الانابة القضائية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الانابة القضائية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-04-17, 18:14   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 الانابة القضائية

الإنـــابة القضـــــائية
خـطة البحث
مقــــدمة
الفصل الأول : التحقيق ضمن الإنابة القضائية ، شروطها وتنفيذها.
المبحث الأول : التحقيق ضمن الإنابة القضائية.
المطلب الأول : السلطات المفوضة للإنابة القضائية.
المطلب الثاني : الأشخاص والسلطات المفوضة لها.
المبحث الثاني : شروط الإنابة القضائية.
المطلب الأول : الشروط الشكلية.
المطلب الثاني : الشروط الموضوعية.
المبحث الثالث : تنفيذ الإنابة القضائية.
المطلب الأول : طرق تنفيذ الإنابة القضائية.
المطلب الثاني : حدود تنفيذ الإنابة القضائية.
الفصل الثاني : الآثار القانونية للإنابة القضائية.
المبحث الأول : انتهاء الإنابة القضائية.
المطلب الأول : انتهاء الإنابة ، القضائية لأسباب عامة
المطلب الثاني: انتهاء الإنابة القضائية لأسباب خاصة.
المبحث الثاني: الرقابة القانونية على الإنابة القضائية
المطلب الأول: الطبيعة القانونية لأمر الإنابة القضائية.
المطلب الثاني: أمر الإنابة القضائية يقطع مدة التقادم.
المبحث الثالث: الجهات المختصة بالرقابة والإبطال.
المطلب الأول: الجهات المختصة بالرقابة.
المطلب الثاني: الجهة المختصة بإبطال أمر الإنابة القضائية.
الخـــاتمة
المراجع

مقــدمة:
صحيح أن الإنابة وفق القواعد العامة (المادة 571 ق إج) هي عقد بمقتضاه يفوض شخص شخصا آخر للقيام بعمل شيء لحساب الموكل باسمه.
حيث أصبحت سلطة النائب في الإنابة إما تستمد من إرادة الأصيل نفسه وهذا ما يعرف بالإنابة الإرادية وهي التي يختار فيها الأصيل شخص النائب ويحدد نطاق سلطته وهذا يتحقق عادة بعقد الوكالة ، وإما أن تستند إلى القانون وهي الإنابة القانونية التي تفرض على الأصيل فرضا دون الاعتداد بإرادته ويتحدد نطاق سلطة النائب القانوني طبقا لنصوص القانون الذي يعين شخص النائب نفسه.
وقد يفوض القانون أمر تحديد شخص النائب للقاضي وتسمى هذه الإنابة القضائية لأن القضاء هو الذي يعين النائب.
وهناك من عرفها على أنها إجراء يصدر من قضاة التحقيق إلى أحد مأموري الضبط القضائي لكي يقوم بدلا منه بنفس الشروط التي يتقيد بها بمباشرة إجراء معين من إجراءات التحقيق التي تدخل في سلطته.
وهناك من قال أنها نقل بعض سلطات التحقيق من مختص بها إلى شخص آخر، كما قيل بأنها تكليف بمهمة تعطيها السلطة المكلفة بالتحقيق إلى سلطة أخرى لتنفيذ بعض إجراءات التحقيق التي لا تريد أو لا تستطيع القيام بها بنفسها.
إن القانون الجزائري أعتبر الأصل أن قاضي التحقيق ملزم بالتحقيق بنفسه كما منحه حق الاقتناع الشخصي مثله مثل قاضي الحكم حين إصداره لأوامره وقراراته ولا يمكن لأحد التدخل في صلاحياته وإجباره على اتخاذ قرارا ما أو القيام بعمل من أعمال التحقيق من أي جهة كانت إلا بناءا على طلب افتتاحي من وكيل الجمهورية أو إنابة قضائية من صاحب الاختصاص الأصيل.
وهذا ما جاء في نص المادة 68 ق إجف1 التي تؤكد على قيام قاضي التحقيق وفقا للقانون باتخاذ جميع إجراءات التحقيق التي يراها ضرورية للكشف عن الحقيقة.
أما الاستثناء أجيز له إنابة غيره وهذا ثابت بنفس المادة الفقرة 6 التي أكدت على "إذا كان من المتعذر عليه القيام بنفسه بجميع إجراءات التحقيق جاز له أن يندب مأموري الضبط القضائي للقيام بتنفيذ جميع أعمال التحقيق اللازمة ضمن الشروط المنصوص عليها في المواد من 138 إلى 142 ق إ ج".
فالإشكالية المطروحة هل قيام النائب مقام قاضي التحقيق في تحقيق مطلق أو مقيد؟.
لمعرفة ذلك لابد من دراسة النظام القانوني الواجب لتنفيذ الإنابة القضائية حيث أعتبر من الضروري أن يكون مصدر هذه الإنابة القضائية مختصا بالتحقيق ، وحتى يكون كذلك لبد من تمتعه بصفة قاضي التحقيق ، ولتثبيت هذه الصفة المشرع الجزائري أخذ بمبدأ الفصل بين سلطة الاتهام والتحقيق وجعل هذه الأخيرة كسلطة مستقلة عن الأخرى ومنح لها سلطة التحقيق الابتدائي، وحتى يتولى الوظيفة لبد من تعيينه أو ندبه بناء على قرار وزاري صادر عن وزير العدل حامل الأختام ، أو يندب بناء على أمر من هيئة قضائية في جرائم خاصة وأن يتحدد له الاختصاص المحلي والنوعي وأن يتصل بالدعوى بناء على طلب افتتاحي من وكيل الجمهورية أو من المدعى المدني المتضرر بالجريمة.
لم يكتفي المشرع بجعل أمر الإنابة القضائية وجوب صدورها من قاضي مختص بالتحقيق بل فوض على هذا الأخير شخص النائب الذي يتعين عليه تكليفه بالعمل وبهذا لا يمكن له أن يكلف أي شخص يرغب فيه إلا الأشخاص المحددين له على سبيل الحصر للقيام بتنفيذ أي إجراء من إجراءات التحقيق التي بدورها ميز بينها المشرع فمنها ما سمح أن تكون موضوع إنابة قضائية للبعض دون الآخرين.
وأخيرا إن قيام النائب مقام قاضي التحقيق في التحقيق وفقا للنظام القائم ليس مطلقا بل مقيد بالنسبة للمنيب الأصل أو النائب وعلى أمر الإنابة في حد ذاتها وهذا ما سنسعى لتوضيحه.










الفصـــل الأول

التحقيق ضمن الإنابة القضائية وشروطها وتنفيذها.










المبحث الأول: التحقيق ضمن الإنابة القضائية
الإنابة القضائية إجراء يقوم عن طريقه قاضي التحقيق بتكليف قاضي آخر أو ضابط الشرطة للقيام بأحد أو بعض إجراءات التحقيق هي أصلا مخولة للقاضي المنيب وهذا إذا استحال عليه القيام بها جاز له تفويض وتعيين في الإنابة أي قاض تابع لمحكمته أو قاضي التحقيق أو ضابط الشرطة القضائية.
ولقد حدد المشرع الجزائري مسار الإنابة القضائية انطلاقا من مصدرها، وكذلك شروطها وشكلها وكيفية تنفيذها وصولا إلى السلطة المنفذة لها وهذا ما سنتطرق إليه.
المطلب الأول: السلطات المفوضة للإنابة القضائية
إذا كان نص المادة 138 ق إ ج ألزمت على أن يكون الشخص الذي له سلطة إصدار إنابة قضائية يتمتع بصفة قاضي مختص بالتحقيق فالناظر لقانون الإجراءات الجزائية نجد بالإضافة إلى قاضي التحقيق المختص بالتحقيق الابتدائي كدرجة أولى وغرفة الاتهام كدرجة ثانية ، هناك أعضاء النيابة العامة الممثلة للمجتمع كسلطة اتهام يتمتعون بصفة قضاة ويقومون أحيانا بالعمل التحقيقي متعددين ويتمتعون بصفة قضاة ، يدفعنا هذا لطرح سؤال من هو المحقق الذي له سلطة أو حق إصدار إنابة قضائية ومبدأ حرية اختيار النائب.
فالقانون الجزائري أخذ بالفصل بين سلطة الاتهام والتحقيق غير أن هذا الفصل ليس مطلقا بل هناك استثناءات للنيابة العامة.
لكن المؤكد في القانون هو أنه لم يمنح صفة المحقق في التحقيق الابتدائي والمترجمة إلا لجهة التحقيق نفسها، فلم يصفها على رجال الضبطية القضائية ولا على النيابة العامة كما فعلت بعض القوانين.
لذا لابد من تحديد من له سلطة إصدار إنابة قضائية عاجل ومن له هذا الحق استثناءا، ومن هنا نجد أن السلطات التي أجاز لها القانون إصدار إنابة قضائية هي :
1-قاضي التحقيق : حسب نص المدة 138 ق إج يجب أن يكون الشخص الذي له سلطة إصدار الإنابة القضائية يتمتع بصفة قاضي ومختص بالتحقيق ويتمتع بالشروط التالية :
- قاضيا ينتمي إلى هيئة قضائية.
- أحد قضاة الحكم.
- من اختصاصه القيام بأعمال التحقيق والتحري.
- له سلطة إصدار أوامر قضائية في القضايا التي يحقق فيها.
ويكون هذا لقاضي التحقيق عن طريق تعيينه بناء على قرار وزاري صادر من وزير العدل حامل الأختام، يتم اختياره من بين قضاة المحكمة لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد.
واستثناءا يتم ندبه بناء على أمر من رئيس الجهة القضائية المختصة كالمحكمة العليا أو المجلس القضائي ، وهذا حسب طبيعة القضايا والأشخاص المتهمين ، كأن يكونوا من أعضاء الحكومة ، الولاة ، رئيس مجلس قضائي ، وكيل جمهورية ، ضابط شرطة قضائية ، قاضي محكمة ،النائب العام و يتم ندبه حسب وضيفته الأشخاص المتهمون.
كما يشترط في قاضي التحقيق الاختصاص المحلي بمكان وقوع الجريمة ومحل إقامة أحد المشتبه بهم أو بمحل القبض على أحدهم حتى و لو كان بسبب آخر وفي بعض الحالات يكون الاختصاص عبر كامل التراب الوطني وكذا الاختصاص النوعي فهو محدد في المادة 66 ق إ ج حيث أن التحقيق وجوبي في الجنايات واختياري في الجنح والمخالفات .
يباشر قاضي التحقيق تحقيقه الابتدائي بعد أن يضع يده عليها وهذا بناء على طلب افتتاحي يقدم من وكيل الجمهورية أو عن طريق الإدعاء المدني المتضرر بالجريمة وقد حدده القانون ووضع له شروطا لصحته وبعد الانتهاء من التحقيق يحيل القضية على المحكمة بالنسبة للجنح والمخالفات أو يحيلها لغرفة الاتهام في حالة الجناية.
2- غرفة الاتهام: بصفتها مرحلة ثانية للتحقيق ومراقبة لقاضي التحقيق فقد أوكلت لها بعض المهام منها.
- اتخاذ جميع إجراءات التحقيق التكميلي حسب نص المادة 168 ق إ ج بناء على طلب النائب العام أو أحد الخصوم أو من تلقاء نفسها .
- توسيع التتبعات لمتهمين جدد ظهرت ضدهم أدلة جديدة للإدانة .
- إعطاء الوصف القانوني والتكييف الصحيح للتهم لكل شخص في القضية .
- تعد كدرجة استئناف بالنسبة للأوامر الصادرة من قاضي التحقيق حسب ما ورد في المادة 176 ق إ ج.
إذن يتضح لنا أن غرفة الاتهام لا تتمتع بنفس صلاحيات قاضي التحقيق في الإنابة القضائية لكن لها الحق إما أن تكلف أحد مستشاريها لإجراء تحقيق تكميلي أو أن تنيب أحد قضاة التحقيق دون سواهم.
3- جهات الحكم:جهة الحكم مختصة بالتحقيق النهائي وتمحيص الأدلة وتحكم بالإدانة أو البراءة وإذا رأت نقصا في التحقيق فالقاضي ملزم بإجراء تحقيق تكميلي يقوم به بنفسه أو يكلف من ينيبه عن طريق إنابة قضائية وهي تختلف من جهة حكم إلى أخرى وهذا ما يتضح في الآتي.
أ- المحكمة والغرفة الجزئية : حسب المادة 356 ق أ ج فإنها أجازت إجراء تحقيق تكميلي والقاضي المكلف به يتمتع لهذا الغرض بكل السلطات الواردة في المواد 138 إلى 142 ق إ ج ومنها إصدار إنابة قضائية لأحد قضاة المحكمة التابع لها أو أي ضابط شرطة قضائية مختص إقليميا أو أي قاضي تحقيق عبر التراب الوطني .
أما رئيس الغرفة الجزائية فيقضي بناء على حكم فإجراء تحقيق تكميلي فهو لا يعد إنابته قضائية أما القاضي المكلف بالتحقيق التكميلي بناء على الحكم فله صلاحية إصدار الإنابات القضائية .
ب- محكمة الجنايات: حسب المادة 276 ق إ ج أعطى المشروع لرئيس محكمة الجنايات سلطة تفويض التحقيق التكميلي لأحد أعضاء محكمته وسلطة الأمر باتخاذ إجراء من إجراءات التحقيق ومنه يكون له ولأحد أعضاء محكمته إذا فوض لإجراء التحقيق سلطة إصدار إنابة قضائية .
ج- محكمة الأحداث: إن قاضي الأحداث يتم تعيينه بمحكمة المجلس بناء على قرار من وزير العدل أما في المحاكم الأخرى فيتم تعيينه بموجب أمر صادر من رئيس المجلس القضائي بناء على طلب النائب العام وقد خول له المشروع باعتباره قاضي تحقيق أيضا في قضايا الأحداث أن يقوم بكافة إجراءات التحقيق ومنها إصدار إنابة قضائية .
د- المحكمة العليا: يقوم القاضي أي المستشار المقرر بجميع إجراءات التحقيق وعند الضرورة بطريقة الإنابة القضائية في حالات خاصة حصرها المشرع الجزائري في جناية قتل وتبين أن المجني عليه المزعوم قتله على قيد الحياة أو كان بسبب الإدانة شهادة زور أو اكتشاف وقائع جديدة كانت مجهولة لدى القضاة.


المطلب لثاني: الأشخاص أو السلطات المفوض لها
لم يكتفي المشرع بتحديد مصدر الإنابة القضائية بل تعداها إلى الأشخاص الذين يجب أن لهم الإنابة دون سواهم وذكرهم على سبيل الحصر وهم قاضي من قضاة المحكمة أو ضابط من شرطة قضائية أو ضابط تحقيق وهذا ما سنبينه في ما يلي :
1- قاضي من قضاة المحكمة: لقد أجاز المشرع الجزائري لقاضي التحقيق أن يكلف بطريقة الإنابة القضائية أي قاضي من قضاة المحكمة التي يعمل بها ولا يجوز له أن يكلف قاضيا من المحاكم الأخرى الغير تابعة لاختصاص محكمته كما لا يجوز له أن يكلف بطريقة الإنابة القضائية أحد مستشاري المجلس مهما كانوا وبالتالي القاضي الذي ينفذ الإنابة القضائية يكتسب صفة المحقق.
وعليه لا يجوز له أن ينظر في قضية قد حقق فيها وهذا من باب مبدأ الفصل بين وظيفتي التحقيق والحكم.
والحكم الممنوع منه المحقق قد يكون ابتدائيا وقد يكون استثنائيا ، والعبرة بالمنع هو في الموضوع المحقق فيه لا بالشخص المحقق معه، مثلا لو أن قاضي التحقيق حقق مع شخص في جريمة ما وحكم عليه ثم صادف أن كان هو قاضيا وقدم إليه نفس الشخص بجريمة ثانية فإن فصله فيها فصل قانوني. ومن ثم على القاضي المحقق أن يمتنع عن الفصل في القضية من تلقاء نفسه فإن لم يفعل ولم يعترض الخصوم ضل الحكم باطلا وهذا حسب نص المادة 38 ق إج.
2- ضباط الشرطة القضائية : من بين الأشخاص الذين أجاز المشرع لقاضي التحقيق إنابتهم هم ضباط الشرطة القضائية أين يتولى وكيل الجمهورية إدارة الشرطة القضائية ، ويشرف النائب العام عليها بدائرة اختصاص كل مجلس قضائي ، وذلك تحت إشراف ورقابة غرفة الإتهام بذلك المجلس وضباط الشرطة القضائية ذكرهم المشرع في المادة 15 ق إج على سبيل الحصر.
إن قاضي التحقيق إذا تعذر عليه القيام بإجراءات التحقيق يكلف عن طريق إنابة قضائية أحد ضباط الشرطة القضائية ولا يجوز له أن يكلف غيرهم كأعوان الشرطة القضائية، ويجب أن يكون الضابط مختصا إقليميا وهذا ما أكدته المادة 138ق إج بقولها "أي ضابط من ضباط الشرطة القضائية المختص بالعمل لتلك الدائرة".
ولقد حددت المادة 16ق إ ج الاختصاص الإقليمي لضباط الشرطة القضائية ، ومهمتهم البحث والتحري عن الجرائم المقررة في قانون العقوبات وجمع الأدلة عنها والبحث عن مرتكبيها مادام لم يبدأ فيها تحقيق قضائي.
إن تكليف قاضي التحقيق لضباط الشرطة القضائية يجعله ملزم بتنفيذ العمل رغم تمتعه بصفة قاضي التحقيق، إلا أن سلطات وضمانات التحقيق الابتدائي تنتقل مع الإنابة ويصبح ملزم بتنفيذ العمل في إطار الحيطة والسرية وفي حدود الإجراء موضوع الإنابة ، وبهذا يصبح العمل الذي قام به من إجراءات التحقيق القضائي.
3- قضاة التحقيق : من بين الأشخاص الذين أجاز المشرع لقاضي التحقيق أن يصدر لهم إنابة قضائية وفقا للمادة 138 ق إج هم قضاة التحقيق حيث أجاز له أن يكلف أحدهم للقيام بما يراه لازما من إجراءات التحقيق في الأماكن الخاضعة للجهة القضائية التي يتبعها كل منهم.
حيث أجيز لقاضي التحقيق المختص إقليميا ونوعيا بأن يصدر إنابة قضائية لقاضي تحقيق آخر سواء كان هذا الأخير مختصا إقليميا وغير مختص إقليميا، بل يجب أن يكون الإجراء المراد الإنابة فيه يدخل ضمن اختصاصه الإقليمي الذي هو محدد ويمكن تمديده في حالة الضرورة بقرار وزاري إلى دائرة اختصاص محاكم أخرى (م 40 ق إج).
إن قاضي التحقيق عندما يكلف بقضية ما بناء على طلب من وكيل الجمهورية لا يتخلى عن سلطته ورفع يده عنها مادام التحقيق لا زال قائما ، ولو كان لأحد قضاة التحقيق ولا يكون ذلك إلا بصدور أمر منه بأن لا وجه للمتابعة أو إحالته على غرفة الاتهام أو المحكمة.
ملاحظة :
بعد الانتهاء من تحديد من يجب إنابتهم نشير إلى ما يعرف بإنابة الإنابة ويقصد بها أن الجهات المندوبة للقيام بإجراءات التحقيق يمكن أن تقوم هي نفسها بالإجراء المطلوب ، أو أن تنيب بدورها شخصا آخرا فيكون عندما يصدر قاضي التحقيق إنابة لقاضي تحقيق آخر وهذا الأخير يقوم بإنابة ضابط شرطة قضائية للقيام بذلك الإجراء.
ولا يكون هناك إنابة الإنابة عندما كمحافظ شرطة قضائية أو ضابط درك المكلف عن طريق إنابة قضائية ، وهو بدوره يعين لتنفيذ ذلك الإجراء أحد مرؤوسيه من ضباط الشرطة القضائية فهنا يتعلق الأمر بتنفيذ العمل داخل المصلحة.
- يمكن أن تكون الإنابة القضائية صادرة وموجهة إلى سلطة قضائية أجنبية وهو ما يعرف بالإنابة الدولية (Commission rogatoire Internationale) وهذه الإنابة تستلزم اتفاقية دولية تلزم الدول المصادقة على الاتفاقية في تنفيذ الإنابة عند الحاجة.

المبحث الثاني: شروط الإنابة القضائية
بعد أن حدد المشرع مصدر ومسار وصول الإنابة القضائية وضع لها شروط لتكون صحيحة وهذا من خلال المادة 138 ق إ ج ونستطيع أن نحدد شكلين لهذه الشروط وهما:
المطلب الأول: الشروط الشكلية
لم يحدد شكل معين للإنابة القضائية لكن القانون الجزائري وضع بعض الشروط والبيانات الواجب توفرها في الإنابة لأن الكتابة ضرورية بالنسبة لكافة إجراءات التحقيق.
المادة 138 فقرة 02 ق إج إستوجبت الكتابة إذا كان صدورها تم في ظروف عادية ، وأوضحت الشكليات والبيانات الواجب توفرها وهي :
- إسم قاضي التحقيق مصدر الإنابة والغرفة التابعة لها
- وكذا طبيعة الجريمة موضوع الملاحقة
- يجب تحديد بدقة إجراءات التحقيق المطلوب إجراؤها.
- أن تكون الإنابة تتعلق بجريمة موضوع المتابعة.
- أن تكون مختومة وموقعة بختم قاضي التحقيق.
- كما يجب أن يؤرخ عليها ، وتحديد التاريخ يعتبر بيانا جوهريا يترتب على إغفاله البطلان لأن له أهميته في قطع مدة التقادم.
أما في حالة الاستعجال فإن الكتابة غير مشروطة وهذا طبقا لنص المادة 142/2ق إ ج فيجوز إذاعة نص الإنابة القضائية بجميع الوسائل كالإذاعة بالجرائد، التلغراف، الفاكس.....إلخ غير أنه يجب أن توضح في كل إذاعة البيانات الجوهرية من واقع النسخة الأصلية وبالأخص نوع التهمة،اسم وصفة القاضي المنيب.
ملاحظة: هذا نموذج عن إنابة قضائية صادرة من قاض تحقيق لضابط شرطة قضائية




الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
مجلس قضاء:
محكمـــة: إنابة قضائية لتحقيق السلوك.
مكتب التحقيق: باسم الشعب الجزائري
الغرفـــة: نحن.............. قاض التحقيق بمحكمة ...............
رقم الترتيـب : بعد الاطلاع على المواد 138 وما بعدها من قانون الإجراءات
رقم النيابــة : الجزائية ، وبعد الاطلاع على القضية المتبعة ضد :........
رقم التحقيـق :
التهمــــــة: ..................
المــــــواد : المادة ............. ق ع
نطلب أو نندب السيد : ضابط الشرطة القضائية
لمباشرة الإجراءات الآتية :
بحث اجتماعي
حرر بمكتبنا بـ: ........ في تاريخ :......

الخـاتم قاضي التحقيق

المهــــمة
1- إجراء تحقيق مفصل جدا عن موضوع السلوك والأخلاق
والأشخاص اعتاد مخالطتهم وسوابق ووسائل العيش والحالة العائلية للمدعو:
الاسم واللقب: .....................
المولـود في : ..................... بـ : ...............
اسم الأب : .................. اسم الأم : .................
العنـــوان:...............................
2- سماع جميع الأقوال المفيدة الأقارب، والأصهار، الأصدقاء، الجيران، المربين، والمعلمين،..... الخ .
انتهت المهمــــة





تعتبر الإنابة باطلة إذا كانت تتضمن طلب التحقيق في عدد الجرائم دون تحديد الإجراء بالضبط إذا تعرض ضابط شرطة قضائية أثناء تنفيذ الإنابة إلى عناصر أو معطيات جديدة (مثلا ضبط عارض) فيجوز لهم معاينتها دون الخوض في الأبحاث والتحريات المتعلقة بها لأن في ذلك خروج عن الإنابة الأصلية.
المطلب الثاني: الشروط الموضوعية
في ما يخص موضوع الإنابة فهو ليس مطلقا فقد حدده المشرع الجزائري ووضع له بعض الشروط الواجب التقيد بها وهي :
1- مبدأ عدم جواز التعويض العام (الإنابة العامة): في جميع الأحوال يستحسن أن يكون الإجراء أو الإجراءات الواردة في الإنابة واضحة إلى أن غياب التفاصيل لا يعتبر بطلانا ومن ثم لا تعتبر الإنابة التي تحدد زمانا ومكانا الجريمة والإجراءات المطلوبة القيام بها مثالها القيام بسماع كل شخص ممكن أن يقدم معلومات وبكل المواجهات الضرورية بكل عمليات التفتيش القانونية في كل المساكن والأماكن التي توجد بها قرائن أو أدلة خطيرة من شأنها أن تؤدي إلى التعرف على مرتكبي الجريمة .
2- الإجراءات التي لا يمكن تفوضها: لا يمكن لقاضي التحقيق إنابة الأوامر القضائية(الإيداع، الضبط والإحضار،القبض)وكالأمر بالحبس الاحتياطي وتكليف الخبراء وعلمه فإذا كلف قاضي تحقيق آخر ضمن إنابة قضائية باستجواب متهم فلا يمكن أن يحجزه حبسا احتياطيا لأن ذلك من اختصاص القاضي المنيب.
كما يقوم بجميع الإجراءات بنفسه في حالة الأشخاص المحددين في المادة 573ق إ ج
3- إجراءات من اختصاص القضاة: لقد منع المشرع على قاضي التحقيق أن يصدر إنابته إلا إلى قاضي يتعلق باستجواب ومواجهة المتهمين وكذلك سماع أقوال المدعي المدني وهذا حسب المادة139/2ق إ ج لأن التابع لسلك القضاة يكون مستقلا وغير قابلا للتنحية والرد.
4- إجراءات يمكن إنابتها لضابط الشرطة القضائية: طبقا للمادة 89/2 ق إ ج لا يجوز لضابط الشرطة القضائية أو القاضي المنيب ضمن تنفيذ إنابتهم القضائية أن يسمعوا إلى شهادة أشخاص تقوم ضدهم دلائل قوية ومتوافقة على قيام اتهام في حقهم حفاظا على حقوق الدفاع.
أما الإجراءات الأخرى يمكن أن تكون محلا لإنابة قضائية بدون قيد، فضابط الشرطة القضائية يمكن أن يباشر أو يجري معاينات في الأماكن وتفتيش أو حجز أو سماع الشهود كما لهم الحق في التوقيف تحت النظر على أن يقدم المعني إلى قاضي التحقيق وهذا وفقا للمادة 141 ق إ ج.
إذا تعلق الأمر بتفتيش مسكن المتهم فيجب أن يتم ذلك بحضوره حتى ولو كان قد أودع السجن،إذا تعذر حضوره وعين لهذا الغرض شاهدين من غير الأشخاص الخاضعين للسلطة الإدارية لضباط الشرطة القضائية ولا يجوز لهذا الأخير أثناء التفتيش وبعد حجز الأشياء المثبتة للتهمة أن يسجل تصريحات المتهم بشأنها فهذا يعد بمثابة سماع لأقوله ويعتبر خروجا عن الإنابة ولذا يجب الاكتفاء فقط بالإمضاء على المحضر والإشارة إلى رضاءه مع إضافة عبارة ( بعد إخراجه من المؤسسة العقابية إذا كان محبوسا)
المبحث الثالث:تنفيذ الإنابة القضائية:
إذا كان قاضي التحقيق لا يمكن أن يقوم بالتحقيق في قضية ما إلا إذا اتصل بها بالطريقة القانونية فإن الأمر لا يختلف بالنسبة للنائب حيث لا يقوم بإجراءات الإنابة إلا إذا اتصل بأمر الإنابة القضائية المرسلة له ويكون هذا الاتصال إما مكتوبا أو بمختلف وسائل الاتصال .
المطلب الأول: طرق تنفيذ الإنابة القضائية
إذا ما أرسلت إنابة قضائية من قاضي التحقيق للنائب يجب عليه التحقق إذا كانت قانونية تتضمن على كافة شروطها وكونه مختصا نوعيا وإقليميا لتنفيذها وإذا تبين له عدم قانونيتها أو عدم اختصاصه أعادها إلى مصدرها مع توضيح أسباب الرفض وإذا ما حدد ضابط الشرطة القضائية الذي يتولى تنفيذ الإنابة القضائية وبضيفته فحسب فإنه يمكن أن ينفذها أي ضابط يشغل هذه الوظيفة شرط أن يكون من تحددهم المادة 15 ق إ ج أما حددت الإنابة النائب بالاسم فإنه وجب عليه القيام بالإجراء بنفسه فإذا قام به غيره نيابة عنه يعتبر الإجراء باطل .
إذا كانت الإنابة لسماع أحد الشهود ألتزم ضابط الشرطة القضائية بتكليفه بالحضور ويحلفه اليمين قبل أدائها ( م 140 ق إ ج).
لا يجوز لضابط الشرطة القضائية أن يستعمل الحيل للحصول على المعلومات وإذا ما تخلف شاهد على الحضور أو حلف اليمين أو الإدلاء بشهادته لا يجوز له إجباره بل يتعين عليه إخطار القاضي المنيب الذي يصوغ له وحده إجبار الشاهد على الحضور (م140/2 ق إ ج ).
-استظهار الإنابة: عمليا يقوم ضابط الشرطة القضائية أثناء تنفيذ الإنابة وخاصة أثناء تفتيش مسكن باستظهار الإنابة، إلا أنه لا يوجد نص قانوني يلزمه بذلك.
- موافاة قاضي التحقيق بالمحاضر:الأصل في المهلة التي يتعين فيها على ضابط الشرطة القضائية موافقات قاضي التحقيق بالمحاضر هي المدة المحددة في الإنابة، غير أنه في حالة عدم تحديد المدة يتوجب على ضابط الشرطة القضائية ذلك خلال الثمانية أيام التالية لإنهاء الإجراءات وإن التأخير في هذه الحالة لا يترتب عليه البطلان .
- الحجز تحت المراقبة: إذا رأى ضابط الشرطة القضائية أثناء تنفيذ الإنابة حجز شخص ليده لمقتضيات التحقيق وجب عليه تقديمه خلال 48 ساعة إلى قاضي التحقيق في الدائرة التي يتم فيها تنفيذ الإنابة فيها ويمكن لقاضي التحقيق بعد سماعه أن يمدد الحجز بـ :48 ساعة إلا أنه استثناءا يجوز له تمديد الحجز دون تقديم المتهم إلى قاضي التحقيق عن طريق تقرير مسبب.
- الخبرة والمعاينات التقنية: الخبرة التي يكون الهدف منها إيضاح نقطة أو واقعة ذات طابع تقني أو فني لا يجوز لقاضي التحقيق أن يفوضها كما لا يجوز لضابط الشرطة القضائية أن يعين خبيرا.
أما المعاينات التي من شأنها البحث وتحليل الآثار كآثار الدم والأقدام........إلخ فإنها تعتبر مجرد إجراء معاينة ولا يعتبر خبرة وفي هذا السياق فإن لجوء ضابط الشرطة القضائية إلى مترجم لترجمة مضمون أشرطة (k7 كاسيت) أو الاستماع إلى المكالمات الهاتفية لا يعتبر لجوء للخبرة

المطلب الثاني: حدود تنفيذ الإنابة القضائية
إذا كان قاضي التحقيق ملزما بالتقيد بالفعل أو الأفعال التي حددها الطلب الافتتاحي دون غيرها من الأفعال وهذا يعني أن اتصاله بالدعوى يكون في نطاق الأفعال المدعى بها، لا يجوز له أن يتجاوزها إلى تحقيق أفعال أخرى حتى لو وردت مجرد إشارة إلى احتمال ارتكابها في الإدعاء، لأن مهمة قاضي التحقيق تنحصر وفقا لمبدأ عينة الدعوى في تحقيق أفعال معينة أرتكبها المتهم وليس في البحث عما يكون المتهم قد ارتكبه من جرائم .
ومقتضى ذلك أنه إذا اكتشف وهو بصدد تحقيق الواقعة المطروحة عليه وقائع أخرى فإنه لا يملك التحقيق إلا إذا طلب منه ذلك من قبل وكيل الجمهورية بناء على طلب إضافي.
وهذا الالتزام ينطبق أيضا على النائب فيجب عليه التقيد بالإجراء الذي ورد صراحة في أمر الإنابة فلا يجوز له القيام بغيره فإذا أنيب لتفتيش منزل المتهم لا يحق له أن يفتش شخصه وإن كان يجوز له أن يفتش ملحقات المنزل كالحديقة .
والإذن بتفتيش متهم أو منزله لا يجيز القبض عليه إلا بالقدر اللازم لتنفيذ أمر التفتيش نظرا للالتزام القائم بين الإجرائين .























الفصـــل الثاني

الآثار القانونية للإنابة القضائية










المبحث الأول: انتهاء الإنابة القضائية
الأصل أن إجراءات التحقيق تتطلب السرعة أي أن تتم في فترة وجيزة ويعتبر ذلك ضمانا هاما من ضمانات التحقيق، تتحقق به ميزات ثلاثة:
1- إذا كان المتهم مذنبا تؤدي سرعة التحقيق إلى التعجيل بتوقيع العقاب عليه، ويؤدي قصر المدة الفاصلة بين ارتكاب الجريمة وبين صدور الحكم بالإدانة إلى تحقيق الردع العام على أحسن وجه.
2- إذا كان المتهم بريئا لا يطول به المكوث في قفص الاتهام تحقيقا واحتراما للحرية الفردية.
3- تؤدي سرعة إنجاز التحقيق إلى المبادرة بالتقاط أدلة الجريمة قبل أن تمتد إليها يد العبث أو الضياع.
وتظهر هذه الضمانة من ضمانات التحقيق الابتدائي في عدة نصوص منها المادة 112 ق.إ.ج التي تنص على:
يجب أن يستجوب في الحال كل من سيق أمام قاضي التحقيق تنفيذا لأمر إحضار بمساعدة محاميه،فإذا تعذر استجوابه على الفور قدم أمام وكيل الجمهورية الذي يطلب من القاضي المكلف بالتحقيق وحالة غيابه فمن أي قاضي آخر من قضاة هيئة القضاة أن يقوم باستجواب المتهم في الحال وإلا أخلي سبيله.
إذا كانت إجراءات التحقيق تتطلب السرعة في تنفيذ العمل، غير أن المشرع لم يحدد لها أجلا كأقصى حد لإتمام العمل، خلاف للجرائم الإرهابية أو التخريبية التي حدد لها مدة معينة لإتمام العمل التحقيقي قيها.
و إنهاء التحقيق قد يكون بتنفيذ العمل أي باتخاذ كافة إجراءات التحقيق الضرورية مع إعطاء الوصف القانوني للجريمة، إذ كانت هذه الأخيرة جناية ينتهي العمل التحقيقي بإصدار أمر بإحالة القضية على غرفة الاتهام وإذا كانت جنحة أو مخالفة بإحالتها على المحاكمة أما إذا كان التحقيق قد انتهى لأسباب أخرى كحالة ما إذا كان مقترف الجريمة مجهولا، أو الوقائع لا تكون جناية، جنحة أو مخالفة أو لا توجد دلائل كافة ضذ المتهم في هذه الحالة يصدر أمر بألا وجه للمتابعة.

أما سرعة إنهاء الإنابة يكون بأسباب مختلفة يمكن تقسيمها إلى فئتين:
أولا: أسباب ترجع إلى القواعد العامة وهذه الأخيرة هي ما تنتهي بها الإنابة انتهاء مألوف عن طريق التنفيذ وهذا يعني إتمام العمل أو الإجراء محل الإنابة.
وقد تنتهي أيضا بانقضاء الأجل المحدد لها، ومنها ماتنتهي به الإنابة قبل التنفيذ من ذلك استحالة التنفيذ .
ثانيا:أسباب خاصة لانتهاء الإنابة القضائية، وهذه ترجع إما للمتهم أو للدعوى في حد ذاتها .
وإذا إنتهت الإنابة القضائية وفقا للأسباب السابقة الذكر، فيلتزم النائب بتحرير محضر من عمله.
ومهما كان هذا الإنتهاء إلا أن النائب ملزم بتحرير محضر عن عمله خلاف لما هو عليه العمل أمام قاضي التحقيق الملزم بإصدار أمرا عن ذلك.
وهذا ما سيتضح فيما يلي:
المطلب الأول: انتهاء الإنابة القضائية لأسباب عامـة
1- انتهاء الإنابة القضائية عن طريق التنفيذ
عندما تعرض على قاضي التحقيق قضية ما يقوم بعمله لاستقصاء الحقيقة وعندما يستنفذ جميع الإجراءات اللازمة، يعلن عن انتهاء التحقيق، وبالتالي يكون التصرف في ملف التحقيق في شكل أوامر وتكون هذه الأخيرة بأن لا وجه لمتابعة التهم، وإما أن تكون بإحالة الدعوى على المحكمة المختصة لمحاكمته.
ويشمل أمر التصرف بعد انتهاء التحقيق على اسم ولقب وسن المتهم ومحل ميلاده وسكناه، ووظيفته مع بيان وقائع الجريمة إن وجدت، ووصفها القانوني، ووصف موجز لتلك الأفعال والأسباب القانونية التي أدت للأمر الصادر من قاضي التحقيق.
أما انتهاء الإنابة القضائية بداهة يكون بإتمام العمل أي الإجراء الذي أنيب فيه.
وقاضي التحقيق في الحقيقة هو الذي يحدد للنائب المهلة التي ينبغي فيها عليه أن يقوم بإتمام العمل خلالها، خلافا لما هو ساري يه العمل مع قاضي التحقيق ،حيث أن المشرع لم يحدد له فترة زمنية معينة ينبغي عليه فيها إتمام عمله، وهذا خلافا للنائب، فالمادة 141/4 ق.إ.ج أوجبت على قاضي التحقيق تحديد المهلة التي ينبغي فيها على ضابط الشرطة القضائية موافاته بالمحاضر التي يحررونها.
إذن عمل النائب العام يتقيد بالمدة المحددة له لمباشرة الإجراء، ولا تحسب في المدة يوم صدورها بل تبدأ من اليوم التالي طبقا لقواعد المرافعات.
2 - انتهاء الإنابة القضائية بانقضاء الأجل المحدد لها.
الأصل أن المادة141/4 ق.إ.ج قد اشترطت على قاضي التحقيق أن يحدد أجلا لتنفيذ الإنابة القضائية.
لكن الملاحظ أن المشرع أعطى للقاضي سلطة تقديرية في تحديد المدة، غير أن هناك من يرى أنه كان على المشرع أن يحدد أجلا كأقصى حدا لتنفيذ الإنابة القضائية.
غير أنه أجاز لقاضي التحقيق أن يمدد هذا الأجل وبالتالي فإن امتنع عن تجديد هذه المدة يتعين على النائب أم يرسل محضره خلال 8 أيام التالية لانهاء الإجراءات المتخذة بموجب الإنابة.
وهذا يعني إذا ما انتهى الأجل والعمل لم ينجز بعد، وقاضي التحقيق لم يحدد المدة تعين على النائب إرسال محضره وإلا اعتبر عمله باطلا.
والملاحظ من الناحية العملية أن أجل تنفيذ الإنابة القضائية غير محترم خاصة وأن المشرع لم يحدد مدة كأقصى حد لتنفيذها وهذا ما جعل بعض القضايا التي يكون فيها متهم محبوس أحيانا نتيجة هذا التماطل في التنفيذ يقض مدة حبسه في الحبس قبل محاكمته.
وهذا ما أدى بوزير العدل في سنة 1965 أن يصدر منشورا يحث فيه بضرورة الإسراع في تنفيذ الإنبات القضائية.
3- انتهاء الإنابة القضائية قبل التنفيذ أي باستحالة التنفيذ
تنتهي الإنابة القضائية إذا أثبت النائب أن الإجراء موضوع الإنابة أصبح مستحيلا لعمل أجنبي لا يد له في تنفيذه مثال:
إذا كلف النائب بتفتيش مسكنا وعند انتقاله إلى عين المكان وجد المنزل قد احترق.
فالإنابة في هذه الحالة تنتهي باستحالة تنفيذها، والاستحالة إما أن تكون مادية كما في المثال السابق أو استحالة قانونية مثال: إذا أنيب قاضي التحقيق لاستجواب متهم وبعد ذلك تبين أن هذا الأخير هو مسجون بإحدى السجون.
وقرار الندب ينتهي بتنفيذ الإجراء المنتدب به ضابط الشرطة القضائية فهو ينتهي بانتهاء الغرض منه، ومباشرة الإجراء مرة أخرى يعتبر باطلا
المطلب الثاني: انتهاء الإنابة القضائية لأسباب خاصة
إن انتهاء الإنابة القضائية لأسباب خاصة منها ما يرجع للدعوى في حد ذاتها وأخرى ترجع للمتهم وهذا ما سيوضح فيما يلي:
1- التنازل عن الشكوى وسحب الطلب :
أ-التنازل عن الشكوى:
إذا كانت الشكوى هي تبليغ من المجني عليه أو ممن يقوم مقامه إلى السلطات العامة عن جريمة معينة وقعت عليه غير أن الشكوى التي نعنيها في هذا المجال هي شكوى غير عادية لأن هماك جرائم اشترط المشرع لتحريك الدعوى العمومية لابد شكوى من المجني عليه شخصيا.
وعدم تقديم هذه الشكوى من المجني عليه فهذا العمل يقيد حرية النيابة في تحريك هذه الدعوى، أما إذا تقدم بشكواه أمام وكيل الجمهورية فيؤدي هذا إلى تحريك الدعوى ومباشرة الإجراءات فيها.
غير التنازل عن الشكوى يوقف إجراءات المتابعة بنص القانون .
والتنازل عمل قانوني يصدر من صاحب الحق في الشكوى وهو المجني عليه ولا يشترط فيه شكلا معينا فقد يتم كتابة أو شفاهة وتنص المادة 339 ق.ع الفقرة الأخيرة على أن لا تتخذ الإجراءات إلا بناء على شكوى الزوج المضرور وإن صفح هذا الأخير يضع حدا لكل متابعة .
ولكن يجوز الرجوع في التنازل ولو كان قد صدر قبل تحريك الدعوى العمومية، وكان ميعاد تقديم الشكوى ولازال ممتدا، ويلاحظ أنه لا يجوز تقديم الشكوى مرة أخرى بعد التنازل عنها وهذا بهدف استقرار المراكز القانونية ومن هنا يكمن القول أن التنازل عن الشكوى يضع حدا للإنابة القضائية.
ب – سحب الطلب:
ويقصد بالطلب ما يصدر عم إحدى الهيئات العمومية التابعة للدولة سواء بوصفها ضحية في جريمة أضرت بمصلحتها أو بصفتها ممثلة لمصلحة أخرى، أصابها اعتداء والطلب عمل إجرائي لابد لقيامه من أن تتوجه إرادة ورغبة من يقوم به لتحريك الدعوى العمومية قبل متهم معين.
فقد اشترط المشرع في بعض الجرائم التي تقع ضد هيئة من الهيئات العامة تقديم طلب من الجهة المختصة، وهي الجهة التي حددها القانون وهو ما نصت عليه المادة161ق.ع وتقضي نصوص تلك المادة بأن:
الجنايات التي يرتكبها كل عضو في شركة توريد أو مقاولات أو وكالات تعمل لحساب الجيش الوطني الشعبي عن القيام بالخدمات المعهودة إليه ومتعهد والتموين أو عملائهم والموظفون أو الوكلاء والمندوبون أو المؤجرون من الدولة من الدولة أو ممن وقع منهم تأخير في التسليم أو في الأعمال بسبب الإهمال أو من وقع منهم غش في نوع أو صفة أو كمية العمال أو اليد العاملة أو الأشياء الموردة وذلك طبقا للمواد 161 ، 164 ق.ع .
والتنازل عن الطلب بعد تقديمه فإنه يؤدي إلى انقضاء كل الإجراءات.
ويشترط في التنازل أن يكون مكتوبا، إذا التنازل أو سحب الطلب يضع حدا لكل إجراءات التحقيق وهو يعد قرينة قانونية قاطعة أمام القضاء الجزائي على عدم وقوع الجريمة.
ويحدث أثره بقوة القانون حتى ولو لم يتمسك به المتهم وهذا ما نص عليخ قانون الإجراءات الجزائية في المادة 6/3 ق.إ.ج، حيث أكدت على انقضاء الدعوى العمومية في حالة سحب الشكوى إذا كانت شرطا لازما للمتابعة.
2- وفاة المتهم والعفو عن الجريمة
أ- وفاة المتهم : جاء في المادة 06 ق.إ.ج على أن الدعوى العمومية الرامية إلى تطبيق العقوبة تنقضي بوفاة المتهم والعفو عن الجريمة.
إذن تنقضي الجزائية بوفاة المتهم.
وحالة الوفاة هي: توقف القلب والأجهزة الجسمية التابعة له عن كل نشاط أو حركة طبيعية في جسم الإنسان .
إذ حدثت وفاة المتهم قبل رفع الدعوى الجزائية عليه، يستحيل على النيابة العامة أو المتضرر من الجريمة تحريك الدعوى العمومية، ويجب أن يصدر أمرا بحفظ الدعوى.
وقد تحدث الوفاة قبل رفع الدعوى إما أمام قاضي التحقيق أو جهات الحكم على قاضي التحقيق أن يصدر أمرا بألا وجه للمتابعة، وإذا كانت الدعوى مرفوعة أمام المحكمة عليها أن تقضي بسقوط الدعوى، ولا يجوز للنيابة العامة أن تدخل الورثة في الدعوى للحكم عليهم بالمصاريف المستحقة للدولة.
إذن يترتب عن وفاة المتهم انقضاء الدعوة الدعوى بقوة القانون.
وإذا كان مع المتهم المتوفى متهمين آخرين سواءا كانوا فاعلين أصلين أم مساهمين في الجريمة فالقاعدة أن الدعوى لا تسقط إلا بالنسبة للمتوفى فحسب، أما الباقون فتستمر الدعوى قائمة قبالهم .
ب- العفو عن الجريمة:العفو عن الجريمة هو إزالة الصفة الجنائية عن الفعل الإجرامي بأثر رجعي فيصبح كما لو كان مباحا.
ويعطل أحكام قانون العقوبات بالنسبة للواقعة التي شملها العفو.
ولذلك يجب أن يكون العفو بقانون.
3- تنحية قاضي التحقيق :
إذا كان المشرع قد أعطى لضمان حسن سير العدالة للمتهم والمدعي المدني الحق في طلب تنحية قاضي التحقيق عن الدعوى لقاضي آخر من قضاة التحقيق وفقا لنص المادة 545 ق.إ.ج حددت الحالات الخاصة التي يجوز بناءا عليها تقديم طلب تنحية وهي:
1- إذا كان ثمة قرابة أو نسب بين القاضي أو زوجه، وبين أحد الخصوم في الدعوى، أو زوجه، أو أقاربه حتى درجة ابن العم الشقيق، وابن الخال الشقيق ضمنا.
2-إذا كانت للقاضي مصلحة في النزاع أو لزوجه أو للأشخاص الذين يكون وصيا أو ناضرا أو قيما عليهم أو مساعدا قضائيا لهم، أو كانت للشركات أو الجمعيات التي يساهم في إدارتها و الإشراف عليها مصلحة فيه.
3- إذا كان القاضي أو زوجه قريبا أو صهرا إلى الدرجة المعينة آنفا للوصي أو الناظر أو القيم أو المساعد القضائي على أحد الخصوم أو لمن يتولى تنظيم أو إدارة أو مباشرة أعمال شركة تكون طرفا في الدعوى.
4- إذا وجد القاضي أو زوجه في حالة تبعية بالنسبة لأحد الخصوم، وبالأخص إذا ما كان دائنا أو مدينا لأحد الخصوم أو وارثا منتظرا له، أو مستخدما أو معتادا مواكلة أو معاشرة لمتهم أو المسؤول عن الحقوق المدنية أو المدعي المدني أو كان أحد منهم وارثة المنتظر.
5- إذا كان القاضي قد نظر القضية المطروحة كقاضي أو كان محكما أو محاميا فيها أو أدلى بأقواله كشاهد على الوقائع في الدعوى.
6- إذا وجدت دعوى بين القاضي أو زوجه أو أقاربهما أو أصهارهما على عمود النسب المباشر وبين أحد الخصوم وزوجه أو أقاربه أو أصهاره على العمود نفسه.
7- إذا كان للقاضي أو زوجه دعوى أمام المحكمة التي يكون فيها أحد الخصوم قاضيا.
8- إذا كان للقاضي أو زوجه أو أقاربهما أو أصهارهما على عمود النسب المباشر نزاع مماثل للنزاع المختصم فيه أمامه بين الخصوم.
9- إذا كان بين القاضي أو زوجه وبين أحد الخصوم من المظاهر الكافية الخطورة ما يشبه معه في عدم تحيزه في الحكم.
وطلب تنحية قاضي التحقيق يقدم لوكيل الجمهورية الذي يتعين عليه أن يبت في هذا الطلب خلال 8أيام ويكون قراره غير قابل لأي طعن المادة 71 ق.إ.ج .
وطلب الرد جائز من طرف المتهم أو كل خصم في الدعوى، إذا كان المراد رده هو أحد قضاة الحكم مكلف بالتحقيق عن طريق إنابة قضائية فيجب أن يكون إبداء الرد قبل كل استجواب أو سماع أقوال في الموضوع ما لم تكن أسباب الرد قد تحققت أو تكشفت فيما بعد ( المادة 558 ق.إ.ج ).
وإذا حدث في بدأ الاستجواب أن أكد أحد الخصوم أن سببا من أسباب الرد قد ظهر أو تكشف له وأنه يقرر رد قاضي التحقيق تعين عليه أن يقدم في الحال عريضة لهذا الغرض ويوقف إذ ذاك المضي في الاستجواب وتسلم العريضة إلى رئيس المجلس بغير تمهل ( المادة564 ق.إ.ج).
ويجوز للرئيس المعروض عليه الطلب بعد استطلاع رأي النائب العام أم يأمر بإيقافه عم مواصلة التحقيقات.
وطلب الرد يجب أن يقدم كتابة متضمنا اسم القاضي المطلوب رده ويشمل على عرض للأوجه المدعي بها وأن يكون مصحوبا لكل المبررات اللازمة وأن يوقع عليه من الطالب شخصيا ويوجه إلى رئيس المجلس القضائي إذا تعلق بقاضي من دائرة ذلك المجلس.
ويطلب الرئيس المعروض عليه الطلب من القاضي المطلوب رده أن يقدم إيضاحاته كما له أن يطلب استيضاحات الطالب التكميلية إن رأى لزومها لها ثم يستطلع رأي النائب العام ويفصل في الطلب.
ولا يجوز لأي رجل قضاء أن يرد نفسه عن نظر الدعوى تلقائيا بدون إذن من رئيس المجلس القضائي.
والقرار الذي يفصل في الرد غير قابل لأي طريق من طرق الطعن وينتج أثره بقوة القانون، والقرار الصادر بقبول رد القاضي مؤداه تنحيته عن نظر الدعوى.
وإذا كان أمر تنحية قاضي التحقيق أو أي قاضي مكلف بالتحقيق عن طريق عناية قضائية جائزا فإن الأمر يختلف بالنسبة لضابط الشرطة القضائية لكون هذه الأخيرة تعمل تحت إشراف وإدارة النيابة العامة، وهذه بدورها منع المشروع رد أعضائها وهذا ما جاء في نص المادة (555 ق.إ.ج) التي تؤكد على عدم جواز رد رجال القضاء أعضاء النيابة العامة، وهذا ينطبق بدوره على من يعمل تحت إشرافها وإدارتها وهم ضباط الشرطة القضائية خاصة مع انعدام النص القانوني الذي يجيز ردهم.
أما المشرع الفرنسي يجيز رد هؤلاء لأسباب معينة وفي أحوال خاصة .
وإذا كان قاضي التحقيق قد تنحى عن التحقيق في قضية ما وكان قد أصدر أمر إنابة قضائية فمصير هذه الأخيرة، إذا تبين لوكيل الجمهورية أن عيبا قد شابها يطلب موافاته بملف الدعوة ليرسله إلى غرفة الاتهام ويرفع لها طلبا بالبطلان وتنظر هذه الغرفة في صحة الإجراء المرفوع إليها أي في صحة أمر الإنابة القضائية، فإذا تكشف لها سبب من أسباب البطلان قضت ببطلان هذه الإنابة وعند الاقتضاء ببطلان الإجراءات التالية لها كلها أو بعضها وبهذا يكون مصير أمر الإنابة القضائية إما الإبقاء عليه أو إبطاله.
4- رفض النائب تنفيذ الإنابة:
إذا كان المشرع قد أعطى لقاضي التحقيق الحق في رفض التحقيق إذا لم تتوافر الشروط اللازمة للمتابعة الجزائية وذلك إما لانعدام الجريمة أو لانقضاء الدعوى العمومية لأسباب ترجع للمتهم كتمتعه بالحصانة الدبلوماسية أو لاشتراط تحريك الدعوى العمومية على شكوى من المضرور بالجريمة.
فهذا الرفض ينتقل أيضا للنائب الذي يجوز له عند تنفيذ الإنابة القضائية أن يتحقق أولا من صحة أمر الإنابة القضائية وذلك بتوفر شروطها ومن كونه مختصا نوعيا وكميا بتنفيذها، فإذا تبين له عكس ذلك أعادها إلى المحقق الذي أصدرها مع بيان أسباب رفضه لتنفيذ هذه الإنابة.
إذا كان قاضي التحقيق قد حدد في أمر الإنابة القضائية ضابط الشرطة القضائية بوظيفته فحسب، في هذه الحالة يمكن أن يقوم بالإجراء أي ضابط من ضباط الشرطة القضائية.
أما إذا حدد الضابط بالاسم فيتعين أن يقوم هو شخصيا بهذا الإجراء.
أما إذا سلمت لأحد الضباط الغير المحددين فيها جاز لهذا الأخير رفض تنفيذها وإن قام بهذا العمل كان عمله باطلا.
* مـلاحظــة:
إن التدوين هو إثبات إجراءات التحقيق عن طريق الكتابة على محاضر تكتسي الطابع الرسمي وتكون أساسا وسندا للمحكمة وتعتبر ضمان للتحقيق وأداة مراقبة الذي أولى المشرع الجزائري أهمية كبيرة للمحاضر من خلال قانون الإجراءات الجزائية وخاصة المواد: 79 ،90 ،91 ،92 ،94 ،100، 108،.....إلخ.
ويجب تضمين المحضر لمدة الاستجواب وفترات الراحة والتوقيع من صاحب الشأن أو الإشارة إلى الامتناع وذلك بمعرفة ضابط الشرطة القضائية كما يجب إرسال محاضر التحقيق والإثبات إلى قاضي التحقيق خلال ثمانية أيام التالية لإنهاء الإجراءات المتخذة بموجب الإنابة ما لم يحد قاضي التحقيق المدة.

المبـحث الثانـي: الرقابة القانونية على الإنابة القضائية
حتى تتمكن الجهات المختصة بالرقابة على إجراءات التحقيق سواء التي يقوم بها قاضي التحقيق أو من ينوبه بناء على أمر الإنابة، فلا بد من تحديد طبيعة هذا الأمر إن كان قضائيا أو إداريا حتى يتمكن من له سلطة الرقابة إما تقديم طلب لإبطاله أو استئنافه أمام الجهات المختصة.
وهذا ما سنتناوله فيما يلي:


المطلب الأول:الطبيعة القانونية لأمر الإنابة القضائية.
إن قاضي التحقيق عند تنفيذ عمله يصدر أوامر متعددة و متنوعة تختلف باختلاف الإجراء الذي يكون محلا لها كالأمر بالقبض ،الأمر بحبس المتهم احتياطيا ،بإجراء تفتيش أو معاينة أو إحضار متهم أو بألا وجه للمتابعة أو بإحالة الدعوى .
و هذه الأوامر قد تكون أوامر قضائية يجوز لأطراف الخصومة الطعن فيها بالاستئناف أمام غرفة الاتهام التي تقرر بشأنها إما إلغاؤها أو المصادقة عليها ، و قد تكون أوامر إدارية تدخل ضمن إدارة قاضي التحقيق أو ما يسمى بولايته ، لكن إذا شابها عيب البطلان للإخلال القانوني لها نتيجتا البطلان ،و لذا يجب تحديد طبيعتها القانونية بين الأوامر القضائية والأوامر الإدارية.
إن الأوامر التي يصدرها قاضي التحقيق الكل يقر ويعتبر بأنها أعمال تحقيقيه قانونية،غير أن التمييز بين ماهو قضائي و إداري وجدت عدة معايير يريد أصحابها أن يبينوا بها الطبيعة القانونية لهذه الأوامر.
لكن الرأي الراجح يرى أن الأوامر القضائية هي تلك التي تصدر من قاضي التحقيق بوصفه حكما بين الخصوم ويفصل بها في مسائل قضائية كانت محل نزاع فيما بينهم.
فهي على هذا الأساس تعد أحكاما حقيقية.
وهذه الأوامر نصت عليها المادة (170ق.إ.ج) حيث نصت:لوكيل الجمهورية الحق في أن يستأنف أمام غرفة الاتهام جميع أوامر قاضي التحقيق.
أما الأوامر الإدارية أو الحقيقية هي تلك المتعلقة باتخاذ أي إجراء من إجراءات جميع الأدلة أو رفض اتخاذه مثل طلب سماع شهود معينين، أو إجراء معاينة أو تفتيش أو مواجهة المتهم بغيره أو استجوابه، أو ندب خبير أو استقاء نقاط معينة في التحقيق ويلحق بها تأجيل التحقيق لتاريخ
معين أو الإسراع فيه، أو الأوامر الصادرة بإنابة قضائية.

والأوامر الإدارية لا تفصل في مسائل قضائية فتعتبر لذلك داخلة في نطاق سلطة المحقق الولائية المطلقة فلا يجوز فيها الطعن حتى ولو حصلت منازعة بين الخصوم بشأنها صراحة أو ضمنا ومن ثم لا ضرورة لتسبيبها ولا لتبليغها إلى النيابة العامة أو إعلانها إلى الخصوم.
إذن مادام أمر الإنابة القضائية يعتبر من إجراءات التحقيق ولا يعد من الأوامر القضائية التي يجوز استئنافها لهذا قرر لها المشرع البطلان إذا ما شابه عيب.

المطلب الثاني:أمر الإنابة القضائية يقطع مدة التقادم
تقادم الدعوى هو وسيلة للتخلص من أثار الجريمة بتأثير مرور الزمن، فالتقادم هو سبب من أسباب سقوط الدعوى العمومية، وسقوط الحق في تنفيذ العقوبة.
وأساس التقادم يتمثل في:
1- مرور زمن معين على ارتكاب الجريمة دون اتخاذ أي إجراء اتجاهها من شأنه أن يجعل الرأي العام ينسى أثارها المادية المعنوية فلا يعود يطالب بالمعاقبة عنها.
2- إن مرور زمن معين على وقوع الجريمة يؤدي إلى اختفاء الأدلة أو على الأقل فقدان قيمتها ويصبح من العسير إن لم يكن من المستحيل اكتشاف معالمها وآثارها والتوصل إلى الشهود فيها، وهؤلاء إن أمكن الوصول إليهم قد يكون العسير أن تعي ذاكرتهم وقائع الجريمة، فلا يكون لديهم إلا ذكريات غامضة غير محدد عنها.
فملاحقة الجريمة بعد مدة طويلة يخشى معه أن يحدث خطأ قضائي، ويكون من الأفضل تحقيقا للعدالة عدم مباشرة الدعوى. ويقرر القانون التقادم لتحقيق المصلحة العامة وليس لمصلحة المتهم ولذلك فإنه يعتبر من النظام العام .
ويترتب على ذلك أنه لا يجوز للمتهم أن يتنازل عن الدفع بالتقادم الذي اكتسبه بمضي الزمن ويطالب محاكمته رغبة في إثبات براءته، كما لا يجوز للنيابة العامة إبداء هذا الدفع لأية حالة كانت عليها الدعوى، ولو لأول مرة أمام محكمة النقض.
ويجب على سلطة التحقيق أو الحكم المكلفة بالبحث في قبول الدعوة العمومية أن تقرر من تلقاء نفسها سقوط الحق في رفع هذه الدعوى بالتقادم، أنا إذا قضت المحكمة بالإدانة دون أن تنظر في الدفع أو ترد عليه فإن حكمها يكون باطلا .
وباعتبار أن التقادم من النظام العام يمكن التمسك به في أي مرحلة من مراحل الدعوى حتى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض.
إن المشرع قد راعى في تقرير مدة التقادم أهمية الواقعة فجعل المدة في الجنايات أطول منها في الجنح، وفي الجنح أطول منها في المخالفات، لأن الحوادث الخطيرة تبقى في الذاكرة زمنا طويلا وهذا ما جاء في النصوص( 9،8،7 ق.إ.ج) .
وتنقطع المدة المقررة لانقضاء الحق في إقامة الدعوى العمومية، بإجراءات التحقيق وإجراءات الدعوى، لكن الذي يهمنا في هذا المجال هو الانقطاع بإجراءات التحقيق وهذه الإجراءات تعيد إلى الذهن ذكرى الجريمة وقد نص عليها المشرع صراحة في نص المادة (7 ق.ع).
"...وتسري من يوم اقتراف الجريمة إذا لم يتخذ في تلك الفترة أي إجراء من إجراءات التحقيق والمتابعة " .
وإذا كانت قد اتخذت إجراءات في تلك الفترة فلا يسري التقادم إلا بعد عشرة سنوات كاملة بالنسبة للجنايات، وثلاث سنوات بالنسبة للجنح، وسنتين للمخالفات.
وإجراءات التحقيق هي التي ترمي إلى إثبات الواقعة والبحث عن فاعلها ومعاينة مكان الحادث والتفتيش... الخ.
إي أن إجراءات التحقيق تشمل الأعمال التي ترمي إلى إظهار الحقيقة باسترجاع أدلة الجريمة.
ويعتبر من إجراءات التحقيق القاطعة لمدة التقادم:
* إجراءات التحقيق التي يقوم بها أحد ضباط الشرطة القضائية نيابة عن قاضي التحقيق، كذلك المعاينات وضبط الأشياء وسماع الشهود واستجواب المتهمين ...الخ.
وكذلك: أوامر التكليف بالحضور وأوامر الضبط والإحضار وأمر الحبس الاحتياطي .
* إن أمر الإنابة القضائية يقطع مدة التقادم حتى ولو أن قرار الإنابة لم ينفذ من طرف ضباط الشرطة القضائية. بالإضافة إلى أن أمر الإنابة تثبت به صفة المتهم إن كان هو أول إجراء يقوم به قاضي التحقيق.
المبحث الثالث : الجهات المختصة بالرقابة والإبطال
إن إجراءات التحقيق، كما أوضحنا سابقا قد تكون أعمال قضائية في حالة المنازعة أجاز المشرع لأطراف الخصومة سواء كان متهما أو متضررا من الجريمة أو النيابة العامة استئناف هذه الأعمال أو الأوامر القضائية، وهذه الأخيرة منها ما يجيزه المشرع لأحد الأطراف دون الآخر.
أما الأعمال التحقيقية التي لا ترتب خصومة بين الأطراف المشرع قرر لها إذا ما كانت مخالفة للقانون، وهذا ما ينطبق بدوره على أمر الإنابة القضائية التي من المتفق عليه أنها تعد إجراء من إجراءات التحقيق ذات طبيعة إدارية لهذا قرر لها بطلان يجوز للمتهم أو الطرف المدني التمسك به، كما قرر لقاضي التحقيق التمسك بطلب البطلان بعد مراجعته للعمل الذي تم عن طريق هذا الأمر ولوكيل الجمهورية إذا تبين له أن بطلانا قد شاب هذا الأمر أن يرفع طلبا أمام غرفة الإتهام ويطلب إبطاله وهذا ما سيتضح في الآتي :
المطلب الأول: الجهات المختصة بالرقابة
1- الخصوم :مادام الإنابة القضائية هي إجراء من إجراءات التحقيق، إذا ما شابها بطلان يكون ذلك عند عدم احترام جهات التحقيق للإجراءات القانونية عند العمل بها وفقا للقانون ومن هنا :
نلاحظ أن المشرع أقر للخصوم الحق في التمسك بالبطلان، وهذا الأخير يطلب عليه البطلان النسبي، لأن إذا ما لم يتمسك به من تقرر لمصلحته يعتبر الإجراء صحيحا منتجا لأثره.
مثال: ما جاء في المادة(100ق.إ.ج) المتعلقة باستجواب المتهم تنص:
يتحقق قاضي التحقيق حين مثول المتهم لديه لأول مرة من هويته ويحيطه علما صراحة بكل واقعة من الوقائع المنسوبة إليه، وينبه بأنه حر في عدم الإدلاء بأي قرار وينوه عن ذلك التنبيه في المحضر، فإذا أراد المتهم أن يدلي بأقوال تلقاها تلقاها قاضي التحقيق منه على الفور، كما ينبغي للقاضي أن يوجه للمتهم بأن له الحق في اختيار محامي عنه فإن لم يختر له محاميا عين له القاضي محاميا من تلقاء نفسه إذا طلب منه ذلك، وينوه عن ذلك بالمحضر، كما ينبغي للقاضي علاوة على ذلك أن ينبه المتهم إلى وجوب إخطاره بكل تغيير يطرأ عنوانه ويجوز للمتهم اختيار موطن له في دائرة اختصاص المحاكمة.
إذن هذه المادة تتضمن إجراءات تحقيقية يتعين على قاضي التحقيق أومن ينوب عنه احترامها، غير أن هذه الإجراءات هي مقررة لمصلحة المتهم، وبالتالي في حالة انتهاكها من قبل قاضي التحقيق أو من ينوب عنه، أجاز المشرع للمتهم أن يدفع ببطلان هذه الإجراءات، أي بطلان الإنابة القضائية.
مما يؤدي هذا إلى التمسك ببطلانها حقيقة،كما أجاز له أن يتنازل عن هذا التمسك بالدفع بالبطلان، فيؤدي إلى تصحيح هذا الإجراء غير أن هذا التنازل لابد أن يكون صريحا، و لايجوزأن يبدي به إلا في حضور المحامي أو بعد استدعائه قانونيا.
2- قاضي التحقيق: القاعدة على قاضي التحقيق أن يراجع بنفسه جميع عناصر التحقيق الذي تمت عن طريق إنابة قضائية، ورغم هذا الحق في المراجعة لكن إذا تبين له أن الأمر مشوب للبطلان لا يجوز له أن يبطل العمل بل يرفع الأمر لغرفة الإتهام المختصة بذلك وهذا ما أكدته المادة ( 158/1ق.إ.ج) بقولها:
إذا تراءى لقاضي التحقيق أن إجراء من إجراءات التحقيق مشوب بالبطلان فعليه أن يرفع الأمر لغرفة الاتهام بالمجلس القضائي بطلب إبطال هذا الإجراء بعد استطلاع رأي وكيل الجمهورية وإخطار المتهم والمدعي المدني.
ويتضح من هذه المادة أن قاضي التحقيق إذا تبين له إجراء من إجراءات التحقيق(أمر إنابة قضائية) مشوب ببطلان فلا يستطيع تصحيح هذا العيب الذي ظهر على الإجراء بل يستلزم عليه أن يرفع الأمر بناءا على طلب لغرفة الاتهام التي تعد الجهة المختصة بهذا العمل غير أنه يتعين عليه أن يستطلع رأي وكيل الجمهورية وإخطار المتهم والمدعي المدني بذلك.
3- وكيل الجمهورية: المادة(158/2ق.إ.ج) تنص:
" فإذا تبين لوكيل الجمهورية أن بطلان قد وقع فإنه يطلب من قاضي التحقيق أن يوفيه بملف الدعوى ليرسله إلى غرفة الإتهام ويرفع لها طلبا بالبطلان ".
ويتضح من هذا النص أنه إذا لم يقم قاضي التحقيق بكشف البطلان الذي شاب أحد الإجراءات فإن المشروع أجاز لوكيل الجمهورية إذا ما تبين له بطلان قد وقع أن يطلب من قاضي التحقيق موافاته بملف الدعوى حتى يتمكن من إرساله إلى غرفة الاتهام ويرفقه بطلب البطلان.
المطلب الثاني : الجهة المختصة بإبطال الإنابة القضائية
إذا كان من المتفق عليه أن أمر الإنابة القضائية يعد إجراء من إجراءات التحقيق ذات الطبيعة الإدارية أي يدخل في ولاية قاضي التحقيقـ إن الجزاء المترتب على مخالفة هذا الأمر للنصوص القانونية المفروضة عليه هو البطلان .
وسلطة تقرير هذا البطلان أعطاها المشرع لغرفة الاتهام إذا ما وجه لها طلب من قاضي التحقيق أو وكيل الجمهورية يطلب إبطال الإجراء.
كما أعطاه لكل جهات الحكم ماعدى المحاكم الجنائية إذا ما تمسك بهذا البطلان أحد الخصوم(المادة 161 ق.إ.ج)
1- غرفة الاتهام: أعطى المشرع حق تقرير البطلان في كل إجراءات التحقيق سواء كانت جوهرية أو مقررة لمصلحة الخصوم لغرفة الاتهام بالمجلس، فمن صلاحياتها أنها تفصل في كل طلب إبطال.
مثال: فعدم احترام ومراعاة الأحكام الواردة في(المادة100ق.إ.ج) المتعلقة باستجواب المتهمين والمادة105 المتعلقة بسماع المدعي المدني يترتب على مخالفتها بطلان الإجراءات نفسه وما يتلوه من إجراءات.
ويترتب البطلان أيضا على مخافة الأحكام الجوهرية التي أوجب المشرع احترامها كالإخلال بحقوق أي خصم في الدعوى.
وهذا ما جاء في نص (المادة191ق.إ.ج) التي تنص:
" تنظر غرفة الاتهام في صحة الإجراءات المرفوعة إليها وإذا تكشفت لها سبب من أسباب البطلان قضت ببطلان الإجراءات المشوب به، وعند الاقتضاء ببطلان الإجراءات التالية له كلها أو بعضها، ولها بعد الإبطال أن تتصدى لموضوع الإجراء أو تحيل الملف إلى قاضي التحقيق نفسه أو لقاضي غيره لمواصلة إجراءات التحقيق ".
أعطى المشرع حق تقرير البطلان في كل إجراء من إجراءات التحقيق لغرفة الاتهام، وما دام أمر الإنابة القضائية جزء لا يتجزأ من هذه الأعمال، لها حق النظر في صحته بناءا على طلب من قاضي التحقيق ذا تراءى له أن عيب يشوبه أو بناء على طلب من وكيل الجمهورية إذا تبين له هو الآخر أن بطلانا قد وقع في أمر إنابة قضائية، يرفع الأمر لغرفة الاتهام هي التي تقرر إما الإبقاء على الأمر(الأجراء) أو إبطاله، أي إذا تبين لها سبب من أسباب البطلان قد شابه قضت ببطلان هذا الأمر و عند ببطلان الإجراءات التالية له كلها أو بعضها أو أجيز لها بعد الإبطال أن تتصدى لموضوع الإنابة القضائية أو تحيل الملف إلى قاضي التحقيق نفسه أو لقاضي غيره لمواصلة إجراءات التحقيق.
2- جهات الحكم: المادة161ق.إ.ج تنص على:
لجميع جهات الحكم عدا المحاكم الجنائية صفة تقرير البطلان المشار إليه في المادتين 157 و 159 ق.إ.ج وكذلك ما قد ينجم عن عدم مراعاة أحكام الفقرة الأولى من المادة 168 وفي حالة المادة 157 أو إذا كان قرار إحالة الدعوى إليها مشوبا بهذا البطلان تحيل الجهة القضائية الأوراق إلى النيابة العامة لتقوم هذه الأخيرة بإحالة هذه القضية من جديد إلى قاضي التحقيق مع حفظ المجلس القضائي في التصدي إذا كانت الدعوى مطروحة عليه.
غير أنه لا يجوز للمحكمة ولا للمجلس القضائي لدى النظر في موضوع جنحة أو مخالفة الحكم ببطلان إجراءات التحقيق إذا كانت قد أحيلت إليه من غرفة الاتهام.
وللخصوم من ناحية أخرى أن يتنازلوا عن التمسك بالبطلان المشار إليه في هذه المادة وعليهم في جميع الحالات تقديم أوجه البطلان في الجهة القضائية التي تقضي في الدعوى قبل أي دفع في الموضوع وإلا كانت غير مقبولة.
من خلال هذه المادة يتضح أن جميع جهات الحكم أي محكمة الجنح أو المخالفات أو الغرفة الجزائية لها الحق في تقرير البطلان الذي يشوب إجراء من إجراءات التحقيق غير أن المحكمة لا يجوز لها النظر في أمر البطلان إذا تمسك به الأطراف إذا ما أحيلت إليها القضية من غرفة الاتهام.
أما إذا كانت الإحالة من قاضي التحقيق في هذه الحالة يمكن تقرير البطلان إذا تمسك به من تقرر لصالحه وإذا ما تبين لها أن إجراء جوهري يشوبه بطلان يجوز لها إثارته من تلقاء نفسها.
ويتعين على الخصوم أن يقدموا أوجه البطلان أمام الجهة القضائية التي تقضي في الدعوى قبل أي دفع في الموضوع وإلا كانت غير مقبولة.
وهذا يعني إذا ما كلف عن طريق إنابة قضائية أحد قضاة الحكم أو قاضي تحقيق لاستجواب متهم أو لسماع أقوال المدعي المدني ولم يراعي هذا النائب الأحكام القانونية المقررة في( المادة 100 و105 ق.إ.ج) كان عمله مخالفا للقانون مما يترتب عليه بطلان هذه الإنابة وما يتلوها من إجراءات .
غير أنه لا يجوز للخصم الذي لم تراع في حقه هذه الأحكام أن يتنازل عن التمسك بهذا البطلان ويصحح بذلك الإجراء أي الإنابة القضائية، ويتعين أن يكون التنازل صريحا ولا يجوز أن يبدي إلا في حضور المحامي أو بعد استدعائه قانونا.
وإذا كانت الإنابة القضائية ترتب على مخالفتها إخلال بحقوق الدفاع أو حقوق أي خصم في الدعوى لجهات الحكم أيضا النظر في مثل هذا البطلان.
وإذا كان قرار إحالة الدعوى مشوبا بالبطلان المتعلق باستجواب المتهم أو سماع أقوال المدعي المدني تحيل المحكمة أو الجهة القضائية الأوراق إلى النيابة العامة لتقوم هذه الأخيرة بإحالة القضية من جديد إلى قاضي التحقيق مع حفظ المجلس في التصدي إذا كانت الدعوى مطروحة عليه، غير أنه لا يجوز للمحكمة أو المجلس لدى النظر في موضوع جنحة أو مخالفة الحكم ببطلان الإنابة القضائية إذا كانت قد أحيلت إليه من غرفة الاتهام.
وللخصوم من ناحية أخرى أن يتنازلوا عن التمسك بهذا البطلان وعليهم في جميع الحالات تقديم أوجه البطلان للجهة القضائية التي تقضي في الدعوى قبل أي دفاع في الموضوع وإلا كانت غير مقبولة.
3- مصير أمر الإنابة القضائية المبطل:
إذا تبين لغرفة الاتهام أن سبب من أسباب البطلان يشوب أمر الإنابة القضائية، قد تقضى ببطلان هذا الأمر أو كل الإجراءات اللاحقة له أو بعضها.
وإذا قررت بطلانه يسحب من ملف التحقيق وتسحب معه كل أو بعض أوراق الإجراءات اللاحقة له التي أبطلت هي الأخرى، وتودع لدى قلم كتاب المجلس القضائي.
ويمنع الرجوع إليه لاستنباط عناصر أو اتهامات ضد الخصوم في المرافعات ومن يخالف ذلك من القضاة أو المحامين يتعرض لعقوبات تأديبية( المادة160ق.إ.ج).





الخـاتمـــــــة:
إذا كان المشرع قد أوجد سلطة التحقيق وألزمها بالقيام بالتحقيق بنفسها وجعلها كسلطة محايدة مستقلة عن سلطة الاتهام والحكم، ذلك للمحافظة على الحريات وتوفير الضمانات اللازمة للخصوم حتى تقوم من جهة أخرى بجميع الأدلة وتمحيصها للوصول إلى الحقيقة بتقرير فيما إذا كان هنا مبرر للمتابعة الجنائية أم لا، وهي كجهة أيضا لا تعلن لا بالإدانة ولا بالبراءة.
ونظرا لكون قاضي التحقيق هو فرد مثله مثل قضي الحكم (المحكمة) لا يساعده قضاة آخرين في أداء مهمته، وبالتالي بجد نفسه لا يستطيع القيام بجميع إجراءات التحقيق على أحسن وجه وذلك نتيجة للعقبات التي قد تعترضه وهذه الأخيرة إما أن تكون مادية أو قانونية :
العقبات المادية: تتمثل في أن القضايا التي تعرض عليه بأعداد وفرة ومتنوعة حتى يقوم بتنفيذ كل العمليات التي تتطلبها هذه القضايا في الوقت الضروري وبالسرعة المرغوبة يجد نفسه مضطرا بالاستعانة بأشخاص آخرين حتى تكون هذه الإجراءات ذات فعالية.
أما العقبات القانونية: تتمثل بدورها كون قاضي التحقيق قد تعرض عليه قضايا تلزمه بأن يقوم بالعمل في مناطق بعيدة وبالتالي يجد نفسه خارج دائرة اختصاصه الإقليمي المحدد له قانونا، يضطر إلى تكليف أشخاص مختصين في تلك الدوائر و نتيجة لهذه العقبات أعطى المشرع لقاضي التحقيق استثناءا عن القاعدة الأصلية وهي إلزامية قاضي التحقيق بنفسه إنابة قضائية.
وإذا كان المشرع قد وضع نظاما قانونيا للإنابة القضائية بحيث أعطى سلطة أصدرها للمختص بالتحقيق وجعله مختصا بذلك إذا تم تعيينه أو ندبه بناءا على قرار وزاري صادر من وزير العدل حامل الأختام أو مندوب بناءا على أمر صادر من الرئيس الأول للمحكمة العليا، أو بناءا على أمر صادر من رئيس المجلس القضائي في بعض الجرائم(م577،576،575،573ق.إ.ج).
* كذلك أن يكون مختصا محليا، غير أن هذا الاختصاص محدد بالنسبة للقاضي المعين بمكان وقوع الجريمة أو محل ضبط المتهم أو أحد الأشخاص المشتبه فيهم أو محل إقامة أحد هؤلاء.
* أما المندوب بأمر من رئيس المحكمة العليا فجعل اختصاصه المحلي عام أي على كافة تراب الجمهورية، ولم يكتف بهذا بل اشترط على أن يتصل قاضي التحقيق بالدعوى بناءا على طلب افتتاحي صادر من وكيل الجمهورية أو ادعاء مدني من المتضرر بالجريمة.
* لكن الملاحظ أن المشرع لم يقتصر على استثنائية نح قاضي التحقيق المختص أصلا بالتحقيق، بل تعدى ذلك وأعطى هذا الحق أي حق الإنابة القضائية حتى لجهات الحكم حيث ألزم قاضي الجنح إذا ما تبين له أن هناك نقص في التحقيق ورأى ضرورة إجراء تحقيق تكميلي فتعين عليه أن يصدر حكم بإجراء تحقيق تكميلي ولم يعط له سلطة إصدار إنابة قضائية بل أعطها لرئيس محكمة المخالفات.
* كما منحها أيضا لرئيس محكمة الجنايات له إما أن يقوم بالإجراء بنفسه أو أم يكلف أحد أعضاء محكمة الجنايات حيث أن المشرع لم يكتف بتحديد مصدر الإنابة القضائية بل يذكر على سبيل الحصر الأشخاص الذين يجوز أنه توجه لهم إنابة قضائية وهم ضباط الشرطة القضائية، قضاة التحقيق، قاضي من قضاة المحكمة التابع لها قاضي التحقيق.
* كذلك حدد الإجراءات التي يمكن أن تكون محلا للإنابة القضائية لبعض الأشخاص المذكورين على سبيل الحصر دون الآخرين.
كما أوجب أن ينصب أمر الإنابة القضائية في شكل معين حتى يتسن للنائب تنفيذها كما أعطى لهذا الأخير عند القيام بذلك التمتع بسلطة التحقيق كما أوجب عليه أن يلتزم بحدود الإنابة مع احترام الضمانات المحاطة بالإجراء موضوع الإنابة.
وأن يقوم بعمله خلال مدة معينة يحددها له مصدر الإنابة، كما ألزمه بتحرير محضر عن عمله حتى يتسن للجهات المختصة من مراقبة هذا العمل إذا لم يكن سليما ترتب عليه البطلان، والتمسك بالبطلان مقرر لقاضي التحقيق ولوكيل الجمهورية وللمتهم والطرف المدني وهذا حسب الإجراء موضوع الإنابة، غير أن أمر الإنابة القضائية باعتباره إجراء من إجراءات التحقيق التي تدخل ضمن أعمال إدارة قاضي التحقيق لا يجوز استئنافه لأنه لا يعد من الأوامر القضائية.







قائمة المراجع

1- قانون الإجراءات الجزائية
2- جندي عبد المالك : المؤسسة الجنائية ، المجلد الثاني دار المؤلفات القانونية ،بيروت .
3- رؤوف عبيد : مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري ،الطبعة 11 ، سنة 1979.
4- فوزية عبد الستار : قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني ،سنة 1975 ، دار النهضة العربية .
5- مأمون محمد سلامة : الإجراءات الجنائية في التشريع المصري ، دار الفكر العربي .
6- محمد صبحي محمد نجم :شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري1988 ،ديوان المطبوعات الجامعية .









 


قديم 2011-04-21, 11:35   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
zoubour
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية zoubour
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك أخ ياسين على هذا العمل الجبار الذي أنت في صدد القيام به.










قديم 2011-04-21, 21:32   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
لقاء الجنة
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية لقاء الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










 

الكلمات الدلالية (Tags)
الانابة, القضائية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 15:18

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc