.منذ سنتين، وبينما كان الطبيب الحائز على الدكتوراه (جيسن يتمان) ينظر إلى عدد من صور الرنين المغناطيسي للدماغ لاحظ شيئاً مفاجئاً وغريباً، ممر عصبي ليفي في المادة البيضاء للدماغ بدا وكأنه جزء من الشبكة العصبية التي تنقل المعلومات البصرية وتعالجها في فص الدماغ الخلفي (القذالي) حيث يتوضع مركز الحس البصري لدى الإنسان كما نعلم.
حسناً، ما الغريب؟؟
الغريب هو أن هذه البنية العصبية – التي يفترض أن تكون من أهم البنى العصبية كونها مسؤولة عن معالجة المعلومات البصرية – لم يتم ذكرها في الأدب الطبي (أي في المكتشفات الطبية المدونة) منذ عام 1912 أي منذ حوالي القرن!
هذا ما دفع جيسن للبحث في أمرها فقام بمراجعة النصوص الطبية القديمة، وبينما هو يقرأ في أوراقها الصفراء الباهتة، رأى ما يريد، لقد قام العالم الألماني المعروف (فيرنيكة) بذكر هذه الألياف ورسم صورة توضيحية لها في أطلس أنشأه في بدايات القرن العشرين، وسماها (الحزمة القذالية العمودية).
ولم يقم أحد بفحص هذا الأطلس الذي يقبع في أقبية جامعة ستانفورد الامريكية منذ ان كتبه فيرنيكة، مما يعني أن عدم ذكر هذه الحزمة من الألياف في الأدب الطبي الحديث والقديم لم يكن تلافياً لها أو سهواً عنها مع العلم بوجودها..
بل كان جهلاً بوجود هذه البنية أصلاً، وهو ما سبب دهشة علمية كبيرة بعد أن أحيا جيسن هذه المعلومة من جديد، فرغم كل الأبحاث المكتشفات والتقنيات لم يلاحظ أحد هذه البنية منذ أكثر من مئة عام!
يعتبر فيرنيكة من العلماء الرائدين في مجال العلوم العصبية، فهو من قام باكتشاف الباحة الأساسية للذكاء اللغوي، وتسمى باسمه حتى اليوم.
وعندما اكتشف هذه الألياف القذالية وجدها في دماغ القرد، وأدرجها في أطلسه كما ذكرت، كما جاء بعده العالمان أوبرشتاينر ثم ساكس فذكراها، لكن ما الذي جعل علماء العصر الحديث بكامله يغفلون عنها؟؟!، فما قام به جيسن ورفاقه في البحث كان مجرد فضول شخصي لا أكثر..