عزالدين الكلاوي
رغم البداية غير المتوقعة بتعادل بطعم الخسارة لمنتخب راقصي التانجو امام بوليفيا المغمورة، فإن بطولة كأس أمم أمريكا الجنوبية المعروفة ب"كوبا أمريكا " لا تزال تحمل في طياتها العديد من المباريات الممتعة والعروض الجميلة ، الحافلة بالكرة الهجومية ، والمهارات الراقية وشياكة الاداء المعجون بالإثارة والحماس والاستعراض الذي يجذب إعجاب وتشجيع الجماهير التي تعشق اللعب الجميل ، وتشعل المدرجات رقصا وغناءا وهتافات وتقاليع خاصة تشكل إحدي ظواهر الكرة اللاتينية.
ميسي ، واجويرو، وروبينيو، وباتو ، وفورلان، وسواريز ورفاقهم من أبرز نجوم الكرة العالمية الذي اعتادت القارة اللاتينية أن تقدمهم للعالم بين الفينة والاخري، ليصنعوا الفارق ويصبحوا صناع المتعة الحقيقية في كرة القدم عبر العالم أجمع ، من خلال قيادتهم الاندية الأكبر والأشهر في قارة أوروبا ، هؤلاء الذين يعتبرون الامتداد الطبيعي للأسطورتين بيليه ومارادونا وغيرهما من كبار النجوم الذين أضاءوا ملاعب أوروبا سحرا ومهارة ، لا يزالون في مأزق كبير كلما لاحت بطولات قارية او عالمية لمنتخبات بلادهم ، فبينما كانوا قمة الإلهام وصناعة الأمجاد وسر الانتصارات لأنديتهم الأوروبية التي يعيشون معها طوال العام ، تجدهم أقل فعالية وتألقا وإنجازا مع منتخباتهم ، ولعل ليونيل ميسي الارجنتيني أفضل لاعبي العالم عامين متتاليين وملهم برشلونة وقائد انتصاراته وبطولاته المحلية والأوروبية، لعله أبرز نموذج علي المأزق الذي يعيشه نجوم السوبر الستار في امريكا اللاتينية مع منتخباتهم ، ليصلوا إلى درجة فقدان ثقة وإعجاب جماهيرهم المحلية ، بل وتشكيكهم في ولاء وإخلاص هؤلاء النجوم للمنتخب الوطني وتقاعسهم عند اللعب بإسم الوطن !
معضلة كبيرة يمر بها نجوم الارجنتين بالذات، مع الفشل المتكرر لميسي ورفاقه في البطولات الماضية وآخرها مونديال كأس العالم بجنوب افريقيا ، وما يزيد الأمر تعقيدا أن "كوبا امريكا" التي فشل راقصو التانجو في انتزاع كأسها طوال ال18 عاما الاخيرة ، تقام هذه المرة علي الارض الارجنتينة وبين جماهيرها المتحمسين ..ولامناص من الحساب العسير أمام الجماهير والصحافة ووسائل الاعلام، إذا مافشل النجوم في انتزاعها وادخالها خزائن الاتحاد الارجنتيني!
ولم تعف الجماهير ولا الصحافة واستديوهات التحليل التليفزيونية في الارجنتين ، ميسي وزملائه من نجوم الكرة العالمية من مسئولية الفشل في تحقيق أكثر من نتيجة التعادل أمام بوليفيا، ووصلت الانتقادات إلى السخرية والتهكم والتساؤل .. وإذا لم يتمالك هؤلاء النجوم أعصابهم ويستعيدون الثقة وتقديم العروض المميزة والمصحوبة بالفوز وإحراز النقاط والتقدم للامام ، فإنهم ربما يتعرضون لخبرات هي الاسوأ في تاريخهم الكروي من الجماهير ووسائل الاعلام!
ورغم هذه الضغوط والبدايات المحبطة ، فإنني أتوقع انفراجة قريبة للتانجو ونجومه وتحسنا في الاداء والنتائج ، ولكن سيبقي التساؤل قائما هل يستطيعون انتزاع اللقب القاري المراوغ ؟
شكر من القلب ودعاء من الاعماق
** وانتهز الفرصة لأتوجه بكل الشكرو العرفان والمحبة والدعاء ، لكل الاخوة الأفاضل من الاصدقاء والزملاء والقراء والمتصفحين لموقع كووورة الذين قرأوا مقالتي الماضية عن وداع أمي – يرحمها الله – واستئذاني القراء في العودة بعد غياب، وقد غمروني بفضلهم وتعاطفهم في تعزيتي ومواستي، والأهم في دعواتهم المخلصة بظهر الغيب لأمي ، بالرحمة والمغفرة ونيل جنات النعيم ، الكثير منهم قالوا أن مقالتي والمواقف التي حكيت بعض أجزائها، قد أبكتهم وأثارت شجونهم وأشعرتهم وكأنهم فقدوا شخصا قريبا وغاليا عليهم ، والواقع أن كلماتهم وأدعيتهم- وأغلبهم ممن لم أتشرف بمعرفتهم شخصيا من قبل – أسرتني وأبكتني وجعلتني في نفس الوقت أشعر بالراحة وأن الدنيا بخير وأنا أرى هذه الدعوات الطيبات تتوجه للمولى العلي القدير عزَ وجلَ لطلب الرحمة والعفو والسماح لوالدتي، وهو مازاد من ثقتي بالله الكريم الوهاب ، الذي أكرمني – سبحانه وتعالى- بخالص دعاء هؤلاء الاخوة الصادقين الذين أحاطوني وأمي بمحبتهم وتعاطفهم وتضرعهم إلي المولي من أجلنا .. وقد تشرفت بهم وآمل ان يستمر تواصلي معهم ، والله أسأل ان يكتب لهم جميعا خير الجزاء، ويرزقهم العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة .. وألا يريهم أي مكروه في عزيز لديهم.