أريد قصص ألف ليلة وليلة من فضلكم - الصفحة 3 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات عامة للترفيه و التسلية > منتدى النكت و الأخبار الطريفة

منتدى النكت و الأخبار الطريفة نكت و طرائف... للترفيه عن النفس

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

أريد قصص ألف ليلة وليلة من فضلكم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-12-27, 13:22   رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
soufiane ghemam
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية soufiane ghemam
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الليلة السابعة والعشرون

تكملة حكاية الخياط والأحدب
واليهودي والمباشر والنصراني فيما وقع بينهم



قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الشاب التاجر قال للنصراني :
فلما دخلت وجلست لم أشعر إلا والصبية قد أقبلت وعليها تاج مكلل بالدر والجوهر وهي منقشة مخططة فلما رأتني تبسمت في وجهي وحضنتني ووضعتني على صدرها وجعلت فمها على فمي وأنا كذلك وقالت :
أصحيح أتيت عندي أم هذا منام ?
فقلت لها : أنا عبدك .
فقالت : أهلاً ومرحباً ، والله من يوم رأيتك ما لذني نوم ولا طاب لي طعام .
فقلت : وأنا كذلك .
ثم جلسنا نتحدث وأنا مطرق برأسي إلى الأرض حياء ولم أمكث قليلاً حتى قدمت لي سفرة من أفخر الألوان من محمر ومرق دجاج محشو فأكلت معها حتى اكتفينا ثم قدموا إلى الطشط والإبريق فغسلت يدي ثم تطيبنا بماء الورد والمسك ، وجلسنا نتحدث فأنشدت هذين البيتين :
لو علمنا بقدومكم لفـرشـنـا ........ مهجة القلب مع سواد العيون
ووضعنا حدودنا لـلـقـاكـم ........ وجعلنا المسير فوق الجفـون
وهي تشكو إلي ما لاقت وأنا أشكو إليها ما لقيت وتمكن حبها عندي وهان علي جميع المال ، ثم أخذنا نلعب ونتهارش مع العناق والتقبيل إلى أن أقبل الليل فقدمت لنا الجواري الطعام والمدام فإذا هي خضرة كاملة فشربنا إلى نصف الليل ثم نمنا فنمت معها إلى الصباح فما رأيت عمري مثل هذه الليلة .
فلما أصبح الصباح قمت ورميت لها تحت الفراش المنديل الذي فيه الدنانير وودعتها وخرجت فبكت وقالت :
يا سيدي متى أرى هذا الوجه المليح ?
فقلت لها : أكون عندك وقت العشاء .
فلما خرجت أصبت الحَمار الذي جاء بي بالأمس على الباب ينتظرني فركبت معه حتى وصلت خان مسرور فنزلت وأعطيت الحمار نصف دينار وقلت له :
تعالى في وقت الغروب .
قال : على الرأس .
فدخلت الخان وأفطرت ثم خرجت أطالب بثمن القماش ، ثم رجعت وقد عملت لها خروفاً مشوياً وأخذت حلاوة ثم دعوت الحمال ووصفت له المحل وأعطيته أجرته ورجعت في أشغالي إلى الغروب فجاءني الحَمار فأخذت خمسين ديناراً وجعلتها في منديل ودخلت فوجدتهم مسحوا الرخام وحلوا النحاس وعمروا القناديل وأوقدوا الشموع وغرفوا الطعام وروقوا الشراب .
فلما رأتني رمت يديها على رقبتي وقالت : أوحشتني .
ثم قدمت الموائد فأكلنا حتى اكتفينا ورفعت الجواري المائدة وقدمت المدام ، فلم نزل في شراب وتقبيل وحظ إلى نصف الليل فنمنا إلى الصباح ثم قمت وناولتها الخمسين ديناراً على العادة وخرجت من عندها فوجدت الحَمار فركبت إلى الخان فنمت ساعة ثم قمت جهزت العشاء فعملت جوزاً ولوزاً وتحتهم أرز مفلفل وعملت قلقاساً مقلياً ونحو ذلك وأخذت فاكهة نقلاً ومسوماً وأرسلتها وسرت إلى البيت وأخذت خمسين ديناراً في منديل وخرجت فركبت مع الحَمار على العادة إلى القاعة فدخلت ثم أكلنا وشربنا وبتنا إلى الصباح ، ولما قمت رميت لها المنديل وركبت إلى الخان على العادة ، ولم أزل على تلك الحالة مدة إلى أن بت لا أملك درهماً ولا دينار ، فقلت في نفسي هذا من فعل الشيطان وأنشدت هذه الأبيات :
فقر الـفـتـى يذهـب أنـواره ........ مثل اصفرار الشمس عند المغيب
إن غاب لا يذكـر بـين الـورى ........ وإن أتى فما له مـن نـصـيب
يمر في الأسواق مسـتـخـفـياً ........ وفي الفلا يبكي بدمع صـبـيب
والله ما الإنـسـان مـن أهـلـه ........ إذا ابتلى بالـفـقـر إلا غـريب
ثم تمشيت إلى أن وصلت بين القصرين ولا زلت أمشي حتى وصلت إلى باب زويلة فوجدت الخلق في ازدحام والباب منسد من كثرة الخلق فرأيت بالأمر المقدر جندياً فزاحمته بغير اختياري ، فجاءت يدي على جيبه فجسيته فوجدت فيه صرة من داخل الجيب الذي يدي عليه فعمدت إلى تلك الصرة فأخذتها من جيبه فأحس الجندي بأن جيبه خف فحط يده في جيبه فلم يجد شيئاً والتفت نحوي ورفع يده بالدبوس وضربني على رأسي فسقطت إلى الأرض فأحاط الناس بنا وأمسكوا لجام فرس الجندي وقالوا :
أمن أجل الرحمة تضرب هذا الشاب هذه الضربة ?
فصرخ عليهم الجندي وقال : هذا حرامي سارق .
فعند ذلك أفقت ورأيت الناس يقولون : هذا الشاب مليح لم يأخذ شيئاً .
فبعضهم يصدق وبعضهم يكذب وكثر القيل والقال وجذبني الناس وأرادوا خلاصي منه فبأمر المقدر جاء الوالي هو وبعض الحكام في هذا الوقت ودخلوا من الباب فوجدوا الخلق مجتمعين علي وعلى الجندي ، فقال الوالي :
ما الخبر ?
فقال الجندي : والله يا أمير المؤمنين إن هذا حرامي وكان في جيبي كيس أزرق فيه عشرون ديناراً فأخذه وأنا في الزحام .
فقال الوالي للجندي : هل كان معك أحد ?
فقال الجندي : لا .
فصرخ الوالي على المقدم وقال : أمسكه وفتشه .
فأمسكني وقد زال الستر عني فقال له الوالي : أعره من جميع ما عليه .
فلما أعراني وجدوا الكيس في ثيابي فلما وجدوا الكيس أخذه الوالي وفتحه وعده فرأى فيه عشرين ديناراً كما قال الجندي . فغضب الوالي وصاح على أتباعه وقال :
قدموه .
فقدموني بين يديه فقال : يا صبي قل الحق هل أنت سرقت هذا الكيس ?
فأطرقت برأسي إلى الأرض وقلت في نفسي : إن قلت ما سرقته فقد أخرجه من ثيابي وإن قلت سرقته وقعت في العناء ثم رفعت رأسي وقلت : نعم أخذته .
فلما سمع مني الوالي هذا الكلام تعجب ودعا الشهود فحضروا وشهدوا على منطقي هذا كله في باب زويلة فأمر الوالي السياف بقطع يدي فقطع يدي اليمنى فرق قلب الجنيد وشفع في عدم قتلي وتركني الوالي ومضى وصارت الناس حولي وسقوني قدح شراب وأما الجندي فإنه أعطاني الكيس وقال :
أنت شاب مليح ولا ينبغي أن تكون لصاً .
فأخذته منه وأنشدت هذه الأبيات :
والله ما كنت لصاً يا أخا ثـقة ........ ولم أكن سارقاً يا أحسن الناس
ولكن رمتني صروف الدهر عن عجل ........ فزاد همي ووسـواس إفلاسي
وما رمـيت ولـكـن الإلـه رمى ........ سهماً فطير تاج الملك عن رأسي
فتركني الجندي وانصرف بعد أن أعطاني الكيس وانصرفت أنا ولقيت يدي في خرقة وأدخلتها عني وقد تغيرت حالتي واصفر لوني مما جرى لي فتمشيت إلى القاعة وأنا على غير استواء ورميت روحي على الفراش فنظرتني الصبية متغير اللون فقالت لي :
ما وجعك وما لي أرى حالتك تغيرت ?
فقلت له : رأسي توجعني وما أنا طيب .
فعند ذلك اغتاظت وتشوشت لأجلي وقالت : لا تحرق قلبي يا سيدي ، اقعد وارفع رأسك وحدثني بما حصل لك اليوم فقد بان لي في وجهك كلام .
فقلت : دعيني من الكلام .
فبكت وصارت تحدثني وأنا لا أجيبها حتى أقبل الليل فقدمت لي الطعام فامتنعت وخشيت أن تراني آكل بيدي الشمال فقلت :
لا أشتهي أن آكل في مثل هذه الساعة .
فقالت : حدثني بما جرى لك في هذا اليوم ولأي شيء أراك مهموماً مكسور الخاطر والقلب ?
فقلت : في هذه الساعة أحدثك على مهلي .
فقدمت لي الشراب وقالت : دونك فإنه يزيل همك فلا بد أن تشرب وتحدثني بخبرك .
فقلت لها : إن كان ولابد فاسقيني بيدك فملأت القدح وشربته وملأته وناولتني إياه فتناولته منها بيدي الشمال وفرت الدمعة من جفني فأنشدت هذه الأبيات :
إذا أراد الله أمـراً لأمـرئ ........ وكان ذا عقل وسمع وبصر
أصم أذنيه وأعمى قـلـبـه ........ وسل منه عقله سل الشعر
حتى إذا أنفذ فيه حكـمـه ........ رد إليه عقله لـيعـتـبـر
فلما فرغت من شعري تناولت القدح بيدي الشمال وبكيت ، فلما رأتني أبكي صرخت صرخة قوية وقالت :
ما سبب بكائك ، قد أحرقت قلبي وما لك تناولت القدح بيدك الشمال ?
فقلت لها : إن بيدي حبة .
فقالت : أخرجها حتى أفقعها لك .
فقلت : ما هو وقت فقعها لا تطيلي علي فما أخرجها في تلك الساعة .
ثم شربت القدح ولم تزل تسقيني حتى غلب السكر علي فنمت مكاني فأبصرت يدي بلا كف ففتشتني فرأت معي الكيس الذي فيه الذهب ، فدخل عليها الحزن ما لا يدخل على أحد ولا زالت تتألم بسببي إلى الصباح فلما أفقت من النوم وجدتها هيأت لي مسلوقة وقدمتها فإذا هي أربعة من طيور الدجاج ، وأسقتني قدح شراب فأكلت وشربت وحطيت الكيس وأردت الخروج فقالت :
أين تروح ?
فقلت : إلى مكان كذا لأزحزح بعض الهم عن قلبي .
فقالت : لا تروح بل اجلس .
فجلست فقالت لي : وهل بلغت محبتك إياي إلى أن صرفت جميع مالك علي وعدمت كفك فأشهدك علي والشاهد الله أني لا أفارقك وسترى صحة قولي ولعل الله استجاب دعوتي بزواجك .
وأرسلت خلف الشهود فحضروا فقالت لهم : اكتبوا كتابي على هذا الشاب واشهدوا أني قبضت المهر .
فكتبوا كتابي عليها ثم قالت : اشهدوا أن جميع مالي الذي في هذا الصندوق وجميع ما عندي من المماليك والجواري لهذا الشاب .
فشهدوا عليها وقبلت أنا التمليك وانصرفوا بعدما أخذوا الأجرة .
ثم أخذتني من يدي وأوقفتني على خزانة وفتحت صندوقاً كبيراً وقالت لي :
انظر هذا الذي في الصندوق .
فنظرت فإذا هو ملآن مناديل ، فقالت : هذا مالك الذي أخذته منك فكلما أعطيتني منديلاً فيه خمسون ديناراً ألقه وأرميه في هذا الصندوق فخذ مالك فقد رده الله عليك وأنت اليوم عزيز فقد جرى عليك القضاء بسببي حتى عدمت يمينك وأنا لا أقدر على مكافأتك ولو بذلت روحي لكان ذلك قليلاً ولك الفضل .
ثم قالت لي : تسلم مالك .
فتسلمته ثم نقلت ما في صندوقها إلى صندوقي وضمت مالها إلى مالي الذي كنت أعطيتها إياه وفرح قلبي وزال هي فقمت فقبلتها وسكرت معها فقالت :
لقد بذلت جميع مالك ويدك في محبتي فكيف أقدر على مكافأتك والله لو بذلت روحي في محبتك لكان ذلك قليل وما أقوم بواجب حقك علي .
ثم إنها كتبت لي جميع ما تملك من ثياب بدنها وصيغتها وأملاكها ، بحجة وما نامت تلك الليلة إلا مهمومة من أجلي حين حكيت لها ما وقع لي وبت معها .
ثم أقمنا على ذلك أقل من شهر وقوي بها الضعف ، وزاد بها المرض وما مكثت غير خمسين يوماً ثم صارت من أهل الآخرة فجهزتها وواريتها في التراب وعملت لها ختمات وتصدقت عليها بجملة من المال ، ثم نزلت من التربة فرأيت لها مالاً جزيلاً وأملاكاً وعقارات ، ومن جملة ذلك تلك المخازن السمسم التي بعت لك منها ذلك المخزن وما كان اشتغالي عنك هذه المدة إلا لأني بعت بقية الحواصل وإلى الآن لم أفرغ من قبض الثمن فأرجو منك أنك لا تخالفني فيما أقوله لك لأني أكلت زادك فقد وهبتك ثمن السمسم الذي عندك ، فهذا سبب أكلي بيدي الشمال .
فقلت له : لقد أحسنت إلي وتفضلت علي .
فقال لي : لا بد أن تسافر معي إلى بلادي فإني اشتريت متجراً مصرياً واسكندرانياً فهل لك في مصاحبتي ?
فقلت : نعم .
وواعدته على رأس الشهر ثم بعت جميع ما أملك واشتريت به متجراً وسافرت أنا وذلك الشاب إلى هذه البلاد التي هي بلادكم فباع الشاب متجره واشترى متجراً عوضه من بلادكم ومضى إلى الديار المصرية فكان نصيبي من قعودي هذه الليلة حتى حصل من غربتي فهذا يا ملك الزمان ما هو أعجب من حديث الأحدب .
فقال الملك : لا بد من شنقكم كلكم .


وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .




إلى اللقاء مع الليله القادمه









 


رد مع اقتباس
قديم 2013-12-27, 13:23   رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
soufiane ghemam
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية soufiane ghemam
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الليلة الثامنة والعشرون

تكملة حكاية الخياط والأحدب
واليهودي والمباشر والنصراني فيما وقع بينهم



قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن ملك الصين لما قال :
لا بد من شنقكم .
فعند ذلك تقدم المباشر إلى ملك الصين وقال : إن أذنت لي حكيت لك حكاية وقعت لي في تلك المدة قبل أن أجد هذا الأحدب وإن كانت أحب من حديثه تهب لنا أرواحنا .
فقال الملك : هات ما عندك .
فقال : اعلم أني كنت تلك الليلة الماضية عند جماعة عملوا ختمة وجمعوا الفقهاء فلما قرأوا المقرؤون وفرغوا مدوا السماط فمن جملة ما قدموا زرباجة فقدمنا لنأكل الزرباجة فتأخر واحد منا وامتنع عن الأكل منها فحلفنا عليه فأقسم أنه لا يأكل منها فشددنا عليه فقال :
لا تشددوا على فكفاني ما جرى لي من أكلها فأنشدت هذا البيت :
إذا صديق أنكرت جانـبـه ........ لم تعيني على فراقه الحيل
فلما فرغنا قلنا له : بالله ما سبب امتناعك عن الأكل من هذه الزرباجة ?
فقال : لأني لا آكل منها غلا إن غسلت يدي مائة وعشرون مرة .
فعند ذلك أمر صاحب الدعوى غلمانه فأتوا بالماء الذي طلبه فغسل يديه كما ذكر ، ثم تقدم وهو متكره وجلس ومد يده وهو مثل الخائف ووضع يده في الزرباجة وصار يأكل وهو متغصب ونحن نتعجب منه غاية التعجب ويده ترتعد فنصب إبهام يده فإذا هو مقطوع وهو يأكل بأربعة أصابع فقلنا له :
بالله عليك ما لإبهامك هكذا أهو خلقة الله أم أصابه حادث ?
فقال : يا إخواني أهو هذا الإبهام وحده ولكن إبهام الأخرى وكذلك رجلاي الاثنين ولكن انظروا .
ثم كشف إبهام يده الأخرى فوجدناها مثل اليمين وكذلك رجلاه بلا إبهامين .
فلما رأيناه كذلك ازددنا عجباً وقلنا له : ما بقي لنا صبر على حديثك ، والأخبار بسبب قطع إبهامي يديك ورجليك وسبب غسل يديك ، مائة وعشرون مرة .
فقال : اعلموا أن والدي كان تاجر من التجار الكبار وكان أكبر تجار مدينة بغداد في أيام الخليفة هارون الرشيد وكان مولعاً بشرب الخمر وسماع العود فلما مات لم يترك شيئاً فجهزته ، وقد عملت له ختمات وحزنت عليه أياماً وليالي ثم فتحت دكانه فما وجدته خلف إلا يسيراً ووجدت عليه ديوناً كثيرة فصبرت أصحاب الديون وطيبت خواطرهم وصرت أبيع وأشتري وأعطي من الجمعة أصحاب الديون ولا زلت على هذه الحالة إلى أن وفيت الديون وزدت على رأس مالي . فبينما أنا جالس يوماً من الأيام إذا رأيت صبية لم تر عيني أحسن منها عليها حلي وحلل فاخرة وهي راكبة بغلة وقدامها عبد وورائها عبد فأوقفت البغلة على رأس السوق ودخلت ورائها خادم ، وقال :
يا سيدتي اخرجي ولا تعلمي أحداً فتطلقي فينا النار .
ثم حجبها الخادم فلما نظرت إلى دكاكين التجار لم تجد أفخر من دكاني ، فلما وصلت إلى جهتي والخادم خلفها وصلت إلى دكاني وسلمت علي فما وجدت أحسن من حديثها ولا أعذب من كلامها ، ثم كشفت عن وجهها فنظرتها نظرة أعقبتني ألف حسرة وتعلق قلبي بمحبتها ، وجعلت أكرر النظر إلى وجهها وأنشد :
جودي علي بزورة أحيا بـهـا ........ ها قد مددت إلى نوالك راحتي
فلما سمعت إنشادي أجابتني بهذه الأبيات :
عدمت فؤادي في الهوى أن سلاكم ........ فإن فـؤادي لا يحـب سـواكـم
وإن نظرت عيني إلى غير حسنكم ........ فلا سرها بعد العبـاد لـقـاكـم
حلفت يميناً لست أسلـوا هـواكـم ........ وقلبي حزين مغـرم بـهـواكـم
سقاني الهوى كأساً من الحب صافياً ........ فيا ليته لما سقـاني سـقـاكـم
خذوا رمقي حيث استقرت بكم نوى ........ وأين حللتم فادفنـوني حـداكـم
وإن تذكروا اسمي عند قبري يجيبكم ........ أنين عظامي عند رفـع نـداكـم
فلو قيل لي ماذا على الله تشتهـي ........ لقلت رضا الرحمن ثم رضـاكـم
فلما فرغت من شعرها قالت : يا فتى أعندك تفاصيل ملاح ?
فقلت : يا سيدتي مملوكك فقير ، ولكن اصبري حتى تفتح التجار دكاكينهم وأجيء لك بما تريدينه .
ثم تحدثت أنا وإياها وأنا غارق في بحر محبتها تائه في عشقها ، حتى فتحت التجار دكاكينهم فقمت وأخذت لها جميع ما طلبته ، وكان ثمن ذلك خمسة آلاف درهم وناولت الخادم جميع ذلك فأخذه الخادم وذهبا إلى خارج السوق فقدموا لها البغلة فركبت ولم تذكر لي من أين هي واستحيت أن أذكر لها ذلك والتزمت الثمن للتجار ، وتكلفت خمسة آلاف درهم وجئت البيت وأنا سكران من محبتها ، فقدموا لي العشاء لأكلت لقمة وتذكرت حسنها وجمالها فأشغلني عن الأكل ، وأردت أن أنام فلم يجيئني نوم ولم أزل على هذه الحالة أسبوعاً وطالبتني التجار بأموالهم فصبرتهم أسبوعاً آخر ، فبعد الأسبوع أقبلت وهي على البغلة ومعها خادم وعبدان ، فلما رأيتها زال عني الفكر ونسيت ما كنت فيه وأقبلت تحدثني بحديثها الحسن ثم قالت :
هات الميزان وزن مالك .
فأعطتني ثمن ما أخذته بزيادة ، ثم انبسطت معي في الكلام فكدت أن أموت فرحاً وسروراً ثم قالت لي :
هل لك أنت زوجة ?
فقلت : لا ، إني لا أعرف امرأة .
ثم بكيت فقالت لي : مالك تبكي ?
فقلت : من شيء خطر ببالي .
ثم أني أخذت بعض دنانير وأعطيتها للخادم وسألته أن يتوسط في الأمر فضحك وقال :
هي عاشقة لك أكثر منك وما لها بالقماش حاجة وإنما هي لأجل محبتها لك فخاطبها بما تريد فإنها لا تخالفك فيما تقول .
فرأتني وأنا أعطي الخادم الدنانير فرجعت وجلست ثم قلت لها : تصدقي على مملوكك واسمحي له فيما يقول .
ثم حدثتها بما في خاطري فأعجبها ذلك وأجابتني وقالت : هذا الخادم يأتي برسالتي واعمل أنت بما يقول لك الخادم .
ثم قامت ومضت وقمت وسلمت التجار أموالهم وحصل لهم الربح ، إلا أنا فإنها حين ذهبت حصل لي الندم من انقطاع خبرها عني ولم أنم طول الليل .
فما كان إلا أيام قلائل وجاءني خادمها فأكرمته وسألته عنها ، فقال :
إنها مريضة .
فقلت للخادم : اشرح لي أمرها .
قال : إن هذه الصبية ربتها السيدة زبيدة زوجة هارون الرشيد وهي من جواريها ، وقد اشتهت على سيدتها الخروج والدخول فأذنت لها في ذلك فصارت تدخل وتخرج حتى صارت قهرمانة ، ثم أنها حدثت بك سيدتها وسألتها أن تزوجها بك ، فقالت سيدتها : لا أفعل حتى أنظر هذا الشاب فإن كان يشبهك زوجتك به ونحن نريد في هذه الساعة أن ندخل بك الدار فإن دخلت ولم يشعر بك أحد وصلت تزويجك إياها وإن انكشف أمرك ضربت رقبتك فماذا تقول ?
فقلت : نعم أروح معك وأصبر على الأمر الذي حدثتني به .
فقال لي الخادم : إذا كانت هذه الليلة فامض إلى المسجد الذي بنته السيدة زبيدة على الدجلة فصل فيه وبت هناك .
فقلت : حباً وكرامة .
فلما جاء وقت العشاء مضيت إلى المسجد وصليت وبت هناك .
فلما كان وقت السحر رأيت الخادمين قد أقبلا في زورق ومعهما صناديق فارغة فأدخلوها في المسجد وانصرفوا وتأخر واحد منهما فتأملته وإذا هو الذي كان واسطة بيني وبينها فبعد ساعة صعدت علينا الجارية صاحبتي فلما أقبلت قمت إليها وعانقتها فقبلتني وبكت وتحدثنا ساعة فأخذتني ووضعتني في صندوق وأغلقته علي ولم أشعر إلا وأنا في دار الخليفة وجاؤوا إلي بشيء كثير من الأمتعة بحيث يساوي خمسين ألف درهم ثم رأيت عشرين جارية أخرى وهن نهد أبكار وبينهن الست زبيدة وهي لم تقدر على المشي مما عليها من الحلي والحلل فلما أقبلت تفرقت الجواري من حواليها فأتيت إليها وقبلت الأرض بين يديها فأشارت لي بالجلوس فجلست بين يديها ثم شرعت تسألني عن حالي وعن نسبي فأجبتها عن كل ما سألتني عنه ففرحت وقالت :
والله ما خابت تربيتنا في هذه الجارية .
ثم قالت لي : اعلم أن هذه الجارية عندنا بمنزلة ولد الصلب وهي وديعة الله عندك .
فقبلت الأرض قدامها ورضيت بزواجي إياها ثم أمرتني أن أقيم عندهم عشرة أيام فأقمت عندهم هذه المدة وأنا لا أدري من هي الجارية إلا أن بعض الوصائف تأتيني بالغداء والعشاء لأجل الخدمة ، وبعد هذه المدة استأذنت السيدة زبيدة زوجها أمير المؤمنين في زواج جاريتها فأذن لها وأمر لها بعشرة آلاف دينار فأرسلت السيدة زبيدة إلى القاضي والشهود وكتبوا كتابي عليها وبعد ذلك عملوا الحلويات والأطعمة الفاخرة وفرقوا على سائر البيوت ومكثوا على هذا الحال عشرة أيام أخر وبعد العشرين يوماً أدخلوا الجارية الحمام لأجل الدخول بها ثم أنهم قدموا سفرة فيها طعام من جملته خافقية زرباجة محشوة بالسكر وعليها ماء ورد ممسك وفيها أصناف الدجاج المحمرة وغيره من سائر الألوان مما يدهش العقول فوالله حين حضرت المائدة ما أمهلت نفسي حتى نزلت على الزرباجة وأكلت منها بحسب الكفاية ومسحت يدي ونسيت أن أغسلها ومكثت جالساً إلى أن دخل الظلام وأوقدت الشموع ، وأقبلت المغنيات بالدفوف ولم يزالوا يجلون العروسة وينقطون بالذهب حتى طافت القصر كله وبعد ذلك أقبلوا علي ونزعوا ما عليها من الملبوس . فلما خارت بها في الفراش وعانقتها وأنا لم أصدق بوصالها شمت في يدي رائحة الزرباجة فلما شمت الرائحة صرخت فنزل لها الجواري من كل جانب فارتجفت ولم أعلم ما الخبر فقالت الجواري :
ما لك يا أختنا ?
فقالت لهن : أخرجوا هذا المجنون فأنا أحسب أنه عاقل .
فقلت لها : وما الذي ظهر لك من جنوني ?
فقالت : يا مجنون لأي شيء أكلت من الزرباجة ولم تغسل يدك فوالله لا أقبلك على عدم عقلك وسوء فعلك

وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .




إلى اللقاء مع الليله القادمه










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-27, 13:24   رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
soufiane ghemam
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية soufiane ghemam
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الليلة التاسعة والعشرون

تكملة حكاية الخياط والأحدب
واليهودي والمباشر والنصراني فيما وقع بينهم



قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية قالت للشاب :
لا أقبلك على عدم عقلك وسوء فعلك .
ثم تناولت من جانبها سوطاً ونزلت به على ظهري ثم على مقاعدي حتى غبت عن الوجود من كثرة الضرب ثم إنها قالت للجواري :
خذوه وامضوا به إلى متولي ليقطع يده التي أكل بها الزرباجة ، ولم يغسلها .
فلما سمعت ذلك قلت : لا حول ولا قوة إلا بالله أتقطع يدي من أجل أكل الزرباجة وعدم غسلي إياها .
فدخلن عليها الجواري ، وقلن لها : يا أختنا لا تؤاخذيه بفعله هذه المرة .
فقالت : والله لا بد أن أقطع شيئاً من أطرافه .
ثم راحت وغابت عني عشرة أيام ولم أرها إلا بعد عشرة أيام ثم أقبلت علي وقالت لي : يا أسود الوجه أنا لا أصلح لك فكيف تأكل الزرباجة ولم تغسل يدك .
ثم صاحت على الجواري فكتفوني وأخذت موساً ماضياً وقطعت إبهامي يدي وإبهامي ورجلي كما ترون يا جماعة فغشي علي ، ثم ذرت علي بالذرور فانقطع الدم وقلت في نفسي :
لا آكل الزرباجة ما بقيت حتى أغسل يدي أربعين مرة بالإشنان وأربعين مرة بالسعد وأربعين مرة بالصابون فأخذت علي ميثاقاً أني لا آكل الزرباجة حتى أغسل يدي كما ذكرت لكم فلما جئتم بهذه الزرباجة تغير لوني وقلت في نفسي : هذا سبب ابهامي يدي ورجلي ، فلما غصبتم علي قلت : لا بد أن أوفي بما حلفت .
فقلت له والجماعة حاضرون : ما حصل لك بعد ذلك ?
قال : فلما حلفت لها طاب قلبها ونمت أنا وإياها وأقمنا مدة على هذا الحال وبعد تلك المدة قالت :
إن أهل دار الخلافة لا يعلمون بما حصل بيني وبينك فيها وما دخلها أجنبي غيرك وما دخلت فيها إلا بعناية السيدة زبيدة .
ثم أعطتني خمسين ألف دينار وقالت : خذ هذه الدنانير واخرج واشتر لنا بها داراً فسيحة .
فخرجت واشتريت داراً فسيحة مليحة ونقلت جميع ما عندها من النعم وما ادخرته من الأموال والقماش والتحف إلى هذه الدار التي اشتريتها فهذا سبب قطع إبهامي .
فأكلنا وانصرفنا وبعد ذلك جرى لي مع الأحدب ما جرى وهذا جميع حديثي والسلام .
فقال الملك : ما هذا بأعذب من حديث الأحدب بل حديث الأحدب أعذب من ذلك ولا بد صلبكم جميعاً .



وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .



إلى اللقاء مع الليله القادمه










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-27, 13:25   رقم المشاركة : 34
معلومات العضو
soufiane ghemam
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية soufiane ghemam
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الليلة الثلاثين

تكملة حكاية الخياط والأحدب
واليهودي والمباشر والنصراني فيما وقع بينهم



قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الملك قال :
لابد من صلبكم جميعاً .
فتقدم اليهودي وقبل الأرض وقال : يا ملك الزمان أنا أحدثك بحديث أعذب من حديث الأحدب .
فقال له ملك الصين : هات ما عندك .
فقال : أعجب ما جرى في زمن شبابي أني كنت في الشام وتعلمت منه صنعة فعملت فيها ، فبينما أنا أعمل في صنعتي يوماً من الأيام ، إذا تأتي مملوك من بيت الصاحب بدمشق ، فخرجت له وتوجهت معه إلى منزل الصاحب فدخلت فرأيت في صدر الإيوان سريراً من المرمر بصفائح الذهب وعليه مريض راقد وهو شاب لم ير أحسن منه في زمانه فقعدت عند رأسه ووعدت له بالشفاء فأشار إليه بعينيه فقلت له :
يا سيدي ناولني يدك .
فأخرج لي يده اليسرى فتعجبت من ذلك وقلت في نفسي : يا الله العجب أن هذا الشاب مليح ومن بيت كبير وليس عنده أدب إن هذا هو العجب .
ثم جسست مفاصله وكتبت له ورقة ومكثت أتردد عليه مدة عشرة أيام وفي اليوم الحادي عشر قال الشاب :
هل لك أنت نتفرج في الغرفة ?
فقلت : نعم فأمر العبيد أن يطلعوا الفراش إلى فوق وأمرهم أن يشووا خروقاً وأن يأتوا إلينا بفاكهة ففعل العبيد ما أمرهم به وأتوا بالفاكهة فأكلنا وأكل هو بيده الشمال .
فقلت له : حدثني بحديثك .
فقال لي : يا حكيم الزمان اسمع حكاية ما جرى لي ، اعلم أنني من أولاد الموصل وكان لي والد قد توفي أبوه وخلف عشرة أولاد ذكور من جملتهم والدي وكان أكبرهم فكبروا كلهم وتزوجوا ورزق والدي بي وأما إخوته التسعة فلم يرزقوا بأولاد فكبرت أنا وصرت بين أعمامي وهم فرحون بي فرحاً شديداً ، فلما كبرت وبلغت مبلغ الرجال وكنت ذات يوم مع والدي في جامع الموصل وكان اليوم يوم جمعة فصلينا الجمعة وخرج الناس جميعاً وأما والدي وأعمامي فإنهم قعدوا يتحدثون في عجائب البلاد وغرائب المدن إلى أن ذكروا مصر فقال بعض أعمامي :
إن المسافرين يقولون : ما على وجه الأرض أحسن من مصر ونيلها ، ثم أنهم أخذوا يصفون مصر ونيلها ، فلما فرغوا من كلامهم وسمعت أنا هذه الأوصاف التي في مصر صار بالي مشغولاً بها ثم انصرفوا وتوجه كل واحد منهم إلى منزله .
فبت تلك الليلة لم يأتني نوم من شغفي بها ولم يطب لي أكل ولا شرب فلما كان بعد أيام قلائل تجهز أعمامي إلى مصر فبكيت على والدي لأجل الذهاب معهم حتى جهز لي متجراً ومضيت معهم وقال لهم :
لا تدعوه يدخل مصر بل اتركوه في دمشق لبيع متجره فيها .
ثم سافرنا وودعت والدي وخرجنا من الموصل وما زلنا مسافرين إلى أن وصلنا إلى حلب فأقمنا بها أياماً ثم سافرنا إلى أن وصلنا دمشق فرأيناها مدينة ذات أشجار وأنهار وأثمار وأطيار كأنها جنة فيها كل فاكهة فنزلنا في بعض الخانات واستمر بها أعمامي حتى باعوا واشتروا وباعوا بضاعتي فربح الدرهم خمسة دراهم ففرحت بالربح ثم تركني أعمامي وتوجهوا إلى مصر .


وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .



إلى اللقاء مع الليله القادمه










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-27, 13:45   رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
soufiane ghemam
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية soufiane ghemam
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ي وهي لابسة أفخر الملابس وما رأت عيني أفخر منها فعزمت عليها فما قصرت بل صارت داخل الباب فلما دخلت ظفرت بها وفرحت بدخولها فرددت الباب علي وعليها وكشفت عن وجهها وقلعت إزارها فوجدتها بديعة الجمال فتمكن حبها من قلبي فقمت وجئت بسفرة من أطيب المأكول والفاكهة وما يحتاج عليه المقام وأكلنا ولعبنا وبعد اللعب شربنا حتى سكرنا ثم نمت معها في أطيب ليلة إلى الصباح ، وبعد ذلك أعطيتها عشرة دنانير فحلفت أنها لا تأخذ الدنانير مني ثم قالت :
يا حبيبي انتظرني بعد ثلاثة أيام وقت المغرب أكون عندك وهيء لنا بهذه الدنانير مثل هذا .
وأعطتني هي عشرة دنانير وودعتني وانصرفت فأخذت عقلي معها .
فلما مضت الأيام الثلاثة أتت وعليها من المزركش أو الحلي والحلل أعظم مما كان عليها أولاً وكنت هيأت لها ما يليق بالمقام قبل أن تحضر فأكلنا وشربنا ونمنا مثل العادة إلى الصباح ثم أعطتني عشرة دنانير وواعدتني بعد ثلاثة أيام أنها تحضر عندي فهيأت لها ما يليق بالمقام وبعد ثلاثة أيام حضرت في قماش أعظم من الأول والثاني ثم قالت لي :
يا سيدي هل أنا مليحة ?
فقلت : أي والله .
فقالت : هل تأذن لي أن أجيء معي بصبية أحسن مني وأصغر سناً مني حتى تلعب معنا ونضحك وإياها فإنها سألتني أن تخرج معي وتبيت معنا لنضحك وإياها .
ثم أعطتني عشرين ديناراً وقالت لي : زد لنا المقام لأجل الصبية التي تأتي معي .
ثم إنها ودعتني وانصرفت ، فلما كان اليوم الرابع جهزت لها ما يليق بالمقام على العادة فلما كان بعد المغرب وإذا بها قد أتت ومعها واحدة ملفوفة بإزار فدخلتا وجلستا ففرحت وأوقدت الشموع واستقبلتهما بالفرح والسرور فقامتا ونزعتا ما عليهما من الثياب ، وكشفت الصبية الجديدة عن وجهها فرأيتها كالبدر في تمامه فلم أر أحسن منها فقمت وقدمت لهما الأكل والشرب فأكلنا وشربنا وصرت أقبل الصبية الجديدة وأملأ لها القدح وأشرب معها فغارت الصبية الأولى في الباطن ثم قالت :
بالله إن هذه الصبية مليحة أما هي أظرف مني ?
فقلت : أي والله .
قالت : خاطري أن تنام معها .
قلت : على رأسي وعيني .
ثم قامت وفرشت لنا فقمت ونمت مع الصبية الجديدة إلى وقت الصبح فلما أصبحت وجدت يدي ملوثة بدم فتحت عيني فوجدت الشمس قد طلعت فنبهت الصبية فتدحرج رأسها عن بطنها فظننت أنها فعلت ذلك من غيرتها منها ففكرت ساعة ثم قمت قلعت ثيابي وحفرت في القاعة ووضعت الصبية ورددت التراب وأعدت الرخام كما كان ورفعت المخدة فوجدت تحتها العقد الذي كان في عنق تلك الصبية فأخذته وتأملته وبكيت ساعة ثم أقمت يومين وفي اليوم الثالث دخلت الحمام وغيرت أثوابي وأنا ما معي شيء من الدراهم فجئت يوماً إلى السوق فوسوس لي الشيطان لأجل إنفاذ القدر فأخذت عقد الجوهر وتوجهت به إلى السوق وناولته للدلال فقام لي وأجلسني بجانبه وصبر حتى عمر السوق وأخذه الدلال ونادى عليه خفية وأنا لا أعلم وإذا بالعقد مثمن بلغ ثمنه ألفي دينار فجاءني الدلال وقال لي :
إن هذا العقد نحاس مصنوع بصنعة الإفرنج وقد وصل ثمنه إلى ألف درهم . فقالت له : نعم كنا صنعناه بصنعة الإفرنج لواحدة نضحك عليها به وورثتها زوجتي فرأينا بيعه ، فرح واقبض الألف .




وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .





إلى اللقاء مع الليله القادمه










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-27, 13:45   رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
soufiane ghemam
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية soufiane ghemam
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الليلة الثانية والثلاثين

تكملة حكاية الخياط والأحدب واليهودي والمباشر والنصراني فيما وقع بينهم
وبداية حكاية مزين بغداد

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الشاب لما قال للدلال :
اقبض الألف درهم .
وسمع الدلال ذلك عرف أن قضيته مشكلة فتوجه بالعقد إلى كبير السوق وأعطاه إياه فأخذه وتوجه به إلى الوالي وقال له :
إن هذا العقد سرق من عندي ووجدنا الحرامي لابساً لباس أولاد التجار .
فلم أشعر إلا والظلمة قد أحاطوا بي وأخذوني وذهبوا بي إلى الوالي فسألني الوالي عن ذلك العقد فقلت له ما قلته للدلال فضحك الوالي وقال :
ما هذا كلام الحق فلم أدر إلا وحواشيه جردوني من ثيابي وضربوني بالمقارع على جميع بدني فأحرقني الضرب فقلت :
أنا سرقته .
ولم أقل إن صاحبته مقتولة عندي فيقتلوني فيها ، فلما قلت أني سرقته قطعوا يدي وقلوها في الزيت فغشي علي فسقوني الشراب حتى أفقت فأخذت يدي ورجئت إلى القاعة فقال صاحب القاعة :
حيثما جرى لك هذا فاخل القاعة وانظر لك موضعاً آخر لأنك متهم بالحرام .
فقلت له : يا سيدي اصبر علي يومين أو ثلاثة حتى أنظر لي موضعاً .
قال : نعم .
ومضى وتركني ، فبقيت قاعد أبكي وأقول : كيف أرجع إلى أهلي وأنا مقطوع اليد والذي قطع يدي لم يعلم أني بريء فلعل الله يحدث بعد ذلك أمراً ، وصرت أبكي بكاء شديداً فلما مضى صاحب القاعة عني لحقني غم شديد فتشوشت يومين وفي اليوم الثالث ما أدري غلا وصاحب القاعة جاءني ومعه بعض الظلمة وكبير السوق وادعى علي أني سرقت العقد فخرجت لهم وقلت :
ما الخبر ?
فلم يمهلوني بل كتفوني ووضعوا في رقبتي جنزيراً وقالوا لي :
إن العقد الذي كان معك طلع لصاحب دمشق ووزيرها وحاكمها .
وقالوا : إن هذا العقد قد ضاع من بيت الصاحب من مدة ثلاث سنين ومعه ابنته .
فلما سمعت هذا الكلام منهم ارتعدت مفاصلي وقلت في نفسي إنهم سيقتلونني ولا محالة ، والله لابد أنني أحكي للصاحب حكايتي فإن شاء قتلني وإن شاء عفى عني ، فلما وصلنا إلى الصاحب أوقفني بين يديه فلما رآني قال :
أهذا هو الذي سرق العقد ونزل به ليبيعه ? إنكم قطعتم يده ظلماً ثم أمر بسجن كبير السوق وقال له :
أعط هذا دية يده وإلا أشنقك وآخذ جميع مالك .
ثم صاح على أتباعه فأخذوه وجردوه وبقيت أنا والصاحب وحدنا بعد أن فكوا الغل من عنقي بإذنه وحلوا وثاقي ثم نظر إلي الصاحب وقال :
يا ولدي حدثني واصدقني كيف وصل إليك هذا العقد ?
فقلت : يا مولاي إني أقول لك الحق .
ثم حدثته بجميع ما جرى لي مع الصبية الأولى وكيف جاءتني بالثانية وكيف ذبحتها من الغيرة وذكرت له الحديث بتمامه .
فلما سمع كلامي هز رأسه وحط منديله على وجهه وبكى ساعة ثم أقبل علي وقال لي :
اعلم يا ولدي أن الصبية ابنتي وكنت أحجز عليها فلما بلغت أرسلتها إلى ابن عمها بمصر فجاءتني وقد تعلمت العهر من أولاد مصر وجاءتك أربع مرات ، ثم جاءتك بأختها الصغيرة والاثنتان شقيقتان وكانتا محبتين لبعضهما فلما جرى للكبيرة ما جرى أخرجت سرها على أختها فطلبت مني الذهاب معها ثم رجعت وحدها فسألتها عنها فوجدتها تبكي عليها وقالت :
لا اعلم لها خبر .
ثم قالت لأمها سراً جميع ما جرى من ذبحها أختها فأخبرتني أمها سراً ولم تزل تبكي وتقول :
والله لا أزال أبكي عليها حتى أموت .
وكلامك يا ولدي صحيح فإني أعلم بذلك قبل أن تخبرني به فانظر أن أزوجك ابنتي الصغيرة فإنها ليست شقيقة لهما وهي بكر ولا آخذ منك مهراً فأجعل لكما راتباً من عندي وتبقى عندي بمنزلة ولدي .
فقلت له : الأمر كما تريد يا سيدي ومن أين لي أن أصل إلى هذا .
فأرسل الصاحب في الحال من عنده بريد وأتاني بمالي الذي خلفه والدي والذي أنا اليوم في أرغد عيش .
فتعجبت منه وأقمت عنده ثلاثة أيام وأعطاني مالاً كثيراً ، وسافرت من عنده فوصلت إلى بلدكم هذه فطابت لي المعيشة وجرى لي مع الأحدب ما جرى .
فقال ملك الصين : ما هذا بأعجب من حديث الأحدب ولا بد لي من شنقكم جميعاً وخصوصاً الخياط الذي هو رأس كل خطيئة .
قال : يا خياط إن حدثتني بشيء أعجب من حديث الأحدب وهبت لكم أرواحكم .
فعند ذلك تقدم الخياط وقال : اعلم يا ملك الزمان أن الذي جرى لي أعجب مما جرى للجميع لأني كنت قبل أن أجتمع بالأحدب أول النهار في وليمة بعض أصحاب أرباب الصنائع من خياطين وبزازين ونجارين وغير ذلك ، فلما طلعت الشمس حضر الطعام لنأكل ، وإذا بصاحب الدار قد دخل علينا ومعه شاب وهو أحسن ما يكون من الجمال غير أنه أعرج فدخل علينا وسلم فقمنا له ، فلما أراد الجلوس رأى فينا إنساناً مزيناً فامتنع عن الجلوس وأراد أن يخرج من عندنا فمنعناه نحن وصاحب المنزل وشددنا عليه وحلف عليه صاحب المنزل وقال له : ما سبب دخولك وخروجك ?
فقال : بالله يا مولاي لا تتعرض لي بشيء فإن سبب خروجي هذا المزين الذي هو قاعد .
فلما سمع منه صاحب الدعوة هذا الكلام تعجب غاية العجب وقال :
كيف يكون هذا الشاب من بغداد وتشوش خاطره من هذا المزين .
ثم التفتنا إليه وقلنا له : إحك لنا ما سبب غيظك من هذا المزين فقال الشاب : يا جماعة إنه جرى لي مع هذا المزين أمر عجيب في بغداد بلدي وكان هو سبب عرجي وكسر رجلي وحلفت أني ما بقيت قاعداً في مكان ولا أسكن في بلد هو ساكن بها وقد سافرت من بغداد ورحلت منها وسكنت في هذه المدينة وأنا الليلة لا أبيت إلا مسافر .
فقلنا : بالله عليك أن تحكي لنا حكايتك معه .
فاصفر لون المزين حين سألنا الشاب ، ثم قال الشاب : اعلموا يا جماعة الخير أن والدي من أكابر تجار بغداد ولم يرزقها الله تعالى بولد غيري .
فلما كبرت وبلغت مبلغ الرجال توفي والدي إلى رحمة الله تعالى وخلف لي مالاً وخدماً وحشماً فصرت ألبس الملابس وآكل أحسن المآكل ، وكان الله سبحانه وتعالى بغضني في النساء إلى أن كنت ماشياً يوماً من الأيام في أزقة بغداد وإذا بجماعة تعرضوا لي في الطريق فهربت ودخلت زقاقاً لا ينفذ وارتكنت في آخره على مصطبة فلم أقعد غير ساعة وإذا بطاقة قبالة المكان الذي أنا فيه فتحت وطلت منها صبية كالبدر في تمامه لم أر في عمري مثلها ولها زرع تسقيه وذلك الزرع تحت الطاقة فالتفتت يميناً وشملاً ثم قفلت الطاقة وغابت عن عيني .
فانطلقت في قلبي النار واشتغل خاطري بهما وانقلب بغضي للنساء محبة فما زلت جالساً في المكان إلى المغرب وأنا غائب عن الدنيا من شدة الغرام وإذا بقاضي المدينة راكب وقدامه عبيد ووراءه خدم فنزل ودخل البيت الذي طلت منه تلك الصبية فعرفت أنه أبوها ، ثم إني جئت منزلي وأنا مكروب ووقعت على الفراش مهموماً فدخلن علي جواري وقعدن حولي ولم يعرفن ما بي وأنا لم أبد لهن أمراً ولم أرد لخطابهن جواباً ، وعظم مرضي فصارت الناس تعودني فدخلت علي عجوز فلما رأتني لم يخف عليها حالي ، فقعدت عند رأسي ولاطفتني وقالت لي :
قل لي خبرك ?
فحكيت لها حكايتي .

وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-27, 13:47   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
soufiane ghemam
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية soufiane ghemam
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الليلة الثالثة والثلاثين

تكملة حكاية مزين بغداد


قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الشاب لما حكى للعجوز حكايته قالت له :
يا ولدي إن هذه بنت قاضي بغداد وعليها الحجر والموضع الذي رأيتها فيه هو طبقتها وأبوها له هالة في أسفل وهي وحدها وأنا كثيراً ما أدخل عندهم ولا تعرف وصالها إلا مني فشد حيلك .
فتجلدت وقويت نفسي حين سمعت حديثها وفرح أهلي في ذلك اليوم وأصبحت متماسك الأعضاء مرتجياً تمام الصحة ، ثم مضت العجوز ورجعت ووجهها متغيراً فقالت :
يا ولدي لا تسأل عما جرى منها ، لما قلت لها ذلك فإنها قالت لي : إن لم تسكتي يا عجوز النحس عن هذا الكلام لأفعلن بك ما تستحقينه ولا بد أن أرجع إليها ثاني مرة .
فلما سمعت ذلك منها ازددت مرضاً على مرضي ، فلما كان بعد أيام أتت العجوز وقالت : يا ولدي أريد منك البشارة .
فلما سمعت ذلك منها ردت روحي إلى جسمي وقلت لها : لك عندي كل خير .
فقالت : إني ذهبت بالأمس إلى تلك الصبية ، فلما نظرتني وأنا منكسرة الخاطر باكية العين .
قالت : يا خالتي أراك ضيقة الصدر .
فلما قالت لي ذلك بكيت وقلت لها : يا ابنتي وسيدتي إني أتيتك بالأمس من عند فتى يهواك وهو مشرف على الموت من أجلك .
فقالت لي وقد رق قلبها : ومن يكون هذا الفتى الذي تذكرينه ?
قلت : هو ولدي وثمرة فؤادي ورآك من الطاقة من أيام مضت وأنت تسقين زرعك ورأى وجهك فهام بك عشقاً وأنا أول مرة أعلمته بما جرى لي معك فزاد مرضه ولزم الوساد وما هو إلا ميت ولا محالة .
فقالت وقد اصفر لونها : هل هذا كله من أجلي ?
قلت : إي والله فماذا تأمرين ?
قالت : أمضي إليه وأقرئيه مني السلام وأخبريه أن عندي أضعاف ما عنده فإذا كان يوم الجمعة قبل الصلاة يجيء إلى الدار وأنا أقول افتحوا له الباب وأطلعه عندي وأجتمع أنا وإياه ساعة ويرجع قبل مجيء والدي من الصلاة .
فلما سمعت كلام العجوز زال ما كنت أجده من الألم واستراح قلبي ودفعت إليها ما كان علي من الثياب وانصرفت وقالت لي :
طيب قلبك .
فقلت لها : لم يبق فيه شيء من الألم .
وتباشر أهل بيتي وأصحابي بعافيتي ، ولم أزل كذلك إلى يوم الجمعة وإذ بعجوز دخلت علي وسألتني عن حالي فأخبرتها أني بخير وعافية ثم لبست ثيابي وتعطرت ومكثت أنظر الناس يذهبون إلى الصلاة حتى أمضي إليها فقالت لي العجوز :
إن معك الوقت اتساعاً زائداً فلو مضيت إلى الحمام وأزلت شعرك لا سيما من أثر المرض لكان في ذلك صلاحك .
فقلت لها : إن هذا هو الرأي الصواب لكن أحلق رأسي أولاً ، ثم أدخل الحمام .
أرسلت إلى المزن ليحلق لي رأسي وقلت للغلام :
امض إلى السوق وائتني بمزين يكون عاقلاً قليل الفضول لا يصدع رأسي بكثرة كلامه .
فمضى الغلام وأتى بهذا الشيخ فلما دخل سلم علي فرددت : عليك السلام .
فقال : أذهب الله غمك وهمك والبؤس والأحزان عنك .
فقلت له : تقبل الله منك .
فقال : أبشر يا سيدي فقد جاءتك العافية أتريد تقصير شعرك أو إخراج دم فإنه ورد عن ابن عباس أنه قال : من قصر شعره يوم الجمعة صرف الله عنه سبعين داء وروي أيضاً أنه قال : من أحتجم يوم الجمعة ، فإنه يأمن ذهاب البصر وكثرة المرض .
فقلت له : دع عنك هذا الهذيان وقم في هذه الساعة احلق لي رأسي ، فإني رجل ضعيف .
فقام ومد يده وأخرج منديلاً وفتحه ، وإذا فيه اصطرلاب وهو سبع صفائح فأخذه ومضى إلى وسط الدار ورفع رأسه إلى شعاع الشمس ونظر ملياً وقال لي :
اعلم أنه مضى من يومنا هذا وهو يوم الجمعة ، وهو عاشر صفر سنة ثلاث وسبعمائة من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام وطالعه بمقتضى ما أوجبه علم الحساب المريخ سبع درج وستة دقائق واتفق أنه يدل على أن حلق الشعر جيد جداً ، ودل عندي على أنك تريد الإقبال على شخص وهو مسعود لكن بعده كلام يقع وشيء لا أذكره لك .
فقلت له : لقد أضجرتني وأزهقت روحي وفولت علي ، وأنا ما طلبتك إلا لتحلق رأسي ولا تطل علي الكلام .
فقال : والله لو علمت حقيقة الأمر لطلبت مني زيادة البيان وأنا أشير عليك أنك تعمل اليوم بالذي أمرك به ، بمقتضى حساب الكواكب وكان سبيلك أن تحمد الله ولا تخافني ، فإني ناصح لك وشفيق عليك وأود أن أكون في خدمتك سنة كاملة وتقوم بحقي ولا أريد منك أجرة على ذلك .
فلما سمعت ذلك منه قلت له : إنك قاتلي في هذا اليوم ، ولا محالة .


وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .






إلى اللقاء مع الليله القادمه










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-27, 13:48   رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
soufiane ghemam
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية soufiane ghemam
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الليلة الرابعة والثلاثين

تكملة حكاية مزين بغداد


قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الشاب قال له :
إنك قاتلي في هذا اليوم .
فقال : يا سيدي أنا الذي تسميني الناس الصامت لقلة كلامي دون إخوتي لأن أخي الكبير اسمه البقبوق والثاني الهدار والثالث بقبق والرابع اسمه الكوز الأصوني والخامس اسمعها العشار والسادس اسمه شقالق والسابع اسمه الصامت وهو أنا .
فلما زاد علي هذا المزين بالكلام رأيت أن مرارتي انفطرت ، وقلت للغلام : أعطه ربع دينار وخله ينصرف عني لوجه الله ، فلا حاجة إلى حلاقة رأسي .
فقال المزين حين سمع كلامي مع الغلام : يا مولاي ، ما أظنك تعرف بمنزلتي فإن يدي تقع رأس الملوك والأمراء والوزراء والحكماء والفضلاء ، وفي مثلي قال الشاعر :
جميع الصنائع مثل العقود ........ وهذا المزين در السلـوك
فيعلو على كل ذي حكـمة ........ وتحت يديه رؤوس الملوك
فقلت : دع ما لا يعنيك فقد ضيقت صدري وأشلت خاطري .
فقال : أظنك مستعجلاً ?
فقلت له : نعم .
فقال : تمهل على نفسك ، فإن العجلة من الشيطان وهي تورث الندامة والحرمان وقد قال عليه الصلاة والسلام : خير الأمور ما كان فيه تأن وأنا والله رأبني أمرك فأشتهي أن تعرفني ما الذي أنت مستعجل من أجله ولعله خير فإني أخشى أن يكون شيئاً غير ذلك وقد بقي من الوقت ثلاث ساعات .
ثم غضب ورمى الموس من يده وأخذ الاصطرلاب ومضى إلى الشمس ووقف حصة مديدة وعاد وقال :
قد بقي لوقت الصلاة ثلاث ساعات لا تزيد ولا تنقص .
فقلت له : بالله عليك ، اسكت عني فقد فتت كبدي .
فأخذ الموس وسنه كما فعل أولاً وحلق بعض رأسي وقال : أنا مهموم من عجلتك فلو أطلعتني على سببها لكان خيراً لك لأنك تعلم أن والدك ما كان يفعل شيئاً إلا بمشورتي .
فلما علمت أن مالي منه خلاص قلت في نفسي قد جاء وقت الصلاة وأريد أن أمضي قبل أن تخرج الناس من الصلاة فإن تأخرت ساعة لا أدري أين السبيل إلى الدخول إليها فقلت :
أوجز ودع عنك هذا الكلام والفضول فإني أريد أن أمضي إلى دعوة عند أصحابي .
فلما سمع ذكر الدعوة قال : يومك يوم مبارك علي لقد كنت البارحة حلفت علي جماعة من أصدقائي ونسيت أن أجهز لهم شيئاً يأكلونه وفي هذه الساعة تذكرت ذلك وافضيحتاه منهم .
فقلت له : لا تهتم بهذا الأمر بعد تعريفك أنني اليوم في دعوة فكل ما في داري من طعام وشراب لك إن أنجزت أمري ، وعجلت حلاقة رأسي .
فقال : جزاك الله خيراً صف لي ما عندك لأضيافي حتى أعرفه ?
فقلت : عندي خمسة أوان من الطعام وعشر دجاجات محمرات وخروف مشوي .
فقال : أحضرها لي حتى أنظرها .
فأحضرت له جميع ذلك فلما عاينه ، قال : بقي لله درك ما كرم نفسك لكن بقي الشراب .
فقلت له : عندي .
قال : أحضره .
فأحضرته له ، قال : لله درك ما أكرم نفسك لكن بقي البخور الطيب .
فأحضرت له درجاً فيه نداً وعوداً وعنبر ومسك يساوي خمسين ديناراً وكان الوقت قد ضاق حتى صار مثل صدري فقلت له :
خذ هذا واحلق لي جميع رأسي بحياة محمد .
فقال المزين : والله ما آخذه حتى أرى جميع ما فيه .
فأمرت الغلام ففتح له الدرج فرمى المزين الصطرلاب من يده وجلس على الأرض يقلب الطيب والبخور والعود الذي في الدرج حتى كادت روحي أن تفارق جسمي ثم تقدم وأخذ الموسى وحلق من رأسه شيئاً يسيراً وقال :
والله يا ولدي ما أدري كيف أشكرك وأشكر والدك لأن دعوتي اليوم كلها من بعض فضلك وإحسانك وليس عندي من يستحق ذلك وإنما عندي زيتون الحمامي وصليع الفسخاني وعوكل الفوال وعكرشة البقال ، وحميد الزبال وعكارش اللبان ، ولكل هؤلاء رقصة يرقصها .
فضحكت عن قلب مشحون بالغيظ وقلت له : أقض شغلي وأسير أنا في أمان الله تعالى وتمضي أنت إلى أصحابك فإنهم منتظرون قدومك .
فقال : ما طلبت إلا أن أعاشك بهؤلاء القوام فإنهم من أولاد الناس الذين ما فيهم فضولي ولو رأيتهم مرة واحدة لتركت جميع أصحابك .
فقلت : نعم الله سرورك بهم ولا بد أن أحضرهم عندي يوماً .

وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .


إلى اللقاء مع الليله القادمه










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-27, 13:49   رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
soufiane ghemam
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية soufiane ghemam
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الليلة الخامسة والثلاثين


تكملة حكاية مزين بغداد


قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الشاب لما قال للمزين لا بد أن أحضر أصحابك عند يوماً فقال له :
إذا أردت ذلك وقدمت دعوى أصحابك في هذا اليوم فاصبر حتى أمضي بهذا الإكرام الذي أكرمتني به وأدعه عند أصحابي يأكلون ويشربون ولا ينتظرون ، ثم أعود إليك وأمضي معك إلى أصدقائك فليس بيني وبين أصدقائي حشمة تمنعني عن تركهم والعود إليك عاجلاً ، وأمضي معك أينما توجهت .
فقلت : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم امضي أنا إلى أصدقائي وأكون معهم في هذا اليوم فإنهم ينتظرون قدومي .
فقال المزين : لأدعك تمضي وحدك .
فقلت له : إن الموضع الذي أمضي إليه لا يقدر أحد أن يدخل فيه غيري .
فقال : أظنك اليوم في ميعاد واحد وإلا كنت تأخذني معك وأنا أحق من جميع الناس وأساعدك على ما تريد فإني أخاف أن تدخل على امرأة أجنبية فتروح روحك فإن هذه مدينة بغداد لا يقدم أحد أن يعمل فيها شيئاً من هذه الأشياء لا سيما في مثل هذا اليوم وهذا ولي بغداد صار عظيم .
فقلت : ويلك يا شيخ الشر أي شيء هذا الكلام الذي تقابلني به .
فسكت سكوتا طويلاً وأدركنا وقت الصلاة وجاء وقت الخطبة وقد فرغ من حلق رأسي .
فقلت له : أمضي إلى أصحابك بهذا الطعام والشراب وأنا أنتظرك حتى تمضي معي . ولم أزل أخادعه لعله يمضي ، فقال لي :
إنك تخادعني وتمضي وحدك وترمي نفسك في مصيبة لا خلاص لك منها ، فبالله لا تبرح حتى أعود إليك وأمضي معك حتى أعلم ما يتم من أمرك ، فقلت له : نعم لا تبطئ علي .
فأخذ ما عطيته من الطعام والشراب وغيره وأخرج من عندي فسلمه إلى الحمال ليوصله إلى منزله وأخفى نفسه في بعض الأزقة ثم قمت من ساعتي وقد أعلنوا على المنارات بسلام الجمعة فلبست ثيابي وخرجت وحدي وأتيت إلى الزقاق ووقعت على البيت الذي رأيت فيه تلك الصبية وإذا بالمزين خلفي ولا أعلم به فوجدت الباب مفتوحاً فدخلت وإذا بصاحب الدار عاد إلى منزله من الصلاة ودخل القاعة وغلق الباب ، فقلت من أين أعلم هذا الشيطان بي ? فاتفق في هذه الساعة ، لأمر يريده الله من هتك ستري أن صاحب الدار أذنبت جارية عنده فضربها فصاحت فدخل عنده عبد ليخلصها فضربه فصاح الآخر فاعتقد المزين أنه يضربني فصاح ومزق أثوابه وجثا التراب على رأسه وصار يصرخ ويستغيث والناس حوله وهو يقول :
قتل سيدي في بيت القاضي .
ثم مضى إلى داري وهو يصيح والناس خلفه وأعلم أهل بيتي وغلماني فما دريت إلا وهم قد أقبلوا يصيحون واسيداه كل هذا والمزين قدامهم وهو يمزق الثياب والناس معهم ولم يزالوا يصرخون وهو في أوائلهم يصرخ وهم يقولوا واقتيلاه وقد أقبلوا نحو الدار التي أنا فيها فلما سمع القاضي ذلك عظم عليه الأمر وقام وفتح الباب فرأى جمعاً عظيماً فبهت وقال :
يا قوم ما القصة ?
فقال له الغلمان : إنك قتلت سيدنا .
فقال : يا قوم وما الذي فعله سيدكم حتى أقتله .

وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .


إلى اللقاء مع الليله القادمه










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-27, 13:50   رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
soufiane ghemam
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية soufiane ghemam
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الليلة السادسة والثلاثين

تكملة حكاية مزين بغداد


قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن القاضي قال للغلمان :
وما الذي فعله سيدكم حتى أقتله وما لي أرى هذا المزين بين أيديكم .
فقال له المزين : أنت ضربته في هذه الساعة بالمقارع وأنا أسمع صياحه .
فقال القاضي : وما الذي فعله حتى أقتله ومن أدخله داري ومن أين جاء وإلى أين يقصد .
فقال له المزين : لا تكن شيخاً نحساً فأنا أعلم الحكاية وسبب دخوله دارك وحقيقة الأمر كله وبنتك تعشقه وهو يعشقها ، فعلمت أنه قد دخل دارك وأمرت غلمانك فضربوه والله ما بيننا وبينك إلا الخليفة أو تخرج لنا سيدنا ليأخذه أهله ولا تحوجني إلى أن أدخل وأخرجه من عندكم وعجل أنت بإخراجه .
فالتجم القاضي عن الكلام وصار في غاية الخجل من الناس وقال للمزين :
إن كنت صادقاً ، فادخل أنت وأخرجه .
فنهض المزين ودخل الدار ، فلما رأيت المزين أردت أن أهرب فلم أجد لي مهرباً غير أني رأيت في الطبقة التي أنا فيها صندوقاً فدخلت فيه ورددت الغطاء عليه وقطعت النفس ، فدخل بسرعة ولم يلتفت إلى غير الجهة التي أنا فيها بل قصد الموضع الذي أنا فيه والتفت يميناً وشمالاً فلم يجد إلا الصندوق الذي أنا فيه فحمله على رأسه . فلما رأيته فعل ذلك غاب رشدي ثم مر مسرعاً فلما علمت أنه ما يتركني فتحت الصندوق وخرجت منه بسرعة ورميت نفسي على الأرض فانكسرت رجلي ، فلما توجهت إلى الباب وجدت خلقاً كثيراً لم أر في عمري مثل هذا الازدحام الذي حصل في ذلك اليوم فجعلت أنثر الذهب على الناس ليشتغلوا به فاشتغل الناس به وصرت أجري في أزقة بغداد وهذا المزين خلفي وأي مكان دخلت فيه يدخل خلفي وهو يقول :
أرادوا أن يفجعوني في سيدي الحمد لله الذي نصرني عليهم ، وخلص سيدي من أيديهم فما زلت يا سيدي مولعاً بالعجلة لسوء تدبيرك حتى فعلت بنفسك هذه الأفعال فلولا من الله عليك بي ما كنت خلصت من هذه المصيبة التي وقعت فيها وربما كانوا يرمونك في مصيبة لا تخلص منها أبداً فاطلب من الله أن أعيش لك حتى أخلصك ، والله لقد أهلكتني بسوء تدبيرك وكنت تريد أن تروح وحدك ، ولكن لا نؤاخذك على جهلك لأنك قليل العقل عجول .
فقلت له : أما كفاك ما جرى منك حتى تجري ورائي في الأسواق .
وصرت أتمنى الموت لأجل خلاصي منه فلا أجد موتاً ينقذني منه ، فمن شدة الغيظ ، فررت ودخلت دكاناً في وسط السوق واستجرت بصاحبها فمنعه عني ، وجلست في مخزن وقلت في نفسي ما بقيت أقدر أن أفترق من هذا المزين ، بل يقيم عندي ليلاً ونهاراً ولم يبق في قدرة على النظر إلى وجهه ، فأرسلت في الوقت أحضر الشهود وكتبت وصية لأهلي وجعلت ناظراً عليهم وأمرته أن يبيع الدار والعقارات وأوصيته بالكبار والصغار ، وخرجت مسافراً من ذلك الوقت حتى أتخلص من ذلك القواد ثم جئت إلى بلادكم فسكنتها ولي فيها مدة فلما عزمت علي وجئت إليكم رأيت هذا القبيح القواد عندكم في صدر المكان فكيف يستريح قلبي ويطيب مقامي عندكم مع هذا وقد فعل معي هذه الفعال وانكسرت رجلي بسببه ثم أن الشاب امتنع من الجلوس .
فلما سمعنا حكايته مع المزين قلنا للمزين : أحق ما قاله هذا الشاب عنك ?
فقال : والله أنا فعلت ذلك بمعرفتي ولولا أني فعلت لهلك وما سبب نجاته إلا أنا ومن فضل الله عليه بسببي أنه أصاب برجله ولم يصب بروحه ولو كنت كثير الكلام ما فعلت معه ذلك الجميل وها أنا أقول لكم حديثاً جرى لي حتى تصدقوا أني قليل الكلام وما عندي فضول من دون إخوتي وذلك أني كنت ببغداد في أيام خلافة أمير المؤمنين المنتصر بالله ، وكان يحب الفقراء والمساكين ويجالس العلماء والصالحين ، فاتفق له يوماً أنه غضب على عشرة أشخاص فأمر المتولي ببغداد أن يأتيه بهم في زورق فنظرتهم أنا ، فقلت :
ما اجتمع هؤلاء إلا لعزومة وأظنهم يقطعون يومهم في هذا الزورق في أكل وشرب ولا يكون نديمهم غيري .
فقمت ونزلت معهم واختلطت بهم فقعدوا في الجانب الآخر فجاء لهم أعوان الوالي بالأغلال ووضعوها في رقابهم وضعوا في رقبتي غلال من جملتهم فهذا يا جماعة ما هو من مروءتي وقلة كلامي لأني ما رضيت أن أتكلم فأخذونا جميعاً في الأغلال وقدمونا بين يدي المنتصر بالله أمير المؤمنين فأمر بضر رقاب العشرة فضرب السياف رقاب العشرة .

وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-27, 13:51   رقم المشاركة : 41
معلومات العضو
soufiane ghemam
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية soufiane ghemam
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الليلة السابعة والثلاثين

تكملة حكاية مزين بغداد


قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن المزين قال :
لما السياف ضرب رقاب العشرة وبقيت أنا فالتفت الخليفة فرآني فقال للسياف : ما بالك لا تضرب رقاب جميع العشرة ?
فقال : ضربت رقاب العشرة كلهم .
فقال له الخليفة : ما أظنك ضربت رقاب غير تسعة وهذا الذي بين يدي هو العاشر .
فقال السياف : وحق نعمتك أنهم عشرة .
عدوهم فإذا هم عشرة فنظر إلي الخليفة وقال :
ما حملك على سكوتك في هذا الوقت وكيف صرت مع أصحاب الدم ?
فلما سمعت خطاب أمير المؤمنين قلت له :
اعلم يا أمير المؤمنين أني أنا الشيخ الصامت وعندي من الحكمة شيء أكثر وأما رزانة عقلي وجودة فهمي وقلة كلامي فإنها لا نهاية لها وصنعتي الزيانة فلما كان أمس بكرة النهار ، نظرت هؤلاء العشرة قاصدين الزورق فاختلت بهم ونزلت معهم وظننت أنهم في عزومة فما كان غير ساعة وإذا هم أصحاب جرائم فحضرت إليهم الأعوان ووضعوا في رقابهم الأغلال ووضعوا في رقبتي غلاً من جملتهم ، فمن فرط مروءتي سكت ولم أتكلم بين يديك فأمرت بضرب رقاب العشرة وبقيت أنا بين يدي السياف ولم أعرفكم بنفسي ، أما هذه مروءة عظيمة وقد أحوجتني إلى أن أشاركهم في القتل لكن طول دهري هكذا أفعل الجميل .
فلما سمع الخليفة كلامي وعلم أني كثيرة المروءة قليل الكلام ما عندي فضول كما يزعم هذا الشاب الذي خلصته من الأهوال قال الخليفة :
وأخوتك الستة مثلك فيهم الحكمة والعلم وقلة الكلام ؟
قلت : لا عاشوا ولا بقوا إن كانوا مثلي ولكن ذممتني يا أمير المؤمنين ولا ينبغي لك أن تقرن أخوتي بي لأنهم من كثرة كلامهم وقلة مروءتهم كل واحد منهم بعاهة ففيهم واحد أعرج وواحد أعور واحد أفكح وواحد أعمى وواحد مقطوع الأذنين والأنف وواحد مقطوع الشفتين وواحد أحول العينين ، ولا تحسب يا أمير المؤمنين أني كثير الكلام ولا بد أن أبين لك أني أعظم مروءة منهم ولكل واحد منهم حكاية اتفقت له حتى صار فيه عاهة ، وإن شئت أن أحكي لك فاعلم يا أمير المؤمنين أن الأول وهو الأعرج كان صنعته الخياطة ببغداد ، فكان يخيط في دكان استأجرها من رجل كثير المال وكان ذلك الرجل ساكناً في الدكان وكان في أسفل دار الرجل طاحون ، فبينما أخي الأعرج جالس في الدكان ذات يوم إذ رفع رأسه فرأى امرأة كالبدر الطالع في روشن الدار وهي تنظر الناس فلما رآها أخي تعلق قلبه بحبها وصار يومه ذلك ينظر إلهيا وترك اشتغاله بالخياطة إلى وقت المساء ، فلما كان وقت الصباح فتح دكانه وقعد يخيط وهو كلما غرز غرزة ينظر إلى الروشن فمكث على ذلك مدة لم يخيط شيئاً يساوي درهماً ، فاتفق أن صاحب الدار جاء إلى أخي يوماً من الأيام ومعه قماش وقال له :
فصل لي هذا وخيطه أقمصة .
فقال أخي : سمعاً وطاعة .
ولم يزل يفصل حتى فصل عشرين قميصاً إلى وقت العشاء وهو لم يذق طعاماً ، ثم قال له :
كم أجرة ذلك ?
فلم يتكلم أخي فأشارت إليه الصبية بعينها أن لا يأخذ منه شيئاً وكان محتاجاً إلى الفلس واستمر ثلاثة أيام لا يأكل ولا يشرب إلا القليل بسبب اجتهاده في تلك الخياطة ، فلما فرغ من الخياطة التي لهم أتى إليهم بالأقمصة وكانت الصبية قد عرفت زوجها بحال أخي وأخي لا يعلم ذلك واتفقت هي وزوجها على استعمال أخي في الخياطة بلا أجرة بل يضحكون عليه فلما فرغ أخي من جميع أشغالهما عملا عليه حيلة وزوجاه بجاريتهما وليلة أراد أن يدخل عليها قالا له :
أبت الليلة في الطاحون وإلى الغد يكون خيراً .
فاعتقد أخي أن لهما قصداً بريئاً فبات في الطاحون وحده وراح زوج الصبية يغمز الطحان عليه ليدوره في الطاحون فدخل عليه الطحان في نصف الليل وجعل يقول :
أن هذا الثور بطال مع أن القمح كثير وأصحاب الطحين يطلبونه فأنا أعلقه في الطاحون حتى يخلص طحين القمح ، فعلقه في الطاحون إلى قرب الصبح .
فجاء صاحب الدار ، فرأى أخي معلقاً في الطاحون والطحان يضربه بالسوط فتركه ومضى وبعد ذلك جاءت الجارية التي عقد عليها وكان مجيئها في بكرة النهار فحلته من الطاحون وقالت :
قد شق علي وعلى سيدتي ما جرى لك وقد حملنا همك .
فلم يكن له لسان يرد جواباً من شدة الضرب ، ثم أن أخي رجع إلى منزله وإذا بالشيخ الذي كتب الكتاب قد جاء وسلم عليه وقال له :
حياك الله زواجك مبارك أنت بت الليلة في النعيم والدلال والعناق من العشاء إلى الصباح .
فقال له أخي : لا سلم الله الكاذب يا ألف قواد ، والله ما جئت إلا لأطحن في موضع الثور إلى الصباح .
فقال له : حدثني بحديثك .
فحدثه أخي بما وقع له فقال له : ما وافق نجمك نجمها ولكن إذا شئت أن أغير لك عقد العقد أغيره لك بأحسن منه لأجل أن يوافق نجمك نجمها .
فقال له : انظر إن بقي لك حيلة أخرى .

وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-27, 13:51   رقم المشاركة : 42
معلومات العضو
soufiane ghemam
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية soufiane ghemam
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الليلة الثامنة والثلاثين

تكملة حكاية مزين بغداد

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الأعرج لما قال للشيخ :
انظر إن بقي لك حيلة أخرى .
فتركه وأتى إلى دكانه ينتظر أحداً يأتي إليه بشغل يتقوت من أجرته وإذا هو بالجارية قد أتت إليه وكانت اتفقت مع سيدتها على تلك الحيلة فقالت له :
إن سيدتي مشتاقة إليك وقد طلعت السطح لترى وجهك من الروشن .
فلم يشعر أخي إلا وهي قد طلعت له من الروشن وصارت تبكي وتقول :
لأي شيء قطعت المعاملة بيننا وبينك ؟
فلم يرد عليها جواباً فحلفت له أن جميع ما وقع له في الطاحون لم يكن باختيارها فلما نظر أخي إلى حسنها وجمالها ذهب عنه ما حصل له وقبل عذرها وفرح برؤيتها ، ثم سلم عليها وتحدث معها وجلس في خياطتها مدة وبعد ذلك ذهبت إليه الجارية وقالت له :
تسلم عليك سيدتي وتقول لك : إن زوجها قد عزم على أن يبيت عند بعض أصدقائه في هذه الليلة ، فإذا مضى عندهم تكون أنت عندنا وتبيت مع سيدتي في ألذ عيش إلى الصباح .
وكان زوجها قد قال لها ما يكون العمل في مجيئه عندك حتى آخذه وأجره إلى الوالي فقالت :
دعني أحتال عليه بحيلة وأفضحه فضيحة يشتهر بها في هذه المدينة .
وأخي لا يعلم شيئاً من كيد النساء ، فلما اقبل المساء جاءت الجارية إلى أخي وأخذته ورجعت به إلى سيدتها فقالت له :
والله يا سيدي إني مشتاقة إليك كثيراً .
فقال : بالله عليك عجل بقبلة قبل كل شيء ...
فلم يتم كلامه إلا وقد حضر زوج الصبية من بيت جاره فقبض على أخي وقال له :
لا أفارقك إلا عند صاحب الشرطة .
فتضرع إليه أخي فلم يسمعه بل حمله إلى دار الوالي فضربه بالسياط وأركبه جملاً ودوره في شوارع المدينة والناس ينادون عليه هذا جزاء من يهيم على حرائم الناس ووقع من فوق الجمل فانكسرت رجله فصار أعرج ثم نفاه الوالي من المدينة فخرج لا يدري أين يقصد فاغتظت أنا فلحقته وأتيت به والتزمت بأكله وشربه إلى الآن .
فضحك الخليفة من كلامي وقال : أحسنت .
فقلت : لا أقبل هذا التعظيم منك دون أن تصغي علي حتى أحكي لك ما وقع لبقية أخوتي ولا تحسب أني كثير الكلام .
فقال الخليفة : حدثني بما وقع لجميع أخوتك وشنف مسامعي بهذه الرقائق واسلك سبيل الأطناب في ذكر هذه اللطائف .
فقلت : اعلم يا أمير المؤمنين أن أخي الثاني كان اسمه بقبق وقد وقع له أنه كان ماشياً يوماً من الأيام متوجهاً إلى حاجة له وإذا بعجوز قد استقبلته وقالت له :
أيها الرجل قف قليلاً حتى أعرض عليك أمراً فإن أعجبك فاقضه لي .
فوقف أخي فقالت له : أدلك على شيء وأرشدك إليه بشرط أن لا يكون كلامك كثيراً .
فقال لها أخي : هات كلامك .
قالت : ما قولك في دار حسنة وماؤها يجري وفاكهة مدام ووجه مليح تشاهده وخد أسيل تقبله وقد رشيق تعانقه ولم تزل كذلك من العشاء إلى الصباح ، فإن فعلت ما أشترط عليك رأيت الخير .
فلما سمع أخي كلامها قال لها : يا سيدتي وكيف قصدتيني بهذا الأمر من دون الخلق أجمعين فأي شيء أعجبك مني ?
فقالت لأخي : أما قلت لك لا تكن كثير الكلام واسكت وامض معي .
ثم ولت العجوز وسار أخي تابعاً لها طمعاً فيما وصفته له حتى دخلا داراً فسيحة وصعدت به من أدنى إلى أعلى فرأى قصراً ظريفاً فنظر أخي فرأى فيه أربع بنات ما رأى الراؤون أحسن منهن وهن يغنين بأصوات تطرب الحجر الأصم ، ثم إن بنتاً منهن شربت قدحاً فقال لها أخي :
بالصحة والعافية .
وقام ليخدمها فمنعته من الخدمة ثم سقته قدحاً وصفعته على رقبته ، فلما رأى أخي ذلك خرج مغضباً ومكثراً الكلام فتبعته العجوز وجعلت تغمزه بعينها ارجع فرجع وجلس ولم ينطق فأعادت الصفعة على قفاه إلى أن أغمي عليه ثم قام أخي لقضاء حاجته فلحقته العجوز وقالت له :
اصبر قليلاً حتى تبلغ ما تريد .
فقال لها أخي : إلى كم أصبر قليلاً ?
فقالت العجوز : إذا سكرت بلغت مرادك .
فرجع أخي إلى مكانه فقامت البنات كلهن وأمرتهن العجوز أن يجردنه من ثيابه وأن يرششن على وجهه ماء ورد ، ففعلن ذلك فقالت الصبية البارعة الجمال منهن :
أعزك الله قد دخلت منزلي فإن صبرت على شرطي بلغت مرادك .
فقال لها أخي : يا سيدتي أنا عبدك وفي قبضة يدك .
فقالت له : اعلم أن الله قد شغفني بحب المطرب فمن أطاعني نال ما يريد .
ثم أمرت الجواري أن يغنين فغنين حتى طرب المجلس ، ثم قالت الجارية :
خذي سيدك واقض حاجته وائتيني به في الحال .
فأخذت الجارية أخي ولا يدري ما تصنع به فلحقته العجوز وقالت له :
اصبر ما بقي إلا القليل .
فأقبل أخي على الصبية والعجوز تقول : اصبر فقد بلغت ما تريد وإنما بقي شيء واحد وهو أن تحلق ذقنك .
فقال لها أخي : وكيف أعمل في فضيحتي بين الناس ?
فقالت له العجوز : إنها ما أرادت أن تفعل بك ذلك إلا لأجل أن تصير أمرد بلا ذقن ولا يبقى في وجهك شيء يشكها فإنها صار في قلبها لك محبة عظيمة فاصبر فقد بلغت المنى .
فصبر أخي وطاوع الجارية وحلق ذقنه وجاءت به إلى الصبية وإذا هو محلوق الحاجبين والشاربين والذقن فقام ورقص فلم تدع في البيت مخدة حتى ضربته بها وكذلك جميع الجواري صرن يضربنه بمثل نارنجة وليمونة وأترجة إلى أن سقط مغشياً عليه من الضرب ولم يزل الصفع على قفاه والرجم في وجهه إلى أن قالت له العجوز :
الآن بلغت مرادك واعلم أنه ما بقي عليك من الضرب شيء وما بقي إلا شيء واحد وذلك أن من عادتها أنها إذا سكرت لا تمكن أحداً من نفسها حتى تقلع ثيابها وسراويلها وتبقى عارية من جميع ما عليها من ثيابها وأنت الآخر تقلع ثيابك وتجري ورائها وهي تجري قدامك كأنها هاربة منك ، ولم تزل تابعها من مكان إلى مكان حتى تمكنك من نفسها .
ثم قالت له : قم اقلع ثيابك فقام وهو غائب عن الوجود وقلع ثيابه جميعاً .

وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .


إلى اللقاء مع الليله القادمه










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-27, 13:52   رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
soufiane ghemam
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية soufiane ghemam
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الليلة التاسعة والثلاثين

تكملة حكاية مزين بغداد


قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن أخا المزين قلع ثيابه وصار عرياناً ، فقالت الجارية لأخي :
قم الآن واجر ورائي وأجري أنا قدامك وإذا أردت شيئاً فاتبعني .
فجرت قدامه وتبعها ثم جعلت تدخل من محل إلى محل وتخرج من محل إلى محل آخر وأخي وراءها وقد غلب الشنق كأنه مجنون ولم تزل تجري قدامه وهو يجري وراءها ، حتى سمع منها صوتاً رقيقاً وهي تجري قدامه وهو يجري وراءها ، فبينما هو كذلك إذ رأى نفسه في وسط زقاق وذلك الزقاق في وسط الجلادين وهم ينادون على الجلود فرآه الناس على تلك الحالة وهو عريان محلوق الذقن والحواجب والشوارب ، محمر الوجه فصاحوا عليه وصاروا يضحكون ويقهقهون ، وصار بعضهم يصفعه بالجلود وهو عريان حتى غشي عليه وحملوه على حمار حتى أوصلوه إلى الوالي فقال :
ما هذا ?
قالوا : هذا وقع لنا من بيت الوزير وهو على هذه الحالة .
فضربه الوالي مائة سوط وخرجت أنا خلفه وجئت به وأدخلته المدينة سراً ثم رتبت له ما يقتات به فلولا مروءتي ما كنت أحتمل مثله .
وأما أخي الثالث فقد ساقه القضاء والقدر إلى دار كبيرة ، فدق الباب طمعاً أن يكلمه صاحبها فيسأله شيئاً ، فقال صاحب الدار :
من بالباب ?
فلم يكلمه أحد فسمعه أخي يقول بصوت عال : من هذا ?
فلم يكلمه أخي وسمع مشيه حتى وصل إلى الباب وفتحه فقال : ماذا تريد ?
قال له أخي : شيئاً لله تعالى .
فقال له : هل أنت ضرير ?
قال له أخي : نعم .
فقال له : ناولني يدك .
فناوله يده فأدخله الدار ولم يزل يصعد به من سلم إلى سلم حتى وصل إلى أعلى السطوح ، وأخي يظن أنه يطعمه شيئاً فلما انتهى إلى أعلى مكان ، قال لأخي : ما تريد يا ضرير .
قال : أريد شيئاً لله تعالى .
فقال له : يفتح الله عليك .
فقال له أخي : يا هذا أما كنت تقول لي ذلك وأنا في الأسفل .
فقال له : يا أسفل السفلة لم تسألني شيئاً لله حين سمعت كلامي أول مرة وأنت تدق الباب .
فقال أخي : هذه الساعة ما تريد أن تصنع بي ?
فقال له : ما عندي شيء حتى أعطيك إياه .
قال : انزل بي إلى السلالم .
فقال لي : الطريق بين يديك .
فقام أخي واستقبل السلالم وما زال نازلاً حتى بقي بينه وبين الباب عشرون درجة فزلقت رجله فوقع ولم يزل واقعاً منحدراً من السلالم حتى انشج رأسه فخرج وهو لا يدري أين يذهب فلحقه بعض رفقائه العميان فقال له :
أي شيء حصل لك في هذا اليوم ?
فحدثهم بما وقع له قال لهم : يا أخوتي أريد أن آخذ شيئاً من الدراهم التي بقيت معنا وأنفق منه على نفسي .
وكان صاحب الدار مشى خلفه ليعرف حاله فسمع كلامه وأخي لا يدري بأن الرجل يسعى خلفه إلى أن دخل مكانه ، ودخل الرجل خلفه وهو لا يشعر به ، وقعد أخي ينتظر رفقاءه فلما دخلوا عليه قال لهم :
أغلقوا الباب وفتشوا البيت كيلا يكون أحد غريب تبعنا .
فلما سمع الرجل كلام أخي قام وتعلق بحبل كان في السقف ، فطافوا البيت جميعه فلم يجدوا أحداً ، ثم رجعوا وجلسوا إلى جانب أخي أخرجوا الدراهم التي معهم وعدوها فإذا هي عشرة آلاف درهم فتركوها في زاوية البيت وأخذ كل واحد مما زاد عنها ما يحتاج إليه ودفنوا العشرة آلاف درهم في التراب ، ثم قدموا بين أيديهم شيئاً من الأكل وقعدوا يأكلون فأحس أخي بصوت غريب في جهته فقال للأصحاب :
هل معنا غريب ثم مد يده فتعلقت بيد الرجل صاحب الدار فصاح على رفقائه وقال :
هذا غريب .
فوقعوا فيه ضرباً .

وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-27, 13:53   رقم المشاركة : 44
معلومات العضو
soufiane ghemam
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية soufiane ghemam
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الليلة الأربعين

تكملة حكاية مزين بغداد


قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن أخا المزين لما صاح على رفقائه وقال :
هذا غريب .
وقعوا فيه ضرباً فلما طال عليهم ذلك صاحوا : يا مسلمين دخل علينا من يريد أن يأخذ مالنا فاجتمع عليهم خلق فتعامى الرجل الغريب صاحب الدار الذي ادعوا عليه أنه لص وأغمض عينيه وأظهر أنه أعمى مثلهم بحيث لا يشك فيه أحد وصاح :
يا مسلمين أنا بالله والسلطان أنا بالله والوالي أنا بالله والأمير فإن عندي نصيحة للأمير .
فلم يشعروا إلا وقد احتاطهم جماعة الوالي فأخذوهم وأخي معهم وأحضروهم بين يديه فقال الوالي :
ما خبركم ?
فقال ذلك الرجل : اسمع كلامي أيها الوالي لا يظهر لك حقيقة حالنا إلا بالعقوبة ، وإن شئت فابدأ بعقوبتي قبل رفقائي .
فقال الوالي : اطرحوا هذا الرجل واضربوه بالسياط .
فطرحوه وضربوه فلما أوجعه الضرب فتح إحدى عينيه فلما ازداد عليه الضرب فتح عينه الأخرى .
فقال له الوالي : ما هذه الفعال يا فاجر ?
فقال : أعطني الأمان وأنا أخبرك .
فأعطاه الأمان ، فقال : نحن أربعة نعمل حالنا عمياناً ونمر على الناس وندخل البيوت وننظر النساء ونحتال في فسادهن ، واكتساب الأموال من طرقهن وقد حصلنا من ذلك مكسباً عظيماً وهو عشرة آلاف درهم فقلت لرفقائي : أعطوني حقي ألفين وخمسمائة فقاموا وضربوني وأخذوا مالي وأنا مستجير بالله وبك وأنت أحق بحصتي من رفقائي ، وإن شئت أن تعرف صدق قولي فاضرب كل واحد أكثر مما ضربتني فإنه يفتح عينيه .
فعند ذلك أمر الوالي بعقوبتهم وأول ما بدأ بأخي وما زالوا يضربونه حتى كاد أن يموت ثم قال لهم الوالي : يا فسقة تجحدون نعمة الله وتدعون أنكم عميان .
فقال أخي : والله والله والله ما فينا بصير .
فطرحوه إلى الضرب ثانياً ولم يزالوا يضربونه حتى غشي عليه فقال الوالي : دعوه حتى يفيق وأعيدوا عليه الضرب ثالث مرة .
ثم أمر بضرب أصحابه كل واحد أكثر من ثلاثمائة عصا والنصير يقول لهم : افتحوا عيونكم وإلا جددوا عليكم الضرب .
ثم قال للوالي : ابعث معي من يأتيك بالمال ، فإن هؤلاء ما يفتحون أعينهم ويخافون من فضيحتهم بين الناس .
فبعث الوالي معه من أتاه بالمال ، فأخذه وأعطى الرجل منه ألفين وخمسمائة درهم على قدر حصته رغماً عنهم ، وبقي أخي وباقي الثلاثة خارج المدينة فخرجت أنا يا أمير المؤمنين ولحقت أخي وسألته عن حاله فأخبرني بما ذكرته لك فأدخلته المدينة سراً ورتبت له ما يأكل وما يشرب طول عمره .
فضحك الخليفة من حكايتي وقال : صلوه بجائزة ودعوه ينصرف .
فقلت له : والله ما آخذ شيئاً حتى أبين لأمير المؤمنين ما جرى لبقية أخوتي وأوضح له أني قليل الكلام .
فقال الخليفة : أصدع آذاننا بخرافة خبرك وزدنا من عجرك وبجرك .
فقلت : وأما أخي الرابع يا أمير المؤمنين وهو الأعور فإنه كان جزاراً ببغداد يبيع اللحم ويربي الخرفان وكانت الكبار وأصحاب الأموال يقصدونه ويشترون منه اللحم فاكتسب من ذلك مالاً عظيماً واقتنى الدواب والدور ، ثم أقام على ذلك زمناً طويلاً فبينما هو في دكانه يوماً من الأيام إذ وقف عليه شيخ كبير اللحية فدفع له دراهم ، وقال :
أعطني بها لحماً .
فأخذ الدراهم منه وأعطاه اللحم وانصرف ، فتأمل أخي في فضة الشيخ فرأى دراهمه بيضاً بياضها ساطع فعزلها وحدها في ناحية وأقام الشيخ يتردد عليه خمسة أشهر وأخي يطرح دراهمه في صندوق وحدها ثم أراد أن يخرجها ويشتري غنماً فلما فتح الصندوق رأى ما فيه ورقاً أبيض مقصوصاً فلطم وجهه وصاح ، فاجتمع الناس عليه فحدثه بحديثه فتعجبوا منه ثم رجع أخي إلى الدكان على عادته فذبح كبشاً وعلقه خارج الدكان وصار يقول في نفسه :
لعل ذلك الشيخ يجيء فأقبض عليه .
فما كان إلا ساعة وقد أقبل الشيخ ومعه الفضة فقام أخي وتعلق به وصار يصيح : يا مسلمين ألحقوني واسمعوا قصتي مع هذا الفاجر .
فلما سمع الشيخ كلامه قال له : أي شيء أحب إليك أن تعرض عن فضيحتي أو أفضحك بين الناس ?
فقال له : يا أخي بأي شيء تفضحني ?
قال : بأنك تبيع لحم الناس في صورة لحم الغنم .
فقال له : يا أخي كذبت يا ملعون .
فقال الشيخ : ما ملعون إلا الذي عنده رجل معلق في الدكان .
فقال له أخي : إن كان الأمر كما ذكرت مالي ودمي حلال لك .
فقال الشيخ : يا معاشر الناس ، إن هذا الجزار يذبح الآدميين ويبيع لحمهم في صورة لحم الغنم وإن أردتم أن تعلموا صدق قولي فادخلوا دكانه .
فهجم الناس على دكان أخي فرؤوا ذلك الكبش صار إنساناً معلقاً فلما رأوا ذلك تعلقوا بأخي وصاحوا عليه : يا كافر يا فاجر .
وصار أعز الناس إليه يضربه ويلطمه الشيخ على عينه ، فقلعها وحمل الناس ذلك المذبوح إلى صاحب الشرطة فقال له الشيخ :
أيها الأمير إن هذا الرجل يذبح الناس ويبيع لحمهم على أنه لحم غنم وقد أتيناك به فقم واقض حق الله عز وجل .
فدافع أخي عن نفسه فلم يسمع منه صاحب الشرطة بل أمر بضربه خمسمائة عصا وأخذوا جميع ماله ولولا كثرة ماله لقتلوه ثم نفوا أخي من المدينة فخرج هائماً لا يدري أين يتوجه فدخل مدينة كبيرة واستحسن أن يعمل إسكافياً ففتح دكاناً وقعد يعمل شيئاً يتقوت منه فخرج ذات يوم في حاجة فسمع صهيل خيل فبحث على سبب ذلك فقيل له أن الملك خارج إلى الصيد والقنص فخرج أخي ليتفرج على الموكب وهو يتعجب من خسة رأيه حيث انتقل من صنعة الأساكفة فالتفت الملك ووقعت عينه على عين أخي فأطرق الملك رأسه ، وقال :
أعوذ بالله من شر هذا اليوم .
وثنى عنان فرسه ، وانصرف راجعاً فرجع جميع العسكر وأمر الملك غلمانه أن يلحقوا أخي ويضربونه فلحقوه وضربوه ضرباً وجيعاً حتى كاد أن يموت ولم يدر أخي السبب فرجع إلى موضعه وهو في حالة العدم ثم مضى إلى إنسان من حاشية الملك وقص عليه ما وقع له فضحك حتى استلقى على قفاه وقال له :
يا أخي اعلم أن الملك لا يطيق أن ينظر إلى أعور لاسيما إن كان الأعور شمالاً فإنه لا يرجع عن قتله .
فلما سمع أخي ذلك الكلام عزم على الهروب من تلك المدينة .

وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-27, 13:54   رقم المشاركة : 45
معلومات العضو
soufiane ghemam
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية soufiane ghemam
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الليلة الحادية والأربعين

تكملة حكاية مزين بغداد


قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الأعور لما سمع ذلك الكلام عزم على الهروب من تلك المدينة وارتحل منها وتحول إلى مدينة أخرى لم يكن فيها ملك وأقام بها زمناً طويلاً ، ثم بعد ذلك تفكر في أمره وخرج يوماً ليتفرج فسمع صهيل خيل خلفه ، فقال :
جاء أمر الله .
وفر يطلب موضعاً ليستتر فيه فلم يجد ، ثم نظر فرأى باباً منصوباً فدفع ذلك الباب فدخل فرأى دهليزاً طويلاً فاستمر داخلاً فيه فلم يشعر إلا ورجلان قد تعلقا به وقالا :
الحمد لله الذي مكننا منك يا عدو الهل هذه ثلاث ليال ما أرحتنا ولا تركتنا ننام ولا يستقر لنا مضجع بل أذقتنا طعم الموت .
فقال أخي : يا قوم ما أمركم بالله ?
فقالوا : أنت تراقبنا وتريد أن تفضحنا وتفضح صاحب البيت ، أما يكفيك أنك أفقرته وأفقرت أصحابك ولكن أخرج لنا السكين التي تهددنا بها كل ليلة .
وفتشوه فوجدوا في وسطه السكين التي يقطع بها النعال .
فقال : يا قوم اتقوا الله في أمري واعلموا أن حديثي عجيب .
فقالوا : وما حديثك .
فحدثهم بحديثه طمعاً أن يطلقوه .
فلم يسمعوا منه مقاله ولم يلتفوا إليه بل ضربوه ومزقوا أثوابه ، فلما تمزقت أثوابه وانكشف بدنه وجدوا أثر الضرب بالمقارع على جنبيه فقالوا له :
يا ملعون هذا أثر الضرب يشهد على جرمك .
ثم أحضروا أخي بين يدي الوالي فقال في نفسه قد وقعت فأتيت إليه وأخذته وأدخلته المدينة سراً ورتبت له ما يأكل وما يشرب .
وأما أخي الخامس فإنه كان مقطوع الأذنين ، يا أمير المؤمنين وكان رجلاً فقيراً يسأل الناس ليلاً وينفق ما يحصله بالسؤال نهاراً ، وكان والدنا شيخاً كبيراً طاعناً بالسن فخلف لنا سبعمائة درهم وأما أخي الخامس هذا فإنه لما أخذ حصته تحير ولم يدر ما يصنع بها فبينما هو كذلك إذ وقع في خاطره أنه يأخذ بها زجاجاً من كل نوع ليتجر فيه ويربح فاشترى بالمائة درهم زجاجاً وجعله في قفص كبير وقعد في موضع ليبيع ذلك الزجاج وبجانبه حائط فأسند ظهره إليها وقعد متفكراً في نفسه وقال :
إن رأس مالي في هذا الزجاج مائة درهم أنا أبيعه بمائتي درهم ثم أشتري بالمائتي درهم زجاجاً أبيعه بأربعمائة درهم ولا أزال أبيع وأشتري إلى أن يبقى معي مال كثير فأشتري داراً حسنة وأشتري المماليك والخيل والسروج المذهبة وآكل وأشرب ولا أخلي مغنية في المدينة حتى أجيء بها إلى بيتي وأسمع مغانيها .
هذا كله ، وهو يحسب في نفسه وقفص الزجاج قدامه .
ثم قال : وابعث جميع الخاطبات في خطبة بنات الملوك والوزراء واخطب بنت الوزير فقد بلغني أنها كاملة الحسن بديعة الجمال وأمهرها بألف دينار ، فإن رضي أبوها حصل المراد وإن لم يرض أخذتها قهراً على رغم أنفه ، فإن حصلت في داري اشتري عشرة خدام صغار ، ثم اشتري لي كسوة الملوك والسلاطين وأصوغ لي سرجاً من الذهب مرصعاً بالجوهر ، ثم اركب ومعي المماليك يمشون حولي وقدامي وخلفي حتى إذا رآني الوزير قام إجلالاً لي وأقعدني مكانه ويقعد هو دوني لأنه صهري ويكون معي خادمان بكيسين في كل كيس ألف دينار فأعطيه ألف دينار مهر بنته وأهدي إليه الألف الثاني إنعاماً حتى أظهر له مروءتي وكرمي وصغر الدنيا في عيني ، ثم أنصرف إلى داري فإذا جاء أحد من جهة امرأتي وهبت له دراهم وخلعت عليه خلعة وإن أرسل إلي الوزير هدية رددتها عليه ولو كانت نقيصة ولم أقبل منه حتى يعلموا أني عزيز النفس ولا أخلي نفسي إلا في أعلى مكانة ، ثم أقدم إليهم في إصلاح شأني وتعظيمي فإذا فعلوا ذلك أمرتهم بزفافها ثم أصلح داري إصلاحاً بيناً فإذا جاء وقت الجلاء لبست أفخر ثيابي وقعدت على مرتبة من الديباج لا ألتفت بميناً ولا شمالاً لكبر عقلي ورزانة فهمي وتجيء امرأتي وهي كالبدر في حليها وحللها وأنا أنظر إليها عجباً وتيهاً حتى يقول جميع من حضر : يا سيدي امرأتك وجاريتك قائمة بين يديك فأنعم عليها بالنظر فقد أضر بها القيام ثم يقبلون الأرض قدامي مراراً فعند ذلك أرفع رأسي وأنظر إليها نظرة واحدة ، ثم أطرق برأسي إلى الأرض فيمضون بها وأقوم أنا وأغير ثيابي وألبس أحسن مما كان علي فإذا جاؤوا بالعروسة المرة الثانية ، لا أنظر إليها حتى يسألوني مراراً فأنظر إليها ثم أطرق إلى الأرض ولم أزل كذلك حتى يتم جلاؤها .

وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح .

إلى اللقاء مع الليله القادمه



من مواضيع العضو










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلة, أريد, فضلكم, وليلة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 09:52

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc