حق الزوجة في النفقة - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

حق الزوجة في النفقة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-02-21, 11:45   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 حق الزوجة في النفقة

حق الزوجة في النفقة بين الشريعة و القانون

الفصل الأول: ماهية النفقة الزوجية
قبل أن نخوض في ماهية النفقة الزوجية علينا في بادئ الأمر أن نتعرض لمفهوم النفقة بصفة عامة فهي تعني في اللغة الإخراج و الذهاب, فيقال نفقت الدابة إذا خرجت من ملك صاحبها بالبيع, و المصدر النفوق كالدخول و النفقة اسم مصدر و جمعها نفقات, و اصطلاحا هي ما يصرفه الزوج على زوجته و على أولاده و أقاربه من طعام و كسوة و سكن و كل ما يلزم للمعيشة بحسب المتعارف بين الناس, و حسب وسع الزوج ( ).
و من هنا يفرض المشرع الجزائري على الزوج النفقة حسب وسعه للزوجة و الأولاد, و قد نظمها في المواد: 37 ف1, 74, 78, 79, 80 من قانون الأسرة المعدل و المتمم.
أما في حالة عجز الزوج تجب نفقة الأولاد على الأم إذا كانت قادرة على ذلك حسب نص المادة 76 من قانون الأسرة المعدل و المتمم.
كما يوجب نفقة الأصول على الفروع, و نفقة الفروع على الأصول حسب القدرة و الاحتياج, و درجة القرابة في الإرث حسب نص المادة 77 من قانون الأسرة. و من خلال هذه النصوص الموجبة للنفقة الشرعية يتضح أن هناك سببين لذلك:
و هما الزواج ( ) و القرابة و بما أن موضوع بحثنا يقتصر على النفقة الزوجية كأثر من آثار عقد الزواج, و عليه فإننا سنتعرض في هذا الفصل الأول إلى:
1-وضع تعريف للنفقة الزوجية في الاصطلاح الشرعي ثم معرفة موقف المشرع الجزائري و كيف عرفها, و كذلك نتناول حكم النفقة الزوجية.
2- مشتملات النفقة الزوجية

المبحث الأول: تعريف النفقة الزوجية و حكمها
المطلب الأول: تعريفها
الفرع الأول: اصطلاحا شرعيا
يعرف جمهور الفقهاء النفقة الزوجية على أنها الإدرار على الشيء بما به بقاؤه, من طعام و كسوة و مسكن و قد خصها عرفهم باسم " الطعام" فقالوا تجب للزوجة على زوجها النفقة و الكسوة و السكن و العطف يقتضي المغايرة ( ). و عليه فالنفقة الزوجية في اصطلاح الفقهاء هي " كل ما يخرجه الزوج و يقدمه لزوجته في شكل أدوات إشباع حاجة مادية أو معنوية" ( ) و هي بالمعنى العام إخراج جزء من ماله لصالح زوجته.
الفرع الثاني: موقف المشرع الجزائري
عرفها المشرع الجزائري في المادة 78 من قانون الأسرة حيث جاء فيها " تشمل النفقة: الغذاء و الكسوة و العلاج و السكن و أجرته و ما يعتبر من الضروريات في العرف و العادة". و من خال هذا النص يتضح أنه تم تعريفها وفقا لمشتملاتها من غذاء و كسوة و علاج و سكن أو أجرته و ما يعتبر من الضروريات أو ما يلزم للمعيشة بحسب المتعارف بين الناس و ف ذلك اقتداء بالأئمة الأربعة, و هو ما ذهب إليه في نص المادة 37 ف1 من قانون الأسرة " يجب على الزوج: النفقة الشرعية حسب وسعه إلا إذا أثبت نشوزها". غير أن المشرع الجزائري أضاف إلى ما تشمله النفقة عندهم نفقة العلاج و جعلها في المرتبة الثالثة نظرا لأهميتها, و قدمها على نفقة السكن أو أجرته عندما يتعذر توفره.
أما عن نفقة ما يعتبر من الضروريات حسب العرف و العادة فقد أحسن المشرع فعلا عندما فرض مثل هذه النفقة لأن: أحوال الطرفين أي الزوج و الزوجة و ظروف المعاش في تطور و تغير, و كذلك عندما قيد هذا الحق بأن جعله مقيدا بالعرف و العادة أي بحسب ما تعارف و اعتاد عليه الناس في حياتهم و كان لازما لهم و هذا الأمر يختلف باختلاف المكان و الزمان.

المطلب الثاني: حكم النفقة الزوجية
ثبت شرعا و قانونا أن النفقة الزوجية هي واجب على الزوج, و ليس ذلك تفضلا أو تكرما منه و ذلك متى كانت الزوجة مستحقة للنفقة. و عليه نتناول في فرع أول: أدلة الوجوب شرعا و قانونا و في فرع ثان سبب هذا الوجوب.
الفرع الأول: أدلة الوجوب
أ- شرعا
1-من الكتاب:
إن أساس ثبوت حق النفقة للزوجة على زوجها هو النص القرآني الذي جعل عقد الزواج الصحيح و ما ينشأ عنه من المعيشة المشتركة بين الزوجين تبادلا للحقوق و الواجبات بينهما, فالزوجة تستحق النفقة كواجب على الزوج إذا أدت واجباتها الزوجية كاملة مصداقا لقوله تعالى:" و على المولود له رزقهن و كسوتهن بالمعروف"( ), و المولود له هو الأب و ضمير رزقهن يعود إلى الزوجات أو المطلقات,و كذلك قوله تعالى:" أسكنوهن من حيث....."( ) و ما يستبدل من ذلك أن القدرة على السعي و الأمر بالإسكان فيه أمر بالإنفاق لأن الزوجة لا تستطيع النفقة إلا بالخروج و الاكتساب نظير احتباسها في منزل الزوجية.
إضافة إلى قوله تعالى:" لينفق ذو سعة من سعته" و هذا أيضا أمر بالإنفاق, و ما يدل على الوجوب و عليه فالنفقة واجبة لزوجة سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة غنية أو فقيرة.
2-من السنة:
و لقد دلت السنة النبوية الشريفة على وجوب النفقة الزوجية, و على أنها حق للمرأة على زوجها متى توافرت شروط وجوبها إذ جاء في رواية أبي داود و مسلم من حديث جابر في خطبته عليه الصلاة و السلام في حجة الوداع: " و لهن عليكم رزقهن و كسوتهن بالمعروف".
و كذلك ما روي أن رجلا جاء إلى الرسول الكريم – صلى الله عليه و سلم- فقال:" ما حق المرأة على الزوج", فقال - صلى الله عليه و سلم- :" يطعمها إذا طعم و يكسوها إذا كسي" الحديث ( ), و هنا يظهر جليا أن على الزوج نفقة الغذاء و الكسوة لزوجته بالمعروف أي حسب وسعه و قدرته.
كما جاء في حديث رسول الله – صلى الله عليه و سلم- أيضا أن هندا زوجة أبي سفيان اشتكت زوجها له فقال لها :" خذي من ماله ما يكفيك و ولدك بالمعروف", و هذا يعني أنه كان شحيحا لا ينفق و أخذها من ماله لا يعتبر سرقة إذ الحصول على الحق لا يعد تجاوزا أو عملا غير مشروع, ما دام أقره الرسول – صلى الله عليه و سلم- باعتباره سيد الخلق.
3-من الإجماع:
فقد أجمع المسلمون منذ عصر النبي – صلى الله عليه و سلم- إلى عصرنا هذا على أن النفقة و الكسوة واجبتان للزوجة على زوجها سواء كان الزوج موسرا أو معسرا رغم أن هناك من خرج على هذا الإجماع و هو الفقيه ابن حزم إذ قال أنه يجب على الزوجة أن تنفق هي على زوجها إذا أعسر و كنت هي موسرة و ذات مال كف لإعالتها و إعالة زوجها و أولادها( )
4-من القياس:
من القواعد العامة أن من حبس لحق غيره فنفقته واجبة عليه فالموظف حبس نفسه لخدمة الدولة فحق له أن ينال ما يكفيه و أهله ( ) و ما دامت الزوجة قد تفرغت للواجبات الزوجية كان من الواجب عليه أن يقوم بنفقتها, فمن كان محبوسا بحق شخص كانت نفقته عليه لعدم تفرغه لحاجة نفسه.
ب- في التشريع الجزائري
نص المشرع الجزائري في المادتين 37 و 37 من قانون الأسرة في تنظيم حقوق الزوجة و حصرها في حقوق مالية و أخرى ليست كذلك, و في مقدمة هذه الحقوق المالية حق النفقة الشرعية التي تخص موضوع بحثنا لذلك نكتفي بها و نظرا لأهميتها و حرصا من المشرع و رغبة منه في تبادل الحقوق بين مصالح الزوجين كطرفين لهذه العلاقة المقدسة و ما يترتب عليها من آثار, فقد نص عليها في الباب الرابع تحت عنوان النفقة الشرعية من قانون الأسرة خاصة في المواد التالية: 80, 79, 78, 74.
إذ جاء في المادة 74 ما يلي:" تجب نفقة الزوجة على زوجها بالدخول بها أو دعوتها إليه بنية مع مراعاة أحكام المواد 80, 79, 78 من هذا القانون".
و إذا كان المشرع قد أوجبها في المادة 74 ق أ فإنه في المواد 78, 79, 80 بين كيفية تقديرها و متى تراجع و كذلك عن تاريخ استحقاقها, كما أنه بعدما أوجب هذا الحق, كفله بضمانات قانونية لحماية إذا أعطى الزوج الحق زوجها بالنفقة في حالة امتناعه عن الإنفاق, و إذا ما تمادى الزوج في امتناعه أمكن الزوجة أن تتابعه جزائيا بجريمة الامتناع عن تسديد النفقة المقررة قضاء حسب ما نصت عليه المادة 331 من قانون العقوبات.
كما أنه يمكنها أن تطلب التطليق من القاضي لعدم الإنفاق حسب نص المادة 33 ف1 ق أ متى اقتنع القاضي بذلك و قد وأقر القضاء هذا الحق في عدة قرارات و أحكام قضائية ( ).
الفرع الثاني: سبب الوجوب
النفقة واجبة على الزوج لقاء احتباسه للزوجة عن الزواج بغيره ما دامت لحق الزوجية, كالإشراف على تربية الأولاد و القيام بواجباتها و غير ذلك, فوجب أن تكون نفقتها على الزوج( ). لكن مسألة الاحتباس هذه أثارت عدة إشكالات فقد فهم بعض رجال القانون أن احتباس الزوجة معناه السجن المنزلي بحيث لو خرجت من المنزل إلى المستشفى للعلاج سقطت نفقتها.
كما يرى البعض الآخر أن احتباس الزوجة معناه أن تكون بمثابة خادمة لشؤون البيت غير أن هذا الفهم غير صحيح بما أراده الفقهاء منن حكمة الاحتباس.
يرى جمهور الفقهاء أن النفقة الزوجية واجبة على الزوج تجاه زوجته لقاء احتباسها أو استعدادها للاحتباس و يقصد بالاحتباس عندهم هو أن تسلم الزوجة نفسها لزوجها أي أن تخلي بين نفسها و زوجها برفع المانع من وطئها و الاستمتاع بها.
و إن كان جمهور الفقهاء و من بينهم الإمام مالك و الشافعية و الحنابلة و الحنفية قد اتفقوا على ما سبق إلا أن هناك بعض المتأخرين من الحنفية يرون أنه لا نفقة لها حتى تزف إلى منزل الزوج و هو رواية عن أبي يوسف( ) و من هذا الإطار يرى الدكتور توفيق فرج أن سبب ثبوت النفقة الزوجية في كتاب أحكام الأحوال الشخصية لغير المسلمين ص 811:" و لكي تستحق الزوجة النفقة على زوجها يتعين أن تكون محتبسة أو مستعدة للاحتباس من أجله في منزل الزوجية حتى تستطيع استيفاء حقوقها كاملة, متى شاء فإذا فوتت عليه حقه في الاحتباس لا تستحق النفقة لعدم تحقق سبب وجوبها و هو الاحتباس المقتضى إلى المقصود بالزواج و على هذا إذا تركت الزوجة منزل الزوجية دون مسوغ شرعي فإنها تفوت على الزوج حقه في احتباسها و بالتالي تسقط نفقتها".
و يقول الدكتور أحمد سلامة بالنسبة لغير المسلمين أيضا في كتابه الأحوال الشخصية لغير المسلمين ص 282:" الأصل العام في النفقة هو وجوب قيام الزوج بالإنفاق على زوجته و ينشأ هذا الوجوب من حين العقد الصحيح أي منذ التكليل لا عبرة بانتقال الزوجة إلى منزل الزوجية ما دام زوجها موافقها و يتوقف الالتزام بالإنفاق على الاحتباس أي على قيام الزوجة بواجب المساكنة تطبيقا للقاعدة القائلة بأن من كان محبوسا بحق مقصود لغيره كانت نفقته عليه أما إذا تركت الزوجة دون مسوغ شرعي فإن حقها في النفقة يسقط".
و لقد اقتدى المشرع الجزائري في ما ذهب إليه جمهور الفقهاء بأن النفقة واجبة على الزوج ما دامت الزوجة محتبسة أو مستعدة للاحتباس أي أن تكون قاصرة نفسها على زوجها أي لا يمكنها التزوج بغيره بعد العقد عليها بمعنى هنا أنه لزوجة حق النفقة إذا تم الدخول بها إلى بيت الزوجية أما الزوجة المعقود عليها فقط فلا نفقة لها على زوجها إلا في حالة واحدة و هي الحالة التي يتم فيها العقد بصفة رسمية صحيحة و يتباطأ الزوج بها لسبب غير معروف أو غير مشروع و تطلبه الزوجة بشكل واضح و ثابت لأن الزوجة التي تنفق مع الزوج مباشرة أو عن طريق الوسطاء من الأقارب على أن يكون الدخول بها و زفافها في بيت الزوجية في تاريخ محدد أو في موسم معلوم أو فصل معين من فصول السنة ثم ينقضي هذا الأجل و تمضي عدة شهور مثلا و لا يتم الزفاف أو الدخول ثم تدعو الزوجة زوجها إلى الوفاء بما وقع الاتفاق عليه فلا يفعل فإن نفقة الزوجة تصبح واجبة على زوجها حتما و للمحكمة أن تقضي لها بها إذا طلبها و قدمت بيانات و أدلة تدعيم طلبها و قد يكون الامتناع من طرف الزوجة فإن كان بعذر فإن رفضت الانتقال إلى بيت الزوجية حتى إبقاء حقها في المهر مثلا أو كأن رفضت دخول زوجها عليها في منزل تملكه من أجل أن يحولها إلى مسكنه أو يؤجر لها مسكنا فيها تجب النفقة الزوجية أما إذا كان الامتناع بغير حق فهذا ستسقط النفقة لاعتبارها ناشزا ( ) و نخلص في الأخير أن الشريعة الإسلامية.
و كذا المشرع الجزائري أوجبا النفقة على الزوج دون الزوجة بسبب تفرغ الزوجة لزوجها بناء على عقد الزواج الصحيح تمكين الزوجة من استنفاذ الغرض المقصود للزواج و استعداد الزوجة في الدخول في طاعة زوجها و عدم امتناعها من الانتقال إلى المسكن الزوجي و الاستقرار به فإذا لم يتحقق فلا تستحق الزوجة ذلك إلا إذا كان الامتناع بحق.
و لقد ذهب القضاء إلى التأكيد على أن النفقة الزوجية تجب نظير أو بسبب الدخول الحقيقي أو الحكمي ما دامت الزوجة قد اقتصرت نفسها إلى زوجها بأن تتزوج غيره( ).

المبحث الثاني: مشتملات النفقة الزوجية
تشمل النفقة الزوجية حسب ما نص عليه المشرع الجزائري في نص المادة 78 من قانون الأسرة " تشمل النفقة: الغذاء و الكسوة و العلاج و السكن أو أجرته و ما يعتبر من الضروريات في العرف و العادة".
نفقة الغذاء, اللباس و نفقة العلاج أو المعالجة الطبية بما فيها ثمن الدواء و إن كان هذا النص واضحا إلا أنه يتطلب منا بعض من التحليل و التطرق كذلك لمسألة ما أوجبه المشرع الجزائري من نفقة معينة و لم توجبه الشريعة الإسلامية إلا مع بعض الشروط و أدخله المشرع الجزائري في نفقة ما يعتبر من الضروريات حسب العرف و العادة و لم يحصره في أمور معينة و إن كان قيده و ام على القاضي إلا أن يضع أمام عينيه كل هذه العناصر مجتمعة في تقديره لمبلغ النفقة المطلوبة و عليه نتناول هذه النفقات حسب أهميتها في ما يلي:

المطلب الأول: نفقة الغذاء, اللباس و العلاج:
تعتبر هذه النفقات من أهمها درجة و لهذا الاعتبار فقد أوردها المشرع الجزائري في قائمة ما تشمله النفقة إذ تعتبر من أساسيات الحياة فعلى الزوج أن يوفرها لزوجته بقدر وسعه و حسب المعروف مقابل ما يستفيه من حقه في الاستمتاع بها و الواجبات الزوجية التي تلقى على عاتقها, فكيف للزوج لا يوفر لزوجته ما تقتاته و ما تستر حالها به من لباس و لا يعالجها و يريدها أ ن تكون صالحة للقيام بواجباتها على أكمل وجه؟ و بالتالي فإن صلاحيتها و استعدادها للقيام بالتزاماتها يتوفر بحصولها عل النفقة الغذاء و اللباس و العلاج و ذلك حسب وسع الزوج.
و لقد ذهب المشرع الجزائري إلى ما ذهب إليه فقهاء الشريعة الإسلامية غير أن المشرع أضاف نوع نفقة العلاج و جعله في المرتبة الثالثة بقدر أهمية الغذاء و اللباس و من بين تلك الآراء الفقهية الشافعية و رأي الحنبلية و بعض المالكيين الذين قالوا سقوط حق الزوجة في نفقة العلاج من اشتد بها المرض إلى درجة إعدام صلاحيتها للقيام بالواجبات الزوجية و حسن الأداء و ما يفهم من ذلك تجب عليه نفقة علاج زوجته متى كان المرض بسيطا لا يعيق أداءها لواجباتها الزوجية و هو كذلك من نقل عن الإمامية.
و في خروج المشرع عن هذه الآراء في تقرير نفقة العلاج يكون بذلك قد ساير متطلبات العصر الحالي و ازدياد الحاجة للعلاج و سعته في الملول فلم يقتصر على محاربة المرض الحال بالشخص و إنما امتد إلى الرعاية الطبية في حالة الحمل و بعده و عند عدم وجود إضافة مكافحة المرض الذي تصاب به الزوجة فتجب نفقتها على زوجها شواء كان المرض شديدا لا يتحقق معه مقصود الزواج, و إن كان خفيفا فمن واجب حسن المعاشرة أن يعالج زوجته و لا يتخلى عنها لقوله –صلى الله عليه و سلم-:" استوف في النساء خيرا فإنهن عوان عندكم".


المطلب الثاني: نفقة السكن و أجرته
نص المشرع الجزائري على نفقة السكن في المادة 78 قانون الأسرة في المرتبة الرابعة, بعد كل من نفقة الغذاء, اللباس و العلاج "نفقة السكن أو أجرته" كما نص في المادة 37ف1 ق أ على " تجب على الزوج النفقة الشرعية" و عليه يقصد المشرع بنفقة السكن أو أجرته, السكن الشرعي و في ذلك إحالة إلى أحكام الشريعة الإسلامية حسب نص المادة 222 م قانون الأسرة الجزائري( ) إذ يقصد بشرعية السكن للزوجة توفر الشروط التالية:
أولا: أن يكون المسكن لائقا بحال الزوجين, مشتملا على المنافع الضرورية اللازمة للأسرة بحسب حالة الزوج و مقدرته المالية: و عليه فقد يكون قصرا أو فيلا أو شقة أو حتى بيت به غرفة واحدة و ذلك حسب مقدور وسع الزوج على أن يكون لائقا متوفرا على الأثاث و الأدوات و المرافق اللازمة للإقامة و السكن و هذا ماذهب إليه جمهور الفقهاء.
ثانيا: أن يكون المسكن خاصا بالزوجين دون غيرهما من أهله و ولده باستثناء ولده من غيره غير مميز معها قد يؤلمها و يضايقها معنى هذا أن لا يكون المسكن مشغولا بغيرهما سواء كان قريبا من الزوج أو الزوجة باستثناء ولده من غيرها الذي لم يبلغ سن التمييز و ذلك لكي تحقق حرية الزوجة الكاملة دون مضايقات و منازعات و هذا ما اتفق عليه جمهور الفقهاء أما عن مسألة إسكان أهله في مسكن الزوجية فقالوا أنه طلبت إن الزوجة خروجها عن أهله يمكن للزوج أن يسكن زوجته يفتح و يغلق وحده إلى جانب بيت لأهله و إن كانا متجاورين غير أن القضاء الجزائري خرج عن هذا فقال أنه من حق الزوجة أن تطلب من زوجها إسكانها منفردة و مستقلة عن أهله حتى و إن لم تكن طالبت به عند إبرام عقد الزواج و كذلك إن سبق بها أن سكنت مع أهله وأقاربه اشتكت بسبب ضرر لحق بها منهم( ).
و يقصد أيضا بالغير الضرة لأن اجتماعهما في بيت واحد فيه إخلال بشرعة السكن في حد ذاته و هذا ما ذهبت إليه الحنفية و الشافعية و الحنابلة و المذهب المالكي.
ثالثا: أن يكون المسكن بين جيران حتى تأمن الزوجة على نفسها و على مالها إن كان لها مال و يعتبر وجود ضرتها في مسكن مجاور لها إخلال بشرعية السكن إذا كانت تتأذى من وجودها فإنه إذا طلبت إحداهن بيتا على حدة فلها ذلك لأن في اجتماعهما في بيت واحد فيه ضرر بهما و الزوج مأمور بإزالة الضرر عن المرأة إلا إذا رضيت أن يسكنا في بيت واحد( ) و هذا ما ذهب إليه القضاء على أن إسكان الزوجة بعيدة عن أقارب زوجها حق من حقوقها و إن تمادى الزوج في رفض توفيره لها لا يجوز له الشرع إجبارها على العودة إلى السكن الذي يسكنه أقاربه و خاصة مع الضرة و لم تثبت الضرر لها بمشاجرة و نحوها( ).

المطلب الثالث: ما يعتبر من الضروريات عرفا و عادة
و يقصد به المشرع أنه للزوجة نفقة ما يعتبر من الضروريات عند النساء بني قومها من عائلة أبيها كأختها و ابنة أخيها و مثيلاتها مما اعتدن و تعارفن عليه في حياتهن و هذه النفقة تختلف من مكان إلى آخر فما يكون ضروريا في بلد ما لا يعتبر كذلك في بلد آخر و ما يعتر ضروريا في زمن ما لا يعد كذلك في زمن لاحق, و أحسن بذلك المشرع في إيراد هذا النوع من النفقة إلى ما سبق ذكره لأن كل شيء في تطور و تغير فما يصلح اليوم قد لا يصلح غدا و العكس, و ما يلاحظ أن المشرع لم يحصرها لكنه قيد هذا النوع من النفقة بالعرف و العادة حتى لا يكون هناك مبالغة أو إجحاف بين مصالح الزوجين و من أمثلة ذلك إذا اعتاد بني قومها قضاء العطلة في بلد ما فلها ذلك, و كذلك إذا تعارفن على وجود من يخدمهن فكان أن يوفر لها خادما و لكن حسب وسعه أي إذا كان قادرا على ذلك و في هذا الإطار فقد أوجب بعض الفقهاء نفقة أخرى تدعى نفقة الخادم.
• نفقة الخادم:
يرى الفقه أن نفقة الخادم على الزوج لأنه من كفاية الزوجية ما دام قادرا على ذلك و الخادم من تمام الكفاية ( ) إذ لا تفرض إلا لخادم واحد عند أبي حنيفة و محمد أما أبو يوسف فقد رأي أنها تجب عليه أجرة خادمين أحدهما لخدم المصالح الخارجية للبيت و الآخر للداخلية منها و أكثر بحسب حالة الزوج و يساره في رواية أخرى أما إذا كان الزوج معسرا فلا تجب عليه نفقة الخادم و مهما بلغ في الإيسار أو الإعسار فالقول للزوج ما دام هو الأصل و على الزوجة أن تقيم البينة( ).
نخلص في الأخير أن المشرع قد رتب مشتملات النفقة حسب أهميتها من نفقة غذاء و كسوة و علاج و مسكن أو أجرته إافة إلى ما يعتبر من الإحتياجات اللازمة حسب العرف و العادة, و أحسن بذلك حينما وضع هذه النفقة و لم يحصرها في أمور معينة و كذلك أنه قيدها بما تعارف و اعتاد عليه الناس في حياتهم.









 


قديم 2011-02-21, 11:46   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 الفصل الثاني

الفصل الثاني: أحكام النفقة الزوجية
إذا كنا قد تناولنا في الفصل الأول ماهية النفقة الزوجية و حكمها فإننا سنتناول في هذا الفصل من خلال ثلاث نقاط أساسية ابتداء من شروط الوجوب و ما يترتب عن عدم توفرها في مبحث أول و تقدير النفقة الزوجية و تاريخ استحقاقها في مبحث ثان و أخيرا دين النفقة أي بمعنى متى تعتبر النفقة دين في ذمة الزوج.

المبحث الأول: شروط وجوب النفقة الزوجية و ما يترتب على عدم توفرها
إن الزوجة محبوسة لحق الزوج و مفرغة نفسها له فستوجب الكفاية عليه في ماله كالعامل على الصدقات لما فرغ نفسه لعمله استوجب كفاية في مالهم و الشيء نفسه يقال بالنسبة للقاضي( ) إذن يفهم من هذا أن النفقة ليست تكرما و تبرعا من الزوج لزوجته و إلا لما وجبت للزوجة الغنية على زوجها الفقير بل هي واجب على الزوج في مقابل حق الاحتباس الثابت له شرعا و لهذا تجب من حيث العقد لأنه من هذا الحين تثبت له عليها حقوق فيجب أن تثبت لها عليه حقوق أيضا و منها النفقة, لكن في مقابل هذا أحاط الشارع الحكيم و حذى حذوه في ذلك المشرع الجزائري, ثبوت هذا الحق بعدة شروط يترتب على عدم توافرها سقوطه و عليه نتناول فيما يلي شروط الوجوب و ما يترتب على عدم توافرها.


المطلب الأول: شروط الوجوب
لقد أجمع أغلبية الفقهاء على شروط ثلاثة لوجوب النفقة الزوجية و هي تكاد تكون متعلقة أساسا بالزوجة خلافا للشرط الأول – العقد الصحيح- الذي يعتبر أساسا للرابطة الزوجية أصلا التي تعتبر النفقة أثرا شرعيا لها, و هو الشيء نفسه الذي سار عليه المشرع الجزائري إذ اعتبر النفقة الزوجية واجبة على الزوج لزوجته متى توافرت الشروط المدلول عليها في المادة 74 من قانون الأسرة التي تنص على
" أن النفقة تجب للزوجة على زوجها بالدخول بها أو دعوتها إليه بناء على بينة مع مراعاة أحكام المواد 78, 79, 80 من هذا القانون" و عليه نستخلص الشروط التالية:
1- العقد الصحيح. 2- الدخول بالزوجة. 3- صلاحية المرأة للمتعة (حسب الفقهاء).
الفرع الأول: العقد الصحيح
العقد الصحيح هو أحد الأسباب التي توجب نفقة الزوج على زوجته, و هذا لا ينطبق على العقد الفاسد أو الباطل, فالعقد الباطل هو عقد معدوم في نظر القانون و يترتب عليه آثار بوصفه واقعة مادية حصلت لا بد من تنظيم( ) ذلك القول بالدخول و الاحتباس و الاستعداد له, و هذا لا يعني في أي حال من الأحوال إغفال شرط حلية هذا الدخول أو الاحتباس و هو العقد الصحيح.
فالأصل بين المرأة و الرجل هو حرمة اللقاء الجنسي و الاستثناء هو حلية هذا اللقاء بوجود هذا الشرط و هو العقد الصحيح. إذن فإن لم يستوف العقد أركانه وفقا للمادة 09 من قانون الأسرة( ) كان العقد فاسدا أو باطلا بحسب المادة 32 من قانون الأسرة, و بالتالي لا معنى و لا حلية لدخول أو حبس المراة أو استعدادها لذلك.
إذن يجب أن تكون المحبوسة أو المدخول بها معقودا عليها بعقد صحيح أي يكون زواجا صحيحا شرعا, فالزوجة بعقد فاسد لا نفقة لها لأن النفقة لقاء الاحتباس و لا احتباس للزوج على زوجته في العقد الفاسد, و هذا ما أقرته أحكام القضاء( ).
الفرع الثاني: الدخول بالزوجة
الدخول الذي يترتب عليه حق الزوجة على زوجها في النفقة هو الخلوة الصحيحة سواء باشرها أم لا, متى كان العجز على المباشرة يعود لضعف في الزوج, ذلك أن عدم حصول المخالطة الجنسية برفض الزوجة للزوج و مقاومتها له يعتبر نشوزا منها و بالتالي يسقط حقها في النفقة وهو ما نص عليه المشرع في المادة 37 من قانون الأسرة.
غير أن الدخول بها يرتب نفس الأثر الذي ترتبه الدعوة الموجهة من الزوج لزوجته متى كانت مستعدة لتسليم نفسها له.
فاستعداد الزوجة للدخول يكون بمثابة الواقع الفعلي و بالتالي فهو موجب للنفقة و نفس الحكم إذا كان الامتناع بسبب الزوج أو امتناعها لسبب شرعي كعدم تسلمها معجل المهر و ما عبر عنه المشرع في المادة 74 م قانون الأسرة " دعوتاه إليه ببينه".
إذن المقصود بالدخول هنا هو المعنى الذي يتحقق به الاحتباس لأن الاحتباس هو سبب وجوب النفقة أو الاستعداد له و هو ما عبر عنه البعض بتسليم الزوجة نفسها. و يفصد منه أن تخلي بينها و بين نفسها برفع المانع من وطئها و الاستمتاع بها( )
الفرع الثالث: صلاحية المرأة للمتعة بها
و المقصود هو أن يكون احتباس الزوج لزوجته موصلا للغرض الأول المقصود من الزواج هو المتعة بالمباشرة الجنسية و دواعيها بحيث لا يفوت على الزوج حقه من هذا الاحتباس بسبب ليس من قبله فإن كانت الزوجة لا تشتهي المباشرة و لا لدعواتها في احتباسها كعدمه, و على هذا فقد وردت آراء فقهية في هذه المسألة.
إذ أنه طبقا للمذهب الحنفي لا تجب نفقة الصغيرة لأن الاحتباس الذي تستوفي به أحكام النكاح غير موجود فيها و لما كان هو سبب وجود النفقة فإن عدمه يترتب عليه عدم المسبب و هو النفقة.
و إن كانت تصلح للخدمة أو للاستئناس فعند أبي حنيفة و محمد لا تجب لها النفقة لأن الاحتباس لا يؤدي المقصود.
أما أبو يوسف فقد ذهب إلى القول أن النفقة تجب لها إن أمسكها في بيته( ) إن لم يفعل فلا نفقة لها فهو مخير في ذلك, هذا إذا كانت غير مشتهاة, أما إذا كانت مشتهاة و هي التي يمكن الدخول بها فإن النفقة تجب لها على زوجها لأن الاحتباس هنا يؤدي إلى المقصود من الزواج فحكمها حكم وجود النفقة و هو حكم الكبيرة( ).
غير أن الصغيرة لا تثير إشكالا في القانون الجزائري لأنه منع تزويج الصغيرة و هذا في معظم القوانين, حيث حدد المشرع سن التزويج بالنسبة للمرأة 18 سنة و 21 سنة بالنسبة للرجل بهذا يكون المشرع قد حل الإشكال من أساسه حيث في سن 18 سنة تتأهل المرأة جسما و علما للحد الذي يسمح بوضوح رؤيتها لأن تكون زوجة و يبعد جميع الشبهات, و عليه يصدق القول حين رأى الدكتور بدران أبو العنين أن النفقة تجب للزوجة بناء على العقد الصحيح, و متى توافر هذا الشرط (العقد الصحيح) فهو كافي لأن تجب النفقة, و هذا يبقى مجرد رأي لكنه جدير بالذكر.
أما بالنسبة للزوجة المريضة يحول دون الاتصال الجنسي فهل تستحق النفقة؟ إذ لو مرضت الزوجة قبل أن تزف إلى زوجها و لم يمكن بسبب المرض أن تنتقل إلى بيت الزوج فإنه لا نفقة لها لعدم وجود الاحتباس لا حقيقة و لا تقديرا, و إن لم يمنع المرض نقلها لبيت الزوجية و لم تمنع هي نفسها أو كان المرض بعد النقلة لمنزل الزوجية فإن النفقة واجبة لها و إن منع المرض من المباشرة الجنسية و ذلك لأن الاحتباس في هذه الأحوال متحقق, و كونه لا يؤدي إلى مقصود الزواج مؤقتا فليس بمانع لأنه عارض كالنفاس و الحيض. و هذا هو في الغالب ما ذهب إليه أبو حنيفة و محمد أما ابن يوسف يرى بأنه لا نفقة لها قبل أن تنتقل لمنزل زوجها, و إذا نقلت و هي مريضة فله أن يردها, و إن لم يفعل تجب عليه النفقة لرضائه بالاحتباس الناقص( )
أما الشافعي ذهب إلى القول أن النفقة تجب للزوجة على زوجها سواء كانت صغيرة أو مريضة ما لم تكن ناشزا و ذلك بمجرد العقد. إذن ما يمكن الوصول إليه هو أن النفقة تجب بمجرد العقد الصحيح و ليس الاستمتاع الزوجي هو ثمرة العقد و لأجله وجبت النفقة الزوجة حتى يجعل النفقة لقاء الاستمتاع فقط.
إنما النفقة لقاء الزواج الصحيح و الذي فيه تحبس الزوجة نفسها عن الزواج بالغير.
إذن إذا توافرت الشروط السابقة تجب النفقة للزوجة سواء كانت مسلمة أو كافرة, غنية أو فقيرة.

المطلب الثاني: ما يترتب على عدم توافر شروط الوجوب
النفقة حق للزوجة على زوجها متى توافرت الشروط السابقة من عقد صحيح و احتباس و صلاحية للمعاشرة هذا بلا خلاف بين الفقهاء غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا ما يترتب عن تخلف هذه الشروط؟ هناك شيئان اثنان:
1- سقوط النفقة أو بالأحرى نتناول حالات هذا السقوط.
2- الرد و بمعنى استرداد الزوج للنفقة.
الفرع الأول: حالات السقوط
إن مسألة حق النفقة لم يتعرض له قانون الأسرة الجزائري بشكل محدد و هذا ما يجب علينا إذا أردنا أن نتحدث عن حالات سقوط النفقة الزوجية المقررة شرعا و قانونا أن نبحث عنها في المفهوم المخالف لما ورد النص عليها في المواد 37, 74, 75 و ما بعدها ق أ.
و لما ورد في القواعد العامة للفقه الإسلامي و عليه يمكن حصر هذه الحالات في:
 الناشزة:
الناشزة هي التي لا تطيع زوجها بالأمور التي أوجبها الشارع عليها طاعته فيها كما لو امتنعت عن الانتقال إلى منزله بعد العقد الصحيح( ).
فالناشزة في مدة نشوزها لا تستحق النفقة إلا إذا رجعت إلى طاعة زوجها استحقت النفقة من حن عودتها.
و النشوز لا يثبت إلا بوجود مسكن شرعي و امتناع الزوجة عن الانتقال إليه دون مسوغ شرعي. و هذه هي الحالة الوحيدة التي ذكرها المشرع الجزائري لأنها الحالة التي تكثر في الحياة اليومية للناس, و تعتمد على درجة كبيرة من الأهمية على مستقبل الحياة الزوجية و تناولها المشرع في المادة 37 فقرة 01. فالمشرع اعتبر نشوز الزوجة مسقطا لحقها في النفقة متى ثبت ذلك. و عبر عنه بأنه العصيان بكل شكل من أشكاله سواء بالخروج من بيت الزوجية رغم معارضة الزوج أو عصيان والديه أو رفض تسليم نفسها له أو خدمة بيتها في حدود ما أوجب عليها عقد الزواج.
غير أنه ما يجب ذكره هو أن امتناع الزوجة التنقل إلى بيت الزوجية كان لمبرر, كعدم استيفاء حقها في المهر فهو لا يعتبر نشوزا منها و لا يسقط حقها في النفقة. و الشيء نفسه يقال إذا لم يعد لها مسكن و رفضت دخوله عليها في بيتها مع طلبها إياه نقلها إلى بيت آخر أما إذا قبل طلبها إلى تنقل البيت الآخر فهو يعتبر نشوزا منها و بالتالي يسقط حقها في النفقة من زوجها( ).
 المرتدة:
الردة هي شيئا في فسخ الزواج. و عليه فإن ردة الزوجة و خروجها عن الإسلام هو سبب كاف في فسخ الزواج و عليه تجبر الزوجة على الرجوع إلى الإسلام بالحبس إلى أن تسلم أو تموت محبوسة و عليه يسقط حقها في النفقة بلا خلاف. و هذا على خلاف الذمية إذا كانت زوجة لمسلم تجب عليها النفقة.
 المريضة:
المريضة و هي التي أصابها مرض عضال فأعجزها عن القيام بوظائفها المنزلية و صارت غير صالحة للزواج( ) و يأخذ صورتين: و هما إما أن يكون هذا المرض قبل الزفاف أو بعده.
أ‌- إذا مرضت الزوجة قبل أن تزف إلى زوجها و لم يمكن بسبب المرض أن تنتقل إلى بيت الزوجية فإنه لا نفقة لها لعدم وجود الاحتباس لا حقيقة و لا حكما.
أما إذا لم يكن هذا المرض مانعا لها من الانتقال إلى بيت الزوجية و كانت مستعدة له, فلها النفقة لأنها تكون مستعدة للاحتباس و تسليم نفسها لزوجها. و في هذا يقول أبو يوسف و هو رأي الأحناف أنها تأخذ حكم الصغيرة إن أمسكها في بيته , فلها النفقة الزوجية.
ب‌- أما الحالة الثانية و هي إذا مرضت بعد الزفاف فلها الحق في النفقة سواء كانت مريضة مع البقاء في بيت زوجها أو كانت مريضة و انتقلت إلى بيت أهلها أو إلى مستشفى وهذا هو المعمول به حاليا( ) التبرير في ذلك هو أن هذا النقص الحاصل في أداء الزوجة لوظيفتها الزوجية يعود أثره للقوة القاهرة لخلاف المرض الذي يصيبها قبل الزفاف ذلك لأنها لا تصلح أساسا للخدمة أو المتعة فيكون محل العقد فاسدا إذا ما يفهم عموما من خلال ما تقدم أنه يسقط حق النفقة على الزوجة المريضة قبل الزفاف و لم يدخل بها( ) .
 الصغيرة:
هي تلك التي يلجأ أهلها لتزويجها قبل سن الزواج و قبل السن التي تجعلها صالحة للمتعة و الخدمة غير أن مسألة تزويج الصغيرة لا تثير أي إشكال في الجانب القانوني و ذلك لأن معظم التشريعات القانونية منعت تزويج الصغيرة و لاسيما المشرع الجزائري الذي حدد سن الزواج بالنسبة للمرأة بـ 18 سنة و للرجل 21 سنة( ).
كما أن عقد الزواج يجب شهره و بالتالي وجب التحق من هذا السن و إن لم تبلغ 18 سنة كاملة لا يمكن أن تتزوج إلا برخصة من القاضي الذي يقدر مدى ضرورة إصدار هذه الرخصة غير أن تأثير صغر السن في الزوجة على حقها ف النفق يكون عند الفقهاء فيقولون أن صغرها يؤثر على قدرتها في أداء واجباتها الزوجية و تحمل الوطء و لذلك لا نفقة لها.
لكن هناك من يفرق بين عدة حالات. فهناك الصغيرة غير مشتهاة و غير الصالحة للخدمة أو الاستئناس به فهي لا تجب النفقة لها طبقا للمذهب الحنفي لأن الاحتباس الذي يستوفي فيه أحكام النكاح غير موجود فيها و لما كان هو سبب وجوب النفقة فإن عدمه يترتب عليه عدم المسبب و هو النفقة( ) و قد تكون صالحة للخدمة أو الاستئناس و لكنها غير مشتهاة فعند أبي حنيفة و محمد لا تجب لها النفقة أيضا لأن الاحتباس لا يؤدي إلى المقصود من الزواج أما أبو يوسف فقد قال أن النفقة تجب لها إن أمسكها في بيته و إن لم يفعل فلا نفقة لها فهو مخير في ذلك.
أما إذا كانت الصغيرة مشتهاة و هي التي يمكن الدخول بها فإن النفقة تجب لها على زوجها لأن الاحتباس هنا يؤدي إلى مقصود الزواج فحكمها في وجوب النفقة هو حكم الكبيرة.
 الزوجة المحبوسة:
إذا كانت الزوجة بأحد الأفعال أو العمال المجرمة فسرقت أو قتلت و قد صدر حكم عليها بالحبس أو السجن لعدد من الشهور أو السنوات و دخلت السجن لقضا مدة العقوبة المحكوم بها عليها فإن حقها في النفقة من مال زوجها يسقط حتى و لو كان حبسها ظلما. ذلك أن المعتبر في سقوط النفقة الزوجية فوات لاحتباس و القيام بواجباتها الزوجية( ) غير أن الفقه الإسلامي و منه المذهب الحنفي يرى أنها لا تستحق النفقة مدة الحبس حتى و لو كان حبسها ظلما سواء كان قبل الدخول بها أو بعده. غير أنه إذا حبست في دين لا تستطيع أداءه و كان الزوج هو المسبب في حبسها بصفة الدائن فإن نفقتها لا تسقط لأنه رضى هو فوات حقه في الاحتباس بسبب من جهته. الذي يعتبر أساس أو سبب وجوب النفقة.
 الزوجة المغصوبة:
المغصوبة هي التي غصبها جل و حال بينها و بين زوجها و أخذها كرها عنها فإن نفقتها على زوجها تسقط لفوات الاحتباس بسبب ليس من الزوج هذا على العموم.
لكن يمكن أن يحصل الأمر رغما عليها و هنا تستحق النفقة لقوة قاهرة أما فقها فقد روي عن أبي يوسف أن للزوجة المغصوبة و ذهب بها كرها تجب لها النفقة لأن فوات الاحتباس لم يكن من قبلها باختيارها و يجب التقييد هنا بكون الغصب كرها لأنه لو ذهب بها برضاها فلا خلاف في هذه الحالة إذا لا شك في كونها ناشزا.
 الزوجة المسافرة:
و هي المرأة التي تغادر بيت زوجها سواء كان معها محرم من أهلها أم كانت وحدها و سواء كان سفرها قبل الزفاف أو بعده. لأن سفرها هذا بمثابة عصيان لزوجها و وسيلة لتفويت فرصة الاحتباس بإرادتها فلا نفقة عليها( ) هذا إذا سافرت وحدها أو مع غير زوجها.
غير أنه يبقى حقها في النفقة متى كان سفرها لأداء فريضة الحج و اشترطوا في هذا ما يلي:
1- أن يكون فرضا و ليس نافلة أي الحج لأول مرة.
2- أن يصاحبها ذو محرم من أهلها كالأب أو الأخ.
3- أن تسافر إلى أداء فريضتها بعد الانتقال إلى بيت الزوجية.
ذلك أن الحج فريضة و هو الركن الخامس من أركان الإسلام مصداقا لقوله – صلى الله عليه وسلم- :" لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق".
غير أن هناك من فرق بين نفقة السفر و نفقة الإقامة فذهب رأي إلى القول أنه إذا سافرت الزوجة للحج لأداء الفريضة و كانت معه و هو الذي أخرجها فتلزمه نفقتها. على أنها نفقة سفر لا إقامة أما إذا خرج معها و لم يكن هو الذي أخرجها فتلزمه للحضر( ). و على ذلك لا تلزمه نفقة السفر و لا أجرة لأنه خرج لأجلها و إنما لزمته النفقة هنا لوجود الاحتباس أما إذا كان سفرها إلى الحج من غير مصاحبة و لكن مع ذي رحم محرم (الأخ) فلا نفقة لها لأن هذا السفر يفوت الاحتباس غير أن أبا يوسف يقول لو أنها سافرت لأداء فريضة الحج مع محرم لها فلها نفقة الإقامة لا نفقة السفر لأن السفر لأداء فريضة الحج عذرتها و كذلك لا عصيان في سفرها لكونها مع ذي محرم منها.
أما إذا كان سفرها من غير ذي محرم حتى و لو لأداء فريضة الحج فلا خلاف في أن هذا السفر مسقط لنفقتها. لأنه مفوت للاحتباس فضلا عن كون الزوجة عاصية لسفرها وحدها. ذلك أن الحج لا يكون مع عدم الاستطاعة و من أحوال عدم الاستطاعة عدم وجود زوج أو قريب محرم للزوجة بدون إذن زوجها معصية فلا تلزمه مصاريف سفرها هذا( ).
 الزوجة المحترفة:
و هي التي تباشر عملا خارج البيت و تستغرق مدة لن تقل عن أربع ساعات في اليوم مهما كانت وظيفتها أو عملها هذا الذي تباشره. و بالتالي فإن الزوج حق منهما من مباشرة هذه الوظيفة فإن لم تطعه في ذلك تكون في حكم الناشزة و بالتالي لا نفقة لها.
أما إذا قبل عملها هذا و لم يمنعها الزوج و قبل مباشرتها وظيفتها أو عملها فإن نفقتها عليه لا تسقط لرضائه بالاحتباس الناقص و لأنها لا تعتب ناشزا لأنها لم تخالف أمرا له.
هذا ما ذهب إليه المشرع الجزائري في مادته 337 ف1 و كذلك 53ف1 ذلك أنه يعتبر خروج الزوجة من غير إذن زوجها تكون ناشزا حتى و لو كان ذلك بغرض العمل. فحتى و لو كان يعاني نقص في النفقة لأن حقها يكفله لها القانون في المواد السابقة الذكر.
أما إذا كان عالما بعملها و اكن هذا شرطا موافقتها للعقد فهنا نجد حالتين: إذا كان بعد الزواج لم يطالبها بتوقف عن العمل فتجب لها النفقة لأنه قبل بالاحتباس الناقص أما إذا أمرها بالتوقف عن العمل و ف هذه الحالة وجب عليها أن تتوقف عن العمل طاعة لزوجها( ) فإن لم تفعل تعتبر ناشزا و صح طلاقها حسب المادة 55 ق أ ج و امتنع عن أداء النفقة لها وفقا للمادة 37ف1.
الفرع الثاني: الرد أو الاسترداد
من أهم الشروط التي تجب بها النفقة للزوجة هو أن يكون العقد عليها صحيحا شرعا. ذلك أن النفقة تجب لقاء الاحتباس و بالتالي لا احتباس لزوج على زوجته في العقد الفاسد. لكن يمكن أن يكون هناك احتباس لزوجة بناء على عقد فاسد. فما مصير النفقة التي دفعت للزوجة بناء على هذا العقد قبل اكتشاف فساده؟
إذا كان العقد باطلا أو فاسدا لكون العاقد عقد على أخته رضاعا مثلا و قد فرق القاضي بينهما. أما النفقة التي تكون قد تسلمتها منه بوصفها زوجة له تأخذ صورتين:
1- أن يقدم طواعية و هنا قيل أنه لا يسترد منها شيئا لأنها تعتبر تبرعا منه خصوصا مع وجود علاقة القرابة.
2- أن يكون قد دفعها بأمر من القاضي, فهنا له أن يستردها و ذلك بناء على دعوى استرداد. و لأن الاحتباس غير محقق فلا نفقة لها.
أما إذا كانت الزوجة لا علم فساد العقد فإنها تستحق النفقة بناء على العقد الفاسد.
كما يمكن أن يكون العقد فاسدا إذا أثبت الزوج بناء على بينة عادلة أنه طلق امرأته من سنة أو أقرب. و هي ثلاث حيضات في هذه السنة فلا نفقة لها على الزوج.
و إن كان قد دفع لها شيئا أخذه منها لظهور و ثبوت الفرقة منذ سنة و انقضاء العدة( ).
هذا إذا كان قد دف عما لها بناء على حكم قاضي و إن لم تكن كذلك تعتبر تبرعا منه و لا يمكنه استردادها.

المبحث الثاني: تقدر النفقة الزوجية و تاريخ استحقاقها
في هذا المبحث نتناول نقطتين:
1- تقدر النفقة الزوجية من خلال من يراعي حالة في تقدرها و مراجعتها.
2- تاريخ استحقاقها.

المطلب الأول: التقدير
بعدم تقرر شرعا أن النفقة الواجبة للزوجة هي نفقة الكفاية بلا إسراف و لا تقتير فيكون أداؤها بطريق التمكين أو التمليك فالتمكين يكون عن طريق توفير الطعام و ما يلزم من نفقة أم التمليك هو أن يعطيها المال الكافي لتصرف ة و تنفق منه على نفسها.
و يرى المذهب الحنفي أن طريق التمكين هو الأصل في الإنفاق أما إذا قصر ف يحقها منعا أو تقتيرا فإن لها أن تطلب من ذلك ما هو حق لها فإن تراضيا و اتفقا على شيء لزم الزوج أداءه و إلا كان لها أن ترفع أمرها إلى القاضي فإذا تم التقدير بواسطته وجب عليه أداء ما فرض عليه( ).
و وفقا لذلك فالقاضي في كيفية تقديره للنفقة يجب عليه أن يراعي أحوالا معينة أن يعتمد في ذلك على أساس معين حتى يتم التقدير السليم لقيمة النفقة, ولكن قد يتم تقديرها و يتغير الأساس الذي اعتمد عليه في تقديرها الأول, فيتم مراجعتها و عليه نتناول:
الفرع الأول: ما يجب مراعاته عند تقدير نفقة الزوجة
أ‌- تقدر بحال الزوجين فإن كانا موسرين تجب عليه نفقة الموسرات و إن كانا معسرين تجب نفقة المعسرات و إن كان احدهما موسرا و الآخر معسرا تجب عليه نفقة دون نفقة الموسرات و فوق نفقة المعسرات و دليل ذلك قوله -صلى الله عليه و سلم- لهند امرأة أبي سفيان:" خذي من مال أبي سفيان ما يكفيك و ولدك بالمعروف" إذن فقد اعتبرا حالهما في هذا الحديث.
و قوله تعالى:" لينفق ذو سعة من سعته" يدل على اعتبار حال الزوج فوجب الجمع بينهما بان يكون حاله من جهة و حالها كذلك و هذا ما جاء في المذهب الحنفي و الشافعي هذا رأي أول.
هناك رأي آخر عمد على اعتبارها حال الزوج فقط يسارا و إعسارا و دليل قوله تعالى:" لينفق ذو سعة من سعته و من قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله" فقد اعتبر حال الرجل في الحالتين (العسر و اليسر) و أمره بالإنفاق معسرة كانت الزوجة أو موسرة على قدر حاله و هذا رأي لشافعية و رأي للحنفية.
أما الرأي الثالث هو الرأي الذي ذهب على اعتبار حال الزوجة وحدها في يسرها و عسرها فلها نفقة اليسار إذا كانت موسرة و نفقة الإعسار إن كانت معسرة و نفقة الوسط إن كانت متوسطة سواء كان زوجها غنيا أو فقيرا. و دليله قوله – صلى الله عليه و سلم-:" خذي ما يكفيك و ولدك"( ) إذن من خلال الآراء الفقهية الثلاث السالفة الذكر ما يفهم فقها هو أنه على القاضي عندما يفرض للزوجة نفقتها أن يراعي الأمور التالية:
1- مراعاة ما هو الأيسر و السهل على الزوج في الدفع.
2- كفاية النفقة للزوجة مع مراعاة حال الزوج يسرا و عسرا و توسطا بينهما بغض النظر عن كون الزوجة موسرة أو غنية. فإذا كان معسرا فرض لزوجة نفقة الإعسار و لو كانت غنية و إذا كانت متوسطة الحال فرض لها نفقة الوسط بين الإعسار و اليسار. فلا ينظر عند تقدير النفقة الزوجية إلى حال الزوجة و لا إلى الزوجين و إنما تقدر بحال الزوج المالية فقط هذا هو ظاهر الرواية في المذهب الحنفي. كما هو مذهب الشافعية و قال المالكية و الحنابلة إذا اختلف الزوجان غنى أو فقرا أخذ بالحالة الوسطى بين الحالتين و هناك قولان آخران للحنفية أحدهما يعتبر حال الزوجية و ثانيهما يعتب حال الزوجة وحدها يسارا و إعسارا و هو قول ضعيف( ).
و أكثر فقهاء الإمامية قالوا بوجوبها على الزوج بقدر ما تحتاج إليه الزوجة و بعضهم اعتبر حال الزوج دون حال الزوجة. و لكن مهما يكن فلا بد أن يأخذ حال الزوج المادية بعين الاعتبار لقوله تعالى:" لينفق ذو سعة من سعته و من قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله,....................................."( ).
فالزوجة بتزوجها بزوج معسر قد رضيت بالنفقة التي يقدر عليها و هي نفقة الإعسار و لو كانت موسرة.
3- حال الأسعار في السوق ارتفاعا و انخفاضا عند تقدير النفقة الزوجية رعاية لجانبي الزوج و الزوجة لأن النفقة لكفاية الزوجة المعيشية و أثمان السلع تختلف باختلاف الأسواق.
ب‌- أما المشرع الجزائري و سعيا له نحو الحل الوسط لإقامة التوازن فقد عمل بما ذهب إليه المالكية و الحنابلة و رأي للحنفية في نص المادة 79 ق أسرة "... يراعي القاضي عند تقدير النفقة حال الطرفين و ظروف المعاش و لا يراجع تقديره قبل مضي سنة من الحكم" و معنى هذا أنه له السلطة التقديرية في تقدير مبلغ النفقة على أن يراعي عنصرين هامين: العنصر الأول حال الطرفين و هما الطالب للنفقة و المطلوب بها و العنصر الثاني ظروف المعاش و غلاء الأسعار, فلو تقدمت صاحبة حق النفقة إلى المحكمة و طلبت منها الحكم لها بنفقة شهرية مبلغا معينا على زوجها الذي لا يتجاوز دخله الصافي مثلا هذا المبلغ أو يقل فإن القاضي لا يستطيع الحكم بما طلبت.
أما لو طلبت المستحق لنفقة الحكم لها بمبلغ معين من زوجها الذي يكون دخله عادة أكثر من ذلك المبلغ فلا يمكن للقاضي أن يبخسها حقها حتى ولو عارض الزوج ذلك( ) و مع ذلك فإنه يأخذ بحال الزوج المادية حسب نص المادة دائما( ).
الفرع الثاني: مراجعة النفقة الزوجية
بعد أن يقدر القاضي مبلغ النفقة لمستحقتها بموجب حكم فإنه منه أن يعدل فيها أو يراجعها إلا بعد مرور سنة كاملة من تاريخ تقديرها و الحكم بها حتى لو تغيرت المعايير التي على أساسها تم التقدير تبعا لارتفاع أو انخفاض الأسعار أو إيسار أو إعسار أحد الطرفين بعد الحكم مباشرة إلا بعد مضي سنة كاملة من تاريخ صدور الحكم.

المطلب الثاني: تاريخ استحقاق النفقة الزوجية
أ- بالنسبة للمشرع الجزائري فقد نصت المادة 80 من ق أ على :" أن تستحق النفقة من تاريخ رفع الدعوة للقاضي أن يحكم باستحقاقها بناء على بينة لمدة لا تتجاوز سنة قبل رقع الدعوى". يتبين من دراسة هذه المادة أن المشرع الجزائري وضع حدا ولو أنه غير حاسم لكل المشاكسات أو التعجيزات التي تتعلق بمسألة تاريخ استحقاق النفقة المطلوبة الحكم بها.
إذا الزوجة قد تغضب أحيانا بسبب شرعي أو غير شرعي في بيت أهلها و تنتظر هناك زوجها لمراضاتها و عندما يرفع الزوج دعوى يطالب فيها زوجته بالرجوع إلى محل الزوجية ترفع في وجهه الدعوى طالبة فيها النفقة عن المدة التي مكثتها في بيت أهلها التي قد تكون من شهور أو سنوات مما يؤدي إلى تضخم مقدار النفقة هادفة من وراء ذلك الإضرار بزوجها الذي يرى نفسه عاجزا عن دفع تلك المبالغ المرتفعة دفعة واحدة و أمام هذا العجز قد يكون متابعا بجريمة الامتناع عن دفع النفقة المقررة قضاء.
و يتمثل هذا الحد في أنه على القاضي كقاعدة عامة أن لا يحكم للزوجة بكل و لا ببعض ما تستحقه و تطلبه من نفقة متراكمة عن مدة سابقة بل يجب عليه أن يحكم بها بما تستحقه من يوم رفع الدعوى أي ابتداء من تاريخ تسجيلها لدى كتابة ضبط المحكمة إلى غاية صدور الحكم.
أما الاستثناء عن هذه القاعدة أنه يمكن للقاضي أن يحكم بالنفقة المتراكمة عن المدة السابقة لرفع الدعوى من طرف الزوجة المستحقة للنفقة شرعا بناء على بينة و ذلك ف حدود السنة فقط قبل رفع الدعوى المتعلقة بطلب النفقة و ليس من أجل سبب آخر.
أما لو حكم القاضي بالنفقة لمدة تفوق السنة اعتبر هذا الحكم مخالفا للقانون و يمكن الطعن فيه و القضاء بإلغائه غير أن الحد الذي وضعه المشرع يطرح سؤالا على القاضي هل المقصود بتاريخ رفع الدعوى هو تاريخ الدعوى المرفوعة من طرف الزوج لإرجاع زوجته و تقدم الزوجة بطلب النفقة بصفتها مدعى عليها أم أن المقصود هو تاريخ الدعوى المتعلقة بطلب النفقة التي تكون فيها الزوجة مدعية.
في هذا الإطار و أمام هذا الحد غير الحاسم لمسألة حساب تاريخ استحقاق النفقة من طرف المشرع يرى الأستاذ عبد العزيز سعد( ) أنه في غياب الاجتهادات القضائية من المجلس القضائي الأعلى نعتقد أن حساب تاريخ استحقاق النفقة يبتدئ من يوم رفع الدعوى أو من يوم بداية العام قبل رفعها عندما تكون الزوجة هي المدعية بقطع النظر عن كون سبب الدعوى هو النفقة وحدها أو معها سبب آخر أما إذا كان الزوج هو المدعي و أن الزوجة لم تطلب النفقة التي تزعم أنها تستحقها إلا بعد مرور شهر أو شهرين أو اكثر على سير هذه الدعوى و بطلب عارض أو مقابل فإننا نعتقد أنه لا يحكم بها إلا ابتداء من يوم طلبها رسميا بموجب عريضة أو مذكرة تبليغ إلى الخصم الآخر و يجيب عنها كتابيا أو شفاهيا.
أ- على مستوى الشريعة الإسلامية : يرى جمهور الفقهاء من المالكية و الشافعية و الحنابلة أن تاريخ استحقاق النفقة يكون من يوم الامتناع عن الإنفاق أما الحنفية فيرون بأنها تكون مستحقة من يوم المطالبة بها و ليس من يوم الامتناع و يتضح من ذلك أن المشرع الجزائري أخذ برأي الحنفية في أن تاريخ استحقاق النفقة الزوجية يكون من تاريخ المطالبة بها أي من تاريخ رفع الدعوى.
غير أن المشرع الجزائري كاستثناء قرر استحقاق النفقة على المادة السابقة لتاريخ رفع الدعوى في حدود سنة كاملة و لكن يقصد هو إقامة البينة من طرف الزوجة تطبيقا لقاعدة البينة على من ادعى.

المبحث الثالث: الدين في النفقة
من المتعارف عليه في ديار المسلمين قديما و حديثا, أن النفقة واجبة للزوجة على زوجها و هذا لا خلاف فيه عموما سواء في الشرع أو القانون و تكون هذه النفقة واجبة على زوجها متى تم العقد الصحيح لها و تم الاحتباس أو على الأقل الاستعداد له.
لكن السؤال الذي يتبادر هنا متى تعتبر النفقة دين في ذمة الزوج و ما هو حكم إسلاف الزوجة النفقة؟ و عليه نتناول:
1- متى تعتبر النفقة دين في ذمة الزوج و ما هو مسقطها.
2- النفقة المعجلة و المقاصة في دين النفقة.

المطلب الأول: متى تعتبر النفقة دين في ذمة الزوج و متى يسقط هذا الدين
الفرع الأول: متى تعتبر النفقة الزوجية دين في ذمة الزوج
الأصل هو أن النفقة الزوجية واجبة على الزوج لزوجته دون الأخذ بعين الاعتبار بحال الزوج فإن كان موسرا فعليه نفقة الإيسار و إن كان معسرا فعله نفقة الإعسار بمعنى أن أخذ بتقديرها بعين الاعتبار حال الزوج بعين الإعسار و الإيسار( ) غير أنه ما جرى به قانونا أنه إذا فرض القاضي للزوجة النفقة على زوجها و امتنع عن الدفع حتى و لو كان معسرا و لم يستطع الآداء تكون دينا في ذمته هذا بصفة عامة و متفق عليه.
فالزوجة تستطيع أن تستدين لتنفق على نفسها أو تطلب من القاضي أن يأذن لها بالاستدانة على ذمة الزوج. و هنا يكون الزوج هو المستدين حكما( ) كما أنه إذا لم يكن مع الزوجة ما تنفق به على نفسها أو تستدين منه تعين على من كانت تجب على الزوج لزوجته على وجه لا يصير دينا في ذمة الزوج إلا بقضاء القاضي أو بتراضي الزوجين هذا على المستوى القانوني أما بالنسبة إلى الفقه فإن الشيء يكاد يكون نفسه إذ أن الأحناف يرون أنه حتى و إن كان الزوج معسرا و طلبت الزوجة من القاضي فرض النفقة لها, فرضها عليه إن كان حاضرا أو غائبا فإن لم يستطع دفعها لها تستدين عليه فتنفق على نفسها لأن الإعسار لا يمنع وجوب النفقة التي تعتبر فرضا و عليه و حسب هذا الرأي (الأحناف) أن النفقة تصبح دينا في ذمة الزوج من تاريخ المطالبة بها. و ليس من وقت الامتناع بالتالي فهي لا تصح كذلك إلا بأمر من القاضي بالنفقة أو تراضي بين الزوجين على تقدرها.
أما جمهور الفقهاء: المالكية و الشافعية و الحنابلة يرون أن النفقة تصبح دينا في ذمة الزوج من وقت الامتناع عن الإنفاق.
أما بالنسبة للمشرع الجزائري فقد تناول هذه المسألة بقوله:" تستحق نفقة من تاريخ رفع الدعوى و للقاضي أن يحكم باستحقاقها بناء على بينة لمدة لا تتجاوز سنة قبل رفع الدعوى"( ) و عليه يفهم من نص هذه المادة أن المشرع الجزائري وقف موقفا وسطا بين رأي الجمهور و الحنفية لأنه قال بأن يحكم باستحقاقها بناء على بينة لمدة سنة قبل رفع الدعوى ذلك أنه أراد من وراء ذلك الوضع القانوني حماية كلا الطرفين. فالبنسبة للزوجة أعطاها حقها في متجمد نفقة السنة بناء على بينة. و في نفس الوقت حمى الزوج و ذلك على أن لا تستعمل الزوجة هذا الحق تعسفا فتثقل به كاهل زوجها, و منحها سنة فقط للمطالبة بها.
ما فات أو زاد عن ذلك فهو مسقط لهذا الحق عن المدة الزائدة عن سنة من يوم رفع الدعوى هذا و إن كنا نرى أن الحكم الشرعي هو وجوب النفقة من تاريخ الامتناع ما لم يكن سكوت الزوجة عليها دليلا على إسقاط حقها فيما يسمى عند العض بمتجمد النفقة( ).
الفرع الثاني: سقوط دين النفقة
إذا كنا قد ذكرنا آنفا أن الخلاف بين الفقهاء في أن نفقة الزوجة واجبة على زوجها و أن الخلاف الحاصل بينهم هو في الوقت الذي تصير فيه النفقة الزوجية دينا في ذمة الزوج. فإن هذا يجرنا إلى الحديث عن الخلاف الحاصل أيضا على كيفية سقوط الدين. فالبنسبة للحنفية لا تكون النفقة دينا في ذمة الزوج إلا إذا تم التراضي عليها بين الزوجين. أو رضها القاضي و عليه فإنه خارج هذين الشرطين فإن مرور زمن أكثر من شهر دون مطالبة الزوجة بحقها في النفقة هذا يكون مسقطا لحقها فيما استدانت به على الإنفاق على نفسها و بالتالي لا يمكنها مطالبة زوجها بما أنفقت على نفسها دون الشهر. و السبب في ذلك انه لا بد من مضي مدة تتمكن فيها الزوجة من مقاضاة زوجها طالبة نفقتها أو بتراضي فيها معه على نفقتها.
أما إذا كانت الزوجة غير مأذون لها بالاستدانة( ) أو لم تستدن بالفعل فإن دين النفقة هذا يكون ضعيفا و يسقط بإحدى الحالات التالية:
1- الإبراء.
2- الأداء.
3- النشوز.
4- الطلاق.
5- موت أحد الزوجين.
غير أنه هناك من يقول داخل نفس المذهب أن الطلاق لا يعتبر مسقطا للنفقة و إلا لكان الطلاق ذريعة التمسك بها الأزواج للتخلص من متجمد أو دين النفقة غير أن الراجح أنه يكون مسقط إذا كان الطلاق بسبب الزوجة( ).
أما إذا كان مأذونا لها بالاستدانة فهو يعتبر دينا قويا كسائر الديون و لا يسقط إلا بالأداء, أو الإبراء كسائر الديون الأخرى.
أما بالنسبة للمذهب للأئمة الثلاث (مالك, الشافعي, أحمد) يرون أن دين نفقة الزوجة على زوجها كسائر الديون, و لا يسقط إلا عن طريق الأداء أو الإبراء.
أما بالنسبة للتشريع القانوني الوضعي و لا سيما المشرع الجزائري فإنه ما يفهم من تشريعه للمادة 79 ق أسرة أن دين النفقة الزوجية هو كسائر الديون الأخرى إلا أنه لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء.
و يكون هذا قد أخذ بالمذهب المالكي الذي يعتبر أن النفقة الزوجية دنا في ذمة الزوج من وقت الامتناع عن الإنفاق و يعتبر هذا الدين من الديون الثابتة و الممتازة و عليه فهو لا يسقط إلا بأحد الأمرين الأداء أو الإبراء( ).

المطلب الثاني: النفقة المعجلة و المقاصة في الدين
الفرع الأول: النفقة المعجلة
قد راعى المشرع الجزائري حال الزوجة و حاجتها للنفقة أثناء سر دعوى المطالبة بالنفقة فقد يطول الفصل في هذه الدعوى و الزوجة بحاجة إلى من ينفق عليها لهذا أجاز القانون للقاضي و لا سيما القاضي الاستعجالي أن يأمر الزوج بإعطاء الزوجة معجل للنفقة لا يزيد عن نفقة شهر و هو ما عبر عنه البعض بالإسلاف( ).
على أنه يمكن تجديد هذه النفقة مرة بعد مرة حتى انتهاء الدعوى, لكن الإشكال الذي يصادفنا هنا هو إذا تبين عدم أحقية الزوجة بهذه النفقة فما هو حكم استرداد ما عجل لها من نفقة من طرف الزوج؟ و هل هو نفس الشيء إذا توفي أحد الزوجين.
لقد اختلف الفقهاء في تكييف بحيث أنه يقال بأن النفقة الزوجية المعجلة لا ترد بموت أحد الزوجين, كأن يعجل الزوج لزوجته نفقة شهر بعد فرض القاضي أو تراضي ثم مات أحدهما, و يشتمل ذلك ما إذا كانت النفقة قائمة ا هالكة فإذا كانت هالكة فلا يسترد منها شيئا هذا اتفاقا أما الحكم عند أبي حنيفة فهو نفس الشيء (لا ترد) سواء كانت قائمة أو مستهلكة, أما أبي يوسف فإنه يقول النفقة صلة و قد اتصل بها القبض و لا رجوع في الصلات بعد الموت لأن حكمها هو حكم الهبة لا ترد.
- أما الشافعية فترى إذا دفع الزوج إلى زوجته نفقة يوم فبانت قبل انقضائه لم يرجع بما بقي لأنه دفع ما يستحق دفعه, و إن سلفها نفقة أيام فبانت قبل انقضائه فله أن يرجع في نفقة ما بعد اليوم الذي بانت فيه لأنه غير مستحق.
- أما المالكية فترى أنه إذا دفع الزوج إلى امرأته نفقة سنة ثم مات أحدهما بعد شهر أو شهرين فيرد بقية النفقة و استحسن ذلك في الكسوة. و لا ترد إذا مات أحدهما بعد أشهر هذا على الأرجح.
- أما بالنسبة لموقف المشرع الجزائري من هذه المسألة فإنه لم يتناولها عليه بالرجوع إلى المادة 222 قانون الأسرة التي تحيلنا إلى أحكام الشريعة الإسلامية و ما يفهم من هذه الأحكام و الآراء الفقهية سابقة الذكر أنه إذا تبين أن الزوجة لا تستحق النفقة بعد انتهاء الدعوى أو كان الزوج قد دفع لها و قد أنكرت ذلك, حينئذ يتبين أن ما دفعه لها على سبيل السلفة أو معجل النفقة, كان يعتبر حقا و للزوج أن يسترد ما أسلفه لزوجته.
أما إذا مات أحد الزوجين بعد اشهر من تقديمها فهي لا ترد هذا غدا قدم لها نفقة سنة, أما إذا مات بعد شهر ترد أخذا بالمذهب المالكي( )
الفرع الثاني: المقاصة في دين النفقة
اتفق الفقهاء على أن نفقة الزوجة واجبة على زوجها بمجرد العقد الصحيح و من وقت إنشائه, و حيث ذهب الفقه المالكي إلى أن النفقة تصبح دينا في ذمة الزوج من وقت الامتناع عن الإنفاق و إذا أصبحت دينا في ذمة الزوج فلا تسقط إلا بأحد الأمرين و هما الإبراء أو الأداء, غير أنه إذا كانت الزوجة دائنة لزوجها بالنفقة و كان زوجها دائنا لها بدين ما فهل يجوز إجراء المقاصة بين الدينين أي بين دين النفقة و دين الزوج أم لا تجوز؟










قديم 2011-02-21, 11:47   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 الفصل الثالث

الفصل الثالث: الضمانات المقرر لحماية هذا الحق
لقد كفل المشرع الجزائري و الشريعة الإسلامية حق الزوجة في النفقة بضمانات نعالجها في نقطتين هما: حالة امتناع الزوج عن الإنفاق و الحالة الثانية و هي غياب الزوج و سوف نبين من خلال هاتين النقطتين كف يمكن للزوجة المستحقة للنفقة أن تضمن حقها في النفقة و تتحمل عليه لترفع الضرر عنها.

المبحث الأول: في حالة امتناع الزوج عن الإنفاق
لقد وضحنا سابقا أن نفقة الزوجة واجبة شرعا و قانونا على الزوج سواء كان موسرا أو معسرا رغم أن هناك من خرج عن هذا الإجماع( )
- إذ من حقها أن تطالبه بها في كل وقت ما دامت في عصمته شرعا و ما دام عقد الزواج قائما و لم يصدر حكم قضائي بانحلاله, فإذا توقف الزوج عن الإنفاق على زوجته المدخول بها, سواء ما لم تزل تقيم في منزل الزوجية أو تركته و تقيم في منزل أهلها, أو أنه تم الاتفاق بينهما على الدخول في تاريخ معين و دعته زوجته للوفاء بما وقع الاتفاق عليه فلم يفعل فإن نفقة الزوجة تصبح واجبة على زوجها حتما و في كلتا الحالتين إذا رفعت الزوجة دعوى لتسديد النفقة و اقتنعت المحكمة بطلباتها وفقا لما قدمته من بيانات و أدلة لتدعيم طلبها قضت على الزوج بتقديم النفقة المستحقة فإن امتنع الزوج عن تنفيذ الحكم و عودته على الإنفاق على زوجته كالمعتاد من حقها إذن أن تبلغ وكيل الجمهورية بنسخة من الحكم ليتابعه بجريمة الامتناع عن تقديم نفقة مقررة قضاء وفقا لنص المادة 331 ق ع و من حقها تقديم دعوى أمام المحكمة تطلب الحكم لها بالتطليق وفقا للمادة 53 ف1 ق أ إذا توافرت الشروط اللازمة للتطليق للامتناع عن الإنفاق( ).

المطلب الأول: حبس الزوج الممتنع عن الإنفاق المقرر قضاء
أو ما يسمى الحبس في دين النفقة أن إجبار الزوج على الإنفاق يكون عن طريق المتابعة الجزائية حسب نص المادة 331 ق ع التي جاء فيها " أن كل من امتنع عمدا و لمدة تتجاوز شهرين عن تقدم المبالغ المقررة قضاء لإعالة أسرته و عن أداء كامل قيمة النفقة المحكوم بها عليه إلى زوجته أو أصوله أو فروعه رغم صدور حكم ضده بإلزامه بدفع نفقة إليهم يعاقب بالحبس من ستة اشهر إلى ثلاث سنوات و بالغرامة من 500 إلى 5000 دج و فترض أن عدم الدفع عمدي ما لم يثبت العكس و لا يعتبر الإعسار الناتج عن الاعتياد على سوء السلوك أو الكسل أو السكر عذرا مقبولا من المدين في أية حالة من الأحوال..."
- إن الجريمة المقررة للزوج الممتنع عن النفقة المحكوم بها تعتبر جريمة الإهمال العائلي أو ترك الأسرة و صنفها المشرع على أنها جنحة و ذلك بتوفر الشروط التالية:
1- أن يحوز الحكم الذي قضي بالنفقة قوة الشيء المقضي فيه أي أنه اصبح نهائيا أي أنه استوفى طرق الطعن العادية و غير العادية.
2- أن يمتنع المدين بالنفقة (الزوج) عن تنفيذ الحكم و دفع النفقة المحكوم بها لمدة شهرين متتالية دون انقطاع.
3- أن يكون الامتناع عن الإنفاق عمدي.
و عليه إذا اشتكت الزوجة زوجها إلى المحكمة و حكمت لها بمبلغ معين كنفقة شهرية مثلا و حاز هذا الحكم قوة القضية المقضي فيها فتقدمت بعد ذلك إلى مصلحة التبليغ و التنفيذ من أجل المطالبة بتنفيذ هذا الحكم فامتنع الزوج عن ذلك نكاية بالزوجة أو بقصد الإضرار بها فإن من حق الزوجة أن تتوجه بشكاية لوكيل الجمهورية مرفوقة بنسخة من الحكم و عندئذ يصبح من الواجب على وكيل الجمهورية أن يحرك دعوى جزائية ضد الزوج الممتنع بعد أن يكون قد سمع توضيحاته حول الحكم و مضمونه على محضر رسمي أو بواسطة أعوان الشرطة القضائية( ) و يصبح في إمكان المحكمة بعد التحقيق في موضوع الشكوى و توفر الشروط السابقة الذكر أن تحكم على الزوج بعقوبة بدنية (الإكراه البدني) لمدة تتراوح بين ستة أشهر إلى ثلاث سنوات و بغرامة مالية من 500 إلى 5000 دج, مع الإشارة أن مبلغ النفقة الذي تقرر بموجب الحكم يعد دينا في ذمة الزوج لا يمكن أن يسقط إلا بالوفاء فديون النفقة هي ديون ممتازة لا تسري عليها مدة التقادم كما أنها لا تسقط بتطبيق العقوبة فالزوج ملزم بأدائها حتى و لو قضى حياته في السجن كأن امتنع مرة أخرى بعد قضاء العقوبة و وفقا للشروط التي نصت عليها المادة 331 ق ع, سابقا و واصل امتناعه كم من مرة.
ويرى الأئمة الثلاثة مالك و الشافعي و أحمد أن نفقة الزوجة على زوجها تكون دينا قويا من وقت وجوبها على الزوج دون توقف على تراضي أو قضاء و لا على استدانة لأن النفقة حق للزوجة على زوجها فتكون دينا عليه و لا تبرأ ذمته منه إلا بالأداء أو الإبراء كغيرها من الديون العادية( ) و أن العقوبة المقررة للزوج الممتنع عن الإنفاق هي الحبس و تختلف عندهم المدة بحسب حال و ظروف الزوج و اقتناع القاضي, هذا عن الضمان الأول أما الضمان الثاني فهو:

المطلب الثاني: التفريق للامتناع عن الإنفاق
في حالة امتناع الزوج عن الإنفاق قد تلجأ الزوجة إلى طريق آخر و هو طلب التطليق للامتناع عن الإنفاق حسب ما نصت عليه المادة 53 ق أ حيث جاء فيها :" أنه يجوز للزوجة أن تطلب التطليق لعدم الإنفاق بعد صدور الحكم بوجوبه ما لم تكن عالمة بإعساره". و هذه الوسيلة التي تنتهجها الزوجة قد تؤدي إلى إجبار الزوج على الإنفاق بقدر ما هي وسيلة لصالح الزوجة لتخلص منه و لدفع الضرر عنها( ) و هو ما ذهب إليه الأئمة الثلاثة ملك و الشافعي و أحمد في جواز التفريق لعدم الإنفاق في جميع الحالات التي يمتنع فيها الزوج عن الإنفاق و أن إمساكه لها مع الامتناع هو ضر بالغ بها لقوله تعالى :" و لا تمسكوهن..............." و كذلك قوله تعالى:" فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" إذا الإمساك بالمعروف لا يعني عدم الإنفاق لقوله – صلى الله عليه و سلم-:" لا ضرر و لا ضرار" و هنا للقاضي أن يطلقها إذا امتنع الزوج عن ذلك.
أما أبو حنيفة فيرى أن التفريق بين الزوجين لا يتم إذا كان الزوج معسرا إذ يمكن للزوجة أن تستدين من الغير و هذا يعتبر دينا في ذمة الزوج حتى وقت يسره إلا إذا تبين أن الزوج امتنع عن الإنفاق ظلما و دون وجه حق فإن هذا الأمر يدفع بالقاضي إلى جبره على التنفيذ غير أنه إذا لم يقم الزوج بالتنفيذ عندها جاز للقاضي أن يأمر بحبسه حتى رغم على الإنفاق( ) و ذلك استنادا لقوله تعالى:" لينفق ذو سعة من سعته و من قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا وسعها".
و من بين الشروط اللازمة لإمكانية طلب التطبيق و الحكم لصالح الزوجة ما يلي:
 الشرط الأول: الحصول على الحكم الصادر من القسم المدني بالمحكمة يقضي بإلزام الزوج بمبلغ نفقة معلوم و محدد إلى زوجته و أن يحوز هذا الحكم قوة القضية المقضية أو قوة الشيء المحكوم فيه و لم يعد قابلا بعد أية طريقة من طرق الطعن العادية و غير العادية.
 الشرط الثاني: امتناع الزوج حقيقة و فعلا عن تنفيذ هذا الحكم بعدما تم تبليغه بالحكم المستند إليه و طلب منه تنفيذه و هذا يعبر عن تجاهل الحكم و العدالة معا و دون أن يقد أي عذر قانوني أو شرعي.
 الشرط الثالث: ألا تكون الزوجة عالمة بإعسار زوجها وقت إبرام عقد الزواج لأن هذه الزوجة إذا كانت عالمة بذلك لما ارتبطت به فإنه يعبر على ارتضائها العيش معه على هذه الحالة و لا يعد من العدل أن تتظلم منه و تطلب التطليق لعدم الإنفاق لأن علمها بعسره وفقره قبل العقد أو وقته يسقط حقها في ذلك و يقع عبء إثبات علمها على عاتق الزوج و ذلك ففي حالة إنكار الزوجة علمها بذلك.
و يجب عدم الخلط بين الامتناع عن الإنفاق مع قدرته على ذلك و بين عدم القيام بواجب النفقة للعجز عنها فإن كان الزوج عاجزا عن القيام بواجب النفقة بسبب فقره تبعا لأزمة اقتصادية في البلاد أو انتشار البطالة و فقدان العمل فيجب أن تنفق هي على أولادها إن كان لها مال( ) طبقا لنص المادة 76 في حالة عجز الأب تجب نفقة الأولاد على الأم إن كانت قادرة على ذلك".
إذا كان المشرع الجزائري منح للزوجة أن ترفع دعواها بالتطبيق الامتناع عن الإنفاق بعد الحكم لها النفقة و امتنع الزوج عن تنفيذ هذا الحكم عمدا لمدة تتجاوز شهرين حيث نص المادة 331 ق ع, أما الفقه المالكي جعل هذه المدة خاضعة للسلطة التقديرية لقاضي و يحددها حسب مقتضيات الأحوال دون أن تتجاوز هذه المدة سنة و التي تعتبر الحد الأقصى للزوج الغائب عن زوجته إذ بعدها تستطيع رفع الدعوى( ).

المبحث الثاني: في حالة غياب الزوج
تجب النفقة للزوجة على زوجها الغائب كما لو كان حاضرا أو غائبا فالغائب هو من كان مسافرا سفرا طويلا أو كان مختفيا بحيث تعذر إحضاره لمجلس القضاء للمخاصمة و كان غيابه طبقا للشروط التي حددتها المادة 110 ق أ " أنه ذلك الشخص الذي منعته ظروف قاهرة من الرجوع إلى محل إقامته أو إدارة شئونه بنفسه أو بواسطة مدة سنة و تسبب غيابه في ضرر للغير و عليه فإذا تغيب الزوج عن محل إقامته و تعذر عليه إدارة شؤونه بنفسه أو عن طريق وكيل ينوب عنه فإن طالبت الزوجة بالنفقة فإن الإشكال يقول كيف يمكن لهذه الزوجة أن تستوفي حقها من النفقة؟ و هل يختلف الأمر إذا كان له مال ظاهرا أم لم يكن له ذلك؟ و عليه نتناول في ذلك ما يلي:

المطلب الأول: إذا كان للزوج الغائب مال ظاهر
إذا كان للزوج الغائب مال ظاهر يمكن لزوجة أن تطلب من القاضي الحكم لها بالنفقة إذا كانت على حق لأن النفقة واجبة عليه حاضرا كان أو غائبا. غير أن المال الظاهر قد يكون في يد الزوجة أو في يد شخص آخر على وجه الوديعة أو كان مدينا به للغائب و بناء على ذلك نتطرق إلى هاتين الحالتين:
1-حالة وجود المال الظاهر بيد الزوجة: و هنا نفرق بين ما إذا كان المال الظاهر من جنس النفقة أم لا, فإذا كان المال الظاهر من جنس النفقة كالنقود أو الطعام أو الكسوة فإن القاضي له أن يأمر الزوجة بالإنفاق من هذا المال ما دامت طلبت ذلك و تحقق فيها سبب الوجود و هو كونها زوجة للغائب و من ذلك, أن يكون القاضي عالما بالزوجية و أساس ذلك أن الزوجة لها الحق في مال الزوج فتأخذ منه بقدر حاجتها و أمر القاضي هنا يعتبر على سبيل الإعانة و ليس قضاء( ) و يكون ذلك في تقدير مبلغ النفقة.
أما إذا ترك الزوج الغائب مالا ليس من جنس النفقة كالعقارات مثلا حكم القاضي بالنفقة و تؤخذ من إيجار هذه العقارات و لا يباع شيء منها تنفيذا للنفقة لأن المال المدين لا يباع لسداد دينه و هذا رأي أبي حنيفة( ) أما الإمام مالك فيرى أن للزوجة هنا أن تطلب التطليق في هذه الحالة و يجيبها القاضي لطلبها.
2-حالة وجود المال الظاهر بيد الغير: و ذلك سواء كان دينا في ذمته و على وجه الوديعة فهنا على الزوجة أن ترفع أمرها إلى القاضي و يجيبها القاضي إذا تأكد من زوجيتها للغائب و من ثبوت الدين أو الوديعة بين الزوج الغائب و المدين أو المودع لديه أما إذا لم يتأكد القاضي من زوجيتها للغائب و ثبوت الدين أو الوديعة فهنا حسب جمهور الفقهاء فإنه لا يمكن الأمر بالإنفاق من الوديعة أو من الدين غير أن زفر خرج عن ذلك فقال أنه على القاضي أن يسمع من الزوجة الإثبات و بعده يقضي لها بالنفقة بشرط أن تقدم كفيلا( ).

المطلب الثاني: إذا كان لم يوجد للزوج مال ظاهر
و نقصد بذلك أنه ليس للزوج الغائب مال مطلقا فهنا قال أبو حنيفة و صاحباه بأن القاضي لا يفرض للزوجة النفقة لأن في هذا قضاء على الغائب أما زفر فقد قال أن يفرض لها النفقة إن أقامت البينة على الزواج و يكون الأمر قاصرا على فرض النفقة دون الزواج و هي تنفق من مالها إن كان لها مال أو تستدين عليه( ).
أما الإمام مالك فإنه كما سبق ذكره يرى أنه لا يحق للزوجة في هذه الحالة إلا أن تطلب التطليق.
- أما المشرع الجزائري فقد تطرق لمسألة نفقة زوجة الغائب إلا من خلال المادة 53/ف5 ق أ حث سمح بطلب التطليق بعد مضي سنة على غياب الزوج بدون عذر و لا نفقة, كما تطرق إلى ذلك في نص المادة 368 ق إ ج م أنه لا يمكن أن تخضع للحجر عند التنفيذ على أموال الغائب الموكلة لدى الغير.
إذن من هذا يتبين لنا أنه إذا كان للزوج الغائب مال ظاهر لدى الغير فإنها لا تستطيع التنفيذ عليه.
غير أنه إذا كان هذا المال بحوزتها لها أن ترفع دعوى ليفرض لها القاضي هذه النفقة على سبيل الإعانة و يقدرها لها.










قديم 2011-02-21, 21:51   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
zoubour
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية zoubour
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا لك جزيل الشكر و العرفان على هذا الموضوع القيم










قديم 2012-03-09, 19:43   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
بني بلعيد
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية بني بلعيد
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بحث هائل جدا وخاصة للطلبة في الحقوق










قديم 2012-03-09, 22:09   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
etudiante/23
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا لكم
موضوووووووووووووع رائع










 

الكلمات الدلالية (Tags)
الزوجة, النفقة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 13:14

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc