تنظيم الإخوان بداية ونهاية . - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الأخبار و الشؤون السياسية > النقاش و التفاعل السياسي

النقاش و التفاعل السياسي يعتني بطرح قضايا و مقالات و تحليلات سياسية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

تنظيم الإخوان بداية ونهاية .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-12-30, 00:09   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الزمزوم
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية الزمزوم
 

 

 
إحصائية العضو










B10 تنظيم الإخوان بداية ونهاية .

مدخل :


حسن البنا..
اسم فرض نفسه على العالمين العربى والإسلامى، منذ نهاية الربع الأول من القرن العشرين.
الإخوان المسلمون..
من الذى لا يعرفهم ؟!
قد تتفق معهم أو تختلف، تتعاطف أو تعارض، تراهم حلما للخلاص أو كابوسا يقود إلى الهادية، لكن أحدا لا يملك أن ينكر وجودهم وقوتهم النسبية وقدرتهم على التأثير.
حسن البنا.. والإخوان المسلمون
الزعيم.. والجماعة
التأسيس.. والتطور
كيف تكون البداية ؟




أهى مع ميلاد الشيخ حسن أحمد عبد الرحمن البنا، الشهير بحسن البنا، فى الثانى عشر من أكتوبر سنه 1906؟
أم أن البداية الحقيقية تتطلب العودة إلى ما قبل ذلك التاريخ بربع قرن؟!.



ولد الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا سنة 1882 ميلادية، التى توافق سنه 1300 هجرية، وكان مولده فى قرية “,”شمشيرة“,”، التابعة لمركز “,”فوة“,”، بمديرية الغربية. قرية عادية صغيرة لا تختلف عن مئات القرى فى الدلتا، لكنها تتميز بالوقوع على ضفة النيل مباشرة، كما أن المركز الذى تتبعه: “,”فوة“,”، ذو تاريخ عريق حافل.
فى العام نفسه، كان الزعيم الوطنى أحمد عرابى قد تعرض لهزيمة قاسية، أفضت إلى الاحتلال الانجليزي لمصر، وتعرض عرابى للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى، و حُكم عليه بالإعدام، قبل أن
يستبدل الحكم بالنفى ومصادرة الأملاك.



والد البنا

ولد الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا سنة 1882

هزيمة عرابى كانت نتيجة منطقية لمواجهة قوى لا قبل له بها: الإمبراطورية التى لا تغيب عنها الشمس، الخديو محمد توفيق الذى أعلن عصيانه، والسلطان العثمانى الذى أفتى بتمرده، والخونة الذين باعوه بالثمن البخس.
لم تكن أسرة الشيخ أحمد البنا فى القاع، فهى تملك فدادين قليلة، يزرعها الأخ الأكبر محمد، الفلاح الماهر الذى يحسن الزراعة، ويجيد التعامل مع الأراضى البور.
لماذا تحمل الأسرة الزراعية لقب “,”البنا“,” ؟!.
هل كان الجد الأكبر يعمل بصناعة البناء؟
سؤال منطقى مبرر، لكن الإجابة الحاسمة عنه ليست متاحة، وإن كان الأبن الأصغر جمال البنا يرجح اشتغال أحد الجدود الأوائل للأسرة بصنعة البناء.
حلم غير مسار أحمد البنا!.
رأت أمه فى منامها، وهى حامل به، أنها ستلد ذكرا أسمه أحمد، وأن هذا الطفل سيحفظ القرآن الكريم.
من هنا جاء إصرارها على أن يتعلم فى كتاب القرية، بدلا من مساعدة أخيه الأكبر محمد فى أعمال الزراعة، ووافق الأب.
فى الرابعة من عمره، ذهب الطفل أحمد البنا إلى “,”سيدنا“,” فى الكتاب، وتلقى دروسه الأولى على يد الشيخ الكفيف محمد أبو رفاعى.
ما المهنة التى تناسبه بعد أن ابتعد عن عالم الزراعة، الذى يمثل النشاط الرئيسى فى القرى المصرية؟
لقد تحولت هواية أحمد البنا فى إصلاح الساعات إلى مهنة، وساعده إمام مسجد القرية، الشيخ أحمد الجارم، الذى أرشده إلى محل كبير للساعات فى الإسكندرية، يملكه الحاج محمد سلطان.



هناك، فى الإسكندرية، يستطيع أن يعمل، وأن يستكمل فى الوقت نفسه دراسته الدينية فى جامع الشيخ إبراهيم باشا، وهو مثل الأزهر فى القاهرة.
توجه احمد البنا إلى الإسكندرية، والتقى بالحاج محمد سلطان، وأبلغه تحيات الشيخ الجارم وتوصيته. بعدها اندمج أحمد فى مجالين: إتقان إصلاح الساعات، ومواصلة الدروس الدينية فى جامع إبراهيم باشا.
وهو على مشارف العشرين، عاد الشيخ أحمد إلى قريته، وسرعان ما ادى امتحان القرعة العسكرية، وتم إعفاؤه من التجنيد لأنه من حفظة القرآن الكريم.
ولأن القرى الصغيرة لا متسع فيها لمهنة مثل إصلاح الساعات، فقد اتجهت أنظار الشيخ الشاب إلى المحمودية والتى زارها مع احد أصدقائه زيارة خاطفة فاعجب بها أيما إعجاب.

المحطة التالية فى حياة الشيخ أحمد البنا هى الزواج، وهو ما تم فى الخامس والعشرين من إبريل سنه 1904.


أم السعد.. والدة حسن البنا.
عروس فى الخامسة عشر من عمرها، هى الأبنة الصغرى لتاجر مواشى القرية إبراهيم صقر.
جميلة، بيضاء البشرة، متناسبة الملامح، ذكية مدبرة واعية عنيدة، ولعل هذه الصفات جميعا قد انتقلت إلى ابنها البكر، حسن البنا.
المحمودية..
أخذت اسمها من اسم السلطان محمود، سلطان تركيا، عندما شق محمد على باشا ترعة تبدأ منها، وأطلق عليها ترعة المحمودية، وهى الترعة التى تزود الإسكندرية بالماء العذب.



لم تكن المحمودية قرية صغيرة، فهى بندر نشط ملئ بالحركة والحيوية. حيث كان للبنادر شأن وتأثير آنذاك، وكانت الحياة الاجتماعية نشيطة بفضل الطبقة الوسطى، ووقودها من صغار الملاك والتجار والموظفين.
اشترى الشيخ أحمد البنا بيتا صغيراً فى المحمودية، واشترى دكانا لإصلاح وبيع الساعات، واتسع نشاطه أيضاً ليشمل بيع أجهزة الجراموفون والأسطوانات.
الحياة الأسرية وتجارة الساعات والأسطوانات، لم تحل دون الشيخ الشاب ومواصلة القراءة والإطلاع وتحصيل العلوم الإسلامية، وهنا يبرز اسم الشيخ محمد زهران. شيخ كفيف موفور النشاط، يصدر مجلة عنوانها “,”الإسعاد“,”، يقوم بإدارتها وتحرير معظم مادتها العلمية.
علاقة الأستاذ بالتلميذ، انتهت إلى صداقة حميمة. أتت أكلها مع الطفل حسن البنا


12 أكتوبر سنه 1906م
25 شعبان 1324هـ.
ميلاد حسن البنا.. الأبن الأكبر للشيخ أحمد.
كيف كانت مصر فى ذلك الوقت؟
كان حاكم مصر الرسمى آنذاك هو الخديو عباس حلمى الثانى، و لكن القوة الحقيقية كانت بيد اللورد كرومر، ممثل دولة الاحتلال الانجليزي، والشعب غائب عن الساحة، الساحة كانت مهيأة لظهور الأحزاب بعد عام واحد من ميلاد حسن البنا.
زعيم وطنى شاب يتسم بالرومانسية، اسمه مصطفى كامل، واتجاه أخر عقلانى يرفض الانفعال العاطفى، يمثله أحمد لطفى السيد، وثمة اتجاه ثالث يدين بالولاء للجالس على العرش.



أغلبية طاغية من الفقراء، وأقلية ضئيلة فاحشة الثراء. النشاط الزراعى هو المهيمن، وكبار ملاك الأراضى هم أصحاب المصلحة الحقيقية والتحكم الاقتصادى، والمرأة محجوبة غائبة عن الحياة الاجتماعية، والتعليم متدهور، والأمية متفشية، والثقافة تنحصر فى الشعر، الذى يحمل رايته شاعر الأمير: أحمد شوقى، ويزاحمه شاعر النيل: حافظ إبراهيم.
الفن الغنائى هو الأكثر انتشارا، والمسرح الغنائى يحمله الشوام المهاجرون، ونجوم المرحلة منيرة المهدية وسلامة حجازى.
المعاناة تشتد وتزداد حدتها كل يوم، وقبل شهور قليلة من ميلاد حسن البنا كانت مأساة دنشواى، تعبيرا عن الهوان الذى يعانيه المصريون فى ظل الاحتلال والقهر.
كانت مصر تتهيأ للاستيقاظ من السبات الطويل الذى حل بها بعد صدمة الاحتلال، وكانت الجامعة الإسلامية حلما يراود الكثيرين، لكن معطيات الواقع تصدمهم فدولة الخلافة الإسلامية أضحت أشبه بالرجل المريض، الذى لا حول له ولا قوة فى مواجهة الغرب




الاستعمارى، الذى ينهش فى جسد الإمبراطورية العثمانية ولا يبقى لها شيئاً.

قبل عامين من ميلاد حسن البنا، رحل الإمام المجدد الشيخ محمد عبده، الرجل الذى حاول أن يبعث الحيوية والشباب فى الأزهر، لكن جحافل التقليديين والمحافظين من الشيوخ لم تتح له فرصة النجاح، ومات الإمام وهو يردد فى أسى:
“,”ولكنه دين أردت صلاحه
أحاذر أن تقضى عليه العمائم“,”
كان الأزهر مؤسسة تقليدية محافظة، تقاوم التجديد فى شراسة، وتتحصن بالموروث والمحفوظ، وتتباعد كل يوم عن إيقاع الحياة المتجددة التى لا تعرف الركود.
هكذا كانت مصر عند ميلاد حسن البنا.
حسن البنا هو الأبن الأكبر للشيخ أحمد البنا، الذى توالى بعده قدوم الأخوة والأخوات تباعا: عبد الرحمن فى الثامن والعشرين من سبتمبر سنه 1908، وفاطمة فى الثالث من فبراير سنه 1911، ومحمد فى العاشر من فبراير سنه 1913، وعبد الباسط فى الخامس عشر من أغسطس سنه 1915، وزينب فى السادس عشر من يناير سنه 1919، وأحمد جمال الدين فى الخامس عشر من ديسمبر سنه 1920، واخيراً فوزية فى العاشر من مارس سنه 1923.


وباستثناء زينب، التى ماتت قبل أن تتم العام، ترعرع الأبناء السبعة وشقوا طريقهم فى الحياة، وتباينت أقدارهم ومصائرهم.
فى غضون ذلك، كان الشيخ أحمد البنا يواصل رحلته مع القراءة والكتابة الدينية، ويصلح الساعات، ويبيع الأسطوانات، ويعمل إماما وخطيباً لأحد مساجد المحمودية، وفضلاً عن ذلك كله عين الشيخ مأذونا للبلدة اعتبارا من عام 1913.
فى المحمودية، أقام الشيخ أحمد البنا صداقات وثيقة مع كثير من أبنائها: الشيخ أحمد الطباخ، والشيخ محمود دريدة، وعوض الباسوس، وغيرهم. ولم تقتصر صداقات الشيخ على المحمودية، فقد امتدت إلى أماكن أبعد، وصولا إلى القاهرة والإسكندرية، ولعل أشهر وأهم هؤلاء الأصدقاء هو الكاتب والمفكر الإسلامى المعروف محمد فريد وجدى.
فى القرن الثالث الهجرى، وضع الإمام أحمد بن حنبل الشيبانى مسنده، وقد طبع الكتاب فى ستة مجلدات كبيرة. الإنجاز الأهم للشيخ أحمد البنا يتمثل فى تصنيفه لكتاب “,”الفتح الربانى فى ترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيبانى“,”، وهو عمل ضخم اشتغرق من الشيخ عمرا كاملا، وينم عن البيئة الدينية التى وُلد فى أحضانها حسن البنا.
إذا كان الشيخ محمد زهران هو الأستاذ الأول لأحمد البنا، فقد كان – أيضاً – الأستاذ الأول لابنه حسن، وفى مدرسة الرشاد الدينية، تلقى حسن البنا دروسه الدينية الأولى، وحفظ القرآن الكريم، وتهيأ لمواصلة طريق التعليم.




ثمة مثل شائع يقول : من شب على شئ شاب عليه، وفى طفولة حسن البنا مشاهد تستدعى التأمل، وتومئ إلى ما سيئول إليه فى شبابه ورجولته.


مثل كل الأطفال، كانت لحسن البنا ألعابه المفضلة، وقد كان مولعا بلعبة شعبية شهيرة، ينقسم فيها الأطفال اللاعبون إلى فريقين متصارعين: عسكر وحرامية، ولكن الطفل حسن البنا أثر أن يحولها إلى مؤمنون وكافرون.


وكان هو دائما ما يقود فريق المؤمنين، ممسكا بسيف خشبى، ومندمجاً إلى درجة ينسى



وكان هو دائما ما يقود فريق المؤمنين، ممسكا بسيف خشبى، ومندمجاً إلى درجة ينسى فيها أنه يلعب، فينهال بخشبة اللعب الخشبية على أقرانه، وكأنها حرب حقيقية جادة لا هزل فيها.


قد تكون الحكاية بسيطة، لكنها تشير إلى ثلاثة ملامح مهمة، نمت مع الطفل ولازمته طوال حياته:


الملمح الأول هو الاختيار الحاسم للمعسكر الذى يراه معبرا عن الإيمان من وجهة نظره، فى مواجهة الآخرين الذين يراهم معبرين عن الكفر والشر والضلال.




الملمح الثانى هو الجدية المفرطة، فهو يندمج فى اللعب متناسيا أنه هزل وتمثيل، ومخالفا بذلك للأعراف التى تحكم عالم الصغار.


أما الملمح الثالث فهو الميل المبكر إلى القيادة، والقدرة على فرض رؤيته ورؤاه على من يلعبون معه. هو الذى يقرر نوع اللعب، وهو الذى يقود المعسكر الذى ينحاز إليه.


لقد قرر حسن البنا، فى مرحلة مبكرة من عمره، ان ينحاز إلى معسكر المؤمنين ضد الكفار، وثمة حكاية أخرى، تنتمى إلى المرحلة نفسها، تكشف عن الاتجاه المبكر للإنتقال من اللعب إلى الجد، ومن القناعات النظرية والفكرية إلى العمل والسلوك.

مما يرويه البنا فى مذكراته، ولم يكن قد تجاوز الثامنة من عمره بعد، أنه مر ذات يوم على شاطئ النيل، فلاحظ أن أحد أصحاب السفن قد علق فى ساريتها تمثالا خشبيا عاريا، يتنافى مع التقاليد والآداب، وبخاصة أن هذا الجزء من الشاطئ تتردد عليه السيدات والفتيات لجلب الماء.


هل يقنع الطفل حسن البنا بالاستنكار القلبى؟


هل يتجه إلى صاحب المركب لمناقشته ونصحه؟


هل يشكو إلى أبيه أو أحد الكبار القادرين على التصرف؟

لم يفعل البنا شيئا من هذا كله، فقد ذهب غاضباً إلى ضابط النقطة محتجا معترضاً، واستجاب الضابط له فتوجه إلى صاحب السفينة ونهره، فأنزل التمثال.


وطبقاً لرواية البنا، فقد ذهب الضابط فى صباح اليوم التالى إلى المدرسة، وأخبر الناظر بما حدث فى إعجاب وسرور، سر الناظر بدوره وأذاع الخبر على التلاميذ فى طابور الصباح!.


قد لا تخلو القصة من بعض مواطن الخلل والضعف، فكيف لطفل فى الثامنة أن ينتبه إلى ما يجسده التمثال الخشبى من تهديد للآداب، واى ضابط هذا الذى يستجيب لشكوى طفل فى الثامنة، ويتحرك معه بمثل هذه السرعة، ثم يتوجه بنفسه إلى المدرسة لإشاعة الخبر وإذاعته؟!.


المسألة ليست فى تماسك القصة ومصداقيتها، لكنها فى الدلالات المستمدة منها: الثقة المبكرة بالنفس، المبادرة السريعة إلى الحركة، الولع بالدعاية والسرور بما يترتب عليها.


هذا هو حسن البنا.

ضاق الطفل حسن بنظام التعليم فى الكتاتيب، وصارح والده بأنه لم يعد يطيق الاستمرار، ولابد له من الذهاب إلى المدرسة الإعدادية. وعارض الأب الحريص على أن يحفظ ولده كتاب الله، لكنه وافق بعد أن تعهد الأبن بان يتم حفظ القرآن الكريم.


وهكذا صار الغلام طالبا بالمدرسة الإعدادية وهى الشهادة المعادلة للابتدائية الآن، يدرس فيها نهارا، ويتعلم صناعة الساعات بعد الانصراف منها، ويذاكر دروسه من بعد صلاة العشاء إلى النوم.


كان انصراف الشيخ محمد زهران عن الاهتمام بمدرسة الرشاد الدينية، أهم الأسباب التى دفعت الطفل حسن إلى الزهد فيها، ولم يكن من عهد إليهم بالإشراف على المدرسة فى
مثل علمه وأدبه، ولم يصبر البنا على صحبتهم التى لم ترق له.


من الثامنة إلى الثانية عشرة من عمره، أى بين عامى 1914 إلى 1918، ارتبط حسن البنا بالمدرسة التى اسهمت فى تشكيل شخصيته، وخلال الفترة نفسها، اشتعلت الحرب العالمية الأولى، التى تركت أعظم الأثر على خريطة العالم، وعلى مصر بالضرورة.


الحرب العالمية الاولى:
مع اشتعال الحرب، فرضت انجلترا الحماية على مصر، وحالت بين الخديو عباس حلمى الثانى والعودة، وأصبح السلطان حسين كمال بديلا له، دفع المصريون ثمنا فادحا لحرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.

مشاعر المصريين مع التحالف الألمانى التركى، ومراهنتهم أن يؤدى الانتصار الألمانى إلى إزاحة الاحتلال الانجليزي، وعودة الخلافة الإسلامية إلى سابق عهدها.


أزمات اقتصادية طاحنة، وقلق اجتماعى عاصف، وركود سياسى دام طوال سنوات الحرب، ولا جديد إلا وفاة السلطان حسين وصعود الأمير أحمد فؤاد مكانه.


انتهت الحرب بما خيب الآمال المعقودة عليها: هزيمة الأتراك، وترسيخ النفوذ الإنجليزيى، ودعوة الرئيس الأمريكي ويلسون إلى مبادئ جديدة تحكم العالم، ومؤتمر للصلح أعاد ترتيب الخريطة الدولية، بمعزل عن مشاركة مصر.


بعد إعلان الهدنة، وفى الثالث عشر من نوفمبر سنه 1918، توجه سعد زغلول وعلى شعراوى وعبد العزيز فهمى، وكلهم أعضاء فى الجمعية التشريعية، لمقابلة المندوب السامى الإنجليزي، ومطالبته بالسماح لوفد مصرى بالمشاركة فى مؤتمر الصلح.


من هنا بدأ تشكيل الوفد، وجاء الاعتقال والنفى لتشتعل الثورة الشعبية فى مارس سنه 1919.


وتبدأ مرحلة جديدة فى تاريخ مصر.


عندما تحرك سعد زغلول وزميلاه لتحريك القضية المصرية، كان حسن البنا يبدأ رحلته مع التعليم الإعدادى. وإذا كان الشيخ محمد زهران هو الأستاذ المؤثر فى المرحلة السابقة، فقد التقى البنا فى مدرسته الجديدة بأستاذه الثانى، محمد أفندى عبد الخالق، وشرع معه فى تشكيل أول جماعة وهى “,”جماعة السلوك الاجتماعى“,”، التى تهدف إلى إلزام التلاميذ بالأخلاق الحميدة فى سلوكهم اليومى، والتعفف عن الشتائم ومخالفة تعاليم الدين.


سرعان ما تولى حسن البنا رئاسة الجماعة، وانطلق منها إلى تأسيس جماعة جديدة للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، هدفها فرض الالتزام بتعاليم الدين، وتوجيه خطابات تهديد إلى سكان المدينة، الذين لا يلتزمون بهذه التعاليم.


حسن البنا على الطريقة الحصافية


ومن جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، انتقل البنا إلى الطريقة الحصافية الصوفية، يحضر جلسات الذكر، ويلتقى بأحد أهم أصدقاء عمره: تؤأم روحه أحمد السكرى.
وحول تأثره بالطريقة الحصافية وشيخها يروى حسن البنا “,” وفى هذه الأثناء وقع فى يدى كتاب المنهل الصافى فى مناقب حسنين الحصافى وهو شيخ الطريقة الأول والذى توفى ولم أره حيث كانت وفاته الخميس 17 من جمادى الآخره 1328 الهجرية، وكنت إذ ذاك فى سن الرابعة عشرة فلم اجتمع به على كثرة تردده على البلد فأقبلت على القراءة فيه وعرفت منه كيف كان السيد حسنين رحمه الله عالماً أزهرياً تفقه على مذهب الإمام الشافعى ودرس علوم الدين دراسة واسعة وامتلأ منها وتضلع فيها ثم تلقى بعد ذلك الطريق على كثير من شيوخ عصره ، وجد واجتهد فى العبادة والذكر والمداومة على الطاعات حتى إنه حج أكثر من مرة وكان يعتمر مع كل حجة أكثر من عمره .
وكان رفقاؤه وأصحابه يقولون ما رأينا أقوى على طاعة الله وأداء الفرائض والمحافظة على السنن والنوافل منه – رحمه الله – حتى فى آخر أيام حياته وقد كبرت سنه ونيف الستين. ثم أخذ يدعو إلى الله بأسلوب أهل الطريق ، ولكن فى استنارة وإشراق وعلى قواعد سليمة قويمة، فكانت دعوته مؤسسة على العلم والتعليم، والفقه والعبادة والطاعة والذكر، ومحاربة البدع والخرافات الفاشية بين أبناء هذه الطرق والانتصار للكتاب والسنة على اية حال والتحرز من التأويلات الفاسدة والشطحات الضارة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وبذل النصيحة على كل حل حتى إنه غير كثيراً من الأوضاع التى اعتقد أنها تخالف الكتاب والسنة ، ومما كان عليه مشايخه أنفسهم. وكان أعظم ما أخذ بمجامع قلبى وملك على لبى من سيرته رضى الله عنه شدته فى الأمر بالمعروف والنهر عن المنكر وأنه كان لا يخشى فى ذلك لومة لائم ولا يدع الأمر والنهى مهما كان فى حضرة كبير أو عظيم .
فى هذه المرحلة، حكاية مهمة تكشف بعدا جديدا من أبعاد شخصية حسن البنا، وتؤكد طموحه إلى الأفعال العملية المباشرة، دون إفراط فى الدعوة النظرية.
كان حسن وزملاؤه فى المدرسة يصلون الظهر فى مسجد صغير يجاور المدرسة، وذات يوم مر إمام المسجد فرأى كثيرا من التلاميذ يؤدون الصلاة، فخشى الإسراف فى الماء والبلى للحصير.

ما كان من الإمام إلا أن انتظر حتى أتم المصلون صلاتهم، ثم فرقهم بالقوة مهدداً منذراً متوعدا، فمنهم من فر ومنهم من ثبت.
جاء رد الطفل حسن عمليا سريعا، وكتب إلى إمام المسجد خطابا لا يتضمن إلا الآية القرآنية الكريمة (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ما عليك فى حسابهم من شئ وما من حسابك عليهم فى شئ فتطردهم فتكون من الظالمين).
بعث الخطاب بالبريد، وعرف الشيخ مصدر الرسالة فقابل والد حسن شاكياً، وانتهى الأمر بمعاهدة تتضمن أن يملأ التلاميذ صهريج المسجد بالماء قبل انصرافهم، وأن يعاونوه فى جمع التبرعات!.





لم يسلم من خطابا البنا أحد حتى أستاذه الشيخ محمد زهران، فقد شاهده البنا يصلى بين السوارى

فبعث إليه بخطاب يوضح له فيه أن الصلاة فى هذا المكان مكروه، وعندما رآه الشيخ استدعاه وأمره بفتح كتب الفقه واستخراج هذا النص، الذى لدقته فات على الشيخ المعلم.
ميل مبكر إلى الحركة العملية، واستعداد للزعامة والقيادة، وإصرار على الرد السريع، وقدرة على الجدل والمناظرة للحصول على ما يراه الطفل حقاً دينيا أصيلا لا يقبل التنازل عنه.
من ذكريات المرحلة نفسها، أن البنا كان يؤذن الظهر والعصر فى مصلى المدرسة، وكان يستأذن المدرس إذا كان وقت العصر يصادف حصة من الحصص، لأداء الأذان.
بعض الأساتذة يسمح وهو مسرور، وبعضهم الآخر يريد المحافظة على النظام فيرفض،وعندها يتصدى له البنا لأنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، ويناقشه فى إلحاح يدفع المدرس المعارض إلى الموافقة حتى يتخلص منه!.
فى فترة وجيزة، أسس البنا الصغير جمعيات عدة، المشترك بينها واحد الدعوة إلى الفضيلة والدفاع عن الدين، وكان البنا فى الثالثة عشرة من عمره عندما تولى سكرتارية “,”جمعية الحصافية الخيرية“,”، التى ترأسها أحمد السكرى. زاولت الجمعية عملها فى ميدانين : الأول هو نشر الدعوة إلى الأخلاق الفاضلة، والثانى مقاومة الإرسالية الإنجيلية التبشيرية التى استقرت فى المحمودية، وأخذت تبشر بالمسيحية فى ظل التطبيب وتعليم التطريز وإيواء الصبية من بنين وبنات.
دمنهور ومدرسة المعلمين الأولية..
محطة جديدة فى حياة حسن البنا
استمرت من سنه 1920 إلى سنة 1923.
كانت فترة استغراق فى التعبد والتصوف، ولم تخل من مشاركة فعلية فى الواجبات الوطنية.
عندما اشتعلت ثورة 1919، كان البنا دون الثالثة عشرة من عمره، لكنه يشير فى مذكراته إلى المظاهرات الجامعة والأضراب الشامل الذى شهدته المحمودية، ولا ينسى منظر أعيان البلد ووجهائه وهم يتقدمون المظاهرات ويحملون اعلامها ويتنافسون فى ذلك.. ويعترف البنا بأنه كان يحفظ الأناشيد العذبة التى كان يرددها المتظاهرون فى قوة وحماس :
حب الأوطان من الإيمان وروح الله تنادينا
إن لم يجمعنا الاستقلال ففى الفردوس تلاقيناويذكر البنا كذلك منظر الجنود الإنجليز الذين هبطوا القرية وعسكروا فى كثير من نواحيها، واحتك بعضهم ببعض الأهالى، فأخذ يعدو خلفه بحزامه الجلدى، حتى انفرد الوطنى بالانجليزي فأوسعه ضربا ورده على أعقابه خاسئا وهو حسير.



هل شارك حسن البنا فى ثورة 1919؟


الإجابة بالايجاب، فقد أضرب مع زملائه الطلاب، وشارك فى بعض المظاهرات، ولم يكن عمره يسمح باكثر من ذلك.
سؤال يتكرر كثيرا، عبر عقود تالية، عن التداخل بين السياسي والدينى عند حسن البنا وجماعة الإخوان : أهم حزب سياسي أم جماعة دعوية؟ هل تنحصر أهدافهم فى الدعوة الدينية وحدها، أم أنها تمتد لتشمل طموحا سياسياً ؟!.
واقعة مهمة فى حياة حسن البنا المبكرة، تكشف عن الارتباك الواضح الذى يترتب على الجمع بين القيم الدينية والقواعد السياسية.





سعد زغلول



الإخوان : أهم حزب سياسي أم جماعة دعوية؟ هل تنحصر أهدافهم فى الدعوة الدينية وحدها، أم أنها تمتد لتشمل طموحا سياسياً ؟!.

واقعة مهمة فى حياة حسن البنا المبكرة، تكشف عن الارتباك الواضح الذى يترتب على الجمع بين القيم الدينية والقواعد السياسية.
أضرب الطلاب فى يوم من أيام الثورة، وشارك البنا مع المضربين. اجتمعت اللجنة الثورية فى منزل الحاجة خضرة شعير بدمنهور، وداهم البوليس المجتمعين واقتحم البيت يسأل عنهم، وأجابت الحاجة : أنهم خرجوا منذ الصباح الباكر ولم يعودوا.
إجابة سياسية منطقية للابتعاد عن الشبهة ومخاطر العقوبة، لكن الأمر لا يروق للبنا،فالإجابة غير الصادقة عنده تعنى الكذب، ولذلك خرج إلى الضباط مصارحا بالحقيقة، دون نظر إلى الحرج الذى أصاب صاحبة البيت، بل إن حسن البنا اندفع فى مناقشة حماسية مع الضابط، وقال له إن واجبه الوطنى يفرض عليه أن يكون معهم، وليس أن يعطل عملهم ويقبض عليهم!.
وفقا لراوية البنا، فقد استجاب الضابط، وأمر المصاحبين له بالانصراف، وعاد الفتى الشجاع إلى أصدقائه المختبئين، ليباهى ببركة الصدق، ويؤكد لهم ضرورة أن يكونوا صادقين، وأن يتحملوا تبعة أعمالهم دون كذب!
الكذب رذيلة دينية، لكن الأمر ليس كذلك فى العمل السياسي. أى جدوى فى شجاعة الاعتراف بالحقيقة، تجنبا للكذب، إذا ما ترتب عليها هلاك الطلاب الوطنيين؟ وما الضمان أن يكون الضابط قادراً على الاستجابة والتفهم؟!.
هذا إذا لم يكن البنا يقصد من وراء إبلاغه الضابط أن يقبض على الطلاب المضربين لأن الدافع لم يكن دينياً محضاً.
كانت أيام مدرسة المعلمين، فى سنواتها الثلاث، استغراقا فى التصوف والتعبد، كما أنها شهدت إقبالا من الفتى البنا على تحصيل العلوم والمعارف خارج حدود المناهج الدراسية.
من أين استقى البنا هذه المعارف والعلوم؟!
المصدر الأول هو مكتبة أبيه العامرة بالكتب، وكان الأب يشجعه على القراءة والدرس، ويهديه كتب يرى أنها مناسبة له. وفى هذا الإطار، قرأ البنا كتب تركت أعظم الأثر فى نفسه، مثل “,”الأنوار المحمدية“,” للنبهانى، و“,”مختصر المواهب اللدنية“,” للقسطلانى، و “,”نور اليقين فى سيرة سيد المرسلين“,” للشيخ الخضرى.
المصدر الثانى يتمثل فى مكتبة كونها حسن لنفسه، وتضم كتبا متنوعة ومجلات قيمة. يوم السوق، كان يترقب وصول الشيخ حسن الكتبى بفارغ الصبر، ليستأجر منه كتب بالأسبوع، لقاء مليمات زهيدة، ثم يردها إليه ليأخذ غيرها. واللافت للنظر، أن البنا قد تأثر كثيرا بقصة “,”الأميرة ذات الهمة“,”، ورأى فيها دروساً فى الحماسة والشجاعة والذود عن الوطن.
أما المصدر الثالث فهو أساتذته فى المدرسة، ومنهم عبد العزيز عطية وفرحات سليم وعبد الفتاح أبو علام وعلى سليمان والشيخ البسيونى. كانوا جميعاً يشجعون البنا ويعجبون بنشاطه، فاندفع يقرأ كتب لا علاقة لها بالمناهج المقررة، وبعضها يفوق مرحلته السنية، ومع ذلك، على سبيل المثال “,”ملحةالإعراب“,” للحريرى، و“,”الألفية“,” لابن مالك، و“,”الياقوتية فى المصطلح“,”، و“,” الجوهرة فى التوحيد“,”، و “,”الرجعية فى الميراث“,”.



الشيخ صاوى دراز وفكرة الإخوان

فى هذه الفترة التقى البنا بالشيخ دراز الذى سيوحى له من خلال حكايته عن السيد البدوي بفكرة جماعة الإخوان المسلمون وأهدافها يقول البنا: “,”كنا نتحدث عن الأولياء والعلم، وتطرق بنا الحديث إلى سيدى إبراهيم الدسوقى المجاور لبلدهم “,”يقصد الشيخ دراز“,” ، ثم إلى سيدى احمد البدوى بطنطا فقال: أتدري ما نبأ سيدى أحمد البدوي؟ فقلت له: لقد كان ولياً كريماً وتقياً صالحاً وعالماً فاضلاً. فقال: ذلك فقط؟ .. فقلت هذا ما نعلم، فقال : اسمع وأنا أحدثك“,”.
جاء السيد البدوي إلى مصر من مهجره من مكة وكان أهله من المغرب، ولما نزل مصر كانت محكومة بالمماليك، مع أن ولايتهم لا تصح لأنهم ليسوا أحراراً وهو سيد علوى اجتمع له النسب والعلم والولاية، واهل البيت يرون الخلافة حقاً لهم، وقد انقرضت الخلافة العباسية وانتهى أمرها فى بغداد، وتفرقت أمم الإسلام دويلات صغيرة يحكمها أمراء تغلبوا عليها بالقوة، ومنهم المماليك هؤلاء. فهناك أمران يجب على السيد أن يجاهد فى سبيلها: إعادة الخلافة وتخليص الحكم من أيدى المماليك الذين لا تصح ولايتهم. كيف يفعل هذا؟ لابد من ترتيب خاص. فجمع بعض خواصه ومستشاريه – ومنهم سيدى مجاهد وسيدى عبد العال وأمثالهما – واتفقوا على نشر الدعوة وجمع الناس على الذكر والتلاوة وجعلوا إشارات هذا الذكر السيف الخشبي أو العصا الغليظة لتقوم مقام السيف والطبل يجتمعون عليه، والبيرق ليكون علماً لهم والدرقة – وهذه شعائر الأحمدية – فإذا اجتمع الناس على ذكر الله وتعلموا أحكام الدين استطاعوا بعد ذلك أن يشعروا وأن يدركوا ما عليه مجتمعهم من فساد فى الحكم وضياع فى الخلافة فدفعتهم النخوة الدينية، واعتقاد واجب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، إلى الجهاد فى سبيل تصحيح هذه الأوضاع وكان هؤلاء الأتباع يجتمعون فى كل سنة. واختار السيد طنطا مركزاً لحركته – لتوسطها فى البلدان العامرة فى مصر، ولبعدها عن مقر الحكم – فإذا اجتمع الأتباع سنوياً على هيئة “,”مولد“,” استطاع هو أن يدرك إلى أى مدى تأثر الناس بالدعوة. ولكنه لا يكشف لهم عن نفسه بل يعتكف فوق السطح ويضرب اللثام مضاعفاً ليكون ذلك أهيب فى نفوسهم، وهذا عرف ذاك الزمان، حتى كان أتباعه يشيعون أن النظرة بموتة، فمن أراد أن ينظر إلى القطب فليستغن عن حياته فى سبيل هذه النظرة. وهكذا انتشرت هذه الدعوة حتى اجتمع عليها خلق كثر. ولكن الظروف لم تكن مواتية لتنجح هذه الحركة، فقد تولى مصر الظاهر بيبرس البندقدارى، فانتصر على الصليبين مرات، وانتصر على التتار مع المظفر قطز . ولمع اسمه وارتفع نجمه وأحبه العامة، ولم يكتف بذلك بل استقدم أحد أبناء العباسيين وبايعه بالخلافة فعلاً، فقضى على المشروع من أساسه، ولم يقف عند هذا الحد، بل أحسن السياسة مع السيد واتصل به ورفع من منزلته، وكلفه بأن يكون القيم على توزيع الأرس حين تخليصهم من بلاد العداء لأهليهم لما فى ذلك من تكيم وإعزاز، وكل ذلك قبل تمام هذا المشروع الخطير، واستمر الملك والحكم فعلياً فى المماليك، وإسمياً لهذا الخليفة الصوري حيناً من الدهر.
وقد ظلت هذه الحكاية تداعب خيال البنا حتى أسس جماعة الإخوان لتأخذ كثيراً من سمات ما فعله السيد البدوى له ، الحكاية المذكورة بدون أن يخفى البنا وجهه عن الناس .
فى المرحلة نفسها، توثقت صداقة حسن البنا مع الأقرب إلى روحه وعقله من أقران الصبا، أحمد السكرى.
كان الأسبوع الدراسى فى دمنهور ينتهى يوم الخميس، وظهر هذا اليوم يعود حسن إلى المحمودية ليقضى ليلة الجمعة وليلة السبت. أجازة قصيرة يزور فيها الأهل ويقضى الوقت معهم، ويسعد بلقائهم ثم يعود صباح السبت إلى دمنهور حيث صديقه أحمد أفندى السكرى، والذى توثقت أواصر الصداقة بينهما إلى درجة أن أحدا منهما لم يكن يصبر أن يغيب عن صديقه أسبوعا كاملاً دون لقاء.


البنا فى القاهرة


صحت نية حسن على التقدم إلى دار العلوم، وتم إخطاره بالموعد المحدد للكشف الطبى والامتحان. كان عليه أن يسافر إلى القاهرة، وصادف ذلك شهر رمضان، أراد أبوه أن يصحبه فلم ير لذلك موجبا، واكتفى بدعائه وخطاب إلى صديق من كبار تجار الكتب الميسورين بالقاهرة.
رأى القاهرة للمرة الأولى بعد أن تجاوز السادسة عشرة بشهور. نزل فى باب الحديد عصرا، وركب الترام إلى العتبة، ثم ركب السوارس إلى حى الحسين، متوجها إلى التاجر صديق أبيه. لم يكترث الرجل به لكنه صادق عاملاً أهتم لأمره واستضافه حتى الصباح، وفى اليوم التالى اتخذ طريقه إلى دار العلوم.
دار العلوم..
أنشئت عام 1873، كأول محاولة مصرية لتقديم تعليم جديد يتسم بالعصرية، دون إهمال العلوم الدينية التقليدية. لقد أصبحت دار العلوم، من الوجهة الأساسية، مدرسة عليا للمعلمين، لكنها اصطبغت أكثر فأكثر، مع تطور نظام التعليم المدنى للجامعة المصرية، بالصبغة التقليدية السلفية.
اتيحت للبنا فرصة أن يعمل مدرسا، بمؤهله المتوسط، فى قرية قريبة تتيح له أن يعاون أباه ويساند أسرته، لكن الفتى الطموح، بعد تفكير عميق، قرر أن ينبذ الوظيفة المتاحة، فى سبيل الالتحاق بمدرسة عليا تشبع نهمه إلى المزيد من العلم والتفوق.
كيف كانت القاهرة التى سافر إليها البنا؟!
لم تكد الحرب العالمية الأولى تنتهى، حتى اشتد ساعد الحركة القومية المطالبة بحقوق البلاد، على أساس المبادئ التى بشر بها الرئيس الأمريكى ولسن، وكان حزب الوفد هو بطل المرحلة الجديدة.
لقد تغيرت معالم وجه المسألة المصرية، بعد ثورة سنه 1919، تغييرا جوهرياً عميقا. بعد أن كان الاستقلال رهينا بأمر وإرادة الغرب، أصبح للمصريين كلمتهم وطموحهم. وبعد أن كانت غاية الحزب الوطنى لا تتجاوز الاستقلال تحت الراية العثمانية، أصبح الاستقلال التام، عن تركيا وبريطانيا معا، عقيدة راسخة يؤمن بها المصريون من مختلف الطبقات والثقافات. وبعد أن كان العمل السياسي احتكار لمثقفى المدن، أصبح الجميع يتحدثون فى السياسة، ويحلمون بالسيادة والاستقلال والدستور.
لم تكن ثورة 1919 ذات توجه إسلامى، وقد شاركت فيها جميع طوائف الأمة، وترددت شعارات جديدة مثل “,”الوحدة الوطنية“,” و “,”الاستقلال التام“,” و “,”الدستور“,”.
ثورة 1919، بكل شعاراتها الليبرالية العصرية، لم تحقق الأهداف المأمولة، فقد اشتعل الصراع الحزبى بعد إقرار دستور سنه 1923، وانقسمت الأمة بين أغلبية تؤيد الوفد، وأقلية تنتمى إلى أحزاب أخرى. وكان منطقيا أن يزداد القلق والتوتر عند أصحاب الأفكار والتوجهات الإسلامية، بعد أن سقطت دولة الخلافة فى تركيا، وانتشرت الأفكار الليبرالية والعلمانية، التى تدعو إلى الفصل بين الدين والدولة. توافق وصول البنا إلى القاهرة مع فترة الغليان الفكرى والسياسى التى ميزت العشرينيات، وبعينى ريفى متدين، استطاع حسن البنا أن يميز المشكلات الأكثر خطورة من وجهة نظره : الصراع المحتدم بين الوفد والأحرار الدستوريين على حكم مصر من ناحية، والمجادلات السياسية الصاخبة التى أسفرت عن الانقسام فى أعقاب ثورة 1919 من ناحية أخرى. كان المناخ الجديد يهيئ لبعث الأفكار الإسلامية فى أشكال شتى، ولم تكن جماعة الإخوان المسلمين، التى أسسها البنا بعد سنوات قليلة، إلا أحد هذه الأشكال.
قاهرة العشرينيات..

مصطفى كمال اتاتورك



حراك سياسى وثقافى وفكرى واجتماعى
أفكار جديدة تصطدم مع القديم الراسخ
مصطفى كمال أتاتورك يعلن عن سقوط الخلافة، والشيخ على عبد الرازق يفجر قنبلة فى كتابه الصغير الخطير “,”الإسلام وأصول الحكم“,”، ويعلن أن الخلافة ليست فريضة دينية، لكنها اجتهاد بشرى.
الأزهر يعجز عن التجدد والتطور، والأزهرى القديم المتمرد الدكتور طه حسين، يلقى قنبلة أخرى من خلال كتابه “,”فى الشعر الجاهلى“,”، حيث يبشر بمذهب جديد غير مسبوق فى الثقافة التقليدية، قواعد الشك فيما يظن أنه من الثوابت التى تعلو فوق الشكوك. فكر جديد ينطلق من قاعات الجامعة المصرية، ومفكرون جدد يتحمسون لكل ما هو عصرى غربى، وانعكاسات اجتماعية وأخلاقية تترتب على هذا المناخ.
المقيمون فى الأقاليم البعيدة عن العاصمة، مثل المحمودية ودمنهور، لا يشعرون بما يحدث من حراك، فهم متقوقعون داخل شرنقة الحياة التقليدية التى اعتادوها وألفوها، ولا تتجلى صدمة التغيير العاصف إلا عند الاحتكاك بالعاصمة، وهذا ما حدث مع حسن البنا عندما هبط إلى القاهرة ليلتحق بدار العلوم.
كان من نتيجة الظروف السياسية الجديدة، بعد ثورة 1919، وما تبعها من صراخ فكرى بين التيار التحديثى والتيار المحافظ، أثر واضح على الحياة الاجتماعية، والمقارنة بين الحياة العامة فى المدن المصرية، قبل الحرب العالمية الأولى وبعدها، تكشف عن بعض أبعاد هذا التغيير. كان منطقيا أن يسعى التيار المحافظ لنشر أفكاره الدينية والمحافظة عليها، وتوالى ظهور الجماعات والجمعيات الإسلامية، تمثل أهمها فى جمعية “,”الشبان المسلمين“,”، التى ترأسها صالح باشا حرب قرب نهاية سنة 1927، والتى مهدت لظهور جماعة الإخوان المسلمين، التى أسسها البنا فى مدينة الإسماعيلية سنه 1928.
لم يكن البنا سلبيا عند إقامته فى القاهرة، وقادته بوصلته الفكرية الدينية إلى التجمعات التى تناسب أفكاره وتوجهاته، ولذلك ساند جمعية الشبان المسلمين، وعمل مندوبا لمجلة “,”الفتح“,” المعبرة عن الخط الإسلامى المحافظ، وهى المجلة التى أشرف على تحريرها محى الدين الخطيب، مدير المكتبة السلفية وأحد مؤسسى الشبان المسلمين.
كانت القاهرة شيئاً مختلفا عن المحمودية ودمنهور.




بذور ميلاد الداعية


وتوقف حسن البنا عند تنامى ما يسميه موجة التحلل فى النفوس وفى الآراء والأفكار باسم التحرر العقلى، ورصد فى استياء انعكاس ذلك على المسالك والأخلاق والأعمال باسم التحرر الشخصى، ورأى أن الخريطة الجديدة تمهد لمزيد من الإلحاد والإباحية، وأن الطوفان من القوة بحيث يكتسح كل شئ.
بمزيج من الحسرة والأسى والغضب، راقب البنا انقلاب مصطفى كمال أتاتورك على دولة الخلافة، وقيامه بالفصل بين الدين والدولة، فى أمة كانت مقر أمين المؤمنين والقلبة التى تتوجه إليها عقول وقلوب المسلمين فى كل مكان.
ولاحظ البنا أن الجامعة المصرية، بعد تحولها من معهد أهلى إلى جامعة حكومية تديرها الدولة، أصبحت تصطدم مع الكثير من الثوابت المقدسة، وترسخ عند ابنائها شعور بأن الجامعة لن تكون جامعة علمانية إلا إذا ثارت على الدين، وحاربت التقاليد الاجتماعية المستمدة منه، واندفعت وراء التفكير المادى المنقول عن الغرب بحذافيره، وعرف أساتذتها وطلابها بالتحلل والانطلاق من كل القيود.
الحيرة تعصف بالشاب القادم من مجتمع تقليدى محافظ، إلى عاصمة تزدحم بكل ما هو بعيد عما اعتاده وآمن به.
وبحكم طبيعته العملية، كان عليه أن يفكر فى وسيلة عملية يسهم بها فى إيقاف التدهور والانهيار.
القاهرة، على اتساعها، لم تكن تضم من الجمعيات الإسلامية، عند وصول البنا، إلا جمعية “,” مكارم الأخلاق الإسلامية “,”، التى يرأسها الشيخ محمد محمود، ويتركز نشاطها على إلقاء المحاضرات الإسلامية فى مقرها ببركة الفيل.
واظب حسن البنا على المشاركة فى أنشطة الجمعية، وانضم إلى عضويتها لكنه كان يعتزم أمراً آخر. بعد ما شاهدة فى القاهرة من مظاهر بدت له على أنها تحلل وبعد عن الأخلاق الإسلامية، وبعد ما قرأ فى الصحف والمجلات

عن أمور تتنافى من وجهة نظره مع التعاليم الإسلامية، وبعد أن لاحظ الجهل المتفشى بين العامة بأحكام الدين، آمن الشاب أن المساجد وحدها لا تكفى لإيصال التعاليم الإسلامية إلى الناس. لا يكفى أن يذهب الناس إلى المساجد، فلابد للأئمة والوعاظ والحريصين على تعاليم دينهم أن يذهبوا إلى الناس.

وكانت هذه بذور ميلاد الداعية حسن البنا.
هل كان يعلم بما يفوق طاقته وقدرته ؟!.
ربما كان كذلك، فالحلم من سمات وملامح شخصيته.
يؤكد البنا، فى مذكراته، أنه ليلة امتحان النحو والصرف للالتحاق بدار العلوم، رأى فيما يرى النائم أنه يركب زورقاً مع بعض الأفاضل من العلماء، وتقدم أحدهم إليه وقال :

- أين شرح الألفية لابن عقيل ؟
وبادر البنا بالرد :
- ها هو ذا..
وعندها، قال له العالم فى المنام :
- تعال نراجع فيه بعض الموضوعات..
وطلب منه صفحات بعينها، وأخذ يراجع معه موضوعاتها.
وفى الصباح، فوجئ حسن البنا أن الكثير من أسئلة الامتحان قد جاءت من هذه الموضوعات !.
ويعلق البنا على هذا الحلم بقوله إن الرؤيا الصالحة بشرى للمؤمن تستأهل حمد الله رب العالمين.
ما أكثر الحالمين، وما أكثر الذين يصدقون أحلامهم، وما أقل الذين تصدق أحلامهم..
كان البنا حالماً، ومؤمناً بأنه صاحب رسالة. وإذا كانت الأماكن الصغيرة النائية المحدودة لا تتسع لطاقته الكبيرة فى الحلم والعمل، فقد آن له أن يمارس فى العاصمة ما يناسب قدراته.
كان انتقال الأسرة كلها إلى القاهرة أمراً ضرورياً، فالابن الأكبر حسن البنا فى دار العلوم، وعبد الرحمن الذى يليه أتم الدراسة الابتدائية ولابد له من الالتحاق بالمدرسة الثانوية، أما محمد فقد أتم الأولية، وكان أبوه راغباً فى إلحاقه بالأزهر، والأخوة الآخرون لا بد لهم من مواصلة رحلة التعليم، ومعاهد العلم ليست متوفرة فى المحمودية.
لابد إذن من القاهرة، ولا بديل لها. الأخوة الباقون بالمدارس المناسبة. مما ساعد على اتخاذ القرار، أن الشيخ أحمد البنا قد فقد والديه سنة 1924، فانقطع بذلك أكبر خيط كان يربطه بالبلد. وفضلاً عن ذلك، فقد تعرض حسن البنا لاعتداء من أحد زملائه، وهو ما أثار مخاوف الأم، فأصرت على الإنتقال إلى القاهرة لتراعى أكبر أبنائها.
الاعتداء الذى تعرض له حسن من أحد زملائه، لا تفسير له عند المعتدى عليه إلا الحسد والحقد.
وفقاً لرواية البنا، فقد انتهز الزميل الحقود فرصة نوم جميع الطلاب، وأخذ يصب زجاجة من صبغة اليود المركزة على وجهه وعنقه، قبل أن يعود إلى التظاهر بالنوم، لكن المؤامرة فشلت لاستيقاظ حسن واسراعة إلى دورة المياه ليغسل وجهه وعنقة. إن هذه الحادثة كانت خيراً وبركة وسبباً لانتقال الأسرة كلها من المحمودية إلى القاهرة. كان فى اعماقه إذن حنين للارتباط بالقاهرة، والتخلص من عالمه القديم الذى ضاق بأحلامه.
من بلكونات قاهرة العشرينيات، تتدلى يافطات كثيرة مكتوب عليها “,”شقة للإيجار“,”، وكان ملاك البيوت يبذلون كل الجهد الممكن للظفر بمستأجر، وفى سبيل ذلك يقدمون التسهيلات والإغراءات ويتفننون فى جذب الزبائن والعمل على الاحتفاظ بهم.
وفرة المساكن لا تبرر انتقال أسرة الشيخ أحمد بين شقق مختلفة فى فترة وجيزة.
كانت البداية فى بيت بشارع ممتاز بالسيدة زينت، وبعد شهرين غادرته الأسرة إلى مسكن جديد ن وبعد شهر واحد كان الانتقال إلى بيت عطفة مندور بشارع سلامة، وبعد ثلاثة شهور منزل جديد فى درب صبيح بقسم الخليفة، ومنه – بعد شهرين – إلى حارة العسل، حيث لم يطل المقام إلا شهران، وانتقل الأب وأبناؤه إلى طالون، ومن طالون، بعد شهر واحد، إلى حارة العبيد، ثم إلى عطفة عطايا. القائمة طويلة تضم كثيراً من المنازل والبيوت، فى أحياء شعبية متقاربة، ولا تفسير لكثرة الانتقال إلا عجز الأسرة الريفية عن التوافق مع حياة العاصمة.
كان الأب الشيخ قد تعود على مجتمع المحمودية المألوف الأليف، ولم يكن ميسوراً أن يتأقلم سريعاً مع القاهرة.
أزمة نفسية تترتب على الإنتقال، وازمة أخرى مادية يواجهها الشيخ، بعد أن كبر الأبناء وتضاعفت مصاريفهم.
لم يكن الشيخ مستعداً لتخصيص وقت كبير لكسب المال، فقد كان تركيزه منصباً على إنجاز مشروع “,” الفتح الربانى “,”، وهو مشروع يحتاج بدورة إلى نفقات طائلة.
كان الاب هو رب الأسرة والمسئول وحده عن توجيهها وإرشادها، وهو ما يتجلى بوضوح فى الاتجاه الذى سلكه الابنان الكبيران حسن وعبد الرحمن، لكن الجانب الأكبر من المسئولية انتقل إلى الأم فى مرحلة القاهرة، وهو ما أدى إلى تنوع ملحوظ فى مسارات الأبناء الآخرين، فقد التحق عبد الباسط، المولود سنة 1915، بمدرسة البوليس، وأصبح ضابطاً قبل أن يستقيل ويعمل بالسعودية فى الخمسينات، أما الابن الأصغر أحمد جمال الدين، جمال البنا، فقد اتخذ طريقاً لا يتناقض أو يتصادم وأخيه، لكنه يختلف عنهما بالضرورة. الدعوة على المقاهي
آمن حسن أن توجه الناس إلى المساجد لا يكفى، فلابد للدعاة والوعاظ أن ينتقلوا من المساجد إلى حيث ينفق العاديون من الناس أوقاتهم، فى الشوارع والقهاوى. وهؤلاء الدعاة مطالبون بالإنتشار فى القرى والريف والمدن لنشر الدعوة الإسلامية.
دعا البنا لفيفاً من اصدقائه للمشاركة فى مشروعة الدعوى الجديد، وكان منهم محمد مدكور وحامد عسكرية وأحمد عبد الحميد، وغيرهم يجتمعون فى مسكن الطلاب فى مسجد شيخون بالصليبة، ويتباحثون عما تستلزمه هذه المهمة من استعداد علمى وعملى.
خصص حسن جزءاً من كتبه لتكون مكتبه دورية خاصة بإخوانه، يستعيرونها ويحضرون موضوعات الخطب والمحاضرات منها.
لا يقنع حسن البنا بهذا الإطار النظرى، فيعرض على اصدقائة الخروج للوعظ فى المقاهى، وهو ما استغربوه وعجبوا منه. كان منطقهم ينطلق من ان أصحاب المقاهى لن يسمحوا بذلك الوعظ لأنه يعطل أشغالهم، وأن المترددين على مثل هذه الأماكن لن يرحبوا بالوعظ وهم الغارقون فى اللهو.
للبنا رأى آخر يعارض به إجماعهم، فهو يؤمن أن هذا الجمهور أكثر استعداداً لسماع العظات من أى جمهور آخر، حتى جمهور المسجد نفسه، لأن الفكرة جديدة وطريفة،


ووفقاً لرواية البنا أيضاً، فقد عفا عن زميله المعتدى وسامحه، وأبى أن يقوم الزملاء بتبليغ النيابة وإدارة المدرسة. اللافت للانتباه، أن البنا يختتم حكاية الاعتداء بقوله
سافر الأب إلى القاهرة بحثاً عن العمل والمسكن، وسرعان ما انتقلت الأسرة إلى العاصمة، فالتحق عبد الرحمن بمدرسة التجارة، وانتسب محمد إلى الأزهر، والتحق


المهم أن يتم اختيار الموضوع بعناية، وألا يكون فى الوعظ ما يجرح شعورهم أو يعرضهم لنوع من الحرج، وأن يكون الأسلوب شائقاً جذاباً ومختصراً حتى لا يحط عليهم الملل.

لم ينجحوا فى اقناعه، ولم ينجح بدوره فى التأثير عليهم، فاقترح عليهم أن تكون التجربة هى الحد الفاصل فى الأمر.
بدأت الجولة فى المقاهى الواقعة بميدان صلاح الدين وأول السيدة عائشة، ومنها إلى المقاهى المنتشرة فى طولون، وصولاً إلى شارع سلامة والسيدة زينب. القى حسن أكثر من عشرين خطبة فى هذه المقاهى، وكانت الخطبة الواحدة تستغرق ما يتراوح بين خمسة دقائق إلى عشرة.
يؤكد البنا أن التجربة نجحت، ولاقت القبول والاستحسان من أصحاب المقاهى وزبائنها، وقرر أن يواصل المسيرة.
فى السنة الدراسية الأخيرة بدار العلوم، طلب الشيخ أحمد يوسف نجاتى من طلابه كتابة موضوع مضمونه : “,” اشرح أعظم آمالك بعد إتمام دراستك “,” وبين الوسائل التى تعدها لتحقيقها “,”.
استهل البنا موضوعه بالتأكيد على أن خير النفوس هى تلك النفوس الطيبة التى ترى سعادتها فى سعادة الناس، وأن أجل غاية يجب أن يرى الإنسان إليها هى أن يحوز رضا الله. لا سبيل إلى ذلك عنه “,” إلا بسلوك طريقين : أولهما طريقة التصوف الصادق، وثانيهما طريقة التعليم والإرشاد.
الأمر الخاص للبنا هو اسعاد أسرته، أما الهدف العام فهو أن يكون مرشداً معلماً، يقضى فى تعليم الأبناء سحابة النهار، وينفق الليل فى تعليم الآباء.
لقد اختار طريقة : ان يكون مرشداً.
تخرج البنا فى دار العلوم وجاء تعيينه فى مدينة الإسماعيلية، المدينة التى لا يعرف أين تقع على وجه الدقه، وتقترن فى ذهنه، مثل الغالبية العظمى من المصريين، بقناة السويس والشركة الأجنبية التى تديرها.
يوم الاثنين، السادس عشر من سبتمبر سنة 1927، اجتمع أصدقاء حسن البنا لتوديع زميلهم المسافر لاستلام عمله فى الإسماعيلية، مدرساً بمدرسة الإسماعيلية الابتدائية الأميرية.
لم يكن حسن يعرف شيئاً ذا بال عن المدينة، فهى عنده بلد ناء بعيد شرق الدلتا، يفصله عن القاهرة فضاء فسيح من رمال الصحراء الشرقية، وتقع على بحيرة التمساح المتصلة بقناة السويس.
فى لقاء الوداع هذا، قال محمد افندى الشرنوبى إن الرجل الصالح يترك اثراً صالحاً فى كل مكان ينزل فيه،
وتمنى لصديقة المسافر ان يترك اثراً صالحاً فى البلد الجديد عليه.
واستقرت الكلمات فى اعماق حسن البنا.
قبل سفره باسابيع قليلة، ودعت مصر زعيمها سعد زغلول، وبدا أنها تتهيأ لمرحلة جديدة، تتوارى فيها الزعامات التى صنعت أمجاد الثورة واساطيرها، وبدت الساحة مهيأة لمتغيرات جديدة.

اضغط على الرابط :

https://www.islamist-movements.com/special/?id=2313

الاخوان البداية والنهاية اضغط على العنوان من الأعلى للأدنى








 


رد مع اقتباس
قديم 2014-12-30, 00:12   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الزمزوم
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية الزمزوم
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي







وصل القطار إلى محطة الإسماعيلية، وكان الانطباع الأول عن المدينة إيجابياً عند الوافد الجديد. كانت نية البنا أن يقيم فى فندق، لكنه لم ير مانعاً فى مشاركة صديقة القديم إبراهيم البنهاوى غرفة فى بنسيون السيدة “,”أم جيمى“,” الإنجليزيى، ثم انتقلا معاً إلى منزل مدام ببيتا الإيطالية.
لم يستغرق وقتا طويلاً للإندماج فى عالم المدينة، وكانت كلمات الشرنوبى تسيطر عليه : الرجل الصالح يترك أثراً صالحاً فى كل مكان ينزل فيه.
عن طريق المسجد، استطاع البنا أن يعرف الكثير عن طبيعة المدينة وظروفها الاجتماعية
والاقتصادية. أدرك أن النزعة الأوروبية مهيمنة، بفضل المعسكرات البريطانية من ناحية، وبسبب وجود إدارة شركة قناة السويس من ناحية أخرى، لا عمل لأهل الإسماعيلية إلا فى هذين المجالين، ولا مهرب لهم من الاتصال عن قرب بالحياة الاوروبية.

وعلى الرغم من هذا كله، فقد شعر المدرس الشاب أن المشاعر الدينية قوية وحية فى النفوس، وأن الطريق إلى الدعوة لا ينبغى أن ينطلق من المسجد، فالمقاهى أولى بدعوته.
اختمرت الفكرة فى رأسه، وبدأ فى تنفيذها.
اختار ثلاث مقاه كبيرة، ورتب فى كل منها درسين فى الأسبوع، وواظب على التدريس والوعظ بلا كلل. للوهلة الأولى بدا الأمر غريباً فى نظر الناس، لكنهم ما لبثوا أن ألفوه


وأقبلوا عليه.

كان خطته أن يكون وعظه عاماً لا قسوة فيه، وأن يكون الأسلوب سهلاً جذاباً مشوقاً، لا يخلو من مفردات عامية لتبسيط وتقريب المفاهيم. ولم تكن الخطبة تزيد عن عشرة دقائق، فإن طالت فإنها لا تتجاوز ربع الساعة.
وكم كان البنا سعيداً وهو يرصد بوادر النجاح، لكن الدرس الذى نظمة فى المسجد أثار غضب بعض رجال الدين، وكانت للبنا مع واحد منهم حكاية مهمة، تكشف عن التطور الذى لحق بشخصيته، وقدرته على تجنب الصدام.
واحد من قدامى المشايخ، المولعين بالجدل والحواشى وإحراج الوعاظ، حاول إحراج الداعية الشاب ذات مرة. كان البنا يقص قصة ابى الأنبياء الخليل إبراهيم عليه السلام، فسأله الشيخ – كأنه يتحداه ويمتحنه – عن اسم أبى إبراهيم !.

واستمر الشيخ فى استخدام أسلوبه الاستفزازى فى كل درس، وخاف البنا أن يهرب المستمعون.
فكر فى أسلوب عملى لعلاج المشكلة، فدعى الشيخ إلى منزلة، واكرمه، وأهداه كتابين، فسر الشيخ بالتكريم والهدية، فإذا به يواظب على الدرس، ويكف عن الجدال، ويدعو الناس إلى الحضور.
تجنب الصدام والجدال، وأثر أن يقترب من خصمه ويحتويه، ولم يكن ذلك شاقاً أو صعباً!.
كان من أثر محاضرات ودروس البنا أن حضر إليه من الذين تأثروا بها من أهالى الإسماعيلية : حافظ عبد الحميد، نجار، أحمد الحصرى، حلاق، فؤاد إبراهيم، مكوجى، وعبد الرحمن حسب الله، سائق، إسماعيل عز، جناينى، زكى المغربى، عجلاتى.

وكان ذلك فى أبريل 1928.
حدثوه عن الطريق العملى الذى ينبغى ان يسلكوه، لعزة الإسلام وخير المسلمين، وعرضوا عليه ما يملكون من مال بسيط، وحملوه تبعية أمرهم، فكان القسم والبيعة.
أى اسم يحمله التنظيم الوليد ؟!
قال لهم البنا : نحن اخوة فى خدمة الإسلام، فنحن إذن الإخوان المسلمون.
وهكذا ولدت الجماعة





دعم الانجليز للاخوان



مقدمة





بعد عقود من التحالف بين جماعة الإخوان المسلمين والحكومة البريطانية، أصدر ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني قرارا بالتحقيق حول وجود جماعة «الإخوان» ونشاطها في بريطانيا على خلفية المخاوف من قيامها بأنشطة متطرفة، واستخدام لندن مركزا لعملياتها الدولية، القرار الذي يضع علاقة الإخوان بلندن على المحك، ولكن قبل قرار كاميرون بعدة أيام ، كانت مجلة الفورين بولسي قد نشرت تقريرا يحمل عنوان "لماذا تقدم لندن كل هذا الدعم للإخوان المسلمين...؟!"، والتي أشارت فيه أن لندن أصبحت مقر "إخوان أونلاين"، مؤكدة أن "الجماعة" صناعة إنجليزية.




ووصفت المجلة لندن بأنها “المكان الطبيعي لتنظيم


الإخوان المسلمين خارج مصر،” مشيرة إلى أن عاصمة الضباب هي بالفعل المقر الرئيسي لموقع “إخوان اون لاين” الذي ينطلق بعدة لغات بهدف تقديم الجماعة كفصيل معتدل يحترم الغرب ويسعى لصداقته,وأيضا فيها يقيم إبراهيم منير، المتحدث الرسمي باسم إخوان أوروبا ، وذلك في تحقيق أجرته من داخل المقر البريطاني الجديد للجماعة.
وطرحت فورين بوليسي، في تقريرها سؤال دون إجابة هو: لماذا تقدم لندن كل هذا الدعم للإخوان المسلمين؟ .
وحسب دراسات موثقة في هذا السياق، فإن نشأة الجماعة نفسها عام 1928 بمدينة الإسماعيلية المصرية تمت برعاية الاستخبارات الانجليزية التي قدمت شيكاً بمبلغ 500 جنيه مصري للشيخ حسن البنا الزعيم المؤسس للجماعة عبر شركة قناة السويس.
وتمثل الهدف الاستراتيجي من وراء ذلك في رغبة سلطات الاحتلال الانجليزي خلق فصيل شعبي مناوئ لحزب الوفد الذي كان يتمتع بشعبية طاغية آنذاك ويفسد تحركات الاحتلال لبسط نفوذه على المشهد السياسي المصري، فضلاً عن رغبة الانجليز في إيجاد ورقة ضغط جديدة على ملك البلاد.
تلك العلاقة القديمة قِدَمَ عُمرِ جماعة الإخوان، والتي تشبه علاقة الجنين بأمه، فمنذ الولادة الأولى للجماعة على يد البنا، بالتمويل الذي خصصته هيئة قناة السويس التي كانت تديرها الحكومة البريطانية آنذاك، ومنذ ذلك الحين حتى الآن والجماعة تعد الابن الغير شرعي للعلاقة بين حسن البنا والحكومة البريطانية، ولترتبط الجماعة ببريطانيا بحبل سري لم ينقطع إلا بعد قرار كاميرون في مارس الماضي.في هذا الملف نقدم التحالف البريطاني مع جماعة الإخوان، على مدار عقود، امتدت بامتداد تاريخ الجماعة، منذ النشأة حتى بعد ثورة 30 يونيو، ففي الثلاثينيات قدمت الحكومة البريطانية دعما لوجيستياً ومالياً للجماعة، كما قامت بريطانيا بعقد اتفاقات سرية مع الإخوان المسلمين والحكومة المصرية آنذاك للتخلص من سعد زغلول وحكومة الوفد، لتأتي ثورة يوليو مطلع الخمسينيات، بما لا تشتهيه الإخوان وبريطانيا مع حكومة ناصر، ومع المحنة الثانية للإخوان في 1954، كانت بريطانيا بشكل خاص، وأوروبا بشكل عام أرضا لهروب الإخوان.


الأمر الذي تجدد في نهاية السبعينيات لنجد تنوعا
ملحوظا ليس فقط للإخوان، وإنما لكل الجماعات الجهادية على كافة تنوعاتها، الأمر نفسه الذي تكرر مطلع الثمانينيات بعد مقتل السادات، ووصول مبارك لسدة الحكم وما تبعها من اعتقالات ضد التيار المتشدد، والذي ظهر مرة أخرى على السطح في مطلع التسعينيات، لتفتح لندن أراضيها بقوة لكل التيارات الجهادية والإسلامية بدعوى "حق اللجوء السياسي".
الإخوان وبريطانيا من 1936 حتى 1957 وعشرون عاما من التعاون



في هذا التقرير عرض لأخطر الكتب التي نشرت في عام 2010، والذي يحمل عنوان " Secret Affairs: Britain’s Collusion with Radical Islam "، أي "التواطؤ البريطاني مع الإسلام الراديكالي"، والذي وثق فيه مؤلفه مارك كيرتس الباحث في المعهد الملكي للشئون الدولية وغيره من المعاهد والمراكز البحثية- تفاصيل التعاون بين جماعة الإخوان المسلمين وبين بريطانيا في الفترة ما بين 1936 حتى عام 1957، استغرقت الدراسة أربع سنوات كاملة اطلع الباحث خلالها على آلاف الوثائق والملفات السرية، خصوصا التي أُفرج عنها حديثاً.
تكشف الدراسة كيف قامت بريطانيا بعقد اتفاقات سرية مع الإخوان المسلمين ومع كثير من الجماعات الراديكالية حول العالم، وقد أورد مؤلف الكتاب وثائق تشير صراحة إلى أن الاحتلال البريطاني لمصر بدأ يمول بشكل مستمر نشاط الإخوان المسلمين في مصر منذ عام 1942.يقول مؤلف الكتاب: إن بريطانيا تبنت استراتيجية "القتل بالإحسان"، وهذه الاستراتيجية تقوم على زيادة تمويل الجماعات الإسلامية المتشددة، والتغلغل في صفوفها ومحاولة زرع بذور الخلاف بين زعمائها؛ فهي مثلاً تبنت زعامة أحمد السكري وكيل جماعة الإخوان المسلمين في مصر ضد زميله حسن البنا رئيس جماعة الإخوان المسلمين في مصر، الذي يُنظر إليه بالمتشدد الأكبر.
الدراسة تؤكد بالوثائق كيف استغلت بريطانيا جماعة الإخوان في تحقيق مصالحها الإقليمية، على الرغم من أنها لم تعتبر الإخوان حليفاً استراتيجيًّا؛ لأنها لا تثق بهم، علموا بذلك أم لا، فبريطانيا اعتبرت الإخوان حليفاً تكتيكيًّا للضغط على النظام الناصري خلال المفاوضات بشأن وضع القاعدة العسكرية البريطانية في مصر، وكحليف لأي محاولة محتملة لاغتيال الزعيم المصري جمال عبد الناصر، وكذلك استعملت بريطانيا الإخوان كحليف لإسقاط النظام في سورية في خمسينيات القرن الماضي، وكما نعرف فقد فشلت المحاولتان.
حسن البنا

يبدأ كيرتس توثيق العلاقة بداية من الحرب العالمية الثانية، يقول كيرتس: شهدت جماعة الإخوان المسلمين نموا ملحوظا بقيادة حسن البنا، والذي يسعى لتأسيس مجتمع إسلامي ليس في مصر فقط، ولكن في كل أقطار الدول العربية؛ ولذلك أنشأ العديد من الفروع لجماعته، في كل من السودان والأردن وسوريا وفلسطين وشمال إفريقيا، وذلك بهدف إقامة دولة إسلامية تحت شعار "القرآن دستورنا"، التزم الإخوان بالتقيد الصارم لتعاليم الإسلام، وقدمت نفسها للمجتمعات الأوروبية على أنها بديلا للحركات الدينية وحركات القومية العلمانية والأحزاب الشيوعية في مصر والشرق الأوسط، وذلك لجذب انتباه كل من بريطانيا العظمى والولايات المتحدة، وهما القوتان الموجودتان على الساحة في تلك الفترة.
الملك فاروق

وكانت بريطانيا تعتبر مصر بمثابة محورا مهما لها في الشرق الأوسط، وذلك منذ إعلان الحماية البريطانية على مصر في بداية الحرب العالمية الأولى، لتهيمن الشركات البريطانية في الفترة بين الحرب العالمية الأولى والثانية، على الاستثمار الأجنبي والحياة التجارية في مصر، في حين كانت أكبر

قاعدة عسكرية للقوات البريطانية موجودة في قناة السويس، زادت التحديات للوجود البريطاني في مصر بتزايد الحركات القومية والدينية، في حين كان الملك فاروق حليفا للندن، الذي تولى العرش في عام 1936.في عام 1936 دعا الإخوان المسلمين للجهاد ضد اليهود في فلسطين، وأرسلوا متطوعين هناك بعد مطالبة المفتي بالجهاد هناك، اعتبرت جماعةُ الإخوان بريطانيا دولةً ظالمةً، ودعت لمقاومة الاحتلال البريطاني في تلك الفترة، والذي تنامى خاصة بعد تمرد فلسطين خلال السنوات الأولى من الحرب العالمية الثانية، في بداية الأمر انتهجت بريطانيا استراتيجية قمعية ضد الإخوان، خاصة بعد تحالفها مع القوى السياسية الأخرى، ولكن في الأربعينيات ومع مهادنة حكومة فاروق لحسن البنا، بدأت بريطانيا في تمويل جماعة الإخوان منذ عام 1940، حيث رأى فاروق أنه من المفيد التحالف مع قوى سياسية أخرى، ضد الأحزاب السياسية العلمانية والتي كان يمثلها حزب الوفد، ويشير تقرير للمخابرات البريطانية عام 1942، حيث قرر القصر الملكي أن جماعة الإخوان جماعة مفيدة لهم، ومن هنا بدأت رعاية القصر الملكي لهم، وحتى يومنا هذا تم رعاية العديد من المجتمعات الإسلامية في مصر من قبل الحكومة البريطانية، لمعارضة خصوم له أو لتعزيز مصالحهم.
التعاون البريطاني الإخواني:


أمين عثمان باشا

جاء أول اتصال مباشر بين المسئولين البريطانيين والإخوان في عام 1941، في الوقت الذي اعتبرت فيه الاستخبارات البريطانية أن الجماعة تعد خططا تخريبية ضد المصالح البريطانية، كما اعتبر التقرير الجماعة "الخطر الأكثر خطورة على الأمن العام في مصر"، كان ذلك العام الذي تم فيه اعتقال البنا وإيداعه السجن من قِبَل السلطات المصرية، ولكن ما إن تم الإفراج عنه في وقت لاحق من نفس العام ، حتى اتصلت به السلطات البريطانية، التي وضعت بعض الاعتبارات في حسبانها شكل التعاون بين الإخوان والحكومة البريطانية، هناك نظريات كثيرة حول قبول البنا أو رفضه للدعم البريطاني، ولكن بالنظر إلى الهدوء النسبي للإخوان لبعض الوقت هذه الفترة، فإن المؤشرات تشير لقبول البنا العرض البريطاني.بدأ التمويل البريطاني لجماعة الإخوان في عام 1942، حيث كانت البداية في يوم 18 مايو، حيث عقد مسئولون في السفارة البريطانية اجتماعا مع رئيس الوزراء المصري أمين عثمان باشا، لمناقشة العلاقات مع الإخوان المسلمين وتم الاتفاق على عدد من النقاط، أولها سحب دعم الحكومة المصرية لحزب الوفد وتحويل هذا الدعم إلى جماعة الإخوان المسلمين، على أن تدفعه الحكومة المصرية، على أن تطلب الأخيرة مساعدات مالية من السفارة البريطانية، هذا إلى جانب تقديم الحكومة المصرية عملاء من داخل الجماعة لمراقبة أنشطة الجماعة عن كثب، وتقديم المعلومات أولا بأول إلى السفارة البريطانية.كما اتفق الجانبان على أن تحاول الحكومة المصرية إحداث انقسامات داخل الجماعة، من خلال استغلال أي خلافات قد تحدث بين زعيمي الحركة حسن البنا وأحمد السكري، على أن تسلم الحكومة البريطانية لائحة إلى الحكومة المصرية تضم أسماء أعضاء جماعة الإخوان الخطرين، على ألا تقوم السلطات المصرية بأي إجراءات عدوانية ضد الجماعة، إلا بعد تشاورات مع بريطانيا.
كما اتفق الجانبان على السماح لحسن البنا مؤسس الجماعة بنشر مقالات في الصحف تدور حول إرساء مبادئ الديمقراطية، الأمر الذي سيؤدي بدوره دورا جيدا لتفكيك الجماعة، والاجتماع ناقش أيضا كيفية دعم الإخوان في تشكيل فرق تخريبية تجسس على النازيين، الجماعة تم وصفها خلال الاجتماع بأنها جماعة دينية ظلامية، يمكن استغلالها في إخراج فرق انتحارية وقت الاضطرابات، الطرفان كانا مدركين بأن الإخوان معادون لأوروبا وإنجلترا بسبب مواقف الأخيرة في مصر، ولكن توقعت إنجلترا أن يكون للجماعة شأن ونفوذ سياسي فيما بعد.بحلول عام 1944، وصفت لجنة الاستخبارات السياسية في بريطانيا جماعة الإخوان باعتبارها خطرا قائما لمصالحها، ولكن في ظل ضعف قيادة البنا، الشخصية البارزة الوحيدة، قد يعجل ذلك بانهيارها بسهولة، التعاون كان مرفوضا من بعض خبراء الاستخبارات البريطانية، في زرع الإخوان كان له أبلغ الأثر في مواجهة بريطانيا للمعادين لوجودها داخل مصر.
وهكذا، وبحلول نهاية الحرب العالمية الثانية، كان لدى بريطانيا خبرة كبيرة بالتعامل مع قوات الإخوان المسلمين والتي ساعدتهم في تحقيق أهداف معينة، بينما أدرك المسئولون أيضا أن هذه القوات نفسها تعارض سياسة الإمبراطورية البريطانية والأهداف الاستراتيجية لها عموما، هذا التعاون المؤقت كان لتحقيق أهداف محددة في حال افتقار بريطانيا لحلفاء آخرين أو القوة الكافية لفرض أولوياتها.
مكنت هذه السياسة النفعية بريطانيا من تعميق دورها بشكل كبير في عالم ما بعد الحرب، كما ازدادت الحاجة إلى المتعاونين في بيئة عالمية أكثر صعوبة بكثير، ومع نهاية الحرب العالمية الثانية، كان الإخوان من القوى السياسية المؤثرة على الأحداث في مصر، إلى جانب حزب الوفد، ومن جانبه واصل الملك فاروق الاستفادة من الإخوان، حيث ظل الإخوان يمدون الحكومة بمعلومات عن الشيوعيين الموجودين في النقابات والجامعات، في أجواء اتسمت بالتصعيد ضد الوجود البريطاني، وزيادة تيار العنف الإخواني عام 1954.
محمود فهمي النقراشي

بدأت المواجهات بين الإخوان والإنجليز بعد فترة وجيزة، مع إصرار الإخوان- بطرد الإنجليز من البلاد؛ لإقامة الدولة الإسلامية، وبدأ هجوم الإخوان بالقنابل ضد القوات البريطانية، وفي الفترة ما بين 1945 إلى 1948 نفذ الإخوان عمليات اغتيال ضد مجموعة من الشخصيات السياسية، فتم اغتيال رئيس البوليس السري وعدة وزراء، وفي ديسمبر 1948 استطاعت السلطات المصرية اكتشاف مخابئ أسلحة تابعة للإخوان كانت جاهزة لقلب نظام الحكم، الأمر الذي جعل بريطانيا تطلب من الحكومة المصرية تضييق الخناق على أنشطة الجماعة المعادية لها، فأصدرت الحكومة المصرية قرارا بحل جماعة الإخوان في ديسمبر 1948، ولكن بعد قرار الحل بثلاثة أسابيع، تم اغتيال رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي، على يد أحد أعضاء الجهاز السري للجماعة، وهو نفس الجهاز الذي نفذ هجمات بالقنابل ضد البريطانيين في منطقة القناة.

بحلول يناير 1949، طلبت السفارة البريطانية في القاهرة من القصر باستخدام كافة الطرق لسحق الإخوان، وبالفعل تم اعتقال أكثر من 100 عضو من الجماعة، ليعقبها في فبراير من نفس العام اغتيال مؤسس الجماعة حسن البنا، وتم ترويج أن أفراد من البوليس السري هم وراء حادث مقتله، بأوامر مباشرة من القصر، ولكن وفقا لتقرير الاستخبارات البريطانية، والذي أكد أن التخلص من البنا جاء بأوامر من القصر وأنه على الحكومة التخلص من نشاط البنا، والذي تسبب لاحقا بمتاعب للحكومة المصرية على أيدي أتباعه، والذين اعتبروه شهيدا مات من أجل قضية الإسلام، وبعد مقتل البنا بثلاثة أيام التقى السفير البريطاني، رونالد كامبل، بالملك فاروق والذي ألقى مسئولية مقتل البناعلى أتباع الأخير من أعضاء الجهاز السري، أو على يد السعديين (أنصار سعد زغلول).

حسن الهضيبي

في أكتوبر 1951، انتخبت الإخوان حسن الهضيبي مرشدا جديدا للجماعة خلفا للبنا، وهو شخصية لا ترتبط علنا مع الإرهاب، والمعروف معارضته للعنف، لم يكن الهضيب قادرا على إحكام سيطرته على المجموعات المتنافسة من داخل الجماعة، تظهر ملفات الاستخبارات البريطانية محاولة مسئوليها ترتيب لقاء مباشر بالهضيبي في ديسمبر 1951، وعقدت عدة اجتماعات مع أحد مستشاريه، يدعي فرخاني بك، وهو لم يكن عضوا في جماعة الإخوان المسلمين، وذلك من أجل محاولة إبقاء الإخوان بعيدا عن المشهد السياسي ووقف أي أعمال عنف تنفذ ضد المنشآت الحيوية أو الجيش الإنجليزي.
عبد الناصر عدو الإخوان والإنجليز:



بعد ثورة يوليو عام 1952، نجح الإنجليز في مقابلة الهضيبي في أوائل 1953، لمعرفة موقفه من مفاوضات الجلاء بين بريطانيا والحكومة المصرية، كان اتفاق العشرين عاما والذي تم توقيعه عام 1936، أوشك على الانتهاء، ولا زالت بعض الملفات البريطانية تخضع للرقابة، لم يكن معروفا على وجه الدقة ما حدث في هذه الاجتماعات، ولكن ريتشارد ميتشل، المحلل الإنجليزي لجماعة الإخوان المسلمين وثق ما حدث من مختلف الأطراف الحكومة البريطانية، والمصرية والإخوان.كان عبد الناصر عدوا للإنجليز، ولهذا وبدلا من الدخول في حرب مباشرة معه، استخدم الإنجليز الإخوان في معرفة شئون الأمة وشق توجه الرأي العام المناصر لثورة يوليو، الأمر الذي أكده ميتشيل الذي توصل في تقريره أن دخول الإخوان في مفاوضات الجلاء كان بناء على طلب بريطانيا، الأمر الذي لم يكن مقبولا من الجانب



المصري، طلب بريطانيا جاء بناء على سعيها معرفة موقف الإخوان من المفاوضات، والذي سيكون مؤثرا في الرأي العام؛ ولهذا تم الاجتماع بحسن الهضيبي، واتفق الطرفان بإصرار الإخوان بتواجدهم في المشهد السياسي، وتكريس الفكرة في الرأي العام في محاولة لإضعاف حكومة ناصر، الاجتماع الذي استنكره عبد الناصر ووصف الاجتماع بأن المفاوضات السرية بين الإخوان وبريطانيا طعنة في ظهر الثورة، من المعلومات المحدودة المتاحة، الاستراتيجية البريطانية يبدو أن الفجوة التقليدية والقاعدة، تهدف الى كسب "النفوذ" على النظام الجديد في السعي لتحقيق مصالحها الخاصة.اعتمدت استراتيجية إنجلترا على أن زراعة جماعة الإخوان سيزيد من التوترات، بين ناصر والإخوان وتعزيز موقف الأخيرة، وتشير المذكرات البريطانية الداخلية أن المسئولين البريطانيين أكدوا لناصر في اجتماعاتهم عن لقاءاتهم مع الهضيبي وبعض من أعضاء جماعة الإخوان، مؤكدين لناصر أن لقاءاتهم مع الهضيبي طبيعية وليس هدفها القيام بأي شيء مخادع.

ونستون تشرشل- حادثة المنشية

عرف المسئولون البريطانيون أن جماعة الإخوان المسلمين والمنتمين إليها يريدون إدخال ما يسمى بالدستور الإسلامي، احتوت إحدى التقارير عن فحوى لقاء بين مستشارة السفارة البريطانية في القاهرة تريفور إيفانز والإخوان في 7 فبراير 1953، والذي قال فيه أحد أعضاء الإخوان للبريطانيين بالنص: "إذا بحثت مصر في جميع أنحاء العالم لصديق لن تجد سوى بريطانيا"، التعليق الذي فسره الإخوان فسرته السفارة البريطانية بأن هناك وجود مجموعة من قادة الإخوان على أتم استعداد للتعاون مع بريطانيا، وأشارت المذكرة المكتوبة بخط اليد على هذا الجزء من مذكرة السفارة على ما يلي: أن الإخوان لديها مبرر مثير للدهشة، كما فسرت التعليق باحتمالية تزايد نفوذ وتأثير الطبقة الوسطى في جماعة الإخوان، مقارنة بتأثير قيادات الجماعة التي ضعفت عقب مقتل حسن البنا.كان هناك رغبة واضحة من البريطانيين والإخوان للتعاون مع بعضهما البعض، والتي أصبحت أكثر أهمية في أواخر عام 1953، وهو الوقت الذي اتهم فيع عبد الناصر جماعة الإخوان المسلمين بمقاومة إصلاحات الأراضي ومحاولة تخريب الجيش من خلال "الجهاز السري" للجماعة، في مطلع 1954 اشتبك أنصار الحكومة والإخوان في جامعة القاهرة؛ وتم إصابة عشرات الأشخاص، كما تم إحراق سيارة جيب عسكرية، الأمر الذي جعل ناصر يصدر قراره بحل جماعة الإخوان، من بين قائمة طويلة من الاتهامات ضدهم تضمنها مرسوم الحل، من بينها اجتماعات الجماعة مع البريطانيين، الاجتماعات التي استمرت حتى وصلت لتكون إلى "معاهدة سرية".في الوقت الذي سعى فيه الإخوان للترويج لانتفاضة شعبية، حاول جناحها العسكري لاغتيال عبد ناصر فيما عرف بـ"حادثة المنشية"، والتي وقعت في الإسكندرية، بعدها تم إلقاء القبض على مئات من أعضاء الجماعة، في حين هرب بعضهم خارج البلاد، وفي اليوم التالي لحادث الاغتيال، بعث رئيس الوزراء ونستون تشرشل رسالة شخصية لعبد الناصر قائلا: "أهنئكم على هروبك من الهجوم الغادر، الذي استهدف حياتك في الاسكندرية مساء أمس"، ومع ذلك، فإن البريطانيين تآمروا مرة أخرى مع الإخوان لتحقيق نفس الهدف باغتيال ناصر.




هارولد ماكميلان

قررت بريطانيا التخلص من جمال عبد الناصر بعد ثلاث سنوات من الثورة، خاصة في أعقاب تقرير رالف ستيفنسون سفير بريطانيا في القاهرة آنذاك قال فيه: "إن الحكومة تعمل من أجل مصالح الشعب في محاولة منها لعمل إصلاحات داخلية يستفيد منها الفقراء، ووصف رالف حكومة الثورة آنذاك بأنها أفضل من أي حكومة مرت بها مصر منذ عام 1922؛ لأنها تحاول أن تفعل شيئا للشعب بدلا من مجرد الحديث"، وأنهى ستيفنسون تقريره إلى هارولد ماكميلان، وزير الخارجية في حكومة أنتوني إيدن، "أن حكومة ناصر تستحق كل المساعدة الممكنة، التي يمكن أن تقدمها لها بريطانيا العظمى بشكل صحيح"، بعد تسعة أشهر من كتابة هذه المذكرة، قررت البريطانية اغتيال ناصر والتخلص منه نهائيا.في عامي 1955 و1956 ساند عبد الناصر العديد من الحركات التحررية ضد الاستعمار، خاصة في البلاد العربية، الأمر الذي كان بمثابة إعلان ناصر للعداء لبريطانيا وفرنسا والدول الكبرى في ذلك الوقت، وفي وقت نفسه كان المسؤولون البريطانيون برصد دقيق لأنشطة جماعة الإخوان المناهضة للنظام، والتي أدركت أن الجماعة أصبحت تشكل تحديا خطيرا لعبد الناصر، فقام الملك حسين بإعطاء قادة الإخوان جوازات سفر دبلوماسية منذ عام 1922؛ لأنها تحاول أن تفعل شيئا للشعب بدلا من مجرد الحديث"، وأنهى ستيفنسون تقريره إلى هارولد ماكميلان، وزير الخارجية في حكومة أنتوني إيدن، "أن حكومة ناصر تستحق كل المساعدة الممكنة، التي يمكن أن تقدمها لها بريطانيا العظمى بشكل صحيح"، بعد تسعة أشهر من كتابة هذه المذكرة، قررت البريطانية اغتيال ناصر والتخلص منه نهائيا.
المسلمين ستكون المستفيد الأول لتشكيل حكومة والإمساك بمقاليد السلطة في حال شن حرب على مصر واعتقال جمال عبد الناصر؛ السيناريو الذي أكده مسئولون بريطانيون من إمكانية حدوثه، وإن كانوا يخشون أن سيطرة الإخوان ستنتج نموذجا أكثر تطرفا من حكومة ناصر نفسها، إلا أن ذلك لم يمنعهم من الاتفاق معهم.
وبعد بضعة أشهر من هزيمة بريطانيا، وبالتحديد في أوائل عام 1957، أوصى تريفر إيفانز، المسئول الذي قاد الاتصالات البريطانية مع الإخوان في عدة تقارير كتبها قبل أربع سنوات- بأن "اختفاء نظام عبد الناصر، ينبغي أن يكون هدفنا الرئيسي"، وأشار مسئولون آخرون إلى أن جماعة الإخوان ظلت نشطة ضد ناصر داخل وخارج مصر، خاصة في الأردن، وأشارت التقارير إلى ضرورة استخدام الجناح العسكري للإخوان في الفترة المقبلة.

اضغط على الرابط
https://www.islamist-movements.com/special/?id=2435









رد مع اقتباس
قديم 2014-12-30, 00:13   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الزمزوم
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية الزمزوم
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تاريخ علاقة الاخوان بـأمريكا 7 حلقات

اضغط على الرابط

https://www.islamist-movements.com/special/?id=2450










رد مع اقتباس
قديم 2014-12-30, 00:14   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
الزمزوم
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية الزمزوم
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الاخوان النشأة التحولات التمويل

أشهر العمليات الإرهابية في تاريخ الإخوان... [الجزء الأول]





رسم لحادث اغتيال أحمد ماهر باشا

البدايات

لقد شكلت قضية موقف الإخوان من العنف والإرهاب مرتكزاً أساسياً لأغلب الدراسات التي كتبت في تاريخ الإخوان، جلّها حملت مبررات عديدة لهذا النوع من استخدام العنف في السياسة.
ونستطيع رصد بدايات تشكل النظام الخاص للجماعة - بالتقريب بين أعوام 1940-1942 - فقد تضخمت جماعة الإخوان المسلمين إبان حكومة الوفد (1942– 1944) بشكل هائل، وتحولت إلى قوة مليونية مستغلة في ذلك ما قامت به من اتفاق غير معلن مع الحزب الحاكم، يتيح لها العمل بحرية في أنحاد البلاد شريطة عدم اللجوء إلى العنف، وفي محاولة من الجماعة لاستيعاب التوسع التنظيمي خلال تلك الفترة، قام البنا باستحداث "نظام الأُسَر" في هيكليتها التنظيمية، وهو نوع من الخلايا التي لا يزيد عدد أعضاء كل منها عن خمسة أعضاء، ويبدو أن مؤسس الإخوان شكل خلال هذه الفترة "النظام الخاص"، أو ما سيعرف خارج الجماعة بـ"الجهاز السري"، ولكن لا يوجد تاريخ دقيق لبدء تشكيل هذا النظام، ومما يشير إلى عدم الدقة في تحديد متى أنشئ الجهاز الخاص أن أعضاء الإخوان أنفسهم حددوا تاريخ إنشاء هذا الجهاز ما بين 1930 و1947، وهو ما يدل على غموضه وسريته التامة.
ويشير البعض إلى أن "البنا" حدد وظائف هذا التشكيل بـ "شن الحرب على الاستعمار البريطاني، وقتال الذين يخاصمون الجماعة وردعهم، وإحياء فريضة الجهاد"؛ وهو ما يعني أن البنا قد فكر لأول مرة في إيجاد تشكيل مؤسساتي، يتصدى لمن يخاصم الدعوة ويردعه".
تألف النظام الخاص من ثلاث شعب أساسية هي: التشكيل المدني، تشكيل الجيش وتشكيل البوليس، وألحقت بالنظام تشكيلات تخصصية مثل "جهاز التسليح" وجهاز الأخبار، وقد عمل الجهاز الأخير كجهاز استخباري للجماعة.
ويعتبر الكثير من المؤرخين أن إنشاء "النظام الخاص" جاء كتطور منطقي وطبيعي لفكر حسن البنا، ففي رسالة المؤتمر الخامس 1938 يجيب البنا في وضوح وجلاء عن سؤال: "هل في عزم الإخوان المسلمين أن يستخدموا القوة في تحقيق أغراضهم والوصول إلى غايتهم؟، بالقول: "الإخوان المسلمون لا بدّ أن يكونوا أقوياء ولا بدّ أن يعملوا في قوة".

الإخوان المسلمون والإرهاب




عندما صدر قرار حل الجماعة بتاريخ 8 ديسمبر سنة 1948 أرفقت به مذكرة تفسيرية تورد بعضاً مما ارتكبته الجماعة من أعمال إرهابية، ورد مرشدها العام – آنذاك – حسن البنا، بمذكرة مضادة على طريقة "ومن خدع الحرب أن يضلّل المسلم عدو الله بالكلام حتى يتمكن منه فيقتله"، وهي أحد تعبيرات البنا الشهيرة، ولكن فضيلة المرشد لم يدرك ساعتها أن بعضاً من رجاله سوف يأتون في زمن لاحق فيذكرون الحقيقة كاملة ليضعوه بعد رحيله بسنوات عديدة في مأزق الاتهام بالكذب.
جاء في المذكرة التفسيرية حول حوادث إلقاء قنابل على عدد من أقسام الشرطة بالقاهرة ما يلي: "كما وقعت بتاريخ 24 ديسمبر سنة 1946 حوادث إلقاء قنابل انفجرت في عدة أماكن بمدينة القاهرة وضبط من مرتكبيها اثنان من جماعة الإخوان قُدِّما لمحكمة الجنايات فقضت بإدانة أحدهما في الجناية 767 لسنة 1946 قسم عابدين".
وفي معرض رده على هذا الاتهام يقول البنا: "والشخص الذي أدين في قضية الجناية رقم 767 لسنة 1946 قسم عابدين بمناسبة حوادث 24 ديسمبر 1946، لم يثبت أنه أمر بهذا من قبل الإخوان أو اشترك معه فيه أحد منهم، وقد كانت هذه الحوادث شائعة في ذلك الوقت بين الشباب بمناسبة الفورة الوطنية التي لازمت المفاوضات السابقة، ولقد حدث بالإسكندرية أكثر مما حدث بالقاهرة، وضبط من الشباب عدد أكبر وصدرت ضدهم أحكام مناسبة، ولم يقل أحد إنهم من الإخوان المسلمين فتحمل الهيئة تبعة هذا التصرف الذي لاحق فيه ولا مبرر له".
وبعد أربعين عاماً بالتمام والكمال يأتي واحد من تلاميذ البنا وعضو من أعضاء النظام الخاص ليكذبه صراحة، يروي "محمود الصباغ" في كتابه "حقيقة التنظيم الخاص"، الحقيقة كاملة فيقول: "كان لا بدّ للنظام الخاص وقد تطورت الأمور إلى هذا الحد أن يُري كلاً من الحكومة والإنجليز أن محاولتهما لتقنين احتلال الإنجليز لمصر لن تمر دون قتال مسلّح، فعمد إلى تفجير قنابل في جميع أقسام البوليس في القاهرة يوم 3/12/1946 بعد العاشرة مساءً، وقد روعي أن تكون هذه القنابل صوتية، بقصد التظاهر المسلح فقط دون أن يترتب على انفجارها خسائر في الأرواح، وقد بلغت دقة العملية أنها تمت بعد العاشرة مساء في جميع أقسام البوليس، ومنها أقسام بوليس الموسكي والجمالية والأزبكية ومصر القديمة ونقطة بوليس السلخانة، ولم يضبط الفاعل في أي من هذه الحوادث، فاشتدّ رعب الحكومة من غضبة الشعب، وفكرت كثيراً قبل إبرام ما عزمت عليه، ثم توالى إلقاء القنابل على أقسام بوليس عابدين والخليفة ومركز إمبابة".



تفجير الملك جورج ومراوغة البنا




صلاح شادي

وتمضي المذكرة لتذكر حادثاً آخر - ولكن هذه المرة مع اختلاف الزمان والمكان - ففي عام 1947 حاول الإخوان المسلمون تفجير فندق "الملك جورج" بالإسماعيلية، تقول مذكرة حل الجماعة: "وثبت في تحقيق الجناية رقم 4726 لسنة 1947 أن أحد أفراد جماعة الإخوان قد ألقى قنبلة بفندق الملك جورج بتلك المدينة، فانفجرت وأصيب من شظاياها عدة أشخاص كما أصيب ملقيها نفسه بإصابات بالغة"، ويرد البنا في ثقة: "الجناية رقم 4726 لسنة 1947 ثبت أن الذي اتهم فيها غير مسؤول عن عمله، وسقط الاتهام ضده، وما زال في المستشفى إلى الآن، فما وجه الاستشهاد بها في مذكرة رسمية؟، وهل تكون هيئة الإخوان مسؤولة عن عمل شخص يتبين أنه هو نفسه غير مسؤول عن عمله؟!.
وهذه المرة نلجأ إلى رجل آخر من تلاميذ البنا هو "صلاح شادي" رئيس جهاز الوحدات، الذي يذكر في كتابه "حصاد العمر"، "والتقى أمرنا داخل قسم الوحدات على القيام بعملية إرهاب داخل فندق الملك جورج، وكلفنا الأخ رفعت النجار - من سلاح الطيران - بالقيام بهذه العملية بأن يحمل دوسيهاً له مادة ناسفة يشعلها ثم يتركها في ردهة الفندق إلى جوار الحائط خلف ستارة مدلاة على حائط الردهة، ثم ينهض بعد ذلك ويمضي خارج الفندق."، ويضيف شادي: "جرى التنفيذ على أحسن وجه، ولكن ظهر للأخ "رفعت" عند مغادرته المكان أحد رجال المخابرات من الحراس الإنجليز، الذي أثار شكوكه هذا الدوسيه المتروك، فتوجه الحارس ليمسك به، في حين أصر الأخ "رفعت" على إنجاز التفجير، فعاد إلى الدوسيه وأمسكه بيديه، ومنع اقتراب أي شخص منه حتى يتم التفجير في أثناء إمساكه به وليكن ما يكون".، وشاءت الأقدار أن يصاب المنفذ في الحادث ويقبض عليه"، ولما كانت التهمة ثابتة عليه فإن صلاح شادي يعترف صراحة: "وأحضرنا له بعض الإخوة المحامين الذين دفعوا بأن قدراته النفسية والعقلية لا تضعانه في مستوى المسؤولية الجنائية".، وهو ما ذكره البنا في المذكرة بالحرف، في الوقت الذي يعلم فيه أسرار القصة كامة.

حادث الجبل



هكذا عرف به في أدبيات الإخوان، حيث اعتادت كوادر النظام الخاص على التدريب على استخدام الأسلحة في منطقة جبل المقطم، وتذكر مذكرة حلّ الجماعة أنه "في 19 يناير سنة 1948 ضبط خمسة عشر شخصاً من جماعة الإخوان المسلمين بمنطقة جبل المقطم يتدربون على استخدام الأسلحة النارية والمفرقعات والقنابل، وكانوا يحرزون كميات كبيرة من هذه الأنواع وغيرها من أدوات التدمير والقتل"، ويرد البنا: "هؤلاء الخمسة عشر الذين ضبطوا بعضهم من الإخوان ومعظمهم لا صلة له بالإخوان أصلاً، ولقد برروا عملهم بأنهم يستعدون للتطوع لإنقاذ فلسطين حينما أبطأت الحكومة في إعداد المتطوعين وحشد الجماهير، وقد قبلت الحكومة منهم هذا التبرير وأفرجت عنهم النيابة في الحال، فما وجه إدانة الإخوان في عمل هؤلاء الأفراد خصوصاً وقد لوحظ أنه نص في قرار النيابة بأن الحفظ لنبل المقصد وشرف الغاية".
ويأتي عام 1987 وينكشف المستور ففي كتابه، "النقط فوق الحروف"، يشرح "أحمد عادل كمال" - أحد أقطاب النظام الخاص في جماعة الإخوان المسلمين - قصة حادث الجبل بالتفصيل، فيقول: "كلفنا بالبحث عن مكان مناسب بجبل المقطم يصلح للتدريب على استخدام الأسلحة والمفرقعات، فكان جبل المقطم، فهو لا يحتاج إلى إجازات أو سفر، والمطلوب أن يكون المكان موغلاً في الجبل ميسور الوصول إليه بالسيارة، وأن يكون صالحاً كميدان ضرب نار، وأن يكون مستوراً عن العين، وأن يكون به ما يصلح أبراج مراقبة للحراسة، وبدأ التدريب في ذلك الموقع بمعدل مجموعتين في اليوم الواحد، مجموعة تذهب مع الفجر حتى العصر وأخرى تذهب مع العصر وتعود مع الفجر، وكان الذهاب والعودة يتم بسيارة ستيشن واجن، وكان الترتيب ألا ترى مجموعة الأخرى، وأن يكون هناك - بصفة دائمة في مكان مرتفع - من يرقب المجال حول الموقع بمنظار مكبّر، هذا الحارس كان في استطاعته أن يرى أيّة سيارة قادمة بسرعة قبل أن تصل بثلث ساعة على الأقل، وكانت هناك حفر مُعدّة ليوضع بها كل السلاح والذخيرة ويردم عليها لدى أول إشارة، وبذلك تبقى المجموعة في حالة معسكر وليس معها ممنوعات قانونية". ويضيف كمال: "واستمر ذهاب المجموعات وعودتها بمعدل مرتين كل يوم ولمدة طويلة حتى صنعت السيارة مدقاً واضحاً مميزاً في الجبل، وحتى لفتت نظر الحجارة في محاجر الجبل بأول الطريق، وبلغ الخبر إلى البوليس ونحن لا نشعر، وكان مسؤول التدريب يدرب مجموعة هناك، ومن تكرار التدريب في أمن وسلام فقد تغاضى عن حذره فتجاوز عن وضع الحارس مكانه ولم يشعر، والمجموعة معه، إلا بقمم الجبل حوله قد ظهرت من فوقها قوات البوليس شاهرة سلاحها وتطالبهم بالتسليم وهم منهمكون في تدريبهم، كان ذلك يوم 19/1/1948 ونشرت الصحف الخبر"، ونأتي إلى النقطة المهمّة في شهادة كمال، حيث يؤكد: "وحتى هذه الحالة كان هناك إعداد لمواجهتها، أجاب إخواننا المقبوض عليهم بأنهم متطوعون لقضية فلسطين، وهي إجابة كان متّفقاً عليها، وفي نفس الوقت كانت هناك استمارات بأسمائهم تمّ تحريرها في مركز التطوع لقضية فلسطين، كما تمّ اتصال بالحاج محمد أمين الحسيني، مفتي فلسطين ورئيس الهيئة العربية العليا، وشرحنا له الوضع على حقيقته، وكان متجاوباً معنا تماماً، فأقر بأن المقبوض عليهم متطوعون من أجل فلسطين، وأن السلاح سلاح الهيئة، وبذلك أفرج عن الإخوان وسلم السلاح إلى الهيئة العربية العليا"، هكذا تشارك إخوان مصر - بقيادة البنا - وإخوان فلسطين بقيادة مفتي القدس أمين الحسيني، في خداع السلطات المصرية التي أفرجت عن الشباب لنبل المقصد وشرف الغاية، ولم يكتف البنا بذلك ولكنه راح يسجلها نقطة لصالح جماعته ببجاحة يحسد عليها، كما يفعل الآن أحفاده.
وينهي عادل كمال شهادته بالقول: "ومع ذلك فقد كان للحادث أثر بعيد، ذلك أنه عثر مع المسؤول عن المجموعة - رحمه الله - على كشف اشتهر فيما بعد بأنه "كشف الجبل"، يحوي مئة اسم من أسماء إخوان النظام الخاص وأرقامهم السرية مرّتبين في مجموعات، هي المجموعات التي كان مزمعاً تدريبها تباعا من منطقة جنوب القاهرة، ولم يعلم أحد من المسؤولين عن النظام في حينها شيئاً عن "كشف الجبل"، ولم يذكره المسؤول، ولكن ذلك الكشف ظهر بعد ذلك في القضايا وكان من قرائن الاتهام القوية، فضلاً عن أنه كشف الأسماء التي احتواها.

"الخازندار" واستهداف القضاة



لم تتورّع جماعة الإخوان المسلمين من أن تمدّ إجرامها إلى القضاء الذي ظل رجاله في محراب العدالة سندا للمصريين جميعاً، وملاذا لهم ينعمون فيه بثقة التقاضي ويطمئنون فيه إلى ضميره الحي، وفي محاولة من الجماعة لإرهاب القضاة عن طريق استهداف علم منهم - "القاضي أحمد الخازندار بك" - وكيل محكمة استئناف القاهرة، الذي حكم بإدانة بعض أعضاء الجماعة لجرائم اقترفوها باستخدام القنابل.
ولأن نور الشمس يراه حتى من كان به رمد، فسوف نبدأ بشهادة الدكتور عبد العزيز كامل، الذي حضر ما أطلق عليه "محاكمة عبد الرحمن السندي"، عقب مقتل الخازندار، وسطّر في كتابه "في نهر الحياة" شهادته على المحاكمة.
يقول الرجل تحت عنوان "دم الخازندار" :
"في صبيحة هذا اليوم - يقصد يوم مقتل القاضي الخازندار في الثاني والعشرين من مارس 1948 - بينما كان المستشار أحمد الخازندار (بك) في طريقه من منزله في حلوان إلى عمله، عاجله اثنان من شباب الإخوان بإطلاق النار عليه فأردياه قتيلا، وأمكن القبض على الاثنين: محمود زينهم وحسن عبد الحافظ.
وكان للحادث دويّ عميق، تصارعت فيه تيارات فكرية متعددة، فقد أعاد إلى الأذهان مواقف "الخازندار" من قضايا سابقة أدان فيها بعض شباب الإخوان لاعتدائهم على جنود بريطانيين في ناحية الإسكندرية، وحكم على الشابين بالأشغال الشاقة المؤبدة في 22 نوفمبر عام 1947، ولكن أطلق سراحه لعدم كفاية الأدلة، ولم يكن "الخازندار" محبوباً أو حتى موصوفاُ بالحيدة بين الإخوان، فبينما يرون عملهم وطنياً ودينيا، كانوا يرون موقف "الخازندار" موقفا قضائيا متعسفا.
ولا أود أن أسرد الوقائع كلها هنا، ولكن أود أن أسجّل جلسة خاصة شهدتها في المركز العام للإخوان المسلمين - برئاسة الأستاذ البنا - وحضور النظام الخاص في هذا الموضوع.


مصطفى مشهور

وأسجّل هنا ما تعيه ذاكرتي من أحداث هذه الليلة البعيدة.
وسنرى كيف تتغير المشاهد في الذهن وتعاد صياغتها، ويرويها صاحبها معدلة، وهو يؤمن أنها الحقيقة التي شاهدها، وهذه هي حكمة الشاهدين والأربعة شهود في الإسلام.
كنت في ربيع عام 1948 مدرسا في معهد المعلمين في أسيوط، وبعد مصرع "الخازندار"، جاءتني رسالة عن اجتماع عاجل مع الأستاذ المرشد في القاهرة، واستأذنت عميد المعهد الأستاذ عبدالعزيز سلامة في السفر، ولم أكن أغيب عن عملي أو أعتذر، ونظر إلىِّ نظرة طويلة، ووافق على السفر في هدوء دون أن يسأل، وإنما طلب منّي أن أحدد أيام الغياب، ولم أستطع فقال: سأحتفظ بخطاب الاستئذان عندي حتى عودتك، وأرجو أن تكون قريبة، وأن تطمئن على الأهل، وكن حريصاً والله معك".
ويستمر الرجل في روايته فيذكر في ص 46: "كان بإحساسه الداخلي - يقصد مدير المدرسة - يشعر أن الأمر متعلق بالإخوان بعد مصرع "الخازندار"، والكل يتحدث ويعلق: القضاة، المحامون، رجال التعليم، ومهما يكن من أمر الآراء التي تشعّبت، فإنها كانت تلتقي عند إدانة الإخوان واستنكار الحادث، فقد كان عدواناً سافراً على القضاء...
وكانت عودتي إلى القاهرة مفاجأة للأهل، أمي وإخوتي، ولزمت الصمت، وذهبت إلى المركز العام.
كان الاجتماع في حجرة المكتبة بالدور الثاني، هذه المكتبة التي تبرع بجزء كبير منها سمو الأمير محمد علي توفيق - ولي العهد وقتئذ - على إثر كلمات طيبة من سليمان متولي "بك"، مراقب عام المدارس الأميرية، فأرسلها مكتبة كاملة بخزانات الكتب، وكانت هذه الحجرة بالذات أقرب الحجرات إلى فكري وقلبي، وكم قضيت فيها الساعات قارئاً، باحثاً، أو متحدثا مع أعضاء قسم الأسر.
ولكن هذه الجلسة كانت ذات طبيعة خاصة، ولعلها من أعمق جلسات الإخوان أثراً في نفسي، ولا زلت أذكر الأستاذ - يقصد الأستاذ حسن البنا - وجلسته، وعليه يبدو التوتر، أراه في حركة عينيه السريعة، والتفاته العصبي، ووجهه الكظيم، وإلى جواره قادة النظام الخاص: عبد الرحمن السندي، رئيس النظام، وكان لا يقل توتراً وتحفزاً عن الأستاذ، ثم أحمد حسنين، ومحمود الصباغ، وسيد فايز، وأحمد زكي، وإبراهيم الطيب، ويوسف طلعت، وحلمي عبد المجيد ، وحسني عبد الباقي، وسيد سابق، وصالح عشماوي، وأحمد حجازي، ومصطفى مشهور، ومحمود عساف.
كان محور الحديث مصرع المستشار أحمد الخازندار.
قال الأستاذ: إن كل ما صدر منه من قول تعليقاً على أحكام الخازندار في قضايا الإخوان - لو ربنا يخلصنا منه، أو لو نخلص منه، أو لو واحد يخلصنا منه –
لاحظ مطلب البنا يوجهه لقائد النظام الخاص عبد الرحمن السندي، معنى لا يخرج عن الأمنية، ولا يصل إلى الأمر، فالأمر محدد وإلى شخص محدد، وهو لم يصدر أمراً، ولم يكلف أحداً بتنفيذ ذلك، ففهم "عبد الرحمن" هذه الأمنية أمراً، واتخذ إجراءاته التنفيذية وفوجئ الأستاذ بالتنفيذ.
حدثني الصديق الأستاذ مختار عبد العليم المحامي، أن الأستاذ في صلاة العشاء - مساء يوم الحادث - سها في عدد الركعات وصلّى الفرض ثلاث ركعات، وأكمل ركعة السهو، وما أذكر طول صلاتي مع الأستاذ أنه سها مرة، وعلم الأستاذ مختار بهذا ممن كان مع الاستاذ في صلاته.
وسمعت منه أيضاً أن الدكتور عزيز فهمي المحامي قابله في المركز العام، فوجد الأستاذ جالساَ في حجرة منعزلة، وحيداً واضعاً رأسه بين يديه في تفكير عميق، وألم لم يستطع إخفاءه، وهو ناقم أشد النقمة على الحادث.
وما أذكر أن الأستاذ عقد مثل هذا الاجتماع طوال حياته في الإخوان بهذه الصورة...
وكان واضحاً أن الخلاف شديد بين المرشد وعبد الرحمن، فأمام كبار المسؤولين سيبدو إن كان الأستاذ قد أمر، أو أن عبد الرحمن تصرّف من تلقاء نفسه، وفي ماذا؟، في قتل المستشار وتسجيل عدوان دموي على القضاء في مصر؟".
المرشد والسندي يلقيان الاتهام كل على الآخر:
ووجهت حديثي إلى الأستاذ قائلاً:
أريد من فضيلتكم إجابة محددة - بنعم أو لا - على أسئلة مباشرة لو سمحتم.
فأذن بذلك فقلت:
- هل أصدرت فضيلتكم أمراً صريحاً لعبد الرحمن بهذا الحادث؟
- قال: لا
- قلت: هل تحمل دم الخازندار على رأسك وتلقى به الله يوم القيامة؟
- قال: لا
- قلت: إذن فضيلتكم لم تأمر ولا تحمل مسؤولية هذا أمام الله.
- قال: نعم
فوجهت القول إلى عبد الرحمن السندي، واستأذنت الأستاذ في ذلك فأذن.
- ممن تلقّيت الأمر بهذا؟
- فقال: من الأستاذ (يقصد المرشد حسن البنا)
- فقلت: هل تحمل دم الخازندار على رأسك يوم القيامة؟
- قال: لا
- قلت: وهذا الشباب الذي دفعتم به إلى قتل الخازندار من يحمل مسؤوليته؟
والأستاذ ينكر وأنت تنكر، والأستاذ يتبرأ وأنت تتبرأ.
أمنية المرشد أمر واجب النفاذ :
قال عبد الرحمن: عندما يقول الأستاذ إنه يتمنى الخلاص من الخازندار، فرغبته في الخلاص أمر منه.
- قلت: مثل هذه الأمور ليست بالمفهوم أو بالرغبة، وأسئلتي محددة وإجاباتيكم محددة، وكل منكما يتبرأ من دم الخازندار، ومن المسؤولية عن هذا الشباب الذى أمر بقتل الخازندار، ولا يزال المسلم في فسحة من دينه ما لم يلق الله بدم حرام، هذا حديث رسول الله .
- ثم قلت له: والآن هل تُترك المسائل على ما هي عليه، أم تحتاج منك إلى صورة جديدة من صور القيادة وتحديد المسؤوليات؟
- قال: (يقصد المرشد العام حسن البنا) لا بدّ من صورة جديدة وتحديد مسؤوليات
واستقر رأيه على تكوين لجنة تضم كبار المسؤولين عن النظام، بحيث لا ينفرد عبد الرحمن برأي ولا تصرف، وتأخذ اللجنة توجيهاتها الواضحة المحددة من الأستاذ، وأن يوزن هذا بميزان ديني يقتضي أن تكون من بين أعضائها – بالإضافة إلى أنها تتلقى أوامرها من الأستاذ – رجل دين على علم وإيمان، ومن هنا جاء دور الشيخ سيد سابق ميزانا لحركة الآلة العنيفة.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي يجلس فيها عبد الرحمن مجلس المحاسبة والمؤاخذة أمام الأستاذ وقيادات النظام، بل لعلها المرة الأولى التي يجلس فيها الأستاذ أيضاً مجلس المواجهة الصريحة أمام نفسه وأمام قادة النظام، إلى الدرجة التي يقول فيها لعبد الرحمن (يقصد حسن البنا) :
- أنا لم أقل لك ولا أحمل المسؤولية
- وعبد الرحمن يرد:
- لا أنت قلت لي وتتحمل المسؤولية
ويتبرأ كل منهما من دم الخازندار، ويخشى أمر أن يحمله على رأسه يوم القيامة، وانتهت الجلسة.
وعدت إلى المنزل....











رد مع اقتباس
قديم 2014-12-30, 05:10   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
الزمزوم
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية الزمزوم
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أشهر العمليات الإرهابية في تاريخ الإخوان... [ الجزء الثاني]



نسف محكمة الاستئناف:


شفيق أنس في السجن- أثار التفجير داخل المحكمة

في هذه العملية قام عدد من كوادر الجهاز الخاص بمحاولة لنسف محكمة استئناف القاهرة والتي كان يحفظ فيها أوراق ما عرف بقضية "السيارة الجيب" التي كان على رأس المتهمين فيها "مصطفى مشهور" (أحد قادة النظام الخاص، ومرشد الجماعة الخامس فيما بين عام 1996 وعام 2002)، وحكاية السيارة الجيب معروفة، حيث تم ضبط مصطفى مشهور يقود سيارة محملة بأسلحة وقنابل كان النظام الخاص يستخدمها في التدريبات، بالإضافة إلى بعض الأوراق التي تحتوي على خطط واستراتيجيات الجماعة، وقد أنكر البنا - في بيان وزع على الصحفيين آنذاك - أن يقوم أحد الإخوان بهذه الفعلة الشنيعة، ولكن السنوات تأتي بما لم يكن يشتهي البنا، يقول محمود الصباغ حول هذا الحادث: "وبعد نجاح السرية في هذا العمل الفدائي، نظر السيد فايز في كل ما تنسبه الحكومة إلى الإخوان من جرائم باطلة، مدعية أنها تستند في كل ما تدعيه إلى حقائق صارخة في المستندات والوثائق المضبوطة في السيارة الجيب، وكان يعلم يقيناً بكذب هذه الافتراءات، ودليل ذلك ما ذكره عبد المجيد أحمد حسن بعد أن قرر الاعتراف على زملائه، واستندت إليه المحكمة في براءة النظام الخاص مما وجه إليه من اتهامات – ولم يساوره شك في أن الحكومة قد زورت وثائق وقدمتها للنيابة لتدين الإخوان بما ليس فيهم من جرائم واتهامات باطلة، فقرر حرق هذه الأوراق وكون سرية لهذا الغرض بقيادة الأخ شفيق أنس، وقد رسمت الخطة على النحو الذي ظهر في تحقيقات القضية المسماة زوراً وبهتاناً قضية محاولة نسف المحكمة، وحقيقتها أنها كانت محاولة حرق أوراق قضية السيارة الجيب، وتمكن شفيق أنس من أن يضع حقيبة مملوءة بالمواد الحارقة معدة للانفجار الزمني بجوار دولاب حفظ أوراق قضية السيارة الجيب، إلا أن قدر الله قد مكن أحد المخبرين من ملاحظة شفيق وهو يترك الحقيبة ثم ينصرف نازلاً على درج المحكمة، فجرى مسرعاً وحمل الحقيبة وجرى بها خلف شفيق، الذي أسرع في الجري حتى لا تنفجر الحقيبة على سلم المحكمة أو وسط حشود الداخلين في بهوها، ولما خرج إلى الميدان حذر المخبر من الحقيبة، فتركها فانفجرت في ساحة الميدان دون إحداث خسائر تذكر، وقبض على شفيق".

ماهر والنقراشي وعبد الهادي:


أحمد ماهر باشا

في 24 فبراير 1945 كان أحمد ماهر باشا متوجها لمجلس النواب لإلقاء بيان من هناك وأثناء مروره بالبهو الفرعوني قام شاب يدعى محمود العيسوي بإطلاق الرصاص عليه وقتله في الحال، بعد الحادث ألقي القبض على حسن البنا وأحمد السكري وعبد الحكيم عابدين وآخرين من جماعة الإخوان، والتي كان العيسوي عضواً فيها، ولكن بعدها بأيام تم الإفراج عنهم بسبب اعتراف العيسوي بانتمائه للحزب الوطني، ولكن هناك من يؤكد أن محمود العيسوي من غلاة الإخوان المسلمين وتستّر تحت عباءة الحزب الوطني ليحمي جماعته من الضرر، وبعد الإفراج عن قيادات الجماعة لم يذكر أي أحد منهم علاقته بـ"العيسوي" ولكن في سنوات لاحقة ثبتت علاقة الجماعة بالعيسوي، ويسوق الدكتور عبد العظيم رمضان الأدلة على ذلك بما رواه محمد علي أبو طالب من أنه سمع من الأستاذ خالد محمد خالد أن الشيخ سيد سابق – وهو من زعماء الإخوان والذي أفتى بمشروعية اغتيال النقراشي باشا – قد أخبره بعد مقتل أحمد ماهر باشا بأن محمود العيسوي كان من صميم الإخوان المسلمين، ولم يكذب خالد محمد خالد أو الشيخ سيد سابق هذا الكلام، ويستدل أبو طالب على صحة رأيه بوجود وزيرين من زعماء الحزب الوطني، وهما: حافظ رمضان باشا رئيس الحزب، وزكي علي باشا - وهو من زعمائه منذ نشأته - في وزارة أحمد ماهر، ولم يحاسبا على اشتراكهما في قرار إعلان الحرب، بل قرر حافظ رمضان بأنه لا يرى ضرراً في ذلك، ويميل عبد العظيم رمضان إلى احتساب محمود العيسوي من الإخوان – وهذا ما أرجحه على أساس أن كثيرا من المصريين كانوا يجمعون بين انتماءين: الانتماء إلى حزبهم والانتماء للإخوان المسلمين، وأن انتماء محمود العيسوي إلى الحزب الوطني لا يحول دون انتمائه للإخوان المسلمين. "، ويأتي بعد ذلك الصباغ والذي كان واحداً من رجال التنظيم الخاص ليذكر أن أحمد ماهر خائن ولا يختلف على ذلك اثنان - على حد تعبيره - ولكن الإخوان لم يجيزوا قتله ولم يمنعهم هذا من دراسة وتحضير خطة لاغتياله حتى يقوموا بها إذا تطورت الأمور، وذكر الصباغ أنه هو شخصياً كان القائم بهذه الدراسة.




ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين:


محمود فهمي النقراشي باشا

اعتراضا على قرار حل الجماعة قام الجهاز الخاص بوضع خطة لاغتيال رئيس الحكومة – آنذاك – محمود فهمي النقراشي باشا، وكان يشغل وقتها إلى جانب رئاسته للحكومة منصب وزير الداخلية، ففي يوم 28/12/1948 تنكر الإخواني عبد المجيد أحمد حسن في زي ضابط بوليس، واقترب من رئيس الوزراء ووزير الداخلية - أثناء دخوله لمبنى الوزارة - مطلقاً عليه ثلاث رصاصات أدت إلى وفاته على الفور، ولم تمر ساعات قليلة إلا وكان مرشد الجماعة حسن البنا قد خط بياناً بعنوان: "ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين"، زعم مقربون منه أن البيان كتب قبل يومين من الحادث، قال فيه: "لقد وقعت أحداث نسبت إلى بعض من دخلوا هذه الجماعة دون أن يتشرّبوا روحها، وتلا أمر حلّ الإخوان ذلك الحادث المروع، حادث اغتيال دولة رئيس الحكومة المصرية محمود فهمي النقراشي باشا، الذي أسفت البلاد لوفاته وخسرت بفقده علماً من أعلام نهضتها وقائداً من قادة حركتها ومثلاً طيباً للنزاهة والوطنية والعفة من أفضل أبنائها، ولسنا أقل من غيرنا أسفاً من أجله وتقديراً لجهاده وخلقه".
الغريب أن المتهم - بعد أن أنكر صلته بالإخوان وأصر على أنه قام بتنفيذ العملية من تلقاء نفسه - عاد واعترف بدور الجماعة في العملية فور سماعه لبيان المرشد العام، وبعيداً عن اعتراف الشاب بمسؤولية الإخوان الذي قد يدفع البعض بأنه جاء تحت وقع التعذيب أو التهديد، يعترف محمود الصباغ بعد أربعين عاماً على الحادث - في كتابه السابق الإشارة إليه، وفي معرض حديثه عن مقتل النقراشي باشا - بأن العملية جاءت من باب حماية الدعوة، في إشارة إلى قرار النقراشي بحل الجماعة ويواصل: "وبدأ السيد فايز - مسؤول الجهاز الخاص آنذاك - المعركة برأس الخيانة محمود فهمي النقراشي، وقد كوّن فايز خلية من: محمد مالك وشفيق أنس وعاطف عطية حلمي والضابط أحمد فؤاد وعبد المجيد أحمد حسن ومحمود كامل، لهذا الغرض، وبفخر يقول الصباغ: ونجح عبد المجيد أحمد حسن في قتل النقراشي في مركز سلطانه ووسط ضباطه وجنوده وهو يدخل مصعد وزارة الداخلية.
ولم يتوقف الإخوان بعد اغتيال النقراشي ورأوا أن إبراهيم باشا عبد الهادي امتداد للنقراشي ومن ثم قرر الإخوان الفدائيون - هكذا يصفهم الصباغ – اغتيال إبراهيم باشا، وبالفعل كمنوا له في يوم 5 مايو 1949 في الطريق إلى رئاسة مجلس الوزراء وأطلقوا عليه وابلاً من الطلقات أصابت بعض المارة وكذلك الموكب الذي اعتقدوا أنه خاص بإبراهيم باشا، ولكنه كان موكب حامد جودة رئيس مجلس النواب، الذي لم يصب بأي أذى، وبعد القبض على منفّذي العملية بدأت محاكمتهم التي استمرت حتى قيام ثورة يوليو، واعتبر بعدها المتهمون أبطال تحرير وصدر عنهم جميعا عفو شامل.


مقتل السيد فايز:


حسن البنا

جرت هذه الحادثة العجيبة وفق منطق "النار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله"، فعندما قام البنا بتعيين سيد فايز مسؤولاً عن الجهاز الخاص بدلاً من عبد الرحمن السندي، قرر الأخير اغتيال أخيه في الدعوة الذي جاء ليزيحه عن مكانه، فأرسل إليه بعلبة من الحلوى في ذكرى المولد النبوي الشريف، وعندما حاول سيد فايز فتحها انفجرت في وجهه ومعه شقيقه فأردته قتيلاً في الحال، وأسقطت جدار الشقة، وعندما علم البنا بهذا الحادث المفجع أنكر في تصريحات حادة للصحافة أن يكون مرتكب الحادث من الإخوان المسلمين، واتهم أعداء الجماعة – كالعادة – بتدبير هذا الحادث، ومرة أخرى يأتي الزمان بما لا يشتهي البنا ولا جماعته، وهذه المرة على لسان محمود عبد الحليم - أحد قادة الجماعة ومؤرخها ورفيق درب البنا - يقول عبد الحليم: "كان السندي يعلم أن المهندس سيد فايز – وهو من كبار المسؤولين في النظام الخاص – من أشد الناقمين على تصرفاته، وأنه وضع نفسه تحت إمرة المرشد العام لتحرير هذا النظام في القاهرة على الأقل من سلطته، وأنه قطع في ذلك شوطاً بعيداً باتصاله بأعضاء النظام بالقاهرة وإقناعهم بذلك، وإذن فالخطوة الأولى في إعلان الحرب، وكذلك سولت له نفسه أن يتخلص من سيد فايز، فكيف تخلص منه؟، تخلص منه بأسلوب فقد فيه دينه وإنسانيته ورجولته وعقله، انتهز فرصة حلول ذكرى المولد النبوي الشريف، وأرسل إليه في منزله هدية، علبة مغلقة عن طريق أحد عملائه، ولم يكن الأخ سيد في ذلك الوقت موجوداً بالمنزل، فلما حضر وفتح العلبة انفجرت فيه وقتلته وقتلت معه شقيقاً له، وجرحت بقية الأسرة وهدمت جانباً من جدار الحجرة، وقد ثبت ثبوتاً قاطعاً أن هذه الجريمة الأثيمة الغادرة، كانت بتدبير هذا الرئيس، وقد قامت مجموعة من كبار المسؤولين في هذا النظام بتقصّي الأمور في شأن هذه الجريمة وأخذوا في تضييق الخناق حول هذا الرئيس حتى صدر منه اعتراف ضمني، أرأيتم ماذا تفعل التربية الإخوانية للأعضاء أنفسهم، حتى لتنطبق عليهم قولة الرسول الكريم: "أخشى أن تعودوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض"، وهذا ما فعله الإخوان بالضبط.

الثورة والإخوان والعنف:


يوسف طلعت

المثير للدهشة، وبينما كان يردد الإخوان أن جهازهم الخاص أنشئ من أجل محاربة الصهيونية ومواجهة الإنجليز، وبعد خروج الإنجليز من مصر وقيام حكومة تحارب الصهيونية (1954)، كان الجهاز السري يعزز وجوده بل ويلقي بظلاله على الجماعة كلها، فقد كوّن المرشد قبيل سفره إلى الأقطار العربية في أوائل يوليو 1954 لجنة قيادية مهمتها مواجهة موقف الحكومة من الإخوان بما يلزم مما تهيّئه قدراتهم على ضوء الأحداث، وهذا طبيعي، لكن المثير للدهشة هو تكوين اللجنة، فاللجنة مكونة من يوسف طلعت (قائد الجهاز السري)، صلاح شادي (المشرف على الجهاز السري وقائد قسم الوحدات وهو جهاز سري أيضاً)، والشيخ فرغلي (صاحب مخزن السلاح الشهير بالإسماعيلية)، ومحمود عبده (وكان من المنغمسين في شؤون الجهاز السري القديم).


ماذا كان يريد المرشد العام الثاني إذن، وإلى ماذا كان يخطّط، خاصة أن الجهاز السري الذي زعم حسن البنا - وما زال الإخوان يزعمون – أنه أسس لمحاربة الاستعمار، قد تغيّب تماماً عن معارك الكفاح المسلح في القنال (1954)، وقد تنصل المرشد العام المستشار الهضيبي من أية مشاركة فيه، وقال: "كثر تساؤل الناس عن موقف الإخوان المسلمين في الظروف الحاضرة، كأن شباب مصر كله قد نفر إلى محاربة الإنجليز في القنال، ولم يتخلف إلا الإخوان، ولم يجد هؤلاء للإخوان عذراً واحداً يجيز لهم الاستبطاء بعض الشيء، إن الإخوان لا يريدون أن يقولوا ما قال واحد منهم – ليس له حق التعبير عنهم – إنهم قد أدوا واجبهم في معركة القنال، فإن ذلك غلو لا جدوى منه ولا خير فيه، ولا يزال بين ما فرضه الله علينا من الكفاح وبين الواقع أمد بعيد والأمور إلى أوقاتها"، هذا الكلام نرجو أن يتمعن الدكتور "محمد بديع" فيه جيداً قبل أن يخرج علينا ليصدعنا بأن النظام الخاص أنشئ من أجل قتال الإنجليز على ضفاف القناة.


المنشية عام 1954:


جمال عبد الناصر- محمود عبد اللطيف

كان الإخوان قد وصلوا مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلى طريق مسدود، وكانوا قد أعادوا تنظيم النظام الخاص - كما سبق أن أشرنا - وفي اللحظة الحاسمة قرروا التخلص من عبد الناصر، ففي يوم 26/2/1954 وبمناسبة توقيع اتفاقية الجلاء وقف الرئيس عبد الناصر يلقي خطاباً بميدان المنشية بالإسكندرية، وبينما هو في منتصف خطابه أطلق محمود عبد اللطيف - أحد كواد النظار الخاص لجماعة الإخوان - ثماني طلقات نارية من مسدس بعيد المدى باتجاه الرئيس ليصاب شخصان وينجو عبد الناصر، وحتى هذه اللحظة يصر الإخوان على أن هذا الحادث لا يخرج عن كونه تمثيلية قام بها رجال الثورة للتخلص من الجماعة، ولكن المتهمين في المحكمة العلنية - "محكمة الشعب" التي كانت تذاع وقائعها على الهواء مباشرة عبر الإذاعة المصرية - قدموا اعترافات تفصيلية حول دور كل منهم ومسؤولية الجماعة عن العملية، (تم جمع هذه المحاكمات ونشرها بعد ذلك في جزأين بعنوان محكمة الشعب) وقد شكك الإخوان كثيراً في حيادية هذه المحكمة، لكنهم لم يعلقوا على ما ورد على لسان أبطال الحادث في برنامج الجريمة السياسية الذي أذاعته فضائية الجزيرة عبر حلقتين في الثاني والعشرين والتاسع والعشرين من ديسمبر عام 2006، والذي تفاخروا – من خلاله - بالمسؤولية عن الحادث، وأنه تم بتخطيط شامل وإشراف دقيق لقيادات الجماعة.

قضية سيد قطب:


سيد قطب

في 30 أكتوبر 1965 أخطرت نيابة أمن الدولة العليا أن جماعة الإخوان المسلمين المنحلة قامت بإعادة تنظيم نفسها تنظيماً مسلحاً بغرض القيام بعمليات اغتيال للمسؤولين تعقبها عمليات نسف وتدمير للمنشآت الحيوية بالبلاد، هادفة من وراء ذلك الاستيلاء على الحكم بالقوة، وأن التنظيم يشمل جميع مناطق الجمهورية ويتزعمه سيد قطب، كان قطب قد تم الإفراج عنه – وقتها - بعد وساطة قام بها الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم أثناء زيارته للقاهرة عام 1965، إلا أنه كان قد وصل إلى قناعة بأن الحكومة التي تقوم بمثل هذه الأعمال من التعذيب في سجونها، لا بدّ أن تكون كافرة، ومن هذا المنطلق خطط قطب لمواجهة معها تشمل رؤوس الحكم، تمهيدا لخلخلة النظام والثورة عليه، وقد تم كشف القضية بالصدفة عبر إبلاغ الشرطة العسكرية والمباحث الجنائية العسكرية أنها ألقت القبض على مجند وهو يتفاوض لشراء أسلحة من أحد زملائه بالإسكندرية، وعلى الفور تم القبض عليهما واعترفا بأن هذه الأسلحة لصالح عدد من قادة جماعة الإخوان، ثم توالت الاعترافات وقدم المتهمون إلى المحاكمة التي قضت بإعدام سيد قطب وستة من زملائه، وسجن ستة وثلاثين آخرين بينهم المرشد العام الثامن للجماعة، الدكتور محمد بديع، ونائبه الدكتور محمود عزت، اللذان يقومان الآن بالترويج لأفكار قطب، في محاولة لبعث "القطبية" من جديد، بعدما تبرأ منها الإخوان، عبر كتاب مرشدهم الثاني المستشار حسن الهضيبي، "دعاة لا قضاة".

الفنية العسكرية وسبعينيات القرن الماضي:


أنور السادات

بعد مجيء الرئيس الراحل أنور السادات إلى الحكم، قام بإطلاق سراح قادة الإخوان من السجون وأبرم معهم اتفاقا يقضي بعدم العمل في السياسة، فاتحاً صفحة جديدة مع الجماعة، وسرعان ما سعى كوادرها إلى ضم عدد من الشباب الذين اعتنقوا فكر سيد قطب الجهادي ليستخدموهم في محاولة جديدة لقلب نظام حكم الرئيس الراحل، وهو ما عرف في حينها بقضية الفنية العسكرية، لقد كشف طلال الأنصاري أحد قادة التنظيم الذي حكم عليه بالإعدام ثم خفف الحكم إلى السجن المؤبد في مذكراته المعنونة "صفحات مجهولة من تاريخ الحركة الإسلامية المعاصرة.. من النكسة إلى المشنقة"، أنهم كانوا قد شكلوا تنظيماً سرياً بمدينة الإسكندرية عام 1968، وظل هذا التنظيم قائماً إلى أن خرج الإخوان من السجون، حيث قادته الصدفة عن طريق أحد كوادر جماعة الإخوان بالإسكندرية ويدعى (الشيخ علي) إلى التعرف على زينب الغزالي، التي قدّمته بدورها إلى الإخواني العراقي صالح سرية، حيث فاتحه الأخير في الانضمام هو وتنظيمه إلى جماعة الإخوان ليكونوا نواة الجناح العسكري الجديد للجماعة، ويضيف الأنصاري أنه بعد موافقته على هذا الطرح رتبت زينب الغزالي للقاء يجمعه بالمرشد العام آنذاك أواخر عام (1972)، المستشار حسن الهضيبي، وذلك بمنزله بحي منيل الروضة، ويروي الأنصاري قصة بيعته للإخوان كاملة فيقول: "وحين سلم الأنصاري على المرشد كان أشبه بمن أصابه مسّ من الذهول من هذا المشهد الذي لم يره قبلا ولم يتعوّده، وبعدها جلس المرشد - الذي لم ينطق بكلمة واحدة - وكان الأقرب إليه مقعداً هو الشيخ "علي" الذي راح يلتقط أنفاسه، ثم انطلق يشرح للمرشد ما فوجئ به في الإسكندرية من حركة الشباب المتعلق بالإخوان، وقدم إليه الأنصاري كونه على رأس هؤلاء الشباب، واسترسل يشرح حب هؤلاء الشباب للإخوان وولاءهم لهم وقراءاتهم لأدبياتهم، وانتظارهم لعودة الإخوان إلى الحياة العامة، سكت الشيخ علي فجأة - حيث ساد الصمت برهة - وانتبه الأنصاري إلى همس آت من ناحية الشيخ علي، لم يفهم منه سوى أمره له: امدد يدك، فتصور أنه يأمره بالمصافحة والسلام، فمد يده للمرشد فإذا بالمرشد ينتفض واقفاً، ثم يقبض يده بقوة على يد الأنصاري الذي وجد نفسه يردّد وراء الشيخ علي عبارات البيعة الإخوانية المعروفة: "أبايعك على السمع والطاعة في اليسر والعسر، وفي المنشط والمكره، والله على ما أقول وكيل (أو شهيد فالله أعلم حيث تباعدت السنون)، وكانت دموع المرشد تنهمر في صمت نبيل وقد احتضن الأنصاري بقوة، في حين كان الشيخ علي يقف متأثراً ودموعه ما تزال تسيل، لم يدم اللقاء طويلاً ثم حيث خرج الشيخ علي ووراءه الأنصاري.

صالح سرية يصبح همزة الوصل


صالح سرية

كان اللقاء الذي تم في رعاية وترتيب زينب الغزالي بداية مرحلة جديدة من تاريخ الجماعة، وكانت أول تعليمات صالح سرية للشباب – وفق الأنصاري – أنه هو وحده حلقة الوصل بالإخوان، وأنه اعتباراً من هذا التاريخ لا بدّ أن يتوارى أي دور ظاهر للإخوان، كما ينبغي عدم الإعلان عن أيّة صلة بهم، وتنفيذاً لذلك أعد صالح سرية سيناريو درب عليه الأنصاري لتنفيذه عند ظروف التحقيق الأمني بهدف إبعاد الإخوان عن أيّة صلة بالأحداث المقبلة، كان السيناريو يهدف إلى إظهار أن معرفة صالح بالأنصاري تمّت عن طريق آخر غير طريق الإخوان وزينب الغزالي، كان البديل الذي رتّبه صالح ينص على أن الأنصاري قرأ حديثاً صحفياً أجرته مجلة مصرية مع صالح أثناء حضوره جلسات المؤتمر الوطني الفلسطيني في القاهرة عام 68، وأنه أعجب به وسعى للقائه في فندق "سكاربيه" بالقاهرة، حيث بدأت الصلة بينهما".

الهضيبي يوافق على خطة الفنية العسكرية:


الهضيبي

ووفق الأنصاري: "عرض صالح مجمل أفكاره بكل صدق ووضوح على قيادات الإخوان وعلى رأسهم المرشد، وكما حكى صالح لرجاله فقد كتب مذكرة من خمسين صفحة للمرشد عرض فيها خطته لإدخال تجديد على فكر الإخوان ليكون الوصول للسلطة بالقوة العسكرية خياراً أساسياً، وذكر صالح لرجاله أن المرشد وافق على مضمون المذكرة".
ويمضي الأنصاري في مذكراته ليذكر: "ليس منطقياً القول إن تاريخ صالح سرية ونزوعه إلى الانقلاب والثورة كان خافياً على الإخوان المسلمين في مصر، لقد احتضنته الإخوان في مصر ورحبوا به، والأهم من ذلك أن قام الإخوان - وفي بيت من أقرب بيوتاتهم، بيت زينب الغزالي – بتقديم تنظيمهم الشبابي الوحيد في حينها إلى صالح سرية!!، هذه نقاط لم يسبق أن طرحت من قبل لأن أحداً لم يطرح هذه الوقائع الجديدة؛ ولذا يتعامل الإخوان مع هذه القصة الغريبة بحذر شديد حتى الآن، وقد أخفاها تماماً مؤرخوهم وكتابهم، بل قل إنهم قد تحاشوا جميعاً التعرض لهذه المسألة رغم مرور ثلث قرن عليها!!، لكن الحقيقة أنه قد دارت العجلة، وتولى الدكتور صالح عبد الله سرية قيادة أول جهاز سري بايع الهضيبي شخصياً بعد محنة 65 - 66!!".


نصيحة الإخوان للشباب "الإنكار التام":


طلال الأنصاري

كانت خطة الإخوان المسلمين – كما يروي طلال الأنصاري – أن ينكر المتهمون كل ما نسب إليهم وأن يخفوا تماماً أية علاقة لهم بجماعة الإخوان المسلمين على أن تقوم الجماعة بحملة قانونية وإعلامية كبرى للدفاع عنهم، وفي شهادته التي عرضنا لجزء منها سابقاً يروي طلال الأنصاري - بعد انقضاء خمسة وعشرين عاماً على الحادث قضاها كاملة خلف الأسوار - تقييمه الشامل لما حدث، يقول الأنصاري: "مع اقتراب موعد المحاكمات أبلغ الأنصاري ابنه أنه قد اختار للدفاع عنه محامياً قديراً وشهيراً هو الأستاذ الكبير إبراهيم طلعت، الذي حضر إلى السجن وقابل "طلال" بالفعل، كانت جماعة الإخوان المسلمين قد دخلت بهمّة في الأمر وتولى رجالها إدارة عملية الدفاع وعبء المحامين، ووضعت جماعة الإخوان خطة الدفاع وتولاها المحامون منهم ومن غيرهم، فمن الإخوان كان أشهر محاميهم آنذاك الدكتور عبد الله رشوان، الذي ألزم بقية طاقم الدفاع بخطة الدفاع التي تعتمد على محورين: الأول في الوقائع والموضوع، والثاني: سياسي، ففي الوقائع كانت الخطة تعتمد على إنكار التهمة ونفي محاولة الانقلاب وتصوير المسألة باعتبارها مؤامرة داخل عملية الصراع على السلطة في مصر، وأن القصة هي أن مجموعة من طلبة الكلية الفنية العسكرية كانت تقيم ندوات دينية داخل مسجد الكلية ويحضرها زوار من خارج الكلية مدنيون، وأن المتآمرين استغلوا هذا للإيقاع بهم، وعندما حضر إبراهيم طلعت لمقابلة طلال واستفسر منه عن الحقيقة أكد له هذا التصور الذي قرره دفاع الإخوان، لكن الآن وبعد كل هذه السنوات واشتغال الأنصاري بالمحاماة فإنه يرى أن خطة الدفاع هذه لم تكن موفقة من الناحية القانونية، وأنها حملت استخفافاً بالمحكمة لا يجوز، وكان الأولى البحث عن طريق آخر، لقد اعتمد الدفاع على أن تاريخ العشرين سنة السابقة من خلال محاكمات الإخوان وغيرهم قد حفل بتلفيق القضايا من الأجهزة المتعددة، وبذلك يسهل إقناع المحكمة بأن مسلسل التلفيق مستمر، إلا أن الأمر في هذه القضية كان مختلفاً كل الاختلاف، حيث كان واضحاً لمن يطالع الأوراق أو يتابع الأحداث أن هناك تنظيماً، وأنه تحرك بالفعل ولم تكن هناك أية مؤامرة".

تشكيل ودعم الأفغان العرب:


مهدي عاكف

تعاظم دور الإخوان في تشكيل ظاهرة "الأفغان العرب"، والتي كانت النواة الأساسية لما يعرف اليوم بتنظيم القاعدة بعد عام 1982، حيث جرى الاتفاق الشهير بين الهارب آنذاك مهدي عاكف، مسؤول لجنة الاتصال بالعالم الخارجي، وبين الأمريكان، على أن يقوم الإخوان بمساعدة الولايات المتحدة في تنفيذ أهدافها في أفغانستان بالمساهمة في إخراج السوفييت، على أن يقوم الأمريكان برد الجميل عن طريق تسهيل إنشاء مراكز للجماعة في أوروبا، ولكن ليس تحت اسم الإخوان مباشرة، وبالرغم من إدانة الإخوان – العلنية – للعمليات التي قام بها العائدون من أفغانستان إلا أن الجميع كان يعلم أن تلك الإدانة ما هي إلى تغطية مفضوحة لدورهم المشبوه في التأسيس لهذه الظاهرة، يقول الدكتور عبد الله عزام، عضو التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين والأب الروحي والمؤسس الفعلي لتنظيم القاعدة في مذكراته المنشورة على موقعه على شبكة المعلومات الدولية "الإنترنت": "إن الأخ كمال السنانيري - (أحد قادة النظام الخاص الذي توفي في السجن عام 1981 والذي اتهمت جماعة الإخوان أجهزة الأمن بقتله) - قد جاء إليه عام 1980 حيث كان يعمل في جامعة الملك عبد العزيز بالسعودية، واجتمع به في الحرم، وأخبره تعليمات مكتب إرشاد الجماعة التي تقضي بالذهاب إلى أفغانستان لتكوين ما أطلقوا عليه "وحدة انتشار سريعة مسلحة" من الشباب العرب والمسلمين الوافدين للقتال في أفغانستان، ويضيف عزام أنه أنهى أعماله في جامعة الملك عبد العزيز - وفق هذه المشورة - وذهب إلى أفغانستان، حيث أسس هناك مكتب خدمات المجاهدين، والذي كان النواة الرئيسية التي تشكل منها تنظيم القاعدة فيما بعد، لم يقف الأمر عند عبد الله عزام فها هو مصطفى الستّ مريم، فقيه تنظيم القاعدة المعروف باسم أبو مصعب السوري، يؤكد في مذكراته - التي قام بنشرها عبر أحد المواقع الأصولية على شبكة الإنترنت - أنه قدم إلى مصر بصحبة مجموعة من إخوان سوريا، حيث قام إخوانهم في مصر بتدريبهم على حرب العصابات بإحدى المناطق بجبل المقطم، وذلك قبل اغتيال الرئيس السادات بثلاثة أشهر، بالطبع لم نسمع رداً في حينه على كل من طلال الأنصاري وعبد الله عزام وأبو مصعب السوري، ولن نتوقع سماع أي ردود من جماعة الإخوان، عفواً.. "جماعة المراوغين"، فقد جعلت كوادر الجماعة دائماً نصب أعينها مقولة البنا الشهيرة: "ومن خدع الحرب أن يضلّل المسلم عدو الله بالكلام حتى يتمكن منه فيقتله".

التنظيم الدولي واستراتيجية استخدام العنف:


محمد حسني مبارك

بعد اغتيال الرئيس الراحل السادات جاء الرئيس إلى السلطة ليفتح صفحة جديدة مع الإخوان، وطوال أكثر من عشر سنوات راحت الجماعة تتوغّل داخل المجتمع المدني في مصر، بأحزابه وبرلمانه ونقاباته ومجالس إدارات أعضاء هيئات التدريس بالجامعات، بالإضافة إلى الاتحادات الطلابية، حتى لم تبق مؤسسة مدنية واحدة في مصر لم يخترقها الإخوان.


مصطفى مشهور

وفي عام 1991 - وبالتحديد في شهر سبتمبر منه - اجتمع قادة التنظيم الدولي بمدينة استانبول بتركيا، وكان أن تقدم الحاج مصطفى مشهور المعروف حركياً آنذاك باسم "أبو هاني" باقتراح إلى هيئة المكتب حمل عنوان "إعادة تقييم المرحلة الماضية من عمر التنظيم العالمي"، والتي كانت قد وصلت إلى ما يقرب من عشر سنوات، انقسمت الورقة إلى خمسة أقسام رئيسية هي: فكرة التنظيم العالمي، أهدافه، وسائله، سلبيات العمل في الفترة الماضية، الاقتراحات والتوصيات، وجاء في البند الثالث – الوسائل - ما يلي: "ويرى بعض الإخوة أنه وبعد مرور ما يزيد على عشر سنوات من عمر التنظيم العالمي ومغالاة الأنظمة في حرب الجماعة والوقوف بشكل عام أمام أي توجه إسلامي صحيح، فإن هناك وجها آخر لوسائل التغيير لا بدّ من إعادة النظر فيه وتجليته للوصول إلى رؤية شرعية محددة لوسيلة من أهم وسائل التغيير داخل مجتمعنا انطلاقا من ثوابت فكر الإمام الشهيد رحمه الله، وقد بلور بعض الإخوة وجهة نظرهم بالصورة التالية:
نستطيع أن نلحظ أن الإمام البنا قد اختار وسيلة بعينها في الأجواء الليبرالية التي كانت تحيط به، وهي النضال الدستوري، ولكنه لم يغلق باب الخيارات الأخرى التي قد تحتاجها الحركة للتغيير النهائي، ومن أجل ذلك نستطيع أن نقول إن المعالم النظرية للمشروع الحركي الإخواني قد تبلورت في صورة أقرب إلى النضج، ولكن ذلك لا يعني بحال من الأحوال أن أيّة نظرية في العلوم الإنسانية يمكن أن تصل إلى صيغتها النهائية، بل يظل الباب مفتوحا للمراجعة والتقويم، وتلخيصاً نقول إن الإمام البنا قد قام بما يلي:
1 - دراسة الواقع المحيط وتحديد المشكلة المطلوب علاجها.
2 - تحديد الأهداف الاستراتيجية للحركة.
3 - تحديد وسائل التغيير:
أ – المباشرة: النضال الدستوري – الانقلاب العسكري – الثورة.
ب - غير المباشرة: العمل الجماهيري ونشر الفكرة
4 - بناء أجهزة الحركة المناسبة للتغيير: التنظيم الخاص، التنظيم العسكري، الشعب، الجهاز التربوي، الجهاز الإعلامي، المؤسسات الاقتصادية".

(خطة التمكين..1992) الشاطر يخطط للهيمنة على مصر


خيرت الشاطر

ولم يمض على اقتراح مشهور عام واحد حتى اكتشفت أجهزة الأمن المصرية خطة أطلق عليها الإخوان آنذاك "خطة التمكين" والتي عرفت إعلامياً بقضية "سلسبيل" التي تحمل رقم 87 لسنة 1992، وخطة التمكين التي تقع في ثلاث عشرة ورقة فلوسكاب، ضبطت في منزل قيادي الجماعة المهندس خيرت الشاطر عام 1991، وتعتبر الوثيقة "هي أخطر وثائق جماعة الإخوان المسلمين السرية على الإطلاق، وهي – كما يشير عنوانها – تتعلق بخطة الجماعة من أجل الاستيلاء على الحكم؛ لأن معنى "التمكين" كما تقول الوثيقة بالحرف الواحد: هو الاستعداد لتحمل مهام المستقبل وامتلاك القدرة على إدارة أمور الدولة، وذلك لن يتأتّى - كما تؤكد الوثيقة - بغير خطة شاملة تضع في حساباتها ضرورة تغلغل الجماعة في طبقات المجتمع الحيوية، وفي مؤسساته الفاعلة مع الالتزام باستراتيجية محددة في مواجهة قوى المجتمع الأخرى والتعامل مع قوى العالم الخارجي".
وتضع الوثيقة - المكونة من 13 ورقة فلوسكاب - مهمة التغلغل في قطاعات الطلاب والعمال والمهنيين وقطاع رجال الأعمال والفئات الشعبية الأقل قدرة، باعتبارها حجر الزاوية في خطة التمكين؛ لأن من شأن انتشار جماعة الإخوان في هذه القطاعات – كما تقول الوثيقة – أن يجعل قرار المواجهة مع الجماعة أكثر صعوبة ويفرض على الدولة حسابات أكثر تعقيداً، كما أنه يزيد من فرص الجماعة وقدرتها على تغيير الموقف وتحقيق "التمكين".
وتشير الوثيقة بوضوح بالغ إلى أهمية تغلغل جماعة الإخوان في المؤسسات الفاعلة في المجتمع، وهنا مكمن الخطورة؛ لأن المؤسسات الفاعلة في عرف الجماعة ليست فقط النقابات المهنية والمؤسسات الإعلامية والقضائية ومجلس الشعب، لكنها أيضاً "المؤسسات الأخرى" التي تتميّز بالفاعلية والقدرة على إحداث التغيير، والتي قد تستخدمها الدولة في مواجهة الحركة وتحجيمها.
إن وثيقة "التمكين" لا تقول صراحة ما هي "المؤسسات الأخرى" التي يجري تجهيلها عمداً، لكن الوصف يشير بوضوح بالغ إلى مؤسستي الجيش والشرطة، على أن أخطر ما تطرحه الوثيقة هو رؤية جماعة الإخوان لكيفية التعامل مع قوى العالم الخارجي، خاصة الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، حيث يتكشف الوجه الحقيقي للجماعة؛ لأن الوثيقة تؤكد على أهمية إشعار الغرب - وأمريكا على وجه الخصوص - بأن الإخوان لا يمثلون خطراً على مصالحهم، وأن من صالح الغرب أن يتعامل مع الإخوان عند "التمكين"؛ لأن الإخوان يمثلون قوة تتميز بالاستقرار والانضباط.
"ثلاث عشرة صفحة فلوسكاب من الحجم الكبير معنونة بكلمة "التمكين"، موضوعة في شكل تقرير يؤكد على أن المرحلة الجديدة من عمر التنظيم تتطلب المواجهة ولا تحتمل عمومية الأهداف السابقة في الانتشار والتغلغل، وتحذر الوثيقة من التضارب في القرارات بالنسبة للمواقف التي تتعرض لها الجماعة، فضلاً عن التحدي والتهديد الخارجي والمواجهة السافرة بين الأنظمة الموجودة وحركات الإسلام السياسي العاملة على الساحة، وتتساءل الوثيقة: ما هي الأوضاع التي ينبغي أن تكون عليها الحال؟، والنتائج الموجودة على المدى القريب والقصير من حيث:
- تحقيق الرسالة.
- توافر الاستمرارية.
- الاستعداد للمهام المستقبلية.
- رفع الكفاءة.
والرسالة في عرف الجماعة - وحسب نص الوثيقة - تستهدف التهيؤ لتحمل مهام المستقبل وامتلاك القدرة على إدارة الدولة وإعداد البناء الداخلي لمهام مرحلة "الكفاءة"، والأخيرة تقصد بها الوثيقة وضع سياسة مواجهة لذلك التهديد الخارجي، يقصدون به محاولات إجهاض مخططات الجماعة للسيطرة والتغلغل، وذلك عن طريق:
- الانتشار في طبقات المجتمع الحيوية والقدرة على تحريكها.
- الانتشار في المؤسسات الفاعلة ويقصدون بها الجيش والشرطة.
- التعامل مع القوى الأخرى.
- وأخيراً.. الاستفادة من البعد الخارجي".

إدارة الـدولـة:

إن المحافظة على الحالة من التمكين التي يصل إليها المجتمع يتطلب ضرورة امتلاك القدرة على إدارة الدولة لمواجهة احتمال اضطرارنا لإدارة الدولة بأنفسنا


لعل أخطر ما في هذه الوثيقة أنها توضح الشكل الانقلابي الذي يعده الإخوان للسيطرة على نظام الحكم والوصول إلى مرحلة إدارة الدولة، أو ما اصطلح على تسميته في تلك الوثيقة الخطيرة بالاستعداد للمهام المستقبلية، وتقول الوثيقة: "إن المحافظة على الحالة من التمكين التي يصل إليها المجتمع يتطلب ضرورة امتلاك القدرة على إدارة الدولة لمواجهة احتمال اضطرارنا لإدارة الدولة بأنفسنا، وفي الوقت ذاته ستؤدّي حالة التمكين إلى تكالب القوى المعادية الخارجية؛ لذا كان لا بدّ من الاستعداد لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية من خلال أن يكون لدينا – الإخوان – رؤية لمواجهة التحديات، سواء من حيث امتلاك الإمكانيات اللازمة لتحقيق هذه الرؤية والقدرة على تطويرها، وهذا يتطلب إعداد البناء الداخلي بما يتواكب مع متطلبات المرحلة ويحقق الاستخدام الأمثل للموارد الذي اصطلحت الوثيقة على تسميته "بالكفاءة"، وتضيف الوثيقة: "إن هذا يمثل التحدي العملي في تحقيق الخطة بأهدافها المختلفة؛ مما يستوجب التعامل مع جزئيات البناء الداخلي لتطويرها كي تتوافق مع طبيعة المرحلة القادمة - سواء من حيث الرؤية أو التكوين للأفراد أو البناء الهيكلي - على النحو التالي: فعلى صعيد الرؤية، وهي أحد أهم أضلاع مثلث مرحلة الكفاءة، فإن هذا يتطلب توحيد توجهات الصف في اتجاه البناء والتغيير؛ لذا لا بدّ من استيعاب كامل من قبل الصف - "العناصر الإخوانية" - لقضية التغيير ووضوح كامل للتوجهات حتى لا تواجه الخطة بالمقاومة السلبية من الداخل، وضرورة البدء بطرح قضية التغيير للحوار على جميع المستويات من أجل أن يتفاعل ويكون عامل المشاركة دافعاً لإثارة كوامن الفكر والمبادرة وتجسيد القضية.
في جانب تكوين الأفراد فإنه – وحسب ما تصرح به الوثيقة – إضافة إلى البرنامج التكويني القائم حالياً، فلا بدّ أن يشمل في المرحلة المقبلة انعكاسات الجزئيات المختلفة للخطة عليها، فالانتشار في طبقات المجتمع وهو صلب خطة التمكين، يتطلب رفع قدرة الأفراد على التأثير في قطاع عريض من المجتمع، عبر رفع إمكانات الحوار والقدرة على الإقناع والتدريب وذلك عن طريق:
- إحداث التوازن بين الدعوة الفردية، من أجل الضم للصف والدعوة العامة.
- تنمية حلقات القيادة والقدرة على تحريك المجموعات.
أما بالنسبة للانتشار في المؤسسات الفاعلة فهذا يتطلب:
- رفع قدرة الأفراد على اختراق المؤسسات دون فقدان الهوية.
- رفع قدرة الأفراد على التعامل مع المعلومات".
وبالنسبة للتعامل مع القوى الأخرى، لا بدّ من تربية الأفراد على إقامة جسور فكرية أو عملية معها، وبالنسبة لمهمة إدارة الدولة ومهام المستقبل فإن هذا يتطلب:
1 - الاهتمام بمجموعة مختارة تنمَّى فيها القدرة على إدارة المؤسسات العامة.
2 - القدرة على استيعاب المتميزين في القطاعات المختلفة والاستفادة منهم.
وإلى جانب البناء الهيكلي، فإن المنهج العملي للإدارة يتطلب:
- توفير المعلومات اللازمة لأداء المهام المختلفة.
- إرساء مبدأ التفويض واللامركزية في الأعمال ما أمكن.
- إرساء مبدأ التفرغ لشغل المناصب ذات الأهمية.
- مرونة الهيكل بحيث تسمح بإضافة كيانات جديدة استجابة للخطة "جهاز معلومات – علاقات سياسية".
- استكمال الهياكل بناء على أهمية العمل في الخطة وأولويته".
ضربت خطة التمكين مع ضرب مجموعة شركة سلسبيل في القضية رقم 87 لسنة 1992، وظلت أوراق القضية تتداول أحد عشر شهراً، كانت الدولة خلالها تصارع جماعات العنف في أقصى صعيد مصر وفي قلب القاهرة، وكانت الفكرة هي الاكتفاء بكشف كل عناصر التنظيم ومخططاته والعمل بنظام الخطوة خطوة في تتبع هذه العناصر والمخططات، مع وضع كل شيء تحت السيطرة التامة عبر مراقبة جميع التحركات، قرار المواجهة الشامل لم يكن قد حان اتخاذه بعد، الأمر الذي دفع به تجاه الإفراج عن كل المقبوض عليهم على ذمة القضية في حينه، على أن يتم التعامل معهم في الوقت المناسب، وهو إجراء قانوني وسياسي في نفس الوقت؛ إذ لا يعقل أن يتم فتح جبهتين في آن واحد، خاصة أن الجبهة الأولى كانت غامضة تماماً وغير معروف حجمها الحقيقي، وأن الجبهة الثانية تمّت تعريتها تماماً وأصبحت تحت السيطرة، وهو ما تم الكشف عنه فيما بعد عام 1995 في أول قضية عسكرية للإخوان التي كانت برقم 8/1995، 11/1995، والتي تم فيها رصد أول اجتماع كامل لمجلس شورى الجماعة بالصوت والصورة، وحصل فيه 85 متهما على أحكام تتراوح من 5 إلى 7 سنوات كان بينهم نجوم الصف الأول بالجماعة.

التسعينيات ومباركة العنف:


عاصم عبد الماجد

رغم اتسام الخطاب العلني للجماعة في تسعينيات القرن الماضي، بالبعد عن تأييد عمليات العنف، التي كانت مشتعلة بين الأمن والجماعات المتطرفة – آنذاك - إلا أنها أبدا لم تُدِن العنف بأيّة وسيلة كانت، واكتفت بإدانة ما أسمته بالعنف والعنف المضاد من قبل الدولة، وكأننا أمام فريقين على قدم المساواة في الحقوق يتصارعان، وليس أمام شباب فهم دينه بشكل خاطئ، كما أعلنوا فيما بعد فيما عرف بتصحيح المفاهيم، ورجال منوط بهم الدفاع عن وطن تنتهك حرمته.
ولم تقف تصرفات الإخوان تجاه هذا العنف والإرهاب الواضح تجاه الدولة، والذي هدف إلى تركيعها لتقبل بشروط جماعات خارجة على القانون ولا تؤمن بدستور أو تشريع وضعه نواب الأمة، بل تعدّى ذلك إلى مساعدة هذه الجماعات على الاستمرار في مواجهة الدولة وقواها الأمنية عبر عدة برامج تضمنت:
1 - تقديم الدعم لعناصر تلك الجماعات وذويهم.
2 - تشكيل لجنة من المحامين الإخوان للدفاع عنهم.
3 - جمع التبرعات لأهالي المعتقلين منهم.
4 - تخصيص جزء من ميزانية نقابة المحامين (التي كانت تسيطر عليها الجماعة آنذاك) لصالح المحامين المتهمين والمحكوم عليهم والمعتقلين.
5 - تهيئة البنية التحتية للتنظيمات الأصولية عبر تسفير عناصر تلك التنظيمات من خلال نقابة الأطباء البشريين ولجان الإغاثة المنبثقة منها.
ولم يقف الأمر عند حد مساعدة جماعات العنف عبر تقديم الدعم اللوجستي للمساعدة في صمودها واستنزافها للدولة أمنيا واقتصاديا، ولكنها راحت تنشئ معسكرات تدريب لعناصرها من الشباب في المدن الساحلية يتم خلالها تدريبهم على الرياضات العنيفة، كذا تشكيل لجان تحت مسمّى "لجان الردع" تضم في عضويتها الكوادر الإخوانية التي تجيد الرياضات العنيفة وتكليفهم بحيازة بعض الأسلحة - أسلحة بيضاء، قنابل مولوتوف، عصيّ خشبية، جنازير - للاستعانة بهم خلال الانتخابات البرلمانية، وهو ما بدا واضحا أثناء العرض العسكري لهذه الميلشيات في ساحة جامعة الأزهر عام 2006.











رد مع اقتباس
قديم 2014-12-30, 05:15   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
الزمزوم
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية الزمزوم
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

محاولة " الجهاد الفاشلة " لاغتيال عاطف صدقي


بعد سلسلة من العمليات الفاشلة لتنظيم الجهاد في مصر، جاء الدور على الدكتور عاطف صدقي، رصده أعضاء التنظيم، وكانت تحركاته تحت منظار التنظيم. خط سيره من مجلس الوزراء إلي منزله بشارع الخليفة المأمون بمصر الجديدة كتاب مفتوح لهم.


الدكتور عاطف صدقي

زرع المتهمون متفجرات وأنابيب غاز داخل سيارة كانت تقف أمام المدرسة، التي يمر من أمامها موكب رئيس الوزراء، وما إن مر الموكب حتي انفجرت السيارة، دون وقوع إصابات في الهدف أو حراسه، فقد أخطأ المتهم في تقدير الموعد وكان الضحايا ممن لا ذنب لهم، حيث لقيت الطفلة «شيماء» مصرعها، متأثرة بجروحها من شظايا الانفجار، وأصيب ١٤ آخرون من زملائها بالمدرسة والمارة في الشارع.
الجميع عرف بالحادث وظهرت صورة السيارة المفخخة علي شاشات التليفزيون، وكان من بين المشاهدين صاحب معرض سيارات، فزع عندما شاهد السيارة، فهي تلك السيارة التي باعها قبل أيام من الحادث لشخصين، أبلغ المشاهد المباحث بأوصافهما، وبعد أيام شاهد أحدهما يستقل «تاكسي»، فتعقبه وأمسك به، ليدخل الحادث في سلك القضاء، ويترك الأحزان والألم لأسرة الطفلة «شيماء».
كشفت التحقيقات مع المتهمين مرتكبي الحادث عقب القبض عليهم، عن تورط ايمن الظواهري وأعوانه عادل السيد عبدالقدوس وثروت صلاح شحاتة وياسر توفيق علي السري في نيابة أمن الدولة العليا التي كانت تباشر التحقيقات مع المتهمين أجرت معاينة تصويرية لموقع الحادث في حضور المتهمين.. المعاينة تمت في الرابعة فجرًا، وأجراها المحامي العام وفريق من رؤساء النيابة. باستخدام السيارات الخاصة بموكب الدكتور عاطف صدقي وطاقم حراسته.


اعترافات الظواهري


أيمن الظواهري

الظواهري يعترف في كتابه "فرسان تحت راية النبي" بحادث محاولة اغتيال الدكتور عاطف صدقي واستشهاد الطفلة البريئة الشيماء عبدالحليم وقال: "إخواننا في جماعة الجهاد قاموا بالهجوم علي موكب رئيس الوزراء عاطف صدقي بسيارة ملغومة. ولكن رئيس الوزراء نجا من الهجوم بخروج سيارته من دائرة الانفجار بأجزاء من الثانية بعد أن أصابتها شظايا الانفجار.. وقد نتج عن الهجوم مقتل الطفلة شيماء رحمها الله كانت تلميذة في مدرسة مجاورة. وكانت تقف قريبا من موقع الحادث.. وقد استغلت الحكومة مقتل الطفلة شيماء رحمها الله وصورت الحادث علي أنه هجوم من جماعة الجهاد علي الطفلة وليس علي رئيس الوزراء عاطف صدقي".
وأشار الظواهري في كتابه إلى أن الصحف أظهرت صور والديْ شيماء وهما ينتحبان علي ابنتهما وصور شيماء في طفولتها المبكرة. وحاولت تهييج مشاعر الجمهور بهذه الأساليب. لتبعد أنظار الناس عن القضية الأساسية في الصراع بين الحكومة والأصوليين.
وقال الظواهري: "كان إخواننا المنفذون للهجوم عند استطلاعهم لمكانه قد وجدوا مدرسة تحت الإنشاء فظنوها خالية من التلاميذ. ولكن تبين فيما بعد أن الجزء الخارجي من المدرسة فقط هو الذي كان تحت التجديد أما بقية المدرسة فكانت تعمل".
.. وأضاف الظواهري في كتابه "وقد آلمنا جميعا مقتل هذه الطفلة البريئة بدون قصد.. ولكن ما حيلتنا ولابد لنا من جهاد الحكومة المحاربة لشرع الله والموالية لأعدائه".
والناظر لاعترافات الظواهري يتأكد له فشل الظواهري وجماعته في تنفيذ العمليات المنوط بهم تنفيذها وانهم لا يقدرون الامور حق تقديرها فلم تنجح لهم عملية واحدة نتيجة لتسرع الظواهري ومحاولة إثبات أنه قادر على تنفيذ عمليات إرهابية هو ومجموعته وسط رفاقه في أفغانستان لكن هذا لم يحدث.



شيماء عبدالحليم

ظل «أثر شيماء» يلاحق الظواهري منذ 1993 وحتى الآن تقريبا، حيث اضطر إلى أن يصدر رسالة عام 1996 تحت عنوان «شفاء صدور المؤمنين» حاول فيها أن يجد مخرجا لأزمة قتل المدنيين في مثل هذه الأحداث، حيث أشار إلى أن التنظيم اختار أداء الدية إلى أولياء القتيل باعتبار أن هذه هي أشد الآراء في المسألة، بحسب تعبيره، ثم كرر هذا التعهد فى كتابه الشهير «فرسان تحت راية النبي» الذى نشر في عام 2001، ثم وصل به الأمر إلى أن عرض أداء الدية على أهل شيماء في كتاب «التبرئة» الذى صدر عام 2007. واختار الظواهري طريقة تحمل قدرا كبيرا من التدليس في العرض الذى قدمه، لكنها تكشف عن اضطرابه الشديد ومحاولته التخلص من «أثر شيماء» بأي طريقة، حيث قال: «كان وكيلي الأستاذ محفوظ عزام المحامي قد رفع قضية أمام القضاء المصري بموجب التوكيل العام الممنوح منى له، طالب فيها بتعويض عن التعذيب الذى وقع على في السجن، وحكمت له المحكمة بتعويض قدره 3000 جنيه مصري، وأخبرته وزارة الداخلية أن التعويض موجود في مقر إدارة مباحث أمن الدولة، وإذا كانايمن الظواهري يريده فليأت لاستلامه!!».
نعتقد أن كل ما قدمه الظواهري من محاولات تدليسية لا ينفي ضلوعه في ارتكاب أفعال إرهابية هو ومجموعته، والتي أودت بحياة الأبرياء وروعت أمن المواطنين وإذا كان هؤلاء يحتكمون للشرع فمن حقنا أن نريد تطبيق حد الحرابة عليهم، أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو يصلبوا أو ينفوا من الأرض.












رد مع اقتباس
قديم 2014-12-30, 05:22   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
الزمزوم
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية الزمزوم
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

فى الذكرى الـ 48 لإعدام سيد قطب: "تلاميذه" يكتبون نهاية جماعة الإخوان




• بديع والبيومي وعزت وغزلان.. وتابعاهم الشاطر ومرسي تلاميذ قطب.
• التيار القطبي في الإخوان بدأ في السجون مع محاكمات قضية 1965.
• المرشد الأسبق التلمساني: نهاية الجماعة ستكون على أيديهم.
• أول تصريحات بديع بعد انتخابه مرشداً: رد الاعتبار لسيد قطب!

تحل اليوم الذكرى الـ 48 لإعدام "سيد قطب".. القطب الإخواني والعلامة البارزة والرائدة – في التاريخ الإسلامي الحديث – كمؤسس ومؤصل لأفكار العنف والتكفير والإرهاب والذي تعتبره كل الجماعات والتيارات "الجهادية" الإسلامية التي تعتمد نهج الإرهاب المسلح الرائد والملهم.. بداية من جماعة شكري مصطفي "التكفير والهجرة" مروراً بتنظيم "الفنية العسكرية" وصولا للقاعدة وداعش.
وحتى الجماعات التي بدأت "دعوية اصلاحية" كالجماعة الإسلامية المصرية وجماعة الجهاد، أنزلته منزلة التقدير والاحترام، واتكأت على أفكاره حينما شرعت في الانزلاق للعمل المسلح الإرهابي.
سيد قطب هو الضلع الثالث المكمّل لثالوث التنظير الفقهي والحركي لفكر الإرهاب في عقيدة الجماعات الإرهابية ابن تيمية وأبو الأعلى المودودي وسيد قطب..

سيد قطب.. سيرة حياة وفكر


سيد قطب

في ٩ أكتوبر ١٩٠٦ في قرية موشة بمحافظة أسيوط بمصر، ولد سيد قطب إبراهيم حسين الشاذلي، والذي يعد من أكثر الشخصيات تأثيراً في الحركات الإسلامية في بداية الخمسينيات من القرن الماضي.
تلقّى دراسته الابتدائية في قريته، وفي سنة 1920 سافر إلى القاهرة، والتحق بمدرسة المعلمين الأوّلية ونال منها شهادة الكفاءة للتعليم الأوّلي، ثم التحق بتجهيزية دار العلوم.
في سنة 1932 حصل على شهادة البكالوريوس في الآداب من كلية دار العلوم، وعمل مدرسا حوالي ست سنوات، ثم شغل عدة وظائف في الوزارة.
عُين بعد سنتين بوزارة المعارف في وظيفة "مراقب مساعد" بمكتب وزير المعارف آنذاك. إسماعيل القباني، وبسبب خلافات مع رجال الوزارة، قدّم استقالته على خلفية عدم تبنيهم لاقتراحاته ذات الميول الإسلامية.
وقبل مجلس ثورة يوليو الاستقالة سنة 1954، وفي نفس السنة تم اعتقال السيد قطب مع مجموعة كبيرة من زعماء "الإخوان المسلمين"، وحكم عليه بالسجن 15 سنة، ولكن الرئيس العراقي عبد السلام عارف تدخّل لدى الرئيس المصري جمال عبد الناصر، فتم الإفراج عنه بسبب تدهور حالته الصحية سنة 1964.
وفي سنة 1965 اعتقل مرة أخرى بتهمة التآمر على قلب نظام الحكم واغتيال جمال عبد الناصر، واستلم الإخوان المسلمين الحكم في مصر.
وقد صدر حكم الإعدام على سيد قطب بتاريخ 21 / 8 / 1966 وتم تنفيذه بسرعة بعد أسبوع واحد فقط في 29 / 8 / 1966 قبل أن يتدخّل أحد الزعماء العرب!!

مرحلة فكرية



كان لسيد قطب نسيج فكري مُرَكب تشكّل على مهل من الطفولة إلى المشنقة، وما بين البداية والنهاية كان سيد قطب الشاعر الشفيف الملهم الناقد صاحب النفسية الاستشرافية، ثم سيد قطب المفكر الباحث الذي يرتشف رحيق المعارف من مختلف المصادر ليخرج لنا أنوار المعرفة، إلى أن أصبح سيد قطب صاحب المشروع الفكري الأهم والأخطر في القرن العشرين.
ولسيد قطب علاقة وثيقة مع الصحف والمجلات، فقد بدأ بنشر نتاجه وهو لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره، وقد نشر أولى مقالاته في صحيفة "البلاغ" و"الحياة الجديدة" و"الأسبوع" و"الأهرام" و"الجهاد"، وكان سيد قطب غزير الإنتاج، يكتب المقالات الأدبية والنقدية والتربوية والاجتماعية والسياسية.
ففي المجلات كتب في "الكاتب المصري" و"الكتاب" و"الوادي" و"الشئون الاجتماعية" و"الأديب" و"الرسالة" و"الثقافة" و"دار العلوم" وغيرها، وقد أشرف على مجلتي "الفكر الجديد" و"العالم العربي"، كما أشرف على مجلة "الإخوان" التي لاحقتها السلطات وفرضت عليها الرقابة دون غيرها من الصحف وأوقفتها عن الصدور في 5 / 8 / 1954.
وبسبب نشاطه الإخواني أغلقت كثير من الصحف أبوابها بوجه إبداعه فكتب يشكو أن الصحف المصرية ـ إلا النادر القليل منها ـ هي مؤسسات دولية، لا مصرية ولا عربية، مؤسسات تسهم فيها أقلام المخابرات البريطانية والفرنسية والمصرية والعربية أخيراً.
وفي موقع آخر كتب ليعرّف الجمهور الكادح الفقير أنه ليس هو الذي يموّل الجريدة بقروشه "تعتمد هذه الصحف على إعلانات تملكها شركات رأسمالية ضخمة، وتخدم بدورها المؤسسات الرأسمالية.. وتعتمد ثانيا على المصروفات السرية المؤقتة أو الدائمة التي تدفعها الوزارات لصحافتها الحزبية أو للصحف التي تريد شراءها أو ضمان حيادها.. وتعتمد ثالثا على المصروفات السرية لأقلام المخابرات الدولية وبخاصة إنجلترا وأمريكا".

رؤيته لأمريكا



أمريكا التي رآها قطب ودرس خريطتها الاجتماعية والتعليمية هي كما يقول (ما الذي تساويه في ميزان القيم الإنسانية؟ وما الذي أضافته إلى رصيد البشرية من هذه القيم، أو يبدو أنها ستضيفه إليه في نهاية المطاف؟).. كان الشغل الشاغل لقطب في هذه المرحلة هو «القيم الإنسانية» التي توافق عليها البشر، كان ميزان القيم الإنسانية هو الميزان الذي يزن به قطب الحضارة الأمريكية، إذ لم يتوقف عند الآلات والاختراعات فحسب بل تعدى الأمر على حد قوله عند (مدى ما أضافته تلك الآلات إلى الرصيد الإنساني من ثراء في فكرته عن الحياة).. كان الرصيد الإنساني والقيم الإنسانية والمعارف الإنسانية والموسيقى والفن والرسم والأوبرا والسيمفونيات والباليه هي مفردات سيد قطب وهو يتحدث عن القيم.
وفي عام 1948 سافر سيد قطب إلى أمريكا في بعثة تابعة لوزارة المعارف العمومية لدراسة النظم التعليمية، حيث كانت وزارة المعارف بصدد وضع تصور جديد للتعليم في مصر وطرقه فذهب إليها سيد قطب وعاد ليكتب (أمريكا التي رأيت).
قطب رأى أمريكا التي تتجه مشاربها حينا إلى العنف والغلظة والأنانية التي تصل إلى حد الإجرام، وكانت عقلية قطب هي عقلية عالم الاجتماع الذي يرى أن إنسانية المجتمعات مرهونة بالتوافق والتعاون تحت مظلة القيم الإنسانية لا فرق بين هذا وذاك إلا بقيمه وأخلاقه وإنسانيته، وكان يرى أن الصراع وشعور أمريكا بالتميز ورغبتها في إقصاء الآخرين هو أول معول يهدم حضارتها.

تأسيس الفكر القطبي



يعود قطب من أمريكا بعد عامين، كان قطب الذي ذهب إلى أمريكا وعاش فيها هو قطب الشاعر الفيلسوف صاحب النزعة الاجتماعية التي تهتم بالفنون وترى أنها تجعل للبشرية معنى وترفع وترتقي بقيمة الإنسان.. هو المصلح الاجتماعي الذي يبحث عن القواسم الحضارية المشتركة والذي يرى أن الإقصاء والعنف هما آفة من آفات البشر.
منذ سنة 1953 انضم سيد قطب عمليا لحركة الإخوان المسلمين وكلّفه الإخوان بتحرير لسان حالهم جريدة "الإخوان المسلمين" وإلقاء أحاديث ومحاضرات إسلامية. كما مثّل الإخوان خارج مصر في سوريا والأردن اللتين منع من دخولهما، ثم القدس.
في عام 1954 تم اعتقال سيد قطب بسبب صلته التي كانت قد توثقت مع الإخوان المسلمين فقام في سجنه باستكمال كتابه تفسير الظلال في طبعته الأولى، وبعد أن صهر قطب تجاربه كلها خرج لنا مشروعه الفكري الأخير فقام بإصدار طبعة جديدة منقحة بمنهج يختلف عن الطبعة الأولى ركز فيها على المعاني والتوجيهات الحركية والدعوية والجهادية في القرآن.
ووضع قطب في طبعته المنقحة تصورات جهادية فاصل فيها بين مجتمع الإيمان ومجتمعات الجاهلية، ومن صفحات الظلال خرج للمطبعة كتابا مثيرا كان له أكبر الأثر في تكوين جماعات العنف فيما بعد ألا وهو كتاب "معالم في الطريق" الذي كانت لتجربة قطب في أمريكا أثر كبير في بلورة أفكاره لأنه رأى أن حضارة الغرب أصبحت غير مؤهلة لقيادة البشرية وأنه لا يوجد قواسم حضارية مشتركة.
وكانت كتابات المودودي هي المفاتيح السرية التي فتح بها "قطب" بابا جديدا للحركة الإسلامية في مصر والعالم الإسلامي حيث تأثر سيد قطب بتقسيمات المودودي لمجتمع الهند الى أهل جاهلية وأهل الايمان، ولكن في مصر الطبيعة مختلفة ورغم ذلك أخذ قطب هذه الأفكار المودودية ومصرها أي طبقها على مصر حيث رأى من خلال هذه الأفكار أنه لا يمكن إقامة دولة إسلامية كاملة تستعيد ملامح دولة "الخلافة" الإسلامية الراشدة الا من خلال تنظيم قوي محكم يعمل في السر وليس في العلن ولا تكون الدعوة المفتوحة من أولوياته، لكنها قد تكون من وسائله ولكن الأهم هو التنظيم والآلية العسكرية، حيث استفاد سيد قطب من أفكار النظام الخاص في جماعة الإخوان المسلمين حيث وجد في هذا النظام هو المؤهل لصنع هذا التنظيم ولم يعول على جماعة الإخوان المدنية وجعل قطب من رسالة التعاليم لحسن البنا التي خصصها للنظام الخاص وهي السمع والطاعة والثقة المطلقة في القيادة، جعل قطب من هذه الأفكار الدستور الرسمي لجماعته الخاصة.

ناصر وقطب


جمال عبد الناصر

كان سيد قطب وجمال عبدالناصر صديقين، بل وصل الأمر أن قطب كان ينتظر اختياره وزيرا للتعليم بعد قيام الثورة وكتب عشرات المقالات المدافعة باستماتة عن الحركة المباركة في التعامل مع خصومها وربما كان أبرزها مقولته الشهيرة: «لأن نظلم عشرة أو عشرين من المتهمين خير من أن ندع الثورة كلها تذبل وتموت»، بل إنه كتب مقالا بعد إعدام خميس والبقرى في أغسطس 1952 في جريدة الأخبار يقول فيه: «فلنضرب بسرعة، أما الشعب فعليه أن يحفر القبر وأن يهيل التراب».
واختاره جمال عبد الناصر نائبا له فى هيئة التحرير وهى التنظيم السياسى الأول للثورة، ثم انقلابه على الثورة، وكان أول شرخ فى العلاقة بين عبد الناصر وقطب، بدأت بعدم وفاء عبد الناصر لوعده لقطب بإسناد وزارة المعارف له، وهى الخطوة التى أدت بقطب إلى الانزواء، والاقتراب من الإخوان،
وعقب ابتعاده عن عيد الناصر تولى قطب بعدها رئاسة تحرير جريدة الإخوان المسلمين، ومنذ العدد الأول من الجريدة بدأ قطب فى هجومه على الثورة وعبد الناصر، مبتكرا شخصية "قرفان أفندى" الكاريكاتورية ليحملها هجومه الذى أراده على المرحلة الجديدة، ورغم الهجوم من قبل سيد قطب علي الرئيس الراحل عبد الناصر الا ان علاقته لم تنقط به ، حتى وقعت أحداث المنشية، فتم القبض على قطب، وحكم عليه بـ 15 عاما على إثر حادث المنشية،
وفي السجن تمكن من مواصلة قراءاته وكتاباته، فكتب معظم مؤلفاته خلال الفترة التى أمضاها فى السجن، وسمح له بطبع كتبه وتداولها فخرج "فى ظلال القرآن" فى أكثر من طبعة جديدة.
وعقب خروجه من السجن كتب أخطر كتبه على الإطلاق وهو "معالم على الطريق"، الذى يكاد يكون الأساس فى الفكر المتطرف الذى تشهده الساحة الآن، او كتاب التكفير الأول، وطبع "معالم على الطريق" أكثر من طبعة جديدة، كانت تنفد كل منها بعد ساعات من إصدارها، وكتب سيف اليزن خليفة رئيس المباحث العامة فى تلك الفترة، تقريرًا عن الكتاب يصفه بالخطورة على المجتمع، ورفع التقرير إلى جمال عبد الناصر يطلب فيه منع الكتاب من الطبع أو التعرض له، إلا أن عبد الناصر رفض عملا بالوعد الذى قطعه لسيد قطب بألا يسمح لأحد بالتعرض لكتاباته، وأن يتركه حرًا يكتب ما يشاء، حتي جاء لحظة القبض عليه ومحاكمته واعدامه.


خلفاؤه في الجماعة


محمد بديع

خلفاء سيد قطب وتلاميذه او ما يعرف بالقطبيون في جماعة الاخوان المسلمين، هم أعضاء تنظيم عام 1965 الذى تزعمه سيد قطب وهم الذى حوكموا معه فى ذلك العام، وكان على رأسهم المرشد الحالي د. محمد بديع وأعضاء مكتب الإرشاد الحالي د.رشاد البيومي ود.محمود عزت وكان يطلق عليهم تنظيم "العشرات" وهم الذين يمثلون مكتب الإرشاد حاليا أما تسميتهم بتنظيم العشرات فذلك نسبة الى قضائهم 10 سنوات في السجون المصرية من عام 1965 الى عام 1975، حيث قال التلمساني في رسائله "إن هؤلاء ليسوا من الإخوان".
ولأن مجموعة القطبيين لا تمثل فى أفكارها جمهور الإخوان وجسد الجماعة الرئيسى فإن سيطرة هؤلاء على مواقع القيادة وإطاحتهم برموز الاعتدال .
يعتبر محمد بديع آخر مرشد معلن للجماعة، وهو أول مرشد يتم تنصيبه في حياة سابقه محمد مهدي عاكف صاحب التصريح الشهير "طظ في مصر من أبرز تلاميذ سيد قطب في جماعة الاخوان وبدأ اسم بديع في الظهور في سنة 1965 حين تمت محاكمته للمرة الأولى مع "سيد قطب" وعدد من قيادات الإخوان وحكم عليه بخمسة عشر عامًا، قَضى منها 9 سنوات ثم خرج عام 1974 مع إفراج السادات عن الجماعة، وسافر بعدها اليمن ثم عاد.
وحكم على "بديع" بالسجن لمدة 75 يومًا في قضية جمعية الدعوة الإسلامية ببني سويف في العام1998؛ حيث كان يشغل منصب رئيس مجلس إدارة جمعية الدعوة جامعة بني سويف بعد اعتقال حسن جودة.
وأحيل "بديع" للمحاكمة في قضية النقابيين سنة 1999؛ حيث حكمت عليه المحكمة العسكرية بالسجن خمس سنوات، قضى منها ثلاث سنوات وثلاثة أرباع السنة وخرج بعد قضاء ثلاثة أرباع المدة سنة 2003.
محمد بديع من مواليد مدينة المحلة الكبري عام 1943، وحصل على بكالوريوس الطب البيطري من جامعة القاهرة سنة 1965، وعين معيدا بالكلية، ثم حصل على الماجستير ليصبح مدرسا مساعدا عام 1977 بجامعة الزقازيق، وحصل على الدكتوراه في عام 1979 ليعين بعدها مدرسا في الجامعة، وتدرج حتى وصل إلى أستاذ بجامعة القاهرة فرع بني سويف عام 1987، ليصبح رئيس قسم الباثولوجيا بكلية الطب البيطري عام 1993.
وكعادة قيادات الجماعة فقد تزوج بديع بابنة أحد قيادات الرعيل الأول من الإخوان، واقترن بسمية الشناوي ابنة محمد الشناوي وهو ضابط طيار، وأنجب منها 3 أبناء مات أكبرهم في أحداث رمسيس.
وتولى بديع منصب مرشد الجماعة عقب إعلان عاكف عدم استمراره في المنصب، فتم انتخابه في يناير 2010، وقال عنه عبد الستار المليجي، المنشق عن الجماعة بأنه قطبي الفكر، وسيقود الجماعة إلى صدام حقيقي مع الدولة، وهو ما حدث فعليًا في خلال أقل من 4 سنوات فقط من توليه رئاسة الإرشاد.
وكان من أهم قرارات بديع عدم المشاركة في ثورة 25 يناير، وأكد أن الدعوة مجهولة المصدر ولا يمكن التعامل معها، كما خالف وعد الجماعة بعدم ترشح أحد للرئاسة.

محمود عزت قائد التيار ''القطبي'' بالجماعة


محمود عزت

بعد إلقاء القبض على محمد بديع المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين، تداولت قيادات الاخوان والصفحات المؤيدة لهم خبر تولي الدكتور ''محمود عزت'' منصب المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين خلفا لبديع .
وعلى الرغم من أنه لم يكن على علاقة بالاعلام، ولم يظهر كتيراًإلا ان قيادات الجماعة كانت تراه المرشد الفعلي والقائد الحقيقي لعلاقته القوية بالتنظبم الدولي لجماعة الاخوان المسلمين وحركة حماس، وهو من أخطر رجال الجماعة على الإطلاق، وإحتفظ دوماً لنفسه بتلك الهالة الداخلية، وساعدته ملامحه الحادة ونظراته الثاقبة وجسده النحيل أن يطلق عليه شباب الجماعة ''الثعلب''.
ويعرف بأنه أحد أهم صقور التيار القطبي المتشدد في الجماعة وكان يشكل مع ''الشاطر'' الثنائي الذي دفع الجماعة أكثر إلى اليمين ونحو التحالف مع المجموعات الجهادية مؤخراً، وكان الرأس المدبر لاعتصامي ''رابعة'' و''النهضة'' ويتلقى يوميا تقارير من مصر بشأنهما، وحلقة الوصل بين مصر والتنظيم الدولى وقادة تركيا.
ولهذا يري الكثيرون إن إختياره خلفا ً للمرشد السابق يمثل خطر كبيرا، ويفتح الباب واسعاً نحو مزيد ومزيد من الدم، فهو الرجل الثاني بعد ''الشاطر''.
ويراه دكتور ثروت الخرباوي ، القيادي المنشق عن جماعة الاخوان المسلمين أنه رجل مخابرات من الطراز الأول وهو صاحب الكلمة الأولى بجماعة الإخوان مع ''خيرت الشاطر''، وهو إن قال شيئاً لابد من تنفيذه وهو أقوى من محمد بديع، ولكن فى ترتيب القوى ''بديع'' تابع له، ونستطيع أن نقول إن ''محمود عزت'' هو المرشد الحقيقى للجماعة،وهو عقلية مخابراتية تكفيرية تآمرية، فكره يقوم على تكفير المجتمع وهو من أكثر الشخصيات تأثيراً داخل الجماعة، وهو صاحب الخطط التى تم على أساسها الإطاحة بـدكتور ''محمد حبيب'' ودكتور ''عبدالمنعم ابوالفتوح'' والمحامي ''مختار نوح''
وأضاف الخرباوي ''أن عقله منظم وله الإدارة بالتنظيم ويعين رؤساء المناطق ونظم الانتخابات لاختيار الأعضاء الحاليين لمجلس شورى الجماعة وتصعيد أعضاء مكتب الإرشاد من على شاكلته ومن رجاله، فهو الذي يدير الجماعة من خلف الستار''
ويحلل عبد الجليل الشرنوبي ، أحد المنشقين عن الاخوان، سرعة الاعلان عن المرشد الجديد بأن ''بديع'' بعد فترة كمون كان يتحرك فيها بصفته و ليس بصلاحياته، ثم بسرعة أعلن التنظيم أن ''محمود عزت'' مرشدا مؤقتا و لن يكون له صلاحيات و لن يتولى شيء من الإدارة، و هو في مكانه يختبئ ولكن المهم لدى القيادة أن تلغي صفة المرشد ''بديع'' حتى لا يصدر أي تصريح و هو في السجن.
وفي نفس الوقت، كما يوضح، تضمن الحفاظ على وجود شكل تنظيمي متماسك، يحصل على دعم التنظيم الدولي ومن خلفه الدول وفي مقدمتها أمريكا وإضافة إلى ذلك يضمن هذا التعيين الذي تم الترتيب له سلفا يضمن استمرار حشد القواعد لمواجهات الشوارع، بدعوى أن المعركة مستمرة وأنه لو سقط منا مرشد فكلنا مرشدون، وألا في أن يجد أي وسيط دولي يصل مصر، ويضعه من مهربه الذي يدير منه الجماعة بغزة على مقعد المرشد بالقاهرة، و لو كان عبارة عن ( كرسي حمام ) مصنوع من عظام أبناء الجماعة.
محمود عزت، هو أمين عام جماعة الاخوان المسلمين سابقا، وعضو مكتب الارشاد حاليا ً، ونائب المرشد، واعتُقل سنة 1965م، وحُكِم عليه بعشر سنوات وخرج سنة 74، وكان وقتها طالبًا في السنة الرابعة، وأكمل دراسته وتخرج في كلية الطب عام 76، وظلَّت صلتُه بالعمل الدعوي في مصر- وخصوصًا الطلابي التربوي- حتى ذهب للعمل في جامعة صنعاء في قسم المختبرات سنة 81، ثم سافر إلى إنجلترا ليكمل رسالة الدكتوراة، ثم عاد إلى مصر ونال الدكتوراة من جامعة الزقازيق سنة 85م، اختير عضوًا في مكتب الإرشاد سنة 1981م.
واعتُقل ستةَ أشهُر على ذمة التحقيق في قضية الإخوان المعروفة بقضية (سلسبيل)، وأُفرِج عنه في مايو سنة 1993م، وفي عام 95 حُكِم عليه بخمس سنواتٍ لمشاركته في انتخابات مجلس شورى الجماعة، واختياره عضوًا في مكتب الإرشاد، وخرج عام 2000م، وأعتقل أيضا ً في 2 يناير 2008 يوم الجمعة بسبب مشاركته في مظاهرة وسط القاهرة احتجاج على الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة.

رشاد بيومي.. تلميذ قطب النجيب


رشاد بيومي

يدير الجماعة من الداخل بالحديد والنار.. إنه رشاد البيومي المسئول عن قسم الطلاب وأحد أبرز تلاميذ سيد قطب، عاصر كل الأزمات التي مرت بها الجماعة بداية من 1954وحتي الآن وكان من أشد المقربين لمصطفي مشهور وكان بمثابة المستشار له، البيومي من مواليد قرية الحديدات الغربية بمحافظة سوهاج عام 1935 وانضم لجماعة الإخوان وهو ابن اثنا عشر عاماً أي في عام 1947، التحق بكلية العلوم جامعة القاهرة قسم الجيولوجيا في عام 1951وتولي مسئولية الإخوان داخل كلية العلوم ودخل السجن عام 1954 حتي عام 1971 تربي علي كتاب "معالم في الطريق" لمنظر الجماعة وصاحب التحول الرهيب في فكرها سيد قطب، تركت سنوات السجن بصماتها علي رشاد البيومي وأصبح يوصف بالقطبي الأول في مصر، وبعد خروجه من السجن عاد للالتحاق بكلية العلوم في 5/1/1972 وسجل بالفرقة الثانية وتخرج معيدا بالكلية عام 1974ثم حصل علي الدكتوراه عام 1980، يعد من أهم من تولي قسم الطلاب في تاريخ الجماعة وساعده في ذلك كونه أستاذا بجامعة القاهرة، وكان قد تم انتخابه وكيلاً أول، لنقابة العلميين عام 1991، واستقر في القاهرة تاركا الصعيد وأصبح بمرور الوقت في الصدارة داخل الجماعة.
رشاد البيومي تم نفيه إلي الإمارات لمدة خمس سنوات وتدخل وزير الداخلية الأسبق زكي بدر لإنهاء سفره وإعادته لمصر.
تم اختياره عضوا بمكتب الإرشاد منذ عام 1995 وحتي الآن وكان وصوله إلي مكتب الإرشاد بمثابة الإعلان الرسمي لسيطرة القطبيين علي جماعة الإخوان، يعد رشاد البيومي من الذين لهم الفضل في سيطرة الإخوان علي النقابات المهنية بل هو من قاد عملية السيطرة الإخوانية علي النقابات المهنية ووضع خطتها، وتدرج البيومي في التنظيم الإخواني وأثبت جدارته في إحكام السيطرة علي قسم الطلاب الذي أسند إليه في 2002، بالإضافة إلي دوره في مكتب الإرشاد وتوليه أيضا ملف المشكلات الطارئة وحسمها؛ لأنه الوحيد القادر علي حسم أي تمرد داخل الجماعة ومواجهة أي انشقاقات أو مشكلة ما جعل البعض يطلق عليه حلاَّل العقد داخل الجماعة.
سلك البيومي منهج الإقصاء في حياته مع من يعارضه ويقوم بفصل وشطب من يخرج عن النص وفي الانتخابات التكميلية الأخيرة لمكتب الارشاد، رشاد البيومي الرجل الغامض الذي يملك كل مفاتيح العمل والحركة داخل الجماعة، الكلمة كلمته والأمر أمره، هو الحاكم الفعلي لدولة الإخوان، والكل يعمل له ألف حساب، وقد ظهر هذا جليا في أول مؤتمر لطلاب الإخوان المسلمين بعد الثورة والذي عقد في 24سبتمبر 2011 في مركز المؤتمرات بالقاهرة بحضوره بجانب محمد بديع مرشد الجماعة والدكتور محمود غزلان ومهدي عاكف المرشد السابق والدكتور محمود عزت والدكتورمحمود أبوزيد وألقي المرشد كلمة ثم قام الطلاب بالقاء بعض الاسئلة علي الدكتور محمد بديع.. ولكن قام طالب يقول: نري ان الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح هو الشخص الأصلح والأنسب لتولي رئاسة الجمهورية لماذا ترفض الجماعة هذا الرأي؟ وكان السؤال موجهاً للدكتور محمد بديع الذي قال علي الفور وجه هذا السؤال للدكتور رشاد البيومي نائب المرشد لأن عنده اليقين في هذه المسألة؟ أجاب رشاد البيومي "إن الدكتور أبوالفتوح خالف السمع والطاعة وقال: الجماعة لم تفصل أبوالفتوح ولكن هو من فصل نفسه.. بديع يرفض الإجابة عن السؤال ويجيب رشاد البيومي في وسط كل قيادات الجماعة من مكتب الإرشاد ولا يعلق علي كلامه أحد حتي من سأل السؤال عندما تكلم صمت الجميع، ويدل ما فعله بديع من إحالة السؤال إلي رشاد البيومي علي مكانة البيومي وقوته، وأنه هو رجل المهام الصعبة وهو أيضاً صاحب القرار الأخير في كل المسائل، وفي هذا المؤتمر أيضاً الذي كان يحضره «3000» شاب من طلاب الإخوان وجه الدكتور رشاد البيومي كلمة إلي الأخوات داخل وخارج المؤتمر أمرهن فيها بالمشاركة الفاعلة في كل أعمال الجماعة وطالبهن ببذل الجهد والعطاء.. ولكن ماذا يعني أن يوجه البيومي كلمته إلي الأخوات داخل وخارج المؤتمر؟!.. أليس معني هذا أن ملف الأخوات الذي يتولاه جمعة أمين أيضاً ليس ببعيد عن رشاد البيومي؟!
الواضح ان رشاد البيومي لا يقبل بأي حال خروج أحد عن النص أو عن الخط المرسوم له، رجل حازم لا يعرف المناطق الرمادية ولكن غموضه يطغي عليه فلا تعرف ما يدور برأسه إلا وانت تراه ينفجر كالقنبلة في وجهك، فقال مؤخرا ليصيب الساحة السياسية بالسخونة أكثر وأكثر إن المتظاهرين في ميدان التحرير بلطجية وخونة يريدون هدم مؤسسات الدولة، ولا يريدون المصلحة العامة، كما قال إن شباب الإخوان المسلمين وجميع المخلصين من أبناء مصر سيخرجون في جمعة الشرعية والشريعة لدعم الرئيس مرسي في ميدان التحرير، وعلي جميع من هناك أن يرحلوا فورا لأن التحرير ليس ملكهم بل هو ملك لشعب مصر، ورغم أن مكتب الإرشاد استجاب لدعوات بعض القوي السياسية التي طالبت بديع ورفاقه بتغيير مكان مليونيتهم من ميدان التحرير، إلي ميدان النهضة رفض البيومي بشدة هذا الأمر لكن المرشد العام ضغط عليه ليقبل بذلك حتي لا تحدث فتنة داخل الجماعة علي وجه التحديد وبين أبناء الأمة بصفة عامة.

ابو التنظيمات الجهادية في العالم


أيمن الظواهري

يعتبر سيد قطب الاب الروحي لجميع قادة التنظيمات الارهابية والجهادية في العالم ، فقد قال زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في صحيفة الشرق الأوسط، في ديمسبر 2001: إن سيد قطب هو الذي وضع دستور "الجهاديين !!" في كتابه الديناميت!! : (معالم في الطريق)، وإن سيد هو مصدر الإحياء الأصولي!!، وإن كتابه العدالة الاجتماعية في الإسلام، يعد أهم إنتاج عقلي وفكري للتيارات الأصولية!، وإن فكره كان شرارة البدء في إشعال الثورة الإسلامية ضد أعداء الإسلام في الداخل والخارج، والتي ما زالت فصولها الدامية تتجدد يوماً بعد يوم). انتهى
قال عبدالله عزام احد قادة الجهاديين ضد السوفيت، في كتابه "عشرون عاما على استشهاد سيد قطب ":والذين يتابعون تغير المجتمعات وطبيعة التفكير لدى الجيل المسلم يدركون أكثر من غيرهم البصمات الواضحة التي تركتها كتابة سيد قطب وقلمه المبارك في تفكيرهم.
ولقد كان لاستشهاد سيد قطب أثر في إيقاظ العالم الإسلامي أكثر من حياته ، ففي السنة التي استشهد فيها طبع الظلال سبع طبعات بينما لم تتم الطبعة الثانية أثناء حياته ، ولقد صدق عندما قال: إن كلماتنا ستبقى عرائس من الشموع حتى إذا متنا من أجلها انتفضت حية وعاشت بين الأحياء. ولقد مضى سيد قطب إلى ربه رافع الرأس ناصع الجبين عالي الهامة ،وترك التراث الضخم من الفكر الإسلامي الذي تحيا به الأجيال ، بعد أن وضح معان غابت عن الأذهان طويلا ، وضح معاني ومصطلحات الطاغوت ، الجاهلية ، الحاكمية ، العبودية ،الألوهية ، ووضح بوقفته المشرفة معاني البراء والولاء ، والتوحيد والتوكل على الله والخشية منه والالتجاء إليه.
والذين دخلوا أفغانستان يدركون الأثر العميق لأفكار سيد في الجهاد الإسلامي وفي الجيل كله فوق الأرض كلها)) .
وأكد باحث أمريكي ان أفكار سيد قطب الإخوانية هي أساس إعلان تنظيم الدولة الاسلامية فى العراق والشام - داعش - الخلافة الاسلامية.
أشار فيليب جينكينز المدير المشارك لبرنامج بايلور للدراسات التاريخية في الدين، في ولاية تكساس الأمريكية، ، في مقال له على موقع "ديلي بيست" الأمريكي, الى ان "دولة الخلافة الإسلامية"، التي تطمح الجماعات المتطرفة لإنشائها اليوم، تحمل دمارها بين ثناياها.
وقال جينكينز "إعلان دولة الخلافة، في حد ذاته، يعبر عن يأس شديد، وفشل سياسي وثقافي". جاء ذلك فى تقرير لموقع 24.
ويبين جينكينز أنه منذ عشرينيات القرن الماضي، كانت جماعات عديدة، ومنها جماعة الإخوان، تدعو إلى نظام إسلامي أوسع، عبر استعادة للخلافة، وقد ذهب العديد من مفكري هذه الجماعات لتعزيز أفكار تعد البنية الأساسية لتنظيمات كداعش والقاعدة، اليوم.
ويلفت جينكينز إلى أن أحد أكثر هؤلاء المفكرين تأثيراً، كان العضو السابق في "مكتب الإرشاد" التابع لجماعة الإخوان، سيد قطب.
ورغم تعاليم قطب العديدة، إلا أن فكرتين أساسيتين لقيتا رواجاً كبيراً مقارنةً بغيرهما، حيث الأولى هي "الجاهلية"، وهو مصطلح يستخدم عادة لوصف الهمجية المرتبكة التي كانت سائدة بين العرب في العصر الجاهلي، بحسب جينكينز، حيث طبّق قطب هذه الفكرة على العالم المعاصر، ونظام الدولة السائد، لاسيما على الدول والمجتمعات الإسلامية.
واعتبر قطب، حينها، أن المجتمعات الإسلامية هي على نفس القدر من السوء الذي عليه الولايات المتحدة الأمريكية أو إسرائيل، وكانت جميعها "دولاً فاشلة"، ورأى أن الحل الوحيد لهذه "الجاهلية" هو قبول "الشريعة".
والفكرة الأخرى التي انتشرت حينها، على يد قطب، هي اعتبار أن جميع المسلمين ليسوا مسلمين "حقاً"، حيث اعتبرهم قطب "غير مؤمنين" و"مرتدين"، منادياً بتكفيرهم، أو نفيهم، أو إعلان خروجهم عن الدين رسمياً، ووحدهم الناشطين المخلصين للدعوة، من وجهة نظر قطب، اعتبروا "مسلمين صادقين".
ورغم أن قطب نفسه لم يجعل فكرة "الخلافة" أساسيةً لفكره، إلا أن أتباعه رأوا فيها "البديل الوحيد" عن الجاهلية، وهكذا رآها "حزب التحرير" أيضاً، الذي يعد جماعة متطرفة يمتد نشاطها عبر القارات، ويعتبر "لعنةً" على وكالات الاستخبارات في جميع أنحاء أوروبا وآسيا الوسطى، بحسب جينكينز.
يذكر أن تنظيم القاعدة في العراق كان يبث "صوت الخلافة" عبر الإنترنت، وفي جنوب شرق آسيا، تزعم "الجماعة الإسلامية" أن هدفها "دولة خلافة تحل بديلاً عن النظام الدولي الحالي، من إندونيسيا إلى تايلاند"، واليوم، عندنا التنظيم المعروف سابقاً بداعش، وها هو يسير على هذا النهج الداعي لخلافة إسلامية أيضاً، كما يفيد جينكينز.

شهادات الإخوان على سيد قطب.. القرضاوي: سيد قطب تكفيري بامتياز


القرضاوي

هناك العديد من الشهادات حول فكر سيد قطب من قبل اعضاء جماعة الإخوان، يقول يوسف القرضاوي "إن أفكار سيد قطب ليست من أفكار الإخوان المسلمين كما أنها أفكار خرجت عن منهج أهل السنة والجماعة، وبعد يومين من هذه التصريحات استضافت إحدى القنوات د. يوسف القرضاوي وشرح فيها أفكار قطب بالتفصيل وحاكم من خلالها أفكار سيد قطب وقال إن هذا الفكر ليس من أفكار الإخوان وأن التنظيم الذي أنشأه عام 1965 بعيد عن أفكار الإمام البنا ولكن خرج بعدها أعضاء مكتب الارشاد الحالي مدافعين عن أفكار سيد قطب ردا على تصريحات القرضاوي.".
وقال في مقال بموقعه الخاص بعنوان [كلمة أخيرة حول سيد قطب]: ((هذه مرحلة جديدة تطور إليها فكر سيد قطب، يمكن أن نسميها "مرحلة الثورة الإسلامية"، الثورة على كل "الحكومات الإسلامية"، أو التي تدعي أنها إسلامية، والثورة على كل "المجتمعات الإسلامية" أو التي تدعي أنها إسلامية، فالحقيقة في نظر سيد قطب أنَّ كل المجتمعات القائمة في الأرض أصبحت مجتمعات جاهلية.
تكوَّن هذا الفكر الثوري الرافض لكل من حوله وما حوله، والذي ينضح بتكفير المجتمع، وتكفير الناس عامة؛ لأنهم "أسقطوا حاكمية الله تعالى" ورضوا بغيره حكماً، واحتكموا إلى أنظمة بشرية، وقوانين وضعية، وقيم أرضية، واستوردوا الفلسفات والمناهج التربوية والثقافية والإعلامية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والإدارية وغيرها من غير المصادر الإسلامية، ومن خارج مجتمعات الإسلام.. فبماذا يوصف هؤلاء إلا بالردة عن دين الإسلام؟!
بل الواقع عنده أنهم لم يدخلوا الإسلام قط حتى يحكم عليهم بالردة، إنَّ دخول الإسلام إنما هو النطق بالشهادتين: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وهم لم يفهموا معنى هذه الشهادة، لم يفهموا أن "لا إله إلا الله" منهج حياة للمسلم، تميزه عن غيره من أصحاب الجاهليات المختلفة، ممن يعتبرهم الناس أهل العلم والحضارة.
أقول: تكوَّن هذا الفكر الثوري الرافض داخل السجن، وخصوصاً بعد أن أعلنت مصر وزعيمها عبد الناصر، عن ضرورة التحول الاشتراكي، وحتمية الحل الاشتراكي، وصدر "الميثاق" الذي سماه بعضهم "قرآن الثورة"! وبعد الاقتراب المصري السوفيتي، ومصالحة الشيوعيين، ووثوبهم على أجهزة الإعلام والثقافة والأدب والفكر، ومحاولتهم تغيير وجه مصر الإسلامي التاريخي.
هنالك رأى سيد قطب أن الكفر قد كشف اللثام عن نفسه، وأنه لم يعد في حاجة إلى أن يخفيه بأغطية وشعارات لإسكات الجماهير، وتضليل العوام.
هنالك رأى أن يخوض المعركة وحده راكباً أو راجلاً، حاملا سيفه "ولا سيف له غير القلم" لقتال خصومه؛ وما أكثرهم، سيقاتل الملاحدة الجاحدين، ويقاتل المشركين الوثنيين، ويقاتل أهل الكتاب من اليهود والنصارى، ويقاتل المسلمين أيضاً الذين اغتالتهم الجاهلية فعاشوا مسلمين بلا إسلام!.
وأنا برغم إعجابي بذكاء سيد قطب ونبوغه وتفوقه، وبرغم حبي وتقديري الكبيرين له، وبرغم إيماني بإخلاصه وتجرده فيما وصل إليه من فكر، نتيجة اجتهاد وإعمال فكر - أخالفه في جملة توجهاته الفكرية الجديدة، التي خالف فيها سيد قطب الجديد سيد قطب القديم، وعارض فيها سيد قطب الثائر الرافض سيد قطب الداعية المسالم، أو سيد قطب صاحب "العدالة" سيد قطب صاحب "المعالم".
ولقد ناقشت المفكر الشهيد في بعض كتبي في بعض أفكاره الأساسية، وإن لامني بعض الإخوة على ذلك،.... وأخطر ما تحتويه التوجهات الجديدة في هذه المرحلة لسيد قطب، هو ركونه إلى فكرة "التكفير" والتوسع فيه، بحيث يفهم قارئه من ظاهر كلامه في مواضع كثيرة ومتفرقة من "الظلال" ومما أفرغه في كتابه "معالم في الطريق": أنَّ المجتمعات كلها قد أصبحت "جاهلية". وهو لا يقصد بـ "الجاهلية" جاهلية العمل والسلوك فقط، بل "جاهلية العقيدة" إنها الشرك والكفر بالله، حيث لم ترضَ بحاكميته تعالى، وأشركت معه آلهة أخرى، استوردت من عندهم الأنظمة والقوانين، والقيم والموازين، والأفكار والمفاهيم، واستبدلوا بها شريعة الله، وأحكام كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم)).

فريد عبد الخالق: شباب التكفيريين تأثروا بفكر قطب


فريد عبد الخالق

(أحد كبار الإخوان المسلمين) في كتابه "الإخوان المسلمون في ميزان الحق": ((أمعنا فيما سبق إلى أنَّ نشأت فكرة التكفير بدأت بين شباب بعض الإخوان في سجن القناطر في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات، وأنهم تأثروا بفكر الشهيد سيد قطب وكتاباته، وأخذوا منها أنَّ المجتمع في جاهلية، وأنه قد كفَّر حكامه الذين تنكَّروا لحاكمية الله بعدم الحكم بما أنزل الله، ومحكوميه إذا رضوا بذلك".
وقال: ((إنَّ أصحاب هذا الفكر وإن تعددت جماعاتهم، يعتقدون بكفر المجتمعات الإسلامية القائمة، وجاهليتها جاهلية الكفار قبل أن يدخلوا في الإسلام في عهد الرسول عليه السلام، ورتبوا الأحكام الشرعية بالنسبة لهم على هذا الأساس، وحددوا علاقاتهم مع أفراد هذه المجتمعات طبقاً لذلك، وقد حكموا بكفر المجتمع لأنه لا يطبق شرع الله، ولا يلتزم بأوامره ونواهيه، ومنهم من قال بعدم كفر مخالفيهم ظاهرياً، وقالوا بنظرية (المفاصلة الشعورية)، فأجاز هذا الفريق الصلاة خلف الإمام الذي يؤم المصلين المسلمين في سجونهم ومتابعته في الحركات دون النية، وقالوا بعدم تكفير زوجاتهم، وأجَّلوا كفرهم على أساس نظرية (مرحلية الأحكام)، وأنهم في عصر الاستضعاف – أي: العهد المكي – بأحكامه التي نزلت إبانه، فلا تحرم المشركات ولا الذبائح ولا تجب صلاة الجمعة ولا العيدين ولا يجوز الجهاد، ويكفرون من لم يؤمن بفكرهم، وأخذوا ببعض أساليب الباطنية في (التقية)؛ ألا يذكروا أسرار معتقداتهم لغيرهم، ويظهرونها لخواصهم وأتباع فكرهم، وذلك عندهم ضرورة حركية، وطائفة تمسكت بالمفاصلة الصريحة، وكفَّرت مخالفيهم ومن كان معهم، ومنهم جماعة الإخوان المسلمين ومرشدهم وآباؤهم وأمهاتهم وزوجاتهم، وهم جماعة (التكفير والهجرة)، الذين يسمون أنفسهم "جماعة المؤمنين")).

رؤية النهاية


عمر التلمساني

في حوار سابق لموقع "بوابة الحركات الإسلامية" مع الدكتور كمال حبيب الخبير في شئون الجماعات الإسلامية.. أشار إلى أن قيادات جماعة الإخوان الحالية تقود الجماعة للانتحار.. وهو الرأي الذي يؤكده الكثير من الباحثين والمتابعين لأداء القيادة الاخوانية "مكتب الإرشاد" عقب ثورة يناير وخلال فترة حكم مرسي وبعد عزله وحتى هذه اللحظة تواصل هذه القيادة من داخل السجن، أو من هرب منها للخارج الاعتماد على نهج العنف الدموي والميل للصدام الذي أسس له سيد قطب.
"القطبيون" أى تلاميذ سيد قطب أصحاب القيادة والرأى والتأثير خلال السنوات الأربع الأخيرة في تاريخ الإخوان يضعون نهاية عملية وواقعية في تاريخ جماعة حاولت أكثر من 85 عاما خداع الرأى العام والظهور بمظهر الحملان الوديعة في سعيهم الدؤب لتنفيذ حلم "التمكين" في السيطرة على مقدرات البلاد والعباد ولكن يأتى الخير من حيث لا نتوقع فابفضل أفكار قطب وقيادة القطبيين الحالية للإخوان تنكشف حقيقة الجماعة الإرهابية.
قال المرشد الأسبق لجماعة الإخوان، عمر التلمساني، "إن نهاية جماعة الإخوان، ستكون على يد القطبيين"، وذلك فى معرض حديثه، عن نفيه لبعض منهم ، إلى اليمن.
و"القطبيون" في داخل الإخوان هم تيار بدأ يتكون في السجون بعد انتهاء محاكمات قضية عام 1965 التي أعدم بسببها سيد قطب، هاجر رموزه ومن ثم عادوا إلى مصر، وراحوا يفرضون رؤيتهم ونظرياتهم المتشددة شيئاً فشيئاً على التنظيم العام للجماعة.
اختلفت هذه المجموعة مع القيادات الرسمية للإخوان، على رأسها مرشدها الثاني حسن الهضيبي، رافضة كتابه "دعاة لا قضاة" الذي رد فيه على سيد قطب، وبعد أن تولي التلمساني قيادة الجماعة كمرشد ثالث لها اتفق اعضاء الجهاز الخاص مصطفي مشهور مع تلاميذ سيد قطب بقيادة رشاد البيومي ومحمود عزت علي الاستيلاء علي القيادة من فريق التلمساني، وتم استبعاد فريد عبدالخالق وتوفيق الشناوي وعبدالمتعال الجابرى.
حاول التلمساني مواجهه فريق التنظيم الخاص والقطبيين ولكن بموته حسمت المسألة وتم الاستيلاء علي الجماعة.
فصل القطبيون حسن جوده من بني سويف، وعينوا محمد بديع بدلا منه، ثم أقصوا محمد حبيب عن الصعيد ليصبح بديع مسئولا عنه ومعه محمود حسين.
لم تكن أمامهم من عقبة سوي قسم الطلبة فحاكموا د/ محمد رشدي، وفصلوا 200 من طلبة الإخوان لم ينصاعوا لأوامرهم، ثم سلموا لرشاد البيومىن ثم محمد مرسي وهما من أعلام الفكر القطبى.
حين تولي محمد بديع لملف قسم التربية قبل أن يصبح مرشدًا، كان إيذانًا بانتهاء عصر الإصلاحيين، داخل الجماعة، والذي وضع بدوره خطة محكمة للسيطرة على الجماعة تمامًا.
البرنامج التربوي الذي وضعه بديع هو تدريس الكتب التي تدعو إلي الجهاد في لقاءات الأسر والكتائب خلال 2010، ومنها كتاب (عقبات في طريق الدعوة) الجزء الثاني - من تأليف الاخواني عبد الله ناصح علوان.
كما اعتمد القطبيون كتاب (دور المسلم "لتوفيق الواعي" لأنه يحمل نفس الأفكار) مع إعطاء وقت أكبر لدراسة كتاب (الاسلام فكر وحركة وانقلاب) لفتحي يكن.
بدأت عمليات التجنيد القطبي معتمدة على الانتقاء مع اعتماد نظام الرحلات الجهادية التي تعلي من السمع والطاعة عند الأفراد.
وأنشأ القطبيون القسم الخاص الذي أشرف عليه فى البداية محمد طوسون وهو ضابط مباحث سابق بالمنيا لمراقبة من انضموا للإخوان.
من أبرز رموز القطبيين داخل الإخوان، المرشد الثامن محمد بديع، الذي تأثر بأفكار سيد قطب ونهل من أفكاره من خلال علاقة التواصل مع “حميدة قطب” شقيقة سيد قطب.
اقترب بديع من مصطفى مشهور والمجموعة "القُطبية" في "الإخوان"، وظل يرتقى فى المناصب داخل الجماعة حتى تم اختياره مرشداً للجماعة خلفاً لمهدى عاكف.
الشخصية الثانية هي رجل الجماعة الحديدي، محمود عزت، وهو الرجل الذي يدير الجماعة في كل أمورها التنفيذية.
سجن لعشر سنوات، وتأثر بإعدام سيد قطب، وارتبط بعلاقة تنظيمية قوية مع مصطفى مشهور، حيث خرجا بعدها معاً إلى بعض الدول العربية والأوربية، لتشكيل التنظيم الدولي للجماعة، وبعدها عادا معاً، ليخططا في السيطرة على الجماعة.
ولعب خيرت الشاطر، دوراً ضخماً مع القطبيين، إذ أصبح مهندس توظيف أموال "الإخوان" والرجل القوي فيها.
أما رشاد البيومي، فهو القطبي الأكبر داخل مكتب الإرشاد، وهو الذى كان المسئول عن قسم الطلاب، وأحد أبرز تلاميذ سيد قطب، وقد كان من اشد المقربين لمصطفي مشهور وكان بمثابة المستشار له.
كان بجوار رشاد بيومي محمد مرسي، الذي أصبح رئيساً لمصر بعد الثورة، ثم عزله شعبه فى 30 يونيو، بعد أن ارتكب خطايا كبرى، أهمها محاولته أخونة الدولة، بالقطبيين الذين كانوا لا يريدون ترك السلطة مطلقًا.











رد مع اقتباس
قديم 2014-12-30, 08:00   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
الزمزوم
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية الزمزوم
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

https://www.youtube.com/watch?v=kd_kYQ28JTA

https://www.youtube.com/watch?v=F5rYh1VRR1U










رد مع اقتباس
قديم 2015-01-02, 11:45   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
قاهر العبودية
عضو محترف
 
الصورة الرمزية قاهر العبودية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



أنا لم أقرا هذه المواضيع الحاقدة

لكن أيها الأحرار في المنتدى

ألم يتشارك هؤلاء الذين يذمون بعضهم البعض في حقدهم وكرههم للأخوان

قال تعالى

"لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ"
[الحشر:14]

بالله عليكم..
لاتنظروا الى اسم صاحب الموضوع..فستحسبونه"أبو هاجر القحطاني" يعني يونس بلخيري أو المدعو الياس محمد أو عبد الحق صادق أو غيرهم... من المستميتين في عداوتهم وكرههم للأخوان

ما الفرق بين هؤلاء اذن؟؟؟


قال أحد الحكماء

" عندما يتحالف حثالة العرب مع حقد العجم على خير الامم "
" فاعلم ان الامه ستقود الامم " حقيقه"•










رد مع اقتباس
قديم 2015-05-22, 21:59   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
الزمزوم
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية الزمزوم
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



مع تطبيق الشرع
مع تطبيق القوانين التي صادق عليها الإخوان إبان حكمهم !?
كيف يكون الإعدام على كل الناس وممنوع الإعدام على الإخوان !?
لماذا يتلاعب بشرع الله تعالى!!
هل الدين في خدمة الناس أم في الإخوان !?










رد مع اقتباس
قديم 2015-05-22, 22:06   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
الزمزوم
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية الزمزوم
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



مع تطبيق الشرع
مع تطبيق القوانين التي صادق عليها الإخوان إبان حكمهم !?
كيف يكون الإعدام على كل الناس وممنوع الإعدام على الإخوان !?
لماذا يتلاعب بشرع الله تعالى!!
هل الدين في خدمة الناس أم في الإخوان !?










رد مع اقتباس
قديم 2015-05-23, 07:59   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
رابطة هوازن
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الزمزوم مشاهدة المشاركة
دعم الانجليز للاخوان

اضغط على الرابط
https://www.islamist-movements.com/special/?id=2435


لا شك ولا ريب!









رد مع اقتباس
قديم 2015-11-07, 12:54   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
الزمزوم
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية الزمزوم
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يوسف ندا .. مؤسسة الإخوان المالية




يوسف ندا وبنك التقوى

يوسف مصطفى علي ندا، ولد في الإسكندرية عام 1931، رجل أعمال مصري يحمل الجنسية الإيطالية، ومقيم في كامبيونا الإيطالية الواقعة في سويسرا، وهو المفوض السابق للعلاقات الدولية في جماعة الإخوان المسلمي، انتمى لجماعة الإخوان المسلمين عام 1947.



اُعتقل مع كثير من الإخوان المسلمين بعد اتهامهم بمحاولة اغتيال جمال عبد الناصر في ميدان المنشية بالإسكندرية في أكتوبر عام 1954، قضى ما يقرب من عامين في السجن وأُفرج عنه في أبريل عام 1956.
بدأ نشاطه التجاري بعد خروجه من المعتقل وأنهى دراسته الجامعية من كلية الزراعة جامعة الإسكندرية.
وفي أغسطس عام 1960 قرر ندا الهجرة من مصر، فذهب إلى ليبيا في البداية ومنها إلى النمسا، حيث بدأ نشاطه التجاري يتوسع بين البلدين، حتى لُقِّب نهاية الستينيات بأنه ملك الأسمنت في منطقة البحر المتوسط.
تمكن ندا من الهرب من ليبيا حينما اندلعت ثورة الفاتح من سبتمبر عام 1969 إلى اليونان، حيث التقى برئيسها (بابا ببلوس) ثم انتقل للإقامة في (كامبيونا) الإيطالية التي تقع داخل الحدود السويسرية، وما زال يقيم بها إلى الآن.
يوسف ندا يحمل الجنسية الإيطالية، وحصل على الجنسية التونسية في عهد صديقه الرئيس "الحبيب بورقيبة" في الستينيات.



دوره في العلاقات الدولية








وصفته وسائل الإعلام بـ(الرجل الغامض).. كما أنه ليس مجرد رجل أعمال مشهور أو رئيس لبنك التقوى الذي اتهمه رئيس الولايات المتحدة بدعم الإرهاب، ولكنه لعب طوال الـ25 سنة الماضية دوراً مهماً في جماعة الإخوان المسلمين.. فهو الذي رتب العلاقة بين الإخوان والثورة الإيرانية، وتوسط بين السعودية واليمن، والسعودية وإيران، وبذل مجهوداً غير عادي في حل الأزمة بين الحكومة الجزائرية وجبهة الإنقاذ.
لم يلعب يوسف ندا تلك الأدوار فقط، ولكنه قام بإمداد اليمن بوثائق مهمة ساعدتها في حل نزاعها مع إريتريا حول جزر حنيش، إضافة إلي ارتباطه بعلاقة صداقة بالملك "إدريس السنوسي" ملك ليبيا، الذي قامت ضده ثورة الفاتح من سبتمبر بقيادة العقيد القذافي، وزاره ندا في مقر إقامته وله أدوار أخرى في تونس والعراق وتركيا وكردستان وماليزيا وإندونيسيا.
كان ندا عضوً في معهد بينمنزو أحد المؤسسات العلمية التابعة للأمم المتحدة، وتنتمي إليه شخصيات عالمية كثيرة، رؤساء دول سابقون، سياسيون كبار، وقام المعهد بتكريمه في أبريل عام 1997، وتم تجميد عضويته في المعهد بعد التحقيق معه



اتهامات بوش الابن له






في نوفمبر عام 2001 اتهمه الرئيس الأمريكي جورج بوش بضلوع شركاته في دعم الإرهاب، وأُصدر قرارًا بتجميد أمواله وأصول شركاته، وبينها "بنك التقوى" بجزر البهاما الذي كان يرأس مجلس إدارته
ظل "يوسف ندا" شخصية بعيدة عن الأضواء ووسائل الإعلام حتى يوم 7 نوفمبر 2001، عندما تحدث عنه الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، ووصفه ومؤسسته بأنه أحد داعمي الإرهاب في العالم، وأنه قام بتمويل أحداث سبتمبر.
وفي أواخر عام 2001 استصدرت الإدارة الأمريكية تحت رئاسة جورج بوش الابن قائمة من الأمم المتحدة، وضعت فيها أسماء مسلمين من جنسيات مختلفة، تتهمهم بدعم الإرهاب، بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 وضمت القائمة يوسف ندا وغالب همت، فامتثل الادعاء العام السويسري لذلك فاستهدف "مؤسسة ندا للإدارة" المعروفة أيضا باسم "بنك التقوى"، ووضع أموال يوسف ندا وشريكه غالب همت وبعض أعضاء مجلس الإدارة والمقربين منهم تحت الحراسة، وفرضت عليهما الإقامة الجبرية مما أجبر ندا علي تصفية أعماله في سويسرا، وفي 29 سبتمبر 2009 أكدت وزارة الخارجية السويسرية أن مجلس الأمن الدولي شطب اسم يوسف ندا وغالب همت من قائمة الداعمين للإرهاب، وذلك بناء على طلب سويسري. وتم شطب الأسماء بعدما لم يتمكن الادعاء العام السويسري من العثور على أي دليل على إدانتهم بعد أن صادر عشرات الآلاف من الوثائق، كما لم تتمكن الإدارة الأمريكية من تقديم ما قالت إنها أدلة تدين ضلوعهم في دعم "الإرهاب" ورغم تعليق الادعاء العام السويسري لجميع التحقيقات الخاصة بملف مؤسسة التقوى منذ مايو 2005م بموجب حكم ملزم من المحكمة الاتحادية العليا السويسرية، وتبعتها إيطاليا في عام 2007م لعدم توافر الأدلة، فإن الإدارة الأمريكية رفضت شطبهما من "القوائم السوداء".









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الإخوان, بحاجة, تنظيم, ونهاية


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 14:58

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc