بحث الفلسفة الإسلامية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

بحث الفلسفة الإسلامية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-12-25, 13:51   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
missoum1965
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي بحث الفلسفة الإسلامية

الأولى جامعي
الفوج العاشر

الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
وزارة التعليم العالي و البحث العلمي
كلية العلوم الإنسانية و الإجتماعية
قسم العلوم الاجتماعية



أعضاء الفوج:
1.مختاري ميسوم كريم



السنة الجامعية :2012/2013


مقدمة:
لئن كان هناك جدل حول أصول الفلسفة بين قائل أنها وليدة العقل الغربي الخالة و أنها "معجزة يونانية " و أن العالمين الغربي و الشرقي قد تطور كل بمعزل عن الآخر و أن التراث الفلسفي الغربي يختلف عن في جوانب أساسية عن تأملات العقل الشرقي و أن الحضارة اليونانية هي وحدها التي سارت فيها الحركة الفلسفية مع التراث العلمي جنبا إلى جنب و أن ما وصل إليه اليونان من نفلسف إنما كان مبدأه حكمة الشرق ، و إذا اعتبرنا تعريف الفلسفة على أنها محاولة بناء تصور و رؤية شمولية للكون و الحياة فإن أوليات هذه الأعمال في الحضارة الإسلامية بدأت كتيار فكري في بداية الظهور المبكر للدولة الإسلامية بدءا بعلم الكلام , و وصولا لما أصبح المسلمون على إطلاع كبير بالفلسفة اليونانية القديمة.
تطورت الفلسفة الإسلامية من مرحلة دراسة المسائل التي لا تثبت إلا بالنقل و التعبّد الى مرحلة دراسة المسائل التي ينحصر إثباتها بالأدلة العقلية فالفلاسفة الـمشائين و هم الفلاسفة المسلمين الذين تبنوا الفلسفة اليونانية فقد كان مرجعهم الأول هو التصور الأرسطي أو لتصور الأفلاطوني الذي كانوا يعتبرونه متوافقا مع نصوص و روح الإسلام .
هذا فإن الفلسفة قد اتسع معناها و رحب مجالها حتى أصبحت تشمل ما نسميه بعلم الكلام و علم التصوف و هذا ما لم يعرفه السابقون على فلاسفة الإسلام من اليونان و غيرهم.
و في بحثتنا هذا سنحاول أن نوجد العلاقة بين الفلسفة اليونانية و الإسلامية و ما دورها في إرساء قواعد و أسس لها، و هل كان لها دور كبير في ظهورها و تطورها ؟ و هل فعلا أن الفلسفة اليونانية ساهمت بدرجة كبيرة في تطور و نمو الفلسفة الإسلامية ؟ و أن الفضل الكبير يرجع إليها ؟ و هل صحيح أن الفلسفة الإسلامية ما هي فلسفة يونانية بلسان عربي ؟ و ما دور الحضارة الإسلامية في إرساء هذه القواعد ؟ و ما تأثير الفتوحات و احتكاك المسلمين مع غيرهم في بروز فلسفة إسلامية خاصة بهم ؟




﴿01



تعريف الفلسفة الإسلامية
: مصطلح عام يمكن تعريفه واستخدامه بطرق مختلفة فيمكن للمصطلح أن يستخدم على انه الفلسفة المستمدة من نصوص الإسلام بحيث يقدم تصور الإسلام ورؤيته حول الكون والخلق والحياة والخالق لكن الاستخدام الاخر الأعم يشمل جميع الأعمال والتصورات الفلسفية التي تمت وبحثت في إطار الثقافة العربية الإسلامية والحضارة الإسلامية تحت ظل الإمبراطورية الإسلامية من دون أي ضرورة لأن يكون مرتبطا بحقائق دينية أو نصوص شرعية إسلامية.
في بعض الأحيان تقدم الفلسفة الإسلامية على أنها كل عمل فلسفي قام به فلاسفة مسلموننظرا لصعوبة الفصل بين جميع هذه الأعمال لكل ما تمت للفلسفة بصلة والتي تمت في ظل الحضارة الإسلامية.
الكلام الاقرب هي مستخدمة في النصوص الإسلامية الأساسية القرآن والسنةلكلمة فلسفة هي كلمة (حكمة) لهذا نجد الكثير من الفلاسفة المسلمين يستخدمون كلمة (حكمة) كمرادف لكلمة (فلسفة) التي دخلت إلى الفكر العربي الإسلامي كتـعريب لكلمة Philosophieاليونانية.،وإن كانت كلمةفلسفةضمن سياق الحضارة الإسلامية بقيت ملتصقة بمفاهيم الفلسفة اليونانية الغربية فإن عندما نحاول أن نتحدث عنفلسفة إسلاميةبالمفهوم العام كتصور كوني وبحث في طبيعة الحياة لا بد أن نشمل معها المدارس الأخرى تحت المسميات الأخرى وأهمها علم الكلام وأصول الفقه وعلوم اللغة1
يرى بعض الفلاسفة أنها مجموعة الأفكار التي ارتآها الكندي والفارابي وابن سينا ومن سار على نهجهم في الله والعالم والنفس الإنسانيةويرى ابن رشد (ت 595 هـ 1198 م) في فصل المقال" أن النـظر في كـتب القدماء ـ يقصد بالقدماء هنا فلاسفة اليونان مثل أفلاطون وأرسطو ـ واجب بالشرع إن كان مغزاهم في كتبهم ومقصدهم هو المقصد الذي حثنا الشرع عليه وأن من نهى عن النظر فيها من كان أهلاً للنظر فيها وهو الذي جمع بين أمرين : أحدهما : ذكاء الفطرة و الثاني : العدالة الشرعية والفضيلة العلمية والخلقية "ـ
ويرىابن خلدون (ت 808 هـ 1406 )م في المقدمة "أن الفلسفة من العلوم التي استحدثت مع انتشار العمران وأنها كثيرة في المدن "ويعرِّفها قائلاً : "بأن قومًا من عقلاء النوع الإنساني زعموا أن الوجود كله الحسي منه وما وراء الحسي تُدرك أدواته وأحواله بأسبابها وعللها بالأنظار الفكرية والقياس العقلي وأن تصحيح العقائد الإيمانية من قِبَل النظر لا من جهة السمع فإنها بعض من مدارك العقل وهؤلاء يسمون فلاسفة و هو جمع فيلسوف وهو باللسان اليوناني محب الحكمة. "2
ويذهبالكندي (ت 260 هـ 873 م)"إلى أن الفلسفة هي علم الحق الأول الذي هو علة كل حق والعلم التام هو علم العلة".
ويرىالفارابي (ت 339 هـ 950 م) "أن الفلسفة هي العلم بالموجودات بما هي موجودة ويقسمها إلى حكمة إلهية وطبيعية ورياضية ومنطقية.
ويعطيها الشيخ الرئيسابن سينا (ت 428 هـ 1037 م)طابعًا نفسيًا فيقول: "الحكمة استكمال النفس الإنسانية بتصور الأمور والتصديق بالحقائق النظرية والعملية على قدر الطاقة الإنسانية. "
وحول هذه المفاهيم كان يتناول فلاسفة الإسلام الفلسفة مقتفين أثر الأساتذة القدماء من حكماء اليونان فكانوا تارة يقتربون من أساتذة اليونان وتارة يبتعدون عنهم ولم ينتهجوا منهجًا مستقلاً في التفلسف ولم يخالفوا رأي القدماء إلا في المسائل التي تخرجهم من ملة الإسلام.



[IMG]file:///C:%5CUsers%5CMissoum%5CAppData%5CLocal%5CTemp%5Cms ohtmlclip1%5C01%5Cclip_image006.gif[/IMG]
1. .تمهيد في تاريخ الفلسفة الإسلامية
2. كتاب المقدمة ص 320


ما دور الفلسفة اليونانية في ظهور الفلسفة الاسلامية المبكرة؟
إذا كانت كلمة فلسفة يونانية الأصل وكان الـمسلمون قد نظروا في فلسفة اليونان فكيف وصلت الفلسفة إلى المسلمين مع فارق المسافة والثقافة واللغة ؟ وهل كان علم الحق الأول عند المسلمين مستخرجًا من الكتاب والسنة ؟ أو أن هناك مؤثرات أخرى جعلت من اتجه من المسلمين يتجه صوب الفلسفة ؟
في العصر الذهبي للدولة العباسية وتحديدا في عصر المأمون بدأ العصر الذهبي للترجمة ونقل العلوم الإغريقية والهلنستية إلى العربية مما مهد لانتشار الفكر الفلسفي اليوناني بشكل كبير وكانت المدرسة الفلسفية الأكثر شيوعا خلال العصر الهلنستي هي المدرسة الأفلاطونية المحدثة التي كان لها أكبر تأثير في الساحة الإسلامية في ذلك الوقت.
لاحقا بدأت تظهر من جديد عملية فصل للمدرستين الأفلاطونية والأرسطية حيث ظهر العديد من المعجبين بقوة بناء النظام الفكري الأرسطي وقوة منطقه واستنتاجه وكان أهم شارحيه وناشري المدرسة الأرسطية هو ابن رشد .
يقال أن القرآن والسنة لم يدفعا المسلمين إلى التفلسف إلا من باب التأمُّل الذي أمروا به بل كانت هناك مؤثرات خارجية وفدت إلى ديار المسلمين إثر عصور الترجمة وحاول العلماء الذين خاضوا في هذه العلوم الجديدة الوافدة التوفيق بين رصيدهم من العلوم النقلية الشرعية وبين العلوم العقلية الفلسفية المنقولة باللغة السريانية أو العبرانية عن اللغة اليونانية وقد أثْرت حركة الترجمة في الحياة العلمية عند المسلمين خاصة في مجال العلوم الطبيعية لكن على الرغم من ذلك فإن هناك بعض الملاحظات التي أبداها علماء المسلمين على حركة الترجمة منها أن المترجمين لم يكونوا من أهل الاختصاص في العلوم التي نقلوها وحدث ما كان يخشاه علماء المسلمين من التصحيف والتحريف في اللغة المنقول منها واللغة المنقول إليها وكان ذلك أشد وضوحًا فيما نقلوه من الفلسفة اليونانية.
جذور نشأة الفلسفة الإسلامية:
يعتقد البعض أن الفلسفة الإسلامية ما هي إلا مجرد استمرار للفكر الفلسفي اليوناني وبأن المسلمين لم تكن لهم فلسفة خاصة بهم بل ذهب آخرون بعيداً فعزوا سبب ذلك إلى ضحالة العقلية الإسلامية وعجزها عن تعمق مشكلات الفكر والغور في المذاهب الفلسفية والإتيان بجديد يستحق أن يضاف إلى محصلة الفكر الإنساني.
ويرجع هؤلاء إلى أن الفلسفة اليونانية قد ملأت كل المنافذ الإبداعية على الذين يأتون بعدها وقد جاءت فلسفتهم متكاملة في تفسير الكون و الإنسان المبدع الأول ولم يبق للقادمين بعدهم إلا التفسير والشرح والتعليق على مسائلها وما كان دور المسلمين إلا واسطة نقل فلقد اخذوا من الهليلنيين والرومان والمسيحيين هذا التراث فسلموه بدورهم إلى فلاسفة القرون الوسطى فهم نقلة للعلم الفلسفي اليوناني ليس إلا ولم تكن الفلسفة الإسلامية إلا نقلا لفلسفة اليونان من لغتها الأصلية إلى اللغة العربية فتكون هي فلسفة اليونان لكن مكتوبة بلغة عربية.
ويرى فريق آخر ومنهم مستشرقون أن الفلسفة العربية الإسلامية نشأت في أحضان الثقافة العربية الإسلامية التي تمثلت في القرآن وفي العلوم العربية ولقد ساهم فيها عرب ومسلمون صحيح أن العقل العربي قبل الإسلام لم يحمل أي بذور تصلح للتطور إلا أن العرب بعد حملهم الرسالة السماوية ونشرها كانت لهم بذور فلسفية تأتت من انفتاح عقولهم على العالم.
العقلية الإسلامية: ولقد انبرى بعض المستشرقين من أمثال (دوجا) للدفاع عن العقلية العربية الإسلامية وقد اثبت أن المسلمين عارضوا أرسطو وكونوا فلسفة بها عناصر مختلفة عما كان يدرس في مدرسته وذكر أن عقلية كعقلية “ابن سينا ” لا يمكن إلا أن تنتج جديداً وطريفاً في ميدان الفكر وان آراء المعتزلة و الأشاعرة ليست سوى ثمار يانعة من أثار العقل العربي الإسلامي.
و من المفكرين القدامى الذين أنصفوا العرب والمسلمين ومنهم ”الشهرستاني “ صاحب كتاب ”الـملل و النحل “ الذي يشير إلى وجود نوع أولي من الحكمة عند العرب في الجاهلية يتمثل في الحكم القصيرة والأمثال المركزة ويعقد الشهرستاني مقارنة بين العرب والهنود ويتوصل إلى ”أن هذين الشعبين يتشابهان في ميل كل منهما إلى تقرير خواص الأشياء والحكم بأحكام الماهيات“ 1
وقد برع فلاسفة الإسلام في تناول الفلسفة اليونانية وصارت لهم فلسفة خالفوا فيها كثيراً من آراء المعلم الأول (أرسطو) وخلاصة القول أن الفلسفة الإسلامية ظهرت مع ظهور القرآن الكريم ولا يمكن أن تنكر على العرب في الجاهلية خلوهم من التفكير المعقد فلقد أتت إلينا نصوصً في الحكمة والأمثال . يتلخص الموقف في أن المسلمين قد تدرجوا في طلب المعرفة منذ بداية عهدهم بالتحضرفأقبلوا في صدر الإسلام على علوم القرآن والسنةوحذقوا في مباحثها وتطرقوا إلى الأحكام الفقهية والى مناقشة قضايا الدين، فنشأ علم الفقهوكذلك نشأ علم الكلامثم تعمق المسلمون في مشكلات وأحكام الدين فنشأ علم أصول الفقه وكذلك توصل المسلمون بدون عون خارجي إلى استنباط الأحكام الفقهية وبلغوا في كل مبلغ الكمال والنضج ثم طلبوا في هذا الطور من حياتهم فلسفة اليونان فترجمت لهم واقبلوا على دراستها وتفهم مشاكلها محاولين التوفيق بينها وبين الدين فهم لم يطلبوا الفلسفة إلا في فترة كانوا قد وصلوا فيها من الناحية العقلية إلى مستوى هذا التراث الفلسفي وإلا فكيف لهم التعامل مع هذه الفلسفة العميقة إذ لم يكونوا بمكانة من النضج العقلي وقدرة الاستيعاب والتمييز.
وفي النهاية فان المسلمين مثل غيرهم من الشعوب قد مروا بادوار تصاعدية للنضج العقلي، فاليونان والهنود والفرس مروا بهذه الأدوار حتى وصلوا إلى ما هم عليه وإن تبادل الحضارات هو شيء طبيعي وهو سنة الحياة.

﴿02﴾


﴿02﴾


﴿02﴾


اشتغال المسلمين بالفلسفة: لم يهتم المسلمون بالآداب اليونانية لأنها كانت وثنية في مبدئها ومنتهاها فلم يحفلوا بها كثيرًا حيث كانت معرفتهم بالفلسفة اليونانية عن طريق بلوتارك ولذلك كانت معرفتهم بالفلسفة السابقة لسقراط مزيجًا من الأساطير والخرافات التي نسبوها إلى فلاسفة اليونان المتأخرين في مدرسة الإسكندرية ، وقد عرف المسلمون الفلاسفة الذين جاءوا قبل سقراط كفيثاغورث وعرفوا سقراط عن طريق ما كتبه عنه إسكانوفان في التعاليق وكتبوا عن سيرة سقراط وموته ودفاعه عن فكره حتى موته. [IMG]file:///C:%5CUsers%5CMissoum%5CAppData%5CLocal%5CTemp%5Cms ohtmlclip1%5C01%5Cclip_image007.gif[/IMG] و كذلك عرفوا أفلاطون واعتبروه أقرب الفلاسفة إليهم لأنه تكلم عن الخلق الإلهي وأثبت وجود الصانع وبرهن على وجود النفس وخلودها وكان تأثيره فيهم كبيرًا، تأثر به الكندي والفارابي وابن سينا وكل التيار الإشراقي الصوفي ومن دار في فلكهم وتأثر هؤلاء أيضًا بأفلوطين صاحب الأفلاطونية المحدثة والمذهب الإشراقي وقد كان أرسطو مثار إعجاب فلاسفة الإسلام إذ إنهم كما كانوا يجلّون أفلاطون الإلهي أصبحوا يقدرون أرسطو العقلي إعجابًا بعلمه وعقله وإجلالاً لفلسفته لكنهم وضعوا حول سيرته روايات وأساطير قصصية كانت من عمل مدرسة الإسكندرية والسريان المتأخرين، ونُسبت إليه كتب كثيرة لم تكن من تأليفه،نذكر منها على سبيل المثال كتاب التفاحة وكتاب الربوبية و اشتغلوا بكتبه كثيرًا لا سيما كتب المنطق وكذلك عرفوا كتبه في الأخلاق والطبيعيات والسياسة. وقام فلاسفة الإسلام بمحاولة الجمع بين رأي الحكيمين أفلاطون و أرسطو، وعندما توغل المسلمون في الفلسفة وفي شروح أرسطو ومنطقه أصبحوا أساتذة وطال باعهم في التفلسف، حصلت في القرن الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين حركة ترجمة عكسية من العربية إلى اللاتينية. وقد أثرت هذه الترجمات على الفكر الأوروبي وأعادت إلى الأوروبيين التراث اليوناني مزيدًا ومنقحًا ومشروحًا ومعلقًا عليه. فقد كانت الفلسفة الإسلامية الجسر الذي نقل الفلسفة اليونانية إلى أوروبا.

[IMG]file:///C:%5CUsers%5CMissoum%5CAppData%5CLocal%5CTemp%5Cms ohtmlclip1%5C01%5Cclip_image008.gif[/IMG][IMG]file:///C:%5CUsers%5CMissoum%5CAppData%5CLocal%5CTemp%5Cms ohtmlclip1%5C01%5Cclip_image008.gif[/IMG][IMG]file:///C:%5CUsers%5CMissoum%5CAppData%5CLocal%5CTemp%5Cms ohtmlclip1%5C01%5Cclip_image008.gif[/IMG] تاريخ الفلسفة في الإسلام ص 102.








بعض قضايا الفلسفة الإسلامية:
من المشكلات التي تعرَّض لها فلاسفة الإسلام بالجدال مشكلة إثبات وجود الله ، وصفاته ووجود العالم أحاديث هو أم قديم ومشكلة النفس الإنسانية، وهل هي موجودة وخالدة أم فانية؟ لقد تصدى الفلاسفة المسلمون لهذه المشكلات ودخل بعضهم في بطون فلاسفة اليونان ولم يستطيعوا أن يخرجوا منها، وظل فكر كثير منهم أسير التصورات اليونانية. ومن الذين تصدوا للدفاع عن الفلسفة والخوض في مسائلها الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد.
لماذا اتخذ الفلاسفة الإسلاميين الفلسفة اليونانية نقطة بداية ؟

إذا كان ما سبق ينهض دليلاً على أن الفلسفة الإسلامية لم تكن مجرد نقل للفلسفة اليونانية بل هي عملية أخذ وتنمية وتطوير للأخيرة، إلا أنه يجب أن نضع في الاعتبار أن الفلاسفة الإسلاميين قد اتخذوا الفلسفة اليونانية نقطة بداية لأن الشعوب التي ضمها الفتح الإسلامي كانت تسود بها عقائد وأديان ومذاهب اتخذت من الفلسفة والمنطق اليونانيين أدوات أو أسلحة للدفاع عن هذه العقائد، فكان على الفلاسفة الإسلاميين الذين عنوا أساساً بالدفاع عن الدين الإسلامي في وجه هذه العقائد والمذاهب محاربتهم بنفس سلاحهم ،أي الانطلاق من ما هو مسلم بصحته لديهم (الفلسفة والمنطق اليونانيين)، للوصول على ما هو مسلم لدى الفلاسفة الإسلاميين (الدين الإسلامي)، مع الإقرار أنه قد أصابهم نوع من التبجيل للفلسفة والمنطق اليونانيين كنتيجة لطول استخدامهم لها كأدوات أو أسلحة .
ويترتب على هذا أن الفلسفة الإسلامية لا تقتصر على الإنتاج الفكري للكندي والفارابي وابن سينا في المشرق وابن ماجه وابن طفيل وابن رشد في المغرب (كما يرى العديد من المستشرقين)، بل تمتد لتشمل التصوف وأصول الدين (علم الكلام) وأصول الفقه وأصول التفسير إذ مصطلح الأصول في الفكر الإسلامي يقارب في المعنى مصطلح فلسفة في الفكر الغربي (إذ كلاهما يتضمن صفتي الكلية والتجريد) وبعبارة أخرى فإن الفلسفة الإسلامية في المعنى الشيق تعني الإنتاج الفكري لهؤلاء الفلاسفة، وبالمعنى الواسع تعني كل هذه المعرفة الإسلامية.
علاقة الفلسفة الإسلامية بالدين والحضارة الإسلاميين وهل هي عربية أم إسلامية؟:
أولاً : علاقتها بالدين الإسلامي:
مذهب النفي المطلق:
هذا المذهب يرى أن هناك تعارضاً بين الدين الإسلامي والفلسفة بصورة عامة ،والفلسفة اليونانية بصورة خاصة، ويترتب على هذا أنه لا يمكن أن نطلق صفة الإسلامية على الإنتاج الفكري لهؤلاء الفلاسفة، أي بعبارة أخرى لا يوجد ما يطلق عليه فلسفة إسلامية أو فلاسفة إسلاميين .
مذهب النفي والإثبات النقدي:
وهذا المذهب قائم على أنه ليس هناك تعارض مطلق بين الفلسفة بصوره عامة والفلسفة اليونانية بصور خاصة بل هناك أوجه اتفاق وأوجه اختلاف وفي حالة الاختلاف يكون الرفض وفي حالة الاتفاق يكون الأخذ والقبول. وبالتالي فإن الإنتاج الفكري لهؤلاء الفلاسفة يمكن إطلاق صفة الإسلامية في حالة الاتفاق مع الدين الإسلامي ،كما يمكن نفيها عنه في حالة الاختلاف و التعارض.
ثانياً : علاقتها بالحضارة الإسلامية:
المقصود بصفة الإسلامية في مصطلح الفلسفة الإسلامية الحضارة الإسلامية لا الدين الإسلامي ،فهي ليست من علوم الدين الإسلامي بل من علوم الحضارة الإسلامية لا الدين الإسلامي، ويمكن توضيح هذه الحقيقة من خلال تقسيم الفقهاء للعلوم ويميزوا بين العلوم الدينية (الشرعية) والعلوم العقلية (الدنيوية

ثالثا: هل هي عربية أم إسلامية؟
1 . عربية : يذهب أصحاب هذا الرأي إلى أن الفلسفة عربية، لأن العرب هم حملة لواء الدفعة الأولى فيها (أول الفلاسفة هو الكندي الذي ينتمي إلى قبيلة كندا العربية)
2 . إسلامية :أما أصحاب هذا الرأي فيذهبون إلى أن هذه الفلسفة إسلامية لأن العديد من فلاسفتها ذو أصول غير عربية (إيرانية، تركية..)
3 . عربية أسلامية : إن الإسلام هو الهيكل الأساسي للحضارة العربية لأنه هو الذي نقل القبائل والشعوب في هذه المنطقة إلى أمة واحدة وبالتالي فإن كل الرأيين السابقين على حده غير صحيح ،لأنه يقوم على الفصل بين العروبة والإسلام وهو غير صحيح ومستحيل.
وإذا كان مناط الانتماء إلى القبيلة هو النسب أو الدم فإن مناط الانتماء إلى الأمة العربية المسلمة برابطة الهوية الحضارية التي وعي بها اللغة، وبالتالي فإن عدم انتماء أغلب هؤلاء الفلاسفة للقبائل العربية برابطة النسب لا ينفي انتماءهم إلى الأمة العربية المسلمة برابطة الهوية الحضارية التي وعاؤها اللغة العربية لقوله صلى الله عليه وسلم "ليست العربية فيكم من أب وأم إنما العربة لسان فمن تحدث العربية فهو عربي" .كما أنها ليست إسلامية فقط لأن الإسلام كدين باعتباره ديناً انطوى تحته العديد من الأمم كان لكل منها حضارته وفلسفته وهناك الفلسفة الإسلامية الإيرانية وهناك الفلسفة الإسلامية التركية.
الفلسفة الإسلامية وموقعها من الفكر الفلسفي الانساني :
 لقد ادى انتشار الفلسفة اليونانية في المنطقة الشرقية للبحر الابيض المتوسط وهي المنطقة التي ظهرت فيها الاديان الثلاثة الكبرى اليهودية والمسيحية والاسلام إلى الاحتكاك والتصادم بين الفلسفة وهذه الاديان ولا سيما ان هناك خصائص مشتركة تجتمع عليها كل من الفلسفة والاديان والموضوعات التي تصدى لمعالجتها الفلاسفة لا تبتعد كثيراً عما تعرضت له الاديان مع اختلاف في المنهج والغاية.
الفلسفة تعتمد على التفسير العقلي، اما الدين فأنه يستند الى الدليل النقلي والصواب عند الفيلسوف يقوم على اساس عدم التناقض المنطقي، ويستند في مجمله الى المبادئ الاساسية للمنطق العقلي، اما في مجال الدين فأن الايمان المطلق الصدق الوحي والتصديق بالرسالات، وكانت المواجهة بين الفلسفة والدين تؤدي دائماً الى تقاطع او انسجام او ان يؤثر احدهما في الآخر وادى ذلك الى انتشار الثقافة بمفاهيمها المتعددة ،وهنا يمكن اجمال التراث العقلي والروحي عند المسلمين – علم الكلام – الفلسفة البحتة – التصوف.
أبرز وأشهر فلاسفة المسلمين :
1. الكندي: هو أبو يوسف ، يعقوب بن إسحاق بن الصباح بن عمران بن إسماعيل بن محمد بن الأشعث الكندي، ينتهي نسبه إلى ملوك كندة, فهو عربي الأصل، ولد بالكوفة سنة 185 هـ/801م ،لقد استحق الكندي عن جدارة ومقدرة لقب فيلسوف العرب اعتماداً على كتابه القيِّم (في الفلسفة الأولى) الذي أهداه إلى الخليفة المعتصم، وكذلك اهتم الكندي بالرياضيات وذهب فيها مذهب أفلاطون فقال : إن الفلسفة لا تفهم إلا بالرياضيات, والرياضيات تكون بالبراهين لا بالاقتناع الشخصي ولا بالظن وأخذ من أرسطو التفريق بين العقل وهو إلهي, والعقل المنفعل وهو إنساني, ولا يتخطى القدرة على التفكير.
2.الفارابي :يعدّ الفارابي (339-257 هـ / 950-870 م) أكبر فلاسفة المسلمين وقد أطلق عليه معاصروه لقب المعلم الثاني لاهتمامه الكبير بمؤلفات أرسطو المعلم الأول وتفسيرها وإضافة الحواشي والتعليقات عليها ومن خصائص فلسفة الفارابي أنه حاول التوفيق من جهة بين فلسفة أرسطو وفلسفة أفلاطون ومن جهة أخرى بين الدين والفلسفة كما أنه أدخل مذهب الفيض في الفلسفة الإسلامية ووضع بدايات التصوف الفلسفي.
3. ابن سينا: الشيخ الرئيس .. المعلم الثالث.. عاش ابن سينا في أواخر القرن الرابع الهجري وبدايات القرن الخامس من الهجرة، وقد نشأ في أوزبكستان، حيث ولد في أفشنةإحدى قرى بخارى في شهر صفر 370 هـ= أغسطس 980م. وكان ابن سينا عالما وفيلسوفا وطبيبا وشاعرا، ولُقِّب بالشيخ الرئيس والمعلم الثالث بعد أرسطو والفارابي، كما عُرِف بأمير الأطباء وأرسطو الإسلام، وكان سابقا لعصره في مجالات فكرية عديدة، ولم يصرفه اشتغاله بالعلم عن المشاركة في الحياة العامة في عصره؛ فقد تعايش مع مشكلات مجتمعه، وتفاعل مع ما يموج به من اتجاهات فكرية، وشارك في صنع نهضته العلمية والحضارية.
ماهية الصوفية :
لغة:
أن كلمة التصوف و صوفية مأخوذة من الصوف لأن الصوف كان منذ زمن قديم اللباس الغالب على الزهاد
كما أنه علم يعرف به كيفية السلوك إلى حضرة ملك الملوك و تصفية الوطن البواطن من الرذائل و تحليتها بأنواع الفضائل، أو غيبة الخلق في شهود الحق أو مع الرجوع إلى الأثر فأوله علم و وسطه عمل و آخره موهبة.
و الصوفية اسم مشتق أما من الصفاء لأن مداره على التصفية، أو من الصفة لأنه اتصاف بالكمالات.
اصطلاحا :
قال "خليل أحمد خليل" :" الصوفية أو التصوف : طريقة روحية دنية مذهب فلسفي خاص قوامه القول إن المعرفة اتصال مباشر بين الروح و المطلق، دون استعانة بالعقل العملي؛ أما الصوفية مذهب ديني يرمي إلى إتحاد الإنسان بخالقه من طريق التأمل و التوحد و الوجود و الفناء.
و يقول" محمود يعقوبي : " النظرة التصوفية هي دعوى مشاهدة حقائق الأشياء و الأمور مشاهدة باطنية عن طريق الحدس و الوجدان اللذين لا يمكن التعبير عنهما باللغة و التفكير العقلي. "
فقد بدأ التصوف حركة زهدية و لجأ إليه جماعة من الـمسلمين تاركين ملذات الدنيا سعيا للفوز بالجنة و اقتداء بالنبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه في الزهد ثم تطور و أصبح نظاما له اتجاهات عقائدية و عقلية و نفسية و سلوكية.
من مظاهره الزهد و الإكثار من الصوم و التقشف في المأكل و الملبس و نبذ ملذات الحياة و التجرد عن ضرورياتها إلا أن الزهد في الإسلام لا يعني هجر الدنيا و ترك العمل، فالإسلام دين وسط و اعتدال لا يدعو للرهبانية و إلى التطرف.
حركة التصوف انتشرت في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري كنـزعات فردية تدعو إلى الزهد وشدة العبادة , ثم تطورت تلك النزعات بعد ذلك حتى صارت طرقا مميزة معروفة باسم الصوفية ، ويتوخى المتصوفة تربية النفس والسمو بها بغية الوصول إلى معرفة الله تعالى بالكشف والمشاهدة لاعن طريق اتباع الوسائل الشرعية ، ولذا جنحوا في المسار حتى تداخلت طريقتهم مع الفلسفات الوثنية : الهندية والفارسية واليونانية المختلفة .
: اختلف العلماء في نسبة الاشتقاق على أقوال أرجحها


سبب التسمية:
ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن خلدون وطائفة كبيرة من العلماء من أنها نسبة إلى الصوف حيث كان شعار رهبان أهل الكتاب الذين تأثر بهم الأوائل من الصوفية .
بداية الانحراف :
كدأب أي انحراف يبدأ صغيراً ، ثم ما يلبث إلا أن يتسع مع مرور الأيام فقد تطور مفهوم الزهد في الكوفة والبصرة في القرن الثاني للهجرة على أيدي كبار الزهاد أمثال : إبراهيم بن ادهم ، مالك بن دينار ، وبشر الحافي وغيرهم إلى مفهوم لم يكن موجوداً عند الزهاد السابقين من تعذيب للنفس بترك الطعام ، وتحريم تناول اللحوم ، والسياحة في البراري والصحاري ، وترك الزواج . يقول مالك بن دينار : (( لا يبلغ الرجل منزلة الصديقين حتى يترك زوجته كأنها أرملة ، ويأوي إلى مزابل الكلاب )) . وذلك دون سند من قدوة سابقة أو نص كتاب أو سنة ، ولكن مما يجدر التنبيه عليه أنه قد نُسب إلى هؤلاء الزهاد من الأقوال المرذولة والشطحات المستنكرة ما لم يثبت عنهم بشكل قاطع كما يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية.
ومنذ ذلك العهد أخذ التصوف عدة أطوار أهمها:
- البداية والظهور : ظهر مصطلح التصوف والصوفية أول ما ظهر في الكوفة بسبب قربها من بلاد فارس ، والتأثر بالفلسفة اليونانية بعد عصر الترجمة ، ثم بسلوكيات رهبان أهل الكتاب.
- طلائع الصوفية:
ظهر في القرنين الثالث والرابع الهجري ثلاث طبقات من المنتسبين إلى التصوف وهي :
- الطبقة الأولى
كان يغلب على أكثرهم الاستقامة في العقيدة ، والإكثار من دعاوى التزام السنة ونهج السلف ، وإن كان ورد عن بعضهم بعض العبارات التي عدها العلماء من الشطحات ، ومن أشهر رموز هذا التيار : ـ الجنيد هو أبو القاسم الخراز المتوفى 298هـ يلقبه الصوفية بسيد الطائفة . ـ
- - ومن أهم السمات الأخرى لهذه الطبقة كثر الاهتمام بالوعظ والقصص مع قلة العلم والفقه والتحذير من تحصيلهما في الوقت الذي اقتدى أكثرهم بسلوكيات رهبان ونساك أهل الكتاب حيث حدث الالتقاء ببعضهم ، مما زاد في البعد عن سمت الصحابة وأئمة التابعين . ونتج عن ذلك اتخاذ دور للعبادة غير المساجد ، يلتقون فيها للاستماع للقصائد الزهدية أو قصائد ظاهرها الغزل بقصد مدح النبي صلى الله عليه وسلم مما سبب العداء الشديد بينهم وبين الفقهاء ، كما ظهرت فيهم ادعاءات الكشف والخوارق وبعض المقولات الكلامية.
- الطبقة الثانية :
خلطت الزهد بعبارات الباطنية ، وانتقل فيها الزهد من الممارسة العملية والسلوك التطبيقي إلى مستوى التأمل التجريدي والكلام النظري ، ولذلك ظهر في كلامهم مصطلحات : الوحدة ، والفناء ، والاتحاد ، والحلول ، والسكر ، والصحو ، والكشف ، والبقاء ، والمريد ، والعارف ، والأحوال ، والمقامات ، وشاع بينهم التفرقة بين الشريعة والحقيقة ، وتسمية أنفسهم أرباب الحقائق وأهل الباطن ، وسموا غيرهم من الفقهاء أهل الظاهر والرسوم ، وغير ذلك مما كان غير معروف عند السلف الصالح من أصحاب القرون المفضلة ولا عند الطبقة الأولى من المنتسبين إلى الصوفية ، مما زاد في انحرافها ، فكانت بحق تمثل البداية الفعلية لما صار عليه تيار التصوف حتى الآن.
-
ومن أهم أعلام هذه الطبقة :
أبواليزيد البسطامي ت263هـ ، ذوالنون المصري ت245هـ ، الحلاج ت309هـ ، أبوسعيد الخزار 277 ـ 286هـ ، الحكيم الترمذي ت320هـ ، أبوبكر الشبلي 334هـ
- الطبقة الثالثة :
وفيها اختلط التصوف بالفلسفة اليونانية ، وظهرت أفكار الحلول والاتحاد ووحدة الوجود موافقة لقول الفلاسفة ، كما أثرت في ظهور نظريات الفيض والإشراق على يد الغزالي والسهروردي . وبذلك تعد هذه الطبقة من أخطر الطبقات والمراحل التي مر بها التصوف والتي تعدت مرحلة البدع العملية إلى البدع العلمية التي بها يخرج التصوف عن الإسلام بالكلية .
ومن أشهر رموز هذه الطبقة : الحلاج ت309هـ السهروردي 587هـ ، ابن عربي ت638هـ، ابن الفارض 632هـ ،ابن سبعين ت 667 هـ .
- الحـلاج : أبو مغيث الحسين بن منصور الحلاج 244 ـ 309هـ ولد بفارس ، ونشأ في واسط بالعراق ، وهو أشهر الحلوليين والاتحاديين، رمي بالكفر وقتل مصلوباً لتهم أربع وُجهت إليه : 1ـ اتصاله بالقرامطة . 2ـ قوله (( أنا الحق )) . 3ـ اعتقاد أتباعه ألوهيته . 4ـ قوله في الحج ، حيث يرى أن الحج إلى البيت الحرام ليس من الفرائض الواجب أداؤها .
يمثل القرن السادس الهجري البداية الفعلية للطرق الصوفية وانتشارها حيث انتقلت من إيران إلى المشرق الإسلامي ، فظهرت الطريقة القادرية المنسوبة لعبد القادر الجيلاني ، المتوفى سنة 561ه‍ نسب إليه أتباعه من الأمور العظيمة فيما لا يقدر عليها إلا الله تعالى من معرفة الغيب ، وإحياء الموتى ، وتصرفه في الكون حياً أو ميتاً ، بالإضافة إلى مجموعة من الأذكار والأوراد والأقوال الشنيعة .
كما ظهرت الطريقة الرفاعية المنسوبة لأبي العباس أحمد بن الحسين الرفاعي ت 540 ه‍ ويطلق عليها البطائحية نسبة إلى مكان ولاية بالقرب من قرى البطائح بالعراق ، وينسج حوله كتَّاب الصوفية - كدأبهم مع من ينتسبون إليهم - الأساطير والخرافات ، بل ويرفعونه إلى مقام الربوبية .
وفي هذا القرن ظهرت شطحات وزندقة السهروردي شهاب الدين أبو الفتوح محيي الدين بن حسن 549-587ه‍ ثم خلفه عبد الرحيم بن عثمان ت604ه‍ ، صاحب مدرسة الإشراق الفلسفية التي أساسها الجمع بين آراء مستمدة من ديانات الفرس القديمة ومذاهبها في ثنائية الوجود وبين الفلسفة اليونانية في صورتها الأفلاطونية الحديثة ومذهبها في الفيض أو الظهور المستمر ، ولذلك اتهمه علماء حلب بالزندقة والتعطيل والقول بالفلسفة الاشراقية مما حدا بهم أن يكتبوا إلى السلطان صلاح الدين الأيوبي محضراً بكفره وزندقته فأمر بقتله ردة ، وإليه تنسب الطريقة السهروردية ومذاهبها في الفيض أو الظهور المستمر.
وفي القرون التالية اختلط الأمر على الصوفية ، وانتشرت الفوضى بينهم وبدأت مرحلة الدراويش.ومن أهم ماتتميز‍ به القرون المتأخرة ظهور ألقاب شيخ السجادة ، وشيخ مشايخ الطرق الصوفية ، والخليفة والبيوت الصوفية التي هي أقسام فرعية من الطرق نفسها مع وجود شيء من الاستقلال الذاتي يمارس بمعرفة الخلفاء .
مصادر التلقي عند الصوفية:
ويعتمد الصوفية الكشف مصدراً وثيقاً للعلوم والمعارف بل تحقيق غاية عبادتهم ، ويدخل تحت الكشف الصوفي جملة من الأمور منها :
1. النبي صلى الله عليه وسلم : ويقصدون به الأخذ عنه يقظةً أو مناماً.
2. الخضر عليه الصلاة السلام : قد كثرت حكايتهم عن لقياه ، والأخذ عنه أحكاماً شرعية وعلوماً دينية وكذلك الأوراد والأذكار
والمناقب
3. الإلهام : سواء كان من الله تعالى مباشرة ، وبه جعلوا مقام الصوفي فوق مقام النبي حيث يعتقدون أن الولي يأخذ العلم مباشرة عن الله.
4. الفراسة : والتي تختص بمعرفة خواطر النفوس وأحاديثها.
5. التلقي عن الأنبياء غير النبي صلى الله عليه وسلم وعن الأشياخ المقبورين.
6. الهواتف : من سماع الخطاب من الله تعالى ، أو من الملائكة ، أو الجن الصالح ، أو من أحد الأولياء ، أو الخضر ، أو إبليس
سواء كان مناماً أو يقظةً أو في حالة بينهما بواسطة الأذن.
7. الإسراءات والمعاريج : ويقصدون بها عروج روح الولي إلى العالم العلوي ، وجولاتها هناك ، والاتيان منها بشتى العلوم والأسرار.
8. الكشف الحسي : بالكشف عن حقائق الوجود بارتفاع الحجب الحسية عن عين القلب وعين البصر.
9. الرؤى والمنامات : وتعتبر من أكثر المصادر اعتماداً عليها حيث يزعمون أنهم يتلقون فيها عن الله تعالى ، أو عن النبي صلى الله
عليه وسلم ، أو عن أحد شيوخهم لمعرفة الأحكام الشرعية .
مصادر التصوف
رد التصوف إلى مصدر أجنبي خالص
أ. المصدر الفارسي : هنالك من المستشرقين من ذهب إلى القول بأن التصوف من أصل فارسي، منهم دوزي فهو يرى أن التصوف جاء من أصل فارسي حيث كان موجود قبل الإسلام فـقد ظهرت منه فكـرة صدور كل شئ عن الله ، والقول بأن العالم لا وود له في ذاته وأن الـموجود الحقيقي هو الله، وكل هذه المعاني يفيض بها التصوف الإسلامي.
ب. المصدر المسيحي: هنالك من المستشرقين من رأى أن التصوف من مصدر مسيحي،و يستند أولئك إلى حجتين الأولى الصلات بين العرب والنصارى في الجاهلية والإسلام ،والثانية أو الشبه بين حياة الزهاد والصوفية وحياة المسيح والرهبان وطرقهم في العبادة والملبس .
ت. المصدر الهندي: ويميل بعض المستشرقين إلى رد التصوف الإسلامي إلى الفكر الهندي ،ومن هؤلاء هورتن ومارتنمان، فقد ساق الأخير حججاً كثيرة منها أن الزهد الإسلامي هندي في أساليبه، فاستعمال المخلاة والسبح عادة هندية بالإضافة للتشابه في عقائد الهنود في وحدة الوجود والفناء وعقائد متفلسفة الصوفية.
ث. المصدر اليوناني: ومنهم من رد التصوف الإسلامي إلى مصدر يوناني، وهم يعنون به التصوف الذي بدأ في الظهور في القرن الثالث الهجري على يد ذو النون المصري و الذي يطلق عليه اسم التصوف الفلسفي.










الأفكار و المعتقدات:
تتشابه عقائد الصوفية وأفكارهم وتتعدد بتعدد مدارسهم وطرقهم ويمكن إجمالها فيما يلي :
-
يعتقد المتصوفة في الله تعالى عقائد شتى ، منها الحلول كما هو مذهب الحلاج ، ومنها وحدة الوجود حيث عدم الانفصال بين الخالق والمخلوق ، ومنهم من يعتقد بعقيدة الأشاعرة و الماتريدية في ذات الله تعالى وأسمائه وصفاته.
-
والغلاة منهم يعتقدون في الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً عقائد شتى ، فمنهم من يزعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يصل إلى مرتبتهم وحالهم ، وأنه كان جاهلاً بعلوم رجال التصوف كما قال البسطامي : (( خضنا بحراً وقف الأنبياء بساحله )) . ومنهم من يعتقد أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو قبة الكون ، وهو الله المستوي على العرش وأن السماوات والأرض والعرش والكرسي وكل الكائنات خُلقت من نوره ، وأنه أول موجود وهذه عقيدة ابن عربي ومن تبعه .
-ومنهم من لا يعتقد بذلك بل يرده ويعتقد ببشريته ورسالته ولكنهم مع ذلك يستشفعون ويتوسلون به صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى على وجه يخالف عقيدة أهل السنة والجماعة.
-
وفي الأولياء يعتقد الصوفية عقائد شتى ، فمنهم من يفضِّل الولي على النبي ، ومنهم يجعلون الولي مساوياً لله في كل صفاته ، فهو يخلق ويرزق ويحيي ويميت ، ويتصرف في الكون ، ولهم تقسيمات للولاية ، فهناك الغوث ، والأقطاب ، والأبدال والنجباء حيث يجتمعون في ديوان لهم في غار حراء كل ليلة ينظرون في المقادير . ومنهم من لا يعتقد ذلك ولكنهم أيضاً يأخذونهم وسائط بينهم وبين ربهم سواءً كان في حياتهم أو بعد مماتهم، وكل هذا بالطبع خلاف الولاية في الإسلام التي تقوم على الدين والتقوى ، وعمل الصالحات ، والعبودية الكاملة لله والفقر إليه ، وأن الولي لا يملك من أمر نفسه شيئاً فضلاً عن أنه يملك لغيره ، قال تعالى لرسوله : (( قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً))1
يعتقدون أن الدين شريعة وحقيقة ، والشريعة هي الظاهر من الدين وأنها الباب الذي يدخل منه الجميع ، والحقيقة هي الباطن الذي لا يصل إليه إلا المصطفون الأخيار. التصوف في نظرهم طريقة وحقيقة معاً
- لابد في التصوف من التأثير الروحي الذي لا يأتي إلا بواسطة الشيخ الذي أخذ الطريقة عن شيخه .
-
لابد من الذكر والتأمل الروحي وتركيز الذهن في الملأ الأعلى ، وأعلى الدرجات لديهم هي درجة الولي .
-
يتحدث الصوفيون عن العلم اللدني الذي يكون في نظرهم لأهل النبوة والولاية ، كما كان ذلك للخضر عليه الصلاة والسلام.
- شطحات الصوفية :سلك بعضهم طريق تحضير الأرواح معتقداً بأن ذلك من التصوف ، كما سلك آخرون طريق الشعوذة والدجل ، وقد اهتموا ببناء الأضرحة وقبور الأولياء وإنارتها وزيارتها والتمسح بها ، وكل ذلك من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان .
-
يقول بعضهم بارتفاع التكاليف - إسقاط التكاليف - عن الولي ، أي أن العبادة تصير لا لزوم لها بالنسبة إليه ، لأنه وصل إلى مقام لا يحتاج معه إلى القيام بذلك.
-
يستخدم الصوفيون لفظ ( الغوث و الغياث ) وقد أفتى ابن تيمية : (( فأما لفظ الغوث و الغياث فلا يستحقه إلا الله ، فهو غوث المستغيثين ، فلا يجوز لأحد الاستغاثة بغيره لا بملك مقرب ولا نبي مرسل ))2

[IMG]file:///C:%5CUsers%5CMissoum%5CAppData%5CLocal%5CTemp%5Cms ohtmlclip1%5C01%5Cclip_image009.gif[/IMG]1. سورة الجن الآية 21.
2. مجموع الفتاوى ص 437



ويقول ((.... وهذه الشطحات أوجبت فتنة على الطائفتين من الناس إحداهما: حجبت بها عن محاسن هذه الطائفة ولطف نفوسهم وصدق معاملتهم فأهدروها لأجل هذه الشطحات وأنكروها وأساءوا الظن بهم مطلقاً وهذا عدوان وإسراف. ))1
من أبرز المآخذ التي تؤخذ على الصوفية ما يلي :
1. الشرك في توحيد الألوهية وذلك بصرف بعض أنواع العبادة لغير الله تعالى
2. الشرك في توحيد الربوبية وذلك باعتقادهم أن بعض الأولياء يتصرفون في الكون ويعلمون الغيب.
3. الغلو في الرسول صلى الله عليه وسلم
4. - الغلو في الأولياء.
5. الادعاءات الكثيرة الكاذبة ، كادعائهم عدم انقطاع الوحي ومالهم من المميزات في الدنيا والآخرة.
يتساهل بعض الصوفية في التزام أحكام الشرع.
6. طاعة المشايخ والخضوع لهم ، والاعتراف بذنوبهم بين أيديهم، والتمسح بأضرحتهم بعد مماتهم.
7. تجاوزات كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان ، في هيئة ما يسمونه الذكر ، وهو هز البدن والتمايل يميناً وشمالاً ، وذكر كلمة الله في كل مرة مجردة ، والادعاء بأن المشايخ مكشوف عن بصيرتهم ، ويتوسلون بهم لقضاء حوائجهم ، ودعاؤهم بمقامهم عند الله في حياتهم وبعد مماتهم.
8. لقد فتح التصوف المنحرف باباً واسعاً دخلت منه كثير من الضلالات والبدع التي تخرج صاحبها من الإسلام.
أمكان انتشار الصوفية:
انتشر التصوف على مدار الزمان وشمل معظم العالم الإسلامي ، وقد نشأت فرقهم وتوسعت في مصر والعراق وشمال غرب أفريقيا ، وفي غرب ووسط وشرق آسيا .
-
تراجعت الصوفية وذلك ابتداءً من نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين ولم يعد لها ذلك السلطان الذي كان لها فيما قبل ، وذلك بالرغم من دعم بعض الدول الإسلامية للتصوف كعامل مُثبِّط لتطلعات المسلمين في تطبيق الإسلام الشمولي.
مقارنة بين التصوف والفلسفة.
ذهب عامة الباحثين في التصوف من المتصوفة وغيرهم إلى:
· أن التصوف مذهب قديم قبل الإسلام في الثقافات : الفارسية والهندية واليونانية.
· وأن المتصوفة المسلمين أخذوا أفكار وتعاليم المتصوفة القدماء وتأثروا بهم.
ومن الباحثين من رد أصل التصوف وبدايته إلى المصادر الأجنبية عن الإسلام وأما الذين ردوه إلى أصل إسلامي، فإنهم لم ينكروا تأثره بالعناصر الأجنبية، في فترات لاحقة.



[IMG]file:///C:%5CUsers%5CMissoum%5CAppData%5CLocal%5CTemp%5Cms ohtmlclip1%5C01%5Cclip_image010.gif[/IMG]
1 الاستقامة ج1 ص 363

هذا الاتفاق حمل الجميع على البحث في هذه المصادر، والمقارنة بين التصوف في الثقافات السابقة للإسلام، والتصوف في الإسلام، وقد عني بالبحث في هذه المقارنة كثير من الباحثين.
فقد رجع بعض الباحثين والمؤرخين، المختصين بعلوم الديانات القديمة: الهندية والفلسفية. من غير المتصوفة ، بكلمة "صوفية" إلى أصل يوناني، هو كلمة: "سوفيا". وكلمة "سوفيا" تعني بالعربية: الحكمة.
وأول من عرف بهذا الرأي: البيروني وتبعه عليه جمع، حيث قال وهو يحكي اعتقادات الهنود:
"ومنهم من كان يرى الوجود الحقيقي للعلة الأولى فقط، لاستغنائها بذاتها فيه، وحاجة غيرها إليها، وأن ما هو مفتقر في الوجود إلى غيره، فوجوده كالخيال غير حق، والحق هو الواحد الأول فقط".
وهذا رأي (السوفية) وهم الحكماء فإن (سوف) باليونانية الحكمة، وبها سمي الفيلسوف (بيلاسوبا)، أي محب الحكمة.
العلاقة بين الفلسفة و التصوف
وفيما يخص الصلة بين التصوف والفلسفة فقد تحققت عبر التوجه الصوفي نحو الفلسفة، وبالتالي مع ظهور التصوف الفلسفي الذي تحدد مسعاه في الجمع بين التوفيق والتلفيق والإبداع،وبين الذوق والعقل والفلسفة، وعرف أصحاب هذا الاتجاه بفلاسفة التصوف. أما صلة الفلسفة بالتصوف فقد جاءت من التوجه الفلسفي نحوالتصوف، وسعي الفلسفة العربية الإسلامية إلى معرفة الصلة بين الموجود وموجده، مقترنة بالعقيدة الإيمانية ومعتمدة على النزعة العقلية لتحقيق الاتصال بالعقل الفعّال. وبناء على ما سبق من تداخل بينالفلسفة والتصوف يمكن التمييّز بين التجربة الصوفية، والتجربة الصوفية الفلسفية، والتجربة الفلسفية الصوفية. ثم تقسيم التجارب بناء على العمل والنظر إلى ثلاثة أنواع : التجربة العملية، والتجربة العملية النظرية،والتجربة النظرية، وبناء على الغاية المتحققة من خلال التجربة تحدد ثلاثة أنواع للتجارب: تجربة كشفية، وتجربة اتحادية، وتجربة عقلية. لكن هذا التقسيم يقابله تقسيم ثلاثي أيضاً بالنظر إلى النزوع الشخصي والميل نحوا لاتصال والاتحاد ويتجسد في: التجربة النفسية أوالروحية التي يقوم مضمونها على الانفراد والانعزال والانسلاخ عما هوليس منها بغية الوصول إلى معرفة النفس معرفة صحيحة، والتجربة الطبيعية التي يتجلى مضمونها في وحدة الكل وتضمن الكل للواحد وتركز على حقيقة نهائية وقطع الصلة مع سواها، والتجربة ذات البعد الإلهي التي يجسد مضمونها برجوع النفس أوالروح إلى مصدرها الأول و مبدئها المطلق والحاصل أنه على الرغم من اختلاف مضامين ومواضيع ومنطلقات تجارب المتصوفة، فإن ذلك لا يلغي وجود صلات تقارب واتصال وتفاهم بينهم في مختلف الجوانب الروحية والفكرية والسلوكية ضمن إطار التجربة الصوفية ومنطقها، ذلك أن التصوف في الإسلام اتصل بالفلسفة وتداخل معها إلى درجة اعتبر فيها الفيلسوف صاحب تصوف عقلي، وهذا لا يلغي المنطق الخاص للتجربة الصوفية.
والفارق الأساس بين التصوف من جهة والفلسفة من جهة أخرى أن التصوف يعتمد على القلب كوسيلة لتلقي المعرفة الشهودية ولا يقف عند حدود العقل ، وهذا الاعتماد المعرفي على التلقي القلبي لا يعني – كما يتصور الكثيرونأنه يضاد العقل والنقل أو يخالفهما بل يعني أنه رتبة من رتب استجلاء الحقيقة كما أن العقل والنقل كذلك.
بعبارة أخرى : ان الفلاسفة اتخذوا من الاستدلال والبرهان العقليين وسيلة لهم في المعرفة ، فجاء الصوفيون وأضافوا لتلك الوسيلة أسلوب الذوق المستند إلى الإيمان بالوحي والخلاف بين الفلاسفة والصوفيون حصل في مسألة التقديم والتأخير فقط ، فقد رأى الفلاسفة انه يجب تقديم الطريق البرهاني العقلي على الذوقي العقلي أي البرهان على العرفان بينما رأى الصوفيون العكس فقالوا بتقديم العرفان ( الذوق ) على البرهان .
يصعب علينا أن نضع خطا ناظما بين المتصوف الذي يعتمد على الإشارات , وبين المنطق الذي يضعه العقل بما يسمى الفلسفة التي تدل على القضايا بالبراهين ، والأدلة العقلية ، فالأول يعتمد على العاطفة أما الثاني فيعتمد على العقل ، فكلاهما لا ينفصلان عن حياة الإنسان , وتدل كل البحوث والدراسات التي طرقت هذا المجال بأن الفلسفة توصل إلى نهاية الطريق في العلوم بالاستناد إلى طرق العقل ومعاييره ، ولكنها لا تستطيع أن تجيبك عن علوم ، ومجالات أخرى في مجال التصوف وحالات الإشراق التي لا يمكن الإفصاح عنها إلا بالمجاهدة ، وهي لا تخضع لمعايير محددة وطرق خاصة ، ولكنها تندرج في البحث عن الحقيقة والحياة فيها بدون آلام بدلا من الحياة مع هذه الجوارح ، وهذا ما يدفع المتصوفة ، والزاهدين ، والنساك إلى الابتعاد عن المعاصي والأخطاء وهذه الحالة لا يمكن الوصول إليها إلا بالمجاهدة والذوق ويصعب على الدارس أن يطرق هذا الجانب عندما يريد البحث فيه مستندا على الاستدلالات العقلية ، فالتصوف تجربة روحية وهذه الحالات الصوفية توجد في كل الأديان ، فالمتصوفة يبحثون في أحوال العقل الواعي وفي ماهية الوجود وفلسفته ومحور ذلك الإرادة
هدف التصوف يوافق هدف الفلسفة،فكلاهما يرميان إلى التشبه بالإله، وهذا يتبين من تعريف "التصوف" و "الفلسفة".
ففي تعريف الفلسفة :
- قال الجرجاني: "الفلسفة: التشبه بالإله بحسب الطاقة البشرية، لتحصيل السعادة الأبدية، كما أمر الصادق صلى الله عليه وسلم في قوله:
- (تخلقوا بأخلاق الله)أي تشبهوا به في الإحاطة بالمعلومات، والتجرد من الجسميات"1
وفي تعريف التصوف:
أورد الدكتور عبد الحليم محمود عن النوري قوله:"ليس التصوف رسما ولا علما، ولكنه خلق، لأنه لو كان رسما لحصل بالمجاهدة، ولو كان علما لحصل بالتعليم، ولكنه تخلق بأخلاق الله، ولن تستطيع أن تقبل على الأخلاق الإلهية بعلم أو رسم"2
والفارق الأساس بين التصوف من جهة والفلسفة من جهة أخرى أن التصوف يعتمد على القلب كوسيلة لتلقي المعرفة الشهودية ولا يقف عند حدود العقل ، وهذا الاعتماد المعرفي على التلقي القلبي لا يعني – كما يتصور الكثيرونأنه يضاد العقل والنقل أو يخالفهما بل يعني أنه رتبة من رتب استجلاء الحقيقة كما أن العقل والنقل كذلك.
بعبارة أخرى : ان الفلاسفة اتخذوا من الاستدلال والبرهان العقليين وسيلة لهم في المعرفة ، فجاء الصوفيون وأضافوا لتلك الوسيلة أسلوب الذوق المستند إلى الإيمان بالوحي والخلاف بين الفلاسفة والصوفيون حصل في مسألة التقديم والتأخير فقط ، فقد رأى الفلاسفة انه يجب تقديم الطريق البرهاني العقلي على الذوقي العقلي أي البرهان على العرفان بينما رأى الصوفيون العكس فقالوا بتقديم العرفان ( الذوق ) على البرهان .يصعب علينا أن نضع خطا ناظما بين المتصوف الذي يعتمد على الإشارات , وبين المنطق الذي يضعه العقل بما يسمى الفلسفة التي تدلل على القضايا بالبراهين ، والأدلة العقلية ، فالأول يعتمد على العاطفة أما الثاني فيعتمد على العقل ، فكلاهما لا ينفصلان عن حياة الإنسان .




[IMG]file:///C:%5CUsers%5CMissoum%5CAppData%5CLocal%5CTemp%5Cms ohtmlclip1%5C01%5Cclip_image011.gif[/IMG]
  • ﴿11﴾


    أبي حامد الدين الغزالي الجزء 4 ص 324.
  • عبد الحليم محمود وقضية التصوف ، المدرسة الشاذلية ص 426 .







الخاتمة:
تدل كل البحوث والدراسات التي طرقت هذا المجال بأن الفلسفة توصل إلى نهاية الطريق في العلوم بالاستناد إلى طرق العقل ومعاييره ، ولكنها لا تستطيع أن تجيبك عن علوم ، ومجالات أخرى في مجال التصوف وحالات الإشراق التي لا يمكن الإفصاح عنها إلا بالمجاهدة ، وهي لا تخضع لمعايير محددة وطرق خاصة ، ولكنها تندرج في البحث عن الحقيقة والحياة فيها بدون آلام بدلا من الحياة مع هذه الجوارح ، وهذا ما يدفع المتصوفة ، والزاهدين ، والنساك إلى الابتعاد عن المعاصي والأخطاء وهذه الحالة لا يمكن الوصول إليها إلا بالمجاهدة والذوق ويصعب على الدارس أن يطرق هذا الجانب عندما يريد البحث فيه مستندا على الاستدلالات العقلية ، فالتصوف تجربة روحية وهذه الحالات الصوفية توجد في كل الأديان ، فالمتصوفة يبحثون في أحوال العقل الواعي وفي ماهية الوجود وفلسفته ومحور ذلك الإرادة ، وليس العقل فقد كثرت الدراسات حول هذا المفهوم و حول هذا المصطلح وأمعن بعض الدارسين في تكوين رؤية شاملة لهذا التصوف إلا أن أغلب الدراسات لم تصل إلى دراسة جادة تضع النقاط على الحروف من أجل تفسيرها وبيان مكوناتها في حين أن السبب يعود إلى أن لكل فيلسوف فلسفته و لكل صوفي طريقته.








 


آخر تعديل .صفاء. 2013-01-26 في 11:27.
قديم 2013-01-26, 11:37   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
.صفاء.
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية .صفاء.
 

 

 
الأوسمة
افضل تقرير ديكوري مميزي الأقسام وسام التقدير لسنة 2013 النشاط 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا جزيلا لك بارك االه فيك










قديم 2013-02-07, 11:44   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
axel20012
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرآآآآآآآآآآآآآآآآا










 

الكلمات الدلالية (Tags)
الفلسفة, الإسلامية


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 13:14

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc