✿ تفسير سورة هود ✿, تابعة لـ حلقة " لحفظ سورة هود"برعاية~*~ مُلْتَقَــى مُحِبَّآتِ الْجَــنَّـــةِ ~*~ - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

✿ تفسير سورة هود ✿, تابعة لـ حلقة " لحفظ سورة هود"برعاية~*~ مُلْتَقَــى مُحِبَّآتِ الْجَــنَّـــةِ ~*~

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-08-09, 16:53   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية ¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
 

 

 
الأوسمة
المركز الثاني في  مسابقة التميز في رمضان 
إحصائية العضو










Icon24 ✿ تفسير سورة هود ✿, تابعة لـ حلقة " لحفظ سورة هود"برعاية~*~ مُلْتَقَــى مُحِبَّآتِ الْجَــنَّـــةِ ~*~

بســم الله الـرحمــن الرحيــم




اليوم الأول الآيات من 1-7

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ "الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴿١﴾ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّـهَ ۚ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ﴿٢﴾
وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ۖ وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ
كَبِيرٍ ﴿٣﴾ إِلَى اللَّـهِ مَرْجِعُكُمْ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿٤﴾ "

يقول تعالى: هذا ( كِتَابٌ) عظيم، ونزل كريم، ( أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ) أي: أتقنت وأحسنت، صادقة أخبارها، عادلة أوامرها ونواهيها، فصيحة
ألفاظه بهية معانيه.
( ثُمَّ فُصِّلَتْ) أي: ميزت وبينت بيانا في أعلى أنواع البيان، ( مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ) يضع الأشياء مواضعها، وينزلها منازلها، لا يأمر ولا ينهى
إلا بما تقتضيه حكمته، ( خَبِيرٍ) مطلع على الظواهر والبواطن.
فإذا كان إحكامه وتفصيله من عند الله الحكيم الخبير، فلا تسأل بعد هذا، عن عظمته وجلالته واشتماله على كمال الحكمة، وسعة الرحمة .
وإنما أنزل الله كتابه لـ ( أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ (2) ) أي: لأجل إخلاص الدين كله لله، وأن لا يشرك به أحد من خلقه.
( إِنَّنِي لَكُمْ) أيها الناس ( مِنْهُ) أي: من الله ربكم ( نَذِيرٌ) لمن تجرأ على المعاصي بعقاب الدنيا والآخرة، ( وَبَشِيرٌ) للمطيعين لله بثواب الدنيا
والآخرة.
(وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ (3) ) عن ما صدر منكم من الذنوب ( ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) فيما تستقبلون من أعماركم، بالرجوع إليه، بالإنابة والرجوع عما
يكرهه الله إلى ما يحبه ويرضاه.
ثم ذكر ما يترتب على الاستغفار والتوبة فقال: ( يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا) أي: يعطيكم من رزقه، ما تتمتعون به وتنتفعون.
( إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) أي: إلى وقت وفاتكم ( وَيُؤْتِ) منكم ( كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) أي: يعطي أهل الإحسان والبر من فضله وبره، ما هو جزاء
لإحسانهم، من حصول ما يحبون، ودفع ما يكرهون.
( وَإِنْ تَوَلَّوْا) عن ما دعوتكم إليه، بل أعرضتم عنه، وربما كذبتم به ( فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) وهو يوم القيامة الذي يجمع الله فيه
الأولين والآخرين، فيجازيهم بأعمالهم، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
وفي قوله: ( وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) كالدليل على إحياء الله الموتى، فإنه قدير على كل شيء ، ومن جملة الأشياء إحياء الموتى، وقد أخبر
بذلك وهو أصدق القائلين، فيجب وقوع ذلك عقلا ونقلا.




"أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَ‌هُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ ۚ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ‌ ﴿٥"﴾

يخبر تعالى عن جهل المشركين، وشدة ضلالهم، أنهم ( يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ) أي: يميلونها ( لِيَسْتَخْفُوا) من الله، فتقع صدورهم حاجبة لعلم الله
بأحوالهم، وبصره لهيئاتهم.
قال تعالى -مبينا خطأهم في هذا الظن- ( أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ) أي: يتغطون بها، يعلمهم في تلك الحال، التي هي من أخفى الأشياء.
بل ( يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ) من الأقوال والأفعال ( وَمَا يُعْلِنُونَ) منها، بل ما هو أبلغ من ذلك، وهو: ( إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) أي: بما فيها من
الإرادات، والوساوس، والأفكار، التي لم ينطقوا بها، سرا ولا جهرا، فكيف تخفى عليه حالكم، إذا ثنيتم صدوركم لتستخفوا منه.
ويحتمل أن المعنى في هذا أن الله يذكر إعراض المكذبين للرسول الغافلين عن دعوته، أنهم -من شدة إعراضهم- يثنون صدورهم، أي:
يحدودبون حين يرون الرسول صلى الله عليه وسلم لئلا يراهم ويسمعهم دعوته، ويعظهم بما ينفعهم، فهل فوق هذا الإعراض شيء؟"
ثم توعدهم بعلمه تعالى بجميع أحوالهم، وأنهم لا يخفون عليه، وسيجازيهم بصنيعهم.




"وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴿٦﴾"

أي: جميع ما دب على وجه الأرض، من آدمي، أو حيوان بري أو بحري، فالله تعالى قد تكفل بأرزاقهم وأقواتهم، فرزقها على الله.
(وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا) أي: يعلم مستقر هذه الدواب، وهو: المكان الذي تقيم فيه وتستقر فيه، وتأوي إليه، ومستودعها: المكان الذي
تنتقل إليه في ذهابها ومجيئها، وعوارض أحوالها.
(كُلِّ) من تفاصيل أحوالها (فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) أي: في اللوح المحفوظ المحتوي على جميع الحوادث الواقعة، والتي تقع في السماوات والأرض.
الجميع قد أحاط بها علم الله، وجرى بها قلمه، ونفذت فيها مشيئته، ووسعها رزقه، فلتطمئن القلوب إلى كفاية من تكفل بأرزاقها، وأحاط علما
بذواتها، وصفاتها.



" وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۗ وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ
لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَـٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴿٧﴾"


يخبر تعالى أنه ( خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ) أولها يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة ( و ) حين خلق السماوات والأرض
( كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ) فوق السماء السابعة.
فبعد أن خلق السماوات والأرض استوى عليه، يدبر الأمور، ويصرفها كيف شاء من الأحكام القدرية، والأحكام الشرعية. ولهذا قال:
( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا ) أي: ليمتحنكم، إذ خلق لكم ما في السماوات والأرض بأمره ونهيه، فينظر أيكم أحسن عملا.
قال الفضيل بن عياض رحمه الله: "أخلصه وأصوبه"
قيل يا أبا علي: "ما أخلصه وأصوبه"؟.
فقال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا، لم يقبل.
وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، حتى يكون خالصا صوابا. والخالص: أن يكون لوجه الله، والصواب: أن يكون متبعا فيه الشرع
والسنة، وهذا كما قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ . وقال تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ
الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا
وأمرهم بذلك، فمن انقاد، وأدى ما أمر به، فهو من المفلحين، ومن أعرض عن ذلك، فأولئك هم الخاسرون، ولا بد أن يجمعهم في دار
يجازيهم فيها على ما أمرهم به ونهاهم. فالله تعالى خلق الخلق لعبادته ومعرفته بأسمائه وصفاته،








 


رد مع اقتباس
قديم 2011-08-09, 16:54   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية ¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
 

 

 
الأوسمة
المركز الثاني في  مسابقة التميز في رمضان 
إحصائية العضو










افتراضي

اليوم الثاني الآيات من 8-15


"وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ۗ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٨﴾"

أي: ولئن قلت لهؤلاء وأخبرتهم بالبعث بعد الموت، لم يصدقوك، بل كذبوك أشد التكذيب ، وقدحوا فيما جئت به، وقالوا: ( إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ )
ألا وهو الحق المبين. ( وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ ) أي: إلى وقت مقدر فتباطأوه، لقالوا من جهلهم وظلمهم ( مَا يَحْبِسُهُ )
ومضمون هذا تكذيبهم به، فإنهم يستدلون بعدم وقوعه بهم عاجلا على كذب الرسول المخبر بوقوع العذاب، فما أبعد هذا الاستدلال"

( أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ ) العذاب ( لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ ) فيتمكنون من النظر في أمرهم.

( وَحَاقَ بِهِمْ ) أي: نزل ( مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ) من العذاب، حيث تهاونوا به، حتى جزموا بكذب من جاء به.




"وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ‌ ﴿٩﴾ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي
ۚ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ‌ ﴿١٠﴾ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴿١١﴾
"



يخبر تعالى عن طبيعة الإنسان، أنه جاهل ظالم بأن الله إذا أذاقه منه رحمة كالصحة والرزق، والأولاد، ونحو ذلك، ثم نزعها منه، فإنه
يستسلم لليأس، وينقاد للقنوط، فلا يرجو ثواب الله، ولا يخطر بباله أن الله سيردها أو مثلها، أو خيرا منها عليه.

وأنه إذا أذاقه رحمة من بعد ضراء مسته، أنه يفرح ويبطر، ويظن أنه سيدوم له ذلك الخير، ويقول: (ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ)
أي: فرح بما أوتي مما يوافق هوى نفسه، فخور بنعم الله على عباد الله، وذلك يحمله على الأشر والبطر والإعجاب بالنفس، والتكبر على
الخلق، واحتقارهم وازدرائهم، وأي عيب أشد من هذا؟!!

وهذه طبيعة الإنسان من حيث هو، إلا من وفقه الله وأخرجه من هذا الخلق الذميم إلى ضده، وهم الذين صبروا أنفسهم عند الضراء فلم ييأسوا،
وعند السراء فلم يبطروا، وعملوا الصالحات من واجبات ومستحبات.

(أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) لذنوبهم، يزول بها عنهم كل محذور. (وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) وهو: الفوز بجنات النعيم، التي فيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين.




"فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ ۚ إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ ۚ وَاللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴿١٢﴾"

يقول تعالى - مسليا لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، عن تكذيب المكذبين-: (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلا
أُنزلَ عَلَيْهِ كَنز
) أي: لا ينبغي هذا لمثلك، أن قولهم يؤثر فيك، ويصدك عما أنت عليه، فتترك بعض ما يوحى إليك، ويضيق صدرك لتعنتهم بقولهم:
(لَوْلا أُنزلَ عَلَيْهِ كَنز أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ) فإن هذا القول ناشئ من تعنت، وظلم، وعناد، وضلال، وجهل بمواقع الحجج والأدلة، فامض على أمرك،
ولا تصدك هذه الأقوال الركيكة التي لا تصدر إلا من سفيه ولا يضق لذلك صدرك.

فهل أوردوا عليك حجة لا تستطيع حلها؟ أم قدحوا ببعض ما جئت به قدحا، يؤثر فيه وينقص قدره، فيضيق صدرك لذلك؟!

أم عليك حسابهم، ومطالب بهدايتهم جبرا؟ (إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) فهو الوكيل عليهم، يحفظ أعمالهم، ويجازيهم بها أتم الجزاء.



"أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّـهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿١٣﴾ فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا
أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّـهِ وَأَن لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴿١٤﴾
"

(أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ) أي: افترى محمد هذا القرآن؟

فأجابهم بقوله: (قُلْ) لهم (فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) أنه قد افتراه ، فإنه لا فرق بينكم
وبينه في الفصاحة والبلاغة، وأنتم الأعداء حقا، الحريصون بغاية ما يمكنكم على إبطال دعوته، فإن كنتم صادقين، فأتوا بعشر سور مثله مفتريات.

(فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ) على شيء من ذلكم (فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزلَ بِعِلْمِ اللَّهِ) [من عند الله] لقيام الدليل والمقتضي، وانتفاء المعارض.

(وَأَنْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ) أي: واعلموا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ أي: هو وحده المستحق للألوهية والعبادة، (فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) أي: منقادون لألوهيته،
مستسلمون لعبوديته، وفي هذه الآيات إرشاد إلى أنه لا ينبغي للداعي إلى الله أن يصده اعتراض المعترضين، ولا قدح القادحين.

خصوصا إذا كان القدح لا مستند له، ولا يقدح فيما دعا إليه، وأنه لا يضيق صدره، بل يطمئن بذلك، ماضيا على أمره، مقبلا على شأنه، وأنه
لا يجب إجابة اقتراحات المقترحين للأدلة التي يختارونها. بل يكفي إقامة الدليل السالم عن المعارض، على جميع المسائل والمطالب. وفيها
أن هذا القرآن، معجز بنفسه، لا يقدر أحد من البشر أن يأتي بمثله، ولا بعشر سور من مثله، بل ولا بسورة من مثله، لأن الأعداء البلغاء الفصحاء،
تحداهم الله بذلك، فلم يعارضوه، لعلمهم أنهم لا قدرة فيهم على ذلك.

وفيها: أن مما يطلب فيه العلم، ولا يكفي غلبة الظن، علم القرآن، وعلم التوحيد، لقوله تعالى: (فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ).




"مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ ﴿١٥﴾"

يقول تعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا) أي: كل إرادته مقصورة على الحياة الدنيا، وعلى زينتها من النساء والبنين، والقناطير
المقنطرة، من الذهب، والفضة، والخيل المسومة، والأنعام والحرث. قد صرف رغبته وسعيه وعمله في هذه الأشياء، ولم يجعل لدار القرار
من إرادته شيئا، فهذا لا يكون إلا كافرا، لأنه لو كان مؤمنا، لكان ما معه من الإيمان يمنعه أن تكون جميع إرادته للدار الدنيا، بل نفس إيمانه
وما تيسر له من الأعمال أثر من آثار إرادته الدار الآخرة.

ولكن هذا الشقي، الذي كأنه خلق للدنيا وحدها (نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا) أي: نعطيهم ما قسم لهم في أم الكتاب من ثواب الدنيا.

(وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ) أي: لا ينقصون شيئا مما قدر لهم، ولكن هذا منتهى نعيمهم.













رد مع اقتباس
قديم 2011-08-09, 16:55   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية ¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
 

 

 
الأوسمة
المركز الثاني في  مسابقة التميز في رمضان 
إحصائية العضو










افتراضي

اليوم الثالث الآيات من16 -23

أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ‌ ۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿١٦﴾

أُولَئِكَ الَّذينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ) خالدين فيها أبدا، لا يفتَّر عنهم العذاب، وقد حرموا جزيل الثواب.
وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا) أي: في الدنيا، أي: بطل واضمحل ما عملوه مما يكيدون به الحق وأهله، وما عملوه من أعمال الخير التي لا أساس لها،
ولا وجود لشرطها، وهو الإيمان.



أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً ۚ أُولَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۚ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ ۚ فَلَا
تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ ۚ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿١٧﴾


يذكر تعالى، حال رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ومن قام مقامه من ورثته القائمين بدينه، وحججه الموقنين بذلك، وأنهم لا يوصف بهم غيرهم
ولا يكون أحد مثلهم، فقال: (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) بالوحي الذي أنزل الله فيه المسائل المهمة، ودلائلها الظاهرة، فتيقن تلك البينة.

(وَيَتْلُوهُ) أي: يتلو هذه البينة والبرهان برهان آخر (شَاهِدٌ مِنْهُ) وهو شاهد الفطرة المستقيمة، والعقل الصحيح، حين شهد حقيقة ما أوحاه الله
وشرعه، وعلم بعقله حسنه، فازداد بذلك إيمانا إلى إيمانه.

(وَ) ثم شاهد ثالث وهو (كِتَابُ مُوسَى) التوراة التي جعلها الله (إِمَامًا) للناس (وَرَحْمَةً) لهم، يشهد لهذا القرآن بالصدق، ويوافقه فيما جاء به
من الحق.

أي: أفمن كان بهذا الوصف قد تواردت عليه شواهد الإيمان، وقامت لديه أدلة اليقين، كمن هو في الظلمات والجهالات، ليس بخارج منها؟!

لا يستوون عند الله، ولا عند عباد الله، (أُولَئِكَ) أي: الذين وفقوا لقيام الأدلة عندهم، (يُؤْمِنُونَ) بالقرآن حقيقة، فيثمر لهم إيمانهم كل خير في
الدنيا والآخرة.

(وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ) أي: القرآن (مِنَ الأحْزَابِ) أي: سائر طوائف أهل الأرض، المتحزبة على رد الحق، (فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ) لا بد من وروده إليها
(فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ) أي: في أدنى شك (إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) إما جهلا منهم وضلالا وإما ظلما وعنادا وبغيا،
وإلا فمن كان قصده حسنا وفهمه مستقيما، فلا بد أن يؤمن به، لأنه يرى ما يدعوه إلى الإيمان من كل وجه.



وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا ۚ أُولَـٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَـٰؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ ۚ أَلَا لَعْنَةُ اللَّـهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴿١٨﴾
الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ﴿١٩﴾


يخبر تعالى أنه لا أحد (أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا) ويدخل في هذا كل من كذب على الله، بنسبة الشريك له، أو وصفه بما لا يليق بجلاله، أو
الإخبار عنه، بما لم يقل، أو ادعاء النبوة، أو غير ذلك من الكذب على الله، فهؤلاء أعظم الناس ظلما (أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ) ليجازيهم بظلمهم،
فعندما يحكم عليهم بالعقاب الشديد (يَقُولُ الأشْهَادُ) أي: الذين شهدوا عليهم بافترائهم وكذبهم: (هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى
الظَّالِمِينَ
) أي: لعنة لا تنقطع، لأن ظلمهم صار وصفا لهم ملازما، لا يقبل التخفيف.

ثم وصف ظلمهم فقال: (الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) فصدوا بأنفسهم عن سبيل الله، وهي سبيل الرسل، التي دعوا الناس إليها، وصدوا غيرهم
عنها، فصاروا أئمة يدعون إلى النار.

(وَيَبْغُونَهَا) أي: سبيل الله (عِوَجًا) أي: يجتهدون في ميلها، وتشيينها، وتهجينها، لتصير عند الناس غير مستقيمة، فيحسنون الباطل ويقبحون
الحق، قبحهم الله (وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ).




أُولَـٰئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّـهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ۘ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ ۚ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ
﴿٢٠﴾ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴿٢١﴾ لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ ﴿٢٢﴾




(أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الأرْضِ) أي: ليسوا فائتين الله، لأنهم تحت قبضته وفي سلطانه.

(وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ) فيدفعون عنهم المكروه، أو يحصلون لهم ما ينفعهم، بل تقطعت بهم الأسباب.

(يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ) أي: يغلظ ويزداد، لأنهم ضلوا بأنفسهم وأضلوا غيرهم.

(مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ) أي: من بغضهم للحق ونفورهم عنه، ما كانوا يستطيعون أن يسمعوا آيات الله سماعا ينتفعون به فَمَا لَهُمْ عَنِ
التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ
(وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ) أي ينظرون نظر عبرة وتفكر فيما ينفعهم وإنما هم كالصم
البكم الذين لا يعقلون

(أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) حيث فوتوها أعظم الثواب واستحقوا أشد العذاب (وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ) أي اضمحل دينهم الذي
يدعون إليه ويحسنونه ولم تغن عنهم آلهتهم التي يعبدون من دون الله لما جاء أمر ربك

(لا جَرَمَ) أي حقا وصدقا (أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأخْسَرُونَ) حصر الخسار فيهم بل جعل لهم منه أشده لشدة حسرتهم وحرمانهم وما يعانون
من المشقة والعذاب نستجير بالله من حالهم

ولما ذكر حال الأشقياء ذكر أوصاف السعداء وما لهم عند الله من الثواب فقال



إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿٢٣﴾


يقول تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) بقلوبهم، أي: صدقوا واعترفوا, لما أمر الله بالإيمان به، من أصول الدين وقواعده.

(وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) المشتملة على أعمال القلوب والجوارح، وأقوال اللسان. (وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ) أي: خضعوا له، واستكانوا لعظمته، وذلوا
لسلطانه، وأنابوا إليه بمحبته، وخوفه، ورجائه، والتضرع إليه.

(أُولَئِكَ) الذين جمعوا تلك الصفات (أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) لأنهم لم يتركوا من الخير مطلبا، إلا أدركوه، ولا خيرا، إلا سبقوا إليه.










رد مع اقتباس
قديم 2011-08-09, 16:56   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية ¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
 

 

 
الأوسمة
المركز الثاني في  مسابقة التميز في رمضان 
إحصائية العضو










افتراضي


اليوم الرابع الآيات من 24 -31

مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَىٰ وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ ۚ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴿٢٤﴾

(مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ) أي: فريق الأشقياء، وفريق السعداء. (كَالأعْمَى وَالأصَمِّ) هؤلاء الأشقياء، (وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ) مثل السعداء.

(هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا) لا يستوون مثلا بل بينهما من الفرق ما لا يأتي عليه الوصف، (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) الأعمال، التي تنفعكم، فتفعلونها،
والأعمال التي تضركم، فتتركونها.



وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴿٢٥﴾ أَن لَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّـهَ ۖ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ ﴿٢٦﴾ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا
مِن قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ ﴿٢٧﴾



وهم في الحقيقة الأشراف، وأهل العقول، الذين انقادوا للحق ولم يكونوا كالأراذل، الذين يقال لهم الملأ الذين اتبعوا كل شيطان مريد، واتخذوا
آلهة من الحجر والشجر، يتقربون إليها ويسجدون لها، فهل ترى أرذل من هؤلاء وأخس؟.وقولهم: بَادِيَ الرَّأْيِ أي: إنما اتبعوك من غير تفكر
وروية، بل بمجرد ما دعوتهم اتبعوك، يعنون بذلك، أنهم ليسوا على بصيرة من أمرهم، ولم يعلموا أن الحق المبين تدعو إليه بداهة العقول،
وبمجرد ما يصل إلى أولي الألباب، يعرفونه ويتحققونه، لا كالأمور الخفية، التي تحتاج إلى تأمل، وفكر طويل.

أي: ولقد أرسلنا رسولنا نوحا أول المرسلين إلى قومه يدعوهم إلى الله وينهاهم عن الشرك فقال لهم: (إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) أي: بينت لكم ما
أنذرتكم به، بيانا زال به الإشكال.

أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ أي: أخلصوا العبادة لله وحده، واتركوا كل ما يعبد من دون الله. إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ إن لم تقوموا بتوحيد الله
وتطيعوني.

فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ (27) أي: الأشراف والرؤساء، رادين لدعوة نوح عليه السلام، كما جرت العادة لأمثالهم، أنهم أول من رد
دعوة المرسلين.

مَا نَرَاكَ إِلا بَشَرًا مِثْلَنَا وهذا مانع بزعمهم عن اتباعه، مع أنه في نفس الأمر هو الصواب، الذي لا ينبغي غيره، لأن البشر يتمكن البشر، أن يتلقوا
عنه، ويراجعوه في كل أمر، بخلاف الملائكة.

وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا أي: ما نرى اتبعك منا إلا الأراذل والسفلة، بزعمهم.

وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ أي: لستم أفضل منا فننقاد لكم، بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ وكذبوا في قولهم هذا، فإنهم رأوا من الآيات التي جعلها الله
مؤيدة لنوح، ما يوجب لهم الجزم التام على صدقه.




قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ ﴿٢٨﴾

ولهذا قَالَ لهم نوح مجاوبا يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي أي: على يقين وجزم، يعني، وهو الرسول الكامل القدوة، الذي ينقاد له
أولو الألباب، ويضمحل في جنب عقله، عقول الفحول من الرجال, وهو الصادق حقا، فإذا قال: إني على بينة من ربي، فحسبك بهذا القول،
شهادة له وتصديقا.

وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ أي: أوحى إلي وأرسلني، ومنَّ علي بالهداية، فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أي: خفيت عليكم، وبها تثاقلتم

أَنُلْزِمُكُمُوهَا أي: أنكرهكم على ما تحققناه، وشككتم أنتم فيه؟ وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ حتى حرصتم على رد ما جئت به، ليس ذلك ضارنا، وليس
بقادح من يقيننا فيه، ولا قولكم " < 1-381 > " وافتراؤكم علينا، صادا لنا عما كنا عليه.

وإنما غايته أن يكون صادا لكم أنتم، وموجبا لعدم انقيادكم للحق الذي تزعمون أنه باطل، فإذا وصلت الحال إلى هذه الغاية، فلا نقدر على
إكراهكم، على ما أمر الله، ولا إلزامكم، ما نفرتم عنه، ولهذا قال: أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ




وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ ۚ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ إِنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَـٰكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ ﴿٢٩﴾
وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللَّـهِ إِن طَرَدتُّهُمْ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴿٣٠﴾


وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أي: على دعوتي إياكم مَالا فستستثقلون المغرم.

إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ وكأنهم طلبوا منه طرد المؤمنين الضعفاء، فقال لهم: وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا أي: ما ينبغي لي، ولا يليق بي ذلك،
بل أتلقاهم بالرحب والإكرام، والإعزاز والإعظام إِنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ فمثيبهم على إيمانهم وتقواهم بجنات النعيم.

وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ حيث تأمرونني، بطرد أولياء الله, وإبعادهم عني. وحيث رددتم الحق، لأنهم أتباعه، وحيث استدللتم على بطلان
الحق بقولكم إني بشر مثلكم وإنه ليس لنا عليكم من فضل.

وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أي: من يمنعني من عذابه، فإن طردهم موجب للعذاب والنكال، الذي لا يمنعه من دون الله مانع.

أَفَلا تَذَكَّرُونَ ما هو الأنفع لكم والأصلح، وتدبرون الأمور.




وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّـهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللَّـهُ خَيْرًا ۖ اللَّـهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي
أَنفُسِهِمْ ۖ إِنِّي إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ ﴿٣١﴾


أي: غايتي أني رسول الله إليكم، أبشركم، وأنذركم، وأما ما عدا ذلك، فليس بيدي من الأمر شيء، فليست خزائن الله عندي، أدبرها أنا،
وأعطي من أشاء، وأحرم من أشاء، ( وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ) فأخبركم بسرائركم وبواطنكم ( وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ ) والمعنى: أني لا أدعي رتبة فوق
رتبتي، ولا منزلة سوى المنزلة، التي أنزلني الله بها، ولا أحكم على الناس، بظني.

وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ أي: ضعفاء المؤمنين، الذين يحتقرهم الملأ الذين كفروا لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ فإن كانوا
صادقين في إيمانهم، فلهم الخير الكثير، وإن كانوا غير ذلك، فحسابهم على الله.

إِنِّي إِذًا أي: إن قلت لكم شيئا مما تقدم لَمِنَ الظَّالِمِينَ وهذا تأييس منه، عليه الصلاة والسلام لقومه، أن ينبذ فقراء المؤمنين, أو يمقتهم،
وتقنيع لقومه، بالطرق المقنعة للمنصف.










رد مع اقتباس
قديم 2011-08-09, 17:02   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية ¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
 

 

 
الأوسمة
المركز الثاني في  مسابقة التميز في رمضان 
إحصائية العضو










افتراضي


اليوم الخامس الآيات من 32-40

قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴿٣٢﴾ قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللَّـهُ إِن شَاءَ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ ﴿٣٣﴾

فلما رأوه، لا ينكف عما كان عليه من دعوتهم، ولم يدركوا منه مطلوبهم قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا من العذاب
إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فما أجهلهم وأضلهم، حيث قالوا هذه المقالة، لنبيهم الناصح.

فهلا قالوا إن كانوا صادقين: يا نوح قد نصحتنا، وأشفقت علينا, ودعوتنا إلى أمر، لم يتبين لنا، فنريد منك أن تبينه لنا لننقاد لك، وإلا فأنت
مشكور في نصحك. لكان هذا الجواب المنصف، الذي قد دعي إلى أمر خفي عليه، ولكنهم في قولهم، كاذبون، وعلى نبيهم متجرئون. ولم يردوا
ما قاله بأدنى شبهة، فضلا عن أن يردوه بحجة.

ولهذا عدلوا - من جهلهم وظلمهم - إلى الاستعجال بالعذاب، وتعجيز الله، ولهذا أجابهم نوح عليه السلام بقوله: إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ أي:
إن اقتضت مشيئته وحكمته، أن ينزله بكم، فعل ذلك. وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ لله، وأنا ليس بيدي من الأمر شيء.



وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللَّـهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ ۚ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿٣٤﴾ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ
إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرِمُونَ ﴿٣٥﴾


وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ أي: إن إرادة الله غالبة، فإنه إذا أراد أن يغويكم، لردكم الحق، فلو حرصت
غاية مجهودي، ونصحت لكم أتم النصح - وهو قد فعل عليه السلام - فليس ذلك بنافع لكم شيئا، هُوَ رَبُّكُمْ يفعل بكم ما يشاء، ويحكم فيكم بما
يريد وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ فيجازيكم بأعمالكم.

أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ هذا الضمير محتمل أن يعود إلى نوح، كما كان السياق في قصته مع قومه، وأن المعنى: أن قومه يقولون: افترى على الله
كذبا، وكذب بالوحي الذي يزعم أنه من الله، وأن الله أمره أن يقول: قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ أي: كل عليه وزره
وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى .

ويحتمل أن يكون عائدا إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتكون هذه الآية معترضة، في أثناء قصة نوح وقومه، لأنها من الأمور التي
لا يعلمها إلا الأنبياء، فلما شرع الله في قصها على رسوله، وكانت من جملة الآيات الدالة على صدقه ورسالته، ذكر تكذيب قومه له مع البيان
التام فقال: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ أي: هذا القرآن اختلقه محمد من تلقاء نفسه، أي: فهذا من أعجب الأقوال وأبطلها، فإنهم يعلمون أنه لم يقرأ ولم
يكتب، ولم يرحل عنهم لدراسة على أهل الكتاب، فجاء بهذا الكتاب الذي تحداهم أن يأتوا بسورة من مثله.

فإذا زعموا - مع هذا - أنه افتراه، علم أنهم معاندون، ولم يبق فائدة في حجاجهم، بل اللائق في هذه الحال، الإعراض عنهم، ولهذا قال: قُلْ إِنِ
افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي
أي: ذنبي " " وكذبي، وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ أي: فلم تستلجون في تكذيبي.



وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَّا مَن قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴿٣٦﴾ وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ
ظَلَمُوا ۚ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ ﴿٣٧﴾


وقوله: وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلا مَنْ قَدْ آمَنَ أي: قد قسوا، فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ أي: فلا تحزن، ولا تبال بهم, وبأفعالهم،
فإن الله قد مقتهم، وأحق عليهم عذابه الذي لا يرد.

وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا أي: بحفظنا، ومرأى منا, وعلى مرضاتنا، وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا أي: لا تراجعني في إهلاكهم، إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ
أي: قد حق عليهم القول، ونفذ فيهم القدر.




وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ۚ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ ﴿٣٨﴾ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ
يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ﴿٣٩﴾ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ
آمَنَ ۚ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ﴿٤٠﴾


فامتثل أمر ربه، وجعل يصنع الفلك وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِنْ قَوْمِهِ ورأوا ما يصنع سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا الآن فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ *
فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ
نحن أم أنتم. وقد علموا ذلك، حين حل بهم العقاب.

حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا أي قدرنا بوقت نزول العذاب بهم وَفَارَ التَّنُّورُ أي: أنزل الله السماء بالماء بالمنهمر، وفجر الأرض كلها عيونا حتى التنانير
التي هي محل النار في العادة، وأبعد ما يكون عن الماء، تفجرت فالتقى الماء على أمر، قد قدر.

قُلْنَا لنوح: احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ أي: من كل صنف من أصناف المخلوقات، ذكر وأنثى، لتبقى مادة سائر الأجناس وأما بقية الأصناف
الزائدة عن الزوجين، فلأن السفينة لا تطيق حملها وَأَهْلَكَ إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ ممن كان كافرا، كابنه الذي غرق.

وَمَنْ آمَنَ ( و ) الحال أنه مَا آمَنَ مَعَهُ إِلا قَلِيلٌ .











رد مع اقتباس
قديم 2011-08-09, 17:03   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية ¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
 

 

 
الأوسمة
المركز الثاني في  مسابقة التميز في رمضان 
إحصائية العضو










افتراضي

اليوم السّادس الآيات من 41-48



وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (41) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ
يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42)



{ وَقَالَ } نوح لمن أمره الله أن يحملهم: { ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا } أي: تجري على اسم الله، وترسو على اسم الله، وتجري
بتسخيره وأمره.
{ إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } حيث غفر لنا ورحمنا، ونجانا من القوم الظالمين.
ثم وصف جريانها كأنا نشاهدها فقال: { وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ } أي: بنوح، ومن ركب معه { فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ } والله حافظها وحافظ أهلها
{ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ } لما ركب، ليركب معه { وَكَانَ } ابنه { فِي مَعْزِلٍ } عنهم، حين ركبوا، أي: مبتعدا وأراد منه، أن يقرب ليركب، فقال له:
{ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ } فيصيبك ما يصيبهم.




قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43) وَقِيلَ يَا أَرْضُ
ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ
ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45)


فـ { قَالَ } ابنه، مكذبا لأبيه أنه لا ينجو إلا من ركب معه السفينة.
{ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ } أي: سأرتقي جبلا أمتنع به من الماء، فـ { قَالَ } نوح: { لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلا مَنْ رَحِمَ } فلا
يعصم أحدا، جبل ولا غيره، ولو تسبب بغاية ما يمكنه من الأسباب، لما نجا إن لم ينجه الله. { وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ } الابن { مِنَ الْمُغْرَقِينَ } .
فلما أغرقهم الله ونجى نوحا ومن معه { وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ } الذي خرج منك، والذي نزل إليك، أي: ابلعي الماء الذي على وجهك
{ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي } فامتثلتا لأمر الله، فابتلعت الأرض ماءها، وأقلعت السماء، فنضب الماء من الأرض، { وَقُضِيَ الأمْرُ } بهلاك المكذبين
ونجاة المؤمنين.
{ وَاسْتَوَتْ } السفينة { عَلَى الْجُودِيِّ } أي: أرست على ذلك الجبل المعروف في أرض الموصل.
{ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } أي: أتبعوا بعد هلاكهم لعنة وبعدا، وسحقا لا يزال معهم.
{ وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ } أي: وقد قلت لي: فـ { احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ } ولن تخلف
ما وعدتني به.
لعله عليه الصلاة والسلام، حملته الشفقة، وأن الله وعده بنجاة أهله، ظن أن الوعد لعمومهم، من آمن، ومن لم يؤمن، فلذلك دعا ربه بذلك الدعاء،
ومع هذا، ففوض الأمر لحكمة الله البالغة.




قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ
أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (47)



فـ { قَالَ } الله له: { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } الذين وعدتك بإنجائهم { إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ } أي: هذا الدعاء الذي دعوت (1) به، لنجاة كافر، لا يؤمن
بالله ولا رسوله.
{ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } أي: ما لا تعلم عاقبته،ومآله، وهل يكون خيرا، أو غير خير.
{ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ } أي: أني أعظك وعظا تكون به من الكاملين، وتنجو به من صفات الجاهلين.
فحينئذ ندم نوح، عليه السلام، ندامة شديدة، على ما صدر منه، و { قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي
أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ
}.
[ ص 383 ]
فبالمغفرة والرحمة ينجو العبد من أن يكون من الخاسرين، ودل هذا على أن نوحا، عليه السلام، لم يكن عنده علم، بأن سؤاله لربه، في نجاة
ابنه محرم، داخل في قوله { وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ } بل تعارض عنده الأمران، وظن دخوله في قوله: { وَأَهْلَكَ }.
وبعد ذلك تبين له أنه داخل في المنهي عن الدعاء لهم، والمراجعة فيهم.



قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48)

{ قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ } من الآدميين وغيرهم من الأزواج التي حملها معه، فبارك الله في الجميع،
حتى ملأوا أقطار الأرض ونواحيها.
{ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ } في الدنيا { ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي: هذا الإنجاء، ليس بمانع لنا من أن من كفر بعد ذلك، أحللنا به العقاب، وإن متعوا قليلا فسيؤخذون بعد ذلك.
قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بعد ما قص عليه هذه القصة المبسوطة، التي لا يعلمها إلا من منَّ عليه برسالته.










رد مع اقتباس
قديم 2011-08-09, 17:03   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية ¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
 

 

 
الأوسمة
المركز الثاني في  مسابقة التميز في رمضان 
إحصائية العضو










افتراضي

اليوم السابع الآيات من 49-56

تِلْكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ ۖ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـٰذَا ۖ فَاصْبِرْ‌ ۖ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ﴿٤٩﴾

(تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا) فيقولوا: إنه كان يعلمها.
فاحمد الله، واشكره، واصبر على ما أنت عليه، من الدين القويم، والصراط المستقيم، والدعوة إلى الله( إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) الذين يتقون الشرك
وسائر المعاصي، فستكون لك العاقبة على قومك، كما كانت لنوح على قومه.



وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُ‌هُ ۖ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا مُفْتَرُ‌ونَ ﴿٥٠﴾ يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرً‌ا ۖ إِنْ أَجْرِ‌يَ إِلَّا عَلَى الَّذِي
فَطَرَ‌نِي ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿٥١﴾ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُ‌وا رَ‌بَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْ‌سِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَ‌ارً‌ا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِ‌مِينَ ﴿٥٢﴾


أي: ( وَ ) أرسلنا ( إِلَى عَادٍ ) وهم القبيلة المعروفة في الأحقاف, من أرض اليمن، ( أَخَاهُمْ ) في النسب ( هُودًا ) ليتمكنوا من الأخذ عنه والعلم
بصدقه.
فـ (قَالَ لهم يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلا مُفْتَرُونَ) أي: أمرهم بعبادة الله وحده، ونهاهم عما هم عليه، من عبادة غير الله،
وأخبرهم أنهم قد افتروا على الله الكذب في عبادتهم لغيره, وتجويزهم لذلك، ووضح لهم وجوب عبادة الله، وفساد عبادة ما سواه.
ثم ذكر عدم المانع لهم من الانقياد فقال( يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا )أي: غرامة من أموالكم، على ما دعوتكم إليه، فتقولوا: هذا يريد أن يأخذ
أموالنا، وإنما أدعوكم وأعلمكم مجانا.
(إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ) ما أدعوكم إليه، وأنه موجب لقبوله، منتف المانع عن رده.
(وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) عما مضى منكم( ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ )فيما تستقبلونه، بالتوبة النصوح، والإنابة إلى الله تعالى.
فإنكم إذا فعلتم ذلك( يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا )بكثرة الأمطار التي تخصب بها الأرض، ويكثر خيرها.
(وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ )فإنهم كانوا من أقوى الناس، ولهذا قالوا: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ؟ ، فوعدهم أنهم إن آمنوا، زادهم قوة إلى قوتهم.

(وَلا تَتَوَلَّوْ) عنه، أي: عن ربكم مُجْرِمِينَ أي: مستكبرين عن عبادته، متجرئين على محارمه.



قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِ‌كِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ﴿٥٣﴾ إِن نَّقُولُ إِلَّا اعْتَرَ‌اكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ ۗ قَالَ إِنِّي
أُشْهِدُ اللَّـهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِ‌يءٌ مِّمَّا تُشْرِ‌كُونَ ﴿٥٤﴾ مِن دُونِهِ ۖ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُ‌ونِ ﴿٥٥﴾ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّـهِ رَ‌بِّي وَرَ‌بِّكُم ۚ مَّا مِن
دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ۚ إِنَّ رَ‌بِّي عَلَىٰ صِرَ‌اطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿٥٦﴾



فـ قَالُوا رادين لقوله: (يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ) إن كان قصدهم بالبينة البينة التي يقترحونها، فهذه غير لازمة للحق، بل اللازم أن يأتي النبي
بآية تدل على صحة ما جاء به، وإن كان قصدهم أنه لم يأتهم ببينة، تشهد لما قاله بالصحة، فقد كذبوا في ذلك، فإنه ما جاء نبي لقومه،
إلا وبعث الله على يديه، من الآيات ما يؤمن على مثله البشر.

ولو لم يكن له آية، إلا دعوته إياهم لإخلاص الدين لله، وحده لا شريك له، والأمر بكل عمل صالح، وخلق جميل، والنهي عن كل خلق ذميم
من الشرك بالله، والفواحش، والظلم، وأنواع المنكرات، مع ما هو مشتمل عليه هود، عليه السلام، من الصفات، التي لا تكون إلا لخيار
الخلق وأصدقهم، لكفى بها آيات وأدلة، على صدقه.

بل أهل العقول، وأولو الألباب، يرون أن هذه الآية، أكبر من مجرد الخوارق، التي يراها بعض الناس، هي المعجزات فقط. ومن آياته،
وبيناته الدالة على صدقه، أنه شخص واحد، ليس له أنصار ولا أعوان، وهو يصرخ في قومه، ويناديهم، ويعجزهم، ويقول لهم إِنِّي
تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ
) .
(إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ) وهم الأعداء الذين لهم السطوة والغلبة، ويريدون
إطفاء ما معه من النور، بأي طريق كان، وهو غير مكترث منهم، ولا مبال بهم، وهم عاجزون لا يقدرون أن ينالوه بشيء من السوء، إن في
ذلك لآيات لقوم يعقلون.



وقولهم وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ ) أي: لا نترك عبادة آلهتنا لمجرد قولك، الذي ما أقمت عليه بينة بزعمهم، (وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ)
وهذا تأييس منهم لنبيهم، هود عليه السلام, في إيمانهم، وأنهم لا يزالون في كفرهم يعمهون.
(إِنْ نَقُولُ) فيك( إِلا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ) أي: أصابتك بخبال وجنون، فصرت تهذي بما لا يعقل. فسبحان من طبع على قلوب الظالمين،
كيف جعلوا أصدق الخلق الذي جاء بأحق الحق، بهذه المرتبة، التي يستحي العاقل من حكايتها عنهم لولا أن الله حكاها عنهم.
ولهذا بين هود، عليه الصلاة والسلام، أنه واثق غاية الوثوق، أنه لا يصيبه منهم، ولا من آلهتهم أذى، فقال: (إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي
بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا
)أي اطلبوا لي الضرر كلكم بكل طريق تتمكنون بها مني( ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ) أي لا تمهلوني
(إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ )أي اعتمدت في أمري كله على الله (رَبِّي وَرَبِّكُمْ) أي هو خالق الجميع ومدبرنا وإياكم وهو الذي ربانا
(مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا )فلا تتحرك ولا تسكن إلا بإذنه فلو اجتمعتم جميعا على الإيقاع بي والله لم يسلطكم علي لم تقدروا على ذلك
فإن سلطكم فلحكمة أرادها
فـ (إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ )أي على عدل وقسط وحكمة وحمد في قضائه وقدره في شرعه وأمره وفي جزائه وثوابه وعقابه لا تخرج
أفعاله عن الصراط المستقيم التي يحمد ويثنى عليه بها











رد مع اقتباس
قديم 2011-08-09, 17:04   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية ¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
 

 

 
الأوسمة
المركز الثاني في  مسابقة التميز في رمضان 
إحصائية العضو










افتراضي

اليوم الثامن الآيات من 57-65

فَإِن تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْ‌سِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ ۚ وَيَسْتَخْلِفُ رَ‌بِّي قَوْمًا غَيْرَ‌كُمْ وَلَا تَضُرُّ‌ونَهُ شَيْئًا ۚ إِنَّ رَ‌بِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴿٥٧﴾ وَلَمَّا جَاءَ
أَمْرُ‌نَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَ‌حْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴿٥٨﴾ وَتِلْكَ عَادٌ ۖ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَ‌بِّهِمْ وَعَصَوْا رُ‌سُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ‌
كُلِّ جَبَّارٍ‌ عَنِيدٍ ﴿٥٩﴾ وَأُتْبِعُوا فِي هَـٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُ‌وا رَ‌بَّهُمْ ۗ أَلَا بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ ﴿٦٠﴾


(فَإِنْ تَوَلَّوْا )عما دعوتكم إليه( فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ )فلم يبق عليَّ تبعة من شأنكم
(وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ )يقومون بعبادته ولا يشركون به شيئا (وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا) فإن ضرركم إنما يعود عليكم فالله لا تضره معصية
العاصين ولا تنفعه طاعة المطيعين (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا) ( إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ)
(وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا) أي عذابنا بإرسال الريح العقيم التي (مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ)
(نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ )أي عظيم شديد أحله الله بعاد فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم
(وَتِلْكَ عَادٌ )الذين أوقع الله بهم ما أوقع بظلم منهم لأنهم (جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ )ولهذا قالوا لهود (مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ) فتبين بهذا أنهم متيقنون لدعوته
وإنما عاندوا وجحدوا( وَعَصَوْا رُسُلَهُ )لأن من عصى رسولا فقد عصى جميع المرسلين لأن دعوتهم واحدة
(وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ) أي متسلط على عباد الله بالجبروت( عَنِيدٍ )أي معاند لآيات الله فعصوا كل ناصح ومشفق عليهم واتبعوا كل غاش لهم يريد
إهلاكهم لا جرم أهلكهم الله
(وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً) فكل وقت وجيل إلا ولأنبائهم القبيحة وأخبارهم الشنيعة ذكر يذكرون به وذم يلحقهم (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ) لهم أيضا لعنة
(أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ )أي جحدوا من خلقهم ورزقهم ورباهم( أَلا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ )أي أبعدهم الله عن كل خير وقربهم من كل شر



وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُ‌هُ ۖ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْ‌ضِ وَاسْتَعْمَرَ‌كُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُ‌وهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَ‌بِّي
قَرِ‌يبٌ مُّجِيبٌ ﴿٦١﴾


أي: ( و ) أرسلنا ( إِلَى ثَمُودَ ) وهم: عاد الثانية، المعروفون، الذين يسكنون الحجر، ووادي القرى، ( أَخَاهُمْ ) في النسب ( صَالِحًا ) عبد الله
ورسوله صلى الله عليه وسلم، يدعوهم إلى عبادة الله وحده، فـ( قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ )أي: وحدوه، وأخلصوا له الدين (مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)
لا من أهل السماء، ولا من أهل الأرض.

(هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ) أي: خلقكم فيها( وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا )أي: استخلفكم فيها، وأنعم عليكم بالنعم الظاهرة والباطنة، ومكنكم في الأرض، تبنون،
وتغرسون، وتزرعون، وتحرثون ما شئتم، وتنتفعون بمنافعها، وتستغلون مصالحها، فكما أنه لا شريك له في جميع ذلك، فلا تشركوا به في عبادته.

(فَاسْتَغْفِرُوهُ )مما صدر منكم، من الكفر، والشرك، والمعاصي, وأقلعوا عنها،( ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ )أي: ارجعوا إليه بالتوبة النصوح، والإنابة،
( إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ) أي: قريب ممن دعاه دعاء مسألة، أو دعاء عبادة، يجيبه بإعطائه سؤله، وقبول عبادته، وإثابته عليها، أجل الثواب،
واعلم أن قربه تعالى نوعان: عام، وخاص، فالقرب العام: قربه بعلمه، من جميع الخلق، وهو المذكور في قوله تعالى:
(وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) والقرب الخاص: قربه من عابديه، وسائليه، ومحبيه، وهو المذكور في قوله تعالى (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ).

وفي هذه الآية، وفي قوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ )وهذا النوع، قرب يقتضي إلطافه تعالى، وإجابته
لدعواتهم، وتحقيقه لمراداتهم، ولهذا يقرن، باسمه "القريب" اسمه "المجيب"



قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْ‌جُوًّا قَبْلَ هَـٰذَا ۖ أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِ‌يبٍ ﴿٦٢﴾

فلما أمرهم نبيهم صالح عليه السلام، ورغبهم في الإخلاص لله وحده, ردوا عليه دعوته، وقابلوه أشنع المقابلة.
(قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا) أي: قد كنا نرجوك ونؤمل فيك العقل والنفع، وهذا شهادة منهم، لنبيهم صالح، أنه ما زال
معروفا بمكارم الأخلاق ومحاسن الشيم، وأنه من خيار قومه.
ولكنه، لما جاءهم بهذا الأمر، الذي لا يوافق أهواءهم الفاسدة, قالوا هذه المقالة، التي مضمونها، أنك [قد] كنت كاملا والآن أخلفت
ظننا فيك، وصرت بحالة لا يرجى منك خير.
وذنبه، ما قالوه عنه، وهو قولهم: (أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا )وبزعمهم أن هذا من أعظم القدح في صالح، كيف قدح في عقولهم،
وعقول آبائهم الضالين، وكيف ينهاهم عن عبادة، من لا ينفع ولا يضر، ولا يغني شيئا من الأحجار، والأشجار ونحوها.
وأمرهم بإخلاص الدين لله ربهم، الذي لم تزل نعمه عليهم تترى, وإحسانه عليهم دائما ينزل، الذي ما بهم من نعمة، إلا منه، ولا يدفع عنهم
السيئات إلا هو.
(وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) أي: ما زلنا شاكين فيما دعوتنا إليه، شكا مؤثرا في قلوبنا الريب، وبزعمهم أنهم لو علموا صحة
ما دعاهم إليه، لاتبعوه، وهم كذبة في ذلك، ولهذا بين كذبهم في قوله:




قَالَ يَا قَوْمِ أَرَ‌أَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّ‌بِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَ‌حْمَةً فَمَن يَنصُرُ‌نِي مِنَ اللَّـهِ إِنْ عَصَيْتُهُ ۖ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ‌ تَخْسِيرٍ‌ ﴿٦٣﴾ وَيَا قَوْمِ هَـٰذِهِ
نَاقَةُ اللَّـهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُ‌وهَا تَأْكُلْ فِي أَرْ‌ضِ اللَّـهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِ‌يبٌ ﴿٦٤﴾ فَعَقَرُ‌وهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِ‌كُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ۖ ذَٰلِكَ
وَعْدٌ غَيْرُ‌ مَكْذُوبٍ ﴿٦٥﴾


(قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي) أي: برهان ويقين مني (وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً) أي: منَّ علي برسالته ووحيه، أي: أفأتابعكم
على ما أنتم عليه، وما تدعونني إليه؟.
(فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ) أي: غير خسار وتباب، وضرر.
(وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً) لها شرب من البئر يوما، ثم يشربون كلهم من ضرعها، ولهم شرب يوم معلوم.
(فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ )أي: ليس عليكم من مؤنتها وعلفها شيء،( وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ )أي: بعقر( فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ *
فَعَقَرُوهَا فَقَالَ
) لهم صالح (تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ) بل لا بد من وقوعه.










رد مع اقتباس
قديم 2011-08-09, 17:05   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية ¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
 

 

 
الأوسمة
المركز الثاني في  مسابقة التميز في رمضان 
إحصائية العضو










افتراضي

اليوم التاسع الآيات من 66-76

فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُ‌نَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَ‌حْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ ۗ إِنَّ رَ‌بَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ﴿٦٦﴾ وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا
فِي دِيَارِ‌هِمْ جَاثِمِينَ ﴿٦٧﴾ كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا ۗ أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُ‌وا رَ‌بَّهُمْ ۗ أَلَا بُعْدًا لِّثَمُودَ ﴿٦٨﴾


(فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا) بوقوع العذاب (نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ) أي نجيناهم من العذاب والخزي والفضيحة
(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ) ومن قوته وعزته أن أهلك الأمم الطاغية ونجى الرسل وأتباعهم
(وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ )العظيمة فقطعت قلوبهم( فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ )أي خامدين لا حراك لهم (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا) أي كأنهم
لما جاءهم العذاب ما تمتعوا في ديارهم ولا أنسوا بها ولا تنعموا بها يوما من الدهر قد فارقهم النعيم وتناولهم العذاب السرمدي الذي ينقطع
الذي كأنه لم يزل (أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ )أي جحدوه بعد أن جاءتهم الآية المبصرة( أَلا بُعْدًا لِثَمُودَ )فما أشقاهم وأذلهم نستجير بالله من
عذاب الدنيا وخزيها



وَلَقَدْ جَاءَتْ رُ‌سُلُنَا إِبْرَ‌اهِيمَ بِالْبُشْرَ‌ىٰ قَالُوا سَلَامًا ۖ قَالَ سَلَامٌ ۖ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ﴿٦٩﴾ فَلَمَّا رَ‌أَىٰ أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَ‌هُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ
خِيفَةً ۚ قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْ‌سِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ ﴿٧٠﴾وَامْرَ‌أَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْ‌نَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَ‌اءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ﴿٧١﴾


أي: ( وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا ) من الملائكة الكرام، رسولنا ( إِبْرَاهِيمَ ) الخليل ( بِالْبُشْرَى ) أي: بالبشارة بالولد، حين أرسلهم الله لإهلاك قوم لوط،
وأمرهم أن يمروا على إبراهيم، فيبشروه بإسحاق، فلما دخلوا عليه( قَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ) أي: سلموا عليه، ورد عليهم السلام.

ففي هذا مشروعية السلام، وأنه لم يزل من ملة إبراهيم عليه السلام، وأن السلام قبل الكلام، وأنه ينبغي أن يكون الرد، أبلغ من الابتداء,
لأن سلامهم بالجملة الفعلية، الدالة على التجدد، ورده بالجملة الاسمية، الدالة على الثبوت والاستمرار، وبينهما فرق كبير كما هو معلوم في
علم العربية.
فَمَا (لَبِثَ )إبراهيم لما دخلوا عليه (أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) أي: بادر لبيته، فاستحضر لأضيافه عجلا مشويا على الرضف سمينا، فقربه إليهم فقال:
ألا تأكلون؟.
(فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ) أي: إلى تلك الضيافة (نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً) وظن أنهم أتوه بشر ومكروه، وذلك قبل أن يعرف أمرهم.
فـ( قَالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ )أي: إنا رسل الله, أرسلنا الله إلى إهلاك قوم لوط.
وامرأة إبراهيم (قَائِمَةٌ) تخدم أضيافه (فَضَحِكَتْ) حين سمعت بحالهم، وما أرسلوا به، تعجبا.
(فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ) فتعجبت من ذلك.



قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ﴿٧٢﴾ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ‌ اللَّـهِ ۖ رَ‌حْمَتُ اللَّـهِ وَبَرَ‌كَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ
الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ ﴿٧٣﴾



و( قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا) فهذان مانعان من وجود الولد (إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ) (قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) فإن
أمره لا عجب فيه، لنفوذ مشيئته التامة في كل شيء، فلا يستغرب على قدرته شيء، وخصوصا فيما يدبره ويمضيه، لأهل هذا البيت المبارك.
(رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ) أي: لا تزال رحمته وإحسانه وبركاته، وهي: الزيادة من خيره وإحسانه، وحلول الخير الإلهي على العبد
(عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ )أي: حميد الصفات، لأن صفاته صفات كمال، حميد الأفعال لأن أفعاله إحسان، وجود، وبر، وحكمة، وعدل،
وقسط. مجيد، والمجد: هو عظمة الصفات وسعتها، فله صفات الكمال، وله من كل صفة كمال أكملها وأتمها وأعمها.



فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَ‌اهِيمَ الرَّ‌وْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَ‌ىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ ﴿٧٤﴾ إِنَّ إِبْرَ‌اهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ ﴿٧٥﴾ يَا إِبْرَ‌اهِيمُ أَعْرِ‌ضْ عَنْ هَـٰذَا ۖ
إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ‌ رَ‌بِّكَ ۖ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ‌ مَرْ‌دُودٍ ﴿٧٦﴾


(فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ) الذي أصابه من خيفة أضيافه (وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى) بالولد، التفت حينئذ، إلى مجادلة الرسل في إهلاك قوم لوط،
وقال لهم إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلا امْرَأَتَهُ)
(إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ) أي: ذو خلق حسن وسعة صدر، وعدم غضب، عند جهل الجاهلين.
(أَوَّاهٌ )أي: متضرع إلى الله في جميع الأوقات،( مُنِيبٌ) أي: رجَّاع إلى الله بمعرفته ومحبته، والإقبال عليه, والإعراض عمن سواه، فلذلك كان
يجادل عمن حتَّم الله بهلاكهم.
فقيل له: (يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا) الجدال (إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ )بهلاكهم( وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ) فلا فائدة في جدالك.












رد مع اقتباس
قديم 2011-08-09, 17:06   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية ¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
 

 

 
الأوسمة
المركز الثاني في  مسابقة التميز في رمضان 
إحصائية العضو










افتراضي

يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــع ..










رد مع اقتباس
قديم 2011-08-09, 18:42   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
الظل الخفي
عضو ماسي
 
الأوسمة
مميزي منتدى عالم الرياضة 
إحصائية العضو










افتراضي










رد مع اقتباس
قديم 2011-08-10, 01:54   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
ب.علي
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية ب.علي
 

 

 
الأوسمة
وسام الوفاء 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكِ أختنا رغــــــــــاد










رد مع اقتباس
قديم 2011-08-15, 01:24   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
البلبلة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية البلبلة
 

 

 
الأوسمة
المركز الثالث في مسابقة التميز في رمضان وسام النجاح في دورة خططي لحياتك المرتبة الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم

بارك الله فيك وجعل عملك هذا في ميزان حسناتك










رد مع اقتباس
قديم 2011-08-15, 10:43   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية ¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
 

 

 
الأوسمة
المركز الثاني في  مسابقة التميز في رمضان 
إحصائية العضو










Icon24

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة البلبلة مشاهدة المشاركة
السلام عليكم

بارك الله فيك وجعل عملك هذا في ميزان حسناتك
وعليكم السلام
وفيك بركة اختي بلقيس جزاك الله خيرا
شكرا لمرورك
اللهم اشفي ابي










رد مع اقتباس
قديم 2011-08-15, 10:44   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية ¨°o.رغـ{د الاسلامـ .o°¨
 

 

 
الأوسمة
المركز الثاني في  مسابقة التميز في رمضان 
إحصائية العضو










Icon24

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ب.علي مشاهدة المشاركة
بارك الله فيكِ أختنا رغــــــــــاد
بارك الله فيك اخي و شكرا لمرورك
اثابكم الله الجنة نورت موضوووعي لا تحرمني هاته الطلة الرائعة
سلام

اختك

ايمآنـ..










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
صورة, فسير


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 11:44

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc