التعدي على الاملاك العقارية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

التعدي على الاملاك العقارية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-04-17, 18:26   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 التعدي على الاملاك العقارية

مقدمة


لم يكن الإنسان قديما في حاجة إلى قواعد قانونية لحماية الملكية العقارية، ذلك لأن الأراضي كانت متوفرة للجميع وبمساحات شاسعة، والمساكن لم تكن سوى أكواخ أو كهوف ومغارات ، ناهيك عن الترحال الدائم للإنسان بحثا عن الصيد والثمار.
وبتزايد التطور أصبح الإنسان ينشد الاستقرار، ويروم إلى التشتيت بالأرض التــــي اعتاد عليها وعلى مناخها، ووجد فيها كل ما يحتاجه من طعام وشراب – الأمر الذي يفســـر قيام الحضارات القديمــة على ضفــاف البحار والأنهـار، فحينــئذ بـدأت تتبلور فكـرة المـلكية العقارية كضرورة ملحة لأجل حماية الأرض من المعتدين ، فاخذ الإنسان يفكر فــي الملكـية ويضع لها القواعد القانونية التي تحميها.
فقـد جاء في شريعة الملك اورنمو ( 2103 – 2111 ق م) المؤسـس لسلالة أور الثالثة التي حكمت مدينة أور جنوب العراق ومقنن أقدم شريعة سومرية ، تحريم التجــاوز في الزراعة وضرورة تقييد الأشخاص بزراعة أراضيهم الحقيقية وعدم اللجوء إلى أراضي الغير وزرعها المادة 27 من شريعة اورنمو ، وفي المادة 28 قضت بالتعويض على من يتسبب في إغراق حقل مزروع يعود لرجل أخر عقابا له ، كما فرضت الجزاء على من بهمل زراعة أرضه ويعطل وظيفتها الاجتماعية.
وفد جاء كذلك في شريعة الملك لبت عشتار( 1924– 1934 ق م) حماية الملكية الخاصة عن طريق فرض الجزاء القانوني عند الاعتداء عليها.
وإذا كانت هذه القواعد القانونية قد رفعت الملكية حد التقديس في العهد الرومــــاني والقرون الوسطى وعهد الثورة الفرنسية إلا انه سرعان ما تلاشت هذه القداسة أمام تــــزايد النزعة الاجتماعية لتتحول الملكية في العصر الحديث إلى حق مقيد بأداء وظيفة اجتماعيــة ونفع عام، فالعقار هو كل ما هو ثابت على الأرض و قابل للبيع و الشراء و التأجير.





ولما كانت الملكية عموما والملكية العقارية خصوصا من أهم المسائل التي اهتمت بها التشريعات قديما وحديثا، وخاصة بعد أن أصبح للملكية وظيفة اجتماعية، وركيزة أساسيـــــة تعتمد عليها الدول في اقتصادياتها وتوجهاتها السياسية لما لها من اثر بالغ في صناعة القرار وخلق الثورة.
فقد حدا المشرع الجزائري حذو بقية التشريعات فنظم الملكية ونــص علــى حمايتـــها دستوريا وافرد لها نصوصا خاصة لمعاقبة المعتدين، سواء في قـــانون العقوبــــات أو فـــي القوانين الخاصة الأخرى، وهذا حماية للنظام العام الدولة، ومنعا للأفراد مـــن اخذ حقوقــهم بأنفسهم، وبسطا لنظام الدولة وقوانينها على إقليميها.....
وأمام الكم الهائل من النصوص المتعلقة بالعقار، والذي يعكس انــعدام بـروز سياســة عقارية واضحة لدى المشرع ، ونظرا لأهمية الموضوع الذي يبحث في إشكاليــــة حمايــــة الملكية العقارية ، وحصر الاعتداءات الواقعة على العقار والتي تشكل جريمة يعاقب عليـــها القانون.
وأمام تذبذب رأي المحكمة العليا ، وعدم استقرارها حول تفسير نـص التجريم لاسيــما تلك المفاهيم التي تعد جوهرية في فهم الجريمة وفي قيامها كلها أسباب تزيـــد مــن صعوبــة البحــث وتعقيده ، كما تزيد في الوقت نفسه من حلاوته فـــي سبيل استجلاء مــا يعتري هــذه الحماية من الغموض.
و رغم اشتراك كل من القانون الإداري القانون المدني والقانون الجزائي في حمايـــة العقار، تبقى الجرائم الواقعة عليه كثيرة، وهو ما يجعلنا نتساءل: هل أن العقار محمي فعلا ؟ وان كان كذلك فهل هذه الحماية كافية ؟
وتبعا لذلك سيقتصر بحثنا على الحماية الجزائية من اجل حصر الجرائم الواقعة على العقار والعقوبة التي قررها المشرع ردعا للمجرمين.
ومن اجل ذلك قسمت دراستنا إلى مبحثين، يتناول المبحث الأول جريمة التعدي على الملكية العقارية أما المبحث الثاني: صور الاعتداء على الملكية العقارية.


المبحث الأول : جريمة التعدي على الملكية العقارية
تمهيـــــد :
أورد المشرع الجزائري عدة نصوص تتضمن تجريم الاعتداء على الملكية العقارية منها المادة 386 من قانون العقوبات، كما أورد نصوصا أخرى هدفها حماية العقار في حد ذاته وبغض النظر عن مالكه من كل أنواع الاعتداءات، فنص في المادة 395 وما بعدها من قانون العقوبات على جريمة الهدم والتخريب التي تستهدف العقارات، ونص في المادة 160 من نفس القانون على جريمة تخريب النصب التذكارية إلى غيرها من النصوص .
بالإضافة إلى كل ذلك فقد نص في عدة نصوص أخرى على تجريم الاعتداء على العقار في قانون الأملاك الوطنية وقانون الغابات، وقانون المياه ، وتجدر الإشارة أن الحماية مكفولة للعقار بغض النظر عن أصل الملكية عامة أو خاصة.
وإذا كانت المادة 386 من قانون العقوبات هي النص العام الذي جاء صراحة لكفالة الحماية الجزائرية للملكية العقارية فإنه من الضروري التعرض لها بالتحليل والتوضيح لإبراز العناصر المكونة للجريمة، وعناصر التشديد والعقاب.
فالمادة 386 من القانون رقم 82/04 المؤرخ في 13 فبراير 1982 المتضمن تعديل قانون العقوبات الصادر بالأمر رقم 66/156 المؤرخ في 08/06/1966 تنص على أنه ‹‹ يعاقب بالحبس من سنة إلى خمسة سنوات وبغرامة مالية من 2000 إلى 20.000 دح كل من انتزع عقارا مملوكا للغير وذلك خلسة ٲو عن طريق التدليس. وإذا كان انتزاع الملكية قد وقع ليلا بالتهديد العنف ٲو بطريق التسلق ٲو الكسر من عدة أشخاص، أو مع حمل سلاح ظاهر ٲو مخبأ بواسطة واحد ٲو أكثر من الجناة فتكون العقوبة الحبس من سنتين إلى عشر سنوات، والغرامة من 10.000 إلى 30.000 ››

المطلب الأول : عناصر الجريمة
تقوم جريمة التعدي على الملكية العقارية متى توافرت أركانها العامة وعناصرها الخاصة، ونعني بالأركان العامة تلك الشروط اللازمة لقيام الجريمة بوجه عام ، و هي الشروط التي تنطبق على كل الجرائم مهما كان نوعها ، و هي الركن المادي و الركن المعنوي و الركن الشرعي طبقا لما جاءت به المادة الأولى من قانون العقوبات على أنه: ‹‹ لا جريمة و لا عقوبة أو تدابير أمن بغير قانون››.
بالإضافة إلى هذه الأركان العامة اشترط القانون في المادة 386 من قانون العقوبات عنصرين آخرين تختص بهما جريمة الاعتداء على الملكية العقارية وهما انتزاع عقار مملوك للغير واقتران الانتزاع بالخلسة أو التدليس كما جاء في قرار المحكمة العليا رقم:52971 المؤرخ في 17/01/1989 مايلي: ( من المقرر قانونا أن جريمة الاعتداء على ملكية الغير لا تقوم إلا إذا توافرت الأركان الآتية :
نزع عقار مملوك للغير، و ارتكاب الفعل خلسة أو بطريق التدليس ).
* الفـرع الأول: انتزاع العقار المملوك للغير :
-أولا-انتزاع عقار :
ما هو فعل الانتزاع ؟ و ما هو العقار حسب المشرع الجزائري ؟
-أ- فعل انتزاع: هي قيام الفاعل بسلوك ايجابي هو النزع أو الانتزاع أي الأخذ بالعنف وبدون رضا المالك، و قد يختلط الأمر بين الانتزاع المجرم بنص المادة 386 من


قانون العقوبات و نزع الملكية للمنفعة العامة الذي تقوم به الإدارة وهي للمصلحة العامة ولها ضوابط تتمثل في إجراءاتها الصارمة المنصوص عليها قانونا ، و التي يشكل تخلف أحدها سببا من أسباب إلغاء قرار نزع الملكية .
ويلزم أن يقع الانتزاع بفعل الجاني أو تخطيطه، ولا يشترط أن يقوم الجاني بنفسه بالفعل المجرم بل قد يستعمل غيره للقيام بذلك كأن يرسل من يقوم مقامه بانتزاع العقار أو دخول المسكن و احتلاله لفائدته ، وفي هذه الحالة أمام فاعل أصلي و شريك كما نصت المادة 44 من قانون العقوبات ( يعاقب الشريك في جناية أو جنحة بالعقوبة المقررة للجناية أو الجنحة ).
فالشريك هو كل من ساهم مساهمة مباشرة أو غير مباشرة في تنفيذ الجريمة ، وكل من حرض بالفعل أو التهديد أو الوعد أو إساءة استغلال السلطة أو الولاية أو التحايل أو التدليس أو أعطى تعليمات لذلك وكل من ساعد بكافة الطرق أو عاون الفاعل أو الفاعلين على ارتكاب الأفعال التحضيرية أو المسهلة أو المنفذة لها مع علمه بذلك.
وقد أخذ المشرع الجزائري بفكرة المسؤولية الجزائية لأشخاص المعنوية مسايرا بذلك ما توصل إليه الفقه الجنائي الحديث على الرغم من النقد الشديد لفكرة الشخص المعنوي وعدم قبولها لدى الكثير من الفقهاء و حتى التشريعات و مثالهم في ذلك ( أن الأشخاص المعنوية ليس لها أجسام تحبس ولا أعناق تشنق ) و يجب أن نفرق بين نوعين من الأشخاص المعنوية :
- العامـة: كالدولة و الولاية و البلدية لا يمكن مسائلتها و إنما يمكن اللجوء إلى القضاء لإلغاء قراراتها الماسة بالملكية العقارية خاصة في حالتي التعدي أو الإستلاء – الخاصة: كالشركات و الجمعيات فيمكن مسائلتها و معاقبتها بما يتناسب و طبيعتها كعقوبة الغرامة و الحل و المصادرة ...الخ.

وقد اشترط القانون أن تنتقل الحيازة و التي ذكرها بوضوح المشرع في المواد من 808 إلى 843 من القانون المدني إلى من قام بفعل الانتزاع ، حيث تتحقق هذه الأخيرة و ذلك بانتقالها من الحائز إلى المنتزع مثل دخول المسكن و البقاء فيه بدون رضا المالك غير أن الشروع في الفعل لا يعاقب عليه لعدم وجود نصوص قانونية على ذلك، و الأصل في الدخول أن يكون بغير وجه قانوني و بغير علم أي خلسة أو بغير رضا صاحب العقار وبمفهوم المخالفة إذا تم التسليم العقار طواعية وبدون اختلاس أو تدليس فلا جرم في ذلك بنص المادة 386 من قانون العقوبات.
وقد جاء في قرار رقم: 57534 المؤرخ في 08/11/1988 للمجلة القضائية العدد الثاني لسنة 1993 الصفحة 192 بأن الخلسة أو طرق التدليس في جريمة انتزاع عقار مملوك للغير تتحقق بتوافر عنصرين هما دخول العقار دون علم صاحبه أو رضاه ، و دون أن يكون للداخل الحق في ذلك و من ثم فإن القضاة الذين أدان المتهم على أساس على أنه اقتحام المسكن دون علم أو إرادة صاحبه و لا مستأجره و شغله مع عائلته دون وجه شرعي لم يخالف القانون.)
وقد ذهب الاجتهاد القضائي المصري حسب الدكتور/ حسن صادق المرصفاوي في كتابه شرح قانون العقوبات المصري طبعة 1991 إلى اعتبار أن الدخول هنا يفيد كل فعل يعتبر تعرضا ماديا للغير في حيازته للعقار حيازة فعلية
عليها بالقوة سواء كانت شرعية مستندة إلى سند صحيح أم لم تكن ، وسواء كان الحائز للعقار مالكا أو غير ذلك .



-ب- أن يكون عقارا:
يجب أن يكون محل الانتزاع أو التعدي واقعا على العقار أرضا أو بناءا أو عقارات بالتخصيص ، و بالتالي يمكن انتزاع المنقولات بمختلف أنواعها ولمعرفة العقار محل الجريمة يجب الرجوع إلى أحكام القانون المدني الذي عرف في المادة 683 من القانون المدني بأنه كل شيء مستقر بحيزه و ثابت فيه و لا يمكن نقله منه دون تلف فهو عقار ، و كل ماعدا ذلك من شيء فهو منقول، غير أن المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه، رصدا على خدمة هذا العقار أو استغلاله يعتبر عقارا بالتخصيص).
و ينصرف هذا التعريف إلى الأراضي و المباني و الأشجار والطرق و المناجم....الخ، كما ينصرف إلى المنقولات بطبيعتها و التي رصدت خدمة للعقار كالجرار بالنسبة للأرض، و الأبواب و النوافذ للمنزل....الخ.
فيشكل كل اعتداء عليها اعتداءا على العقار حيث له أهمية اقتصادية و اجتماعية في النظم الحالية أين أصبحت التشريعات الحديثة تولي أهمية بالغة لحماية العقار و كل مساس به يعتبر المساس بالنظام العام.
غير أن المشرع الجزائري أعتبر في المادة 350 من قانون العقوبات في فقرتها الأخيرة التي تنص مايلي وتطبق نفس العقوبة على اختلاس المياه،الغاز و الكهرباء)، و يتضح لنا أن العقار بالتخصيص بمفهوم القانون المدني لا يخضع لأحكام حماية العقار المنصوص عليه في المادة 386 من قانون العقوبات بل يخضع لأحكام المادة 350 من نفس القانون ، فالأشجار مثلا متصـلة بالأرض فهي عقـار فإذا تم فصـلها عنها و قطـعت فتصبح منقولا ، و مادام المشرع قد كفـل


الحماية للعقار كما كفلها للمنقول فلا يثور الإشكال حول حماية العقار بالتخصيص فالجرار و باب المنزل و غيرها من المنقولات يمكن سرقتها.
و لا يختلف الأمر إن كانت ملكية العقار المنزوع تابعة للأشخاص الطبيعية أو المعنوية عامة كانت أو خاصة، و يكفي أن يقع الاعتداء على عقار مملوك للغير.
و هناك تساؤل حول العقارات المتروكة أو المهملة ، و في هذه الحالة نفرق بين حالتين و هما:
* الحالة الأولى :
إذا تنازل صاحب العقار المتروك عن ملكيته ، فجاء حائز و احتل العقار بنية تملكه ، فان فعل الانتزاع لم يحدث ، و كذا عنصري الخلسة و التدليس ، وعليه فلا تقوم جريمة الاعتداء على الملكية العقارية ، بل يمكن للحائز الجديد أن يكتسب العقار الذي حاز عليه بالتقادم طبقا لقواعد القانون المدني باستثناء الأملاك الوطنية العمومية فهي لا تخضع للتصرف و لا للتقادم المكسب أو الحجز .
حيث جاءت المادة 23 من القانون 90/25 المؤرخ في 18/11/1990 المتضمن التوجه العقاري و صنفت الملكية العقارية إلى أملاك وطنية خاصة و أملاك وقفية، و قسمت الأملاك الوطنية إلى الأملاك العامة و الأملاك الخاصة.
ولم تستثني المادة 04 من قانون رقم 90/30 المتعلق بالأملاك الوطنية العمومية فهي غير قابلة للتصرف أو التقادم أو الحج.
و بمفهوم المخالفة يمكن التصرف أو الحجز أو الاكتساب بالتقادم للأملاك الوطنية الخاصة و تبعا لذلك فقد أدمجت أراضي العرش ضمن ملكية الدولة الخاصة بموجب قانون رقم 95/26 المؤرخ في 25/09/1995 المعدل و المتمم لقانون رقم 90/25 المتضمن التوجيه العقاري إذ تنص المادة 85 من قانون 90/25 على انه :

(تبقى ملكا للدولة أراضي العرش و البلديات المدمجة ضمن الصندوق الوطني للثورة الزراعية ).
* الحالة الثانية :
إذا ترك المالك أو الحائز العقار دون أن يتنازل عن ملكيته ففي هذه الحالة الحيازة أو الملكية لا زالت عند صاحبها كما في حالة المستأجر ، و عليه فكل من يقوم بانتزاع الحيازة قد ارتكب جريمة التعدي على الملكية العقارية ما دامت نيته قد انصرفت إلى التملك بعد أن كانت عرضية ، و هذا بعد توافر الشروط المنصوص عليها في المادة 386 من قانون العقوبات التي سوف نتعرض لها لاحقا.
ثانيا- أن يكون العقار مملوك للغير:
- أ – مفهوم ملكية الغير:
يجب أن يكون العقار محل الانتزاع مملوكا للغير أو في حيازته وقت القيام بالفعل المجرم ، و يستفاد من نص المادة 386 من قانون العقوبات أن المراد من بملك الغير هو كل عقار يملكه الغير بموجب سند رسمي مشهر ، أو يكون في حيازة الغير حيازة مشروعة ، إذ لا تتحقق جنحة الاعتداء على الملكية العقارية إلا بانتزاع حيازة عقار مملوك للغير ، و بالرجوع إلى نص المادة 386 من قانون العقوبات نجد أن النص العربي جاء بعبارة انتزاع الملكية ، في حين أن النص الفرنسي جاء بمصطلح DEPOSSEDER و الذي يعني منع الحيازة ، و قد أدى هذا الاختلاف إلى تذبذب فكرة الحماية ، هل تنصب على الملكية الصحيحة التامة أم على الحيازة ؟


و قد جاء في قرار للمحكمة العليا رقم 70 الصادر يوم 02/02/1988 من الغرفة الجنائية الثانية بأنه : (يستفاد من صريح النص للمادة 386 من قانون العقوبات المحررة باللغة الفرنسية أن الجنحة تتحقق بانتزاع حيازة الغير لعقار خلسة أو عن طريق الغش ، و بناء على ذلك فلا جريمة و لا عقاب إذا لم يثبت الاعتداء على الحيازة ).
و في قرار أخر لقضية تحت رقم 141 المؤرخ في 14/02/1989 لنفس المحكمة اعتبرت أن الحائز ليس له الحق في رفع شكوى ضد الحائز الثاني ، الذي قام بانتزاع حيازته بل يحق للمالك ، إذ بالفعل و بالرجوع إلى ملف القضية فان الوقائع المنسوبة إلى الطاعن تتمثل في أن هذا الأخير دخل المنزل التابع لإدارة الغابات و سكنه مع عائلته دون أن يملك أية وثيقة ، و حيث أن المتهم تمت متابعته أمام المحكمة لقضية اقتحام مسكن ، غير أن قضاة الاستئناف كيفوا الوقائع بأنها قضية التعدي على الملكية العقارية ، و حيث انه كان في هذه الحالة أن يقدم الشكوى رئيس البلدية بصفته مالكا للمنزل لا إدارة الغابات التي هي حائزة فقط ، و من جهة أخرى يشترط لقيام جنحة المادة المذكورة أعلاه نية تملك العقار لا مجرد استغلاله أو حيازته فقط ).
-ب – موقف الاجتهاد القضائي :
حسب المحكمة العليا لم تستقر على مفهوم واحد في تفسيرها لملك الغير و إنما إلى اتجاهين مختلفين و هما :



* الاتجاه الأول :
اعتبرت المحكمة العليا أن الغير المراد حمايته هو المالك الذي بيده سند رسمي مشهر، وقد جاء في قرار للقضية رقم 75919 المؤرخة في 05/11/1991 انه: ( المادة 386 من قانون العقوبات تقتضي أن يكون العقار مملوكا للغير ، و من ثم فان قضاة الموضوع الذين أدانوا الطاعنين –في قضية الحال –بجنحة التعدي على الملكية العقارية دون أن يكون الشاكي مالكا حقيقيا للعقار فهم قد أخطئوا في تطبيق القانون ).
و في قرار أخر لها اعتبرت ( أن مرتكب جنحة التعدي على الملكية العقارية للغير هو من صدر عليه حكم نهائي بإخلاء عقار مملوك للغير و امتنع عن مغادرته بإرادته رغم تنفيذ الحكم عليه من طرف المنفذ الشرعي ).
* الاتجاه الثاني :
إن المشرع لا يقصد من عبارة المملوك للغير الملكية الحقيقية للعقار فحسب و إنما يقصد بها أيضا الملكية الفعلية و كذلك حسب تعريفها في القانون المدني هي الحيازة القانونية فإن الحائز هو المالك الظاهر أمام الناس و حسب المفهوم الجديد للملكية العقارية الذي جاء به القانون رقم 90/25 المؤرخ في 18/11/1990 و المتضمن التوجيه العقاري حيث نصت المادة 27 منه على أن : ( الملكية العقارية الخاصة هي حق التمتع و التصرف في المال العقاري و الحقوق العينية من اجل استعمال الأملاك وفق طبيعتها أو غرضها ).



- الفرع الثاني : اقتران الانتزاع بالخلسة و التدليس:
أولا- مفهوم الخلسة و التدليس :
لم يعرف المشرع الخلسة و التدليس في قانون العقوبات برغم من أهميتها و لم يعتمد على طريقة تحديد المعاني و المقاصد و الألفاظ و إنما اعتمدها عندما تعرض لجريمة السرقة فقد إشارة المادتين 353 و 354 من قانون العقوبات المتعلقتين بالسرقة الموصوفة على أن السرقة و هي اختلاس الشيء المملوك للغير ، ثم تلت هاتين المادتين المذكورتين أعلاه مواد لاحقة حيث عرف من خلالها المنزل
المسكون في المادة 355 و الكسر في المادة 356 و التسلق في المادة 357 و المفاتيح المصطنعة في المادة 358 من قانون العقوبات.
-أ- مفهوم الخلسة:
حسب نص المادة 350 من قانون العقوبات هو الاستلاء أو نزع الحيازة من مالك الشيء دون رضاه .
و الاختلاس في جريمة خيانة الأمانة هو حينما يستولي الجاني على الشيء أو يغير حيازته له من حيازة ناقصة إلى حيازة كاملة.
و يمكن تعريف الخلسة بأنها صورة الفعل الذي يقوم به الجاني و يؤدي إلى الاستيلاء على مال أو عقار الغير بدون علم أو رضا صاحبه ، فالخلسة هي القيام بفعل الانتزاع خفية أي بعيدا عن أنظار المالك و علمه ، و بعبارة أخرى الخلسة هي انعدام عنصر العلم لدى الغير ، فإذا اقترنت مع الانتزاع كان المعنى سلب الحيازة من المالك فجأة دون علمه أو موافقته ، و تختلف الخلسة عن الاختلاس .


فالخلسة هي طريقة احتيالية تؤدي إلى الانتزاع بينما الاختلاس SOUSTRACTION هو مباشرة الفعل المجرم و اخذ أموال الغير ، و انتزاع عقار للغير خلسة وفقا لنص المادة 386 من قانون العقوبات هو سلب الملكية الصحيحة أو الحيازة المشروعة غير متنازع عليها من صاحبها دون علمه و دون وجه حق.
وحسب قرار القضية رقم 57534 المؤرخ في 08/11/1988 للمحكمة العليا فانه إن الخلسة أو طرق التدليس في جريمة انتزاع عقار مملوك للغير تتحقق بتوافر عنصرين ، دخول العقار دون علم صاحبه و رضاه ، و دون أن يكون للداخل الحق في ذلك ، ومن ثم فان القضاة أدانوا المتهم على أساس إن هذا الأخير اقتحم المسكن دون علم أو إرادة صاحبه و لا مستأجره و شغله مع عائلته دون وجه شرعي لم يخالفوا القانون ).
-ب- مفهوم التدليــس:
وفق قواعد التشريع المدني هو التعبير عن عيب في الإرادة أو الرضا من خلال استعمال طرق احتيالية من شأنها أن تخدع المدلس عليه و تدفعه إلى التعاقد بواسطة حيل و مظاهر خادعة سواء بالكذب أو كتمان الحقيقة كما نصت المادة 86 من القانون المدني يجوز إبطال العقد لتدليس إذا كانت الحيل التي لجأ
إليها أحد المتعاقدين أو النائب عنه من الجسامة بحيث لولاها لما أبرم الطرف الثاني العقد ).
و يختلف التدليس في القانون الجنائي عنه في القانون المدني اختلافا كبيرا حيث يحكم ببطلان العقد إذا تم نتيجة تحايل أحد المتعاقدين أيا كان نوع هذه الحيلة سواء كان السكوت المتعمد عن ملابسة أو واقعة إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان

ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو الملابسة حسب القانون المدني أما القانون الجنائي لا يتدخل في معاملات الناس إلا عند الضرورة و ذلك كلما رأى أن أفعال الجاني على درجة من الخطورة حسب ما وردت في المادة 372 من قانون العقوبات على سبيل الحصر و هي :
* استعمال طرق احتيالية .
* أن تتخذ هذه الأكاذيب نطاق معين يؤدي إلى التصرف في المال أو منقول ليس ملكا للغير وليس له الحق في التصرف فيه .
* باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة.
و بالرجوع إلى نص المادة 386 من قانون العقوبات نجد أن النص باللغة الفرنسية جاء بعبارة ( fraude) التي تعني الغش ، بينما جاء النص باللغة العربية بعبارة التدليس و التي تعني بالفرنسية(le dol) حيث أن كلمة التدليس بمفهوم (fraude) لا يعادل تماما التدليس بمفهوم (le dol)
-02- موقف الاجتهاد القضائي:
إن غياب تعريف عنصري الخلسة و التدليس من الزاوية الجزائية جعل المحكمة العليا تلجأ إلى الاجتهاد في المسألة حيث جاء في قرارها رقم 52971 المؤرخ في 17/01/1989 يتعين على مجلس القضاء المدني و قبل تطبيق المادة 386 من قانون العقوبات بيان كيفية نزع العقار المملوك للغير خلسة و بطريقة التدليس و هذا خاصة و أن المادة المذكورة أعلاه التي تهدف أساسا إلى معاقبة أولئك الذين يعتدون على عقار مملوك للغير أو يرفضون إخلاءه بعد الحكم عليهم مدني مبلغ تبليغا قانونيا من طرف العون المكلف بالتنفيذ و موضوع موضع التنفيذ
بمقتضى محضر الدخول إلى الأمكنة .

و في القرار رقم 279 المؤرخ في 13/05/1986 للمحكمة العليا عن التدليس ينص مايلي أن التدليس ، العنصر المنصوص عليه في المادة 386 من قانون العقوبات ، يعني إعادة شغل ملكية الغير ، بعد إخلائها ، وهذا بعد أن تتم معاينة ذلك بواسطة محضر الخروج المحرر من طرف العون المكلف بالتنفيذ ).
و تبعا لذاك تنعدم جريمة الاعتداء على الملكية العقارية ما لم تتوفر الشروط و الإجراءات السالفة الذكر ، و هذا ما ذهبت إليه المحكمة العليا في قرار أخر غير منشور .
و حسب قرار رقم 42266 المؤرخ في 02/12/1984 و القرار الثاني رقم 70 المؤرخ في 02/02/1988 لقضية نظرة فيها المحكمة العليا حيث أنه : ( أن الطرف المدني حصل على قرار مدني صادر في 23/09/1984 ، من مجلس قضاء المسيلة ألزم المتهمين بالخروج من القطعة الأرضية الكائنة ببلدية سيدي عامر ، و تم تبليغ هذا القرار في 20/11/1984 ، و تنفيذا لذلك القرار قام عون التنفيذ بطرد المحكوم عليهما و هما الطاعنان ، و وجد عندئذ القطعة المتنازع عليها محروثة فحرر عن ذلك محضرا في 06/01/1985 ، و بناء على ذلك المحضر قدم المحكوم له الطرف المدني شكوى لدى وكيل الجمهورية ضد المحكوم عليهما و انتهت إلى القرار الجزائي المطعون فيه الآن .
و حيث أن حرث المتهمين القطعة الترابية قبل تنفيذ القرار لا يعتبر فعلا يدان من أجله المتهمان ذلك أن القطعة الترابية المذكورة، لم تخرج من حوزتهما مادام
قرار الطرد لم ينفذ ، و لا تعتبر ملكا للطرف المدني المحكوم له الا ابتداء من تحرير محضر الطرد على يد عون التنفيذ ).



و يتضح من خلال قرارات المحكمة العليا المشار إليهم أعلاه أن عنصر التدليس في جريمة التعدي على الملكية العقارية وفقا للمادة 386 من قانون العقوبات يقتضي توفر العناصر التالية :
-/ صدور حكم قضائي ناطق بالطرد من العقار.
-/إتمام إجراءات التبليغ و التنفيذ .
-/عودة المنفذ عليه لشغل الأماكن من جديد بعد طرده منها .
* صدور حكم قضائي ناطق بالطرد من العقار :
المقصود بالحكم القضائي هو الحكم المدني الذي بموجبه يتم الفصل في الملكية أو تكريس الحيازة في الاعتداء عليها ، ذلك أن القاضي المدني هو المختص بالفصل في النزاعات الخاصة بالملكية العقارية ، و ينبغي بالإضافة إلى ذلك أن يكون الناطق بالطرد حكما نهائيا ، و يضاف إلى ذلك الأمر الصادر عن قاضي الاستعجال طالما انه لا يفصل في الموضوع و لا يمس بأصل الحق .
و حسب القرار رقم 32135 المؤرخ في 09/03/1985 للمحكمة العليا بأن : ( الأوامر التي تصدر في المواد المستعجلة لا تمس أصل الحق ، و من المقرر أيضا أن يتدخل قاضي الاستعجال و هو ضروريا لوضع حد لتعدي مالك المحل التجاري في استيلائه على قاعدة مؤجرة للغير بصورة قانونية ، و من ثم النعي على القرار المطعون فيه بما يثيره الطاعن من تجاوز السلطة و عدم الاختصاص غير سديد و يتعين رفضه ).
و من أمثلة القضايا التي يختص بها قاضي الاستعجال ما نصت عليه المادة 22 من المرسوم التشريعي رقم 93/03 المؤرخ في 01/03/1993 المتضمن


النشاط العقاري و التي تنص على أنه: ( إذا اقتضى أجل عقد إيجار مبرم قانونيا ، يتعين على المستأجر أن يغادر الأمكنة . و كذا دعوى الطرد من السكن الوظيفي بعد انتهاء علاقة العمل ، و دعوى طرد الشاغل بدون سند أو وجه حق من العين التي يشغلها.... ) .
* إتمام إجراءات التبليغ و التنفيذ :
سبق و أن أشرنا إلى أن الحكم القضائي الناطق بالطرد من العقار هو ذلك الحكم النهائي أي القابل للتنفيذ و تتمثل إجراءات التبليغ و التنفيذ في العناصر التالية:
-/ أن يباشر التبليغ و التنفيذ عون مؤهل، و هو المحضر القضائي ( حسب القانون رقم 91/03 المؤرخ في 08/01/1991 المتضمن مهنة المحضر القضائي ) .
-/ أن يتم التبليغ بصورة صحيحة .
-/ أن يباشر التنفيذ بالوسائل الودية أولا.
فان لم يستجب المحكوم ضده رغم صحة الإجراءات المتبعة ، و باءت كل المحاولات الودية بالفشل ، يلجأ إلى التنفيذ الجبري عن طريق القوة العمومية من أجل تمكين المحكوم لصالحه من الملكية المتنازع عليها .
فان لم ينفذ الحكم القاضي بالطرد ، و بقي المتهم حائزا للعقار فلا تقوم جنحة التعدي على الملكية العقارية ، و هذا ما قررته المحكمة العليا في قرارها رقم 70 المؤرخ في 02/02/1988 بقولها : (أن حرث المتهمين القطعة الترابية قبل تنفيذ القرار لا يعتبر فعلا يدان من أجله المتهمان ذلك أن القطعة الترابية المذكورة ، لم تخرج من حوزتهما مادام قرار الطرد لم ينفذ ، و لا تعتبر ملكا للطرف المدني المحكوم له إلا ابتداء من تحرير محضر الطرد على يد عون التنفيذ ).

و جاء في قرار أخر تحت رقم 75 المؤرخ في 15/02/1983 على انه : (حيث أن المادة 386 من قانون العقوبات التي أشار إليها القرار و طبقا على الطاعن تعاقب كل من حكم عليه بحكم نهائي بإخلاء عقار ملك للغير و امتنع عن مغادرته بإرادته رغم صدور أحكام نهائية و تنفيذها عليه من طرف المنفذ الشرعي ).
* عودة المنفذ عليه لشغل الأماكن بعد طرده منها :
لا تنشأ جريمة التعدي على الملكية العقارية إذا تم انتزاع عقار مملوك للغير دون توفر الخلسة أو التدليس وفق منظور المحكمة العليا ، بحيث يستبعد من مجال التجريم لدخول عقار مملوك للغير لأول مرة ، فالمحكمة العليا في قرار القضية رقم 23552 المؤرخ في 12/10/1982 حيث أنها : (اشترطت الرجوع لاحتلال قطعة الأرض من جديد بعدما صدر حكم بإخلائها و كذا تبليغ هذا الحكم و تنفيذه ).
و في حالة عودة المنفذ عليه لشغل الأماكن بعد طرده منها يعتبر من ارتكبوا جنحة حسب القرار رقم 448 المؤرخ في 15/05/1990 للمحكمة العليا إذ جاء فيه يرتكب جنحة من حكم عليهم بالتخلي عن الأرض و نفذت عليهم الأحكام والقرارات و طردوا من قيل المنفذ من العقار فعادوا إليه في الحال و احتلوا الأرض و تصرفوا فيها و في محاصيلها ).
و نستخلص من أن المحكمة العليا و إن حاولت تفسير مفهومي الخلسة و التدليس إلا أنها تستقر بشكل واضح حول مفهوم واحد لكل منهما ، فهي تارة تفسر الخلسة بما تفسر به التدليس ، و تارة تفرق بينهما و تعطي لكل منهما معنى خاص .
كما أن تفسيرها للتدليس مبالغ فيه ذلك أن هذا التفسير لا يمنح الحماية اللازمة التي جاءت من أجـلها المادة 386 من قانون العقوبات، فمن احـتل عقارا

بدون وجه حق لأول مرة لا يعد مرتكبا لجريمة الاعتداء على الملكية العقارية ، و كأنه بها تحمي المعتدي على الملكية العقارية .
الحقيقة أن هذا التفسير له ما يبرره من الناحية الواقعية ، ذلك أن حماية الملكية العقارية يصطدم بواقع مكرس لعدة وضعيات كالحيازة بدون سند ، و هذا حسب ما ذكرته كل من المادتين 835 و 836 من القانون المدني الجزائري ، و ما جعل المحكمة العليا في إحدى قضاياها تصرف الأطراف لتثبيت الحق في الملكية أو الحيازة بحكم قضائي فجعلت أمر الفصل قيدا على نشوء الجريمة .
و هذا اتجاه التزمت به المحكمة العليا لعدة أسباب نذكر أهمها : ( الاستجابة لواقع خاص ، دفع الملاك و الحائزين للحصول على سندات ملكياتهم ، و أن موضوع التعدي على الملكية العقارية يمثل أحد أهم موضوعات القانون المدني ، و من ثمة فلا يتدخل القانون الجزائي إلا إذا استنفدت كل سبل الدعوى العمومية ).

المطلب الثاني: العقـوبة و التشديـد.
إن جريمة التعدي على الملكية العقارية تحدث عنها المشرع الجزائري في المادة 386 من قانون العقوبات حيث في الفقرة الأولى تناول أركانها، أما في الفقرة الثانية تناول العقوبة و التشديد و إن كان لم يوضح المصطلحات الوارد ذكرها في المادة فهي ظروف تضاف إلى أركان الجريمة و تعمل على تشديد العقوبة دون أن تغير من الوصف الجزائي لها.



- الفرع الأول: العقوبـة.
إذا توافرت أركان الجريمة على الوجه آنف البيان حق العقاب على الفاعل ، و ليس من شان الخروج من العقار المنتزع ، أو التنازل للمتعدي ، أن يؤثر في
مسؤوليته عن الجريمة ، ذلك أن الظروف التي تعرض بعد وقوع الجريمة اعتداء على المجتمع فلا يجوز التنازل .
و هذا ما ذهبت إليه المحكمة العليا في قرارها لقضية رقم : 113184 المؤرخ في 09/10/1994 أنه إذا كان التنازل للمتهم عن السكن بعد إقدامه على احتلاله بطريقة غير شرعية لا يعد جنحة التعدي على الملكية العقارية التابعة للغير التي تبقى قائمة و لو سوية وضعية شاغلها بعد ارتكاب الجريمة، فان الدعوى المدنية في مثل هذه الحالة تنحصر طبقا لنص المادة 02 من قانون الإجراءات الجزائية الناصة على مايلي يتعلق الحق في الدعوى المدنية للمطالبة بتعويض الضرر الناجم عن جناية أو جنحة أو مخالفة بكل ما أصابهم شخصيا ضرر مباشر تسبب عن الجريمة ) .
فهي تطالب بتعويض الضرر المادي و المعنوي الناجم عن الجريمة الذي يتعين على الطرف المدني تقييمه نقدا أو تحديد مقداره و لا تنصرف بأي حال من الأحوال إلى المطالبة بإخلاء الشقة التي يبقى الفصل فيها من اختصاص الجهات القضائية التي تحكم في القضايا المدنية وحدها)
وهذا العقاب إنما يهدف إلى تحقيق احترام القوانين و الأنظمة و الحماية للملكيات العامة و الخاصة و ذلك بواسطة الردع الذي تكفله القاعدة القانونية عن طريق توقع العقوبة، ولا يتوقع احترام القاعدة القانونية دون ارتباطها بجزاء يوقع على كل مخالف لها


و نظرا لردعية العقوبات على الإفراد و حرياتهم الشخصية يقرر القانون ضمانات منها خضوع العقوبة لمبدأ الشرعية و مبدأ شخصية العقوبة و المساواة و غيرها من المبادئ التي تحرص على حرية الفرد و شرفه.
و في هذا الصدد جاءت عدة قرارات للمحكمة العليا تطبيقا للمادة الأولى من قانون العقوبات و التي تنصلا جريمة و لا عقوبة أو تدابير أمن بغير قانون ) و اعتبرت أنه: يخالف المادة الأولى من قانون العقوبات المجلس الذي قضى على المتهم بغرامة تفوق الحد الأقصى المقرر قانونا .
فالمشرع الجزائري في المادة 386 من قانون العقوبات نص على عقوبتين هما الحبس الغرامة في قضية التعدي على الملكية العقارية، وقام بالتشديد في العقوبة عند توفر الظروف المشددة.
01-عقوبة الحبس:
و هي العقوبة المقررة في الجنح و المخالفات ، و تعني سلب الحرية لمدة معينة، و لأنها عقوبة رادعة و تمس بالحريات الفردية يجب أن توقع من طرف جهاز القضاء،و تراعي فيها شخصية مرتكب الجريمة ، و كذا خضوعها لمبدأ الشرعية ،و يجب أن نميز بين الحالة العادية البسيطة و في حالة التشديد.
-أ-عقوبة الحبس في حالة الجريمة البسيطة ( العادية ):
و هي الحالة التي يقوم فيها الجاني بالاعتداء على حيازة أو ملكية عقار مملوك للغير خلسة أو عن طريق التدليس و في هذه الحالة عند توافر أركان الجريمة فان العقوبة المقررة لهذا الجرم هي الحبس من سنة واحدة إلى خمس سنوات ، و يتفق هذا النص مع نص المادة الخامسة من قانون العقوبات التي صنفت عقوبة الحبس من شهرين إلى خمس سنوات هي جنحة حيث أن المشـرع لم يكن

متساهلا في قيام الجريمة حيث شدد فيها من الحد الأدنى من شهرين إلى سنة واحدة و هذا لا دليلا على أنه اعتبر هذه الجريمة من الجرائم التي يجب ردع مرتكبها حتى لا يفتح الأبواب الاعتداء على الملكية العقارية .
وإذا كان المشرع قد وضع حدودا للعقوبة ، ويمكن النزول في حالة الظروف المخففة عن الحد الأدنى ، إلا أن القاضي بالحد الأقصى فلا يجوز له أن يجاوز عقوبة الحبس لمدة تزيد عن خمس سنوات ، وهذا ما جاء في قرار المحكمة العليا المؤرخ في : 26/03/1968 والذي ينص على مايلي ينقص القرار الذي يصرح بعقوبة الحبس لمدة تزيد عن حدها الأقصى ).
-ب-عقوبة الحبس في حالة الظروف المشددة:
في هذه الحالة نص المشرع الجزائري على ظرف التشديد إن اقترن بفعل الانتزاع رفعت العقوبة إلى الضعف ، فإذا كان الفاعل الذي قام بفعل الانتزاع حاملا للسلاح مخبأ أو ظاهرا سواء كان قد استعمله أو لم يستعمله ، فان عقوبة الحبس تتضاعف إلى سنتين كحد ادني و إلى عشرة سنوات كحد أقصى .
و تجدر الإشارة أن ظرف التشديد يختلف عن عناصر الجريمة ، فمثلا الليل ليس جريمة في حد ذاتها ، ولكنه ظرف من شأنه مساعدة الجاني على فعله ، فاللص يستتر بستار الظلام و ذلك ظرف مشجع على السرقة أو على القتل أو التعدي على ملكية الغير ، وإذا كان ظرف التهديد هو جريمة في حد ذاتها يعاقب عليها القانون ، إلا انه إذا اقترن بفعل الانتزاع المنصب على الملكية العقارية فانه يصبح ظرفا مشددا، و لا يختلف الأمر التهديد المنصوص عليها في المادة 284 من قانون العقوبات تعاقب الجاني بنفس عقوبة التعدي على الملكية العقارية في حالة الظرف المشدد من حيث عقوبة الحبس .

كما أن اقتران الفعل المجرم بأكثر من ظرف مشدد ، كما لو اقترن الانتزاع بظرف الليل مع حمل سلاح و تعدد الجناة و استعمالهم للكسر و التسلق و العنف مثلا فان ذلك لا يرفع من شان الجريمة إلى جناية ، و لا من العقوبة إلى السجن المؤبد مثلا ، بل تبقى الجناية هي جنحة مشددة ، و عقوبتها لا تتجاوز الحبس لمدة عشر سنوات .
02-عقوبة الغرامة:
تعتبر الغرامة من أهم العقوبات التي تطبق على الأشخاص الطبيعية أو المعنوية ، وهي عقوبة أصلية في الجنح ، ويقصد بها إلزام المحكوم عليه بأن يدفع إلى خزينة الدولة مبلغا من المال مقدرا في الحكم ، و تراعى فيها مبدأ الشخصية و الشرعية ، أي أن لا يحكم القاضي بأكثر مما نص عليه القانون و إلا عد الحكم مخالفا للقانون و لا يجري على هذه العقوبة المصالحة و لا يجوز التنازل عنها إلا أنها تخضع لوقف التنفيذ و التقادم و من مزاياها أنها غير مكلفة لخزينة الدولة عكس الحبس أو السجن ، بل إن في تطبيقها مردود مالي للدولة ، و هي رادعة للفقــراء
دون الأثرياء لذلك غالبا ما يقرنها المشرع مع عقوبة الحبس ، و هذا ليبقى المجال مفتوحا للقاضي لاختيار العقوبة الأنسب للجاني حتى تؤدي العقوبة دورها المنوط بها فلا فائدة من عقوبة غير رادعة ، و لا من قسوة لا تبررها مصلحة كما أوردها المشرع في المادة 386 من قانون العقوبات و هما عقوبتين للغرامة :
-أ-عقوبة الغرامة المالية في حالة الجريمة البسيطة
إن تحديد الحد الأدنى و الأقصى للعقوبة أمر ضروري لمعرفة نوع الجريمة و لتمييز الجاني العادي عن الجاني الخطير ، و من ناحية أخرى للتقيد بالقانون الذي هو ضمانة للكافة من التعسف و الحيف .

إن الغرامة هي عقوبة وليست تعويضا فهي تقدر من المشرع بغض النظر عن الضرر الذي أصاب المجني عليه ، و عليه فعقوبة الاعتداء على الملكية العقارية تتراوح ما بين 2000د ج كحد ادني و 20000د ج كحد أقصى ، إلا أن القاضي قد ينزل إلى الحد الأدنى عند إدخال ظروف التخفيف ، التي هي من سلطة القاضي التقديرية ، و لا يجوز للمتهم أن يتذرع بعدم تطبيقها في حالة توافر الشروط القانونية لاستفادته من الظروف المخففة المنصوص عليها في المادة 53 من قانون العقوبات ليست حقا مكتسبا للمتهم و إنما وضعها المشرع في متناول القضاة، وترك تطبيقها لسلطتهم التقديرية ، و عليه فان القضاة الذين لم يسعفوا المتهم من هذا الإجراء لم يخطئوا في تطبيق القانون و هذا ما أدلى به قرار المحكمة العليا رقم:118111 المؤرخ في 24/07/1994 و كذلك القرار رقم : 20147 المؤرخ في :26/07/1999.
-ب- عقوبة الغرامة في حالة الجريمة المشددة :
في حالة ارتكاب الجاني لجنحة التعدي على الملكية العقارية و اقترن هذا التعدي بظرف من ظروف التشديد و إذا كان المشرع قد رسم الحد الأدنى و الأقصى للغرامة في حالة الجريمة البسيطة فانه فعل الشيء نفسه في حالة الجريمة المشددة، و على ذلك نص على عقوبة الغرامة التي تتراوح ما بين 10000 د ج كحد أدنى و 30000 د ج كحد أقصى .
و بمقارنة عقوبة الغرامة في حالة الجريمة العادية و في حالة العقوبة المشددة نجد أن المشرع قد رفع الحد الأدنى إلى خمس مرات ، و الحد الأقصى إلى مرة ونصف.


كما تجدر الإشارة أن المشرع ، جمع بين عقوبة الحبس و عقوبة الغرامة سواء في الحالة العادية أو في حالة الجريمة المشددة ، أي انه يجوز للقاصي أن يحكم بعقوبة الحبس و عقوبة الغرامة معا، كما يجوز له في حالة إفادة المتهم بظروف التخفيف أن يحكم بالغرامة دون الحبس حتى و إن كانت العقوبة المقررة هي الحبس و الغرامة ، و هذا ما قررته المحكمة العليا بقولها: ( ليس ثمة ما يمنع جهات الحكم إذا قررت إفادة المتهم بالظروف المخففة المنصوص عليها في المادة 53 من قانون العقوبات وذلك بالحكم عليه بالغرامة دون العقوبة الحبس، حتــى
و إن كانت العقوبة المقررة هي الحبس و الغرامة ) ، قرار رقم:207752 و كذلك القرار رقم:207753 المؤرخين في:27/07/1999 .
-الفرع الثاني: ظروف التشديد:
أورد المشرع في الفقرة الثانية من المادة 386 عدة عناصر إذا توافر أحدها إلى جانب فعل الانتزاع المقترن بالخلسة أو التدليس عد ظرفا مشددا من شأنه أن يضاعف العقوبة دون أن يغير من وصفها الجنائي و نتناول هذه العناصر المشددة حسب خطورتها وأهميتها و هي :
-01- الليل:
لم يعرف القانون الليل و لم يحدده في الزمن و عرفه الفقه بأنه الوقت الممتد من غروب الشمس إلى شروقها في اليوم التالي، و هي الفترة التي يعم فيها الظلام و تتعسر فيها الرؤية، مما يجعل الفرد بحاجة إلى الاستعانة بالضوء الاصطناعي، و لا يمنع من توافر ظرف الليل ظهور القمر حتى و لو كان بدرا مكتملا ذا ضوء ساطع.

و عرف القانون البلجيكي الليل بأنه الفترة التي تبدأ بعد غروب الشمس بساعة ، و تنتهي قبل شروقها بساعة ، في حين اعتبر القانون السوداني أن الليل هو عبارة عن الفترة بين غروب الشمس و شروقها ، و خلصت المحكمة المصرية للنقض قي حكم حديث أن توافر ظرف الليل مسألة موضوعية ، و ليست مسألة قانونية تخضع لرقابتها ، فقاضي الموضوع يفصل فيها وفق ما يتبينه من ظروف الدعوى مهتديا بالحكمة من توافر ظرف الليل .
أما في القانون الجزائري فان المشرع حدد وقت وقت التفتيش أو المداهمة من الساعة ثامنة مساءا إلى غاية الساعة خامسة صباحا إلا في حالات
استثنائية يقررها القانون حسب المادة 47 من قانون الإجراءات الجزائية .

-02- التهديد :
و هو كل قول أو كتابة من شأنه إلقاء الرعب و الخوف في قلب الشخص المهدد و يمس نفسيته ، و للتهديد أثر خطير في نفوس الإفراد لذلك جرمه المشرع و نص على معاقبة الفاعل وفقا لأحكام المواد من 284 إلى 287 من قانون العقوبات ، و يعرفه الفقه بأنه الإكراه المعنوي الذي يتحقق بمجرد إنذار الشخص المهدد بشر جسيم سوف يلحق به أو بشخص قريب و عزيز عليه و هو نوعين الكتابي و شفاهي :
- أ-التهديد الكتابي :
و هو الذي يحرر كتابة و يتضمن دلالة التهديد، و لا تهم اللغة المحرر بها ،و لا يهم إن كانت ألفاظ التهديد صريحة أم غير صريحة و لكن تفيد التهديد ، حيث أن التهديد الغامض أكثر وقعا على نفس الضحية من التهديد الصريح و المهم أن

يكون جديا لا للمزاح ، كما يقع التهديد كذلك بالرموز و الرسومات أو الشعارات .....الخ.
ب-التهديد الشفهي :
و يتم بواسطة الأقوال و يعد أقل خطورة من التهديد الكتابي ، و يحصل عادة باندفاع أو انفعال شديد اثر غصب أو نقاش حاد بين طرفين أو عدة إطراف ، و لا يعاقب عليه القانون إلا إذا كان مصحوبا بأمر أو شرط شفاهي حسب المادة 286 من قانون العقوبات.
-03-العنف :
و يقصد به أعمال الضرب أو الجرح العمدي التي تترك أثار واضحة للعين المجردة و تؤدي إلى ألم في جسم المعتدى عليه بغض النظر على درجة خطورتها سواء أدت إلى مرض أو عجز جزئي أو كلي عن العمل ، فقد لا ينجم عن أعمال العنف نسبة عجز كأن يمسك الجاني بعنق الضحية أو يدفع بها إلى الخلف أو يطرحها على الأرض مع مسك اليدين ، ويختلف التهديد عن أعمال العنف بأنه يقتصر على الوعد دون أن ينتهي بالضرورة إلى تنفيذ محتواه ، أما أعمال العنف فهي تصرفات غير مشروعة تلحق الأذى و أضرار جسمانية بالغير.
-04-التسلــق:
و هو دخول المساكن المسورة من غير أبوابها مهما كانت طريقته و يستوي في ذلك استعمال سلم أو الصعود على الجدران أو الوثوب إلى الداخل من النافذة أو الدخول إليها من أية ناحية ، و يتوافر ظرف التسلق إذا دخل الجاني المكان من باب مفتوح ثم خرج بتسلق السور ، إذ لا يشترط أن يكون تسلق السور

أثناء الدخول أو عند المغادرة من مكان الجريمة ، و قد عرفت المادة 357 من قانون العقوبات بأنه : ( يوصف بالتسلق الدخول إلى المنازل أو المباني أو الاحواش أو حظائر الدواجن أو أية أبنية أو بساتين أو حدائق أو أماكن مسورة و بطريق تسور الحيطان أو الأبواب أو السقوف أو أية أسوار أخرى ، و الدخول عن طريق مداخل تحت الأرض غير تلك التي أعدت لاستعمالها للدخول يعد ظرفا مشددا كالتسلق ).
-05- الكســـر:
و هو ارتكاب الفاعل عملا من أعمال العنف للدخول إلى المكان المراد و التعدي عليه ، و الكسر معرف بموجب المادة 356 من قانون العقوبات على انه ( يوصف بالكسر فتح أي جهاز من أجهزة الإقفال بالقوة أو الشروع في ذلك سواء بكسره أو بإتلافه أو بأية طريقة أخرى بحيث يسمح لأي شخص بالدخول إلى مكان مغلق أو بالاستلاء على أي شيء يوجد في مكان مقفول أو في أثاث أو وعاء مغلق ).
ويدخل في حكم الكسر ، كسر الباب أو النافذة ، و خلع مسامير الأبواب و النوافذ و ثقب الجدران أو الحائط بالة و خلع القفل أو تحطيمه ، فالكسر هو الطريق الغير مألوف للدخول مع استعمال العنف ، على أن يكون قبل التعدي على ملكية الغير أو أثناء ارتكاب الفعل المجرم .
-06-التعدد:
و هو اثنان فأكثر من الجناة الذين عزموا و خططوا على تنفيذ الفعل المجرم معا ، و يعتبر ظرف التعدد متوافرا حتى و لو وقعت الجريمة عند حد الشروع ، و ظرف التعدد تستخلصه محكمة الموضوع مما يطرح عليها ، و يكفي

أن يقتنع القاضي بان المتهم قد ارتكب الجريمة بمؤازرة غيره، و يجب أن يكون هناك تفاهم مسبق على ارتكاب الجريمة، فإذا انتفى ذلك التفاهم و صادف إن وجد الجناة معا في مكان الجريمة فلا يتوافر ظرف التعدد.
-07-حمل السلاح :
و يراد بمعنى الأسلحة و الأدوات التي تستخدم في التعدي أو الدفاع و تقسم عادة إلى نوعين:

* ما لا يعد سلاحا بطبيعته كالعصا العادية من الخشب و السكين الصغير و المقص ....الخ، و يجوز حملها و حيازتها بدون رخصة.

* و ما يعد سلاحا بطبيعته سواء كان ناريا خاص للاستعمال الشخصي أو الجماعي مثل سلاح الصيد و الذي لا يمكن حمله أو استعماله إلا بترخيص مسبقا من الجهات الإدارية المختصة ، و يعد حمل السلاح ظرفا مشددا سواء كان الجاني أظهره أو اخبأه، و لم يشترط القانون لاعتبار السلاح ظرفا مشددا أن يكون سلاحا بطبيعته و لذلك اشتط القضاء أن تكون الأداة المستعملة تشبه السلاح الحقيقي و من شانها إلقاء الرعب في نفس الضحية و لو كانت لعبة بلاستيكية (قرار صادر بتاريخ 01/03/1983 للمحكمة العليا رقم :27682).









 


قديم 2011-04-17, 18:28   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10

المبحث الثاني: صور الاعتداء عــلى الملكيــة العقاريــة
تمهيــد:
تشكل الحماية الجزائية وسيلة أكيدة للمحافظة على الأملاك العقارية من كل اعتداء ، و لقد حصر المشرع الجزائري التعدي على الملكية العقارية في المادة 386 من قانون العقوبات و لقد سبق تحليل هذه المادة التي تظل الإطار العام لهذا التعدي إلا أن المشرع قد أفرد عدة نصوص أخرى منها نص المادة 295 و 135 و 413 مكرر من قانون العقوبات و التي تنسجم مع الإطار العام في كونها تتصدى للاعتداءات الأخرى ، إذن كيف تصدى المشرع الجزائري لهذه التعديات ؟
و للرد على هذا السؤال يجب التعرض إلى المطلبين التاليين:
-/ المطلب الأول نخصصه لجريمة الاعتداء على حرمة مسكن .
-/ والمطلب الثاني نخصصه لجريمة التعدي على ملكية الغير.
- المطلب الأول:جريمة الاعتداء على حرمة المساكن:
لقد حرصت الدساتير الجزائرية تباعا على عدم جواز انتهاك حرمة المنازل ، حيث جاء في المادة 40 من دستور 28 نوفمبر 1996 مايلي:
( تضمن الدولة عدم انتهاك حرمة المسكن فلا تفتيش إلا بمقتضى القانون، و في إطار احترامه، و لا تفتيش إلا بأمر مكتوب صادر عن السلطة القضائية المختصة )
ونجد الجرائم التي تمس بحرمة المساكن في الفرعين التاليين:



- الفرع الأول:جريمة انتهاك حرمة مسكن
تنص المادة 295 من قانون العقوبات على أنه كل من يدخل فجأة أو خدعة أو يقتحم منزل مواطن يعاقب بالحبس من سنة إلى خمسة سنوات و بغرامة مالية من 1000 إلى 10000 د ج، و إذا ارتكبت الجنحة بالتهديد أو بالعنف تكون العقوبة بالحبس من خمس سنوات على الأقل إلى عشر سنوات على الأكثر و بغرامة مالية من 5000 إلى 20000 د ج .)
فماذا يقصد بانتهاك حرمة منزل ؟ و ما هي أركان الجريمة وعناصر التشديد ؟
و لهذا يجب فهم المقصود بانتهاك حرمة منزل، و كذا معرفة أركان الجريمة، و عناصر التشديد، و التي وضحتهما لنا المادة 295 من قانون العقوبات كما يلي: (كل من يدخل فجأة أو خدعة أو يقتحم منزل مواطن، و كذلك إذا ارتكبت الجنحة باستخدام التهديد أو العنف.)
فالمقصود من انتهاك حرمة منزل هو كل دخول بالقوة أو التهديد إلى منزل الغير ، و قد عرفت المحكمة العليا في القرار رقم : 9988 المؤرخ في 18/03/1975 بأنه: ( أنه الاقتحام بصفة غير شرعية و الدخول إلى مسكن الغير بالعنف أو التهديد أو الغش .....)
فالمقصود بالمنزل هوا لمكان الذي تمارس فيه الحياة الخاصة كما عرفت المادة 355 من قانون العقوبات المنزل بصريح العبارة ( يعد منزلا مسكونا كل مبنى أو دار أو غرفة أو خيمة أو كشك و لو متنقل متى كان معد للسكن و إن لم يكن مسكونا وقت ذاك



و كافة توابعه مثل الاحواش و حظائر الدواجن و مخازن الغلال و الإسطبلات و المباني التي توجد بداخلها مهما كان استعمالها حتى و لو كانت محاطة بسياج خاص أو سور عمومي).
و جاء كذلك في قرار المحكمة العليا رقم 64 المؤرخ في 02/02/1988 بأنه (يتعين تحديد مفهوم المنزل الذي أشارت إليه المادة 295 من قانون العقوبات بمعناه الواسع هو و كل لواحقه التي ليست في متناول العامة كالسطح و الفناء و الحديقة إلى غير ذلك ، و بما أن العارض اعترف بأنه دخل حديقة الضحية بغير أذنها فيعتبر تصرفه خلسة و تنطبق كل العقوبات الموجودة في المادة السالفة الذكر أعلاه ).
و في قرارا خر لنفس المحكمة تحت رقم 78566 المؤرخ في 26/01/ 1991 جاء أنه لا يشترط أن يكون المنزل مسكونا بل يكفي أن يكون العقار معدا للسكن و تحوز المجني على هذا الأخير بأي طريقة من طرق الحيازة المشروعة).
ملاحظـــة:
تخرج عن دائرة المنزل الأراضي الفضاء، و كل ما هو ليس من لواحق المنزل.
- أ- أركان جريمة انتهاك حرمة منزل:
يمكن تقسيم أركان جريمة انتهاك حرمة منزل حسب نص المادة 295 من قانون العقوبات إلى ثلاثة و هي كالأتي:
*دخول منزل أو محل مسكون أو معد للسكن و لقيام هذا الركن يشترط توافر قيام الجاني بالدخول فعلا إلى مسكن الضحية فجأة


أو عن طريق الخديعة أو بغير رضا من يسكنه، و لابد أن يكون الفاعل قد دخل المسكن الحديقة أو السطوح، أو غيرها من لواحق المنزل، و أن يقع الاعتداء على مسكن مواطن
جزائري أو أجنبي يقيم بالجزائر، و لا يشترط أن يكون المواطن مالكا للسكن، بل يكفي أن يكون شاغلا بسند أو عقد إيجار أو بغير سند، و يكفي أن يكون الدخول قد وقع على
سكن الغير ، و لا يشترط أن يكون السكن مسكونا فعلا بل يكفي أن يكون معدا للسكن حسب القرار رقم 78566 للمحكمة العليا المذكور سابقا أعلاه .
بينما لا يشكل طرق الباب أو التواجد بمحاذاة المسكن اعتداء على حرمة مسكن ، كما أن المحاولة للدخول إلى مسكن لا يشكل جريمة لعدم النص عليها ، فإذا دخل شخص إلى مسكن مواطن برضاه و بطلب منه فلا يشكل فعلا مجرما، مثلا في حفلات الزفاف و المحلات التجارية و المكاتب و الشركات ......الخ.
*أن يقترن الدخول بعدم رضا أو قبول صاحب المسكن :
إن الدخول العادي إلى مسكن و برصا صاحبه لا يعتبر اعتداء ، إلا إذا اقترن هذا الدخول بعدم الرضا و استعمال العنف أو التهديد أو الخدعة أو المفاجأة و هو الذي جرمه القانون في نص المادة 295 من قانون العقوبات ، كما جاء في قرار المحكمة العليا لقضية تحت رقم 409 و المؤرخ في 24/06/1986 انه:
( الدخول إلى مسكن الشاكي بدون رضاه و بعد إخباره بكونه مرسل من قبل أمه يشكل الفعل المادي لجنحة انتـهاك حرمة منزل بعنصريه و العنف الناجم عن كون دخول الجاني إلى المنزل رغم الشاكي و احتجاجاته).
و جاء في قرار أخر لقضية تحت رقم 117647 لنفس المحكمة على انه : ( تقتضي جنحة اقتحام حرمة منزل توافر عنصرين هامين و هما الدخول إلى المنزل و استعمال إحدى الوسائل التالية : المفاجأة ، الخدعة ، العنف ، و هما غير متوفرين

في قضية الحال ما دام المتهم لم يدخل بيت الضحية و إنما اكتفى بالدق على نافذة غرفتها).
*أن يكون مرتكب الفعل شخصا أجنبيا عن صاحب المسكن :
و يعتبر بالأمر البديهي حيث إن صاحب المسكن أو من يقيم معه يعد دخولهم أو تحركهم داخله أو عبر محيطه أمرا عاديا و لا يعاقب عليه قانونا.
- ب- العقوبات و الظروف المشددة لجريمة انتهاك حرمة مسكن :
* العقوبة:
لقد عاقب المشرع كل من يدخل فجأة أو خدعة أو يقتحم منزل مواطن بالحبس من سنة إلى خمسة سنوات و بغرامة من 1000 إلى 10000 دج، و هذا حماية لحرية الأفراد و ممتلكاتهم المنصوص عليها قانونا و دستورا.
و كذلك الدخول في داخل منزل مواطن فجأة أو خدعة و اقترن ذلك بفعل التهديد فان العقوبة تضاعفت و أصبح الحبس من خمس سنوات إلى عشر سنوات ، و بغرامة مالية من 5000 إلى 20000 دج ، و نلاحظ أن الجنحة ظلت محتفظة بوصفها لجنائي و لم تتغير إلى جناية رغم مضاعفتها ، و بدون ما ننسى التفرقة بين حالة ارتكاب الجريمة من طرف مواطن عادي و المنصوص عليها بموجب المادة 295 من قانون
العقوبات، و في حالة ارتكاب الجريمة من طرف موظف عام و المنصوص عليها بموجب نص المادة 135 من نفس القانون و التي سوف نتعرض لها لاحقا.



* الظرف المشدد:
نصت المادة 295 من قانون العقوبات في فقرتها الثانية على ظرفين للتشديد و هما التهديد و العنف ، و نلاحظ أن المشرع قد خص ظرفين فقط للتشديد من شأن الفعل المقترن بأحدهما أن يشدد العقوبة إلى حد المضاعفة فيها ، و لكن المشرع أهمل و لم ينص على الظروف المشـددة الأخـرى كالـليل و التعدد و حمل السلاح وغيرها فيعتبر سهوا منه حيث كيف يعقل أن لا يكون ظرف الليل و هو أهم الظروف المشددة في معظم الجرائم ، حيث اقل ما يذكر عنه انه وقت الراحة و السكينة ،و يعاقب من يمس بإحداهما أو كليهما قانونا و لا يمكن أن يعقل معاقبة الجاني الذي ارتكب جرمه ليلا بنفس عقوبة من ارتكابها نهارا و كذلك عن حالة تعدد المجرمين ....الخ.
الفرع الثاني: جريمة إساءة استعمال السلطة:
تمثل هذه الجريمة الوجه الثاني لجريمة انتهاك حرمة مسكن مع اختلاف فيما بينهم حول صفة مرتكب فعل التعدي على حرمة مسكن ، فنكون بصدد قيام بجنحة متى قام موظف عام بصفته هذه بالدخول إلى مسكن مواطن دون موافقته ، و خارج الحالات المنصوص عليها قانونا حيث تنص المادة 135 من قانون العقوبات على انه : ( كل موظف في السلك الإداري أو القضائي و كل ضابط شرطة و كل قائد أو احد رجال القوة العمومية دخل بصفته المذكورة منزل احد المواطنين بغير رضاه ، و في غير الحالات المقررة في القانون و بغير الإجراءات المنصوص عليها فيه ، يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنة و بغرامة من 500 إلى 3000 دج دون الإخلال بتطبيق المادة 107 من قانون العقوبات )..... والتي تنـص على مايلي : ( يعاقب الموظف بالسجن المؤقت من خمس سنوات إلى عشر سنوات إذا أمر بعمل تحكمي أو ماس سواء بالحرية الشخصية للفرد أو بالحقوق الوطنية لمواطن أو أكثر.)

أ – أركان جريمة إساءة استعمال السلطة :
حسب نص المادة 135 من قانون العقوبات نستفيد من أركان هذه الجريمة هي أربعة أركان و هي كالأتي:
*دخول منزل أو محل مسكون أو معد للسكن :
ولتحقق هذا الركن لابد من دخول أحد رجال القوة العمومية أو الموظفين و من في حكمهم إلى منزلا أو مسكن أو محل مسكونين أو معدين للسكن بدون رصا صاحبه و في غير الحالات المقررة قانونا و يكون هذا الدخول بغرض البحث و التحري و التفتيش عن المجرمين أو عن الأدلة لا لغرض أخر .
*أن يكون مرتكب الفعل موظفا أو من في حكمه :
أن يكون الفاعل في هذه الجريمة موظفا حسب المادة 02 من قانون الوقاية من الفساد و مكافحته تحت رقم 06/01 و المؤرخ في 20/02/2006.
- من هو الموظف العمومي في نص المشرع المشار إليه أعلاه ؟
/- الموظف العمومي هو كل شخص يشغل منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا أو في أ حد المجالس الشعبية المحلية المنتخبة، سواء أكان معينا أو منتخبا، دائما أو مؤقتا، مدفوع الأجر أو غير مدفوع الأجر، بصرف النظر عن رتبته أو أقدميته.
/- كل شخص أخر يتولى و لو مؤقتا ، وظيفة أو وكالة باجر أو بدون اجر، و يساهم بهذه الصفة في خدمة هيئة عمومية أو أية مؤسسة أخرى تملك الدولة كل أو بعض رأس مالها أو أية مؤسسة أخرى تقدم خدمة عمومية .


/- كل شخص أخر معرف بأنه موظف عمومي أو من في حكمه طبقا للتشريع و التنظيم المعمول بهما.
و قد خصت المادة 15 و ما بعدها من قانون الإجراءات الجزائري بتحديد الموظفين و الضباط و الأعوان الذين أوكل من لهم قانون صفة الضبطية القضائية ينتمي إلى إحدى الوظائف التي تتمـيز بالسلطة كأن يكون الفاعل موظـفا في إدارة عمومية أو قاضيا أو ضابط شرطة قضائية أو قائد أو أحد رجال القوة العمومية ، و يقوم بصفته هذه بدخول أحد المساكن وهم: (رؤساء المجالس الشعبية البلدية ، ضباط الدرك الوطني ، محافظو الشرطة ، ضباط الشرطة ، ذوو الرتب في الدرك الوطني ، مفتشو الأمن الوطني ، ضباط و ضباط صف التابعين للمصالح العسكرية للأمن ).
بالإضافة إلى بعض القوانين الخاصة كقانون الجمارك ، حسب المادة 47 من قانون 98/10 المؤرخ في 22/08/1998 المتضمن قانون الجمارك و التي تنص على مايلي: ( للبحث عن البضائع التي تمت حيازتها غشا داخل النطاق الجمركي ، و قصد البحث في كل مكان عن البضائع الخاضعة لأحكام المادة 226 أدناه ، يمكن أعوان الجمارك المؤهلين من قبل المدير العام للجمارك القيام بالتفتيش للمنازل بعد الموافقة الكتابية من الجهة القضائية المختصة على أن يرافق أحد مأموري الضبط القضائي . *يجب أن يتضمن الطلب كل عناصر المعلومات الموجودة بحوزة إدارة الجمارك و التي تسمح بتبرير التفتيش المنزلي.
*غير أنه قصد البحث عن البضائع التي تمت متابعتها على مرأى العين دون انقطاع حسب الشروط المنصوص عليها في المادة 250 أدناه و التي أدخلت في المنزل أو في أية بناية أخرى توجد خارج النطاق الجمركي ، يؤهل أعوان الجمارك لمعاينة ذلك و إبلاغ النيابة العامة فورا.


* يمنع التفتيش المنصوص عليه في الفقرات السابقة ليلا . غير أن التفتيش الذي شرع فيه نهارا يمكن مواصلته ليلا.)
* أن يقع الدخول بغير الرضا ( صاحب المسكن ):
إن دخول الموظف إلى منزل أحد المواطنين يجب أن يكون برضا صاحبه أو مالكه أو مستأجره بأجرة أو بدون أجرة أو في الحالات التي يقررها القانون ، فتقوم الجريمة إذا انعدم الرضا أو انعدمت حالة من الحالات التي يقررها القانون . و تنعدم الجريمة في حالة توافر الرضا ، أو إذا كان دخول الموظف إلى منزل المواطن لغرض يقرره القانون.
*أن يقع الدخول في غير الحالات المقررة في القانون و دون احترام الإجراءات المنصوص عليها فيه :
-أ- الحالات المقررة في القانون:
إن الدخول للمساكن بدون رضا أصحابها و مالكيها يشكل مساس خطيرا بحرية الأشخاص ، لذلك تدخل المشرع بوضع بعض الاستثناءات على هذا المبدأ الهام ، و تتمثل هذه الأخيرة في الحالات التي يسمح بها القانون كحالة التفتيش ، و البحث عن المجرمين ، أو عن أدلة جريمة متلبس بها أو حجز المنقولات ، و في حالة الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية .
و قد حدد المشرع هذه الحالات في المواد: 44 إلى 47 ثم بالمادة 64 من قانون الإجراءات الجزائية ، و بالمادة 87 مكرر إلى مكرر 9 المضافة لقانون العقوبات (القانون رقم :06/22 المؤرخ في 20/12/2006 ) ، و في المادة 45 المعدلة بنفس القانون و المتعلق بقانون الإجراءات الجزائية .

وتجدر الإشارة إن انتهاك حرمة المنازل تمتد إلى ملحقاتها كالحدائق و المخازن، إلا انه لم يرد النص القانوني على شروط مماثلة أي بخصوص المزارع و البساتين غير ملحقة بالمساكن.
-ب-الإجراءات المنصوص عليها بالقانون :
وضع المشرع ضوابط و حواجز لصحة عملية التفتيش و من أهمها :
-/ أن يجري التفتيش ضابط الشرطة القضائية ( أن يتمتع بالصفة القضائية حسب المادة 15 من قانون الإجراءات الجزائية ).
-/ أن يحصل ضابط الشرطة القضائية على إذن من السيد وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق مع وجوب الاستظهار بهذا الإذن قبل الدخول إلى المنزل و الشروع في التفتيش حسب المادة 44 من قانون الإجراءات الجزائية .
-/ أن يكون التفتيش في حدود الأوقات المقررة قانونا بموجب المادة 47 من قانون الإجراءات الجزائية أي من الساعة الخامسة صباحا إلى غاية الساعة الثامنة ليلا ، و استثناءا إذا طلب صاحب المنزل أو السكن و في حالة الضرورة كما لو وجهت نداءات استغاثة و طلب النجدة من الداخل و في الأحوال الاستثنائية المقررة قانونا ، و هي الحالات الغير محددة على سبيل الحصر كما هو الشأن في حالة الكوارث الطبيعية كالزلازل و الفيضانات و العواصف ....الخ ، و جرائم المخدرات و بيوت الدعارة و الفسق بالنسبة للفنادق و الشقق المفروشة أو الفنادق العائلية على سبيل مثال ، و الجرائم الإرهابية و التخريبية و التي تمس بأمن الدولة و سيادتها....الخ.
-/ أن يحضر عملية التفتيش صاحب المنزل أو من ينوبه من عائلته و في حالة غيابه و تعذر حضوره يمكن تعيين شاهدين حسب المادة 64 من قانون الإجراءات الجزائية : (لا يتم اختيار الشاهدين من الموظفين العاملين على القضية أي في التفتيش).

و قد رتب القانون على مخالفة هذه الإجراءات البطلان بموجب صريح نص المادة 48 من قانون الإجراءات الجزائية .(يجب مراعاة الإجراءات التي استوجبتها المادتان 45 و 47 و يترتب على مخالفتها البطلان).
*القــصد الجنائــي:
تشترط الجريمة توافر الركن المعنوي لتحققها ، لذلك إذا دفع المتهم بأنه ما دخل منزل الغير إلا تنفيذا للتعليمات التي تلقاها من رئيسه تعين التأكد من توافر القصد الجنائي ، و هو ما ذهبت إليه المحكمة العليا في قرارها رقم 30459 المؤرخ في 16/10/1984 و كذا القرار رقم 21960 المؤرخ في 30/06/1987 لقضية فتح المسكن من طرف عامل بناء على أمر يكون قد تلقاه من رئيسه المقاول ليس بالعذر المعفي من العقاب المنصوص عليه في المادة 52 من قانون العقوبات ، و اعتبرت في قرار أخر بان تنفيذ الموظف لأوامر غير قانونية صادرة عن مسؤولية لا تدخل ضمن ما يجيزه القانون .
-ب- الظروف المشددة و العقوبة:
لم ينص المشرع الجزائري على الظروف المشددة لهذه الجريمة ، بل اكتفى بصورة واحدة وهي الجريمة العادية التي يعاقب عليها من شهرين إلى سنة و بغرامة من 500 إلى 3000دج إلا انه أشار إلى المادة 107 من قانون العقوبات و التي تنص على تشديد العقوبة فتصبح العقوبة السجن المؤقت من خمسة إلى عشرة سنوات إذا مس الموظف بحرية الإفراد و حقوقهم الوطنية ، و نلاحظ هنا أن الجنحة تصبح جناية نظرا لأهمية الحريات الفردية و خطورة الجناية .


- المطلب الثاني: جريمة التعدي على ملك الغير:
لقد تطرقنا إلى عرض و شرح عدة جرائم متعلقة بالتعدي على الملكية و أهمها الجرائم المنصوص عليها في المواد 386 و 295 و 135 من قانون العقوبات الجزائري، و سنتناول في هذا المطلب عن جرائم أخرى نص عليهم قانون العقوبات و نتناولها في فرعين و هما:
الفرع الأول: جريمة المرور على ملك الغير:
وقد نصت على هذه الجريمة المادة 458 الفقرة الثانية من قانون العقوبات بمايلي:
(...... كل من لم يبلغ السلطة المحلية خلال ثلاثة أيام على مواشي أو دواب الجر أو الحمل أو الركوب الهائمة أو المتروكة التي يكون قد عثر عليها .
- كل من دخل أرضا لم يكن مالكا أو مستأجرا أو منتفعا أو مزارعا لها أو لم يكن له حق فيها أو المرور بداخلها أو لم يكن مندوبا أو نائبا عن احد هؤلاء فمر في هذه الأرض أو في جزء منها سواء كانت مهيأة للزراعة أو منذورة أو كانت بها حبوب آو ثمار ناضجة أو على وشك النضج .
- كل من ألقى أحجارا أو أجساما صلبة أخرى أو أقذارا على منازل أو مباني أو أسوار الغير أو في الحدائق أو الأراضي المسورة .)
فهذه الجريمة تعد مخالفة و هي لا تتعلق بمرور المواشي أو دواب الجر ( تجر خلفها عربات ) ، و إنما تتعلق بمرور الإنسان نفسه على ارض الغير دون إذن صاحبها أو مالكها ، و دون أن تتوفر فيه صفة المالك أو المستأجر آو المنتفع آو المزارع... أي كل من دخل هذه الأرض و ليس له مبررا لدخولها، أو ليس له الحق في دخولها.

و يعد المرور على ملك الغير اعتداء ظرفي لا يتسم بالخطورة ، و لا يهدف إلى سلب الحيازة أو الملكية ، و يكمن سبب الجريمة في احترام إرادة المالك فإذا أذن المالك بالمرور على أرضه فلا تقوم هذه الجريمة ، إما إذا لم يسمح صاحب الأرض بالمرور عليها و قام الجاني بالمرور عنوة عليها فهنا قد قام بمخالفة يعاقب عليها المشرع الجزائري.
- العقوبــــــة:
حسب نص المادة 458 من قانون العقوبات فان المشرع الجزائري نص على مايلي :
(يعاقب بغرامة من 20 إلى 50 دج و يجوز أن يعاقب أيضا بالحبس لمدة خمسة أيام على الأكثر......).
الفرع الثاني: جريمة نقل أو إزالة الحدود:
إن المشرع الجزائري قد نص على هذه الجريمة في محتوى المادة 417 من قانون العقوبات بقوله : ( كل من ردم حفرة أو هدم سورا مهما كانت المواد التي صنع بها أو قطع أو اقتلع سياجا اخضرا أو أخشابا جافة منه أو نقل أو ألغى أنصاب الحدود أو أية علامات أخرى غرست لفصل الحدود بين مختلف الأملاك أو تعارف عليها كفاصل بينها.....).
فهذه الأخيرة ترتكز على أركان لقيامها و التي كالأتي :
*فعل مادي يستند على النقل أو الإزالة:
المشرع قام بتعديد أفعال تفيد نقل و تغيير معالم الحدود أو إزالتها تماما كفعل الردم و الهدم و القطع و النقل و الإلغاء ، إلا أنها وردة على سبيل المثال و ترك لنا حكم

التصور للانفعال الأخرى التي تفيد نقل الحدود أو إزالتها، كما انه لم ينص على الكيفية التي يحصل بها النقل أو الإزالة فيمكن أن يقع باليد أو آلة أو أي شيء أخر.
و لا يكفي لتحقق هذا الركن الدخول إلى ارض الغير بغير رضا صاحبها مثلا بل يلزم أن يحصل فعل من الأفعال التي تفيد النقل أو الإزالة كعملية الهدم أو القطع أو الإتلاف و لا يشترط أن يكون الفاعل مالكا لأرض مجاورة.
* نوع و صفة الشيء محل النقل أو الإزالة:
إن هذا الركن له ميزة خاصة لقيام هذه الجريمة ، و قد عبر عنه المشرع بصور مختلفة فقد يكون محل النقل أو الإزالة حفرة أو سورا أو سياجا سواء كان اصطناعيا أو طبيعيا ، كما قد يكون مجرى مياه أو ربوة أو صخورا أو أحجارا .... يكون الغرض منه فصل الحدود عن بعضها البعض، و عليه فالأشجار الخضراء أو الأخشاب اليابسة، و العلامات المصنوعة من الفولاذ أو أي معدن أخر يصح أن تكون محلا للجريمة شريطة أن تكون قد وضعت أو تعارف عليها كحدود و فواصل بين مختلف الملكيات، و يسري هذا المفهوم على الراضي الزراعية كما على الراضي البناء.
و لا يختلف الأمر إذا كانت الإزالة أو النقل أو الإتلاف لجزء من المحل أو كله إذا كان هذا يؤدي إلى تغيير الحدود المتعارف عليها ، فإذا أزيل جزء من الحد و بقي منه جزء أخر صالح لتحديد الأملاك التي وضع من اجلها فلا تقوم الجريمة ، أما إذا كان الجزء الباقي لا يصلح أن يكون حدا فان الجريمة تعتبر قائمة .
*وجود ملكيات مجاورة للغير:
مما سبق يتضح لنا أن إزالة الحد لا يشكل جرما في حد ذاته إلا إذا كان هذا الأخير قد تم وضعه كفاصل بين ملكيتين متجاورتين فأكثر، و متى كان الأمر كذلك فان

قيام المالك بإزالة الحد أو الفاصل بين ملكيته و ملكية جاره تعتبر أساس قيام الجريمة، و لا تقوم الجريمة في صورة الردم لحفرة إلا إذا كانت هذه الأخيرة حدا فاصلا بين ارضين.
كما أن إزالة أوتاد وضعت باتفاق الجارين كحد بين ملكيتهما يشكل جريمة و يعاقب عليها حسب المادة 417 من قانون العقوبات.
و لذلك فقد نصت كذلك المادة 703 من القانون المدني على انه: (لكل مالك أن يجبر جاره على وضع حدود لأملاكهما المتلاصقة، و تكون نفقات التحديد مشتركة بينهما ).
و بالتالي فإننا لا نتصور أن يكون الجاني إلا جارا و له ملكية مجاورة للمجني عليه ، و ذلك لاستبعاد فكرة قيام مصلحة الغير من غير المجاورين للقيام بإزالة الحد أو نقله ، إلا أن الجريمة لا تقوم إذا قام المالك بإزالة الحد الذي كان فاصلا بينه و بين ملكية جاره بعد أن قام بضم ملكيته كأن يكون اشتراها منه و انتقلت ملكية جاره إليه.
*القصد الجنائي:
جريمة نقل أو إزالة الحدود هي جريمة عمديه تتطلب قصدا جنائيا عاما فيتوفر القصد الجنائي متى أقدم الجاني على فعل من الأفعال التي من شانها تغيير معالم الحدود، كالجاني الذي يهدم سورا فاصلا بين ملكه و ملك جاره و هو يعلم انه بفعله هذا قد أزال حدا متعارفا عليه كفاصل بين ملكيتين متجاورتين و لا عبرة بالبواعث التي دفعته إلى إزالة الحد .
و إن كان يعتقد أن الفاصل أو الحد داخل في ملكه فعليه آن يلجأ للجهات القضائية لتغيير الحد إن لم يستطع تغييره وديا قبل الإقدام على فعل الهدم أو الإزالة ، و يتحقق

سوء النية بمجرد القيام بأحد الافتعال التي تفيد نقل أو إزالة الحد و يعد غير مقبول الدفاع بعدم العلم.
*العقـــــوبة:
توصف جريمة نقل أو غزالة الحدود بأنها جنحة يعاقب عليها القانون بموجب المادة 417 من قانون العقوبات ( بالحبس من شهرين إلى سنة و بغرامة من 500 إلى 1000 دج ) .
و يشترط توقيع العقوبة أن يكون هناك نقل علامات أو إزالتها مما يترتب عليه ضياع معالم الحدود بتمامها فإذا وجد بقية ثابتة لا تضيع عليها المعالم فلا عقوبة.
و لم يورد المشرع ظرفا مشددا بل اكتف بصورة واحدة للجريمة هي المنصوص عليها سالفا في المادة 417 من قانون العقوبات.
و بمعاقبة الجاني في جريمة إزالة الحدود أو نقلها يكون المشرع قد وضع حماية على الأملاك و اصطحابها من كل الاعتداءات الأمر الذي يجعلهم يتجهون إلى استغلال الأرض و عدم التعدي على أملاك الغير .


الخاتمة



بعد هذه الرحلة الطويلة عبر مختلف النصوص القانونية المتعلقة بالعقار، قد ندرك أن المشرع أولى أهمية كبيرة لهذا النوع من الأموال، و أدركنا كذلك صعوبة المهمة و تشعب المشاكل و كثرة الجرائم، و تنوعها من المخالفات إلى جنح و جنايات.
و حاولنا بقدر المستطاع الإجابة على معظم الأسئلة التي قمنا بطرحها في مقدمة المذكرة و هي: هل أن العقار محمي فعلا؟ و هل هذه الحماية كافية
أملنا أن يكون هذا العمل المتواضع قد ألم و أجاب عن بعض الغموض حول التعدي على الملكية العقارية ، و أن هناك بالفعل حماية للعقار ، و أنه بالرغم من وجود و توفر النصوص القانونية الرادعة لكل محاولة التعدي أو القيام بتعدي غير كافية لان الإجرام دائم التطور و لا ينتهي .
و نرجوا في نهاية المطاف أننا نزعنا اللثام عن بعض التعديات الواقعة على العقار ، و نرجوا من زملائنا من بعدنا أن يجيبوا على الأسئلة الغامضة و الغوص أكثر في جوانب أخرى قد أهملناها نحن.

المراجع



المؤلفات:

 الشباسي إبراهيم : الوجيز في شرح قانون العقوبات الجزائري (القسم العام) ، دار الكتاب اللبناني، بيروت ، لبنان. طبعة 1981.
 محمد صبحي نجم : شرح قانون العقوبات الجزائري (القسم الخاص) ، ديوان المطبوعات الجامعية. طبعة 1990.
 بغدادي جيلالي : الاجتهاد القضائي في المواد الجزائية ، الجزء الأول والثاني ، الديوان الوطني للإشغال التربوية 2001.
 المرصفاوي حسن صديق : المرصفاوي قي شرح قانون العقوبات الخاص ، منشاة المعارف بالإسكندرية ، طبعة 1991.
 القرام ابتسام : المصطلحات القانونية في التشريع الجزائري ، قصر الكتاب البليدة ، طبعة .1989
 بوسقيعة أحسن : قانون العقوبات في ضوء الممارسة القضائية ، الديوان الوطنية للأشغال التربوية ، الطبعة الأولى2000 .
 بوبشير محند أمقران : قانون الإجراءات المدنية ، ديوان المطبوعات الجامعية ، لسنة 1988.
سليمان عبد الله : شرح قانون العقوبات الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية 1989.
 قانون العقوبات الجزائري، الطبعة الخامسة، للديوان الوطني للأشغال التربوية، 2007.
قانون الإجراءات الجزائية، الطبعة الخامسة ، للديوان الوطني للأشغال التربوية ، 2007.
قانون المدني، الطبعة الرابعة، الديوان الوطني للأشغال التربوية، 2005.










قديم 2011-04-21, 11:28   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
zoubour
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية zoubour
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك أخ ياسين على هذا العمل الجبار الذي أنت في صدد القيام به.










قديم 2011-04-21, 21:35   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
لقاء الجنة
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية لقاء الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










 

الكلمات الدلالية (Tags)
الاملاك, التعدد, العقارية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 09:01

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc