سيدنا عمر رضي الله عنه كان هو في الدرجة الثانية في الولاية في علو الدرجة عند الله بالنسبة للأولياء ليس بالنسبة للأنبياء، كان في الدرجة الثانية بعد أبي بكر، هو كان من شدة عدله وشفقته على الرعية كان ذات يومٍ جاء ابناه عبدُ الله وعبيدُ الله كانا بالعراق ذهبا للجهاد لما أنهيا مهمة الغزوة في رجوعهما اجتمعا بأبي موسى الأشعري كان حاكم العراق تحت سيدنا عمر قال لهما: لو كنتُ أجد ما أنفعكما به لنفعتُكما ثم... خطر بباله أن ينفعهما بشىء قال لهما أُعطيكما من مال بيت المال شيئًا تعملون به تجارة الربح تأكُلانِه ورأس المال يُرَدُّ لبيت المال فعلا ذلك جاءا بالبضاعة إلى المدينة فباعاها فربحا فعلم أبوهما عمر، هو خليفة المسلمين يحكم مصر يحكم اليمن يحكم إيران يحكم العراق يحكم الجزيرة العربية بأسرها يحكم بر الشام سوريا ولبنان والأردن وفلسطين هذا الخليفة لما جاء ابناه إليه علم بقصتهما أنهما أخذا بضاعة من العراق ويعرفهما فقيرين وجاءا فعملا تجارة بها فقال لهما: هاتوا رأس المال والربح كُلاً لبيت المال، من شدة محافظته على مصالح المسلمين لأن بيت المال هو الذي يعرف أهل الضرورات ويساعد وما رضي أن يكون ابناه ينتفعان بهذا المال، مال بيت المال الذي كان بالعراق فقالا: يا أمير المؤمنين هذا الربح بعملنا ربحنا بعملنا، هو نظر إلى الأساس إلى الأصل، الأصل من مال بيت المال ليس من مالهما فقال بعض الحاضرين في مجلس عمر: يا أمير المؤمنين رأس المال يُردّ لبيت المال أما الربح يأخذان منه فوافق على ذلك.
ثم مرةً جاءَه عامله الذي بإيران الذي عيّنه حاكمًا واليًا على بلاد إيران جاءَه بتمرٍ من أجود التمر ما رأى مثل ذلك التمر في تلك البلاد هديةً له فنظر إليه فأعجبه فَقَال: كلُّ المسلمين يشبعون من هَذَا؟ قال لا، هذا خصوصية، قَالَ: أنا لا آكل مما لا يشبع المسلمون منه. هكذا كَانَ.
الأوائل حكام المسلمين ما كانوا مثل هؤلاء الواحد يبني بناءً بعشر بلايين لا نُسميّه، كسر جبلاً لم يكن عليه إلا صخور وما أشبه ذلك كسره ومهده للبناء عليه، بنى عليه بناءً وقطع شارعًا خاصًا لا يمكث فيه في السنة إلا خمسة عشر يومًا، هذه البلايين التي صرفها لهذا البناء ما كانت تُحيي مائة ألف نفس مسلمة فقيرة ، هؤلاء بعيدون بعيدون بعيدون عن تطبيق أحكام الإسلام ومع هذا يفتخرون هؤلاء عارٌ على المسلمين. اهـ