7ــ هو الطهور ماؤه " نستفيد منه القصر وهو قصر الصفة على الموصوف في المبيتدأ وخبره اي بتعريف الجزأين فهو قصر اضافي وليس قصر حقيقي فلو كان حقيقي لامتنع انه يوجد ماء طهور غير البحر ونوع القصر هو قصر قلب والقصر القلب أن يعتقد المخاطب عكس الحكم الذي تثبته فالسائل ظن بأن ماء البحر شديد الملوحة حتى قال السائل "وجد في نفسه " كما رواه ابن أبي شيبة
فجاء القصر بضد ما تشككوا في عدم صلاحيته للتطهر به
قال بدر الدين العيني الحنفي في شرح أبي داود (1/ 232) :"وهذا التركيب فيه القصر؛ لأن المبتدأ والخبر وقعا معرفتين، وهو من جملة طرق القصر، وهو من قبيل قصر الصفة على الموصوف؛ لأنه قصر الطهورية على ماء البحر، وقصر عدم الاقتصار علىالصفة على الموصوف أن لا تجاوز الصفة ذلك الموصوف إلى موصوف
آخر، لكن يجوز أن يكون لذلك الموصوف صفات أخر، وهذا قصر ادعائي، وهو يكون فيما إذا قصد به المبالغة لعدم الاعتداد بغيره؛ لأنه لا يجوز أن يكون قصراً حقيقيا؛ لأن الطهورية ليست بمقصورة على ماء البحر فقط، ولكن النبي- عليه السلام- لشدة اعتنائه ببيان طهورية ماء البحر قصرها عليه مبالغة " وادعاء، وهذا من قبيل القصر القلب؛ لأن السائل كان في اعتقاده أن التوضأ بماء البحر غير جائز، فأثبته- عليه السلام- بعكس ما في قلبه، ويجوز أن يكون قصر تعيين؛ لأنه كان يتردد بين جواز الوضوء به، وبن عدمه من غير علم بالتعيين، فعينه- عليه السلام- بقوله: " هو الطهور ماؤه "، وهذا أولى من الأول، فافهم."
فرجح العيني بأنه قلب تعيين لأن المخاطب تردد في حكم الوضوء هل هو للجواز أو عدمهوقال هذا أولى من قصر القلب
8ــ تقديم لفظ الطهور على الماء ويقول سيبويه العرب تقدم ماهو أحق الاهتمام
قال ابن الأثير في "الشافي في شرح مسند الشافعي" (1/ 64): ثم إنه قدم الطهارة على الماء، فقال: "هو الطهور ماؤه" ولم يقل: ماؤه الطهور؛ لأنه في هذا المقام أشد عناية بذكر الوصف الذي اتصف به الماء، وجاز الوضوء به، وهو الطهورية، دون ذكر الماء، فقدم في الذكر الأهم عنده والأحوج إليه.
9ــ لفظة "نعم توضؤا به " تدل على بلاغة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفصاحته،قال ابن الأثير في "الشافي في شرح مسند الشافعي" (1/ 64)
"وفي جواب النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا السائل بقوله: "هو الطهور ماؤه، الحل ... " بلاغة معروفة من كلامه، وفصاحةٍ خاصةٍ بألفاظه، فإنه لو قال له في الجواب: نعم. لم يحل للسائل غرضه، لكنه - صلى الله عليه وسلم - عدل عن هذا الجواب إلى الجواب الذي أتى بالغرض على أكمل وجه مقرونًا بعلة الجواز، وهي الطهورية المتناهية في مائه، . ".
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (14/ 89)
وَقَدْ سُئِلَ عَنْ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ - : هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ } فَأَعَادَ لَفَظَ الْمَاءِ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى قَوْلِهِ : " نَعَمْ تَوَضَّئُوا بِهِ " لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ اخْتِصَاصُ الْحُكْمِ بِالسَّائِلِينَ لِضَرْبِ مِنْ ضُرُوبِ الِاخْتِصَاصِ فَعَدَلَ عَنْ قَوْلِهِ : " نَعَمْ تَوَضَّئُوا " إلَى جَوَابٍ عَامٍّ يَقْتَضِي تَعْلِيقَ الْحُكْمِ وَالطَّهُورِيَةِ بِنَفْسِ مَائِهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ فَأَفَادَ اسْتِمْرَارَ الْحُكْمِ عَلَى الدَّوَامِ وَتَعَلُّقَهُ بِعُمُومِ الْأُمَّةِ وَبَطَلَ تَوَهُّمُ قَصْرِهِ عَلَى السَّبَبِ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ بَدِيعٌ .
وقال تلميذه ابن القيم في بدائع الفوائد (2/ 282) : ونظير هذه الفائدة قوله وقد سئل عن الوضوء بماء البحر فقال هو الطهور ماؤه الحل ميتته // صحيح // فأعاد لفظ الماء ولم يقتصر على قوله نعم توضئوا به لئلا يتوهم اختصاص الحكم بالسائلين لضرب من ضروب الإختصاص فعدل عن قوله نعم
قال الزرقاني في شرح الموطأ (1/ 133) :"وَلَمْ يَقُلْ فِي جَوَابِهِ: نَعَمْ مَعَ حُصُولِ الْغَرَضِ بِهِ لِيُقْرِنَ الْحُكْمَ بِعِلَّتِهِ وَهِيَ الطَّهُورِيَّةُ الْمُتَنَاهِيَةُ فِي بَابِهَا وَدَفْعًا لِتَوَهُّمِ حَمْلِ لَفْظَةِ نَعَمْ عَلَى الْجَوَازِ"