المجلة القانونية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > منتدى الحقوق و الاستشارات القانونية

منتدى الحقوق و الاستشارات القانونية كل مايتعلق بالعلوم القانونية ، و كذا طرح المشكلات والقضايا التي تحتاج إلى استشارة قانونية...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

المجلة القانونية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-02-20, 01:03   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*جوداء*
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية *جوداء*
 

 

 
الأوسمة
وسام العضو المميّز في منتديات الخيمة 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

جريمة النصب والتجارة الإلكترونية
يحمي القانون الجنائي حق الملكية سواء كان محله عقارا أو منقولا، وان كانت ملكية المنقولات تخطى بالنصيب الأوفر من رعاية التشريع الجنائي. والجرائم التي تقع اعتداء على ملكية المنقول تنقسم إلى طائفتين رئيسيتن أحدهما تضم جرائم تكون الغاية منها الاستيلاء على مال الغير والأخرى تشمل جرائم تكون غايتها إتلاف مال الغير، ويدخل ضمن الطائفة الأولى جرائم السرقة والنصب وخيانة الأمانة([1])،
. وسوف يقتصر البحث على طبيعة هذا المال وصلاحيته لأن يكون محل لجريمة النصب (الإحتيال) دون غيرها من الجرائم التي تقع على المال المتداول في التجارة الإلكترونية.


سوف نتناول جريمة النصب على الأموال المتداولة في التجارة في نقطتين :

1. تناول المشرع في دولة الإمارات العربية المتحدة جريمة النصب والإحتيال في المادة (399) من قانون العقوبات الاتحادي([1])، التي نصت على أنه:يعاقب بالحبس أو بالغرامة كل من توصل إلى الإستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول أو سند أو توقيع هذا السند أو إلى الغائه او اتلافه او تعديله وذلك بالاستعانة بطريقة إحتياليه او باتخاذ اسم كاذب او صفة غير صحيحة متى كان من شأن ذلك خداع المجني عليه وحمله على التسليم، ويعاقب بالعقوبة ذاتها كل من قام بالتصرف في عقار أو منقول يعلم انه غير مملوك له او ليس له حق التصرف فيه أو تصرف في شيء من ذلك مع علمه بسبق تصرفه فيه أو التعاقد عليه وكان من شأنه الإضرار بغيره.

وإذا كان محل الجريمة مالا أو سندا للدولة أو لاحدى الجهات التي ورد ذكرها في المادة (5) عدا ذلك ظرفا مشددا.

ويعاقب على الشروع بالحبس مدة لا تجاوز سنتين أو بالغرامة التي لا تزيد على عشرين ألف درهم ويجوز عند الحكم على العائد بالحبس مدة سنة فأكثر أن يحكم بالمراقبة مدة لا تزيد على سنتين ولا تجاوز مدة العقوبة المحكوم بها.

· والإحتيال أو النصب هو الاستيلاء على الحيازة الكاملة لمال الغير بوسيلة يشوبها الخداع تسفر عن تسلم ذلك المال.

· الأرول الركن المادي : وهو وسيلة الإحتيال.

· والثاني : محل الجريمة أو موضوعها.

· والثالث : القصد الجنائي.

وفيما يلي نتحدث عن كل ركن من هذه الأركان الثلاثة بشيء قليل من التفصيل:

الركن المادي في جريمة الإحتيال أو النصب هو الوسيلة التي يلجأ إليها الجاني في سبيل تحقيق الغرض الذي يرمي إليه وهو الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول أو سند أو توقيع على هذا السند أو إلغائه أو إتلافه أو تعديله وكذلك من وسائل الإحتيال التصرف في عقار أو منقول غير مملوك للجاني، فوسيلة الإحتيال إذن إما أن تكون بالاستعانة بطريقة إحتيالية أو بإتخاذ أسم كاذب أو صفة غير صحيحة، وإما أن تكون بالتصرف في عقار أو منقول.

1. الطريقة الإحتيالية أو اتخاذ إسم كاذب أو صفة غير صحيحة:

يشترط في الإستعانة بأي من هذه الوسائل أنه يكون من ششأن ذلك خداع المجني عليه وحمله على تسليم المال المنقول أو السند أو التوقيع عليه أو الغائه أو إتلافه أو تعديله.

أ الطريقة الإحتيالية:

من المسلم به فقهاً وقضاء أن الكذب المجرد لا يكفي لتوفر الطريقة الإحتيالية مهما كان منمقا مرتبا يوحى بتصديقه ومهما تكررت وتنوعت صيغتة، وقد قضت محكمة النقض بأن جريمة النصب لا تتحقق بمجرد الأقوال والإدعاءات الكاذية ولو كان قائلها قد بالغ في توكيد صحتها حتى تأثر بها المجني عليه، بل يجب ان يكون قد اصطحب بأعمال مادية أو مظاهر خارجية تحمل المجني عليه على الاعتقاد بصحته([2]).

ويتعين إذن حتى تتوفر الطريقة الإحتيالية أن يوجد إلى جوار الكذب ما يؤيده ويوحي بصدقه فتعمل الأكاذيب أثرها في استسلام المجني عليه وتحمله على التسليم والتخلي عن حيازة المال موضوع الجريمة([3]).

ويلاحظ أن المشرع لم يحدد في النص ما هية الطريقة الإحتيالية أو نوعها أو اسلوبها حتى تعتبر وسيلة من وسائل الإحتيال وهو في ذلك يتوسع في الأفعال التي تعتبر طرقا احتياليه بغرض الإستيلاء على مال الغير، شأنه في ذلك شأن القانون الايطالي (المادة 640 منه) والقانون السويسري (المادة 148) والقانون البولوني (المادة 264).

ومهما يكن من أمر الطريقة الإحتيالية ونوعها وأسلوبها، فإنه يجب ان يكون من شأنها خداع المجني عليه وحمله على التسليم. على أنه يجب أن تكون الطريقة الإحتيالية على درجة من الحبك الذي يسمح بخداع الشخص متوسط الذكاء، ومع ذلك فإنه من يتوسم فيه الجاني الطيبة والسذاجة يكون محلاً للحماية القانونية، غير انه يجب أن لا يكون المجني عليه من السذاجة والغفلة لدرجة أن يصدق كل ما يقال له أوي لقي إليه من أكاذيب مهما كانت فاضحة أو مكشوفة في كذبها.

ويجب أن توجه الطريقة الإحتيالية إلى المجني عليه ذاته لخداعه وغشه إبتغاء اغتيال ماله، وقد قضت محكمة النقض المصرية بأن الطرق الإحتيالية التي بينها القانون يجب توجيهها إلى خداع المجني عليه وغشه([4]).

والطرق الإحتيالية تكاد لا تدخل تحت حصر ولكن المهم فيها أن يكون من شأنها خداع المجني عليه وحمله على تسليم المال، فمن يزغم بقدرته على شفاء الأمراض أو يوهم الناس بقدرته على الإتصال بالجن وإمكان شفائهم أو الإرشاد عن مكان شيء مفقود أو استخراج كنز مدفون في باطن أرض منزل المجني عليه، فإن هذه الوقائع وامثالثها تعد نصبا واحتيالا.

ب‌. إتخاذ أسم كاذب أو صفة غير صحيحة:

كذلك من وسائل الإحتيال اتخاذ الجاني اسما كاذبا أو صفة غير صحيحة وهذه وسيلة مستقلة بذاتها من وسائل النصب والإحتيال وتكفي وحدها في تكوين الركن المادي في الجريمة دون حاجة لاستعمال طرق احتيالية، فيكفي لتكوين جريمة المصب أن يتسمى الجاني بإسم كاذب يتوصل به إلى تحقيق غرضه دون حاجة إلى الاستعانة على إتمام جريمته بأساليب احتالية اخرى([5])، كذلك الحكم النسبة لانتحال صفة غير صحيحة، فمن يدعي كذبا بأنه وكيل عن شخص اخر ويتمكن باتخاذ هذه الصفة يغر الصحيحة من الاستيلاء على مال المجني عليه لتوصيله إلى موكله المزعوم يعد مرتكبا لجريمة الإحتيال بإتخاذ صفة كاذبة ولو لم يكن هذا الإدعاء مقرونا بطرق إحتيالية([6]).

إلا أنه يشترط في الإلتجاء إلى هذه الوسيلة من وسائل الإحتيال أن يكون من شأنها خداع المجني عليه وحمله على التسليم، فمتى كانت الواقعة هي أن المتهم لم يتجاوز في فعلته اتخاذ اسم كاذب دون أن يعمل على تثبيت اعتقاد المجني عليه بصحة ما زعمه وأن المجني عليه اقتنع به لأول وهلة، فإن ذلك لا يكون من المتهم إلا مجرد كذب لا يتوافر معه المعنى المقصود قانونا من اتخاذ الاسم الكاذب في النصب، ذلك أن القانون وإن كان لا يقتضي أن يصحب اتخاذ الأسم الكاذب طرق احتيالية، إلا أنه يستلزم أن يحف به ظروف واعتبارات أخرى يكون من شأنها خداع المجني عليه وحمله على تصديق المتهم. وتقدير هذه الظروف والاعتبارات من شأن قاضي الموضوع([7])، كذلك إذا ادعى شخص بأنه مخبر من الشرطة واستولى بهذا الإدعاء على مبلغ من شخص آخر بدون أن يقترن إدعاءه بأفعال مادية اخرى من شأنها التأثير في المجني عليه، فإن مجرد هذا الإدعاء الكاذب لا يكفي لتكوين جريمة النصب، إذ ليس في مجرد اتخاذ ذلك الشخص لصفة المخبر في الشرطة ما يحمل المجني عليه على التسليم وإعطائه مالا([8]). وهذا يتفق مع ما نصت عليه المادة 399 عقوبات من أنه يجب أن يكون من شأن اتخاذ الإسم الكاذب أو الصفة غير الصحيحة خداع المجني عليه وحمله على تسليم المال، أي يجب أن يكون اتخاذ ذلك الإسم او تلك الصفة هو السبب الذي حمل المجني عليه على تسليم المال تحت إبهامه، فإذا كان الإسم الذي تسمى به الجاني أو الصفة التي ادعاها غير ذات اثر على المجني عليه ومع ذلك قام بتسليم المال إلى الجاني فلا تتوافر في هذه الحالة جريمة الإحتيال([9]).

ويستوي في الإسم الكاذب أو الصفة غير الصحيحة كوسيلة للاحتيال أن يكون شفاهة او يتخذه الجاني محررا، ويستوي ان يكون الإسم المنتحل خياليا أصلا او حقيقيا لشخص اخر غير الجاني غير ان التسمي بإسم الشهرة لا يعد إسما كاذبا.

أما الصفة غير الصحيحة فتكاد لا تقع تحت حصر، فقد تكون هذه الصفة درجة علمية وقد تكون مهنة أو عملا يزعم الجاني الاشتغال به كاتخاذ المتهم صفة تاجر وحصوله بناء على ذلك على بضاعة.

2. التصرف في مال ثابت او منقول:

أما الوسيلة الثانية من وسائل الإحتيال فهي التصرف في عقار او منقول غير مملوك للجاني وليس له حق التصرف فيه أو التصرف في شيء من ذلك مع علم الجاني بسبق تصرفه فيه أو التعاقد عليه. وهذه الوسيلة تقوم مستقلة بذاتها ويكفي مجرد توفرها لقيام الركن المادي في جريمة الإحتيال دون اشتراط تأييدها بأشياء اخرى خارجية([10])، فزعم الجاني بملكية المال أو أن له حق التصرف فيه أو التصرف فيه مع علمه بسبق تصرفه فيه، هو في ذاته كاف لتحقيق الركن المادي في جريمة النصب، ويشترط لتوفر هذه الوسيلة من وسائل الإحتيال أمران:

· الأول : التصرف في عقار أو منقول.

· والثاني: أن يكون هذا المال غير مملوك للجاني أو ليس له حق التصرف فيه أو سبق أن تصرف فيه.

‌أ. التصرف في عقار أو منقول:

يقصد بالتصرف هنا كل تصرف ناقل للملكية كالبيع والمقايضة والهبة أو كل تصرف يقرر على العقار حقا عينيا كحق الإرتقاق او الرهن([11])، أما التأجير فلا يعد تصرفا في جريمة النصب، ويستوي أن يكون محل التصرف عقارا أو منقولا، فإذا كان التصرف بالبيع مثلا واردا على عقار فإن المجني عليه هو المتصرف إليه الذي يسلم المال للجاني وتقوم وسلية الإحتيال في هذه الحالة دون أي شبهة.

أما إذا كان محل التصرف منقولا، فإن كان المنقول معينا بالنوع كصنف معين من الحبوب أو الثمار، فإن العقد يتم بمجرد تلاقي الإيجاب والقبول بغير توقف على تسليم المبيع، فإن كانت نية الجاني هي الإستيلاء على المال ولم ينصرف قصده إلى تسليم المنقول المعين بالنوع كان فعله هذا مكونا للركن المادي في جريمة الإحتيال، أما إذا كان نية الجاني هي تسليم المنقول فعلا ولم يكن منتويا اغتيال مال مجني عليه فلا يتوافر في حقه المنقول فعلا ولم يكن منتويا اغتيال مال مجني عليه فلا يتوافر في حقه الركن المادي في جريمة النصب حتى ولو عجز بعد هذا عن تسليم المبيع.

أما إذا كان محل التصرف معينا بالذات كسيارة أو دابة محددة بأوصافها، فإن جريمة الإحتيال تقوم بتمكين الجاني من الإستيلاء على مال المجني عليه، فمن يشاهد سيارة ويتوجه إلى الجاني معتقدا أنه مالكها يبغى شراءها منه، فيبدي هذا الأخير إستعداده لبيعها له مؤكدا أنها ملكة ويتفق معه على تسليمها إليه بعد تحرير عقد البيع وقبض الثمن، فإذا تم هذا واختفى الجاني قبل التسليم، عد مرتكبا لجريمة النصب.

‌ب. كون المال غير مملوك للجاني او ليس له حق التصرف فيه أو تصرف فيه مع علمه بسبق تصرفه فيه:

يشترط في المال محل التصرف أن يكون غير مملوك للجاني أو ليس له حق التصرف فيه فإن كان مملوكا له أو له حق التصرف فيه فلا جريمة، فالوكيل الذي يقوم بالتصرف في مال مملوك لموكله بناء على عقد وكالة يفوضه فيه بالبيع، لا يرتكب جريمة نصب حتى ولو ظهر بعد ذلك ان الوكالة كانت قد انتهت او انقضت ولم يكن الوكيل قد علم بذلك.

وكذلك يتوفر الركن المادي لجريمة النصب أو الإحتيال في حالة تصرف الجاني في المال مرتين، ويكون المجني عليه في هذه الحالة هو المشتري الثاني، أما المتصرف إليه الأول فليس هناك جريمة نصب وقعت في حقه.

على انه يشترط بداهة أن يجهل المجني عليه أن المال ليس في ملكية الجاني أو أنه ليس له حق التصرف فيه أو أنه قد سبق التصرف فيه وإلا فلا جريمة، وقد قضى بإنه إذا كا ن دفاع المتهم قوامه عدم توافر عنصر الإحتيال في الدعوى لان المجنى عليه حين تعاقد معه كان يعلم أنه غير مالك لما تعاقد معه عليه فإن الحكم إذ دانه في جريمة النصب على أساس أن التصرف في مال لا يملك المتهم فيه هو طريقة من طرق النصب قائم بذاته لا يشترط فيه وجود طرق احتيالية يكونه قاصر البيان في الاسباب التي بني عليها([12]).

يشترط أن يكون موضوع جريمة الإحتيال أو النصب مالا منقولا او عقارا مملوكا لغير الجاني أو ليس له حق في التصرف فيه أو تصرف فيه مع علمه بسبق تصرفه فيه.

ولا أهمية بقيمة المال – عقارا كان أو منقولا – في قيام جريمة الإحتيال، كذلك لا عبرة بكون المال له قيمة مادية أو مجرد قيمة أدبية كالخطابات والمذاكرات الخاصة([13]). ويستوي في المال موضوع الجريمة أن تكون حيازة المجني عليه له مشروعية أو غير مشروعة، فمن يتوصل بالإحتيال إلى الاستيلاء على مواد مخدرة من آخر يعد مرتكبا لجريمة النصب، إذا توافرت أركانها، وكذلك الحال فيمن يستولى على سلاح غير مرخص بحيازته(3).

ونشير هنا إلى أن الإستيلاء على المنفعة فقط بإحدى وسائل الإحتيال لا يكفي لقيام محل جريمة النصب، كمن يتوصل بطريق الحيلة إلى الركوب في وسائل المواصلات العامة بغير أجر تحت الزعم بأنه من رجال الشرطة مثلا.

والعبرة في ملكية المال المنقول أو العقار للجاني أو عدم ملكيته إياه هي بالحقيقة والواقع، فإذا كان المال مملوكا لمن استولى عليه فلا جريمة في الأمر حتى ولو كان يعتقد وقت استيلائه
على المال أنه مملوك لغيره، فإذا كان المال في ملك من يحتال لأخذه وهو يعلم بملكيته له وقد التجأ إلى هذه الوسيلة في سبيل الحصول عليه فلا جريمة يمكن اسنادها إليه([14]).

إلا إنه يشترط في الإستيلاء على المال بأي وسيلة من وسائل الإحتيال المشار اليها آنفا أن يكون من شأن ذلك الإضرار بالغير، أي أن يلحق بالمجنى عليه ضرر من استيلاء الجاني على ماله، لأنه ما لم يحصل أي ضرر فلا يكون هناك سلب لمال الغير. ويؤخذ من احكام محكمة النقض المصرية انها تشترط الضرر ولو كان محتملا، فقد قضت بأن مجرد الاستيلاء على نقود عن طريق التصرف في مال ثابت او منقول ليس ملكا للمتصرف ولا له حق التصرف فيه يعتبر نصبا معاقبا عليه، بغض النظر عما إذا كان الضرر الحاصل من هذا التصرف قد وقع فعلا على الطرف الاخر في العقد أو على صاحب الشيء الواقع فيه التصرف([15]).

كما قضت أيضا بأنه يكفي لتحقيق جريمة النصب أن يكون الضرر محتمل الوقوع([16]).

جريمة الإحتيال أو النصب جريمة عمدية تتطلب توفر القصد الجنائي العام والقصد الخاص. ويتوفر القصد الجنائي العام فيها بعلم الجاني بأن الأفعال التي يأتيها يعدها القانون وسائل احتيال ومن شأنها خداع المجني عليه وحمله على تسلم المال، أما القصد الخاص فيتمثل في انصراف نية الجاني إلى الإستيلاء على الحيازة الكاملة لمال المجني عليه.

فمن يتصرف في منقول أو عقار معتقدا أنه اصبح مملوكا له بطريق الميراث وهو لم يرثه بعد، لا تتوافر في حقه جريمة الإحتيال لتخلف القصد الجنائي العام. كذلك إذا لم يكن قصد الجاني منصرفا إلى تملك المال الذي تحصل عليه من حائزة بطريقة الحيلة انتفى قيام القصد الجنائي الخاص وانتفت بالتالي جريمة النصب، فمن يتوصل بوسائل الإحتيال إلى الحصول على منفعة مال من اخر لا يعد مرتكبا لجريمة النصب لأن العبرة هي نية الجاني في الاستيلاء على مال المجني عليه لا مجرد الحصول على منفعة هذا المال. ولا يمنع أن يكون الاستيلاء على المنفعة في هذه الحالة مكونا للجريمة المنصوص عليها في المادة 394 عقوبات إذا توافرت أركانها، إلا انه يشترط أن يتعاصر القصد الجنائي العام والخاص في جريمة الإحتيال مع وقت الاستيلاء على المنقول أو العقار. وقيام القصد الجنائي بشقيه عند الجاني مرده إلى وقائع الدعوى وما تستخلصه منها محكمة الموضوع، ولا عبرة في توفره بالباعث الذي دفع الجاني إلى ارتكاب الجريمة.

نصت الفقرة الثانية من المادة 299 عقوبات على ظرف مشدد في جريمة النصب وهو إذا ما كان محل الجريمة مالا او سندا للدولة أو لاحدى الجهات التي ورد ذكرها في المادة الخامسة عقوبات ومنها الوزارات والدوائر الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة والجمعيات والمؤسسات ذات النفع العام، والحكمة من تشديد العقوبة في مثل هذه الأحوال هي الحفاظ على أموال تلك الجهات فضلا عما يتسم به عمل الجاني من جرأة وجسارة تتمثل في الاسيلاء لنفسه أو لغيره على مال للدولة بأحدى وسائل النصب والإحتيال.

جريمة النصب أو الإحتيال من الجنح التي يعاقب القانون على الشروع فيها، ويتوافر الشروع في هذه الجريمة إذا كا القى الجاني بوسيلة من وسائل الإحتيال للاستيلاء على مال المجني عليه فاكتشف هذا الأخير تلك الوسيلة ولم ينخدع ويسلمه المال أو لم يكتشف المجني عليه هذه الوسيلة ولكن الجريمة ضبطت وقت تسليم المال.

وغنى عن البيان أن الطريقة الإحتيالية هي من العناصر الأساسية الداخلة في تكوين الركن المادي لجريمة النصب، وبالتالي فإن استعمال الجاني اياها يعد شروعا في الجريمة اعتبارا بأنها من الأعمال التنفيذية([17])، أما الدجال الذي يؤثث مكانا على شكل عيادة طبية ويعين فيها ممرضا فإن اعماله هذه تعد أعمالا تحضيرية لجريمة النصب لا عقاب عليها([18]).

وقد قرر المشرع على الشروع في جريمة النصب عقوبة الحبس مدة لا تجاوز سنتين أو الغرامة التي لا تزيد على عشرين ألف درهم.

وفضلا عن حق القاضي في تشديد عقوبة النصب في حالة المتهم العائد والحكم عليه بالحبس مدة سنة فأكثر، فقد أجاز له المشرع أن يحكم بوضع الجاني تحت مراقبة الشرطة مدة لا تزيد على سنتين ولا تجاوز مدة العقوبة المحكوم بها، ويجب أن يبين في الحكم يوم بدء المراقبة.

ويصح الحكم بالمراقبة سواء أكانت الجريمة تامة أو مجرد شروع فيها لاطلاق النص([19])،

1. الرأي في وقوع جريمة النصب المعلوماتي :

‌أ. الأول : يرى أن جريمة النصب لا تقوم إلا إذا خدع شخصا مثله وأن يكون الشخص المخدوع مكلفا بمراقبة البيانات وغلى ذلك لا يتصور خداع الحاسب الآلي بوصفه آلة ومن ثم لا يطبق النص الجنائي الخاص بالنصب والإحتيال لافتقاده أحد العناصر اللازمة لتطبيقه([20]).

وهذا الإتجاه تتبناه تشريعات مصر والمانيا والدنمارك وفنلدا واليابان والنرويج والسويد ولكسمبرج وايطاليا([21]).

وهناك في الفقه المصري من يرى أن غش العدادات (كعد المياه والكهرباء) والأجهزة الحاسبة هو نوع من تجسيد الكذب الذي تتحقق به الطرق الإحتيالية ضمن السلوك الإجرامي في جريمة النصب([22])، ويتفق هذا الرأي مع رأي الفقه الفرنسي والفقه البلجيكي.

‌ب. الثاني: وتتبناه دول الانجلوساكسون ومنها بريطانيا واستراليا وكندا وهو اتجاه يوسع من النصوص المتعلقة بالعقاب على جريمة النصب([23]) ويمكن تطبيق هذه النصوص على النصب المعلوماتي. ولقد تدخل المشرع الإنجليزي عام 1983، واعتبر خداع الآلة بنية ارتكاب غش مالي هو من قبيل الإحتيال الذي يجب العقاب عليه جنائيا وبذلك تطبق نصوص تجريم النصب على ذلك الغش أو الإحتيال بطرق معلوماتية. ولقد سار على ذلك النهج القضاء الكندي والأسترالي.

‌ج. ثالثا: وتمثله الولايات المتحدة الأمريكية حيث تطبق النصوص المتعلقة بالغش في مجال البنوك والبريد والتلغراف والاتفاق الاجرامي لغرض الغش على حالات النصب المعلوماتي([24]).

بل أن بعض القوانين المحلي في بعض الولايات الأمريكية([25])، أصدرت قوانين في هذا الخصوص وأضفت تعريفا موسعا للأموال بأنه (كل شيء ينطوي على قيمة) ومن ثم يندرج تحت تعريف هذه الأموال المعنوية والبيانات المعالجة حيث تعاقب هذه القوانين على الإستخدام غير المسموح به للحاسب الآلي بغرض اقتراف افعال الغش أو الاستيلاء على أموال.

وعلى المستوى الفيدرالي فقد صدر قانون سنة 1984 يعاقب على "الولوج غير المشروع او المصطنع في الحاسب الآلي" ونص فيه على عقاب كل من ولج عمداً في حاسب آلي بدون أذن أو كان مسموحا بالولوج منه واستغل الفرصة التي سنحت له عن طريق هذه الولوج لاغراض لم يشملها الإذن وقام عمدا عن طريق هذه الوسيلة بإستعمال أو تعديل او اتلاف او افشاء معلومات مختزنة في الحاسب متى كان هذا الأخير يعمل باسم ولصالح الحكومة الأمريكية، وطالما أثرت هذه الأفعال على أداء وظيفته ولهذا يرى الفقه امكانية تطبيق هذا النص وبشروط محددة على النصب المعلوماتي.

2. الإستيلاء على مال الغير:



ووفقا لقضاء محكمة النقض الفرنيسة فإن التسليم في جريمة النصب المعلوماتي يستوي أن يكون ماديا أو ما يعادلة.

ومن ناحية أخرى يلزم ان تتوافر علاقة السببية في جريمة النصب بما فيها النصب المعلوماتي ما بين فعل التدليس وبين النتيجة المتمثلة في تسليم المال.


· وخلاصة القول:

أن النصب المعلوماتي إن كان محله الإستيلاء على النقود أو اي منقول مادي آخر له قيمة مادية فليس هناك مشكلة كان يتم التلاعب في البيانات الداخل أو المختزنة بالحاسب أو برامجه بواسطة شخص ماكر يستخرج الحاسب بإسمه أو باسم شركائه شيكات أو فواتير مبالغ غير مستحقة يستولي عليها الجاني أو يتقاسمها مع شركائه.

وإذا كان محل التسليم غير مادي وتحديدا في حالة النصب المعلوماتي فإن جانبا من الفقه الفرنسي يرى قيام الجريمة في حالة التدخل من البرمجة أو المعطيات المقدمة لجهاز الحاسب الآلي والتي تؤدي إلى الغاء رصيد مدين أو بالأحرى جعل الحساب دائنا بمبالغ غير مستحقة لأنه سواء قام الحاسب الالي بإحتجاز امر التحويل الخاص بشخص ما ثم زوره باسمه حتى يدفع قيمته في حسابه وسواء تم التلاعب في البرنامج بهدف دفع الفوائد في حسابه فإن تحويل الأموال من حساب لآخر يتم بالقيد كتابة بدون تسليم الأموال للجاني وفي كل هذه الفروض ورغم الطبيعة غير المادية للنقود الكتابية فإن الدفع يتم بواسطة القيد كتابة وهو ما يعادل التسليم المادي للأموال.

وجدير بالذكر أن المشرع الفرنسي قد نص في المادة (313/1) من قانون العقوبات الجديد على إستخدام لفظ "النقود والأموال" كحمل لجريمة النصب بعد أن تخلى عن لفظ "الأشياء" الوارد في المادة (405) من القانون القديم أي لا يشترط في المال بالضرورة أن يكون من الأموال المادية، كذلك تقوم جريمة النصب المعلوماتي وفقا للنص الفرنيس سالف الذكر متى كان محلها تقديم خدمة بناء على النشاط الإجرامي الصادر من الجاني. ولذلك فإن اختلاس الخدمات ليس سرقة حسب القانون الفرنسي انما هو استعمال طرق احتيالية للحصول على هذه الخدمة أي يعد نصيبا.

وإذا ما كانت جريمة النصب أو الإحتيال جريمة عمدية كما سبق البيان فإن صورة الركن المعنوي فيها هو القصد الجنائي العام ثم قصدا خاصا هو نية التملك. وفي جريمة النصب المعلوماتي يتحقق القصد العام إذا علم المتهم أنه يترتكب فعل تدليس من شأنه ايقاع المجني عليه في الغلط الذي يحمله على تسليم ماله فالجاني يستخدم اسلوبا للايهام بوجود إئتمان كاذب أو مشروع كاذب ويتوصل إلى الإستيلاء على مال الغير كله او بعضه متى وقع على فواتير الشراء باسم كاذب او استغل صفة كاذبة لتحويل اموال الغير من حساب إلى آخر عن طريق التلاعب في المعطيات أو البيانات المدخلة ويجب توافر علمه بهذه الوقائع ومع ذلك تتصرف إرادته اليها رغم علمه بأن فعله من الأمثال التدليسية.
أما عن القصد الجنائي الخاص وهو نية التملك فيقدم متى كان هدف الجاني من هذا الإحتيال هو الإستيلاء على مال مملوك لغيره علما بانه لا عبرة بالبواعث في ارتكاب جريمة النصب سواء كان الباعث نبيلا أم غير ذلك

ويتوافر القصد الخاص في جريمة النصب المعلوماتي متى قام الجاني باستخدام البطاقة – مثلا – وهو عالم أن رصيده ليس به ما يكفي أو أن بطاقته منتهية أو موقوفة ويستخدمها رغم ذلك في الحصول على سلع وخدمات وكذلك قيام سارق البطاقة أو تزويرها بإستعمالها في الحصول على سلع او خدمات مع علمه بأنه لا حق له في ذلك
3. حماية أموال التجارة الإلكترونية من خلال نصوص جريمة النصب:

بمطالعة النصوص التي تجرم النصب في القانون المصري (المادة 236) والتي تجرم الإحتيال في قانون العقوبات الإتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة (المادة 399) وكذلك قانون العقوبات الفرنسي الجديد (المادة 133 – 1) نجد أنه لا فارق فيما بينها فيما يتعلق بالأموال العامة ولكن نص القانون الأخير (الفرنسي) أكثر قدرة على حماية الأموال في نطاق التجارة الإلكترونية من نص قانون العقوبات المصري والإماراتي.

ولذلك لو قام احد المحامين بطلب استشارة من طبيب أو محامي عبر الإنترنت وأوهمه بسداد أتعابه من خلال بطاقة الإئتمان ولم يسددها فإنه يرتكب جريمة نصب حسب القانون الفرنيس دون القانون المصري او الإماراتي وذلك لأن قانون العقوبات الفرنسي يجعل الخدمات مساوية للمال الذي يمكن تسليمه في جريمة النصب بمعنى أن الخدمات قد تكون موضوعا للتسليم في جريمة النصب مثلها مثل المال تماما ولذلك فإن المشرع الفرنيس في النص الجديد الذي يعاقب على جريمة النصب تحدث عن تسليم المال والخدمات وليس الإشياء ولذلك فإن الفقه الفرنسي رأى في تخلي المشرع عن لفظ الأشياء أن التسليم قد يكون محله مالا معنويا إلى جانب المال المادي وكذلك تقوم جريمة النصب – بحسب القانون الفرنيس – وعلى خلاف القانونين المصري والإماراتي إن تمكن الجاني من الحصول على برنامج للكمبيوتر من شبكة الإنترنت أو سمع قطعة موسيقية أو اشترك في صحيفة عبر الشبكة وذلك عن طريق وسائل احتيالية ويعد المقابل في كل هذه الفروض عبارة عن المنفعة التي عادت عليه من الإستحواذ مع البرنامج المعلوماتي أو سماع القطعة الموسيقية أو الإشتراك في الجريدة عبر الإنترنت ولأن الإنتفاع بالخدمة وتسليمها بناء على طرق احتيالية في جريمة النصب يعادل سرقة المنافع – كما سبق البيان – في السرقة المعلوماتية ذلك أن الأموال المعنوية أو الخدمات او سرقة المنافة أو النقود الكتابية كلها نماذج لتطور المعلوماتية والهدف منها حماية قيم او كيانات ذات قيمة مالية لكنها ليست نقودا مادية يمكن قبضها باليد غير انها لها ذات القيمة ويمكن تحويلها إلى نقود مادية فيما بعد.

وقضى القضاء الفرنسي – بدوره – بأنه من الجائز استخدام نظم المعلومات في تحقيق جريمة النصب ولذلك فقد قضى بأن "استخدام الكمبيوتر في اصطناع ايصالات وطبعها نطرا لما له من إمكانيات في إجراء لحسابات يمثل الإيهام بوجود دين غير حقيقي تقع به جريمة النصب"

ويعقب الفقه الفرنسي على ذلك الحكم قائلا أن الجاني لا ينصب على الآله ولكن ينصب على الإنسان الذي يجلس خلف هذه الآله.

ومن ناحية أخرى تطبق أحكام جريمة النصب في القانون المصري وجريمة الإحتيال في قانون العقوبات الإتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة لو تمكن أحد من الحصول على مقابل مالي من المجني عليه والذي أوهمه – عن طريق شبكة الإنترنت – أنه طبيب معالج ودعم ذلك من إستخدام طرق احتيالية لتدعيم كذبه – ففي هذه الحالة يعاقب بجريمة النصب.

وخلاصة القول : أن الأموال المتداولة في نطاق التجارة الإلكترونية يمكن حمايتها بنصوص النصب أو الإحتيال إلا أن الحماية في القانون الفرنيس ذات فاعلية عن القانونين المصري والإماراتي لأن القانون الفرنسي يراعى طبيعة المال المعلوماتي.








 


رد مع اقتباس
قديم 2011-02-20, 01:06   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*جوداء*
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية *جوداء*
 

 

 
الأوسمة
وسام العضو المميّز في منتديات الخيمة 
إحصائية العضو










افتراضي

إلغاء قوانين الطوارئ في الدول العربية
ركيزة أساسية للإصلاح ونشر الديمقراطية
تقـديــم:
حينما تلجأ الدول إلى إعلان قانون الطوارئ والأحكام العرفية فإنها تعرف جيداً أنها تخاطر بالحريات العامة وحقوق الإنسان في بلدها إلا أنها تبرر لجوئها إلى هذا الخيار بحجج كثيرة على رأسها المصلحة الوطنية العليا وسلامة واستقرار البلد إلا أننا لو تفحصنا الأمر جيداً لوجدنا أن هذه الحجج لا تعدو في كونها تختزل في مصلحة النظام الحاكم وبالأخص مصلحة الرئيس أو الملك فلا فرق في الدول الدكتاتورية وعلى رأسها الدول العربية بين المصلحة الوطنية العليا ومصلحة بقاء الرئيس أطول فترة حتى لو كان ذلك بفرض قانون الطوارئ طيلة فترة بقاء ذلك الرئيس في السلطة والتي كما نعرف من بعض الأمثلة ربما تزيد عن نصف قرن وفي دول أخرى يعيش الشعب فيها حالة طوارئ مضاعفة بدون حاجة لإصدار قانون للطوارئ وهنا المشكلة أكبر ففي أدبيات ذلك النظام أنه على رأس قائمة الدول الديمقراطية، عموماً فإن حقوق الإنسان هي دائماً الضحية الأولى والأخيرة لمثل هذه الأنظمة، فالعبرة في انتصار الحريات والحقوق ليس بما يعلن أو يقرر في الدستور بل بما ينفذ ويطبق بالفعل تجنباً في اضطرار الإنسان إلى التمرد على الظلم والاستبداد واندفاعه في أعمال انتقامية تؤذي الضمير الإنساني وتعرقل مسيرة البشر.
الباب الأول
1- مفهوم حالة الطوارئ :
حالة الطوارئ أو ما يسمى بالأحكام العرفية أو الظروف الاستثنائية تتحقق إذا ما نشأت في تلك الدولة ظروف وعوامل تجعل السلطة التنفيذية فيها عاجزة وغير قادرة على أعادة فرض الأمن والاستقرار وبالتالي فأنها أي (السلطة التنفيذية) وتبعاً لذلك تخرج عن حكم القانون الأساسي والقوانين العادية الأخرى وتلجأ إلى فرض إجراءات وأوامر وقرارات خطرة تكون في الغالب ماسة بحقوق الإنسان الأساسية للفرد، والغاية من لجوء السلطة أو الحكومة إلى إعلان قانون الطوارئ والأحكام العرفية يتمثل في أن القوانين المعمول بها في ظل الظروف الطبيعية أصبحت عاجزة عن جعل السلطة والحكومة قادرة على مواجهة ما أستجد من ظروف استثنائية في ظل تلك القوانين ومن بين هذه الظروف الاستثنائية المستجدة نشوب حالة حرب مع دولة أخرى أو حالة حرب أهلية في داخل الدولة نفسها لأسباب عرقية أو دينية أو طائفية أو من أجل الانفصال أو اضطراب الأمن والاستقرار أو حصول حالة فتنة أو انتشار كارثة بيئية أو مرضية وغيرها من الظروف، وفي كل الأحوال إعلان قانون الطوارئ يصدر من قبل الدولة بتشريع أو مرسوم جمهوري أو ملكي وليس بالضرورة أن يأخذ هذا المرسوم التشريعي في إصدار نفس آلية صدور التشريعات العادية ومراحل إصدارها المتمثلة في عرضها على البرلمان أو مجلس الوزراء أو عرضها في أستفاء شعبي وبالتالي نرى أن إعلان حالة الطوارئ أو إعلان الحرب تكون بمثابة قرار حصري بيد رئيس الدولة وهذا شأن أغلبية الدول العربية ودول العالم النامي وفي كثير من الحالات يكون إعلان حالة الطوارئ يقتصر على المنطقة التي تقع فيها الكارثة أو الفتنة فمثلاً تعلن حالة الطوارئ في الإقليم الذي حصل فيه زلزال مدمر أو فيضان أو حرب أهلية دون غيره من الأقاليم الأخرى، في نفس الدولة باستثناء حالة الحرب فإننا نجد أن حالة الطوارئ تعلن في كافة أرجاء البلد.
2-مفهوم حالة الطوارئ في المعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان :
تناولت بالبحث أغلب المعاهدات والصكوك الدولية حالة الطوارئ ومنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 التي نصت المادة الرابعة منه على (( في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تهدد حياة الأمة والمعلن عن قيامها رسمياً يجوز للدول الأطراف في هذا العهد أن تتخذ في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع تدابير لا تتقيد بالالتزامات المترتبة عليها بمقتضى هذا العهد شريطة عدم منافاة هذه التدابير للالتزامات الأخرى المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي وعدم انطوائها على تمييز يكون مبرره الوحيد هو العراق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي )).
ونصت الفقرة (1) من المادة (15) من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان لعام 1950 على ما يلي: (( في حالة الحرب أو الخطر العام الذي يهدد حياة الأمة يجوز لكل طرف سام متعاقد أن يتخذ تدابير تخالف الالتزامات المنصوص عليها في هذا الميثاق في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع وبشرط أن لا تتناقض هذه التدابير مع بقية الالتزامات المنبثقة عن القانون الدولي.
أما الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لعام 1969فقد أكدت المادة(27/1) منها على أنه لا يمكن للدولة الطرف في أوقات الحرب أو الخطر العام أو سواهما في الحالات الطارئة التي تهدد استقلال الدولة أو أمنها أن تتخذ من إجراءات تحد من التزامها بموجب الاتفاقية الحالية ولكن فقط بالقدر وخلال المدة التي تقتضيها ضرورات الوضع الطارئ شريطة أن تتعارض تلك الإجراءات مع التزاماتها الأخرى بمقتضى القانون الدولي ولا تنطوي على تميز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي.
3-المفهوم السليم لقانون الطوارئ ((هل هو قانون عادي أم استثنائي)):
لا يمكن اعتبار قانون الطوارئ والأحكام العرفية قانون عادي بل هو قانون استثنائي وهذا هو وصفه السليم رغم الأصوات التي تنادي باعتباره قانون عادي فهي مخطئة في هذا الوصف الذي تنقصه الدقة فالقوانين العادية ومنها قانون أصول المحاكمات الجزائية يحتوي على العديد من الضمانات والحقوق التي يمنحها للأشخاص كالمهتمين، ومنها قاعدة (توجيه التهمة) للمتهم مباشرة عند اعتقاله وإلقاء القبض عليه في حين نرى أن هذه الضمانات في ظل قانون الطوارئ قد تهدر وتكون عرضة للضياع فنجد الكثير من الأفراد يلقى القبض عليهم ويتم إيقافهم دون أن توجه لهم أي تهمة ولمدة طويلة في بعض الأحيان وبالتالي فأن قانون الطوارئ قد عمل على أضعاف وأنقاض حقوق مضمونة في ظل القوانين العادية عليه فأي قانون ينقص من هذه الضمانات للأفراد هو
(قانون استثنائي).

الباب الثاني
أثر قانون الطوارئ على حقوق الأفراد والحريات العامة
لقانون الطوارئ أثر كبير على مدى احترام حقوق الأفراد التي كانت مصونة شيء ما في ظل الظروف الاعتيادية حيث كانت القوانين تحميها ويتجلى هذا الأثر لما ينقص من ضمانات الأفراد في تشريعات الطوارئ والأحكام العرفية فعلى صعيد الحريات الفكرية والأدبية والصحفية فأنها تتأثر كثيراً فليس من الغريب أن نجد السلطة تبدأ بمراقبة الصحف والمجلات ودور النشر والصحافة وتمارس عليها رقابة شديدة تصل إلى درجة إغلاق أماكن طبعها ومصادرة المطبوع منها ومنع بعضها من الصدور بحجج أنها تثير الإشاعات وتحرص على أعمال العنف أو تحرض ضد السلطة وأما ما يخص أثر قوانين الطوارئ على حرية انتقال الأفراد فهذا أثره واضح فيما إذا قامت السلطة بغلق بعض المناطق من البلاد ومحاصرتها وعزلها عن غيرها كذلك تقوم بأخلاء بعض المناطق وتعيق المواصلات وتضع قيود صارمة على حرية انتقال الأفراد وتحديد أوقات معينة لفتح وإغلاق المحال العامة وتحديد أوقات لحظر التجوال في الأماكن العامة وفي الشوارع والمدن وفيما يخص القضاء فيكون لإعلان قانون الطوارئ أثر كبير على مبدأ استقلالية القضاء والفصل بين السلطات ففي ظل قانون الطوارئ تعطي بعض صلاحيات القضاء في الاعتقال والحجز إلى أفراد السلطة الإدارية فنرى مثلاً قائد الشرطة في ظل قانون الطوارئ يملك صلاحيات قاض التحقيق من توقيف للمشتبه بهم وأحالتهم على المحاكم الاستثنائية والعسكرية التي تشكل في هذه المرحلة وهذا ما يدعو إلى القول بأن الضمانة الوحيدة ([1]). لاحترام الحريات والحقوق العامة تكمن في تشبث الشعب بهذه الحريات وتلك الحقوق وتمسكه بها كما يدعونا في نفس الوقت إلى القول بأن العبرة في انتصار الحريات والحقوق العامة ليست بما يقنن أو يعلن أو يقرر في الدستور أو في القانون بل بما يتم وينفذ ويطبق بالفعل وذلك لتجنب اضطرار الإنسان إلى التمرد على النظام واندفاعه إلى أعمال انتقامية تؤذي الضمير الإنساني وتعرقل مسيرة البشر للتمتع بما يلزمه من حريات وحقوق عامة ارتفاعا بمستوى هذه الحريات والحقوق.
الباب الثالث
أثر قانون الطوارئ على سير عمل القضاء
يتأثر عمل القضاء بشكل كبير في ظل حالة الطوارئ وذلك للخل الذي يصيب قاعدة استقلالية القضاء ومبدأ بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية حيث تجعل الأوامر والقرارات التي تصدرها الدول في ظل قانون الطوارئ (السلطة القضائية) عرضه للتدخل من قبل السلطات الأخرى ويظهر بشكل واضح استحواذ السلطة التنفيذية على بعض مهام السلطة القضائية ويكون الأمر على الشكل التالي:
أ-في مجال التحقيق الابتدائي والاستجواب :
في ظل الظروف الاعتيادية تقوم بواجبات التحقيق والاستجواب محاكم التحقيق والنيابة العامة والادعاء العام وبمعاونة أجهزة الشرطة حيث يتمتع المتهمين بكافة الضمانات الأساسية حيث لا يجوز اعتقال شخص إلا بعد توفر أدلة وقرائن لاعتقاله في حين توجه التهمة للمتهم بعد اعتقاله مباشرة حيث لا يجوز أن يبقى أي شخص معتقل دون أن توجه له تهمة، هذا في ظل القوانين الاعتيادية أما في ظل حالة الطوارئ فالأمر مختلف حيث تعطي بعض صلاحيات القضاء للحاكم العسكري (العرفي) ومنها إصدار أمر القبض على المشتبه بهم الخطرين على الأمن والنظام واعتقالهم وتفتيشهم والأماكن التي يرتادونها ومن الممكن جداً أن يبقى الشخص معتقلاً دون أن توجه له تهمة لفترة طويلة، وتهمل ضمانات أخرى أثناء التحقيق الابتدائي والاستجواب في ظل حالة الطوارئ لأسباب منها
(سرية التحقيق) وعدم علانيته وكذلك عدم حصول المتهم على المساعدة القانونية التي يحصل عليها في القوانين الاعتيادية كحصوله على محامي دفاع يدافع عنه أمام السلطات المعتقلة له وغيرها من الضمانات الأساسية التي تهدر في ظل حالة الطوارئ بدافع الضرورات الأمنية والمصلحة العليا ...؟.

ب- في مجال المحاكمة والحكم :
في ظل حالة الطوارئ وإعلان الأحكام العرفية تشكل محاكم استثنائية وخاصة ومنها المحاكم العسكرية حيث تصدر قرارات من السلطة التنفيذية بإحالة المتهمين إلى هذه المحاكم والتي تسمى في بعض الدول بمحاكم أمن الدولة وتكون عادة تشكيلة هذه المحاكم من أحد القضاة وعضوية ضابط أمن وضابط عسكريين من الجيش أو الحرس الوطني أو حتى ضباط مخابرات ومما لا شك فيه أن أعضاء هذه المحاكم لا يتوفر فيهم المؤهل القانوني اللازم لتولي منصب القاضي حيث لا يشترط في عضوية هذه المحاكم غير شرط الولاء السياسي للنظام الحاكم وهذا شأن أغلب الدول العربية التي تعمل بقوانين طوارئ ومنها جمهورية مصر حيث أجازت المادة (7) من قانون الطوارئ المصري لرئيس الجمهورية تشكيل محاكم أمن الدولة من عنصر قضائي وعنصر عسكري وفي ظل الأحكام العرفية تكون الأحكام عادة قطعية وغير خاضعة إلى رقابة المحاكم العليا كمحكمة الاستئناف ومحكمة التمييز إلا إذا وجد نص يخالف ذلك. وفي بعض الدول يتولى وزير الدفاع أو الداخلية أو حتى رئيس الدولة صلاحية الأمر بالقبض على المتهمين أو أطلاق سراحهم قبل أو بعد المحاكمة كإصدار قرار بالعفو.
الباب الرابع
الضمانات والحقوق التي لا يجوز تعطيلها في المواثيق الدولية
والقانون الدولي لحقوق الإنسان في ظل حالة الطوارئ .
من بين هذه الحقوق حق الإنسان في الحياة والحق في عدم التعرض للتعذيب والمعاملة اللا إنسانية أو المشينة والعقوبة القاسية وهذه من الحقوق والالتزامات المتأصلة في معاهدات حقوق الإنسان الدولية([2]). إضافة إلى حقه بعدم التعرض للاسترقاق والرق وعدم التعرض للسجن لمجرد العجز عن الوفاء بالتزام تعاقدي بعدم التعرض لحرية الفكر والدين وغيرها من الحقوق التي لا يمكن تعطيلها في حالة الطوارئ وقد عالج العهد الدولي في المادة (4/2) والمادة (27) من الاتفاقية الأمريكية والاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان في المادة (15/2) وهذه الحقوق تكون أكثر عرضة للانتهاك من غيرها فحق الإنسان في الحياة يتجلى في عدم تورط السلطة في إعدام الأشخاص تعسفاً أو خارج نطاق القانون وتبرز هنا أهمية رجال القضاة من قضاة ومدعين عامين ومحامين في رصد وإيقاف هذه الانتهاكات ومراقبة مدى تناسب استعمال القوة مع الضمانات الواجب عدم تجاوزها.
الفصل الثاني
الباب الأول
صدور قانون الدفاع عن السلامة الوطنية في العراق
وإعلان حالة الطوارئ
نظراً للظروف الأمنية والتداعيات العصبية التي ما برحت تعصف بالعراق في هذه المرحلة وضرورة التصدي الحازم للعابثين بالقانون وانطلاقا من التزام الحكومة المؤقتة بحماية حق المواطن في الحياة الحرة الكريمة وضمان حقوقه السياسية والمدنية والالتزام بتهيئة الأجواء الأمنية المناسبة لأجراء انتخابات حرة ديمقراطية كما يمليه قانون أدارة الدولة للفترة الانتقالية وتدعيماً لسيادة دولة القانون ولاستقلالية القضاء وفاعليته ومنعاً للتعسف في استخدام القوة في الظروف الاستثنائية ولغير ذلك من الأسباب المعروفة أصدرنا هذا الأمر.. هكذا جاءت الأسباب الموجبة لصدور قانون الدفاع عن السلامة الوطنية في 6/7/2004.
نظراً لكون هذا القانون يعتبر إعلان لحالة الطوارئ في العراق في الفترة الحالية التي يعيشها القطر حيث جاء في المادة الأولى منه: لرئيس الوزراء بعد موافقة هيئة الرئاسة بالإجماع إعلان حالة الطوارئ في أية منطقة من العراق عند تعرض الشعب العراقي لخطر جسيم يهدد الأفراد في حياتهم وناشئ من حملة مستمرة للعنف من أي عدد من ألأشخاص لمنع تشكيل حكومة واسعة التمثيل في العراق أو تعطيل المشاركة السياسية السليمة لكل العراقيين أو أي غرض آخر.

عليه فأنه من المناسب هنا أن نتناول هذا القانون كونه ملائم لموضوع البحث ويمثل نموذج خاص لحالة من حالات الطوارئ المعروفة في بعض البلدان
العربية لما يشكله من تقييد لحقوق والحريات التي تتمتع بها الأفراد والمكفولة بموجب المواثيق والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان والقوانين الوطنية وبالتالي يعتبر عائقاً في طريق إشاعة مظاهر الديمقراطية.

الباب الثاني
السند القانوني لصدور قانون الدفاع عن السلامة الوطنية
جاء في مقدمة القانون ما يلي: استنادا لأحكام القسم الثاني من ملحق قانون الدولة العراقية للفترة الانتقالية وأحكام المادة (25) من القانون أعلاه وبالتوافق مع أحكام الباب الثاني من هذا القانون أصدرنا هذا الأمر.
من هنا نلاحظ أن السند القانوني لصدور هذا القانون كماء جاء سلفاً هو قانون أدارة الدولة العراقية / القسم الثاني من الملحق والمادة (25) من أصل القانون . عليه فلو رجعنا إلى نص المادة (25) لوجدناها تتعلق باختصاصات الحكومة الانتقالية وجاء في الفقرة (ب) من هذه المادة: ((وضع وتنفيذ سياسة الأمن الوطني بما في ذلك أنشاء قوات مسلحة وأدامتها لتأمين وحماية وضمان أمن الحدود والدفاع عن العراق)).
أن لجوء الحكومة الانتقالية إلى هذا النص لتبرير صدور قانون الدفاع عن السلامة الوطنية أمر خاضع للنقاش وينطلق ذلك النقاش من سؤال يطرح نفسه وهو
((هل أن الحكومة الانتقالية لها الصلاحية والمشروعية في إصدار قانون السلامة الوطنية)...؟

أن المادة (25) هذه لا تعطي الحكومة المؤقتة سلطة وصلاحية إصدار قانون الدفاع عن السلامة الوطنية باعتبارها أن الفقرة (ب) من المادة(25) لم تتطرق صراحة إلى منح الحكومة العراقية حق إعلان حالة الطوارئ بل العكس، أكدت هذه الفقرة على أنشاء قوات مسلحة وقوات حدود للدفاع عن أمن البلاد ومن هذه العبارات نلاحظ أن الحكومة ملزمة بالبناء الأمني للسيطرة على الوضع الصعب الذي تمر به البلاد وبالتالي فأن لا أجد أن نص المادة (25) يعطي للحكومة المؤقتة حق إعلان الأحكام العرفية والطوارئ .
ومن نفس القانون وبالتحديد في المادة (15) نجد أن الفقرة (ط) تنص
على: ((لا يجوز محاكمة المدني أمام محكمة عسكرية ولا يجوز أنشاء محاكم خاصة أو استثنائية)) من خلال هذا النص نرى أن قانون أدارة الدولة العراقية يمنع أنشاء محاكم خاصة أو استثنائية والتي تعتبر صورة من صور حالات الطوارئ وبالتالي نجد دليلاً أخر على عدم صلاحية الحكومة العراقية في إعلان حالة الطوارئ وأعتقد أن إعلان حالة الطوارئ مستقبلياً في العراق بالاستناد إلى قانون السلامة الوطنية وقانون أدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية أجراء غير صائب وغير مبرر وفيه خرق لمفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.

الباب الثالث
قانون السلامة الوطنية في ميزان حقوق الإنسان
بالتأكيد أن قانون الدفاع عن السلامة الوطنية هو قانون استثنائي ومن هنا فأنه ينقص من ضمانات وحقوق الأفراد في القوانين الاعتيادية وبالتالي يعارض حقوق الإنسان وخصوصاً من جهة أنه يمهد لإعلان حالة الطوارئ هذا كقاعدة عامة إلا أننا لو قرأنا هذا القانون لوجدنا أن هذا القانون فيه من الضمانات التي لا توجد في غيره من قوانين الطوارئ لدول أخرى ، وسوف أفصل هذه الضمانات وكما يلي:
1- خضوع قرارات وإجراءات رئيس الوزراء لرقابة محكمة تمييز العراق ومحكمة التمييز في إقليم كردستان فيما يتعلق بإجراءات الطوارئ في نطاق الإقليم وانتهاء بالمحكمة الاتحادية العليا وللمحاكم المذكورة تقرير إلغاء تلك القرارات والإجراءات وتقرير بطلانها وعدم مشروعيتها أو أقرارها، المادة (9) ثانياً من القانون.
2- أن قرارات إعلان حالة الطوارئ محصورة بمدة محددة أمدها (60) يوماً أو تنتهي بزوال الخطر ويجوز تمديد هذه المدة (30) يوماً بصورة دورية المادة (2) من القانون.
3- فيما يخص توقيف الأشخاص واحتجازهم أو وضع قيود أخرى، فرض القانون عرض المتهم أمام قاضي التحقيق خلال (24) ساعة من الاعتقال المادة (4) من القانون.
4- لا ينفرد رئيس الوزراء باتخاذ القرار بإعلان حالة الطوارئ وإنما ألزمه القانون موافقة هيئة الرئاسة وبالإجماع، المادة(1) من القانون.
أن هذه الضمانات تجعل قانون الدفاع عن السلامة الوطنية يعطي ضمانات للأشخاص والأفراد فيما يخص احترام حقوق الإنسان، وعدم انتهاكها وبالتالي يجعل القانون مختلف عن غيره من قوانين الطوارئ في بعض البلدان العربية.
الباب الرابع
رؤية في إيجاد حل للوضع الأمني في العراق
بعيداً من إعلان حالة الطوارئ
تردت في الآونة الأخيرة أصوات عديدة من بعض مسئولي الحكومة المؤقتة الجديدة تدعو إلى إعلان حالة الطوارئ في بعض مناطق العراق بدعوى أنها الحل الأمثل لضبط حالة الانفلات والسيطرة على الوضع المأساوي الذي يمر به البلد في ظل حالة العنف المتنامي وقد بررت هذه الأصوات باعتبار أن هذا الخيار هو الذي سوف يعيد ترتيب الأوراق في البيت العراقي ويحقق له الهدوء والسكينة والغريب في الأمر أننا نسمع مثل هذه الأطروحات من قبل مسئولي البنية القانونية والإنسانية في البلد كوزير حقوق الإنسان ووزير العدل الذي ينبغي أن يكونا هما أكثر الناس دفاعاً عن حقوق الإنسان وبالتالي ينبغي أن يكونا من أكثر الوزراء رفضاً لفرض حالة الطوارئ ومن أجل أغناء الموضوع نرى أن حالة الطوارئ أو ما يسمى بالأحكام العرفية تتحقق إذا ما قامت ظروف تحتم قيام السلطة التنفيذية الإدارية بالخروج على حكم القانون الأساسي (الدستور) للدولة والقوانين الأخرى وذلك بفرض إجراءات وأوامر خطيرة تكون عادة ماسة بحقوق الإنسان والحريات العامة للفرد وبمعنى أخر أن حالة الطوارئ تفرض أذا ما أصبحت القوانين والقواعد القانونية العادية عاجزة عن جعل السلطة الإدارية قادرة على مواجهة الظروف الاستثنائية والتي منها الحروب والفتن واضطراب وانتشار الأوبئة وفي ظل حالة الطوارئ تنزل كفة الأوامر والقرارات والأعمال الإدارية التي تصدرها السلطة التنفيذية وما يترتب عليها من إضعاف صفة المشروعية على هذه القرارات رغم انتفاءها عنها في ظل الظروف العادية ولكي لا نبعد كثيراً عن الموضوع نوضع أنه كيف التعارض بين فرض حالة الطوارئ وتقييد الحريات وحقوق الإنسان ...؟ ، فأين حقوق الإنسان أذا ما أمرت السلطة بأخلاء بعض المناطق وعزلها وتقييد المواصلات ووضع القيود على حرية الانتقال والمرور في أماكن ومناطق معينة وأوقات معينة والقبض على المشتبه به لمجرد الشبهة وأين حقوق الإنسان إذا ما تحول مدير الشرطة إلى قاض يصدر الأحكام وأين حقوق الإنسان أذا قررت السلطة منع الصحف والمنشورات والمطبوعات وإغلاق أماكن طبعها وتحديد مواعيد فتح المحلات العامة وإغلاقها وتحديد أوقات لحضر التجوال في الشوارع والمدن وغيرها من القيود وبالنتيجة فأني لا أرى سوى عودة إلى الوراء، إلى زمن القمع والتقييد، وإساءة بالغة لمبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية في الوقت الذي يصبو فيه العراق نحو ناحية الحرية والديمقراطية التي تدفع الشعب العراقي ثمنها غالياً ولتلافي حالة الانفلات الأمني وتحقيق الاستقرار الجزئي ربما كمرحلة أولى نلجأ إلى بعض الحلول ومنها:
تفعيل حالة استلام الملف الأمني من قبل الأجهزة الأمنية العراقية وإعطاء بعض الوقت الكافي لهذه الأجهزة لإثبات جدارتها بعد زوال الحاجز المعنوي لدى أفراد الأجهزة الأمنية من شرطة ودفاع مدني وجيش وغيرها والمتمثل بتحررها من أوامر سلطات الاحتلال وتمتعها باستقلالية اتخاذ القرار وكذلك دعم أنشاء القوات المسلحة الوطنية وإعادة بعض أفواج الجيش العراقي السابق والقوى الأمنية الشريفة وحضر انتشار المليشيات العسكرية وشبه العسكرية داخل وخارج أطار القوات المسلحة ، وكذلك من المعالجات الحية أطلاق عنان المصالحة الوطنية بين كافة المكونات السياسية في المجتمع العراقي بكافة أطيافه وإشعار الجميع بأنهم شركاء رئيسيون في العملية السياسية وعدم تجاهل أي شريحة أو فئة أو تيار وإنهاء حالة ألإقصاء والعمل مع الجميع وفقاً لمعيار (المواطنة) والعمل على جدولة انسحاب القوات الأجنبية من العراق وعقد اتفاقيات مع دول الجوار لضبط الحدود ومنع التسلل من والى العراق والى أخره من المعالجات الوافية والكافية عن فرض حالة الطوارئ وبالتالي فأننا ضمنا الاحترام الكامل لحقوق الإنسان وعدم انتهاكها وفي نفس الوقت حققنا ولو جزئياً كمرحلة أولى حالة من الاستقرار وأستناب الأمن وضمان مبدأ سيادة القانون.
الخاتمة
نستنتج مما سبق أن قانون الطوارئ هو قانون استثنائي تصدره حكومات بعض الدول عندما تتعرض لظروف تعتبر غير اعتيادية من حيث تعرضها لحرب أو كارثة أو فتنة... وأن تقيم هذه الظروف من كونها خطرة وغير اعتيادية مسألة تكون إلى درجة كبيرة سياسية أكثر من أي شيء أخر فأغلب الدول التي تذهب إلى إصدار قوانين للطوارئ يكون قصدها الأساسي هو من أجل الحفاظ على مصلحة أخرى لم يعلن عنها وفي ظل قانون الطوارئ تتعطل العيد من القوانين الاعتيادية مما يؤثر على حقوق الأفراد الأساسية التي تكفلها تلك القوانين ويظهر تدخل السلطة التنفيذية في مهام السلطات الأخرى بشكل واضح وخصوصاً عمل السلطة القضائية حيث تظهر حالات الاعتقال الكيفي لمجرد الاشتباه وبدواعي أن هذا الشخص يمثل خطر على المصلحة العامة وتنتقل صلاحيات رجال القضاء إلى الحاكم العرفي ومعاونوه إلا أنه وتبعاً للمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والأعراف الدولية هناك حقوق لا يمكن تعطيلها أثناء سريان قانون الطوارئ وعلى رأس هذه الحقوق الحق في الحياة وهنا تظهر معادلة التوازن بين ضرورة تطبيق قرارات وأوامر الحاكم العرفي وبين حق الأفراد في أن يكون هذا التطبيق مناسباً من حيث القوة والصرامة مع خطورة الظروف وتأثيره بحيث لا يمكن أن تكون إجراءات الطوارئ أكثر صرامة من خطورة الكارثة بحيث تهدد حياة الأفراد بسبب ذلك، أما فيما يخص قانون الدفاع عن السلامة الوطنية العراقي فأني أستنتج من احتواءه على العديد من الضمانات والتي تجعله يتميز عن غيره من القوانين وعلى رأسها حق مراقبة المحاكم العليا على القرارات التي تصدر من رئيس الوزراء وغيره من المسئولين وإمكانية إلغائها أو تعديلها إلا أنه من وجهة نظر أخرى أرى أنه يمكن الاستعانة ببدائل أخرى عوضاً عن إعلان حالة الطوارئ ومنها تفعيل دور القوات المسلحة وقوى الأمن والشرطة وإعادة أفراد الجيش العراقي السابق وتفعيل المصالحة الوطنية بين كافة الفصائل والفئات ودعم الجهاز القضائي في تحقيق الأمن والاستقرار.

الباحث القانوني

المحامي جبار جمعة اللامي









آخر تعديل أمينة87 2011-02-21 في 13:33.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الليلة, القانونية


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 11:53

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc