هل تبني المجتمع للنظام الاقتصادي الرأسمالي يضمن الازدهار الاقتصادي؟
المقدمة:
تختلف النظم الاقتصادية باختلاف مواقعها من الملكية.فهناك نوعان من الملكية ملكية فردية والتي يكون المالك فيها معين وملكية جماعية وهي التي يكون فيها الملك بيد السلطة او العشيرة او القبيلة.ولقد دار جدل بين بعض الفلاسفة حول النظام الاقتصادي الاجدر بتحقيق حياة اقتصادية مزدهرة. فمنهم من يرى بأن النظام الرأسمالي هو الذي يضمن الازدهار الاقتصادي ومن جهة أخرى يرى البعض الآخر بأن النظام الاشتراكي هو الذي يحقق الازدهار الاقتصادي. ومن هنا نتساؤل : هل تبني المجتمع للنظام الاقتصادي الرأسمالي يضمن الازدهار الاقتصادي؟
----------------------
التحليل:
الأطروحة الأولى: في بداية تحليلنا نجد بأن النظام الرأسمالي هو الأجدر بتحقيق حياة اقتصادية مزدهرة لدولة ما
من خلال جملة القواعد والقوانين. بحيث يرى فلاسفة النظام الرأسمالي وعلى رأسهم آدم سميث ان النظام الرأسمالي
يقوم على مسلمة واحدة. ان سبب كل المشاكل الاقتصادية هو تدخل الدولة في الشؤون الاقتصادية. وان الاقتصاد
لايتحرر ولا يزدهر الا اذا تحرر من القيود والقوى التي تعيق تطوره. كما ان النظام الراسمالي لايتسامح مع الضعفاء والمتكاسلين .بالاضافة الى ان هذا النظام يحقق العدالة الاجتماعية على مبدأ انه ليس من المعقول ان نحرم شخص تعب وشقا على عمل من دون ان نمنح ذلك الشخص ثمرة جهده وعمله بحجة ان هذا النظام هو نظام قائم على مبدأ الملكية الفردية لوسائل الانتاج . بمعنى ان عدم تدخل الدولة في الشؤون الاقتصادية وان الدولة دورها محدود ولاتتدخل في تسيير عجلة الاقتصاد. بمعنى ترك الاقتصاد يمشي وفق معبره الطبيعي .
لقول آدم سميث -دعه يعمل اتركه يمر- مثل الحرية في اختيار الشركاء والمشاريع. رفع القيود على التجارة الخارجية. كما نجد ان هذا النظام شجع المنافسة الحرة التي تحكم واقع السوق وان البقاء للاقوى من حيث -النوعية.الكمية.الجودة-مثل دولة تمتلك سلعة جيدة من حيث النوعية والكمية والجودة. يكون رواجها في الاسواق اكثر وتتعرض الى منافسة بينما الدولة التي لاتمتلك سلعة جيدة من حيث النوعية والكمية والجودة لايكون رواجها في الاسواق ولايسمح لها بالمنافسة
كما نجد ان تحديد السعر يكون حسب قانون الطلب والعرض. فكلما زاد الطلب على العرض كلما ارتفع السعر وكلما قل الطلب على العرض كلما انخفض السعر مثل سعر الخضر كلما زاد الطلب عليها ارتفع سعرها وكلما قل الطلب عليها انخفض سعرها
كما نرى بأن الاجور تتعدد وفق القدرات الفردية وساعات العمل والجهد والكفاءة والاتقان فكلما زادت اليد العاملة انخفضت الاجور وكلما قلت اليد العاملة ارتفعت الاجور مثل عندما يكون هناك ازمة مالية وارتفاع في عدد العمال فان الاجور تكون منخفضة وعندما يكون هناك رأس مال وانخفاض في عدد العمال فان الجور تكون مرتفعة . ومن هنا يمكننا القول بأن النظام الرأسمالي هو النظام الاجدر بتسيير العجلة الاقتصادية والذي يضمن الازدهار الاقتصادي
----------------------
نقد : ان الرأي الذي يرى بأن النظام الراسمالي هو الاجدر بتسيير العجلة الاقتصادية رأي مبالغ فيه. ولانختلف في القول ان هذا النظام-الرأسمالي- أدى الى تشجيع المنافسة والابداعات وتوفير الانتاج. لكن مايعاب على هذا النظام انه قضى على الجانب الانساني ونشر الطبقية في المجتمع. طبقة تملك وطبقة لاتملك. وهذا نتيجة ان الارباح لاتعود بالفائدة على العمال بل تعود بالفائدة على ارباب العمل. كما نجد بأن هذا النظام احتكر بعض الكارتلات الصغيرةومن هما يمكننا القول بان النظام الراسمالي ليس اجدر بتسيير العجلة الاقتصادية
---------------
الاطروحة النقيضة: في بداية هذا التحليل نجد بان النظام الاشتراكي هو النظام الاجدر بتسيير العجلة الاقتصادية وانه النظام الاقتصادي الذي يضمن الازدهار الاقتصادي كما نجد بأنه يقضي على كل انواع استغلال الانسان لاخيه الانسان . بالاضافة الى انه نظام يبث روح الجماعة والمسؤولية الجماعية . وتعتبر الدولة بالنسبة للنظام الاشتراكي هي المدبر الاول والوحيد . كما انه نظام يقر بالعدالة الاجتماعية من خلال القضاء على الطبقية والمنافسة التي تؤدي الى حكم الطبقة الثرية . ومن أهم رواده ومؤسسيه كارل ماكس وزميله انجلز وذلك من خلال وضع مبادئ وأسس وهذا بحجة أن هذا النظام هو نظام قائم على مبدأ الملكية الجماعية لوسائل الانتاج .ومع تدخل الدولة في تسيير الشؤون الاقتصادية فيكون اقتصاد موجه وذلك بوضع مخطط اقتصادي حسب قدرة الافراد وحاجاتهم. وتعطى الاهمية للمصلحة العامة وهي الاولى التي فتحت امام النشاط النقابي الذي يضمن حقوق العمال وكذا حل مشكلة فائض الانتاج والصراع الطبقي تحت شعار -الارض لمن يزرعها والمصانع للعمال- ومن هنا يمكننا القول بان النظام الاشتراكي هو الذي يضمن الازدهار الاقتصادي
---------------
نقد: لانختلف في القول ان الاشتراكية قضت على كل انواع الاستغلال والطبقية في المجتمع . لكن مايعاب على هذا القول هو التقليل من دور الفرد في توجيه الاقتصاد ونشر الديكتاتورية . وهنا سلب لملكية الآخرين وقتل روح الديمقراطية . وعليه فالنظام الاشتراكي ليس النظام الاجدر بتسيير العجلة الاقتصادية ولايضمن الازدهار الاقتصادي
--------------
التجاوز: ان النظامين الاقتصاديين السابقين وان اختلفا في المبادئ والغايات . ولكن تجمعهم غاية واحدة ان كلاهما ينظران الى الحياة الاقتصادية نظرة مادية. يقيمها على شروط موضوعية. وهذا لايعني انهما تجردا من القيم الانسانية. لكن فلسفة النظام الاسلامي تنظر للحياة الاقتصادية نظرة شمولية. فقد تضمنت فلسفة الاقتصاد الاسلامي مبادئ وقواعد تعتني بكل النواحي الانسانية .نضمت الحياة الاقتصادية تنظيما اخلاقيا وقولهم ان الملك لله . كما انها قضت على كل اساليب استغلال الانسان لاخيه الانسان وسيطرة القوي على الضعيف .وبتحريم كل من الربا والغش. وقضت على المصلحة وجعلت الصدارة للمصلحة العامة
---------------
الخاتمة: وفي النهاية يمكننا القول بان لا النظام الراسمالي بمحسناته وعيوبه ولا النظام الاشتراكي بمحسناته وعيوبه حقق حياة اقتصادية مزدهرة . بل الصدارة للنظام الاسلامي فقد جمع بين الاخلاق والاقتصاد . فهو الاجدر بتسيير العجلة الاقصادية ويضمن الازدهار الاقتصادي . لقوله تعالى -المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير املا-