*** ماذا تعرف عن:محمد البشير الإبراهيمي *** - الصفحة 3 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجزائر > تاريخ الجزائر > قسم شخصيات و أعلام جزائرية

قسم شخصيات و أعلام جزائرية يهتم بالشخصيات و الأعلام الجزائرية التاريخية التي تركت بصماتها على مرّ العصور

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

*** ماذا تعرف عن:محمد البشير الإبراهيمي ***

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-03-21, 17:01   رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
NEWFEL..
عضو فضي
 
الصورة الرمزية NEWFEL..
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك









 


رد مع اقتباس
قديم 2010-03-21, 17:11   رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
harichane
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية harichane
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










رد مع اقتباس
قديم 2010-03-21, 17:54   رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
أبوطه الجزائري
عضو محترف
 
الصورة الرمزية أبوطه الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

رحم الله الشيخ الابراهيمي و سائر رواد جمعية العلماء

جزاك الله خيرا اخي الكريم ...

حفظكم الله تعالى و رعاكم ...

شكرا جزيلا ...










رد مع اقتباس
قديم 2010-03-22, 12:41   رقم المشاركة : 34
معلومات العضو
toha4580
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية toha4580
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا










رد مع اقتباس
قديم 2010-03-30, 00:01   رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
امين الاسلام
عضو محترف
 
الصورة الرمزية امين الاسلام
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا على الموضوع .بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2010-04-06, 23:01   رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
dmd39
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية dmd39
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


الشيخ محمد البشير الإبراهيمي(1889-1965 م) من أعلام الفكر و الأدب في الجزائر
زمـيـل ابن باديس في قيادة الحركة الإصلاحية ، ونائبه في رئاسة جمعية العلماء ، ورفيق نضاله لتحرير عقل المسلم من الخرافات والبدع.

مولده
ولد عام 1889م في قرية (أولاد ابراهم)برأس الوادي قرب ولاية( برج بوعريريج ). تلقى تعليمه الأوَّلي على والده وعمه ؛ فحفظ القرآن ودرس بعض المتون في الفقه واللغة

مشواره العلمي و الأدبي
غـادر الجزائر عام 1911 ملتحقاً بوالده الذي كان قد سبقه إلى الحجاز ، وتابع تعليمه في المدينة ، وتعرف على الشيخ ابن باديس عندما زار المدينة عام 1913 ، غادر الحجاز عام 1916 قــاصــداً دمشق، حيث اشتغل بالتدريس، وشارك في تأسيس المجمع العلمي الذي كان من غاياته تــعـريـــب الإدارات الـحـكـومــيــة، وهناك التقى بعلماء دمشق وأدبائها، ويـتـذكــرهــــم بعد ثلاثين سنة من عودته إلى الجزائر فيكتب في (البصائر) العدد 64 عام 1949: "ولقد أقمت بين أولئك الصحب الكرام أربع سنين إلا قليلاً ، فأشهد صادقاً أنها هي الواحة الـخـضـراء في حياتي المجدبة ، وأنها هي الجزء العامر في عمري الغامر ، ولا أكذب الله ، فأنا قــريــــر العين بأعمالي العلمية بهذا الوطن (الجزائر) ولكن ... مَن لي فيه بصدر رحب ، وصحب كـأولــئـــك الصحب ؛ ويا رعى الله عهد دمشق الفيحاء وجادتها الهوامع وسقت ، وأفرغت فيها مــــا وسقت ، فكم كانت لنا فيها من مجالس نتناقل فيها الأدب ، ونتجاذب أطراف الأحاديث العلمية...".
في عام 1920 غادر الإبراهيمي دمشق إلى الجزائر ، وبدأ بدعوته إلى الإصلاح ونشر العلم في مدينة (سطيف) ، حيث دعا إلى إقامة مسجد حر (غير تابع للإدارة الحكومية) وفي عام 1924 زاره ابن باديس وعرض عليه فــكــرة إقامة جمعية العلماء ، وبعد تأسيس الجمعية اُختِير الإبراهيمي نائباً لرئيسها ، وانــتــدب مـــن قِـبـل الجمعية لأصعب مهمة وهى نشر الإصلاح في غرب الجزائر وفى مدينة وهران وهي المعقل الحصين للصوفية الطرقيين، فبادر إلى ذلك وبدأ ببناء المدارس الحرة ، وكان يحاضر في كل مكان يصل إليه، وهــو الأديـــب البارع والمتكلم المفوَّه، وامتد نشاطه إلى تلمسان وهى واحة الثقافة العربية في غرب الجزائر وقـامــت قيامة الفئات المعادية من السياسيين والصوفيين وقدموا العرائض للوالي الفرنسي؛ يلتمسون فـيـها إبعاد الشيخ الإبراهيمي ، ولكن الشيخ استمر في نشاطه ، وبرزت المدارس العربية في وهران.
وفي عام 1939 كتب مقالاً في جريدة (الإصلاح) ؛ فنفته فرنسا إلى بلدة (أفلو) الصحراوية ، وبعد وفاة ابن باديس انتخب رئيساً لجمعية العلماء وهو لا يزال في المنفى ولم يُفرج عنه إلا عام 1943، ثم اعتقل مرة ثانية عام 1945 وأفرج عنه بعد سنة. وفى عام 1947 عادت مجلة (البصائر) للصدور ، وكانت مقالات الإبراهيمي فيها في الذروة العليا من البلاغة ومن الصراحة والنقد القاسي لفرنسا وعملاء فرنسا. يقول عن زعماء الأحزاب السياسية:
"
ومن خصومها (أي الجمعية) رجال الأحزاب السياسية من قومنا من أفراد وأحزاب يضادّونها كلما جروا مع الأهواء فلم توافقهم ، وكلما أرادوا احتكار الزعامة في الأمة فلم تسمح لهم ، وكلما طالبوا تأييد الجمعية لهم في الصغائر - كالانتخابات - فلم تستجب لهم ، وكلما أرادوا تضليل الأمة وابتزاز أموالها فعارضتهم" (1).
ودافع في (البصائر) عن اللغة العربية دفاعاً حاراً: "اللغة العربية في القطر الجزائري ليست غريبة ، ولا دخيلة ، بل هي في دارها وبين حماتها وأنصارها ، وهي ممتدة الجذور مع الماضي مشتدة الأواصر مع الحاضر ، طويلة الأفنان في المستقبل" (2).
واهتمت (البصائر) بالدفاع عن قضية فلسطين ؛ فكتب فيها الإبراهيمي مقالات رائعة. عاش الإبراهيمى حتى استقلت الجزائر ، وأمّ المصلين في مسجد (كتشاوة) الذي كان قد حُوّل إلى كنيسة ، ولكنه لم يكن راضياً عن الاتجاه الذي بدأت تتجه إليه الدولة بعد الاستقلال ؛ فأصدر عام 1964 بياناً ذكر فيه: "إن الأسس النظرية التي يقيمون عليها أعمالهم يجب أن تنبعث من صميم جذورنا العربية الإسلامية لا من مذاهب أجنبية"

وفاته
تُوفي - رحمه الله - يوم الخميس في العشرين من أيار (مايو) عام 1965. بعد أن عاش حياة كلها كفاح لإعادة المسلمين إلى دينهم القويم ؛ فجزاه الله خيراً عن الإسلام والمسلمين.
لتفاصيل وتعمق أكثر في حياة الشيخ..
تفضل









رد مع اقتباس
قديم 2010-04-13, 17:09   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
زهرة الجزائر 07
عضو متألق
 
الصورة الرمزية زهرة الجزائر 07
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك اخي

بارك الله فيك اخي على الموضوع المميز

رحمه الله
مشكوور اخي

رحمه الله تعالي
بارك الله فيك










آخر تعديل عمي صالح 2012-12-19 في 14:56.
رد مع اقتباس
قديم 2010-04-13, 23:09   رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
said78
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية said78
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة dmd39 مشاهدة المشاركة
كتاب آثار محمد البشير الابراهيمي.......تحفة فنية أدبية خالدة.......رحم الله الشيخ

https://www.megaupload.com/?d=8dqmlmc1


لاتبخلوا بالـــــــــــــــــــــرد

شكرا لك اخي و بارك الله فيك وجزاك خيرا في ميزان الحسنات

[

[quote=harichane;2510847]
شكرا لك على هذه الكتابة الجميلة ورائع وجزاك الله خيرا

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميلود الأسمر مشاهدة المشاركة
جزاك الله خيرا
وفيك ياخي وشكرا لك على مرورك الطيب

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة newfel.. مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك
وفيك ياخي وشكرا لك على مرورك الطيب

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة harichane مشاهدة المشاركة
شكرا لكي اختي على هذه الكتابة الجميل والرائعة وشكرا لكي لمرورك الطيب

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abotaha مشاهدة المشاركة
رحم الله الشيخ الابراهيمي و سائر رواد جمعية العلماء

جزاك الله خيرا اخي الكريم ...

حفظكم الله تعالى و رعاكم ...

شكرا جزيلا ...
لاشكر على واجب لان الشيخ البشير الابرهيمي وامثال هم ابطال هذا البلاد العزيز لانه حرر الشعب الجزئري من الجهل والتخلف وحاولوا ان يفكوا قيود الجزائر من الاستعمار الفرنسي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة toha4580 مشاهدة المشاركة
جزاك الله خيرا
وفيك ياخي وشكرا على مرورك الطيب

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة aaa120 مشاهدة المشاركة
شكرا على الموضوع .بارك الله فيك
لا شكرا على الواجب وجزاك الله خيرا في ميزان الحسنات

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة dmd39;2618389شكرا لك على هذه المعلومات المفيدة والقيمة على الشيخ البشير الابرهيم وجزاك الله خيرا في ميزان الحسنات

[quote=زهرة الجزائر 07;2651620
رحمه الله تعالي
بارك الله فيك
رحمة الله عليه ويجب ان نتذكره لانه قدوة لنا وشكرا لكي على مرورك الطيب


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة @سلمى@ مشاهدة المشاركة
رحمه الله برحمته الواسعة فهو أمير الفصاحة والبيان بوركتم وجزيتم كل الخير على إنتقائكم ومجهودكم ونفعكم به وكان من بين وصاياه للشباب

يا شباب الإسلام! وصيَّتي إليكم أن تتَّصلوا بالله تديُّنًا، وبنبيِّكُمْ اتِّباعًا، وبالإسلام عملًا، وبتاريخ أجدادكم اطِّلاعًا، وبآداب دينكم تخلُّقًا، وبآداب لغتكم استعمالًا، وبإخوانكم في الإسلام ولِدَاتِكم في الشَّبيبة اعتناءً واهتمامًا، فإنْ فعلتم حُزْتُمْ منَ الحياة الحظَّ الجليلَ، ومن ثواب الله الأجرَ الجزيلَ، وفاءت عليكم الدُّنيا بظلِّها الظَّليلِ».
شكرا لكي على هذه المعلومة القيمة والمفيدة واتمنى ان تحقق وصية الشيخ محمد بشير الإبرهمي و علامة عبد الحميد بن باديس وذلك باقتداء بهما و جزاك الله خيرا في ميزان الحسنات









آخر تعديل عمي صالح 2012-12-19 في 14:45.
رد مع اقتباس
قديم 2010-04-15, 19:15   رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
@سلمى@
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية @سلمى@
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

رحمه الله برحمته الواسعة فهو أمير الفصاحة والبيان بوركتم وجزيتم كل الخير على إنتقائكم ومجهودكم ونفعكم به وكان من بين وصاياه للشباب
يا شباب الإسلام! وصيَّتي إليكم أن تتَّصلوا بالله تديُّنًا، وبنبيِّكُمْ اتِّباعًا، وبالإسلام عملًا، وبتاريخ أجدادكم اطِّلاعًا، وبآداب دينكم تخلُّقًا، وبآداب لغتكم استعمالًا، وبإخوانكم في الإسلام ولِدَاتِكم في الشَّبيبة اعتناءً واهتمامًا، فإنْ فعلتم حُزْتُمْ منَ الحياة الحظَّ الجليلَ، ومن ثواب الله الأجرَ الجزيلَ، وفاءت عليكم الدُّنيا بظلِّها الظَّليلِ»
.









رد مع اقتباس
قديم 2010-04-16, 16:54   رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
اية
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا علي موضوع










رد مع اقتباس
قديم 2010-04-16, 19:50   رقم المشاركة : 41
معلومات العضو
بن عليا
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

للأمانة هذا البحث كما أشرت فيه هو مقتبس
لا أحب أن أكون من من قال فيهم الله عز وجل (يحبون ان يحمدوا بما لم يفعلو )
من عادتي حين أدخل مقهى الانترنت أبحث في الملفات علني أجذ شئ مهم
وهذا الموضوع مما وجدت وشكرا لمن مر من هنا










رد مع اقتباس
قديم 2010-04-18, 07:37   رقم المشاركة : 42
معلومات العضو
NEWFEL..
عضو فضي
 
الصورة الرمزية NEWFEL..
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك .....................









رد مع اقتباس
قديم 2010-04-19, 12:45   رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
امبراطور البحر1
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B9 فقيه الجزائر وثائرها البشير الإبراهيمي

لم توهب أرض في القارات الخمس , مثلما ما وهبته الجزائر من الرجال و العظماء الذين أصبح كل واحد منهم مدرسة بل جامعة في المعارف والعلوم ..و لعل أبرز و أهم شخصية إصلاحية والتي لعبت دورا كبيرا في ترسيخ إسلامية الجزائر و عروبتها هو الشيخ محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله تعالى , الذي ولد بتاريخ 19 تموز - جويلية 1889 في منطقة رأس الوادي في منطقة " سطيف " التي شهدت المجزرة الفرنسية المقيتة عقب إنتصار فرنسا على النازية الألمانية , حيث كان سكان قالمة و سطيف وخراّطة ينتظرون أن يرفرف علم بلادهم الجزائر على مباني السيادة , فإذا بالدبابات الفرنسية تحصد رؤوس الأحرار الذين طالبوا فرنسا بالإيفاء بوعدها الذي قطعته على نفسها بأن الجزائريين سيحصلون على إستقلالهم إذا ساعدوا فرنسا الغازية على دحر النازية . تعلّم في ولاية سطيف على يد والده وعمه مبادئ الفقه والأصول والنحو و التفسير وهي مقدمات العلوم الشرعية ، و كان المحصلّون للعلوم الشرعية لا يكتفون بما يتعلمونه في كنف الزوايا الجزائرية التي خرجّت آلاف العلماء الأجلاّء , وكانوا يشدون الرحال إلى حاضرة الزيتونة في تونس أو جامع القرويين في المغرب او الأزهر في مصر , و كان التوجّه إلى الحجاز يمثل الذروة بالنسبة لطالب العلم , لأنه سيجاور خير البرية محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام . في سنة 1911 رحل محمد البشير الإبراهيمي إلى الحجاز وإستقر بالمدينة المنورة , و فيها أبحر في كل المعارف الإسلامية في اللغة والبلاغة و النحو والصرف والفقه و الحديث و الرجال والتفسير و القراءات , و كان يخزّن كل ما كان يسمعه من مشايخه في ذهنه لتيقنه أن الجزائر التي تتعرض لأكبر غزوة مسخ فرانكفونية و فرانكوفيلية ستحتاج إلى كل حرف عربي يتعلمه , و إلى كل آية قرآنية يتفتق ذهنه على إدراك معناها وفحواها وسبب نزولها . وعندما قصد علاّمة الجزائر الشيخ عبد الحميد بن باديس المدينة المنورة إلتقى بالشيخ البشير الإبراهيمي و تدارسا سوية وضع الشعب الجزائري في ظل الهيمنة الفرنسية المقيتة , و توافقا على أن السلاح الأول الذي يجب أن يتسلحّ به الإنسان الجزائري هو العلم ..
وعندما شعر الشيخ البشير الإبراهيمي أنه تزودّ من أساسيات العلوم الشرعية و اللغوية و النحوية و الفقهية , ترك المدينة المنورة و إستقر في العاصمة السورية دمشق في العام 1916 , و هناك وطدّ علاقاته بعلماء الشام الذين يعرفون جيدا من تكون الجزائر و من يكون علماء الجزائر , و قد إستضافوا بالأمس فارس وهران الأمير عبد القادر الجزائري والذي أصبح منارة للعلوم و العرفان في بلاد الشام . ساهم وهو في بلاد الشام في تأسيس المجمع اللغوي الذي حافظ على روعة اللغة العربية و الذي حاول ووفق مبدأ الإشتقاق أن يضع ألفاظا للدخيل الأجنبي , وقد قدم في سبيل ذلك إجتهادات إعترف له بالتفوق لاحقا طه حسين في المجمع اللغوي المصري عندما قال إنّ من أراد أن يستمع إلى زلال اللغة العربية فلينصت إلى الشيخ البشير الإبراهيمي . وعن إقامته الدمشقية قال : ولقد أقمت بين أولئك الصحب الكرام أربع سنين إلا قليلاً ، فأشهد صادقاً أنها هي الواحة الـخـضـراء في حياتي المجدبة ، وأنها هي الجزء العامر في عمري الغامر ، ولا أكذب الله ، فأنا قــريـر العين بأعمالي العلمية بهذا الوطن (الجزائر) ولكن ... مَن لي فيه بصدر رحب ، وصحب كـأولــئك الصحب ؛ ويا رعى الله عهد دمشق الفيحاء وجادتها الهوامع وسقت ، وأفرغت فيها مـا وسقت ، فكم كانت لنا فيها من مجالس نتناقل فيها الأدب ، ونتجاذب أطراف الأحاديث العلمية...".
غادر الشيخ البشير الإبراهيمي دمشق متوجها إلى الجزائر في العام 1920 , و إختار مسقط رأسه منطقة سطيف منطلقا لبداية التأسيس للنهضة العلمية و الثقافية و نشر تعاليم الإسلام و اللغة العربية ..و قد كرسّ كل حياته ووقته لمصارعة الخطط الإستعمارية الفرنسية التي كانت تهدف إلى تذويب الشخصية الجزائرية و إستئصال الإسلام و اللغة العربية من الواقع الجزائري ..و كان رحمه الله يؤمن أن نهضة الجزائر علميا و ثقافيا ليست مهمة فردية بل هي مهمة جماعية يضطلع بها المنافحون عن حرمات الجزائر الثقافية و المدافعون عن كرامتها الإسلامية , فقررّ مع العلامة عبد الحميد بن باديس أن يعمل ضمن إطار ثقافي وفكري و نهضوي فكانت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي تأسست في سنة 1931 وعيّن العلامة بن باديس رئيسا لها والعلامة الإبراهيمي نائبا للرئيس ، و تزامن ذلك مع إشرافه على مدرسة دار الحديث بمنطقة تلمسان.
الإستعمار الفرنسي الذي يعتبر الثقافة الإسلامية و العربية أخطر عليه من القنابل الفتاكة المخترعة حديثا من قبل الألمان , كان يرصد المشهد الجزائري بعناية و دقة , فأعتبر البشير الإبراهيمي خطرا على الأمن الثقافي الفرنسي و الذي في نظر الإستراتيجيين الفرنسيين سيجهز على كل ما صنعته فرنسا في الجزائر , فقام بإعتقال الإبراهيمي ونفيه إلى ولاية الأغواط . ولأن الشعب الجزائري العظيم كان متعلقا برموزه و أدلائه إلى طريق الكرامة والعزة والتحرير , فقد عينّ الإبراهيمي
رئيسا لجمعية العلماء بعد وفاة بن باديس رحمه الله . أطلق الجيش الفرنسي سراحه سنة 1943 ، و أعتقل ثانية بعد مذابح الجيش الفرنسي في حق الشعب الجزائري في 08 آيّار – مايو 1945 . لم يكتف الشيخ البشير الإبراهيمي بالوعظ والإرشاد و النصح والخطب المنبرية و إصلاح ذات البين والإفتاء , بل كان صحفيا لا يشّق له غبار , طوعّ اللفظة العربية و أرسلها في كل التراكيب البلاغية التي تخدم فكرته التي كانت ناصعة نصاعة بيانه .
أيدّ الشيخ البشير الإبراهيمي الثورة الجزائرية المقدسة و إعتبرها خارطة الطريق الوحيدة و الأحدادية لإخراج الجزائر من الإستعباد الكولونيالي الفرنسي , و أصدر وهو في القاهرة هو و الشيخ الورتلاني بيانا واضح المعالم جاء فيه : بإسم الله الرحمان الرحيم
أيها المسلمون الجزائريون
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حياكم الله وأحياكم، وأحيا بكم الجزائر، وجعل منكم نورا يمشي من بين يديها ومن خلفها. هذا هو الصوت الذي يسمع الآذان الصم ، وهذا هو الدواء الذي يفتح الأعين المغمضة، وهذه هي اللغة التي تنفذ معانيها إلى الأذهان البليدة، وهذا هو المنطلق الذي يقوم القلوب الغلف، وهذا هو الشعاع الذي يخترق الحجب والأوهام.
كان العالم يسمع ببلايا الإستعمار الفرنسي لدياركم ، فيعجب كيف لم تثوروا، وكان يسمع أنينكم وتوجعكم منه ، فيعجب كيف تؤثرون هذا الموت البطيئ على الموت العاجل المريح ، وكانت فرنسا تسوق شبابكم إلى المجازر البشرية في الحروب الإستعمارية ، فتموت عشرات الآلاف منكم في غير شرف ولا محمدة ، بل في سبيل فرنسا، وتوسيع ممالكها، وحماية ديارها، ولو أن تلك العشرات من الآلاف من أبنائنا ماتوا في سبيل الجزائر، لماتوا شهداء، وكنتم بهم سعداء
أيها الإخوة الجزائريون
أذكروا غدر الإستعمار ومماطلته.
إحتلت فرنسا وطنكم منذ قرن وربع قرن ، وشهد لكم التاريخ ، بأنكم قاومتموها مقاومة الأبطال، وثرتم عليها مجتمعين ومتفرقين نصف هذه المد ة. فما رعت في حربها لكم دينا ولا عهدا، ولا قانونا ولا إنسانية ، بل إرتكبت كل أساليب الوحشية من تقتيل النساء والأطفال والمرضى، وتحريق القبائل كاملة ، بديارها وحيواناتها وأقواتها .
ثم حاربتم معها وفي صفها، وفي سبيل بقائها نصف هذه المدة، ففتحت بأبنائكم الأوطان وقهرت بهم أعداءها، وحمت بهم وطنها الأصلي، فما رعت لكم جميلا ، ولا كافأتكم بجميل ، بل كانت تنتصر بكم ثم تخذلكم ، وتحيا بأبنائكم ثم تقتلكم كما وقع لكم معها في شهر مايو سنة1945م ، وما كانت قيمة أبنائكم الذين ماتوا في سبيلها وجلبوا لها النصر، إلا أنها نقشت أسماء بعضهم في الأنصاب التذكارية، فهل هذا هو الجزاء؟
طالبتموها بلسان الحق والعدل والقانون والإنسانية ، من أربعين سنة ، بأن ترفق بكم، وتنفس عنكم الخناق قليلا ، فما إستجابت ، ثم طالبتموها بأن ترد عليكم بعض حقوقكم الآدمية ، فما رضيت، ثم طالبتموها بحقكم الطبيعي، يقركم عليه كل إنسان ، وهو إرجاع أوقافكم ومعابدكم وجميع متعلقات دينكم ، فأغلقت آذانها في إصرار وعتو، ثم ساومتموها على حقوقكم السياسية بدماء أبنائكم الغالية التي سالت في سبيل نصرها، فعميت عيونها عن هذا الحق، الذي يقرره حتى دستورها، ثم هي في هذه المراحل كلها سائرة في معاملتكم من فظيع إلى أفظع.
أيها الإخوة الجزائريون الأبطال
لم تبق لكم فرنسا شيئا تخافون عليه ، أو تدارونها لأجله ، ولم تبق لكم خيطا من الأمل تتعللون به. أتخافون على أعراضكم وقد إنتهكتها ؟
أم تخافون على الحرمة وقد إستباحتها، لقد تركتكم فقراء تلتمسون قوت اليوم فلا تجدونه؟
أم تخافون على الأرض وخيراتها وقد أصبحتم فيها غرباء حفاة عراة جياعا ، أسعدكم من يعمل فيها رقيقا زراعيا يباع معها ويشترى، وحظكم من خيرات بلادكم النظر بالعين والحسرة في النفس؟ أم تخافون على القصور، وتسعة أعشاركم يأوون إلى الغيران كالحشرات والزواحف؟ أم تخافون على الدين؟ ويا ويلكم من الدين الذي لم تجاهدوا في سبيله، ويا ويل فرنسا من الإسلام، إبتلعت أوقافه وهدمت مساجده ، وأذلت رجاله، وإستعبدت أهله ، ومحت آثاره من الأرض، وهي تجهد في محو آثاره من النفوس.
أيها الإخوة المسلمون
إن التراجع معناه الفناء. إن فرنسا لم تبق لكم دينا ولا دنيا، وكل إنسان في هذا الوجود البشري، إنما يعيش لدين ويحيا بدنيا، فإذا فقدهما فبطن الأرض خير له من ظهرها. و إنها سارت بكم من دركة إلى دركة، حتى أصبحت تتحكم في عقائدكم وشعائركم وضمائركم، فالصلاة على هواها لا على هواكم، والحج بيدها لا بأيديكم، والصوم برؤيتها لا برؤيتكم، وقد قرأتم وسمعتم من رجالها المسؤولين عزمها على إحداث ( إسلام جزائري ) ومعناه إسلام ممسوخ، مقطوع الصلة بمنبعه في الشرق وبأهله من الشرقيين. إن الرضى بسلب الأموال، قد ينافي الهمة والرجولة، أما الرضى بسلب الدين والاعتداء عليه فإنه يخالف الدين، والرضى به كفر بالله وتعطيل للقرآن. إنكم في نظر العالم العاقل المنصف لم تثوروا، وإنما أثارتكم فرنسا بظلمها الشنيع وعتوها الباغي، وإستعبادها الفظيع لكم قرنا وربع قرن










رد مع اقتباس
قديم 2010-04-20, 14:23   رقم المشاركة : 44
معلومات العضو
خولة121
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية خولة121
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرااااااااااا

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2010-04-22, 17:53   رقم المشاركة : 45
معلومات العضو
dmd39
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية dmd39
 

 

 
إحصائية العضو










Hourse الثقافة التاريخية عند الشيخ الإبراهيمي

الثقافة التاريخية عند الشيخ الإبراهيمي
أ.د. أبو القاسم سعد الله

أصبح من المعروف عند الباحثين والطلبة أن الشيخ محمد البشير الإبراهيمي من أعيان المثقفين العرب والمسلمين في القرن العشرين, وقد تناوله الباحثون في مقالاتهم وفي رسائلهم الجامعية على أنه أديب ولغوي, وأنه فقيه ومصلح, كما درس آخرون مواقفه من القضايا العربية والإسلامية كقضية فلسطين وباكستان وليبيا ومصر واليمن.. ولكننا لا نعرف أن هناك من درسه كعالم بالتاريخ وأحوال الأمم الغابرة والمعاصرة, وأن له رأيا في كتابة التاريخ لم يأت ربما على قلم أو لسان جيله من الأدباء والمصلحين, ولذلك رأينا أن نسلط الضوء في هذه المداخلة على ثقافة الشيخ البشير الإبراهيمي التاريخية, فإلى أي حد يصح قولنا إن الإبراهيمي كان يتمتع بثقافة تاريخية عميقة بل كان له حس تاريخي نادر المثال؟
ونريد أن نبدأ بمصادره من أين استقى الشيخ البشير الإبراهيمي مادته عندما كتب عن القضايا التاريخية ؟ لقد ذكر الكتب التي قرأها أثناء حياته المبكرة, فاكتفى بكتب الأدب ودواوين الشعراء وكتب الفقه والسيرة ومتون اللغة إلى جانب القرآن الكريم والحديث الشريف , بينما لم يذكر أنه قرأ المسعودي والطبري وابن الأثير وابن عبد الحكم , لذلك نعتقد أن مصدره الأساسي في الثقافة التاريخية هو التجربة الشخصية والمطالعة الحرة , فقد عاش مند سنوات المراهقة متنقلا بين عواصم العلم متأملا في أهلها , مخالطا لعلمائها, مطالعا من مكتباتها, وفي هذه الأثناء قرأ الكثير في كتب التاريخ والرحلات والتراجم دون أن يذكر ذلك بالاسم والعنوان إلا نادرا كذكره لابن خلدون وابن الخطيب ورسائل الضابط الفرنسي سان طارنو.
فتح الشيخ البشير الإبراهيمي عينيه على الجزائر وهي تئن تحت وطأة الاستعمار الفكري والسياسي والاقتصادي, في وقت قال عنه الإبراهيمي نفسه إن المقاومة المسلحة قد انتهت خلاله بفعل التعب والإرهاق وبتخاذل أصحاب الضمائر الضعيفة, وتقديم المصالح الذاتية على الوطنية , وخيانة بعض أصحاب الدار, وفي طريقه إلى المشرق مر الإبراهيمي بتونس ونزل بالقاهرة فترة وأقام بمكة والمدينة ودمشق, ثم زار باكستان وأطرافها, وباريس ونواديها ثم سكن مصر وهي في أوج الخصب والعطاء, وهذه العواصم تركت كلها بصماتها على ثقافته سواء في عهد شبابه أو عهد كهولته.
وفي الجزائر حيث قضى أطول مدة من حياته في عهد النضج والعطاء الفكري لم يدرس الإبراهيمي تاريخ بلاده لا في المدارس ولا في الزوايا, فكان المهتمون بتاريخ الجزائر يتلقونه من الذاكرة الشعبية في صورة قصص وحكايات شفوية والشعر الملحون , أو ما يسمى اليوم بالأدب الشعبي, فكان التاريخ عندئذ خليطا من الأدب والأخبار والخرافات , وإذا تجاوز المتطلع إلى معرفة الحقيقة عن تاريخ الجزائر فإن عليه أن يرجع إلى تاريخ بلاد المغرب والأندلس مند الفتح الإسلامي.
ذلك أن تاريخ الجزائر الذي لا يدرسه أهله في المدارس لم يشهد حركة تأليف إلا في القرن العشرين وبالتحديد منذ الحرب العالمية الأولى على يد عثمان الكعاك ومبارك الميلي وأحمد توفيق المدني باستثناء كتابين هما " تحفة الزائر في مآثر الأمير عبد القادر وأخبار الجزائر " لمحمد بن الأمير عبد القادر الذي طبع سنة 1903 " وتعريف الخلف برجال السلف" لأبي القاسم الحفناوي الذي طبع سنة 1907 , وهو كتاب في التراجم.
ويبدو لنا أن الشيخ الإبراهيمي كان يحس بهذا النقص في ثقافته إن هو لم يجمع إليها ثقافة تاريخية واسعة , وكيف يكون المرء عالما مصلحا وهو يجهل تاريخ قومه وحضارتهم؟ لذلك لا نستغرب إن وجدنا الشيخ الإبراهيمي قد اطلع وبتوسع على تاريخ المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها, وتابع نهوض وسقوط الدول والحضارات, وخص الجزائر باطلاع واسع في مصادر مختلفة , فنحن نجد في كتاباته إشارات عديدة إلى تاريخ الاستعمار الروماني لشمال إفريقيا وتاريخ الاستعمار الفرنسي للجزائر وغيرها, وتاريخ الكنيسة المسيحية في بلاد المغرب والحروب الصليبية في المشرق والإغريق, وتاريخ البربر والهجرات العربية , وتاريخ الحواضر الإسلامية.
الإبراهيمي وتاريخ الإسلام :
ترجع صلة الشيخ الإبراهيمي بالتاريخ الإسلامي إلى كتب السيرة النبوية والغزوات وحياة الصحابة والتابعين , وهذه الصلة ترجع بذورها إلى ثقافته الدينية والشرعية, فمصادره الإسلامية هي القرآن والسنة, وأمهات كتب التفكير والحديث بالإضافة إلى تاريخ الأدب والسياسة والمذاهب والفرق, ومن خلال هذه الثروة اطلع الشيخ على تراجم الرجال وأصول الأحكام وقواعد الاجتهاد وحركة التـأليف والصراع السياسي والفكري بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وعهد الخلفاء الراشدين , ثم قيام الدولة العربية الإسلامية بعصورها المختلفة , بما في ذلك أدوار الدولة المملوكية والدولة العثمانية ودول ملوك الطوائف ودول المغرب العربي خاصة, ونحن نلاحظ هذه الثقافة التاريخية الإسلامية عند الشيخ الإبراهيمي من وصفه المسهب لبعض الغزوات مثل غزوة بدر الكبرى ومعاني الهجرة النبوية والأعياد الإسلامية, فهو يتناول هذه الأحداث والمناسبات من الناحيتين الدينية والتاريخية ثم يربط بينها وبين الواقع كأحداث الثورة الجزائرية والدعوة إلى النهضة والوحدة لمواجهة الاستعمار.
وليس كالإبراهيمي من يحسن سوق العبرة من الحدث التاريخي , ولا أدل على ذلك من إيراده قصة العز بن عبد السلام "سلطان العلماء" مع مماليك مصر حين أفتى بأن على هؤلاء المماليك الأمراء بيع رقابهم لأنها مملوكة لبيت مال المسلمين.. فقد علق الإبراهيمي على ذلك بقوله: إن العز بن عبد السلام قد قوم بكلمته وضعا مقلوبا كان سببا في انقراض كثير من الدول الإسلامية وهو احتكار المماليك لمراتب الإمارة.
ثم أضاف الإبراهيمي إلى ذلك تعميما عظيما واستنتاجا حكيما فقال: لو رزق الله بغداد عالما كابن عبد السلام في شجاعته لأنقذ الخلافة العباسية من المماليك الأتراك ببيعهم في سوق الرقيق....ولو رزق الله الأندلس عالما مثله لأنقد الدولة الأموية فيها من موالي المنصور بن أبي عامر ج3ص500. وطالما أحال الإبراهيمي قارئه على أحداث تاريخية في العالم الإسلامي كالحروب الصليبية وظهور الفرق والمذاهب والأحزاب وغارات الدول الأجنبية , مستنتجا منها استنتاجات شجاعة مما يجعله في مقدمة المثقفين ثقافة تاريخية إسلامية عنيفة قل من يشاركه فيها من أبناء جيله, لأن المعرفة التاريخية إذا لم توظف لمصلحة الحاضر والمستقبل فإن المتحف , أو حتى القبر, أولى بها.
وفي هذا النطاق نشير إلى أن الإبراهيمي أعطى أهمية كبيرة لدور الأزهر , ومن خلاله لدور مصر الريادي في التاريخ العربي الإسلامي , فقد نوه بدور الأزهر وعلمائه في مقاومة الغارات الخارجية, ومنها حملة لويس التاسع وحملة نابوليون , والإبراهيمي هو القائل في هذا الصدد : كان الأزهر حاضرا في مقاومة فساد الحكم في مصر أو في فترات إغارة الفاتحين المستعمرين الأجانب ومن الواجب عليها ومن رأيه أن الأزهر هو رائد النهضة العربية الإسلامية وهو القائل إن وراء كل نهضة ثورة ، ومن الواجب في رأيه ، أن يعلم الأزهر الناس الثورات على الأباطيل في الدين والدنيا, كما يعلمهم الثورة على الاستعمار لقد كان الإبراهيمي يكتب هذه العبارات في يناير 1952 حين كان الأزهر – كما قال- يقود ثورة ضد الاستعمار " نفسه ج3, ص499" ونحن نذكر هنا كذلك بأن الشيخ قد حل بمصر في غضون هذا التاريخ ولم يخرج منها إلا بعد استقلال الجزائر.
الاستعمار الروماني:
الاستعمار عند الشيخ الإبراهيمي ليس فرنسيا فقط بل هو ممتد ومتمثل في صراع الشرق والغرب, وفي تثاقف الحضارات ذاتها, سواء في العهد الروماني المظلم الذي غطى بظلامه المغرب والمشرق على السواء أو في العهد الفرنسي الذي لا يقل في نظره ظلاما وظلما.
ففي كلمة له بعنوان (الجزائر المجاهدة ) حلل الشيخ أوضاع الجزائر القديمة والحديثة انطلاقا من موقعها الجغرافي قائلا إن هذا الموقع هو الذي رشحها لتحوز السبق في الجهاد , وهو يعني به موقعها على الضفة اليسرى للبحر المتوسط, وبالضبط في مواجهة مرسيليا حيث تتشكل أوسع نقطة من ضفتي من هذا البحر بالنسبة لجيران الجزائر(تونس والمغرب). وقد حلل الإبراهيمي طموح الأمم اللاتينية في استعمار جيرانها في الضفة الإفريقية تحليل الخبير بأوضاع الأمم الغابرة فقال عن الأمم اللاتينية إنها ذات أطماع وفتوحات وكبرياء ودماء منذ كانت , ولم يزدها ظهور الدين المسيحي السامي الروح إلا ضراوة وطموحا في الغلبة , لأن الطبيعة المادية المتكالبة لتلك الأمم غلبت طبيعة الدين المسيحي الروحية المتسامحة, وبذلك أصبح الدين المسيحي دينا رومانيا لا شرقيا (ج5, ص76).
ومن تحليلات الشيخ الإبراهيمي القائمة على الاستقراء والاستنباط ما جاء على قلمه حول روح المقاومة والجهاد التي تميز بها سكان شمال إفريقيا منذ القدم , فهو يرى أن الإسلام قد مزج بين البربر والعرب مزجا قوى فيهم معنى الحمى والعرض والحفاظ... وهو الذي ترك الأمة الجزائرية أمة جهاد بجميع معانيه, وإلى هذا يجب أن يبني المؤرخ تاريخ الجهاد النفسي في هذه الأمة" (نفسه ج5 ص 76) وقد حدث الجهاد بالنفس في الجزائر عبر العصور الإسلامية لأن الجارين المتقابلين , روما وقرطاج , أصبح كل منهما بالمرصاد للآخر, وللإبراهيمي في العلاقة بين هذين الجارين المتصارعين رأي طريف وواقعي , فهو يقول إن العلاقة بينهما كانت صراعا على العيش المادي , أو القمح والزيت, وهما المادتان اللتان جلبتا الاحتلال الروماني لإفريقيا الشمالية, ثم صار صراعا على الدين, وقد زاد من حدة هذا الصراع في نظره أن العرب بدينهم قد خلفوا الرومان على حضارتهم, في إفريقية ثم إن دخول العرب إسبانيا قد جعل الرومان يتطيرون .. ويظنون أنها القاضية على روما وديانتها وحضارتها وشرائعها.
وهنا تبهرك ثقافة الشيخ التاريخية إذ يظهر وكأنه صاحب اختصاص في تطور الحضارات وفلسفة التاريخ , فقد تحدث أيضا عن انقسام الكنيسة إلى شرقية وغربية وعن تدهور حالة الرومان وصعود نجم العرب , كما عرض لضعف الأندلس بعد ذلك وظهور ملوك الطوائف وتداعي اللاتين إلى إحياء روح الثأر والانتقام وشن الغارات على سواحل شمال إفريقيا وعندئذ تصدرت الجزائر الجهاد المنظم على أيدي الدول وغير المنظم, وهو الجهاد الفردي الدائم على طريق" الرباط" الذي وصفه بأنه يشبه حرب العصابات , وبذلك كانت الثغور الجزائرية دائما عامرة بالمرابطين الذين نذروا أنفسهم لله وحماية دينه, من مالهم الخاص لا من مال الحكومات, ولم ينقطع دور الرباط في نظره إلا عند الاحتلال الفرنسي (ص 77) وهو الاحتلال الذي وصفه بالمدبر لإعادة شمال إفريقيا إلى الحظيرة اللاتينية كما كان قبل الإسلام, وقد نحى الشيخ باللائمة على سكوت العرب والمسلمين على هذه الفاجعة عندئذ.
أحوال المغرب العربي: تناول الشيخ من الناحية التاريخية موضوعات عديدة حول أقطار المغرب العربي غير الجزائر, مثل تونس ومراكش وليبيا. فقد تحدث مثلا عن (العرش المحمدي العلوي) وأرجعه إلى القبائل التي خرج منها أو ساندته, من إدريس الأكبر وأبناء علي (رضي الله عنه) إلى ارتباط العرش بالبربر من لمتونة وهنتاته, وبني مرين ، وقال إن هذا العرش قد مد بظلاله حتى وصلت إلى عتبات برقة.
فالإبراهيمي هنا لا يتحدث عن الأمجاد فقط ولكنه يتحدث عن تاريخ المنطقة التي لعب فيها أشراف المغرب دورا بارزا , وقد مدح الإبراهيمي هذا العرش من أجل ما بناه وحافظ عليه من حضارة عربية إسلامية عريقة, فهو عرش حرس في نظره اللغة العربية وحمى الدين الإسلامي, ودافع عن الإسلام والعروبة, وهي الإيديولوجية العزيزة على الشيخ الإبراهيمي , إن إشراف المغرب , خلافا لحكام الجزائر العثمانيين, قد راعوا العلم والبيان وأنجبت دولهم أعلاما في الأدب ونوابغ في الفقه والتشريع وأساطين في الفلسفة وأثباتا في التاريخ والأخبار ( ج3 ص.397.396).
أما حديثه عن ليبيا فقد جاء في شكل سلسلة من المقالات لم تخل من إشارات تاريخية. فقد مشى على أرضها الصحابة والتابعون الذين فتحوا المغرب والأندلس واجتازها القادة الكبار الذين أسسوا الممالك في بلاد المغرب والأندلس أمثال إدريس بن عبد الله, وعبد الرحمن الداخل.
ولم ينس الإبراهيمي الرحالة والحجاج الذين أقاموا في ليبيا وعبروها وهم في طريقهم إلى مراكز العلم والحج, وقد ذكر منهم ابن بطوطة والعياشي والعبدري والفهري والتيجاني والورتلاني, كما ذكر منهم رواد في الشعر الملحون استطاعوا وصف ركب الحج وصفا دقيقا , ثم جاء على أسماء المدن والبلدات الليبية التي شهادها هؤلاء أو عاشوا فيها زمنا. وبالإضافة إلى ذلك أطال في وصف الكفاح الليبي في مقاومة الاحتلال الإيطالي وصف خبير بالاستعمار ومقاومته.
وتحت عنوان (عروبة المشال الإفريقي) أشاد الإبراهيمي بدور الدول البربرية التي قامت في المنطقة وأعطتها صفتها العربية, فقد نوه بفضل دول لمتونة والرستمية والموحدية والصنهاجية والمرينية والزيانية قائلا إنها دول ليس لها من البربرية إلا النسبة العرفية , وهي فيما عدا ذلك دول عربية صميمة, فهي التي أنبتت ورعت الإدارة والقضاء والحضارة كالموسيقى والشعر.. وأكد الإبراهيمي أننا لم نقرأ أن الشعراء تقربوا لملوك هذه الدول بالشعر البربري ( إلا أن يكونوا في النادر المصطبغ بالبداوة ) ( ج3, ص 429).
إن هذه العروبة عنده هي التي صيرت شمال إفريقيا وطنا واحدا, ولم تفرقه إلا سياسة الخلاف في عصوره الوسطى والاستعمار الفرنسي الحديث, وأكد الإبراهيمي أن الاستعمار يعمل على توهين العربية بالبربرية , وهو يسمى ذلك " قتل الموجود بالمعدوم" ومن أباطيل الاستعمار في نظره, أنه يسمي السودان المتجنس لتوه فرنسيا بينما ينكر على البربري المتعرب منذ ثلاثة عشر قرنا أن يكون عربيا (ج3 ص428).
تاريخ فلسطين:
تحدث الإبراهيمي كثيرا عن قضية فلسطين في السياسة الدولية وفي الصراع العربي الصهيوني وفي مواقف الأمة العربية إزاءها , ولكن ذلك ليس هو موضوعنا هنا, إن موضوعنا هو عمق النظرة التاريخية عند الإبراهيمي حول هذه القضية, لقد تداولت الأمم على فلسطين واستعملت كل أمة وسيلتها لاحتلالها , يقول الإبراهيمي عن فلسطين, أخذها البابليون غلابا, وأخذها الفرس اغتصابا وأخذها الرومان اقتصارا وأخذها العرب اقتدارا ولا يعد أخذ اليهود لها من كنعان في واحدة من هذه وإنما هي كتابة الله بشرطها , ومعجزة موسى (عليه السلام) في حدودها ..ولكن فلسطين في العصر الحديث تؤخذ في سوق الأغراض والمنافع الخسيسة بيعا ومساومة, حسب تعبيره , وهو يعني احتلال الإنجليز لفلسطين, وصدور وعد بلفور بشأن مستقبلها, واتفاق سايكس بيكو الذي جعل فلسطين تحت الانتداب البريطاني تمهيدا لتهويدها وصهينتها , وهي مواقف دولية معروفة , ولكن الإبراهيمي قد أعطاها بعدها التاريخي والسياسي والاستراتيجي الذي كانت بعض الدول والحركة الصهيونية تعمل على فرضه بالقوة (ج 3 ص445.444).
وفي نطاق الحديث عن تقسيم فلسطين لاحظ الإبراهيمي أن الدول التي صوتت عليه لم تخلق هي نفسها خلقا طبيعيا وإنما هي دول خلقتها المنافسات , ولم يبلغ الكثير منها مبلغ فلسطين.
في المجد والسبق الحضاري (نفسه ص445) ووصف الهجرة اليهودية إلى فلسطين وصفا لا نجده إلا عند أصحاب الاختصاص فقال إنها ليست كلها يهودية بل هي هجرة أوروبية , دخل فيها السلافي واللاتيني والجرماني والسكسوني , لقد جاءوا جميعا على صوت الصهيونية إلى فلسطين حاملين معهم خصائصهم العرقية المشار إليها (الجنسية المتفرقة ) ومعها الخصائص الأوربية من علم وفن وجشع وإلحاد واستعمار وعتو..(نفسه ص 445)
وحين أرادت فرنسا أن تتدخل في فلسطين بدأت بالحديث عن مشردي فلسطين وتدويل مدينة القدس, ولذلك لم تسلم من مهاجمة الإبراهيمي على أساس تاريخي أيضا, كان صاحب الدعوة الفرنسية إلى تدويل القدس هو المستشرق لويس ماسنيون الذي اتهمه الإبراهيمي –دون التصريح باسمه – بأنه خديم الاستعمار, فقد أنشأ ماسنيون لجنة في باريس سماها (لجنة فرانس -إسلام) واتخذ من وقف سيدي أبي مدين الجزائري مطية لتدخل فرنسا في الموضوع, وفي نظر الإبراهيمي أن فرنسا اتخذت الحديث عن المشردين الفلسطينيين ومن وقف سيدي أبي مدين ذريعة للتدخل في شؤون فلسطين , واعتبر ما أقدم عليه ماسينيون باسم بلاده " خلطة أديان"، وتساءل الإبراهيمي : لماذا ذكرت فرنسا بالاسم ولم تذكر المسيحية في هذا السياق , إن الأمر في نظره لا يعدو أن يكون تدخلا فرنسيا لحماية المسيحية في القدس, واتهم المستشرقون عموما بأنهم لم يقولوا كلمة منصفة عن فلسطين , وكان الأولى بماسينيون وأمثاله أن يشغل نفسه بأوقاف الجزائر التي استولت عليها فرنسا وليس بوقف أبي مدين الذي مضت عليه قرون في فلسطين وتساءل الإبراهيمي: أين كان ماسينيون يوم ساهمت دولته في الجريمة التي أخرجت الإسلام من فلسطين ويوم وافقت على التقسيم وساعدت اليهود على الهجرة والتهريب. (ج3 ص 356).
تاريخ الجزائر :
تبرز ثقافة الشيخ البشير الإبراهيمي التاريخية فيما كتب عن تاريخ الإسلام في الجزائر ومؤسساته, فالإسلام في رأيه انغرس في الجزائر منذ القرن الأول للهجرة بعد أن اجتث بقية الصحابة الوثنية عن البربر وعتو الرومان ونشروا عقائد الإسلام حتى استقرت في النفوس وسادت المحبة بين السكان , لأن الفتح الإسلامي كان بعيدا عن معنى الفتح المتعارف عليه عند المؤرخين والحربيين, فهو ليس فتحا مبنيا على القسوة والقهر .
ويرى الإبراهيمي أن الإسلام انحدر في شمال إفريقيا مع تاريخه فهو مرة يضعف ومرات يقوى , ولكنه احتفظ دائما بسلطانه على النفوس , ومن أثار الإسلام في الجزائر و(وشمال إفريقيا عموما) ازدهار العلوم والآداب وكثرة الـتأليف وظهور النوابغ وعمران المساجد والمدارس، والحصون والقصور, وانتشار الأوقاف التي قضت –كما قال- على الآفات الثلاث المبيدة للشعوب وهي الجهل والفقر والمرض.
والملفت للنظر أن الشيخ كتب عن هذه الإنجازات والآثار وكأنه أحد المؤرخين المعاصرين فيقول:" من اطلع على رواية المؤرخين وترجماتهم ورأى بقايا الوثائق الوقفية المسجونة في مكاتب الاستعمار بالجزائر, عجب لما فعل الإسلام في نفوس أسلافنا"(ج5ص72-73) ثم يضيف :" ومن قرأ تاريخ المدن الجزائرية العلمية التي كانت لها في الحضارة أوفر نصيب مثل تلمسان وبجاية وتيهرت وقلعة بني حماد والمسيلة وطبنة وبسكرة, علم أية سمات خالدة وسم بها الإسلام هذا القطر". (نفسه)
ويقف الإبراهيمي وقفة مؤرخ حديث أيضا ليعرف قراءه بتكوين خريطة الجزائر ودولتها فيلاحظ أنها اليوم جديدة من حيث الحدود الجغرافية والإدارية, لقد تشكلت خريطة الجزائر في العهد العثماني وتمت في عهد الاحتلال الفرنسي, أما قديما فقد كانت قطعة من المملكة العربية الإسلامية التي أقامها الفاتحون منذ القرن الأول الهجري وجعلوا عاصمتها القيروان. لقد كانت القيروان هي التي تتحكم في تونس والجزائر ومراكش ثم الأندلس بعد فتحها. وكان والي القيروان هو الذي يعين ولاة هذه الأقطار ولا دخل لمركز الخلافة في المشرق في تعيينهم . ولما ظهرت الدعوة الأموية في الأندلس على يد عبد الرحمن بن معاوية انفصلت الأندلس عن القيروان. ولما ظهرت الدعوة العلوية في مراكش على يد إدريس بن عبد الله انفصلت مراكش عن القيروان , وليس بين مراكش والجزائر ولا بين تونس والجزائر حدود فاصلة , بل إن الأطلس زاد العلاقة بين هذه الأقطار متانة , كما زادها الإسلام متانة أخرى لأنه هو الذي جمع الأقطار الثلاثة في ملاءة واحد (ج5, ص71).
تناول الشيخ الإبراهيمي تاريخ الجزائر في مناسبتين على الأقل, الأولى في أربع محاضرات بعنوان (الاستعمار الفرنسي في الجزائر) ألقاها على طلبة معهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة سنة 1955, والثانية في مقالة بعنوان" فرنسا وثورة الجزائر" كتبها في القاهرة سنة 1959.
أما محاضرات المعهد فقد ارتجلها ثم كتبها وقدمها لإدارة المعهد لطبعها وتوزيعها على طلبته (وهو تقليد كان المعهد يتعامل به مع الأساتذة الزائرين). ابتعد الشيخ في المحاضرات عن أسلوب الأدب والسياسة والصحافة وعالج الموضوع بأسلوب تاريخي, وقد اعترف بأنه كان في الكتابة أكثر هدوءا في الإلقاء, أي أنه كان أكثر علمية ومنهجية .
في هذه المحاضرات قسم تاريخ الجزائر إلى مراحل, وجعل المرحلة الأخيرة هي الاحتلال الفرنسي, وتحدث أثناء المرحلة الأخيرة عن دور الأحزاب والجمعيات والقادة. ووصف منهجه بقوله:" ألممت فيما كتبت بشيء من تاريخ الجزائر من يوم أسلمت , ومن يوم تعربت , ثم بشيء من أخبار الدول التي قامت بها من أهلها , ثم مررت بتاريخ العهد التركي (كذا) وهو أطول العهود فيها , مرورا أهدأ مما سمعه الطلاب مني وأبطأ".
أما مقالته " فرنسا وثورة الجزائر" فقد ظهر فيها عارفا بواجبات المؤرخ وأدواته بل ظهر فيها كأحد المنظرين وليس فقط أحد رواة الأخبار, فمن رأيه أن التاريخ لا يكتب " ساخنا" وإنما يكتب بعد برودة الحدث وسكون غباره, والأهم من ذلك عنده هو ألا يكتب عن الحدث التاريخي إلا بعد توفر الوثائق والأدوات, ولابد مع ذلك , من تمتع المؤرخ بميزات تتمثل في الثقافة العميقة والذكاء الحاد والنزاهة الخالصة, ويرى الإبراهيمي أن التاريخ الوطني لا يكتبه إلا مؤرخ وطني. وهذه قضية حيوية في كل العصور وعند مختلف الأمم, فالمؤرخ هو صوت أمته وهو المعبر عن هويتها الحقيقية مهما تفنن الآخرون وأخلصوا في الكتابة عنها.
لقد تمنى الإبراهيمي في هذا الصدد أن يقيض الله للجزائر مؤرخا من أبنائها تتوفر فيه الميزات التالية, وهي أن يكون مستنير البصيرة مسدد الفكر والتعلم, صحيح الاستنتاج, سديد الملاحظة, فقيها في ربط الأسباب بالمسببات...لكي يكتب " تاريخا لا يقف عند الظواهر والسطحيات..بل يتغلغل إلى ما وراء ذلك من الأسباب النفسية التي تحرك فرنسا إلى (ارتكاب) هذه المجازر البشرية وإلى العوامل التي تدفع المقاتلين (الجزائريين) إلى هذه الاستماتة في حرب حارت فيها عقول ذوي العقول... " وقد وضع تواضع الإبراهيمي فقال إنه لا يضع بذلك خطة لكتابة تاريخ الثورة مثلا, ولا يرسم الطريق لهذا المؤرخ الوطني أو الفارس المنتظر, ولكنه يريد أن يقول إن هذا المؤرخ الذي أعده الله لهذه المنقبة لعله لم يولد بعد, وإنما الشرط فيه أن يكون جزائريا.(ج5ص14).
هذه الجملة من المواصفات التي ساقها الشيخ الإبراهيمي للمؤرخ عموما ولمؤرخ الثورة خصوصا يجب أن تكون ضمن مواصفات الكتابة التاريخية عندنا. فالمؤرخ في نظره يجب أن يكون متين الثقافة, قوي الاستنباط, قادرا على ربط الأسباب بالمسببات, عارفا بطرق الغوص فيما وراء مظاهر الأشياء واستكناه الدوافع الباطنية, لكأن الشيخ الإبراهيمي, وهو يضع هذه المواصفات للمؤرخ , ينظر في مقدمة ابن خلدون التي نعرف من مقالته (تلمسان وابن خلدون) أنه قرأها وأعجب بها وبصاحبها.
وبعد ..فهذه جولة قصيرة في ثقافة الشيخ محمد البشير الإبراهيمي التاريخية وكتاباته عن بعض القضايا ذات الطابع التاريخي, ونلاحظ على ذلك باختصار أن الإبراهيمي:
كان ظاهرة فريدة بين جيله في تفسيره العقلاني للحوادث التاريخية سواء منها القديمة أو الحديثة أو المعاصرة, في وقت لم يدرس فيه التاريخ في مدرسة ولا جامعة, ولا شك أن ذلك يغير من نظرتنا المسبقة القائمة على أن علماء الفقه والأدب والدين لا يعرفون التطورات التاريخية ونتائجها إلا سطحيا, أو أنهم لا يعرفون إذا عرفوا, أكثر من وقائع التاريخ الإسلامي, وأنهم على كل حال لا يتقنون قواعد البحث العلمي, فقد أظهرت هذه الورقات القليلة أن الشيخ الإبراهيمي كان له تصوره لمسيرة الحضارة الإنسانية في مختلف عصورها وروافدها, وهو إن لم يكن فيلسوفا بالمعنى التقليدي للكلمة فإنه استطاع أن يزاوج بين الدين والتاريخ والفلسفة.









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
'بحث, للاخوان, آثار, أحمد, مقتبس, المسلمين, الابراهيمي, الابرهيمي, التاريخية, التبسي, التسير, التقافة, الجزائر, الشيخ, العربي, الإبراهيمي, فقيه, وثائرها, نصيحة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 20:42

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc