ليسمح لي الإخوة الكرام من الأساتذة الأماجد والطلبة المجدين بكليمة أملاها علي عفو الخاطر، واستدعتها المشاركات التي قرأتها لزملائي الكرام هنا..
لأقول إن التعميم في الحكم بفساد كلي للملتقيات الجامعية وطنيها وودوليها كالمحاباة والشفاعات التي في غير ما محل علمي، والحسابات الضيقة من قبيل انجاح الملتقى الدولي بأسماء من خارج الوطن رغم الضحالة والرطانة، وكإقصاء الطلبة والباحثين والأساتذة المحليين، لأنهم بلا داعم و وبلا مسند ومن غيرموصي وغير معرفين، وقد تكون من قبيل الاستصغار والاحتقار وهوأمر مؤسف، وهو موجود حتما ولا يمكننا إنكاره، ومن أنكره إما هو غير مطلع فيعذر-ولو أن الباحث لا عذر له وهو المطالب بفن التحقيق والتحقّق- وإما هو غماس يرى المغموس عسلا وليس أصبعه امتد للحرام وإلى اللاأخلاقي، ولا شك أن هذه الذهنية البالية والنمط التفكيري صار نسقا هيمن على الرؤوس التي شبت وشاخت على هذا السلوك الشعبوي البعيد كل البعد عن الموضوعية والوجاهة، وأعتقد أن هذه المشكلة أخلاقية، أكثر منها علمية، لأن العلم ليس وحده من يصنع العز والرفعة بل بالتماهي مع الأخلاق من صدق وموضوعية ووجاهة وأمانة علمية ...... وغيرها، وإلا فالشيطان الرجيم الذي أقعد للسائرين كل طريق هو أعلم أهل الأرض قاطبة والناس تلعنه في البدو والحضر.
ومن هنا يمكننا القول:أن من قال هلك الناس فهو أهلكهم، فمازال في الملتقيات بقية من خير، لكن الملاحظ العام يرى أن بعض المتهافتين على الرتب والمتسلقين للمناصب الإدارية والترقيات السياسية وبقية المآرب الأخرى، هم من يلوثون هذه الملتقيات ويصبغونها بهذه الصبغة الكريهة، فتظهر للطالب الباحث المجد الجديد أنها مجرد "زردة" أو كما قال المرحوم أحمد حماني يوما هي "هردة" لأنها ترمي بمسالك البحث العلمي الرصين والحصيف نحو منزلق التنزلف والارتزاق بدل البحث العلمي الذي تنتظر الأمة وأجيالها ثماره اليانعة، وهذا هو الدور المنوط بالسادة الأساتذة.
لكن، مما يؤلم ويؤسف له كثيرا، أن ترى قرص الشمس يرمى بقطع الظلام الحالك في وجوه مرتقبي الفجر،فما الذي يوقد لهم الشموع إن كان مصدر النور يعاكس وظيفته.
أعتقد من وجهة نظري الخاصة، أن الأستاذ الذي ينغمس في مثل هذا المخاض ليس جديرا حتى ببيع السمك والخضار لأنه فاقد للأمانة والشجاعة والموضوعية والوجاهة، فهو مثل التاجر الغاش لزبائنه، لا يهمه سوى درجات ووثائق وتسميات تنعكس نقودا ودريهمات في مرتبه، ولا يهمه مستقبل الوطن ولا مستقبل أجياله، ومن هنا يكون ممن يلجمه الله بلجام من نار يوم القيامة كما ورد في الحديث الشريف، وعليه فهؤلاء لابد من نفض اليد منهم، لأنهم غير رساليين، لا تهوسهم قضية الوطن ولا فكرة مستقبل أجياله، بل كل مايهمهم هو النقود والمركز الاجتماعي وملذات الدنيا الفانية بعيدا عن أي قيد من قانون أوشريعة أو أخلاق، وهؤلاء كالوباء خطرهم أكثر من نفعهم، وهؤلاء من النسق الاستبدادي الذي أودى بالأوطان العربية في هذا الذي يقال له الربيع العربي، فمثلهم بذات الممارسات التزلفية قادوا الوزارات والإدارات وبرمجوا السياسات وفي النهاية كانوا في تسيير المؤسسات الكبرى مثل تسييرهم للملتقيات، فقادوا الأوطان للخراب، وقديما قال "لنين" كلمة أعجبتني حينما اتهم المثقفين بأنهم أقرب الناس إلى الخيانة لأنهم الأقدر على تبريرها، فالوزير الفاشل كان في الأغلب أستاذا يقود ملتقى بتلك السلوكيات ويقود الجامعة والكلية والقسم والمدرج بتلك الأنماط السلوكية المهزوزة، ولو روجع في ذلك لبرر وعدد النجاحات التي هي قمم في الخيبات والمصيبات، ربما لأنه انطلق من نفس البيئة وسلك ذات الطريق فشاب على ماشبّ عليه، ومن هنا لا نأمّل في هؤلاء كثيرا، لأنهم بكل بساطة فاقدون لما له هم متصدرون.
وهنا لابد من التفريق بين المثقف الرسالي صاحب الرسالة المضبوط بضوابطها وقوانينها، وبين المثقف المرتزق الذي لا يهمه سوى نزوات دنيوية ولو ركب إليها بساط الأنبياء "سبيل العلم"، وقد يبع الأوطان ويرهن مستقبل الأجيال ولا حمرة خجل
وتحياتي