.حين نذكر الكلمة وما تحتويه من مفاهيم فلا بد أن نقف طويلا علي كل مفهوم فهل نحن نمارس هذا المفهوم ونؤمن بما نكتب أم أننا نكتب لملأ الفراغ وجلب القراء فما فائدة أن أكتب عن الصدق وأنا أكذب وأكتب عن الطيبة وانا شرير في الأعماق وأكتب عن الوعد أنا أخلف واكتب عن الحب وأنا أحقد,,, تلك الصناعة للكلمات الخالية من الحس الإنساني فلا طعم لها ان لم يكن لها مكان على الوقع,
فالمفاهيم الجميلة للكلمة يحملها الرجل والمرأة على سواء لكن يعرف من زمن العظماء أن الرجل ذو كلمة ولا يتنازل عنها مهما كانت رياح هوجاء ,يقال هذا الرجل ذو كلمة أو عن الصعايدة في مصر حين يقولون كلمة رجالة
فكم من كلمة لم تقال صراحة في بعض المواقف أمام الملأ حتى لا ينعتوا بالجبن والخيانة والخذلان فتجد المرأة تجرأ على قولها ولو كانت امام الطغاة الظالمين ,, فنطلب النصرة والصلاح ونحن لم نصلح ما بألسنتنا وما في أعماقنا,,
لنعطي مثال حتى لا نكون ممن يتكلمون جزافا دون مبرر عن أبسط كلمة تقال بيننا,,
يحظرني في هذا المقام لكلمة (نعم)
إذا قلت في شيء: (نعم) فأتمـه..
.
رُوي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنه لما حضرته الوفاة، قال: خطب إلي ابنتي رجل من قريش، وكان منّي إليه شِبهُ وعْدٍ، فوالله لا ألقى الله بثلث النفاق، أشهدكم أني قد زوجته أبنتي.
.
حقا.. إنها صورة رائعة.. صورة واضحة لما يتمتع به هذا الرجل من الصفات الحميدة..
.
لقد كان في سعة ـ رضي الله عنه ـ أن يعتبر ما دار بينه وبين من خطب ابنته مجرد حديث عابر كما هو الشأن فيما يقع بين الناس اليوم، وكان له أن يعتمد على مسوغات ومبيحات وحجج، لا سيما وأنه كما قال "كان له شبه وعد". كما يفعل الناس اليوم، وكان له أن لا يهتم بمثل هذا الأمر، وخاصة في مثل حالته ـ الإحتضار ـ فهو في ضرورة، والضرورة تبيح له أن يتناسى ذلك، كما يدعي الناس اليوم!.
.
ولكن لم يفعل.. لأن إيمانه الراسخ وخلقه العالي يمنعان عليه السكوت عما دار بينهما وفي مثل هذه الحال، شبه نفاق.
تأملوا ـ رحمكم الله ـ: "فو الله لا ألقى الله بثلث النفاق"... إنها الأخلاق، وإنه الإيمان....بل إنها إنسانية ما أجلّها، وما أسمى مكانتها، وأعيذكم ونفسي أن نكون من أولئك الذين يقدّمون لك وعودهم قبل أفعالهم.. فيا ان انسان كنت رجل أو إمراة:
إذا قلتم في شيء: (نعم) فأتموـه * فإن (نعم) دَين على الحرِّ واجب
وإلا فقل: (لا) تَســترح وتـُـرح * لئـلا يقـول النــاس إنك كـاذب
!!!! فهذا كله في كلمة نعم فما بال لو قلنا كلمات
فاللهم لا تجعل قولنا فوق عملنا، ولا تجعل أسوأ عملنا ما قرب من أجلنا..