شكرا ايران ..*
من آداب التعامل مع الاخرين ان نشكرهم على ما يكلفون انفسهم من مجهود يقومون به لاجلنا ولا سيما اذا كان في ذلك العمل تكلفة او ضرر ما قد يلحق بهم بسببه .
في جلسة روتينية امام نشرة الاخبار وفي شعور اعتيادي بالغبن تجاه السياسات الدولية التي تجنبت منذ اللحظة الاولى التطرق لعمليات القتل التي تحدثها الطائرات بدون طيار الامريكية ضد شعبي ( اليمن ) بحجة محاربة الارهاب والذي يقتل فيها غالبا مواطنون عاديون ليس لهم علاقة بالتنظيم المحضور لا من قريب ولا من بعيد .
في نشرة الاخبار المباركة تلك ذكرت المتحدثة باسم الخارجية الايرانية ( مرضية افخم ) وفي معرض ردها عن الاتهامات الامريكية لطهران بدعمها للارهاب ان امريكا بالاضافة الى كونها تدعم الارهاب منذ عشرات السنيين فانها تمارسه بنفسها بعدة اوجه احداها هو الطائرات بدون طيار التي تقصف الشعوب في كل من افغانستان واليمن .
لكم ان تتخيلوا هذا الشعور المرافق لانسان اعتبر نفسه وحيدا في هذا العالم المتوحش الذي لم يكلف احد نفسه منذ سنيين وبصفة رسمية ان يستنكر او يندد او يرفض ما تقوم به امريكا تجاه الشعب اليمني المنكوب .
دوافع اخلاقية :
يستغرب المرء كثيرا من ايران ومن صبرها الطويل تجاه ما تلاقيه من اقصاء وابعاد وحصار وضغوط فقط لان لها مواقف مبدئية من احداث المنطقة ولا سيما القضية الام ( فلسطين ) , ففي تلك القضية المحورية لا يمكن لك ان تقف في موقف المدافع عن المظلوم وان تحرز كنتيجة لذلك الموقف مكسب مادي معين , لا شك ان المكاسب في مثل هذه الاصطفافات هي مكاسب معنوية بحتة تتعلق بالقيم والاخلاق .
ايران السباقة دوما :
في سوريا الامر لا يختلف كثيرا عن فلسطين الهجمة واحدة وان اختلفت المسميات والعناوين والشعارات , الغزو اليوم يطور من نفسه ومن ذرائعه , وفي سوريا ايضا تنصل الجميع بل اصطف الكثير في مقابل وفي مواجهة مع سوريا العروبة والمقاومة , بغرض تدميرها واخراجها من خارطة الدول المعيقة للمساعي الغربية بارضاخ المنطقة والهيمنة على قراراتها .
ثم تأتي ايران لتقول ان اي هجوم على سوريا هو هجوم على ايران وانها ستضطر للتدخل فيما اذا حدث وقررت الدول الغربية وعلى رأسها امريكا ان تضرب سوريا بأي ذريعة كانت .
سبق ودفعت ايران الكلفة كاملة :
مصدر كل هذه القوة في التصريحات والتحدي في المواجهة هو ان ايران سبق ودفعت كل ما يمكن دفعه مقابل تبني هذه المواقف ضد امريكا او اسرائيل او من لف لفهما , منذ اول لحظة لقيام الثورة الاسلامية بقيادة الامام الراحل روح الله الخميني , وعلى امتداد اكثر من ثمان سنوات عجاف شنت عليها حرب شرسة وبدعم دولي قل نظيره , حينها بقيت ايران وحيدة لا تملك سوى ايمان قادتها وشبابها المقاتلون بان الله معهم وان تنكر لهم العالم كله , وفعلا خرجت منتصرة واستطاعت بناء الدولة .
اما اليوم فقد تغيرت الموازين ولم تعد ايران تشكوا من اي حصار اوعوز , كل شيء يؤمن بايادي ايرانية , وكل ما يمكن استخدامة من ملامح التطور والتصنيع قد ختم على ظهره ( صنع في ايران ) , فلا يعقل ان تتوقف ايران عن مواقفها التي اختراتها لها الثوره الاسلامية وهي في اقوى مراحلها , فما استطاعت ان تقوله وهي ضعيفة تستطيع ان تقوله بصوت اعلى وقد اصبح قوية .
خارطة المنطقة لم تتغير :
كثيرا ما تبجحت امريكا بانها ستغير خارطة المنطقة , ومنذ ما قبل غزو العراق وافغانستان وهي ترسم وتخطط ولا تجد فرصة الا وتذكر فيها بان تغير خارطة المنطقة قد بان ضرورة ملحة وعلى الجميع تكثيف الجهود لتحقيق هذا الامر الحتمي .
من كان يقول لامريكا انها واهمة ؟
الجميع باستثناء ايران وسوريا وبعض الجماعات المقاومة المؤيدة لهذا الخط , قالت بالفم المليان لن تسطيعوا ان تغيروا منطقتنا ونحن احياء .
في اليمن ما نعتز به :
الانسان اليمني قد تغير كثيرا ومن اصدق التعبير ان نقول بانه قد عاد الى عهده الاصيل المعروف تاريخيا بصفته لا يقبل الضيم او العدوان وانه ينتصر للمظلوم ولو على ماله وراسه . وان لحاقه بالركب قد بات حقيقة جلية يمكن ملاحظتها من خلال الجماهير الغفيرة التي تخرج يوميا لتقول لا للهيمنة الامريكية لا للاستكبار العالمي نعم للمقاومة والتحرر .
بلال الحكيم كاتب يمني
https://www.mepanorama.net/446333/%D8%B4%D9%83%D8%B1%D8%A7-%D8%A7%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86/