من علماء الجزائر ...موضوع متجدد - الصفحة 5 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

من علماء الجزائر ...موضوع متجدد

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-12-15, 09:02   رقم المشاركة : 61
معلومات العضو
محبة الحبيب
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية محبة الحبيب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل مشرف 
إحصائية العضو










افتراضي



الإمام الشهيد الشيخ العربي التبسي رحمه الله (1895 - 1957م).

العلامة الشهيد الشيخ العربي التبسي
بقلم: الأستاذ نبيل أحمد حلاق


يأتي اليوم الرابع من شهر ابريل (نيسان) مِن كل عام ليُذَكِر كلَّ مَن لا زالت لديه ذاكرة، بيوم مشهود في تاريخ الجزائر الحديث عامة، وتاريخ ثورتها التحريرية المباركة خاصة. ذلكم اليوم من سنة 1957، الذي أقدمت فيه عصاباتُ الإرهاب الفرنسي في الجزائر بالاعتداء على حرمة بيت عالِم من علماء الأمة، واقتادته - بصورة لا تليق بمقامه ولا سِنِّه - إلى مصير مجهول المكان، معلوم القصد. اغتالته يدُ الإرهاب تلك بغير ذنب سوى أنه أراد لأمته الحياةَ والرفعةَ، و لوطنه العزةَ والحرية.
تَمُرُّ هذه الذكرى وكثيرٌ مثلها، والناس في شُغُل عن أبطالها وصانعيها، بل ومنهم مَن يتعمد طمسَ معالمها وإبعاد الأجيال عنها وعن عبرها. حتى كادت تختلط الأمور على العقول، وتتشَوَّه الصورةُ أمام العيون، فتساوى أمامها المجاهدُ والقاعد، والأمينُ والخائن، وأصبح الضحيةُ إرهابِيًا والإرهابيُّ حَكَمًا. وكادت تَضيعُ مع ذلك معان عظيمة عاش لها الأسلافُ، وكرامة عزيزة ماتوا لأجلها، واتجهت قلوب الكثيرين من المُسْتَغْفَلين صوب قِبلةٍ كفر بها آباؤُهُم، ليس جحودًا وتعصبًا، بل لأنَ سَدَنَتَها أرادوا استعبادَهم وإذلالهم،وإعراضهم عن الدين الذي ارتضاه لهم آباؤُهم، واللغة التي استعذبتها ألسنةُ أجدادهم وصارت منهم وهم منها.
جدير بأمّة أنجبت مثل الشيخ التبسي أن تفيه حقَّه وأن تُذكِّر الأجيالَ بمناقبه وبطولاته وبطولات أمثاله.
فالحديث عن العلامة الشيخ العربي التبسي، حديثٌ عن نموذج للعالِم العامِل، وعن صورة ناصعة للعمامة الرائدة التي لا تُقاد، والفكر الحر الذي لا يُساوَم، والنفس الأبية التي لا تُشترى، والعزيمة الصلبة التي لا تخور.
والحديث عن الشيخ التبسي، حديث عن رجلٍ عاش للإسلام دينا وللجزائر وطنا وللعربية لغة، وعن مجاهد كَرِهَ الاستعمارَ كما يَكْرَهُ أنْ يُلْقَى في النار وعاش ثائِرًا عليه بكل ما يملك، ومُحرِّضًا على ذلك قدر المستطاع، وأحَبَّ ثورةَ التحرير المباركة، وآمن بها واحتضنها، وضحى لأجلها، وصَيّرَها أَوْلَى أولوياته وشغلَه الشاغل، إيمانا منه بحتميتها وضرورتها لخلاص الجزائر من عبوديتها.
وهذه السطور القليلة مساهمة متواضعة، ومحاولة بسيطة للمشاركة في هذه الذكرى، ووقفة سريعة عند أهم محطات حياة الشيخ العربي التبسي رحمه الله، علّها تُبرِز بعض الجوانب الحية من حياته للأجيال التي لم يُرَد لها أن تعرف الشيخ أو تسمع عنه في زمن الردة والرداءة.
نشأته وتكوينه العلمي
ولد الشيخ العربي بن بلقاسم بن مبارك فرحات التبسي بناحية آسطح جنوب غربي مدينة تبسة سنة 1895 في عائلة أمازيغية تنتمي إلى قبائل النمامشة الكبيرة والمشهورة في شرق الجزائر.
بدأ حياته العلمية الأولى بحفظ القرآن كما جرت عليه عادة الكثيرين في المجتمع الجزائري آنذاك وذلك على يد والده الذي كان معلما لأبناء القرية.
بعد وفاة والده سنة 1903 قرّر الرحلة في طلب العلم، فكانت أوّل محطة توقف بها هي »زاوية خنقة سيدي ناجي« جنوب شرق مدينة خنشلة في الأوراس وذلك سنة 1907 أين أمضى ثلاث سنوات. في سنة 1910، رأى أهلُه أن يرسلوه إلى بلدة نفطة بالجنوب التونسي ليلتحق بزاوية الشيخ مصطفى بن عزوز والتي سبق لوالده أن تعلم فيها من قبل، وهناك شرع التبسي في دراسة العلوم الشرعية والعربية. بقى في تلك الزاوية إلى غاية سنة 1914 أين قرّرالإنتقال إلى »جامع الزيتونة« الذي درس فيه مدةً قاربت سبع سنوات ثم شدّ الرحال إلى القاهرة سنة 1921 ليتابع دراساته العليا في »جامع الأزهر« وحصل على درجة العالمية.
العودة إلى الجزائر و أعماله فيها
عاد الشيخ التبسي إلى الجزائر بعد أن أمضى عشرين عاما من عمره في التحصيل العلمي، بدءًا ببلده الأصلي الجزائر ثم تونس وانتهاء بمصر.
وفور عودته من القاهرة سنة 1927، إستقر بمدينة تبسة وجعلها مركزا لانطلاق عمله الإصلاحي الذي كان يؤمن به. فبدأ في بداية الأمر بالتدريس والخطابة وتعليم الصغار والكبار في مسجد صغير بوسط المدينة. وعندما اكتظ ذلك المسجد برواد دروسه وحلقاته العلمية، إضطر الشيخ إلى الانتقال بهم إلى الجامع الكبير في المدينة والذي كان يومها خاضعا لإشراف إدارة الاحتلال الفرنسي. لكنه لم يلبث كثيرا حتى منعته تلك السلطات من النشاط في ذلك الجامع وذلك بإيعاز من بعض رؤوس الطرقية وبعض المتعاونين مع تلك الإدارة من الجزائريين المعارضين للإصلاح، ممّا اضطره إلى العودة مرة أخرى إلى النشاط في المسجد الصغير الذي بدأ منه في أول الأمر.
كان الشيخ التبسي يركز في دروسه وخطبه على جوانب الإصلاح في أمور العقيدة وتطهيرها من الخرافات والبدع التي علقت بأذهان الناس من جرّاء نفوذ السلطة الدينية الطرقية في نفوسهم وتأثيرها على عقولهم، إلى جانب التركيز على الأمراض الإجتماعية المنتشرة آنذاك وآثارها الوخيمة على الفرد والمجتمع، وعلاقة الاستعمار بما كان يعانيه المجتمع من ضيق وعناء في أمور الدين والدنيا.
بعد انتشار أفكار الشيخ الإصلاحية في تبسة وضواحيها وإقبال الناس على دروسه وجلساته، اشتدت المضايقات عليه وعلى أنصاره مِن قِبَل إدارة الاحتلال وأعوانها من الطرقيين والانتفاعيين، فنصحه الشيخ ابن باديس بالخروج من تبسة إلى مدينة سيق بغرب الجزائر. وكان أهلها قد بنوا مدرسة جديدة دعوا الشيخ التبسي لإدارتها،(1) وذلك بترتيب مسبق بين أهل سيق والشيخ عبد الحميد ابن باديس.(2) وصل الشيخ التبسي إلى سيق سنة 1930وشرع في عمله فيها مترددا بين فترة وأخرى على تبسة إلى غاية سنة 1933 حيث قرّر العودة إليها مرة أخرى بعد إلحاح أهلها عليه وحرصهم على بقائه بينهم.(3)
وكان الشيخ قد أشرف على تكوين »جمعية تهذيب البنين والبنات« في تبسة ثم قام بإسمها مع أنصار الإصلاح في المدينة بتأسيس مدرسة عصرية كبيرة إلى جانب مسجد حر بعيد عن قبضة إدارة الاحتلال. وضرب أهلُ تبسة أمثلةً رائعة في التضحية والبذل والعطاء في إنجازهما، ومما رواه مالك ابن نبي في هذا الشأن أنّ الجميع أسهم في البناء كل حسب مقدوره، وكان منهم نجار تطوع بكل ما يتصل بأعمال النجارة مجانا، مع أنه لم يكن أمرا هينا، حتى أنّ امرأة عجوزا أتت بديك لها لتساهم به في ذلك العمل العظيم رغم أنه كان كل ما تملك.(4) وقد بلغ عددُ تلاميذ تلك المدرسة سنة 1934 خمسمائة من البنين والبنات.
وفي العموم فقد ساهمت جهود الشيخ التبسي الدعوية الإصلاحية مساهمة واضحة في إعادة تشكيل التركيبة الإجتماعية والفكرية للمجتمع التبسي، »فانضم تحت لواء الإصلاح حتى عرابدة المدينة ومدمنوها العاكفون على الخمر«، بل ومنهم من أبلى بلاء حسنا بماله وبكل ما يملك في مؤازرة الدعوة الإصلاحية.(5)
في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
لم يكن تَعَرُّفُ الشيخ التبسي على الفكر الإصلاحي لأول مرة مِن خلال جمعية العلماء، وإنما كانت له علاقة سابقة به قبل تاريخ إنشائها. فقد كان يتبناه منذ أيام الدراسة، ذلك أنه كان منذ العشرينات، وحينما كان طالبا بجامع الأزهر، يقوم بنشر عدد من المقالات الإصلاحية في صحيفة النجاح وكذلك الشهاب. ولم تكن مقالاته تلك تختلف في عمومها من حيث التصور العام والأهداف عمّا كان يطرحه الشيخ ابن باديس حتى مِن قَبل أن يرى أحدُهما الآخر.(6)
منذ اللحظات الأولى لتأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين سنة 1931، كان الشيخ العربي التبسي أحد أعضائها البارزين حيث عُيّن كاتبا عاما لها سنة 1934، وعندما توفي رئيسها الأول الشيخ ابن باديس في 1940، وبينما كان نائبه الشيخ محمد البشير الإبراهيمي في منفاه، قاد الشيخ التبسي ومَن معه مِن إخوانه العلماء الجمعيةَ بكل مهارة وحنكة إلى أن أُفرج عن الشيخ الإبراهيمي سنة 1943 فباشر عملَه كرئيس للجمعية، فيما واصل الشيخ التبسي عملَه فيها كنائب له.
ولقد كان تأسيس جمعية العلماء ثم عضوية الشيخ التبسي فيها بمثابة استمرار لنشاط هذا الأخير الذي بدأه منذ عودته إلى الجزائر. غير أن ذلك النشاط صار أكثرَ توسعًا وكثافةً وتنوعًا من جهة، وأبعدَ رؤية وأكثرَ تنظيمًا من جهة أخرى، حيث أصبح يعمل منذ تاريخ تأسيس تلك الجمعية من خلال مؤسسة تتبنى العمل الجماعي تفكيراً وممارسةً، وذلك كأساس مهم ضمن خطة مُوَحَّدة وأهداف مرسومة ومنهج مُحدَّد.
وكنتيجة لسعة خبرة السيخ التبسي وقدراته في مجال التعليم إدارةً وتدريسًا، فقد وجدته جمعيةُ العلماء أفضلَ مَن يخلف الشيخ ابن باديس في تلاميذه بعد وفاته، فكان »الكفءَ المُجْمَع على كفاءته في هذا الباب« (7) كما وصف الشيخ الإبراهيمي. فاضطلع الشيخ العربي بما كان يقوم به الإمام ابن باديس في حياته من التعليم المسجدي وإدارة شؤون تلاميذ »الجامع الأخضر«، ثم تحمَّل مسؤولية أولئك التلاميذ من حيث التعليم والإيواء عندما اضطرت جمعية العلماء إلى نقلهم من قسنطينة إلى مدينة تبسة. فقام الشيخ التبسي وأعوانه وأنصار الإصلاح من أهل تبسة خير قيام بما أُسند إليهم حسب تصريح الشيخ محمد البشير الإبراهيمي رئيس الجمعية آنذاك.(8)
وكان من آثار ذلك التعليم المبارك الذي دام عدة سنوات في مرحلته الانتقالية، أنْ تَشجَّع الشبابُ على الإقبال على العلم والرحلة في طلبه، فرَحَلَ المئاتُ منهم إلى »الزيتونة« بتونس، والعشرات إلى »القرويين« بالمغرب وبعضهم إلى »الأزهر«،(9) وكان من تلاميذ الشيخ التبسي في ذلك العهد رجالاً كانوا زينة مدارس الجزائر، ومنهم مَن هاجر إلى الشرق ليكمل علمه فَأَوْفَى وبرز.(10)
ومما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق، أن الشيخ العربي التبسي كان يقوم بتلك الأعمال مُتطوعا ومن دون مقابل مادي، وكان مُصِرًّا على التبرع بأعماله خالصة للّه ثم للعلم، كما جاء في نص بيان المجلس الإداري لجمعية العلماء المُوَجّه للأمة الجزائرية وبإمضاء رئيسها الشيخ الإبراهيمي بتاريخ 19 اكتوبر 1943. (11)
لقد أدركت جمعية العلماء أنّ رحلة أبناء الجزائر إلى خارج بلادهم وقطع المسافات البعيدة لطلب العلم في مستوياته الأولى، إنَّما هو إهدار للجهد والأموال وليس من العقل والصواب، وأنه لا يجب أن يفعل ذلك إلا من استكمل تعليمه في مراحله الأولى وكان استعداده وافيا لتلقي العلوم في مستوياتها العليا، فهناك فقط تَحسُنُ الرحلة وتكون لها فائدة.(12)
فقامت الجمعيةُ بعد رسوخ تلك القناعة، على العمل على إنشاء مؤسسة تعليمية تضطلع بسد ذلك الفراغ الرهيب الذي فرضته يَدُ التخريب الاستعمارية التي طالت مؤسسات الجزائر العلمية العليا منذ احتلالها للبلاد. فتم للجمعية ما تمنت وتحقق الحلم الذي كان يراود الشيخ ابن باديس منذ أن وضع اللبنة الأولى في التعليم المسجدي بمدينة قسنطينة. وتم افتتاح »معهد عبد الحميد ابن باديس« في قسنطينة سنة 1947 على أمل -آنذاك- أن تفتح الجمعيةُ بَعده مثيلين له أحدهما في مدينة الجزائر والآخر في تلمسان بغرب البلاد.(13)
ونذكر في فضل ذلك المعهد العظيم شهادةً لأحد علماء »جامعة القرويين« الشيخ محمد التواتي وهو من أصل جزائري، رواها د. عبد المالك مرتاض الذي عاشها بنفسه، حيث أنه لما ذهب للدراسة في تلك الجامعة العتيقة وجلس لذلك الشيخ لاختبار القبول، كان من جملة ما سأله كم يحفظ من الشِّعر، فأجابه بأنه يحفظ أكثر من ألفي بيت من الشعر العربي الرصين، ثم سأله عن المدة التي قضاها طالبا بمعهد عبد الحميد ابن باديس، فلما أدرك أنها لم تكن أكثر من أربعة أشهر، أعجب لذلك وقال له بأن معهدا يحفظ فيه تلاميذه هذا الكم من الشعر وبتلك النوعية وفي مثل تلك المدة لمعهد عظيم.(14)
ونظرا لأهمية ومكانة ذلك الصرح العلمي الكبير في قلوب علماء الجمعية وما كانوا يعقدونه عليه من آمال، فلم يكن في نظرهم من يشرف عليه-حينئذ- أفضل من الشيخ العربي التبسي الذي أسندت إليه إدارته والإشراف على التعليم العالي فيه. وقد بين ذلك بوضوح تصريح الشيخ الإبراهيمي في هذا الشأن حيث قال: »وأما الإدارة فقد كانت -في رأيي- وما زالت أصعبَ من المال. لأن الصورة الكاملة التي يتصورها ذهني للإدارة الرشيدة الحازمة اللائقة بهذا المعهد العظيم، نادرة عندنا، ونحن قوم نقرأ لكل شيء حسابه. ولا نُقدّم لجلائل الأعمال إلا الأكفاء من الرجال. وقد كنت مُدّخرًا لإدارة المعهد كفؤََها الممتاز وجذيلها المحكك الأخ الأستاذ العربي التبسي...«(15)
ولم يكن قبول الشيخ التبسي لتلك المسؤولية الجديدة بالأمر الهين فلقد كان على رجال الجمعية وعلى رأسهم رئيسها الشيخ الإبراهيمي بإقناعه هو أَوَّلا بذلك، ثم إقناع أهل مدينة تبسة ثانية عن العدول على إصرارهم على عدم التفريط في الشيخ هذه المرة بتركه مغادرة مدينتهم، حيث كانوا يعدون انتقال الشيخ التبسي عنهم كبيرة يرتكبها مَن يتسبب فيها.(16)
فما كان من أهل مدينة تبسة في الأخير إلا الاقتناع بوجهة نظر جمعية العلماء وأهمية انتقال الشيخ التبسي إلى عمله الجديد في قسنطينة وحاجة ذلك العمل إلى قدراته وإلى شخصية علمية مثله. وكان مما قاله الشيخ الإبراهيمي لهم: »إن الشيخ العربي التبسي رجل أمة كاملة لا بلدة واحدة، ورجل الأعمال العظيمة لا الأعمال الصغيرة«. فرضوا وسلموا خاصة بعد أن تعهدت لهم الجمعية بمسؤولية تأمين مشاريعهم العلمية والدينية بإيجاد من يخلف الشيخ العربي فيها.(17)
عندما انتقل الشيخ العربي التبسي إلى قسنطينة للعمل في »معهد عبد الحميد ابن باديس«، تعرّف المعلمون والطلبة على السواء على شخصية جديدة في التضحية والجدية ونكران الذات في آداء الأعمال والواجبات. وقد سجل رئيس الجمعية حينئذ الشيخ الإبراهيمي شهادات قيِّمة كثيرة حول بعض تلك الصفات وغيرها المتجسدة في شخصية الشيخ التبسي وأعماله في المعهد وغيرها. وكان مما أعُجب به الشيخ الرئيس من تلك الصفات، القدوة في التضحية في العمل وذلك من خلال الكلمة التي ألقاها الشيخ التبسي أمام هيئة التدريس في المعهد في اجتماع لتقرير منهاج سير التعليم فيه. وكان مما جاء في كلمته تلك ما يلي:»إن التعليم بوطنكم هذا، وفي أمتكم هذه ميدان تضحية وجهاد، لا مسرح راحة ونعيم. فلنكن جنود العلم في هذه السنة الأولى، ولنسكن في المعهد كأبنائنا الطلبة، ولنعش عيشَهم: عيش الاغتراب عن الأهل والعشيرة ولا تزورزهم إلا لماماً. أنا أضيقكم ذرعًا بالعيال للبعد وعدم وجود الكافي، ومع ذلك فها أنا فاعل فافعلوا. وها أنذا بادئ فاتبعوا«.(18) فكانت كلماته تلك كما يروي لنا الشيخ الإبراهيمي » مُؤثرة في المشائخ، ماسحة لكل ما كان يساورهم من قلق... ومضت السنة الدراسية على أتم ّ ما يكون من النظام الإداري، وعلى أكمل ما يكون من الألفة والانسجام بين المشائخ بعضهم مع بعض، وبينهم وبين مديرهم، حتى كأنهم أبناء أسرة واحدة، دبّوا على حضن واحدة، وشبّوا في كنف واحد، وربّوا تحت رعاية واحدة، توزّع الحنان بالسوية، وتبني الحياة على الحب. وأنّ مرجع هذا كله إلى الأخلاق الرضية التي يجب أن يكون مظهرها الأول العلماء«.(19)
كما أثرت أخلاقه وسيرته تلك في هيئة التدريس فصار قدوة لهم في أداء الواجب بكل تضحية وتفان، ويصف الشيخ الإبراهيمي شيئا من ذلك فيقول: » لقد حدثني المشائخ في الأشهر الأخيرة -أي منذ تولي الشيخ التبسي إدارة المعهد- فرادى ومجتمعين بأنهم انجذبوا إلى العلم انجذابًا جديدًا، وحببت سيرةُ الأستاذ التبسي التعليم إليهم على ما فيه من مكاره ومتاعب وأنهم أصبحوا لا يجدون بعد جهد سبع ساعات متواصلة يوميًا، نصبًا ولا لغوبًا«.(20)
وكان من صفات الشيخ العربي أيضا في إدارته للمعهد ما ذكره الشيخ الإبراهيمي مِن أنّ » الأستاذ التبسي في إدارته يتساهل في حقوق نفسه الأدبية إلى درجة التنازل والتضييع، ولا يتنازل في فتيل من النظام أو الوقت أو الأخلاق أو الحدود المرسومة«.(21)
ولم تكن نشاطات الشيخ التبسي وأعماله تقتصر على إدارة المعهد والتدريس فيه فقط، لكنها كانت أوسع من ذلك، فشملت غير ذلك من الأعمال كالصحافة والخطابة والوعظ والإرشاد، والتنقل بين مدن الجزائر وقُراها المختلفة بتكليف من المجلس الإداري للجمعية لتفقد سير أعمالها فيها وسبل تطويرها واستنهاض جهود الأمة للمساهمة في تأييدها ومساعدتها.(22)
ولم يختم الشيخ التبسي حياتَه العملية في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، حتى أشرف إلى جانب إدارة المعهد، على إدارة صحيفة »البصائر«، بالإضافة إلى ممارسة مهام رئيس جمعية العلماء مباشرة داخل الجزائر بعدما خرج رئيسُها الشيخ الإبراهيمي إلى الشرق سنة 1952 بتكليف من الجمعية.
ولقد برَع الشيخ العربي التبسي بأعماله وصفاته التي كانت محل تقدير واحترام الكثير من أهل العلم والسياسة في الجزائر. وقد سجل لنا جانبا من تلك الصفات مَلِكُ اللغة العربية والبيان في العصر الحديث الشيخ محمد البشير الإبراهيمي في شهادته التي جاء فيها: »إنّ التبسي -كما شَهِد الاختبار وصدقت التجربة- مدير بارع، ومُرَبٍّ كامل خرّجته الكليتان »الزيتونة« و»الأزهر« في العلم، وخرّجه القرآنُ والسيرة النبوية في التديّن الصحيح والأخلاق المتينة، وأعانه ذكاؤه وألمعيتُه على فهم النفوس، وأعانته عفّتُه ونزاهتُه على التزام الصدق والتصلب في الحق وإن أغضب جميعَ الناس، وألزمته وطنيتُه الصادقة بالذوبان في الأمة والانقطاع لخدمتها بأنفع الأعمال، وأعانه بيانُه ويقينُه على نصر الحق بالحجة الناهضة ومقارعة الاستعمار في جميع مظاهره. فجاءتنا هذه العواملُ مجتمعة منه برجل يملأ جوامع الدين ومجامع العلم ومحافل الأدب ومجالس الجمعيات ونوادي السياسة ومكاتب الإدارات ومعاهد التربية«.(23)
الشيخ التبسي والاحتلال: من المضايقة إلى الاختطاف
عرفنا فيما سبق بأن الشيخ العربي التبسي قد واجه كغيره من علماء الجمعية مضايقات شديدة من قِبَل إدارة الاحتلال. ولم يكن مَنْعُه من التدريس في الجامع الكبير في تبسة -وما تلاه من ضغوط اضطرته إلى مغادرة المدينة إلى غرب البلاد- آخرَ حلقة في سلسلة تلك المضايقات التي مُورِست عليه شخصيا دون التطرق إلى ما مسّه منها ضمن الإطار العام للجمعية.
فقد قامت سلطات الاحتلال الفرنسية باعتقاله سنة 1943 بتهمة التآمر على أمن فرنسا وذلك مِن خلال الاتصال بالألمان إبان الحرب العالمية الثانية، وتم على إثر ذلك سجنه لمدة ستة أشهر قضاها بين سجن لامبيز (تازولت) بباتنة وسجن قسنطينة.(24)
وكان اتهامه ذاك ثم سجنه، قد تم على إثر حدث مهم له علاقة وطيدة بقناعة الشيخ التبسي الراسخة منذ تلك الأيام بضرورة المواجهة المسلحة ضد العدو مهما طال الزمن. فقد حدث أن جاءه بعضُ ممن يحبه من الجزائريين ويثق في مشورته يخبره بأنهم عثروا على كمية من الأسلحة كان قد ألقى بها الألمان على أطراف الحدود الشرقية للبلاد، على أمل أن يستخدمها الجزائريون ضد فرنسا. لكن فرنسا تفطنت للأمر وطلبت من سكان تلك الجهات تسليم ما عثروا عليه من الأسلحة، فأراد السكان استشارة الشيخ في ذلك، فأشار عليهم بأنه مادامت فرنسا قد كشفت الأمر، فعليهم ردّ كيدها بتسليم جزء قليل منها على أنه كل الموجود، وإخفاء ما تبقى منها في مكان آمن ليوم سيكونون في أشد الحاجة إليها، وقد كان بين أولئك مَن أوشى بالشيخ ونَقَلَ مضمون تلك الوصية إلى السلطات الفرنسية فأوقفته.(25)
وعلى إثر أحداث الثامن من شهر ماي 1945، قامت السلطات الاستعمارية باعتقاله مرة أخرى مع مجموعة من زعماء الجزائر في الحركة الإصلاحية والوطنية، كان منهم رئيس الجمعية آنذاك محمد البشير الإبراهيمي، وذلك بتهمة التحريض على الثورة ضد الاحتلال. وقد تم الإفراج عنه في نهاية سنة 1946.
عند اندلاع ثورة التحرير الجزائرية المباركة في الفاتح من نوفمبر 1954، كان الشيخ العربي التبسي أحد أبرز العلماء الذين أيدوها وناصروها، كما شجّع أبناءَ جمعية العلماء على الانضمام إلى صفوفها. (26) وكان يقوم بدعمها ماديا ومعنويا من خلال خطبه التي أزعجت كثيرا سلطات الاحتلال. بالإضافة إلى كل ذلك، فقد كانت للشيخ -كرئيس لجمعية العلماء داخل الجزائر- علاقات تنسيق وعمل وثيقة مع بعض قيادات الثورة آنذاك من أمثال زيغوت يوسف وعبان رمضان وشيحاني بشير وغيرهم.(27)
أما العقيد عميروش فكان على اتصال مستمر به عن طريق تلميذه الشيخ إبراهيم مزهودي تارة وبواسطة الشيخ الشهيد الربيع بوشامة تارة أخرى. وقد تعاونت الجمعية معه في مجالات كثيرة كان منها مثلا تزويد جهاز المسؤولين السياسيين بالإطارات الكفأة وكذلك المعلمين، وتزويد ولايته ما كان يلزمها من آلات الطبع والكتابة والسحب.(28)
ورغم أن تلك الاتصالات والأعمال بين الشيخ التبسي -كرئيس مباشر للجمعية- وقيادة الثورة كانت تتم في سرية تامة وفي أغلب الأحيان عبر رسل يثق بهم الطرفان، فإن السلطات الفرنسية كانت تدرك آنذاك خطورة التحاق شخصية في وزن الشيخ العربي التبسي بالثورة. فأرادت أن تتدارك الأمر بأسلوب آخر منطلقة من إيمانها بثقله العلمي في المجتمع الجزائري، فقامت بعدة محاولات لمفاوضته عن طريق مندوبين عنها لحثه على السعي لإقناع مَن يستطيع مِن قادة الثورة بإيقافها من جهة، وبالتأثير بنفسه على الجزائريين بعزلهم عنها وإقناعهم بعدم دعمها واحتضانها من جهة أخرى. لكن الشيخ التبسي المؤمن بالثورة والمتشبث بها، رفض الخضوع لتلك الضغوط وردَّ على مفاوضيه من الإدارة الفرنسية بطرق كان يتفادى بها شبهة الانضمام للثورة. فكان ممَّا قاله مثلا لكاتب الحزب الاشتراكي الفرنسي آنذاك: »إنّ الجهة الوحيدة التي لها الحق في التفاوض في مسألة الثورة هي جبهة التحرير الوطني أو مَن تٌعيِّنُه لينوب عنها في ذلك«.(29)
ثم تكررت تلك المحاولات الفرنسية تباعًا وبأشكال مختلفة وكان منها إقحام الإعلام الفرنسي في ذلك مباشرة، كإرسالهم له مثلا مبعوث صحيفة Le Monde في يناير 1957 لمقابلته للغرض ذاته، فأدرك الشيخُ مُرادَ المقابلة ورفض استقباله والحديث إليه.(30)
ولمّا يئِست سلطةُ الاحتلال من جرّه إلى معسكرها في هذه القضية الخطيرة، و رأت عزمَه وصلابتَه وصمودَه أمام أساليب الترغيب والترهيب، وأدركت خطورة وجود وبقاء مثل تلك الشخصية العلمية البارزة إلى جانب الثورة، قررت تصفيتَه والتخلصَ منه. ففي الساعة الحادية عشر ليلا من اليوم الرابع من رمضان الموافق لليوم الرابع من شهر ابريل 1957، إقتحمت مجموعةٌ إرهابية من الفرنسيين التابعين لفرق المظلات ويقال على يد شرذمة من المجموعات الإرهابية »اليد الحمراء« سكنَ الشيخ العربي التبسي ببلكور بعاصمة الجزائر، واقتادته إلى مصير مجهول لم يُعلم إلى يوم الناس هذا. (31)
فرحم اللهُ الشيخ العربي التبسي وألحقه بالنبيين والشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقا، ولا حَرَمَ اللهُ أرحامَ نساء الأمة من أن تلد مثلَه وأفضلَ منه.
----------------
الهوامش
* نشر في صحيفة البصائر التي تصدر عن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في الجزائر وذلك في ثلاث حلقات بتاريخ 2005/05/09 و 05/16/ 2005 و 23 / 05/ 2005
1- مالك بن نبي: مذكرات شاهد للقرن، بيروت-دمشق، دار الفكر، 2004 ص 189
2- أبو القاسم سعد الله: تاريخ الجزائر الثقافي، بيروت، دار الغرب الإسلامي، 1998، ج3، ص 256
3- بشير كاشه: إمام المجاهدين الشهيد الشيخ العربي التبسي، الجزائر،دار الآفاق،2004 ص 12
4- مالك بن نبي: مذكرات شاهد للقرن، ص 262
5- مالك بن نبي: مذكرات شاهد للقرن، ص 262
6- أحمد الرفاعي الشرفي: مقالات في الدعوة إلى النهضة الإسلامية في الجزائر،الجزائر، باتنة، دار الشهاب، 1984، ص 11
7- آثار محمد البشير الإبراهيمي: مجلد 2، ص 171
8- المصدر نفسه ص 219
9- المصدر نفسه
10- المصدر نفسه 132
11- المصدر نفسه
12- المصدر نفسه ص 171
13- المصدر نفسه
14- في حديث له أجراه معه التلفزيون الجزائري نشطه أوسيني لعرج
15- آثار محمد البشير الإبراهيمي: مجلد 2، ص 217
16- المصدر نفسه
17- المصدر نفسه
18- المصدر نفسه
19- المصدر نفسه
20 - المصدر نفسه ص 219
21 - المصدر نفسه ص 218
22 -البصائر: السنة الأولى 22 ماي 1936، ص 3-6
23- آثار محمد البشير الإبراهيمي: مجلد 2، ص 218
24- بشير كاشه: إمام المجاهدين الشهيد الشيخ العربي التبسي، ص 12
25- محمد الميلي: التلفزيون الجزائري، برنامج وقفات و حوار
26- محمد عباس: رواد الوطنية، الجزائر، دار هومة، 2004، ص376
27- المصدر نفسه ص 376-377
28 - أحمد حماني:صراع بين السنة والبدعة، قسنطينة، الجزائر، دار البعث، 1984، ج2، ص299 وكذلك محمد عباس: رواد الوطنية، ص 376-377
29- نص بلاغ جمعية العلماء عن: أحمد الرفاعي الشرفي: مقالات في الدعوة إلى النهضة الإسلامية في الجزائر، ص 152
30- نص بلاغ جمعية العلماء عن: أحمد الرفاعي الشرفي: مقالات في الدعوة إلى النهضة الإسلامية في الجزائر، ص 152. أحمد حماني يقول كان ذلك سنة 1956 أنظر: صراع بين السنة والبدعة، مجلد 2، ص 182
31- نص بلاغ جمعية العلماء عن: أحمد الرفاعي الشرفي: مقالات في الدعوة إلى النهضة الإسلامية في الجزائر، ص 155.








 


رد مع اقتباس
قديم 2011-12-15, 09:06   رقم المشاركة : 62
معلومات العضو
محبة الحبيب
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية محبة الحبيب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل مشرف 
إحصائية العضو










افتراضي



المفكر الفيلسوف الدكتور عبد الرزاق قسوم
رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

الاسم الكامل: عبد الرزاق عبد الله قسوم.
تاريخ ومكان الميلاد: 1933م، المغير ولاية الوادي – الجزائر-.
المؤهلات العلمية:
-ليسانس في الأدب العربي من جامعة الجزائر.
-ليسانس في الترجمة من جامعة الجزائر.
-ليسانس في الفلسفة من جامعة الجزائر .
-دبلوم الدراسات العليا في الفلسفة من جامعة الجزائر.
-ماجستير في الفلسفة من جامعة القاهرة.
-دكتوراه دولة في الفلسفة من جامعة السوربون باريس، فرنسا.
-شهادة إثبات مستوى بالإنجليزية من المعهد التكنلوجي -لندن – بريطانيا.
الخبرة المهنية:
-أستاذ كرسي قسم الفلسفة، جامعة الجزائر.
-مترجم فوري للمؤتمرات (عضو المنظمة الدولية لمترجمي المؤتمرات بجنيف، سويسرا).
-كاتب، وعضو اتحاد الكُتّاب الجزائريين.
-أمين عام المجلس الإسلامي الأعلى سابقا.
المــؤلفات:
-عبد الرحمن الثعالبي والتصوف.
-مفهوم الزمن في فلسفة أبي الوليد بن رشد.
-مدارس الفكر العربي الإسلامي -تأملات في المنطلق والمصبّ-.
-نزيف قلم جزائري.
-مفهوم الزمن في الفكر العربي الإسلامي المعاصر –باللّغة الفرنسية-.
-فلسفة التاريخ -قراءة إسلامية معاصرة-.
-تأملات في معاناة الذات.
المســـؤوليات:
-مجاهد في صفوف المنظمة المدنية لجبهة التحرير الوطني (1956 – 1962).
-أمين عام اتحاد المترجمين الجزائريين (1980-1984).
-نائب عميد المعهد الإسلامي لمسجد باريس (1984-1986).
-مدير معهد الفلسفة بجامعة الجزائر (1986-1988).
-مدير المعهد الوطني العالي لأصول الدين بالجزائر (1988-1994).
-نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
-رئيس تحرير جريدة البصائر لسان حال جمعية العلماء (1998-2004).

الأستاذ الدكتور عبد الرزاق قسوم بن عبد الله من مواليد سنة 1933م بمدينة المغير، التي تبعد عن عاصمة ولاية الوادي بالجنوب الشرقي الجزائري مائة وعشرين كلم. اكتحلت عيناه طيف العربية وبسمة الحرية، من لبن الأم ونسيم الصحراء الشاسعة، منذ أن أبصر النور على أديم البسيطة، مما جعل خياله واسعا وتفكيره خصيبا وأسلوبه سهلا ممتنعا.

النشأة والدراسة:
• نشأ في تلك المدينة الصحراوية وسط أسرة متدينة، كان الوالد فيها فقيها مصلحا، يعيش بعرق جبينه من الفلاحة والتجارة، وأمّ صالحة محبة للإصلاح والصالحين، أشرفتْ بكل عناية على تربية أبنائها وبناتها البالغ عددهم ستة أفراد: أربعة ذكور وبنتان، نشأوا جميعا على حفظ القرآن الكريم، وعلوم اللغة العربية وآدابها.
• زاول دراسته بمسقط رأسه، فحفظ القرآن الكريم على معلمين من أبرزهم: الطالب احميدة صحراوي، والطالب عبد الله بوحنيك، والطالب الطاهر بوزويد. أما دروس اللغة العربية وعلومها فكانت على يد: الشيخ لعروسي الحويدق، الشيخ محمد بن عبد الرحمن المسعدي، هذا الأخير الذي ترك فيه أثرا كبيرا، واللغة الفرنسية وآدابها عند السيد: بري –Bret-(فرنسي الأصل)، وهو الذي كان قد تنبأ له بمستقبل مشرق، في عبارة مدونة بكراس لا يزال يحتفظ به، وكان عبد الرزاق المترجم له في حديثه مع أولياء التلاميذ وفي تجواله بالمدينة، حتى وصل إلى مستوى الشهادة الابتدائية.
• كان يتنقل بين ثلاثة أنواع من المدارس منذ الفجر حتى غروب الشمس، من الكتّاب لحفظ القرآن منذ صلاة الفجر في زاوية: الصايم سيدي امبارك، ثم إلى المدرسة الفرنسية ومنها إلى المدرسة العربية الحرة –الفتح-التابعة لجمعية العلماء المسلمين مساءً، وهكذا تمكن من حفظ القرآن وعمره لم يتجاوز 11 سنة. وتعلم اللغة العربية مع مبادئ العلوم الأخرى، إلى أن حصل على الشهادة الابتدائية باللغة الفرنسية.
• ألحقه والده بصفوف طلبة معهد ابن باديس في قسنطينة لمزاولة دراسته سنة 1949م، بعد عامين من إنشائه.
• مرحلة التعليم في المعهد، يعتبرها من أهم محطات حياته، حيث تعرف فيه على شبان جدد من أترابه وغير أترابه، من مختلف أنحاء القطر الجزائري. واتّسعت بهذا آفاقه الفكرية، وازدادت مداركه العلمية، ونمت أحاسيسه الوطنية، وتبلورت أفكاره السياسية، ذلك بفضل تلك الدروس المتميزة التي كان يتلقاها، على أيدي أساتذة كانوا حريصين على غرس الروح الوطنية في طلبتهم، وتطوير القيم الدينية والخُلقية في نفوسهم. من بينهم المشايخ التالية أسماؤهم: أحمد حماني، أحمد الحسين، عبد الرحمن شيبان، أحمد رضا حوحو،عمر جغري ... الخ.

• بعد مرور أربع سنوات من التعلم في معهد ابن باديس، حصل على الشهادة الأهلية، على يد وفد من جامع الزيتونة –تونس-، ومن ثمة بدأ الاستعداد للتوجه نحو المشرق لمزاولة دراسته. بعد أن قُبل في بعثة جمعية العلماء، ولكن اندلاع ثورة الفاتح من نوفمبر 1954م، حال دون حصوله على جواز السفر من سلطات الاحتلال التي كانت مسؤولة عن إجراءات السفر داخل الوطن وخارجه، وبذلك يكون هذا الرفض من إدارة الاحتلال قد شكل عائقا كبيرا في طريقه لمواصلة دراسته العليا، ولكن النفوس الكبيرة تتكيف مع الظروف ولا تتوقف أو تنهار، فضيّع الذهاب إلى المشرق في شبابه، ولكنه ذهب إليه في كهولته، وحقّق نتائج، ربما لم تكن لتتحقق من قبل.

أثناء الثورة التحريرية المباركة:
• عاد إلى المغير وسط جو من الحماس الوطني، الذي أخذ تياره يسري عبر كامل أنحاء الوطن، ولما استقر به المقام مرة أخرى في مسقط رأسه، اتصل بالمجاهدين في بيت الشهيد "سي عمار شهرة" بواسطة أحد الإخوان، هنالك التقى برجلين كريمين هما:" عميرة قرندي" و"ابن القطاري"، ومما يذكره من الحوار الذي دار بينه وبين "ابن القطاري" الذي التقى به كواسطة بينه وبين نظام الثورة: " إن هذا الذي نقوم به نحن إنما هو من أجلكم أنتم شبان الجزائر المثقّفين، لأنكم أنتم مستقبلها الزاهر". وكان هذا الكلام الذي سمعه، قد زاد في قوة إيمانه بالثورة الجزائرية، وثقته في انتصارها، مادام هؤلاء المجاهدون يحملون هذه الآمال العريضة عن الثورة في المستقبل.

• في هذه الأثناء كان يعلّم متطوعا في مدرسة المغير الحرة، مساعدا لمعلم المدرسة الشيخ: الأزهري ثابت، والشيخ إبراهيم قسوم، والشيخ موسى بالراشد.

• يذكر أن ما بقي عالقا بذهنه حتى الآن عما كان يدرّسه لتلامذة مدرسة المغير، قصيدة للشاعر الفلسطيني: "إبراهيم طوقان"، ومنها:
كفكف دموعك ليس ينفعك البكاء ولا العويل
وانهض ولا تشْك الزمان فما شكا إلا الكسول
واسلك بهمّتك السبيل ولا تقل كيف السبيل؟
ماضلّ ذو أمل سعى يوما، وحكمته الدليل
كلاّ ولا خاب امرؤ يوما ومقصده نبيل
---------
أفنيتَ يامسكين عمرك في التأوّه والحزن
وقعدت مكتوف اليدين، تقول حاربني الزمن
ما لم تقم بالعبء أنت، فمن يقوم به إذن؟
وطن يباع ويشترى، وتصيح فليحيا الوطن
لو كنت تندب حظه لبذلت من دمك الثمن
ولقمت تبني عزه، لو كنت من أهل الفطن
ويشير الدكتور أن بعض سكان المغير، لا يزالون حتى الآن يحفظون مثل هذه القصائد الرائعة، ويرددون بعض أبياتها، كلما ساورهم طيف من ارتياد ذلك الماضي المجيد. وهي قصائد تحثّ الشباب على خوض غمار الكفاح المسلح دفاعا عن الوطن المحتل، وتدعوه إلى اليقظة والنهوض من السبات العميق، الذي طالما غيّب الضمير الوطني والعقل العربي في ظل الوجود الاستعماري البغيض .

• بعد أشهر من اندلاع الثورة، غادر بلدة المغير إلى الجزائر العاصمة، وكان ذلك في شهر مارس من سنة 1955م، ولم يكن له فيها قريب أو صديق، سوى أحد معارفه وهو " محمد العايز"، الذي تحول بعد ذلك إلى صديق حميم له.
• بعد فترة قضاها في العاصمة، اتصل بمركز جمعية العلماء، حيث التقى بزملاء الدراسة البادسيين مثل:" عبد السلام برجان" الذي أصبح فيما بعد ضابطا في جيش التحرير الوطني، و"صالح نور" الذي أصبح فيما بعد رئيس محكمة الثورة في الجزائر العاصمة، كما اتصل بالشهيد " البشير بن رابح" الذي عرّفه بالمجاهد الشهيد "محمد الصغير الأخضري"، الذي أصبح فيما بعد الرائد "سي المختار".

• رُبطت بينه وبين "نور صالح" صلة تكوين مناضلين، في سلك التعليم العربي الحر، بواسطة المناضل" سي الزبير الثعالبي" الذي كان زميلا لي بالمعهد الباديسي، وأصبح يدير مدرسة الناصرية بحي مناخ فرنسا ببوزريعة.
• في الوقت نفسه كوّن علاقة مع نادي "حزب الإتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري" المقابل لمسجد كتشاوة، حيث كان يعلّم العربية للشباب بالليل، فتعرف هناك على بعض الإخوة ومنهم " أحمد قايد" و "فرحات بالأمان"، الذي أصبح بعد الاستقلال أول رئيس لبلدية الجزائر الكبرى، و"عمي بوخالفة" الذي كان يشرف على النادي.

• تحصل على منصب معلم، في "مدرسة السنية" ببئر مراد رايس، وفي "نادي البيان" ربط أيضا صلة ثورية هامة مع الولاية الأولى، بواسطة زميل كان يدرس معه في معهد عبد الحميد بن باديس، وهو من الأوراس ذهب إلى العاصمة بهدف الحصول على اللباس العسكري لجنود جيش التحرير الوطني.

• عاد إلى بئر مراد رايس ... حيث كون صلات النضال المختلفة، ففي مدرسة السنية توطدت العلاقة بينه وبين "محمد الصغير السائحي"، وبدأ بجمع المال من المعلمين الأحرار ضمن خليته، وقام بزيارة المدارس العربية الحرة لهذا الغرض . وفي بئر مراد رايس أيضا تعرف على أبرز مجاهدي المنطقة من أمثال: "سي أرزقي عياش" والشهيد " سي العربي سعادة"، كما اتصل بالأستاذ " أحمد توفيق المدني" الذي كان يشرف على جريدة البصائر لسان حال جمعية العلماء المسلمين.
• وبعد إضراب الثمانية أيام انتقل إلى "مدرسة الهداية" في العناصر بالقبة، حين قاطع التلاميذ الجزائريون المدرسة الفرنسية، وامتلأت بهم المدرسة العربية بالعناصر.

• ذات ليلة وعبد الرزاق في المدرسة يعلم التلاميذ هو ورفاقه، فإذا بالمظليين يقتحمون المدرسة، وإذ بهم يعثرون بحوزته على مراسلة له، كان ينوي بعثها لصديق في الكويت، بها عبارات فهموا منها أنه قياديّ في جبهة التحرير الوطني. لكن وبلطف من الله بقي وزملاؤه أحياء بعد إعدام جميع الذين اقتيدوا إلى الساحة التي كانوا قد جمّعوهم فيها. أيام قليلة بعد الحادثة، أعادوا إخراجه مرة أخرى ومَن معه مِن معلمي المدرسة بالقوة، فاقتادوهم جميعا إلى مقر بلدية القبة الآن، وهناك أذاقوهم ألوانا شتى من العذاب، مازال يحمل آثار ذلك إلى اليوم.

• عاد بعد هذه الحادثة إلى مسقط رأسه بالمغير، هناك وجد جوا نضاليا آخر. ولما وصل وجد المسؤولين هنالك قد قرروا إلحاقه بصفوف جيش التحرير الوطني بالجبل، وإذا هم كذلك فإذا بالملازم "سي عبد السلام مباركية" يصل من الولاية الأولى إلى المغير في زيارة تفقدية، فطلب من مسؤول المنطقة تزويده ببعض المتطوعين، فكان من الذين اختيروا لهذه المهمة.

• لما اتصل بالضابط عبد السلام، وبعد الاتفاق على المهمة الثورية الجديدة، اكتشف أنه كان زميلا له بمعهد قسنطينة، فقضوا أياما وليالي متنقلين بين مختلف المنازل بمنطقة المغير، وخاصة أبناء "سي الحاج عبد القادر الزغيدي"، الذي كانوا يقضون نهارهم في بيته، وليلهم في "سبالة " المعمّر الفرنسي "ميتي" "Mity" مع باقي الجنود والفدائيين المحليين.
• وبأمر من الملازم عبد السلام، بقي وزملاؤه في المغير منشغلين بالتعليم، إضافة إلى العمل المدني في الثورة، قائلا:" ابقوا هنا حتى نحتاج إليكم فنبعث في طلبكم".

• وبعد شهور قلائل مضت عليهم بالمغير في انتظار موسم السنة الدراسية 1957م، أُمر بالذهاب إلى العاصمة لشراء الأدوات المدرسية استعدادا للافتتاح. وبينما كان يستعد للعودة إلى المغير، سمع باقتحام الجيش الاستعماري لقريتهم و بالتّبع بيتهم. هكذا استولى الاستعمار على كل ما يملك والده من أثاث البيت ومتاع الحياة فيه، والمهم فيما ضاع كله،تلك الكتب التي كانت ملكا للعائلة، لاسيما إذا علم المرء أن الحصول على مثل تلك المصنّفات العلمية لم يكن أمرا ميسورا بالطريقة التي نحصل بها مثل ما هو متيسّر اليوم، سواء من حيث الكم أو الكيف، كان ذلك يوم 11 أكتوبر 1957م، فنُصح بعدم العودة إلى المغير، لالتحاق الوالد بالجبل في صفوف جيش التحرير الوطني، أما إخوته فأحدهم حذا حذو والده، وآخران قبضت عليهما السلطات الاستعمارية.

• بقي في الجزائر يتابع تطور الموقف في المغير، وأعدّ لتنظيم مسيرة حياته من جديد، فانضمّ مرة أخرى إلى مدرسة السنية ببئر مراد رايس، وعاود الاتصال بالنظام لاستئناف نضاله من جديد، ومع أن الوضع قد تغير بالعاصمة بعد إضراب الثمانية أيام، وبغياب المسؤولين الذين كان على اتصال بهم من قبل، عاد إلى مهمته النضالية بعد الاتصال بالمجاهد " الزبير الثعالبي". واندمج في سلك النضال، يجمع الأموال ويوزعها على أبناء المساجين والمجاهدين، إلى جانب القيام بمهمة التدريس في المدرسة.

• وكان مسئولو الثورة في حي بئر مراد رايس يثقون فيه كل الثقة، وكان عمله مع النضال يمر عن طريق المجاهد "سي يحي-أحمد زيغم-" أطال الله عمره، فكان يأتيه إلى المدرسة أثناء فترة الاستراحة، ليتحاورا في كل ما يتّصل بالنظام، ويكتب له الرسائل الموجهة إلى أصحابها، أو يُطلعه على المناشير الجديدة، أو يطلب منه أن يتّصل ببعض المناضلين على أنهم أولياء التلاميذ.

• وأثناء تدريسه بهذه المدرسة أصدر مجلة حائطية مدرسية، بمعية أحد زملائه وهو "محمد منيع" -مدير مدرسة تيليملي-، ولكن هذه المجلة الحائطية لم تدم طويلا، لأن وسائل الطباعة كانت صعبة، ولأن زميله المذكور قد اعتقل.
• وعلاوة على تلك المهام التربوية والنظامية في الثورة، فقد نظم هو وزميله امتحان الشهادة الابتدائية العربية في مدرسة تيليملي، في الوقت الذي نظّم فيه امتحان آخر لهذه الشهادة في "مدرسة التهذيب" بالعين الباردة، والتي كان يشرف عليها "محمد الحسن فضلاء".

• في شهر جويلية 1959م، تقدم لامتحان الشهادة الابتدائية عدد من التلاميذ والتلميذات لمدرسة تيليملي، وكانت اللجنة المشرفة على الامتحان تتكون من الأساتذة: عبد الرزاق قسوم، محمد منيع، حسين قوايمية. وقد كُلف عبد الرزاق قسوم بوضع أسئلة اختبار تلك الشهادة.

• أما على الصعيد النضالي، فقد واصل اتصاله بمختلف قنوات الثورة، ومن هذه القنوات:
أولا: اتصل به نائب قائد الولاية الثالثة، الرائد " الشيخ محمد الطيب صديقي"، عن طريق ابنته التي كانت تتعلم في مدرسة السنية –بئر مراد رايس-، وبواسطة ابن عمه الحاج محمد الشريف صديقي، الذي كان أولاده يتعلّمون بنفس المدرسة.
ثانيا: لما اعتقل المجاهد ياسف سعدي وتضعضع العمل النضالي قليلا، قدم خطة جديدة لإعادة تنظيم الجزائر العاصمة على ضوء الأخطاء التنظيمية التي عرفتها الساحة، وسلم هذه الخطة إلى الأخ "الزبير الثعالبي".
ثالثا: لما اندلعت مظاهرات ديسمبر 1960م، كان له شرف المساهمة في تنظيمها، وذلك بإعداد اللافتات والشعارات التي حملها متظاهرو بئر مراد رايس.
رابعا: بعث في منتصف 1961م بمقال أدبي بعنوان " الأدب العربي يحتضر في الجزائر" إلى مجلة الآداب اللبنانية وقد صدر المقال في عدد جوان 1961م، وكُتب تحت المقال عبارة "تلقت الآداب هذه الرسالة من الجزائر بقلم: -ع. أ. ق-"خوفا من أذى المستعمِر الفرنسي"، وقد أحدث المقال صدى طيبا في الداخل والخارج.
خامسا: أقام بمعية زملائه، إذاعة محلية في أواخر 1961م ومطالع 1962م، بحي لاكنكورد ببئر مراد رايس، بعد أن تلقى الجهاز الفني للإرسال عن طريق أحد الفنيين العاملين بالقناة الثانية للإذاعة الجزائرية،وكان المشرف عليها بأمر من جبهة التحرير.

بعد الاستقلال:
وببزوغ فجر الاستقلال فتحت أمامه–كما فتحت أمام كل الجزائريين - أبواب الحياة الكبرى، وفي مقدمتها باب الجامعة ، وباب العلم، الذي غيّر كل معالم حياته، فتسلق سلّم المعارف، والمحافل العلمية داخليا وخارجيا، بفضل الشهادات العلمية الأكاديمية والتقديرية.
• التحق سنة 1963م، بمعهد الدراسات العربية –جامعة الجزائر-، وحصل منه سنة 1966م على شهادة الكفاءة المهنية للتعليم الثانوي للغة العربية (CAPES).
• أشرف على برنامج: الأقلام الجديدة بالإذاعة الوطنية القناة الأولى 1963 – 1967م.
• حاز على شهادة الليسانس في الترجمة من جامعة الجزائر سنة 1966م،
• أعدّ وقدم برنامجا مع التيارات الفلسفية بالإذاعة الوطنية 1968 – 1970م.
• ثم حاز أيضا على شهادة ليسانس في الفلسفة من جامعة الجزائر سنة 1969م.
• وبعدها سجل في الدراسات العليا وحصل سنة 1972م، على دبلوم الدراسات العليا "DES"، ثم واصل دراسته حتى حصل على شهادة الماجستير في الفلسفة سنة 1975م من جامعة القاهرة، وكان قد سجل من قبل في جامعة السربون 4، ومنها حصل على شهادة دكتوراه سنة 1979م.
• عضو باتحاد الكتاب الجزائريين منذ سنة 1976م إلى يومنا هذا.
• عاد إلى الجزائر ليواصل عمله أستاذا بقسم الفلسفة ضمن معهد العلوم الاجتماعية، وفي 1981م صار عضوا في المجلس الإداري لهذا المعهد.
• أشرف في التلفزيون الجزائري على برنامج – الثقافة للجميع 1980 – 1982م، ثم على برنامج منبر الهدى 1987 – 1989م.
• من سنة 1980م إلى 1986م. كان عضوا في المجلس الإسلامي الأعلى، ثم أمينا عاما للمجلس خلفا للشيخ أحمد بن نعمان.
• وفي الوقت ذاته كان أمينا عاما للمترجمين الجزائريين من 1981-1985م. وقد ولج مجال الترجمة الفورية من بداية السبعينات ولا يزال إلى يومنا الحاضر.
• 1984م أصبح نائب عميد المعهد الإسلامي بمسجد باريس إلى سنة 1987م، وبعد عودته من باريس عيّن مديرا لمعهد الفلسفة بجامعة الجزائر .
• سنة 1987-1988م. كان عضو المنظمة الدولية لمترجمي المؤتمرات بجنيف.
• عين مديرا للمعهد الوطني العالي لأصول الدين بالجزائر 1989 – 1995م.
• عيّن في جامعة الجزائر مديرا للبحث العلمي في معهد العلوم الاجتماعية.
• مدير مجلة موافقات، التي كان قد أنشأها وهو مدير للمعهد العالي لأصول الدين.
• تحصل على شهادة إثبات مستوى في اللغة الإنجليزية من المعهد التكنولوجي -لندن – بريطانيا.
• منذ دراسته بمعهد ابن باديس وجمعية العلماء تسري في دمه، إلى أن أُعيد تأسيسها بقيادة الشيخ أحمد حماني وكان عضوا فيها،و بعد وفاة الشيخ حماني، خلفه الشيخ عبد الرحمن شيبان، فأصبح قسوم عضوا قياديا في الجمعية، وشارك في إعادة الحياة لجريدة البصائر، التي كان رئيس تحريرها 2000-2004م.
• إلى اليوم أستاذ بكلية العلوم الإسلامية وقسم الفلسفة بجامعة الجزائر، ما يزال نشيطا، حركيا، دؤوبا على الجدّ والعمل، كثير التنقل بين الجامعات الوطنية والعربية والدولية.

شخصيات تأثر بها:
هم كُثر، ففيهم من تعلّم منهم دون أن يتعلم عليهم
• الشيخ عبد القادر الياجوري (أحد الأساتذة بمعهد ابن باديس): تعلم عليه في المعهد المعلومات، وتعلم عليه في الحياة المواقف.
• الشيخ عدون: البساطة والتواضع وخفة الدم.
• الشيخ العباس بن الحسين: لايكتب ولا يقرأ –لضعف بصره- مثقف ثقافة عالية، لا يتكلم إلا اللغة العربية، يسيّر ويمثل بها جالية (فرنسا). فعند وفاته تأثر له: يهودييّهم ونصرانيّيهم، ملحدهم وبوذييّهم. له قوة البيان وحكمة في اللسان.
علمتني الحياة:
• الطفولة شاقة وشيقة.
• التّلمذة هي قولبة الإنسان وصياغته صياغة وطنية سليمة. أساسها العقيدة الوطنية القائمة على الأصالة والثقافة الأصلية.
• من تنقلاته حول العالم:الاطلاع على الخُلق، والثقافة، والتقاليد، الخاصة بكل بلد، تكوين آخر للشخصية.
• في باريس تعلم: باسم المصلحة الوطنية والدين الإسلامي، ضم جميع الجزائريين باختلافاتهم في صف واحد.
مواد درّسها:
• البيداغوجيا العامة والخاصة (التربية العامة، والتربية الخاصة) –منهجية تدريس المادة العلمية الجامعية عموما والفلسفة خصوصا-.
• الفلسفة الإسلامية.
• الفلسفة الحديثة.
• الفكر العربي الإسلامي المعاصر.
• منهجية البحث العلمي.

الآثار العلمية والفكرية:
له الكثير من المقالات الفلسفية والأدبية والتاريخية والسياسية، في مجلات وجرائد وطنية ودولية، من أهمها:
- مجلة الأصالة. – مجلة التراث (دبي).
- مجلة الثقافة. – مجلة المستقلة (لندن) .
- مجلة: الموافقات. – جريدة الوسط.
- مجلة: الجيش. – جريدة المصريون.
- حوليات مجلة جامعة الجزائر, – جريدة أخبار اليوم (مصر).
- مجلة لآداب اللبنانية. – جريدة الشرق الأوسط (لندن).
- جريدة البصائر. – جريدة العالم الإسلامي (السعودية).
- جريدة الوطن (الكويت). – جريدة المسلمون (السعودية)
- الشروق اليومي.

المؤلفات:
المؤلفات عديدة في الفلسفة وفي التصوف وفي فلسفة التاريخ. المطبوع منها:
1. عبد الرحمن الثعالبي والتصوف.
2. مفهوم الزمن في فلسفة أبي الوليد ابن رشد.
3. مدارس الفكر العربي الإسلامي (تأملات في المنطق والمصب).
4. نزيف قلم جزائري.
5. مفهوم الزمن في الفكر العربي المعاصر (باللغة الفرنسية).
6. فلسفة التاريخ من منظور إسلامي (قراءة إسلامية معاصرة).
7. تأملات في معاناة الذات.

• قدم للعديد من الكتب نذكر منها:
1. تفسير المعوذتين للشيخ عبد الحميد ابن باديس، والذي لخصه الشيخ البشير الإبراهيمي.
2. المنقذ من الضلال والموصل إلى ذي العزة والجلال، لأبي حامد الغزالي.
3. مع الثورة الجزائرية –مجموعة من الكتّاب-.
• ترجم من اللغة العربية إلى الفرنسية:
1. كتابين ضمن سلسلة كتب يصدرها إتحاد العلماء المسلمين:
• متطلبات تغيير الفتوى بتغير المكان والزمان – الشيخ يوسف القرضاوي -.
• المسلم مواطنا في الغرب – د.فيصل المولوي -.
2. جمعية العلماء المسلمين الجزائريين -جاك كاري – , تقديم وتعليق أ. محمد الهادي الحسني.

• مشروع كتاب:
1. أعلام ومواقف.
2. فقه الفلسفة أو فلسفة الفقه.

الملتقيات والندوات:
• أشرف على تنظيم ملتقيين دوليين الأول حول الشاطبي سنة 1990م، والثاني حول المذهب المالكي سنة 1991م. بحضور أقطاب العالم الإسلامي.
• شارك في الكثير من الملتقيات الوطنية والدولية العربية والأوروبية، بدعوة من منظمات دولية مختلفة منها: المنظمة العالمية للثقافة والعلوم، المنظمة الإسلامية للعلوم، والهيئة الفلسفية العالمية، في كل من:لندن، موسكو، كندا، وهيئات علمية عالمية أخرى في كل من: اليابان، الأرجنتين، بلجيكا، فرنسا. وقد زار كثيرا من دول العالم بالقارات الخمس.
أشرف وناقش حتى الآن حوالي: خمسين رسالة وأطروحة في الفلسفة والتاريخ والأدب وعلوم الشريعة.
حفظ الله الدكتور قسوم و أطال في عمره









رد مع اقتباس
قديم 2011-12-15, 09:09   رقم المشاركة : 63
معلومات العضو
محبة الحبيب
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية محبة الحبيب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل مشرف 
إحصائية العضو










افتراضي

الموضوع متجدد و مازالت القائمة طويلة و لله الحمد فأرض الجزائر ليست بعاقر









رد مع اقتباس
قديم 2011-12-16, 09:49   رقم المشاركة : 64
معلومات العضو
محبة الحبيب
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية محبة الحبيب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل مشرف 
إحصائية العضو










افتراضي


الشيخ إبراهيم بن عمر بيوض


1313هـ/1899م – 1401هـ/1981م

بقلم د. محمد صالح ناصر



هو الشيخ ابراهيم بن عمر بيوض، ولد سنة 1313هـ/1899م في أحضان والدة من عائلة الحكم بالقرارة، و والده يعد من أعيان البلد.

دخل كتاب القرية فاستظهر القرآن قبل سن البلوغ. ثم أخذ مبادئ العلوم الشرعية و اللغوية على يد مشايخ القرارة المشهورين آنئذ الحاج ابراهيم لبريكي (ت:1911م)، الحاج عمر بن يحي أمليكي (ت:1921م)، أبو العلا عبد الله (ت:1960م).

حباه الله منذ الصغر مواهب جمة منها الذكاء الوقاد، و الحافظة القوية، و الفصاحة و البيان، و هو ما أهله رغم صغر سنه ليخلف شيخه الحاج عمر بن يحي في التدريس، و يتبنى الحركة العلمية، و النهضة الإصلاحية في القرارة.

أصبح عضوا في حلقة العزابة، و هي الهيئة الدينية العليا في القرارة، و ما لبث أن اعتلى منبر الوعظ بمسجدها. ثم انتحب رئيسا لحلقتها و هو في الأربعين من عمره.

في 18 شوال 1343هـ/ 21 ماي 1925م أسس معهد الشباب للتعليم الثانوي، و هو المعروف بمعهد الحياة، و اتخذ له شعارا "الدين و الخلق قبل الثقافة، و مصلحة الجماعة قبل مصلحة الفرد" و أصبح قبلة للطلاب من داخل الجزائر و خارجها تخرج منه المئات من طلاب العلم. المتخصصين في العلوم الشرعية و اللغوية.

في سنة 1931م شارك في تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، و ساهم في صياغة قانونها الأساسي، و انتخب عضوا في إدارتها الأولى، إذ أسندت إليه نيابة أمين المال.

في سنة 1937م أسس جمعية الحياة بالقرارة المشرفة على التعليم الابتدائي و الثانوي، و المنتظمة والمشرفة على الحركة الفنية و الرياضية، و الجمعيات الأدبية بها، و ما تزال تؤدي رسالتها تلك حتى يومنا هذا.

في سنة 1940م حكمت عليه الإدارة الاستعمارية بالإقامة الجبرية داخل القرارة لا يبرحها، لمدة أربع سنوات، تفرغ خلالها لتكوين ثلة من الطلاب المتفوقين، أصبحوا من رجالات الأمة المحليين، و قادة الحركة الإصلاحية بالجنوب الجزائري.

في سنة 1947م دخل معترك الحياة السياسية، فطالب برفع حكم الإدارة العسكرية عن الصحراء و إلحاقها بالشمال.

انتخب بالأغلبية الساحقة يوم 20 أبريل ممثلا لوادي ميزاب في المجلس الجزائري، و أعيد انتخابه سنة 1951م، فكان الصوت المدوي دفاعا عن مقومات الشخصية الجزائرية دينا و لغة.

أصبح ما بين 1954 و 1962م محور النشاط الثوري في ميزاب بعامة، و القرارة بخاصة، يعاونه في ذلك زملاؤه في الحركة الإصلاحية، و أبناؤه الطلبة. و قد وقف وقفة بطولية ضد مؤامرة فصل الصحراء عن الجزائر.

في مارس 1962م عين عضوا في اللجنة التنفيذية المؤقتة، و أسندت إليه مهمة الشؤون الثقافية إلى يوم تسليم السلطة لأول حكومة جزائرية في سبتمبر من سنة 1962م

في سنة 1963م أحيى نشاط (مجلس عمي سعيد) الهيئة العليا لمجالس عزابة وادي ميزاب و وارجلان، فانتخب رئيسا له إلى يوم وفاته.

الشيخ بيوض مصلحا

في الميدان الاجتماعي :

كان المجتمع الميزابي في أوائل القرن العشرين يعيش تحت وطأة الحكم الاستعماري العسكري، ووطأة الفقهاء الجامدين أولئك يرهقونه بحكم مستبد وهؤلاء يعرقلون مسيرته بفكر متزمت ،مما أدى إلى ظهور سلبيات عديدة في جميع مجالات الحياة .

وكان على العالم المصلح أن يواجه كل ذلك بحكمة وصبر ،فالناس أو بالأحرى العامة غير مؤهلة لتقاوم الحاكم الاستعماري ،ولا أن تجابه النفوذ الديني، وكان الشيخ بيوض، العالم اليقظ، المتفتح على العالم الإسلامي من حوله يتابع بحرص دعوات الإصلاح التي أخذت ترتفع من هنا وهناك من أطراف العالم العربي ولا سيما حركة العلماء المصلحين في الشرق من أمثال الشيخ محمد عبده ،وجمال الدين الأفغاني، ورشيد رضا ،والكواكبي ، وشكيب أرسلان، وغيرهم ممن أعجب الشيخ بيوض بمنهجهم، وتشرب أفكارهم من خلال آثارهم وكتبهم وقد جمعته الصدف ببعضهم مثل شكيب أرسلان الذي التقى به في الحج سنة (1929)فكان دائم الإشادة بفكره ومواقفه.

وكان قد أحكم الصلات بينه وبين العلماء المصلحين الآخرين في محيط القطر الجزائري من أمثال المشايخ عبد الحميد بن باديس، والبشير الإبراهيمي، والطيب العقبي، وغيرهم.

وكانت خطته في هذا السبيل واضحة وهي التعاون الجاد لإحياء اللغة العربية لغة القرآن، وتربية الناشئة الجزائرية تربية إسلامية صحيحة والوقوف صفا واحداً أمام مخططات الاستعمار الفرنسي الرامية إلى تفريق الشعب الجزائري على أساس المذهبية ،أو الطائفية ،أو الجهوية .

وقد برز هذا التعاون في إطار جمعية العلماء مدارس تنتشر في كل أنحاء القطر الجزائري وتجلى دروس وعظ وإرشاد ،وخطط تفكير وتوجيه خطى المصلحين حولها كلما دعت الضرورة إلى ذلك .

في الميدان السياسي :

نشأ الشيخ بيوض في عهد كانت الصحراء الجزائرية فيه تخضع لنير حكم عسكري فرنسي عتيد يعرقل أو يقضي علنا على كل ما من شأنه تقوية روح الدين الإسلامي ،ومقومات حضارته في النفوس .

وباعتباره عضوا في الحلقة الدينية ثم رئيسا لها ،وباعتباره رئيس الحركة العلمية الرافعة راية لغة القرآن ،كان لابد أن تكثر بينه وبين الحكام العسكريين المواجهات والاستجوابات والمضايقات، وسجل في تقارير أولئك الحكام أن هذا الشاب مشاغب. ثم تطورت الأحداث ليصبح عندهم عدواً لدوداً بل أصبح أثناء الحرب العالمية الثانية وما قبلها وما بعدها العدو رقم واحد لفرنسا ،هكذا كان يسمى لديهم.

نشاطه الثوري :

شارك الشيخ بيوض مشاركة فعالة في الثورة التحريرية ،بما قام به من خدمات جليلة سواء في إطار الحركة في الصحراء أم في اتصالاته المباشرة مع الحكومة المؤقتة في المنفى بواسطة تلامذته وإخوانه .

أما المجال الذي برز فيه الشيخ بيوض سياسيا محنكا، ومفاوضا لبقا، ووطنيا ثابتا فهو موقفه الذي يشهد به الخاص والعام من القضية الصحراوية إذ حاولت فرنسا حين علمت أن الجزائر مستقلة لا محالة أن تمكر بالجزائريين بفصل الصحراء عن الشمال لما في الصحراء من خيرات أهمها البترول والغاز الطبيعي ،وقد حاولت السلطات الفرنسية سواء على مستوى الجزائر أم على مستوى فرنسا أن تستميل الشيخ بيوض لعلمها بمنزلته العظيمة ولتيقنها بالدور العظيم الذي يقوم به الميزابيون في الاقتصاد الجزائري ،ولكن الشيخ بيوض الذي رفض هذه المحاولات، وأفشل هذه الخطط قبل الثورة ،ما كان له أن يتلجلج أو يتردد في قول كلمة لا قوية صارخة في وجه الاستعمار الفرنسي إيمانا منه بأن الصحراء أرض جزائرية، وجزأ لا يتجزأ منها.

وكان الشيخ بيوض على صلة وثيقة بالحكومة المؤقتة في تونس ينسق معها الخطط ويطلعها على مؤامرات الفرنسيين أولا بأول ،ويتبادل مع بعض أعضاء الحكومة الرسائل والمعلومات.

آثاره الفكرية

إن الشيخ مثل غيره من رجال الإصلاح الذين كان أغلب وقتهم ينقضي في تكوين الرجال، والاعتناء بمشاكل المجتمع مما لا يبقى معه وقت كثير للانكباب على الكتابة والتأليف، ومع ذلك فقد كتب بعض المقالات الاجتماعية ذات الطابع التحليلي في العشرينيات والثلاثينيات نشرت في صحافة أبي اليقظان، كما ترك فتاوى كثيرة ،ومراسلات ذات أهمية قصوى طبع بعضها ونشر وبعضها الآخر ما يزال مخطوطا .

غير أن أهم ما ترك الشيخ بيوض هو تفسيره القيم لكتاب الله مستخدما المنهج الإصلاحي الذي عرفت به المدرسة الإصلاحية العبدوية فكان يعرض المجتمع على كتاب الله تربية وتوجيها، وقد استمر مواظبا حريصا على تلك الدروس لا يتخلف عنها إلا لمرض أو سفر .

وكانت الآثار التي تركتها دروسه التي غطت قرابة خمسين سنة عميقة عظيمة، فبفضلها عمت الثقافة الإسلامية البيوت وعرف المجتمع وجه الإسلام الحقيقي ،وبفضل دروس الشيخ التي تمتاز بالتحليل والتبسيط في آن واحد ،وتملك المستمع بما فيها من فصاحة، وعقل، وأدب وتراث، ومعاصرة .

فمن آثاره الفكرية:

· تفسير كامل للقرآن الكريم، المسجل منه يبدأ من سورة الإسراء إلى سورة الناس، يقع في حوالي 1500 ساعة، حررت في 12497 صفحة.

· مئات الأشرطة لدروس في الدين، و التربية، و الاجتماع، و السياسة، و الثقافة، و كان يلقيها في المسجد أو في المناسبات و الحفلات، و قد نشر بعض منها بعد تحريرها و تحقيقها، من ذلك:

· المجتمع المسجدي، من تحرير الدكتور محمد ناصر بوحجام، صدرت الطبعة الثانية عن دار أبي الشعتاء، عمان، 1409هـ/ 1988م (المقدمة)

· حديث الشيخ الإمام، في جزأين، من تحرير الشيخ محمد سعيد كعباش، المطبعة العربية، غرداية، الجزائر، 1996م.

· البدعة مفهومها و أنواعها و شروطها، تحرير الطالب ابراهيم أبو الأرواح، (مرقون) معهد الحياة، 1998م.

· "فضل الصحابة و الرضا عنهم"، تحرير الطالب بهون حميد أوجانة، مطبوع، المطبعة العربية، غرداية، 2000م.

· "فتاوى الإمام الشيخ بيوض"، يقع في جزأين، جمعه و حققه و قدم له الأستاذ الشيخ بالحاج بكير، طبع مرتين في كل من الجزائر و عمان، ينظر دار الضامري للنشر و التوزيع، سلطنة عمان، 1990م

· "ثبوت الهلال بين الرؤية البصرية و المراصد الفلكية"، حرره عمر اسماعيل، و قدم له د.محمد ناصر، صدر عن مكتبة معالي السيد محمد بن أحمد، سلطنة عمان، 1992م.

· مقالات كثيرة في موضوعات مختلفة نشرت بصحف الشيخ أبي اليقظان، ينظر د.محمد ناصر، المقالة الصحفية الجزائرية، جزءان، نشر ش،و،ن،ت الجزائر، 1398هـ/ 1978

· مذكرات الشيخ بيوض (مخ)، صدر منها "أعمالي في الثورة" إعداد و تقديم د.محمد ناصر، نشر جمعية التراث، القرارة، 1990م










رد مع اقتباس
قديم 2011-12-16, 09:55   رقم المشاركة : 65
معلومات العضو
محبة الحبيب
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية محبة الحبيب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل مشرف 
إحصائية العضو










افتراضي



الشيخ محمد الطاهر التليلي رحمه الله "من علماء سوف"

وُلد الشيخ محمد الطاهر التليلي في بلدة قمار (إحدى بلدات وادي سُوف) سنة 1910م، كما أثبت ذلك بنفسه في دفتر سماه (هذه حياتي). وبعد عمر طويل في الكفاح ضد الجهل والفقر، توفي -رحمه الله- في آخر سنة 2003م، فيكون قد عاش 93 سنة، قضى منها أكثر من ستين سنة في التعليم والتأليف وإجابة السائلين والزائرين عن مسائل الفقه واللغة والتواريخ المحلية والقضايا الاجتماعية التي تطرأ على الناس في بيئة صحراوية نائية.

نشـأته وتربيتـه :

نشأ في أسرة كريمة محافظة عاملة لدينها ودنياها , في رعاية أبيه وجده ، وكان جده رحمه الله كثير الحدب عليه والعناية به وكان من حفظة القرآن الكريم وله في العلوم الدينية والعربية نصيب لا بأس به , وكان يتوسم في حفيده الصغير مخائل النجابة والذكاء , والحفظ واستقامة الأخلاق وحسن السلوك, فكان يشرف على تربية حفيده ويعنى بتحفيظه القرآن الكريم ويشرف على ذلك بنفسه وبإشرافه ورقابته الدائمة وكما قلنا فقد كان الحفيد ذكيا قوي الحافظة فأتم القرآن الكريم في سن مبكرة وأجاد حفظه .
ثم انخرط في الدروس على شيوخ عصره واستوعب الكثير من مبادئ العلوم العربية والشرعية والأدبية التي كان يلقيها بالزاوية التجانية وبعض المساجد علماء مشهود لهم بالتعليم والتربية السلفية الإصلاحية أمثال الشيخ عمار بن لزعر والشيخ محمد اللقاني السايح رحمهما الله تعالى , الأول تزعّم الحركة الإصلاحية بقمار ثم هاجر إلى أرض الحجاز ,حيث قًُدِّر علمه وتقواه وورعه فأسند إليه التدريس بالحرم المكي وظل على ذلك إلى أن انتقل إلى رحمة الله, وأما الثاني ـ أعني الشيخ اللقاني ـ فقد استقر بتونس مدرّسا بجامع الزيتونة .كما يذكر الشيخ الطاهر أنه تلقى بقمار دروسا في العربية والبلاغة والأصول عن الشيخ الأديب الشاب محمد العزوزي حوحو ابن قاضي البلد إذ ذاك المرحوم الصادق حوحو.
يعترف الشيخ محمد الطاهر بفضل شيخه عمار بن لزعر عليه علميا وتربويا وتوجيهيا, فهو الذي نفخ فيه من روحه الإصلاحية التي أهّلته لأن يكون خليفة له بعد هجرته إلى الحجاز, يقول الشيخ محمد الطاهر:وكانت أغلب دروسي التي قرأتها في السنوات الأخيرة عليه (قبل سنة 1927أي قبل التحاقه بجامع الزيتونة بتونس) كما أنه اشتهر بقيادة حركة الإصلاح بقمار خاصة وبسوف عامة فكان مرموقا من جميع المصلحين ,غير أن ذلك كوّن له أعداء وأضدادا من الطرفين .
ويضيف منوّها بفضل جده عليه فيقول:
وكنت في بادئ أمري لما كان الجد حيا أنقل كل ما أسمعه وأفهمه من الدروس إلى الشيخ الجد وأعيده عليه, وكان يحرضّني على الحضور للدروس و إعادة ما أفهمه عليه.وقد قوي عزمه, وتحقق أمله في أن يرسلني إلى تونس لإتمام تعليمي بالزيتونة , حتى أنه أوصى والدي بأنه إذا قدّر الله له الوفاة قبل تحقيق الأمنية بإرسالي إلى الزيتونة , أن يلتزم بتحقيق أمنيته تلك , وتكون نفقة القراءة وجميع مصروفاتها كامل سنوات التعليم من مال الجد ورزقه . وكانت تلك وصية نافذة قام بها الوالد أحسن قيام , فأتممت دراستي وتحصلت على شهادة التطويع (1934) فأكمل الله بذلك أمنية الجد بعد وفاته، أثابه الله خير ثواب, وأجزل له العطية يوم الحساب .
توجّه سنة 1927م إلى جامع الزيتونة في تونس وانخرط في سلك طلابه، وظل به إلى أن حصل منه على شهادة (التحصيل) بعد سبع سنوات من الدراسة المتوالية، وهي الشهادة التي تؤهل صاحبها للتعليم في المدارس وتولّي الوظائف الدينية والتربوية.

العـودة من الزيتونـة:

رجع الشيخ التليلي من تونس إلى بلدته (قمار) سنة 1934م، ولكنه لم يجد عملاً يعيش منه، لا سيما وقد تزوج، وكان عليه أن يعول عائلة ويستقل عن والده في تدبير رزقه. وقد ضاقت به الحال فاشتغل تارة فلاحًا وتارة تاجرًا، ولكن "كل ميسّر لما خلق له"، فلم يربح في الفلاحة كما لم ينجح في التجارة. واتصل برئيس جمعية العلماء(2) الشيخ عبدالحميد بن باديس(3)، زعيم الحركة الإصلاحية. وكانت الجمعية تقوم بالتعليم العربي الحر في مدارس حرة من تأسيس الشعب نفسه وتبرعاته، دون الاعتماد على تمويل الحكومة (الفرنسية). عيّنت الجمعية الشيخ التليلي معلِّمًا في إحدى قرى مدينة بجاية، ولكن الحاكم الفرنسي هناك طرده منها بدعوى عدم امتلاك رخصة رسمية للتعليم وأنه أجنبي على المنطقة. فعاد الشيخ إلى بلدته (قمار)، وبقي حبيس الفقر والبطالة، وزادت الحرب العالمية الثانية حاله سوءًا حين تقابلت جيوش الحلفاء والمحور في تونس وعلى الحدود الجزائرية الشرقية، فكانت منطقة (سُوف) مسرحًا لمعارك بين الطرفين، وحلّت الأمراض التي فتكت بالمئات من السكان، ولم تنجل هذه الغمة إلا بعد سنة 1945م.
رغم التضييق الإداري على الشيخ التليلي باعتباره من تيار الإصلاح، فإن أهل (قمار) طلبوا منه أن يعلّم أولادهم في مدرسة أسسوها لهذا الغرض، وهي مدرسة النجاح الحرة التي بقي يديرها بنفسه ويعلّم فيها إلى استقلال الجزائر عن فرنسا عام 1962م.
وخلال سنوات الفقر والبطالة والمرض، ثم سنوات التعليم، ومواجهة الإدارة الاستعمارية، وظروف ثورة التحرير الجزائرية (1954-1962م).

مؤلفاته:

أنتج الشيخ التليلي مجموعة من المؤلفات والأشعار والتقاييد والفتاوى، نذكر منها هنا ما له صلة باللغة والأدب:
1- (زهرات لغوية من كتاب الألفاظ الكتابية) للهمذاني.
2- (تجريد شعر مقامات الحريري).
3- (مجموع الأمثال العامية في سُوف).
4- (معجم الكلمات العامية الدارجة في الصحراء الجزائرية).
5- (تلخيص كتاب الأضداد) للمتوزي.
6- (شواهد الكلمات العامية) من اللغة العربية الفصحى.
7- (قصة الشيخ العجوز) "نظم".
8- (الدموع السوداء) "ديوان شعر".
ويهمّنا في هذا المجال مؤلفاته اللغوية التالية:
(الزهرات اللغوية)، و(مجموع الأمثال العامية)، و(معجم الكلمات العامية)، و(شواهد الكلمات العامية):
وفي الخاتمة نقول إن الدفاتر التي أشرنا إليها تحتوي على سجلّ حافل بالكلمات والأمثال والأشعار العربية المشاعة الآن في الجنوب الجزائري، وفي منطقة وادي سُوف على وجه التحديد. ولا شك أنها تمثّل ذخيرة لغوية كبيرة لمن أراد المزيد من البحث في هذا الميدان. وسيجد الباحث هذه الكلمات ليس فقط في الحديث اليومي ولكن في الأمثال وفي الأشعار الدارجة أيضًا. وهي ثروة لغوية قد تتأثر بالاستعمالات الحديثة وباللغات الأجنبية الغازية عن طريق وسائل الإعلام، كما أن تفاعل السكان مع بعضهم وانتقال تجار وطلبة وموظفي أهل الجنوب إلى حواضر شمال البلاد، وكذلك العكس، قد يؤثر في هذا الرصيد اللغوي الذي ما تزال الصحراء تحتفظ به، وهو في جملته رصيد عربي أو ذو أصول عربية ما تزال تختزنه كتب التراث، كما رأينا في الأمثلة التي اقتبسناها. ومن ثمة فإن فضل الشيخ التليلي في الحفاظ على هذا الرصيد يستحق التقدير والتثمين؛ لأن التدوين هو خير وسيلة لحفظ تراث الأمّة.
تقاعد الشيخ التليلي من التعليم عام 1972م، ولازم بيته في قمار. وفي أواخر السبعينات أدى فريضة الحج. وقد ترك عددًا من التلاميذ هم اليوم عدة الجزائر في مختلف المجالات، كما ترك ولدين وخمس بنات.

وفاته:

توفي يوم الأربعاء 17 رمضان 1424 هـ (12 نوفمبر 2003 م) الشيخ محمد الطاهر التليلي الجزائري بمدينة قمار بنواحي سوف عن عمر يناهز 93 سنة.
وقد حضر جنازته جمع غفير من أصدقاء الشيخ وأعيان المنطقة وطلبة العلم ولا عجب فالشيخ معروف بالعلم والتقوى والصلاح ، رحمه الله وأجزل له المثوبة.









رد مع اقتباس
قديم 2011-12-17, 23:12   رقم المشاركة : 66
معلومات العضو
محبة الحبيب
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية محبة الحبيب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل مشرف 
إحصائية العضو










افتراضي



علي بن سعد اخرن:
(1327 ـ 1394 هـ /1908 ـ 1974م)


عالم مصلح، ومدرس فاضل، وصحفي قدير. ولد بڤمار حيث تلقى تعليمه الأول ثم بجامع الزيتونة، واشتغل بالتدريس بعد تخرجه. نشط في إطار جمعية العلماء حتى عدّ من خطبائها البارزين، كما أسس جريدة الليالي، وسجن عام 1938م بتهمة التمرد على السلطة، ثم وضع في الإقامة الجبرية ولم يخل سبيله حتى عام 1943م. تولى التدريس في مدارس جمعية العلماء في عدة مناطق. وبعد الاستقلال انتظم في سلك التعليم الرسمي إلى أن توفي إثر نوبة قلبية داخل القسم بالجزائر العاصمة.









رد مع اقتباس
قديم 2011-12-24, 21:15   رقم المشاركة : 67
معلومات العضو
محبة الحبيب
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية محبة الحبيب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل مشرف 
إحصائية العضو










افتراضي



محمد البشير الإبراهيمي

• المولد والنشأة:
ولد "محمد البشير الإبراهيمي" في قرية (أولاد إبراهيم) قرب "سطيف" غربي مدينة قسطنينة الجزائرية في (13من شوال 1306هـ= 14 من يوليو 1889م)، ونشأ في بيت كريم من أعرق بيوتات الجزائر؛ حيث يعود بأصوله إلىالأدارسة العلويين من أمراء المغرب في أزهى عصوره.. حفظ "البشير" القرآن الكريم، ودرس علوم العربية على يد عمه الشيخ "محمد المكي الإبراهيمي"، وكان عالم الجزائر لوقته، انتهت إليه علوم النحو والصرف والفقه في الجزائر، وصار مرجع الناس وطلاب العلم، وقد عني بابن أخيه عنايةً فائقةً، وفتح له أبوابًا كثيرةً في العلم، حتى إنه ليحفظ قدرًا كبيرًا من متون اللغة، وعددًا من دواوين فحول الشعراء، ويقف على علوم البلاغة والفقه والأصول، لما مات عمه تصدَّر هو لتدريس ما تلقاه عليه لزملائه في الدراسة، وكان عمره أربعة عشر عامًا.

• الرحلة إلى المدينة المنورة:
ولما بلغ "البشير" العشرين من عمره ولَّى وجهه نحو المدينة المنورة سنة (1330هـ= 1912م)؛ ليلحق بأبيه الذي سبقه بالهجرة إليها منذ أربع سنوات فرارًا من الاحتلال الفرنسي، ونزل في طريقه إلى القاهرة، ومكث بها ثلاثة أشهر، حضر فيها دروس بعض علماء الأزهر الكبار، من أمثال "سليم البشرى"، و"محمد نجيب المطيعي"، ويوسف الدجوي، وزار دار الدعوة والإرشاد التي أسسها الشيخ "رشيد رضا"، والتقي بالشاعرين الكبيرين "أحمد شوقي" و"حافظ إبراهيم".
وفي المدينة المنورة استكمل "البشير" العلم في حلقات الحرم النبوي، واتصل بعالمين كبيرين كان لهما أعظم الأثر في توجيهه وإرشاده، أما الأول فهو الشيخ "عبدالعزيز" الوزير التونسي، وأخذ عنه (موطأ مالك)، ولزم دروسه في الفقه المالكي، وأما الثاني فهو الشيخ "حسين أحمد الفيض آبادي الهندي"، وأخذ عنه شرح صحيح مسلم، واستثمر "البشير" وقته هناك، فطاف بمكتبات المدينة الشهيرة، مثل: مكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت، والسلطان محمود، ومكتبة آل المدني، ووجد في محفوظاتها الكثيرة ما أشبع نهمه العلمي.
وفي أثناء إقامته بالمدينة التقى بالشيخ "عبد الحميد بن باديس"، الذي كان قد قدم لأداء فريضة الحج، وقد ربطت بينهما المودة ووحدة الهدف برباط وثيق، وأخذا يتطلعان لوضع خطة تبعث الحياة في الأمة الإسلامية بالجزائر، وانضم إليهما "الطيب العقبي"؛ وهو عالم جزائري سبقهما في الهجرة إلى المدينة، والتقى الثلاثة في أيام متصلة ومناقشات جادة حول وضع الجزائر وسبل النهوض بها، فوضعوا الأسس الأولى لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين.

• في دمشق الفيحاء:
عاد "ابن باديس" إلى الجزائر، وبدأ في برنامجه الإصلاحي، على حين أقام "البشير الإبراهيمي" في المدينة المنورة، وظل بها حتى سنة (1335هـ= 1916م)، ثم غادرها هو وأسرته إلى دمشق بعد أن أمرت الدولة العثمانية بترحيل سكان المدينة كلهم إلى دمشق؛ بسبب استفحال ثورة "الشريف حسين بن علي"، فخرج "البشير" مع والده إلى دمشق، وهناك تولى التدريس بالمدارس الأهلية، وألقى دروسًا في الجامع الأموي، واتصل به الأمير "فيصل بن الشريف حسين"، وطلب منه أن يعود إلى المدينة لإدارة وزارة المعارف، لكنه اعتذر عن قبول هذه المهمة، وآثر العودة إلى وطنه.

• العودة إلى الوطن:
عاد "البشير الإبراهيمي" إلى الجزائر سنة (1338هـ= 1920م)، والتقى بصديقه "ابن باديس"، فرأى جهوده التعليمية قد أثمرت شبابًا ناهضًا، وأدرك أن ما قام به زميله هو حجر الأساس في إرساء نهضة الجزائر، فارتحل إلى (سطيف) ليصنع ما صنع رفيقه في قسطنطينة، بدأ في إلقاء الدروس العلمية للطلبة، والدروس الدينية للجماعات القليلة، وتحرك بين القرى والمدن خطيبًا ومحاضرًا، فأيقظ العقول وبعث الحياة في النفوس التي أماتها الجهل والتخلف، ورأى الشيخ أن دروسه قد أثمرت، وأن الناس تتطلع إلى المزيد، فشجعه ذلك على إنشاء مدرسة يتدرب فيها الشباب على الخطابة والكتابة في الصحف، وقيادة الجماهير في الوقت الذي كان يتظاهر فيه المصلح اليقظ بالاشتغال بالتجارة؛ هربًا من ملاحقة الشرطة له ولزواره، وكان المحتل الفرنسي قد انتبه إلى خطورة ما يقوم به "البشير" ضد وجوده الغاصب، فعمل على تعويق حركته، وملاحقة أتباعه.
وكان المجاهدان "ابن باديس" و"الإبراهيمي" يتبادلان الزيارات؛ سواءً في قسطنطينة أو (سطيف)، ويتناقشان أمر الدعوة وخطط المستقبل، وتكوين جيل يؤمن بالعروبة والإسلام ويناهض الاستعمار عن طريق تربية إسلامية صحيحة.
وبارك الله في جهود المصلحين الكبيرين، فحين نادى "ابن باديس" بمقاطعة الاحتفال الذي ستقيمه فرنسا بمناسبة مرور مائة عام على الاحتلال، استجاب الشعب الجزائري لنداء "ابن باديس" عن طريق دعاته الذين اندسوا وسط الشعب، وأثاروا نخوته، فقاطعوا هذا الاحتفال الذي يهين الأمة الجزائرية ويعبث بمشاعرها وذكرى شهدائها.

• "البشير الإبراهيمي" وجمعية العلماء المسلمين:
أثار الاحتفال المئوي للاحتلال الفرنسي للجزائر سنة (1348هـ= 1930) حفيظة العلماء الجزائريين، فقام المصلحان الكبيران بإنشاء جمعية العلماء المسلمين، وعقد المؤتمر التأسيسي لهذه الجمعية في (17 من ذي الحجة 1349هـ= 5 من مايو 1931م) تحت شعار: "الإسلام ديننا والعربية لغتنا والجزائر وطننا"، وانتخبت الجمعية "ابن باديس" رئيسًا لها، و"البشير الإبراهيمي" وكيلاً، وتقاسم أقطاب الحركة الإصلاحية المسئولية في المقاطعات الجزائرية الثلاث، وتولى "الإبراهيمي" مسئولية (تلمسان) العاصمة العلمية في الغرب الجزائري، واختص "ابن باديس" بالإشراف على مقاطعة قسطنطينة بما تضم من القرى والمدن، واختص الشيخ "الطيب العقبي" بالإشراف على مقاطعة الجزائر.
ونشط "الإبراهيمي" في (تلمسان)، وبث فيها روحًا جديدة، فكان يلقي عشرة دروس في اليوم الواحد، يبتدئها بدرس الحديث بعد صلاة الصبح، ويختمها بدرس التفسير بين المغرب والعشاء، ثم ينصرف بعد الصلاة الأخيرة إلى بعض النوادي الجامعة؛ ليلقي محاضرات في التاريخ الإسلامي، وكانت له جولات في القرى أيام العطل الأسبوعية، وينشط العزائم ويبعث الهمم في النفوس، وقد نتج من ذلك كله بناء أربعمائة مدرسة إسلامية، تضم مئات الآلاف من البنات والبنين، وبناء أكثر من مائتي مسجد للصلوات والمحاضرات.
وقد أقلق هذا النشاط العارم المستعمرين، وأدركوا عاقبة ذلك إن سكتوا عليه، فأسرعوا باعتقال "البشير" ونفيه إلى صحراء (وهران) سنة (1359هـ= 1940م)، وبعد أسبوع من اعتقاله توفي "ابن باديس"، واختاره العلماء رئيسًا لجمعيتهم، ولبث في منفاه ثلاث سنوات، ثم خُلي عنه عقيب انتهاء الحرب العالمية الثانية سنة (1362هـ= 1943م).

• رئاسة جمعية العلماء:
بعد خروجه من المنفى أعاد نشاط جمعية العلماء في بناء المساجد وتأسيس المدارس، وإصدار جريدة البصائر في سلسلتها الثانية بعد أن توقفت أثناء الحرب، وتولى رئاسة تحريرها، وكانت مقالاته الافتتاحية فيها نسيجًا فريدًا من نوعه في النبض العربي الإسلامي.
ولما تزايدت أعداد خريجي المدارس الابتدائية رأى "البشير الإبراهيمي" ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانوية، فدعا هو وزملاؤه العلماء الأمة الجزائرية إلى الاكتتاب في إنشاء معهدٍ ثانويٍّ، فاستجابت الأمة للدعوة، وأنشئ هذا المعهد الذي أطلق عليه معهد "عبدالحميد بن باديس" تخليدًا لذكراه، واستقبل المعهد طلابه في سنة (1367هـ= 1948م)، وكانوا ثمانمائة طالب، ثم تزايدت أعداد الطلاب بعد ذلك، ومن بين تلاميذ هذا المعهد كان دعاة الحركة التحريرية بالجزائر، حين تقدمت الوفود المؤمنة إلى معركة الاستقلال بحمية مشتعلة، ومن خريجيه تشكلت أولى البعثات العلمية الجزائرية إلى مصر والعراق وسوريا؛ حيث اعترفت بشهادة هذا المعهد جامعات الشرق العربي، وأصبح في وسع خريجيه الالتحاق بكلية دار العلوم والجامع الأزهر بالقاهرة، وجامعة بغداد وجامعة دمشق.

• رحلة "البشير الإبراهيمي" إلى المشرق العربي:
غادر "الإبراهيمي" الجزائر العاصمة سنة (1371هـ= 1952م) متجهًا إلى المشرق العربي في رحلته الثانية التي دامت عشر سنوات حتى استقلال الجزائر سنة (1381هـ= 1962م)، وكانت جمعية العلماء قد كلفته القيام بهذه الرحلة لتحقيق ثلاثة أهداف:
بذل المساعي لدى الحكومات العربية لقبول عدد من الطلاب الجزائريين الذين تخرجوا من معاهد جمعية العلماء في جامعاتها.
طلب معونة مادية لجمعية العلماء لمساعدتها في النهوض برسالتها التعليمية.
الدعاية لقضية الجزائر التي نجحت فرنسا في تضليل الرأي العام في المشرق بأوضاع المغرب عامةً والجزائر خاصةً.
واستقر بـ"الإبراهيمي" المقام في القاهرة، وشرع في الاتصال بمختلف الهيئات والمنظمات والشخصيات العربية الإسلامية في القاهرة وبغداد ودمشق والكويت، ونشط في التعريف بالجزائر من خلال المؤتمرات الصحفية، والمحاضرات العامة التي كان يلقي كثيرًا منها في المركز العام للإخوان المسلمين، وكان بيته في القاهرة ملتقى العلماء والأدباء وطلبة العلم.
وسبق وصول "البشير" إلى القاهرة بعثة جمعية العلماء التي ضمت 25 طالبًا وطالبةً، وكانت بعثات الجمعية تقتصر على مصر وحدها للدراسة في الأزهر والمدارس المصرية، غير أن "البشير" تمكن من الحصول على عدد آخر من المنح التعليمية للطلاب الجزائريين في البلاد العربية الأخرى، واتخذ من القاهرة مقرًّا يشرف منه على شئون هذه البعثات في بغداد ودمشق والكويت، وكان يقوم بين الحين والآخر بزيارة هذه البلاد؛ لتفقد أحوال الطلاب الجزائريين والسعي لدى حكوماتها من أجل الحصول على منح جديدة.
وكان "الإبراهيمي" يعلق آمالاً واسعة على هؤلاء الطلبة المبعوثين، فلم يألُ جهدًا في تصحيحهم وإرشادهم وتذكيرهم بالوطن المستعمر، وبواجبهم نحو إحياء ثقافتهم العربية الإسلامية التي تحاربها فرنسا وتحاول النيل منها، وقد أثمرت جهوده التي بذلها تجاه هؤلاء المبعوثين عن نجاح ما يقرب من معظمهم في دراستهم الثانوية والجامعية، وساهموا في تحقيق الفكرة العربية الإسلامية التي كان يؤمن بها العلماء، وفي أثناء إقامته بالقاهرة اختير "الإبراهيمي" لعضوية مجمع اللغة العربية المصري سنة (1380هـ= 1961م).

• "الإبراهيمي" وقضايا العالم الإسلامي:
لم يقتصر وجود "البشير" على قضايا الجزائر، بل امتدت لتشمل كثيرًا من قضايا العالم الإسلامي، فاهتم بالقضية الفلسطينية، ودعا الأمة الجزائرية لصوم أسبوع في الشهر والتبرع بنفقاته لصالح فلسطين، وحمل على فرنسا؛ لموافقتها على قرار تقسيم فلسطين، وأعلن تضامنه مع جهاد المصريين سنة (1370هـ= 1951م) ضد الاحتلال الإنجليزي، ودعا العرب والمسلمين إلى تأييد مصر في جهادها، ودافع عن استقلال ليبيا، وطالب أهلها باتفاق الكلمة، وتوحيد الرأي وقوة الإيمان بالحق، وحذرهم من مكائد الاستعمار.

• العودة بعد استقلال الجزائر:
ولما أعلن استقلال الجزائر عاد "البشير الإبراهيمي" إلى وطنه، خطب أول صلاة جمعة من مسجد (كتشاوة) بقلب العاصمة الجزائرية، وكان هذا المسجد قد حوله الفرنسيون إلى كتدرائية بعد احتلالهم الجزائر.
وقد نقلت الإذاعة خطبتي الجمعة إلى الأمة، فأعادت كلماته للكثيرين من رفاقه وغيرهم أعذب الذكريات، ولزم "الإبراهيمي" بيته بعد أن أثقلته السنون، وأوهنه المرض، وأحزنه تنكر البعض لجهاده وأثره في إحياء الأمة، وكانت مقاليد البلاد تجري في أيدي من تنكروا للإسلام وأداروا ظهورهم له، رأى الشيخ المجاهد أن ثمرة ما زرعه هو ورفاقه من العلماء قد وقع في كف من لا يقدرون قدرها.

• وفاة "البشير الإبراهيمي":
بعد عودة الشيخ "البشير الإبراهيمي" لزم بيته، ولم يشارك في الحياة العامة بعد أن كبر سنه وضعفت صحته، حتى لاقى ربه يوم الخميس الموافق (18 من المحرم 1385هـ= 19 من مايو 1965م) بعد حياة حافلة بجلائل الأعمال، وخرجت الأمة تودعه بقلوب حزينة وأعين دامعة، تعبيرًا عن تقديرها لرجل من رجالات الإصلاح فيها، وأحد بناة نهضتها الحديثة.

• مؤلفات "الإبراهيمي":
كان "البشير الإبراهيمي" واسع المعرفة شأنه، شأن السلف الأول من حملة الثقافة الإسلامية، فكتب في الأصول والتشريع الإسلامي، وألف في اللغة وقضاياها الدقيقة، وفي الأخلاق والفضائل الإسلامية، وهو كاتب بليغ ذو أسلوب بديع، يحمل نفس مجاهد وروح مصلح وخيال شاعر وقوة ثائر، وتشهد على ذلك مقالاته النارية التي كان يفتتح بها مجلته الشهرية (البصائر)، وله ملحمة رجزية نظمها في الفترة التي كان فيها مبعدًا في الصحراء (الوهرانية)، وهي تبلغ ستًا وثلاثين ألف بيت، تتضمن تاريخ الإسلام، ووصفًا لكثير من الفرق التي نشأت في عصره، ومحاورات أدبية بين الشيطان وأوليائه، ووصفًا للاستعمار ومكائده ودسائسه.

وهذا بيان بمؤلفات الشيخ التي لا يزال بعضها حبيسًا لم ير النور:
عيون البصائر؛ وهى مجموعة مقالاته التي نشرت في جريدة (البصائر).
النقابات والنفايات في لغة العرب؛ وهو أثر لغوي يجمع كل ما هو على وزن فعالة من مأثور الشيء ومرذوله.
أسرار الضمائر العربية.
التسمية بالمصدر.
الصفات التي جاءت على وزن فعل.
الاطراد والشذود في العربية.
رواية كاهنة أوراس.
حكمة مشروعية الزكاة.
شعب الإيمان (في الأخلاق والفضائل الإسلامية).
الملحمة الرجزية في التاريخ.
فتاوى متناثرة.
وقد طبعت أخيرًا مجموعة من مؤلفات "البشير" في خمسة مجلدات تحت عنوان "آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي"، وأصدرته دار الغرب الإسلامي.









رد مع اقتباس
قديم 2011-12-27, 05:56   رقم المشاركة : 68
معلومات العضو
azam
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية azam
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خير و كتب الاجر لك و لوالديك

موضوع قل من فعل مثله









رد مع اقتباس
قديم 2011-12-27, 05:58   رقم المشاركة : 69
معلومات العضو
azam
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية azam
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

رجاء

بعد الانتهاء ارجو ان يوضع الموضوع فى ملف ورد او بى دى اف حتى تعم الفائدة

و يسهل حفظه









رد مع اقتباس
قديم 2011-12-27, 10:00   رقم المشاركة : 70
معلومات العضو
محبة الحبيب
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية محبة الحبيب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل مشرف 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة azam مشاهدة المشاركة
جزاك الله خير و كتب الاجر لك و لوالديك



موضوع قل من فعل مثله

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة azam مشاهدة المشاركة
رجاء


بعد الانتهاء ارجو ان يوضع الموضوع فى ملف ورد او بى دى اف حتى تعم الفائدة

و يسهل حفظه



بوركت أيها الفاضل سنفعل إن شاء الله









رد مع اقتباس
قديم 2011-12-27, 10:03   رقم المشاركة : 71
معلومات العضو
محبة الحبيب
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية محبة الحبيب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل مشرف 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة takwa مشاهدة المشاركة
سبحان الله
رغم هذا الكم الهائل من العلماء و مازال منهم الكثيييير لم يذكر
الا أن الجزائر مازالت تعاني من ويلاااااات الشرك و البدع...ما السبب يا ترى؟؟؟

نعم الموضوع متجدد و القائمة مازالت طويلة

مشكلتنا مشكلة إقصاء او إلغاء لهؤلاء









رد مع اقتباس
قديم 2011-12-27, 14:24   رقم المشاركة : 72
معلومات العضو
محبة الحبيب
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية محبة الحبيب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل مشرف 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة takwa مشاهدة المشاركة
طيب أختي انت نقلت هذا من بحث.سؤالي هو أين البحث اعطينا رابطه الذي تنقلين منه
لكن ما دخل الدكتور مسعود فلوسي في كلامي هل ذكرته انا بشئ و العياذ بالله،حقيقة لا أعرفه لكن لك الفضل ان عرفتينا به و من تكلم عن ذنبك انت يا أختي
اما دخل الجمعية فماضيا كانت أكبر منبر للدعوة في الجزائر و كان أساس وجودها محاربة مظاهر الجهل و الشرك و البدع
أما حاضرا فقد شد زمامها من هم ليسوا أهلا بها و جعلوا علم بن باديس رحمه الله ذكرى يحتفل بها في 16 ابريل فقط..
لست انتقد موضوعك أختي و الله، لكن لا ينبغي ان ننسخ و نلصق فقط بل أن نمحص ما ننقله للغير
أرجو ان تتفهمي قصدي و لا تتسرعي في الرد
بارك الله فيك
بل فهمت قصدك جيدا يا تقوى

نحن نعلم جيدا ما ننسخه و نلصقه

أما عن جمعية العلماء فرحم الله عالمنا عبد الرحمن شيبان الذي لم يعطى حقه لأنه أرجع جمعية العلماء المسلمين لعهدها السابق و إن شاء الله يكمل الأستاذ قسوم المسيرة
أعتقد أنك بحاجة لقراءة تاريخ الجمعية سابقا و لاحقا

ملاحظة : لا أحبذ استعمال الصور الغامزة و غيرها لا يليق اتقاءا للشبهات
ملاحظة ثانية و هي الأهم : لم أفتح موضوعي للنقاش يمكنك فتح موضوع آخر و سأناقشك فيه









رد مع اقتباس
قديم 2011-12-27, 14:47   رقم المشاركة : 73
معلومات العضو
** موحدة 02 **
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ** موحدة 02 **
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محبة الحبيب مشاهدة المشاركة
بل فهمت قصدك جيدا يا تقوى

نحن نعلم جيدا ما ننسخه و نلصقه

أما عن جمعية العلماء فرحم الله عالمنا عبد الرحمن شيبان الذي لم يعطى حقه لأنه أرجع جمعية العلماء المسلمين لعهدها السابق و إن شاء الله يكمل الأستاذ قسوم المسيرة
أعتقد أنك بحاجة لقراءة تاريخ الجمعية سابقا و لاحقا

ملاحظة : لا أحبذ استعمال الصور الغامزة و غيرها لا يليق اتقاءا للشبهات
ملاحظة ثانية و هي الأهم : لم أفتح موضوعي للنقاش يمكنك فتح موضوع آخر و سأناقشك فيه
لالالا لم تفهمي قصدي بعد لكن لابأس
أظن انك لا تعرفين كثيرا مما نقلت فإن كنت تعتقدين ان الدارس للفلسفة هو عالم فهذا فيه نظر عند أهل العلم
اما عن الجمعيه هناك من وضع موضوعا عنها اليوم و لست بحاجة للنقاش فأنا لا أحب الجدال العقيم و لا التعصب للرأي
الوجوه الغامزة محرمة بين الجنسين و انا استعملها مع أخواتي مثلك
انا لم أناقشك اختي و لم يكن هدفي و الله،،كتبت ردا مثلما كتب غيري و انت سألت فأجبتك
و لكي لا نخرج موضوعك عن فحواه سأحذف ردودي هذه
لا تتسرعي أخيتي لكنك لم تعطيني الرابط









رد مع اقتباس
قديم 2011-12-27, 15:33   رقم المشاركة : 74
معلومات العضو
mohamed.agg60
عضو جديد
 
الصورة الرمزية mohamed.agg60
 

 

 
إحصائية العضو










New1 الشيخ الحاج أحميدة عقون بن بدور : 1925 م – 2007 م





ولد الشيخ الإمام الحاج أحميدة بن بدور بالغيشة سنة 1925 م . عاش هذا الشيخ في صمت ووقار ولقي ربه في صمت ووقار. شهدت له جبال عمور قاطبة بالحلم وحسن الخلق وسلامة السريرة، لم تستهوه الدنيا بمفاتنها، فزهد فيها وأغلق عنه باب الطمع وفتح الله بصيرته وأنعم عليه بالقناعة وكفاف العيش فكان الحلال مطعمه، والرضا أنيسه في الشدة والرخاء . كان مفتيها بلا منازع، وكان جامع شملها، موحد صف جماعتها .
- نشأ وترعرع الشيخ الإمام بالغيشة، شق طريق القرآن منذ صباه، إحتضنته الكتاتيب وأنس به شيوخه الذين أحبوه وأحبوا طبعه الهادئ . كان بساما وزاده التواضع إشراقا وبهاء . - كان الشيخ أحميدة من المحظوظين بالغيشة حيث شهد جيله نخبة من الأعلام الذين أمدوا المنطقة بقسط وافر من العلم بكل أنواعه، أمثال الحاج محمد عويفات والحاج محمد شهرانة، وسي محمد قريشي، وعبدالسلام سنوسي " بن الساسي "، وسي الميهوب ومن قبلهم سي المبروك وسي الصادق وسي الميلود عزوزي، والبطل الفذ الشريف بوشوشة، …الخ،رحمهم الله تعالى جميعا
- لما بلغ الشيخ الإمام من الشباب قوته وتزود من القرآن والعلم ما تيسر، شعر أنه بحاجة إلى الإستزادة، فولى وجهه شطر زاوية الهامل أين رحب به كبار المشايخ. من بين ما تميز به رحمه الله إجادة حفظه لمؤلف الشيخ خليل " المذهب المالكي" ما جعله يتصدر الفتوى بالمنطقة . لقي ترحيبا كبيرا عند رجوعه من زاوية الهامل بعدما أكرمه الله بنجاح باهر في العلوم الشرعية وخلق التواضع في تدريسه وتعليمه لكل من جاء طالبا لذلك . الشيئ الملفت للإنتباه طيلة حياة هذا الشيخ محبة الناس إليه وارتياحهم لفتواه والاطمئنان لكلامه وتصديقه دون تردد .
تولى إمامة المسجد العتيق سنة 1980 م بعد وفاة الشيخ محمد قريشي رحمه الله تعالى . بالإضافة إلى توليه الإمامة كان فاتحا مدرسته القرآنية ببيته الذي كان يعج بالأطفال والشباب المقبلين على حفظ كتاب الله تعالى،
{ما رواه الشيخ} يروي أن أباه رآه يوما يريد حمل كيس من الدقيق فقال له :أتركه وأذهب لحفظ لوحتك -ويعني بها القطعة الخشبية التي يحفظ فيها القرأن -{وتكون ملازمة للطفل حتى يحفظ كتاب الله بكامله }
{ورغم صغر سنه وجسمه النحيف كان } يعمل في البساتين لايمل ولا يكل.
وأنتقل إلى رحمة الله الإمام سي أحميدة صباح يوم الأربعاء 02 – 05 – 2007 م، ودفن بالغيشة تبعا لوصيته بالدفن هناك، وحضر تشييع جنازته خلق كبير جدا .
ترك الشيخ الإمام مجموعة من المخطوطات وهي من تأليفه وهي متنوعة أيضا نذكر منها مخطوط أحكام التجويد ، ومخطوطات أخرى وخواطر في مجالات أخرى
رحم الله الشيخ أحميدة عقون رحمة واسعة وألحقه بإخوانه في جنات النعيم مع الأنبياء والشهداء والصالحين وحسن أولائك رفيقا .










رد مع اقتباس
قديم 2011-12-27, 15:34   رقم المشاركة : 75
معلومات العضو
mohamed.agg60
عضو جديد
 
الصورة الرمزية mohamed.agg60
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وانا من احد احفاده










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
...موضوع, متجدد, الجزائر, علماء

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 18:05

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc