فتنة القبر - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم النوازل و المناسبات الاسلامية .. > قسم أشراط الساعة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

فتنة القبر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016-07-03, 05:46   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
العضوالجزائري
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية العضوالجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي فتنة القبر

الحمد لله

*****
حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا وهيب قال حدثنا هشام عن فاطمة عن أسماء قالت أتيت عائشة وهي تصلي فقلت ما شأن الناس فأشارت إلى السماء فإذا الناس قيام فقالت سبحان الله قلت آية فأشارت برأسها أي نعم فقمت حتى تجلاني الغشي فجعلت أصب على رأسي الماء فحمد الله عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم وأثنى عليه ثم قال ما من شيء لم أكن أريته إلا رأيته في مقامي حتى الجنة والنار فأوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم مثل أو قريب لا أدري أي ذلك قالت أسماء من فتنة المسيح الدجال يقال ما علمك بهذا الرجل فأما المؤمن أو الموقن لا أدري بأيهما قالت أسماء فيقول هو محمد رسول الله جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا واتبعنا هو محمد ثلاثا فيقال نم صالحا قد علمنا إن كنت لموقنا به وأما المنافق أو المرتاب لا أدري أي ذلك قالت أسماء فيقول لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته

رواه البخاري

58- قال ابن قدامة المقدسي - رحمه الله - في لمعة الإعتقاد:
"وعذابُ القبْرِ ونعيمُه حقٌّ، وقد استعاذَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُ، وأَمَرَ بِهِ في كلِّ صلاةٍ.
59- وفِتْنَةُ القَبْرِ حقٌّ، وسُؤالُ مُنْكَر ونَكيرٍ حقٌّ".


الشرح

رابعًا: القبْر: فتنته، عذابُه، ونعيمُه:
فتنة القبْر هي سؤالُ المَلَكَيْن للميت عن: ربِّه، ونبيه، ودينه، وهي فتنةٌ ثابتة بالكتاب والسُّنَّة والإجماع:
فمن الكتاب: قول الله - عز وجل -: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة}[13].
ومن السُّنَّة: حديث البَراء بن عازب - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((المسلمُ إذا سُئِلَ في القبر يشهد أن لا إله لا الله وأن محمدًا رسول الله))، فذلك قوله - تعالى -: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة}[14].
وحديث أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - في حديث صلاة الكُسُوف - وفيه قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((وإنه قد أُوحِيَ إليَّ أنَّكم تُفتنون في القُبُور))[15].

وحديث عائشة: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: ((اللهم إنِّي أَعُوذُ بك منَ الكَسَل والهرَم، والمأْثَم والمَغْرم، ومِن فتنة القبْر وعذاب القبر))[16]، والأحاديث في هذا كثيرةٌ، وأجمع السلَفُ على إثبات فتنة القبْر.

ما اسم المَلَكَيْن اللذين يَسْألان المَيِّت؟
روى التِّرمذي في "سُنَنه" حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا قُبِرَ الميت - أو قال: أحدكم - أتاه مَلَكان أسودان أزرقان، يُقال لأحدهما: المُنْكَر، والآخر: النكير، فيقولان: ما كنتَ تقول في هذا الرجل؟ فيقول ما كان يقول: هو عبدالله ورسوله، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، فيقولان: قد كُنَّا نعلم أنك تقول هذا، ثم يُفْسَح له في قبْره سبعون ذراعًا في سبعين، ثم ينوَّر له فيه، ثم يُقال له: نَمْ، فيقول: أرجع إلى أهلي فأخبرهم؟ فيقولان: نَمْ كنومة العروس الذي لا يُوقظه إلا أحب أهله إليه حتى يبعثه الله مِنْ مَضْجعه ذلك.

وإن كان منافقًا؛ قال: سمعتُ الناس يقولون فقلْتُ مثله، لا أدري، فيقولان: قد كُنَّا نعلم أنك تقول ذلك، فيُقَال للأرض: الْتَئِمِي عليه، فتختلف فيها أضلاعه، فلا يزال فيها مُعَذَّبًا حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك))[17].

وجاء في حديثٍ: أنَّ اسم الملكين: مبشِّر، وبَشِير، وفي حديث: أنَّ عددهم أربعة، وأن اسم الثالث والرابع: ناكور، ورمان، وكلها أحاديث ضعيفة.
ومن أهل العلم مَن أنكر تسميتهما بـ(مُنكَر، ونكير)؛ لأنهما اسمان لا يليقان بالملائكة الذين وصفهم الله - عز وجل - بأوصاف الثناء؛ فضعَّفوا الحديث السابق، ورُدَّ هذا القول بأن تسميتهما بذلك ليس لأنهما منكران من حيث ذواتهما، وإنما من حيث إنَّ الميت لا يعرفهما فينكرهما، كما قال إبراهيم - عليه السلام - لأضيافه الملائكة: {قَوْمٌ مُنْكَرُونَ}[18]؛ لأنه لا يعرفهم.

فائدة:*
كلمة (مُنْكَر) بفتح الكاف على الصحيح؛ ولذا يقول السيوطي:
وَضَبْطُ*مُنْكَرٍ**بِفَتْحِ**الْكَافِ********فَلَس ْتُ*أَدْرِي*فِيهِ*مِنْ*خِلافِŸ
هل فتنة القبْر خاصَّة بهذه الأمة، أو أنها عامَّة؟
القول الأول: إنَّ السؤال في القبْر خاصٌّ بهذه الأمَّة:

واستدلُّوا:
1- بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن هذه الأمة تُبتلى في قبورها))[19].
2- وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ولقد أوحي إليَّ أنكم تُفتَنُون في قبوركم))[20].

والقول الثاني: إنَّ السؤال عامٌّ لجميع الأُمَم:
واختاره ابنُ القيِّم، والقُرطبي، واختاره شيخُنا ابن عثيمين في شرحه للواسطية[21].
واستدلوا بأدلة العموم منها:
1- قول الله - جل وعلا -: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة}[22].
2- حديث البَراء الطويل، وفيه: ((إنَّ العبد المؤمن...، وإن العبد الكافر...)) الحديث، وفيه سؤال العبد المؤمن والكافر، وكلمة العبْد تَصْدُق على جميع العباد المؤمنين والكافرين من هذه الأمة وغيرها، وكذلك حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - السابق، وفيه سؤال المؤمِن والمنافق، وغيرها من الأدلة العامة، وهذا القولُ هو الأظْهَرُ - والله أعلم.

والخلاف في الأطفال والمجانين: هل يُسْأَلُون في قبورهم؟
فلم يَرِدْ في النصوص أنَّهُم يُسألون، ولم يردْ أنَّهُم لا يُسألون؛ فمِنْ أهْلِ العلم مَن قال: إنهم يُسْأَلُون؛ لأنَّهُم يدْخُلُون في عُمُوم الأحاديث الدالَّة على السؤال، ومنهم مَن قال: إنَّهُم لا يُسْألون؛ لأنهم غير مكلَّفين، وأنهم وُلِدُوا على الفطرة.

وهل هناك أحد لا يُفتَن؟
هناك مَن يُستَثْنَى فلا يفتن في القبر:
أولاً: شُهداء المعركة:
فعن رجلٍ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: يا رسول الله، ما بالُ المؤمنين يُفْتَنُون في قبورهم إلا الشهيد؟ قال: ((كفى ببَارِقة السيوف على رأسه فتنة))[23].
وكذلك الأنبياء؛ لأنَّ الأنبياء يُسْأَلُ عنهم في فتنة القبر، فيقال: مَن نبيُّك؟

ثانيًا: المرابط في سيبل الله:
فعن سلْمان - رضي الله عنه - قال - صلى الله عليه وسلم -: ((رباط يوم وليلة خيرٌ من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عَمَلُه الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقُه، وأُمِنَ الفتَّان))[24].
وبعدما يُسْأَلُ العبد في قبره يكون المصير إما النعيم وإما العذاب.
عذاب القبْر ونعيمه ثابتٌ بالكتاب والسنة والإجماع:
فمنَ الكتاب: قوله - تعالى -: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}[25]،** قال ابن كثير في "تفسيره": "هذه الآية أصلٌ كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البَرْزخ في القبور".

ومن السنة: حديث أنس - رضي الله عنه -: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنَّ العبد إذا وُضِعَ في قبْرِه، وتولَّى عنه أصحابه، حتى إنه ليسمع قَرْعَ نِعَالهم - أتاه ملكان فأقعداه، فيقولان له: ما كنتَ تقول في هذا الرجل، محمد - صلى الله عليه وسلم؟ فيقول: أشهد أنه عبد*الله ورسوله، فيقال: انظر إلى مقعدك من النار، أبْدَلَكَ الله به مقعدًا من الجنة، فيراهما جميعًا، وأما الكافر - أو المنافق - فيقول: لا أدري، كنتُ أقول ما يقوله الناس، فيقال: لا دريتَ ولا تَلَيْتَ، ثم يُضْرَب بمطرقةٍ من حديد ضربة بين أذنيه، فيصيح صيحة يَسْمَعها من يليه إلا الثقلين))[26].

وحديث عائشة في الصحيحين: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال لها: ((عذاب القبر حق))، وتقَدَّم حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند التِّرمذي، وحديث عائشة المتَّفق عليه، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعاذ من عذاب القبر، والأحاديث في هذا الباب كثيرةٌ.

وأجْمَعَ السلَف على إثبات عذاب القبر: بل كل المسلمين يقولون في صلاتهم: "اللهم إنا نعوذ بك من عذاب القبر، ومن عذاب جهنم..."، ولو كان غير مجمع عليه لما قالوه في صلاتهم، وإنما يُنْكِر ذلك الملاحدة والزنادقة، ونقول لهم: الحمد لله، بِمِثْل هذا يتمَيَّز المؤمن من الزنديق المُلْحِد، وسَلَكْتُم هذا المسلك؛ لأنكم حكَّمتُم عقولكم، فكان مِنْ أقوالهم: لو وضعنا الزئبق في عيني هذا الميت ودفناه، وجئنا إليه من الغد؛ لَوَجَدْنا الزئبق لم يَتَأَثَّر، وأنتم تقولون: إنَّ الملَكَيْن يُجْلِسَان الميت، ويسألانه، وبعدها معذَّبٌ أو منعَّم، وهذه التجرِبةُ تُبطل ما تعتقدون، ولكن هذا هو حال مَنْ طَمَس الله قلوبهم؛ فهم يُحاولون التشكيك في عقيدة المسلم، ويقال لهم: إنَّ الله قادرٌ على أن يعيدَ الزئبق مكانه بعد ذلك، وأيضًا هذه الأمور غيبيَّة لا تُدركها العقول، ولو كل شيء من أمور الغيب كُشِفَ للإنسان على ما يدركه عقله، لَمَا تَمَيَّز المؤمنُ منَ المُلحِد، ولكنها صفات المؤمنين: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}[27].

عذاب القبر يسمعه كلُّ شيء إلا الجن والإنس:
ويدل على ذلك: ما تقدَّم من حديث أنس - رضي الله عنه - المتفق** عليه، وفيه قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ثم يُضْرَبُ بمطرقة من حديد ضربةً بين أذنيه؛ فيصيح صيحةً يسمعها ما يليه إلا الثقلَيْن)).

لماذا أخفى الله - عز وجل - عذاب القبر؟
أخفى الله - عز وجل - عذاب القبر لعِدَّة حِكَم؛ منها:
1- رحمته - جل وعلا – بعباده؛ إذ لو كَشَف العذابَ لهم، لتنكَّد عيشهم، وتواصلتْ أحزانُهم.
2- أن في كشف العذاب فضيحة للميت.
3- أن في كشْف العذابِ عدم تدافن الناس بعضهم لبعض، فلو كُشِفَ العذاب لما دَفَن أحدٌ ميتًا؛ خوفًا من سوء العاقبة، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لولا ألا تدافنوا، لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر))[28].

عذاب القبر أو نعيمه حاصل لكلِّ إنسان أيًّا كان:*
سواءٌ أُحْرِقَ أو غرق، أو أكلتْه السباعُ والطيور، أو مات على أيَّة حال كان، فإنه بموته ينتقل لحياته البرزخية؛ سواءٌٌ دُفِنَ أو لَم يُدفن؛ وذلك لأنَّ الإنسان مُرَكَّب من جسَد وروح، وهذه الروح بعد الموت تخرج من الجسد، فتبقى إمَّا مُعَذَّبة أو مُنَعَّمَة.

وهل عذاب القبر أو نعيمه على الروح أو البدَن؟
قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة: "مذهبُ سلَف الأمة وأئمتها: أن العذاب والنعيم يحصل لروح الميت وبدنه، وأنَّ الروح تبقى بعد مُفارقة البدَن مُعَذَّبة أو مُنَعَّمَة، وأنها تتَّصل بالبدَن أحيانًا؛ فيحصل له معها النعيم والعذاب"[29].

فائدة:
تقدَّم أنَّ مذهبَ سلَف الأمة: أن عذاب القبر يكون على البدَن والروح، فالرُّوح تتعَلَّق بالبدَن في خمسة مواطن:
1- تعلقها في بطن الأم جنينًا.
2- تعلقها به بعد ولادته.
3- تعلقها به في حال النوم.
4- تعلقها به في البرزخ.
5- تعلقها به يوم البَعْث.

وهل يستمر عذاب القبر؟
قال شيخُنا ابن عثيمين: "أمَّا إذا كان الإنسانُ كافرًا - والعياذ بالله - فإنه لا طريق إلى وُصُول النعيم أبدًا، ويكون عذابُه مُسْتَمِرًّا، وأمَّا إن كان عاصيًا وهو مؤمن، فإنه إذا عُذِّب في قبره يعُذَّب على قدْر ذُنُوبه، وربما يكون عذاب ذنوبه أقل من البرزخ الذي بين موته وقيام الساعة، وحينئذ يكون منقطعًا"[30].

وهل يستفيد المسلمُ من فتنة القبر بتخفيف سيئاته أو محوها؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "السبب الثامن: ما يحصل في القبر من الفتنة والضغطة والروعة، فإن هذا مما يُكَفَّر به الخطايا"[31].
وقال أيضًا: "ما يحصل للمؤمن في الدنيا والبَرْزخ والقيامة من الأَلَم التي هي عذاب، فإن ذلك يُكَفِّر الله به خطاياه؛ كما ثبت في الصحيحين، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا حزن ولا أذى، حتى الشوكة يشاكها إلاَّ كفَّر الله به من خطاياه))[32].

أسباب عذاب القبر:
1- النميمة.
2- عدم التنَزه من البول:

ويدل على ذلك: حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه مَرَّ على قبْرَيْن فقال: ((إنهما ليعذبان، وما يعذَّبان في كبير؛ أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة...))[33].

فائدة:*
الاسْتِنْزاه من البول يكون بأمرَيْن:
الأول: أن يتحَرَّزَ الإنسان من رَشَاشِ البول أن يصيبه أو يصيب ثيابه، وذلك بأن يتبوَّل في مكانٍ رخو من الأرض، ولا يتبوَّل في مكان صلب؛ فيرجع رذاذ البول على جسمه أو ثيابه.
الثاني: أنه إذا أصابَهُ البولُ يبادر إلى غسله وإزالته؛ لأن هذا من الاستنْزاه، وهذا يجب عليه فِعْله.

3- الغِيبَة:
قال ابن حجَر في "الفتح": "وأخْرَجَ أحمد والطبراني بإسناد صحيح، عن أبي بكرة - رضي الله عنه - قال: "مرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بقَبْرَيْن، فقال: ((إنهما يُعَذَّبان، وما يُعَذَّبان في كبير، وبكى - وفيه -: وما يعذبان إلا في الغيبة والبَوْل))، ولأحمد والطبراني أيضًا من حديث يعلى*بن*شبابة - رضي الله عنه -: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - مرَّ على قبر يُعذَّب صاحبه فقال: ((إن هذا كان يأكل لحوم الناس، ثم دعا بجريدة رطبة))[34].

4- الغلول من الغنيمة:
والغلول: هو السَّرِقة مِنْ مال الغنيمة قبل قسمتها، والغلول من الغَنيمة من أسباب عذاب القبْر.

ويدل على ذلك: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: خَرَجْنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى خَيْبر، فلم نغنم ذهبًا ولا ورقًا، غنمنا المتاع والطعام والشراب، ثم انطلقنا إلى الوادي ومع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبدٌ له، فلمَّا نزلنا قام عبد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحل رحله، فرُمِيَ بِسَهْمٍ فكان فيه حتفُه، فقلنا: هنيئًا له الشهادةُ يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((كلا، والذي نفس محمد بيده؛ إن الشملة لتلتهب عليه نارًا، أخذها من الغنائم يوم خيبر لَم تصبها المقاسم، ففزع الناس))[35].

وهناك أسبابٌ لعذاب القبر:
جاءتْ في حديث طويل رواه البخاري، من حديث سَمُرة بن جندب، في قصة رؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم - مع المَلَكَيْن فرأى أنواعًا من عذاب القبْر، وذكر له الملكان سبب كل عذاب رآه ومن ذلك:
5- هجر القرآن الكريم ورفضه.
6- النوم عن الصلاة المكتوبة:

ويدل على ذلك: ما جاء في حديث سمُرة بن جندب - رضي الله عنه - قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في قول الملكين: ((أما الرجل الأول الذي أتيتُ عليه يُثلغُ رأسه بالحجر، فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة))، قال ابن حجَر في "الفتح": "ويحتمل أن يكونَ التعذيبُ على مجموع الأمرين: ترك القراءة، وترك العمل"[36].

7- الكَذِب:
ويدلُّ على ذلك: ما جاء في حديث سَمُرة بن جندب - رضي الله عنه - قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في قول الملكين: ((وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق))، قال ابن حجر: "وإنما استحقَّ التعذيب؛ لما ينشأ عن تلك الكذبة من المفاسد، وهو فيها مختارٌ غير مكره ولا مُلجَأ، قال ابن هُبَيْرَة: لما كان الكاذبُ يساعد أنفه وعينه ولسانه على الكذب بترويج باطله؛ وقعت المشاركة بينهم في العقوبة"[37].

8- الزنا:
ويدلُّ على ذلك: ما جاء في حديث سمرة بن جندب - رضي الله عنه - قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في قول الملكين: ((وأما الرجال والنساء الذين في مثل بناء التَّنُّور، فهم الزُّنَاة والزَّواني))، وفي أول الحديث قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((فانطلقنا فأتينا على مثل التنور، فإذا فيه لَغَطٌ وأصواتٌ، قال: فاطَّلعنا فيه، فإذا فيه رجال ونساء عُراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم))، قال ابن حجر: "مُناسَبة العُرْيِ لهم؛ لاستحقاقهم أن يفضحوا؛ لأن عادتهم أن يستتروا في الخلوة فعوقبوا بالهَتْكِ، والحكمة في إتيان العذاب من تحتهم: كون جنايتهم من أعضائهم السفلى"[38].

9- أكْل الرِّبا:
ويدلُّ على ذلك: ما جاء في حديث سَمُرة بن جندب - رضي الله عنه - قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في قول الملكين: ((وأما الرجل الذي أتيتَ عليه يسبح في النهر ويُلقم الحجر، فإنه آكل الربا))، قال ابنُ حجَر: "قال ابن هُبَيْرَة: إنما عُوقِبَ آكلُ الربا بسباحته في النهر الأحمر وإلقامه الحجارة؛ لأن أصل الربا يجري في الذهب والذهب أحمر، وأما إلقام الملك له الحجرَ، فإنه إشارةٌ إلى أنه لا يُغْنِي عنه شيئًا، وكذلك الربا فإنَّ صاحبَه يتخيَّل أن ماله يزداد، والله من ورائه يمَحَقُه"[39].

وقد ذَكَر ابنُ القيِّم أسباب عذاب القبر، والأسباب المنجية منه، فانظُر للاستزادة كتابه "الرُّوح".
*
الشيخ/ عبدالله بن حمود الفريح تيسير رب العباد إلى شرح لمعة الاعتقاد

ــــــــــــــــــــــ
[13]** [إبراهيم: 27].
[14]** رواه البخاري.
[15]** متفق عليه.
[16]** متفق عليه.
[17]** صححه ابن حبان، وحسنه الألباني.
[18]** [الذاريات: 25].
[19]** رواه مسلم.
[20]** متفق عليه.
[21]** "شرح ابن عثيمين للواسطية" صـ (478).
[22]** [إبراهيم: 27].
[23]** رواه النسائي، وصحَّحه الألباني.
[24]** رواه مسلم.
[25]** [غافر: 45 - 46].
[26]** متفق عليه.
[27]** [البقرة: 3].
[28]** رواه مسلم من حديث أنس - رضي الله عنه.
[29]** انظر: "مجموع الفتاوى" 4/ 282.
[30]** انظر: "الممتع" 3/ 253.
[31]** انظر: "مجموع الفتاوى" 7/ 500.
[32]** انظر: "مجموع الفتاوى" 24/ 375.
[33]** الحديث متفق عليه.
[34]** الحديث رواته ثقات؛ انظر: "فتح الباري" المجلد العاشر حديث (6052).
[35]** متفق عليه.
[36]** انظر: "فتح الباري" المجلد الثاني عشر، باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح.
[37]** انظر: "فتح الباري" المرجع السابق.
[38]** انظر: المرجع السابق.
[39]** انظر: "الفتح" المرجع السابق.









 


رد مع اقتباس
قديم 2016-07-07, 01:25   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
المانجيكيو
مراقب منتدى خيمة الجلفة و منتديات الشؤون السياسية
 
الصورة الرمزية المانجيكيو
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 00:19

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc