مضمون التعديلات التي عرفتها الدساتير الجزائرية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مضمون التعديلات التي عرفتها الدساتير الجزائرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-10-08, 22:09   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
kamal_cat
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية kamal_cat
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي مضمون التعديلات التي عرفتها الدساتير الجزائرية

مضمون التعديلات التي عرفتها الدساتير الجزائرية
بعد حصول الجزائر على الاستقلال عام 1962 ، وخلافا لبعض البلدان المستعمرة فإن الجزائر عرفت فراغا مؤسساتيا، حيث لم تعرف مؤسسات وطنية سابقة على الاستعمار. إن الأمر يتعلق هنا بوجود أزمة يجب مواجهتها على المستوى الدستوري والسياسي في غياب أداة دستورية وطنية. إن التناقض ينجم عن واقعة استقبال القانون الدستوري المعاصر يتم في إطار غير ملائم، لقد حدث تنالقض بين القطيعة السياسية مع الاستعمار و بين الحكام و بين القانون الدستوري الغربي. القانون الدستوري الغربي، فلم تكن الحكومة تتشكل من النخبة التي تمدرست وتثقفت في المدارس الفرنسية والجامعات الفرنسية وإنما كانت تتكون من الثوار
إن دستور 1963 لم يدم أكثر من شهر، للجوء رئيس الجمهورية إلى نص المادة 59 و التي تسمح له اتخاذ التدابير الاستثنائية لحماية استقلال الأمة ومؤسسات الجمهورية، في حالة الخطر الوشيك.
لهذا سوف نتناول دساتير 1976، 1989، 1996 والتعديلات التي عرفتها.


المطلب الأول: التعديلات التي عرفها دستور 1976
نحاول من خلال هذا المطلب معرفة ظروف ودوافع قيام دستور 1976 و التعديلات التي عرفها.
الفرع الأول : ظروف ودوافع نشأة دستور 1976
جاء دستور 1976 في ظروف متميزة من حياة النظام السياسي الجزائري فقد تم وضعه استجابة لحل أزمة التمثيل والشرعية الدستورية التي عرفتها الجزائر منذ 14 جوان 1965 وكانت أهم الدوافع التي فرضت وضع دستور 1976 هي :
أولا: غياب الدستور منذ 19 جوان 1965 وبداية طرح مشكلة الشرعية الدستورية لأن الحكم كان باسم الشرعية الثورية.
ثانيا: غياب المؤسسات التمثيلية التي تنوب عن الشعب وتمارس السيادة باسمه.
ثالثا: بروز بعض الخلافات بين أعضاء مجلس الثورة وانسحاب الكثير منهم من الحياة السياسية.
رابعا: تأثير غير مباشر لندوة هلسنكي (عاصمة فلندة) عام 1975 الخاصة بالتعاون والأمن في أوروبا ، لاسيما في شقها الخاص باحترام وحماية حقوق الإنسان في العالم.
ففي 19 نوفمبر 1976 تم اعتماد الدستور عن طريق الاستفتاء، وتبني انتخاب رئيس الجمهورية بالاقتراع العام المباشر، وانتخاب المجلس الشعبي الوطني وفي نفس الوقت مكن هذا الدستور من استمرار النظام الذي كان سائدا منذ 19 جوان 1965 وتجهيز النظام السياسي بمؤسسات دستورية.
الفرع الثاني : المواد المعدلة في دستور 1976
شملت بداية التعديلات في المرحلة الأولى ، تعديل 12 مادة دستورية منها عشر 10 مواد ضمن الوظيفة التنفيذية، مما يوحي بأن المشرع الدستوري أعاد هيكلة الجهاز التنفيذي. وتم إلغاء مادتين هما، المادة 197، 198 . وقد استحدثت هذه التعديلات بموجب القانون رقم 79-06 المؤرخ في 07/07/1979 والمتضمن التعديل الدستور، ونتطرق ما يلي لأهم هذه التعديلات.
أولا: تعديل نص المادة 113 التي أصبحت تلزم رئيس الجمهورية بتعيين وزير أول يساعد رئيس الجمهورية في تنسيق النشاط الحكومي وفي تطبيق القرارات المتخذة في مجلس الوزراء وطبقا للصلاحيات التي يفوضها إليه رئيس الجمهورية طبقا للمادة 111 من الدستور.
ثانيا: تعديل نص المادة 117 التي تمنح للجنة المركزية للحزب سلطة التأكد من حالة المانع التي تلحق برئيس الجمهورية وتقترح نتيجة لذلك على المجلس الشعبي الولائي التصريح بحالة المانع.
يلاحظ على هذه التعديلات أنها تندرج في إطار تقوية الجهاز التنفيذي عن طريق إعادة تهيئة بسيطة له، تستجيب لضرورة مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي بدأت تواجه البلاد آنذاك . سواء بسبب عوامل داخلية أو نتيجة تأثيرات الوضع الدولي.
أما المرحلة الثانية من التعديلات والتي جرت بموجب القانون 80/01، المؤرخ في 12 جانفي سنة 1980 المتضمن التعديل الدستوري. حيث عدلت الفقرة الأولى من المادة 190 على النحو الآتي:
" يؤسس مجلس محاسبة مكلف بمراقبة مالية الدولة والحزب والمجموعات المحلية والمؤسسات الاشتراكية بجميع أنواعها".
وإذا كان ظاهر هذا التعديل يعمل على إقامة نوع من الشفافية والنزاهة في تسيير الأموال العمومية فإنه كان يندرج آنذاك في إطار صراع جناحين في السلطة ، الجناح المحافظ لنهج الرئيس الراحل هواري بومدين و الجناح الإصلاحي الذي كان يقوده الرئيس الشاذلي بن جديد. وقد سمح هذا التعديل عن طريق إنشاء مجلس المحاسبة بتصفية عناصر الجناح المحافظ.
أما المرحلة الأخيرة من التعديلات فقد كانت في 3 نوفمبر 1988 وقد شملت هذه التعديلات 14 مادة هي المواد 104-5-111-113 إلى 116-147-148-153 إلى 157. وقد انحصرت هذه التعديلات في إعادة هيكلة الوظيفة التنفيذية، بموجبه تم استحداث مركز لرئيس الحكومة وتقسيم الصلاحيات بينه وبين رئيس الجمهورية. وأدت إلى تقوية صلاحيات رئيس الجمهورية ، وبروز محتشم لدور البرلمان في مواجهة الحكومة.
المطلب الثاني : التعديلات التي عرفها دستور 1989
شكل دستور 1989 آخر حلقة ، ضمن سلسلة الإصلاحات السياسية والاقتصادية والدستورية التي قامت بها السلطة، ومن بين هذه الإصلاحات صدور قانون 1981، المتضمن التنازل عن الأملاك الخاصة بالدولة والقانون 1987 حول المستثمرات الفلاحية الذي يسجل بداية التخلي على نظامي التسيير الذاتي والثورة الزراعية ، وصدور قانون 1988 حول استقلالية المؤسسات وبذلك تم التخلي على نظام التسيير الاشتراكي للمؤسسات.
هذه الإصلاحات أدت إلى انعكاسات سلبية على الوضع الاجتماعي مست النظام الدستوري من بينها المساس بمبدأ المساواة بين المواطنين ومساس بحق العمل.
أما عن الإصلاحات السياسية فتمثلت في بروز حركات وتنظيمات كانت تعمل في الخفاء تطالب بالإصلاح السياسي ومشاركة أكثر لهذه القوى السياسية. انتهى ذلك إلى انفجار الوضع بقيام حوادث 05 أكتوبر 1988.
والذي لا ينبغي تجاهله هو أن تلك الحوادث والاضطرابات التي عرفتها الجزائر كانت وراءها أسباب عديدة ، منها سياسة التقشف التي انتهجتها الحكومة، نتيجة انخفاض سعر البترول إلى جانب تدني القدرة الشرائية، للمواطن وتجميد الأجور لمدة 4 سنوات ، وارتفاع أسعار المواد المختلفة بطريقة فوضوية ، بحيث لم يكن بمقدور السلطة السيطرة على الأسعار، فضلا عن ارتفاع البطالة ، لاسيما لدى الشباب، وتوقف التصنيع ، وضعف الإنتاج الفلاحي، وقلة مردودية المؤسسات الاقتصادية وارتفاع ديون الجزائر من مليار دولار سنة 1970 إلى 19 مليار دولار سنة 1988 ، يضاف إلى ذلك ظهور طبقة برجوازية طفيلية ، أثرت على حساب المصلحة العامة.

الفرع الأول : المبادئ التي جاء بها دستور 1989
تضمن دستور 1989 جملة من المبادئ نذكر أهمها :
أولا: الاقتراع العام السري المباشر: أقر هذا المبدأ لضمان مشاركة، أفراد المجتمع المتمتعين بالحقوق المدنية والسياسية، وتتوفر فيهم الشروط القانونية لممارسة السلطة عن طريق اختيار ممثليهم أو ترشيح أنفسهم للمناصب السياسية الانتخابية المختلفة وهو ما أكده الدستور في المادتين 98
و 95.
ثانيا: المساواة: من المبادئ الأساسية التي اعتمدها دستور 1989 باعتباره ملازما للنظام الديمقراطي ، ونصت عليه المادة 28، وبذلك أصبحت مؤسسات الدولة ملزمة بالتقيد بهذا المبدأ وتطبيقه .
ثالثا: الفصل بين السلطات: اعتمد هذا المبدأ كرد فعل لدمج السلطات الذي أقره دستور 1976 .
رابعا: التعددية الحزبية: يعود سببه لعجز نظام الحزب الواحد عن تحقيق مطامح الشعب وتمكينه من تسيير شؤونه العامة، بصفة فعالة وديمقراطية. وهذا ما جاءت به المادة 39.
خامسا : مبدأ الشرعية وعدم الرجعية : ويتجلى ذلك من خلال المواد العديدة التي تحمي الفرد من اعتداءات السلطة.
ومن المبادئ التي جاء بها دستور 1989 أيضا هو التخلي عن إرث الماضي فمن خلال قراءة متأنية لديباجة الدستور نجدها تتضمن الرغبة في إعادة بناء دولة تسود قيم الحرية والعدالة الاجتماعية واحترام الدستور وسموه و إلى أن دستور 1989 أبقى على تفوق السلطة التنفيذية وبالرغبة من أن 25 مادة للسلطة التنفيذية ، إلا أن هذا التفوق العددي في المواد المخصصة للفصل المتعلق بالسلطة التشريعية لا يعكس تفوق هذه المؤسسة ، بل بالعكس فإن المؤسسة التنفيذية تبقى تحافظ على تفوقها في النظام الدستوري.
لقد أبقى الدستور على صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية، فهو يستمد صلاحياته من النموذجين الرئاسي والفرنسي، بينما تخلى الرئيس عن بعض الصلاحيات.
عن النموذج الأمريكي فقد تبنى الخصائص التالية :
1- هو قائد القوات المسلحة ، ويقود الدبلوماسية.
2- له حق إصدار العفو وتخفيض العقوبات أو استبدالها.
3- تعيين وعزل أعضاء الحكومة وكبار الموظفين المدنيين والعسكريين في الدولة.
وعن النظام الفرنسي يتولى ما يلي :
1- تعيين رئيس الحكومة وباقتراح من هذا الأخير يعين أعضاء الحكومة.
2- استعمال السلطات الاستثنائية في حالتي الطوارئ والحرب.
3- هو الضامن للسيادة واستقلال ووحدة الأمة والدولة.
وقد تخلى عن المهام التي كان يمارسها بموجب دستور 1976 لاسيما:
1- تجسيد وحدة القيادة السياسية للحزب والدولة.
2- الإقرار طبقا للميثاق الوطني وأحكام الدستور السياسة العامة للأمة في المجالين الداخلي والخارجي ويقوم بقيادتها وتنفيذها.
3- ترأس الاجتماعات المشتركة لأجهزة الحزب والدولة.
و من بين المبادئ التي جاء بها دستور 1989 السعي نحو إقامة دولة القانون وتجسد ذلك في المجلس الدستوري الذي يكلف بالسهر على احترام الدستور وصحة عمليات الاستفتاء وانتخاب رئيس الجمهورية والانتخابات التشريعية ويعلن نتائجها ويتولى الفصل في دستورية المعاهدات و القوانين و التنظيمات.
الفرع الثاني: الفراغ الدستوري
لقد أخفق دستور 1989 في تنظيم الحياة السياسية بصفة عامة، والسبب في ذلك يمكن إرجاعه أساسا للنقلة السريعة والمفاجئة التي عرفتها الجزائر في مسارها وذلك باعتناقها لنظام كان أساسه الاشتراكية إلى تنظيم ليبرالي يحكم اقتصاد السوق دون مراعاتها لسنن وقواعد متعارف عليها دوليا كأساس للتغيير ومن ذلك عدم التحضير لها مسبقا وبالخصوص عدم احتساب لرد فعل الشعب والجماهير لهذه النقلة النوعية بدون تحضيره، وهذا ما قد نتج عنه انعدام الثقافة الديمقراطية أفقيا وعموديا على مستوى الدولة والمؤسسات الدستورية.
ويمكن القول أن الانتخابات التشريعية ، واستنادا لبعض التصريحات الملغمة و اللامسؤولة التي أعقبتها قد ساهمت في التعجيل بإلغائها، فلم يعقد بالتالي الدور الثاني لها فنتج عن ذلك فراغ دستوري على مستوى مؤسسات الدولة بناء على استقالة رئيس الجمهورية المتزامنة مع حل المجلس الشعبي الوطني.
فأصبحت الدولة بدون مؤسسات شرعية منتخبة مما أدى إلى ظهور مؤسسات انتقالية تفتقد للشرعية الشعبية. و نظرا لحساسية هذه المرحلة التي مرت بها مؤسسات الدولة مما جعل الدولة الوطنية عرضة للعديد من الهزات لذلك فإننا نسلط الضوء على المجلس الأعلى للدولة كهيئة تنفيذية من خلال المؤسسة الاستشارية المنشئة له وهو المجلس الأعلى للأمن.
المجلس الأعلى للدولة: إن المجلس الأعلى للدولة وما انبثق عنه من مؤسسات دستورية لم يخرج عن العرف الدستوري الجزائري على أساس أنه نتاج أحداث مأساوية أكثر منه وليد برنامج أحزاب سياسية، أو بالأحرى هو نتاج جماعات مصلحية أكثر منه منبعث من السيادة الشعبية.
فهو في الغالب الأعم مستمد من مشروعية أفكار أشخاص معينين يرون أن الشعب ما زال قاصر، وعليه يجوز الأبوة في حقه ، ومن هذا المنطلق كان من حقهم بلورة تصور مشروع دولة وفق قناعتهم ، وليس وفق قناعة أغلبية الشعب فهذا الإخلال بين الواقع والمشرع أدى إلى ظهور العديد من الأزمات المتتالية من ضمنها الاستحواذ على السيادة الشعبية رغم أن الدساتير الجزائرية نصت على أن الشعب مصدر كل سيادة وسلطة .
لقد نتج عن البيان الصادر من المجلس الدستوري يوم 11 جانفي 1992 . وفحواه تثبيت الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية مع اقتران هذه الاستقالة بشغور م.ش.و- فراغا مؤسساتيا نتيجة عدم التنصيص على حالة اقتران الاستقالة بحل م.ش.و فالمشرع الدستوري الجزائري قد حصر الحالات في المادة 84 :
- حالة استحالة ممارسة رئيس الجمهورية مهامه بسبب مرض خطير مزمن.
- حالة استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته.
- حالة اقتران وفاة رئيس الجمهورية بشغور المجلس الشعبي الوطني بسبب حله.
فالدستور بهذا لم يفترض أو يتنبأ للحالة التي هي محل الدراسة ولعل السؤال المطروح هل كان بإمكان المجلس الدستوري أن يرفض استقالة رئيس الجمهورية من أجل المصالحة العامة أم عليه أن يقبلها نظرا لمقتضيات الدولة الجزائرية؟!
فأول قراءة صحيحة للدستور هو أنه ما دامت الحالات معدودة على سبيل الحصر فإن الحكمة والعقلانية تقتضي رفض الاستقالة حفاظا على عدم انهيار مؤسسات الدولة الجزائرية . ثم أنه لماذا لجأ رئيس الجمهورية لهذا التصرف الذي يمكن اعتباره إرساء لدكتاتورية شرعية مؤقتة، باعتماده حل البرلمان قبل تقديم الاستقالة فكان من الأجدر به أن يلجأ رئيس الجمهورية لاستعمال المادة 87 من الدستور التي تنص على أنه من حق رئيس الجمهورية أن يقرر الحالة الاستثنائية إذا كانت البلاد مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية، أو استقلالها أو سلامة ترابها .


المطلب الثالث : التعديلات الدستورية التي عرفها دستور 1996
سبق الإشارة أنه نتيجة للفراغ الدستوري الذي عرفته مؤسسات الدولة ، استحدثت مؤسسات محل دستور 1989 منها المجلس الأعلى للدولة، في 14 ينياير 1992 .
ويمارس المجلس الأعلى للدولة جميع السلطات التي يعهد بها الدستور المعمول به لرئيس الجمهورية. وتساعد المجلس الأعلى للدولة هيئة استشارية وطنية. ونتيجة للأزمة التي مرت بها الجزائر بعد اغتيال الرئيس محمد بوضياف صدرت المداولة رقم 92-03 مؤرخة في 02 يوليو 1992، تتمم تشكيلة المجلس الأعلى تتعلق بانتخاب رئيس المجلس الأعلى للدولة . بحيث تم انتخاب السيد علي كافي رئيسا له ويؤهله للإمضاء على جميع القرارات التنظيمية والفردية وترأس مجلس الوزراء وإصدار المراسيم ذات الطابع التشريعي، وفي 19 ديسمبر 1993 بمقر رئاسة الجمهورية أعلن المجلس الأعلى للأمن بانعقاد الندوة الوطنية وتحديد مهمة المجلس الأعلى للدولة إلى غاية 31 يناير 1994 كحد أقصى .
وبصدور المرسوم الرئاسي رقم 94-40 مؤرخ في 29 يناير 1994 والذي يتعلق بالأرضية المتضمنة الوفاق الوطني حول المرحلة الانتقالية حيث جاء في المادة الأولى منها على أن المرحلة الانتقالية تستمد مشروعيتها من موافقة القوى السياسية والاقتصادية و الاجتماعية على محتوى الأرضية المعتمدة من طرف ندوة الوفاق الوطني وأضافت م2 على أن المرحلة الانتقالية تمتد إلى ثلاث سنوات كحد أقصى ، أما عن هيئات المرحلة الانتقالية فنصت عليها م4 والتي تتمثل في رئاسة الدولة والحكومة، والمجلس الوطني الانتقالي ، وفي 30 يناير 1994 أعلن المجلس الأعلى للأمن السيد اليامين زروال رئيسا للدولة ووزيرا للدفاع الوطني .
وحددت أرضية الوفاق الوطني من خلال المرسوم الرئاسي رقم 96-304 مؤرخ في 17 سبتمبر 1996 المواعيد الانتخابية واقترحت الاستفتاء حول الدستور قبل نهاية سنة 1996 وإجراء الانتخابات التشريعية في غضون السداسي الأول من سنة 1997 .
و بالفعل ففي 28 نوفمبر 1996 أعلن الاستفتاء حول الدستور وصدر بموجب المرسوم الرئاسي رقم 96-438 مؤرخ في 7 ديسمبر سنة 1996 .
ومن خلال ما نقدم سوف نتناول طبيعة النظام السياسي في ظل دستور 1996 والأسباب التي أدت إلى ظهوره ثم التعديلات التي طرأت عليه.
الفرع الأول : طبيعة النظام السياسي في ظل دستور 1996
جاء دستور سنة 1996 بحواجز وخطوط دفاعية معقدة و متقدمة الحامية للسلطة الممكن تعيينها أو التحكم فيها بسهولة من طرف السلطة الفعلية و هي السلطة التنفيذية وذلك خوفا من إمكانية اقتحام حزب معارض قوي الساحة السياسية مرة أخرى وتكرار نفس الأحداث مع حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ الذي كاد أن يصل إلى السلطة فأضاف للسلطة التنفيذية متمثلة في رئيس الجمهورية ، صلاحية التشريع بالأوامر التي لم تكن موجودة في دستور 1989 ، كما تم تقسيم السلطة التشريعية إلى مجلسين ، محاولة لتفادي الفراغ الدستوري في حيث أن الأوضاع المزرية التي كانت ولا تزال تعيشها البلاد تستدعي الإسراع في عملية التشريع وبالتالي وجود مجلسين، المجلس الشعبي الوطني و مجلس الأمة حيث يقوم رئيس الجمهورية بتعيين ثلثه ورفعت نسبة التصويت فيه إلى ثلاثة أرباع كي تحوي هذه النسبة حتما الثلث الرئاسي وبالتالي يصعب مرور أي اقتراح قانون من طرف المجلس الشعبي الوطني إذا لم يرض عنه رئيس الجمهورية أما فيما يخص طبيعة النظام النيابي المعتمد في هذا الدستور فهو النظام شبه الرئاسي المدعم للسلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية.
لقد تضمن دستور 1996 إصلاحات دستورية تهدف إلى توفير الأدوات القانونية لاستمرار الدولة والنظام السياسي منها رئاسة الدولة من طرف رئيس مجلس الأمة في حالتي المانع أو استقالة أو وفاة رئيس الجمهورية طبقا لنص المادة 96 من الدستور واشتراط عرض المبادرة بتعديل الدستور من طرف 4/3 ثلاثة أرباع أعضاء غرفتي البرلمان المجتمعين معا إلى رئيس الجمهورية طبقا لنص م177 بالإضافة إلى عدم جواز التعديل الدستوري إذا كان يمس ببعض المبادئ التي حددتها المادة 178 .
وتدعمت هذه الأدوات من خلال مضمون التعهدات التي يلتزم بها المرشحون للانتخابات التشريعية والرئاسية و التي حددها قانون الانتخابات الصادر بموجب الأمر 97-07 ومن خلال الشروط التي يفرضها قانون الأحزاب عند تأسيس الأحزاب السياسية.
الفرع الثاني: الأسباب التي إلى ظهور دستور 1996
سبقت وأن أشرنا أن دستور 1989 جمد وعرفت مؤسسات الدولة فراغا دستوريا ويمكن إجمال الأسباب التي أدت إلى ظهور دستور 1996 من خلال ما يلي:
أولا: عدم استجابة دستور 1989 لبعض الأوضاع العملية المتعلقة باستقرار السلطات وديمومة الدولة، وهكذا فقد أثبتت الأزمة المؤسساتية في جانفي 1992 محدودية الدستور من خلال غياب معالجة مناسبة لحالة اقتران استقالة رئيس الجمهورية و شغور المجلس الشعبي الوطني بسبب حله، ويرى الأستاذ محفوظ لعشب أن حل هذه المؤسسة يتم بالشكل المطلوب قانونا ، ولم يصدر إلى يومنا هذا أي قرار في الجريدة الرسمية يثبت ذلك الإعلان السياسي المتضمن في رسالة الاستقالة التي عرضها الرئيس الشاذلي بن جديد أمام المجلس الدستوري وإذا كانت المادة 84 من دستور 1989، قد أهملت حالة الاقتران بين الاستقالة وحل المجلس.ش.و واقتصرت في فقرتها ما قبل الأخيرة على اقتران وفاة رئيس الجمهورية بشغور المجلس الوطني الوطني بسبب حله ، وهي ثغرة أساسية وآثارها غير محمودة على النظام المؤسساتي كما سبق وأن رأينا ذلك، فكان لابد من معالجتها، وفعلا تم تدارك الأمر في دستور 1996، بإدراج حل دستوري، حالة اقتران استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته بشغور رئاسة مجلس الأمة لأي سبب كان طبقا لما نصت عليه م 88 من د 1996.
ثانيا: أن دستور 1989 قد سبقته أحداث وظروف استثنائية ناجمة عن تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية جديدة ولدتها أزمة أكتوبر 1988، ومع ضعف السلطة وجدت البلاد نفسها في مواجهة مباشرة مع حساسيات فجرت الحزب الواحد وكان لابد من السماح للقوى السياسية والاجتماعية أن تنظم نفسها في صورة جمعيات ذات طابع سياسي أقرها دستور 1989 في المادة 40 التي نصت على أن " حق إنشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي معترف ولا يمكن التذرع لهذا الحق لضرب الحريات الأساسية والوحدة الوطنية والسلامة الترابية، واستقلال البلاد، وسيادة الشعب".
ولم ينص الدستور صراحة على إنشاء الأحزاب السياسية وبقي الحزب الذي يحمل هذه التسمية هو حزب جبهة التحرير الوطني وتحولت الحساسيات إلى جمعيات ذات طابع سياسي وهكذا تبين أن الطابع القانوني والتنظيمي الذي كان قد وضع التنظيم مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية ، لم يكن كافيا ولا قادرا على درء الإنحرافات الخطيرة والمضرة بالمجتمع، فعلى الرغم من أن قانون الجمعيات السياسية يحضر تأسيس تلك الجمعيات على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو مهني أو جهوي فإن ذلك النص لم يحترم من حيث الممارسة وكان واجب التنصيص على أن الممارسة السياسية تقتصر على الأحزاب وان الحماية الدستورية لتلك المبادئ واجبة ، حتى تتمكن سلطات الرقابة من القيام بواجبها لاسيما رئيس الجمهورية باعتباره حامي الدستور.
وهكذا جاءت المعالجة في المادة 42 من دستور 1996 بتفصيل واضح وشفاف وغير قابل لأي تأويل وشملت تلك الحماية الإقرار بالنص الصريح عدم جواز الأحزاب السياسية اللجوء إلى الدعاية الحزبية التي تقوم على تلك العناصر وإلى عدم استعمال العنف والإكراه مهما كانت طبيعتها أو شكلها.
ثالثا: إن الإصلاح المؤسساتي الذي يمر حتما عبر قنوات الشرعية والديمقراطية يتطلب إعادة النظر في الآليات القانونية التي لم تعد تستجب إلى ما تفرضه التعددية السياسية لاسيما وأن العودة إلى المسار الانتخابي في جميع المستويات أضحى ضرورة ملحة.
إن دستور 1996، كان نتيجة عمل مهني وجهود جبارة ونتيجة لحوار دائم و مستميت بين السلطة الرئاسية ومختلف الأطراف المشاركة من حزب جبهة التحرير الوطني والجمعيات السياسية والتنظيمات بمختلف توجهاتها. وبالموازاة مع ذلك فإن اللجنة التقنية لتحضير الدستور قد قامت بعملية مسح شاملة لمختلف دساتير العالم سواء منها اللاتينية - العربية و الأنجلوسكسونية مقترحة الحلول الملائمة التي من شأنها تدعيم النظام الجمهوري والديمقراطي وحقوق الإنسان .
الفرع الثالث: المواد التي عرفت تعديلات في دستور 1996
تم تعديل الدستور الجزائري لعام 1996 بإضافة المادة 3 مكرر، بموجب القانون رقم02-03 المؤرخ في 27 محرم عام 1423 الموافق 10 أفريل سنة 2002 والمتضمن تعديل الدستور ، حيث جاء في المادة الأولى من هذا القانون ما يلي :
" تضاف مادة 3 مكرر، تصاغ كما يأتي :
المادة 3 مكرر: تمازيغت هي كذلك لغة وطنية. تعمل الدولة لترقيتها وتطويرها بكل تنوعاتها اللسانية المستعملة عبر التراب الوطني".
أما التعديل الجزئي الأخير لدستور 1996. فقد كان بالقانون رقم 08-19 المؤرخ في 17 ذي القعدة عام 1429 الموافق 15 نوفمبر سنة2008، والمتضمن التعديل الدستوري ، حيث جاء في هذا القانون ما يلي :
المادة الأولى: تعدل المادة 5 من الدستور وتحرر كما يأتي :
المادة 5:" العلم الوطني والنشيد الوطني من مكاسب ثورة أول نوفمبر 1954 وهما غير قابلين للتغيير.
هذان الرمزان من رموز الثورة، هما رمزان للجمهورية بالصفات التالية :
1- علم الجزائر أخضر وأبيض تتوسطه نجمة وهلال أحمرا اللون.
2- النشيد الوطني هو "قسما" بجميع مقاطعه.
يحدد القانون خاتم الدولة".
المادة الثانية: تضاف مادة 31 مكرر وتحرر كما يأتي:
المادة 31 مكرر: تعمل الدولة على ترقية الحقوق السياسية للمرأة بتوسيع حظوظ تمثيلها في المجالس المنتخبة.
يحدد قانون عضوي كيفيات تطبيق هذه المادة.
وتم من خلال هذا التعديل الجزئي لدستور 1996 إضافة فقرة في المادة 62 وهي"...وتعمل كذلك على ترقية كتابة التاريخ وتعليمه للأجيال الناشئة".
وتم أيضا تعديل نص المادة 74، حيث أصبحت تنص على ما يلي:
" مدة المهمة الرئاسية خمس (5) سنوات.
يمكن تجديد انتخاب رئيس الجمهورية".
فبعد أن كانت المهمة الرئاسية تجدد لمرة واحدة ، أصبحت هذه العهدات غير محددة، وهنا يطرح التساؤل حول مستقبل المبدأ الدستوري المعروف والمتمثل بالتداول على السلطة. إن تعديل المادة 74 الفقرة الثانية من الدستور يهدف إلى تأسيس مبدأ قابلية انتخاب رئيس الجمهورية بغرض منح السيادة الشعبية مدلولها الكامل ، وتمكين التعبير عنها بكل حرية.
واعتبارا أن الشعب بمقتضى أحكام المادة 6 من الدستور ، هو مصدر كل سلطة، وأن السيادة الوطنية ، ملك للشعب دون سواه، يمارسها عن طريق الاستفتاء وبواسطة ممثليه المنتخبين من الشعب تطبيقا للمادة 7 (الفقرة3) من الدستور . واعتبارا أن تعديل المادة ، يدعم قاعدة حرية الشعب في اختيار ممثليه المنصوص عليها في المادة 10 من الدستور.
ويعزز السير العادي للنظام الديمقراطي الذي يقتضي بأن حائز عهدة رئاسة ملزم بأن يعيدها عند انقضائها، إلى الشعب الذي يملك دون سواه سلطة التقدير، بكل سيادة، كيفية تأدية هذه العهدة، ويقرر بكل حرية ، تجديد الثقة في رئيس الجمهورية أو سحبها منه .
إضافة إلى ذلك تم تعديل للمادة 77 حيث أضيفت ما يلي : "...
5- يعين الوزير الأول وينهي مهامه.
6- يمكن رئيس الجمهورية أن يفوض جزءا من صلاحياته للوزير الأول لرئاسة اجتماعات الحكومة، مع مراعاة أحكام المادة 87 من الدستور.
7- يمكنه أن يعين نائبا أو عدة نواب للوزير الأول بغرض مساعدة الوزير الأول في ممارسة وظائفه، وينهي مهامهم".
وتدخل المادة السابقة في إطار اختصاصات رئيس الجمهورية، وبصفة عامة إعادة التنظيم الداخلي للسلطة التنفيذية.
وقد شملت التعديلات في الدستور الجزائري لعام 1996 المواد: 79-80-81-85-87-90-178.
وتم استبدال وظيفة "رئيس الحكومة" بوظيفة الوزير الأول في المواد : 83-84-86-91-116-118-119-120-125-129-137-158 من الدستور.









 


 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 19:22

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc