كمآ ذكرتُ سابقآ ستكون الانطلاقة في مجال البلاغة مع المجاز المرسل والمجاز العقلي
أولا ما معنى المجاز ؟ حسنآ هو استخدام لفظة في غير محلها وهو ما يسمى بالمجاز اللغوي ، في حين أنه ينقسم الى قسمين :
مجاز عقلي ومجاز مرسل
وأمآ العقلي فهو اسناد الفعل أو مآ في معناه كاسم الفاعل ، اسم المفعول ، المصدر .... ) الى غير ما هو له ظاهريا ، بمعنى أن ننسب فعلا لغير فاعله .
نحو قولنا : إذا هاج الأحمقُ جنّ جنونه وثارت ثائرته .
* فالحقيقة هي أن الأحمق من جنّ وثار ، وليس الجنون والثائرة ، أهآ ؟
واما المجار المرسل ، فهو الذي لم يتقيد بعلاقة المشابهة ، أي له علاقات عدة ، بمعنى هو تعبير بلاغي قد يقوم فيه الجزء مقام الكل ، أو الكلّ مقام الجزء ، أو يقوم به الكل مقام الخاص أو السبب مقام المسبب ..... .
للتوضيح :
تكون علاقته السببية : مثل قوله تعالى : ( يد الله فوق أيديهم ) ، لله القوة والجبروت ، واليد هي تعبير مجازي وهي السبب في القوة .
وقد تكون العلاقة مسببية : كقوله تعالى : ( وينزل لكم من السماء رزقآ ) ، فالله لا ينزل الرزق مباشرة مادة خام ، إنمآ ينزل الغيثُ ( المطر ) فيصيبُ به الأراضي القاحلة فتحيآ بإذنه تعالى ، وينبتُ الحَبّ . إذا المطر مُسببٌ في الرزق .
قد تكون كلية : لقوله تعالى : ( ويجعلون أصابعهم في آذانهم حذرَ الموتِ ..) ، لا تجعلُ الأصابعُ كلهآ في الأذن ، وإنمآ الأنامل فقط ، تعبير مجازي علاقته الكلية .
قد تكون العلاقة جزئية : مثل قولنآ : قدِمَ الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مكة فرأتهُ عيونهآ .
ليس لمكة عيون ، بلْ يُقصدُ بالعيونِ بعضآ من المسلمينَ هم الذين ترّقبوآ موعدَ قدوم المصطفى فرأوهُ .. ،
علاقة المحلية : لقول الشاعر : لا أركبُ البحر إني أخافُ المعاطبَ
لا يركبُ البحرُ ، بلْ نتوسدُ السفينة أو الزورق ، والسفينةُ محلهآ البحرُ ، إذ لا تطفو على اليابسة ! فالتعبير مجازي علاقته المحلية
علاقة الحالية ، لقوله تعالى : ( إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم ) ويقصدُ حالهم أي الذين اتقوآ الله هم في نعيمه غدآ يبتغونَ من خيراتِ جنانه ما اشتهتْ أنفسهم ( اجعلنآ منهم ياربّ ^^ ) ، و الذين جحدوآ بنعمهِ هم في جمراتِ الجحيم يتقلبون ( قنآ يا الله غضبك )
علاقته باعتبار مآ كان نحو قولنآ شربنآ البُنّ ، لم نشربِ البنّ بل شربناهآ قهوة ، والقهوة كآنت في السابق بنآ .
أو مثل قول إيليا أبو ماضي : طين أنآ وهو ماءٌ ** والطينُ في الماء يذوبُ .
ذكر أصل الانسانْ وهو طينُ .
علاقته باعتبار ما سيكون لقوله تعالى ( إنك ميت وإنهم ميتون ) ، فالله يخاطبُ الرسول وهو حيّ لكن يعلمهُ بمآ سيكون .
*** أنوهُ لأمرٍ ، فكلّ مآ تطرقتُ لتوضيحهِ لن تتعرضوآ له في القسمِ ،
فهو إضافة شخصية ، مني ..
نمرّ الى بلاغة كلّ منهمآ أقصد المجاز العقلي والمجاز المرسل :
فبلاغةُ المجاز فتكمن في الإيجاز ( الإيجاز هو من أضربِ البلاغة ) بالاضافة الى التنويع في الكلام وفتح مجال للخيال ، كما يسهم في تقوية المعنى وتجسيد المفاهيم التي تكمن ايضا في اثارة ذهن المتلقي بالبحثِ والتأمل وإثارة الفضولِ مآ يؤدي الى نهوضِ ملَكةِ الدهشة ومتعة الاكتشاف ، والإحساس بجمال البلاغة .
فقط / كان أولّ درس في البلاغة
انتظروآ الدرس الموالي من سمية ^^'
و مآ أشدّ ولعي بدعوةٍ طيبة ، هاتوني بعضآ منهآ
وللجميعِ نصيبٌ ،
أطيبُ التحايا .