطأ شخصي وخطأ مرفقي في نفس الوقت، وهذه الحالة تعرف في الفقه والقضاء بقاعدة الجمع بين الخطأين، فالرأي السائد كان يعتبر أنّ واحد من الاثنين يكون مخطأ وبالتالي مسؤولا، الإدارة أو الموظف فخطأ أحدهما ومسؤوليته تحجب خطأ ومسؤولية الآخر .
ولكن فيما بعد وجد الاجتهاد نفسه في هذا المجال، أمام حاجة ملحة تدعوه للتسليم بمبدأ الجمع وعلى هذا فإنّ هذا المبدأ يكون وليد الاجتهاد الذي لم يأخذ أبدا بنصوص المسؤولية في القانون المدني الفرنسي (المادة 1384) والتي تدعي مسؤولية المستخدم عن فعل المستخدم لديه وذلك تركيزا منه عل مبدأ استقلالية وذاتية القانون الإداري.
وقد طبق مجلس الدولة الفرنسي فكرة الجمع بين الخطأين لأول مرة في عام 1911 في قضية السيد ((AUGET.
ولكن السؤال الذي يطرح هنا هو كيفية توزيع، التعويض بين الدولة والموظف في هذه الحالة؟
للإجابة على ضد السؤال: نجد القاضي عند قيام هذه الحالة أمامه يتمتع بسلطة تقديرية واسعة في تحديد نصيب كل من الموظف والإدارة في المبلغ المحكوم به تعويض المضرور، وإذا لم يستطع القاضي تحديد نصيب كل من الطرفين، فإن الأصل أن يوزع مبلغ التعويض على المحكوم عليهم من الموظفين والإدارة بالتساوي، أما المسؤولية تكون تضامنية وهو ما أقرته المادة 126 من القانون المدني الجزائري ، وأحسن مثال على الجمع بين الخطأين هو قضية ANGET.
وفي هذا الصدد يكون قرار ANGET قد أحدث ولو بخجل شرفا كبيرا في تكريس مبدأ تقليدي مزمن كان يسيطر على مسار الفقه والاجتهاد قبل ما يقارب القرن من ذلك وكان مفاده أن لا يمكن الجمع بين مسؤولية الإدارة ومسؤولية الموظف، وكما يقول هوريو "ليس فقط هما غير مسؤولين معًا وبالتضامن، ولكن أيضا مسؤولين معًا في وقت واحد بفعل عمل واحد". وقد أخذت الغرفة الإدارية للمحكمة العليا بهذه النظرية أي الجمع بين الخطأين الشخصي والمرفقي في قضية بلقاسمي ضد وزير العدل، حيث تتلخص وقائعها في أن الشرطة القضائية قامت بحجز مبلغ مالي قدره 63050 مملوك للسيد بلقاسمي، وأودعته عند كاتب الضبط، وأثناء هذا الحجز قامت الدولة بتبديل الأوراق النقدية ولم يقم كاتب الضبط بتبديل المبلغ في الوقت المحدد قانونًا، فرفع السيد بلقاسمي دعوى تعويض ضد وزير العدل، وبعد دراسة الملف قررت الغرفة الإدارية للمحكمة العليا آنذاك، أن هذا الضرر يعود سببه إلى خطأ شخصي ارتكبه كاتب الضبط يتمثل في إهماله، وخطأ مرفقي يتمثل في سوء سير مصلحة كتابة الضبط وحكم على الإدارة (أي وزارة العدل) بتعويض السيد بلقاسمي عن الضرر الذي ألحق به. وفي تطور لاحق قرر القضاء الإداري أنه يمكن جمع المسؤوليات حتى ولو كان الخطأ خارج الخدمة وندرس ذلك في:
أ- الخطأ المرتكب أثناء الوظيفة أو بمناسبتها:
تطور الاجتهاد في مثل هذه الحالة تطورا كبيرا ورغم أن خطأ الموظف المرتكب أثناء الوظيفة أو بمناسبتها يمكن فصله عن الوظيفة ماديا أو فكريا ويكون بالتالي خطأ شخصي إلاّ أن مجلس الدولة الفرنسي كرس هنا وبدون تردد مبدأ الجمع بين المسؤوليتين وذلك في قرار مبدئي شهير هو قرار "لومنييه" « LEMONNIER » ويمكن تلخيصه كالآتي: "نظم مجلس بلدية روك كورب « Roquekourbe » في مقاطعة (التارن) « LE TARN » عيدا محليا كان يتضمن الرماية على أهداف قائمة في النهر، وأثناء الرماية كان بعض الأشخاص من المتنزهين على الضفة الأخرى، وخوفا من أن يصابوا بخطأ هرع البعض إلى رئيس البلدية يخبرونه بالموضوع إلا أنه لم يحرك ساكنا ولم يتخذ أي تدبير جدي من شأنه وضع حدا لهذا الخطر ولوقاية المارة، فأصيبت السيدة « LEMONNIER » برصاصة سببت لها جرحا بليغا، هنا قرر مجلس الدولة الفرنسي اعتبار إدارة البلدية مسؤولة وإن كان الخطأ شخصيًا، لأنه ارتكب أثناء الوظيفة وقضى أيضا أنه بالإمكان مقاضاة المسؤول أمام القاضي العادي، وإنما لا يجوز الجمع بين التعويضين وقد برر مجلس الدولة الفرنسي قراره قائلاً:
"يمكن للخطأ الشخصي المرتكب أثناء المرفق أن ينفصل عنه، لكن لا ينفصل المرفق عن هذا الخطأ".
ولعل الفضل يعود إلى مفوض الحكومة في القضية آنذاك القاضي Léon Blum الذي أطلق في مطالعته والتي جاء فيها" إذا تم ارتكاب الخطأ أثناء الوظيفة أو بمناسبتها، وإذا كان المرفق قد وفر الوسائل والمعدات التي مدت المذنب على ارتكاب خطئه وباختصار إذا كان المرفق هو الذي ساهم في وقوع الخطأ فإنه يمكن عندئذ للقاضي الإداري بل عليه أن يقول: "قد يمكن فصل الخطأ عن المرفق، إنما لا يمكن أبدا فصل المرفق عن الخطأ فحتى لو كان المتضرر يملك حق مقاضاة الموظف المذنب، وحتى ولو كان قد أقام الدعوى ضده، فإنه مع هذا يملك في الوقت ذاته حق مقاضاة المرفق العام ولا مجال لمنازعته في هذا الحق".
ب- الخطأ المرتكب خارج الخدمة:
من المعروف أن الخطأ الذي يرتكب خارج منطقة العمل يكون خطأ شخصي وهذا ما يؤدي إلى انعقاد المسؤول، ما لم يكن هذا الخطأ الشخصي للموظف متصل بخطأ أولي ارتكبته الإدارة المعنية كانعدام رقابتها على سلوك موظفيها، مثال ذلك حادث مرور تسبب فيه جندي خارج الخدمة بسيارة عسكرية كلفته الإدارة العسكرية بقيادتها في حين أن إدمانه على السكر شهير ومعروف.
ولكن مجلس الدولة الفرنسي لم يلبث أن عاد عن هذا المبدأ الذي كان يبدو وكأنه مطلق فأقر لأول مرة بإمكانية الجمع بين مسؤولية الموظف ومسؤولية الإدارة حتى عندما يرتكب هذا الموظف خطأ شخصيا خارج الوظيفة تماما، وقد تم تكريس ذلك في ثلاث قرارات صدرت في يوم واحد بتاريخ 18 أكتوبر 1949 وخلاصتها أن سائقي سيارات تخص الإدارة العسكرية خالفوا أوامر المهمة المعطاة لهم عندما استعملوا هذه السيارات وسببوا بالتالي بإلحاق الضرر بالغير، وعندما تقدم المتضررون بطلب التعويض من قبل الإدارة العسكرية رفضت هذه الأخيرة إجابة الطلب بانية رفضها على أن سائقي سيارتها استعملوها وقت الحادث خارج إطار الوظيفة ولأغراض شخصية، وكانت المفاجأة أن أعلن مجلس الدولة الفرنسي لأول مرة مسؤولية الإدارة عن حادث تسبب به أحد موظفيها بخطئه الشخصي وخارج الخدمة، معتبرا أن الحادث موضوع النزاع لا يخلوا في الواقع من أية علاقة بالمرفق العام وهذا يعني أن مسؤولية الإدارة تنعقد مع مسؤولية الموظف مشاركة متى كان هناك ارتباط ولو ضئيل بين المرفق والخطأ المرتكب من قبل الموظف خارج الخدمة وهذا ما تحقق باستعمال سيارة المرفق.
ومثال ذلك قرار دلفيل « Delville » الصادر في 28 جويلية 1951 حيث وزع مجلس الدولة الفرنسي الدعوى مناصفة بين الإدارة والموظف نظرًا لتعادل خطيئتهما (عدم صيانة ضوابط السيارة: خطأ خدمة، وحالة السكر عند الموظف: خطأ شخصي) .
إلا أنه في مثل هذه الحالات لا يمكن للمضرور الحصول على تعويضين في آنٍ واحد أي تعويض مضاعف من الإدارة ومن الموظف، وذلك لأن القاضي يربط التعويض بالشخص العام وذلك بحلول الإدارة محل الموظف في دفع التعويض.و من ثم فما عليها إلا أن ترجع على الموظف باسترداد المبلغ الذي دفعته لقاء حصته في التعويض الناتج من مشاركته تلك المسؤولية المسببة للتعويض.

يقصد بالإجراءات التأديبية تلك الخطوات والمراحل الإجرائية المنظمة التي يتعين على السلطة الإدارية المختصة إتباعها للتحقق والتأكد من ارتكاب الموظف العام للخطأ التأديبي المنسوب إليه تمهيدا لتوقيع العقوبة التأديبية عليه.
وموضوع الإجراءات التأديبية بالذات، يعد من أهم الموضوعات التي عنى بها المؤلفون الإداريون، لأنها نقد من أكثر الجوانب التي يتعرض لها القضاء في أحكامه ونظرا لطابعها العملي الملموس، ولكونها أيضا تعد بمثابة مجموعة القواعد الإجرائية التي تسمو بالتأديب إلى الحكمة التي شرع من أجلها وصولا إلى العقاب التأديبي العادل الذي يضمن للموظف عدم التعرض للاضطهاد والتعسف من قبل الإدارة، باعتبار أن الإدارة عند بلوغها لأهدافها يعتمد أساسا على حسن أداء الموظف.
ومن أجل تحقيق مصلحة الإدارة ومصلحة الموظف نشأت فكرة القانون التأديبي وكانت الإجراءات التأديبية إحدى وسائله، لأحكام قواعد المسؤولية التأديبية وضبط إجراءاتها.
ولذلك نبحث في مبحثين من خلال هذا الفصل الثاني كلا من ماهية الإجراءات التأديبية في المبحث الأول ومن ثم نتناول في المبحث الثاني المراحل الإجرائية التأديبية والضمانات التي يتمتع بها الموظف أثناء هذه المراحل الإجرائية من جهة ثانية.
المبحث الأول
ماهية الإجراءات التأديبية للموظف العام
من خلال هذا المبحث نتناول فيه، المفهوم القانوني للإجراءات التأديبية وطبيعتها القانونية من خلال المطلب الأول، والخصائص العامة للإجراءات التأديبية من خلال المطلب الثاني منه.
المطلب الأول
مفهوم الإجراءات التأديبية و طبيعتها القانونية
مفهوم الإجراءات التأديبية التي نقوم بدراستها، هي كل الشكليات التي تنظم المرحلة ما بين ارتكاب الخطأ التأديبي حتى صدور القرار التأديبي وتوقيعه، وبما في ذلك القواعد المنظمة للسلطة التي تختص بالتأديب.
الفرع الأول
مفهوم الإجراءات التأديبية
إنّ الإجراءات بصفة عامة هي مجموعة القواعد الأصولية التي تنظم القضاء والتقاضي ، فالإجراءات التأديبية يقصد بها الخطوات المنظمة التي يتعين إتباعها للتحقق من ارتكاب الموظف للخطأ التأديبي المنسوب إليه.
وهذه الإجراءات تستهدف توفير الضمان والاطمئنان في جميع مراحل إجراءات التأديب يقصد بها إذا تلك الضمانات والضوابط التي تكفل اطمئنان للموظف أنّ التأديب يحقق غايته كأداة لحماية المرفق لا أن يكون وسيلة للقصاص أو الانتقام .
وتبدأ الإجراءات التأديبية بعد ارتكاب الموظف للخطأ التأديبي بتكييفه منذ لحظة وقوع الخطأ التأديبي حتى صدور القرار الـتأديبي فيه وتوقيعه ، والإجراءات التأديبية مردها قواعد موضوعية واستهدافها أن يكون الوسيلة الفنية لتطبيقها.
الفرع الثاني
الطبيعة القانونية للإجراءات التأديبية
إنّ الإجراءات التأديبية هي دراسة القواعد الإجرائية التي تكون في مجموعها القانون الـتأديبي الذي يطبق على جميع الموظفين العاملين بالدولة وعلى ذلك فالإجراءات التأديبية قاعدية.
ويؤكد ذلك أنّ المبادئ التي تحكم الإجراءات التأديبية في مراحلها المختلفة متميزة عن المبادئ التي تحدد تعريف الخطأ التأديبي وبيان أركانه وكذا العقاب التأديبي الواجب التطبيق وما يرتبط بها من أنظمة مختلفة على الرغم من أنّ كلا من الخطأ التأديبي، السلطة المختصة بتوقيع العقوبة التأديبية والإجراءات التأديبية يعتبر كلا متكامل لارتباطهم يبعضهم البعض.
أولا: القاعدة الإجرائية التأديبية
القاعدة الإجرائية التأديبية لا تختلف عن غيرها من القواعد القانونية فتتكون من شقين هما:
الأول: ويشمل قاعدة سلوكية وإجرائية.
الثاني: يتضمن العقاب الذي يفرضه الشرع في حالة مخالفتها.
والقواعد الإجرائية التأديبية تهدف إلى إثبات سلطة الدولة في العقاب التأديبي المناسب في الحالات الواقعية وفي حين أنّ هذه القواعد تتناول كذلك كل ما يتعلق بالمتابعة التأديبية للموظف المرتكب الخطأ التأديبي وزيادة على ذلك فإنّ تناول السلطة المختصة بتوقيع العقوبة التأديبية سواءا السلطة الرئاسية التأديبية أو مجالس التأديب من حيث تشكيلها، تنظيمها وعملها وكذا اختصاصها .
ثانيا: مصادر القاعدة الإجرائية التأديبية
إنّ القواعد الإجرائية التأديبية تجد مصدرها الوحيد في التشريع، وذلك نظرا للصلة الوثيقة بينها وبين القواعد الموضوعية بحيث تعتبر الشرعية الإجرائية امتدادا للشرعية الموضوعية.
هذا بالإضافة إلى أنّ الأهداف التي تتوفاها القواعد الإجرائية التأديبية متمثلة في الضمان وفاعلية سير المرافق العامة بانتظام واضطراء، هي أهداف تحتاج إلى ضوابط تشريعية محددة ضمانا لتحقيقها وفاعليتها .
والمصدر الرئيسي للقواعد الإجرائية التأديبية في التشريع الوظيفي الجزائري هو المرسوم رقم: (66/152) المؤرخ في 02/06/1966 والمتضمن الإجراءات التأديبية وهو المرسوم التشريعي الصادر بمقتضى الأمر رقم (06/03 2 .
وهو ما كرسه أيضا المرسوم (85/59) المؤرخ في 23 مارس 1985 والمتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارة العمومية من خلال نص المادة 123 منه . هذا بالإضافة إلى التشريعات الخاصة بالاستهلاك والقطاعات المختلفة التي تنظم القواعد الإجرائية لتأديبهم وهي في معظمها ترجع إلى القواعد الإجرائية للتأديب من خلال المرسوم رقم (66/152) ومن ذلك المنشور رقم (04/87) المؤرخ في 19/01/1987 الصادر عن وزارة التربية الموجه إلى السادة: رؤساء أقسام استثمار الموارد البشرية بالولايات والمتضمن الإجراءات التأديبية الخاصة بقطاع أو سلك موظفي التربية4 .
ويلاحظ أنّ العرف لا يعتبر مصدرا للقواعد الإجرائية التأديبية لتعارض ذلك مع الشرعية الإجرائية التي تعتبر انعكاسا للشرعية الموضوعية، ولا تعتبر أحكام القضاء الإداري وقراراته مصدرا للقواعد الإجرائية أيضا .









 


قديم 2011-10-15, 10:52   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










M001 اضافة

ثالثا: خصائص القواعد الإجرائية التأديبية
تتميز هذه القواعد أي القواعد الإجرائية التأديبية بالسمات والمميزات التالية :
أ- القواعد الإجرائية التأديبية من طبيعة قانونية
وعلى هذا فإنّ القواعد الإجرائية التأديبية لها صفة آمرة وفد تتضمن أمرا بعمل ما أو النهي عن سلوك معين وقد تكون مكملة أو محددة أو مفسرة لقاعدة إجرائية أخرى، كما أنّ لها صفة العمومية والتجريد، إلا أنّ ذلك لا يؤثر في كونها قواعد عامة ومجردة من خلال المخاطبين بأحكام هذه القواعد، فهي ليست موجهة إلى أشخاص معينين بل إلى فئات غير محددة ويتواجدون في مواقف واقعية معينة .
ب- قواعد الإجرائية التأديبية من طبيعة إجرائية
إنّ القواعد الإجرائية التأديبية تهدف إلى تطبيق سلطة الدولة في العقاب فتتناول سير أعمال المتابعة التأديبية، ومن ثم فهي إجرائية في طبيعتها، وليست كل القواعد التي يشملها الإجراء التأديبي من طبيعة إجرائية بحتة، بل هناك قواعد من طبيعة مدنية أو إدارية أو موضوعية، فالغيرة إذن في تحديد القاعدة هي بوظيفتها وليس بالقانون الذي ينص عليها .
ج- القواعد الإجرائية هي قواعد تنظيمية:
القواعد الإجرائية تحدد الشروط التي يجب مراعاتها في العمل الإجرائي حتى يترتب آثاره القانونية مثل الشكل العام والمكان والزمان والوسيلة والضمانات.
فلا يجوز في كافة الأحوال تطبيق عقوبة تأديبية إلاّ بإتباع الإجراءات التأديبية .
د- القواعد الإجرائية هي قواعد ذات جانبين:
القاعدة الإجرائية تقرر حقا أو رخصة أو سلطة لأحد الموظفين أو للسلطة الرئاسية التأديبية أو لمجلس التأديب مما يقابلها التزامات على عاتق الطرق الثاني في ذات الوقت سواء في ذلك الموظف المرتكب لخطأ تأديبي والمتابع تأديبيا بسببه أو من يمثله كالشهود أو غيره .
هـ- القاعدة الواحدة وتعدد النصوص:
في أغلب الأحوال يتشعب مضمون القاعدة الإجرائية في عدة نصوص، فلا يشترط أن يتحدد موضوعها في نص واحد هو الإجراء التأديبي فحسب، بل يتعدى إلى أكثر من ذلك فيكون في قانون مجلس الدولة وقد يكون في الإجراءات المدنية أو قانون الإجراءات الجزائية...الخ وقد يقتصر في بعض النصوص على الشق الأول أو الثاني من القاعدة الإجرائية.
و- القاعدة الإجرائية قابلة للتفسير:
إنّ القصد من تفسير القاعدة الإجرائية هو البحث عن معناها الحقيقي وإظهار الإرادة الحقيقية للمشروع المتضمنة في القاعدة من الوجهة الموضوعية.
والتفسير قد يكون تشريعا وقد يكون قضائيا وقد يكون فقهيا .

المطلب الثاني
الخصائص العامة للإجراءات التأديبية
إنّ هذه الإجراءات تمتاز بخصائص عامة، سواء من حيث منطق الضمان أو من حيث قصور النصوص في مجال الإجراءات.
الفرع الأول
الإجراءات التأديبية ومنطق الضمان
إنّ المبادئ التي تحكم تأديب الموظف العام تتردد بين اعتبارين كلاهما جدير بالرعاية وهما منطق الضمان والرعاية بالنسبة للموظف ومقتضى فاعلية العمل الإداري، وإذا كنا نجد صدى لهاذين الاعتبارين في جميع القرارات التي تقوم عليها نظرية التأديب، فإن الغلبة لمنطق الضمان واضحة تماما في مجال الإجراءات.
إن الضمان الحقيقي للموظف العام المخطئ تأديبيا في مجال التأديب يكمن في سلامة الإجراءات عبر مراحل المتابعة التأديبية جميعها، وأنه إذا ما توافر هذا الضمان على النحو الفعال فإنه لا خوف من الاحتفاظ بالصيغة الإدارية للتأديب، وعلى الرغم من ضرورة القدر اللازم من الضمان في جميع مراحل إجراءات التأديب فإنه يجب التنبه إلى خطورة المغالاة في هذه المدد مما يؤدي إلى الإضرار بالموظفين العامين أنفسهم.
والإجراءات التأديبية بمراحلها وضماناتها تكفل السرعة والفاعلية وتحول دون استمرار التأديب لمدة طويلة، ولمجالس التأديب المشكلة من ممثلين للموظفين وممثلين للإدارة الصورة المثلى لاختصار الإجراءات مع توفير الضمان والطمأنينة للموظف العام المخطئ تأديبيا أن يقتصر دور الرقابة القضائية على الجوانب القانونية الخالصة ومع تحديد مدة زمانية مناسبة لا يجوز أن تتجاوزها وتتعداها إجراءات التأديب استقرارا لأوضاع الموظفين العامين وكفالة لسير العمل الإداري.
الفرع الثاني
قصور النصوص في مجال الإجراءات
لقد كان التأديب في أول الأمر موضوعا إداريا خالصا، كان متروكا للسلطة الرئاسية التأديبية تمارسه قبل موظفيها العامين لمقتضيات المصلحة العامة، بعدما أن بدأ منطق الضمان يغزو المجالات التأديبية، سواء باستحداث مجالس التأديب ، أو باستحداث جهات الطعن الإداري في قرارات الإدارة التأديبية ومنها لجان الطعن والتي تعد بمثابة ضمانات إدارية، وكذا الطعن القضائي ضد قرارات الإدارة التأديبية وهي ضمانات قضائية فهذه الضمانات الإدارية وحتى القضائية فرضت على الإدارة أن تحترم بعض القواعد الإجرائية التي تمليها مقتضيات العدالة، فإذا كان المشرع الجزائري قد تدخل ونظم كثيرًا من الجوانب الإجرائية للتأديب في القوانين واللوائح وكذا القرارات والمناشير والخاصة بكل سلك وقطاع إلا أنه وعلى الرغم من ذلك فإنه ما يزال نقص وقصور في النصوص المتعلقة بالإجراءات التأديبية.
ولقد أخذ القضاء على عاتقه مهمة تكملة ما في النصوص من نقص أو غموض لدرجة جعلت الفقه والقضاء يتحدث عن المبادئ العامة للإجراءات التأديبية، ففي الجزائر وباستثناء المرسوم رقم (66/152) والمتعلق بالإجراء التأديبي وكذا بعض المناشير والقرارات الخاصة ببعض القطاعات والأسلاك ما زال لا يوجد أي نص قانوني من ذلك التاريخ إلى اليوم يعتبر كقاعدة للإجراءات التأديبية مما يترجم ويؤكد بوضوح نقص وقصور النصوص القانونية المنظمة والمتعلقة بالإجراءات التأديبية في التشريع الوظيفي الجزائري.
والنقص في النصوص المنظمة للإجراءات التأديبية يثير أسئلة تتعلق بالمصادر التكميلية التي يستقي منها القضاء الإداري المبادئ التي يطبقها فيما يطرح عليه من طعون قضائية في القرارات التأديبية الصادرة عن الإدارة، فالإدارة والقضاء الإداري وبالخصوص مجلس الدولة حاليا، ملزم من خلال اجتهاداته بإتمام وإكمال النصوص التي تنظم إجراءات التأديب ومراحله الإجرائية في ذلك.
ونجد أن القضاء الإداري وعلى رأسه مجلس الدولة من خلال اجتهاداته في هذا الصدد، يسلك أحد السبيلين في خصوص تكملة ما قد يصادفه في النصوص من نقص:
الأول: الاستناد إلى المبادئ العامة في إجراءات التقاضي بصفة عامة
الثاني: استعارة الأحكام التي ترد في قانون الإجراءات المدنية والإدارية والإجراءات الجزائية .

المبحث الثاني
مراحل الإجراء التأديبي والضمانات المقررة للموظف العام
بالنظر للمركز القانوني للموظف الذي يتسم بالطابع التنظيمي، وبالنظر لخصوصية الجهة التي يتبعها الموظف فقد تناول القانون الأساسي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية، كافة مراحل الإجراء التأديبي.

المطلب الأول
مراحل الإجراء التأديبي

الفرع الأول
مرحلة التحقيق والمداولة
بعد تكييف الخطأ المرتكب من طرف الموظف، تأتي مرحلة لا تقل أهمية عن سابقتها ألا وهي مرحلة تحديد المسؤولية ومدى إسناد الخطأ المرتكب للموظف وذلك قصد الوصول للعقوبة المستحقة إن ثبت إدانته أو براءته في حال عدم ثبوتها، وهو ما نتطرق إليه فيما يلي :

أولا: مــرحـلــة التحقيــق
إن التحقيق الإداري إحدى وسائل النظام التأديبي نحو بلوغ غايته لإظهار الحقيقة، وهو مشابه للتحقيق القضائي اعتماده على كافة طرق وأدلة الإثبات من اعترافات، شهادات، ويتم ذلك كتابة في كل الأحوال.
فالتحقيق إجراء تقوم به الإدارة بناءا على تقرير الرئيس المباشر للموظف حول تصرفاته، أو جهات التفتيش بناءا على شكاوي المنتفعين بالمرفق العام، وذلك إذا ما ارتأى مجلس التأديب أن الوقائع المنسوبة للموظف محل إبهام وغموض يتعين فكهما قصد إصدار قرار التأديب على أسس شرعية، فهو إجراء جوازي.
كما يمكن وخلال مراحل التحقيق أن يتم توقيف الموظف احتياطيا، فهو إجراء وقائي وليس عقابي، وطبقا للمادة 130 من المرسوم 85/59 التي جاء بها.
كما نصت المادة 131 من نفس المرسوم على حالة أخرى يتم فيها توقيف الموظف فورا، وذلك في حال تعرضه لمتابعات جزائية لا تسمح بإبقائه في حالة نشاط، وذلك بموجب مقرر صادر عن السلطة التي لها صلاحية التعيين فور إخطارها بتحريك الدعوى العمومية الذي يبقى ساريا لحين التسوية الإدارية لملف المعني، مع جوازية إرفاق مقرر التوقيف طوال 6 أشهر على الأكثر، بمقرر إبقاء جزء من الأجر الأساسي [ما لم تحصل المتابعة نتيجة خطأ مهني قد ينجر عنه تسريح الموظف-درجة ثالثة].
فإذا ما انتهت المتابعة الجزائية بالإدانة ينبغي على الإدارة تسريح الموظف إذا ما كانت المتابعة الجزائية نتيجة خطأ مهني، أما إذا كانت أمام الجهات القضائية بحكم نهائي فيعاد إدراجه وجوبا في منصب عمله بموجب مقرر من السلطة التي لها صلاحية التعيين، ما لم يوجد خطأ مهني يؤدي لعقوبة تأديبية.
لكن ما يعاب على النظام التأديبي في الجزائر أنه يفتقد للحياد المفروض في الجهة التي تتولى التحقيق إذ يعهد به للإدارة أو السلطة السلمية، وهي نفس الجهة التي تتولى الاهتمام، وهو ما من شأنه المساس بضمانات الموظف في مواجهة الإدارة التي لا يعقل أن تتولى، الهيئة المستخدمة، أو ممثلها المرخص له قانونا توجيه الاهتمام، وتسليط العقوبة وكذا التحقيق بشأن الإخلالات المنسوبة للموظف. وقد سلك المشرع الجزائري في ذلك مسلك المشرع الفرنسي الذي جعل من السلطة التي تملك حق توجيه الاهتمام هي نفسها السلطة التي تتولى إجراء التحقيق وذلك تحت رعاية القضاء .
ثانيا: مرحلة المداولة والاقتراع
تختلف هذه المرحلة تبعا للخطأ المقترف من طرف الموظف، وطبيعته سواء من حيث الجهة المختصة بإصدار القرار التأديبي، أو بعض الإجراءات الملازمة له، وهو ما نوضحه من خلال النقاط التالية:
1- بالنسبة للخطأ المهني من الدرجة الأولى: بالرجوع لنص المادة 125 من المرسوم 85/59 يتضح أنّ المشرع الجزائري قد أطلق العنان للسلطة الرئاسية في توجيه العقوبة من الدرجة الأولى وذلك بنص:
"تقر السلطة التي لها صلاحية التعيين أو السلطة المخولة عقوبات من الدرجة الأولى بمقرر بين الأسباب دون استشارة لجنة الموظفين مقدما".
نلاحظ أنّ المشرع لم يلزم السلطة المخولة بالتأديب استشارة أي هيأة ولا التقيد برأي أي جهة معينة ومرد ذلك برأينا قلة أهمية هذا النوع من العقوبات التي لا يمكن أن تتجاوز في أقصى دلالتها، لإيقاف عن العمل من يوم إلى ثلاثة أيام".
2- بالنسبة للخطأ المدني من الدرجة الثانية:
لقد نص المشرع الجزائري بالمادة 126 من مرسوم 85/59على أنّ:
"تقدر السلطة التي لها صلاحية التعيين عقوبات الدرجة الثانية بمقرر مبين الأسباب......".
وهو ما يعني ترك سلطة العقاب للسلطة الرئاسية، التي تملك صلاحية التعيين وحدها دون أخذ رأي أي جهة أخرى، شأنها في ذلك شأن عقوبات الدرجة الأولى وذلك بالرغم من خطورة العقوبات المقدرة لمرتكبي أخطاء الدرجة الثانية، والتي قد تمتد إلى الشطب من جدول الترقية وهو ما يمكن اعتباره إجحافا آخر في حق الموظف وتوسيعا لصلاحيات الإدارة .
3- بالنسبة للخطأ المهني من الدرجة الثالثة:
بالنظر لخطورة هذه العقوبات وما تلحقه من أضرار بالمشوار المهني للموظف، كونها قد تصل لغاية فصله من منصب عمله، فقد خول المشرع سلطة إصدارها إلى اللجنة المتساوية الأعضاء ، والتي عليها وحدها المختصة بإبداء الرأي الموافق على العقوبة المقترحة من السلطة الرئاسية.
وبالنظر لأهمية هامة اللجنة في تسيير المشوار المهني للموظف لا بأس من التطرق إليها في عجالة من حيث تشكيلها، ودورها في المجال التأديبي إلى اللجنة المتساوية الأعضاء منصوصا عليها بموجب المادة 12 من مرسوم 89/59 وهي تشكل على مستوى الإدارة المركزية، الولايات، الجماعات المحلية، والمؤسسات العامة ذات الطابع الإداري وهي تتألف من عدد متساو من ممثلي الهيئات المعنية الذين يعينون بموجب قرار من السلطة التي تملك حق التعيين من بين المتصرفين الإداريين بعد استطلاع رأي المديرية العامة للموظف العمومي، وهي تختص فضلا عن اختصاصاتها الأخرى بالنظر في القضايا التأديبية المعروضة عليها، والمتعلقة بالموظفين المرتكبين لمخالفات الدرجة الثالثة، فهي طبقا للمادة 13 من المرسوم 85/59 تخص بالعقوبات التأديبية لاسيما التسريح بنوعيه، التنزيل والنقل الإجباري.
4- بالنسبة للخطأ المهني من الدرجة الرابعة: فهذا الخطأ المهني مستحدث بموجب الأمر رقم 06-03 المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، وذلك طبقا للمادة 173 من نفس الأمر. و يتقاضى المعني خلال فترة التوقيف نصف راتبه و كذا مجمل المنح العائلية.
و إذا اتخذت في حق الموظف الموقوف عقوبة، أقل من عقوبات الدرجة الرابعة أو إذا تمت تبرئته من الأعمال المنسوبة إليه أو إذا لم تجتمع اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء في الآجال المحددة، يسترجع الموظف كامل حقوقه والجزء الذي خصم من راتبه .

الفرع الثاني
مرحلة اتخاذ القرار التأديبي
هي المرحلة الأخيرة عن سلسلة الإجراءات التأديبية وأكثرها أهمية بالنظر للآثار التي تنجر عنها وما لذلك من انعكاس على المشوار المهني للموظف، لكن المشرع لم يضع ضوابط لوضع حد لهيأة الإدارة على الموظف، وذلك بتنصيبها كجهة اهتمام، لاسيما إذا تعلق الأمر بعقوبة الدرجتين، الأولى والثانية وهي الهيمنة التي تزول نوعا ما إذا ما اقترف الموظف خطأ مهنيا من الدرجة الثالثة وهو ما سنحاول توضيحه في نقطتين:

أولا: صدور القرار التأديبي بعقوبات الدرجتين الأولى والثانية:
إنّ القاسم المشترك بين عقوبات الدرجة الأولى والثانية يكمن في إسناد المشرع لسلطة توقيع العقاب للإدارة وحدها دون استشارة أي جهة بنص المادتين 125، 126 من المرسوم 85/59.
فإذا كان لهذا الطرح ما يبرره إذا ما نظرنا لبساطة العقوبات التأديبية من الدرجة الأولى وهي: - التنبيه ، الإنذار الكتابي ، التوبيخ .
- فإنه يعبر عن تبرير اتخاذ المشرع نفس الموقف فيما يتعلق بالعقوبة التأديبية من الدرجة الثانية، والتي تتراوح طبقا لنص المادة 163 من الأمر 06-03.
- التوقيف عن العمل، من يوم (1) إلى (3) أيام ، و الشطب من قائمة التأهيل .
وهي كما نلاحظ عقوبات على درجة من الخطورة كان من الأجدر إخضاعها لأكثر ضمانات لفائدة الموظف في مواجهة الإدارة، وليس الاكتفاء بمنحه حق الطعن في مقرر العقوبة، أمام لجنة الموظفين خلال أجل شهرين من صدوره ما دامت الإدارة غير ملزمة بقرار اللجنة وهو ما يطرح التساؤل حول جدوى عرض القضية المتساوية الأعضاء بعد صدور القرار التأديبي .
كما يشترط في القرار التأديبي أن يصدر مكتوبا، مشتملا على بيان الأسباب التي استندت إليها الإدارة لإصدار القرار التأديبي ويشترط أن تكون مقبولة .
ثانيا: صدور العقوبات التأديبية من الدرجة الثالثة
تتمثل هذه الفئة من العقوبات وطبقا لنص المادة 169 من الأمر رقم 06-03.
- التوقيف عن العمل من أربعة إلى ثمانية أيام، التنزيل و كذا التكفل الإجباري .
بالنظر إلى خطورة هذه العقوبات مقارنة بسابقتها فقد أخضع المشرع كيفيات صدورها لإجراءات معينة تتجلى في الرأي الموافق لمجلس الوظيفة العمومية المتساوي الأعضاء، الذي ينعقد خلال شهرين من تاريخ إخطاره بالتقرير المقدم إليه من السلطة الرئاسية متضمنا العقوبة المقترحة، وبعد سماع الموظف المخطئ مع مراعاة الإجراءات التي تطرقنا إليها سابقا، يتم صدور القرار التأديبي بناءا على أغلبية الأصوات وفي حال تعادلها يرجع صوت الرئيس، وهو ملزم للإدارة عليها أن تتقيد به طبقا لنص المادة 177 من المرسوم 29/59، وإصدارها لقرارها معدل عن رأي اللجنة، يعرض قرارها لإلغاء وهو ما ذهب إليه المجلس الأعلى، الغرفة الإدارية ، سابقا..
ولكن حيث أنه كان من واجب الإدارة من خلال القرار الصادر في 17/10/1972 أن تراعي مقتضيات الأمر المتضمن القانون الأساسي للوظيف العمومي، وتشير في قرارها بأنه لا يكون نهائيا إلاّ إذا وافقت عليه اللجنة المختصة التي سوف تكون وعلى هذا القرار المطعون في مشوب بالبطلان وجدير بالإلغاء.
وهو ما كرسته الغرفة الإدارية لدى المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ، 05/01/1997 في الطعن المرفوع إليها فصلا في النزاع القائم بين والي بسكرة و(ش.أ) إذ جاء بالقرار:
" إنه من المستقر عليه أن يتم النقل لصالح المرفق العام بشرط أن لا يشكل نفلا تلقائيا ولما كان ثابتا- في قضية المال- أنّ الطاعن كان محل تنزيل في الرتبة تحت غطاء النقل لأنه كان متصرفا إداريا يتمتع بصنف 17/05 بينما صنف الأمين العام 17/02 وبمجرد رفضه، قام الوالي بفصله دون أخذ رأي لجنة الموظفين، فإنّ قضاة الدرجة الأولى لما قضوا بإبطال قرار الوالي لخرقه القانون 85/59 طبقوا القانون تطبيقا صحيحا".
ثالثا: صدور العقوبات التأديبية من الدرجة الرابعة
تتمثل هذه الفئة من العقوبات طبقا لنص المادة 163 من الأمر رقم 06-03، في:
- التنزيل إلى الرتبة السفلى مباشرة ، و التسريح .
وعملا بنص المادة 165 من الأمر السالف الذكر، فإنه تتخذ السلطة التي لها صلاحيات التعيين العقوبات التأديبية من الدرجة الثالثة والرابعة بقرار مبرر، بعد أخذ الرأي الملزم من اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء المختصة المجتمعة كمجلس تأديبي، والتي يجب أن تبت في القضية المطروحة عليها في أجل لا يتعدى خمسة وأربعين (45) يوما ابتداء من تاريخ إخطارها.
وحسب المادة 173 من الأمر السالف الذكر، فإنه في حالة ارتكاب الموظف خطأ جسيما، يمكن أن يؤدي إلى عقوبة من الدرجة الرابعة، تقوم السلطة التي لها صلاحيات التعيين بتوقيفه عن مهامه فورًا.
إذ اتخذت في حق الموظف الموقوف عقوبة أقل من عقوبات الدرجة الرابعة، أو إذا تمت تبرئته من الأعمال المنسوبة إليه أو إذا لم تجتمع اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء في الآجال المحددة، يسترجع الموظف كامل حقوقه والجزء الذي خصر من راتبه.
وعملاً بالمادة 175 من نفس الأمر ، فإنه يمكن الموظف الذي كان محل عقوبة تأديبية من الدرجة الثالثة أو الرابعة، أن يقدم تظلما أمام لجنة الطعن المختصة في أجل أقصاه شهر واحد ابتداء من تاريخ تبليغ القرار.
ولقد كرس ذلك ما جاء في المنشور رقم (139) الصادر بتاريخ 22 مارس 1983 الموجه من الوزارة الأولى إلى السيدات والسادة أعضاء الحكومة والذي ينص في موضوعه على ضرورة الالتزام بالتحفظ من قبل الموظفين.
وكذا ما جاء في نص المداخلة حول أخلاقيات الوظيف العمومي من تقديم السيد /"بودينة رشيد" وذلك في الملتقى المنظم من قبل مصالح رئيس الحكومة، (المديرية العامة للوظيف العمومي) المنعقد يومي 29 و30 ماي 2000 بمكتبة الحامة بالجزائر العاصمة.
هذا الملتقى الذي توجت أشغاله بمجموعة توصيات، ومن ضمنها توصيات المجموعة رقم (02) المكلفة بموضوع أخلاقيات الوظيف العمومي.

المطلب الثاني
الضمانات المقررة للموظف العام
إن المشرع أعطى الإدارة والمستخدم حق تأديب الموظف وهو الحق المستمد من علاقة التبعية، وما تمنحه من سلطة إشراف وإدارة.
وبالمقابل فإن هذا الحق ليس سلطة مطلقة من أي قيد إنما يستوجب تماشيه والقوانين المعمول بها فضلاً عن تدخل المشرع في تقييد هذه السلطة عبر كافة مراحل الإجراء التأديبي بل وحتى بعد صدور قرار التأديب.

الفرع الأول
الضمانات المقررة للموظف العام قبل صدور القرار التأديبي
يتمتع الموظف بضمانات طيلة مراحل الإجراء التأديبي من وقوع المخالفة وتكييف الخطأ لغاية صدور القرار التأديبي، وهي ضمانات بمثابة قيود لممارسة السلطة التأديبية من طرف المستخدم تحول دون تعسفه في المتابعة وتوقيع الجزاء وهو ما نستعرضه في:
أولا: حق الدفاع:
يعد حق الدفاع من الحقوق الأساسية المكفولة للموظف وأكبر ضمانة له إذ له وفي سبيل ذلك أن يسلك كافة السبل المشروعة سواء تولى ذلك بنفسه أو عهد به لمحام، والإخلال بهذا القرار يجعل القرار التأديبي الصادر مشوبا بالبطلان.
لهذا فقد جاء النص على حق الموظف في الإطلاع على ملفه التأديبي فور الشروع في الإجراءات التأديبية، فضلا عن حقه في الإستعانة بمدافع يختاره، كما يسوغ له أن يقدم أمام اللجنة المتساوية الأعضاء أو لجنة الطعن بيانات خطية أو شفهية أو أن يطلب حضور شهود وذلك حتى يتسنى له الإحاطة التامة بالتهمة الموجهة إليه، ومن ثمة تحضير دفاعه وتقديم كل ما من شأنه إثبات براءته أو تخفيف مسؤوليته وله في سبيل ذلك أن يعهد بالدفاع عنه لأي شخص يختاره .
ثانيا:عدم توقيف الموظف إلا لمصلحة التحقيق:
إن التوقيف ما هو إلا إجراء وقائي تعمد إليه الإدارة خدمة للمصلحة العامة، وبالنظر لخطورته فقد أحاطه المشرع بجملة من الشروط والتي يمكن إيجازها فيما يلي:
الحالة الأولى: اقتراف الموظف مخالفة جسيمة من الدرجة الثالثة أو الرابعة وتعارض بقائه في منصب عمله مع حسن سير عملية التحقيق الإداري.
ففي هذه الحالة لا يجب أن يستمر توقيف الموظف لمدة تزيد عن الشهرين إذ يتعين على الإدارة عرض القضية خلالهما على اللجنة المتساوية الأعضاء المنعقدة لمجلس تأديبي تحت طائلة رجوعه لمنصب عمله مع حقه في استرجاع المرتبات التي اقتطعت منه، وهو ما ذهبت إليه المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ: 13/01/1991 والذي جاء فيه :
"حيث أن دفع مرتب الموظفة خرق آخر للقانون سيما وأن الإدارة لم تحترم نص المادة 130 من المرسوم رقم 85/59 المؤرخ في 23/03/1985 المتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية والذي يحدد أجل شهرين منذ توقيف العامل للبت في أمر التوقيف لأن توقيف العاملة هنا كان بمقرر رئيس القطاع الصحي بأريس في: 07/12/1987 وبمقرر مدير الصحة بباتنة باء عادة إدراج العاملة إلى مركز القطاع الصحي التابع لأريس كان بتاريخ: 01/02/1989 .
الحالة الثانية: ارتكاب الموظف جريمة تتعارض واحتفاظه بمنصب عمله، وذلك بوقوع الموظف تحت طائلة المتابعة الجزائية لارتكابه جناية، أو جنحة، فإن التوقيف في هذه الحالة يكون لغاية صدور حكم نهائي عن الجهات القضائية المختصة، غير أنها ملزمة بأن تدفع له طيلة 6 أشهر مبلغا لا يتجاوز 4/3 المرتب الذي كان يتقاضاه عند توقيفه.
ثالثا: رأي اللجنة المتساوية الأعضاء:
هو ضمانة أخرى للموظف في مواجهة الإدارة وذلك حال ارتكابه خطئًا مهنيا من الدرجة الثالثة دون غيره من الأخطاء إذ أوجبت المادة 127 من المرسوم 85/59 على السلطة التي لها صلاحية التعيين أن تصدر قرارها بعد موافقة لجنة الموظفين التي تحتوي عددا متساوي من ممثلي الموظفين وممثلي الإدارة.
إن استشارة اللجنة وجوبية ورأيها مقيد للإدارة إذ أنه من قبيل الاستشارة المطابقة، ومن ثمة فتقرير الإدارة للعقوبة مخالفة لرأي اللجنة يجعل قرارها معيبا بعدم المشروعية وهو ما يشوبه بالبطلان ويعرضه للإلغاء أمام القضاء المختص وهو ما ذهبت إليه الغرفة الإدارية لدى المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ: 05/01/1997 ، والذي جاء فيه:
"من المستقر عليه أن النقل يتم لصالح المرفق العام بشرط ألاّ يشكل نقلا تلقائيا، ولما كان ثابتا –في قضية الحال- أن الطاعن كلن محل تنزيل مقنع في الرتبة تحت غطاء النقل لأنه كان متصرفا إداريا يتمتع بصنف 17/05، بينما صنف الأمين العام هو 17/02 وبجرد رفضه قام الوالي بفصله دون أخذ رأي لجنة الموظفين فإن قضاة الدرجة الأولى لما قضوا بإبطال قرار الوالي بخرقه القانون 85/59 طبق القانون تطبيقًا سليمًا".
غير أن ما يعاب على المشرع الجزائري قصره إلزامية رأي اللجنة بالنسبة للإدارة على العقوبات من الدرجة الثالثة دون عقوبات الدرجتين الأولى والثانية طبقا لنصي المادتين: 125، 126 من المرسوم 85/59، أين فسح المجال للسلطة الإدارية لتوقيع الجزاء الذي تراه ملائما، دون أخذ رأي اللجنة وهو ما يخل بمبدأ الحياد بشكل تام .
رابعا: تسبيب القرار الإداري:
إن القرار الإداري الصادر بالعقوبة التأديبية يجب أن يشتمل فضلا عن شكلياته وقائع الدعاوي التهمة الموجهة للموظف وأوجه دفاعه، وكذا بيان الأسباب التي اعتمدتها الإدارة للوصول إلى العقوبة التي قررتها.
فالقرار التأديبي ولكي يصدر صحيحا منتجا لكافة آثاره يجب أن يحتوي سند مادي أو قانوني يبرر وجوده وقيامه وإلا اعتبر باطلاً، ومن هذا المنطلق أوجب المشرع الجزائري على السلطة المكلفة بالتأديب أن تصدر قراراتها التأديبية مبينة للأسباب وذلك بنص المادتين 125، 126 من المرسوم 85/59، وهي متعلقة بعقوبات الدرجة الأولى والثانية.
في حين نصّت المادة 127 من نفس المرسوم على أن تصدر السلطة التي لها صلاحية التعيين قرارها بعد موافقة لجنة الموظفين دون النّص على ضرورة تسبيب قراراتها وذلك راجع لكون الإدارة وفي هذه الحالة تصدر قرارها مطابقا لرأي اللجنة، ومن ثمة فهي لا تحتاج لتسبيب بخلاف الحالة الأولى التي تلزم فيها الإدارة بتسبيب قرارها لانفرادها بسلطة اتخاذ القرار، وهو قيد آخر كونه الضامن الوحيد لعدم انحراف الإدارة بوقائع القضية والاعتماد على أسباب واصية لتوقيع العقوبة التأديبية، فالتسبيب وجوبي يتعين على الإدارة مراعاته عند إصدار قراراتها التأديبية و إغفاله من طرفها يجعل قراراتها مشوبة بالبطلان .

الفرع الثاني
الضمانات المقررة للموظف العام بعد صدور القرار التأديبي
علاوة على القرارات المقررة للموظف خلال أطوار الإجراء التأديبي، فقد خصه المشرع الجزائري بجملة من الضمانات الأخرى، حتى بعد صدور القرار، والتي تتجلى في طرق الطعن التي خوله إياها، سواء أمام الجهة مصدرة القرار أو أمام جهات أخرى، وهو ما سنوضحه في الآتي:
أولا: التظلّم الإداري:
هو مكنة قانونية خولها المشرع للموظف قبل اللجوء للقضاء لحماية حقه ومصالحه، ويفسح المجال للإدارة كي تعيد النظر فيما أصدرته من قرارات، وهو أنواع:
1- التظلم الولائي : « recours gracieux »
وذلك بأن يتقدم صاحب المصلحة إلى من صدر منه التصرف المخالف للقانون برأية سواء كان فردا أم هيئة يلتمس منه إعادة النظر في تصرفه، إما بسحبه، إلغائه أو تعديله بعد تبصيره بوجه الخطأ الذي ارتكبه .
غير أن هذا لا يعني أن السلطة الإدارية ملزمة بالتعديل، بل وحتى إجابة الطالب بالرفض أو القبول إنما تبقى لها السلطة التقديرية، التي تستطيع بموجبها أن تعدل القرار جزئيا أم كليا، فضلا عن حقها في عدم إجابة الموظف كليا، وهو ما يعد رفضا ضمنيا لتظلمه .
2- التظلم الرئاسي : recours hiérarchique
يتم فيه التظلم إلى الرئيس الإداري لمصدر القرار، فيتولى الرئيس بما له من سلطة تقديرية سحب القرار، إلغائه أو تعديله بما يجعله مطابقا للقانون.
فالتظلم الرئاسي يجب أن يرفع مباشرة أمام السلطة التي تعلو تلك السلطة مصدرة القرار التأديبي محل النزاع وذلك من منطلق احترام السلم الإداري.
ومن ثمة فالقرار الوزاري لا يجوز الطعن فيه أمام رئيس الجمهورية إلا إذا كان ليس موظف معينا بموجب مرسوم وعليه فإنه يتظلم منه ولائيا حسب رأي الأستاذ سبيح ميسوم.
3- التظلم أمام لجنة خاصة:
بالنظر لعدم فعالية التظلم الولائي والرئاسي فقد عمد المشرع الجزائري للنص على إنشاء لجنة للطعن على مستوى كل وزارة ويرأسها الوزير أو ممثله، كما توجد على مستوى كل ولاية ويرأسها الوالي أو ممثله، كما يمكن إنشاؤها مع مستوى المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، أين يتم تشكيلها بموجب مرسوم. وتختص اللجنة بالنظر في القرارات المتضمنة عقوبات من الدرجة الثالثة، فضلا عن دورها فيما يخص الإحالة على التقاعد التلقائي، ويجب أن يقدم التظلم إلى اللجان في مهلة لا تتعدى 15 يوما من تاريخ تبليغ الموظف بالقرار التأديبي، ويمكن لها أن تأمر بتوقيف سريان الجزاء التأديبي إلى حين البت في التظلم المرفوع إليها كما تملك اللجنة حق تأكيد العقوبة التأديبية، تعديلها أو سحبها.
4- التظلم القضائي:
يعد ضمانة أخرى للموظف في مواجهة تعسف الإدارة في تأديبه، وذلك بممارسة حقه في الالتجاء لمرفق القضاء، عن طريق ما يعرف بدعوى الإلغاء، وفقا للأوضاع المقررة بالمادة 07 ق إ م، والمادة 09 من القانون 98/01 ، وذلك برفعها أمام مجلس الدولة إذا ما تعلق الأمر بقرارات صادرة عن الهيئات المركزية، وأمام المحاكم الإدارية الجهوية إذا ما تعلق الأمر بقرارات صادرة عن الولاة، وأمام المحاكم الإدارية إذا ما تعلق الأمر بالقرارات الصادرة عن باقي الهيئات والمؤسسات الإدارية. كون دعوى الإلغاء هي دعوى موضوعية عينية، وذلك لكونها ترمي في نهاية المطاف لحماية القواعد القانونية بمعناها الواسعة العامة والمجردة، أو بالأحرى حماية المشروعية. ويشترط لقبولها جملة من الشروط:

1- شروط شكلية: ويمكن إجمالها في:
1- أن تنصب على قرار إداري له مواصفات القرار الإداري، وهو ما كرسته المحكمة العليا في العديد من قراراتها، لاسيما ذلك الصادر بتاريخ 03/01/1993 ، أين قررت عدم قبول دعوى الإلغاء شكلاً، كونها انصبت على الطعن في قرار اللجنة التأديبية، وقد جاء في حيثيات القرار:
"حيث أنه من المستقر عليه فقها وقضاءًا أن تعتبر اللجان التأديبية مجرد هيئة استشارية فإن الآراء الصادرة منها لا تدخل ضمن تعريف القرار الإداري، وأن المقرر الذي يتخذ لاحقا بناءا لهذا الرأي هو وحده الذي يكون محلاً للطعن بالبطلان.
ومن ثمة فإن الطعن تقدم به الطاعن والذي يرمي إلى إبطال رأي اللجنة التأديبية جاء مخالفًا للقانون.
ومتى كان الأمر كذلك يستوجب عدم قبول الطعن شكلاً".
2- استيفاء شرط التظلم الإداري المسبق:
إذ نص قانون الإجراءات المدنية على:
"لا تكون الطعون بالبطلان مقبولة ما لم يسبقها الطعن الإداري التدرجي الذي يرفع أمام السلطة الإدارية التي تعلو مباشرة الجهة التي أصدرت القرار، فإن لم توجد فأمام من أصدر القرار نفسه".
3- استيفاء شرط المدة أو ميعاد رفع الدعوى:
فقد خص المشرع الجزائري دعوى الإلغاء بمواعيد خاصة يختلف تبعا للجهة المرفوعة أمامها الدعوى:
أ- بالنسبة لمجلس الدولة:
فدعوى إلغاء القرار التأديبي يجب أن ترفع خلال شهرين تسري من:
• تاريخ تبليغ الموظف بالرفض الكلي أو الجزئي لتظلمه، طبقا لنص المادة 278 قانون الإجراءات المدنية.
• سكوت الإدارة عن الرد على تظلمه طيلة ثلاثة أشهر، طبقا للمادة 279 قانون الإجراءات المدنية.
ب- بالنسبة للغرف الإدارية لدى المجالس والغرف الجهوية – المحاكم الإدارية والجهوية التي لم تنصب بعد : بعد إلغاء المشرع الجزائري للتظلم الإداري المسبق لقبول دعوى الإلغاء ضد القرارات الصادرة عن الهيئات المنصوص عليها بالمادة 7 من قانون الإجراءات المدنية، وتعويضها بإجراء محاولة الصلح القضائي حدد ميعاد قبول دعوى الإلغاء بأربعة أشهر الموالية لتبليغ القرار المطعون فيه أو نشره طبقا للمادة 169 مكرر من قانون الإجراءات المدنية وبما أن القرارات التأديبية هي قرارات إدارية فردية، فإن هذا الميعاد لا يسري إلا من تاريخ العلم بالقرار عن طريق تبليغه، في حين أن النشر يخص القرارات الإدارية التنظمي .

II- الشروط الموضوعية لدعوى الإلغاء:
بعد استيفاء الطعن القضائي لشروطه الشكلية، ينصرف القاضي لفحص موضوع الدعوى والبحث عن مدى توافر الشروط الموضوعية للإلغاء، وذلك باشتمال القرار التأديبي عيبا من العيوب الخمسة المتعارف عليها في القانون الإداري والتي نستعرضها بإيجاز فيما يلي:
1- عيب الشكل: إذ يناط القرار الإداري بجملة من الشكليات التي تعد بمثابة ضمان للموظف، وهو ما جعل مجلس الدولة الفرنسي لا يفرق بين الشروط الشكلية الجوهرية والشروط الشلكلية الثانوية، جاعلا كلاهما على قدر واحد من الأهمية .
2- عيب عدم الاختصاص: أي عدم القدرة على إصدار قرار إداري معين باسم ولحساب الإدارة العامة، وهو عموما نوعان: عيب اختصاص بسيط، وعيب اختصاص جسيم.
3- عيب المحل (مخالفة القانون):
يقصد به خروج القرار التأديبي عن أحكام وقواعد القانون في مضمونه وموضوعه أو محله أما لو عمدت السلطة الإدارية لمعاقبة الموظف بعقوبتين لم يبح المشرع لها الجمع بينهما .
4- عيب الانحراف في استعمال السلطة:
وذلك إذا ما كانت السلطة مختصة بإصدار القرار التأديبي، غير أنها أصدرته مستهدفة غرضا أو أغراض غير تلك التي منحت لأجلها سلطة إصدار القرار، كتصفية حسابات قديمة مع الموظف ، ومن ثمة فهذا العيب الموجود من الصعب إثباته، غير أن مجلس الدولة الفرنسي شرع في إرساء قواعد اكتشاف هذا العيب والذي يمكن أن يتم من خلال الظروف والملابسات التي صدر في ظلها القرار التأديبي .

عيب السبب:
يقصد به انعدام الوقائع المادية أو القانونية، بأن تدعي السلطة الإدارية المختصة ظروفًا وحالات ووقائع مادية خاصة مصدر قرارها بناءا عليها. كما يمكن أن يقوم عيب السبب من الناحية القانونية، كأن تدعي وجود شروط وأسباب قانونية تقتضي إصدار القرار، ليتضح بعد ذلك إنعدام هذه الشروط .
ومن ثمة يمكن القول أن دعوى الإلغاء تعد ضمانة هامة وحقيقية للموظفين لحماية حقوقهم في مواجهة تعسف الإدارة، كونها دعوى قضائية تخضع في تحريكها، وتطبيقاتها للشروط والإجراءات المنصوص عليها قانونا وقضاءًا أمام الجهات القضائية، التي تقدر مدى مشروعية القرارات التأديبية الصادرة عن الإدارة التي تكون طرفا في الدعوى وعلى قدم المساواة مع الموظف، بخلاف التظلم الإداري الذي تبقى فيه الإدارة خصما وحكما في آن واحد.

وفي الأخير نتوصل إلى خاتمة هذا الموضوع والذي يمثل موضوعا هاما بالنسبة للموظف والإدارة على حد سواء وتتجلى فيه ماهية الخطأ التأديبي والذي يختلف عن الخطأ المدني والجنائي و بالنتيجة يولد المسؤولية التأديبية وأهمية تفرقتها عن المسؤولية الجنائية والمدنية واختلاف العقوبة المقررة لكل مسؤولية وخاصة المسؤولية التأديبية التي تتميز بعقوبة خاصة تقوم بتسليطها الإدارة وهذا تحت رقابة القضاء المتمثل في الغرفة الإدارية لدى مجلس القضاء ومجلس الدولة كجهة استئناف إضافة إلى هذا يتجلى كذلك سيطرة الإدارة على عملية التحقيق في الأخطاء المهنية المنسوبة للموظف واتخاذ القرار بشان هذه الاخلالات مما يبين الاختلاف عن الأخطاء المدنية والجنائية والتي يختص القضاء وحده في اتخاذ العقوبة الملازمة وهذا عن طريق إصداره للأحكام والتي تشمل الحكم بالمسؤولية الشخصية و التعويض عن جملة الأضرار المتولدة عن ذلك وتدخل الدولة فيما يخص تحملها عبئ التعويض في بعض الحالات المقررة قانونا ويتجلى كذلك من خلال هذا الموضوع أهمية الإجراءات التأديبية والمراحل الإجرائية التأديبية والتي تمثل ضمانة هامة للموظف العام في عملية التأديب بدءا من مرحلة التحقيق إلى غاية مرحلة إصدار القرار التأديبي وتوقيعه ولا ننس أن نشير إلى قانون الصادر مؤخرا في سنة 2006 وهو قانون الفساد والذي يعني الموظف بصفة خاصة وذلك عن طريق تعريفه له في المادة 2/فقرة ب منه والذي يشمل هذا التعريف كل الموظفين العاملين في الإدارات والمؤسسات العمومية لكن لابد الإشارة إلى نقطة هامة وهي كون الموظف يرتكب في بعض الحالات أخطاء تأديبية مهنية لا ترقى إلى درجة الخطأ الجنائي أين يكون مسؤول مسؤولية تأديبية محضة فقط.

ولهذا يجب على القضاة المختصين في هذا المجال التمعن و التمحيص في تكييف الخطأ الجنائي للموظف قبل التطرق إلى إصدار أحكام بناءا على قانون الفساد كذلك ومهما يكن الأمر فان الموظف له حماية قانونية في هذا المجال والمتمثلة في تكريس المشرع لجملة من الضمانات القانونية للموظف العام قبل التطرق إلى اتخاذ أحكام قضائية في حقه أو إجراءات تأديبية و تتجلى في الضمانات المقررة له قبل صدور القرار التأديبي وكذا الضمانات الأخرى المقررة له بعد صدور القرار التأديبي و يشكل في هذه الحالة احترامها الحصول على محاكمات تأديبية شرعية و قانونية بعيدة عن الإجحاف لحقوق الموظفين العموميين، وأحسن المشرع الجزائري ما فعل في تعديله للقانون الأساسي العام للوظيفة العمومية بموجب الأمر رقم 06/03 ، ولا بد من تعديلات أخرى حديثة في هذا المجال .

قائمة المراجع
(المؤلفات العامة والمتخصصة)

الكتب والمؤلفات العربية

1) د/أحمد بوضياف ، الجريمة التأديبية للموضف العام في الجزائر، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر 1986.
2) المستشارعبد الوهاب البنداري، العقوبات التأديبية للعاملين بالدولة والقطاع العام وذوي الكادرات الخاصة، دار الفكر العربي، القاهرة، بدون سنة نشر.
3) عمار عوابدي، نظرية المسؤولية الإدارية، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة الثانية، 2007.
4) عمار عوابدي، النظرية العامة للمنازعات الإدارية في النظام القضائي الجزائري، الجزء الثاني، نظرية الدعوة الإدارية، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة 1998.
5) عبد الغني بسيوني عبد الله، القضاء الإداري، منشأة المعارف، الطبعة 1996.
6) عادل أحمد الطائي، المسؤولية المدنية للدولة عن أعمال موظفيها، دار الثقافة للنشر و التوزيع، 1999 .
7) د/ سلميان الطماوي، النظرية العامة للقرارات التأديبية، دار الفكر العربي، الطبعة 1991.
8) د/علي جمعة محارب، التأديب الإداري في الوظيفة العامة، دار الفكر العربي، القاهرة، بدون سنة نشر.
9) د/فرج رضا، شرح قانون العقوبات الجزائري، الكتاب الأول، الطبعة، س،و،ن،ت الجزائر، 1972.
10) سعيد بو الشعري، النظام التأديبي للموظف العمومي، ديوان المطبوعات الجامعية، دون ذكر تاريخ النشر.
11) د/محمد حسنين حمزة، القانون التأديبي للموظف العام ورقابته القضائية، دار الفكر العربي، الطبعة الأولى، القاهرة، 1960.
12) يوسف سعد الله الخوري، القانون الإداري العام، الجزء الثاني، القضاء الإداري، مسؤولية السلطة العامة، 1998.
13) د/محمد عصفور, نحو نظرية عامة في التأديب، عالم الكتب، القاهرة، 1967.
14) د/محمد مختار محمد عثمان، الجريمة التأديبية بين القانون الإداري وعلم الإدارة العامة، دارسة مقارنة، الطبعة الأولى، دار الفكر العربي، القاهرة 1973.
15) د/ مليكة الصروخ، سلطة التأديب في الوظيفة العامة من الإدارة والقضاء، الطبعة الأولى، 1984.
16) رشيد خلوفي، قانون المسؤولية الإدارية، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة 2001.


البحوث والمذكرات

1) السعيد بو الشعير، تأديب الموظف العمومي في الجزائر، رسالة ماجستير، معهد الحقوق والعلوم السياسية والإدارية، جامعة الجزائر 1976.
2) د/ثروة محمود عوض محجوب، التحقيق الإداري ودور النيابة الإدارية فيه، رسالة دكتوراه، جامعة عين شمس 1994.
3) د/محمد جودت الملط، المسؤولية التأديبية للموظف العام، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، 1967.
4) د/محمد مختار عثمان، الجريمة التأديبية بين القانون الإداري وعلم الإدارة العامة، رسالة دكتوراه، جامعة عين شمس 1973.
5) مصطفى محمود أحمد عفيفي، فلسفة العقوبة التأديبية وأهدافها دراسة دكتوراه جامعة عين شمس 1976.

المقالات

1) د/عبد القادر الشيخلي، نظام تأديب الموظف العام والقاضي في التشريع الجزائري، المجلة الجزائرية لسنة 1983
2) د/عمرو فؤاد بركات" الوقف الإحتياطي دراسة مقارنة" مجلة العلوم الإدارية، العدد الثاني، مصر، ديسمبر 1984.
3) د/محمود عصفور، ضوابط التأديب في الوظيفة العامة، مجلة العلوم الإدارية، السنة الخامسة ، العدد (01) يونيو 1963.
4) د/محمود فتوح عثمان ، مدخل لإجراءات المحاكمات التأديبية، مجلة العلوم الإدارية، العدد الأول الصادر بتاريخ جوان 1994.
5) مداخلات وتوصيات , ملتقى الوظيف العمومي المنعقد يومي (29)و(30) ماي سنة 2000 بالمكتبة الوطنية بالحامة، الجزائر العاصمة، مداخلة حول أخقيات الوظيف العمومي من تقديم السيد/ بودينة رشيد, رئيس مفتشية الوظيف العمومي لولاية سطيف وتوصيات المجموعة رقم (02) المكلفة بموضوع أخلاقيات الوظيف العمومي.


النصوص القانونية والمواثيق

1) القانون رقم (90/23) المؤرخ في 18/07/1990 والمتضمن تعديل قانون الإجراءات المدنية ، الجريدة الرسمية ، لسنة 1990 .
2) الأمر رقم (66/133) المؤرخ في 12 صفر عام 1386 الموافق لـ 02 جوان سنة 1966 والمتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، الجريدة الرسمية ، العدد (46) الصادرة بتاريخ 08 جوان 1966 ، السنة الثالثة 1966 .
3) المرسوم رقم (66/143) المؤرخ في 02 جوان 1966 ، المحدد لاختصاص اللجان المتساوية الأعضاء وتشكيلها وتنظيمها وعملها ، الجريدة الرسمية ، العدد (46) الصادرة بتاريخ 08/06/1966 .
4) المرسوم (66/152) المؤرخ في 02 جوان 1966 والمتضمن الإجراء التأديبي الجريدة الرسمية ، العدد(46) الصادرة بتاريخ 02 /06/1966 لسنة 1969 .
5) المرسوم (82/302) المؤرخ في 23 ذي القعدة عام 1402 الموافق لـ 11 سبتمبر 1982 المتعلق بكيفيات تطبيق الأحكام التشريعية الخاصة بعلاقات العمل الفردية ، الجريدة الرسمية ، الصادرة في سنة 1992 .
6) المرسوم رقم (84/10) المؤرخ في 11 ربيع الثاني عام 1404 الموافق لـ 14 جانفي سنة 1984 المحدد للاختصاص اللجان المتساوية الأعضاء وتشكيلها وتنظيمها وعملها، الجريدة الرسمية، العدد رقم (03) الصادر بتاريخ 15 جانفي 1984 .
7) المرسوم رقم (84/11) المؤرخ في 11 ربيع الثاني عام 1404 الموافق لـ 14 جانفي سنة 1984 المحدد لكيفيات تعيين ممثلين عن الموظفين في اللجان المتساوية الأعضاء ، الجريدة الرسمية ، العدد رقم (03) الصادرة بتاريخ 15 جانفي 1984 .
8) المرسوم رقم(85/59) المؤرخ في 23/03/1985 المتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات و الإدارات العمومية ، الجريدة الرسمية ، العدد (13) الصادرة بتاريخ 24 مارس 1985 .
9) المرسوم التنفيذي رقم(90/99) المؤرخ في 01 رمضان عام 1401 الموافق لـ 27 مارس سنة 1990 المتعلق بسلطة التعيين والتسيير الإداري بالنسبة للموظفين وأعوان الإدارة المركزية والولايات والبلديات والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري ، الجريدة الرسمية ، العدد (13) الصادر بتاريخ 28 مارس 1990 .
10) القرار المؤرخ في 07 رجب عام 1404 الموافق لـ 09 أفريل سنة 1984 الموضح لكيفيات تطبيق المادة (23) من المرسوم (84/10) المؤرخ في 11 ربيع الثاني 1404 الموافق لـ 14 يناير 1984 المحدد لاختصاص اللجان المتساوية وتشكيلها وتنظيمها وعملها ، الجريدة الرسمية ، الصادرة بتاريخ 10 أفريل 1984 .
11) القرار المؤرخ في 07 رجب عام 1404 الموافق لـ 09 أفريل سنة 1984 المحدد لعدد الأعضاء في اللجان المتساوية الأعضاء الجريدة الرسمية ، الصادرة بتاريخ 10 أفريل 1984 .
12) القرار المؤرخ في 12 جمادى الأولى عام 1413 الموافق لـ 07 نوفمبر 1992 المتضمن منح تفويض سلطة التعيين والتسيير الإداري إلى مفتش أكاديمية الجزائر ومديري التربية بالولايات الصادر عن وزير التربية الوطنية بتاريخ 07 نوفمبر1992.
13) التعليمة رقم(02) المؤرخة في 07 أفريل 1990 والمتعلقة بإنشاء وتجديد اللجان المتساوية الأعضاء 1990.
14) التعليمة رقم (08) الصادرة في 07 ماي 1969 والمتعلقة بالوقف الإحتياطي 1969.
15) التعليمة رقم (20) المؤرخة في 26 جوان 1984 والمتعلقة بتنظيم وتسيير اللجان المتساوية الأعضاء ولجان الطعن 1984.
16) المنشور رقم (139) الصادر عن الوزارة الأولى والمتضمن الالتزام بالتحفظ من قبل الموظفين الصادر بتاريخ 22 مارس 1983 .
17) المنشور رقم (01) المؤرخ في 27 فيفري 1986 المتعلق بتطبيق التعليمة رقم (20) المؤرخة في 26 جوان 1984 .
18) المنشور رقم (8606/91) والمتعلق بلجان المستخدمين لبعض الرتب الجديدة والمؤرخ بتاريخ 06 نوفمبر 1991 .
19) المنشور رقم (1640/96) والمتعلق بإنشاء وتجديد اللجان المتساوية الأعضاء والمؤرخ بتاريخ 27 أكتوبر 1996 .
20) المنشور رقم (67/99) والمتعلق بإنشاء وتجديد وتمديد فترة اللجان المتساوية الأعضاء ولجان الطعن والمؤرخ بتاريخ 09/02/1999.
21) المنشور رقم (174/2000) المؤرخ بتاريخ 29/08/2000 المرسل إلى السيد رئيس مفتشية الوظيف العمومي لولاية غليزان والمتضمن تمديد عهدة اللجان المتساوية الأعضاء 2000 .
22) قانون رقم 98/02 مؤرخ في 30/05/1998 يتعلق بالمحاكم الإدارية.
23) أمر رقم 06-03 مؤرخ في 19 جمادي الثانية عام 1427 الموافق 15 يوليو سنة 2006، يتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية.

الأحكام والقرارات القضائية

1) قرار الغرفة الإدارية، المجلس الأعلى سابقا، الصادر في 09/05/1975 ملف رقم 10681.
2) قرار الغرفة الإدارية، المحكمة العليا المؤرخ في، 05/01/1997، ملف رقم 115657 م.ق 1997 ، عدد 01 ص101.
3) قرار الغرفة الإدارية لدى المحكمة العليا المؤرخ في 13/01/1991 ملف رقم: 78275 مجلة قضائية لسنة 1992 عدد04، ص153.
4) قرار الغرفة الإدارية لدى المحكمة العليا والمؤرخ في 05/01/1997 ملف رقم 115657 مجلة قضائية سنة 1997 عدد 01، ص101.


OUVRAGES GÉNÉRAUX


1) Alain PLANTY, Traité pratique de la fonction, 2eme édition 1963.
2) André de LAUBADERE, Traité élémentaire de droit administratif,3eme édition Tome 1 LGDJ, Paris 1963.
3) André de LAUBADERE, Manuel de droit administratif, 2eme édition, LGDJ Paris 1976.
4) Georges DELLIS, Préface de Yves CAUDMET, Droit Pénal et droit administratif, Tome 184, Bibliothéque de droit public, Paris 1997.
5) Louis Fourgère, la fonction publique, l’étude et choix de textes comentés inter des Sc, AD, 1966.
6) Louis TROTABAS, Manuel de droit public et administratif, 5eme édition, LGDJ, Paris, France 1966.
7) Maurice BORJOI, Droit Administratif,Paris 1972.
8) P.Réné CHAPUS, Droit Administraif, Général, Tome2 12eme édition, MONTCHRESTIEN, 1995.




الفــهــــرس
مقدمة 01

الفصل الأول: ماهية الخطأ التأديبي والجهة المختصة في تأديب الموظف العام
المبحث الأول: ماهية الخطأ التأديبي والعقوبة المقررة له 03
المطلب الأول: ماهية الخطأ التأديبي 03
الفرع الأول: مفهوم الخطأ التأديبي 04
أولا- تعريف الخطأ التأديبي 04
ثانيا- طبيعة الخطأ التأديبي 04
ثالثا- أركان (عناصر) الخطأ التأديبي 06
رابعًا- مقياس الخطأ التأديبي 07
خامسًا- أنواع الخطأ التأديبي 07
الفرع الثاني: التفرقة بين الخطأ التأديبي وكلا من الجريمة الجنائية والخطأ المدني 08
المطلب الثاني: المسؤولية التأديبية للموظف العام والجنائية والمدنية من خلال الخطأ التأديبي 09
الفرع الأوّل: المسؤولية التأديبية للموظف العام 09
الفرع الثاني: المسؤولية الجنائية للموظف العام 10
الفرع الثالث: المسؤولية المدنية للموظف العمومي 11
المطلب الثالث: عقوبة الموظف العام التأديبية وكذا الجنائية والمدنية المقررة للخطأ التأديبي 12
الفــرع الأول: العقــــوبـــة التأديبيـــة 12
أولاً- مفهوم وخصائص العقوبة التأديبية وأهدافها 13
ثانيا- الطبيعة القانونية للعقوبة التأديبية 15
الفرع الثاني: العقوبة التأديبية والجنائية 15
المبحث الثاني: الجهة القضائية المختصة في تأديب الموظف العام 24
المطلب الأول: الأنواع المختلفة للجهة المختصة في تأديب الموظف العام 25
الفرع الأول: الأنظمة المختلفة 25
أولا: النظام القضائي 25
ثانيا: النظام الشبه القضائي 26
ثالثا: النظام الرئاسي 27
الفرع الثاني: موقف المشرع الجزائري 29
المطلب الثاني: السلطة المختصة بإصدار قرار التأديب 30
الفرع الأول: السلطة التأديبية الرئاسية (السلطة الإدارية) 31
الفرع الثاني: مجالس التأديب 33
أولا- من حيث تشكيل مجالس التأديب وتنظيمها وعملها 35
ثانيا: من حيث اختصاصات وصلاحيات مجالس التأديب 38
المطلب الثالث: الجهة المختصة بالحكم بالمسؤولية والتعويض 39
الفرع الأول: الجهة الملزمة بتحديد المسؤولية 39
الفرع الثاني: الجهة الملزمة بتقديم التعويض 40
أولا: تحمل الدولة التعويض بصفة نهائية 40
ثانيا: مشاركة الدولة للموظف عبئ التعويض 40

الفصل الثاني: ماهية الإجراءات التأديبية والمراحل الإجرائية التأديبية في قانون الوظيفة العمومية
المبحث الأول: ماهية الإجراءات التأديبية للموظف العام 44
المطلب الأول: مفهوم الإجراءات التأديبية و طبيعتها القانونية 44
الفرع الأول: مفهوم الإجراءات التأديبية 45
الفرع الثاني: الطبيعة القانونية للإجراءات التأديبية 45
أولا: القاعدة الإجرائية التأديبية 45
ثانيا: مصادر القاعدة الإجرائية التأديبية 46
ثالثا: خصائص القواعد الإجرائية التأديبية 47
المطلب الثاني: الخصائص العامة للإجراءات التأديبية 48
الفرع الأول: الإجراءات التأديبية ومنطق الضمان 48
الفرع الثاني: قصور النصوص في مجال الإجراءات 49
المبحث الثاني: مراحل الإجراء التأديبي والضمانات المقررة للموظف العام 50
المطلب الأول: مراحل الإجراء التأديبي 50
الفرع الأول: مرحلة التحقيق والمداولة 50
أولا: مــرحـلــة التحقيــق 50
ثانيا: مرحلة المداولة والاقتراع 51
الفرع الثاني: مرحلة اتخاذ القرار التأديبي 53
أولا: صدور القرار التأديبي بعقوبات الدرجتين الأولى والثانية 53
ثانيا: صدور العقوبات التأديبية من الدرجة الثالثة 54
ثالثا: صدور العقوبات التأديبية من الدرجة الرابعة 55
المطلب الثاني: الضمانات المقررة للموظف العام 56
الفرع الأول: الضمانات المقررة للموظف العام قبل صدور القرار التأديبي 56
أولا: حق الدفاع 56
ثانيا:عدم توقيف الموظف إلا لمصلحة التحقيق 57
ثالثا: رأي اللجنة المتساوية الأعضاء 57
رابعا: تسبيب القرار الإداري 58
الفرع الثاني: الضمانات المقررة للموظف العام بعد صدور القرار التأديبي 59
أولا: التظلّم الإداري 59
الخاتمة 64
قائمة المراجع 66










قديم 2011-10-15, 11:41   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










M001 رد

لقد وضعت مذكرتين في القانون الاداري على هاذين الرابطين

https://www.zshare.net/download/94845969251444fb/

https://www.zshare.net/download/948460279966773d


و عندما ارجع المرة القادمة و يكون لي وقت كافي ساضع كل ما لدي ارجوا ان تتفهمي الامر










قديم 2012-12-23, 12:11   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
farah dz
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية farah dz
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

موضوع مميز و لقي الكثير من البحث من قبل الطلبة و الباحثين
شكرا لك و بروكت










قديم 2012-12-27, 11:10   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
الحنان المفقود
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكراااااااااااااااااااا لك كثيرا يا اخي










 

الكلمات الدلالية (Tags)
الأدب, maram8

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 01:04

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc